الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112966 / تحميل: 6370
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

اللّهُمّ باسمِكَ الّذي سألكَ به عَبدكَ الّذي عندَه عِلمٌ من الكتابِ فأتيتهُ بالعرشِ قَبلَ أن يرتدَ إليه طَرفُهُ.

وأسألك اللّهُمَّ ب‍( لا إله إلاّ هَو الحَيّ القيّومُ لا تأخذُهُ سِنةٌ ولا نَومٌ لهُ ما في السمّاوات وما في الأرضِ من ذا الّذي يَشفعُ عِندهُ إلاّ بإذنِهِ يَعلمُ ما بَين أيديهم وما خَلْفَهُم ولا يُحيطُون بشَيءٍ من عِلِمهِ إلاّ بما شاءَ وَسِعَ كُرسيُّهُ السّماوات والأرضَ ولا يؤدُهُ حِفظُهُما وهو العليُّ العظيمُ ) (١) .

وَأسألُكَ اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ بالقُرآنِ العظيمِ الّذي أنزلتَ على خاتَمِ النّبييّنَ ، وسيّد المرسلينَ ، ورسولِكَ يا ربَّ العالمينَ محمّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطّاهرينَ.

وَأسألُكَ اللّهُمَّ لا إله إلاّ أنتَ بكُلّ اسم سمّاكَ به أحدٌ من خَلقكَ في السّماوات السّبع والارضَينَ السبّعِ وما بينهُما ، ربّنا فَقَد مدَدنا إليكَ أيدينا وهي ذليلةٌ بالاعترافِ بربُوبيتكَ موسومةٌ ، ورجَوناكَ ( بقلوبٍ )(٢) بسوالف(٣) الذّنُوبِ مَهمومُةٌ ، اللّهُمَّ فاقسِم لَنا مِن خَشيتكَ ما يحوُلُ بيننا وبين معصِيتكَ ، ومن طاعتِنا لكَ ما تبلُغنا به جنّتكَ ، وَمتّعنا باسماعِنا وأبصارنا ، ولا تَجعلْ مُصيبتَنا في دينِنا ولا الدّنيا أكبر همّنا ، ولا تجَعلها مبلَغَ علمنا ، ولا تُسلّط عَلينا من لا يرحَمُنا ، ونَجّنا من كُلّ هم وشدةٍ

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٥٥.

(٢) في نسخة « ك » : بذنوب ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٣) سوالف : جمع سالف وهو الماضي. انظر : الصحاح ـ سلف ـ ٤ : ١٣٧٧.

١٢١

وغَمٍ يا أرحَمَ الرّاحمينَ(١) .

اليوم السادس عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس ، من سافر فيه هلك ، ويكره فيه لقاء السُّلطان ، ويصلح للتجارة والبيع والمشاركة والخروج إلى البحر ، ويصلح للأبنية ووضع الأساسات ، ومن هرب فيه رجع ، ومن ضلّ فيه سلم ، ومن مرض فيه برأ عاجلاً ، ومَن وُلد في صبيحته إلى الزوال كان مجنوناً ، وإن ولد بعد الزوال وإلى آخره صلحت حاله » والله أعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز مهر اسم الملكُ الموكل بالرحمة ، وهو يوم نحس من ولد فيه يكون مجنوناً لابد من ذلك ، ومن سافر فيه يهلك ، ويصلح فيه عمل الخير ، وتتقى فيه الحركة ، والأحلام تصح فيه بعد يومين ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

أسألك اللّهُمَّ لا إله إلاّ أنتَ باسمك الّذي عَزَمت به عَلى السّماوات السبع والارَضين السّبعِ ، وما خَلقَتَ بينُهما وفيهِما منشَيءٍ وأستجيرُ بذلكَ الاسمِ ، اللّهُمّ لا إله إلاّ أنتَ الجأُ إليكَ بذلك الاسمِ ، اللّهُمَّ لا إله إلاّ أنتَ أُومن بذلكِ الاسم ، اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ أستغيثُ بذلك الاسمَ ، اللّهُمَّ لا إله إلاّ أنتَ أتضرّعُ بِذِلكَ الاسمِ ، اللّهُمَّ لاإلهَ إلاّ أنتَ أسألكُ بمِا دعوتكَ بذلِك

__________________

(١) رواه العلامة الحلي في العدد القوية : ١٩ : ٢ و ٣ و ٤ و ٨ ، وأورد الدعاء في : ٢٥ ، ونقله المجلسي في البحار. ١٥٧ باختلاف يسير.

١٢٢

الاسمِ ، اللّهُمَّ لا إله إلاّ أنتَ أسألُكَ بما دَعوتكَ بذلكِ الاسمِ ، اللّهُمَّ لا إلهَ إلاّ أنتَ يا الله يا الله يا الله ، أنتَ وحدكَ لا شَريكَ لكَ ، أسألُكَ يا كريمُ يا كريمُ يا كريمُ بجدّكَ وجودِكَ وفَضلكَ وَمنّك ورأفتِكَ ورحمتِكَ ومغفرتِكَ وجمالكَ وجلالِكَ وعزّتكَ ، لما أوجبتَ لي على نَفسكَ التي كَتبْتَ عَليها الرّحمةَ أن تَقولُ قَد آتيْتُكَ يا عَبدي مَهما سألتني في عافيَةٍ إلى رِضواني ، وأن تَبعثني مِنَ الشّاكرينَ.

أستجيرُ وألوُذُ بذلِك الاسمِ ، اللّهُمَّ بلا إلهَ إلاّ أنتَ ، وبكُلّ قَسَمٍ أقسمَتَ به في أُم الكِتابِ المكنونِ في زُبرُ الاوّلينَ ، وفي الصُحُف وفي الزَبُور وفي الصُحُفِ والألواحِ وفي التوراةِ والإنجيلِ وفي الكتابِ المُبين وفي القُرآن العظيمِ ، وأتوجّه إليكَ بمُحمّدٍ نبي الرّحمةِ عليه وآله السّلامُ والصّلواتُ والبَركاتُ ، يا مُحّمدُ بأبي أنتَ واُمي ، أتَوجّهُ بكَ في حاجتي هذه وجَميعِ حَوائجي الى رَبّكَ وَربي ، لا إلهَ إلاّ هُو الرحّمنُ الرحيمُ.

اللّهُمَّ اجعَلني من أفضَل عبادكَ نصيباً في كُلّ خيرٍ تقسمه في هذه الغَداة ، من نورٍ تهدي به ، أو رَحمةٍ تَنشرُها ، أو عافيةٍ تجللها ، أو رزقٍ تَبسُطُهُ ، او ذَنبٍ تغفرُهُ ، أو عَملٍ صالحٍ تُوفّقُ له ، أو عدوٍ تقمعه(١) ، أو بَلاءٍ تصرِفُهُ ، أو نحسٍ تُحوِّلُهُ إلى سعادةٍ.

__________________

(١) ترده وتقهره. انظر الصحاح ـ قمع ـ ٣ : ١٢٧٢.

١٢٣

يا أرحَمَ الرّاحمينَ أسألك باسمِكَ الواحِدِ الأحدِ ، الفَرد الصّمد ، الوِتر المُتعَال ، ربّ النّبيّينَ ، وَربّ إبراهيمَ ، وربّ مُحمّدٍ ، فاني اُومنُ بكَ وبأنبيائكَ ورُسُلك ، وجَنّتك وناركَ ، وبَعثك ونُشوركُ ، وُوعدكُ ووعيدكُ ، فاجنُبني يا إلهي ممّا تكرهُ الى ما تُحِب ، واقضِ لي بالحسنى في الآخرِةِ والاولى ، إنّك وليُّ الخيرِ والموفقُ وأنتَ أرحم الرّاحمينَ(١) .

اليوم السابع عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم متوسّط الحال ، تحذر فيه المنازعة ، ومن أقرض فيه شيئاً لم يرد إليه وإن رُدّ فيجهد ، ومن استقرض فيه لم يرده ، ومن ولد فيه صلحت حاله وتربيته ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز سروش ، اسم ملك موكلّ بحراسة العالم ، وهو يوم ثقيل غير صالح لعمل الخير ، فلا تلتمس فيه حاجة.

الدعاء فيه :

لا إله إلاّ الله المُفرّجُ عَن كُلّ مكروبٍ ، لا إله إلاّ الله عِزُّ كُلِّ ذليلٍ ، لا إله إلاّ الله اُنس كُلِّ وحيدٍ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ غنى كُلّ فقير ، لا إلهَ إلاّ أنتَ قوة كُلّ ضَعيفٍ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ كاشفُ كُلّ كربةٍ ، لا إله إلاّ أنتَ قاضي كُلّ حاجةٍ ، لا إله إلاّ أنتَ دافع كُلّ بليةٍ ، لا إله إلاّ أنتَ

__________________

(١) رواه الحلي في العدد القوية : ٩٢ / ١ و ٢ و ٣ ، واورد الدعاء في : ٩٧ ، ونقله المجلسي في البحار: ٩٧ : ١٥٩ باختلاف فيه.

١٢٤

عالم كُلِّ خفيِّةٍ ، لا إله إلاّ أنتَ حاضر كُلّ سريرةٍ ، لا إله إلاّ أنتَ شاهدكُلِّ نجوى ، لا إله إلاّ أنتَ كاشف كُلِّ بَلوى ، لا إله إلاّ أنتَ كُلّ شيءٍ ضارع إليك ، لا إله إلاّ أنتَ كُلّ شيءٍ هارب إليك ، لا إله إلاّ أنتَ كُلّ شيءٍ قائم بك ، لا إله إلاّ أنتَ كُلّ شيءٍ مفتقر إليك ، لا إله إلاّ أنتَ كُلّ شيءٍ منيب إليك ، لا إله إلاّ أنتَ ( وحدَكَ لا شريكَ )(١) لك إلهاً واحداً أحداً ، لك الملكُ ولكَ الحمدُ ولكَ المجدُ تُحيي وتُميتُ وأنتَ حيٌّ لا تموتُ بيدِكَ الخيرُ وأنتَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ ، لا إله إلاّ أنتَ كُلُّ شيءٍ راغبٌ إليك ، لا إله إلاّ أنتَ قبل كُلّ شيءٍ ، لا إله إلاّ أنتَ بعد كُلّ شيءٍ ، ولا إله إلاّ أنتَ منتهى كُلِّ شيءٍ.

أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريكُ لَهُ ما دامتِ الجبالُ الرّاسِيَةُ وَبعد زواِلها أبداً ، أشهَد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ ما دامتِ الرُّوحُ في جَسَدي وَبعدَ خروجها أبداً ، وَأسألُكَ اللّهُمَّ باسمِكَ العظيمِ الّذي أنزلتَهُ في القرآنِ العظيمِ الّذي لا تَمنعُ سائِلاً سألكَ به ما سألكَ من صغيرٍ وكبير ، أسألكَ يا حنّانُ يا منانُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، يا حيُّ يا غنيّ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، صلّ على مُحمّدٍ وآله وَهب لي العافيةَ في جَسَدي ، وفي سمعي ، وفي بَصري ، وفي جميع جَوارِحي ، وارزقني ذِكرك وشُكرك في كُلّ حالٍ أبداً.

__________________

(١) في « ك » بياض ، وما اثبتناه من « ن ».

١٢٥

أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ ما عَملَتِ اليَدانِ وما لم تَعملا وَبَعدَ فَنائهِما وعلى كُلّ حال أبداً ، أشهدَ أن لا إله إلاّ الله وحدهُ لا شريكَ لهُ ما أبصرتِ العينان وَبَعد ما لم تُبصرا وعلى كُلّ حالٍ أبَداً ، أشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ما تَحَركت الشفتان واللّسان وما لم يتحركاً وَعَلى كُلّ حالٍ أبداً ، أشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريكَ له قَبلَ دخُول قَبري وَعلى كُلّ حالٍ أبداً ، أشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريك له شهادةً يَسمعُ بها سَمعي وَبَصري ولحمي ودَمي وعَظمي وَشعري وبشري ومُخي وَعَصبي وَما تستقلّ به قَدَمي ، أشهدُ أن لا إلهَ إلاّ الله شهادةً أرجو بها الجوازَ على الصراطِ والنّجاةِ من النارِ والدُّخُولَ في الجنةِ ، وأشهدُ أن لا إله إلاّ الله شهادةً أرجو بها أن ينطلِقَ لساني عندَ خروج نفسي(١) أشهدُ أن لا إله إلاّ الله شهادةً أرجوُ بها أن يُسعدَني رَبّي في حياتي وبعد موتي من طاعةٍ يَنشُرُها ، وذُنُوبٍ يَغفرها ، ورزقٍ يبسُطُهُ ، وشرٍ يدفعه ، وخَير يُوفّقُ لفِعْلِهِ ، حَتى يَتَوفّاني وقد ختم بخيرٍ عملي ، آمين آمين ربّ العالمين(٢) .

اليوم الثامن عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم سعيد صالحٌ لكُلّ شيء ، من بيعٍ

__________________

(١) في « ك » : خروجي ، واثبتنا ما في « ن ».

(٢) روى الحلي الحديث في العدد القوية : ١٠٢ / و ٦ ، وذكر الدعاء : ١٠٦. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٠.

١٢٦

وشراءٍ ، وسفرٍ وزرع ، ومن خاصم عدوهُ فيه خصمهُ وظفر به ، ومن تزوج فيه وأقرض قرضاً رد الى من اقترض منه ، ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ ، والمولود فيه تصلح حاله ».

وقال سلمان; :روز رش ، اسم الملكُ الموكل بالميزان ، يصلح للسفر وطلب الحوائح وهو يومٌ خفيفٌ.

الدعاء فيه :

لا إله إلاّ الله عَدَدَ رضاهُ ، لا إلهَ إلاّ الله عَدَدَ خلقهِ ، لا إله إلاّ الله عَدَدَ كلماته ، لا إله إلاّ الله زِنة عَرشِهِ ، لا إله إلاّ الله ملء سماواتهِ ِوأرضِهِ ، لا إله إلاّ الله المجيدُ الحميدُ ، لا إله إلاّ الله الغفورُ الرحيمُ ، لاإلهَ إلاّ اللهُ المؤمنُ المُهيمنُ العزيزُ الجبّارُ المُتكبّرُ القَهّارُ ، لا إله إلاّ اللهُ القابضُ الباسطُ ، العليُّ الوفيُّ ، الواحدُ الأحدُ ، الفردُ الصمدُ ، القاهِرُ لِعبادِهِ ، الرؤوفُ الرحيمُ ، لا إلهَ إلاّ الله الأوّلُ الآخرُ ، والظاهرُ والباطِنُ ، المغُيثُ القريبُ المُجيبُ ، الغفورُ الشكورُ ، اللطيفُ الخبيرُ ، الصادقُ الأوّلُ ، العالمُ الأعلى ، الطالبُ الغالبُ ، النورُ الجليلُ ، الرّازقُ ، البارئ ، المُصوّر ، البَديعُ المبتدِعُ ، المنّانُ ، الخاِلقُ الكافي المعُافي ، المُعِزُّ المُذِلُ ، السميعُ البَصيرُ ، القديرُ الحليمُ ، الدافعُ النافعُ المانعُ ، المُتكبرُ ، الخالقُ البارِئ ، الباعثُ الوارثُ ، القديمُ الرفيعُ الواسعُ ، الجبّارُ المصوّرُ ، لهُ الأسماءُ الحُسنى يُسَبّحُ لهُ ما في السّماواتِ والأرضِ وهُو العزيزُ الحكيمُ.

هُو اللهُ الجبّارُ في ديمومَتِهِ فلا شيء يُعادِلُهُ ، ولا يُشبهُهُ ، لَيسَ

١٢٧

كمثِلِه شيءٌ وهُوَ السّميعُ البَصيرُ ، وهُو اللّطيفُ الخبيرُ ، أسرعُ الحاسِبين ، وأعطَى الفاضِلين ، المُستجيبُ دعوة المضطرينّ والطّالبين إلى وجههِ الكريم ، أسألُ الله بمنتهى كَلِمتهِ ، وبعزتِهِ وقدرتِهِ وسلطانهِ ، ان يُصلّي على مُحمّد وآلِ مُحمّدٍ ، وأن يباركَ لنا في مَحيانا ومَماتنا ، وأن يُوجبَ لنا السلامَةَ والمُعافاةَ والعافيةَ في أجسادِنا ، والسِّعة في أرزاقِنا ، والأمنَ في سِربِنا ، وأن يُوفّقنا أبداً للأعمالِ الصالحةِ ، فإنه لا يُوفّق للخيرِ إلاّ هُو ، ولا يصرفُ السوءَ المحذوُرَ إلاّ هو ، وهو أرحمُ الراحمينَ(١) .

اليوم التاسع عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم سعيد ولد فيه إسحاق بن إبراهيم ، وهو صالح للسفر والمعاش والحوائج وتعلّم العلم وشراء الرقيق والماشية ، ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمس عشرة ليلة ، ومن ولد فيه كان صالحالحال متوقعاً لكُلّ خير ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز فروردين ، اسم الملكُ الموكُلّ بالأرواح وقبضها ، وهو يوم مبارك.

الدعاء فيه :

الحمدُ لله بِما حَمِدَ به نفسهُ ولا إلهَ إلاّ اللهُ بما هَللَ به نَفسهُ ،

__________________

(١) روى الحلي الحديث في العدد القوية : ١٦١ / و ٣ ، وذكر الدعاء في : ١٦٤ ، ونقله المجلسي في البحار : ٩٧ : ١٦١ باختلاف يسير.

١٢٨

وسُبحانَ اللهِ بما سَبَّح الله بهِ نفسهِ في عَرشهِ ومن تَحتهِ ، والحَمدُ للهِ بما حَمِدَ اللهُ به نَفسَهُ ، واللهُ أكبرُ بما كَبرَ اللهُ به خلقهُ ، وسُبحانَ الله بما سَبَّحَ اللهُ به خَلقهُ ، والحمدُ لله مُنتهى حلمِهِ ، ومَبلغَ رضاهُ ، حَمداً لا نفادَ لهُ ولا إنقضاءَ ، وصلّى الله على سيدنا مُحمدٍ النَّبي الاُمّي وأهل بيتهِ الطاهرينَ.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ على أثر تهليلِكَ وتمجيدِكَ وتسبيحِكَ وتكبيركَ والصلاةِ على نَبيّكَ ، أن تغفرَ لي ذُنوبي كُلّها ، صغيرها وكبيرها ، سرها وعلانيتها ، قديمها وحديثها ، ما أحصيتَهُ منها واُنسيتُهُ أيّامَ حياتي ، وأن تُوفِقني للاعمالِ الصّالحةِ حتى تَتوفاني عليها على أحسنِ الأحوالِ ، وأسعِدني في جَميع الآمالِ ، ولا تُفرق بيني وبين العافيةِ والمعافاةِ أبداً ما أبقيتني ، ولا تُقَتِّر عَلَيَّ رِزقي واجعلهُ اللّهُمَّ واسعاً عليَّ عِند كِبَرَ سِنّي ، واقترابَ أجلي ، واقضِ لي بالخيرةِ في جميعِ الاُمور ، وصلى الله على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ وسلم تَسليماً(١) .

اليوم العشرون :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم متوسط الحال ، صالح للسَّفر والحوائجِ والبناءِ ووضع الأساس ، وحصادِ الزِّرع وغرس الشَجرِ والكرم ، واتخاذِ الماشية. ومن هرب [ فيه ] كان بعيد الدرك ، ومَن ضل فيه خفِيَ أمره ، ومَن مَرضَ

__________________

(١) روى الحلي الحديث في عدده القوية : ٢٠٤ / ١ و ٥ ، وذكر الدعاء في : ٢٠٨ ، ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٢ باختلاف يسير.

١٢٩

فيه صَعُبَ مَرَضه ، وكذا من ولد فيه يكون في صعوبة من العيش إلاّ ان يشاء الله غير ذلك ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز بهرام ، اسم الملكُ الموكُلّ بالنصر والخذلان في الحروب والجدل ، إلاّ أنه يوم خفيف مبارك.

دعاء الصادقعليه‌السلام فيه :

« اللّهُمَّ صلّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ صلاةً يَبلُغ بها رِضوانَكَ والجنّةَ ، وينجُو ( بها )(١) مِن سَخطِكَ والنّارِ ، اللّهُمَّ ابَعث ( محمداً )(٢) مقاماً محموداً يغبِطُهُ بهِ الاّولُون والاخِرُونَ ، اللّهُمَّ واخصُص مُحمداً بأفضل قسمٍ ، وَبلّغه أفضل سؤددٍ ومَحلٍ ، وخُصّ محمداً بالذّكر المحمودِ ، والحوض المورودِ.

اللّهُمَّ شَرّف مُحمّداً بمقامِهِ ، وعظّم بُرهانهُ ، وأوردنا حوضَهُ ، واسقِنا بكاسِهِ ، واحشرنا في زُمرتهِ ، غير خَزايا ولا نادمينَ ، ولا شاكّينَ ولا جاحدينَ ولا مفتونينَ ، ولا ضالين ولا مُضلينَ ، قد رضينا الثوابَ ، وامِنَّا العِقابِ إنّكَ أنتَ العزيزُ الوهّابُ.

اللّهُمَّ صلّ على مُحمَّد إمامِ الخيرِ ، وقائِدِ الخيرِ ، والدّاعي إلى الخيرِ ، وَبَركَةً توفي على جميعِ العبادِ.

اللّهُمَّ أعط مُحمَّداً من كُلّ كرامةٍ أفضلَ تلك الكرامةَ ، ومِن كُلّ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٣٠

نعمةٍ أفضلَ تلك النعمةِ ، ومن كُلّ قسمٍ أفضلَ ذلك القسمِ ، حتى لا يكونَ أحدٌ من خَلقِكَ أقربُ منه مجلِساً ، ولا أحظى عِندكَ مَنزلاً ، ولا أقربَ وسيلَةً ، ولا أعظمَ عِندكَ شرفاً ولا شفاعةً منهُ. صلواتُك عليه وآلهِ في بردِ العيشِ والروحِ(١) ، وقرارِ النّعمة ، ومُنتهى الفضليةِ ، وسَرورُ الكرامةِ ، ومُنى الّلذاتِ ، وَبَهجةٍ لا تُشبهها بَهجاتِ الدّنيا.

اللّهُمَّ اتِ مُحمَّداً الوسيلةِ ، وأعظمَ الرفعةِ والفضيلةِ ، واجعَل في العلّيين دَرَجتهُ ، وفي المُقرّبين ذكرهُ ، فنحنُ نَشهدُ أنّه بلَّغَ رسالاتِكَ ، ونَصحَ لعبادكَ ، وتَلا آياتِك ، وأقامَ حدُودكَ ، وصَدَعَ بأمركِ ، وبيّن حُكمكَ ، ووفى بَعهدكَ ، وجاهَدَ في سَبيلكَ ، وعَبَدكَ حقّ عِبادتكَ حتّى أتاهُ اليقينُ. وإنّه أمر بطاعَتكِ وائتمرَ بها ، ونَهى عن معصيتكَ وانتَهى عنها ، ووالى وليّك وعادى عَدُوَّكَ ، فصلواتُكَ على سيّدنا مُحمَّد سيد المُرسلينَ ، وإمام المُتقينَ ، وخاتمِ النَّبِيّينَ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآل مُحمَّدٍ الطيبين ، في الليلِ اذا يَغشى ، وفي النّهارِ إذا تَجَلى ، وفي الآخِرَة والأُولى ، واعطِهِ الرِّضا بَعدَ الرِّضا ، اللّهُمَّ أقرّ عَينَ نبيّنا بِمن يَتبعُهُ من ذُرّيّتهِ وأهلِ بيتهِ وأزواجهِ واُمتهِ جميعاً ، واجعلنا وأهل بُيُوتنا ، ومن أوجَبتَ حقهُ علينا ، الأحياءَ منهم والامواتِ ، فيمَن تُقِرُّ بهِ عَينُهُ ،

__________________

(١) الروح والراحة من الاستراحة ، ويقال ايضاً : يوم رَوْح وريوح ، أي طيب ، وروح وريحان ، أي رحمة ورزق. الصحاح ـ رَوْح ـ ١ : ٣٦٨.

١٣١

واقرر عُيُوننا جميعاً بِرؤيتِهِ ، ولا تُفرق بينَنا وبينه ، اللّهُمَّ وأورِدنا حوضهُ ، وأسقِنا بكَاسِهِ ، واحشُرنا في زُمرَتِهِ ، وتوفّنا على ملّتِهِ ، ولا تَحرِمنا أجرهُ ومرافَقَتهُ ، إنّكَ على كُلِّ شيء قَديرٌ.

اللّهُمَّ ربّ الموَتِ والحياة ، وَربِّ السَّماءِ والأرضِ ، وَربّ العالمين ، وَربَّنا وَربَّ آبائنا الأوّلين ، أنتَ ( الاحد )(١) الصَّمدُ لم يلِد ولم يُولَد ولم يَكن له كفواً أحدٌ ، مَلكتَ المُلُوك بِعزّتِكَ ، واستعبدتَ الأربابَ بقدُرتك ، وسُدتَ العُظماءَ بِجودِكَ ، وَبذَذتَ(٢) الأشرافَ بِتَجبُّركَ ، وهَددتَ(٣) الجبال بِعَظمتِكَ ، واصطَفيتَ المجدَ والكبرياءَ لِنفسكَ ، فلا يقدِرُ على شيءٍ مِن قُدرتكَ غَيرُكَ ، ولا يَبلغُ عزيزِ عزّك سِواكَ ، أنتَ جارُ المستجرينَ ، ولَجَأ اللاجِئينَ ، ومُعتمدُ المؤمنينَ ، وسبيل حَاجة الطالبينَ.

اللّهُمَّ إنّي أسألكَ وأتَوجّهُ إليكَ بنبيّنا نبي الرّحمةِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أن تَصرِفَ عَنّي فتنةَ الشَّهواتِ ، وَأسألُكَ أن ترحَمني وتثُبّتني عندَ كُلِّ فِتنةٍ مَضَلّةٍ ، أنتَ إلهي وَموضِع شكوايَ وَمسألتي ، لَيس لي مِثلكَ أحدٌ ، ولا يقدِرُ على قدرتك أحدٌ ، أنتَ أكبرُ وأجلُ وأمجدُ وأفضلُ ، وما يَقدِرُ الخلائق كُلّهم على صِفتكَ ، وأنتَ كما وَصفتَ نَفسكَ ، يا مالِكَ يومِ الدّين.

اللّهُمَّ إني أسألُكَ بكُلّ اسمٍ هو لك تُدعى به ، وبكُلّ دعوةٍ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) بذَّه يبذُّه بَذّا ، أي غلبه وفاقه. الصحاح ـ بذ ـ ٢ : ٥٦١.

(٣) الهدُّ : الهدم الشديد والكسر. لسان العرب ـ هدد ـ ٣ : ٤٣٢.

١٣٢

دَعاكَ بها أحدٌ مِن خَلقكَ من الأوّلينَ والاخِرينَ فاستجبتَ لهُ بِها ، أن تَغفر لي ذُنُوبي كُلّها ، صغيرِها وكبيرِها ، حديثها وقَديمها ، سِرّ هاوعَلانيتِها ، وما أحصَيتَ عَليّ منها ونَسيتُهُ أيّام حياتي. وأن تُصلحَ أمر ديني ودُنياي صلاحاً باقياً على كُلّ شيءٍ من رَغائبي إليك ، وحوائجي ومسائِلي لك.

اللّهُمَّ صَلّ على مُحمَّد وآل مُحمّدٍ الطّيّبين الأخيارِ الأبرار المُبرَّئينَ مِنَ النّفاق ( والرجسِ )(١) أجمعينَ يا رَبّ العالمين »(١) .

اليوم الحادي والعشرين :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس لا تطلب فيه حاجة ، ويتقى فيه السلطان ، ومن سافر فيه لم يرجع وخيف عليه ، وهو يوم رديء لسائر الامور ، ومن ولد فيه يكون فقيراً محتاجاً ». والله أعلم.

قال سلمان رحمة الله عليه :روز برام (٣) ، اسم الملكُ الموكُلّ بالفرح ، يَصلحُ فيه إهراق الدم ، لا تطلب فيه حاجة ، ويتقى ما فيه من الأذى ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ إنّكَ جَعَلتني مِنَ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) روى الحلي الحديث في عدده القوية : ٢١١ / ٤ و ٥ ، وذكر الدعاء في ٢١٥ باختلاف يسير ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٣ باختلاف أيضاً.

(٣) في نسخة « ن » : ماه.

١٣٣

وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (١) فاجَعلني على هُدىً مِنك ، ولقِني الكلماتِ التي لَقنتَ آدمعليه‌السلام وتُبتَ عليه إنكَ أنتَ التوابُ الرّحيمُ ، اللّهُمَّ إنك خَلَقْتني ( في مَن يُقيمونَ الصلاةَ ويؤتون الزكاةَ ، اللّهُمَّ فاجعلني ممن يقيمُالصلاة ويؤتي الزكاة )(٢) واجعلني مِنَ الخاشِعين في الصّلاة الّذَينَ لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزَنُونَ.

اللّهُمَّ اجعَلني مِنَ الصّابرينَ الّذين إذا اصابتهُم مُصيبةٌ قالوا إنّا لله وإنّا إليهِ راجعونَ ، واجعل عَلَيّ صلاةً مِنكَ ورَحمةً ، واجعَلني من المُهتدينَ ، اللّهُمَّ ثَبتني بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدّنيا وفي الآخرةِ ، ولا تجعلني من الظالمين.

اللّهُمَّ اجعلني من الّذين تَتَوفاهم الملائكُة طَيّبين يَقُولُون : سَلامٌ عليكُم ادخُلُوا الجنةَ بما كُنتُم تَعملونَ ، اللّهُمَّ اجعلني مِنَ الّذين صَبَروا وعلى ربّهم يتوكَّلُون ، اللّهُمَّ آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ ، واجعلني مِنَ الّذين اتقوا والّذينَ هُم مُحسنُونَ ، سُبحانَكَ إني كُنتُ من الظالمينَ ، فاستَجب لي ونجني من النارِ يا أرحمَ الرّاحمين.

اللّهُمَّ اجعلني من المُخبتين(٣) الّذين إذا ذُكِرَ اللهُ وجِلَت قلوبهُمُ

__________________

(١) البقرة ٢ : ٣.

(٢) في « ك » : فيمن يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة. وفيها اضطراب واضح كما لا يخفى ، ولم نجد في « ن » ما يتفق مع الدعاء ، بحيث ورد بشكُلّ مختلف ، إلا ان العلامة الحلي; اورد نص الدعاء في كتابه الموسوم بالعدد القوية فاقتطعنا منه ما اثبتناه اعلاه.

(٣) اخبت لله : خشع وتواضع. لسان العرب ـ خبت ـ ٢ : ٢٧.

١٣٤

والصابرينَ على ما أصابَهُم والمُقيمي الصَّلاة وممّا رزقناهم يُنفقونَ.

اللّهُمَّ اجعلني من( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) (١) اللّهُمَّ اجعلني من الوارِثينَ( الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (٢) الّذينَ هُم من خَشيَتكَ مُشفِقُونَ.

اللّهُمَّ إنّكَ جَعَلتني من الّذينَ هُم بآياتِكَ يُؤمِنُونَ ، والّذينَ هُم برِبّهِم لا يُشركُونَ ، فَاجعَلني من( الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) (٣) اللّهُمَّ اجعلني من الّذين( يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) (٤) اللّهُمَّ اجعَلني من حِزبكَ فإنَّ حِزبَكَ هُمُ المُفلِحونَ ، اللّهُمَّ اجعلني من جُندكَ فإنَّ جُندكَ هُم الغالبونَ ، اللّهُمَّ اسقِني من الرَّحيقِ المختُومِ خِتامُهُ مِسكٌ وفي ذلك فَليَتَناَفسِ المُتنافِسوُنَ ، اللّهُمَّ اسقِني( مِن تَسْنِيمٍ *عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ ) (٥) اللّهُمَّ إني ظَلَمتُ نَفسي وإلاّ تَغفر لي وتَرحمني أُكُن مِنَ الخاسِرينَ.

__________________

(١) المؤمنون ٢٣ : ٢ ـ ٦.

(٢) المؤمنون ٢٣ : ١١.

(٣) المؤمنون ٢٣ : ٦٠.

(٤) المؤمنون ٢٣ : ٦١.

(٥) المطففين ٨٣ : ٢٧ ـ ٢٨.

١٣٥

اللّهُمَّ ( سُؤالي التّيسير بَعدَ التّعسير )(١) ، واجعَل لي أجراً غَيرَممنون( رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ *رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعَادَ ) (٢) .

اللّهُمَّ ارفعَ لي عِندكَ دَرَجةً ورزقاً كريماً ، اللّهُمَّ اجَعلني من الّذين يُوفُونَ بِعهدِكَ ولا يَنقُضُونَ الميثاقَ ، وِمنَ( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ) (٣) .

اللّهم اجعلني من( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ) (٤) وممّن جَعلتَ لَهُم عُقبى الدّار( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (٥) (٦) .

__________________

(١) في هامش « ك » اللهم يسر لي التيسير بعد التعسير.

(٢) آل عمران ٣ : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) الرعد ١٣ : ٢١.

(٤) الرعد ١٣ : ٢٢.

(٥) البقرة ٢ : ٢٠١.

(٦) روى الحلي في العدد القوية الحديث ٢٢٨ / ١ ، وذكر الدعاء في : ٢٣٢ باختلاف فيهما. ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٦٥.

١٣٦

اليوم الثاني والعشرون :

قال ابو عبد اللهعليه‌السلام : «هذا يومٌ صالح للحوائج والشراء والبيع ، والصَّدقة فيه مقبولةٌ ، ومن دخل فيه على سلطان قضيت حاجتهُ ، ومن مَرض فيه يبرأ سريعاً ، ومن سافر فيه يرجع معافى ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز باد (١) ، اسم الملك الموكل بالريح ، يومٌ خفيف يصلح لكل حاجَة يرادُ قضاؤها.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ اجعَلني ممَّن يلقاكَ مُؤمناً قد عَمِلَ الصالحات ، وممَّن تسكنُهُ الدَّرجات العُلى جناتُ عِدنٍ تجري من تحتها الأنهار ، واجعلنا ممّن تَزَكّى ، رَبّنا آمنّا فَاغْفر لنا رَبّنا وارحمنا وأنتَ خيرُ الراحمينَ الغافِرينَ وارحمُ الراحمينَ.

اللّهُمَّ اجعلنا من عِبادِك( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا *وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا *وَالَّذِينَ

__________________

(١) في نسخة « ن » : روز ماحر.

١٣٧

يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا *إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا *وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا *وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا *وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا *وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ) (١) .

اللّهُمَّ اجعَلني من( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) اللّهُمَّ اجعَلني منَ الّذينَ( يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا *خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) (٣) .

اللّهُمَّ اجعَلني منَ الّذينَ تَحِلّهُم دارُ المُقامَةِ من فضلِكَ ، لا يَمسهُم فيها نَصبٌ ولا يمسهُم فيها لُغُوب ، اللّهُمَّ اجعلني في جناتِ النعيمِ ، في جناتٍ ونهرٍ في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مُقتدرٍ ، اللّهُمَّ وقني شُحَ نفسي ، واغفِر لي ولوالديّ ولمِن دخلَ بيتَي مؤمِناً وللمُؤمنينَ والمُؤمنَاتِ يَومَ يَقومُ الحِسابُ.

اللّهُمَّ( اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : ٦٣ ـ ٧٣.

(٢) الفرقان ٢٥ : ٧٤.

(٣) الفرقان ٢٥ : ٧٥ ـ ٧٦.

١٣٨

غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١) .

( اللّهُمَّ اجعلني ممن )(٢) ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا *إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) (٣) اللّهُمَّ قِني كما وَقيتهُم ، ولَقني جَنَةً وحَريراً مُتكئينَ فيها على الأرائِكِ لا يرونَ فيها شمساً ولا زمهريراً ، اللّهُمَّ امنّي يَوماً كان شرُهُ مُستطيراً ، ولقني نضرةً وسُرُوراً ، اللّهُمَّ واسقِني كما سقيتهُم شراباً طهُوراً ، وحلّني كما حلّيتهُم أساورَ من فضةٍ ، وارزُقني كما رَزقتهُم سعياً مشكوراً.

( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) (٤) واجعلني من الصّابرينَ والصّادقين والقانتَينَ والمنفقِينَ والمُستغفرين بالاسحارِ.

( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) (٥) .

__________________

(١) الحشر : ٥٩ : ١٠.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٣) الانسان ٧٦ : ٨ ـ ١٠.

(٤) آل عمران ٣ : ٨.

(٥) البقرة ٢ : ٢٨٦.

١٣٩

اللّهُمَّ إني اسألُكَ أن تختم لي بصالحِ الأعمالِ ، وأن تُعطِيني الّذي سَألتك في دُعائي يا كريمَ الفِعالِ.( وَللهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (١) .

اللّهُمَّ إني أسألُكَ إنّكَ رؤفٌ رَحيمٌ( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا للهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ *وَللهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ *يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٢) .

اللّهُمَّ اجعلني من الّذينَ يؤمنونَ بالغَيبِ ويُقيُمونَ الصلاة ويؤتُونَ الزكاة( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا *وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً *وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) (٣) .

اللّهُمَّ اجعلني من الّذين أنعمتَ عَليهم من النّبيّينَ والصّدّيقينَ والشُّهداء والصّالحينَ وَحَسُنَ اوُلئك رفيقاً ، اللّهُمَّ اجعلني ممّن هديتَ واجبتَبَيتَ الّذينَ( إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) (٤)

__________________

(١) الرعد ١٣ : ١٥.

(٢) النحل ١٦ : ٤٨ ـ ٥٠.

(٣) الأسراء ١٧ : ١٠٧ ـ ١٠٩.

(٤) مريم ١٩ : ٥٨.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

محمّد البدر، آخر أئمة الزيديّة، فليرجع إلى كتابنا (بحوث في الملل والنحل). (1)

فكما قامت للزيديّة دولة في المغرب واليمن، فهكذا قامت دولة زيديّة في طبرستان بين الأعوام (250 - 360هـ)؛ حيث ظهر الحسن بن زيد بن محمّد بن إسماعيل بن زيد بن الحسين في طبرستان أيّام المستعين الله، وتمكّن من بسط نفوذه على طبرستان وجُرجان، وقام بعده أخوه محمّد بن زيد، ودخل بلاد الديلم عام 277هـ، ثُمَّ ملك طبرستان بعد ذلك الناصر للحق الحسن بن عليّ المعروف بالأطروش، وجاء بعده الحسن بن القاسم، وبعده محمّد بن الحسن بن القاسم المتوفّى 360هـ.

هذه إلمامة موجزة وضعتها أمام القارئ عن ثوّارهم ودولهم.

عقائد الزيديّة

لم يكن زيد الشهيد صاحب نهج كلامي ولا فقهي، فلو كان يقول بالعدل والتوحيد ويكافح الجبر والتشبيه، فلأجل أنّه ورثهما عن آبائه (عليهم السّلام)، وإن كان يفتي في مورد أو موارد، فهو يصدر عن الحديث الّذي يرويه عن آبائه.

نعم، جاء بعد زيد مفكّرون وعاة، وهم بين دعاة للمذهب، أو بناة للدولة في اليمن وطبرستان، فساهموا في إرساء مذهب باسم المذهب الزيدي، متفتّحين في الأُصول والعقائد مع المعتزلة، وفي الفقه وكيفيّة الاستنباط مع الحنفيّة، ولكن الصلة بين ما كان عليه زيد الشهيد في الأُصول والفروع وما أرساه

____________________

(1) بحوث في الملل والنحل: 7/371 - 386.

٢٤١

هؤلاء في مجالي العقيدة والشريعة منقطعة إلاّ في القليل منهما.

ولا أُغالي إذا قلت: إنّ المذهب الزيدي مذهب ممزوج ومنتزع من مذاهب مختلفة في مجالي العقيدة والشريعة، ساقتهم إلى ذلك الظروف السائدة عليهم، وصار مطبوعاً بطابع مذهب زيد، وإن لم يكن له صلة بزيد إلاّ في القسم القليل.

ومن ثَمَّ التقت الزيديّة في العدل والتوحيد مع شيعة أهل البيت جميعاً، إذ شعارهم في جميع الظروف والأدوار رفض الجبر والتشبيه، والجميع في التديّن بذينك الأصلين عيال على الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، كما أنّهم التقوا في الأُصول الثلاثة: ـ

1 - الوعد والوعيد.

2 - المنزلة بين المنزلتين.

3 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - مع المعتزلة حيث أدخلوا هذه الأُصول في مذهبهم ورتّبوا عليه:

1 - خلود مرتكب الكبيرة في النار إذا مات بلا توبة، وحرمانه من الشفاعة؛ لأنّها للعدول دون الفسّاق.

2 - الشفاعة؛ بمعنى ترفيع الدرجة، لا الحطّ من الذنوب.

3 - الفاسق في منزلة بين المنزلتين؛ فهو عندهم لا مؤمن ولا كافر بل فاسق.

فاستنتجوا الأمرين الأوّلين من الأصل الأوّل، والثالث من الأصل الثاني.

٢٤٢

وأمّا الأصل الثالث، فهو ليس من خصائص الاعتزال، ولا الزيديّة، بل يشاركهم الإماميّة. هذه عقائدهم في الأُصول.

وأمّا الفروع فقد التفّت الزيديّة حول القياس والاستحسان والإجماع، وجعلوا الثالث بما هو هو حجّة، كما قالوا بحجيّة قول الصحابي وفعله، وبذلك صاروا أكثر فِرق الشيعة انفتاحاً على أهل السنّة.

ولكن العلامة الفارقة والنقطة الشاخصة الّتي تميّز هذا المذاهب عمّا سواه من المذاهب، ويسوقهم إلى الانفتاح على الإماميّة والإسماعيليّة، هو القول بإمامة عليّ والحسنين بالنصّ الجليّ أو الخفيّ عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، والقول بأنّ تقدّم غيرهم عليهم كان خطأ وباطلاً.

وها نحن نأتي برؤوس عقائدهم الّتي يلتقون في بعضها مع المعتزلة والإماميّة:

1 - صفاته سبحانه عين ذاته، خلافاً للأشاعرة.

2 - إنّ الله سبحانه لا يُرى ولا تجوز عليه الرؤية.

3 - العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها.

4 - الله سبحانه مريد بإرادة حادثة.

5 - إنّه سبحانه متكلّم بكلام، وكلامه سبحانه فعله: وهو الحروف والأصوات.

6 - أفعال العباد ليست مخلوقة لله سبحانه.

7 - تكليف ما يطاق قبيح، خلافاً للمجبّرة والأشاعرة.

8 - المعاصي ليس بقضاء الله.

٢٤٣

9 - الإمامة تجب شرعاً لا عقلاً، خلافاً للإمامية.

10 - النصّ على إمامة زيد والحسنين عند الأكثريّة.

11 - القضاء في فدك صحيح، خلافاً للإماميّة.

12 - خطأ المتقدّمين على عليّ في الخلافة قطعيّ.

13 - خطأ طلحة والزبير وعائشة قطعيّ.

14 - توبة الناكثين صحيحة.

15 - معاوية بن أبي سفيان فاسق لبغيه لم تثبت توبته.

هذه رؤوس عقائد الزيديّة استخرجناها من كتاب (القلائد في تصحيح الاعتقاد)، المطبوع في مقدّمة البحر الزخّار. (1)

فرق الزيديّة:

قد ذكر مؤرّخو العقائد للزيديّة فِرقاً، بين مقتصر على الثلاث، وإلى مفيض إلى ست، وإلى ثمان، منهم: الجاروديّة والسليمانيّة والبتريّة والنعيميّة، إلى غير ذلك من الفِرق، وبما أنّ هذه الفِرق كلّها قد بادت وذهبت أدراج الريح، مع بقاء الزيديّة في اليمن، ولا يوجد اليوم في اليمن بين الزيديّة من المفاهيم الكلاميّة المنسوبة إلى الفِرق كالجاروديّة أو السليمانيّة أو البتريّة أو الصالحيّة إلاّ مفهوم واحد، وهو المفهوم العام الّذي تعرفت عليه، وهو القول بإمامة زيد والخروج

____________________

(1) البحر الزخّار: 52 - 96.

٢٤٤

على الظلمة، واستحقاق الإمامة بالطلب والفضل، لا بالوراثة، مع القول بتفضيل عليّ - كرم الله وجهه - وأولويتّه بالإمامة، وقصرها من بعده في البطنين الحسن والحسين.

وأمّا أسماء تلك الفِرق والعقائد المنسوب إليهم، فلا توجد اليوم إلاّ في بطون الكتب والمؤلَّفات في الفِرق الإسلاميّة كالمِلل والنحل ونحوها، فإذا كان الحال في اليمن كما ذكره الفضيل شرف الدين، فالبحث عن هذه الفِرق من ناحية إيجابيّاتها وسلبيّاتها ليس مهمّاً بعد ما أبادهم الدهر، وإنّما اللاّزم دراسة المفهوم الجامع بين فِرقهم.

٢٤٥

15

الإسماعيليّة

الإسماعيليّة فِرقة من الشيعة القائلة بأنّ الإمامة بالتنصيص من النبيّ أو الإمام القائم مقامه، غير أنّ هناك خلافاً بين الزيديّة والإماميّة والإسماعيليّة في عدد الأئمّة ومفهوم التنصيص.

فالأئمّة المنصوصة خلافتهم وإمامتهم بعد النبيّ عند الزيديّة لا يتجاوز عن الثلاثة: عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام)، والسبطين الكريمين: الحسن والحسين (عليهما السّلام)، وبشهادة الأخير أغلقت دائرة التنصيص وجاءت مرحلة الانتخاب بالبيعة كما تقدم.

وأمّا الأئمّة المنصوصون عند الإماميّة فاثنا عشر إماماً آخرهم غائبهم يظهره الله سبحانه عندما يشاء، وقد حوّل أمر الأُمّة - في زمان غيبته - إلى الفقيه العارف بالأحكام والسنن والواقف على مصالح المسلمين على النحو المقرّر في كتبهم وتآليفهم.

وأمّا الإمامة عند الإسماعيليّة فهي تنتقل عندهم من الآباء إلى الأبناء، ويكون انتقالها عن طريق الميلاد الطبيعي، فيكون ذلك بمثابة نصّ من الأب بتعيين الابن، وإذا كان للأب عدّة أبناء فهو بما أُوتي من معرفة خارقة للعادة يستطيع أن يعرف من هو الإمام الّذي وقع عليه النص، فالقول بأنّ الإمامة عندهم بالوراثة أولى من القول بالتنصيص.

٢٤٦

وعلى كلّ حال فهذه الفِرقة منشقّة عن الشيعة، معتقدة بإمامة إسماعيل بن جعفر بن الإمام الصادق (عليه السّلام)، وإليك نبذة مختصرة عن سيرة إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السّلام) (110 - 145هـ).

الإمام الأوّل للدعوة الإسماعيليّة:

إنّ إسماعيل هو الإمام الأوّل والمؤسّس للمذهب، فوالده الإمام الصادق (عليه السّلام) غنيّ عن التعريف وفضله أشهر من أن يُذكر، وأُمّه فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن الحسين الّتي أنجبت أولاداً ثلاثة هم:

1 - إسماعيل بن جعفر.

2 - عبد الله بن جعفر.

3 - أُم فروة.

وكان إسماعيل أكبرهم، وكان أبو عبد الله (عليه السّلام) شديد المحبّة له والبرَّ به والإشفاق عليه، مات في حياة أبيه (عليه السلام) (بالعريض) وحمل على رقاب الرّجال إلى أبيه بالمدينة حتّى دفنه بالبقيع. (1)

استشهاد الإمام الصادق (عليه السّلام) على موته:

كان الإمام الصادق حريصاً على إفهام الشيعة بأنّ الإمامة لم تُكتب لإسماعيل، فليس هو من خلفاء الرسول الاثني عشر الّذين كُتبت لهم الخلافة والإمامة بأمر السماء وإبلاغ الرسول الأعظم.

____________________

(1) إرشاد المفيد: 284.

٢٤٧

ومن الدواعي الّتي ساعدت على بثّ بذر الشبهة والشكّ في نفوس الشيعة في ذلك اليوم؛ هو ما اشتهر من أنّ الإمامة للولد الأكبر، وكان إسماعيل أكبر أولاده، فكانت أماني الشيعة معقودة عليه، ولأجل ذلك تركّزت جهود الإمام الصادق (عليه السّلام) على معالجة الوضع واجتثاث جذور تلك الشبهة وأنّ الإمامة لغيره، فتراه تارة ينصّ على ذلك، بقوله وكلامه، وأُخرى بالاستشهاد على موت إسماعيل وأنّه قد انتقل إلى رحمة الله ولن يصلح للقيادة والإمامة.

وإليك نموذجاً يؤيّد النهج الّذي انتهجه الإمام لتحقيق غرضه في إزالة تلك الشبهة.

روى النعماني عن زرارة بن أعين، أنّه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السّلام) وعند يمينه سيّد ولده موسى (عليه السّلام) وقدّامه مرقد مغطّى، فقال لي: «يا زرارة جئني بداود بن كثير الرقي وحمران وأبي بصير» ودخل عليه المفضّل بن عمر، فخرجت فأحضرت من أمرني بإحضاره، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثر واحد حتّى صرنا في البيت ثلاثين رجلا.

فلمّا حشد المجلس قال: «يا داود اكشف لي عن وجه إسماعيل»، فكشف عن وجهه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا داود أحيٌّ هو أم ميّت؟» ، قال داود: يا مولاي هو ميّت، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل، حتّى أتى على آخر من في المجلس، وانتهى عليهم بأسرهم، وكل يقول: هو ميّت يا مولاي، فقال: «اللّهم اشهد» ثُمَّ أمر بغسله وحنوطه، وإدراجه في أثوابه.

فلمّا فرغ منه قال للمفضّل: (يا مفضّل أحسر عن وجهه)، فحسر عن وجهه، فقال: «أحيُّ هو أم ميّت؟» فقال له: ميّت، قال(عليه السّلام): «اللّهم اشهد عليهم» ، ثُمَّ

٢٤٨

حمل إلى قبره، فلمّا وضع في لحده، قال: «يا مفضّل اكشف عن وجهه»، وقال للجماعة: (أحيّ هو أم ميّت؟)، قلنا له: ميّت، فقال: «اللّهم اشهد، واشهدوا فانّه سيرتاب المبطلون، يريدون إطفاء نور الله بأفواههم - ثُمَّ أومأ إلى موسى - والله متمّ نوره ولو كره المشركون»، ثُمَّ حثونا عليه التراب، ثُمَّ أعاد علينا القول، فقال: «الميّت، المحنّط، المكفّن المدفون في هذا اللحد من هو؟» قلنا: إسماعيل، قال: «اللّهم اشهد». ثُمَّ أخذ بيد موسى (عليه السّلام) وقال: «هو حقّ، والحقّ منه، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها». (1)

هل كان عمل الإمام تغطية لستره؟

إنّ الإسماعيليّة تدّعي أنّ ما قام به الإمام الصادق (عليه السّلام) كان تغطية؛ لستره عن أعين العباسيّين، الّذين كانوا يطاردونه بسبب نشاطه المتزايد في نشر التعاليم الّتي اعتبرتها الدولة العباسيّة منافية لقوانينها. والمعروف أنّه توجّه إلى سلمية ومنها إلى دمشق فعلم به عامل الخليفة، وهذا ما جعله يغادرها إلى البصرة ليعيش فيها متستّراً بقيّة حياته.

مات في البصرة سنة 143هـ، وكان أخوه موسى بن جعفر الكاظم حجاباً عليه، أمّا وليّ عهده محمّد فكان له من العمر أربع عشرة سنة عند موته. (2)

ما ذكره أُسطورة حاكتها يدُ الخيال، ولم يكن الإمام الصادق (عليه السّلام) ولا أصحابه الأجلاّء، ممّن تتلمذوا في مدرسة الحركات السريّة، حتّى يفتعل موت ابنه بمرأى ومسمع من الناس وهو بعد حيّ يرزق، ولم يكن عامل الخليفة

____________________

(1) غيبة النعماني: 327، الحديث 8، ولاحظ؛ بحار الأنوار: 48/21.

(2) عارف تامر: الإمامة في الإسلام: 180.

٢٤٩

بالمدينة المنوّرة بليداً، يكتفي بالتمويه، حتّى يتسلّم المحضر ويبعث به إلى دار الخلافة العبّاسيّة.

والظاهر أنّ إصرارهم بعدم موت إسماعيل في حياة أبيه جعفر الصادق (عليه السّلام)، لأجل تصحيح إمامة ابنه عبد الله بن إسماعيل؛ حتّى يتسنّى له أخذ الإمامة من أبيه الحيّ بعد حياة الإمام الصادق (عليه السّلام).

لكن الحقّ أنّه توفّي أيّام حياة أبيه، بشهادة الأخبار المتضافرة الّتي تعرّفت عليها، وهل يمكن إغفال أُمّة كبيرة وفيهم جواسيس الخليفة وعمّالها؟!، وستْر رحيل إسماعيل إلى البصرة بتمثيل جنازة بطريقة مسرحيّة يُعلن بها موته، فإنّه منهج وأُسلوب السياسيّين المخادعين، المعروفين بالتخطيط والمؤامرة، ومن يريد تفسير فعل الإمام عن هذا الطريق فهو من هؤلاء الجماعة (وكلّ إناء بالّذي فيه ينضح). وأين هذا من وضع الجنازة مرّات وكشف وجهه والاستشهاد على موته وكتابة الشهادة على كفنه؟!

والتاريخ يشهد على أنّه لم يكن لإسماعيل ولا لولَده الإمام الثاني، أيّة دعوة في زمان أبي جعفر المنصور ولا ولَده المهدي العبّاسي، بشهادة أنّ ابن المفضّل كتب كتاباً ذكر فيه صنوف الفِرق، ثُمَّ قرأ الكتاب على الناس، فلم يذكر فيه شيئاً من تلك الفِرقة مع أنّه ذكر سائر الفِرق الشيعيّة البائدة.

والحق إنّ إسماعيل كان رجلاً ثقة، محبوباً للوالد، وتوفّي في حياة والده وهو عنه راض، ولم تكن له أي دعوة للإمامة، ولم تظهر أي دعوة باسمه أيّام خلافة المهدي العبّاسي الّذي توفّي عام 169هـ، وقد مضى على وفاة الإمام الصادق (عليه السّلام) إحدى وعشرون سنة.

٢٥٠

الخطوط العريضة للمذهب الإسماعيلي

إنّ للمذهب الإسماعيلي آراء وعقائداً:

الأُولى: انتماؤهم إلى بيت الوحي والرسالة:

كانت الدعوة الإسماعيليّة يوم نشوئها دعوة بسيطة لا تتبنّى سوى: إمامة المسلمين، وخلافة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) واستلام الحكم من العباسيّين بحجة ظلمهم وتعسّفهم، غير أنّ دعوة بهذه السذاجة لا يُكتب لها البقاء إلاّ باستخدام عوامل تضمن لها البقاء، وتستقطب أهواء الناس وميولهم.

ومن تلك العوامل الّتي لها رصيد شعبي كبير هو ادّعاء انتماء أئمّتهم إلى بيت الوحي والرسالة وكونهم من ذريّة الرسول وأبناء بنته الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السّلام)، وكان المسلمون منذ عهد الرسول يتعاطفون مع أهل بيت النبيّ، وقد كانت محبّتهم وموالاتهم شعار كلّ مسلم واع.

وممّا يشير إلى ذلك أنّ الثورات الّتي نشبت ضد الأُمويّين كانت تحمل شعار حبّ أهل البيت (عليهم السّلام) والاقتداء بهم والتفاني دونهم، ومن هذا المنطلق صارت الإسماعيليّة تفتخر بانتماء أئمّتهم إلى النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، حتّى إذا تسلّموا مقاليد الحكم وقامت دولتهم اشتهروا بالفاطميّين، وكانت التسمية يومذاك تهزّ المشاعر وتجذب العواطف بحجّة أنّ الأبناء يرثون ما للآباء من الفضائل والمآثر، وأنّ

٢٥١

تكريم ذريّة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تكريم له (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فشتّان ما بين بيت أُسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه وبيت أُسّس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.

الثانية: تأويل الظواهر:

إنّ تأويل الظواهر وإرجاعها إلى خلاف ما يتبادر منها في عرف المتشرّعة هي السمة البارزة الثانية للدعوة الإسماعيليّة، وهي إحدى الدعائم الأساسيّة؛ بحيث لو انسلخت الدعوة عن التأويل واكتفت بالظواهر لم تتميّز عن سائر الفِرق الشيعيّة إلاّ بصرف الإمامة عن الإمام الكاظم (عليه السّلام) إلى أخيه إسماعيل بن جعفر، وقد بنوا على هذه الدعامة مذهبهم في مجالي العقيدة والشريعة، وخصوصاً فيما يرجع إلى تفسير الإمامة وتصنيفها إلى أصناف.

إنّ تأويل الظواهر والتلاعب بآيات الذكر الحكيم وتفسيرها بالأهواء والميول جعل المذهب الإسماعيلي يتطوّر مع تطوّر الزمان، ويتكيّف بمكيّفاته، ولا ترى الدعوة أمامها أي مانع من مماشاة المستجدات وإن كانت على خلاف الشارع أو الضرورة الدينيّة.

الثالثة: تطعيم مذهبهم بالمسائل الفلسفيّة:

إنّ ظاهرة الجمود على النصوص والظواهر ورفض العقل في مجالات العقائد، كانت من أهم ميّزات العصر العبّاسي، هذه الظاهرة ولّدت رد فعل عند أئمّة الإسماعيليّة، فانجرفوا في تيّارات المسائل الفلسفيّة وجعلوها من صميم

٢٥٢

الدّين وجذوره، وانقلب المذهب إلى منهج فلسفي يتطوّر مع تطوّر الزمن، ويتبنّى أُصولاً لا تجد منها في الشريعة الإسلاميّة عيناً ولا أثراً.

يقول المؤرّخ الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب: إنّ كلمة (إسماعيليّة) كانت في بادئ الأمر تدلّ على أنّها من إحدى الفِرق الشيعيّة المعتدلة، لكنّها صارت مع تطوّر الزمن حركة عقليّة تدلّ على أصحاب مذاهب دينيّة مختلفة، وأحزاب سياسيّة واجتماعيّة متعدّدة، وآراء فلسفيّة وعلميّة متنوّعة. (1)

الرابعة: تنظيم الدعوة:

ظهرت الدعوة الإسماعيليّة في ظروف ساد فيها سلطان العبّاسيّين شرق الأرض وغربها، ونشروا في كلِّ بقعة جواسيس وعيوناً ينقلون الأخبار إلى مركز الخلافة الإسلاميّة، ففي مثل هذه الظروف العصيبة لا يُكتب النجاح لكلّ دعوة تقوم ضدّ السلطة إلاّ إذا امتلكت تنظيماً وتخطيطاً متقناً يضمن استمرارها، ويصون دعاتها وأتباعها من حبائل النظام الحاكم وكشف أسرارهم.

وقد وقف الدعاة على خطورة الموقف، وأحسّوا بلزوم إتقان التخطيط والتنظيم، وبلغوا فيه الذروة؛ بحيث لو قُورنت مع أحدث التنظيمات الحزبيّة العصريّة، لفاقتها وكانت لهم القدح المعلّى في هذا المضمار، وقد ابتكروا أساليب دقيقة يقف عليها من سبر تراجمهم وقرأ تاريخهم، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل جعلوا تنظيمات الدعوة من صميم العقيدة وفلسفتها.

____________________

(1) تاريخ الدعوة الإسماعيليّة: 14.

٢٥٣

الخامسة: تربية الفدائيّين للدفاع عن المذهب:

إنّ الأقلّية المعارضة من أجل الحفاظ على كيانها لا مناص لها من تربية فدائيّين مضحّين بأنفسهم في سبيل الدعوة؛ لصيانة أئمتهم ودعاتهم من تعرّض الأعداء، فينتقون من العناصر المخلصة المعروفة بالتضحية والإقدام، والشجاعة النادرة، والجرأة الخارقة ويكلّفون بالتضحيات الجسديّة، وتنفيذ أوامر الإمام أو نائبه، وإليك هذا النموذج:

في سنة 500 هـ فكّر فخر الملك بن نظام وزير السلطان سنجر، أن يُهاجم قلاع الإسماعيليّة، فأوفد إليه الحسن بن الصباح أحد فدائيّيه فقتله بطعنة خنجر، ولقد كانت قلاعه في حصار مستمر من قبل السلجوقيّين.

السادسة: كتمان الوثائق:

إنّ استعراض تاريخ الدعوات الباطنيّة السرّيّة وتنظيماتها رهن الوقوف على وثائقها ومصادرها الّتي تنير الدرب لاستجلاء كنهها، وكشف حقيقتها وما غمض من رموزها ومصطلحاتها، ولكن للأسف الشديد أنّ الإسماعيليّة كتموا وثائقهم وكتاباتهم ومؤلّفاتهم وكلّ شيء يعود لهم، ولم يبذلوها لأحد سواهم، فصار البحث عن الإسماعيليّة بطوائفها أمراً مستعصياً، إلاّ أن يستند الباحث إلى كتب خصومهم وما قيل فيهم، ومن المعلوم أنّ القضاء في حقّ طائفة استناداً إلى كلمات مخالفيهم خارج عن أدب البحث النزيه.

٢٥٤

السابعة: الأئمّة المستورون والظاهرون:

إنّ الإسماعيليّة أعطت للإمامة مركزاً شامخاً، وصنّفوا الإمامة إلى رُتب ودرجات، وزوّدوها بصلاحيّات واختصاصات واسعة، غير أنّ المهمَّ هنا الإشارة إلى تصنيفهم الإمام إلى مستور دخل كهف الاستتار، وظاهر يملك جاهاً وسلطاناً في المجتمع، فالأئمّة المستورون هم الّذين نشروا الدعوة سرّاً وكتماناً، وهم:

1 - إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السّلام) (110 - 145هـ).

2 - محمّد بن إسماعيل الملقّب بـ (الحبيب) (132 - 193هـ)، ولد في المدينة المنوّرة وتسلّم شؤون الإمامة واستتر عن الأنظار خشية وقوعه بيد الأعداء. ولقّب بالإمام المكتوم لأنّه لم يعلن دعوته وأخذ في بسطها خفية.

3 - عبد الله بن محمّد بن إسماعيل الملقّب بـ (الوافي) (179 - 212هـ)، ولد في مدينة محمّد آباد، وتولّى الإمامة عام 193هـ بعد وفاة أبيه، وسكن السلمية عام 194هـ مصطَحباً بعدد من أتباعه؛ وهو الّذي نظّم الدعوة تنظيماً دقيقاً.

4 - أحمد بن عبد الله بن محمّد بن إسماعيل الملقّب بـ (التقي) (198 - 265هـ)، وتولّى الإمامة عام 212هـ، سكن السلمية سرّاً حيث أصبحت مركزاً لنشر الدعوة.

5 - الحسين بن أحمد بن عبد الله بن محمّد بن إسماعيل الملقّب بـ (الرضي) (212 - 289هـ) تولّى الإمامة عام 265هـ، ويقال أنّه اتّخذ عبد الله بن ميمون القدّاح حجّة له وحجاباً عليه.

٢٥٥

الأئمّة الظاهرون:

6 - عبيد الله المهدي (260 - 322هـ) والمعروف بين الإسماعيليّة أنّ عبيد الله المهدي الّذي هاجر إلى المغرب وأسّس هناك الدولة الفاطميّة كان ابتداءً لعهد الأئمّة الظاهرين الّذين جهروا بالدعوة وأخرجوها عن الاستتار.

7 - محمّد بن عبيد الله القائم بأمر الله (280 - 334هـ)، ولد بالسلمية، ارتحل مع أبيه عبيد الله المهدي إلى المغرب وعهد إليه بالإمامة من بعده.

8 - إسماعيل المنصور بالله (303 - 346هـ)، ولد بالقيروان، تسلّم شؤون الإمامة بعد وفاة أبيه سنة 334هـ.

9 - معد بن إسماعيل المعزّ لدين الله (319 - 365هـ)، مؤسس الدولة الفاطميّة في مصر.

10 - نزار بن معد العزيز بالله (344 - 386هـ)، ولي العهد بمصر سنة 365هـ، واستقلّ بالأمر بعد وفاة أبيه، وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفاً.

11 - منصور بن نزار الحاكم بأمر الله (375 - 411هـ)، بويع بالخلافة سنة 386هـ وكان عمره أحد عشر عاماً ونصف العام، وهو من الشخصيّات القليلة الّتي لم تتجلّ شخصيّته بوضوح، وقام بأعمال إصلاحيّة زعم مناوئوه أنّها من البدع.

وأمّا عن مصير الحاكم، فمجمل القول فيه أنّه فُقد في سنة 411هـ، ولم يُعلم مصيره، وحامت حول كيفيّة اغتياله أساطير لا تتلاءم مع الحاكم المقتدر.

٢٥٦

وبعد اختفائه انشقّت فِرقة من الإسماعيليّة ذهبت إلى إلوهيّة الحاكم وغيبته، وهم المعروفون اليوم بـ (الدروز) يقطنون لبنان.

12 - عليّ بن منصور الظاهر لإعزاز دين الله (395 - 427هـ)، بويع بالخلافة وعمره ستة عشر عاماً، وشنّ حرباً على الدروز محاولاً إرجاعهم إلى العقيدة الفاطميّة الأصيلة.

13 - معد بن عليّ المستنصر بالله (420 - 487هـ)، بويع بالخلافة عام 427هـ، وكان له من العمر سبعة أعوام، وقد ظلّ في الحكم ستّين عاماً، وهي أطول مدّة في تاريخ الخلافة الإسلاميّة.

إلى هنا تمّت ترجمة الأئمّة الثلاثة عشر الّذين اتّفقت كلمة الإسماعيليّة على إمامتهم وخلافتهم، ولم يشذّ منهم سوى الدروز الّذين انشقوا عن الإسماعيليّة في عهد خلافة الحاكم بأمر الله، وصار وفاة المستنصر بالله سبباً لانشقاق آخر وظهور طائفتين من الإسماعيليّة، بين مستعلية تقول بإمامة أحمد المستعلي بن المستنصر بالله، ونزاريّة تقول بإمامة نزار بن المستنصر.

وسنأتي بالحديث عن الإسماعيليّة المستعلية والنزاريّة فيما يلي.

٢٥٧

الإسماعيليّة المستعلية

صارت وفاة المستنصر بالله سبباً لانشقاق الإسماعيليّة مرّة ثانية - بعد انشقاق الدروز في المرّة الأُولى - فمنهم من ذهب إلى إمامة أحمد المستعلي بن المستنصر بالله، ومنهم من ذهب إلى إمامة نزار من المستنصر بالله، وإليك الكلام في أئمّة المستعلية في هذا الفصل مقتصرين على أسمائهم وتاريخ ولادتهم ووفاتهم:

1 - الإمام أحمد بن معد بن عليّ المستعلي بالله (467 - 495هـ).

2 - الإمام منصور بن أحمد الآمر بأحكام الله (490 - 524هـ).

قال ابن خلّكان: مات الآمر بأحكام الله ولم يعقب، وربّما يقال: أنّ الآمر مات وامرأته حامل بالطيّب. فلأجل ذلك عهد الآمر بأحكام الله الخلافة إلى الحافظ، الظافر، الفائز، ثُمَّ إلى العاضد، وبما أنّ هؤلاء لم يكونوا من صلب الإمام السابق، بل كانوا من أبناء عمّه صاروا دعاة؛ حيث لم يكن في الساحة إمام، ودخلت الدعوة المستعلية بعد اختفاء الطيّب بالستر، وما تزال تنتظر عودته، وتوقّفت عن السير وراء الركب الإمامي واتّبعت نظام الدعاة المطلقين.

3 - الداعي عبد المجيد بن أبي القاسم محمّد بن المستنصر الحافظ لدين الله (467 - 544هـ).

4 - الداعي إسماعيل بن عبد المجيد الظافر بأمر الله (527 - 549 هـ).

٢٥٨

5 - الداعي عيسى بن إسماعيل الفائز بنصر الله (544 - 555هـ).

6 - عبد الله بن يوسف العاضد لدين الله (546 - 567هـ).

ثُمَّ إنّ العاضد فوّض الوزارة إلى صلاح الدين الأيّوبي الّذي بذل الأموال على أصحابه وأضعف العاضد باستنفاد ما عنده من المال، فلم يزل أمره في ازدياد وأمر العاضد في نقصان، حتّى تلاشى العاضد وانحلّ أمره، ولم يبق له سوى إقامة ذكره في الخطبة، وتتبّع صلاح الدين جُند العاضد، وأخذ دور الأمراء وإقطاعاتهم فوهبها لأصحابه، وبعث إلى أبيه وإخوته وأهله، فقدموا من الشام عليه، وعزل قُضاة مصر الشيعة، واختفى مذهب الشيعة إلى أنّ نُسي من مصر، وقد زادت المضايقات على العاضد وأهل بيته، حتّى مرض ومات وعمره إحدى وعشرون سنة إلاّ عشرة أيام، وهو آخر الخلفاء الفاطميّين بمصر، وكانت مدّتهم بالمغرب ومصر منذ قام عبيد الله المهدي إلى أن مات العاضد 272 سنة، منها بالقاهرة 208 سنين.(1)

تتابع الدعاة عند المستعلية:

قد عرفت أنّ ركب الإمامة قد توقّف عند المستعلية وانتهى الأمر إلى الدعاة الّذين تتابعوا إلى زمان 999هـ، وعند ذلك افترقت المستعلية إلى فِرقتين: داوديّة، وسليمانيّة، وذلك بعد وفاة الداعي المطلق داود بن عجب شاه، انتخبت مستعلية كجرات داود بن قطب شاه خلفاً له، ولكن اليمانيّين عارضوا ذلك وانتخبوا داعياً آخر، يُدعى سليمان بن

____________________

(1) انظر الخطط المقريزيّة: 1/358 - 359.

٢٥٩

الحسن، ويقولون: إنّ داود قد أوصى له بموجب وثيقة ما تزال محفوظة.

إنّ الداعي المطلق للفِرقة الإسماعيليّة المستعلية الداوديّة اليوم هو طاهر سيف الدّين، ويُقيم في بومباي الهند، أمّا الداعي المطلق للفِرقة المستعلية السليمانيّة فهو عليّ بن الحسين، ويقيم في مقاطعة نجران بالحجاز. (1)

جناية التاريخ على الفاطميّين:

لاشكّ أنّ كلّ دولة يرأسها غير معصوم لا تخلو من أخطاء وهفوات، وربّما تنتابها بين آونة وأُخرى حوادث وفتن تضعضع كيانها وتشرفها على الانهيار.

والدولة الفاطميّة غير مستثناة عن هذا الخط السائد؛ فقد كانت لديها زلاّت وعثرات، إلاّ أنّها قامت بأعمال ومشاريع كبيرة لا تقوم بها إلاّ الدولة المؤمنة بالله سبحانه وشريعته، كالجامع الأزهر الّذي ظلّ عبر الدهور يُنير الدرب لأكثر من ألف سنة، كما أنّهم أنشأوا جوامع كبيرة ومدارس عظيمة مذكورة في تاريخهم، وبذلك رفعوا الثقافة الإسلاميّة إلى مرتبة عالية، وتلك الأعمال جعلت لهم في قلوب الناس مكانة عالية.

غير أنّا نرى أنّ أكثر المؤرّخين يصوّرها بأنّها من أكثر العصور ظلاماً في التاريخ؛ شأنها في ذلك شأن سائر الفراعنة، وليس هذا إلاّ حدسيّات وتخمينات أخذها أصحاب أقلام السِّير والتاريخ من رُماة القول على عواهنه دون أن يُمعنوا فيه.

____________________

(1) عارف تامر: الإمامة في الإسلام: 162.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317