المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات10%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 233966 / تحميل: 5609
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الجهة الثامنة: حول العلم الحادث

وهي مشتملة على ذكر ما تتضمّنه جملة من الآيات العلم الحادث له تعالى، وإليك نقلها بلا إيفائها:

1 - ( وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ) (1) .

2 - ( لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ ) (2).

3 - ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) (3).

4 - ( لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا ) (4).

5 - ( إِلاّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ... ) (5).

6 - ( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ ) (6).

7 - ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) (7).

فهذه الآيات الشريفة وغيرها تدلّ على إثبات العلم الحادث له تعالى، وقد مرّ أنّ علمه بالأشياء أزلاً كعلمه بها بعدها، فيمكن أن تُحمل على العلم الشهودي، على ما قال به جمع كثير في سمعه وبصره كما يأتي، ونحن وإن لا نوافقهم في ذلك في هاتين الصفتين؛ لجهة غير جارية هي في المقام، لكنّا نقول هنا: إنّ له علمينِ، وهما: العلم غير الشهودي الذي هو عين ذاته على ما تقدّم، والعلم الشهودي الحادث بعد وجود المعلوم خارجاً، أو أن تُحمل على المشاكلة، وجرى الكلام مع المخاطبين على ما هو مقتضى أحوالهم وطبائعهم، من تحصّل علمهم بالشيء بعد وجوده.

هذا، ولكن في النفس من هذه الآيات شيء، ولا أذكر عاجلاً مَن تعرّض لهذه المشكلة تفصيلاً. نسأل الله التوفيق من فضله.

____________________

(1) آل عمران 3 / 141.

(2) المائدة 5 / 94.

(3) الحديد 57 / 26.

(4) الجن 72 / 28.

(5) سبأ 34 / 21.

(6) الكهف 18 / 12.

(7) الملك 67 / 2.

١٨١

الفصل الثالث

في سمعه وبصره تعالى

المورد الأَوّل: في أصل ثبوت سمعه وبصره شرعاً وعقلاً

المورد الثاني: في معنى سمعه وبصره

المورد الثالث: في تخصيص السمع والبصر بالذكر شرعاً

المورد الرابع: في الروايات الواردة حولهما

١٨٢

الفصل الثالث

في سمعه وبصره تعالى

والكلام فيه في موارد:

المورد الأَوّل: في أصل ثبوت سمعه وبصره شرعاً وعقلاً.

أمّا شرعاً فاتّصافه تعالى بالسمع والبصر والإدراك قطعي، بل ضروري والكتاب والسُنة به مشحونان، وأمّا عقلاً فلوجوه:

الأَوّل: ما ذكره المحقّق الطوسي قدّس سره (1) بقوله: ويدلّ عليه إحاطته بما يصحّ أن يسمع ويبصر؛ فلهذا المعنى وللإذن الشرعي بإطلاق هاتين الصفتين عليه يوصف بهما.

الثاني: ما ذكر العلاّمة في الباب الحادي عشر (2) بقوله: لأنّه حيّ فيصحّ أن يدرك، وقد ورد القرآن بثبوته له فيجب إثباته له.

الثالث: ما ذكره بعض الأشاعرة (3) ، بأنّه تعالى حيّ وكلّ حي يصحّ اتّصافه بالسمع والبصر، ومَن صحّ اتّصافه بصفة اتّصف بها أو بضدّها، وضدّ السمع والبصر هو الصمم والعمى وأنّهما من صفات النقص، فامتنع اتّصافه تعالى بهما، فوجب اتّصافه بالسمع والبصر.

الرابع: ما استدلّ به بعضهم - كما يظهر من الشوارق (4) - من أنّه حيّ وكلّ حيّ يصح أن يسمع ويبصر، وما أمكن في حقّ الواجب تعالى واجب له.

أقول: إن كان المراد بهما هو العلم بالمسموعات والمبصرات فالمقام داخل في المسألة المتقدّمة، فيتمّ الوجه الأَوّل والرابع، ولكن لابدّ أن يقال في الوجه الرابع: إنّ اتّصاف الواجب بهما ممكن، فهما ثابتان بلا توسيط الحياة، فإنّها عندهم بمعنى اتّصافه بالعلم والقدرة، ومفاد التقرير يكون هكذا: المتّصف بالعلم والقدرة يمكنه العلم، وهو كما ترى!

وإن كان شيئاً آخر فلا؛ إذ ليس حياته كحياة الممكن، حتى أمكن في حقّه ما أمكن في حقّنا،

____________________

(1) شرح قواعد العقائد / 48.

(2) شرح الباب الحادي عشر / 18.

(3) شرح المواقف 3 / 72.

(4) الشوارق 2 / 263.

١٨٣

فلا تكفي قاعدة الملازمة ولا إحاطته بما يصحّ أن يبصر ويسمع، فإنّ علمه به غير سمعه وبصره به.

وأمّا الوجه الثاني فهو راجع إلى الرابع؛ لأنّ ما أمكن في حقّه واجب بلا حاجة إلى توسيط النقل.

وأمّا الوجه الثالث فهو ضعيف جداً؛ لأنّ الحياة المأخوذة في الصغرى غير المأخوذة في الكبرى، وإلاّ فهي مصادرة، والصمم والعمى من قبيل عدم المَلَكة بالنسبة إلى السمع والبصر، لا أنّهما ضدان لهما، فيمكن خلو الواجب عن كليهما. وبالجملة: إن قلنا بتضمّن هاتين الصفتين ما يزيد على العلم الثابت له بالأدلة المتقدمة، فلا سبيل للعقل إلى إثباتهما، وإلاّ فيجري فيه الأدلّة المذكورة، ولا يحتاج إلى ذكر هذه الوجوه أو تكرارها.

هذا ومن الناس مَن نفى هاتين الصفتين اللتينِ دلّ عليهما الكتاب والسُنة، وتمسّكوا له بوجهين:

الأَوّل: إنّهما تأثر الحاسة عن المسموع والمبصَر أو مشروطان به كسائر الإحساسات، وهو محال في حق الله تعالى.

ورُدّ بمنع كونهما كذلك في الواجب؛ لأنّ صفاته مخالفة بالحقيقة لصفاتنا.

الثاني: إثبات السمع والبصر في الأزل ولا مسموع ولا مبصَر فيه خروج عن المعقول.

وأُجيب عنه، بأنّ انتفاء التعلّق أزلاً لا يستلزم انتفاء الصفة، كما في سمعنا وبصرنا، فإنّ خلوّهما عن الإدراك في وقت لا يوجب انتفاءهما أصلاً في ذلك الوقت، وفي الجوابين كلام لعلّه سينجلي فيما بعد.

المورد الثاني: في تفسير سمعه وبصره

وفيه أقوال:

الأَوّل: إنّهما عبارة عن العلم بالمسموعات والمبصرات، فهما فردان لمطلق العلم، قال به الفلاسفة كما قيل، أو الفلاسفة النافون لعلمه بالجزئيات على وجه جزئي كما في الأسفار، والكعبي أبو الحسين البصري.

أقول: وهذا هو مختار المفيد في كتابه أوائل المقالات (1) ، والعلاّمة في شرح قواعد العقائد، وبعض آخر من أصحابنا، قال شيخنا المفيد - بعدما فسّر السمع والبصر والإدراك، وكونه راءٍ بالعلم خاصّة دون ما زاد عليه في المعنى -: ولست أعلم من متكلّمي الإمامية في هذا الباب

____________________

(1) أوائل المقالات / 21.

١٨٤

خلافاً، وهو مذهب البغداديين من المعتزلة وجماعة عن المرجئة ونفر من الزيدية، ويخالف فيه المشبّهة وإخوانهم من أصحاب الصفات، والبصريون من أهل الاعتزال. انتهى.

أقول: دليلهم واضح فإنّ زيادة معنى البصر والسمع على العلم، ترجع إلى الإحساس المنفي عنه تعالى، فلابدّ من إرجاعهما إلى العلم، وإليه ذهب أبو الحسن الأشعري، كما في شرح القوشجي والأسفار.

الثاني: إنّهما زائدتان على العلم كما عن جمهور الأشاعرة والمعتزلة والكرامية، فإنّه إذا علم شيء علماً جلياً ثمّ وقع عليه البصر، يوجد بين الحالتين تفرقة ضرورةً، فإنّ الحالة الثانية تشتمل على زيادة مع حصول العلم فيهما، فذلك الزائد هو الإبصار، واحتياجنا إلى الآلة إنّما هو؛ لعجزنا وقصورنا، وأمّا الواجب فيحصل له الإبصار بلا آلة، وهذا هو الذي ذهب إليه السهروردي -فأرجع علمه إلى بصره- وصاحب الأسفار ومَن تبعه، وقد بيّنه في أسفاره فلاحظ.

الثالث: إنّهما نوعان من الإدراك لا يتعلّقان إلاّ بالموجود العيني، فهما من توابع الفعل، فليكونان حادثين بعد الجود (1) . قال به طائفة (2) .

وبالجملة: البصر والسمع عندهم عبارة عن تعلّق العلم بالمسموع والمبصر الخارجيينِ.

الرابع: التوقّف كما عن المحقّق الطوسي قدّس سره في نقد المحصّل، قال: والأَولى أن يقال: لمّا ورد النقل آمنا بذلك، وعرفنا أنّهما لا يكونان إلاّ بالآلتين المعروفتين، واعترفنا بعدم الوقوف على حقيقتهما.

أقول: وكلام العلاّمة في شرح التجريد أيضاً مشعر بذلك.

أقول: القول الثاني هو الأوفق بمدلول لفظ البصير والسميع، فإنّ الإدراك ليس هو العلم المطلق، ولا العلم بالجزئيات، بل ولا العلم المتعلّق بالمحسوسات بأي طريق كان، بل هو الكشف المحسوس الذي إذا كان صادراً عنّا يسمّى إحساساً.

وهذا النحو من الإدراك أشدّ في المحسوسات من العلم الحضوري الذي تخيّله السهروردي، أَلا ترى أنّ الصور الحالة فينا معلومة لنا بالعلم الحضوري، ولو أدركناها بالإحساس كان انكشافها حينئذٍ أشدّ من علمنا الحضوري بالفعل؟ فهذا المعنى إمّا هو المعنى الحقيقي للفظة الإدراك والسمع والبصر، على تقدير عدم مداخلة العضو في معانيها، أو هو أقرب المعاني المجازية على تقدير مداخلته فيها.

غير أنّ الذي يوجب رفضه، بل وكذا رفض القول الثالث، هو ما دلّ على قِدم هذه الصفات

____________________

(1) كما نقله في البحار 4 / 73.

(2) شرح المواقف 3 / 73.

١٨٥

إن تمّت صحّة أسانيدها، وكونها من الصفات الذاتية؛ إذ لا موجود محسوس أزلاً حتى يتعلّق به هذا الإدراك، فإذن لابدّ من إرجاعه إلى العلم كما قال الأَوّلون.

وأمّا الاعتذار المتقدّم في جواب الإيراد الثاني للنافين فهو في موضع منع؛ إذ ليس حالهما حال العلم المطلق حتى لا يضرهما فقدان المتعلّق، فتلخّص أنّ الأظهر هو القول الأَوّل، والأحوط هو القول الرابع، فإنّه مقتضى التثبّت الديني.

وأمّا الروايات الواردة في المقام فلم استفد منها شيئاً يترجّح به أحد المعنيين، سوى ذكر السمع والبصر في مقابل العلم المشعر بالتعدّد، وفوق كلّ ذي علم عليم، نعم قول أمير المؤمنين عليه‌السلام - على ما في خطبته المشهورة (1) -: (أحاط بالأشياء علماً قبل كونها، فلم يزدد بكونها علماً، علمه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بعد تكوينها) يؤيّد القول الأَوّل، بل يمكن أن يُجعل أكثر ما تقدّم من الروايات الدالة على عموم علمه مؤيّداً له. والله الهادي.

المورد الثالث: في تخصيص

السمع والبصر بالذكر شرعاً

قالوا: إنّ عدم اتّصافه تعالى بالشمّ واللمس والذوق؛ لأجل عدم وروده من الشرع، وأسماء الله توقيفية.

ولعلّ النكتة في تخصيص السمع والبصر بالذكر شرعاً دون البقية، هو ردع المكلّفين عن المعاصي، فإنّ اعتقاد عامّة الناس بهما يمنعهم من الاقتحام في الجرائر والجرائم، ونفي توهّم الجسمية في حقّه تعالى، فإنّ تلك البقية أشدّ ارتباطاً بالجسم كما لا يخفى، وإلاّ فهو تعالى كما يعلم المسموعات والمبصرات، كذلك يعلم المشمومات والمذوقات والملموسات، إلاّ أن يقال: إنّ هذا يتمّ على التفسير الأَوّل وأمّا على التفسير الثاني فلا؛ إذ المفروض أنّ المعنى الزائد المذكور على العلم غير ثابت بالعقل، بل بالنقل وهو مختص بهما، ويمكن إثباته في البقية بقاعدة الملازمة بعد إمكانه، بل وقوعه في المبصرات والمسموعات، فتدبّر جيداً.

المورد الرابع: الروايات

الواردة في السمع والبصر

إنّ ما وجدته من الروايات الواردة حول هاتين الصفتين عاجلاً هو سبع نذكر واحدة منها، وهي: ما رواه ثقة الإسلام الكليني، بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام - والسند

____________________

(1) أُصول الكافي 1 / 135.

١٨٦

صحيح - أنّه قال في صفة القديم: (إنّه واحد، صمد، أحدي المعنى، ليس بمعاني كثيرة مختلفة، قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق، أنّه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع، قال: فقال: كذبوا وألحدوا وشبّهوا، تعالى الله عن ذلك، إنّه سميع بصير، يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه. قال: فقال: تعالى الله عن ذلك، إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك) (1) .

وربّما تشعر الرواية بالقول الأَوّل. والله العالم.

____________________

(1) أُصول الكافي 1 / 108.

١٨٧

الفصل الرابع

إنّه تعالى حيّ

١٨٨

الفصل الرابع

إنّه تعالى حيّ

قد علم بالضرورة من الدين، وثبت بالكتاب والسُنّة، واتّفاق أهل الملل، أنّه تعالى حي، وحيث إنّ الحياة المتحقّقة في الحيوان - وهي صفة تقتضي الحس والحركة مشروطة باعتدال المزاج - غير ممكنة في حقه تعالى، اختلفوا في تفسيرها على أقوال:

1 - إنّها عبارة عن عدم استحالة كونه عالماً وقادراً. نُسب (1) إلى المتكلّمين من الإمامية والمعتزلة، وقيل (2) : إنّه مذهب الحكماء وأبي الحسين البصري، ومرجعها إذن إلى الصفات السلبية كما لا يخفى.

2 - إنّها صفة توجب صحّة العلم والقدرة، فهي إذن صفة زائدة على ذاته المتّصفة بالعلم والقدرة. نُقل هذا عن الأشاعرة وجمهور المعتزلة، أي قدمائهم القائلين بزيادة الصفات (3) .

3 - إنّها بمعنى الدرك والفعل، فكونه تعالى حياً أنّه درّاك فعّال، أي كون ذاته بحيث تكون درّاكةً وفعّالة، وإلاّ فهذا القول ظاهر الفساد، فإنّ حياته التي هي من صفاته الذاتية لا تكون نفس الفعل. وحكى هذا القول من الحكماء، المجلسي (4) وغيره.

4 - معنى كونه حيّاً هو الفعّال المدبّر اختاره الصدوق في كتابه التوحيد (5) .

أقول: الحياة والممات كالحركة والسكون، والقيام والجلوس منفية عنه تعالى بانتفاء موضوعها، أعني الجسم والجسماني، فلو كنّا نحن وعقولنا لمّا جوّزنا اتّصافه بالحياة أصلاً، ولكن لمّا ورد النقل به جوّزناه تعبّداً.

وعليه فجميع هذه الأقوال بلا شاهد ودليل عليها، بل هي - باستثناء الأَوّل - ثابتة العدم، فإنّ القول الثاني يبطل بالمذهب الصحيح من عينية الصفات، والثالث والرابع مستلزمان قِدم

____________________

(1) بحار الأنوار 4 / 69.

(2) المواقف 3 / 66 وغيرها.

(3) المصدر نفسه.

(4) بحار الأنوار 4 / 68.

(5) بحار الأنوار 4 / 192.

١٨٩

العالم فيبطلان ببطلان لازمها، والعجب من الصدوق فإنّه مع اعتقاده بحدوث العالم فسّر حياته تعالى - وهي من صفاته الذاتية - بما يلزم قِدم العالم، وبالجملة لابدّ أن يقول إمّا بقِدم العالم أو بحدوث الحياة، وكلا الأمرين باطل عنده.

وأمّا القول الأَوّل، فاتّصافه بالعلم والقدرة إنّما يُستكشف عن وجوده تعالى، وأنّه موجود غير معدوم لا عن حياته، فإنّها لا تكون شرطاً للعلم والقدرة مطلقاً كما لا يخفى.

فالإنصاف أنّه لم يتّضح لنا معنى الحياة الواردة في حقّه تعالى شرعاً، نعم لو قلنا بأنّ معنى الحياة في الحيوان يتمّ بإدراك وفعل، كما ادّعاه صاحب الأسفار لكان القول الثالث حقاً، وحينئذٍ يمكن إثباته عقلاً بقاعدة الملازمة المتقدّمة، لكن على نحو لا يستلزم قِدم العالم، إلاّ أنّه غير ظاهر.

ويمكن أن يقال: إنّ هذه الصفة حيث وردت في الكتاب والسنة الملقيَين على عامة الناس حسب عقولهم، أُريد بها ما هو متفاهم عندهم، فلا يكون معناها بمجمل، فيكون حياته بمعنى أنّه يتمكّن من الفعل، وأنّه يمكن أن يصدر منه آثاره اختياراً، وليس كالميت حيث لا أثر له، أو بمعنى أنّه موجود غير معدوم والله العالم.

وأعلم أنّ الحياة على أقسام بحياة الإنسان، وحياة الحيوان - ولعلّها على درجات - حياة الملائكة، وحياة الجن، حياة الموجودات الحية في المجرّات والسماوات، ولعلّها على أقسام متباينة، وهناك أقسام أُخر للحياة، كحياة الخلايا، وحياة أعضاء البدن، وحياة الشعر وغيرها، كما ذكرها الطب الجديد ولقلّتها في كتابنا (الفقه ومسائل طبيّة) الذي ألّفناه بعد أكثر من أربعين عاماً أو أكثر من تأليف هذا الكتاب، ونحن لا نعرف حقيقة حياة هذه المخلوقات، بل لا نعلم حقيقة حياتنا إلاّ بمقدار أنّها حصلت من تعلّق الروح بالبدن تعلّقاً تدبيرياً، وأمّا حقيقة حياتنا فهي مجهولة لنا، إلاّ بآثارها من التغذية، والنمو، والحسّ والحركة، والإدراك، والتكاثر ونحو ذلك، كما بُيّنت في علم الإحياء الحديث (البايولوجيا)، فكيف نحيط بحياته تعالى، حتى نحرّفها في الكلام والفلسفة! والأقوى ردّ جميع الأقوال المذكورة في الكتاب وغيره، والتوقّف في معرفتها، وإنّ المذكورات من آثارها الحياة لا منها ولا من لوازمها (1) .

إلحاق وإتمام

قد برهنّا - إلى الآن - على وجوده، ووجوبه، وقدرته، واختياره، وبصره وسمعه، وحياته، ولكن يرجع اختياره إلى قدرته، وأمّا سمعه وبصره فقد مرّ أنّهما من أفراد علمه أو من توابعه،

____________________

(1) ذكرنا هذه الزيادة عند طبع الكتاب مرّة ثالثة في سنة 1385 هـ. ق = 1427 هـ. ق.

١٩٠

على تردّد في ذلك، وأمّا الوجوب فليس إلاّ الوجود الغير المسبوق بالعدم، فأُصول صفاته ثلاثة: بعد وجوده: الحياة والعلم والقدرة، والبقية راجعة إليها.

فإلى الوجود يرجع الأزلية، والأبدية، السرمدية، والبقاء، والحقّية، والسالمية، والدوام، وأمثالها.

وإلى العلم يرجع رؤيته، (1) وإحاطته، وحكمته على أحد الوجهين، وعينه، وأمثالها.

وإلى القدرة يرجع قوته، وبطشه، وشدّته، ويده، وقهره، ونظائرها.

وستقف إن شاء الله على أنّ هذا التعدّد الثلاثي إنّما يجول في ميدان المفهوم وساحة الاعتبار فقط، وإلاّ ففي واقع المصداق ليس إلاّ الذات الأحدية البسيطة، فكلّه الوجود والقدرة والعلم، وعلمه قدرته ووجوده، وقدرته علمه ووجوده، ووجوده علمه وقدرته ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) (2) .

____________________

(1) كما قال تعالى: ( وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) .

(2) طه 20 / 111.

١٩١

الموقف الثاني

في صفاته المدحيّة

١٩٢

الموقف الثاني

في صفاته المدحيّة

قد مضى أنّ صفاته الثبوتية إمّا ذاتية قائمة بذاته تعالى قياماً ذاتياً، وإمّا فعلية قائم بها قياماً صدورياً.

وهنا قسم آخر لم يلتفت إليه الباحثون، أو أهملوه لعدم الخلاف فيه، وسمّيناه نحن بـ (الصفات المدحيّة) وهي قائمة به تعالى قياماً وقوعياً (1) مثل: محمود، مقصود، مطلوب، وكيل - بمعنى مَن يُعتمد عليه - مرجع، ظاهر - أي معلوم للممكن بآثاره - باطن أي مجهول بحقيقته، إلى غير ذلك.

فإنّ أمثال هذه النعوت ليست بذاتية ولا بفعلية، صدرت مباديها عنه تعالى وهو ظاهر.

____________________

(1) وسنذكر أقسام القيام في مبحث تكلّمه من الموقف الثالث إن شاء الله.

١٩٣

الموقف الثالث

في صفاته الفعلية

الفريدة الأُولى: في إرادته تعالى

الفريدة الثانية: في أسباب فعله تعالى

الفريدة الثالثة: في حكمته

الفريدة الرابعة: في تكلّمه

الفريدة الخامسة: في صدقه تعالى

الفريدة السادسة: في رحمته

الفريدة السابعة: في أنّه جبّار وقهّار

الفريدة الثامنة: في رضاه وسخطه

الفريدة التاسعة: في جملة من صفاته الفعلية الأُخرى

خاتمة: في حدوث أفعاله (حدوث العالَم)

١٩٤

الموقف الثالث

في صفاته الفعلية

قالت اليهود: ( يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) (1) فهو كلّ يوم في شأن جديد، وإحداث بديع لم يكن، يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء، ولا رادع عن فعله، ولا مانع من قضائه، فله الإحياء والإمحاء، والرحم والغفران، والغضب والجود، والرزق والتدبير، والكفالة والهداية، والفصل والوصل، والإغناء والحفظ، وغير ذلك ممّا لا يعدّ ولا يُحصى، فسبحان الذي يفعل ما يشاء، ولا يفعل ما يشاء أحد غيره (2) .

وقد مضى أنّ انحصار الصفات في الثمانية بلا أساس، غير أنّ التعرّض والبحث يخصّ بعضها دون الجميع؛ إمّا لأجل الأهمية، أو لوقوع الخلاف فيه.

ثمّ إنّ الفلاسفة اصطلحوا على تخصيص لفظ (الإبداع)، بإفادة موجود غير مسبوق بالمادة والمدّة كالعقول، وقالوا: إنّه أفضل أنحاء الإيجاد.

والتكوين، بإفادة شيء مسبوق بالمادةّ كالماديات.

والإحداث بإفادة شيء مسبوق بالمدّة كالحوادث اليومية.

والاختراع بإيجاد شيء بلا مِثال له في الخارج.

وأمّا الفعل والخلق والصنع فهي بمعنىً واحد أعم.

ويطلقون على جميع الموجودات الممكنة ألفاظ المخلوق والمصنوع والمفعول. كما ذكره المحقّق اللاهيجي (3) .

ولكن في شرح المنظومة (4) : المفعول إمّا أن يكون مسبوقاً بالمادّة والمدّة وهو الكائن، وإمّا أن لا يكون مسبوقاً بشيء منهما وهو المبتدَع، وإمّا أن يكون بالمادّة وهو المخترَع، وإمّا عكسه فاحتمال في بادي الرأي غير متحقّق في الخارج، ومثّل للثالث بالفَلك والفلكيات، فإنّها مسبوقة بالمادة دون الزمان المتأخّر عن حركة الفَلك المتأخّرة عن نفسه.

أقول: لا مشاحّة في الاصطلاح، غير أنّ الصحيح مسبوقية نوع فعله بالعدم، كما سيأتي بحثه إن شاء الله.

____________________

(1) المائدة 5 / 64.

(2) مأخوذ من حديث معتبر سنداً.

(3) گوهر مراد / 200.

(4) شرح المنظومة / 181.

١٩٥

وكيفما كان، فلنرجع إلى بيان صفاته الفعلية المناسبة للذكر؛ مزيداً للمعرفة بشؤونه تعالى، وتوضيحاً لمداليلها، والله وليّ السداد والتأييد.

وتمام الكلام في ضمن فرائد:

١٩٦

الفريدة الأُولى

في إرادته تعالى

الناحية الأُولى: الإرادة بمعنى القصد

الناحية الثانية: في إثبات إرادته تعالى

الناحية الثالثة: جريان التعبّد في الإرادة

الناحية الرابعة: في بيان الأقوال في الإرادة وتحقيق الحق

١٩٧

الفريدة الأُولى

في إرادته تعالى

وهي من مهمّات هذا الفن، فإنّ اختياره تعالى وحدوث العالَم مرتبطان بها، والكلام فيها من نواحٍ:

الناحية الأُولى: الإرادة بمعنى القصد

الأظهر أنّ الإرادة بمعنى القص كما هو المتبادر منها، والتبادر علامة الحقيقة، وبالجملة، هي من صفات النفس فاستعمالها في الطلب وإن كان جائزاً بل واقعاً، لكنّه مجازي، فإنّ الطلب مبرِز للإرادة لا نفسها، ولا يبعد أنّها باقية على معناها اللغوي بلا اصطلاح جديد، فإنّ التعاريف المذكورة في أَلسنة القوم شرح لفظي تبيّن مفهومها.

وبالجملة: القصد من الصفات الوجدانية، وهي معلومة لكلّ أحد فلا حاجة إلى تعريفه، غير أنّ الباحثين اختلفوا في معنى الإرادة اختلافاً واسعاً، وقد تعرّض لنقله الحكيم الشيرازي، في مبحث قدرة الله وإرادته من كتاب الأسفار مفصّلاً، والأحسن ما ذكرنا، وسيأتي ما يرتبط بالمقام في بعض مباحث العدل إن شاء الله.

وهنا اختلاف آخر، وهو اتّحاد الإرادة والطلب مفهوماً ومصداقاً وعدمه، فعن الأشعريين اختيار الثاني، وعن العدلية اختيار الأَوّل، والمسألة محرّرة في أًُصول الفقه من كتب أصحابنا على وجه مفصّل.

هذا كلّه في إرادة الإنسان، وأمّا إرادة الواجب فيمتنع تفسيرها بالقصد المذكور؛ فإنّها من الصفات النفسانية الموقوفة على الجسم والجسمانيات، وأيضاً القصد مسبوق بالتصوّر والتصديق، الملازمين للجهل السابق، ولحلول الحادث فيه تعالى، ولاستكماله، فتأمّل وكل ذلك عليه من المحالات، وأيضاً القصد لا يبقى بعد حصول المقصود فيلزم التغيّر فيه تعالى؛ ولذا اختلف أهل النظر في معناها على أقوال يأتي ذكرها.

١٩٨

الناحية الثانية: في إثبات إرادته تعالى

لا ريب في إثبات إرادته تعالى، فإنّ القرآن والسنّة تدلاّن عليه دلالةً قطعية، وقد نقلوا اتّفاق أهل الملل والنحل عليه، بل وإطباق العقلاء أيضاً، وقالوا: إنّه من الضروريات الدينية.

واستدلّوا عليه مضافاً إلى ذلك من العقل، بأنّ الله تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض، وفي زمان دون زمان، فلابدّ لهذا التخصيص من مخصّص وهو الإرادة؛ إذ وجوده وقدرته وعلمه وحياته متساوية إلى وجود الأشياء وعدمها، إلى تمام الأزمان.

وهذا الدليل تامّ حتى عند مَن يرى جواز الترجيح بلا مرجّح، فإنّه لا ينكر الإرادة بل ما يدعو إلى العمل من اعتقاد نفع أو غيره؛ ولذا يصرّح بأنّ الهارب من السبع يرجّح أحد الطريقين المتساويين بإرادته بلا مرجّح آخر، فما ذكره المحقّق الطوسي - من عدم جريانه على القول الأخير - غير تامّ (1) ، لكن مَن يفسّر إرادته تعالى بنفس الإيجاد والإحداث، فلا يرى لهذا الاستدلال صحّةً؛ ولذا صرّح شيخنا المفيد بأنّ إثبات الإرادة لله تعالى من جهة النقل دون العقل (2) .

الناحية الثالثة: جريان التعبّد في الإرادة

ذكرنا في المباحث السابقة المعيار في جريان التعبّد الشرعي وعدمه، في الأُصول الاعتقادية وفروعها، وعليه لا شكّ في جريان التعبّد في هذه المسألة، فإذا ثبت من الشرع ما يُفسّر به مفهوم إرادته تعالى، ولم يكن من العقل على خلافه محذور، يتّبع لا محالة.

الناحية الرابعة: في بيان الأقوال في الإرادة

فعن الحكماء كما في جملة من كتبهم: أنّها العلم بالنظام الأصلح.

وعن متكلّمي الإمامية (3) ، أو جمهورهم، (4) أو مشهورهم، (5) وجماعة من رؤساء المعتزلة (6) : أنّها العلم بما في الفعل من المصلحة، ويسمّونه بالداعي.

وعن الأشاعرة وجمهور معتزلة البصرة: أنّها صفة ثالثة مغايرة للعلم والقدرة، وهي توجب

____________________

(1) شرح قواعد العقائد / 41.

(2) أوائل المقالات / 19.

(3) مرآة العقول / 76.

(4) حاشية الآشتياني على رسائل الشيخ / 35.

(5) بحار الأنوار 4 / 136.

(6) شرح المواقف 3 / 67.

١٩٩

أحد المقدورين لذاتها.

وعن الكعبي: أنّها في فعله علمه بما في الفعل من المصلحة.

وعن البلخي: أنّها فيه إيجاده، وأمّا في أفعال غيره فقالا: إنّها أمره بها.

وعن ضرار: كونه تعالى مريداً، نفس ذاته.

عن الكرامية: أنّها حادثة قائمة به تعالى.

وعن الجبائية: أنّها حادثة لا في محلّ.

وعن الحسين النجّار معنى مريديته كونه غير مغلوب ولا مكره.

فهذه أقوال تسعة، لكن الثاني يرجع إلى الأَوّل؛ إذ لا فرق بينهما من جهة أنّ التأثير من العلم بالأصلح، وإنّا يفترقان في أنّ الأصلح المذكور هل هو علّة غائية لفعله تعالى كما يقوله المتكلّمون، أو لا بل العلة الغائيّة هو نفس ذاته المقدّسة دون سواها؟ فإنّ العالي لا يُقصد لأجل السافل كما يتوهّمه الفلاسفة. وبكلمة واضحة: الاختلاف بينهما في العلّة الغائية دون العلّة الفاعلية، التي هي المبحوث عنها في المقام، فما به التخصيص وعنه التأثير، هو علمه تعالى بالأصلح على كلا القولين، فافهم جيّداً.

وأمّا القول الثالث فهو مبني على أصل فاسد وهو زيادة صفاته تعالى وقِدمها، فإذا هدّمناه - كما يأتي في المقصد الرابع إن شاء الله - ينهدم القول المذكور، نعم يحتمل أن تكون الإرادة بلا رجوعها إلى العلم وغيره، من الصفات الذاتية على نحو العينية، وهذا يحتاج إلى جواب آخر وسيأتي بحثه. وأمّا ما نُقل عن ضرار فهو مجمل إلاّ أن يرجع إلى القول الأَوّل، ومن رواية سليمان المروزي المنقولة في توحيد الصدوق، يظهر أنّ له قولاً آخر نُسب إليه.

وأمّا القول الرابع فهو أيضاً راجع إلى الثاني، وتفسيره إرادة الله المتعلّقة بأفعالنا بالأمر؛ إمّا من جهة إبطال شبهة الجبر، وإمّا للإشارة إلى تقسيم الإرادة إلى التكوينية والتشريعية، وبه يظهر حال تفصيل القول الخامس أيضاً، فإنّه قول بحدوث إرادته تعالى، وإنّه نفس الإيجاد، وحيث إنّ إيجاده أفعال غيره غير معقول، وإلاّ كانت الأفعال أفعاله لا أفعال غيره، فسّرها بالأمر بها.

وأمّا القول السابع فأُورد عليه أنّه مستلزم لكونه تعالى محلاًّ للحوادث.

وأمّا الثامن فردّ باستحالة صفةٍ لا في محلّ فينتقص به حدّ الجوهر والعرض.

هذا وأوردوا على القولين معاً لزوم التسلسل في الإرادات، فإنّ الإرادة حادثة، وكلّ حادث لابدّ له من إرادة، وهذا ظاهر.

وأمّا القول الأخير فهو تعريف للإرادة بلوازمها لا بنفسها.

فالمتحصّل أنّ ما يصحّ تفسير إرادته تعالى به أُمور ثلاثة:

٢٠٠

( أحكام الصوم )

يجب على كل انسان ان يصوم شهر رمضان عند تحقّق هذه الشروط :

(١) البلوغ ، فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر ، وان كان الأحوط الأولى اتمامه إذا كان ناوياً للصوم ندباً فبلغ اثناء النهار.

(٢ ، ٣) العقل وعدم الإغماء ، فلو جنّ أو اغمي عليه بحيث فاتت منه النية المعتبرة في الصوم وافاق اثناء النهار لم يجب عليه صوم ذلك اليوم ، نعم إذا كان مسبوقاً بالنية في الصورة المذكورة ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتم صومه.

(٤) الطهارة من الحيض والنفاس ، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا يصح منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.

(٥) عدم الضرر ، مثل المرض الذي يضر معه الصوم لإيجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذى لم تجر العادة بتحمل مثله ، ولا فرق بين اليقين بذلك والظن به والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، ففي جميع ذلك لا يجب الصوم ، وإذا أمن من الضرر على نفسه ولكنه خاف من الضرر على عرضه أو ماله مع الحرج في تحمله لم يجب عليه الصوم ، وكذلك فيما إذا زاحمه واجب مساوٍ ، أو اهم كما لو خاف على عرض غيره ، أو ماله مع وجوب حفظه عليه.

(٦) الحضر أو ما بحكمه ، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم

٢٠١

يجب عليه الصوم ، بل ولا يصح منه أيضاً ، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.

( مسألة ٤٦٦ ) : الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين التقصير والاتمام يتعين عليه فيها الإفطار ولا يصح منه الصوم.

( مسألة ٤٦٧ ) : يعتبر في جواز الإفطار للمسافر ان يتجاوز حد الترخص الذي يعتبر في قصر الصلاة ، وقد مر بيانه في ص (١٩١).

( مسألة ٤٦٨ ) : يجب ـ على الأحوط ـ اتمام الصوم على من سافر بعد الزوال ويجتزي به ، وأما من سافر قبل الزوال فلا يصح منه صوم ذلك اليوم على ـ الأحوط لزوماً ـ وان لم يكن ناوياً للسفر من الليل ـ فيجوز له الإفطار بعد التجاوز عن حد الترخص ، وعليه قضاؤه.

( مسألة ٤٦٩ ) : إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل يريد فيه الاقامة عشرة أيام ففيه صور :

(١) ان يرجع اليه قبل الزوال أو بعده وقد افطر في سفره ، فلا صوم له في هذه الصورة.

(٢) ان يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره ، ففي هذه الصورة يجب عليه ـ على الأحوط ـ ان ينوي الصوم ويصوم بقية النهار ويصح منه.

(٣) ان يرجع بعد الزوال ولم يفطر في سفره ، ولا يجب عليه الصوم في هذه الصورة ، بل لا يصح منه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٤٧٠ ) : إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء النهار صح صومه ولم يجب عليه القضاء.

( مسألة ٤٧١ ) : يجوز السفر في شهر رمضان ولو من غير ضرورة ، ولابد من الإفطار فيه ، وأما في غيره من الواجب المعين فلا يجوز السفر إذا كان واجباً بايجار ونحوه ، وكذا الثالث من أيام الاعتكاف ، ويجوز السفر

٢٠٢

فيما كان واجباً بالنذر ، وفي الحاق اليمين والعهد به اشكال ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم السفر فيهما.

( مسألة ٤٧٢ ) : لا يصح الصوم الواجب من المسافر سفراً تقصر الصلاة فيه ـ مع العلم بالحكم ـ إلاّ في ثلاثة مواضع :

١ ـ صوم الثلاثة أيام وهي جزء من العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.

٢ ـ صوم الثمانية عشر يوماً التي هي بدل البدنة كفارة لمن افاض من عرفات قبل الغروب عامداً.

٣ ـ صوم النافلة في وقت معين المنذور ايقاعه في السفر أو في الأعم من السفر والحضر ، دون النذر المطلق ، وكما لا يصح الصوم الواجب في السفر في غير المواضع المذكورة ، كذلك لا يصح الصوم المندوب فيه ، إلاّ ثلاثة أيام للحاجة في المدينة المنورة ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون في الأربعاء والخميس والجمعة.

( مسألة ٤٧٣ ) : يعتبر في صحة صوم النافلة ان لا تكون ذمة المكلف مشغولة بقضاء شهر رمضان ، ولا يضر بصحته ان يكون عليه صوم واجب لاجارة أو قضاء نذر مثلاً أو كفارة أو نحوها ، فيصح منه صوم النافلة في جميع ذلك ، كما يصح منه صوم الفريضة عن غيره ـ تبرعاً أو باجارة ـ وان كان عليه قضاء شهر رمضان.

( مسألة ٤٧٤ ) : الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم جاز لهما الإفطار ويُكفِّران عن كل يوم بمدّ من الطعام ، ولا يجب عليهما القضاء ، وإذا تعذر عليهما الصوم سقط عنهما ولا يبعد سقوط الكفارة حينئذٍ أيضاً ، ويجري هذا الحكم على ذي العطاش ( من به داء العطش ) أيضاً ، فإذا شق عليه الصوم كفّر عن كل يوم بمد ، وإذا تعذر عليه الصوم سقطت عنه الكفارة

٢٠٣

أيضاً.

( مسألة ٤٧٥ ) : الحامل المقرب إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على جنينها جاز لها الإفطار ـ بل قد يجب كما إذا كان الصوم مستلزماً للاضرار المحرم باحدهما ـ وتُكفِّر عن كل يوم بمد ويجب عليها القضاء أيضاً.

( مسألة ٤٧٦ ) : المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على الطفل الرضيع جاز لها الإفطار ـ بل قد يجب كما مر في المسألة السابقة ـ وعليها القضاء والتكفير عن كل يوم بمد ، ولا فرق في المرضع بين الأم والمستأجرة والمتبرعة ـ والأحوط لزوماً ـ الاقتصار في ذلك على ما إذا انحصر الإرضاع بها ، بان لم يكن هناك طريق آخر لإرضاع الطفل ولو بالتبعيض من دون مانع وإلاّ لم يجز لها الافطار.

( مسألة ٤٧٧ ) : يكفي في المدّ اعطاء ثلاثة ارباع الكيلو غرام تقريباً ، والأولى ان يكون من الحنطة ، أو دقيقها وإن كان يجزى مطلق الطعام حتى الخبز.

٢٠٤

( طرق ثبوت الهلال )

يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق :

(١) ان يراه المكلف نفسه.

(٢) ان يتيقن او يطمئن لشياع أو نحوه برؤيته في بلده ، أو فيما يلحقه حكماً كما سيأتي بيانه.

(٣) مضي ثلاثين يوماً من شهر شعبان.

(٤) شهادة رجلين عادلين بالرؤية ( وقد مرّ معنى العدالة في المسألة ٢٠ ) وتعتبر فيها وحدة المشهود به ، فلو ادعى احدهما الرؤية في طرف وادعى الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال بذلك ، كما يعتبر فيها عدم العلم أو الاطمينان باشتباههما وعدم وجود معارض لشهادتهما ـ ولو حكماً ـ كما لو استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى الرؤية منهم عدلان فقط ، أو استهل جمع ولم يدع الرؤية إلاّ عدلان ولم يره الآخرون وفيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحِدَّة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل ان يكون مانعاً عن رؤيتهما ، ففي مثل ذلك لا عبرة بشهادة العدلين ، ولا يثبت الهلال بشهادة النساء إلاّ إذا حصل اليقين او الاطمينان به من شهادتهن.

( مسألة ٤٧٨ ) : لا يثبت الهلال بحكم الحاكم ، ولا بتطوّقه ليدل على انه لليلة السابقة ، ولا بقول المنجم ونحوه.

( مسألة ٤٧٩ ) : إذا افطر المكلف ثم انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق المزبورة وجب عليه القضاء ، وإذا بقي من النهار شيء وجب عليه الامساك

٢٠٥

فيه على الأحوط ، وان لم يكن قد افطر وكان ثبوته له قبل الزوال نوى الصوم وصح منه وان كان بعده ـ فالأحوط ـ الجمع بين الامساك بقصد القربة المطلقة والقضاء.

( مسألة ٤٨٠ ) : يكفي ثبوت الهلال في بلد آخر وان لم ير في بلد الصائم إذا توافق افقهما ، بمعنى كون الرؤية في البلد الأوّل ملازمة للرؤية في البلد الثاني لولا المانع من سحاب أو جبل أو نحوهما.

( مسألة ٤٨١ ) : لابد في ثبوت هلال شوال من تحقّق أحد الاُمور المتقدمة ، فلو لم يثبت بشيء منها لم يجز الافطار.

( مسألة ٤٨٢ ) : إذا صام يوم الشك في انه من شهر رمضان أو شوال ، ثم ثبت الهلال اثناء النهار وجب عليه الافطار.

( مسألة ٤٨٣ ) : لا يجوز ان يصوم يوم الشك في انه من شعبان او من شهر رمضان بنية انه من شهر رمضان ، نعم يجوز صومه استحباباً ، أو قضاءً فإذا انكشف ـ حينئذٍ ـ اثناء النهار انه من رمضان عدل بنيته واتم صومه ، ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت حسب له صومه ولا يجب عليه القضاء.

( مسألة ٤٨٤ ) : المحبوس أو الأسير إذا لم يتمكن من تشخيص شهر رمضان وجب عليه التحري حسب الإمكان فيعمل بما غلب عليه ظنه ، ومع تساوي الاحتمالات يختار شهراً فيصومه ، ويجب عليه ان يحفظ الشهر الذي صامه ليتسنى له ـ من بعد ـ العلم بتطابقه مع شهر رمضان وعدمه ، فان انكشفت له المطابقة فهو ، وإن انكشف خلافها ففيه صورتان :

( الأولى ) ان ينكشف ان صومه وقع بعد شهر رمضان ، فلا شيء عليه في هذه الصورة.

( الثانية ) ان ينكشف ان صومه كان قبل شهر رمضان فيجب عليه في هذه الصورة ان يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.

٢٠٦

( نية الصوم )

يجب على المكلف قصد الامساك عن المفطرات المعهودة من أول الفجر إلى الغروب متقرباً به إلى الله تعالى ، ويجوز الاكتفاء بقصد صوم تمام الشهر من أوله ، فلا يعتبر حدوث القصد المذكور في كل ليلة ، أو عند طلوع الفجر وان كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازاً.

( مسألة ٤٨٥ ) : كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من الصوم الواجب ، كصوم الكفارة والنذر والقضاء ، والصوم نيابة عن الغير ، ولو كان على المكلف اقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائداً على قصد القربة ، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان لأن الصوم فيه متعين بنفسه.

( مسألة ٤٨٦ ) : يكفي في نية الصوم ان ينوي الامساك عن المفطرات على نحو الاجمال ، ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلاً.

( مسألة ٤٨٧ ) : إذا لم تتحقق منه نية الصوم في يوم من شهر رمضان لنسيان منه مثلاً ولم يأت بمفطر ، فان تذكر بعد الزوال وجب عليه على ـ الأحوط وجوباً ـ الامساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك ، وان كان التذكر قبل الزوال نوى الصوم واجتزأ به ، وكذا الحال في غيره من الواجب المعين ، وأما الواجب غير المعين فيمتد وقت نيته إلى الزوال ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تأخيرها عنه ، وأما صوم النافلة فيمتد وقت

٢٠٧

نيته إلى الغروب بمعنى ان المكلف إذا لم يكن قد اتى بمفطر جاز له ان يقصد صوم النافلة ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيئاً قليلاً ويحسب له صوم هذا اليوم.

( مسألة ٤٨٨ ) : لو عقد نية الصوم ثم نوى الإفطار في وقت لا يجوز تأخير النية اليه عمداً ثم جدد النية لم يجتزىء به على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٤٨٩ ) : إذا نوى ليلاً صوم الغد ، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار صح صومه.

٢٠٨

( المفطرات )

وهي أمور :

( الأوّل والثاني : تعمد الأكل والشرب ) ولا فرق في المأكول والمشروب بين المتعارف وغيره ، ولا بين القليل والكثير ، كما لا فرق في الاكل والشرب بين أن يكونا من الطريق العادي أو من غيره ، فلو شرب الماء من انفه بطل صومه ، ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختياراً.

( مسألة ٤٩٠ ) : لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد ، كما إذا نسي صومه فأكل أو شرب ، كما لا يبطل بما إذا وُجِرَ في حلقه بغير اختياره ونحو ذلك.

( مسألة ٤٩١ ) : لا يبطل الصوم بزرق الدواء أو غيره بالإبراة في العضلة أو الوريد ، كما لا يبطل بالتقطير في الإذن ، أو العين ولو ظهر أثر من اللون أو الطعم في الحلق ، وكذلك لا يبطل باستعمال البخاخ الذي يسهل عملية التنفس اذا كانت المادة التي يبثها تدخل المجرى التنفسي لا المري.

( مسألة ٤٩٢ ) : يجوز للصائم بلع ريقه اختياراً ما لم يخرج من فضاء فمه ، بل يجوز له جمعه في فضائه ثم بلعه.

( مسألة ٤٩٣ ) : لا بأس على الصائم ان يبلع ما يخرج من صدره ، أو ينزل من رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم ، وإلاّ ـ فالأحوط

٢٠٩

استحباباً ـ تركه.

( مسألة ٤٩٤ ) : يجوز للصائم الاستياك ، لكن إذا أخرج المسواك لا يرده إلى فمه وعليه رطوبة الا ان يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد أو تستهلك الرطوبة التي عليه في الريق.

( مسألة ٤٩٥ ) : يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم يعلم بدخول شيء من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار ، والا وجب التخليل.

( مسألة ٤٩٦ ) : لا بأس على الصائم ان يمضغ الطعام للصبي أو الحيوان ، وان يذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق ، ولو اتفق تعدي شيء من ذلك إلى الحلق من غير قصد ولا علم بانه يتعدى قهراً أو نسياناً ، لم يبطل صومه.

( مسألة ٤٩٧ ) : يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء ، أو لغيره ما لم يبتلع شيئاً من الماء متعمداً ، وينبغي له بعد المضمضة ان يبزق ريقه ثلاثاً.

( مسألة ٤٩٨ ) : إذا ادخل الصائم الماء في فمه للتمضمض أو غيره فسبق إلى جوفه بغير اختياره ، فان كان عن عطش كأن قصد به التبريد وجب عليه القضاء ، وأما في غير ذلك من موارد ادخال المايع في الفم أو الأنف وتعديه الى الجوف بغير اختيار فلا يجب القضاء ، وان كان هو ـ الأحوط الأولى ـ فيما إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقاً إذا لم يكن لوضوء صلاة الفريضة.

( الثالث من المفطرات : على الأحوط لزوماً تعمد الكذب على الله ، أو على رسوله ، أو على أحد الأئمة المعصومين عليهم‌السلام ) وتلحق بهم

٢١٠

على ـ الأحوط الأولى ـ الصديقة الطاهرة وسائر الأنبياء واوصيائهمعليهم‌السلام .

( مسألة ٤٩٩ ) : إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله ، أو عن أحد المعصومينعليهم‌السلام ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه ، نعم إذا أخبر عن الله أو عن أحد المعصومين : على سبيل الجزم غير معتمد على حجة شرعية مع احتمال كذب الخبر وكان كذباً في الواقع جرى عليه حكم التعمد.

( مسألة ٥٠٠ ) : من يلحن في قراءة القرآن المجيد تجوز له قراءته من دون قصد الحكاية عن القرآن المنزل ، ولا يبطل بذلك صومه.

( الرابع من المفطرات : ـ على المشهور بين الفقهاء (رض) ـ تعمد الارتماس في الماء ) ولكن الأظهر انه لا يضر بصحة الصوم ، بل هو مكروه كراهة شديدة ، ولا فرق في ذلك بين رمس تمام البدن ورمس الرأس فقط ، ولا بأس بوقوف الصائم تحت المطر ونحوه وان احاط الماء بتمام بدنه.

( مسألة ٥٠١ ) : ـ الأحوط استحباباً ـ للصائم في شهر رمضان وفي غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء.

( الخامس من المفطرات : تعمد الجماع الموجب للجنابة ) ولا يبطل الصوم به إذا لم يكن عن عمد.

( السادس من المفطرات : الاستمناء بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير ذلك ) بل إذا أتى بشيء من ذلك ، ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني فاتفق خروجه بطل صومه.

( مسألة ٥٠٢ ) : إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وان

٢١١

تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى ، من غير فرق بين كونه قبل الغسل أو بعده وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الترك في الثاني.

( السابع من المفطرات : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ) ويختص ذلك بصوم شهر رمضان(١) وبقضائه ، وأما في غيرهما من اقسام الصوم فلا يضر ذلك ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تركه في سائر اقسام الصوم الواجب ، كما أن ـ الأحوط الأولى ـ عدم قضاء شهر رمضان في اليوم الذي يبقى فيه على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير تعمد.

( مسألة ٥٠٣ ) : البقاء على حدث الحيض أو النفاس مع التمكن من الغسل أو التيمم مبطل لصوم شهر رمضان ، بل ولقضائه أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ دون غيرهما.

( مسألة ٥٠٤ ) : من أجنب في شهر رمضان ليلاً ، ثم نام قاصداً ترك الغسل فاستيقظ بعد طلوع الفجر جرى عليه حكم تعمد البقاء على الجنابة وهكذا الحكم فيما لو نام متردداً في الاتيان بالغسل على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما اذا كان ناوياً للغسل مطمئناً بالانتباه في وقت يسع له ـ لإعتياد أو غيره ـ فاتفق انه لم يستيقظ الا بعد الفجر فلا شيء عليه وصح صومه ، نعم اذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء ، وكذلك الحال في النومة الثالثة ، إلاّ أن ـ الأحوط الأولى ـ فيه أداء الكفارة أيضاً.

( مسألة ٥٠٥ ) : اذا اجنب في شهر رمضان ليلا وأراد النوم ولم يكن

__________________

(١) بالنظر إلى احتمال ان يكون وجوب القضاء في تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان عقاباً مفروضاً على الصائم لا من جهة بطلان صيامه فاللازم ان يراعي الاحتياط في النية بأن يمسك عن المفطرات في ذلك اليوم بقصد القربة المطلقة من دون تعيين كونه صوماً شرعياً أو لمجرد التأدب.

٢١٢

مطمئناً بالاستيقاظ في وقت يسع الاغتسال قبل طلوع الفجر ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يغتسل قبل النوم ، فان نام ناوياً للغسل ولم يستيقظ فالأحوط وجوباً القضاء حتى في النومة الأولى ، بل ـ الأحوط الأولى ـ أداء الكفارة أيضاً ولا سيما في النومة الثالثة.

( مسألة ٥٠٦ ) : اذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر من نهار شهر رمضان كان عليه قضاؤه ، ولكن يجب عليه امساك ذلك اليوم ـ والأحوط لزوماً ـ ان ينوي به القربة المطلقة ، ولا يلحق صيام غير شهر رمضان به في هذا الحكم حتى قضائه كما مر ، واذا لم يعلم بالجنابة ، أو علم بها ونسي وجوب صوم الغد حتى طلع الفجر صح صومه ولا شيء عليه.

( مسألة ٥٠٧ ) : اذا لم يتمكن الجنب من الاغتسال ليلاً وجب عليه ان يتيمم قبل الفجر بدلاً عن الغسل فان تركه بطل صومه ، ولا يجب عليه ان يبقى مستيقظاً بعده حتى يطلع الفجر وان كان ذلك أحوط.

( مسألة ٥٠٨ ) : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة ، وهكذا في الاستحاضة المتوسطة والكثيرة ، فلا يعتبر الغسل في صحة صومهما ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان تراعيا فيه الاتيان بالأغسال النهارية التي للصلاة.

( الثامن من المفطرات : تعمد ادخال الغبار ، أو الدخان الغليظين في الحلق على ـ الأحوط لزوماً ـ ) ولا بأس بغير الغليظ منهما ، وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد باثارة الهواء.

( التاسع من المفطرات : تعمد القيء ولو للضرورة ) ويجوز التجشؤ للصائم وان احتمل خروج شيء من الطعام أو الشراب معه ،

٢١٣

ـ والأحوط لزوماً ـ ترك ذلك مع اليقين بخروجه ما لم يصدق عليه التقيأ والا فلا يجوز.

( مسألة ٥٠٩ ) : لو خرج شيء من الطعام ، أو الشراب بالتجشؤ ، أو بغيره إلى حلق الصائم قهراً فابتلعه ثانياً بطل صومه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( العاشر من المفطرات : تعمد الإحتقان بالماء ، أو بغيره من المائعات ولو للضرورة ) ولا بأس بغير المائع ، كما لا بأس بما تستدخله المرأة من المائع أو الجامد في مهبلها.

( تذييل )

المفطرات المتقدمة ـ عدا الأكل والشرب والجماع ـ انما تبطل الصوم اذا ارتكبها العالم بمفطريتها ، أو الجاهل المقصر ، وكذا غير المقصر اذا كان متردداً ، ولا توجب البطلان اذا صدرت عن المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية ، أو عن الجاهل المركب اذا كان قاصراً.

٢١٤

( أحكام المفطرات )

( مسألة ٥١٠ ) : تجب الكفّارة على من افطر في شهر رمضان بالأكل أو الشرب ، أو الجماع أو الاستمناء ، أو البقاء على الجنابة مع العمد والاختيار من غير كره ولا اجبار ، ويتحقق التكفير حتى في الإفطار بالمحرّم ـ بتحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين ، او اطعام ستين مسكيناً بتوضيح سيأتي في احكام الكفارات.

( مسألة ٥١١ ) : إذا اكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان وهي صائمة تضاعفت عليه الكفارة على ـ الأحوط لزوماً ـ ويعزّر بما يراه الحاكم الشرعي ، ومع عدم الإكراه ورضا الزوجة بذلك فعلى كل منهما كفارة واحدة ، ويعزران بما يراه الحاكم أيضاً.

( مسألة ٥١٢ ) : من ارتكب شيئاً من المفطرات في نهار شهر رمضان فبطل صومه ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يمسك بقية ذلك النهار ، بل الأحوط لزوماً ان يكون امساكه برجاء المطلوبية في الإفطار بادخال الدخان أو الغبار الغليظين في الحلق ، أو الكذب على الله ورسوله ، ولا تجب الكفارة الا بأول مرة من الإفطار ، ولا تتعدد بتعدده حتى في الجماع والاستمناء ، فإنه لا تتكرر الكفارة بتكررهما وان كان ذلك ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة ٥١٣ ) : من أفطر في شهر رمضان متعمداً ثم سافر لم يسقط عنه وجوب الكفارة وان كان سفره قبل الزوال.

٢١٥

( مسألة ٥١٤ ) : يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم ، ولا كفارة على الجاهل القاصر ، ومثله الجاهل المقصر اذا لم يكن متردداً ـ والا لزمته الكفارة على الأحوط وجوباً ـ فلو استعمل مفطراً واثقاً بانه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة وان اعتقد حرمته في نفسه ، كما لو استمنى متعمداً عالماً بحرمته ولكن واثقاً ـ ولو لتقصير ـ بعدم بطلان الصوم به فانه لا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها.

٢١٦

( موارد وجوب القضاء فقط )

( مسألة ٥١٥ ) : من افطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض ونحوهما وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلاّ يومي العيدين ( الفطر والاضحى ) فلا يجوز الصوم فيهما قضاءً وغير قضاء من سائر اقسام الصوم حتى النافلة.

( مسألة ٥١٦ ) : من اكره في نهار شهر رمضان على الاكل أو الشرب ، أو الجماع أو اقتضت التقية ارتكابها ، أو اضطر اليها ، أو إلى القيء ، أو الاحتقان جاز له الإفطار بها ـ مع الاقتصار فيه على مقدار الضرورة على ـ الأحوط وجوباً ـ ولكن يبطل صومه ويجب عليه القضاء ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ القضاء في الإكراه والاضطرار إلى الإفطار بغير المذكورات أيضاً.

( مسألة ٥١٧ ) : تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء فقط والبقية كما يلي :

(١) ما إذا اخلّ بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئاً من المفطرات المتقدمة.

(٢) ما إذا ارتكب شيئاً من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر ، فانكشف طلوعه حين الإفطار ، فإنه يجب عليه القضاء ـ مع الامساك بقية يومه برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما إذا فحص ولم يظهر له طلوع الفجر فأتى بمفطر ثم انكشف طلوعه صح صومه ولا شيء عليه.

٢١٧

(٣) ما إذا اتى بمفطر معتمداً على من أخبره ببقاء الليل ، أو على الساعة ونحوها ثم انكشف خلافه ، فإنه يجب عليه القضاء مع الامساك في بقية النهار برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ.

(٤) ما إذا اخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم ان المخبر انما اخبر مزاحاً ثم انكشف ان الفجر كان طالعاً ، وحكمه ما تقدم في الفقرة (٣).

(٥) ما إذا اخبر من يعتمد على قوله شرعاً ـ كالبينة ـ عن دخول الليل فافطر وانكشف خلافه ، وأما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله ومع ذلك افطر اهمالاً وتسامحاً وجبت الكفارة أيضاً الا إذا انكشف ان الإفطار كان بعد دخول الليل.

(٦) ما إذا افطر الصائم باعتقاد دخول الليل ثم انكشف عدمه ، حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

٢١٨

( من أحكام قضاء الصوم )

( مسألة ٥١٨ ) : لا يُعتبر الترتيب ولا الموالاة في القضاء ، فيجوز التفريق فيه ، كما يجوز قضاء ما فات ثانياً قبل ان يقضي ما فاته اولاً.

( مسألة ٥١٩ ) : ـ الأحوط الأولى ـ أن يقضي ما فاته في شهر رمضان لعذر أو بغير عذر اثناء سنته إلى رمضان الآتي ، ولا يؤخره عنه ، ولو أخره عمداً وجب ان يكفّر عن كل يوم بالتصدق بمدّ من الطعام ، سواء فاته صوم شهر رمضان لعذر ام بدونه ؛ على ـ الأحوط لزوماً ـ في الصورة الثانية ، كما ان ـ الأحوط وجوباً ـ أداء الكفارة مع التأخير في القضاء بغير عمد في الصورتين ، ولو فاته الصوم لمرض واستند التأخير في قضائه إلى استمرار المرض الى رمضان الآتي ، بحيث لم يتمكن المكلف من القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء ولزمته الفدية فقط ، وهي بمقدار الكفارة المذكورة.

( مسألة ٥٢٠ ) : يجوز الإفطار في قضاء شهر رمضان قبل الزوال ولا يجوز بعده ، ولو افطر لزمته الكفارة ، وهي اطعام عشرة مساكين يعطي كل واحد منهم مداً من الطعام ، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام ، هذا اذا لم يكن القضاء من ذلك اليوم متعيناً عليه بنذر أو نحوه ، والا لم يجز الإفطار فيه مطلقاً ، كما هو الحكم في غيره من الواجب المعين بل قد تترتب الكفارة على ذلك كالافطار في الصوم المعين بالنذر ، وأما الواجب

٢١٩

الموسّع ـ غير القضاء عن النفس ـ فيجوز الإفطار فيه قبل الزوال وبعده والأولى ان لا يفطر بعد الزوال ، ولا سيما اذا كان الواجب هو قضاء صوم شهر رمضان عن غيره باجارة أو غير اجارة.

( مسألة ٥٢١ ) : من فاته صيام شهر رمضان لعذر او غيره ولم يقضه مع التمكن منه حتى مات ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يقضيه عنه ولده الأكبر بالشرطين المتقدمين في المسألة (٤٤٨) ـ ويجزى عن القضاء التصدق بمدّ من الطعام عن كل يوم ـ والأحوط الأولى ـ ذلك في الأم أيضاً ، وما ذكرناه في المسألة (٤٤٨) إلى المسألة (٤٥٣) من الأحكام الراجعة إلى قضاء الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضاً.

( مسألة ٥٢٢ ) : إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض ، أو حيض او نفاس ولم يتمكن من قضائه كأن مات قبل البرء من المرض ، او النقاء من الحيض او النفاس ، أو بعد ذلك قبل مضي زمان يصح منه قضاؤه فيه لم يقض عنه.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551