رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين

رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين0%

رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 56

رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 56
المشاهدات: 29911
تحميل: 4636

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 56 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29911 / تحميل: 4636
الحجم الحجم الحجم
رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين

رسالة في حديث الاقتداء بالشيخين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

رسالة فى حديث الاقتداء بالشيخين

المؤلف: السيّد علي الحسيني الميلاني

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ، من الأولين والآخرين.

وبعد ، فلا يخفى أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي عند المسلمين ـ وإن وقع الخلاف بينهم في طريقها ـ فمنها ـ بعد القرآن الكريم ـ تستخرج الأحكام الإلهية ، وأصول العقائد الدينية ، والمعارف الفذّة ، والأخلاق الكريمة ، بل فيها بيان ما أجمله الكتاب ، وتفسير ما أبهمه ، وتقييدما أطلقه وإيضاح ما أغلقه

فنحن مأمورون باتباع السنة والعمل بما ثبت منها ، ومحتاجون إليها في جميع الشؤون ومناحي الحياة ، الفردية والاجتماعية

إلاّ أن الأيدي الأثيمة تلاعبت بالسُنة الشريفة حسب أهوائها وأهدافها وهذا أمر ثابت يعترف به الكلّ

ولهذا وذاك انبرى علماء الحديث لتمييز الصحيح من السقيم ، والحق من

٥

الباطل فكانت كتب (الصحاح) وكتب (الموضوعات)

ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص فلم تخل (الصحاح) من الموضوعات والأباطيل ، ولم تخل (الموضوعات) من الصحاح والحقائق وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلّموا فيها على ما اخرج في الصحاح واخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة

وحديث : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح وقال بصحته غيرهم تبعاً لهم ومن ثمّ استندوا إليه في البحوث العلميّة.

ففي كتب العقائد في مبحث الإمامة جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وفي الفقه استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب

وفي الاصول في مبحث الإجماع يحتجّون به لحجّيّة اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه فهل هو حديث صحيح حقاً؟

لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد ، فتتبّعنا أسانيده في كتب القوم ، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم ، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه ، ثم كانت لنا تأمّلات في معناه ومتنه

فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه خير مسؤول.

علي الحسيني الميلاني

٦

(1)

نظرات في أسانيد

حديث الاقتداء

إن حديث الاقتداء من الأحاديث المشهورة في فضل الشيخين ، فقد روره عن عدة من الصحابة وبأسانيد كثيرة لكن لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مطلقا ، ولم يخرج في شيء من الصحاح عن غير حذيفة وعبدالله بن مسعود ، وقد ذهب غيرواحد من أعلام القوم إلى عدم قبول ما لم يخرجه الشيخان من المناقب ، وكثيرون منهم إلى عدم صحة ما أعرض عنه أرباب الصحاح.

وعلى ما ذكر يسقط حديث الاقتداء مطلقاً أو ما كان من حديث غير ابن مسعود وحذيفة.

لكنّا ننظر قي أسانيد هذا الحديث عن جميع من روي عنه من الصحابة ، إلآ أنّا نهتّم في الأكثر بما كان من حديث حذيفة وابن مسعود ، ونكتفي في البحث عن حديث الآخرين بقدر الضرورة فنقول :

لقد رووا هذا الحديث عن :

1 ـ حذيفة بن اليمان.

2 ـ عبدالله بن مسعود.

3 ـ أبي الدرداء.

4 ـ أنس بن مالك.

5 ـ عبدالله بن عمر.

6 ـ جدّة عبدالله بن أبي الهذيل.

ونحن نذكر الإسناد إلى كل واحد منهم ، وننظر في رجاله :

٧

حديث حذيفة

رواه أحمد بن حنبل ، قال :

« حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة : أن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر »(1) .

وقال أيضاً :

« حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن عبدالملك بن عمير ، عن مولى لربعي بن حراش ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : إني لست أدري ما قدر بقائي فيكم ، فاقتدوا باللذّين من بعدي ـ وأشار إلى أبي بكر وعمرـ قال : وما حدّثكم ابن مسعود فصدقوه »(2) .

ورواه الترمذي حيث قال :

« حدثنا الحسن بن الصباح البزّاز أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر.

وفي الباب عن ابن مسعود.

هذا حديث حسن ».

قال : « روى سفيان الثوري هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير ، عن مولّى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ».

قال : « حدثنا أحمد بن منيع وغير واحد ، قالوا : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، نحوه ».

__________________

(1) مسند أحمد 5 / 382.

(2) مسند أحمد 5 / 385.

٨

« وكان سفيان بن عيينة يدلّس في هذا الحديث فربّما ذكره عن زائدة عن عبدالملك بن عمير ، وربّما لم يذكر فيه عن زائدة ».

« وروى هذا الحديث إبراهيم بن سعد ، عن سفيان الثوري ، عن عبدالملك بن عمير ، عن هلال مولى ربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم »(1) .

وقال :

« حدّثنا محمود بن غيلان ، أخبرنا وكيع ، أخبرنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مولّى لربعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ، قال : كنّا جلوساً »(2) .

ورواه ابن ماجة بسنده :

« عن عبدالملك بن عمير ، عن مولى لربعي بن حراش ، عن ربعى بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم »(3) .

ورواه الحاكم بإسناده :

« عن عبدالملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول : إقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار وتمسّكوا بعهد ابن ام عبد ».

وعنه ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال :

« قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وإذا حدثكم ابن اُمّ عبد فصدقوه ».

وعنه :

__________________

(1) صحيح الترمذي ـ مناقب أبي بكر وعمر.

(2) صحيح الترمذي ـ مناقب عمّار بن ياسر.

(3) سنن ابن ماجة ـ مناقب أبي بكر.

٩

« عن هلال مولى ربعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ، أن رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم قال : إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ».

بإسناده :

« عن عبدالملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة بن اليمان : أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال : إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسكوا بعهد اُبن أمّ عبد ».

ثم قال الحاكم : « هذا حديث من أجل ما روي في فضائل الشيخين ، وقد أقام هذا الإسناد عن الثوري ومسعر : يحيى الحمّاني ، وأقامه أيضاً عن مسعر : وكيع وحفص ابن عمر الإيلي(1) ثم قصر بروايته عن ابن عيينة : الحميدي وغيره ، وأقام الإسناد عن ابن عيينة : إسحاق بن عيسى بن الطبّاع.

فثبت بما ذكرنا صحّة هذا الحديث وان لم يخرجاه »(2) .

نقد السند :

1ـ هذه أشهر طرق هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان ، ويرى القارىء الكريم أنها جميعاً تنتهي إلى :

ـ « عبدالملك بن عمير » وهو رجل مدلّس ، ضعيف جداً ، كثير الغلط ، مضطرب الحديث جداً :

قال أحمد : « مضطرب الحديث جداً مع قلّة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث ،

__________________

(1) لقد اقتصرنا في النقد على الكلام حول « عبدالملك بن عمير » الذي عليه مدار هذا الحدبث الذي بذل الحاكم جهداً في تصيحه فكان أكثر حرصاً من الشيخين على رواية ما وصفه بـ « أجل ما روي في فضائل الشيخين » وإلاّ فإن « حفص بن عمر الإيلي » هذا مثلاً أدرجه العقيلي في الضعفاء وروى عنه حديث الاقتداء ثم قال : « أحاديثه كلّها إمّا منكر المتن ، أو منكر الإسناد ، وهو إلى الضعف أقرب » الضعفاء 2 / 797.

و « يحيى النعمّاني » قال الحافظ الهيثمي بعد أن روى الحديث عن الترمذي والطبراني في الأوسط : « وفيه يحيى ابن عبدالحميد الحمّاني وهو ضعيف » مجمع الزوائد 9 / 295.

(2) المستدرك 3 / 75.

١٠

وقد غلط في كثير منها »(1) .

وقال : إسحاق بن منصور : « ضعفه أحمد جداً »(2) .

وقال أحمد أيضاً : « ضعيف يغلط »(3) .

أقول : فمن العجيب جداً رواية أحمد في مسنده حديث الاقتداء وغيره عن هذا الرجل الذي يصفه بالضعف والغلط ، وقد جعل المسند حجةُ بينه وبين الله!!

وقال ابن معين : « مخلط »(4) .

وقال أبو حاتم : « ليس بحافظ ، تغير حفظه »(5) .

وقال أيضاً : « لم يوصف بالحفظ »(6) .

وقال ابن خراش : « كان شعبة لا يرضاه »(7) .

وقال الذهبي : « وأمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق »(8) .

وقال السمعاني : « كان مدلّساً »(9) .

وكذا قال ابن حجر العسقلاني(10) .

وعبد الملك ـ هذا ـهو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي وهو رسول الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة ، فإنه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبقي به رمق أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : إنما

__________________

(1) تهذيب التهذيب 6 / 411 وغيره.

(2) تهذيب التهذيب 6 / 412. ميزان الاعتدال 2 / 660.

(3) ميزان الاعتدال 6 / 660.

(4) ميزان الاعتدال 6 / 660. المغني 2 / 407. تهذيب التهذبب 6 / 412.

(5) ميزان الاعتدال 2 / 660

(6) تهذيب التهذيب 6 / 412.

(7) ميزان الاعتدال 2 / 660.

(8) ميزان الاعتدال 2 / 660.

(9) الأنساب 10 / 50 في « القبطي ».

(10) تقريب التهذيب 1 / 521.

١١

أردت أن اريحه »(1) !

2 ـ ثمّ إن (عبد الملك بن عمير) لم يسمع هذا الحديث من (ربعي بن حراش ) و(ربعي) لم يسمع من (حذيفة بن اليمان ) ذكر ذلك المناوي حيث قال : « قال ابن حجر : اختلف فيه على عبدالملك ، وأعله أبو حاتم ، وقال البزازكابن حزم : لا يصحّ. لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمع من حذيفة. لكن له شاهد »(2) .

قلت : الشاهد إن كان حديث ابن مسعود كما هو صريح الحاكم والمناوي فستعرف ما فيه.

وإن كان حديث حذيفة بسند آخر عن ربعي فهو ما رواه الترمذي بقوله :

« حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي ، نا وكيع ، عن سالم بن العلاء المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ، قال : كنّا جلوساً عند النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال : إني لا أدري ما بقائي فيكم ، فاقتدوا باللّذين من بعدي ، وأشار إلى أبي بكر وعمر »(3) .

ورواه ابن حزم بقوله :

« وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا ، عن القاضي أبي الوليد بن الفرضي ، عن ابن الدّخيل ، عن العقيلي ، ثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا محمد بن فضيل ، ثنا وكيع ، ثنا سالم المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ ، عن حذيفة »(4) .

وفي سند هذا الحديث :

1ـ « سالم بن العلاء المرادي » وعليه مداره :

__________________

(1) تلخيص الشافي 3 / 35 ، روضة الواعظين : 177 ، مقتل الحسين : 185.

(2) فيض القدير 2 / 56.

(3) صحيح الترمذي ـ مناقب أبي بكر وعمر.

(4) الإحكام في اُصول الأحكام 2 / 242.

١٢

قال ابن حزم بعد أن روى الحديث كما تقدّم : « سالم ضعيف ».

وفي : « ميزان الاعتدال » : « ضعّفه ابن معين والنسائي »(1) .

وفي « الكاشف » : « ضعّف »(2) .

وفي « تهذيب التهذيب » : « قال الدوري عن ابن معين : ضعيف الحديث »(3) .

وفي « لسان الميزان » : « ذكره العقيلي وضعّفه ابن الجارود »(4) .

2ـ « عمرو بن همرم » وقد ضعفه القطّان(5) .

3ـ « وكيع بن الجرّاح » وهو مقدوح(6) .

ثم إن في سند الحديث عن حذيفة في أكثر طرقه ، « مولى ربعي بن حراش » وهو مجهول كما نصّ عليه إبن حزم.

وقد سُمّي هذا المولى في بعض الطرق بـ « هلال » وهو أيضاً مجهول ، قال ابن حزم :

« وقد سمّى بعضهم المولى فقال : هلال مولى ربعي ، وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً »(7) .

حديث ابن مسعود

رواه الترمذي حيث قال :

« حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزّعراء ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله

__________________

(1) ميزان الاعتدال 2 / 112.

(2) الكاشف 1 / 344.

(3) تهذيب التهذيب 3 / 440.

(4) لسان الميزان 3 / 7.

(5) ميزان الاعتدال 3 / 291.

(6) ميزان الاعتدال 4 / 312.

(7) الإحكام في اُصول الأحكام 2 / 243.

١٣

صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكُوا بعهد ابن مسعود »(1) .

والحاكم حيث قال ـ بعد أن أخرج الحديث عن حذيفة ـ :

« وقد وجدنا له شاهداً بإسناد صحيح عن عبدالله بن مسعود : حدثنا أبو بكر ابن إسحاق ، أنبأ عبدالله بن أحمد بن حنبل ، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : إقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسكوا بعهد ابن مسعود »(2) .

نقد السند :

1 ـ لقد صرح الترمذي بغرابته وقال : « لا نعرفه إلآ من حديث يحيى بن سلمة ابن كهيل » ثم ضعّف الرجل ، وهذا نصّ كلامه :

« هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلاّ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل ، ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث »(3) .

2 ـ في هذا الإسناد : « يحيى بن سلمة بن كهيل » وهو رجل ضعيف ، متروك ، منكر الحديث ، ليس بشيء :

قال التّرمذي : « يضعف في الحديث ».

وقال المقدسي : « ضعّفه ابن معين : وقال أبو حاتم : ليس بالقويّ ؛ وقال البخاري : في حديثه مناكير؛ وقال النسائي : ليس بثقة ؛ وقال الترمذي : ضعيف »(4) .

وقال الذهبي : « ضعيف »(5) .

__________________

(1) صحيح الترمذي 5 / 672.

(2) مستدرك الحاكم 3 / 75.

(3) صحيح الترمذي 5 / 672.

(4) الكمال في أسماء الرجال ـ مخطوط ـ.

(5) الكاشف 3 / 251.

١٤

وقال ابن حجر : « ذكره ابن حبّان أيضاً في الضعفاء فقال : منكر الحديث جدّاً ، لا يحتجّ به ؛ وقال النسائي في الكنى ، متروك الحديث ؛ وقال ابن نمير : ليس ممّن يكتب حديثه ؛ وقال الدارقطني : متروك ، وقال مرة : ضعيف ؛ وقال العجلي : ضعيف »(1) .

3 ـ وفيه : « إسماعيل بن يحيى بن سلمة » وهو رجل ضعيف متروك :

قال الدارقطني والأزدي وغيرهما : « متروك »(2) .

4 ـ وفيه : « إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى » وهو : ليّن ، متروك ، ضعيف ، مدلّس :

قال الذهبي : « ليّنه أبو زرعة ، وتركه أبو حاتم »(3) .

وقال ابن حجر : « قال ابن أبي حاتم : كتب أبي حديثه ولم يأته ولم يذهب بي إليه ولم يسمع منه زهادةً فيه ، وسألت أبا زرعة عنه فقال : يذكر عنه أنه كان يحدّث لأحاديث عن أبيه ثم ترك أباه ، فجعلها عن عمه لأن عمه أجلى عند الناس.

وقال العقيلي : « عن مطيّن : كان ابن نمير لا يرضاه ويضعّفه وقال : روى أحاديث مناكير.

قال العقيلي : ولم يكن إبراهيم هذا بقيّم الحديث »(4) .

ولهذا ذكر الحافظ العقيلي « يحيى بن سلمة بن كهيل » في كتابه « الضعفاء الكبير » وأورد كلمات عدّة من الأعلام في قدحه كالبخاري ويحيى بن معين والنسائي ، ثم روى الحديث عنه بنفس السند الذي في « صحيح الترمذي » وهذا نصّ عبارته :

« ثنا علي بن أحمد بن بسطام ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا ، ثنا ابن أبي زائدة ، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ، عن عبدالله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا »(5) .

__________________

(1) تهذيب التهذيب 11 / 225.

(2) ميزان الاعتدال 1 / 254 ، المغني في الضعفاء 1 / 89. تهذيب التهذيب 1 / 336.

(3) ميزان الاعتدال 1 / 20 ، المغني 1 / 10.

(4) تهذيب التهذيب 1 / 106.

(5) كتاب الضعفاء الكبير 7 / 2654.

١٥

وقال الحافظ الذهبي مشيراً إلى الحديث الذي حكم الحاكم بصحّته : « قلتُ : سنده واهٍ »(1) .

وقال الحافظ السيوطي : « اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، وأهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد أبن مسعود ، ت غريب ضعيف. طب. ك وتعقّب. عن ابن مسعود »(2) .

فالعجب من تصحيح الحاكم لهذا الحديث واستشهاده به ، وكذا المناوي(3) .

وألأعجب قوله : « الترمذي ـ وحسّنه ـ عن ابن مسعود »(4) .

ولقائل أن يقول : فما فائدة إخراج الترمذي أيّاه مع التّنصيص على ضعفه في كتابه الموصوف بالصحّة؟!

قلت : لعلّه إنما أخرجه ونصّ عليه بما ذكر لئلاّ يغتر به أحد ويتوهّم صحّته بالرّغم من اشتمال كتابه ـ لا سيما في باب المناقب ـ على موضوعات كما نص عليه الحافظ الذهبي بترجمته من « سير أعلام النبلاء ».

حديث أبي الدّرداء

رواه ابن حجر المكيّ عن الطبراني حيث قال :

« الحديث الثاني والسّبعون : أخرج الطبراني عن أبي الدرداء : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فإنهما حبل الله الممدود ، من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها »(5) .

* * *

__________________

(1) تلخيص المستدرك 3 / 76.

(2) الجامع الكبير1 / 133.

(3) فيض القدير 1 / 56

(4) فيض القدير 1 / 57

(5) الصواعق : 46.

١٦

نقد السند :

1 ـ لقد روى الحافظ الهيثمي هذا الحديث عن الطبراني وقال : « فيه من لم أعرفهم » وهذا نصّ كلامه :

« وعن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فإنهما حبل الله الممدود ، ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا أنفصام لها.

رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم »(1) .

2 ـ إن معاجم الطبراني ليست من الكتب التي وُصفت بالصحّة ، ولا من الكتب التي التزم فيها بالصحّة.

وعلى هذا لا يجوز التمسك بالحديث بمجرد كونه في أحد المعاجم الثلاثة للطبراني.

3 ـ لقد جاء في الصحيح في مسند أبي الدرداء ما نصّه :

« قالت اُمّ الدرداء : دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب ، فقلت : ما أغضبك؟ فقال : والله ما أعرف من أمر محمد صلّى الله عليه [وآله] وسلّم شيئاً إلأ انهم يصلّون جميعاً ».

ولو كان أبو الدرداء قد سمع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اقتدوا » لما قال هذا ألبتّة!!

حديث أنس بن مالك

قال جلال الدين السيوطي :

« اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار

__________________

(1) مجمع الزوائد 9 / 53.

١٧

وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

الترمذي عن ابن مسعود ، الروياني عن حذيفة ، ابن عديّ في الكامل عن أنس »(1) .

نقد السند :

فأما حديث ابن مسعود : فإن الترمذي ضعّفه بعد أن رواه كما تقدم.

وأما حديث حذيفة : فقد ثبت ضعف جميع طرقه كما تقدّم أيضاً.

وأما حديث أنس ، فقد جاء في « الكامل » لابن عديّ ما نصّه : « حمّاد بن دليل. قاضي المدائن. يكنى أبا زيد. حدثنا علي بن الحسين بن سليمان ، ثنا أحمد بن محمد ابن المعلّى الآدمي ، ثنا مسلم بن صالح أبو رجاء ، ثنا حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، عن عمرو بن هرم ، قال : دخلت انا وجابر بن زيد على أنس بن مالك فقال : قال رسول الله صلّى الله عليه [واله] وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر(2) وعمر ، وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد ، واهتدوا بهدي عمّار.

ثنا محمد بن عبدالحميد الفرغاني ، ثنا صالح بن حكيم البصري ، ثنا أبو رجاء مسلم بن صالح ، ثنا أبو زيد قاضي المدائن حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع. فذكر بإسناده نحوه.

ثنا محمد بن سعيد الحراني ، ثنا جعفر بن محمد بن الصباح ، ثنا مسلم بن صالح البصري. فذكر بإسناده نحوه.

ثنا علي بن الحسن بن سليمان ، ثنا أحمد بن محمد بن المعلى الادمي ، ثنا مسلم ابن صالح ، ثنا حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه [وآله] نحوه.

__________________

(1) الجامع الصغير بشرح المناوي 1 / 56.

(2) كذا.

١٨

قال ابن عدي : وحمّاد بن دليل هذا قليل الرواية. وهذا الحديث قد روى له حماد بن دليل إسنادين. ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل ».

إنتهى بطوله(1) .

نقد السند :

في جميع هذه الأسانيد : مسلم بن صالح ، عن حمّاد بن دليل ، عن عمر بن نافع ، عن عمرو بن هرم.

أما « عمرو بن هرم » فقد عرفت أنه مقدوح مطعون فيه.

وأما « عمر بن نافع » فعن يحيى بن معين : حديثه ليس بشيء(2) ، وعن ابن سعد : لا يحتجّ بحديثه(3) .

وأما « حمّاد بن دليل » فقد أورده ابن عدي في « الكامل قي الضعفاء » والذهبي في « المغني في الضعفاء »(4) وفي « ميزان الاعتدال في نقد الرجال » وأضاف : « ضعّفه أبو الفتح الأزدي وغيره »(5) وابن الجوزي في « الضعفاء »(6) .

وأمّا « مسلم بن صالح » فلم أعرفه حتى الآن.

حديث عبدالله بن عمر

رواه الذهبي حيث قال :

« أحمد بن صليح ، عن ذي النون المصري ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر

__________________

(1) الكامل 2 / 666.

(2) الكامل 5 / 1703.

(3) تهذيب التهذيب 7 / 499.

(4) المغني في الضعفاء 1 / 189.

(5) ميزان الاعتدال 1 / 590.

(6) أنظر : هامش تهذيب الكمال 7 / 236.

١٩

بحديث اقتدوا باللذين من بعدي » ثم قال : « وهذا غلط من أحمد لا يعتمد عليه »(1) .

ورواه مرة اخرى ، قال :

« محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري ، ذكره العقيلي وقال : لا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث :

نبأه أحمد بن الخليل ، حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي ، حدّثني محمد بن عبدالله ابن عمر بن القاسم ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : اقتدوا باللذين من بعدي.

فهذا لا أصل له من رواية مالك

وقال الدارقطني : العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل ، وقال ابن مندة : له مناكير »(2) .

ورواه ابن حجر وقال :

« قال العقيلي بعد تخريجه : هذا حديث منكر لا أصل له.

وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد بن الخليل البصري بسنده وساق نسبه كذلك ثم قال : لا يثبت ، والعمري هذا ضعيف »(3) .

كما أورد الذهبي وابن حجر هذا الحديث بترجمة « أحمد بن محمد بن غالب الباهلي » فبعد نقل كلماتهم في ذمه وجرحه ، قالا :

« ومن مصائبه : قال : حدثنا محمد بن عبدالله العمري ، ثنا مالك ، عن نافع ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ».

ثم قالا :

__________________

(1) ميزان الاعتدال 1 / 105.

(2) ميزان الاعتدال 3 / 610.

(3) لسان الميزان 5 / 237.

٢٠