• البداية
  • السابق
  • 111 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29163 / تحميل: 4373
الحجم الحجم الحجم
مسائل فقهية

مسائل فقهية

مؤلف:
العربية

والجواب: ان هذا إنما يصلح دليلاً على جواز تفسير القرآن بلغاتهم ليأخذوا بحكمه وآدابه وأوامره وزواجره وهذا شيء، والرطانة في الصلاة المأمور فيها بقراءة القرآن شيء آخر. وأي عربي أو عجمي لا يتبادر إلى ذهنه من لفظ قراءة الفاتحة تلاوة أم الكتاب بألفاظها المدونة في المصاحف وأي ذي ذوق لا يصح عنده سلب لفظ قراءة الفاتحة وقراءة القرآن عن الرظانة بها في الفارسية أو غيرها من اللغات الأجنبية شرقية وغربية.

وللامام الرازي في تزييف هذه الوجوه - اذ نقلها ابن الحنفية - كلام آخر فليراجع.

وأنا أربأ بالامام أبي حنيفة أن يخفق في استدلاله هذا الاخفاق أو يسف في إلى هذا الخصيض، لكنه عول في استنباط الاحكام الشرعية الفرعية على القياس والاستحسان، ومن هنا أتي الرجل، وكأنه استحسن للاعاجم أن تترجم لهم القراءة في الصلاة بلغاتهم اذ وجد ذلك أقرب إلى فهمهم لمعانيها وأرجى لخشورعهم فيها، وكأنه قاس قراءة الاعجمي بلغته على سماعه الموعظة وتلقيه دروس العلم. بلغته. وهذه نظرية أتا تورك في الصلاة لم يأخذها من أبي حنيفة وإنما هي خواطر مواردة. وساعد أتارتورك على هذه النظرية انه لا يقدر الادلة الشرعية بل لايعرفها ولا يتعرف عليها فيما يستحسنه من وجوه الاصلاح في نظره ولو كان في الادلة الشرعية ما يساعد على جواز العمل بالاستحسان لكان لما رأوه وجه، وقد أبته وحظرته فهيهات هيهات.

وذهب الشافعي وملك وأحمد وغيرهم إلى افتراض قراءة الفاتحة باللغة العربية في جميع ركعات الفرض والنفل، ودليهم على ذلك حديث أبي هريرة في قصة الاعرابي الذي لم يحسن صلاته لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث

٤١

علمه الصلاة فأمره بالقراءة ثم قال له: «افعل ذلك في صلاتك كلها»(١) .

وقد عرفت رأينا في هذا الحديث اذ قلنا انا لا نقيم له وزنا…

والذي عليه الإمامية - تبعاً لأئمة العترة الطاهرة - ان قراءة الفاتحة بالعربية الصحيحة فرض في الركعتين الأوليين من كل فرض ونفل(٢) على المنفرد والامام، أما المأموم فيتحمل القراءة عنه إمامه(٣) وأما الركعتان الأخريان فيجب فيهما إما قراءة الفاتحة أو التسبيح على سبيل التخيير بينهما

____________________

(١) قال الامام النووي الشافعي في باب وجوب قراءة الفاتحة من شرحه لصحيح مسلم: والذي عليه جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب الفاتحة في كل ركعة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للاعرابي الذي لم يحسن صلاته افعل ذلك في صلاتك كلها. قلت: وقد تعلم أن النووي والشافعي وغيرهما من يوجب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة لا يتسنى له اعتبار حديث أبي هريرة الا بحمل قوله فيه: فاقرأ ما تيسر معك من القرآن على خصوص الفاتحة.

(٢) يجب عندنا في كل من الركعتين الأوليين من الفرائض الخمس قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة لثبوت ذلك عن رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث أبي قتادة وقد أخرجه البخاري في صحيحه وأخرجه غيره، ويجوز عندنا ترك السورة في بعض الأحوال بل قد يجب مع ضيق الوقت ونحوه من موارد الضرورة، أما النافلة فيجب فيها الفاتحة فقط ومعنى وجوبها فيها أنها شرط في صحتها.

(٣) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة وهذا حديث مأثور عند الجمهور من عدة طرق تجده في مبحث قراءة الفاتحة من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة وتجد ثمة القول بمنع المأموم عن القراءة مأثوراً عن أمير المؤمنين والعبادلة في ثمانين من كبار الصحابة، بل تجد القول بفساد صلاة المأموم إذا قرأ خلف إمامه مأثوراً عن عدة أخرى من الصحابة.

والأحوط عندنا بل الأقوى للمأموم ترك القراءة في الركعتين الاوليين من الاخفاتية، وكذا في الاوليين من الجهرية اذا سمع من صوت إمامه ولو الهمهمة عملا بقوله تعالى: «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون». أما إذا لم يسمع حتى الهمهمة جاز للمأموم بل استحب له القراءة.

٤٢

ولا يتحمل الإمام فيهما عن المأموم عن المأموم قراءة ولاتسبيحا.

وحجتنا على هذاكله نصوص أئمتنا وهم اعدال الكتابعليهم‌السلام على أن قراءة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل من الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب ثاب في الصحاح والمسانيد كلها من حديث أبي قتادة الحرث بن ربعي وغيره، والأصل فيما يفعله في صلاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الوجوب(١) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي، ولئن ثبت عنه قراءة الفاتحة في الركعتين الأخريين فقد ثبت عنه أيضاً الذكر فيهما وصورته: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مأثوراً من طرق الأئمة من عترته الطاهرة. وقد يشهد له حديث سعد بن أبي وقاص الموجود في صحيح البخاري وغيره من الصحاح والمسانيد اذ شكاه أهل الكوفة إلى عمر حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فقال سعد: والله لقد كنت أصلي بهم صلاة رسول الله ما أخرم عنها، فأركد - أطيل القيام بقراءة الفاتحة والسورة - في الركعتين الاوليين. وأخف في الركعتين الأخريين - أي أسرع فيهما اقتصاراً على التسبيح أو الفاتحة مجردة عن غيرها - والله تعالى أعلم.

____________________

(١) كما نص عليه الإمام السندي في تعليقه على حديث سعد من صحيح البخاري الذي أشرنا إليه في الأصل.

٤٣

تكبيرة الاحرام

أجمع الامامية - تبعاً لأئمة العترة الطاهرة - على أن تكبيرة الاحرام ركن من كل فريضة وكل نافلة لا تنعقد الصلاة إلا بها. وصورتها - الله اكبر - خاصة فلو افتتح المصلي صلاته بتسبيح الله أو تهليله أو بقول الله كبير أو الله الاكبر أو الله أعظم أو نحوها لايصح. فضلاً عن رطانتها باحدى اللغات الأعجمية وحسبنا في ثبوت افتراضها أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يفتتح صلاة من صلواته كلها إلا بها، وقد عرفت قريباً أن الأصل فيما يفعله في صلاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما هو الوجوب لقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

على أن افتراضها ثابت في الكتاب والسنة واجماع الأمة قال الله تعالى: «وربك فكبر» وقد انعقد الاجماع على أن المراد به تكبيرة الاحرام لان الأمر لوجوب، وغيرها ليس بواجب اجماعاً. وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» رواه أبو داود في سننه.

وقال الحنفية ان التحريم ليس ركناً في الصلاة وإنما هو متصل بالقيام

٤٤

الذي هو ركن فيجب فيه استقبال القبلة وستر العورة والكون على طهارة لا لنفسه بل لاتصاله بالركن، وقالوا لا يشترط فيها اللغة العربية واكتفوا بترجمتها بأي لغة شاء المصلي سواء أكان عاجزاً عن العربية أم قادراً عليها فتنعقد الصلاة عندهم بقول المصلي: «خدا بزرك» مثلاً عوضاً عن الله أكبر، قالوا ويصح الاحرام بالتسبيح أو التهليل وبكل اسم من أسمائه تعالى بدون أن يزاد عليه شيء. كأن يفتتحها بقول «الله» أو «الرحمن» أو نحو ذلك من أسمائه الحسنى مجردة مع الكراهة، هذا مذهبهم لا يختلفون فيه، وحجتهم إنما هي الاستحسان كما سمعت، والجواب هو الجواب والله الموفق للصواب.

٤٥

تقصير المسافر وافطاره

تشريع التقصير

تقصر الفرائض الرباعية في السفر إلى ركعتين سواء أكان ذلك في حال الخوف أم كان في حال الأمن إجماعاً من الأمة المسلمة وقولا واحداً. قال الله تعالى: «وإذا ضربتم في الأرض فلا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا».

وعن يعلى بن أمية. قال: قلت لعمر بن الخطاب: ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقد أمن الناس. فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته. أخرجه مسلم في صحيحه.

وعن ابن عمر - فيما أخرجه مسلم في الصحيح أيضا - قال: إني صحبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر

٤٦

فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله. وقد قال الله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».

وعن أنس بن مالك - فيما أخرجه الشيخان في صحيحهما - قال: خرجنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلي المدينة.

وعن ابن عباس - فيما أخرجه البخاري في صحيحه - قال: أقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكة تسعة عشر يقصر، الحديث. قلت: وإنما قصر مع اقامته تسعة عشر يوماً لعدم نية الإقامة.

وثبت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يصلي بأهل مكة إماماً بعد الهجرة فيسلم في الرباعيات على رأس الركعتين الاوليين وكان قد تقدم إلى القوم بأن يتموا صلاتهم أربع ركعات معتذراً عن نفسه وعمن جاء معه بأنهم قوم سفر.

وروى ابن أبي شيبة بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ان خيار أمتي من شهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله والذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا وإذا سافروا قصروا.

وعن أنس - فيما أخرجه مسلم في صحيحه من طريقين - قال: صليت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر في المدينة أربعاً وصلْيت معه العصر بذي الحليفة - مسافراً - ركعتين. إلى كثير من الصحاح الصراح بأن الله عز وجل قد شرع التقصير في السفر.

٤٧

تشريع الافطار

لا كلام في أن الله عز وجل شرع الافطار في شهر رمضان لكل من سافر فيه سفراً تقصر فيه الصلاة وهذا القدر مما أجمعت الأمة المسلمة عليه، والكتاب والسنة يثبتانه بصراحة. قال الله تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة» الآية.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سافر في شهر رمضان يفطر ويعلن للناس افطاره وقد عد الصوم في السفر معصية وأكدها وقال: ليس من البر أن تصوموا في السفر، وستسمع ذلك كله بنصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وجاء في حديث أبي قلابة - وهو في الصحاح - أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لرجل من بني عامر: ان الله وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة.

ومن تتبع السنن وأقوال الأئمة حول صلاة المسافر وصومه وجد النص والفتوى وإجماع الامة على أن القصر والافطار سفراً مما شرعه الله عز وجل في دين الإسلام وان المقتضي من السفر لاحدهما هو بعينه المقتضي للآخر بلا كلام.

حكم القصر

اختلف أئمة المسلمين في حكم القصر في السفر على أقوال، فمنهم من رأى أن القصر هو فرض المسافر المتعين عليه وهذا قول الإمامية تبعاً لأئمتهم،

٤٨

وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون بأسرهم(١) .

ومنهم من رأى أن القصر والاتمام كليهما فرض على التخيير كالخيار في واجب الكفارة، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي.

ومنهم من رأى أن القصر سنة مؤكدة، وهذا قول مالك في أشهر الروايات عنه.

ومنهم من رأى أن القصر رخصة وان الاتمام أفضل، وبه قال الشافعي في أشهر الروايات عنه، وهو المتصور عند أصحابه.

والحنابلة قالوا بجواز القصر وهو أفضل من الاتمام ولا يكره الاتمام.

حجتنا

احتج الامامية لوجوب التقصير بصحاح من طريق الجمهور، ونصوص ثابتة عن أئمة الهدى من أهل البيتعليهم‌السلام .

فمن صحاح الجمهور ما أخرجه مسلم - في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من صحيحه - عن ابن عباس من طريقين قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين، وهذا صريح بأن المسافر إنما أمر بأداء الظهر والعصر والعشاء ركعتين، كما أن الحاضر إنما أمر بأدائها أربع ركعات، وإذاً لا تصح من المسافر إلا أن تكون ركعتين حسبما

____________________

(١) أجمع الحنفية على أن قصر الصلاة واجب على المسافر ولا يجوز له الاتمام فاذا أتم صلاته اعتبروه أثماً لتأخير السلام عن نهاية القعود المفروض وهو القعود الأول في هذه الحال، ومع ذلك فهو متنفل عندهم بالركعتين الأخيرتين لأن الفرض انما هو الركعتان الأوليان ولذا يحكمون ببطلان الصلاة ان ترك القعود الأول في هذه الصورة لأنه ترك فرضاً من فرائض الصلاة.

٤٩

فرضت عليه، كما لا تصح من الحاضر إلا أن تكون أربعاً كما فرضت عليه لأن صحة العبادة إنما هي مطابقتها للامر.

وفي صحيح مسلم أيضاً بالاسناد إلى موسى بن سلمة الهذلي. قال: سألت ابن عباس كيف أصلي بمكة - مسافراً - ؟ فقال: ركعتين سنة أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأرسل الجواب بكونها ركعتين وكونها سنة أبي القاسم ارسال المسلمات وهذا من الظهور بتعيين القصر بمثابة لا تخفى على أهل العرف.

وأخرج مسلم أيضاً في صحيحه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة: أن الصلاة فرضت أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر. قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال: أنها تأولت كتأول عثمان.

وفي صحيح مسلم عن عائشة من طريق آخر قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ثم أتمها في الحضر فأقرت صلاة السفر على الفريضة الاولى.

قلت: من البديهي إذا كان هذا صحيحاً أن لا تصح من المسافر رباعية اذ لم يتوجه إليه من الشارع أمر بها، وإنما أمر من أول الامر بأدائها ركعتين وأقرها الله على ذلك فلو أداها المسافر أربعاً كان مبتدعاً، كما لو أدى فريضة الصبح أربعاً، وكما لو أدى الحاضر فرائضه الرباعيات مثنى مثنى مثنى.

ومن نصوص أئمة الهدى ما صح عن زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم اذ سألا الإمام أبا جعفر الباقرعليه‌السلام فقالا له: ما تقول في الصلاة في السفر؟ كيف هي، وكم هي؟ قال: ان الله سبحانه يقول: وإذا ضربتم في

٥٠

الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فالتقصير واجب في السفر كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا انه قال: لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة، ولم يقل قصّروا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام؟ قال أوليس قال تعالى في الصفا والمروة: فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ألا ترى أن الطواف واجب مفترض لان الله تعالى ذكره في كتابه، وصنعه نبيه؟ وكذا التقصير في السفر شيء صنعه رسول الله وذكره الله في الكتاب. قالا: قلنا فمن صلى في السفر أربعاً أيعيد أم لا؟ قال: إن كانت قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعاً أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا اعادة عليه (قالعليه‌السلام ): والصلاة في السفر كل فريضة ركعتان إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السفر والحضر ثلاث ركعات.

قال الإمام الطبرسي بعد إيراد هذا الخبر: وفي هذا دلالة على أن فرض المسافر مخالف لفرض المقيم (قال) وقد أجمعت الطائفة على ذلك، وأجمعت على أنه ليس بقصر، وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: فرض المسافر ركعتان غير قصر، انتهى ما قلناه عن مجمع البيان.

وفي الكشاف حول آية التقصير، قال: وعند أبي حنيفة القصر في السفر عزيمة غير رخصة لا يجوز غيره (قال) وعن عمر بن الخطاب صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم(١) .

____________________

(١) إذا كانت صلاة السفر ركعتين وكانت بالركعتين تماماً غير قصر وكان ذلك كله على لسان نبينا بشهادة عمر فكيف يصح أن تكون رباعية ؟ وهل تصح العبادة إذا وقعت على خلاف ما شرعها الله عز وجل.

٥١

حجة الشافعي ومن لا يوجب القصر

احتجوا بأمور:

أولها: الظاهر من قوله تعالى: «فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة». لان الجناح وهو الاثم إنما يوجب بمجرده الاباحة لا الوجوب.

وقد عرفت الجواب بنص الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، وكأن الناس يومئذ الفوا الاتمام فكانوا - كما أفاده الإمام الزمخشري في كشافه - مظنة لان يخطر ببالهم أن عليهم نقصاناً في القصر فنفى عنهم الجناح لتطيب أنفسهم بالقصر ويطمئنوا إليه.

ثانيها: أن عثمان وعائشة كانا يتمان في السفر.

والجواب: أنهما تأولا أدلة التقصير فأخطآ، وقد فسر بعض علماء الجمهور تأولهما هذا بأن عثمان كان أمير المؤمنين وعائشة كانت أمهم فهما من سفرهما في حضر مستمر على اعتبار أنهما حيث ما كانا مسافرين فهما في أهل ودار ووطن وهذا اجتهاد طريف نرى وجه الطرافة فيه بانكشافه عن غربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في دنيا المؤمنين إذ لم يرو عنه في السفر عدم التقصير وكذلك أبو بكر وعمر وعلي غرباء لهم الله على هذا الاساس.

ثالثها: أحاديث مشهورة أخرجها مسلم في صحيحه صريحة بأن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون منهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم في شهر رمضان ومنهم المفطر فيه لا يعيب بعضهم على بعض.

والجواب: ان هذه الأحاديث لم يثبت شيء منها عن طريقنا على أنها تعارض صحاحنا المروية عن أئمتنا أعدال الكتاب بل تعارض نفسها بنفسها كما يعلمه الملم بها وكما ستسمعه قريباً ان شاء الله تعالى.

٥٢

وما من شك في أن حديث الأوصياء من آل محمد هو المقدم في مقام التعارض ولا سيما بعد تأييده بثلة من صحاح الجمهور.

حكم الافطار

اختلف فقهاء الإسلام في حكم الافطار في السفر فذهب الجمهور إلى أنه رخصة، وان المسافر إذا صام صح صومه وأجزأه مستدلين على ذلك بأحاديث أخرجها مسلم في صحيحه.

فمنها ما عن أبي سعيد الخدري قال: غزونا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لست عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

وعنه من طريق آخر قال: كنا نسافر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رمضان فما يعاب على الصائم صومه ولات على المفطر افطاره.

والجواب: ان هذه الأحاديث - لو فرض صحتها - فهي منسوخة لامحالة بصحاح من طريق الجمهور، وصحاح اخر من طريقنا عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام .

وإليك ما صح في هذا الباب من طريق غيرنا عن جابر بن عبد الله. قال - كما في صحيح مسلم - : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: ان بعض الناس قد صام فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أولئك العصاة أولئك العصاة.

وأخرج عن جابر أيضاً. قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر فرأى رجلاً

٥٣

قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه فقال: ماله؟ قالوا: صائم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس من البر أن تصوموا في السفر.

وإنما قلنا ان هذه السنن ناسخة لتلك لتأخر صدورها عنها باعتراف الجمهور، ويدل على ذلك مافي صحيح مسلم وغيره عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس: أنه أخبره أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر قال: وكان صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره.

وعن الزهري - كما في صحيح مسلم وغيره - بهذا الاسناد مثله قال الزهري: وكان الفطر آخر الأمرين وإنما يؤخذ أمر رسول الله بالآخر فالآخر.

وعن ابن شهاب - كما في صحيح مسلم وغيره - بهذا الاسناد أيضاً مثله. قال ابن شهاب: كانوا يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره ويرونه الناسخ المحكم.

ومجمل الأمر أنه لو فرض صحة صوم البعض من أصحابه في السفر معه فإنما كان ذلك قبل التزامهم بالافطار وقبل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس من البر أن تصوموا في السفر، وقبل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصائمين : أولئك العصاة أولئك العصاة.

أما الامامية فقد أجمعوا على أن الافطار في السفر عزيمة، وهذا مذهب داود بن علي الاصفهاني وأصحابه وعليه جماعة من الصحابة كعمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وعروة بن الزبير وهو المتواتر عن أئمة الهدى من العترة الطاهرة، وروي أن عمر بن الخطاب أمر رجلاً صام في السفر أن يعيد صومه - كما هو مذهبنا ومذهب داود - وروى يوسف بن الحكم. قال: سألت ابن عمر عن

٥٤

الصوم في السفر فقال: أرأيت لو تصدقت على رجل صدقة فردها عليك ألا تغضب؟ فإنها صدقة من الله تصدق بها عليكم فلا تردوها. وروى عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. وعن ابن عباس: الافطار في السفر عزيمة. وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنه قال: الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر. وعنهعليه‌السلام : لو أن رجلاً مات صائماً في السفر لما صليت عليه. وعنهعليه‌السلام قال: من سافر أفطر وقصر إلاّ أن يكون سفره في معصية الله عز وجل، وروى العياشي بسنده إلى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام . قال: نزلت هذه الآية «فمن كان منكم مريضاً أو على سفر» بكراع الغميم عند صلاة الهجير فدعا رسول الله باناء فيه ماء فشرب وأمر الناس أن يفطروا فقال قوم: قد مضى النهار ولو تممنا يومنا هنا فسماهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : العصاة فلم يزالوا يسمون العصاة حتى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وحسبنا حجة لوجوب الافطار في السفر قوله عز وجل: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» فان في الآية دلالة على وجوب الافطار من وجوه.

أحدها: أن الأمر بالصوم في الآية إنما هو متوجه للحاضر دون المسافر، ولفظه كما تراه: فمن شهد منكم الشهر - أي حضر في الشهر - فليصمه فالمسافر غير مأمور فصومه ادخال في الدين ماليس من الدين تكلفاً وابتداعاً.

ثانيها: ان المفهوم من قوله تعالى: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه» ان من

٥٥

لم يحضر في الشهر لا يجب عليه الصوم، ومفهوم الشرط حجة كما هو مقرر في أصول الفقه، وإذاً فالآية تدل على عدم وجوب الصوم في السفر بكل منطوقها ومفهومها.

ثالثها: ان قوله عز وجل: «ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدَّةٌ من أيام أخر» تقديره فعليه عدة من أيام أخر هذا اذا قرأت الآية برفع عدة وان قرأتها بالنصب كان التقدير فليصم عدة من أيام أخر وعلى كل فالآية توجب صوم أيام أخر وهذا يقتضي وجوب افطار أيام السفر إذ لا قائل بالجمع بين الصوم والقضاء، على أن الجمع ينافي اليسر المدلول عليه بالآية.

رابعها: قوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» ، واليسر هنا انما هو الافطار كما أن العسر هنا ليس إلا الصوم وإذاً فمعنى الآية يريد الله منكم الافطار ولا يريد منكم الصوم.

قدر السفر المقتضي للتقصير والافطار

اختلف أئمة المسلمين في تقديره فقال أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون: أقل ما تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه الصائم سفر ثلاثة أيام وان القصر والافطار إنما هما لمن سافر من أفق إلى أفق(١) .

وقال الشافعي ومالك وأحمد وجماعة كثيرون: تُقصر الصلاة ويفطر في شهر رمضان بقطع مسافة تبلغ ستة عشر فرسخاً ذهاباً فقط(٢) .

____________________

(١) نقل ابن رشد عنهم هذا في كتابه البداية والنهاية.

(٢) هذه المسافة تساوي ثمانين كيلو ونصف كيلو ومئة وأربعين متراً مسيرة يوم وليلة بسير الابل المحملة بالأثقال سيراً معتدلاً ولا يضر عندهم نقصان المسافة عن المقدار المبين بشيء قليل كميل أو ميلين.

٥٦

وقال أهل الظاهر: القصر والافطار في كل سفر حتى القريب.

قال ابن رشد. «في صلاة السفر من البداية والنهاية»: والسبب في اختلافهم معارضة المعنى المعقول من التقصير والافطار في السفر للفظ المنقول في هذا الباب. وذلك أن المعقول من تأثير السفر في القصر والافطار أنه لمكان المشقة فيه.

وإذا كان الأمر على ذلك فإنما يكونان حيث تكون المشقة، وعند أبي حنيفة لا تكون المشقة إلا بقطع ثلاث مراحل، وعند الشافعي ومالك وأحمد تكون بقطع ستة عشر فرسخاً «قال»: وأما من لا يراعي في ذلك إلا اللفظ فقط كأهل الظاهر فقد قالوا: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نص على أن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة فكل من أطلق عليه اسم مسافر جاز له القصر والفطر «قال»: وأيدوا ذلك بما رواه مسلم عن عمر بن الخطاب أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقصر في نحو السبعة عشر ميلاً. اه-.

وعلى هذا فإن أئمة المذاهب الأربعة لم يستندوا فيما حددوه من المسافة إلى دليل من أقوال النبي أو أفعالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنما استندوا إلى فلسفة أطلقوا عليها «المعنى المعقول» وذلك ما لا يرتضيه أئمة أهل البيت ولا تطمئن إليه الامامية في استنباط الاحكام الشرعية.

وكان أهل مكة - على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر - إذا خرجوا من مكة إلى عرفات يقصرون في عرفات والمزدلفة ومنى وهذا ثابت لا ريب فيه.

وأخرج الشيخان في صحيحيهما أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا خرج من مكة الى عرفات قصر، وأن أبا بكر وعمر قصرا بعده. وان عثمان قصر أيضاً ثم أتم

٥٧

صلاته بعد ست سنين مضت من خلافته فأنكر الناس عليه(١) . وهذا هو مستند الامام مالك من قوله بأن تقصير الحجاج في هذه الأماكن سنة مؤكدة سواء في ذلك أهل مكة وأهل الاقطار النائية فراجع فقه المالكية(٢) وهذا مستندنا في التقصير بسفر مسافته ثمانية فراسخ سواء أكانت امتدادية أو كانت ملفقة من أربعة في الذهاب وأربعة في الاياب كالمسافة بين مكة وعرفات، وهي أقل مسافة قصّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها الصلاة، وأنها لحجة بالغة والحمد لله.

____________________

(١) تجد ذلك كله في باب الصلاة بمنى وهو أحد أبواب التقصير وأحد أبواب الحج من الجزء الأول من صحيح البخاري وتجده في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من صحيح مسلم.

وتجد في ص ١٧٨ من كتاب الاستاذ الدكتور طه حسين - الفتنة الكبرى - ما هذا لفظه: ثم عاب المسلمون المعاصرون لعثمان عليه مخالفته للسنة المعروفة المستفيضة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الشيخين وعن عثمان نفسه في صدر من خلافته وذلك حين أتم الصلاة في منى وقد قصرها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشيخان وقصرها عثمان أيضاً أعواماً، وقد ذعر المسلمون حقاً حين أتم عثمان الصلاة في منى، فسعى بعضهم إلى بعض وقال بعضهم لبعض، ثم أقبل عبد الرحمن بن عوف على عثمان فقال له: ألم تصل هنا مع النبي ركعتين؟ قال عثمان: بلى. فقال عبد الرحمن: ألم تصل مع أبي بكر وعمر ركعتين؟ قال عثمان: بلى. قال عبد الرحمن: ألم تصل أنت بالناس هنا ركعتين؟ قال عثمان: بلى. قال عبد الرحمن: فما هذا الحدث الذي أحدثته؟ قال عثمان: فاني قد بلغني أن الاعراب والجفاة من أهل اليمن يقولون ان صلاة المقيم اثنتان، فأجابه عبدالرحمن بأن خوفك على الاعراب والجفاة في غيره محله اذ قد صلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتين ولم يكن الاسلام قد فشا بعد والآن قد ضرب الاسلام بجرانه فما ينبغي لك أن تخاف.

(٢) وقد نقله النووي عن مالك في شرحه لصحيح مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها.

٥٨

نكاح المتعة وفيه فصول

١ - حقيقة هذا النكاح:

إنما حقيقته أن تزوجك المرأة الحرة الكاملة المسلمة أو الكتابية نفسها، حيث لا يكون لك مانع في دين الإسلام عن نكاحها، من نسب أو سبب أو رضاع أو احصان أو عدة، أو غير ذلك من الموانع الشرعية، ككونها معقوداً عليها لأحد آباءك، وإن كان قد طلقها أو مات عنها قبل الدخول بها، وككونها أختاً لزوجتك مثلاً، أو نحو ذلك.

تزوجك هذه المرأة نفسها بمهر مسمى إلى أجل مسمى، بعقد نكاح جامع لشرائط الصحة الشرعية، فاقد لكل مانع شرعي كما سمعت فتقول لك بعد تبادل الرضا والاتفاق بينكما: زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي بمهر قدره كذا يوماً أو يومين أو شهراً أو شهرين أو سنة أو سنتين مثلاً، أو تذكر مدة أخرى معينة على الضبط فتقول أنت لها على الفور: قبلت، وتجوز الوكالة في هذا العقد من كلا الزوجين كغيره من العقود،

٥٩

وبتمامه تكون زوجة لك، وأنت تكون زوجاً لها، إلى منتهى الأجل المسمى في العقد، وبمجرد انتهائه تبين من غير طلاق كالاجارة، وللزوج فراقها قبل انتهائه بهبة المدة المعينة لا بالطلاق - عملاً بنصوص خاصة حاكمة بذلك - ويجب عليها مع الدخول بها(١) أن تعتد بعد هبة المدة أو انقضائها بقرأين، إذا كانت ممن تحيض ، والا فبخمسة وأربعين يوماً كالأمة - عملاً بأدلة خاصة تحكم بذلك -.

فإذا وهبها المدة أو انقضت قبل أن يمسها فما له عليها من عدة، كالمطلقة قبل المس(٢) وأولات الاحمال في المتعة أجلهن أن يضعن حملهن كالمطلقات، أما عدة المتوفى عنها زوجها في نكاح المتعة فهي عدة المتوفى عنها زوجها في النكاح الدائم مطلقاً(٣) .

وولد المتعة ذكراً كان أو أنثى يلحق بأبيه ولا يدعى إلاّ له كغيره من الأبناء والبنات، وله من الارث ما أوصانا الله به سبحانه بقوله عز من قائل: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين» ولا فرق بين ولديك المولود أحدهما منها والآخر من النكاح الدائم، وجميع العمومات الشرعية الواردة في الأبناء والآباء والأمهات شاملة لأبناء المتعة وآبائهم وأمهاتهم، وكذا القول في العمومات الواردة من الإخوة والأخوات وأبنائهما،

____________________

(١) وعدم بلوغها سن اليأس الشرعي.

(٢) ولا عدة على من بلغت من اليأس كالمطلقة أيضا.

(٣) سواء أكانت مدخولا بها أم لا وسواء أكانت يائسا أم لا وسواء أكانت حبلى أم حائلا. وعدة الحبلى إذا مات عنها زوجها في كلا النكاحين، أبعد الاجلين - وهما وضع الحمل ومضي المدة وهي أربعة اشهر وعشر بعد علمها بموت الزوج -

٦٠