الدروع الواقية

الدروع الواقية25%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112905 / تحميل: 6367
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كَربٍ قد كشفته عنّي ، وَكَم من همٍ قَد فَرّجتهُ عنّي ، وَكم مِن شدّةٍ جَعلتَ بَعدها رَخاءً.

اللهُمّ لك الحَمدُ على نِعمكَ ما نُسي مِنها ومِا ذُكرَ ، وَما شُكر منها وَما كُفرَ ، وما مَضى منها وما غَبرَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ عددَ مَغفرتِكَ وَرَحمتكِ ، وَلكَ الحمُد على عَفوكَ وَستركَ ، وَلكَ الحمدُ بصلاحِ أمرِنا وَحُسنِ قضائكَ وأنعُمكَ عِندنا.

اللهُمّ صلّ على مُحمدٍ وَآلِ محمدِ ، واغفر لَنا مغفِرةً عَزماً جزماً ، لا تُغادِرُ لنا ذَنباً.

اللهُمّ اغفِر لَنا ولآبائنا ولاُ مهاتنا كَما رّبونا صِغاراً ، وأدّبُونا كباراً ، اللهُمّ أعطِنا واياهُم من رَحمَتكَ أسناها وَأوسعها ، وَمن جِنانكَ أعلاها وأرفَعها ، وأوجب لَنا من رِضاكَ عَنّا ما تقُرُّ به عُيُوننا ، وَتذهب لَنا حُزننا ، وَأذهب عَنّا هُمُومنا وَغُمومنا في أمرِ ديننا ودُنيانا ، وَقنِّعنا فيها بتَيسيرِ رِزقكَ عندنا ، وَاعفُ عَنّا وعافِنا أبداً ما أبقيتنا ، وَآتنا في الدُنيا حَسنةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقنا عَذابَ النّارِ(١) .

اليوم التاسع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم خفيف من اوله وآخره لكل امر تريده. ومن سافر فيه رزق مالاً ورأى خيراً. فابدأ فيه بالعمل ، واقترض فيه ،

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٦ باختلاف فيه.

١٠١

وازرع فيه واغرس.

ومن حارب فيه غلب ، ومن هرب فيه لجأ الى سلطان يمنع منه ، ومن مرض فيه ثقل ، ومن ضل فيه قدر [ عليه ] ، ومن ولد فيه صلحت ولادته ووفق في كل حالاته ان شاء الله ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آذر ، اسم الملك الموكل بالميزان يوم القيامة ، يوم محمود ليس فيه مكروه ، والاحلام فيه تصح من يومها.

الدعاء فيه لابي عبد اللهعليه‌السلام :

« اللهُمّ لكَ الحمدُ على كُلّ خيرٍ أعطَيتَنا ، ولكَ الحمدُ على كُلّ شَرٍصَرفتهُ عَنّا ، ولكَ الحمدُ عَددَ ما خَلَقتَ وذَرأتَ ، وَبَرأتَ وأنَشأتَ ، وَلكَ الحمدُ عَددَ ما أبليتَ وَأوليتَ ، وَأخذتَ وَأعطيتَ ، وأمتَّ وأحيَيتَ ، وَكُلُّ ذلكَ إليك ، تَبَاركتَ وَتعاليتَ.

لا يُذَلُّ مَن واليتَ ، وَلا يُعزُّ من عادَيت ، تُبدي وَالمعادُ إليكَ ، وَتقضي ولا يُقضى عليكَ ، وَتَستغني وَنَفتقرُ اليكَ ، فَلَبيكَ رَبّنا وَسَعدَيكَ.

ولكَ الحمدُ عَددَ ما رَبّيتَ وَآويتَ ، فَانّكَ تَرثُ الارضَ وَمنَ عَليها وَإليكَ يُرجعونَ ، وَأنتَ كَما أثنيتَ عَلى نَفسِكَ ، لا يَبلُغُ رَحَمتكَ قَولُ قائلٍ ، ولا ينقُصُك نائلٌ ، وَلا يَحفيك(١) ، سائِلٌ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ قَبلَ الحمدُ ، وَمُنتَهى الحمدِ ، حَقيقٌ بالحَمدِ ، حَمداً

__________________

(١) احفيت الرجل : أجهدته واستقصيت في السؤال منه. لسان العرب ـ حفا ـ ١٤ / ١٨٨.

١٠٢

على حَمدٍ ، لا يَنَبغي الحمدُ الا لكَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ في الليلِ إذا يَغشى ، وَلكَ الحمدُ في النّهارِ إذا تَجلّى ، وَلكَ الحمدُ في الآخرةَ وَالاولى ، ولكَ الحمدُ في السّماواتِ العُلى ، وَلكَ الحمدُ في الارضينَ السُّفلى وما تَحتَ الثّرى ، وَكُلّ شيءٍ هالكٌ الاّ وَجهُكَ ، تَبقى وَيَفنى ما سِواكَ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ في السّراء والضّراء ، ولكَ الحمدُ في الشدةِ والرّخاءِ ، والصّبرِ والبَلاءِ ، ولكَ الحمدُ في البُؤسِ والنّعماءِ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ كَما حَمدتَ نَفسكَ في أولِ الكتابِ ، وفي التَوراة والانجيلِ ، والفُرقانِ العظيمِ ، وَلكَ الحمدُ حمداً لا ينقطعُ أوّلُهُ ، ولا يَنفدُ آخرُهُ ، ولكَ الحمدُ بالاسلامِ ، ولكَ الحمدُ بالقرآنِ ، ولكَ الحمدُ بالاهلِ وَالمالِ ، ولكَ الحمدُ في العُسرِ واليُسرِ ، ولكَ الحمدُ في المُعافاةِ والشُّكرِ ، ولكَالحَمدُ على حَلمكَ بَعدَ عَلمكَ ، وَلكَ الحمدُ على عَفوكَ بعد قدرتك ، ولكَ الحَمدُ على نَعمِكَ السَّابِغَةَ عَلينا ، وَلكَ الحَمدُ على نِعَمِكَ التي لا تُحصى ، ولكَ الحَمدُ كما ظَهرتْ أياديكَ عَلينا فلم تُخفَ ، وَلكَ الحَمدُ كما كَثُرَتْ نِعَمِكَ فلم تُحص ، وَلكَ الحَمدُ على ما أحصيتَ كُلَّ شيءٍ عِلماً ، وَلكَ الحَمدُكما أنتَ أهلهُ.

لا إله الاّ أنتَ ، لا يُواري مِنكَ ليلٌ داجٍ ، ولا سماء ذاتُ أبراجٍ ، ولا أرضٌ ذاتُ فجاجٍ ، وَلا بحرٌ ذو أمواجٍ ، ولا ظُلماتٌ بَعضُها فوقَ بَعضٍ.

١٠٣

رَبّ أنّا الصَغيرُ الذي أنعمتَ فلكَ الحَمدُ ، ربّ أنا الوضيعُ الذي رَفعتَ فَلكَ الحَمدُ ، ربّ وَأنا المُهانُ الذي أكَرمتَ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الراغبُ الذي أرضَيتَ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العائِلُ الذي أغَنيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الخاطئ الذي عَفوتَ عَنهُ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المذُنبُ الذي رَحمتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الشّاهدُ الذي حَفظتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وَأنا الُمسافرُ الذي سَلّمتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الغائِبُ الذي أدّيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا المَريضُ الذي شَفيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا العَزبُ الذي زَوّجتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا السّقيمُ الذي عافيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الجائعُ الذي أشبعتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العاري الذي كَسوتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الطّريدُ الذي آويتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الاعمى الذي بَصرتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الوحيدُ الذي آنست ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المخذولُ الذي نَصرتَ ربّ فلك الحَمدُ ، وأنا المهمومُ الذي فَرّجتَ عنه ربّ فَلكَ الحَمدُ ، ولكَ الحَمدُ على الذي أنعمتَ به عَلينا كَثيراً ، وَأنا الذي لم أكُن شيئاً حينَ خلقتني فلكَ الحَمدُ ، وَدَعوتك فأجبتَني فَلكَ الحَمدُ.

اللهُمّ وهذه نعمٌ خَصصتني بِها مَع نِعَمكَ على بَني آدم فيما سَخَّرتَ لَهُم وَدَفعتَ عَنهُم ذلك ، فَلكَ الحَمدُ كَثيراً ، وَلم تُؤتني شَيئاً ممّا آتَيتني مِن ذلكَ لِعملَ خَلا مِنّي ، وَلا لحقٍّ استَوجبتُ مِنكَ بهِ ذلكَ. وَلم تَصرف عنّي شَيئاً ممّا صَرفَتهُ مِن هُموم الدُينا وأوجاعِها ، وَعَجائبها وَأنواعِ بلاياها ،

١٠٤

وَأمراضها وَأسقامِها ، لا أن يَكونَ كُنتُ لَهُ أهلاً ، وَلا أن يكُونَ كُنتُ فِيه قادِراً ، لَكِن صَرَفتُه عنّي بِرحمتكَ وَحُجةً عَليّ يا أرحمَ الراحِمينَ.

اللهُمّ فَلكَ الحَمدُ كثيراً كَما أنَعمتَ عَلَيَّ كَثيراً ، وَصَرفتَ عَنّي البَلاءَ كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمدٍ وآل مُحَمدٍ كَثيراً ، وَاكفنا في هذا الوَقتِ وَفي كُلّ وقتٍ ما استَكفيناكَ من طَوارِقِ الليلِ والنهارِ ، فَلا كافَي لَنا سِواكَ ، وَلا ربّ لَنا غَيرُكَ ، وَاقضِ حَوائِجنا في دِينِنا وَدُنيانا ، وَآخِرتِنا وَاُولانا ، أنتَ إلهنا وَمَولانا ، حَسَنٌ فينا حُكمكَ ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤك ، اقضِ لَنا الخَيرَ ، وَاجعلنا مَن أهلِ الخَير ، وَمّمن هُم لَمِرضاتكَ مُتّبعونَ ، وَلِسخطكَ مُفارقُونَ ، وَلِفرائضكَ مُؤَدُّونَ ، وَمِنَ التّفريطِ وَالغفلةِ آمِنون ، وَاعفُ عَنّا وَعافِنا في كُلّ الاُمور أبداً ما أبقَيتنا ، واذا تَوفَيتَنا فاغفِر لَنا وارحَمنا ، وَاجعَلنا مِن النّار فارّينَ ، والى جَنّتك داخِلين ، وَلمُحمّدٍ وأهلِ بَيتِه ِمُرافقينَ ، يا أرحَمَ الرحمين»(١) .

اليوم العاشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح ( ولد )(٢) فيه نوحعليه‌السلام ، من يولد فيه يكبر ويهرم ويرزق. وهو يصلح للشراء والبيع السفر ، ومن

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٧ باختلاف فيه.

(٢) في « ك » : وجد واثبتنا ما في « ن ».

١٠٥

ضلت له فيه ضالة وجدها ، ويستحب للمريض ان يوصي فيه ، وتكتب فيه العهود ، ومن هرب فيه ظفر به وحبس في الحبس ، ومن ولد فيه عسرت تربيته ، وكان في خلقه نكداً الا ان يشاء الله تعالى ان يكون غير ذلك ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آبان ، اسم الملك الموكل بالبحار والمياه والاودية ، يوم خفيف ، من ولد فيه يكون مرزوقاً في معيشته ولا يصيبه ضيق ابداً ، وهو مبارك ، الاّ انه من هرب فيه من السلطان وجد ، والاحلام في مدة عشرين يوماً تصح ان شاء الله.

الدعاء فيه :

إلهي كَم من أمرٍ عييتُ فيهِ فَيَسرت لي فيه المَنافَع ، وَدَفعتَ عنّي فيهِ الشّر ، وَحَفظَتني فيهِ عنِ الغيبَةِ ، وَرَزقتني فيهِ ، وَكَفيَتني الشهادةَ بلاعَمَل مني سَلَف ، ولا حَولَ ولا قُوة الاّ بكَ ، فَلكَ الحَمدُ على ذلكَ والمنُّ وَالطولُّ.

وَكَم مِن شَيءٍ غِبتُ عُنُه يا إلهي فَتَوليتُه لي ، وَسَددت فيهِ الرّأي ، وأقلتَ العثرةَ ، وأنجَحتَ فيه الطّلبةَ ، وَقوّيتَ فيهِ العَزيمةِ ، فَلَكَ الحَمدُ يا إلهي كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمّدٍ وآل مُحَمّدٍ ، النَّبي الاُمِّي ، الطَّيِّب الرَّضي ، المُبارَكِ التَّقي ، وعلى أهلِ بَيتِهِ الطّيبينَ الاخيارِ ، كَما صَلّيتَ على إبراهيمَ وآل إبراهيمَ إنّك حَميدٌ مَجيدٌ.

اللهُمّ إنّي أسالُك بِجميع مَحامِدِكَ والصّلاةِ على نَبيّك مُحَمّدٍ وَآلهِ

١٠٦

أن تَغفِر ذُنُوبي كُلّها ، حَدِيثها وَقَديمها ، صَغِيرها وَكَبيرها ، سرّها وَعلانيَتها ، ما عَلمتُ مِنها وما لَم أعلمُ ، وما أحصَيت أنتَ عَليّ مِنها وَحَفظتهُ يا أرحمَ الرّاحِمينَ ، وَأن تَحفظني في دِيني وَدُنياي حَتى أكون لِفَرائضكَ مُؤدياً ، وَلِمرضاتكَ مُبتغياً ، وبالاخلاصِ مُوقناً ، وَمنَ الحرصِ آمِناً ، وعلى الصّراطِ جائزاً ، ولمُحَمدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مُصاحِباً ، وَمنَ النّارِ آمناً ، وإلى الجَنّةِ داخِلاً.

اللّهُمّ عافِني في الحياةِ الدُنيا في جِسمي ، وآمِن سِربي ، وأسبِغ عَليّ مِن رِزقك الطّيّبِ ، يا إلهي وارحَمني بِرحَمتِكَ التي وَسِعت كُلّ شيءٍ في الدُنيا وَالآخرةِ ، يا أرحمَ الرّاحِمينَ.

سُبحانَكَ اللّهُمّ وبحَمدكِ ، ما أعظَمَ أسمائكَ في أهلِ السّماءِ. وأحَمدَ فعلكَ في أهل الارضِ. وأفشى خَيركَ في البَر والبَحرِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وَبحمدِكَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ ، أنتَ الرّبُّ وَأنا العَبدُ وإليكَ المَهربُ ، مُنزّلُ الغيثِ ، مُقدّرُ الاقواتِ ، قاسِمُ المَعاشِ ، قاضِيُ الآجالِ ، رازِقُ العِبادِ ، مُرويُ البِلادِ ، عَظيمُ البَركاتِ.

سُبحانكَ اللّهُمّ وَبحمدِكَ ، لا إلهَ الاّ أنتَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ أنت الرّبّ يُسّبحُ الرّعدُ بِحمدكَ ، والملائكةُ من خِيفتكَ ، وَالعرشُ الاعلى ، وَالهواءُ وَما بينُهما وما تَحتَ الثّرى ، والشّمسُ والقمرُ والنُّجومُ ، وَالضياء ُوالنّورُ ، والظّلُّ والحرُورُ ، والفيءُ والظّلمةُ.

سُبحانكَ ما أعظمكَ ، يُسّبحُ لكَ من في السّماوات وَالارضِ ،

١٠٧

وَمَن في الهَواءِ ، ومَن في لُجَجِ البحارِ ، ومنَ تحتَ الثَّرى ، وما بين الخافِقَين.

سُبحانَكَ لا إله الاّ أنت ، أسألكَ إجابةَ الدُّعاءِ ، والشُّكر في الرّخاءِ ، آمين ربَّ العالمينَ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبِحمدِكَ ، لا إله الاّ أنتَ ، فَطرتَ السُّماواتِ العُلى ، وَأوثقتَ أكنافَها ، سُبحانكَ ونَظَرتَ إلى عِمادِ الارضَين السُّفلى فَزلزلتَ اقطارَها ، سُبحانَكَ ونَظرتَ إلى ما في ( البُحورِ )(١) ولُجَجِها فَتَمَحضت ( بما )(٢) فيها فَرَقاً مِنكَ وهيبةً لكَ ، سُبحانَك وَنظرتَ إلى ما اَحاط الخافقين وَإلى ما في ذلكَ من الهواءِ فَخَشع لَكَ جميعُهُ ، خاضِعاً لجِلالكَ ، وَلِكرَمَ أكرمِ الوجُوهِ خاسِعاً.

سُبحانكَ مَن ذا الذي حَضَركَ حِينَ بنيتَ السّماوات واستَوَيتَ على عَرشكَ عَرشِ عَظمَتكَ ، سُبحانكَ من ذا الذي رَآك حِين سَطَحتَ الارضَ فَمهدتها ثُمّ دَحوتَها فَجَعلتها فِراشاً ، فَمن الذي يقدر قُدرتكَ.

سُبحانَكَ مَن ذا الذي رَآك حِينَ نصبتَ الجِبالَ فأثبتَّ أساسَها لأهلها بِرَحمةٍ منكَ لخلقكَ ، سُبحانَكَ من ذا الذي أعانَكَ حِين فَجّرتَ البُحورَ وأحطتَ بها الارضَ ، سُبحانكَ ما أفضلَ حُكمك وأمضى عِلمكَ وأحسَن خلقكَ.

__________________

(١) في نسخة « ك » : النجوم ، وما اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : لما ، واثبتنا ما في « ن ».

١٠٨

سُبحانَكَ اللهُمّ وبِحمدكَ ، منَ يَبلغ كنهَ حَمدكَ وَوصفكَ ، أو يَستطيعُ أن ينالَ مُلككَ. سُبحانكَ حارَتِ الابصارُ دونكَ ، وَامتلأتِ القُلوبُ فَرقاً منكَ ، وَوَجلاً من مَخافتكِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبحمدكَ ، لا إله الا أنتَ ، ما أحكَمَكَ وَأعدَلَكَ ، وأرأفَكَ وأرحمكَ وأفطركَ ، سُبحانكَ أنتَ الحي لا إله الاّ أنتَ تَباركت َوتعاليتَ عن قولِ الظّالمينَ علوّا كَبيراً(١) .

اليوم الحادي عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ولد فيه شيث ولد آدمعليه‌السلام ، وهو يوم صالح يبتدأ فيه بالعمل والشراء ، والبيع والسفر ، ويتجنب فيه الدخول على السلطان ، ومن هرب به رجع طائعاً ، ومن مرض فيه يوشك ان يبرأ ، ومن ضل فيه سلم ، ومن ولد فيه طابت تربيته وعيشه ، ولم يمت حتى يفتقر ، ويهرب من السلطان ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز خور ، اسم الملك الموكل بالشمس ، وهو يوم خفيف مثل اليوم الذي تقدمه.

الدعاء فيه :

( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢)

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٩ باختلاف فيه.

(٢) الأسراء ١٧ : ١.

١٠٩

( سُبحانهُ وَتَعالى عما يَقُولُون عُلُوَّاً كَبيراً *تُسبّحُ لَهُ السّماواتُ السَّبعُ وَالأرضُ وَمَنْ فيهنَّ وإنْ مِنْ شَيء إلاّ يُسّبحُ بِحَمدهِ وَلكِنْ لا تَفْقهونَ تَسْبيحَهُمْ إنه كانَ حَليماً غَفُوراً ) (١) ( سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٢) ( فَاصبِر على مَا يَقُولونَ وَسَبِّحْ بِحمدِ رَبّكَ قَبلَ طُلوعِ الشّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِنْ آناءِ الليلِ فَسبّح وأطرافَ النّهارِ لَعلّك تَرضى ) (٣) .

سُبحانَكَ سُبحانَكَ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٤) ( سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٥) ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٦) سُبْحانَ الله الواحدُ القَهّارِ( سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٧) .

سَبحانَ اللهِ الّذي عِندهُ عِلمُ الساعةِ ، سُبحان ربّ السّماواتِ وَالأرضِ رَبّ العرشِ عَمّا يَصِفونَ ، تُسبِّحُ لهُ السّماواتِ والأرضُ( يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ

__________________

(١) الاسراء ١٧ : ٤٣ ـ ٤٤.

(٢) مريم ١٩ : ٣٥.

(٣) طه ٢٠ : ١٣٠.

(٤) الصافات ٣٧ : ١٨٠.

(٥) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

(٦) الروم ٣٠ : ٤٠.

(٧) يس ٣٦ : ٨٣.

١١٠

وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ *يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (١) .

يُسبِّحُ للهِ ما في السّماواتِ والأرضِ وهُو العزيزُ الحكيمُ.( هُوَ اللهُ الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (٢) لهُ الملكُ وله الحَمدُ وهو على كُلّ شيء قديٌر( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) (٣) ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) (٤) سُبحانكَ أنت الذي( يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ *رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ) (٥) .

سُبحانَ الّذي يُسبّحُ لهُ ما في السّماواتِ وَجَلاً ، والملائكةُ شَفقاً ، والأرضُ خَوفاً وطَمعاً ، وكُلُ يُسبّحُونُ داخِرونَ.

اللّهُمّ لَكَ الحَمدُ كُلُّهُ ، وإليكَ يَرجعُ الأمُر كُلّهُ ، أسألكَ لِديني

__________________

(١) الحديد ٥٧ : ٢ ـ ٦.

(٢) الحشر ٥٩ : ٢٤.

(٣) الانسان ٧٦ : ٢٦.

(٤) النصر ١١٠ : ٣.

(٥) النور ٢٤ : ٣٦ ـ ٣٧.

١١١

وَدُنيايَ وآخِرتي مِنَ الخيرَ كُلِّهِ ، وأعُوذُ بَكَ منَ الشَرّ كُلِّهِ ، إنّكَ تَفعلُ ما تَشاءُ وتَحكمُ ما تُريدُ ، صَلّ على مُحمدٍ وآلهِ الأبرارِ الطَّيِّبين الأخيارَ وسَلّم تَسليماً(١) .

اليوم الثاني عشر:

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح للتزويج ، وفتح الحوانيت ، والشركة ، وركوب الماء. وتتجنب فيه الوساطة بين الناس. ومن مرض فيه كان وشيكاً أن يبرأ ، ومن ولد فيه كان يسير التربية ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ماه ، اسم الملك الموكل بالقمر ، يوم مختار ، وهو اليوم الاجود.

وفيه دعا الصادقعليه‌السلام بهذا الدعاء :

« سُبحانَ الّذي في السّماواتِ عَرشُهُ ، سُبحانَ مَن في الأرضِ بَطشُهُ ، سُبحانَ الّذي في البّرِّ والبحرِ سَبيلُهُ ، سُبحانَ الذي في السّماءِ سَطواتُهُ ، سُبحانَ الذي في الأرضِ شأنُهُ ، سُبحان الّذي في القبور قَضاؤهُ ، سُبحانَ الّذي في النّارِ نقمَتُهُ وعذابُهُ ، سُبحان الّذي في الجَنَّة رَحَمتُهُ ، سُبحانَ الّذي لا يَفوتُهُ هارِبٌ ، سُبحان الّذي لا مَلجأ مِنهُ الاّ إليهِ ، سُبحانَ الحيّ الذي لا يَموتُ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *وَلَهُ الحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ *يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) (٢) ( الحَمْدُ

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥١ باختلاف يسير.

(٢) الروم ٣٠ : ١٧ ـ ١٩.

١١٢

للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (١) .

سُبحانهُ عَددَ كُلّ شيءٍ أضعافاً مُضاعفةً ، سَرمَداً أبداً ، كَما يَنبَغي لِعظَمتِهِ وَمَنِّه.

سُبحانكَ لا إله الاّ أنتَ وَبَحمدكَ ، سُبحانَ الله الحَليمِ الكَريمِ ، سُبحانَ اللهِ العَليّ العَظيم ، سُبحانَ مَنْ هُو الحَقُّ ، سُبحانَ القابضِ الباسِطِ ، سُبحانَ الضارَّ النّافعِ ، سُبحانَ العظيمِ الأعظَمِ ، سُبحانَ القاضي بالحَقّ ، سُبحانَ الرّفيعِ الأعلى ، سُبحان ( الله )(١) العظيمِ ، الأولِ الآخِرِ ، الظاهر الباطِنِ ، الذي هُو على كُلّ شيءٍ قديرٌ ، وَبكٌل شيءٍ عليمٌ.

سُبحانَ الذي هُو هكذا ولا هكَذا غيرُهُ ، سُبحانَ منَ هُو دائمٌ لا يَسهو ، سُبحان مَن هُو شَديدٌ لا يَضعفُ ، سُبحانَ مَن هو رَقيبٌ لا يَغفلٌ ، سُبحانَ مَن هُو حيّ لا يَموتُ ، سُبحان الدائمُ القائمُ ، سُبحانَ الحَيّ القيُّوم ، سُبحانَ الّذي لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نومٌ ، سُبحانك لا إله الاّ أنتَ وَحَدكَ لا شريكَ لكَ.

سُبحانَ من تُسبِّحُ لهُ الجبالُ الرَّواسي بأصواتِها تَقولُ : سُبحانَ رَبّي العظيمِ. سُبحانَ مَن تُسبّحُ لهُ الأشجارُ باُصولِها تقولُ : سُبحانَ

__________________

(١) الأسراء ١٧ : ١١١.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٣

الملِكِ الحقَّ سُبحانَ مَن تُسبّحُ له السّماواتُ والأرضُ يَقولونَ : سُبحانَ الله العَظيمِ الحيّ الحَليمِ وَبحمدهِ ، سُبحان منَ اعتَزَّ بالعَظمةِ ، وَاحتجبَ بالقدرةِ ، وَامتنَ بالرحمةِ ، وَعلا في الرّفعةِ ، وَدَنا في الحَياةِ ، وَلمَ تخفَ عَليهِ خافياتُ السّرائرِ ، ولمَ يُوارِ عَنهُ لَيلٌ داجٌ ، ولا بحرٌ عُجاجٌ ، ولا حُجُبٌ ولا أزواجُ ، أحاطَ بكلّ الكُلّ علماً ، وَوَسعَ المُذنبينَ رافَةً وحِلماً ، وَأبدعَ ما بَرأ إتقاناً وَصُنعاً ، نَطَقَتِ الأشياءُ المُبهمةُ عَن قُدرتِهِ ، وَشَهَدَتْ مُبدعَةً بِوِحدانيتِهِ.

اللّهُمّ صلّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ نَبي الهُدى وَاهل بِيِته المَيامينَ الطّاهرينَ ، وَلا تَرُدنا يا إلهنا مِنْ رَحمتكَ خائبينَ ، ولا مِن فضلكَ آيسينَ ، وأعِذنا أن نَرجعَ بعدَ إذ هَديتنا ضالّينَ مُضلينَ ، وأجرنا من الحيرةِ في الدّينِ ، وَتوَفّنا مُسلمينَ ، وألحقنا بالصّالحينَ بِمحمّد وآلهِ الطّيبينَ الطّاهرينَ ، آمينَ آمينَ يا أرحمَ الراحمينَ(١) .

اليوم الثالث عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس يكره فيه كل امر ، وتتقى فيه المنازعات والحكومة ولقاء السلطان وغيره ، ولا يدهن فيه الرأس ، ولا يحلق الشعر ، ومن ضل فيه أو هرب سلم ، ومن مرض فيه سلم(٢) ومن ولد فيه وكان ذكراً لا يعيش الاّ ان شاء الله غير ذاك ».

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٩٧ : ١٥٣ باختلاف فيه.

(٢) في نسخة « ن » : اجهد.

١١٤

وقال سلمان; روز مران (١) ، اسم الملك الموكل بالنجوم ، يوم نحس ردي ، يتقى فيه السلطان وسائر الاعمال ، ولا تطلب فيه حاجة ، والاحلام فيه تصحبعد تسعة أيام.

الدعاء فيه :

سُبحانَ الرَّفيعِ الأعلى ، سُبحانَ من قَضى بالمَوتِ على خَلقِهِ ، سُبحانَ قاضيَ الحَقّ ، سُبحانَ القادِرِ الملكِ المُقتدِرِ. سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ تَسبيحاً يبقى بَعدَ الفناءِ ، وَينمى في كَفَةِ الميزانِِ لِلجزاءِ. سُبحانَ المُسبّحُ لهُ تَسبيحاً كما يَنبغي لِكرمِ وَجهِهِ ، وعِزّ جَلاله ، وَعَظم ثَوابهِ. سُبحان من تَواضَعَ كُلّ شيءٍ لِعَظَمتِهِ ، سُبحانَ مَن استَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ ، سُبحانَ مَن خَضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِمُلكهِ ، سُبحانَ من أشرَقَتْ كُلّ ظُلمةٍ لنورِهِ ، سُبحانَ من قَدرَ وَقدُرتُهُ فُوقَ كُلّ قدرةٍ ولا يَقدرُ أحدٌ قدرَتُهُ.

سُبحانَ من أوّلُهُ لا يُوصفُ ، وَمن آخرُهُ عِلمٌ لا يبيدُ ، سُبحانَ مَن هُو عَالمُ بما تَجنُّهُ جَوانحُ القُلوبِ ، سُبحانَ مُحصي عَدَدَ الذُنوب ، سُبحانَ مَن لا تَخفى عَليه خَافيةٌ في السَّماواتِ والارضينَ ، سُبحانَ الرّبّ الوَدود ، سُبحانَ الرّب الفردِ ، سُبحانَ الاعظَمِ من كُلّ عَظيمٍ ، سُبحانَ الارحم مَن كُلّ رَحيمٍ ، سُبحانَ مَن هُو حَليمٌ لا يَعجلُ ، سُبحانَ مَن هو قائمِ لا يَغفلُ ، سُبحانَ من هُو جوادٌ لا يَبخلُ.

__________________

(١) في نسخة « ن » : تير.

١١٥

اللّهُمّ إنّي أسألُك يا ذا العِزّ الشّامخ يا قُدوسُ ، أسألُك بمنّكَ يا مَنّانُ ، وَبقُدرتكَ يا قَديرُ ، وَبحلمِك يا حليمُ ، وَبعلمِكَ عَليمُ ، وَبعَظَمتكَ يا عَظيمُ ، يا قَيّومُ يا قيّومُ يا قيّومُ ، يا حَقّ يا حقّ يا حقّ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا حَيّ يا حيّ يا حيّ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ ، يا رَبّنا يا رَبّنا يا رَبّنا ، يا لا إله الاّ أنتَ ، جَلّ ثناؤكَ أسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ ، يا سَندُ يا فَخرُ يا ذِخرُ ، يا خالقَنا يا رازِقَنا يا مُميتنا يا مُحيينا ، يا وَارثنا يا عُدتنَا ، يا أملَنا يا رجاءَنا.

أسألُكَ بِوَجهِكَ الكريمِ يا قَيّومُ ، و(١) أسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا الله ، وأسألُكَ بوَحهك الكريمِ يا اللهُ ، وأسألُكَ بِوَجهكَ الكَريمِ يا أرحَمَ الرّاحمين ، وأسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا عَزيزُ وأسألُكَ بوَجهكَ الكَريمِ يا توّابُ ، وأسألكَ بوجهكَ الكريمِ يا غَفّارُ ، وَأسألُكَ بَوجهكَ الكريم يا سَتّارُ ، وأسألُكَ بوجهكَ الكريم يا قادِرٌ ، ، وأسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا مُقتدرِ ، وأسألُكَ بأسمائكَ الشّريفةِ العاليةَ الكريمةَ أنْ تُصلي على مُحمدٍ وَآل مُحمّدٍ عَبدكَ ورسولكَ وَنَبيّكَ وعلى آلهِ الطّيّبين الطّاهرينَ ، بأفضَلِ صَلواتكَ وَبَركاتكُ على نَبيٍ منْ أنبيائكَ وملائكتِك أجَمعينَ.

وَعافِني في دِيني ودُنيايَ وفي جَميعِ أحوالي بِمَنّك عافِيةً تَغفرُ بِها ذُنُوبي ، وتَستُرُ بِها عيُوبي ، وَتُصلحُ بها دِيني ، وَتَجمعُ بِها شَملي ، وَتَرُدُّ بها

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٦

غائِبي ، وَتُنجحُ بها مَطالبي ، وَتَنُصرني بِها على عَدُوّي ، وَتَكفيني بِها مَن يبتَغي أذاي وَيلتمسُ سَقطَتي ، وَتُيسّرُ بِها رِزقي ، وتُعافَيني بِها في جَسَدي ، وَتَقضي بها دُيُوني في دِيني وَدُنياي ، أنت إلهي وَمَولايَ وأنتَ أرحَمُ الرّاحمينَ(١) .

اليوم الرابع عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الصادق عن الله عز وجل : « هذا يوم صالح لكل شيء ، من ولد فيه يكثر ماله في آخر عمره ، ويكون غشوماً ظلوماً ، وهو صالح لطلب العلم والشراء والبيع والاستقراض والقرض وركوب البحر ، ومن هرب فيه يؤخذ ، ومن مرض فيه يبرأ ان شاء الله ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز جوش ، اسم الملك الموكل بالانفاس والالسن والريح ، وهو يوم سعيد مبارك يصلح لكل خير ، وللقاء السلطان وأشراف الناس وعلمائهم ، ومن ولد فيه يكون كاتباً أديباً ، ويكثر ماله في آخر عمره ، والاحلام فيه تصح بعد ستة وعشرين يوما ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ صَلّ على ( محمّد )(٢) النَبي الاُمّي وآلِ مُحمدٍ كَما صلَيتَ عَلى إبراهيم ( وآل إبراهيم )(٣) إنّكَ حميدٌ مجيدٌ ، اللّهُمّ إني أسألُكَ وأرغبُ إليكَ على أثرِ تَسبيحكَ والصّلاةِ عَلى نَبيِّكَ أن تَغفرِ لي ذُنُوبي كُلِّها ،

__________________

(١) ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٤ باختلاف فيه.

(٢ و ٣) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٧

قَديمِها وَحدِيثها ، كَبيرها وَصغَيرها ، سِرِّها(١) وَجَهرِها ، وَما أنا مُحصيهِ مِنها وَما أنا ناسيهِ. وَأن تَستُرَ عَلَيَّ سِائرَ عُيوبي أبَداً ما أبقَيتني ، وَلا تَفضَحني يا رَبّ. وَأن تُيَسِرَ لي مَعَ ذلكَ اُموري كُلّها ، مِن عافيةٍ تُجَلّلُها ، وَرَحمةٍ تَنشُرها ، وَعَمَلٍ صالحٍ تُوفًقُ لهُ ، ورِزقٍ تَبسطُهُ ، وَمَطالبٍ تُنجحُها ، وَحَوائج تُيسّرُها ، فأنّه لا يَقدرُ على ذلكَ ولا يَملكهُ غَيرُك.

لا إلهَ إلاّ أنتَ(٢) خَشَعتْ لكَ الاصواتُ ، وَتَحيرّت دُونكَ الصّفاتُ ، وَضَلّتْ فيكَ العُقولُ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، كل شيءٍ خاضعٌ لكَ ، وُكُل شيءٍ ضارِعٌ إليكَ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، لَكَ الخَلائقُ ، وَفي يَدكَ النّواصِي كُلّها ، وَفي قَبضَتكَ كُلّ شيءٍ ، مَن أشرَكَ بِكَ فَعَبد داخِرٌ لكَ.

أنتَ الرّبُ الّذي لا ندّ لكَ ، والدّائمُ الّذي لا نفادَ لكَ ، والقيّومُ الذي لا زوالَ لكَ ، والمَلِكُ الذي لا شريكَ لكَ ، الحَيُّ محُيي الموتى ، القائمُ على كُلّ نفسٍ بما كَسبَتْ.

لا إله إلاّ أنتَ ، الأوّلُ قَبل كُل خلقكَ ، والآخرُ بعَدهمُ ، والظّاهرُ فوقَهُم ، ورازِقَهمُ ، وقابضَ أرواحهمُ ، وموَلاهمُ ، ومُنتهى رَغباتهِم ، وموضِعَ حاجاتِهم وشكواهُم ، والدّافعُ عنهم ، والنّافعُ لَهم.

لَيس فَوقُكَ حاجزٌ يحجّزُ بَيَنك وبَينهُمْ ، ولا دُونكَ مانعٌ لك منهمُ ،

__________________

(١) في نسخة « ك » زيادة : وعلانيتها.

(٢) في نسخة « ك » زيادة : الذي.

١١٨

وفي قَبضتِكَ مَثواهمُ ، وإليكَ مُنقلَبهم ، بِكَ مُوقنونَ ، ولِفضلكَ وإحسانِكَ راجُون.

وَأنتَ مَفزعُ كل ملهوفٍ ، وَأمنُ كُلّ خائِفٍ ، ومَوضعُ كُلّ شكوى ، وَكاشِفُ كُلّ بلوى.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وَلا حَولَ وَلا قُوةَ إلاّ باللهِ ، وَليُّ كُلِّ نِعمةٍ ، ودافعُ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، ومُنتهى كُلِّ رغبةٍ ، وَقاضي كُلّ حاجةٍ.

ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بكَ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الرَّحيمُ لِخَلقِهِ ، اللّطيفُ بعبادِهِ على غِناهُ عَنهُم ، وشِدَّة فَقرهِم وفاقَتِهِم إليهِ.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، المطّلعُ على كُلّ خَفيةٍ ، والحافِظُ لِكُلّ سَريرةٍ ، واللطيفُ لما يشاءُ والفعّالُ لما يُريدُ.

اللّهُمّ لا إلهَ إلاّ أنتَ يا أرحمَ الرّاحمينَ ، لَكَ الحَمدُ شُكراً يا عالِمَ الغَيب والشّهادةِ الرّحمن الرّحيم ، فاطِر السّماواتِ ذا الجلالِِ والإكرامِ ، أنت غافرُ الذّنبِ شديدُ العقابِ ذو الطّولِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ إليكَ المصيرُ(١) .

اليوم الخامس عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يومٌ محذورٌ في كلّ الأمور إلاّ من أراد أن يستقرضَ أو يقرض أو يشدّ ما يشتري ، ومن مرض فيه برأ عاجلاً ، ومن هرب

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٦ باختلاف فيه.

١١٩

فيه ظفر به في مكان غريب ، ومن ولد فيه كان ألثغ أو أخرس ، إلا أن يشاء الله عز وجلّ غير ذلك ».

وقال سلمانرضي‌الله‌عنه :روز ( نمهر ) (١) ، اسمٌ من أسماء الله تعالى عزّ وجلّ ، يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجةٍ ، ومَن ولد فيه يكون ألثغُ أو أخرَسُ ، والاحلامُ فيه تصِح بعد ثلاثة أيامٍ ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

أسألك اللّهُمّ يا لا إله إلاّ أنتَ بإسمك الواحِدِ الصّمدِ الفردِ الّذي لا يَعدلُهُ شيء في الأرضِ ولا في السّماءِ ، وأسألُكَ بإسمكَ العلي الأعلى ، وأسألُكَ باسمكَ العظيمِ الأعظمِ ، وأسألكَ باسمكِ الجليلِ الأجَل ، وأسألُكَ باسمكَ الّذي لا إله إلاّ هُو المَلكُ القُدّوسُ السّلامُ المؤمنُ المهُيمنُ العزيزُ الجبّارُ المُتكَبّرُ ، سبحانَكَ اللّهُمّ عَمّا يُشركونَ.

وأسألُك بإسمكَ الكريم العزيز ( و )(٢) بأنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ الخالقُ البارئُ المصورُ لكَ الاسماءٌ الحسنى يُسبّحُ لَكَ ما في السّماواتِ والأرضِ وأنتَ العزيزُ الحكيمُ ، وأسألُكَ باسمكَ المكنونِ المخزونِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ باسمكَ الّذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ بما تُحِبُّ به أن تُسألَ به مِن مسألةٍ ، وأسألُكَ

__________________

(١) في نسخة « ن » : ديبمهر.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أي فئتين من المؤمنين وقع القتال بينهما، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يفضّل أي فئة منهما على الأُخرى، حتّى لا تحدث فتنة. (1)

2 - حرّمت الإباضيّة الزواج بين من ربطت بينهما علاقة إثم، وقد كانوا في تحريمهم لهذا الزواج يستندون إلى روح الإسلام الّذي يحارب الفاحشة. (2) وقد انفردوا به من بين سائر المذاهب.

3 - منعت الإباضيّة المسلم من إراقة ماء الوجه والتعرّض لمذلّة السؤال؛ فإذا هانت عليه كرامته، وذهب يسأل الناس الزكاة، حَرُم منها عقاباً له على هذا الهوان، وتعويداً له على الاستغناء عن الناس، والاعتماد على الكفاح. (3)

مؤسّس المذهب الإباضي ودعاته في العصور الأُولى:

قد تعرّفت على عقائد الإباضيّة، فحان البحث عن أئمّتهم ودعاتهم في العصور الأُولى.

1 - عبد الله بن إباض، مؤسّس المذهب:

هو عبد الله بن إباض، المقاعسي، المري، التميمي، ابن عبيد، ابن مقاعس، من دعاة الإباضيّة، بل هو مؤسّس المذهب.

____________________

(1) انظر: الإباضيّة في مصر والمغرب: 61.

(2) الإباضيّة في موكب التاريخ: 111 - 112.

(3) الإباضيّة في موكب التاريخ: 116.

١٤١

قد اشتهرت هذه الفِرقة بالإباضيّة من أوّل يوم، وهذا يدلُّ على أنّه كان لعبد الله بن إباض، دور في نشوء هذه الفِرقة وازدهارها.

2 - جابر بن زيد العماني، الأزدي:

جابر بن زيد، أبو الشعثاء، الأزدي، اليحمدي، البصري، مشهور بكنيته، فقيه الإباضيّة، مات سنة 93هـ، ويقال: مائة. يروي عن عبد الله بن عبّاس.

3 - أبو عبيدة، مسلم بن أبي كريمة (المتوفّى حوالي 158هـ):

مسلم بن أبي كريمة التميمي، توفّي في ولاية أبي جعفر المنصور المتوفّى سنة 158هـ، قال عنه ابن الجوزي: مجهول.

أخذ العلم عن جابر بن عبد الله، وجابر بن زيد، وضمار السعيدي، وجعفر السمّاك وغيرهم.

حمل العلم عنه الربيع بن حبيب الفراهيدي؛ صاحب المسند، وأبو الخطّاب المعافري، وعبد الرحمن بن رستم، وعاصم السدراتي، وغيرهم.

4 - أبو عمرو، ربيع بن حبيب الفراهيدي:

هو من أئمّة الإباضيّة، وهو صاحب المسند المطبوع، ولم نجد له ترجمة وافية في كتب الرجال لأهل السنّة، ويُعدّ في طليعة الجامعين للحديث والمصنّفين فيه.

١٤٢

5 - أبو يحيى عبد الله بن يحيى الكندي:

عبد الله بن يحيى بن عمر الكندي، من حضرموت، وكان قاضياً لإبراهيم بن جبلة؛ عامل القاسم بن عمر على حضرموت، وهو عامل مروان على اليمن، خرج بحضرموت والتفَّ حوله جماعة عام 128هـ، وبسط سيطرته على عُمان واليمن والحجاز، وفي عام 130هـ جهّز مروان بن محمد جيشاً بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطيّة السعدي، فكانت بينهم حرب عظيمة، قُتل فيها عبد الله بن يحيى وأكثر من معه من الإباضيّة، ولحق بقيّة الخوارج ببلاد حضرموت.

دول الإباضيّة:

قد قام باسم الإباضيّة، عدد من الدول في أربعة مواضع من البلاد الإسلاميّة:

1 - دولة في عُمان، استقلّت عن الدولة العباسيّة في عهد أبي العباس السفّاح، سنة 132هـ، ولا تزال إلى اليوم.

2 - دولة في ليبيا، سنة 140هـ، ولم تعمّر طويلاً؛ فقد انتهت بعد ثلاث سنوات.

3 - دولة في الجزائر، قامت سنة 160هـ، وبقيت إلى حوالي 190هـ، ثُمَّ قضت عليها الدولة العبيديّة.

١٤٣

4 - دولة قامت في الأندلس، ولا سيّما في جزيرتي ميورقة ومينورقة، وقد انتهت يوم انتهت الأندلس.

هذه هي الإباضيّة، وهذا ماضيهم وحاضرهم، وقد قدّمنا إليك صورة موجزة من تاريخهم ونشأتهم وشخصيّاتهم وعقائدهم.

١٤٤

13

الشِّيعة الإماميّة

الشّيعة لغة واصطلاحاً:

الشيعة لغة هم: الجماعة المتعاونون على أمر واحد في قضاياهم، يقال تشايع القوم إذا تعاونوا، وربّما يطلق على مطلق التابع، قال سبحانه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الّذِي مِنْ عَدُوّه ) (1) ، وقال تعالى: ( وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (2) .

وأمّا اصطلاحاً، فلها إطلاقات عديدة، بملاكات مختلفة:

1 - الشيعة: من أحبَّ عليّاً وأولاده باعتبارهم أهل بيت النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الّذين فرض الله سبحانه مودّتهم، قال عزَّ وجلَّ: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) (3) . والشّيعة بهذا المعنى تعمّ كلّ المسلمين، إلاّ النواصب؛ بشهادة أنّهم يصلّون على نبيّهم وآله في صلواتهم وأدعيتهم، ويتلون الآيات النازلة في حقّهم صباحاً ومساءً، وهذا هو الإمام الشافعي يصفهم بقوله:

يـا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

____________________

(1) القصص: 15.

(2) الصافات: 83 - 84.

(3) الشورى: 23.

١٤٥

كـفاكم مـن عـظيم الشأن أنّكم

مَن لم يصلّ عليكم لا صلاة له (1)

2 - من يفضّل عليّاً على عثمان، أو على الخلفاء عامّة، مع اعتقاده بأنّه رابع الخلفاء، وإنّما يقدّم؛ لاستفاضة مناقبه وفضائله عن الرسول الأعظم، والّتي دوّنها أصحاب الحديث في صحاحهم ومسانيدهم.

3 - الشيعة من يشايع علياً وأولاده باعتبار أنّهم خلفاء الرسول وأئمة الناس بعده، نَصَبهم لهذا المقام بأمر من الله سبحانه، وذكر أسماءهم وخصوصيَّاتهم. والشيعة بهذا المعنى هو المبحوث عنه في المقام، وقد اشتُهر بأنّ عليّاً هو الوصيّ حتّى صار من ألقابه، وذكره الشعراء بهذا العنوان في قصائدهم، وهو يقول في بعض خطبه:

«لا يقاس بآل محمد من هذه الأُمّة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حقِّ الولاية، وفيهم الوصيّة والوراثة». (2)

ومُجمل القول: إنّ هذا اللفظ يشمل كلَّ من قال إنّ قيادة الأُمّة لعليّ بعد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وإنّه يقوم مقامه في كلِّ ما يمتُّ إليه، سوى النبوّة ونزول الوحي عليه، كلّ ذلك بتنصيص من الرسول.

وعلى ذلك، فالمقوّم للتشيّع، وركنه الرّكين، هو القول بالوصاية والقيادة، بجميع شؤونها، للإمام (عليه السّلام)، فالتشيّع هو الاعتقاد بذلك، وأمّا ما سوى ذلك، فليس مقوّماً لمفهوم التشيّع، ولا يدور عليه إطلاق الشيعة.

____________________

(1) الصواعق: 148.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 2.

١٤٦

الفصل الأوّل:

مبدأ التشيّع وتاريخ تكوّنه

زعم غير واحد من الكتّاب القدامى والجدد، أنّ التشيّع كسائر المذاهب الإسلاميّة، من إفرازات الصراعات السياسيّة، وذهب بعض آخر إلى القول إنّه نتيجة الجدال الكلامي والصراع الفكري، فأخذوا يبحثون عن تاريخ نشوئه وظهوره في الساحة الإسلاميّة، وكأنّهم يتلقّون التشيّع كظاهرة طارئة على المجتمع الإسلامي، ويظنّون أنّ القطاع الشيعي من جسم الأُمّة الإسلاميّة، باعتباره قطاعاً تكوّن على مرّ الزمن؛ لأحداث وتطورات سياسيّة أو اجتماعيّة أو فكريّة، أدَّت إلى تكوين ذلك المذهب كجزء من ذلك الجسم الكبير، ثُمَّ اتسع ذلك الجزء بالتدريج.

وبعد أن افترض هؤلاء أنّه أمر طارئ، أخذوا بالفحص والتفتيش عن علّته أو علله، فذهبوا في تعيين المبدأ إلى كونه ردّة فعل سياسيّة أو فكريّة، ولكنّهم لو كانوا عارفين أنّ التشيّع وُلِد منذ عهد النبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؛ لَمَا تسرّعوا في إبداء الرأي في ذلك المجال، ولعلموا أنّ التشيّع والإسلام وجهان لعملة واحدة، وليس للتشيّع تاريخ ولا مبدأ، سوى تاريخ الإسلام ومبدئه، وانّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الغارس لبذرة التشيّع في صميم الإسلام، من أوّل يوم أمَر بالصدع وإظهار الحقيقة، إلى أن لبىَّ دعوة ربه.

١٤٧

فالتشيّع ليس إلاّ عبارة عن استمرار قيادة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد وفاته، عن طريق من نصبه إماماً للناس وقائداً للأُمّة، حتّى يرشدها إلى النهج الصحيح والهدف المنشود، وكان هذا المبدأ أمراً ركّز عليه النبيّ في غير واحد من المواقف الحاسمة، فإذا كانّ التشيع متبلوراً في استمرار القيادة بالوصيّ، فلا نجد له تاريخاً سوى تاريخ الاسلام، والنصوص الواردة عن رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

والشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان في الأجيال اللاحقة، هم الّذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة، ولم يغيّروه، ولم يتعدّوا عنه إلى غيره، ولم يأخذوا بالمصالح المزعومة في مقابل النصوص، وصاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرسُولِهِ وَاتّقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

ففزعوا في الأُصول والفروع إلى عليّ وعترته الطاهرة، وانحازوا عن الطائفة الأُخرى؛ الّذين لم يتعبدوا بنصوص الخلافة والولاية وزعامة العترة؛ حيث تركوا النصوص وأخذوا بالمصالح.

إنّ الآثار المرويّة في حق شيعة الإمام عن لسان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ترفع اللّثام عن وجه الحقيقة، وتُعرب عن التفاف قسم من المهاجرين حول الوصيّ، فكانوا معروفين بشيعة عليّ في عصر الرسالة، وأنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وصفهم في كلماته بأنّهم هم الفائزون، وإن كنت في شك من هذا الأمر، فسأتلو عليك بعض ما ورد من النصوص في المقام.

____________________

(1) الحجرات: 1.

١٤٨

1 - أخرج ابن مردويه، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله من أكرم الخلق على الله؟، قال: يا عائشة، أما تقرأين ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) (1) . (2)

2 - أخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنّا عند النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فأقبل عليّ، فقال النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «والّذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ونزلت: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) ، فكان أصحاب النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البريّة. (3)

3 - أخرج ابن عدي، عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لعلي: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة، راضين مرضيّين». (4)

4 - أخرج ابن مردويه، عن عليّ، قال: قال لي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «ألم تسمع قول الله: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأُمم للحساب تدعون غرّاً محج<لين». (5)

5 - روى ابن حجر في صواعقه، عن أُم سلمة: كانت ليلتي، وكان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عندي، فأتته فاطمة، فتبعها عليّ (رضي الله عنه)، فقال النبيّ: «يا عليّ أنت وأصحابك في الجنّة، أنت وشيعتك في الجنة». (6)

____________________

(1) البينة: 7.

(2 و3 و4 و5) الدر المنثور: 6/589.

(6) الصواعق: 161.

١٤٩

6 - روى أحمد في المناقب: إنّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعليّ: «أمَا ترضى أنّك معي في الجنّة، والحسن والحسين وذريّتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذريّتنا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا». (1)

7 - أخرج الديلمي: (يا عليّ، إنّ الله قد غفر لك ولذريّتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك، فابشر إنّك الأنزع البطين). (2)

8 - روى المغازلي بسنده عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يدخلون من أُمّتي الجنة سبعون ألفاً لا حساب عليهم»، ثُمَّ التفت إلى عليّ، فقال: «هم شيعتك وأنت أمامهم». (3)

إلى غير ذلك من الروايات الّتي تُعرب عن أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان متميّزاً بين أصحاب النبيّ؛ بأنّ له شيعة وأتباعاً، ولهم مواصفات وسمات كانوا مشهورين بها، في حياة النبيّ وبعدها.

الشيعة في كلمات المؤرّخين وأصحاب الفِرق:

قد غلب استعمال الشيعة بعد عصر الرسول، تبعاً له فيمن يوالي عليّاً وأهل بيته، ويعتقد بإمامته ووصايته، ويَظهر ذلك من خلال كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات؛ نشير إلى بعضها:

1 - روى المسعودي في حوادث وفاة النبيّ: إنّ الإمام عليّاً أقام ومن

____________________

(1) الصواعق: 161.

(2) المصدر نفسه.

(3) مناقب المغازلي: 293.

١٥٠

معه من شيعته في منزله، بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر. (1)

2 - وقال النوبختي (المتوفّى 313هـ): إنّ أوّل الفِرق، الشيعة؛ وهم فِرقة عليّ بن أبي طالب، المسمّون شيعة عليّ في زمان النبيّ وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته. (2)

3 - وقال أبو الحسن الأشعري: وإنّما قيل لهم: الشيعة، لأنّهم شايعوا عليّاً، ويقدّمونه على سائر أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). (3)

4 - ويقول الشهرستاني: الشيعة هم الّذين شايعوا عليّاً في الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّةً. (4)

5 - وقال ابن حزم: ومن وافق الشيعة في أنّ عليّاً أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالإمامة، وولْده من بعده. (5)

هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، ممّا جاء في كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات، تُعرب عن أنّ لفيفاً من الأُمّة في حياة الرسول وبعده، إلى عصر الخلفاء وبعدهم، كانوا مشهورين بالتشيّع لعليّ، وأنّ لفظة الشيعة ممّا نطق بها الرسول وتبعته الأُمّة عليه.

____________________

(1) الوصيّة: 121.

(2) فِرق الشيعة: 15.

(3) مقالات الإسلاميّين: 1/65.

(4) الملِل والنحل: 1/131.

(5) الفصل في الملِل والنحل: 2/113.

١٥١

رواد التشيع في عصر النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

وإليك أسماء لفيف من الصحابة الشيعة المعروفين بالتشيّع:

1 - عبد الله بن عبّاس. 2 - الفضل بن العبّاس. 3 - عبيد الله بن العبّاس. 4 - قثم بن العبّاس. 5 - عبد الرحمن بن العبّاس. 6 - تمام بن العبّاس. 7 - عقيل بن أبي طالب. 8 - أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب. 9 - نوفل بن الحرث. 10 - عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. 11 - عون بن جعفر. 12 - محمد بن جعفر. 13 - ربيعة بن الحرث بن عبد المُطّلب. 14 - الطفيل بن الحرث. 15 - المغيرة بن نوفل بن الحارث. 16 - عبد الله بن الحرث بن نوفل. 17 - عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث. 18 - العبّاس بن ربيعة بن الحرث. 19 - العبّاس بن عُتبة بن أبي لهب. 20 - عبد المُطّلب بن ربيعة بن الحرث. 21 - جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.

هؤلاء من مشاهير بني هاشم، وأمّا غيرهم، فإليك أسماء لفيف منهم:

22 - سلمان المحمّدي. 23 - المقداد بن الأسود الكندي. 24 - أبوذر الغفاري. 25 - عمّار بن ياسر. 26 - حذيفة بن اليمان. 27 - خزيمة بن ثابت. 28 - أبو أيّوب الأنصاري. 29 - أبو الهيثم مالك بن التيهان. 30 - أُبي بن كعب. 31 - سعد بن عبادة. 32 - قيس بن سعد بن عبادة. 33 - عدي بن حاتم. 34 - عبادة بن الصامت. 35 - بلال بن رباح الحبشي. 36 - أبو رافع مولى رسول الله. 37 - هاشم بن عتبة. 38 - عثمان بن حُنيف. 39 - سهل بن حُنيف. 40 - حكيم بن جبلة العبدي. 41 - خالد بن سعيد بن العاص. 42 - أبو الحصيب الأسلمي. 43 - هند بن أبي هالة

١٥٢

التميمي. 44 - جعدة بن هبيرة. 45 - حجر بن عدي الكندي. 46 - عمرو بن الحمق الخزاعي. 47 - جابر بن عبد الله الأنصاري. 48 - محمّد بن أبي بكر. 49 - أبان بن سعيد بن العاص. 50 - زيد بن صوحان الزيدي.

هؤلاء خمسون صحابيّاً من الطبقة العليا للشيعة، فمن أراد التفصيل والوقوف على حياتهم وتشيّعهم، فليرجع إلى الكتب المؤلَّفة في الرجال.

١٥٣

الفصل الثاني:

شبهات حول تاريخ الشيعة

قد تعرّفت على تاريخ التشيع، وأنّه ليس وليد الجدال الكلامي، ولا إنتاج السياسات الزمنيّة؛ وإنّما هو وجه آخر للإسلام، وهما وجهان لعملة واحدة، إلاّ أنّ هناك جماعة من المؤرّخين وكتّاب المقالات، ظنّوا أنّ التشيّع أمر حادث وطارئ على المجتمع الإسلامي، فأخذوا يفتّشون عن مبدئه ومصدره، وراحوا يثيرون الشبهات حول تاريخه، وإليك استعراض هذه الشبهات نقداً وتحليلاً.

الشبهة الأُولى:

الشيعة ويوم السقيفة

إنّ مأساة السقيفة جديرة بالقراءة والتحليل، وقد تخيّل لبعض المؤرخين أنّ التشيّع ظهر بعدها.

يقول الطبري: اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة؛ ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر، فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقال: ما هذا؟، فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منّا الأمراء ومنكم الوزراء - إلى أن

١٥٤

قال: - فبايعه عمر، وبايعه الناس، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلاّ عليّاً، ثُمَّ قال: أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ، وفيه طلحة والزّبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مسلطاً بالسيف فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.

وقال أيضاً: وتخلّف عليّ والزّبير، واخترط الزبير سيفه، وقال: لا أغمده حتّى يُبَايَع عليّ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر، فقالا: خذوا سيف الزبير. (1)

يُلاحظ عليه: أنّ هذه النصوص تدلّ على أنّ فكرة التشيّع لعليّ، كانت مختمرة في أذهانهم منذ عهد الرسول إلى وفاته، فلمّا رأت الجماعة أنّ الحق خرج عن محوره، عمدوا إلى التمسّك بالحق بالاجتماع في بيت عليّ، الّذي أوصّاهم النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) به طيلة حياته؛ إذ من البعيد جداً أن يجتمع رأيهم على عليّ في يوم واحد في ذلك اليوم العصيب، فالمعارضة كانت استمراراً لما كانوا يلتزمون به في حياة النبيّ، ولم تكن فكرة خلقتها الظروف والأحداث.

كان أبوذر وقت أخذ البيعة غائباً، ولمّا جاء، قال: أصبتم قناعة، وتركتم قرابة، لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيّكم، لَمَا اختلف عليكم اثنان. (2)

وقال سلمان: أصبتم ذا السن، وأخطأتم المعدن، أمّا لو جعلتموه فيهم، ما اختلف منكم اثنان، ولأكلتموها رغداً.

وروى الزبير بن بكار في الموفقيّات: إنّ عامّة المهاجرين، وجلّ الأنصار، كانوا لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الأمر.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2/443 - 444.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/103.

١٥٥

وروى الجوهري في كتاب السقيفة: إنّ سلمان والزبير وبعض الأنصار، كان هواهم أن يبايعوا عليّاً.

وروى أيضاً: إنّه لمّا بويع أبو بكر واستقرَّ أمره، ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وهتفوا باسم الإمام عليّ، ولكنّه لم يوافقهم. (1)

ومن المستحيل عادة، اختمار تلك الفكرة بين هؤلاء، في يوم واحد، بل يُعرب ذلك عن وجود جذور لها، قبل رحلة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ويؤكد ذلك نداءاته الّتي ذكرها في حق عليّ وعترته، في مواقف متعدّدة، فامتناع الصحابة عن بيعة الخليفةن ومطالبتهم بتسليم الأمر إلى عليّ؛ إنّما هو لأجل مشايعتهم لعليّ زمن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وما هذا إلاّ إخلاصاً و وفاءاً منهم للنبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وأين هو من تكوّن التشيع يوم السقيفة؟!

الشبهة الثانية:

التشيّع صنيع عبد الله بن سبأ

كتب الطبري في تاريخه يقول:

كان عبد الله بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء، أُمّه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثُمَّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم، فبدأ بالحجاز، ثُمَّ البصرة، ثُمَّ الكوفة، ثُمَّ الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشّام، فأخرجوه حتّى أتى

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 6/43 - 44.

١٥٦

مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب ممّن يزعم أنّ عيسى يرجع، ويكذِّب بأنّ محمّداً يرجع، وقد قال الله عز وجل: ( إِنّ الّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادّكَ إِلَى‏ مَعَادٍ ) (1) ، فمحمّد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقُبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة، فتكلّموا فيها، ثُمَّ قال لهم بعد ذلك: إنّه كان ألف نبيّ، ولكلّ نبيّ وصيّ، وكان عليّ وصيّ محمّد، ثُمَّ قال: محمّد خاتم الأنبياء، وعليّ خاتم الأوصياء، وإنّ عثمان غاصب حق هذا الوصيّ وظالمه، فيجب مناهضته لإرجاع الحق إلى أهله.

وقد بثّ عبد الله بن سبأ دُعاته في البلاد الإسلاميّة، وأشار عليهم أن يُظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطعن في الأُمراء، فمال إليه وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين، فيهم الصحابي الكبير، والتابعي الصالح، من أمثال: أبي ذر، وعمّار بن ياسر، ومحمّد بن حذيفة، وعبد الرحمن بن عديس، ومحمّد بن أبي بكر، وصعصعة بن صوحان العبدي، ومالك الأشتر، إلى غيرهم من أبرار المسلمين وأخيارهم، فكانت السبئيّة تثير الناس على ولاتهم، تنفيذاً لخطة زعيمها، وتضع كتباً في عيوب الأمراءن وترسل إلى غير مصرهم من الأمصار، فنتج عن ذلك قيام جماعات من المسلمين؛ بتحريض السبئيّين، وقدومهم إلى المدينة، وحصرهم عثمان في داره؛ حتّى قتل فيها، كلّ ذلك كان بقيادة السبئيّين ومباشرتهم.

إنّ المسلمين بعدما بايعوا علياً، ونكث طلحة والزبير بيعتهما، وخرجا إلى البصرة، رأى السبئيّون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون، وأنّه إن تمّ ذلك

____________________

(1) القصص: 85.

١٥٧

سيؤخذون بدم عثمان، فاجتمعوا ليلاً وقرروا أن يندسّوا بين الجيشين، ويثيروا الحرب بكرة، دون علم غيرهم، وإنّهم استطاعوا أن ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل، قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان، فناوش المندسّون من السبئيّين في جيش عليّ، من كان بإزائهم من جيش البصرة، ففزع الجيشان وفزع رؤساؤهما، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً، ثُمَّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم. (1)

إلى هنا انتهت قصة السبئيّة؛ الّتي ذكرها الطبري في تاريخه.

نظرنا في الموضوع:

1 - إنّ ما جاء في تاريخ الطبري من القصة، لا يصحّ نسبته إلاّ إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن؛ إذ كيف يصحّ لإنسان أن يصدّق أنّ يهوديّاً جاء من صنعاء، وأسلم في عصر عثمان، استطاع أنّ يُغري كبار الصحابة والتابعين ويخدعهم، ويطوف بين البلاد، واستطاع أن يكوّن خلايا ضدَّ عثمان، ويستقدمهم إلى المدينة، ويؤلّبهم على الخلافة الإسلاميّة، فيهاجموا داره ويقتلوه، بمرأى ومسمع من الصحابة العدول ومن تبعهم بإحسان، هذا شيء لا يحتمله العقل، وإن وطّن على قبول العجائب والغرائب!!

إنّ هذه القصّة تمسّ كرامة المسلمين والصحابة والتابعين، وتصوّرهم أُمّه ساذجة؛ يغترّون بفكر يهوديٍّ وفيهم السادة والقادة والعلماء والمفكرون.

2 - إنّ القراءة الموضوعيّة للسيرة والتاريخ، تُوقفنا على سيرة عثمان بن

____________________

(1) انظر تاريخ الطبري: 3/378، نقل بتصرف وتلخيص.

١٥٨

عفّان، ومعاوية بن أبي سفيان، فإنّهما كانا يعاقبان المعارضين لهم، وينفون المخالفين ويضربونهم، فهذا أبوذر الغفاري نفاه عثمان من المدينة إلى الربذة؛ لاعتراضه عليه في تقسيم الفيء وبيت المال بين أبناء بيته، كما أنّ غلمانه ضربوا عمّار بن ياسر؛ حتّى أنفتق له فتق في بطنه، وكسروا ضلعاً من أضلاعه. إلى غير ذلك من مواقفهم من مخالفيهم ومعارضيهم، ومع ذلك نرى أنّ رجال الخلافة وعمالها، يغضّون الطرف عمّن يؤلّب الصحابة والتابعين على إخماد حكمهم، وقتل خليفتهم في عقر داره، ويجر الويل والويلات على كيانهم!!

3 - إنّ رواية الطبري، نقلت عن أشخاص لا يصحّ الاحتجاج بهم؛ مثلاً: السري؛ الّذي يروي عنه الطبري، إنّما هو أحد رجلين:

أ - السري بن إسماعيل الهمداني؛ الّذي كذّبه يحيى بن سعيد، وضعّفه غير واحد من الحفّاظ. (1)

ب - السري بن عاصم بن سهل الهمداني؛ نزيل بغداد (المتوفّى عام 258هـ)، وقد أدرك ابن جرير الطبري شطراً من حياته؛ يربو على ثلاثين سنة، كذّبه ابن خراش، ووهّاه ابن عدي، وقال: يسرق الحديث، وزاد ابن حبان: ويرفع الموقوفات؛ لا يحلّ الاحتجاج به، فالاسم مشترك بين كذّابين، لا يهمّنا تعيين أحدهما.

4 - عبد الله بن سبأ، أسطورة تاريخيّة، لأنّ القرائن والشواهد والاختلاف الموجود في حق الرجل ومولده، وزمن إسلامه، ومحتوى دعوته، يُشرف

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 2/117.

١٥٩

المحقّق على القول: بأنّ عبد الله بن سبأ، شخصيّة خرافيّة، وضعها القصّاصون، وأرباب السمر والمجون، في عصر الدولتين: الأُمويّة والعباسيّة.

وفي المقام كلام للكاتب المصري الدكتور طه حسين، يدعم كون الرجل أسطورة تاريخيّة، حاكها أعداء الشيعة، نكاية بالشيعة؛ حيث قال:

وأكبر الظنِّ أنّ عبد الله بن سبأ هذا، إنّما قال ودعا إلى ما دعا إليه بعد أن كانت الفتنة، وعظم الخلاف، فهو قد استغلَّ الفتنة ولم يثرها.

إنّ خصوم الشيعة أيّام الأُمويّين والعباسيّين، قد بالغوا في أمر عبد الله بن سبأ هذا، ليشكّكوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته، من ناحية، وليشنعوا على عليّ وشيعته من، ناحية أُخرى، فيردوا بعض أُمور الشيعة إلى يهوديٍّ أسلم كيداً للمسلمين، وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة؟!، وما أكثر ما شنع الشيعة على خصومهم؛ في أمر عثمان، وفي غير أمر عثمان؟

فلنقف من هذا كلّه، موقف التحفّظ والتحرّج والاحتياط، ولنُكبر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم، رجل أقبل من صنعاء وكان أبوه يهوديّاً وكانت أُمّه سوداء، وكان هو يهوديّاً ثُمَّ أسلم لا رغباً ولا رهباً، ولكن مكراً وكيداً وخداعاً، ثُمَّ أُتيح له من النجاح ما كان يبتغي، فحرّض المسلمين على خليفتهم حتّى قتلوه، وفرّقهم بعد ذلك أو قبل ذلك شيعاً وأحزاباً.

هذه كلّها أُمور لا تستقيم للعقل، ولا تثبت للنقد، ولا ينبغي أنّ تُقام عليها أُمور التاريخ. (1)

____________________

(1) الفتنة الكبرى: 134.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317