المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات14%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234173 / تحميل: 5615
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية

قال المصنّف ـ عطّر الله ضريحه ـ(١) :

المبحث الخامس

في أنّ الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية

خالفت الأشاعرة كافّة العقلاء ها هنا ، وحكموا بنقيض المعلوم بالضرورة ، فقالوا : إنّ الوجود علّة [ في ] كون الشيء مرئيا ، فجوّزوا رؤية كلّ شيء موجود ، سواء كان في حيّز أم لا ، وسواء كان مقابلا أم لا!

فجوّزوا إدراك الكيفيات النفسانية ـ كالعلم ، [ وإلإرادة ، ] والقدرة ، والشهوة ، واللذّة ـ ، وغير النفسانية ممّا لا يناله البصر ـ كالروائح ، والطعوم ، والأصوات ، والحرارة ، والبرودة ، وغيرها من الكيفيات الملموسة ـ(٢) .

ولا شكّ أنّ هذا مكابرة للضروريّات ، فإنّ كلّ عاقل يحكم بأنّ الطعم إنّما يدرك بالذوق لا بالبصر ، والروائح إنّما تدرك بالشمّ لا بالبصر(٣) ، والحرارة ـ وغيرها من الكيفيات الملموسة ـ إنّما تدرك باللمس لا بالبصر ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ٤٤ ـ ٤٥.

(٢) انظر : اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع : ٦١ ـ ٦٣ ، تمهيد الأوائل : ٣٠٢ ، شرح المقاصد ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ، شرح العقائد النسفية : ١٢٦ ، شرح المواقف ٨ / ١٢٣.

(٣) كان في الأصل : « بالإبصار » ، وما أثبتناه من المصدر ليناسب وحدة السياق.

٨١

والصوت إنّما يدرك بالسمع لا بالبصر

[ ولهذا فإنّ فاقد البصر يدرك هذه الأعراض ؛ ولو كانت مدركة بالبصر لاختلّ الإدراك باختلاله ].

وبالجملة : فالعلم بهذا الحكم لا يقبل التشكيك ، وإنّ من شكّ فيه فهو سوفسطائي.

ومن أعجب الأشياء : تجويزهم عدم رؤية الجبل الشاهق في الهواء ، مع عدم الساتر! وثبوت رؤية هذه الأعراض التي لا تشاهد ولا تدرك بالبصر!

وهل هذا إلّا عدم تعقّل من قائله؟!(١) .

__________________

(١) اختلفت النسخ في إيراد هذه الجملة ؛ ففي المخطوط وطبعة طهران : « وهل هذا الأمر يغفل قائله؟! » وفي طبعة القاهرة وإحقاق الحقّ : « وهل هذا إلّا من تغفّل قائله؟! » ؛ ولا شكّ أنّ التصحيف قد طرأ عليها على أثر سقوط كلمة « عدم » ؛ وما أثبتناه من المصدر هو المناسب للسياق.

٨٢

وقال الفضل(١) :

إعلم أنّ الشيخ أبا الحسن الأشعري استدلّ بالوجود على إثبات جواز رؤية الله تعالى(٢) .

وتقرير الدليل ـ كما ذكر في « المواقف » وشرحه ـ : أنّا نرى الأعراض كالألوان والأضواء وغيرها ، من الحركة والسكون ، والاجتماع والافتراق ؛ وهذا ظاهر.

ونرى الجوهر أيضا ؛ لأنّا نرى الطول والعرض في الجسم ، وليس الطول والعرض عرضين قائمين بالجسم ، لما تقرّر من أنّه مركّب من الجواهر الفردة.

فالطول مثلا ، إن قام بجزء واحد ، فذلك الجزء يكون أكثر حجما من جزء آخر ، فيقبل القسمة ؛ هذا خلف.

وإن قام بأكثر من جزء واحد ، لزم قيام العرض [ الواحد ] بمحلّين ؛ وهو محال.

فرؤية الطول والعرض هي رؤية الجواهر التي تركّب منها الجسم.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١١٨ ـ ١٢٢.

(٢) انظر : الإبانة عن أصول الديانة : ٦٦ الدليل ٨١ ، الملل والنحل ١ / ٨٧ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٥٧ ؛ وقال به الباقلّاني أيضا في تمهيد الأوائل : ٣٠١ ، وفخر الدين الرازي في الأربعين في أصول الدين ١ / ٢٦٨ والمسائل الخمسون : ٥٦ الوجه الأوّل ، والتفتازاني في شرح العقائد النسفية : ١٢٦.

٨٣

فقد ثبت أنّ صحّة الرؤية مشتركة بين الجوهر والعرض ، وهذه الصحّة لها علّة مختصّة بحال وجودهما ؛ وذلك لتحقّقها عند الوجود ، وانتفائها عند العدم ، ولو لا تحقّق أمر يصحّح حال الوجود غير [ متحقّق ] حال العدم لكان ذلك ترجيحا بلا مرجّح.

وهذه العلّة لا بدّ أن تكون مشتركة بين الجوهر والعرض ، وإلّا لزم تعليل الأمر الواحد بالعلل المختلفة ، وهو غير جائز.

ثمّ نقول : هذه العلّة المشتركة إمّا الوجود أو الحدوث ، إذ لا مشترك بين الجوهر والعرض سواهما ، لكنّ الحدوث عدمي لا يصلح للعلّة ، فإذا العلّة المشتركة : الوجود ، فإنّه مشترك بينها وبين الواجب ، فعلّة صحّة الرؤية متحقّقة في حقّ الله تعالى ، فتتحقّق صحّة الرؤية ؛ وهو المطلوب.

ثمّ إنّ هذا الدليل يوجب أن تصحّ رؤية كلّ موجود : كالأصوات ، والروائح ، والملموسات ، والطعوم ـ كما ذكره هذا الرجل ـ ، والشيخ الأشعري يلتزم هذا ويقول : لا يلزم من صحّة الرؤية لشيء تحقّق الرؤية له.

وإنّا لا نرى هذه الأشياء التي ذكرناها بجري العادة من الله تعالى بذلك ـ أي بعدم رؤيتها ـ فإنّ الله تعالى جرت عادته بعدم خلق رؤيتها فينا ، ولا يمتنع أن يخلق الله فينا رؤيتها كما خلق رؤية غيرها.

والخصوم يشدّدون عليه الإنكار ويقولون : هذه مكابرة محضة ، وخروج عن حيّز العقل بالكلّيّة.

ونحن نقول : ليس هذا الإنكار إلّا استبعادا ناشئا عمّا هو معتاد في الرؤية ؛ والحقائق ، والأحكام الثابتة المطابقة للواقع ، لا تؤخذ من العادات ،

٨٤

بل ممّا تحكم به العقول الخالصة من الأهواء وشوائب التقليدات(١) .

ثمّ من الواجب في هذا المقام أن تذكر حقيقة الرؤية حتّى يبعد الاستبعاد عن الطبائع السليمة ، فنقول :

إذا نظرنا إلى الشمس فرأيناها ، ثمّ غمضنا العين ، فعند التغميض نعلم الشمس علما جليّا.

وهذه الحالة مغايرة للحالة الأولى التي هي الرؤية بالضرورة ، وهذه الحالة المغايرة الزائدة ليست هي تأثّر الحاسّة فقط ـ كما حقّق في محلّه ـ ، بل هي حالة أخرى يخلقها الله تعالى في العبد ، شبيهة بالبصيرة في إدراك المعقولات.

وكما إنّ البصيرة في الإنسان تدرك الأشياء ، ومحلّها القلب ؛ كذلك البصر يدرك الأشياء ، ومحلّها الحدقة في الإنسان.

ويجوز عقلا أن تكون تلك الحالة تدرك الأشياء من غير شرط ومحلّ ، وإن كان يستحيل أن ( يدرك الإنسان بلا مقابلة )(٢) وباقي الشروط عادة.

فالتجويز عقلي ، والاستحالة عاديّة ؛ كما ذكرنا مرارا.

فأين الاستبعاد إذا تأمّله المنصف؟!

ومآل هذا يرجع إلى كلام واحد قدّمناه.

* * *

__________________

(١) المواقف : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٢٢ ـ ١٢٤ ملخّصا.

(٢) في المصدر : تدرك الأشياء إلّا بالمقابلة.

٨٥

وأقول :

لا يخفى أنّ دليل الأشعري قد تكرّر ذكره في كتبهم ، واستفرغ القوم وسعهم في تصحيحه ، فلم ينفعهم ، حتّى أقرّ محقّقوهم بعدم تمامه.

فهذا شارح « المواقف » بعد ترويجه بما أمكن ، والإيراد عليه ببعض الأمور ، قال : « وفي هذا الترويج تكلّفات أخر يطلعك عليها أدنى تأمّل ، فإذا الأولى ما قد قيل من أنّ التعويل في هذه المسألة على الدليل العقلي متعذّر »(١) .

وقال التفتازاني في « شرح المقاصد »(٢) بعد ما أطال الكلام في إصلاحه : « والإنصاف أنّ ضعف هذا الدليل جليّ »(٣) .

وأقرّ القوشجي في « شرح التجريد » بورود بعض الأمور عليه ممّا

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٢٩.

(٢) كان في الأصل : « شرح المطالع » وهو سهو ، بل هو « شرح المقاصد » ، فلم يعهد للتفتازاني كتاب بذاك الاسم ؛ انظر : هديّة العارفين ٦ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٨٤٩ رقم ١٦٨٥٦.

و« مطالع الأنوار » في المنطق ، للقاضي سراج الدين محمود بن أبي بكر الأرموي ـ المتوفّى سنة ٦٨٢ ه‍ ـ ، ولكتابه شرح اسمه « لوامع الأسرار » لقطب الدين محمّد ابن محمّد الرازي ـ المتوفّى سنة ٧٦٦ ه‍ ـ أحد تلامذة العلّامة الحلّي ، وعلى شرحه هذا حواش عديدة ، منها : حاشية لسيف الدين أحمد بن محمّد ـ حفيد سعد الدين التفتازاني ، المتوفّى سنة ٨٤٢ ه‍ ـ ؛ ومن هنا حصل اللبس في نسبة الكتاب ؛ فلاحظ!

انظر : كشف الظنون ٢ / ١٧١٥ ـ ١٧١٧ ، أمل الآمل ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ رقم ٩٠٨ ، رياض العلماء ٥ / ١٧٠ ، لؤلؤة البحرين : ١٩٤ ـ ١٩٨ رقم ٧٤.

(٣) شرح المقاصد ٤ / ١٩١.

٨٦

لا يمكن دفعها(١) .

وكذلك الرازي في كتاب « الأربعين » على ما نقله عنه السيّد السعيد ;(٢) .

فحينئذ يكون ذكر الفضل له ـ بدون إشارة إلى ذلك ـ تلبيسا موهما لاعتباره عند أصحابه ، بل يكون نقصا فيهم ، إذ يعتمدون على ما لا يصلح أن يسطر ، فضلا أن يعتبر!

ولنشر إلى بعض ما يرد عليه ، فنقول : يرد عليه :

أوّلا : إنّ دعوى رؤية الجواهر الفردة ، التي هي الأجزاء التي لا تتجزّأ ، مبنيّة على ثبوتها وعلى تركّب الجسم منها ، لا من الهيولى والصورة ، وهو باطل ؛ لأنّ الجزء الواقع في وسط التركيب إمّا أن يحجب الأطراف عن التماس أو لا.

فعلى الأوّل : لا بدّ أن يلاقي كلّا منها بعضه ، فتلزم التجزئة.

وعلى الثاني : يلزم التداخل ، وهو محال ؛ وعدم زيادة الحجم ، وهو خلاف المطلوب.

وبعبارة أخرى : إنّ الوسط إمّا أن يلاقي الأطراف بكلّه

أو ببعضه

أو لا يلاقي شيئا منها

أو يلاقي بعضا دون بعض.

__________________

(١) انظر : شرح التجريد : ٤٣٣ و ٤٣٧ ـ ٤٣٨.

(٢) كتاب الأربعين ١ / ٢٦٨ ـ ٢٧٧ ، وانظر : إحقاق الحقّ ١ / ١٢٢.

٨٧

فالأوّل يقتضي التداخل وعدم زيادة الحجم.

والثاني يقتضي التجزئة.

والأخيران ينافيان التأليف من الوسط والأطراف.

وإن شئت قلت : لو وضع جزء على جزء ، فإن لاقاه بكلّه لزم التداخل وعدم زيادة الحجم ، وإن لاقاه ببعضه لزمت التجزئة.

وقد ذكر شيخنا المدقّق نصير الدين ١ وغيره من العلماء وجوها كثيرة لإبطال الجوهر الفرد ، فلتراجع(١) .

ويرد عليه ثانيا : إنّه لو سلّم ثبوت الجواهر الفردة والتركيب منها ، فإثبات رؤيتها ـ كما صرّح به الدليل ـ موقوف على بطلان كون الطول والعرض عرضين قائمين بأكثر من جزء واحد ؛ لاستلزامه قيام العرض الواحد بمحلّين.

وأنت تعلم أنّه إن أريد لزوم قيام العرض بتمامه ، في كلّ واحد من المحلّين ، فهو ممنوع.

وإن أريد لزوم قيامه بمجموع المحلّين ، فمسلّم ولا بأس به.

وثالثا : إنّه لو سلّم رؤية الجواهر كالأعراض ، فتخصيص العلّة بحال الوجود محلّ نظر ، بناء على مذهبهم من إحالة كلّ شيء إلى إرادة الفاعل المختار ، فتصحّ رؤية المعدوم كالموجود!

ودعوى ضرورة امتناع رؤية المعدوم عقلا ، فلا تصلح لأن تتعلّق بها

__________________

(١) انظر : تجريد الاعتقاد : ١٤٥ ، أوائل المقالات : ٩٦ ـ ٩٧ رقم ٨٧ ، النكت الاعتقادية : ٢٨ ، الذخيرة في علم الكلام : ١٤٦ وما بعدها ، المنقذ من التقليد ١ / ٣٤ و ٤٣ ـ ٤٨ ، كشف المراد : ١٤٥ ـ ١٤٦ المسألة ٦.

٨٨

إرادة الله تعالى وقدرته ، صحيحة ؛ لكن عندنا دونهم.

إذ ليس امتناع رؤية المعدوم بأظهر من امتناع رؤية العلم ، والإرادة ، والروائح ، والطعوم ، ونحوها من الكيفيات الموجودة ، وقد أنكروا امتناع رؤيتها.

ورابعا : إنّه لو سلّم أنّ العلّة هي الوجود ، فلا نسلّم أنّه بإطلاقه هو العلّة ، بل يمكن أن تكون العلّة هي الوجود المقيّد بالحدوث الذاتي ، أو الزماني ، أو بالإمكان ، أو بما يثبت معه شروط الرؤية ، وإن قلنا : إنّ بعض هذه الأمور عدميّ ؛ لأنّها قيود ، والقيد خارج.

ويمكن ـ أيضا ـ أن تكون علّة رؤية العرض هي وجوده الخاصّ به لا المطلق ، وكذا بالنسبة إلى رؤية الجوهر.

فلا يلزم صحّة رؤية الباري سبحانه.

ودعوى أنّا قد نرى البعيد وندرك له هويّة من غير أن ندرك أنّه جوهر أو عرض ، فيلزم أن يكون المرئي هو المشترك بينهما لا نفسهما ، وأن تكون العلّة مشتركة أيضا بينهما ، باطلة ؛ لمنع ما ذكره من لزوم كون المرئي هو المشترك.

وذلك لاحتمال تعلّق الرؤية بنفس المرئي بخصوصه ، إلّا أنّ إدراكه في البعد إجماليّ.

ولو سلّم تعلّقها بالمشترك ، فهو لا يستلزم أن تكون العلّة المشتركة هي الوجود المطلق ، بل يحتمل أن تكون هي المقيّد بالإمكان والحدوث أو نحوهما ، كما عرفت.

ولو أعرضنا عن هذا كلّه وعن سائر ما يورد على هذا الدليل ،

٨٩

فلا ريب ببطلانه ، لمخالفته للضرورة القاضية بامتناع رؤية بعض الموجودات ، كالكيفيات النفسانية والروائح والطعوم ، فليس هو إلّا تشكيكا في البديهيّ!

وأمّا ما ذكره من حقيقة الرؤية ، ففيه :

إنّ تلك الحالة الحاصلة عند التغميض إنّما هي صورة المرئي ، ومحلّها الحسّ المشترك أو الخيال ، لا الباصرة ، وهي موقوفة على سبق الرؤية.

فحينئذ إن كانت رؤية الله سبحانه ممتنعة ، فقد امتنعت هذه الحالة ، وإلّا فلا حاجة إلى تكلّف إثبات هذه الحالة وجعلها هي محلّ النزاع.

ولو سلّم أنّها غير موقوفة عليها ، بناء على إنّه أراد ما يشبه تلك الحالة الحاصلة عند التغميض لا نفسها ، فنحن لا نحكم عليها بالامتناع عادة بدون الشرائط كما حكم هو عليها ؛ لأنّها ـ كما زعم ـ شبيهة بالبصيرة في إدراك المعقولات ، فكيف تمتنع بدون الشرائط؟!

مع إنّها ليست محلّ النزاع ألبتّة ، بل محلّه الرؤية المعروفة ، كما يرشد إليه دليل الأشعري السابق ، فإنّ من تأمّله عرف أنّه أراد الرؤية المعروفة.

ولذا احتاج إلى جعل العلّة للرؤية هي الوجود ، ليتسنّى له دعوى إمكان رؤية الله تعالى ، وإلّا فلو أراد رؤية أخرى غيرها ، لم يكن لإثبات كون الوجود علّة للرؤية المعروفة دخل في تجويز رؤية أخرى عليه سبحانه.

٩٠

لكنّ القوم لمّا رأوا بطلان دليل الأشعري بالبداهة ، وفساد مذهبه بالضرورة ، التجأوا ـ في خصوص المقام ـ إلى ذكر معنى للرؤية لا يعرفون حقيقته! وإلى جعله محلّا للنزاع من دون أن يخطر ـ في الصدر الأوّل ـ ببال المتنازعين ، فشوّشوا كلماتهم ، وشوّهوا وجه الحقيقة!

* * *

٩١
٩٢

هل يحصل الإدراك لمعنى في المدرك؟

قال المصنّف ـ طيّب الله مثواه ـ(١) :

المبحث السادس

في أنّ الإدراك ليس لمعنى

والأشاعرة خالفت العقلاء في ذلك ، وذهبوا مذهبا غريبا عجيبا ، لزمهم بواسطته إنكار الضروريّات.

فإنّ العقلاء بأسرهم قالوا : إنّ صفة الإدراك تصدر عن كون الواحد منّا حيّا لا آفة فيه.

والأشاعرة قالوا : إنّ الإدراك إنّما يحصل لمعنى حصل في المدرك ، فإن حصل ذلك المعنى في المدرك ، حصل الإدراك وإن فقدت جميع الشرائط ؛ وإن لم يحصل ، لم يحصل الإدراك وإن وجدت جميع الشرائط!(٢) .

وجاز عندهم بسبب ذلك إدراك المعدومات ؛ لأنّ من شأن الإدراك أن يتعلّق بالمدرك(٣) على ما هو عليه في نفسه ، وذلك يحصل في حال

__________________

(١) نهج الحقّ : ٤٥ ـ ٤٦.

(٢) انظر مؤدّاه في : تمهيد الأوائل : ٣٠٢ ، الإرشاد ـ للجويني ـ : ١٥٧ ـ ١٥٨ ، شرح المقاصد ٤ / ١٩٧.

(٣) في المصدر : بالمرئي.

٩٣

عدمه كما يحصل حال وجوده ، فإنّ الواحد منّا يدرك جميع الموجودات بإدراك يجري مجرى العلم في عموم التعلّق.

وحينئذ يلزم تعلّق الإدراك بالمعدوم ، وبأنّ الشيء سيوجد ، وبأنّ الشيء قد كان موجودا ، وأن يدرك ذلك بجميع الحواسّ ، من الذوق والشمّ واللمس والسمع ؛ لأنّه لا فرق بين رؤية الطعوم والروائح ، وبين رؤية المعدوم!

وكما إنّ العلم باستحالة رؤية المعدوم ضروريّ ، كذا العلم باستحالة رؤية الطعوم والروائح.

وأيضا : يلزم أن يكون الواحد منّا رائيا مع الساتر العظيم البقّة ، ولا يرى الفيل العظيم ولا الجبل الشاهق مع عدم الساتر ، على تقدير أن يكون المعنى قد وجد في الأوّل وانتفى في الثاني! وكان يصحّ منّا أن نرى ذلك المعنى ؛ لأنّه موجود!

وعندهم أنّ كلّ موجود يصحّ رؤيته ، ويتسلسل ؛ لأنّ رؤية المعنى(١) إنّما تكون بمعنى آخر.

وأيّ عاقل يرضى لنفسه تقليد من يذهب إلى جواز رؤية الطعم والرائحة والبرودة والحرارة والصوت بالعين ، وجواز لمس العلم والقدرة والطعم والرائحة والصوت باليد ، وذوقها باللسان ، وشمّها بالأنف ، وسماعها بالأذن؟!

وهل هذا إلّا مجرّد سفسطة وإنكار المحسوسات؟! ولم يبالغ السوفسطائية في مقالاتهم هذه المبالغة!

__________________

(١) في المصدر : الشيء.

٩٤

وقال الفضل(١) :

الظاهر أنّه استعمل الإدراك وأراد به الرؤية ، وحاصل كلامه أنّ الأشاعرة يقولون : إنّ الرؤية معنى يحصل في المدرك ، ولا يتوقّف حصوله على شرط من الشرائط.

وهذا ما قدّمنا ذكره غير مرّة ، وبيّنّا ما هو مرادهم من هذا الكلام.

ثم إنّ قوله : « وجاز عندهم بسبب ذلك إدراك المعدومات ؛ لأنّ من شأن الإدراك أن يتعلّق بالمدرك(٢) على ما هو عليه في نفسه ، وذلك يحصل في حال عدمه كما يحصل حال وجوده » استدلال باطل على معنى(٣) مخترع له.

فإنّ كون الرؤية معنى يحصل في الرائي لا يوجب جواز تعلّقها بالمعدوم ، بل المدّعى أنّه يتعلّق بكلّ موجود كما ذكر هو في الفصل السابق.

وأمّا تعلّقه بالمعدوم فليس بمذهب الأشاعرة ، ولا يلزم من أقوالهم في الرؤية.

ثمّ ما ذكره من أنّ العلم باستحالة رؤية الطعوم والروائح ضروريّ ، مثل العلم باستحالة رؤية المعدوم

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١٢٤ ـ ١٢٥.

(٢) في المصدر : بالمرئي.

(٣) في المصدر : مدّعى.

٩٥

فقد ذكرنا أنّه إن أراد ـ بهذه ـ الاستحالة العقليّة ، فممنوع ؛ وإن أراد العاديّة ، فمسلّم والاستبعاد لا يقدح في الحقائق الثابتة بالبرهان.

ثمّ ما ذكر من أنّه على تقدير كون المعنى موجودا ، كان يصحّ منّا أن نرى ذلك المعنى ، لأنّه موجود ، وكلّ موجود يصحّ رؤيته ويتسلسل ؛ لأنّ رؤية المعنى إنّما تكون لمعنى آخر.

فالجواب : إنّ العقل يجوّز رؤية كلّ موجود وإن استحال عادة ، فالرؤية إذا كانت موجودة [ به ] يصحّ أن ترى نفسها ، لا برؤية أخرى ، فانقطع التسلسل ، كما ذكر في الوجود على تقدير كونه موجودا ، فلا استحالة فيه ، ولا مصادمة للضرورة.

ثمّ ما ذكره من باقي التشنيعات والاستبعادات قد مرّ جوابه غير مرّة ، ونزيد جوابه في هذه المرّة بهذين البيتين(١) :

وذي سفه يواجهني بجهل

وأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة وأزيد حلما

كعود زاده الإحراق طيبا

* * *

__________________

(١) ينسب البيتان إلى أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب ٧ ، كما نسبا إلى الشافعي باختلاف يسير في صدر البيت الأوّل ؛ انظر : ديوان الإمام عليّ ٧ : ٢٨ ، ديوان الشافعي : ١٤٤.

٩٦

وأقول :

لا ريب أنّ بحث المصنّف ; هنا عامّ لجميع الإحساسات الظاهريّة ولا يخصّ الرؤية ، كما يشهد له قوله : « وأن يدرك ذلك بجميع الحواسّ من الذوق والشمّ واللمس والسمع ».

وقوله : « وجواز لمس العلم والقدرة » وهو أيضا لم يستعمل في هذا المبحث لفظ الإدراك إلّا بالمعنى المطلق.

فالمصنّف قصد بهذين القولين التنصيص على غير الرؤية ، دفعا لتوهّم اختصاص البحث بها ؛ ومع ذلك وقع الفضل بالوهم!

كما توهّم أيضا أنّه أراد أنّ الإدراك معنى يحصل في المدرك ؛ والحال أنّه أراد أنّ الإدراك يحصل لأجل معنى في المدرك.

وحاصل مقصوده أنّهم قالوا : إنّ الإدراك يحصل في الحيوان لأجل معنى فيه ، كالحياة ، ولا ريب أنّ من شأن الإدراك أن يتعلّق بالشيء على ما هو عليه في نفسه ، ولا يتقيّد الشيء ـ بالوجود ونحوه ـ إلّا لأجل تلك الشروط السابقة ، وهم لا يعتبرونها ، فيجري الإحساس بمقتضى مذهبهم مجرى العلم في عموم التعلّق.

فإذا حصل المعنى في الشخص ، لزم صحّة تعلّق الرؤية ونحوها بالمعدوم ، وبأنّ الشيء سيوجد إلى غير ذلك.

مع إنّه بمقتضى مذهبهم ـ من إحالة كلّ شيء إلى إرادة الفاعل المختار ـ يلزم أيضا جواز إدراك المعدوم بجميع الحواسّ الظاهريّة ، كما

٩٧

جاز رؤية العلم والقدرة ونحوهما.

فظهر أنّ ما نسبه المصنّف إليهم من جواز إدراك المعدومات ، لازم لهم من أقوالهم ، وأراد بالنسبة إليهم النسبة بحسب ما يلزمهم ، وإن لم يقولوا به ظاهرا.

ثمّ إنّه أراد بقوله : « لا فرق بين رؤية الطعوم والروائح ، وبين رؤية المعدوم ، وكما إنّ العلم باستحالة رؤية المعدوم ضروريّ » إلى آخره

دفع استبعاد نسبة جواز رؤية المعدوم إليهم.

وحاصله : إنّ رؤية الطعوم والروائح مستحيلة عقلا بالضرورة كرؤية المعدوم بلا فرق ، فإذا التزموا بجواز رؤية الطعوم ونحوها ، مكابرة ومخالفة لضرورة العقل والعقلاء ، لم يستبعد منهم القول بجواز رؤية المعدوم.

وبهذا تعرف أنّ ما ذكره الفضل في جوابه بقوله : « قد ذكرنا أنّه إن أراد ـ بهذه ـ الاستحالة العقلية ، فممنوع » إلى آخره لا ربط له بكلامه ، اللهمّ إلّا أن يريد الجواب بدعوى الفرق بين الاستحالتين ، بأنّ استحالة رؤية الطعوم عاديّة ، واستحالة رؤية المعدوم عقلية!

فيكون قد كابر ضرورة العقل من جهتين : من جهة : دعوى الفرق ، ومن جهة : أصل القول ، بأنّ استحالة رؤية الطعوم ونحوها عاديّة.

وأمّا ما أجاب به عن التسلسل :

فمع عدم ارتباطه بمراد المصنّف ، غير دافع للتسلسل

أمّا عدم ارتباطه به ؛ فلأنّه فهم تسلسل الرؤية بأن تتعلّق الرؤية برؤية أخرى ، إلى ما لا نهاية له ، بناء منه على إنّه أراد بالمعنى : الرؤية

٩٨

ـ كما سبق ـ وقد عرفت بطلانه ؛ وأنّ مراده بالمعنى : هو الأمر الذي لأجله يحصل الإدراك ، فيكون مراده بالتسلسل ـ بناء على هذا ـ هو تسلسل هذه المعاني ، لا الرؤية ـ كما هو واضح من كلامه ـ.

وأمّا أنّه غير دافع له ؛ فلأنّ التسلسل الواقع في الرؤية إنّما هو من حيث صحّة تعلّق رؤية برؤية ، لا من حيث وجوب التعلّق ، فلا يندفع إلّا بإنكار هذه الصحّة ، لا بإثبات صحّة رؤية الرؤية بنفسها ، التي لا تنافي التسلسل في الرؤية المختلفة.

على إنّه لا معنى لصحّة رؤية الرؤية بنفسها ، للزوم المغايرة بين الرؤية الحقيقية والمرئيّ ؛ لأنّ تعلّق أمر بآخر يستدعي الاثنينيّة بالضرورة.

وأمّا ما نسبه إلى القوم ، من أنّهم دفعوا التسلسل في الوجود ، بأنّ الوجود موجود بنفسه لا بوجود آخر ، فلا ربط له بالمقام ؛ لأنّهم أرادوا به عدم حاجة الوجود إلى وجود آخر حتّى يتسلسل ، فكيف يقاس عليه رؤية الرؤية بنفسها؟!

نعم ، يمكن الجواب عن إشكال هذا التسلسل ، بأنّ اللازم هو التسلسل في صحّة تعلّق الرؤية برؤية أخرى إلى ما لا نهاية له ، والصحّة أمر اعتباري ، والتسلسل في الاعتباريات ليس بباطل ؛ لأنّه ينقطع بانقطاع الاعتبار ، لكنّ القول بصحّة رؤية الرؤية مكابرة لضرورة العقل!

وأمّا ما استشهد به من البيتين ، فلا يليق بذي الفضل إلّا الإعراض عن معارضته!

٩٩
١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

( أحكام الصوم )

يجب على كل انسان ان يصوم شهر رمضان عند تحقّق هذه الشروط :

(١) البلوغ ، فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر ، وان كان الأحوط الأولى اتمامه إذا كان ناوياً للصوم ندباً فبلغ اثناء النهار.

(٢ ، ٣) العقل وعدم الإغماء ، فلو جنّ أو اغمي عليه بحيث فاتت منه النية المعتبرة في الصوم وافاق اثناء النهار لم يجب عليه صوم ذلك اليوم ، نعم إذا كان مسبوقاً بالنية في الصورة المذكورة ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتم صومه.

(٤) الطهارة من الحيض والنفاس ، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا يصح منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.

(٥) عدم الضرر ، مثل المرض الذي يضر معه الصوم لإيجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذى لم تجر العادة بتحمل مثله ، ولا فرق بين اليقين بذلك والظن به والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، ففي جميع ذلك لا يجب الصوم ، وإذا أمن من الضرر على نفسه ولكنه خاف من الضرر على عرضه أو ماله مع الحرج في تحمله لم يجب عليه الصوم ، وكذلك فيما إذا زاحمه واجب مساوٍ ، أو اهم كما لو خاف على عرض غيره ، أو ماله مع وجوب حفظه عليه.

(٦) الحضر أو ما بحكمه ، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم

٢٠١

يجب عليه الصوم ، بل ولا يصح منه أيضاً ، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.

( مسألة ٤٦٦ ) : الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين التقصير والاتمام يتعين عليه فيها الإفطار ولا يصح منه الصوم.

( مسألة ٤٦٧ ) : يعتبر في جواز الإفطار للمسافر ان يتجاوز حد الترخص الذي يعتبر في قصر الصلاة ، وقد مر بيانه في ص (١٩١).

( مسألة ٤٦٨ ) : يجب ـ على الأحوط ـ اتمام الصوم على من سافر بعد الزوال ويجتزي به ، وأما من سافر قبل الزوال فلا يصح منه صوم ذلك اليوم على ـ الأحوط لزوماً ـ وان لم يكن ناوياً للسفر من الليل ـ فيجوز له الإفطار بعد التجاوز عن حد الترخص ، وعليه قضاؤه.

( مسألة ٤٦٩ ) : إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل يريد فيه الاقامة عشرة أيام ففيه صور :

(١) ان يرجع اليه قبل الزوال أو بعده وقد افطر في سفره ، فلا صوم له في هذه الصورة.

(٢) ان يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره ، ففي هذه الصورة يجب عليه ـ على الأحوط ـ ان ينوي الصوم ويصوم بقية النهار ويصح منه.

(٣) ان يرجع بعد الزوال ولم يفطر في سفره ، ولا يجب عليه الصوم في هذه الصورة ، بل لا يصح منه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٤٧٠ ) : إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء النهار صح صومه ولم يجب عليه القضاء.

( مسألة ٤٧١ ) : يجوز السفر في شهر رمضان ولو من غير ضرورة ، ولابد من الإفطار فيه ، وأما في غيره من الواجب المعين فلا يجوز السفر إذا كان واجباً بايجار ونحوه ، وكذا الثالث من أيام الاعتكاف ، ويجوز السفر

٢٠٢

فيما كان واجباً بالنذر ، وفي الحاق اليمين والعهد به اشكال ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم السفر فيهما.

( مسألة ٤٧٢ ) : لا يصح الصوم الواجب من المسافر سفراً تقصر الصلاة فيه ـ مع العلم بالحكم ـ إلاّ في ثلاثة مواضع :

١ ـ صوم الثلاثة أيام وهي جزء من العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.

٢ ـ صوم الثمانية عشر يوماً التي هي بدل البدنة كفارة لمن افاض من عرفات قبل الغروب عامداً.

٣ ـ صوم النافلة في وقت معين المنذور ايقاعه في السفر أو في الأعم من السفر والحضر ، دون النذر المطلق ، وكما لا يصح الصوم الواجب في السفر في غير المواضع المذكورة ، كذلك لا يصح الصوم المندوب فيه ، إلاّ ثلاثة أيام للحاجة في المدينة المنورة ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون في الأربعاء والخميس والجمعة.

( مسألة ٤٧٣ ) : يعتبر في صحة صوم النافلة ان لا تكون ذمة المكلف مشغولة بقضاء شهر رمضان ، ولا يضر بصحته ان يكون عليه صوم واجب لاجارة أو قضاء نذر مثلاً أو كفارة أو نحوها ، فيصح منه صوم النافلة في جميع ذلك ، كما يصح منه صوم الفريضة عن غيره ـ تبرعاً أو باجارة ـ وان كان عليه قضاء شهر رمضان.

( مسألة ٤٧٤ ) : الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم جاز لهما الإفطار ويُكفِّران عن كل يوم بمدّ من الطعام ، ولا يجب عليهما القضاء ، وإذا تعذر عليهما الصوم سقط عنهما ولا يبعد سقوط الكفارة حينئذٍ أيضاً ، ويجري هذا الحكم على ذي العطاش ( من به داء العطش ) أيضاً ، فإذا شق عليه الصوم كفّر عن كل يوم بمد ، وإذا تعذر عليه الصوم سقطت عنه الكفارة

٢٠٣

أيضاً.

( مسألة ٤٧٥ ) : الحامل المقرب إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على جنينها جاز لها الإفطار ـ بل قد يجب كما إذا كان الصوم مستلزماً للاضرار المحرم باحدهما ـ وتُكفِّر عن كل يوم بمد ويجب عليها القضاء أيضاً.

( مسألة ٤٧٦ ) : المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على الطفل الرضيع جاز لها الإفطار ـ بل قد يجب كما مر في المسألة السابقة ـ وعليها القضاء والتكفير عن كل يوم بمد ، ولا فرق في المرضع بين الأم والمستأجرة والمتبرعة ـ والأحوط لزوماً ـ الاقتصار في ذلك على ما إذا انحصر الإرضاع بها ، بان لم يكن هناك طريق آخر لإرضاع الطفل ولو بالتبعيض من دون مانع وإلاّ لم يجز لها الافطار.

( مسألة ٤٧٧ ) : يكفي في المدّ اعطاء ثلاثة ارباع الكيلو غرام تقريباً ، والأولى ان يكون من الحنطة ، أو دقيقها وإن كان يجزى مطلق الطعام حتى الخبز.

٢٠٤

( طرق ثبوت الهلال )

يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق :

(١) ان يراه المكلف نفسه.

(٢) ان يتيقن او يطمئن لشياع أو نحوه برؤيته في بلده ، أو فيما يلحقه حكماً كما سيأتي بيانه.

(٣) مضي ثلاثين يوماً من شهر شعبان.

(٤) شهادة رجلين عادلين بالرؤية ( وقد مرّ معنى العدالة في المسألة ٢٠ ) وتعتبر فيها وحدة المشهود به ، فلو ادعى احدهما الرؤية في طرف وادعى الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال بذلك ، كما يعتبر فيها عدم العلم أو الاطمينان باشتباههما وعدم وجود معارض لشهادتهما ـ ولو حكماً ـ كما لو استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى الرؤية منهم عدلان فقط ، أو استهل جمع ولم يدع الرؤية إلاّ عدلان ولم يره الآخرون وفيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحِدَّة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل ان يكون مانعاً عن رؤيتهما ، ففي مثل ذلك لا عبرة بشهادة العدلين ، ولا يثبت الهلال بشهادة النساء إلاّ إذا حصل اليقين او الاطمينان به من شهادتهن.

( مسألة ٤٧٨ ) : لا يثبت الهلال بحكم الحاكم ، ولا بتطوّقه ليدل على انه لليلة السابقة ، ولا بقول المنجم ونحوه.

( مسألة ٤٧٩ ) : إذا افطر المكلف ثم انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق المزبورة وجب عليه القضاء ، وإذا بقي من النهار شيء وجب عليه الامساك

٢٠٥

فيه على الأحوط ، وان لم يكن قد افطر وكان ثبوته له قبل الزوال نوى الصوم وصح منه وان كان بعده ـ فالأحوط ـ الجمع بين الامساك بقصد القربة المطلقة والقضاء.

( مسألة ٤٨٠ ) : يكفي ثبوت الهلال في بلد آخر وان لم ير في بلد الصائم إذا توافق افقهما ، بمعنى كون الرؤية في البلد الأوّل ملازمة للرؤية في البلد الثاني لولا المانع من سحاب أو جبل أو نحوهما.

( مسألة ٤٨١ ) : لابد في ثبوت هلال شوال من تحقّق أحد الاُمور المتقدمة ، فلو لم يثبت بشيء منها لم يجز الافطار.

( مسألة ٤٨٢ ) : إذا صام يوم الشك في انه من شهر رمضان أو شوال ، ثم ثبت الهلال اثناء النهار وجب عليه الافطار.

( مسألة ٤٨٣ ) : لا يجوز ان يصوم يوم الشك في انه من شعبان او من شهر رمضان بنية انه من شهر رمضان ، نعم يجوز صومه استحباباً ، أو قضاءً فإذا انكشف ـ حينئذٍ ـ اثناء النهار انه من رمضان عدل بنيته واتم صومه ، ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت حسب له صومه ولا يجب عليه القضاء.

( مسألة ٤٨٤ ) : المحبوس أو الأسير إذا لم يتمكن من تشخيص شهر رمضان وجب عليه التحري حسب الإمكان فيعمل بما غلب عليه ظنه ، ومع تساوي الاحتمالات يختار شهراً فيصومه ، ويجب عليه ان يحفظ الشهر الذي صامه ليتسنى له ـ من بعد ـ العلم بتطابقه مع شهر رمضان وعدمه ، فان انكشفت له المطابقة فهو ، وإن انكشف خلافها ففيه صورتان :

( الأولى ) ان ينكشف ان صومه وقع بعد شهر رمضان ، فلا شيء عليه في هذه الصورة.

( الثانية ) ان ينكشف ان صومه كان قبل شهر رمضان فيجب عليه في هذه الصورة ان يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.

٢٠٦

( نية الصوم )

يجب على المكلف قصد الامساك عن المفطرات المعهودة من أول الفجر إلى الغروب متقرباً به إلى الله تعالى ، ويجوز الاكتفاء بقصد صوم تمام الشهر من أوله ، فلا يعتبر حدوث القصد المذكور في كل ليلة ، أو عند طلوع الفجر وان كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازاً.

( مسألة ٤٨٥ ) : كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من الصوم الواجب ، كصوم الكفارة والنذر والقضاء ، والصوم نيابة عن الغير ، ولو كان على المكلف اقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائداً على قصد القربة ، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان لأن الصوم فيه متعين بنفسه.

( مسألة ٤٨٦ ) : يكفي في نية الصوم ان ينوي الامساك عن المفطرات على نحو الاجمال ، ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلاً.

( مسألة ٤٨٧ ) : إذا لم تتحقق منه نية الصوم في يوم من شهر رمضان لنسيان منه مثلاً ولم يأت بمفطر ، فان تذكر بعد الزوال وجب عليه على ـ الأحوط وجوباً ـ الامساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك ، وان كان التذكر قبل الزوال نوى الصوم واجتزأ به ، وكذا الحال في غيره من الواجب المعين ، وأما الواجب غير المعين فيمتد وقت نيته إلى الزوال ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تأخيرها عنه ، وأما صوم النافلة فيمتد وقت

٢٠٧

نيته إلى الغروب بمعنى ان المكلف إذا لم يكن قد اتى بمفطر جاز له ان يقصد صوم النافلة ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيئاً قليلاً ويحسب له صوم هذا اليوم.

( مسألة ٤٨٨ ) : لو عقد نية الصوم ثم نوى الإفطار في وقت لا يجوز تأخير النية اليه عمداً ثم جدد النية لم يجتزىء به على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ٤٨٩ ) : إذا نوى ليلاً صوم الغد ، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار صح صومه.

٢٠٨

( المفطرات )

وهي أمور :

( الأوّل والثاني : تعمد الأكل والشرب ) ولا فرق في المأكول والمشروب بين المتعارف وغيره ، ولا بين القليل والكثير ، كما لا فرق في الاكل والشرب بين أن يكونا من الطريق العادي أو من غيره ، فلو شرب الماء من انفه بطل صومه ، ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختياراً.

( مسألة ٤٩٠ ) : لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد ، كما إذا نسي صومه فأكل أو شرب ، كما لا يبطل بما إذا وُجِرَ في حلقه بغير اختياره ونحو ذلك.

( مسألة ٤٩١ ) : لا يبطل الصوم بزرق الدواء أو غيره بالإبراة في العضلة أو الوريد ، كما لا يبطل بالتقطير في الإذن ، أو العين ولو ظهر أثر من اللون أو الطعم في الحلق ، وكذلك لا يبطل باستعمال البخاخ الذي يسهل عملية التنفس اذا كانت المادة التي يبثها تدخل المجرى التنفسي لا المري.

( مسألة ٤٩٢ ) : يجوز للصائم بلع ريقه اختياراً ما لم يخرج من فضاء فمه ، بل يجوز له جمعه في فضائه ثم بلعه.

( مسألة ٤٩٣ ) : لا بأس على الصائم ان يبلع ما يخرج من صدره ، أو ينزل من رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم ، وإلاّ ـ فالأحوط

٢٠٩

استحباباً ـ تركه.

( مسألة ٤٩٤ ) : يجوز للصائم الاستياك ، لكن إذا أخرج المسواك لا يرده إلى فمه وعليه رطوبة الا ان يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد أو تستهلك الرطوبة التي عليه في الريق.

( مسألة ٤٩٥ ) : يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم يعلم بدخول شيء من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار ، والا وجب التخليل.

( مسألة ٤٩٦ ) : لا بأس على الصائم ان يمضغ الطعام للصبي أو الحيوان ، وان يذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق ، ولو اتفق تعدي شيء من ذلك إلى الحلق من غير قصد ولا علم بانه يتعدى قهراً أو نسياناً ، لم يبطل صومه.

( مسألة ٤٩٧ ) : يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء ، أو لغيره ما لم يبتلع شيئاً من الماء متعمداً ، وينبغي له بعد المضمضة ان يبزق ريقه ثلاثاً.

( مسألة ٤٩٨ ) : إذا ادخل الصائم الماء في فمه للتمضمض أو غيره فسبق إلى جوفه بغير اختياره ، فان كان عن عطش كأن قصد به التبريد وجب عليه القضاء ، وأما في غير ذلك من موارد ادخال المايع في الفم أو الأنف وتعديه الى الجوف بغير اختيار فلا يجب القضاء ، وان كان هو ـ الأحوط الأولى ـ فيما إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقاً إذا لم يكن لوضوء صلاة الفريضة.

( الثالث من المفطرات : على الأحوط لزوماً تعمد الكذب على الله ، أو على رسوله ، أو على أحد الأئمة المعصومين عليهم‌السلام ) وتلحق بهم

٢١٠

على ـ الأحوط الأولى ـ الصديقة الطاهرة وسائر الأنبياء واوصيائهمعليهم‌السلام .

( مسألة ٤٩٩ ) : إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله ، أو عن أحد المعصومينعليهم‌السلام ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه ، نعم إذا أخبر عن الله أو عن أحد المعصومين : على سبيل الجزم غير معتمد على حجة شرعية مع احتمال كذب الخبر وكان كذباً في الواقع جرى عليه حكم التعمد.

( مسألة ٥٠٠ ) : من يلحن في قراءة القرآن المجيد تجوز له قراءته من دون قصد الحكاية عن القرآن المنزل ، ولا يبطل بذلك صومه.

( الرابع من المفطرات : ـ على المشهور بين الفقهاء (رض) ـ تعمد الارتماس في الماء ) ولكن الأظهر انه لا يضر بصحة الصوم ، بل هو مكروه كراهة شديدة ، ولا فرق في ذلك بين رمس تمام البدن ورمس الرأس فقط ، ولا بأس بوقوف الصائم تحت المطر ونحوه وان احاط الماء بتمام بدنه.

( مسألة ٥٠١ ) : ـ الأحوط استحباباً ـ للصائم في شهر رمضان وفي غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء.

( الخامس من المفطرات : تعمد الجماع الموجب للجنابة ) ولا يبطل الصوم به إذا لم يكن عن عمد.

( السادس من المفطرات : الاستمناء بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير ذلك ) بل إذا أتى بشيء من ذلك ، ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني فاتفق خروجه بطل صومه.

( مسألة ٥٠٢ ) : إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وان

٢١١

تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى ، من غير فرق بين كونه قبل الغسل أو بعده وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الترك في الثاني.

( السابع من المفطرات : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ) ويختص ذلك بصوم شهر رمضان(١) وبقضائه ، وأما في غيرهما من اقسام الصوم فلا يضر ذلك ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تركه في سائر اقسام الصوم الواجب ، كما أن ـ الأحوط الأولى ـ عدم قضاء شهر رمضان في اليوم الذي يبقى فيه على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير تعمد.

( مسألة ٥٠٣ ) : البقاء على حدث الحيض أو النفاس مع التمكن من الغسل أو التيمم مبطل لصوم شهر رمضان ، بل ولقضائه أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ دون غيرهما.

( مسألة ٥٠٤ ) : من أجنب في شهر رمضان ليلاً ، ثم نام قاصداً ترك الغسل فاستيقظ بعد طلوع الفجر جرى عليه حكم تعمد البقاء على الجنابة وهكذا الحكم فيما لو نام متردداً في الاتيان بالغسل على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما اذا كان ناوياً للغسل مطمئناً بالانتباه في وقت يسع له ـ لإعتياد أو غيره ـ فاتفق انه لم يستيقظ الا بعد الفجر فلا شيء عليه وصح صومه ، نعم اذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء ، وكذلك الحال في النومة الثالثة ، إلاّ أن ـ الأحوط الأولى ـ فيه أداء الكفارة أيضاً.

( مسألة ٥٠٥ ) : اذا اجنب في شهر رمضان ليلا وأراد النوم ولم يكن

__________________

(١) بالنظر إلى احتمال ان يكون وجوب القضاء في تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان عقاباً مفروضاً على الصائم لا من جهة بطلان صيامه فاللازم ان يراعي الاحتياط في النية بأن يمسك عن المفطرات في ذلك اليوم بقصد القربة المطلقة من دون تعيين كونه صوماً شرعياً أو لمجرد التأدب.

٢١٢

مطمئناً بالاستيقاظ في وقت يسع الاغتسال قبل طلوع الفجر ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يغتسل قبل النوم ، فان نام ناوياً للغسل ولم يستيقظ فالأحوط وجوباً القضاء حتى في النومة الأولى ، بل ـ الأحوط الأولى ـ أداء الكفارة أيضاً ولا سيما في النومة الثالثة.

( مسألة ٥٠٦ ) : اذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر من نهار شهر رمضان كان عليه قضاؤه ، ولكن يجب عليه امساك ذلك اليوم ـ والأحوط لزوماً ـ ان ينوي به القربة المطلقة ، ولا يلحق صيام غير شهر رمضان به في هذا الحكم حتى قضائه كما مر ، واذا لم يعلم بالجنابة ، أو علم بها ونسي وجوب صوم الغد حتى طلع الفجر صح صومه ولا شيء عليه.

( مسألة ٥٠٧ ) : اذا لم يتمكن الجنب من الاغتسال ليلاً وجب عليه ان يتيمم قبل الفجر بدلاً عن الغسل فان تركه بطل صومه ، ولا يجب عليه ان يبقى مستيقظاً بعده حتى يطلع الفجر وان كان ذلك أحوط.

( مسألة ٥٠٨ ) : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة ، وهكذا في الاستحاضة المتوسطة والكثيرة ، فلا يعتبر الغسل في صحة صومهما ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان تراعيا فيه الاتيان بالأغسال النهارية التي للصلاة.

( الثامن من المفطرات : تعمد ادخال الغبار ، أو الدخان الغليظين في الحلق على ـ الأحوط لزوماً ـ ) ولا بأس بغير الغليظ منهما ، وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد باثارة الهواء.

( التاسع من المفطرات : تعمد القيء ولو للضرورة ) ويجوز التجشؤ للصائم وان احتمل خروج شيء من الطعام أو الشراب معه ،

٢١٣

ـ والأحوط لزوماً ـ ترك ذلك مع اليقين بخروجه ما لم يصدق عليه التقيأ والا فلا يجوز.

( مسألة ٥٠٩ ) : لو خرج شيء من الطعام ، أو الشراب بالتجشؤ ، أو بغيره إلى حلق الصائم قهراً فابتلعه ثانياً بطل صومه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( العاشر من المفطرات : تعمد الإحتقان بالماء ، أو بغيره من المائعات ولو للضرورة ) ولا بأس بغير المائع ، كما لا بأس بما تستدخله المرأة من المائع أو الجامد في مهبلها.

( تذييل )

المفطرات المتقدمة ـ عدا الأكل والشرب والجماع ـ انما تبطل الصوم اذا ارتكبها العالم بمفطريتها ، أو الجاهل المقصر ، وكذا غير المقصر اذا كان متردداً ، ولا توجب البطلان اذا صدرت عن المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية ، أو عن الجاهل المركب اذا كان قاصراً.

٢١٤

( أحكام المفطرات )

( مسألة ٥١٠ ) : تجب الكفّارة على من افطر في شهر رمضان بالأكل أو الشرب ، أو الجماع أو الاستمناء ، أو البقاء على الجنابة مع العمد والاختيار من غير كره ولا اجبار ، ويتحقق التكفير حتى في الإفطار بالمحرّم ـ بتحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين ، او اطعام ستين مسكيناً بتوضيح سيأتي في احكام الكفارات.

( مسألة ٥١١ ) : إذا اكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان وهي صائمة تضاعفت عليه الكفارة على ـ الأحوط لزوماً ـ ويعزّر بما يراه الحاكم الشرعي ، ومع عدم الإكراه ورضا الزوجة بذلك فعلى كل منهما كفارة واحدة ، ويعزران بما يراه الحاكم أيضاً.

( مسألة ٥١٢ ) : من ارتكب شيئاً من المفطرات في نهار شهر رمضان فبطل صومه ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يمسك بقية ذلك النهار ، بل الأحوط لزوماً ان يكون امساكه برجاء المطلوبية في الإفطار بادخال الدخان أو الغبار الغليظين في الحلق ، أو الكذب على الله ورسوله ، ولا تجب الكفارة الا بأول مرة من الإفطار ، ولا تتعدد بتعدده حتى في الجماع والاستمناء ، فإنه لا تتكرر الكفارة بتكررهما وان كان ذلك ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة ٥١٣ ) : من أفطر في شهر رمضان متعمداً ثم سافر لم يسقط عنه وجوب الكفارة وان كان سفره قبل الزوال.

٢١٥

( مسألة ٥١٤ ) : يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم ، ولا كفارة على الجاهل القاصر ، ومثله الجاهل المقصر اذا لم يكن متردداً ـ والا لزمته الكفارة على الأحوط وجوباً ـ فلو استعمل مفطراً واثقاً بانه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة وان اعتقد حرمته في نفسه ، كما لو استمنى متعمداً عالماً بحرمته ولكن واثقاً ـ ولو لتقصير ـ بعدم بطلان الصوم به فانه لا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها.

٢١٦

( موارد وجوب القضاء فقط )

( مسألة ٥١٥ ) : من افطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض ونحوهما وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلاّ يومي العيدين ( الفطر والاضحى ) فلا يجوز الصوم فيهما قضاءً وغير قضاء من سائر اقسام الصوم حتى النافلة.

( مسألة ٥١٦ ) : من اكره في نهار شهر رمضان على الاكل أو الشرب ، أو الجماع أو اقتضت التقية ارتكابها ، أو اضطر اليها ، أو إلى القيء ، أو الاحتقان جاز له الإفطار بها ـ مع الاقتصار فيه على مقدار الضرورة على ـ الأحوط وجوباً ـ ولكن يبطل صومه ويجب عليه القضاء ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ القضاء في الإكراه والاضطرار إلى الإفطار بغير المذكورات أيضاً.

( مسألة ٥١٧ ) : تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء فقط والبقية كما يلي :

(١) ما إذا اخلّ بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئاً من المفطرات المتقدمة.

(٢) ما إذا ارتكب شيئاً من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر ، فانكشف طلوعه حين الإفطار ، فإنه يجب عليه القضاء ـ مع الامساك بقية يومه برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما إذا فحص ولم يظهر له طلوع الفجر فأتى بمفطر ثم انكشف طلوعه صح صومه ولا شيء عليه.

٢١٧

(٣) ما إذا اتى بمفطر معتمداً على من أخبره ببقاء الليل ، أو على الساعة ونحوها ثم انكشف خلافه ، فإنه يجب عليه القضاء مع الامساك في بقية النهار برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ.

(٤) ما إذا اخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم ان المخبر انما اخبر مزاحاً ثم انكشف ان الفجر كان طالعاً ، وحكمه ما تقدم في الفقرة (٣).

(٥) ما إذا اخبر من يعتمد على قوله شرعاً ـ كالبينة ـ عن دخول الليل فافطر وانكشف خلافه ، وأما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله ومع ذلك افطر اهمالاً وتسامحاً وجبت الكفارة أيضاً الا إذا انكشف ان الإفطار كان بعد دخول الليل.

(٦) ما إذا افطر الصائم باعتقاد دخول الليل ثم انكشف عدمه ، حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

٢١٨

( من أحكام قضاء الصوم )

( مسألة ٥١٨ ) : لا يُعتبر الترتيب ولا الموالاة في القضاء ، فيجوز التفريق فيه ، كما يجوز قضاء ما فات ثانياً قبل ان يقضي ما فاته اولاً.

( مسألة ٥١٩ ) : ـ الأحوط الأولى ـ أن يقضي ما فاته في شهر رمضان لعذر أو بغير عذر اثناء سنته إلى رمضان الآتي ، ولا يؤخره عنه ، ولو أخره عمداً وجب ان يكفّر عن كل يوم بالتصدق بمدّ من الطعام ، سواء فاته صوم شهر رمضان لعذر ام بدونه ؛ على ـ الأحوط لزوماً ـ في الصورة الثانية ، كما ان ـ الأحوط وجوباً ـ أداء الكفارة مع التأخير في القضاء بغير عمد في الصورتين ، ولو فاته الصوم لمرض واستند التأخير في قضائه إلى استمرار المرض الى رمضان الآتي ، بحيث لم يتمكن المكلف من القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء ولزمته الفدية فقط ، وهي بمقدار الكفارة المذكورة.

( مسألة ٥٢٠ ) : يجوز الإفطار في قضاء شهر رمضان قبل الزوال ولا يجوز بعده ، ولو افطر لزمته الكفارة ، وهي اطعام عشرة مساكين يعطي كل واحد منهم مداً من الطعام ، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام ، هذا اذا لم يكن القضاء من ذلك اليوم متعيناً عليه بنذر أو نحوه ، والا لم يجز الإفطار فيه مطلقاً ، كما هو الحكم في غيره من الواجب المعين بل قد تترتب الكفارة على ذلك كالافطار في الصوم المعين بالنذر ، وأما الواجب

٢١٩

الموسّع ـ غير القضاء عن النفس ـ فيجوز الإفطار فيه قبل الزوال وبعده والأولى ان لا يفطر بعد الزوال ، ولا سيما اذا كان الواجب هو قضاء صوم شهر رمضان عن غيره باجارة أو غير اجارة.

( مسألة ٥٢١ ) : من فاته صيام شهر رمضان لعذر او غيره ولم يقضه مع التمكن منه حتى مات ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يقضيه عنه ولده الأكبر بالشرطين المتقدمين في المسألة (٤٤٨) ـ ويجزى عن القضاء التصدق بمدّ من الطعام عن كل يوم ـ والأحوط الأولى ـ ذلك في الأم أيضاً ، وما ذكرناه في المسألة (٤٤٨) إلى المسألة (٤٥٣) من الأحكام الراجعة إلى قضاء الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضاً.

( مسألة ٥٢٢ ) : إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض ، أو حيض او نفاس ولم يتمكن من قضائه كأن مات قبل البرء من المرض ، او النقاء من الحيض او النفاس ، أو بعد ذلك قبل مضي زمان يصح منه قضاؤه فيه لم يقض عنه.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551