المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات10%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234095 / تحميل: 5612
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

١

٢

٣

٤

الاجتهاد والتقليد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم اجمعين.

وبعد :

يجب على كل مكلف ان يحرز امتثال التكاليف الالزامية الموجهة اليه في الشريعة المقدسة ، ويتحقق ذلك بأحد أمور : اليقين التفصيلي ، الاجتهاد ، التقليد ، الاحتياط ، وبما ان موارد اليقين التفصيلي في الغالب تنحصر في الضروريات ، فلا مناص للمكلف في احراز الامتثال فيما عداها من الأخذ باحد الثلاثة الأخيرة.

الاجتهاد : وهو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.

التقليد : ويكفي فيه تطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه فعلاً مع احراز مطابقته لها.

٥

والمقلد قسمان :

١ ـ من ليست له أية معرفة بمدارك الاحكام الشرعية.

٢ ـ من له حظ من العلم بها ومع ذلك لا يقدر على الاستنباط.

الاحتياط : وهو العمل الذي يتيقن معه ببراءة الذمة من الواقع المجهول ، وهذا هو الاحتياط المطلق ، ويقابله الاحتياط النسبي كالاحتياط بين فتاوى مجتهدين يعلم اجمالاً بأعلمية أحدهم وسيجيء في المسألة (١٨).

والاجتهاد واجب كفائي ، فاذا تصدى له من يكتفي به سقط التكليف عن الباقين ، واذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعاً ، وقد يتعذر العمل بالاحتياط على بعض المكلفين ، وقد لا يسعه تمييز موارده ـ كما ستعرف ذلك ـ وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط هو التقليد ، الا اذا كان واجداً لشروط العمل بالاحتياط فيتخير ـ حينئذٍ ـ بين التقليد والعمل بالاحتياط.

( مسألة ١ ) : المجتهد مطلق ومتجزئ ، المجتهد المطلق هو ( الذي يتمكن من الاستنباط في جميع انواع الفروع الفقهية ) ، المجتهد المتجزئ هو ( القادر على استنباط الحكم الشرعي في بعضها دون بعض ) ، فالمجتهد المطلق يلزمه العمل باجتهاده أو ان يعمل بالاحتياط ، وكذلك المتجزئ بالنسبة إلى الموارد التي يتمكن فيها من الاستنباط ، وأما فيما لا يتمكن فيه من الاستنباط فحكمه حكم غير المجتهد ، فيتخير فيه بين التقليد والعمل بالاحتياط.

( مسألة ٢ ) : المسائل التي يمكن ان يبتلى بها المكلف عادة ـ كجملة من مسائل الشك والسهو ـ يجب عليه ان يتعلم احكامها ، الا اذا احرز من نفسه عدم الابتلاء بها.

( مسألة ٣ ) : عمل غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل بمعنى انه لا يجوز له الاجتزاء به ، الا اذا احرز موافقته لفتوى من يجب عليه تقليده

٦

فعلاً ، أو ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيتضح بعض موارده من المسألة (٥).

( مسألة ٤ ) : المقلّد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق ثلاثة :

(١) ان يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.

(٢) ان يخبره بفتوى المجتهد عادلان أو شخص يثق بنقله.

(٣) ان يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمينان بصحتها.

( مسألة ٥ ) : إذا مات المجتهد وبقي المكلف على تقليده مدة بعد وفاته من دون ان يقلّد الحيّ ، في ذلك غفلة عن عدم جواز ذلك ثم رجع إلى الحيّ ، فان جاز له ـ بحسب فتوى الحي ـ البقاء على تقليد المتوفى صحت اعماله التي أتى بها خلال تلك المدة مطلقا ، والا رجع في الاجتزاء بها إلى الحي ، فان عرف كيفيتها ووجدها مطابقة لفتاوى الحي حكم بصحتها ، بل يحكم بالصحة في بعض موارد المخالفة أيضاً ، وذلك فيما اذا كانت المخالفة مغتفرة حينما تصدر لعذر شرعي ، كما اذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته حسب ما كان يفتي به المجتهد المتوفى ولكن المجتهد الحي يفتي بلزوم الثلاث ، ففي هذه الصورة يحكم أيضاً بصحة صلاته ، واذا لم يعرف كيفية اعماله السابقة بنى على صحتها ـ أيضاً ـ الا في موارد خاصة لا يناسب المقام تفصيلها.

( مسألة ٦ ) : يجوز العمل بالاحتياط ، سواء استلزم التكرار ام لا.

( أقسام الاحتياط )

الاحتياط قد يقتضي العمل ، وقد يقتضي الترك ، وقد يقتضي الجمع بين أمرين مع التكرار أو بدونه :

٧

أمّا ( الأوّل ) ما اذا تردد حكم فعل بين الوجوب وغير الحرمة ، والاحتياط ـ حينئذٍ ـ يقتضي الاتيان به.

وأمّا ( الثاني ) ما اذا تردد حكم فعل بين الحرمة وغير الوجوب ، والاحتياط فيه يقتضي الترك.

وأمّا ( الثالث ) ما اذا تردد الواجب بين فعلين كما اذا لم يعلم المكلف في مكان خاص ان وظيفته الاتمام في الصلاة أو القصر فيها ، فإن الاحتياط يقتضي ـ حينئذٍ ـ أن يأتي بها مرة قصراً ومرة تماماً.

وأمّا ( الرابع ) ما اذا علم ـ اجمالاً ـ بحرمة شيء أو وجوب شيء آخر ، فإنّ الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأوّل ويأتي بالثاني.

( مسألة ٧ ) : كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه الاجتهاد أو التقليد ، كما اذا تردد مال شخصي بين صغيرين ، أو مجنونين ، أو صغير ومجنون فانه قد يتعذر الاحتياط في مثل ذلك فلابُدّ حينئذٍ من الاجتهاد أو التقليد.

( مسألة ٨ ) : قد لا يسع المكلف ان يميّز ما يقتضيه الاحتياط التام ، مثال ذلك ان الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك. الا انه اذا لم يكن عند المكلف غير هذا الماء : فالاحتياط يقتضي ان يتوضأ أو يغتسل به ، ويتيمم أيضاً اذا امكنه التيمم ، فاذا عرف المكلف كيفية الاحتياط التام في مثل ذلك كفاه العمل على وفقه.

وقد يعارض الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة اُخرى فيتعذر الاحتياط التام ـ وقد يعسر على المكلف تشخيص ذلك ـ مثلاً : اذا تردد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة بين الواحدة والثلاث ، فالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث. لكنه اذا ضاق الوقت واستلزم هذا الاحتياط ان يقع مقدار

٨

من الصلاة خارج الوقت وهو خلاف الاحتياط ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.

( مسألة ٩ ) : اذا قلّد مجتهداً يفتي بحرمة العدول ـ حتى إلى المجتهد الأعلم ـ وجب عليه ان يقلّد الأعلم في هذه المسألة ـ سواء أكان هو هذا المجتهد أم غيره ـ وكذا الحال فيما اذا أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ابتداءً.

( مسألة ١٠ ) : يصح تقليد الصبي المميّز ، فاذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه فحكمه حكم غيره ـ الآتي في المسألة (١٤) ـ الا في وجوب الاحتياط بين القولين قبل البلوغ.

( مسألة ١١ ) : يجوز تقليد من اجتمعت فيه أمور : (١) البلوغ (٢) العقل (٣) الرجولة (٤) الايمان ـ بمعنى ان يكون إثنا عشرياً ـ (٥) العدالة (٦) طهارة المولد (٧) الضبط بمعنى ان لا يقلّ ضبطه عن المتعارف (٨) الاجتهاد (٩) الحياة على تفصيل سيأتي.

( مسألة ١٢ ) : تقليد المجتهد الميت قسمان : ابتدائي ، وبقائي ، التقليد الابتدائي : هو ان يقلد المكلف مجتهداً ميتاً من دون ان يسبق منه تقليده حال حياته ، والتقليد البقائي : هو ان يقلد مجتهداً معيناً شطراً من حياته ويبقى على تقليد ذلك المجتهد بعد موته.

( مسألة ١٣ ) : لا يجوز تقليد الميت ابتداءً ، ولو كان أعلم من المجتهدين الأحياء.

( مسألة ١٤ ) : يجوز البقاء على تقليد الميت ما لم يعلم ـ ولو إجمالاً ـ بمخالفة فتواه لفتوى الحي في المسائل التي هو في معرض الابتلاء بها ، والا فان كان الميت أعلم وجب البقاء على تقليده ، ومع كون الحي أعلم يجب الرجوع إليه ، وان تساويا في العلم أو لم يثبت اعلمية احدهما من الآخر فإن ثبت ان أحدهما أورع من الآخر ـ أي أكثر تثبتا واحتياطاً في مقام الافتاء ـ

٩

وجب تقليده ، وان لم يثبت ذلك ايضاً كان المكلف مخيراً في تطبيق عمله مع فتوى أيّ منهما ولا يلزمه الاحتياط بين قوليهما إلاّ في خصوص المسائل التي تقترن بالعلم الاجمالي بحكم الزامي ونحوه ، كما اذا أفتى احدهما بوجوب القصر والآخر بوجوب الاتمام فيجب عليه الجمع بينهما ، أو أفتى احدهما بصحة معاوضة ، والآخر ببطلانها فانه يعلم بحرمة التصرف في احد العوضين فيجب عليه الاحتياط حينئذٍ.

ويكفي في البقاء على التقليد ـ وجوباً وجوازاً ـ الالتزام بالعمل بفتوى المجتهد المعيّن ، ولا يعتبر فيه تعلم فتاواه أو العمل بها حال حياته.

( مسألة ١٥ ) : لا يجوز العدول إلى الميت ـ ثانياً ـ بعد العدول عنه إلى الحي والعمل مستنداً إلى فتواه ، الا اذا ظهر ان العدول عنه لم يكن في محله ، كما اذا عدل إلى الحي بعد وفاة مقلَّده الأعلم فمات أيضاً ، فقلّد من يوجب البقاء على تقليد الأعلم فانه يلزمه العود إلى تقليد الأول.

( مسألة ١٦ ) : الأعلم هو : الأقدر على استنباط الأحكام ، وذلك بأن يكون أكثر احاطة بالمدارك وبتطبيقاتها من غيره بحيث يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى فتوى غيره.

( مسألة ١٧ ) : يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى الثقة من أهل الخبرة والاستنباط المطّلع ـ ولو إجمالاً ـ على مستويات من هم في اطراف شبهة الأعلمية في الاُمور الدخيلة فيها ، ولا يجوز الرجوع إلى من لا خبرة له بذلك.

( مسألة ١٨ ) : اذا تعدد المجتهد الجامع للشرائط ففيه صورتان :

١ ـ ان لا يعلم المكلف الاختلاف بينهم في الفتوى في المسائل التي تكون في معرض ابتلائه ، ففي هذه الصورة يجوز له تقليد ايهم شاء وان علم ان بعضهم أعلم من البعض الآخر.

١٠

٢ ـ ان يعلم ـ ولو اجمالاً ـ الاختلاف بينهم في المسائل التي تكون في معرض ابتلائه ، وهنا عدة صور :

( الأولى ) : ان يثبت لديه ان احدهم المعين أعلم من الباقين ، وفي هذه الحالة يجب عليه تقليده.

( الثانية ) : ان يثبت لديه ان اثنين ـ مثلاً ـ منهم أعلم من الباقين مع تساوي الاثنين في العلم ، وحكم هذه الصورة ما تقدم في المسألة (١٤) في صورة تساوي المجتهدين المتوفى والحي.

( الثالثة ) : ان يثبت لديه ان احدهم أعلم من الباقين ولكن يتعذر عليه تعيينه بشخصه ، بان كان مردداً بين اثنين منهم ـ مثلاً ـ وفي هذه الحالة يلزمه رعاية الاحتياط بين قوليهما في موارد اختلافهما في الأحكام الالزامية ، سواء أكان الاختلاف في مسألة واحدة ـ كما اذا افتى احدهما بوجوب الظهر والآخر بوجوب الجمعة ، ولو مع احتمال الوجوب التخييري ـ أم في مسألتين كما اذا افتى أحدهما بالجواز في مسألة ، والآخر بالوجوب فيها وانعكس الأمر في مسألة أُخرى ، وأما اذا لم يكن كذلك فالظاهر عدم وجوب الاحتياط ، كما اذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو الا في مسألة واحدة ، أو علم به في أزيد مع كون المفتي بالوجوب مثلاً في الجميع واحداً.

هذا كله مع امكان الاحتياط ، واما مع عدم امكانه ـ سواء أكان ذلك من جهة دوران الأمر بين المحذورين ، كما اذا أفتى احدهما بوجوب عمل والآخر بحرمته ، أم من جهة عدم اتساع الوقت للعمل بالقولين ـ فاللازم ان يعمل على وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر ، ومع تساويه في حق كليهما ، يتخير في العمل على وفق فتوى من شاء منهما.

( مسألة ١٩ ) : اذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصة ، أو لم

١١

يمكن للمقلد استعلامها حين الابتلاء جاز له الرجوع فيها إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم ـ على التفصيل المتقدم ـ بمعنى انه اذا لم يعلم الاختلاف في تلك الفتوى بين مجتهدين آخرين ـ وإن كان أحدهما أعلم من الآخر ـ جاز له الرجوع إلى ايهما شاء ، واذا علم الاختلاف بينهما لم يجز الرجوع إلى غير الأعلم.

( مسألة ٢٠ ) : يثبت الاجتهاد ، أو الأعلمية باحد أمور : (١) العلم الوجداني ، أو الاطمينان الحاصل من المناشئ العقلائية ـ كالاختبار ونحوه ـ وانما يتحقق الاختبار فيما اذا كان المقلد قادراً على تشخيص ذلك. (٢) شهادة عادلين بها ـ والعدالة هي الاستقامة العملية في جادة الشريعة المقدسة الناشئة غالباً عن خوف راسخ في النفس ، وينافيها ترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن ـ ويعتبر في شهادة العدلين ان يكونا من أهل الخبرة ، وان لا يعارضها شهادة مثلها بالخلاف ، ولا يبعد ثبوتهما بشهادة من يثق به من أهل الخبرة وان كان واحداً ، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرة بحدٍ يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول غيره.

( مسألة ٢١ ) : الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان : واجب ومستحب ، ونعبر عن الاحتياط الواجب ب‍ ( الأحوط وجوباً ، أو لزوماً ، أو وجوبه مبني على الاحتياط ، أو مبني على الاحتياط اللزومي أو الوجوبي ونحو ذلك ) وفي حكمه ما اذا قلنا ( يشكل كذا أو هو مشكل ، أو محل اشكال ) ، ونعبر عن الاحتياط المستحب ب‍ ( الأحوط استحباباً ) أو ( الأحوط الأولى ).

( مسألة ٢٢ ) : لا يجب العمل بالاحتياط المستحب ، وأما الاحتياط الواجب فلابُدّ في موارده من العمل بالاحتياط ، أو الرجوع إلى الغير ، مع رعاية الأعلم فالأعلم ، على التفصيل المتقدم.

١٢

( الواجبات والمحرمات )

التكاليف الالزامية التي تقدم انه يجب على كل مكلف ان يحرز امتثالها باحد الطرق المذكورة آنفاً على قسمين : الواجبات والمحرمات.

( مسألة ٢٣ ) : من اهم الواجبات في الشريعة الاسلامية :

١ ـ الصلاة.

٢ ـ الصيام.

٣ ـ الحج.

وهذه الثلاثة يتوقف اداؤها على تحصيل الطهارة بتفصيل سيأتي بيانه.

٤ ـ الزكاة.

٥ ـ الخمس.

٦ ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ويشتمل القسم الأوّل من هذه الرسالة على بيان شطر من أحكام الطهارة والواجبات الستة المذكورة ، كما يشتمل القسم الثاني على بيان شطر من احكام العقود والايقاعات التي يتعلق بها واجب آخر من أهم الواجبات الشرعية وهو الوفاء بالعقود والشروط والعهود ونحوها من التزامات المكلف على نفسه تجاه ربه تعالى أو تجاه الناس.

وهناك جملة اخرى من الواجبات الشرعية ذكرت في هذه الرسالة ، كما ذكر فيها بعض المستحبات والمكروهات احياناً.

( مسألة ٢٤ ) : من أهم المحرمات في الشريعة الاسلامية :

١٣

١ ـ اليأس من روح الله تعالى أي رحمته وفرجه.

٢ ـ الأمن من مكر الله تعالى أي عذابه للعاصي. واخذه إيّاه من حيث لا يحتسب.

٣ ـ التعرب بعد الهجرة ، والمقصود به الانتقال إلى بلد ينتقص فيه الدين اي يضعف فيه ايمان المسلم بالعقائد الحقّة أو لا يستطيع ان يؤدي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدسة أو يجتنب ما حرم عليه فيها.

٤ ـ معونة الظالمين والركون اليهم ، وكذلك قبول المناصب من قبلهم الا فيما إذا كان اصل العمل مشروعاً أو كان التصدي له في مصلحة المسلمين.

٥ ـ قتل المسلم بل كل محقون الدم ، وكذلك التعدي عليه بجرح أو ضرب أو غير ذلك ، ويلحق بالقتل اسقاط الجنين قبل ولوج الروح فيه حتى العلقة والمضغة فانه محرّم ايضاً.

٦ ـ غيبة المؤمن ، وهي أن يُذكر بعيب في غيبته مما يكون مستوراً عن الناس سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا.

٧ ـ سبّ المؤمن ولعنه واهانته واذلاله وهجاؤه واخافته واذاعة سره وتتبع عثراته والاستخفاف به ولا سيما إذا كان فقيراً.

٨ ـ البهتان على المؤمن وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه.

٩ ـ النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم.

١٠ ـ هجر المسلم ازيد من ثلاثة أيام على الأحوط لزوماً.

١١ ـ قذف المحصن والمحصنة ، وهو رميهما بارتكاب الفاحشة كالزناء من دون بينة عليه.

١٢ ـ الغش للمسلم في بيع أو شراء أو نحو ذلك من المعاملات ، سواء باخفاء الرديء في الجيد أو غير المرغوب فيه في المرغوب أو باظهار الصفة الجيدة وهي مفقودة أو باظهار الشيء على خلاف جنسه ونحو ذلك.

١٤

١٣ ـ الفحش من القول ، وهو الكلام البذئ الذي يستقبح ذكره.

١٤ ـ الغدر والخيانة حتى مع غير المسلمين.

١٥ ـ الحسد مع اظهار اثره بقول أو فعل ، وأمّا من دون ذلك فلا يحرم وان كان من الصفات الذميمة ، ولا بأس بالغبطة وهي ان يتمنى الانسان ان يرزق بمثل ما رزق به الآخر من دون ان يتمنى زواله عنه.

١٦ ـ الزنا واللواط والسحق والاستمناء وجميع الاستمتاعات الجنسية مع غير الزوج أو الزوجة حتى النظر واللمس والاستماع بشهوة.

١٧ ـ القيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم من الزنا واللواط والسحق.

١٨ ـ الدياثة وهي أن يرى زوجته تفجر ويسكت عنها ولا يمنعها منه.

١٩ ـ تشبه الرجل بالمرأة وبالعكس على الأحوط لزوماً والمقصود به صيرورة احدهما بهيئة الآخر وتزييه بزيّة.

٢٠ ـ لبس الحرير الطبيعي للرجال وكذلك لبس الذهب لهم ، بل الأحوط لزوماً ترك تزين الرجل بالذهب ولو من دون لبس.

٢١ ـ القول بغير علم أو حجة.

٢٢ ـ الكذب حتى ما لا يتضرر به الغير ، ومن اشدّه حرمة شهادة الزور ، واليمين الغموس والفتوى بغير ما انزل الله تعالى.

٢٣ ـ خلف الوعد على الأحوط لزوماً ، ويحرم الوعد مع البناء من حينه على عدم الوفاء به حتى مع الأهل على الأحوط لزوماً.

٢٤ ـ أكل الربا بنوعيه المعاملي والقرضي ، وكما يحرم اكله يحرم أخذه لآكله ويحرم اعطاؤه واجراء المعاملة المشتملة عليه ويحرم تسجيل تلك المعاملة والشهادة عليها.

١٥

٢٥ ـ شرب الخمر وسائر انواع المسكرات والمائعات المحرمة الاُخرى كالفقاع ( البيرة ) والعصير العنبي المغلي قبل ذهاب ثلثيه وغير ذلك.

٢٦ ـ اكل لحم الخنزير وسائر الحيوانات المحرمة اللحم وما اُزهق روحه على وجه غير شرعي.

٢٧ ـ الكبر والاختيال وهو ان يظهر الانسان نفسه اكبر وارفع من الآخرين من دون مزية تستوجبه.

٢٨ ـ قطعية الرحم وهو ترك الاحسان اليه بأيّ وجه في مقام يتعارف فيه ذلك.

٢٩ ـ عقوق الوالدين وهو الاساءة اليهما بأيّ وجه يعدّ تنكّراً لجميلهما على الولد ، كما يحرم مخالفتهما فيما يوجب تأذيهما الناشىء من شفقتهما عليه.

٣٠ ـ الاسراف والتبذير ، والأول هو صرف المال زيادة على ما ينبغي والثاني هو صرفه فيما لا ينبغي.

٣١ ـ البخس في الميزان والمكيال ونحوهما بان لا يوفي تمام الحق فيما إذا كال أو وزن أو عدّ أو ذرع ونحو ذلك.

٣٢ ـ التصرف في مال المسلم ومن بحكمه من دون طيب نفسه ورضاه.

٣٣ ـ الاضرار بالمسلم ومن بحكمه في نفسه أو ماله أو عرضه.

٣٤ ـ السحر ، فعله وتعليمه وتعلّمه والتكسب به.

٣٥ ـ الكهانة فعلها والتكسب بها والرجوع إلى الكاهن وتصديقه فيما يقوله.

٣٦ ـ الرشوة على القضاء ، اعطاؤها وأخذها وان كان القضاء بالحق ، وأما الرشوة على استنفاذ الحق من الظالم فلا بأس بدفعها وان حرم على

١٦

الظالم أخذها.

٣٧ ـ الغناء وفي حكمه قراءة القرآن والأدعية والأذكار بالألحان الغنائية وكذا ما سواها من الكلام غير اللهوي على الأحوط لزوماً.

٣٨ ـ استعمال الملاهي ، كالدق على الدفوف والطبول والنفخ في المزامير والضرب على الأوتار على نحو ينبعث منه الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب.

٣٩ ـ القمار سواء أكان باللعب بالالآت المعدة له كالشطرنج والنرد والدوملة أو بغير ذلك ، ويحرم اخذ الرهن ايضاً ، كما يحرم اللعب بالشطرنج والنرد ولو من دون مراهنة وكذلك اللعب بغيرهما من الآت القمار على الأحوط لزوماً.

٤٠ ـ الرياء والسمعة في الطاعات والعبادات.

٤١ ـ قتل الانسان نفسه وكذلك ايراد الضرر البليغ بها كازالة بعض الأعضاء الرئيسية أو تعطيلها كقطع اليد وشل الرجل.

٤٢ ـ اذلال المؤمن نفسه كأن يلبس ما يظهره في شنعه وقباحة عند الناس.

٤٣ ـ كتمان الشهادة ممن أُشهد على أمر ثم طُلب منه اداؤها بل وان شهده من غير إشهاد إذا ميّز المظلوم من الظالم فانه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم.

وهناك جملة اخرى من المحرمات ذكر بعضها في طي هذه الرسالة كما ذكر فيها بعض ما يتعلق بعدد من المحرمات المذكورة من موارد الاستثناء وغيرها.

( مسألة ٢٥ ) : ينبغي للمؤمن الاستعداد لطاعة الله تبارك وتعالى باتباع أوامره ونواهيه بتزكية النفس وتهذيبها عن الخصال الرذيلة والصفات

١٧

الذميمة وتحليتها بمكارم الاخلاق ومحامد الصفات ، والسبيل إلى ذلك ما ورد في الكتاب العزيز والسنة الشريفة من استذكار الموت وفناء الدنيا وعقبات الآخرة ، من البرزخ والنشور والحشر والحساب والعرض على الله تعالى ، وتذكر أوصاف الجنة ونعيمها وأهوال النار وجحيمها وآثار الاعمال ونتائجها ، فان ذلك مما يعين على تقوى الله تعالى وطاعته والتوقي عن الوقوع في معصيته وسخطه.

١٨

( أحكام العبادات )

١٩

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

هم الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام ، فبهم يتقرّب ويتوسل إلى اللَّه عزّ وجلّ، وبمودّتهم وولايتهم تقبل الطاعات، ومحبّتهم ركن ركين في الدين لا يعرض عنه إلّا كافر أو مشرك، ومن هنا جعل النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله عدل الرسالة وأجرها المودّةَ في القربى كما في قوله تعالى: ( قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (1) .

ومن ذلك كلّه يتضح أن من تمام الحجّ وسائر العبادات لقاء الإمام وإظهار المودّة والنصرة والتولّي له، وإلّا فلا حجّ ولا طواف ولا صلاة مقبولة عند اللَّه تعالى، فالتوحيد في العبادة هو الإقرار بولاية أهل البيت عليهم‌السلام .

ومن هنا أيضاً يتضح المراد من قول الإمام الباقر عليه‌السلام : (تمام الحجّ لقاء الإمام) (2) .

وكذا قول الإمام الصادق عليه‌السلام : (ابدؤوا بمكّة واختموا بنا) (3) .

وقول الإمام الباقر عليه‌السلام : (إنما أمروا أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم) (4) .

وكذا قال عندما رأى الناس يحجّون بمكّة: (فعال كفعال الجاهلية، أمَا واللَّه ما أمروا بهذا، وما أمروا إلّا أن يقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم فيمرّوا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم) (5) .

____________________

(1) الشورى: 23.

(2) الكليني، الكافي، ج4، ص549.

(3) المصدر، ص550.

(4) المصدر، ص549.

(5) المصدر، ج1، ص392.

١٠١

6 - الولاية من شرائط المغفرة:

قال تعالى: ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) (1) ، فلا تحصل المغفرة ولا التوبة ولا الإيمان ولا يقبل العمل الصالح إلّا بشرط الهداية، والمراد من الهداية في هذه الآية المباركة مقام الإمامة؛ لأنها تعني الإيصال إلى المطلوب، وهي مرحلة بعد مقام النبوّة الذي هو إراءة الطريق فقط. فإن مجرّد إراءة الطريق شأن النبيّ والرسول، قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) (2) .

وأمَّا مقام الإمامة، فنجد أن القرآن الكريم كلّما تعرّض إليه تعرض معه لذكر الهداية بياناً وتفسيراً، قال تعالى: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ) (3) ، وقال أيضاً عزّ وجلّ: ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (4) ، فوصف اللَّه عزّ وجلّ الإمامة بالهداية وصف بيان وتعريف وتفسير، هذا في إمامة الحقّ.

كذلك في إمامة الباطل والكفر، فإن فرعون الذي هو من أئمة الكفر قال تعالى في حقّه: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) (5) ، فإمامة الكفر أيضاً فيها هداية وإيصال، ولكن إلى الضلال وخلاف المقصود من الكمال الإنساني؛ ولذا

____________________

(1) طه: 82.

(2) إبراهيم: 4.

(3) الأنبياء: 72 - 73.

(4) السجدة: 24.

(5) القصص: 41.

١٠٢

قال تعالى: ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ) (1) ، فإمامة الحقّ هي الهداية والإيصال إلى المطلوب وولاية على الناس في أعمالهم بأمر ملكوتي من اللَّه عزّ وجلّ كما يستفاد من قوله تعالى: ( يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) ، وإمامة الباطل أيضاً هداية وإيصال، ولكن إلى الضلال وخلاف المقصود.

والحاصل: أن مقام الهداية الإلهية الحقّة - بقول مطلق - يساوق مقام الإمامة والخلافة الربّانية؛ وهذا يعني أن هناك مقاماً ثالثاً غير الشهادة الأولى والشهادة الثانية لابدّ أن يعتقد به المسلم لكي يكون مهتدياً مؤمناً، فقوله تعالى: ( آمَنَ ) إشارة إلى الشهادة الأولى والثانية، وقوله: ( وَعَمِلَ صَالِحًا ) إشارة إلى الإيمان والعمل بالشريعة الذي هو مقام النبوّة، وقوله: ( ثُمَّ اهْتَدَى ) إشارة إلى ذلك المقام الثالث والشهادة الثالثة؛ وهي الولاية والإمامة.

سورة الحمد وإمامة أهل البيت عليهم‌السلام :

وإذا لم يعتقد بها الشخص ولم يجعلها واسطة بينه وبين ربّه لا يتحقّق منه الإيمان ولا العمل الصالح، فولاية وإمامة أهل البيت عليهم‌السلام واسطة ووسيلة يتوسَّل بها العبد إلى اللَّه عزّ وجلّ لقبول عقيدته وعبادته، وهذا ما صرّحت به سورة الحمد، التي يقرؤها المسلم في اليوم والليلة عشر مرّات على أقل تقدير.

فإن سورة الحمد تعرّضت للشهادة الأولى والشهادة الثانية والشهادة الثالثة،

____________________

(1) طه: 79.

١٠٣

فقوله تعالى: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) (1) إشارة إلى الشهادة الأولى، وهي كلمة (لا إله إلّا اللَّه)، وقوله تعالى: ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) (2) إشارة إلى أصل المعاد، الذي هو من أصول الدين، وقوله تعالى: ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) (3) إشارة إلى مقام التشريع والنبوّة؛ لأن العبادة لا تتحقّق إلّا بالسير على خطى النبوّة والرسالة، وقوله تعالى: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) (4) إشارة إلى مقام الإمامة في الأمة، فهناك مجموعة في الأمة الإسلامية ندعو اللَّه عزّ وجلّ في اليوم والليلة أن يهدينا صراطهم المستقيم، المنزّه عن الغضب في العمل وعن الضلال في العلم؛ أي صراط المعصومين علماً وعملاً، وهؤلاء الهداة الهادون إلى الصراط المستقيم وصفهم اللَّه تعالى بثلاثة نعوت:

الأول: أنهم منْعَم عليهم بنعمة خاصّة دون بقية الأمة وسائر البشر، نظير ما أنعم اللَّه على النبيِّين.

الثاني: أنهم لا يغضب اللَّه عليهم قطّ، وإلّا لَمَا كانت لهم صلاحية الهداية لجميع الأمة.

الثالث: أنهم لا يضلّون قط، وإلّا لم يكونوا هداة هادين لكل الأمة.

ولم يحدّثنا القرآن عن ثلّة عن هذه الأمة قد خصصوا بنعمة وحظوة وحبوة

____________________

(1) الحمد: 2 - 3.

(2) الحمد: 4.

(3) الحمد: 5.

(4) الحمد: 6 - 7.

١٠٤

إلهية خاصة دون بقية الأمة إلّا أهل البيت عليهم‌السلام كما في ولاية الفي‏ء في قوله تعالى: ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (1) ، وكما في ولاية الخمس في قوله تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (2) ، وكذا التطهير في قوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ) (3) ، والمودّة والولاية في قوله تعالى: ( قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (4) وقوله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (5) ، وعلم الكتاب في قوله تعالى: ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (6) وغيرها من الآيات المخصِّصة

لهم عليهم‌السلام بمقامات دون سائر الأمة إلى يوم القيامة، فلا توجد مجموعة في الأمة الإسلامية معصومة عن الغضب والضلال سوى أهل البيت عليهم‌السلام ، الذين أنعم اللَّه عزّ وجلّ عليهم بالطهارة من الرجس والغواية في العلم والعمل كما قال تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ) (7) .

ويتحصّل من ذلك: أن سورة الحمد اشتملت على أصول الدين من التوحيد والمعاد والنبوّة والإمامة، وقارئ الحمد يطلب من اللَّه تعالى الهداية إلى الصراط

____________________

(1) سورة الحشر: 7.

(2) سورة الأنفال: 41.

(3) سورة الأحزاب: 33.

(4) سورة الشورى: 23.

(5) سورة المائدة: 55.

(6) سورة الواقعة: 77 - 79.

(7) الأحزاب: 33.

١٠٥

المستقيم، وأن يجعل له هداة وأئمة يهتدي بهم، وهذا يعني أن ضمّ الشهادة الثالثة بالإمامة إلى الشهادة الثانية بالرسالة والنبوّة للنبيّ

الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله يوجب الخروج عن الشرك وقبول الإيمان والعبادة.

ومن ذلك كلّه يتضح المراد من قول الإمام الباقر عليه‌السلام لسدير وهو مستقبل البيت: (يا سدير، إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول اللَّه: ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) (1) - ثم أومأ إلى صدره - إلى ولايتنا) (2) .

إذن تمام الحجّ وسائر العبادات بالهداية إلى ولاية أهل البيت عليهم‌السلام والتوسّل والتوجّه بهم إلى اللَّه عزّ وجل.

7 - الوفود على ولي اللَّه من شرائط الحجّ:

قال تعالى: ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود × وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) (3) .

فهذه الآية المباركة تنصّ على أن اللَّه عزّ وجلّ جعل مكان البيت مبوّءاً وسكناً لإبراهيم عليه‌السلام ، وأن إبراهيم عليه‌السلام هو المتكلّم الأوّل والناطق الرسمي عن اللَّه تعالى في الندبة إلى الحجّ، فهو يأمر الناس بحجّ بيت اللَّه الحرام كما نصّت على ذلك روايات الفريقين.

____________________

(1) طه: 82.

(2) أصول الكافي، ج 1، ص 393.

(3) الحج: 26 - 27.

١٠٦

ثم إن التعبير الآخر في الآية المباركة بعد الأذان في الناس بالحجّ ( يَأْتُوكَ رِجَالاً ) ، فالمجي‏ء ليس إلى البيت ولا إلى اللَّه عزّ وجلّ مباشرة، بل المجي‏ء أوّلاً إلى إبراهيم عليه‌السلام .

فالإتيان إلى الحجّ تلبية وإجابة للنداء الإلهي إنما يتمّ بالوفادة على وليّ اللَّه، ويكون الحجّ الذي هو القصد إلى اللَّه عزّ وجلّ بواسطة الإتيان إلى إبراهيم عليه‌السلام ، الذي هو وجيه عند اللَّه تعالى يتوجّه إليه ويُقصد لإقامة الصلاة والطواف وسائر مناسك الحجّ العبادية، فلابدّ من الوفود على إبراهيم عليه‌السلام ومحبّته وهويّ الأفئدة إليه.

وهذه الآية المباركة تتوافق في المضمون مع ما تقدّم من قوله تعالى: ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الُْمحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (1) ، فإبراهيم عليه‌السلام وذرّيته أسكنهم اللَّه عزّ وجلّ البيت الحرام وبوّأهم فيه لإقامة الصلاة وتشييد الدين وتطهير البيت للطائفين والقائمين والرّكع السجود، والإيذان في الناس بالحجّ، ولكن لا قيمة للحجّ ولا مقبولية عند اللَّه عزّ وجلّ إلّا بالمجي‏ء إلى إبراهيم عليه‌السلام وذريّته من ولد إسماعيل عليه‌السلام ، وهويّ القلوب والأفئدة إليهم ومحبّتهم ومودّتهم وتولّيهم وإبراز الطاعة لهم وجعلهم واسطة في القصد إلى اللَّه تعالى.

فتبويء اللَّه عزّ وجلّ لإبراهيم البيت، وإسكان إبراهيم ذريَّته فيه من أجل الوفود عليهم ومودّتهم، هو الذي جعل من البيت الحرام مكاناً ومقصداً لإقامة العبادة فيه، والأحجار بما هي أحجار لولا ذلك تكون وثناً يعبد من دون اللَّه

____________________

(1) إبراهيم: 37.

١٠٧

عزّ وجلّ كما كان الحجّ في الجاهلية. ولذا ورد أن من المستحبّات عند الدخول إلى البيت الحرام إلقاء التحيّة والسلام على سيّد الأنبياء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم السلام على النبيّ إبراهيم عليه‌السلام (1) .

فعن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام قال: (فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل: السلام عليك أيها النبيّ ورحمة اللَّه وبركاته، بسم اللَّه وباللَّه ومن اللَّه وما شاء اللَّه، والسلام على أنبياء اللَّه ورسله والسلام على رسول اللَّه، والسلام على إبراهيم والحمد للَّه رب العالمين) (2) .

فالمجي‏ء إلى النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم إلى إبراهيم عليه‌السلام مجي‏ء وإتيان وقصد إلى اللَّه عزّ وجل، وكذا أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لأنهم الذريّة والأمة المسلمة الذين دعا إبراهيم والنبيّ الأكرم إلى مودّتهم ومحبّتهم.

إذن، الأنبياء والأوصياء هم أبواب اللَّه التي يتّجه إلى اللَّه تعالى بها، ولولا ذلك لا يكون الحجّ حجّاً إبراهيمياً، بل حجّ الجاهلية.

8 - الأنبياء مصدر البركة:

قال تعالى حكاية عن قول عيسى عليه‌السلام : ( وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاة وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) (3) .

وهذا يعني أن عيسى عليه‌السلام جعله اللَّه عزّ وجلّ مصدر البركة والتبرّك أين ما حل؛ ولذا كان ببركته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن اللَّه تعالى، فهو

____________________

(1) ابن حمزة، الوسيلة، ص172.

(2) الصدوق، المقنع، ص255.

(3) مريم: 31.

١٠٨

وجيه وواسطة في قضاء الحوائج في كلّ مكان حلّ فيه، فما بالك بخاتم الأنبياء عليه‌السلام وأهل بيته الأطهار ومَن يصلّي عيسى خلفه عند نزوله ويكون وزيراً له؟!

وكذا ورد في الآيات المباركة أن الماء مصدر البركة والخيرات كما في قوله تعالى: ( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) (1) ، فإذا كان اللَّه تعالى ببركة الماء المنزل من السماء ينبت الجنان ويحيي الأرض بعد موتها، فكيف بك بأنبياء اللَّه ورسله وخلفائه الأوصياء؟!

9 - البقعة المباركة:

وهي الطائفة من الروايات التي تعرّضت لذكر البقعة المقدّسة والمباركة التي كلّم اللَّه عزّ وجلّ فيها موسى عليه‌السلام كقوله تعالى: ( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَ نَارًا فَقَالَ ِلأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِىَ يَا مُوسَى * إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) (2) ، وقوله تعالى: ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) (3) ، وكذا قوله تعالى: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) (4) .

____________________

(1) ق: 9.

(2) طه: 9 - 12.

(3) النازعات: 15 - 16.

(4) مريم: 51 - 52.

١٠٩

وقوله عزّ وجلّ: ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ ِلأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِي‏ءِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (1) .

وقد أقسم اللَّه عزّ وجلّ بهذه البقعة المباركة لعظمتها، بالإضافة إلى بقع ثلاث أخرى، وذلك في قوله تعالى: ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ) (2) ، وهذا قسم من اللَّه عزّ وجلّ ببلد التين، وهو المدينة، وبلد الزيتون وهو بيت المقدس، وطور سينين الكوفة، والبلد الأمين، وهو مكّة، كما ورد ذلك عن الإمام الكاظم عليه‌السلام ؛ حيث قال: (واختار من البلدان أربعة؛ فقال عزّ وجلّ: ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ) فالتين المدينة، والزيتون بيت المقدس، وطور سنين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكّة) (3) .

هذا من طرقنا.

وكذلك من طرق السنّة، ولكن بتفسير التين بالبيت الحرام، وتفسير الطور بأنه الجبل الذي كلّم اللَّه عزّ وجلّ فيه موسى عليه‌السلام (4) ، ولا تنافي في ذلك إذ لعلّ ذلك هو الوادي المقدّس بين جبل طور والكوفة كما ذكر ذلك بعض المفسّرين.

____________________

(1) القصص:29 - 30.

(2) التين: 1 - 3.

(3) الصدوق، الخصال، ص225، والنيسابوري، روضة الواعظين، ص405.

(4) ابن الجوزي، زاد المسير، ج8، ص275.

١١٠

وقد ورد في الحديث أن محلّ قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أوّل طور سيناء. عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال: (كان في وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام : أن أخرجوني إلى الظهر [أي ظهر الكوفة]، فإذا تصوّبتْ أقدامكم واستقبلتكم ريح، فادفنوني؛ وهو أوّل طور سيناء. ففعلوا ذلك) (1) .

والحاصل: إن القرآن يؤكّد أن هناك بقعة مقدّسة مباركة، فيها هبطت الملائكة بالوحي على موسى عليه‌السلام ، ولابدّ أن تقدّس وتُعظّم ويُتقرّب فيها إلى اللَّه عزّ وجلّ ويكلّم اللَّه تعالى فيها الأنبياء.

قال القرطبي في تفسيره قوله تعالى ( إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) (2) :

(المقدّس: المطهّر، والقدس: الطهارة، والأرض المقدّسة أي المطهّرة) إلى أن قال: (وقد جعل اللَّه تعالى لبعض الأماكن زيادة فضل على بعض، كما قد جعل لبعض الأزمان زيادة فضل على بعض) (3) .

وهذا يعني أن هناك أماكن مقدّسة فيها ينزل الوحي وتفتح أبواب السماء، وفيها يزداد الأجر ويقبل الدعاء ويتوجّه إلى اللَّه عزّ وجل.

10 - وجوب تعظيم الأنوار الإلهيّة:

خلقة الأنوار الخمسة لأصحاب الكساء في سورة النور؛ قال تعالى: ( اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا

____________________

(1) تهذيب الأحكام، ج 6، ص 34.

(2) طه: 12.

(3) تفسير القرطبي، ج11، ص175.

١١١

شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‏ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ * فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاءِ الزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) (1) .

إن هذه الآية المباركة تنصّ على وجود بيوت خاصّة أذن اللَّه أن ترفع وتعظّم ويذكر فيها اسمه، وفي تلك البيوت يسبّح للَّه عزّ وجلّ وتقبل العبادة ويسمع الذكر، وتحت قبّتها يرفع الدعاء وتفتّح أبواب السماء وتحصل القربة إلى اللَّه تعالى، فهي بيوت مباركة ومقدّسة جعلها اللَّه تبارك وتعالى وسيلة وواسطة ومحلّاً لقبول العبادة والذكر والتسبيح آناء الليل وأطراف النهار.

ومن الجدير بالذكر أن تلك البيوت بيوتاً خاصّة، وهي مهبط الوحي والقداسة والطهارة. والشاهد على ذلك أن الجار والمجرور في قوله تعالى: ( فِي بُيُوتٍ ) متعلّق بذلك النور الذي ضربه اللَّه عزّ وجلّ مثلاً للناس، فالنور في بيوت أذن اللَّه أن ترفع، وقد ذكرت الآية المباركة أن هذا النور نور السماوات والأرض، أي محيط بهما ومهيمن عليهما وأشرف منهما في الخلقة والرتبة الوجودية.

ثمّ إن ذلك النور مخلوق من مخلوقات اللَّه تعالى، أُضيف إليه عزّ وجلّ في الآية إضافة الفعل إلى فاعله، وهو عبارة عن أنوار خمسة شامخة، ضرب اللَّه تعالى لكلّ واحد منها مثلاً حسّياً لتقريب الفكرة وتنزيل الحقيقة إلى رقيقة

____________________

(1) النور: 35 -37.

١١٢

يفهمها البشر، وليس هذا النور عين الذات الإلهية؛ لأنها أحدية المعنى لا تعدّد ولا تكثّر فيها، والنور المذكور في الآية المباركة متعدّد منشعب إلى خمسة أنوار، مستقل بعضها عن البعض الآخر.

والأنوار الخمسة التي ضُربت مثلاً هي:

أولاً: المشكاة.

ثانياً: المصباح.

ثالثاً: الزجاجة.

رابعاً: الكوكب الدُّرِّي

خامساً: الشجرة المباركة.

ثم تقول الآية الكريمة بعد ذلك: ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) .

وفي اللغة العربية يقول علماء البلاغة: كل تشبيه جملة مستقلة برأسها، وتفيد معنىً ومغزىً مستقلاً، فالآية بصدد التعرض إلى خلقة النور، وأن أحد مراحل الخلقة الإلهية هي المخلوقات النورية، وهي أنوار خمسة، تعظم في الخلقة الملائكةَ والروح والجنّ والإنس ومطلق الموجودات الأخرى، وهي أنوار مشتقّ بعضها من بعض، ومرتبط بعضها بالبعض الآخر كما هو ظاهر الآية المباركة.

وهذه الأنوار المباركة المحيطة بالسماوات والأرض، هي الأسماء والكلمات التي لم تعلم بها الملائكة، مع أن الملائكة ملأت أركان السماوات والأرض؛ لأنها هي التي تدبّرها وتدير شؤونها، وهو المشار إليه في تعليم آدم الأسماء وعرض اللَّه تعالى لها على الملائكة، فلم يعلموا بها، فأنبأهم آدم بها،

١١٣

ووصفها اللَّه بأنها غيب السماوات والأرض (1) ، وكما ورد هذا المعنى في روايات الفريقين (2) .

ولو كانت تلك الأسماء من عالم السماء والأرض، لعلمت بها الملائكة، ومن ذلك يعلم أن الأسماء التي علّمها اللَّه عزّ وجلّ آدم وجهلتها الملائكة، كانت مخلوقات محيطة بعالم السماوات والأرض.

وهذا نوع من أنواع التشاهد بين الآيات القرآنية، فالأنوار الخمسة المذكورة في سورة النور هي الأسماء التي خفيت عن الملائكة وعلّمها اللَّه تعالى آدم، وهي كما سيأتي موجودات حيّة عاقلة شاعرة من عالم النور كما عبّر عنها في سورة البقرة بضمير (هم) واسم الإشارة (هؤلاء)، وهما لفظتان لا تستعملان في الذوات الجامدة، بل في الذوات الحيّة الشاعرة العاقلة.

ويتحصّل من ذلك وجود مخلوقات خمسة نورية محيطة بالسماوات والأرض، أفضل من الملائكة ولا تحيط الملائكة بها علماً، بل إن اللَّه تعالى شرّف آدم على جميع مخلوقاته، بما فيهم المقرّبين من كبار الملائكة، كجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل بفضل تلك الأنوار، وبفضلها أيضاً استحقّ مقام الخلافة الإلهية، وسجد له الملائكة كلّهم أجمعون.

ومن ذلك يتضح أن هذه الأنوار الخمسة هي باطن (غيب) وملكوت السماوات والأرض؛ لأن نور كلّ شي‏ء بمنزلة الروح له، ومن دونه يكون ظلمانياً، والنور في المقام ليس هو النور الحسّي الذي يظهر الصفات العارضة

____________________

(1) سورة البقرة: 31 - 33.

(2) بصائر الدرجات، ص89، الطبراني، المعجم الأوسط، ج4، ص44.

١١٤

على الشي‏ء، بل هو نور الخلقة الذي يوجد الشي‏ء ويكوّنه ويظهره من كتم العدم إلى الوجود، فنور السماوات والأرض أي ملكوتهما وباطنهما ومظهرهما من ظلمة العدم إلى نور الوجود، وهو اسم اللَّه الأعظم الذي هو غير المسمّى، يفوق في القدرة والعظمة كافّة المخلوقات في السماوات والأرض.

وسيأتي أن تلك الأنوار الخمسة المباركة - وهي الأسماء التي علّمها اللَّه تعالى آدم وتاب بفضلها عليه من خطيئته، وابتلى بها إبراهيم لنيل مقام الإمامة - هم خمسة أصحاب الكساء وأهل آية المباهلة: محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فهم أهل البيت، وهم النور الإلهي الذي حلّ في بيوت أذن اللَّه أن ترفع، لتكون محلّاً للذكر والتسبيح والعبادة والتوجّه إلى اللَّه عزّ وجلّ وتشييد معالم الدين.

ولذا أخرج السيوطي في الدرّ المنثور عن ابن مردويه عن أنس ابن مالك وبريدة، قال: قرأ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ) فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول اللَّه؟ قال: (بيوت الأنبياء)، فقام إليه أبو بكر، فقال: يا رسول اللَّه، هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت عليّ وفاطمة عليهم‌السلام ، قال: (نعم، من أفاضلها) (1) .

وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه‌السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ) قال: (هي بيوت النبي صلَّى الله عليه وآله) (2) .

كذلك عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، في قوله: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ

____________________

(1) الدرّ المنثور، ج 5، ص50.

(2) الكافي، ج8، ص331، ح510.

١١٥

تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) قال: (هي بيوت الأنبياء، وبيت علي منها) (1) .

وقد تقدّم رواية الحاكم في المستدرك أن من الكلمات التي تاب اللَّه بها على آدم (وهي الأسماء التي شُرّف آدم بها على الملائكة كخليفة، لأن الكلمات أعظم مقاماً من آدم إذ بها تاب اللَّه عليه)، أن من أعظم تلك الكلمات والأسماء هو خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ورد في المستدرك أنه لولاه لَمَا خلق آدم ولا الجنة ولا النار (2) ويتشاهد هذان الحديثان النبويان على أن أوّل الأنوار الخمسة والأسماء التي تعلّمها آدم وتوسّل بها هو خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا بالنسبة إلى الأنوار الخمسة المباركة.

الأئمة التسعة من ولد الحسين عليه‌السلام في آية النور:

وأمَّا قوله تعالى: ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) ، فهو إشارة إلى استمرار وديمومة قانون الإمامة والخلافة الإلهية بعد تلك الأنوار الخمسة إلى يوم القيامة، نور على نور يهدي اللَّه لنوره من يشاء، و(على)؛ أي على إثر وعقب، لغة في أحد المعاني المستعملة في لفظ (على) بالتضمين لمعنى الإثر؛ والشاهد على ذلك ما تقدّم من أن الهداية هي الإيصال إلى المطلوب، وقد جاء ذكر الهداية تفسيراً وبياناً لمقام الإمامة والولاية كما في قوله تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) ، فالتعبير بالهداية في الآية المباركة يراد منه الإمامة، وهو مقتضى معنى النور أيضاً؛ إذ هو الهادي إلى صراط اللَّه تعالى.

____________________

(1) تفسير القمي: ج2 ص79.

(2) المستدرك، ج 2، ص 671 و 672

١١٦

ولذا ورد عن الإمام محمّد بن علي بن الحسين عليه‌السلام في قوله تعالى ( نُورٌ عَلَى نُورٍ ) قال: (يعني إماماً مؤيّداً بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك من لدن آدم إلى يوم القيامة) (1) .

وعن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه‌السلام ، قال: قلت ( نُورٌ عَلَى نُورٍ ) ؟ قال: (الإمام في إثر الإمام) (2) .

وورد أيضاً عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام في قوله تعالى ( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) قال: (يهدي لولايتنا من أحبّ) (3) .

بيان آخر للآية المباركة:

هناك بيان آخر للآية الكريمة التي نحن بصدد الاستدلال بها، أدقّ وأعمق وأدلّ على المطلوب من البيان الأول؛ وهو:

بعد أن تبيّن أن قوله تعالى: ( فِي بُيُوتٍ ) متعلّق بالنور، وأن النور في بيوت أذن اللَّه أن ترفع، نقول:

إن الآية الثالثة التي ذكرناها في المقام، وهو قوله تعالى: ( رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاءِ الزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) ، هذه الجملة من المبتدأ والخبر كلّها بدل من قوله تعالى ذكره: ( فِي بُيُوتٍ ) ، أي أنها في محلّ جرّ بدل من البيوت؛ ويكون المعنى على ذلك: أن البيوت رجال لا تلهيهم تجارة، وليست هي

____________________

(1) توحيد الصدوق، ص158، ح4.

(2) المصدر، ص157، ح3.

(3) مناقب ابن المغازلي، ص263، ح361.

١١٧

بيوت حجارة، ولا طين.

والشواهد على ذلك من نفس الآيات المباركة كثيرة نشير إلى بعضها:

أ - قوله تعالى: ( رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ ) ليس فاعلاً لقوله عزّ وجل: ( يُسَبِّحُ ) ؛ وذلك طبقاً لقراءة أهل البيت عليه‌السلام ، حيث إن قراءتهم لكلمة يسبَّح (بفتح الباء) مبني للمجهول، وبناءً على هذا لا تكون كلمة ( رِجَالٌ ) فاعلاً لـ (يسبَّح) وإنما تكون مبتدءاً والجملة التي بعدها خبر، والجملة بتمامها عطف بدل على بيوت، فالبيوت هي رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع، وإلى ذلك يشير قول الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه‌السلام إلى قتادة البصري(فقيه أهل البصرة) عندما سأله قائلاً:

(أصلحك اللَّه، واللَّه لقد جلست بين يدي الفقهاء، وقدّام ابن عبَّاس، فما اضطرب قلبي قدّام واحدٍ منهم ما اضطرب قدّامك؟

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : (ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي ( بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاءِ الزَّكَوةِ ) فأنت ثَمَّ، ونحن أولئك)، فقال له قتادة: صدقت واللَّه، جعلني اللَّه فداك، واللَّه ما هي بيوت حجارة ولا طين) (1) .

وكذلك ما ورد عن أبي عبد اللَّه الصادق عليه‌السلام ؛ حيث قال: (إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل اللَّه طاعة وليّ أمره بطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وطاعة رسوله بطاعته، فمَن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع اللَّه ولا رسوله، وهو الإقرار بما نزل من عند اللَّه: ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) والتمسوا البيوت التي أذن اللَّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم أنهم

____________________

(1) الكافي، ج6، ص256، ح1.

١١٨

( رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاءِ الزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) (1) .

ثم إن تلك القراءة بفتح الباء في (يسبَّح) قرأ بها أيضاً ابن عامر وأبو بكر وابن شاهي عن حفص (2) .

إذن، يتحصّل أن النور في بيوت هي رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع.

أهل البيت عليهم‌السلام معصومون بأعالي درجات العصمة:

ب - قوله عزّ وجل: ( لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة وَإِيتَاءِ الزَّكَوةِ ) . فإن هذا المقطع من الآية المباركة يشير إلى أن هؤلاء الرجال معصومون بأعلى درجات العصمة، وهي عصمة السرّ التي هي فوق عصمة الجوارح؛ إذ لا يلهون برهة من حياتهم عن ذكر اللَّه، فهم في ذكر دائم، وهذا يعني أن أولئك الرجال ثلّة خاصة في الأمة الإسلامية يتميّزون عن بقيّة المسلمين وأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذين انفضّ أكثرهم من حوله وتركوه قائماً عندما سمعوا بالتجارة كما نصّت على هذه الحادثة سورة الجمعة؛ وذلك في قوله تعالى: ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (3) .

ففي الروايات لم يبقَ مع النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا اثني عشر أو ثمانية رجال،

____________________

(1) الكافي، ج1، ص182، ح6.

(2) الطوسي، لاحظ التبيان، ج7، ص439، وابن الجوزي، زاد المسير، ج5، ص364.

(3) الجمعة: 11.

١١٩

وانفضّ الباقون إلى اللّهو والتجارة (1) .

وفي بعض الروايات لم يبقَ إلّا علي عليه‌السلام (2) .

ولا شك أنه لا يوجد ثلّة معصومة في هذه الأمة غير أهل آية التطهير، الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فنالوا بذلك أعلى درجات العصمة والطهارة.

وهذا يعني أن تلك الأنوار الخمسة المباركة في بيوت وأبدان طاهرة، وهم رجال معصومون من الغفلة عن ذكر اللَّه عزّ وجل، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة.

وتلك البيوت والرجال أذن اللَّه أن يرفع ذكرهم، كما قال اللَّه تعالى لنبيّه: ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) ، ولا شك أن معنى ذلك هو وجوب التعظيم والطاعة لهم والانقياد لولايتهم والتوجّه بهم إلى اللَّه تعالى في العبادة، كما أمر اللَّه عزّ وجلّ الملائكة بالخضوع والسجود لآدم وجعل الخضوع واسطة للانقياد إلى الأوامر الإلهية.

إذن، لا يقبل اللَّه عزّ وجلّ من العباد الطاعة، إلّا برفع تلك البيوت وتعظيم أولئك الرجال، والإتيان بالطاعات امتثالاً لأمر اللَّه وأمر رسوله وأمر أُولي الأمر من هذه الأمة.

قال تعالى: ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ

____________________

(1) لاحظ: الطبري، جامع البيان، ج28، ص132.

(2) شرف الدين، تأويل الآيات، ج2، ص693.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551