المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات10%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 234171 / تحميل: 5615
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

( شرائط العقد )

( مسألة ٩٧٥ ) : يشترط في عقد الزواج أمور :

(١) العربية ـ مع التمكن منها ـ على الأحوط لزوماً ، ويكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وان تمكن من التوكيل.

(٢) القصد الى ايجاد مضمون العقد ، بمعنى ان تقصد المرأة بقولها : ( زوجتك نفسي ) ايقاع الزواج وصيرورتها زوجة له كما ان الرجل يقصد بقوله ( قبلت ) انشاء قبول زوجيتها له ، وهكذا الوكيلان.

(٣ ، ٤) ان يكون العاقد ـ موجباً كان أم قابلاً ـ عاقلاً وكذا بالغاً على الأحوط لزوماً.

(٥) تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو الوصف أو الاشارة فلو قال : ( زوجتك احدى بناتي ) بطل ، وكذا لو قال ( زوجت بنتي احد ابنيك أو احد هذين ).

(٦) رضا الطرفين واقعاً ، فلو اذنت المرأة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح العقد ، كما انه اذا علمت كراهتها واقعاً وان تظاهرت بالرضا بطل العقد الا ان تجيز بعده.

( مسألة ٩٧٦ ) : اذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى المقصود لم يكف ، والا كفى وان كان اللحن في المادة ، فيكفي (جوزتك) في اللغة الدارجة بدل ( زوجتك ) اذا كان المباشر للعقد من اهل

٣٦١

تلك اللغة.

( مسألة ٩٧٧ ) : اذا كان مجري الصيغة عالماً بمعناها اجمالاً وقاصداً لتحقق المعنى صح العقد ، ولا يشترط علمه به تفصيلاً بان يكون مميزاً للفعل والفاعل والمفعول مثلاً.

( مسألة ٩٧٨ ) : العقد الواقع فضولياً اذا تعقب بالاجازة صح سواء أكان فضولياً من الطرفين أم كان فضولياً من أحدهما.

( مسألة ٩٧٩ ) : لو اكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك واجازا العقد صح ، وكذلك الحال في اكراه احدهما ، والأحوط الأولى اعادة العقد في كلتا الصورتين.

( مسألة ٩٨٠ ) : الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل الصغير والصغيرة والمتصل جنونه بالبلوغ ، فلو زوجهم الولي صح الا انه يحتمل ثبوت الخيار للصغير والصغيرة بعد البلوغ والرشد ، فاذا فسخا فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق ، هذا اذا لم تكن في العقد مفسدة على القاصر بنظر العقلاء في ظرف وقوعه واما مع المفسدة فيكون العقد فضولياً ولا يصح الا مع الاجازة بعد البلوغ والرشد أو الافاقة.

( مسألة ٩٨١ ) : يشترط في نكاح البالغة الرشيدة البكر اذن ابيها أو جدها من طرف الأب اذا لم تكن مالكة لأمرها ومستقلة في شؤون حياتها ، بل الأحوط لزوماً اشتراط اذن احدهما اذا كانت مستقلة ايضاً ، ولا تشترط اجازة الأم والاخ وغيرهما من الاقارب.

ولا فرق فيما ذكر بين الزواج الدائم والموقت ولو مع اشتراط عدم الدخول في متن العقد.

( مسألة ٩٨٢ ) : يصح زواج البالغة الرشيدة البكر من غير استئذان من

٣٦٢

أبيها أو جدها ، اذا تعقب بالاجازة من أحدهما.

( مسألة ٩٨٣ ) : لا يعتبر اذن الأب والجد اذا كانت البنت ثيباً ، وكذلك اذا كانت بكراً ومنعاها عن الزواج بكفؤها شرعاً وعرفاً مطلقاً ، أو اعتزلا التدخل في امر زواجها مطلقاً ، أو سقطا عن اهلية الإذن لجنون أو نحوهِ ، وكذا اذا لم تتمكن من استئذان احدهما لغيابهما مثلاً فانه يجوز لها الزواج حينئذ مع حاجتها الملحة اليه فعلاً من دون اذن أيّ منهما.

( مسألة ٩٨٤ ) : المقصود بالبكر ـ هنا ـ من لم يدخل بها زوجها ، فمن تزوجت ومات عنها زوجها او طلقها قبل ان يدخل بها فهي بكر ، وكذا من ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة أو نحوها ، وأما ان ذهبت بالزناء او بالوطء شبهة فهي بمنزلة البكر ، وأما من دخل بها زوجها فهي ثيبة وان لم يفتض بكارتها.

٣٦٣

( موجبات خيار الفسخ من العيب والتدليس )

( مسألة ٩٨٥ ) : يثبت للزوج خيار العيب اذا علم بعد العقد بوجود احد العيوب الستة الآتية في الزوجة حين العقد فيكون له الفسخ من دون طلاق :

(١) الجنون ولو كان أدوارياً ، وليس منه الاغماء والصرع.

(٢) الجذام.

(٣) البرص.

(٤) العمى.

(٥) العرج ولو لم يبلغ حد الإقعاد.

(٦) العفل وهو لحم أو عظم ينبت في الرحم سواء منع من الحمل أو الوطء في القبل أم لا.

وفي ثبوت خيار العيب للزوج فيما لو علم بكون زوجته مفضاة حين العقد اشكال فلو فسخ فالأحوط لزوماً لهما عدم ترتيب اثر الزوجية او الفرقة الا بعد تجديد العقد أو الطلاق.

ولا يثبت الخيار للزوج في العيوب المتقدمة اذا حدثت بعد العقد وان كان قبل الوطء.

( مسألة ٩٨٦ ) : يثبت خيار العيب للزوجة إذا كان الزوج مجبوباً ( اي مقطوع الذكر بحيث لم يبق منه ما يمكنه الوطء به ) أو مصاباً بالعنن ( وهو المرض المانع عن انتشار العضو بحيث لا يقدر معه على الإيلاج ) سواء كان الجب أو العنن سابقاً على العقد أم كان حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء

٣٦٤

معاً.

وهل يثبت للزوجة خيار العيب في جنون الزوج سواء كان سابقاً على العقد أم حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء أم لا ؟ فيه اشكال ، وكذا فيما لو كان خصياً حين العقد ( الخصاء هو اخراج الانثيين ) أو وجّياً ( الوجاء رض الانثيين بحيث يبطل اثرهما ) أو مجذوماً أو ابرص ، فان اختارت الفسخ فلا يترك الاحتياط في جميع ذلك بعدم ترتيب اثر الزوجية أو الفرقة الا بعد تجديد العقد أو الطلاق.

( مسألة ٩٨٧ ) : يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم وكذا المرأة بعيب الرجل ، نعم مع ثبوت العنن إذا لم ترض المرأة بالصبر معه لا يحق لها الفسخ الا بعد رفع امرها الى الحاكم الشرعي فيؤجل الزوج بعد المرافعة سنة فان وطئها أو وطىء غيرها في اثناء هذه المدة فلا فسخ ، والاّ كان لها التفرد بالفسخ عند انقضاء المدة وتعذر الوطء من دون مراجعة الحاكم ، واذا علم بشهادة الطبيب الاخصائي الموثوق به ان الزوج سوف لا يقدر على الوطء ابداً جاز لها الفسخ من دون الانتظار إلى تمام السنة.

( مسألة ٩٨٨ ) : إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فان كان الفسخ بعد الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة كما في الطلاق وان كان الفسخ قبله لم تستحق شيئاً ولا عدة عليها. هذا إذا لم يكن تدليس ، وأما مع التدليس ( المتحقق بتوصيف المرأة للرجل عند ارادة الزواج بالسلامة من العيب مع العلم به او بالسكوت عن بيان العيب ممن عليه البيان مع اقدام الزوج بارتكاز السلامة منه ) فان كان المدلس نفس المرأة لم تستحق المهر إذا اختار الرجل الفسخ وان اختار البقاء فعليه تمام المهر لها ، وان كان المدّلس غير الزوجة فالمهر المسمى يستقر على الزوج بالدخول ولكن

٣٦٥

يحق له بعد دفعه اليها ان يرجع به على المدلس.

واذا فسخت المرأة بعيب الرجل استحقت تمام المهر ان كان بعد الدخول وان كان قبله لم تستحق شيئاً الا في العنن فانها تستحق عليه فيه نصف المهر المسمى.

( مسألة ٩٨٩ ) : يثبت في النكاح خيار التدليس ـ في غير العيوب التي مر انه يثبت بسببها خيار العيب ـ عند التستر على عيب في احد الزوجين ( سواء كان نقصاً عن الخلقة الأصلية كالعور ونحوه أو زيادة عليها كاللحية للمرأة ) أو الإيهام بوجود صفة كمال لا وجود لها كالشرف والنسب والجمال والبكارة ونحوها.

فلو خطب امرأة وطلب زواجها على انه من بني فلان فتزوجته المرأة على ذلك فبان انه من غيرهم كان لها خيار التدليس فان فسخت فلها المهر إذا كان بعد الدخول وان كان قبله فلا شيء لها ، وانما يتحقق التدليس الموجب للخيار فيما إذا كان عدم العيب أو وجود صفة الكمال مذكوراً في العقد بنحو الاشتراط أو التوصيف ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب أو إراءته متصفاً بها قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثم ايقاع العقد مبنياً عليه ، ولا يتحقق بمجرد سكوت الزوجة ووليها مثلاً مع اعتقاد الزوج عدم العيب أو وجود صفة الكمال.

( مسألة ٩٩٠ ) : اذا تزوج امراة على انها بكر فبانت ثيباً ففسخ ـ حيث يكون له الفسخ ـ فان كان قبل الدخول فلا مهر ، وان كان بعده استقر المهر ورجع به على المدلس ، وان كانت هي المدلّس لم تستحق شيئاً ، واذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ ـ كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط أو توصيف أو بناء ـ كان له ان ينقص من مهرها بنسبة ما به التفاوت بين مهر مثلها بكراً وثيباً.

٣٦٦

( أسباب التحريم )

( مسألة ٩٩١ ) : يحرم الزواج من جهة النسب بالام وان علت ، وبالبنت وان نزلت ، وبالاخت ، وببنات الأخ والاخت وان نزلن ، وبالعمات وبالخالات وإن علون ، اي عمة الأب والام وخالاتهما وهكذا.

( مسألة ٩٩٢ ) : تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف الأب أو الأم ، فلا يجوز الزواج بهن وان لم يدخل بزوجته ، وكذلك تحرم بنت الزوجة المدخول بها ، سواء أكانت بنتها بلا واسطة أو مع الواسطة ، وسواء أكانت موجودة في زمان زوجية الأم أم ولدت بعد طلاق الأم وتزوجها برجل آخر ، ولا تحرم بنت الزوجة ما لم يدخل بأُمها ، نعم لا يصح نكاحها ما دامت امها باقية على الزوجية على الأحوط لزوماً ، فلو تزوجها لم يحكم بصحة نكاح البنت ولا ببقاء زوجية الام.

( مسألة ٩٩٣ ) : يحرم الزواج بمعقودة الأب أو احد الأجداد كما يحرم التزويج بمعقودة الابن ، أو احد الأحفاد أو الأسباط.

( مسألة ٩٩٤ ) : يحرم الجمع بين الاختين ، فاذا عقد على احداهما حرمت عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها ، ولو عقد عليهما في زمان واحد بطلا ، ولا فرق في ذلك بين العقد الدائم والمنقطع.

( مسألة ٩٩٥ ) : إذا طلق زوجته ـ رجعياً ـ لم يجز له نكاح اختها في عدتها ، وإذا كان الطلاق بائناً صح ذلك ، واذا تزوج بامرأة بعقد منقطع فانتهت المدة أو ابرأها فالأحوط لزوماً عدم الزواج باختها في عدتها.

( مسألة ٩٩٦ ) : إذا عقد على امرأة لم يجز له ان يتزوج ببنت اخيها أو

٣٦٧

ببنت اختها الا باذنها ، ولو عقد بدون اذنها توقفت صحته على اجازتها فان أجازته صح والا بطل ، وان علمت بالزواج فسكتت ثم أجازته صح أيضاً.

( مسألة ٩٩٧ ) : لو زنى بخالته أو عمته قبل ان يعقد على بنتها حرمت عليه البنت على الأحوط لزوماً ـ ، ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على البنت لم تحرم عليه وان كان الزنى قبل الدخول بها ، ولو زنى بغير العمة والخالة لم تحرم عليه بنتها وان كان الأحوط ـ استحباباً ـ أن لا يتزوج بنتها.

( مسألة ٩٩٨ ) : لا يجوز للمسلمة أن تتزوج دواماً أو متعة من الكافر وان كان كتابياً ، وكذلك لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير الكتابية من اصناف الكفار مطلقاً ، ويجوز له الزواج متعة من اليهودية والنصرانية اذا لم تكن له زوجة مسلمة ، والا لم يجز له الزواج منهما من دون اذن المسلمة بل ولا باذنها على الأحوط وجوباً ، كما لا يجوز ـ على الأحوط ـ ان يتزوج منهما دواماً ولا من المجوسية ولو متعة.

( مسألة ٩٩٩ ) : لا يجوز للمؤمن أو المؤمنة ان يتزوج دواماً أو متعة بعض المنتحلين لدين الاسلام ممن يحكم بنجاستهم كالنواصب ، ويجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية ، كما يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي على كراهة ، نعم اذا خيف عليه أو عليها الضلال حرم وان صحّ العقد.

( مسألة ١٠٠٠ ) : لو زنى بذات بعل أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً ـ ، أما الزنا بذات العدة غير الرجعية فلا يوجب حرمة المزني بها ، فللزاني الزواج بها بعد انقضاء عدتها.

( مسألة ١٠٠١ ) : لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليست بذات عدة رجعية لم يجز له ان يتزوجها الا بعد توبتها على ـ الأحوط وجوباً ـ ، ويجوز لغيره ان يتزوجها قبل ذلك الا ان تكون امرأة مشهورة بالزنا ، فان الأحوط وجوباً

٣٦٨

عدم الزواج بها قبل ان تتوب ، كما ان الأحوط وجوباً عدم الزواج بالرجل المشهور بالزنا الا بعد توبته ، والأحوط الأولى استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل التزوج بها ، سواء ذلك بالنسبة الى الزاني وغيره.

( مسألة ١٠٠٢ ) : يحرم الزواج بالمرأة دواماً أو متعة في عدتها من الغير ، رجعية كانت أو غير رجعية ، فلو علم الرجل أو المرأة بانها في العدة وبحرمة الزواج فيها وتزوج بها حرمت عليه مؤبداً وان لم يدخل بها بعد العقد ، واذا كانا جاهلين بانها في العدة أو بحرمة الزواج فيها وتزوج بها بطل العقد ، فان كان قد دخل بها في عدتها حرمت عليه مؤبداً أيضاً ، والا جاز الزواج بها بعد تمام العدة.

( مسألة ١٠٠٣ ) : لو تزوج بامرأة عالماً بانها ذات بعل حرمت عليه مؤبداً ـ دخل بها أم لم يدخل ـ ولو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه لو لم يدخل بها حتى مع علم الزوجة بالحال ، واما لو دخل بها فتحرم عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ١٠٠٤ ) : لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها ، وان كانت مصرة على ذلك ، والأولى ـ مع عدم التوبة ـ ان يطلقها الزوج.

( مسألة ١٠٠٥ ) : إذا تزوجت المرأة ثم شكت في ان زواجها وقع في العدة أو بعد انقضائها لم تعتن بالشك.

( مسألة ١٠٠٦ ) : إذا لاط البالغ شرعاً بغير البالغ فأوقب ولو ببعض الحشفة حرمت على اللائط أمّ الملوط واخته وبنته ، ـ والأحوط لزوماً ـ ثبوت هذا الحكم فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو كان الملوط بالغاً أو كان اللواط بعد الزواج باحدى المذكورات ، ولا يحكم بالتحريم مع الشك في الدخول بل ولا مع الظن به أيضاً.

( مسألة ١٠٠٧ ) : لا تحرم على اللائط بنت اخت الملوط ولا بنت اخيه ،

٣٦٩

كما لا تحرم على الملوط ام اللائط ولا بنته ولا اخته.

( مسألة ١٠٠٨ ) : يحرم الزواج حال الاحرام وان لم تكن المرأة محرمة ، ويقع العقد فاسداً حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ، ومع علمه بالحرمة تحرم عليه مؤبداً.

( مسألة ١٠٠٩ ) : لا يجوز للمحرمة ان تتزوج برجل ولو كان محلاً ، ولو فعلت بطل العقد مطلقاً ، ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً.

( مسألة ١٠١٠ ) : إذا لم يأت المحرم او المحرمة بطواف النساء في الحج أو العمرة المفردة لم تحل لهما الممارسات الجنسية التي حرمت عليهما بالإحرام ، وإذا أتيا به في أي وقت بعد ذلك ارتفعت الحرمة.

( مسألة ١٠١١ ) : لا يجوز الدخول بالزوجة قبل اكمالها تسع سنين ولكنه لو فعل لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها وان كان قد افضاها.

( مسألة ١٠١٢ ) : تحرم المطلقة ثلاثاً على زوجها المطلق لها ، نعم لو تزوجت بغيره ودخل بها فطلقها حلت لزوجها الأوّل ـ على تفصيل يأتي في احكام الطلاق ـ واما لو طلقها تسعاً فهي تحرم عليه مؤبداً.

٣٧٠

( من أحكام العقد الدائم والإنفاق الواجب )

( مسألة ١٠١٣ ) : يحرم على الزوجة الدائمة ان تخرج من دارها من دون اذن زوجها وان لم يكن ذلك منافياً لحقه في الاستمتاع بها ويجب عليها ان تمكن زوجها من نفسها متى شاء ، وليس لها منعه من المقاربة ونحوها من الممارسات الجنسية المتعارفة الا لعذر شرعي ، فاذا عملت بوظيفتها استحقت النفقة على زوجها من الغذاء واللباس والمسكن وسائر ما تحتاج اليه بحسب شانها بالقياس اليه.

( مسألة ١٠١٤ ) : إذا نشزت الزوجة على زوجها بان منعت نفسها عنه مطلقاً لم تستحق النفقة عليه سواء خرجت من عنده أم لا ، واما إذا منعت نفسها عنه في بعض الاحيان لا لعذر مقبول شرعاً أو خرجت من بيتها بغير اذنه من دون مسوغ شرعي فالأحوط لزوماً عدم سقوط نفقتها بذلك ، واما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا اشكال.

( مسألة ١٠١٥ ) : لا يستحق الزوج على زوجته خدمة البيت وما شاكلها وان كان يستحب لها ان تقوم بذلك.

( مسألة ١٠١٦ ) : إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وان كانت اكثر من نفقتها في الحضر ، كما يجب عليه بذل أجور سفرها ونحوها مما تحتاج اليه من حيث السفر ، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروري يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر الى طبيب ، وأما في غير ذلك من السفر الواجب كسفر الحج او السفر غير الواجب الذي اُذن فيه الزوج لها فليس

٣٧١

عليه بذل أجوره ، ولكن يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وان كانت ازيد من نفقتها في الحضر ، نعم إذا علق الزوج اذنه لها في السفر غير الواجب على اسقاطها لنفقتها فيه كلاً أو بعضاً وقبلت هي بذلك لم تستحقها عليه.

( مسألة ١٠١٧ ) : لو امتنع الزوج الموسر عن بذل نفقة زوجته المستحقة لها مع مطالبتها جاز لها ان تأخذها من ماله بدون اذنه ويجوز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي لإجباره على الانفاق ، فان لم يتيسر لها هذا ولا ذاك. واضطرت الى اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها اطاعة زوجها حال اشتغالها بتلك الوسيلة ، ـ والأحوط لزوماً ـ ان لا تمتنع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال.

( مسألة ١٠١٨ ) : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها عليه وان كانت غنية غير محتاجة ، واذا لم تحصلها ـ كلاً او بعضاً ـ لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله دينا على ذمته يؤديه متى ما تمكن ، ويصح ان تسقط عنه ما تستحقه عليه فعلاً أو في الأزمنة المستقبلة بشرط أو بدونه.

واذا كان للزوج مالٌ لا يفي بنفقته ونفقة زوجته جاز له تأمين نفقته منه فان زاد صرفه اليها.

( مسألة ١٠١٩ ) : يثبت للأبوين حق الانفاق على الابن ، كما يثبت للولد ذكراً كان أو انثى حق الانفاق على ابيه ، ـ والأحوط لزوماً ـ ثبوت حق الانفاق للأبوين على البنت وثبوته لهما مع فقد الولد او اعساره على اولاد الأولاد اي ابناء الأبناء والبنات وبناتهم الأقرب فالاقرب.

وكذلك ـ الأحوط لزوماً ـ ثبوت حق الانفاق للولد مع فقد الأب او اعساره على جده لأبيه وان علا الأقرب فالاقرب ، وثبوته مع فقد الجد او اعساره على امه ومع فقدها او اعسارها على الجد او الجدة من قبلها ومن

٣٧٢

قبل ام الأب أو الجد مِن طرفه وان علوا مع مراعاة الأقرب فالاقرب إليه.

واذا تعدد من يثبت عليه حق الانفاق كما لو كان للشخص اب مع ابن او كان له اكثر من ابن واحد فيحتمل ثبوت الحق على كل واحد كفاية كما يحتمل اشتراك الجميع فيه بالسوية ـ فالأحوط لزوما ـ فيما إذا لم يقم البعض منهم بما يلزمه على تقدير الاشتراك ان يقوم به البعض الآخر.

( مسألة ١٠٢٠ ) : يشترط في ثبوت الانفاق بالقرابة فقر المنفق عليه بمعنى ان لا يتوفر له ما يحتاج اليه فعلاً من معيشته من طعام او لباس او مسكن او دواء او نحوها ولا يتمكن ايضا من توفيره بالاكتساب اللائق بشأنه ولا بالاقتراض من دون حرج ومشقة مع التمكن من الوفاء لاحقاً.

ولا يشترط في ثبوت الانفاق بها كمال المنفق بالعقل والبلوغ فيجب على الولي ان ينفق من مال الصبي والمجنون على من يثبت له حق الانفاق عليه ، نعم يشترط تمكن المنفق منه بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة فلو كان له من المال قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يثبت عليه الانفاق على اقاربه ولو زاد صرفه في الانفاق عليهم ، والاقرب منهم مقدم على الابعد فالولد مقدم على ولد الولد ، ولو تساووا وعجز عن الانفاق عليهم جميعاً وجب توزيع الميسور عليهم بالسوية اذا كان مما يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به وإلاّ تخير في الانفاق على اي منهم شاء.

واذا امتنع من وجبت نفقة قريبه عن بذلها جاز لمن له الحق اجباره عليه ولو باللجوء الى الحاكم وان كان جائراً ولكن ان لم ينفق حتى مضى زمانه سقط عنه وان كان آثماً.

( مسألة ١٠٢١ ) : اذا اضطر شخص الى التصرف في مال غيره من طعام أو دواء أو ثياب او سلاح أو غيرها لانقاذ نفسه من الهلاك أو ما يدانيه وجب على المالك مع حضوره وعدم اضطراره اليه ان يبذله له بعوض او

٣٧٣

بدونه ، ويجوز للمضطر مع غياب المالك التصرف في ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.

( مسألة ١٠٢٢ ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان ينفق المالك على ما لديه من الحيوان او ينقله الى غيره او يذكيه بذبح أو غيره اذا كان من المذكى ولم يعد ذلك تضييعاً للمال ، ولا يجوز له حبسه من دون الانفاق عليه حتى يموت.

( مسألة ١٠٢٣ ) : اذا كان للرجل زوجتان دائمتان أو ازيد فبات عند إحداهن ليلة ثبت لغيرها حق المبيت ليلة من اربع ليال ، ولا يثبت حق المبيت للزوجة على زوجها ـ سواء كانت واحدة أو ازيد ـ في غير هذه الصورة ، نعم الأحوط الأولى لمن عنده زوجة دائمة واحدة ان يقسم لها ليلة من كل اربع ليال ولمن عنده زوجتان كذلك ان يقسم لها ليلتين وهكذا ، ولا يثبت حق المبيت للصغيرة ولا للمجنونة حال جنونها ولا للناشزة كما يسقط حال سفر الزوج وفيما لو اسقطته الزوجة بعوض أو بدونه ، ولا يجوز متاركة الزوجة الدائمة رأساً وجعلها كالمعلقة لا هي ذات بعل ولا هي مطلقة.

( مسألة ١٠٢٤ ) : لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابة اكثر من أربعة اشهر الا لعذر كالحرج والضرر أو مع رضاها أو نشوزها أو اشتراط تركه عليها حين العقد ـ والأحوط لزوماً ـ شمول هذا الحكم للزوجة المنقطعة ولما اذا كان الزوج مسافراً فلا يحق له أن يطيل السفر من دون عذر شرعي اذا كان يفوت على الزوجة حقها.

هذا واذا لم تقدر الزوجة على الصبر الى اربعة اشهر بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام اذا لم يقاربها ـ فالأحوط وجوبا ـ المبادرة الى مقاربتها قبل تمام الاربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.

٣٧٤

( مسألة ١٠٢٥ ) : اذا كان المهر حالاً فللزوجة الامتناع من التمكين قبل قبضه سواء كان الزوج متمكناً من الأداء أم لا ، ولو مكنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل ان تقبضه ، واما لو كان المهر كله أو بعضه مؤجلاً ـ وقد اخذت بعضه الحال ـ لم يكن لها الامتناع من التمكين وان حلّ الأجل.

٣٧٥

( النكاح المنقطع )

( مسألة ١٠٢٦ ) : يصح النكاح المنقطع ، وان كان الداعي اليه امراً آخر غير الاستمتاع كحصول المحَرمية ، ولا بد فيه من تعيين المهر والمدة ، فان لم يتعينا بطل العقد ، ولا حد للمدة قلة وكثرة ، نعم يبطل العقد مع العلم بعدم وفاء عمر احد الزوجين أو كليهما للمدة المعينة.

( مسألة ١٠٢٧ ) : يجوز للمرأة في النكاح المنقطع ـ وكذا الدائم ـ ان تشترط على زوجها عدم الدخول بها ، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز له ما سوى ذلك من الاستمتاعات ، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها جازت له.

( مسألة ١٠٢٨ ) : لا تجب نفقة الزوجة في النكاح المنقطع وان حملت من زوجها ولا تستحق من زوجها المبيت عندها ، ولا توارث بينها وبين زوجها ، ولو شرط ثبوت الارث لهما أو لأحدهما ففي نفوذ الشرط اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.

( مسألة ١٠٢٩ ) : يصح العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم استحقاقها النفقة والمبيت ، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها ، ويحرم عليها الخروج بغير اذن زوجها ، اذا كان خروجها منافياً لحقه ، لا مع عدم المنافاة.

( مسألة ١٠٣٠ ) : لو وكلت المراة رجلاً في تزويجها لمدة معينة بمهر معلوم فخالف الوكيل فعقدها دواماً أو متعة لغير تلك المدة أو بغير ذلك المهر ، فان اجازت العقد صح والا بطل.

٣٧٦

( مسألة ١٠٣١ ) : لو زوج الأب أو الجد من طرفه بنته الصغيرة أو ابنه الصغير لفترة قصيرة لا لغاية الاستمتاع بل لغاية اخرى من حصول المحرمية ونحوه صح العقد مع عدم ترتب مفسدة عليه ، نعم مع عدم قابلية المدة المعينة للاستمتاع من الصغيرة أو لاستمتاع الصغير فيها بوجه فصحة العقد لا تخلو من اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.

( مسألة ١٠٣٢ ) : لو وهب الزوج مدة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها لزمة تمام المهر ، وينتصف المهر اذا كانت الهبة قبل الدخول.

( مسألة ١٠٣٣ ) : لا بأس على الزوج في الزواج من المتمتع بها في عدتها منه دواماً أو منقطعاً ، ولكن لا يصح تجديد العقد عليها دائماً أو منقطعاً قبل انقضاء الاجل أو بذل المدة.

٣٧٧

( مسائل متفرقة )

( مسألة ١٠٣٤ ) : لا يجوز للرجل ان ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة الأجنبية وشعرها ، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع خوف الوقوع في الحرام ، بل الأحوط ـ استحباباً ـ تركه بدونهما أيضاً ، وكذلك الحال في نظر المرأة الى الرجل الأجنبي على الأحوط لزوماً في غير ما جرت السيرة على عدم الإلتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها ، واما نظرها الى هذه المواضع منه فالظاهر جوازه من دون تلذذ شهوي وعدم خوف الوقوع في الحرام وان كان الأحوط ـ استحباباً ـ تركه أيضاً.

( مسألة ١٠٣٥ ) : يجوز النظر الى النساء المبتذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف بشرط ان لا يكون بتلذذ شهوي ولا يخاف الوقوع في الحرام ، ولا فرق في ذلك بين نساء الكفار وغيرهن ، كما لا فرق فيه بين الوجه والكفين وبين سائر ما جرت عادتهن على عدم ستره من بقية أعضاء البدن.

( مسألة ١٠٣٦ ) : يجب على المرأة ان تستر شعرها وما عدا الوجه والكفين من بدنها عن غير الزوج والمحارم من البالغين مطلقاً ، بل الأحوط لزوماً ان تتستر عن غير البالغ أيضاً إذا كان مميزاً وأمكن ان يترتب على نظره اليها ثوران الشهوة فيه ، واما الوجه والكفان فيجوز لها ابداؤها إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه بداعي ايقاع الرجل في النظر المحرم فيحرم الابداء حينئذٍ حتى بالنسبة الى المحارم. هذا في غير المرأة المسنة التي لا ترجوا النكاح واما هي فيجوز لها ابداء شعرها وذراعها ونحوهما ـ

٣٧٨

مما لا يستره الخمار والجلباب عادة ـ من دون ان تتبرج بزينة.

( مسألة ١٠٣٧ ) : يحرم النظر إلى عورة الغير ـ غير الزوج والزوجة ـ سواء كان النظر مباشرة أم من وراء الزجاج أو في المرآة أو في الماء الصافي ونحو ذلك ، نعم حرمة النظر الى عورة الكافر المماثل في الجنس والصبي المميز تبتني على الاحتياط اللزومي.

( مسألة ١٠٣٨ ) : يجوز لكل من الرجل والمراة ان ينظر الى بدن محارمه ـ ما عدا العورة منه ـ من دون تلذذ ، وأما النظر مع التلذذ فلا فرق في حرمته بين المحارم وغيرهم ، والمقصود بالمحارم كل من يحرم عليه نكاحه مؤبداً لنسب أو رضاع أو مصاهرة دون المحرم بغيرها كالزنا واللواط واللعان.

( مسألة ١٠٣٩ ) : لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر الى مماثله بقصد التلذذ الشهوي.

( مسألة ١٠٤٠ ) : الأحوط لزوماً ترك النظر الى صورة المرأة الأجنبية غير المبتذلة اذا كان الناظر يعرفها ، ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فيجوز النظر اليهما في الصورة من دون تلذذ شهوي وعدم خوف الوقوع في الحرام.

( مسألة ١٠٤١ ) : اذا دعت الحاجة الى ان يحقن الرجل رجلاً أو امرأة غير زوجته أو أن يغسل عورتهما لزمه التحفظ مع الإمكان من لمس العورة بيده أو النظر اليها ، وكذلك المرأة بالنسبة الى المرأة أو الرجل غير زوجها.

( مسألة ١٠٤٢ ) : اذا اضطرت المرأة الى العلاج من مرض وكان الرجل الأجنبي ارفق بعلاجها جاز له النظر الى بدنها ومسه بيده اذا توقف عليهما معالجتها ، ومع امكان الاكتفاء باحدهما ـ النظر والمس ـ لا يجوز الآخر ، فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس وكذلك العكس.

( مسألة ١٠٤٣ ) : لو اضطر الطبيب في معالجة المريض غير زوجته الى النظر الى عورته ـ فالأحوط لزوماً ـ ان لا ينظر اليها مباشرة بل في المرآة

٣٧٩

وشبهها ، الا اذا اقتضى ذلك النظر لفترة اطول أو لم تتيسر المعالجة بغير النظر مباشرة.

( مسألة ١٠٤٤ ) : يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن الوقوع في الحرام ـ كالاستمناء ـ بسبب عدم زواجه.

( مسألة ١٠٤٥ ) : لا يجوز الخلوة بالمرأة الاجنبية مع عدم الامن من الفساد وان تيسر دخول الغير عليهما ، ولا بأس بها مع الامن منه تماماً.

( مسألة ١٠٤٦ ) : لو تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته ان لا يدفعه اليها صح العقد ووجب عليه دفع المهر.

( مسألة ١٠٤٧ ) : المرتد وهو من خرج عن الاسلام واختار الكفر على قسمين : فطري وملي ، والفطري من ولد على اسلام ابويه أو احدهما واختار الاسلام بعد ان وصل الى حد التمييز ثم كفر ، ويقابله الملي.

( مسألة ١٠٤٨ ) : لو ارتد الزوج عن ملة أو ارتدت الزوجة عن ملة أو فطرة بطل النكاح ، فان كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة أو صغيرة لم تكن عليها عدة ، واما اذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سن من تحيض وجب عليها ان تعتد عدة الطلاق واذا رجع عن ارتداده الى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي الزواج على حاله. ويأتي مقدار عدة الطلاق في بابه.

( مسألة ١٠٤٩ ) : اذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته ووجب عليها ان تعتد عدة الوفاة وثبوت العدة حينئذ على غير المدخول بها واليائسة والصغيرة مبني على الاحتياط اللزومي ، وان رجع عن ارتداده في اثناء العدة ـ فالأحوط وجوباً ـ عدم ترتيب آثار الفرقة ولا الزوجية الا بعد الطلاق أو تجديد العقد ، ويأتي مقدار عدة الوفاة في باب الطلاق.

( مسألة ١٠٥٠ ) : اذا اشترطت المرأة في عقدها ان لا يخرجها الزوج من

٣٨٠

- عندنا وعند الشافعيّة(١) - عن الجميع بالأداء ، ورجع على الذي ضمن عنه بخمسة ؛ لأنّها هي التي تثبت في ذمّته ، ولم يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإنّما قضى الدَّيْن عنه تبرّعاً.

وعند الشافعيّة يكون له الرجوع على الذي ضمن عنه بالعشرة ، ولا يرجع على الآخَر بشي‌ء ؛ لأنّه لم يضمن عنه ، وإذا رجع على الذي ضمن عنه ، رجع على الآخَر بنصفها ؛ لأنّه ضمنها عنه وقضاها(٢) .

ولو كان المضمون عنه دفع مال الضمان إلى الضامن بإذنه وقال له : اقض هذا المال للمضمون له عنّي ، فقضاه ، كان أمانةً في يده ؛ لأنّه نائب عنه في دفعه إلى صاحب الدَّيْن ، فإن(٣) تلف قبل الدفع بغير تفريطٍ منه ، لم يضمنه.

وإن دفعه إليه عن الذي ضمنه وقال له : خُذْ هذا عوضاً عمّا ضمنته ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : يصحّ ويملكه ؛ لأنّ رجوعه عليه يتعلّق بسبب الضمان والغرم ، فإذا وجد أحد السببين ، جاز أن يدفعه ، كالزكاة.

والثاني : لا يصحّ ولا يملكه ؛ لأنّه يدفعه عوضاً عمّا يغرم ، ولم يغرم بَعْدُ ، فلا تصحّ المعاوضة على ما لم يجب له(٤) .

ويمكن أن يقال : هذا لا يجي‌ء على مذهب الشافعيّة ؛ لأنّ لصاحب الحقّ أن يطالب مَنْ عليه الدَّيْن بذلك ، فكيف تصحّ المعاوضة عنه مع‌

____________________

(١ و ٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر ، وراجع : المغني والشرح الكبير ٥ : ٨٩ - ٩٠.

(٣) في « ج » : « وإن ».

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٧.

٣٨١

توجّه المطالبة به!؟ فإن قلنا : إنّه يملك ، صحّ له التصرّف فيه ، وإلّا فلا ، ويكون مضموناً عليه ؛ لأنّه قبضه على وجه المعاوضة.

مسألة ٥٥٣ : لو ادّعى على رجلٍ حاضرٍ أنّه باع منه ومن الغائب شيئاً بألفٍ وكلٌّ منهما ضامن لصاحبه‌ ، فإن أقرّ الحاضر ، لم يلزمه عندنا إلّا النصف الذي ضمنه ، بناءً على أصلنا من انتقال المال إلى ذمّة الضامن ، وعند الشافعيّة من اشتراك الذمّتين في المال(١) : يؤدّي الحاضر الألف ، فإذا قدم الغائب وصدّقه ، رجع عليه. وإن أنكره وحلف ، لم يكن له الرجوع عليه(٢) .

وأمّا إن أنكر الحاضر الضمانَ ، فإن لم يكن للمدّعي بيّنةٌ ، قُدّم قول المنكر مع يمينه. فإذا(٣) حلف ، سقطت الدعوى عنه.

فإذا قدم الغائب فإن أنكر(٤) ، حلف وبرئ ، وإن اعترف ، لزمه خمسمائة التي ادّعاها عليه ، ويسقط(٥) عنه الباقي ؛ لأنّ المضمون عنه سقطت عنه بيمينه ، قاله بعض الشافعيّة(٦) .

وقال بعضهم : إنّه غير صحيح ؛ لأنّ اليمين لم تبرئه من الحقّ ، وإنّما أسقطت عنه في الظاهر ، فإذا أقرّ به الضامن ، لزمه ، ولهذا لو أقام البيّنة عليه بعد يمينه ، لزمه ولزم الضامن ، فإذَنْ الحقُّ لم يسقط عنه ولا عن الضامن(٧) .

وأمّا إذا أقام على الحاضر البيّنة ، وجب عليه الألف عندهم ، فإذا قدم‌

____________________

(١) راجع المصادر في الهامش (٢) من ص ٣٤٤.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٣ - ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠٣ - ٥٠٤.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « وإذا ».

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فأنكر » بدل « فإن أنكر ».

(٥) في « ر » والطبعة الحجريّة : « سقط ».

(٦ و ٧) حلية العلماء ٥ : ٨٧.

٣٨٢

الغائب ، لم يكن للحاضر الرجوعُ على الغائب ؛ لأنّه منكرٌ لما شهدت به البيّنة ، مكذّبٌ لها ، مدّعٍ أنّ ما أخذه ظلم ، فلم يرجع(١) .

ونقل المزني أنّه يرجع بالنصف على الغائب(٢) .

وتأوّله الشافعيّة بأُمور ، أحدها : أنّه يجوز أن تُسمع البيّنة مع إقراره ؛ لأنّه يثبت بذلك الحقُّ على الغائب ، فتُسمع عليهما ، أو يكون أنكر شراءه ولم ينكر شراء شريكه والضمان عنه ، بل سكت(٣) .

مسألة ٥٥٤ : لو شرط في الضمان الأداء من مالٍ بعينه ، صحّ الضمان والشرط معاً‌ ؛ لتفاوت الأغراض في أعيان الأموال ، فلو تلف المال قبل الأداء بغير تفريط الضامن ، فالأقرب : فساد الضمان ؛ لفوات شرطه ، فيرجع صاحب المال على الأصيل.

وهل يتعلّق الضمان بالمال المشروط تعلُّقُه به تعلُّقَ الدَّيْن بالرهن أو الأرش بالجاني؟ الأقرب : الأوّل ، فيرجع على الضامن لو تلف.

وعلى الثاني يرجع على المضمون عنه.

وكذا لو ضمن مطلقاً ومات معسراً على إشكالٍ.

ولو بِيع متعلَّق الضمان بأقلّ من قيمته ؛ لعدم الراغب ، رجع الضامن بتمام القيمة ؛ لأنّه يرجع بما أدّى.

ويُحتمل بالثمن خاصّةً ؛ لأنّه الذي قضاه.

ولو لم يساو المال قدر الدَّيْن ، فالأقرب : الرجوع على الضامن ، ويرجع على المضمون عنه.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٢) مختصر المزني : ١٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ٨٨.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٨٨.

٣٨٣

وقد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، فلو ضمن عنه ما في ذمّته ، صحّ ، ولزمه ما تقوم به البيّنة على ثبوته وقت الضمان ، لا ما يتجدّد ، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ، ولا ما يُقرّ به المضمون عنه أو يحلف عليه المالك بردّ اليمين من المديون.

ولو ضمن ما تقوم به البيّنة ، لم يصح ؛ لعدم العلم بثبوته حينئذٍ.

مسألة ٥٥٥ : لو ضمن الدَّيْنَ اثنان على التعاقب مع صاحب الحقّ عن المديون ، طُولب الضامن الأوّل ، وبطل الثاني‌ ؛ لأنّ الحقّ انتقل من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فالضامن الثاني لم يصادف ضمانه حقّاً على المضمون عنه للمضمون له.

ولو قال الضامن الثاني : ضمنت لك هذا الدَّيْن على مَنْ كان ، فإن قلنا : يصحّ الضمان عن المجهول ، صحّ هذا الضمان ، وكان ضامناً عن الضامن السابق ، وإلّا بطل.

ولو ضمن الثاني من وكيل صاحب الحقّ ، بطل الثاني.

ولو اتّفق ضمان الأوّل مع صاحب الحقّ وضمان الثاني مع وكيله في الزمان الواحد ، بطل الضمانان معاً ؛ لعدم أولويّة أحدهما بالصحّة والآخَر بالبطلان.

مسألة ٥٥٦ : لو شرط الضمان في مالٍ بعينه ثمّ أفلس وحجر عليه الحاكم ، كان حقّ الضمان في العين التي تعلّق الضمان بها - كالرهن - مقدّماً على حقّ الغرماء‌ ، فإن فضل شي‌ء من حقّ الضمان ، تعلّق حقّ الغرماء بالفاضل ، وإلّا فلا.

٣٨٤

ولو ضمن كلٌّ من المديونين ما على صاحبه ، تعاكست الأصالة والفرعيّة فيهما إن أجازهما المضمون له على ما بيّنّاه ، وتتساقطان إذا أدّى كلّ واحدٍ منهما مالَ الضمان عن صاحبه ، فلو شرط أحدهما كونَ الضمان من مالٍ بعينه وحُجر عليه بفلسٍ قبل الأداء ، رجع على الموسر بما أدّى ، ويضرب الموسر مع الغرماء.

ولو أجاز ضمانَ أحدهما خاصّةً ، رجع عليه بالجميع ، ويرجع المؤدّي على الآخَر بنصيبه ، فإن دفع النصف ، انصرف إلى ما قصده ، ويُصدَّق باليمين ، وينصرف الإبراء إلى ما قصده المبرئ ، فإن أطلق فالتقسيط.

ولو ادّعى الأصيل قصده ، ففي توجّه اليمين عليه أو على الضامن إشكال ينشأ : من عدم توجّه اليمين لحقّ الغير ، ومن خفاء القصد.

ولو تبرّع بالضمان ثمّ سأل ثالثاً الضمانَ عنه فضمن ، رجع عليه ، دون الأصيل وإن أذن له الأصيل في الضمان والأداء.

مسألة ٥٥٧ : لو دفع الأصيل الدَّيْنَ إلى المستحقّ أو إلى الضامن ، فقد برئ ، سواء أذن له الضامن في الدفع أو لا.

ولو ضمن فأنكر الأصيل الإذنَ في الضمان ، قُدّم قوله مع اليمين ، وعلى الضامن البيّنة بالإذن ؛ لأصالة عدمه.

وكذا لو أنكر الأصيل الدَّيْنَ الذي ضمنه عنه الضامن ؛ لأصالة براءة ذمّته.

ولو أنكر الضامن الضمانَ فاستوفى المستحقّ بالبيّنة ، لم يرجع على‌

٣٨٥

الأصيل إن أنكر الدَّيْنَ أيضاً أو الإذنَ ، وإلّا رجع اقتصاصاً ، إلّا أن ينكر الأصيل الإذنَ ولا بيّنة.

ولو أنكر المستحقّ دفع الضامن بسؤالٍ ، قُدّم إنكاره.

فإن شهد الأصيل ولا تهمة ، قُبلت ، ومع التهمة يغرم ثانياً ، ويرجع على الأصيل بالأوّل مع مساواته الحقّ أو قصوره.

ولو لم يشهد ، رجع بالأقلّ من الثاني والأوّل والحقّ.

مسألة ٥٥٨ : كما ينبغي التنزّه عن الدَّيْن ينبغي التنزّه عن الضمان مع الإعسار ؛ لما فيه من التغرير بمال الغير.

وقد روى أبو الحسن الخزّاز عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول لأبي العباس الفضل : « ما مَنَعك من الحجّ؟ » قال : كفالة تكفّلت بها ، قال : « ما لك والكفالات؟ أما علمت أنّ الكفالة هي التي أهلكت القرون الأُولى؟ »(١) .

وعن داوُد الرقّي عن الصادقعليه‌السلام قال : « مكتوب في التوراة : كفالة ندامة غرامة »(٢) .

وقد روى الحسن(٣) بن خالد عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك ، قول الناس : الضامن غارم ، قال : فقال : « ليس على الضامن غُرْمٌ ، الغُرْم على مَنْ أكل المال »(٤) . والمراد منه أنّ الضمان يستقرّ على الأصيل.

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٢.

(٣) في المصدر : « الحسين ».

(٤) الكافي ٥ : ١٠٤ - ١٠٥ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٥.

٣٨٦

٣٨٧

الفصل الثاني : في الكفالة‌

وفيه مباحث :

الأوّل : العقد.

مسألة ٥٥٩ : الكفالة عقد شُرّع للتعهّد بالنفس ، ويشابه الضمان ، فإنّ الشي‌ء المضمون قد يكون حقّاً على الشخص ، وقد يكون نفسَ الشخص.

وهي عقد صحيح عند عامّة أهل العلم ، وبه قال الثوري ومالك والليث وأبو حنيفة وأحمد والشافعي(١) ، ولا نعرف فيه مخالفاً ، إلّا ما نُقل عن الشافعي من قوله في كتاب الدعاوي : إنّ الكفالة بالبدن ضعيفة(٢) .

وقال في اختلاف العراقيّين وفي الإقرار وفي المواهب وفي كتاب اللعان : إنّ الكفالة بالبدن جائزة(٣) .

واختلف أصحابه.

فقال بعضهم : إنّ الكفالة صحيحة قولاً واحداً ، وأراد بقوله : « إنّها‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٥ ، المعونة ٢ : ١٢٣٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥٣ / ١٩٧٥ ، النتف ٢ : ٧٥٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٠ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، الوجيز ١ : ١٨٤ ، الوسيط ٣ : ٢٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) الأُم ٣ : ٢٣١ ، و ٦ : ٢٢٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٣) الأُم ٧ : ١١٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩.

٣٨٨

ضعيفة » أي ضعيفة في القياس وإن كانت ثابتةً بالإجماع والأثر.

ومنهم مَنْ قال : إنّ فيها قولين :

أحدهما : أنّها صحيحة ، وهو قول عامّة العلماء.

والثاني : أنّها غير صحيحة ؛ لأنّها كفالة بعين فلم تصح ، كالكفالة بالزوجة وبدن الشاهدَيْن(١) .

والحقّ : الأوّل ؛ لقوله تعالى :( قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ ) (٢) فطلب يعقوبعليه‌السلام من بنيه كفيلاً ببدن يوسفعليه‌السلام ، وقالوا ليوسفعليه‌السلام :( إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ ) (٣) وذلك كفالة بالبدن.

وما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الزعيم غارم »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ عليّاًعليه‌السلام أُتي برجل كفل برجلٍ بعينه فأخذ الكفيل ، فقال : احبسوه حتى يأتي بصاحبه »(٥) .

ولإطباق الناس عليه في جميع الأعصار في كلّ الأصقاع ، ولو لم تكن صحيحةً امتنع إطباق الخلق الكثير عليه. ولأنّ الحاجة تدعو إليه ، وتشتدّ الضرورة إليه ، فلو لم يكن سائغاً لزم الحرج والضرورة. ولأنّ ما وجب تسليمه بعقدٍ وجب تسليمه بعقد الكفالة ، كالمال ووجوب تسليم البدن‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ ، المغني ٥ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٨.

(٢) يوسف : ٦٦.

(٣) يوسف : ٧٨.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٤ / ٢٤٠٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٩٧ / ٣٥٦٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٥ / ١٢٦٥ ، سنن الدار قطني ٤ : ٧٠ / ٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٢ ، سنن سعيد ابن منصور ١ : ١٢٥ - ١٢٦ / ٤٢٧ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩٢ ، و ٣٩٧ / ٢٢٠٠١.

(٥) التهذيب ٦ : ٢٠٩ / ٤٨٦ ، وفيه : « بالمكفول » بدل « الكفيل ».

٣٨٩

يكون بعقد النكاح والإجارة.

مسألة ٥٦٠ : ويصحّ عقد الكفالة حالّةً ومؤجَّلةً عند أكثر علمائنا‌(١) - وبه قال الشافعي(٢) - للأصل الدالّ على الجواز.

وقال الشيخرحمه‌الله : لا يصحّ ضمان مال ولا نفس إلّا بأجلٍ معلوم(٣) .

وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا أطلق عقد الكفالة أو شرط الحلول ، كانت حالّةً ؛ لأنّ كلّ عقدٍ دَخَله الحلول إذا أطلق اقتضى الحلول ، كالثمن.

وإذا ذكر أجلاً ، وجب تعيينه ، فإن أبهم ، كان العقد باطلاً عندنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لما فيه من الغرر بجهالة الأجل. ولأنّه ليس له وقت يستحقّ مطالبته فيه.

وكذا الضمان.

فإن جَعَله إلى الحصاد والجذاذ والقطاع(٥) ، لم يصح عندنا ، وهو أحد قولَي الحنابلة(٦) .

والأولى عندهم : صحّته ؛ لأنّه تبرّع من غير عوضٍ جعل له أجلاً لا يمنع من حصول المقصود فيه ، فصحّ(٧) .

وعن أحمد رواية : أنّه إذا قيّد الكفالة بساعةٍ ، صحّ ، ولزمه. وتوقّف‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ٣٣٧ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٧٧ ، والمحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ١١٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠.

(٣) النهاية : ٣١٥.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، الوسيط ٣ : ٢٤٤ ، الوجيز ١ : ١٨٥ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣ ، المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) في « ث » : « القطاف » بدل « القطاع ».

(٦ و ٧) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

٣٩٠

لو عيّن الوقت المتّسع(١) .

ولأنّه شرط فيها شرطاً فاسداً فلم يصح مطلقها ؛ لعدم الرضا به ، ولا مقيّدها بهذا الشرط ؛ لفساده.

وللشافعي وجهٌ آخَر : أنّها تصحّ كالعاريّة بأجلٍ مجهول(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ العاريّة لا تلزم ، ولهذا لو قال له : أعرتك أحد هذين الثوبين ، جاز ، وكان له الانتفاع بأحدهما ، ولو قال : كفلت لك بأحد هذين ، لم يصح ، كذا هنا.

مسألة ٥٦١ : عقد الكفالة يصحّ دخول الخيار فيه‌ ، فإن شرط الخيار فيها مدّة معيّنة ، صحّ ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٣) .

وقولِه تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) أمر بالوفاء بالعقد ، وإنّما وقع العقد على هذا الشرط ، وليس منافياً لمقتضاه ، كما لا ينافي غيره من العقود.

وقال الشافعي : إذا شرط في الكفالة الخيار ، بطل العقد ؛ لأنّه عقد لا يجوز فيه شرط الخيار ، فإذا شرطه بطل ، كالسَّلَم والصرف(٥) .

والمقدّمة الأُولى ممنوعة ، والحكم في المقيس عليه ممنوع.

وقال أبو حنيفة : إذا شرط الخيار في الكفالة ، صحّ العقد ، وبطل الشرط ؛ لأنّ الضمان يتعلّق بغرر وخطر ، فلم يفسد بالشرط الفاسد ،

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٢ و ٧٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٤) المائدة : ١.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٣٩١

كالنكاح(١) .

مسألة ٥٦٢ : لا بدَّ في العقد من صيغةٍ دالّةٍ على الإيجاب والقبول ، فيقول الكفيل : كفلت لك بدنَ فلان ، أو : أنا كفيل بإحضاره ، أو : كفيل به ، أو بنفسه ، أو ببدنه ، أو بوجهه ، أو برأسه ؛ لأنّ كلّ ذلك يُعبَّر به عن الجملة.

ولو كفل رأسه أو كبده أو عضواً لا تبقى الحياة بدونه ، أو بجزء شائع فيه ، كثلثه أو ربعه ، قال بعض علمائنا : لا يصحّ ؛ إذ لا يمكن إحضار ما شرط مجرّداً ، ولا يسري العقد إلى الجملة(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : تصحّ الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن إحضار ذلك المكفول إلّا بإحضار كلّه(٣) . وهو الوجه عندي.

ولو تكفّل بعضو تبقى الحياة بعد زواله ، كيده ورِجْله وإصبعه وغيرها ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الصحّة ؛ لأنّه لا يمكنه إحضار هذه الأعضاء على صفتها إلّا بإحضار البدن كلّه ، فأشبه الكفالة بالوجه والقلب. ولأنّه حكم تعلّق بالجملة ، فيثبت حكمه إذا أُضيف إلى البعض ، كالعتق.

والثاني : لا تصحّ ؛ لأنّه لا يمكن(٤) إحضاره بدون الجملة مع بقائها(٥) .

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧.

(٢) راجع : شرائع الإسلام ٢ : ١١٨.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٤) في المغني والشرح الكبير : « يمكن » بدون « لا » النافية.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، =

٣٩٢

وقال بعض الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة في جميع ذلك كلّه ، سواء بقيت الحياة بدونه أو لا ، وسواء كان جزءاً مشاعاً أو لا ؛ لأنّ ما لا يسري إذا خصّ به عضواً لم يصح ، كالبيع والإعارة والوصيّة والإجارة(١) .

البحث الثاني : في الكفيل والمكفول والمكفول له.

مسألة ٥٦٣ : يُشترط في الكفيل البلوغُ والعقلُ والحُرّيّةُ وجوازُ التصرّف‌ ، فلا تصحّ كفالة الصبي ولا المجنون ولا العبد ولا مَنْ لا يجوز تصرّفه ، كالسكران والغافل والنائم والساهي والمحجور عليه للسفه والفلس ؛ لأنّ الكفالة تستلزم غرم المال مع عدم الإحضار ، وهؤلاء كلّهم ممنوعون من التصرّف في أموالهم.

ولا يُشترط ذلك في المكفول ولا في المكفول له ، فإنّه تجوز الكفالة للصبي والمجنون وغيرهما إذا قَبِل الوليّ.

مسألة ٥٦٤ : يُشترط رضا الكفيل ، فلا تصحّ كفالة المكره على الكفالة‌ ؛ لأنّه لا يصحّ أن يلزمه الحقّ ابتداءً إلّا برضاه. ولا نعلم فيه خلافاً.

وكذا يُعتبر رضا المكفول له ؛ لأنّه صاحب الحقّ ، فلا يجوز إلزامه شيئاً بغير رضاه ، وكما يُعتبر رضا المرتهن في الارتهان ، كذا المكفول له يُعتبر رضاه في الكفالة.

وقال أحمد : لا يُعتبر رضاه ؛ لأنّها(٢) التزام حقٍّ له من غير عوض ،

____________________

= التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ ، المغني ٥ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠ - ١٠١.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّه ». وما أثبتناه كما في المصدر.

٣٩٣

فلم يُعتبر رضاه فيها(١) .

وليس بصحيح.

أمّا المكفول به فلا يُعتبر رضاه ، بل تصحّ الكفالة وإن كره المكفول به ، عند علمائنا - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة(٢) - لأنّها وثيقة على الحقّ ، فصحّت بغير أمر مَنْ عليه ، كالضمان.

وقال عامّة الشافعيّة - وهو منقول عن الشافعي - : إنّه يُعتبر رضا المكفول(٣) به ؛ لأنّه إذا لم يأذن المكفول به في الكفالة لم يلزمه الحضور معه ، فلم يتمكّن من إحضاره ، فلم تصحّ(٤) كفالته ؛ لأنّها كفالة بغير المقدور عليه ، بخلاف الضمان ؛ لأنّه يمكنه الدفع من ماله ، ولا يمكنه أن ينوب عنه في الحضور(٥) .

ونمنع عدم لزوم الحضور.

وخلاف الشافعيّة هنا مبنيّ على أنّ الكفيل هل يغرم عند العجز؟ إن قلنا : لا يغرم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه إذا تبرّع لم يتمكّن من إحضاره ؛ إذ لا تلزمه الإجابة ، فلا تفضي الكفالة إلى مقصودٍ. وإن قلنا : نعم ، يغرم عند العجز(٦) .

فعلى قولنا إذا تكفّل به بغير أمره فطالَبه المكفول له بإحضاره ، وجب‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المضمون » بدل « المكفول ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة : « فلا تصحّ ».

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٣ - ١٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥.

٣٩٤

عليه إحضاره ، ووجب على المكفول به الحضورُ ، لا من جهة الكفالة ، ولكن لأنّ المكفول له أمره بإحضاره ، فهو بمنزلة وكيله في مطالبته بحضوره.

ولو لم يقل المكفول له : أحضره ، ولكن قال : أُخرج إليَّ من كفالتك ، أو : أُخرج عن حقّي ، فهل يجب على المكفول به الحضور؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّ ذلك يتضمّن الإذن له في إحضاره ، وهو أحد وجهي الشافعيّة على قول ابن سريج.

والثاني : لا يلزمه ؛ لأنّه طالَبه بما عليه من الإحضار ، فعلى هذا له حبسه ، ولا يلزم المكفول به الحضور(١) .

وهو باطل ؛ لأنّه يحبس على ما لا يقدر عليه.

مسألة ٥٦٥ : يُشترط في المكفول به التعيينُ ، فلو قال : كفلت أحد هذين ، أو كفلت زيداً أو عمرواً ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم بإحضار أحدهما بعينه.

وكذا لو قال : كفلت لك ببدن زيد على أنّي إن جئت به وإلّا فأنا كفيل بعمرو ، لم يصح ؛ لأنّه لم يلتزم إحضار أحدهما بعينه. ولأنّه علّق الكفالة في عمرو بشرطٍ ، والكفالة لا تتعلّق بالشرط ، فلو قال : إن جئت فأنا كفيل به ، لم يصح. وكذا لو قال : إن جاء زيد فأنا كفيل به ، أو : إن طلعت الشمس ، وبذلك كلّه قال الشافعي(٢) .

ولو قال : أنا أُحضره ، أو أُؤدّي ما عليه ، لم يكن كفالةً.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ - ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨١ و ١٩٠ و ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ و ١٦٧ و ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ و ٤٩٣ و ٤٩٦.

٣٩٥

مسألة ٥٦٦ : كلّ مَنْ عليه حقٌّ ماليٌّ صحّت الكفالة ببدنه‌ ، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال ؛ لأنّ الكفالة إنّما هي بالبدن لا بذلك المال ، والبدن معلوم ، فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارضٍ. ولأنّا قد بيّنّا أنّ ضمان المجهول صحيح ، وهو التزام المال ابتداءً ، فالكفالة التي لا تتعلّق بالمال ابتداءً أولى ، وهو قول أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا تصحّ كفالة مَنْ عليه حقٌّ مجهول ؛ لأنّه قد يتعذّر إحضار المكفول به ، فيلزمه الدَّيْن ، ولا يمكن طلبه منه ؛ لجهله. ولأنّهم قالوا ذلك بناءً على أنّه لو مات ، غرم الكفيل ما عليه(٢) .

وهذا عندنا غير صحيح.

مسألة ٥٦٧ : يُشترط أن يكون ذلك المال ثابتاً في الذمّة بحيث يصحّ ضمانه‌ ، فلو تكفّل ببدن مَنْ لا دَيْن عليه أو مَنْ جعل جعالة قبل الفعل والشروع فيه ، لم يصح.

ولو تكفّل ببدن المكاتب للنجوم التي عليه ، صحّ عندنا ؛ لأنّ مال الكتابة عندنا ثابت في ذمّة المكاتب على ما سلف(٣) .

وللشيخ قولٌ بعدم الثبوت ؛ لأنّ له أن يُعجّز نفسه(٤) ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٩ - ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٣) في ص ٣١٦ ، المسألة ٥٠٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٩٧ و ٣٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٦ : ٤٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٧ ، الوسيط ٣ : ٢٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٢.

٣٩٦

فعلى هذا لا تصحّ كفالة بدن المكاتب للنجوم التي عليه ؛ لأنّه لو ضمن النجوم لم يصح ، فالكفالة بالبدن للنجوم أولى أن لا تصحّ. ولأنّ الحضور لا يجب على المكاتب ، فلا تجوز الكفالة به ، كدَيْن الكتابة.

مسألة ٥٦٨ : إذا كان عليه عقوبة ، فإن كانت من حقوق الله تعالى - كحدّ الزنا والسرقة والشرب - لم تصح الكفالة ببدنه عليها‌ عند علمائنا - وهو المشهور من مذهب الشافعي(١) - لأنّ الكفالة للتوثيق ، وحقوق الله تعالى مبنيّة على الإسقاط ، وينبغي السعي في دفعها ما أمكن ، ولهذا لـمّا أقرّ ماعز بالزنا عرض له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرجوع والإنكار ، فقال له : « لعلّك قبّلتها ، لعلّك لامَسْتَها » وأعرض بوجههصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(٢) .

وطرّد القاضي ابن سلمة وابن خيران من الشافعيّة القولين فيه(٣) .

والخلاف في هذا الباب شبيه الخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي.

وأمّا إن كانت العقوبة من حقوق الآدميّين - كالقصاص وحدّ القذف - فالأقرب عندي : ثبوتها في القصاص ، أمّا الحدّ فلا تصحّ الكفالة به ؛ لما رواه العامّة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ( عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه )(٤) قال : « لا كفالة في حدٍّ »(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الصدوقرحمه‌الله عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ،

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) صحيح البخاري ٨ : ٢٠٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢١ / ١٣١ و ١٣٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٤ / ٢١٣٠ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٣٣٨ / ١١٩٣٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٤) بدل ما بين القوسين في « ج ، ر » : « أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٥) الكامل - لابن عدي - ٥ : ١٦٨١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣٩١.

٣٩٧

قال : قضى أنّه لا كفالة في حدٍّ(١) .

وهذا القول بعدم صحّة الكفالة في الحدّ قولُ أكثر العلماء ، وبه قال شريح والحسن البصري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد(٢) .

واختلف قول الشافعي فيه.

فقال في باب اللعان : إنّه لا يكفل رجل في حدٍّ ولا لعان(٣) .

ونقل المزني عنه أنّه قال : تجوز الكفالة بمن(٤) عليه حقّ أو حدّ(٥) .

واختلف أصحابه في ذلك على طُرق أظهرها عندهم - ويُحكى عن ابن سريج - أنّه على قولين :

أحدهما : الجواز ؛ لأنّه حقٌّ لازم لآدميٍّ ، فصحّت الكفالة به ، كسائر حقوق الآدميّين. ولأنّ الحضور مستحقٌّ عليه ، فجاز التزام إحضاره.

والثاني : المنع ؛ لأنّ العقوبات مبنيّة على الدفع ، ولهذا قالعليه‌السلام : « ادرءوا الحدود بالشبهات »(٦) فينبغي إبطال الذرائع المؤدّية إلى توسيعها وتحصيلها. ولأنّه حقٌّ لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذّر إحضار المكفول به ، فلم تصح الكفالة بمن(٧) هو عليه ، كحدّ الزنا(٨) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٤.

(٢) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) الأُم ٥ : ٢٩٧ ، مختصر المزني : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٠.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لمن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠.

(٦) تاريخ بغداد ٩ : ٣٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٣ : ٣٤٧.

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ممّن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

٣٩٨

وأبو حامد من الشافعيّة بنى القولين على أنّه إذا مات المكفول ببدنه هل يغرم الكفيل ما عليه من الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، لم تصح الكفالة ؛ لأنّه لا يمكن مؤاخذته بما عليه. وإن قلنا : لا ، صحّت ، كما لو تكفّل ببدن مَنْ عليه مالٌ(١) .

وقضيّة هذا البناء أن يكون قول التصحيح أظهر.

وهو اختيار القفّال(٢) .

وادّعى الروياني أنّ المذهب المنعُ(٣) .

الطريق الثاني للشافعيّة : القطع بالجواز ، وحَمْلُ ما ذكره في اللعان على الكفالة بنفس الحدّ(٤) .

الطريق الثالث : القطع بالمنع ؛ لأنّه لا تجوز الكفالة بما عليه ، فلا تجوز ببدنه(٥) .

والضابط في ذلك أن نقول : حاصل كفالة البدن التزام إحضار المكفول ببدنه ، فكلّ مَنْ يلزمه حضور مجلس الحكم عند [ الاستدعاء ](٦) أو يستحقّ إحضاره تجوز الكفالة ببدنه.

مسألة ٥٦٩ : لو ادّعى شخصٌ زوجيّةَ امرأةٍ ، صحّت الكفالة ببدنها ؛ لوجوب الحضور عليها إلى مجلس الحكم. وكذلك الكفالة بها [ لمن ](٧) ثبتت زوجيّته.

وقال بعض الشافعيّة : الظاهر أنّ حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن‌

____________________

(١ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الاستعداء ». والظاهر ما أثبتناه.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ثمّ ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٩٩

مَنْ عليه القصاص ؛ لأنّ المستحقّ عليها لا يقبل النيابة(١) .

ولو تكفّل ببدن عبدٍ آبقٍ لمالكه ، صحّ ، ويلزمه السعي في ردّه.

ويتأتّى فيه ما قيل في الزوجة.

ومَنْ في يده مالٌ مضمون - كالغصب والمستام والعارية بشرط الضمان - تصحّ كفالتُه وضمانُ عين المغصوب والمستام ليردّها على مالكها ، فإن ردَّ ، برئ من الضمان. وإن تلفت ، ففي إلزامه بالقيمة وجهان ، الأقرب : العدم.

وتصحّ كفالة المستودع والأمين ؛ لوجوب ردّ الوديعة عليه.

والميّت قد يستحقّ إحضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحمّلوها كذلك من غير معرفة النسب ولا الاسم ، فتصحّ الكفالة على إحضار بدنه.

وأيضاً الصبي والمجنون قد يستحقّ إحضارهما لإقامة الشهادة على صورتهما في الإتلاف وغيره ، فتجوز الكفالة ببدنهما.

ثمّ إن كفل بإذن وليّهما ، فله مطالبة وليّهما بإحضارهما عند الحاجة.

وإن كفل بغير إذنه ، فهو كالكفالة ببدن العاقل بغير إذنه ، وقد بيّنّا(٢) جوازه عندنا.

وللشافعي قولان(٣) .

قال(٤) الجويني : لو كفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة ، فالكفالة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.

(٢) في ص ٣٩٣ ، ضمن المسألة ٥٦٤.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧ ، وراجع الهامش ( ٢ و ٥ ) من ص ٣٩٣.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « وقال ».

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551