أحكام المرأة و الاُسرة

أحكام المرأة و الاُسرة6%

أحكام المرأة و الاُسرة مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: المرأة
الصفحات: 300

أحكام المرأة و الاُسرة
  • البداية
  • السابق
  • 300 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157145 / تحميل: 5875
الحجم الحجم الحجم
أحكام المرأة و الاُسرة

أحكام المرأة و الاُسرة

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ذلك ، كما لا ينبغي إرضاعه فوق حولين كاملين ، ولو اتّفق أبواه على فطامة قبل ذلك كان حسناً.

٦ ـ حضانة الولد وتربيته وما يتعلّق بها من مصلحة حفظه ورعايته تكون في مدّة الإرضاع ـ أعني حولين كاملين ـ من حقّ أبويه بالسويّه ، فلا يجوز للأب أن يفصله عن أُمّه خلال هذه المدّة وإن كان اُنثى ـ والأحوط استحباباً أن لا يفصله عنها حتى يبلغ سبع سنين وإن كان ذكراً.

٧ ـ إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن يبلغ الولد السنتين لم يسقط حقّ الأُمّ في حضانته ما لم تتزوّج من غيره ، فلا بدّ من توافقهما على ممارسة حقّهما المشترك بالتناوب ، أو بأيّ كيفية أُخرى يتفقان عليها.

٨ ـ إذا تزوّجت الأُمّ بعد مفارقة الأب سقط حقّها من حضانة الولد ، وصارت الحضانة من حقّ الأب خاصّة ، ولو فارقها الزوج الثاني عاد حقّ حضانة الطفل إليها مرّة ثانية.

٩ ـ إذا مات الأب بعد اختصاصه بحضانة الولد ـ كما مرّ ـ أو قبله فالأُمّ أحقّ بحضانته ـ إلى أن يبلغ ـ من الوصي لأبيه ومن جدّه وجدّته له ، وغيرهما من أقاربه ، سواء تزوّجت أم لا.

١٠ ـ إذا ماتت الأُمّ في زمن حضانتها اختصّ الأب بحضانة الطفل ، وليس لوصيّها ولا لأبيها ولا لأمها ـ فضلاً عن باقي أقاربها ـ حقّ في ذلك.

١١ ـ إذا فقد الأبوان فالحضانة للجدّ من طرف الأب ، فإذا فقد ـ أي هذا الجدّ ـ ولم يكن له وصيّ ، ولا للأب وصيّ أيضاً ، فالأحوط وجوباً التراضي بين أقارب الولد في حضانته مع الاستئذان من الحاكم الشرعي.

١٨١

١٢ ـ إذا سقط حقّ الأُمّ في إرضاع ولدها لطلبها اُجرة مع وجود المتبرّع ، أو لعدم اللبن لها أو لغير ذلك فلا يسقط حقّها من حضانته ; لعدم التنافي بين سقوط حقّ الإرضاع وثبوت حقّ الحضانة ، لإمكان كون الولد في حضانة الأُمّ مع كون رضاعه من امرأة اُخرى ، إمّا بحمل الولد إلى المرضعة عند الحاجة إلى اللبن ، أو بإحضار المرضعة عنده مثلاً.

١٣ ـ يشترط فيمن يثبت له حقّ الحضانة من الأبوين أو غيرهما أن يكون عاقلاً مأموناً على سلامة الولد ، وأن يكون مسلماً إذا كان الولد مسلماً ، فلو كان الأب مجنوناً أو كافراً ، والولد محكوم بالإسلام ، أي كان أحد أبويه مسلمين ، اختصت أُمّه بحضانته إذا كانت مسلمة عاقلة ، ولو انعكس الأمر كانت حضانته من حقّ أبيه خاصّة ، وهكذا الحال في غيرهما ، أي في غير الأبوين من الأقارب.

١٤ ـ الحضانة كما هي حقّ للأُمّ والأب أو غيرهما على التفصيل المتقدّم ، كذلك هي حقّ للولد عليهم ، فلو امتنعوا اُجبروا عليها ، ولا يجوز لمن يثبت له حقّ الحضانة أن يتنازل عنه لغيره فينقل إليه ـ أي إلى ذلك الغير ـ بقبوله ـ أي مع قبول الغير ـ نعم يجوز لكلّ من الأبوين التنازل عنه ـ أيّ عن حقّ الحضانة ـ للآخر بالنسبة إلى تمام مدّة حضانته أو بعضها.

١٥ ـ لا تجب المباشرة في حضانة الطفل ، فيجوز لمن عليه الحضانة إيكالها إلى الغير مع الوثوق بقيامه بها على الوجه اللازم شرعاً.

١٦ ـ الأُمّ تستحقّ أخذ الأُجرة على حضانة ولدها ، إلاّ إذا كانت متبرّعة بها ، أو وجد متبرّع بحضانته ، ولو فصل الأبُ أو غيره الولدَ عن أُمّه ولو عدواناً لم يكن عليه تدارك حقّها في حضانته بقيمة أو نحوها.

١٧ ـ تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً ، فإذا بلغ رشيداً لم يكن لأحد حقّ

١٨٢

الحضانة عليه حتّى الأبوين فضلاً عن غيرهما ، بل هو المالك لنفسه ذكراً كان أم اُنثى ، فله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما ، نعم إذا كان انفصاله عنهما يوجب أذيّتهما الناشئة من شفقتهما عليه لم يجز له مخالفتهما في ذلك.

١٨٣

النفقات

تجب النفقة بأحد أسباب أربعة : الزوجيّة ، والقرابة ، والملك ، والاضطرار.

١ ـ تجب نفقة الزوجة على الزوج فيما إذا كانت دائمة ومطيعة له فيما يجب إطاعته عليها ، فلا نفقة للزوجة المتمتّع بها إلاّ مع الشرط ـ أي إلاّ إذا شرطت ذلك عليه ضمن العقد ـ كما لا نفقة للزوجة الناشزة على تفصيل تقدّم سابقاً ، وقد تقدّم أيضاً بيان ما يتحقّق به النشوز ، وإن سقوط نفقة الناشزة مشروط بعدم توبتها ، فإذا تابت وعادت إلى الطاعة رجع الاستحقاق.

٢ ـ لا فرق في وجوب الإنفاق على الزوجة بين المسلمة والكتابيّة ، وأمّا المرتدّة فلا نفقة لها ، فإن تابت قبل مضيّ العدّة استحقّت النفقة ، وإلاّ بانت من زوجها ، أي فصلت عنه بسبب الارتداد.

٣ ـ الظاهر ثبوت النفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف ، إلاّ مع وجود قرينة على الإسقاط ، أيّ على إسقاط حقّ الزوجة من النفقة ولو كانت هي التعارف الخارجي ، أي ولو كانت هذه القرينة قد ثبتت عرفاً ، كما إذا كانت الزوجة في بيت أبيها مثلاً ، فلا هي تستحقّ النفقة ولا هو يستحقّ الاستمتاع عليها.

والأظهر عدم ثبوت النفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها ، خصوصاً إذا كان الزوج صغيراً غير قابل للتمتّع والتلذّذ ، وكذا الزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيراً غير قابل لأن يستمتع منها ، نعم لو كانت الزوجة مراهقة ، وكان الزوج مراهقاً أو كبيراً ، أو كان الزوج مراهقاً وكانت الزوجة كبيرة ، لم يبعد استحقاق الزوجة للنفقة مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذّذ والاستمتاع منها.

٤ ـ لا تسقط نفقة الزوجة بعد تمكينها له من نفسها لعذر من حيض أو نفاس أو

١٨٤

إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض مدنف ـ أي ثقيل منعها من تمكين زوجها ـ أو غير ذلك ، ومن العذر ما لو كان الزوج مبتلى بمرض معد خافت من سرايته إليها بالمباشرة.

٥ ـ إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر ، وكذا يجب عليه بذل اُجور سفرها ونحوها ممّا تحتاج إليه من حيث السفر ، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروري يرتبط بشؤون حياتها ، كأن كانت مريضة وتوقّف علاجها على السفر إلى طبيب ، فإنّه يجب على الزوج بذل نفقتها واُجور سفرها.

وأمّا في غيره من السفر الواجب ، كما إذا كان أداءً لواجب في ذمّتها ، كأن استطاعت للحجّ ، أو نذرت الحجّ الاستحبابي بإذن الزوج ، وكذا في السفر غير الواجب الذي أذن فيه الزوج ، فليس عليه بذل اُجوره ، ويجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وإن كانت أزيد من نفقتها في الحضر ، نعم إذا علّق الزوج إذنه لها في السفر غير الواجب على إسقاطها لنفقتها فيه كلاّ أو بعضاً ـ أي جعل إسقاط جميع نفقتها أو بعضها ـ في السفر غير الواجب ـ شرطاً في إذنه وترخيصه لها بالسفر ـ وقبلت هي بذلك لم تستحقّها عليه.

٦ ـ تثبت النفقة لذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة كما تثبت لغير المطلّقة ، من غير فرق بين كونها حائلاً أو حاملاً ـ أي حامل أو لا ـ ولو كانت ناشزة وطُلّقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة ، إلاّ إذا تابت ورجعت إلى الطاعة ، كالزوجة الناشزة غير المطلّقة ، وأمّا ذات العدّة البائنة ـ أي التي لا رجوع فيها ـ فتسقط نفقتها سواء أكانت عن طلاق أو فسخ ـ أي سواء بانت عن الزوج بالطلاق أو بفسخ العقد ـ إلاّ إذا كانت عن طلاق وكانت حاملاً فإنّها تستحقّ النفقة والسكنى حتّى تضع

١٨٥

حملها ، ولا تلحق بها المنقطعة ـ أي الزوجة المؤقتة ـ والحامل الموهوبة : وهي التي وهب لها الزوج المدّة قبل أوانها أو المنقضية مدّتها ، وكذا الحامل المتوفّى عنها زوجها ، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها ، لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها على الأقوى.

٧ ـ إذا ادّعت المطلقة بائناً أنّها حامل ، فإن حصل الوثوق بصحة دعواها استناداً إلى الأمارات التي يستدلّ بها على الحمل عند النساء ، أو تيسّر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبيّ عند الثقة من أهل الخبرة فهو ، وإلاّ ففي وجوب قبول قولها والإنفاق عليها بمجرّد دعواها إشكال ، بل منع ، أي لا يقبل قولها اعتماداً على قولها فقط دون قرائن اُخرى.

ولو أنفق عليها ثمّ تبيّن عدم الحمل استُعيد منها ما دُفع إليها ، ولو انعكس الأمر ـ أي لم يدفع إليها باعتقاد أنّها حائل ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّها حامل ـ دفع إليها نفقتها أيام حملها.

٨ ـ لا تقدير للنفقة شرعاً ، بل الضابط القيام بما تحتاج اليه الزوجة في معيشتها من الطعام والادام ، هو الشيء الذي يؤكل معه الخبز(١) .

والكسوة والفراش والغطاء ، والمسكن والخدم ، وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل ، وغير ذلك ممّا يليق بشأنها بالقياس إلى زوجها ، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعاً وكمّاً وكيفاً ، بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقاليد اختلافاً فاحشاً أي كثيراً.

__________________

(١) الأُدْمُ والإدَام ما يؤتدم به ، تقول منه : أدم الخبز باللحم بأدمه بالكسر ، الصحاح ٥ : ١٨٥٩ « أدم ».

١٨٦

فبالنسبة إلى المسكن مثلاً ربّما يناسبها كوخ ، أو بيت شعر في الريف أو البادية ، وربّما لا بدّ لها من دار أو شقّة أو حجرة منفردة المرافق في المدينة ، وكذا بالنسبة إلى الألبسة ربّما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة إلى ثياب اُخرى ، وربّما لا بدّ من الزيادة عليها بثياب التجمّل والزينة.

نعم ، ما تعارف عند بعض النساء من تكثير الألبسة النفيسة خارج عن النفقة الواجبة ، فضلاً عمّا تعارف عند جمع منهنّ من لبس بعض الألبسة مرّة أو مرّتين في بعض المناسبات ، ثمّ استبداله بآخر مختلف عنه نوعاً أو هيئة في المناسبات الأُخرى.

٩ ـ من النفقة الواجبة على الزوج اُجرة الحمّام عند حاجة الزوجة إليه ، سواء أكان للاغتسال أو للتنظيف ، إذا لم تتهيّأ لها مقدّمات الاستحمام في البيت ، أو كان ذلك عسيراً عليها لبرد أو غيره ، كما أنّ منها مصاريف الولادة واُجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة ، بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يتفق الابتلاء بها وإن احتاج إلى بذل مال كثير ما لم يكن ذلك حرجيّاً على الزوج.

١٠ ـ النفقة الواجبة للزوجة على قسمين :

القسم الأوّل : ما يتوقّف الانتقاع به على ذهاب عينه ـ أي لاذهاب قيمته ـ كالطعام والشراب والدواء ونحوها ، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه ، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إيّاها وتسليمه لها تفعل به ما تشاء ، ولها الاجتزاء ـ كما هو المتعارف ـ بما يجعله تحت تصرّفها في بيته ويبيح لها الاستفادة منه ، فتأكل وتشرب ممّا يوفّره في البيت من

١٨٧

الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إليه ، وحينئذٍ يسقط ما لها عليه من النفقة ، فليس لها أن تطالبه بها بعدد ذلك.

١١ ـ لا يحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل ، ولو دفع إليها نفقة أيام كاسبوع أو شهر مثلاً وانقضت المدّة ولم تصرفها على نفسها ، إمّا بأن أنفقت من غيرها ، أو أنفق عليها أحد ، كانت ملكاً لها ، وليس للزوج استردادها ، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما ـ أي أحد الزوجين ـ أو نشوزها أو طلاقها بائناً ، يوزّع المدفوع على الأيام الماضية والآتية ، ويستردّ منها بالنسبة إلى ما بقي من المدّة ، بل الظاهر ذلك أيضاً فيما إذا دفع إليها نفقة يوم واحد وعرضت إحدى تلك العوارض في أثناء اليوم ، فيستردّ الباقي من نفقة ذلك اليوم.

١٢ ـ يتخيّر الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك ، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والأُرز واللحم ونحو ذلك ممّا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤونة ، فإذا اختار الثاني كانت مؤونة الإعداد ـ أي الطبخ ونحوه ممّا يجعل الطعام قابلاً للأكل ـ على الزوج دون الزوجة.

١٣ ـ إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والأدام وتسلّمته ملكته وسقط ما هو الواجب على الزوج ، ولكن ليس للزوج إلزامها بقبول الثمن ، وليس لها إلزامه ببذله ، فالواجب ابتداءً هو العين ، أي لا ثمنها.

القسم الثاني : ما ينتفع به مع بقاء عينه ، وهذا إن كان مثل المسكن فلا إشكال في أنّ الزوجة لا تستحقّ على الزوج أن يدفعه إليها بعنوان التمليك ـ أي يكفي أن يدفعه إليها بعنوان الانتفاع به ـ والظاهر أنّ الفراش والغطاء وأثاث المنزل أيضاً كذلك ، وأمّا الكسوة فلا يبعد كونها بحكم القسم الأوّل فتستحقّ على الزوج تمليكها

١٨٨

إيّاها ، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره ، أي ممّا ليس بملك له ، ولكن يحقّ له التصرّف فيه.

١٤ ـ إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدّة ، فلبستها فخلقت ـ أي استهلكت ـ قبل تلك المدّة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين ، وجب عليه دفع كسوة اُخرى إليها. ولو انقضت المدّة والكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة اُخرى ، ولو خرجت في أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق ، فإن كان الدفع إليها على وجه الإمتاع والانتفاع ـ كما في البيت وأثاثه ـ جاز له استردادها إن كانت باقية ، وأمّا إذا كان على وجه التمليك ـ كما في الطعام والشراب ـ فليس له ذلك.

١٥ ـ يجوز للزوجة أن تتصرّف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء ، فتنقله إلى غيرها ببيع أو هبة أو إجارة أو غيرها ، إلاّ إذا اشترط الزوج عليها ترك تصرّف معيّن فيلزمها ذلك ، أي يكون هذا الشرط لازماً لا يجوز لها مخالفته للإمتاع والانتفاع به ، فلا يجوز لها نقله إلى الغير ولا التصرّف فيه بغير الوجه المتعارف إلاّ بإذن من الزوج.

١٦ ـ النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوّم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن وأثاث ونحوها ، دون ما تشتغل به ذمّتها ممّا تستدينه لغير نفقتها ـ أي أنّ الدين الذي في ذمّتها لا يحسب من نفقتها ـ وما تنفقه على من يجب نفقته عليها ، وما يثبت عليها من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ـ أي غرامة الجناية التي ارتكبتها ـ ونحو ذلك.

١٧ ـ إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسّب اللائق بشأنه وحاله ، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفّارات ونحوها بمقدار حاجته في الإنفاق عليها ، وإذا لم يتيسّر له ذلك

١٨٩

تبقى نفقتها ديناً عليه ، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال.

وهل يجب عليه الاستدانة لها إذا أمكنه ذلك من دون حرج ومشقّة ، وعلم بالتمكين من الوفاء فيما بعد ؟ الظاهر ذلك ، أي يجب عليه الاستدانة. وأمّا إذا احتمل عدم التمكّن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ـ أي ليس احتمالاً قليلاً لا يؤخذ بعين الاعتبار ـ ففي وجوبها عليه إشكال ، هذا في نفقة الزوجة ؟

وأمّا نفقة النفس ـ أي نفقة نفسه لا غيرها ـ فليست بهذه المثابة ، فلا يجب السعي لتحصيلها إلاّ بمقدار ما يتوقّف عليه حفظ النفس والعرض ، والتوقّي عن الإصابة بضرر بليغ ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتى بالاستعطاف ـ أي بطلب العطف والاسترحام من الآخرين ـ والسؤال ، فضلاً عن الاكتساب والإستدانة.

١٨ ـ إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته ، أو امتنع من الإنفاق عليها مع قدرته ، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي كما تقدّم.

١٩ ـ إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلاّ أو بعضاً ، كمّاً أو كيفاً ـ أي من ناحية مقدارها أو نوعيّتها ـ لفقر الزوج أو امتناعه ، بقي ما لم تحصله منها ديناً في ذمّته كما تقدّمت الإشارة إليه ، فلو مات اُخرج من أصل تركته كسائر ديونه ، ولو ماتت انتقل إلى ورثتها كسائر تركتها ، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها ، وسواء قدّرها ـ أي النفقة ـ الحاكم وحكم بها أم لا ، وسواء عاشت بالعسر ـ أي بالضيق ـ أو أنفقت هي على نفسها ـ باقتراض أو بدونه ـ أو أنفق الغير عليها تبرّعاً من نفسه ، ولو أنفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعي اشتغلت له ذمّة الزوج ـ أي بقي ديناً في ذمّته ـ بما أنفق ، ولو أنفق ـ أي الغير ـ عليها تبرّعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة ، أي لا يكون ذلك الإنفاق ديناً لا في ذمّتها ولا في ذمّة الزوج.

١٩٠

٢٠ ـ لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها ، بل تستحقّها على زوجها وإن كانت غنيّة غير محتاجة.

٢١ ـ نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة ، فإذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق على نفسه ، فإن زاد شيء صرفه إليها.

٢٢ ـ المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته ، وكسوته وفراشه وغطائه ، وغير ذلك ممّا يحتاج إليه في معيشته ، بحسب حاله وشأنه.

٢٣ ـ إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ، إذا لم تكن للزوج بيّنة ، أي شاهدين من الرجال.

٢٤ ـ إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت ، وقد طُلّقت رجعيّاً ، فادّعت الزوجة أنّ الطلاق كان بعد الوضع ـ أي وضع حملها ـ فتستحقّ عليه ـ أي على الزوج ـ وادّعى الزوج أنّه كان ـ أي استحقاقها للإنفاق ـ قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها ، فالقول قول الزوجة مع يمينها ، فإن حلفت استحقّت النفقة ، ولكن الزوج يلزم باعترافه ـ لأنّه اعترف بانقضاء عدّتها ـ فلا يجوز له الرجوع إليها.

٢٥ ـ إذا اختلفا في الإعسار واليسار ـ أي في كون الزوج قادراً على الإنفاق أو غير قادر عليه لفقره ـ فادّعى الزوج الإعسار وأنّه لا يقدر على الإنفاق ، وادّعت الزوجة يساره ـ أي قدرته عليه ـ كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم إذا كان الزوج مؤسراً وادّعى تلف أمواله وأنّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

١٩١

القرابة

١ ـ يثبت للأبوين حقّ الإنفاق على ابنهما ، كما يثبت للولد ـ ذكراً كان أو أُنثى ـ حقّ الإنفاق على أبيه.

٢ ـ يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره ، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلاً ، من طعام وأدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك ، فلا يجب الإنفاق على الواجد لنفقته فعلاً وإن كان فقيراً شرعاً ، أي لا يملك مؤونة سنته.

وأمّا غير الواجد لها ، فإن كان متمكّناً من تحصيلها بالاستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال ، نعم لو استعطى فاُعطي مقدار نفقته الفعليّة لم يجب على قريبه الإنفاق عليه ، وهكذا الحال لو كان متمكّناً من تحصيلها بالأخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والصدقات وغيرها ، أو كان متمكّناً من الاقتراض ولكن بحرج ومشقة ، أو مع احتمال عدم التمكّن من وفائه فيما بعد احتمالاً معتدّاً به ، وأمّا مع عدم المشقّة في الاقتراض ووجود محلّ الإيفاء فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه.

ولو كان متمكّناً من تحصيل نفقته بالاكتساب ، فإن كان ذلك بالقدرة على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنّه ترك التعلّم فبقي بلا نفقة ، وجب على قريبه الإنفاق عليه ما لم يتعلّم ، وهكذا الحال لو أمكنه الاكتساب بما يشقّ عليه تحمّله كحمل الأثقال ، أو بما لا يناسب شأنه كبعض الأشغال المناسبة لبعض

١٩٢

الأشخاص ولم يكتسب لذلك ، فإنّه يجب على قريبه الإنفاق عليه.

وإن كان قادراً على الاكتساب بما يناسب حاله وشأنه ، كالقويّ القادر على حمل الأثقال ، والوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال ، ومن كان كسوباً وله بعض الأشغال والصنائع ، وقد ترك ذلك طلباً للراحة ، فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه ، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة إلى يوم أو أيام ، غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه وإن كان ذلك العجز قد حصل باختياره ، كما أنّه لو ترك الاشتغال بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيويّ أو دينيّ مهم كطلب العلم الواجب ، لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه.

٣ ـ إذا أمكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً ، فلا يجب على أبيها أو إبنها الانفاق عليها.

٤ ـ لا يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كون المُنفِق أو المُنفَق عليه مسلماً أو عادلاً ، ولا في المنفَق عليه كونه ذا علّة من عمىً وغيره ، نعم يعتبر فيه ـ فيما عدا الأبوين ـ أن لا يكون كافراً حربيّاً ـ أي غير كتابيّ من أصناف الكفّار الذين لا ينتسبون إلى الاسلام ـ أو من بحكمه ، أي الكتابيّ الذي بغى واعتدى على المسلمين ، أو الذي أخلّ بشرائط الذمّة من اليهود والنصارى والمجوس ، وغير ذلك من أقسام الكفّار ، وكذلك الخوارج والغلاة والنواصب.

٥ ـ هل يشترط في ثبوت حقّ الإنفاق كمال المنفِق بالبلوغ والعقل ، أم لا ؟

وجهان ، أقربهما العدم ، فيجب على الولي أن ينفق من مال الصبيّ والمجنون على من يثبت له حقّ الإنفاق عليهما.

٦ ـ يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفِق على نفقته بعد نفقة

١٩٣

نفسه وزوجته الدائمة ، فلو حصل له قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يجب عليه الإنفاق على أقربائه ، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شيء صرفه في الإنفاق عليهم ، والأقرب منهم مقدّم على الأبعد ، فالولد مقدّم على ولد الولد ، ولو تساووا وعجز عن الإنفاق عليهم جميعاً فالأظهر وجوب توزيع الميسور عليهم بالسويّة إذا كان ممّا يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به ، والاّ فالأحوط الأولى أن يقترع بينهم وإن كان الأقرب أنّه يتخير في الانفاق على أيّهم شاء.

٧ ـ إذا كان بحاجة إلى الزواج ، وكان ما لديه من المال لا يفي بنفقة الزواج ونفقة قريبة معاً ، جاز له أن يصرفه في زواجه وإن لم يبلغ حدّ الاضطرار إليه أو الحرج في تركه.

٨ ـ إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه ، وكان متمكّناً من تحصيله بالاكتساب اللائق بشأنه ، وجب عليه ذلك ، وإلاّ أخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلك.

٩ ـ لا تقدير لنفقة القريب شرعاً ، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وأدام وكسوة ومسكن وغيرها ، مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً ، حسبما مرّ في نفقة الزوجة.

١٠ ـ ليس من الإنفاق الواجب للقريب ـ ولداً كان أو والداً ـ بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وإن كان ذلك أحوط ـ وجوباً ـ لا سيّما في الأب مع حاجته ـ أي مع حاجة الأب أو الابن ـ الى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.

١١ ـ ليس من الإنفاق الواجب للقريب أداء ديونه ، ولا دفع ما ثبت عليه من فدية أو كفّارة أو أرش جنايةٍ ـ أي غرامة الجناية ـ ونحو ذلك.

١٢ ـ يجب على الولد نفقة والده دون أولاده ـ أي سواء كانوا إخوته من أبيه أو من اُمّه وأبيه ـ لأنّهم إخوته ، ودون زوجته ـ أي زوجة الأب ـ ويجب على الوالد نفقة

١٩٤

ولده دون زوجته ـ أي زوجة الولد ـ ونفقة أولاد ولده ـ أي أحفاده ـ أيضاً بناءً على ما تقدّم من وجوب نفقة الولد على جدّه.

١٣ ـ يجزئ في الإنفاق على القريب بذل المال له على وجه الإمتاع ـ أي على نحو يمكنه الاستفادة منه ـ والانتفاع ، ولا يجب تمليكه له ، فإن بذله له من دون تمليك لم يكن له ـ أي لا يحقّ له ـ أن يملّكه أو يبيحه للغير ، إلاّ إذا كان مأذوناً في ذلك من قبل المالك ، ولو ارتزق بغيره وجبت عليه إعادته إليه ـ أي إلى المالك ـ ما لم يكن مأذوناً بالتصرّف فيه حتى على هذا التقدير.

١٤ ـ يجزئ في الإنفاق على القريب بذل الطعام والأدام ونحوهما له في دار المُنفِق ، ولا يجب نقلها إليه في دار اُخرى ، ولو طلب المنفَق عليه ذلك لم تجب إجابته ، إلاّ إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في بيت المنفِق من حرّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.

١٥ ـ نفقة الأقارب تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر على الأظهر ، ولا تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.

١٦ ـ لا تُقضى ولا تُتدارك نفقة الأقارب لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المُنفِق ، ولا تستقرّ في ذمّته ـ أي في ذمّة المنفق ـ بخلاف نفقة الزوجة كما مرّ ـ أي لا تسقط وإن فات وقتها ـ نعم لو أخلّ بالإنفاق الواجب عليه ورفع من له الحقّ ـ أي الذي تجب نفقته ـ أمره إلى الحاكم الشرعي فأذن له في الاستدانة عليه ـ أي يستدين من شخص ويكون الوفاء على الذي يجب أن ينفِق ـ ففعل اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب عليه أداؤه.

١٧ ـ إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبة عن بذلها جاز لمن له الحقّ

١٩٥

إجباره عليه ، ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائراً. وإن لم يمكن إجباره ، فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي ، وإلاّ ـ أي وإن لم يكن له مال ـ جاز له ـ أي لمن له الحقّ ـ أن يستدين على ذمّته بإذن الحاكم ، فتشتغل ذمّته ـ أي ذمّة من وجب عليه الانفاق ـ بما استدانه ويجب عليه قضاؤه ، وإن تعذّر عليه ـ أي على صاحب الحقّ ـ مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين ، واستدان عليه بإذنه ، فيجب عليه أداؤه.

١٩٦

كتاب الطلاق

شروط المطلِّق

يشترط في المطلِّق أُمور :

الأمر الأوّل البلوغ : فلا يصح طلاق الصبيّ ، لا مباشرة ولا بتوكيل الغير وإن كان مميّزاً ـ والمميِّز : هو الذي يدرك الطلاق ويعقله ـ وإن لم يبلغ عشر سنين ، وأمّا طلاق من بلغها ـ أي العشر سنين ـ ففي صحته إشكال ، فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه(١) .

٢ ـ كما لا يصح طلاق الصبيّ بالمباشرة ولا بالتوكيل ، لا يصح طلاق وليّه عنه ، كأبيه وجدّه فضلاً عن الوصي والحاكم الشرعي.

الأمر الثاني العقل : فلا يصح طلاق المجنون وإن كان جنونه أدواريّاً ـ أي غير مستغرق لجميع الوقت ، بل يجنّ في بعض الأوقات ويرجع إلى عقله في الأوقات الاُخرى ـ إذا كان الطلاق في دور جنونه.

٣ ـ يجوز للأب والجدّ للأب أن يطلّق عن المجنون المطبق ـ أي غير الإدواري ـ زوجته مع مراعاة مصلحته ، سواء بلغ مجنوناً ـ أي وصل إلى سنّ البلوغ وهو مجنون ـ أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ ، فإن لم يكن له أب ولا جدّ كان الأمر إلى الحاكم الشرعي.

وأمّا المجنون الإدواري فلا يصح طلاق الولي عنه وإن طال دوره ، بل يطلّق هو

__________________

(١) الاحتياط هنا وجوبي.

١٩٧

حال إفاقته ، وكذا السكران والمغمى عليه فإنّه لا يصح طلاق الولي عنهما ، بل يطلّقان حال إفاقتهما.

الأمر الثالث القصد : بأن يقصد الفراق حقيقةً ، فلا يصح طلاق السكران ونحوه ممّن لا قصد له معتدّاً به ، وكذا لو تلفّظ بصيغة الطلاق في حالة النوم ، أو هزلاً ، سهواً أو غلطاً أو في حال الغضب الشديد الموجب لسلب القصد ، فإنّه لا يؤثر في الفرقة ، وكذا لو أتى بالصيغة للتعليم أو الحكاية أو التلقين ، أو مداراةً لبعض نسائه مثلاً ولم يردّ الطلاق جدّاً.

٤ ـ إذا طلّق ثمّ ادّعى عدم القصد فيه ، فإن صدّقته المرأة فهو ـ أي فلا يقع الطلاق ـ وإلاّ ـ أي وإن لم تصدّقه ـ لم يسمع منه ، أي يقع الطلاق.

الأمر الرابع الاختيار : فلا يصح طلاق المكرَه ومن بحكمه ، أي المضطرّ على الطلاق لسبب ما.

٥ ـ الإكراه : وهو إلزام الغير بما يكرهه بالتوعيد على تركه بما يضرّ بحاله ممّا لا يستحقّه ، مع حصول الخوف له من ترتّبه ، أي من ترتّب الضرر ، ويلحق به ـ موضوعاً أو حكماً ـ ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من إضراره به لو خالفه وإن لم يقع منه توعيد أو تهديد(١) ، وكذا لو أمره بذلك وخاف المأمور من قيام الغير بالإضرار به على تقدير مخالفته ، وهذا هو مثال ما يلحق به حكماً.

ولا يلحق به موضوعاً ولا حكماً ما إذا أوقع الفعل مخافة إضرار الغير به على تقدير تركه من دون إلزام منه إيّاه ، كما لو تزوّج امرأة ثمّ رأى أنّها لو بقيت في عصمته

__________________

(١) الإلزام بما يكرهه موضوعاً : بمعنى أن الآمر يريد منه إيجاد شيء يكرهه ـ مع خوف المأمور من الضرر ـ حتى وإن لم يوعده أو يهدّده.

١٩٨

لوقعت عليه وقيعة من بعض أقربائها ، فالتجأ إلى طلاقها فإنّه لا يضرّ ذلك بصحة الطلاق.

وهكذا الحال فيما إذا كان الضرر المتوعّد به ممّا يستحقّه ، كما إذا قال وليّ الدم للقاتل : طلّق زوجتك وإلاّ قتلتك ، أو قال الدائن للغريم : طلّق زوجتك وإلاّ طالبتك بالمال ، فطلّق فإنّه يصح طلاقه في مثل ذلك.

٦ ـ المقصود بالضرر الذي يخاف من ترتّبه ـ على تقدير عدم الإتيان بما اُلزم به ـ ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وعرضه وماله ، وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمّه أمره.

٧ ـ يعتبر في تحقّق الإكراه أن يكون الضرر المتوعّد به ممّا لا يتعارف تحمّله لمثله تجنّباً عن مثل ذلك العمل المكروه ، بحيث يعدّ عند العقلاء مُلجِأً إلى ارتكابه ، وهذا أمر يختلف باختلاف الأشخاص في تحمّلهم للمكاره ، وباختلاف العمل المكروه في شدّة كراهته وضعفها ، فربّما يعدّ الإيعاد بضرر معيّن على ترك عمل مخصوص موجِباً ـ أي مؤدّياً ـ لإلجاء شخص إلى ارتكابه ، ولا يعدّ موجِباً لإلجاء آخر إليه ، وأيضاً ربّما يعدّ شخص مُلجأ إلى ارتكاب عمل يكرهه بإيعاده بضرر معيّن على تركه ، ولا يعدّ ملجأً إلى ارتكاب عمل آخر مكروه له أيضاً بإيعاده بمثل ذلك الضرر ، أي ربّما يكون شخص واحد يتحمّل مشقّة وضرر الإكراه على عمل دون عمل آخر.

٨ ـ يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي ـ أي التخلّص ـ عنه بغير التورية ممّا لا يضرّ بحاله كالفرار والاستعانة بالغير ، ويعتبر فيه ـ أي في صدق عنوان الإكراه ـ عدم إمكان التفصّي بالتورية ولو من جهة الغفلة عنها ـ أي عن التورية ـ أو الجهل بها ، أو حصول الاضطراب المانع من استعمالها ، أو نحو ذلك.

١٩٩

٩ ـ إذا أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه ـ أي لا على وجه التعيين ـ فطلّق إحداهما المعيّنة تجنّباً من الضرر المتوعّد به بطل ، ولو طلّقهما معاً بإنشاء واحد صحّ فيهما ـ وكذا لو أكرهه على طلاق كلتيهما بإنشاء واحد فطلّقهما تدريجاً ـ أي لا دفعة واحدة ـ أو طلّق إحداهما فقط.

وأمّا لو أكرهه على طلاقهما ولو متعاقباً ـ أي واحدة بعد الأُخرى ـ وأوعده على ترك مجموع الطلاقين فطلّق إحداهما عازماً على طلاق الأُخرى أيضاً ، ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به فالأظهر بطلان طلاقها ، أي لا يقع طلاق واحدة منهما.

١٠ ـ لو أكرهه على أن يطلّق زوجته ثلاث طلقات بينها رجعتان ، فطلّقها واحدة أو اثنتين ، ففي بطلان ما أوقعه إشكال بل منع ـ أي لا يبطل الطلاق ـ إلاّ إذا كان متوعّداً بالضرر على ترك كلٍّ منها أو كان عازماً في حينه على الإتيان بالباقي ثمّ بدا له فيه وبنى على تحمّل الضرر المتوعّد به ، أو أنّه احتمل قناعة المكره بما أوقعه وإغماضه عن الباقي فتركه ونحو ذلك.

١١ ـ إذا أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ رضي به لم يفد ذلك في صحته ، وليسَ كالعقد المكره عليه الذي تعقّبه الرضى.

١٢ ـ لا حكم للإكراه إذا كان على حقّ ، فلو وجب عليه أن يطلّق وامتنع منه فاُكره عليه فطلّق صحّ الطلاق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300