المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات10%

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
ISBN: 978-964-8629-59-0
الصفحات: 551

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 233996 / تحميل: 5612
الحجم الحجم الحجم
المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

المسائل المنتخبة العبادات و المعاملات

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٨٦٢٩-٥٩-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

اليدين أو وضعهما على الأرض مرة واحدة ، ـ والأحوط الأولى ـ ان يضرب بهما ، أو يضعهما مرة أخرى على الأرض بعد الفراغ من مسح الوجه واليدين ، فيمسح ظاهر يده اليمنى بباطن اليسرى ، ثم يمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى.

( مسألة ١٤٤ ) : يشترط في التيمم أمور :

(١) ان يكون المكلف معذوراً عن الطهارة المائية ، فلا يصح التيمم في موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.

(٢) إباحة ما يتيمم به.

(٣) طهارة التراب ونحوه ـ والأحوط وجوباً ـ اعتبار الطهارة في الشيء المُغبرَ أيضاً ، كما أن ـ الأحوط لزوماً ـ أن يكون ما يتيمم به نظيفاً عرفاً.

(٤) أن لا يمتزج بغيره مما لا يصح التيمم به كالتبن أو الرماد ، نعم لا بأس بذلك إذا كان المزيج مستهلكاً.

(٥) طهارة اعضاء التيمم على المشهور ، ولكن الظاهر عدم اعتبارها ، نعم يعتبر ان لا تكون النجاسة حائلة ، أو متعدية إلى ما يتيمم به.

(٦) أن لا يكون حائل بين الماسح والممسوح.

(٧) أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على ـ الأحوط لزوماً ـ.

(٨) النية على تفصيل مر في الوضوء ـ والأحوط لزوماً ـ ان تكون مقارنة للضرب ، أو الوضع.

(٩) الترتيب بين الأعضاء على ما مر.

(١٠) الموالاة : والمناط فيها ان لا يفصل بين الأفعال ما يخل بهيئته عرفاً.

(١١) المباشرة مع التمكن منها.

(١٢) أن يكون التيمم بعد دخول وقت الصلاة على ـ الأحوط

٨١

استحباباً ـ وان كان يصح قبله أيضاً مع عدم رجاء زوال العذر في الوقت ، وأما مع رجاء زواله فلا يجوز التيمم حتى بعد دخول الوقت كما سيأتي ، واذا تيمم لأمر واجب أو مستحب قبل الوقت ولم ينتقض تيممه حتى دخل وقت الصلاة لم تجب عليه اعادة التيمم وجاز ان يصلي مع ذلك التيمم إذا كان عذره باقياً.

( مسألة ١٤٥ ) : لا يجوز التيمم للصلاة الموقتة مع العلم بارتفاع العذر والتمكن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت ، بل لا يجوز التيمم مع عدم اليأس عن زوال العذر أيضاً ـ الا اذا احتمل طرو العجز عن التيمم مع التأخير ـ ، وأما مع اليأس منه فلا اشكال في جواز البدار ، ولو صلّى معه لم تجب اعادتها حتى مع زوال العذر في الوقت.

( مسألة ١٤٦ ) : إذا تيمم لصلاة فصلاها ثم دخل وقت صلاة اخرى فمع عدم رجاء زوال العذر والتمكن من الطهارة المائية تجوز له المبادرة اليها في سعة وقتها ولا تجب عليه اعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك ، وأما مع رجاء زوال العذر وعدم احتمال طرّو العجز عن الصلاة متيمماً ـ فالأحوط لزوماً ـ التأخير ، ولو وجد الماء في اثناء الصلاة مضى في صلاته وصحت مطلقاً ، نعم ـ الأحوط الأولى ـ الاستيناف مع الطهارة المائية إذا كان الوجدان قبل الركوع ، بل أو بعده ما لم يتم الركعة الثانية.

( مسألة ١٤٧ ) : إذا صلّى مع التيمم الصحيح لعذر ، ثم ارتفع عذره في الوقت ، أو في خارجه صحت صلاته ولا تجب اعادتها.

( مسألة ١٤٨ ) : إذا تيمم المحدث بالحدث الأكبر لعذر ، ثم احدث بالحدث الأصغر لم ينتقض تيممه فيتوضأ ان أمكن ، والا فيتيمم بدلاً عن الوضوء ـ والأحوط الأولى ـ ان يجمع بين التيمم بدلاً عن الغسل وبين الوضوء مع التمكن ، وان يأتي بتيممه بقصد ما في الذمة إذا لم يتمكن من الوضوء.

٨٢

( دائم الحدث )

من استمر به البول أو الغائط أو النوم ونحو ذلك يختلف حكمه باختلاف الصور الآتية :

( الأولى ) : أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه ان يأتي فيه بالصلاة متطهراً ـ ولو مع الاقتصار على واجباتها ـ ففي هذه الصورة يجب ذلك ويلزمه التأخير إن كانت الفترة في اثناء الوقت أو في آخره ، نعم إذا كانت الفترة في أوّل الوقت أو في اثنائه ـ ولم يصلّ حتى مضى زمان الفترة ـ صحت صلاته اذا عمل بوظيفته الفعلية وان أثم بالتأخير.

( الثانية ) : أن لا يجد فترة اصلاً ، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ففي هذه الصورة يتوضأ ، أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي ثم يصلي ، ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في اثنائها وهو باق على طهارته ـ ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلى به ، أو نفس هذا الحدث غير مستند إلى مرضه ولو قبل حصول البرء ـ وتصح منه الصلوات الاُخرى أيضاً الواجبة والمستحبة ، ـ والأحوط الأولى ـ ان يتطهر لكل صلاة وان يبادر اليها بعد الطهارة.

( الثالثة ) : ان تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ، ـ والأحوط وجوباً ـ في هذه الصورة تحصيل الطهارة والاتيان بالصلاة في الفترة ، ولكن لا يجب تجديد الطهارة إذا فاجأه الحدث اثناء الصلاة ، أو بعدها الا ان يحدث حدثاً آخراً بالتفصيل المتقدم في الصورة الثانية ـ والأحوط استحباباً ـ ولا سيما للمبطون ان يجدد الطهارة كلّما فاجأه الحدث اثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيراً بحيث يكون موجباً للحرج نوعاً ، أو لفوات الموالاة المعتبرة بين اجزاء الصلاة بسبب استغراق الحدث المفاجئ ، أو

٨٣

تجديد الطهارة ، أو هما معاً زمناً طويلاً كما ان ـ الأحوط استحباباً ـ إذا احدث بعد الصلاة ان يجدد الطهارة لصلاة اخرى.

( مسألة ١٤٩ ) : يجب على المسلوس والمبطون ان يتحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه ولباسه مع القدرة عليه بوضع كيس أو نحوه ، ولا يجب تبديله لكل صلاة وان وجب ـ على الأحوط ـ تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه ، كما في غير الصورة الثانية من الصور المتقدمة.

( مسألة ١٥٠ ) : إذا احتمل حصول فترة يمكنه الاتيان فيها بالصلاة متطهراً لم يجب تأخيرها إلى ان ينكشف له الحال ، نعم لو بادر اليها وانكشف بعد ذلك وجود الفترة لزمته اعادتها على ـ الأحوط وجوباً ـ وكذلك الحال فيما إذا اعتقد عدم الفترة ، ثم انكشف خلافه ، نعم لا يضر بصحة الصلاة وجود الفترة خارج الوقت ، أو برؤه من مرضه فيه.

٨٤

( النجاسات )

النجاسات عشر :

( ١ ـ ٢) البول والغائط : من الإنسان ومن كل حيوان له نفس سائلة ولا يحل أكل لحمه بالأصل ، أو بالعارض كالجلال ، وموطوء الإنسان من البهائم ، وأما محلل الأكل فبوله وخرؤه طاهران ، وكذا خرء ما ليست له نفس سائلة ، ـ والأحوط لزوماً ـ الاجتناب عن بوله إذا عدّ ذا لحم عرفاً ، ويستثنى من الحيوان المحرم اكله الطائر ، فان بوله وخرءه طاهران وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الاجتناب عنهما ولا سيما بول الخفّاش.

(٣) المني : من الرجل ، ومن ذكَرِ كل حيوان له نفس سائلة ، وان كان مأكول اللحم على ـ الأحوط لزوماً ـ وفي حكم المني الماء الذي ينزل من المرأة بشهوة ويوجب جنابتها ـ حسب ما ذكرناه في باب الجنابة فراجع.

(٤) ميتة الإنسان وكل حيوان له نفس سائلة ، ويستثنى منها الشهيد ومن إغتسل لاجراء الحد عليه ، أو القصاص منه ، ولا بأس بما لا تحله الحياة من اجزاء الميتة كما لو برد الصوف والشعر والظفر والقرن والعظم ونحو ذلك ، وفي حكم الميتة القطعة المبانة من الحي إذا كانت مما تحله الحياة ، ولا بأس بما ينفصل من الأجزاء الصغار ، كالثالول والبثور ، والجلدة التي تنفصل من الشفة ، أو من بدن الأجرب ونحو ذلك ، كما لا بأس باللبن في الضرع والانفحة من الحيوان الميتة ، ولا ينجس اللبن بملاقاة الضرع النجس وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عنه خصوصاً في غير مأكول اللحم ، وأما الأنفحة فيجب غسل ظاهرها لملاقاته اجزاء الميتة مع الرطوبة إلاّ إذا

٨٥

ثبت أنّ المتعارف كونها مادّةً سائلةً أو شبه سائلة لا تقبل الغسل فهي محكومةٌ بالطهارة.

( مسألة ١٥١ ) : يطهر الميت المسلم بتغسيله ، فلا يتنجس ما يلاقيه مع الرطوبة وقد تقدم في ص (٦٩) وجوب غسل مس الميت بملاقاته بعد برده وقبل اتمام تغسيله ، وان كانت الملاقاة بغير رطوبة.

(٥) الدم : الخارج من الإنسان ومن كل حيوان له نفس سائلة ، ويستثنى من ذلك الدم المتخلف في الحيوان المذكى بالذبح أو النحر ، فانه محكوم بالطهارة بشرط ان يكون الحيوان ماكول اللحم على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ١٥٢ ) : الدم المتكون في صفار البيض طاهر ، وأما دم العلقة المستحيلة من النطفة فنجس على ـ الأحوط لزوماً ـ.

(٦ ـ ٧) الكلب والخنزير البريان بجميع اجزائهما.

(٨) الكافر : وهو من لم ينتحل ديناً ، أو انتحل ديناً غير الاسلام ، أو انتحل الاسلام وجحد ما يعلم انه من الدين الإسلامي بحيث رجع جحده إلى انكار الرسالة ولو في الجملة ، بان يرجع إلى تكذيب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد ـ كالمعاد ـ أو في غيرها كالأحكام الفرعية مثل الفرائض ومودة ذي القربى ، وأما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بان كان بسبب بعده عن البيئة الاسلامية وجهله باحكام هذا الدين فلايحكم بكفره.

وأما الفرق الضالة المنتحلة للاسلام فتختلف الحال فيهم :

( فمنهم ) الغلاة : وهم على طوائف مختلفة العقائد ، فمن كان منهم

٨٦

يذهب في غلّوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون غيره.

و ( منهم ) النواصب : وهم المعلنون بعداوة أهل البيتعليهم‌السلام ولا اشكال في نجاستهم.

و ( منهم ) الخوارج : وهم على قسمين ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيتعليهم‌السلام فيندرج في النواصب ، وفيهم من لا يكون كذلك وان عدّ منهم ـ لإتباعه فقههم ـ فلا يحكم بنجاسته ، هذا كله في غير الكافر الكتابي والمرتد.

وأمّا الكتابي : فالمشهور بين الفقهاء (رض) نجاسته ولكن لا يبعد الحكم بطهارته وإن كان ـ الاحتياط حسناً ـ وأما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها.

( مسألة ١٥٣ ) : لا فرق في نجاسة الكافر والكلب والخنزير بين الحي والميت ، ولا بين ما تحله الحياة من اجزائه وغيره.

(٩) الخمر : والمراد به المسكر المتخذ من العصير العنبي ، وأما غيره من المسكر والكحول المائع بالاصالة ـ ومنه الإسبرتو بجميع انواعه ـ فمحكوم بالطهارة وان كان رعاية الاحتياط أولى.

( مسألة ١٥٤ ) : العصير العنبي : لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك ، ولكنه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها ، فاذا ذهب ثلثاه صار حلالاً إذا لم يحرز صيرورته مسكراً ـ كما ادعي فيما إذا غلى بنفسه ـ والا فلا يحل الا بالتخليل ، وأما عصير التمر ، أو الزبيب فلا ينجس ولا يحرم بالغليان ، ولا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق والمحشي ، والطبيخ وغيرها.

٨٧

( مسألة ١٥٥ ) : الدن الدسم لا بأس بان يجعل فيه العنب للتخليل إذا لم يعلم اسكاره بعد الغليان ، أو علم وكانت الدسومة خفيفة لا تعد عرفاً من الأجسام ، وأمّا إذا علم اسكاره وكانت الدسومة معتداً بها ، فالظاهر انه يبقى على نجاسته ، ولا يطهر بالتخليل.

( مسألة ١٥٦ ) : الفقاع ـ وهو قسم من الشراب يتخذ من الشعير غالباً ولا يظهر اسكاره ـ يحرم شربه بلا اشكال ـ والأحوط ـ لزوماً ان يعامل معه معاملة النجس.

(١٠) عرق الإبل الجلاّلة ، وكذلك غيرها من الحيوان الجلاّل على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة ١٥٧ ) : عرق الجنب من الحرام طاهر وتجوز الصلاة فيه ، وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه ، كالزنا واللواط ، ووطء الحائض ، دون ما اذا كانت حرمته لعنوان آخر كالافطار في شهر رمضان ، ولو اجنب بالحرام مع الجهل بالحرمة أو الغفلة عنها فلا اشكال في طهارة عرقه وفي جواز الصلاة فيه.

( مسألة ١٥٨ ) : ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في احدهما ، وكذلك الملاقي للمتنجس بملاقاة النجس ، بل وكذا الملاقي للمتنجس بملاقاة المتنجس فيما لم تتعدد الوسائط بينه وبين عين النجاسة والا ففي تنجسه نظر بل منع وان كان هو ـ الأحوط استحباباً ـ مثلاً إذا لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجس ، فاذا لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة يحكم بنجاستها أيضاً ، وكذا إذا لاقت اليد اليسرى مع الرطوبة شيئاً آخر كالثوب فانه يحكم بنجاسته ، ولكن إذا لاقى الثوب شيء آخر مع الرطوبة سواء كان مائعاً أم غيره فالحكم بنجاسته محل اشكال بل منع.

٨٨

( ما تثبت به الطهارة أو النجاسة )

كل ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقاً فهو طاهر ، وكذلك فيما إذا لم تعلم حالته السابقة ، ولا يجب الفحص عما شك في طهارته ونجاسته وان كان الفحص لم يحتج إلى مؤنة ، وأما إذا شك في طهارته بعد العلم بنجاسته سابقاً فهو محكوم بالنجاسة.

وتثبت النجاسة بالعلم الوجداني ، وبالاطمينان الحاصل من المناشئ العقلائية ، وبالبينة العادلة ، بشرط ان يكون مورد الشهادة نفس السبب ، وباخبار ذي اليد ، وفي ثبوتها باخبار العدل الواحد فضلاً عن مطلق الثقة اشكال ما لم يوجب الاطمينان ، ولا تثبت النجاسة بالظن ، وتثبت الطهارة بما تثبت به النجاسة ، نعم يعتبر في ثبوتها بإخبار ذي اليد ان لا يكون متهماً.

٨٩

( المطهّرات )

أهم المطهرات إثنا عشر :

(الأوّل) الماء المطلق : وهو الذي يصح اطلاق الماء عليه من دون اضافته إلى شيء ، وهو على أقسام : الجاري ، ماء المطر ، ماء البئر ، الراكد الكثير ( الكر وما زاد ) ، الراكد القليل ( ما دون الكر ).

( مسألة ١٥٩ ) : الماء المضاف : ـ وهو الذي لا يصح اطلاق الماء عليه من دون إضافة ، كماء العنب ، وماء الرمان ، وماء الورد ونحو ذلك ـ لا يرفع حدثاً ولا خبثاً ، ويتنجس بملاقاة النجاسة ولا اثر لكريته في عاصميته ، ويستثنى من ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل ، أو من السافل إلى العالي بدفع ، ففي مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط ، مثلاً إذا صب ما في الابريق من ماء الورد على يد كافر محكوم بالنجاسة لم يتنجس ما في الابريق وان كان متصلاً بما في يده.

( مسألة ١٦٠ ) : الماء الجاري : لا ينجس بملاقاة النجس وان كان قليلاً الا إذا تغير احد اوصافه ( اللون والطعم والريح ) ، والعبرة بالتغير باوصاف النجس ولا بأس بالتغير باوصاف المتنجس ، ويعتبر في صدق عنوان ( الجاري ) وجود مادة طبيعية له ، والجريان ولو بعلاج ، والدوام ولو في الجملة ، ولا يعتبر فيه اتصاله بالمادة بمعنى انه يكفي الاستمداد الفعلي منها فلا يضر الانفصال الطبيعي ، كما لو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر

٩٠

فانه يكفي في عاصميته. نعم يضر الانفصال العارضي كما لو طرأ مانع من النبع.

( مسألة ١٦١ ) : يطهر الماء المتنجس ـ غير المتغير بالنجاسة فعلاً ـ باتصاله بالماء الجاري ، أو بغيره من المياه المعتصمة ، كالماء البالغ كراً ، وماء البئر والمطر بشرط امتزاجه به بمقدار معتد به ، هذا اذا لم يكن في اناء وإلاّ تنجس ـ على الأحوط لزوماً ـ بعد انفصال الماء المعتصم عنه لما سيأتي من انه يعتبر في تطهير الاناء غسله بالماء ثلاثاً وان كان معتصماً على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة ١٦٢ ) : المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغير احد اوصافه ـ على ما تقدم آنفاً في الماء الجاري ـ وكذا لو نزل اولاً على ما يعد ممراً له عرفاً ـ ولو لأجل الشدة والتتابع ـ كورق الشجر ونحوه ، وأما إذا نزل على ما لا يعد ممراً فاستقر عليه ، أو نزا منه ثم وقع على النجس كان محكوماً بالنجاسة.

( مسألة ١٦٣ ) : لا يتنجس ماء البئر بملاقاة النجاسة وان كان قليلاً ، نعم إذا تغير احد اوصافه المتقدمة يحكم بنجاسته ويطهر بزوال تغيره بنفسه بشرط امتزاجه بما يخرج من المادة على ـ الأحوط لزوماً ـ أو بنزح مقدار يزول به التغير.

( مسألة ١٦٤ ) : الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس وكذا المتنجس ـ على التفصيل المتقدم في المسألة (١٥٨) ـ إذا كان دون الكر ، الا ان يكون جارياً على النجس من العالي إلى السافل ، أو من السافل إلى العالي بدفع ، فلا ينجس حينئذٍ الا المقدار الملاقي للنجس كما تقدم آنفاً في الماء المضاف ، وأما إذا كان كراً فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس فضلاً عن

٩١

المتنجس إلاّ إذا تغير احد اوصافه ـ على ما تقدم ـ وفي مقدار الكر بحسب الحجم أقوال : والمشهور بين الفقهاء (رض) اعتبار ان يبلغ مكعبه ثلاثة وأربعين شبراً إلاّ ثمن شبر وهو ـ الأحوط استحباباً ـ وان كان يكفي بلوغه ستة وثلاثين شبراً ( وهو ما يعادل ٣٨٤ لتراً تقريباً ) ، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن اشكال.

( مسألة ١٦٥ ) : يعتبر في التطهير بالماء القليل ـ في غير المتنجس ببول الرضيع الذي سيأتي بيان حكمه ـ مضافاً إلى استيلاء الماء على المتنجس على نحو تنحل فيه القذارة عرفاً ـ حقيقة أو اعتباراً ـ مروره عليه وتجاوزه عنه على النحو المتعارف ، بان لا يبقى منه فيه الا ما يعدّ من توابع المغسول ، وهذا ما يعبر عنه بلزوم انفصال الغسالة ، فاذا كان باطن الشيء متنجساً وكان مما ينفذ فيه الماء بوصف الاطلاق فلابُدّ في تطهيره من اخراج الغسالة منه بالضغط عليه بعصر ، أو غمز أو نحوهما ، أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصب.

( مسألة ١٦٦ ) : الغسالة بالمعنى المتقدم محكومة بالنجاسة مطلقاً حتى في الغسلة التي تتعقبها طهارة المحل ، أو الغسلة غير المزيلة لعين النجاسة على ـ الأحوط لزوماً ـ في الموردين.

( مسألة ١٦٧ ) : غسالة الاستنجاء محكومة بحكم سائر الغسالات ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيها الا في صور :

(١) أن تتميز فيها عين النجاسة.

(٢) أن تتغير باحد اوصاف النجاسة ( اللون والطعم والريح ).

(٣) أن تتعدى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معها الاستنجاء.

٩٢

(٤) أن تصيبها نجاسة اخرى من الداخل أو الخارج.

( مسألة ١٦٨ ) : تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجسات ، وما تنجست به والمياه وهذا تفصيله :

١ ـ اللباس أو البدن المتنجس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرة ، ولابُدّ من غسله مرتين إذا غسل في غيره كالكرّ والماء القليل ، ويعتبر في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة عنه كما مر في المسألة (١٦٥).

٢ ـ الأواني المتنجسة بالخمر لابُدّ في طهارتها من الغسل ثلاث مرات ، سواء في ذلك الماء القليل وغيره ، والأولى ان تغسل سبعاً.

٣ ـ يكفي في طهارة المتنجس ببول الصبي أو الصبية ـ ما دام رضيعاً لم يتغذ بالطعام ـ صب الماء عليه وإن كان قليلاً مرة واحدة بمقدار يحيط به ، ولا حاجة معه إلى العصر ، أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجس لباساً أو نحوه.

٤ ـ الاناء المتنجس بولوغ الكلب يغسل ثلاثاً أولاهن بالتراب وغسلتان بعدها بالماء ، والمقصود بولوغ الكلب شربه الماء ، أو أي مايع آخر بطرف لسانه ، وإذا لطع الاناء كان ذلك بحكم الولوغ في كيفية التطهير ـ والأحوط وجوباً ـ في مطلق مباشرته بغير اللسان ، أو وقوع لعابه أو شعره ، أو عرقه ، الغسل بالتراب مرة وبالماء ثلاث مرات.

٥ ـ الاناء المتنجس بولوغ الخنزير ، أو بموت الجرذ فيه لابُدّ في طهارته من غسله سبع مرات ، من غير فرق بين الماء القليل وغيره.

٦ ـ إذا تنجس داخل الإناء ـ بغير الخمر وولوغ الكلب ، أو الخنزير وموت الجرذ فيه من النجاسات ـ وجب في تطهيره بالماء القليل غسله

٩٣

ثلاث مرات ، وهكذا تطهيره بالجاري ، أو الكر ، أو المطر ـ على الأحوط لزوماً ـ ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجس الاناء بملاقاة المتنجس أيضاً ، ويدخل في ذلك ما إذا تنجس بالمتنجس بالخمر أو بولوغ الكلب ، أو الخنزير أو موت الجرذ.

٧ ـ يكفي في طهارة المتنجس ـ غير ما تقدم ـ ان يغسل بالماء مرة واحدة ، وان كان قليلاً ـ والأحوط استحباباً ـ الغسل مرتين ، ولابُدّ في طهارة اللباس ونحوه من انفصال الغسالة عند الغسل بالماء القليل كما مر في المسألة (١٦٥).

( مسألة ١٦٩ ) : الماء القليل المتصل بالكر ـ وان كان الاتصال بوساطة انبوب ونحوه ـ يجري عليه حكم الكر فلا ينفعل بملاقاة النجاسة ، ويقوم مقام الكر في تطهير المتنجس به ، وأما الراكد المتصل بالجاري فلا يكون له حكم الجاري في عدم انفعاله بالملاقاة النجس والمتنجس ، فالحوض المتصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقل من الكر.

( مسألة ١٧٠ ) : إذا تنجس اللباس المصبوغ ، يغسل كما يغسل غيره فيطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على اطلاقه إلى ان ينفذ إلى جميع اجزائه ويستولي عليها ، بل بالقليل أيضاً إذا كان الماء باقياً على اطلاقه إلى ان يتم عصره أو ما بحكمه ، ولا ينافي في الفرضين التغير بوصف المتنجس ما لم يوجب الاضافة ، سواء أكان التغير قبل النفوذ أو العصر أو بعدهما.

( مسألة ١٧١ ) : ما ينفذ الماء فيه بوصف الاطلاق ولكن لا يخرج عن باطنه بالعصر وشبهه ـ كالحب والكوز ونحوهما ـ يكفي في طهارة اعماقه ان وصلت النجاسة اليها ان يغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت اليه النجاسة ، ولا حاجة إلى ان يجفف أولاً ثم يوضع في الكر ، أو الجاري ،

٩٤

وأما تطهير باطنه بالماء القليل فغير ممكن على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة ١٧٢ ) : ما لا ينفذ فيه الماء بوصف الاطلاق مثل الصابون والطين لا يمكن تطهير باطنه ان وصلت النجاسة اليه ، لا بالماء الكثير ولا القليل وان جفف أولاً.

(الثاني من المطهرات) : الأرض ، وهي تطهر باطن القدم والنعل بالمشي عليها أو المسح بها ، بشرط ان تزول عين النجاسة بهما ، ولو زالت النجاسة قبل ذلك ففي كفاية تطهير موضعها بالمسح بها أو المشي عليها اشكال ، ويعتبر في الأرض الطهارة والجفاف ، والأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة ، أو الوقوف عليها ونحوه ، ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر ، بل الظاهر كفاية المفروشة بالآجر ، أو الجص ، أو النورة أو السمنت ، ولا تكفي المفروشة بالقير ونحوه على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( الثالث من المطهرات ) : الشمس : وهي تطهر الأرض وما يستقر عليها من البناء ، وفي الحاق ما يتصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار ، وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات اشكال ، نعم لا يبعد الالحاق في الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها ، ويعتبر في التطهير بالشمس ـ مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة الموضع رطوبة مسرية ـ الجفاف المستند إلى الاشراق عرفاً وان شاركها غيرها في الجملة كالريح.

( الرابع من المطهرات ) : الاستحالة ، وهي تبدّل شيء إلى شيء آخر يخالفه في الصورة النوعية عرفاً ، ولا اثر لتبدل الاسم والصفة فضلاً عن تفرق الأجزاء ، فيطهر ما احالته النار رماداً أو دخاناً ، سواء كان نجساً

٩٥

كالعذرة أو متنجساً كالخشبة المتنجسة ، وكذا ما صيّرته فحماً إذا لم يبق فيه شيء من مقومات حقيقته السابقة وخواصه من النباتية والشجرية ونحوهما.

وأما ما احالته النار خزفاً ، أو آجراً أو جصاً أو نورة ، ففيه اشكال ـ والأحوط لزوماً ـ عدم طهارته ، وأما مجرد تفرق اجزاء النجس أو المتنجس بالتبخير فلا يوجب الحكم بطهارة المائع المصعد فيكون نجساً ومنجساً ، نعم لا ينجس بخارهما ما يلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.

( الخامس من المطهرات ) : الانقلاب : ويختص تطهيره بمورد واحد وهو ما إذا انقلب الخمر خلاً ، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره ، ويلحق به في ذلك العصير العنبي إذا انقلب خلاً فانه يحكم بطهارته لو قلنا بنجاسته بالغليان.

( السادس من المطهرات ) : الإنتقال : ويختص تطهيره بانتقال دم الانسان والحيوان إلى جوف ما لا دم له عرفاً من الحشرات ، كالبق والقمل والبرغوث ، ويعتبر فيه ان يكون على وجه يستقر النجس المنتقل في جوف المنتقل اليه بحيث يكون في معرض صيرورته جزءاً من جسمه ، وأما اذا لم يعد كذلك ، أو شك فيه لم يحكم بطهارته وذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الانسان على النحو المتعارف في مقام المعالجة فانه لا يطهر بالانتقال ـ والأحوط الأولى ـ الاجتناب عما يمصّه البق أو نحوه حين مصّه.

( السابع من المطهرات ) : الإسلام : فانه مطهر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره ، وأما النجاسة العرضية ـ كما اذا لاقى بدنه البول مثلاً ـ فهي لا تزول بالاسلام ، بل لابد من ازالتها بغسل البدن ، ولا فرق في طهارة بدن الكافر بالاسلام بين الكافر الاصلي وغيره ، فاذا تاب المرتد ولو كان فطرياً يحكم بطهارته.

٩٦

(الثامن من المطهرات ) : التبعية : وهي في عدة موارد :

(١) اذا اسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً ـ لا بها اصالة ولا بالطهارة كذلك ، كما لو كان مميزاً واختار الكفر أو الاسلام ـ وكذلك الحال فيما اذا اسلم الجد أو الجدة أو الأم ، ولا يبعد اختصاص طهارة الصغير بالتبعية بما اذا كان مع من اسلم ، بان يكون تحت كفالته أو رعايته ، بل وان لا يكون معه كافر اقرب منه اليه.

(٢) اذا اسر المسلم ولد الكافر غير البالغ فهو يتبعه في الطهارة اذا لم يكن معه أبوه أو جده ، والحكم بالطهارة ـ هنا أيضاً ـ مشروط بما تقدم في سابقه.

(٣) اذا انقلب الخمر خلاً يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب ، بشرط ان لا يكون الاناء متنجساً بنجاسة اخرى.

(٤) اذا غسل الميت تتبعه في الطهارة يد الغاسل ، والسدة التي يغسل عليها ، والثياب التي يغسل فيها ، والخرقة التي يستر بها عورته ، وأما لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعاً للميت محل اشكال.

( مسألة ١٧٣ ) : اذا تغير ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مر انه يطهر بزوال تغيره بنفسه بشرط الامتزاج ، أو بنزح مقدار منه ، وقد ذكر بعض الفقهاء (رض) انه اذا نزح حتى زال تغيره تتبعه في الطهارة اطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح ، اذا اصابها شيء من الماء المتغير ولكنه مشكل ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تبعيتها في الطهارة.

( التاسع من المطهرات ) : غياب المسلم البالغ ، أو المميز ، فاذا

٩٧

تنجس بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته ثم غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجس إذا احتمل تطهيره احتمالاً عقلائياً وان علم انه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض افراد الحائض المتهمة ، ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة ان يكون من في حيازته المتنجس عالماً بنجاسته ، ولا ان يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة ، كأن يصلي في لباسه الذي كان متنجساً بل يحكم بالطهارة بمجرد احتمال التطهير كما سبق ، وفي حكم الغياب العمى والظلمة ، فاذا تنجس بدن المسلم ، أو ثوبه ولم ير تطهيره لعمى ، أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدم.

( العاشر من المطهرات ) : زوال عين النجاسة : وتتحقق الطهارة بذلك في موضعين : الأوّل ـ بواطن الانسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك ، فاذا اصاب داخل الفم مثلاً نجاسة خارجية طهر بزوال عينها ولو كانت النجاسة داخلية ـ كدم اللّثة ـ لم ينجس بها اصلاً ، وأما البواطن المحضة للانسان ، وكذا الحيوان فلا تتنجس بملاقاة النجاسة وان كانت خارجية ، الثاني ـ بدن الحيوان ، فاذا اصابته نجاسة خارجية أو داخلية فانه يطهر بزوال عينها.

( مسألة ١٧٤ ) : مطبق الشفتين من الباطن وكذا مطبق الجفنين.

( مسألة ١٧٥ ) : الملاقي للنجس في البواطن المحضة للإنسان أو الحيوان لا يحكم بنجاسته اذا خرج وهو غير ملوّث به ، فالنواة أو الدود ، أو ماء الاحتقان الخارج من الإنسان كل ذلك لا يحكم بنجاسته اذا لم يكن ملوثاً بالنجس ، ومن هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق اذا خرجت من بدن الإنسان وهي غير ملوثة بالدم ، وأما الملاقي للنجس في باطن الفم ونحوه من البواطن غير المحضة فلابُدّ من تطهيره فيما اذا كان الملاقي

٩٨

والملاقى خارجيين ، كالأسنان الصناعية اذا لاقت الطعام المتنجس.

( الحادي عشر من المطهرات ) : استبراء الحيوان ، فكل حيوان مأكول اللحم إذا صار جلاّلاً ـ أي تعوَّد أكل عذرة الانسان ـ يحرم اكل لحمه ولبنه ، فينجس بوله ومدفوعه وكذا عرقه كما تقدم ، ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء ، وهو ان يمنع الحيوان عن اكل النجاسة لمدة يخرج بعدها عن صدق الجلاّل عليه ، ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يراعى في الاستبراء مضي المدة المعينة لها في بعض الأخبار ، وهي للدجاجة ثلاثة أيام ، وللبطة خمسة ، وللغنم عشرة ، وللبقرة عشرون ، وللبعير اربعون يوماً.

( الثاني عشر من المطهرات ) : خروج الدم عند تذكية الحيوان ، فانه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلف منه في جوفه ـ والأحوط لزوماً ـ اختصاص ذلك بالحيوان المأكول اللحم كما مر بيان ذلك في الصفحة (٨٦).

٩٩

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٢٠٥ ـ رواية الحسن بن كثير :

وقد روى الحسن بن كثير وعبد خير ، قالا : لما وصل عليعليه‌السلام إلى كربلا وقف وبكى ، وقال : بأبي أغيلمة يقتلون ههنا. هذا مناخ ركابهم ، هذا موضع رحالهم ، هذا مصرع الرجل.

ـ رواية أخرى :(شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٣ ص ١٧١)

عن الحسن بن كثير ، عن أبيه ، أن علياعليه‌السلام أتى كربلاء ، فوقف بها ، فقيل له :

يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء. فقال : ذات كرب وبلاء. ثم أومأ بيده إلى المكان ، فقال : ههنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم.

ثم أومأ بيده إلى مكان آخر ، فقال : ههنا مهراق دمائهم. ثم مضى إلى ساباط.

٢٠٦ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر (رض):

(أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)

في منتخب كنز العمال عن الطبراني في الكبير ما لفظه عن شيبان بن محرم ، قال :إني لمع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم إلا شهداء بدر.

ـ شهداء كربلاء لا يسبقهم سابق :(المنتخب للطريحي ، ص ٨٧)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء ، فبكى حتى اغرورقت عيناه بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم.

٢٠٧ ـ إخبار عليعليه‌السلام أن الحسينعليه‌السلام يقتل وموضع ذلك ، وما في ذلك من معجزات :(مدينة المعاجز لهاشم البحراني ، ص ١٢٠)

روى الشيخ الصدوق بسنده عن ابن عباس ، قال : كنت مع عليعليه‌السلام في خروجه من صفين. فلما نزلنا نينوى ـ وهي بشط الفرات ـ قال بأعلى صوته : يابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت : لا أعرفه يا أمير المؤمنين. فقال عليعليه‌السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي لبكائي. قال فبكىعليه‌السلام طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معه ، وهو يقول : أوه أوه ، مالي

٢٢١

ولآل أبي سفيان مالي ولآل حزب الشيطان وأولياء الكفر. صبرا صبرا يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم. ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة ، فصلى ما شاء الله أن يصلي.

وذكر نحو كلامه ، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم انتبه فقال :يابن عباس. قلت : ها أنذا. فقال : ألا أحدثك عما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت : نامت عينك ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين. قالعليه‌السلام : رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء ، معهم أعلام بيض ، قد تقلدوا سيوفهم ، وهي بيض تلمع ، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطة. ثم رأيت كأن النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض ، تضرب بدم عبيط (أي طري) ، وكأني بالحسين سخلي وفرخي ومضغتي ومخي ، قد غرق فيه ، يستغيث فلا يغاث. وكأن الرجال البيض (الذين) نزلوا من السماء ، ينادونه ويقولون : صبرا آل الرسول ، فإنكم تقتلون على يدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبد الله مشتاقة إليك. ثم يعزّونني ويقولون : يا أبا الحسن أبشروا فقد أقرّ الله عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين. ثم انتبهت هكذا.

والذي نفس علي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني سأمر بها في خروجي إلى أهل البغي علينا. وهي أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها الحسينعليه‌السلام وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمةعليها‌السلام . وإنها لفي السموات معروفة تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس. ثم قال : يا بن عباس ، اطلب حولها بعر الظباء ، فو الله ما كذبت ولا كذبت ، وهي مصفرة ، لونها لون الزعفران. فطلبتها فوجدتها مجتمعة. فناديته : يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي. فقال عليعليه‌السلام : صدق الله ورسوله.

ـ قصة مرور عيسىعليه‌السلام بكربلاء :

ثم قام عليعليه‌السلام يهرول حتى جاء إليها فحملها وشمها ، وقال : هي هي ، أتعلم يابن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم ، وذلك أنه مرّ بها ومعه الحواريون ، فرأى ههنا ظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسىعليه‌السلام وجلس الحواريون. فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى. فقالوا : يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه ، هذه أرض من يقتل فيها

٢٢٢

فرخ رسول الله أحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفرخ الحرة الطاهرة البتول ، شبيهة أمي ، ويلحد فيها أطيب من المسك ، لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء. فهذه الظباء تكلمني وتقول : انها ترعى هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض.

ثم ضرب بيده البعيرات فشمها ، وقال : هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها. اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه ، فتكون له عزاء وسلوة. فبقيت إلى يومنا هذا وقد اصفرت لطول زمنها ، وهذه أرض كرب وبلاء.

ثم قال بأعلى صوته : يا رب عيسى بن مريم ، لا تبارك في قتلته والمعين لهم والخاذل له. ثم بكى طويلا وبكينا معه حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا. ثم أفاق فأخذ البعر فصّره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك.

ثم قال : يابن عباس ، إذا رأيتها تتفجر دماء عبيطا ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبد اللهعليه‌السلام قد قتل بها ودفن.

قال ابن عباس : فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لما افترض اللهعزوجل علي ، وأنا لا أحلها من طرف كمي. فبينا أنا نائم في البيت فإذا هي تسيل دما عبيطا ، وان كمي قد امتلأ دما عبيطا. فجلست وأنا باك ، وقلت : قتل والله الحسين ، والله ما كذبني قط في حديث ، ولا أخبر بشيء أن يكون إلا كان كذلك ، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره. ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين. ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط. فجلست وأنا باك ، وقلت قتل والله الحسينعليه‌السلام .

وسمعت صوتا من ناحية البيت ، وهو يقول : اصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول ، نزل الروح الأمين ببكاء وعويل. ثم بكى بأعلى صوته وبكيت. فأثبتّ عندي تلك الساعة ، وكان شهر محرم يوم عاشور لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره ، وتاريخه كذلك. فحدثت بهذا الحديث الذين كانوا معه فقالوا :والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو. قلت : أترى أنه الخضرعليه‌السلام .

٢٢٣

٢٠٨ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام حين مر بكربلاء وهو سائر إلى صفين :

(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ١٤٠ ط ٢)

قال نصر بن مزاحم : حدثني مصعب بن سلام عن هرثمة بن سليم ، قال :غزونا مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام غزوة صفين. فسار حتى انتهى إلى كربلاء ، فنزل إلى شجرة فصلى إليها ، فلما سلم رفع إليه من تربتها فشمها ، ثم قال : واها لك أيتها التربة ، ليحشرن منك (وفي رواية : ليقتلن بك) قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته ـ وهي جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعليعليه‌السلام ـ فقال لها زوجها هرثمة : ألا أعجّبك من صديقك أبي الحسن؟ لما نزلنا كربلا رفع إليه من تربتها فشمها ، وقال : «واها لك يا تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب». وما علمه بالغيب؟! فقالت : دعنا منك أيها الرجل ، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.

فلما بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن عليعليه‌السلام وأصحابه ، قال هرثمة : كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم ، فلما انتهيت إلى القوم وحسين وأصحابه ، نظرت إلى الشجرة ، فذكرت الحديث وعرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع عليعليه‌السلام ، والبقعة التي رفع إليه من ترابها ، والقول الذي قاله ، فكرهت مسيري. فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسينعليه‌السلام ، فسلمت عليه وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل.

فقال الحسينعليه‌السلام : فأنت معنا أم علينا؟ فقلت : يابن رسول الله لا معك ولا عليك. تركت أهلي وولدي وعيالي ، أخاف عليهم من ابن زياد.

فقال الحسينعليه‌السلام : فولّ في الأرض هربا حتى لا ترى لنا مقتلا ، فو الذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار. قال هرثمة :فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفي علي مقتله.

ملاحظة : هذه الفقرة هي جمع عدة روايات مع بعض ، إحداها وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٣ ص ١٦٩ ط مصر ـ تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.

٢٠٩ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بما سيحدث في كربلاء :

(المصدر السابق ، ص ١٤١)

حدّث نصر بن مزاحم عن مصعب بن سلام عن سعيد بن وهب ، قال : بعثني

٢٢٤

مخنف بن سليم إلى عليعليه‌السلام عند توجهه إلى صفين. فأتيته بكربلاء ، فوجدته يشير بيده ويقول : ههنا! فقال له رجل : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال : ثقل آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينزل ههنا ، فويل لهم منكم ، وويل لكم منهم!.

فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟ قال (ويل لهم منكم) تقتلونهم ، (وويل لكم منهم) يدخلكم الله بقتلهم إلى النار.

٢١٠ ـ حديث الإمام الحسنعليه‌السلام عن مصرع أخيه الحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٨ ط نجف)

روى الإمام الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : دخل الحسين على أخيه الحسنعليهما‌السلام يوما ، فلما نظر إليه بكى. فقال له الحسنعليه‌السلام : ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال :أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسنعليه‌السلام : إن الذي يؤتى إليّ سم يدس إلي فأقتل به(١) ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله. يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنهم من أمة جدك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينتحلون بك الإسلام ، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحلّ ببني أمية اللعنة ، وتمطر السماء دما ورمادا ، ويبكي عليك كل شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار.

٢١١ ـ إخبار الحسينعليه‌السلام بمقتله :

عن معاوية بن قرة قال : قال الحسينعليه‌السلام : والله ليعتدن عليّ كما اعتدت بنو اسرائيل في السبت.

قال : وأنبأنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، (قال) قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة.

__________________

(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ١٤.

٢٢٥

أخبار أخرى

٢١٢ ـ ورود سلمان (رض) كربلاء :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ٧١)

في الخبر عن المسيب بن نجبة الفزاري ، قال : خرجت أستقبل سلمان الفارسي حين أقبل من المدينة إلى المدائن. فلما وصل إلى كربلاء تغير حاله وبكى ، وقال :هذه مصارع إخواني. هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق دمائهم. يقتل بها خير الأولين وابن خير الآخرين.

٢١٣ ـ إخبار أبي ذر الغفاري بمقتل الحسينعليه‌السلام ونتائج ذلك :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٦)

في (كامل الزيارة) عن عروة بن الزبير ، قال : سمعت أبا ذر ، وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة ، فقال له الناس : يا أبا ذر أبشر ، فهذا قليل في الله. فقال ما أيسر هذا ، ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن عليعليه‌السلام قتلا (أو قال : ذبح ذبحا)؟. والله لا يكون في الإسلام بعد قتل الخليفة (يعني علي بن أبي طالب) أعظم قتيلا منه. وإن الله سيسل سيفه على هذه الأمة لا يغمده أبدا. ويبعث ناقما من ذريته فينتقم من الناس. وإنكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار ، وسكان الجبال في الغياض والآكام ، وأهل السماء من قتله ، لبكيتم والله حتى تزهق أنفسكم. وما من سماء يمر بها روح الحسينعليه‌السلام إلا فزع له سبعون ألف ملك ، يقومون قياما ترعد مفاصلهم إلى يوم القيامة. وما من سحابة تمر وترعد وتبرق إلا لعنت قاتله. وما من يوم إلا وتعرض روحه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيلتقيان.

٢١٤ ـ ملازمة رجل من بني أسد أرض كربلاء :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)

قال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدى فينزل قريبا من الموضع الذي كانت فيه معركة الحسينعليه‌السلام . فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!. قال : بلغني أن حسيناعليه‌السلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل معه.

قال ابن الهيثم : فلما قتل الحسينعليه‌السلام قال أبي : انطلقوا بنا ننظر ، هل الأسدي فيمن قتل مع الحسينعليه‌السلام . فأتينا المعركة وطوّقنا ، فإذا الأسدي مقتول.

٢٢٦

(أقول) لعل هذا الشهيد هو أنس بن الحرثرحمه‌الله . وهذا درس يعلمنا أن المؤمن النبيه يسعى نحو الحق حتى يدركه ، فينال أعلى درجات السعادة والكرامة ، كما فعل أنس بن الحرث الأسدي.

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

٢١٥ ـ الحسينعليه‌السلام يخبر بأن عمر بن سعد سيقتله :

(كشف الغمة ٢ / ٩ وإرشاد المفيد ص ٢٨٢ والبحار ٤٤ / ٢٦٣)

روى سالم بن أبي حفصة ، (قال) قال عمر بن سعد للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، إن قبلنا أناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك. فقال له الحسينعليه‌السلام : إنهم ليسوا سفهاء ، ولكنهم حلماء. أما إنه يقر عيني أن لا تأكل من برّ العراق بعدي إلا قليلا.

٢١٦ ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام بأن عمر بن سعد يقتل ابنه الحسينعليه‌السلام :

عن الأصبغ بن نباتة ، قال : بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام يخطب الناس ، وهو يقول :سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلا أنبأتكم به. فقام إليه سعد بن أبي وقاص ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة. فقال : أما والله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنك ستسألني عنها. وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس ، وإن في بيتك لسخلا يقتل ابني الحسينعليه‌السلام . وكان عمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه.

(أقول) : فلما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، تولى عمر بن سعد قتل الحسينعليه‌السلام ، وكان الأمر كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وفي رواية (الإرشاد) للمفيد ص ٢٠ قال له عليعليه‌السلام :

وآية ذلك مصداق ما خبّرتك به. ولو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به ، ولكن آية ذلك ما أنبأتك به من لعنتك وسخلك الملعون.

قال ابن سيرين : وقد ظهرت كرامات علي بن أبي طالبعليه‌السلام في هذا ، فإنه لقي قاتل الحسينعليه‌السلام وهو شاب ، فقال : ويحك ، كيف بك إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار ، فتختار النار؟

وسيرد هذا الخبر عند الحديث عن عمر بن سعد ، الذي تولى قيادة الجيش لقتال

٢٢٧

الحسينعليه‌السلام ، وقد نصحه الحسينعليه‌السلام كثيرا ، ولكن حب الدنيا أعمى قلبه.

تنبيه حول السائل :ذكر فخر الدين الطريحي في (المنتخب) ص ١٦٦ : أن الذي سأل الإمامعليه‌السلام : كم شعرة في رأسي ، هو يزيد والد خولي بن يزيد الأصبحي.ولعل بعض الروايات تشير إلى أنه سنان بن أنس ، والله أعلم.

يقول العلامة المجلسي في البحار ، ج ٤٤ ص ٢٥٧ : لا يخفى ما في الحديث من تسمية الرجل السائل المتعنت بأنه سعد بن أبي وقاص ، حيث أن سعد بن أبي وقاص اعتزل عن الجماعة وامتنع عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاشترى أرضا واشتغل بها ، فلم يكن ليجيء إلى الكوفة ويجلس إلى خطبة الإمام عليعليه‌السلام .ومن جهة أخرى إن عمر بن سعد قد ولد في السنة التي مات فيها عمر بن الخطاب وهي سنة ٢٣ ه‍ فكان عمره حين خطب الإمامعليه‌السلام هذه الخطبة بالكوفة غلاما بالغا أشرف على العشرين ، لا أنه سخل في بيته.

ولما كان أصل القصة مسلمة مشهورة ، عدل الشيخ المفيد في (الإرشاد) عن تسمية الرجل ، وتبعه الطبرسي في (إعلام الورى) ص ١٨٦. ولعل الصحيح ما ذكره ابن أبي الحديد ، حيث ذكر الخطبة في شرحه على النهج ، ج ١ ص ٢٥٣ عن كتاب (الغارات) لابن هلال الثقفي عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد الباقرعليه‌السلام وقال في آخره : والرجل هو سنان بن أنس النخعي.

٢١٧ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيد هو قاتل الحسينعليه‌السلام :

أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. نعي إليّ الحسينعليه‌السلام وأتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا (أي جماعات متفرقين).

وأخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بلفظ : يزيد ، لا بارك الله في يزيد ، الطّعان اللعّان ، أما إنه نعي إلي حبيبي وسخلي حسين ، أتيت بتربته ورأيت قاتله. أما إنه لا يقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه ، إلا عمّهم الله بعقاب.

وأخرج أبو يعلى عن أبي عبيدة (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يزال أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية ، يقال له : يزيد.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والروياني والحافظ أبوبكر محمد بن اسحق ابن

٢٢٨

خزيمة السلمي النيسابوري والبيهقي وابن عساكر والضياء ، عن أبي ذر ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية. وزاد الروياني : يقال له يزيد.

٢١٨ ـ رواية أخرى :

(معجم الطبراني ص ١٣٠ ومقتل الخوارزمي ص ١٦٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٣ وأمالي الشجري ص ١٦٩)

في معجم الطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أخبره قال :خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متغير اللون ، فقال : أنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوتيت فواتح الكلام وخواتمه ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللهعزوجل ، أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، (فإذا) أتتكم الموتة أتتكم بالروح والراحة.كتاب الله من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكا. رحم الله من أخذها بحقها ، وخرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ واحص!. قال : فلما بلغت خمسة ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يزيد ، لا بارك الله في يزيد. ثم ذرفت عيناه. ثم قال : نعي إلي حسين ، وأوتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه ، إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : واها لفراخ آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خلفي وخلف الخلف.

أمسك يا معاذ. فلما بلغت عشرة ، قال : الوليد(١) اسم فرعون ، هادم شرائع الاسلام ، يبوء بدمه رجل من أهل بيته ، يسل الله سيفه فلا غماد له ، ويختلف الناس فكانوا هكذا ، وشبك بين أصابعه.

ثم قال : وبعد العشرين والمائة موت سريع وقتل ذريع ، فيه هلاكهم ، ويلي عليهم رجل من ولد العباس.

__________________

(١) لعل المقصود به الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وهو الذي مزّق القرآن وقال :

تهددني بجبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر

فقل : يا ربّ مزّقني الوليد

٢٢٩
٢٣٠

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

١ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام والحزن عليه

ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٣ ـ إقامة ذكرى الحسينعليه‌السلام ومراسم الحزن يوم عاشوراء

ـ اتخاذ بني أمية يوم عاشوراء يوم عيد وفرح

ـ أحاديث موضوعة في فضل يوم عاشوراء وأنه عيد

ـ هل يجوز صيام يوم عاشوراء؟

٤ ـ فلسفة المآتم الحسينية

٢٣١
٢٣٢

الفصل السادس

المآتم الحسينيّة

* مقدمة الفصل :

لا يخفى أن مصيبة الحسينعليه‌السلام الكبيرة قد أقضّت مضجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستحوذت عليه كل اهتمامه. فلا عجب إذا رأيناه يقيم المأتم على الحسينعليه‌السلام منذ مولده ، وفي عدة مناسبات من حياته. وعلى ذلك سار الأئمة الأطهار ودعوا كل من شايع الحسينعليه‌السلام إلى إقامة الحزن والعزاء عليه في كل مكان وزمان ، ولا سيما يوم العاشر من المحرم ، حتّى صار شعارهم :

«كل أرض كربلا ، وكل يوم عاشورا»

في حين كان بعض المسلمين عمدا أو جهلا يقيمون الفرح في ذلك اليوم ، جريا على السنّة التي اختطها لهم بنو أمية من غابر الزمان.

وسوف نتكلم في هذا الفصل حول إقامة المآتم الحسينية ، ثم فضل الحزن والبكاء على الحسينعليه‌السلام ، ثم إقامة مراسم العزاء والحزن والحداد يوم العاشر من المحرم كل عام. ونتعرض إلى بعض خصوصيات يوم عاشوراء ، والمحاولات المغرضة لتغيير مفهومه وصرفه عن حقيقته. ثم ننهي الفصل بفلسفة المآتم الحسينية ، وتتضمن أهداف ذكرى الحسينعليه‌السلام والفوائد التي تحققها المجالس الحسينية ، وأن هدفها ليس فقط الحزن والبكاء ، وإنما العظة واليقظة والاعتبار ، وتبديل السلوك وتعديل المسار ، والخروج من مستنقع الخطايا والأوزار ، إلى رياض الأخيار وجنان الأبرار.

١ ـ مآتم الحسينعليه‌السلام

مرت في الفصل السابق روايات مستفيضة حول إخبار جبرئيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنبأ استشهاد الحسينعليه‌السلام ، ثم إخبار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهله وأصحابه بذلك. وكان في

٢٣٣

تلك الأحوال يضع الحسين الطفل في حضنه ، ويبكي بكاء شديدا ، ويقبّله من فمه ونحره ، ويشمّه ويضمه إلى صدره ، فكانت تلك المشاهد أول المآتم المقامة على الحسينعليه‌السلام في حياته وقبل مماته. وعلى هذا الهدي المحمدي سار شيعة الحسينعليه‌السلام من بعده ، يقيمون المآتم والعزاء عليه ، بعد موته واستشهاده ، اقتداء بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاركة له في محنته ومصيبته.

٢١٩ ـ مأتم الحسينعليه‌السلام في دار فاطمةعليها‌السلام :

(قادتنا : كيف نعرفهم؟ ، ج ٦ ص ١٢٠)

روى الخوارزمي عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعملنا له حريرة ، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن وزبدا وصفحة من تمر. فأكل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكلنا معه. ثم وضّأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقام فاستقبل القبلة ، فدعا الله ما شاء. ثم أكبّ على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر. فهبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نسأله!.

فوثب الحسينعليه‌السلام فقال : يا أبتي رأيتك تصنع ما لم أرك تصنع مثله!.فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسرّ بكم مثله. وإن حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنكم قتلى ، وأن مصارعكم شتى ، فدعوت الله لكم ، وأحزنني ذلك.

فقال الحسينعليه‌السلام : يا رسول الله ، فمن يزورنا على تشتّتنا ، ويتعاهد قبورنا؟.قال : طائفة من أمتي ، يريدون برّي وصلتي. فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف ، وأخذت بأعضادها ، فأنجيتها والله من أهواله وشدائده.

٢٢٠ ـ في دار أم سلمة :

(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ١٧٦)

وروى ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه (قال) قالت أم سلمة : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نائما في بيتي ، فجاء الحسينعليه‌السلام . قالت : فقصد الباب ، فسبقته على الباب مخافة أن يدخل فيوقظه. قالت : ثم غفلت في شيء ، فدبّ فدخل ، فقعد على بطنه.

قالت : فسمعت نحيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجئت فقلت : يا رسول الله ، والله ما علمت به. فقال : إنما جاءني جبرئيلعليه‌السلام وهو على بطني قاعد ، فقال لي :

٢٣٤

أتحبّه؟. فقلت : نعم. قال : إن أمتك ستقتله. ألا أريك التربة التي يقتل بها؟.(قال) فقلت : بلى. قال : فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة. قالت : فإذا في يده تربة حمراء ، وهو يبكي ويقول : يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟!.

وفي رواية أخرى للخوارزمي : (قادتنا ـ ج ٦ ص ١٢٦)

قال : ثم أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك القبضة التي أتاه بها الملك ، فجعل يشمّها ويبكي ، ويقول في بكائه : الله م لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم.

ثم دفع تلك القبضة إلى أم سلمة ، وأخبرها بقتل الحسينعليه‌السلام بشاطئ الفرات ، وقال : يا أم سلمة خذي هذه التربة إليك ، فإنها إذا تغيرت وتحولت دما عبيطا ، فعند ذلك يقتل ولدي الحسينعليه‌السلام .

إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام

٢٢١ ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٣)

يقول الفاضل الدربندي : اعلم أن من تأمل في الأخبار المروية من طرق العامة في فضل الحسن والحسينعليه‌السلام ومناقبهما ، علم أن البكاء على الحسينعليه‌السلام وإقامة تعزيته في كل سنة ، بل في كل شهر ، بل في كل أسبوع ، بل في كل ليلة ، من أفضل العبادات وأشرف الطاعات والقربات. فلعنة الله على كل متعصب من المخالفين ، الذين يأخذون يوم عاشوراء عيدا ، ويسمّون الاجتماع للعزاء والبكاء على سيد الشهداء بدعة ، وذلك كابن حجر العسقلاني ومن مثله.

٢٢٢ ـ ثواب إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام :

(المنتخب للطريحي ، ص ٢٨ ط ٢)

روي أنه لما أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسينعليه‌السلام وما يجري عليه من المحن ، بكت فاطمةعليه‌السلام بكاء شديدا ، وقالت : يا أبتي متى يكون ذلك؟. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في زمان خال مني ومنك ومن عليعليه‌السلام . فاشتد بكاؤها ، وقالت : يا أبة فمن يبكي عليه؟. ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال

٢٣٥

أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة. فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال. وكل من بكى على مصاب الحسينعليه‌السلام أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.

يا فاطمة ، كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.

٢ ـ فضل البكاء والحزن على الحسينعليه‌السلام

٢٢٣ ـ البكاء على أمناء الرحمن :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦ ط ٢)

يقول فخر الدين الطريحي : فيا إخواني ، كيف لا نبكي على أمناء الرحمن ، وسادات أهل الزمان؟. وكيف لا نجدد النوح والأحزان ، في كل آن ومكان؟. على الشهيد العطشان ، النائي عن الأهل والأوطان ، المدفون بلا غسل ولا أكفان؟.فعلى الأطائب من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم تذرف الدموع من العيون.

٢٢٤ ـ فضيلة البكاء من خشية الله :

(أخبار الدول للقرماني ص ١١١)

قال الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام : ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله ، إلا وحرّم اللهعزوجل وجه صاحبها على النار. فإن سالت على الخدين دموعه ، لم يرهق وجهه قتر ولا ذلّة. وما من شيء إلا له جزاء إلا الدمعة ، فإن الله تعالى يكفّر بها بحور الخطايا. ولو أن باكيا بكى في أمة ، لحرّم الله تلك الأمّة على النار.

(أقول) : ومن هذا القبيل بكاء المؤمن على الإمام الحسينعليه‌السلام .

٢٢٥ ـ البكاء من خوف الله وخشيته :

(أسرار الشهادة ، ص ٤٨)

يقول الفاضل الدربندي : ومنها أن البيت المبني من الطين إذا انهدم أمكن إصلاحه بقرب من الماء ، فكذلك الإنسان المخلوق أصله من الطين ، إذا فسد أمره بارتكاب المعصية ، أمكنه تداركه بإرسال العبرات على الحسرات. كما قال أمير

٢٣٦

المؤمنين ، وسيد الموحدين ، وتاج رؤوس البكّائينعليه‌السلام : أمحوا المثبّتات من العثرات بالمرسلات من العبرات.

٢٢٦ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام هو من خشية الله :

(المصدر السابق ، ص ٤٩)

ويقول الفاضل الدربندي : واعلم أن البكاء على مصاب أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا سيما على مصاب سيد الشهداء روحي له الفداء ، ليس أمرا مغايرا للبكاء من خوف الله تعالى. حتّى يتمشّى سؤال : أهل البكاء من خوف الله تعالى أفضل ، أم البكاء على سيد الشهداءعليه‌السلام ؟. بل إن البكاء عليه هو البكاء في محبة الله ، والبكاء المنبعث عن التقرب إلى الله.

٢٢٧ ـ البكاء من خوف الله قسمان :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : فإن شئت أن توضّح المطلب في غاية الإيضاح فقل :إن البكاء من خوف الله تعالى ينحلّ إلى نوعين وينقسم إلى قسمين :

الأول : أن يكون منشأ البكاء معاصي الإنسان ، وتذكّره لحالة الاحتضار وأهوال البرزخ والمحشر والعقوبات التي يستحقها. فهذا البكاء وإن كان يطلق عليه أيضا أنه بكاء من خوف الله وقسم منه ، إلا أنه في الحقيقة يرجع إلى بكائه على نفسه وعلى ذنبه.

الثاني : أن يكون ذلك البكاء في مقام محبة الله تعالى ، وملاحظة عظمة صفاته وكبريائه وجبروته ، وفي مقام التفكر في التقصير في عبادته. وهذا في مقام ذوق حلاوة مناجاته ومحبته التي انبعثت عنها المحبة والموالاة لأوليائه وحججه ، فلا يلاحظ في هذا القسم أصلا رجاء الثواب ولا الخوف من العقاب. فلا شك أن هذا القسم من البكاء هو أفضل من القسم الأول. ومما لا شك فيه أن البكاء على مصاب آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا القسم ، إذ قد عرفت أن المحبة والموالاة لهم مما يرجع إلى محبة الله وموالاته. ويتضح هذا المطلب عند الفطن المتدبر ، إذا لا حظ عوم الأئمة الطاهرين ، وسباحة حجج الله المعصومين ، في بحار البلايا وقواميس المصائب ، لأجل محبة الله تعالى.

شرح : القواميس : جمع قاموس ، وهو البحر العظيم.

٢٣٧

٢٢٨ ـ ثواب البكاء عامة على الحسين ومصيبة سائر الأئمةعليه‌السلام :

(الخصال الأربعمائة ٢ / ٦٣٥ والبحار ٤٤ / ٢٨٧)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا ، واختار لنا شيعة ينصروننا ، ويفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا ، أولئك منا وإلينا.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل عين باكية إلا عين بكت على مصاب الحسينعليه‌السلام ، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة».

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام للريان بن شبيب : إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا. فلو أن رجلا تولّى حجرا حشره الله معه يوم القيامة.

وقال الإمام عليعليه‌السلام : كل عين يوم القيامة باكية ، وكل عين يوم القيامة ساهرة ، إلا عين من اختصه الله بكرامته ، وبكى على ما ينتهك من الحسين وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . (راجع مقتل العوالم ص ٥٢٥).

٢٢٩ ـ من قطرت عينه قطرة على الحسينعليه‌السلام :

(مجالس المفيد ، ص ٣٤٠ وأمالي الطوسي ١ / ١١٦ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن الإمام الحسينعليه‌السلام قال : ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة ، أو دمعت عيناه فينا دمعة ، إلا بوّأه الله تعالى بها في الجنة (غرفا يسكنها) حقبا. (وفي رواية) : أحقابا أحقابا.

شرح : الحقبة من الدهر : مدة لا وقت لها ، جمعها : حقب. وهي كناية عن الدوام.

٢٣٠ ـ فضيلة البكاء على الحسينعليه‌السلام :

(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥٢٦)

في (تفسير علي بن إبراهيم) عن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام قال : كان علي ابن الحسينعليه‌السلام يقول : أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليه‌السلام دمعة ، حتّى تسيل على خده ، بوّأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا. وأيما مؤمن دمعت عيناه (دمعا) حتّى يسيل دمعه على خده ، لأذى مسّنا من عدونا في الدنيا ، بوّأه الله مبوّأ صدق في الجنة. وأيما مؤمن مسّه أذى فينا ، فدمعت عيناه حتّى يسيل

٢٣٨

دمعه على خديه ، من مضاضة ما أوذي فينا ، صرف الله عن وجهه الأذى ، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.

٢٣١ ـ البكاء على الحسينعليه‌السلام يحطّ الذنوب :

(بحار الأنوار للمجلسي ، ج ٤٤ ص ٢٨٢)

عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال لفضيل : تجلسون وتتحدثون؟. قال : نعم جعلت فداك. قال : إن تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا.

يا فضيل ، من ذكرنا أو ذكرنا عنده ، فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت أكثر من زبد البحر.

٢٣٢ ـ حديث : نفس المهموم لظلمنا تسبيح :

(مجالس المفيد ، ص ٣٣٨ وأمالي الطوسي ١ / ١١٥ والبحار ٤٤ / ٢٧٨)

عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمهّ لنا عبادة ، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله.

ثم قالعليه‌السلام : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.

٢٣٣ ـ حديث : من دمعت عينه فينا دمعة :

(مجالس المفيد ، ص ١٧٤ وأمالي الطوسي ١ / ٩٧ والبحار ٤٤ / ٢٧٩)

عن محمّد بن أبي عمارة الكوفي ، قال : سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول :من دمعت عينه فينا دمعة ، لدم سفك لنا ، أو حقّ لنا أنقصناه ، أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا ، بوّأه الله تعالى بها في الجنة حقبا.

٢٣٤ ـ حديث : من ذكرنا عنده :

(كامل الزيارات ، ص ١٠٤ والبحار ٤٤ / ٢٨٥)

عن فضيل بن فضالة ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ، حرّم الله وجهه على النار.

وروي عن الصادقعليه‌السلام قال : لكل سرّ ثواب ، إلا الدمعة فينا.

٢٣٩

٢٣٥ ـ حديث الإمام الصادقعليه‌السلام لمسمع كردين :

(كامل الزيارات ، ص ١٠١ والبحار ٤٤ / ٢٨٩)

سأل الإمام الصادقعليه‌السلام مسمع كردين ، وهو من أهل العراق : هل يبكي على الحسينعليه‌السلام ؟ فقال : بلى

قال : ثم استعبر واستعبرت معه. فقالعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على خلقه بالرحمة ، وخصّنا أهل البيت بالرحمة.

يا مسمع ، إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا. وما بكى لنا من الملائكة أكثر. وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا. وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا ، إلارحمه‌الله قبل أن تخرج الدمعة من عينيه. فإذا سالت دموعه على خده غفر الله ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر. فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم ، لأطفأت حرّها حتّى لا يوجد لها حرّ. وإن الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند موته ، فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض. وإن الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه ، حتّى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

٢٣٦ ـ حديث : من تذكر مصابنا وبكى :

(أمالي الصدوق ، ص ٦٨ وبحار الأنوار ٤٤ / ٢٧٨)

قال الإمام الرضاعليه‌السلام : من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منا ، كان معنا في درجاتنا يوم القيامة. ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى ، لم تبك عينه يوم تبكي العيون. ومن جلس مجلسا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

٢٣٧ ـ الحسينعليه‌السلام قتيل العبرة :

(أمالي الطوسي ، ص ١٢١)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام (قال) قال الحسين بن عليعليه‌السلام : أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروبا ، وحقيق على الله أن لا يأتيني مكروب قط ، إلا ردّه الله وأقلبه إلى أهله مسرورا.

وعن الحسينعليه‌السلام قال : أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551