المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات10%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234160 / تحميل: 5615
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

( أحكام الرهن )

( مسألة ٨٨٩ ) : الرهن : هو ( جعل عين وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة ).

( مسألة ٨٩٠ ) : الرهن عقد مركب من ايجاب من الراهن وقبول من المرتهن ، ولا يعتبر فيه أن يكون المديون هو الراهن ـ وان كان هذا هو الغالب ـ بل يصح أن يكون غيره بأن يجعل شخص ماله رهناً لدين آخر ، كما لا يعتبر فيه القبض ، نعم مقتضى اطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن الاّ أن يشترط كونها بيد ثالث أو بيد الراهن فيصح ما لم يناف التأمين المقوّم له.

( مسألة ٨٩١ ) : لا تعتبر الصيغة في الرهن ، بل يكفي دفع المديون ـ مثلاً ـ مالاً للدائن بقصد الرهن ، واخذ الدائن له بهذا القصد.

( مسألة ٨٩٢ ) : يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، وعدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلاّ إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها.

( مسألة ٨٩٣ ) : يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها ولو بالرهن فقط ، فإذا رهن مال الغير فصحته موقوفة على اجازة المالك.

( مسألة ٨٩٤ ) : يعتبر في العين المرهونة أن تكون عيناً خارجية مملوكة يجوز بيعها وشراؤها فلا يصح رهن الخمر ونحوه ، ولا رهن الدين قبل قبضه ولا رهن الوقف ولو كان خاصاً إلاّ مع وجود أحد مسوغات بيعه.

( مسألة ٨٩٥ ) : منافع العين المرهونة لمالكها ـ سواء أكان هو الراهن أم غيره ـ دون المرتهن.

( مسألة ٨٩٦ ) : يجوز لمالك العين المرهونة أن يتصرف فيها بما لا ينافي حق الرهانة بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليّتها أو

٣٤١

مخرجاً لها عن ملكه ، فيجوز له الانتفاع من الكتاب بمطالعته ومن الدار بسكناها ونحو ذلك ، وأما التصرف المتلف أو المنقص لماليتها فغير جائز إلاّ بإذن المرتهن ، وكذلك التصرف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنّه لا يجوز إلاّ بإذنه ، وان وقع توقفت صحته على اجازته فإن أجاز بطل الرهن.

( مسألة ٨٩٧ ) : لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الاجل باذن المالك بطل الرهن ولا يكون ثمنها رهناً بدلاً عن الأصل ، وكذلك لو باعها فاجازه المالك ، ولو باعها المالك باذن المرتهن على أن يجعل ثمنه رهناً فلم يفعل بطل البيع إلاّ أن يجيزه المرتهن.

( مسألة ٨٩٨ ) : إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين الرهونة ، واستيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع واستيفاء دينه منه ، وإلاّ لزم إستجازته فيهما ، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً ، وإذا امتنع من الاجازة رفع امره الى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن تعذر على الحاكم الزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير وعلى التقديرين لو باعها وزاد الثمن على الدين كانت الزيادة أمانة شرعيه يوصلها إلى مالكها.

( مسألة ٨٩٩ ) : إذا كانت العين المرهونة من مستثنيات الدين كدار السكنى وأثاث المنزل جاز للمرتهن بيعها واستيفاء دينه من ثمنها كسائر الرهون.

٣٤٢

( أحكام الضمان )

( مسألة ٩٠٠ ) : الضمان هو ( التعهد بمال لآخر ) وهو على نحوين :

١ ـ نقل الدين من ذمة المضمون عنه ( المدين ) إلى ذمة الضامن للمضون له ( الدائن ) ومقتضاه إستغال ذمة الضامن بنفس المال المضمون ، فلو مات قبل وفاتِهِ اخرج من تركته مقدماً على الارث كسائر ديونه.

٢ ـ التزام الضامن للمضمون له باداء مال إليه ونتيجته وجوب الأداء تكليفاً دون إشتغال الذمة وضعاً فلو مات قبل الأداء لم يخرج من تركته إلاّ إذا أوصى بذلك.

( مسألة ٩٠١ ) : يعتبر في الضمان الايجاب من الضامن والقبول من المضمون له بلفظ أو فعل مفهم ـ ولو بضميمة القرائن ـ للتعهد بالمال من الأوّل ورضا الثاني بذلك ، ولا يعتبر رضا المديون للمضمون عنه ويشترط في الضامن والمضمون له : البلوغ ، والعقل والاختيار وعدم السفه كما يعتبر في الدائن المضمون له ان لا يكون محجوراً عليه لفلس ، ولا يعتبر شيء من ذلك في المديون المضمون عنه فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صح.

( مسألة ٩٠٢ ) : إذا علق الضامن في النحو الأوّل ضمانه على أمر كعدم أداء المضمون عنه ونحو ذلك لم يصح على الأحوط لزوماً ، وأما في النحو الثاني فلا مانع من التعليق بمثل ذلك.

( مسألة ٩٠٣ ) : يعتبر في الضمان على النحو الأوّل أن يكون الدين ثابتاً حين الضمان وإلاّ لم يصح كأن يطلب شخص قرضاً من آخر فيضمنه ثالث قبل ثبوته ، ويصح الضمان على النحو الثاني في مثل ذلك.

٣٤٣

( مسألة ٩٠٤ ) : يتعبر في الضمان تعيين المضمون له والمدين المضمون عنه ، والمال المضمون فإذا كان أحد مديوناً لشخصين فضمن شخص لأحدهما لا على التعيين لم يصح الضمان وهكذا إذا كان شخصان مديونين لأحد فضمن شخص عن احدهما لا على التعيين ، كما أنّه إذا كان شخص مديوناً لأحد بكيلو غرام من الحنطة وبدينار فضمن شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصح الضمان.

( مسألة ٩٠٥ ) : إذا أبرأ الدائن المضمون له الضامن فليس للضامن مطالبة المديون المضمون عنه بشيء وإذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.

( مسألة ٩٠٦ ) : عقد الضمان على النحو الأوّل لازم فلا يجوز للضامن فسخه ولا المضمون له ، كما لا يصحّ اشتراط حق الفسخ فيه على الأحوط لزوماً ، ولو اشترط لأحدهما وفسخ فلا بد من مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وأما الضمان على النحو الثاني فهو لازم من طرف الضامن ويجوز للمضمون له ابراء الضامن من الضمان فيسقط.

( مسألة ٩٠٧ ) : إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المال المضمون فليس للدائن المضمون له فسخ الضمان ومطالبة المديون المضمون عنه ولو عجز الضامن عن الأداء بعد ذلك ، وكذلك إذا كان الدائن المضمون له عالماً بعجز الضامن ورضي بضمانه ، واما إذا كان جاهلاً بذلك ففي ثبوت حق الفسخ له اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.

( مسألة ٩٠٨ ) : ليس للضامن مطالبة المديون المضمون عنه بالدين إذا لم يكن الضمان باذن منه وطلبه وإلاّ فله مطالبته به ولو قبل وفائه ، وإذا ادى الدين من غير جنسه لم يكن له اجبار المديون المضمون عنه بالاداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن المضمون له.

٣٤٤

( أحكام الكفالة )

( مسألة ٩٠٩ ) : الكفالة هي ( التعهد لشخص باحضار شخص اخر له حق عليه عند طلبه ذلك ) ويسمى المتعهّد ( كفيلا ).

( مسألة ٩١٠ ) : تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم ـ ولو بحسب القرائن ـ بالتعهد المذكور وبالقبول من المكفول له والأحوط لزوماً اعتبار رضا المكفول بل كونه طرفاً للعقد بان يكون عقدها مركباً من ايجاب من الكفيل وقبولين من المكفول له والمكفول.

( مسألة ٩١١ ) : يعتبر في الكفيل والمكفول له : البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والأحوط لزوماً اعتبار ذلك في المكفول أيضاً ، كما يعتبر في الكفيل القدرة على إحضار المكفول ، وعدم الحجر عليه من التصرف في ماله ـ لسفه أو فلس ـ إذا كان احضار المكفول يتوقف على التصرف فيه.

( مسألة ٩١٢ ) : تبطل الكفالة بأحد أمور خمسة :

(١) ان يسلِّم الكفيل المكفول للمكفول له ، أو يبادر المكفول إلى تسليم نفسه إليه ، أو يقوم المكفول له بأخذ المكفول بحيث يتمكن من استيفاء حقه أو احضاره مجلس الحكم.

(٢) قضاء حق المكفول له.

(٣) اسقاط المكفول له لحقه على المكفول ، أو نقله إلى غيره إذا كان قابلاً للنقل كما في الدين.

(٤) موت الكفيل أو المكفول ، وأما موت المكفول له فلا يوجب بطلان الكفالة بل ينتقل حقه إلى ورثته.

(٥) ابراء المكفول له الكفيل من الكفالة.

٣٤٥

( مسألة ٩١٣ ) : من خلّص غريماً من يد صاحبه قهراً أو حيلة وجب عليه تسليمه اياه أو أداء ما عليه ان كان قابلاً للاداء كالدين ، ولو خلي القاتل عمداً من يد ولي الدم لزمه احضاره ويحبس لو امتنع من ذلك ، فان تعذّر الاحضار لموت أو غيره دفع إليه الديّة.

٣٤٦

( أحكام الوديعة )

( مسألة ٩١٤ ) : الوديعة : هي ( جعل الشخص حفظ عين وصيانتها على عهدة غيره ) ويقال لذلك الشخص ( المودع ) ولذلك الغير ( الودعي ) وتحصل الوديعة بايجاب من المودع بلفظ أو فعل مفهم لمعناها ـ ولو بحسب القرائن ـ ولقبول من الودعي دال على التزامه بالحفظ والصيانة.

( مسألة ٩١٥ ) : يعتبر في المودع والودعي : البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يجوز استقلال الصبي بايداع ماله عند آخر وان كان مميزاً واذن وليه في ذلك ، كما لا يصح استيداعه مطلقاً ، نعم يجوز ان يودع الطفل المميز مال غيره باذنه كما مر نظيره في البيع ، ويعتبر في المودع أيضاً أن لا يكون سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلاّ إذا لم تكن الوديعة من امواله التي حجر عليها ، كما يعتبر في الودعي ان لا يكون محجوراً عليه في ماله لسفه أو فلس إذا كانت صيانة الوديعة وحفظها تتوقف على التصرفات الناقلة أو المستهلكة فيه.

( مسألة ٩١٦ ) : لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله ومن أموال غيره بدون اذن مالكه ، فان تسلمه الودعي ضمنه ووجب ردّ مال الطفل إلى وليه ، وردّ مال الغير إلى مالكه ، نعم لو خيف على ما في يد الطفل من التلف والهلاك جاز أخذه منه حسبة ووجب رده إلى الولي أو المالك ولا يضمنه الآخذ حينئذٍ من دون تعد ولا تفريط.

( مسألة ٩١٧ ) : من لا يتمكن من حفظ الوديعة لا يجوز له قبولها ، ولو تسلمها كان ضامناً ، نعم مع علم المودع بحاله يجوز له القبول ولا ضمان عليه.

٣٤٧

( مسألة ٩١٨ ) : إذا طلب شخص من آخر ان يكون ماله وديعة لديه فلم يوافق على ذلك ولم يتسلمه منه ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامناً وان كان الأولى ان يحفظه بقدر الامكان.

( مسألة ٩١٩ ) : الوديعة جائزة من الطرفين وان كانت مؤجلّة ، فيجوز لكل منهما فسخها متى شاء.

( مسألة ٩٢٠ ) : لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه ان يوصل المال فوراً إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو يخبره بذلك ، وإذا لم يفعل من دون عذر شرعي وتلف فهو ضامن.

( مسألة ٩٢١ ) : إذا لم يكن للودعي محل مناسب لحفظ الوديعة وجبت عليه تهيئته على وجه لا يقال في حقه إنه قصر في حفظها ، فلو أهمل وقصر في ذلك ضمن.

( مسألة ٩٢٢ ) : لا يضمن الودعي المال إلاّ بالتعدي أو التفريط ، والتعدي هو ان يتصرف فيه بما لم يأذن له المالك كأن يلبس الثوب أو يفرش الفراش ونحو ذلك إذا لم يتوقف حفظها على التصرف ، والتفريط هو ان يقصر في حفظه بأن يضعه ـ مثلاً ـ في محل لا يأمن عليه من السرقة ، فلو تعدى أو فرط ضمنه ، ولو رجع عن تعديه أو تفريطه ارتفع الضمان ، ومعنى كونه مضموناً عليه بالتعدي والتفريط كون بدله عليه لو تلف وان لم يكن تلفه مستنداً إلى تعديه أو تفريطه.

( مسألة ٩٢٣ ) : لو أخذت الوديعة من يد الودعي قهراً بأن انتزعت من يده او أمره الظالم بدفعها إليه بنفسه فدفعها كرهاً لم يضمنها ، ولو تمكن من دفع الظالم بالوسائل المشروعة الموجبة لسلامة الوديعة وجب ، حتى إنه لو توقف دفعه عنها ، على انكارها كاذباً بل الحلف على ذلك جاز بل وجب فإن لم يفعل ضمن ، ولكن مع التفاته إلى التورية وتيسرها له فالاحوط

٣٤٨

وجوباً اختيارها بدلاً عن الكذب.

( مسألة ٩٢٤ ) : إذا عين المودع للوديعة محلاً معيناً وكان ظاهر كلامه ـ ولو بحسب القرائن ـ انّه لا خصوصية لذلك المحل عنده وإنّما كان تعيينه نظراً إلى أنه احد موارد حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأوّل أو مثله ولو تلف المال ـ حينئذٍ ـ لم يضمن.

( مسألة ٩٢٥ ) : إذا اودع الغاصب ما غصبه عند أحد لا يجوز له ردّه عليه من مع الإمكان بل يكون امانة شرعيّة في يده فيجب عليه ايصاله إلى صاحبه أو اعلامه به ، هذا إذا عرفه وإلاّ عرّف به فان يأس من الوصول إليه تصدّق به عنه مع الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي على الأحوط لزوماً.

( مسألة ٩٢٦ ) : إذا مات المالك المودع بطلت الوديعة فان انتقل المال إلى وارثه من غير ان يكون متعلقاً لحق الغير وجب على الودعي ايصاله إلى الوارث أو وليه أو اعلامه بذلك ـ بخلاف ما إذا لم ينتقل إليه أصلاً كما لو أوصى بصرفه في الخيرات وكانت وصيّته نافذة أو انتقل متعلقاً لحق الغير كأن يكون عيناً مرهونة اتفق الراهن والمرتهن على ايدعها عند ثالث ـ فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن ومن العذر عدم علمه بكون من يدعي الارث وارثاً أو انحصار الوارث فيه ، فان في مثل ذلك يجوز له التأخير في رد المال لأجل التروي والفحص عن حقيقة الحال ولا يكون عليه ضمان مع عدم التعدي والتفريط.

( مسألة ٩٢٧ ) : لو مات المودع وتعدد مستحق المال وجب على الودعي أن يدفعه إلى جميعهم أو إلى وكيلهم في قبضه فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون اجازة الباقين ضمن سهامهم.

( مسألة ٩٢٨ ) : لو مات الودعي أو اغمي عليه مطبقاً بطلت الوديعة ووجب على من بيده المال اعلام المودع به فوراً أو ايصاله إليه ، وأما لو كان

٣٤٩

إغماؤه موقتاً ففي بطلان الوديعة به اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.

( مسألة ٩٢٩ ) : إذا أحس الودعي بامارات الموت في نفسه ولم يكن وكيلاً في تسليمها الى غيره فان امكنه ايصالها إلى صاحبها أو وكيله أو وليه أو اعلامه بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط لزوماً وان لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصولها إلى صاحبها بعد وفاته ولو بالإيصاء بها والاستشهاد على ذلك واعلام الوصي والشاهد باسم صاحب الوديعة وخصوصياته ومحله ، ولو لم يعمل بما تقدم كان ضامناً للوديعة ، وان برئ من المرض أو ندم بعد مدة وعمل بما تقدم ارتفع عنه الضمان.

( مسألة ٩٣٠ ) : الامانة على قسمين مالكية وشرعية :

أمّا الأوّل : فهو ما كان باستيمان من المالك واذنه ، سواء أكان عنوان عمله ممحضاً في الحفظ والصيانة كالوديعة ام كان بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة.

وأمّا الثاني : فهو ما لم يكن الاستيلاء فيه على العين باستيمان من المالك واذنه وقد صارت تحت اليد لا على وجه العدوان ، بل إمّا قهراً كما إذا أطارت الريح الثوب إلى بيت الجار فصار في يده ، وإما بتسليم المالك لها من دون اطلاع منهما كما إذا تسلم البايع أو المشتري زائداً على حقّهما من جهة الغلط في الحساب ، وإما برخصة الشارع كاللقطة والضالة وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للايصال إلى صاحبه ، فإن العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها امانة شرعية يجب عليه حفظها ، فان كان يعرف صاحبها لزمه اعلامه بكونها عنده والتخلية بينها وبينه بحيث لو أراد أن يأخذها أخذها ، وأما لو كان صاحبها مجهولاً كما في اللقطة فيجب الفحص عن المالك على ما سيأتي من التفصيل في ذلك.

٣٥٠

( أحكام العارية )

( مسألة ٩٣١ ) : العارية : ( تسليط الشخص غيره على عين ليستفيد من منافعها مجاناً ).

( مسألة ٩٣٢ ) : تحصل العارية بالايجاب من المعير والقبول من المستعير ، ولا يعتبر أن يكونا لفظيين فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الاعارة وقصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.

( مسألة ٩٣٣ ) : يعتبر في المعير أن يكون مالكاً للمنفعة أو من بحكمه فلا تصح اعارة ما يملك عينه ولا يملك منفعته إلا باذن مالك المنفعة أو مع العلم برضاه ولو من قرائن الحال.

( مسألة ٩٣٤ ) : تصح اعارة المستأجر ما أستأجره من الاعيان إذا لم يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه ، ولكن ليس له تسليم العين المستأجرة إلى المستعير من غير اذن مالكها على الأحوط لزوماً.

( مسألة ٩٣٥ ) : لا تصح اعارة الطفل والمجنون مالهما ، كما لا تصح اعارة السفيه ماله إلا بإذن الولي ، وكذلك لا تصح اعارة المفلّس ماله الذي حجر عليه إلا بأذن الغرماء وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في اعارة ماله جاز أن يكون الطفل وسيطاً في ايصاله الى المستعير.

( مسألة ٩٣٦ ) : لا يضمن المستعير العارية إلاّ أن يقصر في حفظها أو يتعدى في الانتفاع بها ، نعم لو اشترط ضمانها ضمنها ، وتضمن عارية الذهب والفضة ، إلاّ إذا اشترط عدم ضمانها.

( مسألة ٩٣٧ ) : حكم العارية في بطلانها بموت المعير حكم الوديعة في ذلك وقد تقدّم في المسألة (٩٢٦).

٣٥١

( مسألة ٩٣٨ ) : العارية جائزةٌ من الطرفين وان كانت مؤجلّة فلكل منهما فسخها متى شاء ، نعم مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معيّن يصح الشرط ويـجب الوفاء به ولكن مع ذلك تنفسخ بالفسخ وان كان الفاسخ آثماً.

( مسألة ٩٣٩ ) : يعتبر في العين المستعارة ان تكون مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها ، فلا تصح اعارة الأطعمة للأكل ولا إعارة النقود للاتجار بها ، كما لا تصح اعارة ما تنحصر منافعه المتعارفة في الحرام لينتفع به في ذلك كآلات القمار.

( مسألة ٩٤٠ ) : يجب على المستعير الاقتصار في نوع المنفعة على ما عيّنها المعير ، فلا يجوز له التعدّي إلى غيرها ولو كانت أدنى ضرراً على المعير ، كما يجب أن يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة ، فلو أعاره سيّارة للحمل لم يجز له أن يحمِّلها إلا القدر المعتاد بالنسبة إلى تلك السيارة وذلك المحمول والزمان والمكان.

( مسألة ٩٤١ ) : لا يتحقق رد العارية إلاّ بردها إلى مالكها أو وكيله أو وليه ، ولو ردّها إلى حرزها الذي كانت فيه بلا يد للمالك ولا اذن منه كما إذا رد الدابة إلى الإصطبل وربطها فيه فتلفت أو اتلفها متلف ضمنها.

( مسألة ٩٤٢ ) : حكم العارية في وجوب الاعلام بالنجاسة في اعارة المتنجس حكم البيع في ذلك وقد تقدّم في المسألة (٦٤١).

( مسألة ٩٤٣ ) : لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة من غير اذن مالكها وتصح مع اذنه ولا تبطل العارية الثانية ـ حينئذٍ ـ بموت المستعير الاول.

( مسألة ٩٤٤ ) : إذا علم المستعير بان العارية مغصوبة وجب عليه ارجاعها إلى مالكها ، ولم يجز دفعها إلى المعير.

٣٥٢

( مسألة ٩٤٥ ) : إذا استعار ما يعلم بغصبيته فللمالك ان يطالبه أو يطالب الغاصب بعوضه إذا تلف ، كما ان له أن يطالب كلاً منهما بعوض ما استوفاه المستعير أو تلف في يده أو الأيادي المتعاقبة عليها من المنافع ، وإذا استوفى المالك العوض من المستعير فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.

( مسألة ٩٤٦ ) : إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده ، ورجع المالك عليه بعوضها فله ان يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلاّ إذا كانت العارية ذهباً أو فضة أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف ، وإن رجع المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.

٣٥٣

( أحكام الهبة )

( مسألة ٩٤٧ ) : الهبة : هي ( تمليك عين من دون عوض عنها ) وهي عقد يحتاج إلى ايجاب من الواهب وقبول من الموهوب له بلفظ أو فعل يدل على ذلك.

( مسألة ٩٤٨ ) : يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه من التصرف في الموهوب لسفه أو فلس ، وتصح الهبة من المريض في مرض الموت على تفصيل تقدم في المسألة (٨٤٧).

( مسألة ٩٤٩ ) : تصح الهبة في الأعيان المملوكة وان كانت مشاعة ولا تصح هبة المنافع ، وتصح هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه ، ولو وهبه ما في ذمته قاصداً به اسقاطه كان إبراءاً ولا يحتاج إلى القبول.

( مسألة ٩٥٠ ) : يشترط في صحة الهبة القبض ولابد فيه من اذن الواهب إلاّ أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد وان كان الأحوط لزوماً اعتبار الإذن في القبض بقاءاً ، ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير ، ومتى تحقّق القبض صحت الهبة من حينه ، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له ، وإن أوهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

( مسألة ٩٥١ ) : للأب والجدّ ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً ، أما لو جن بعد البلوغ فالأحوط لزوماً أن يتم

٣٥٤

القبول والقبض بالتوافق مع الحاكم الشرعي ، ولو وهب ولي الصغير أو المجنون ما بيده الى أحدهما لم يحتج إلى قبض جديد.

( مسألة ٩٥٢ ) : يتحقق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.

( مسألة ٩٥٣ ) : ليس للواهب الرجوع في هبته بعد الإقباض إذا قصد بها القربة ووجه الله تعالى ، أو كانت لذي رحم ، كما لا يحق له الرجوع لو عوّضه الموهوب له عنها أو نقل المال الموهوب إلى غيره أو تصرف فيه تصرفاً مغيّراً للعين كما لو صبغ الدار أو فصّل القماش للخياطة ، وله الرجوع في غير ذلك كما في لبس الثوب وفرش الفراش ، فان رجع وكانت العين معيبة فليس له أن يطالب بالتفاوت وان كانت لها زيادة منفصله كالولد أو زيادة متّصلة قابلة للانفصال كالصوف والثمرة فهي للموهوب له وان كانت زيادة متصلة غير قابلة للانفصال كالسمن والطول فهي تابعة للعين.

( مسألة ٩٥٤ ) : المقصود بذي رحم الواهب من يعد من أقاربه عرفاً ولا يلحق به الزوج والزوجة وان كان الأحوط استحباباً لهما عدم الرجوع فيها ولو قبل القبض.

( مسألة ٩٥٥ ) : لو مات الواهب قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلى وارث الواهب ، وكذا تبطل بموت الموهوب له قبل القبض ويبقى الموهوب في ملك الواهب.

( مسألة ٩٥٦ ) : لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس للواهب الرجوع الى ورثة الموهوب له بعد موته كما انه ليس لورثة الواهب بعد موته الرجوع إلى الموهوب له.

( مسألة ٩٥٧ ) : لا يعتبر في صحة الرجوع اطلاع الموهوب له فيصح

٣٥٥

الرجوع من دون علمه أيضاً.

( مسألة ٩٥٨ ) : في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا وهب شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط ، فإذا تعذر أو امتنع من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة ـ ولو لم يكن الموهوب قائماً بعينه ـ بل يجوز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط أيضاً ، نعم إذا كان تدريجياً وشرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع إلاّ مع عدم الإكمال في المدّة المضروبة أو المتعارفة.

( مسألة ٩٥٩ ) : في الهبة المطلقة لا يجب التعويض وان كان من الأدنى إلى الأعلى ، كما لا يجب على الواهب قبول العوض لو بذله الموهوب له ولكن لو قبل واخذه لزمت الهبة ولم يجز له الرجوع فيما وهبه كما لا يجوز للموهوب له الرجوع فيما أعطاه.

( مسألة ٩٦٠ ) : العوض المشروط ان كان معيناً تعين وان كان غير معين فان اتفقا على شيء فهو ، وإلاّ فالأحوط لزوماً ان يعوض بالمساوي من مثل أو قيمة الاّ إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير.

( مسألة ٩٦١ ) : لا يعتبر في التعويض أن يكون العوض هبة ، بل يجوز أن يكون غيرها من العقود أو الايقاعات كبيع شيء على الواهب أو أبراء ذمته من دين له عليه ونحو ذلك ، بل يجوز أن يكون عملاً خارجياً ـ ولو في العين الموهوبة ـ يتعلق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجداً أو غيرهما.

٣٥٦

( أحكام الإقرار )

( مسألة ٩٦٢ ) : الاقرار : هو ( إخبار الشخص عن حق ثابت عليه أو نفي حق له سواء كان من حقوق الله تعالى أم من حقوق الناس ) ولا يعتبر فيه لفظ خاص فيكفي كل لفظ مفهم له عرفاً ، بل لا يعتبر ان يكون باللفظ فتكفي الإشارة المفهمة له أيضاً.

( مسألة ٩٦٣ ) : لا يعتبر في تحقّق الاقرار واخذ المقر به دلالة الكلام عليه باحد طرق الدلالة اللفظية ( المطابقة والتضمن والالتزام ) ولا كونه مقصوداً بالإفادة ، فيؤخذ المتكلم بلوازم كلامه وان لم ينعقد له ظهور فيها بل وحتى مع جهله بالملازمة أو غفلته عنها ، فإذا نفى الاسباب الشرعية لإنتقال مال إليه واحداً بعد واحد كان ذلك اعترافاً منه بعدم مالكيته له فيلزم به.

( مسألة ٩٦٤ ) : يعتبر في المقرّ به ان يكون مما لو كان المقرّ صادقاً في اخباره لأمكن الزامه به شرعاً ، وذلك بان يكون المقر به مالاً في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملاً أو حقاً كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو اجراء الماء في نهره أو نصب ميزاب على سطح داره أو يكون فعلاً مستوجباً للحد شرعاً كالزنا وشرب الخمر وما شاكل ذلك ، وأما إذا أقرّ بما لا يمكن الزامه به شرعاً فلا أثر له فإذا أقر بان عليه لزيد شيئاً من ثمن خنزير ونحو ذلك لم ينفذ اقراره.

( مسألة ٩٦٥ ) : إذا أقرّ بشيء ثم عقبه بما يضاده وينافيه ينفذ اقراره ولا أثر للمنافي فلو قال لزيد عليّ عشرون ديناراً ثم قال لا بل عشرة دنانير الزم بالعشرين ، وليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي بل يكون المقرّ به ما بقي بعد الاستثناء إن كان الاستثناء من المثبت ونفس المستثنى ان كان الاستثناء

٣٥٧

من المنفي فلو قال هذه الدار التي بيدي لزيد إلاّ الغرفة الفلانية كان اقراراً بالدار ما عدا الغرفة ولو قال ليس لزيد من هذه الدار الاّ الغرفة الفلانية كان اقراراً له بالغرفة خاصة.

( مسألة ٩٦٦ ) : يعتبر في المقر البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، فلا ينفذ اقرار الصبي والمجنون والسكران وكذا الهازل والساهي والغافل والمكره ، نعم لا يبعد صحة اقرار الصبي إذا تعلّق بما يحق له أن يفعله كبيع الاشياء اليسيرة ولا ينفذ اقرار السفيه في امواله وما يلحق بها وينفذ في غيرها كالطلاق ونحوه ، وأما المفلّس فلا ينفذ اقراره فيما يتعلق بماله الذي حجر عليه وينفذ فيما عدا ذلك كدار سكناه واثاث بيته ونحوهما وكذا ينفذ اقراره في الدين سابقاً ولاحقاً ولكن لا يشارك المقر له الغرماء ، وأما المريض فينفذ اقراره كالصحيح إلاّ في مرض الموت مع التهمة فلا ينفذ اقراره فيما زاد على الثلث سواء أقر لوارث أو أجنبي.

( مسألة ٩٦٧ ) : إذا اقر بولد أو أخ أو اخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع احتمال صدقه فيما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في ارث ونحو ذلك ، وأما بالنسبة إلى غير ذلك مما عليه من الأحكام ففيه تفصيل ، فان كان الاقرار بالولد وكان صغيراً وتحت يده ثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه عادة وشرعاً وعدم المنازع ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى انكاره بعد بلوغه ويثبت بذلك النسب بينهما وكذا بين اولادهما وسائر الطبقات على اشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط في ذلك ، وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق الآخر فان لم يصدق الآخر لم يثبت النسب وان صدقه ـ ولا وارث غيرهما ـ توارثا ، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر ان لم يكن مقراً اشكال والاحتياط لا يترك وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك.

٣٥٨

( أحكام النكاح )

( مسألة ٩٦٨ ) : النكاح ( عقد بين الرجل والمرأة يحل بسببه كل منهما على الآخر ).

وهو على قسمين :

دائم ومنقطع ، والعقد الدائم هو ( عقد لا تعيّن فيه مدة الزواج ) وتسمى الزوجة ب‍ ( الدائمة ) والعقد غير الدائم هو ( ما تعيّن فيه المدة ) كساعة أو يوم أو سنة أو اكثر أو اقل وتسمى الزوجة ب‍ ( المتمتع بها والمنقطعة ).

( أحكام العقد )

( مسألة ٩٦٩ ) : يشترط في النكاح ـ دواماً ومتعة ـ الايجاب والقبول اللفظييان ، فلا يكفي فيه مجرد التراضي القلبي كما لا يكفي ـ على الأحوط لزوماً ـ الايجاب والقبول بالكتابة ، ويجوز لكل من الطرفين توكيل الغير ـ رجلاً كان أو إمراة ـ في اجراء الصيغة كما يجوز لهما المباشرة فيه.

( مسألة ٩٧٠ ) : اذا وكّلا الغير في اجراء الصيغة لم تجز لهما الاستمتاعات الزوجية حتى النظر الذي لا يحل لهما قبل الزواج ما لم يطمئنا باجراء الوكيل عقد النكاح ولا يكفي مجرد الظن ، ولو اخبر الوكيل بذلك فان حصل الاطمينان بخبره كفى والا فلا عبرة به على الأحوط لزوماً.

( مسألة ٩٧١ ) : يجب على الوكيل ان لا يتعدى عما عيّنه الموكل من حيث المهر والخصوصيات الاُخرى وان كان على خلاف مصلحة الموكل

٣٥٩

حسب اعتقاده ، فان تعدى كان فضولياً موقوفاً على اجازته.

( مسألة ٩٧٢ ) : يجوز ان يكون شخص واحد وكيلاً عن الطرفين كما يجوز ان يكون الرجل وكيلاً عن المرأة في ان يعقدها لنفسه وان كان الأحوط ـ استحباباً ـ ان لا يتولى شخص واحد كلا طرفي العقد.

( صيغة العقد الدائم )

( مسألة ٩٧٣ ) : اذا باشر الطرفان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت المرأة مخاطبة للرجل ( زوجتك نفسي على الصداق المعلوم ) وقال الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج ) صح العقد ، ولو وكلا غيرهما وكان اسم الرجل ( احمد ) واسم المراة ( فاطمة ) مثلاً فقال وكيل المرأة : ( زوجت موكلك أحمد موكلتي فاطمة أو زوجت موكلتي فاطمة موكلك احمد على الصداق المعلوم ) وقال وكيل الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج لموكلي احمد على الصداق المعلوم ) صح العقد ، والأحوط الأولى تطابق الايجاب والقبول ، مثلاً لو قالت المرأة ( زوجتك ) فعلى الزوج ان يقول : ( قبلت التزويج ) ولا يقول ( قبلت النكاح ) مثلاً.

( صيغة العقد غير الدائم )

( مسألة ٩٧٤ ) : اذا باشر الطرفان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة والمهر فقالت المرأة ( زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم ) وقال الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج ) صح العقد ولو وكلا غيرهما فقال وكيل المرأة : ( زوجت موكلك موكلتي أو زوجت موكلتي موكلك في المدة المعلومة على المهر المعلوم ) وقال وكيل الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج لموكلي هكذا ) صح أيضاً.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551