الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112948 / تحميل: 6369
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ *رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ *رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ ) (٢) .

( فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (٣) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ *يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ) (٤) .

( الحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ *يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ) (٥) .

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ ، الحَيّ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ ، الحَيُّ الَّذي لا يَمُوتُ ، والقائِمُ الّذي لا يَتَغَيرُ ، والدائِمُ الّذي لا يَفنى ، والقاسِطُ الذي

__________________

(١) النمل ٢٧ : ١٥.

(٢) ابراهيم ١٤ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ٤١.

(٣) الجاثية ٤٥ : ٣٦ ـ ٣٧.

(٤) سبأ ٣٤ : ١ ـ ٢.

(٥) فاطر ٣٥ : ١ ـ ٣.

٨١

لا يَزولُ ، والعَدْلُ الّذي لا يجُورُ ، والحاكِمُ الّذي لا يحيفُ ، واللَطيفُ الّذي لا يخفى عَليهِ شيءٌ ، و(١) الواسِعُ الَّذي لا يَبخَلُ ، والمُعطي مَن يَشاءُ ما يَشاءُ وَالاوَلُ الَّذي لا يُدرَكُ ، والآخِرُ الَّذي لا يُسبَقُ ، والظاهِرُ الَّذي لَيسَ فَوقَهُ شَيءٌ ، والباطِنُ الَّذي لَيسَ دُونَهُ شيءٌ ، أحاطَ بِكُلِّ شيءٍ علماً ، وأحصى كُلَّ شيءٍ عَدَداً.

اللّهمَّ فَأنطق بِدُعائِكَ لِساني ، وَأنجح بِهِ طَلَبتي وأعطنِي بِهِ حاجَتي ، وَبَلِّغني بِهِ رَغبتي ، وأقِرَّ بِهِ عَيني ، وَأسمِع بِهِ نِدائِي ، وَأجِب بِهِ دُعائِي ، وَبارِك لي في جَميعِ ما أنا فِيهِ بَرَكَةً تَرحَم بها شَكوايَ وتَرحمَني ، وَتَرضى عَني ، آمين رَبِّ العالمينَ.

الحمدُ للهِ الَّذي( يُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ *وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ ) (٢) .

الحمدُ للهِ الذي لهُ دَعوَةُ الحقِّ المُبِينِ ، وَمَن يُدعى من دُونِهِ فَهُوَ الباطِلُ ، وَهُو العَليُ الكَبيرُ. الحمدُ للهِ الذي( يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (٣) الحمدُ للهِ الذي( وَسِعَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) الرعد ١٣ : ١٢ ـ ١٣.

(٣) الزمر ٣٩ : ٤٢.

٨٢

كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (١) الحمدُ للهِ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ *هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٢) الحمدُ لله الذي لا الهَ الاّ هُو( الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٣) وجَعَل الظلماتِ والنُّور ثُمّ الذين كَفروا بربّهم يَعدِلُونَ.

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (٤) »(٥) .

اليوم الثاني :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نساء وتزويج ، وفيه خلقت حواء من آدمعليه‌السلام ، وزوَّجه الله سبحانه بها. يصلح لبناء المنازل ، وكتب العهد ، والاختيارات ، والسفر ، وطلب الحوائج. ومن مرض فيه في أول النهار كان مرضه خفيفاً ، ومن مرض فيه آخر النهار اجهد به. والمولود فيه يكون صالح التربية انشاء الله ».

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٥٥.

(٢) الحشر ٥٩ : ٢٢ ـ ٢٣.

(٣) الحشر ٥٩ : ٢٤.

(٤) الاسراء ١٧ : ١١١.

(٥) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٥ / ٤.

٨٣

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز بهمن اسم ملك من الملائكة موكل تحت العرش ، وهو يوم مبارك يصلح للتزويج ، وأن يقدم الانسان من سفره على أهله ، ويشتري فيه ويبيع ، ويقضي فيه الحوائج ، وهو يوم سعيد جميعه.

دعاء أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذا اليوم :

«( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا *قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا *مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا *مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ *الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) (٢) .

( الحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ *أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ *أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ *أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ *أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ

__________________

(١) الكهف ١٨ : ١ ـ ٥.

(٢) فاطر ٣٥ : ٣٤ ـ ٣٥.

٨٤

ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) (٢) .

( الحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) .

الحمدُ للهِ الغَفورِ الرّحيمِ ، الوَدودِ التَوّابِ ، الوَهّابِ الكَريمِ ، العَظيمِ السَّميعِ العَليمِ ، الصَّمَدِ الحيّ ، القيُّومِ ، العزيزِ الجبّارِ المُتكبرِ ، سُبحانَ اللهِ الملكِ المقتدرِ ، القيُّومِ العَزيزِ الجبّارِ الحقِّ المُبينِ ، العَلي الاعلى المُتعالي ، الاوَّل الآخِرِ ، الظّاهِرِ الباطنِ ، الزَّكي الحميدِ ، الوَلي النَّصيرِ ، الخالِقِ البارئ المُصِّورِ ، القهّارِ القاهرِ ، الشّاكرِ الشَّهيدِ ، الحميدِ المجيدِ ، الرَّقيبِ الرّؤوفِ ، الفَتّاحِ العَليمِ ، الكَريمِ الجَليلِ ، غافِرِ الذَّنبِ وَقابِلِ التَّوبِ ، مالِكِ المُلكِ ، عالمِ الغيبِ والشّهادَةِ ، القائِمِ على كُلِّ نَفسٍ بما كَسَبَتْ ، رَبِّ العالمين.

__________________

(١) النمل ٢٧ : ٥٩ ـ ٦٥.

(٢) سبأ ٣٤ : ١.

(٣) فاطر ٣٥ : ١.

٨٥

الحمدُ للهِ العَظيمِ المَلكِ ، عَظيمِ العرشِ ، عَظيم السُّلطانِ ، عظيمِ الحلمِ ، عَظيمِ الرَّحمةِ ، عظيمِ الآلاءِ ، عظيمِ النّعمآءِ ، عَظيمِ الفضلِ ، عظيمِ العزّةِ ، عظيمِ الكبرياءِ ، عظيمِ الجبرُوتِ ، عظيمِ العظمةِ ، عظيمِ الرّأفةِ ، عَظيمِ الامرِ ، تَباركَ الله ربِّ العالمينَ.

اللهُ أعظمُ منْ كل شيءٍ ، وأرحمُ من كلِّ شيءٍ ، وأعلى منْ كلِّ شيءٍ ، وأملكُ من كل شيءٍ ، وأقدرُ من كُلّ شيءٍ.

الحمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، العَلي العظيمِ ، المتكبّر المُتجبّر الجبارِ ، القاهرِ القهّارِ ، مالكِ الجنِّة والنّارِ ، لهُ الكبرياءُ والجبروتُ ، واليهِ يصعدُ الكلمُ الطّيّبُ والعملُ الصّالحُ يرفعهُ.

اللهّم صلّ على مُحمدٍ وآلٍ محمدٍ ، واجعلْ أعمالَنا مَرفُوعةً إليكَ ، موصُولةً بقولكَ ، وأعنّا على تأديتِها لكَ ، إنّهُ لا يأتي بالخَير إلاّ أنتَ ، ولا يصرفُ السوءَ إلاّ أنتَ ، اصرفْ عنّا السُّوء والمحذُور ، وباركْ لنا في جميع ِالاُمُورِ ، إنّكَ غفورٌ شَكُورٌ.

اللّهُمّ لا تُخيّب دُعآءَنا ، وَلا تُشمِت بِنا أعداءَنا ، ولا تجْعلنا للشرِّ غَرَضاً ، ولا لِلمكروهِ نَصَباً ، واعفُ عَنّا وعافِنا في كلِّ الاحوالِ ، إنَّكَ على كُلّ شيءٍ قديرٌ ، وانّك انتَ اللهُ الكبيرُ المُتعالِ »(١) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٧.

٨٦

اليوم الثالث :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « انه يوم نحس مستمر ، فاتق فيه السلطان والبيع والشراء وطلب الحوائج ، ولا تتعرض فيه لمعاملة ، ولا تشارك فيه أحداً. وفيه سُلب آدم وحواءعليهما‌السلام لباسهما وأُخرجا من الجنة. واجعل شغلك صلاح أمر منزلك ، وان امكنك أن لا تخرج من دارك فافعل. والهارب فيه يؤخذ ، والمريض فيه يجهد ، وهو يوم ثقيل جداً. والمولود فيه يكون مرزوقاً طويل العمر » والله أعلم.

وقال سلمان :روز ارديبهشت اسم الملك الموكل بالشفاء والسقم ، يوم نحس لا ينبغي أن يعرف فيه سلطان ، ولا يصلح بعد الحركة والاضطراب ، وهو يوم ثقيل.

دعاء النبيعليه‌السلام واستعاذته فيه :

« الحمدُ للهِ الاولِ والآخِرِ ، والظاهِرِ والباطِنِ ، القائِمِ الدائِمِ ، الحليمِ الكريمِ ، الاحَدِ الصَّمدِ ، الذي لمْ يَتَّخذ صاحِبةً ولا وَلداً ، وَلم يَلدْ ولمْ يُولدْ ، ولم يكُنْ لهُ كُفواً أحدٌ.

الحمدُ لله الحقِّ المُبين ، ذي القُوَّةِ المتينِ ، والفَضلِ العَظيمِ ، الماجِدِ الكَريمِ ، المنعمِ المتَكَرِّمِ ، الواسِعِ الباسِطِ ، القاضي الحقِّ.

الحمدُ للهِ القابِضِ الباسِطِ ، المانِعِ المُعطي ، الفَتّاحِ ، المُبلي المُميتِ المُحيِّ ، ذي الجلالِ وَالاكرامِ ، ذِي المعارِجِ ، تَعرُجُ الملائِكَةُ

٨٧

والرُّوحُ بأمرهِ.

والحمدُ للهِ ذي الرَّحمةِ الواسِعَةِ ، والنِّعمَةِ السّابِغَةِ ، والحُجَّةِ البالِغَةِ ، والأمثالِ العالِيَةِ ، وَالاسماءِ الحُسنى ، شَديدِ القُوى ، فالقِ الاصباحِ ، وَجاعِلِ اللّيلِ سَكَناً ، والشّمسَ والقَمَرَ حُسباناً ، ذلك تقديرُ العزيزِ العليمِ.

الحمدُ للهِ رفيعِ الدَّرجاتِ ، ذي العَرشِ ، يُلقي الرُّوحَ من أمرِهِ على مَن يَشاءُ مِنْ عبادِهِ ، رَبِّ العِبادِ والبِلادِ ، وإليهِ المعادُ ، سريعُ الحسابِ ، شديدُ العِقابِ ، ذي الطَّولِ ، لا إلهَ إلاّ هُوَ إليه المصيرُ ، إذا قضى أمراً فَانّما يَقُولُ له كُن فيكونُ. باسطُ اليَدَين بالرَّحمةِ ، وهّابُ الخير ، لا يخيبُ عامِلُهُ ، ولا يندَمُ آملُهُ ، ولا تُحصى نِعَمُهُ ، صادِقُ الوعدِ ، وَعدُهُ حقٌ ، وهُو أحكمُ الحاكمينَ ، وأسرعُ الحاسبينَ ، وحُكمُهُ عدلْ ، وهو للحمدِ أهلٌ ، يُعطي الخيرَ ، ويقضي بالحقَّ ، ويهدي السّبيل. خَلقَ الموتَ والحياة َليبلُوكم أيّكم أحسنُ عملاً وهُو العزيزُ الغفورُ ، جميلُ الثناءِ ، حسن البلاءِ ، سميعُ الدّعاءِ ، حَسَنُ القضاءِ ، لهُ الكِبرياء ، يَفعَلُ ما يشاءُ ، مُنزِّل الغيثِ من السَّماءِ ، عالمُ الغيبِ ، باسطُ الرِّزقِ ، مُنشِئ السّحاب ِ ، معتقُ الرّقابِ ، مُدبّرُ الامرِ ، مُجيبُ المُضطرِ ، لا مانع لما أعطى ، ولا مُعطي لما مَنَعَ ، لَيسَ كَمثلِهِ شيءٌ وهو السَّميعُ البَصيرُ.

أسألُكَ يا مَنْ تَقَدسَتْ أسماؤهُ ، وَكَرُمَ ثَناؤهُ ، وَعَظُمَتْ آلاؤهُ ، أنْ تُصَلي على محمَدٍ وآل محمَدٍ وَأنْ تَغفِرَ لَنا ما مَضى مِنْ ذُنُوبنا ، وَتَعصِمنا

٨٨

فيما بَقيَ من عُمرنا.

اللهُمَّ اجعَلْ خيرَ أعمالِنا خَواتِيمها ، وَخَير أيامنا يَومَ لِقائِكَ.

اللهُمّ مُنَّ علينا في هَذهِ السّاعةِ في جَميعِ ما نَستَقبِلُ مِن نَهارِنا بالتَّوبَةِ والطّهارَةِ والمغفِرَةِ والتَّوفيقِ والنَّجاةِ منَ النَّارِ.

اللهُمّ ابسِط لنا في أرزاقِنا ، وَبارِك لَنا في أعمارِنا ، واحرِسنا منَ الاسواءِ والضرّاءِ ، وآتنا بالفرجِ والرَّخاءِ ، انَّكَ سميعُ الدعاءِ ، لطيفٌ لما تشاءُ »(١) .

اليوم الرابع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

« هذا يوم ولد ( فيه )(٢) هابيل بن آدمعليه‌السلام . وهو يوم صالح للصيد والزرع ، ويكره فيه السفر ، ويخاف على المسافر فيه القتل والسلب وبلاء يصيبه. ويستحب فيه البناء واتخاذ الماشية ، ومن هرب فيه عسر طلبه ، ولجأ الى من يمنعه. ومن ولد فيه يكون صالحاً مباركاً ما عاش ، ومن سافر فيه ناله مشقة الطريق ».

قال سلمان : اسم هذا اليومروز شهريور ، اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر ووكّل بها ، وهو موكل ببحر التوم.

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٩ باختلاف فيه.

(٢) اثبتناها من نسخة الحر العاملي في الوسائل ٨ : ٢٩٣ / ٢.

٨٩

دعاء أبي عبد اللهعليه‌السلام وتمجيده في هذا اليوم :

«اللّهُمّ لكَ الحمدُ ، ظَهَرَ دينُكَ ، وَبَلغتْ حُجتكَ ، واشَتدَّ مُلكُكَ ، وَعَظُمَ سُلطانُكَ ، وَصَدَق وعدُكَ ، وارَتفَع عَرشُكَ ، وارسَلتَ رسُلكَ بالهُدى ودينِ الحقِّ لتظهرهُ على الدينِ كُلّه وَلو كَرهَ المُشركونَ.

اللّهُمّ لَكَ الحمدُ والشُكرُ ، وَمِنكَ النّعمةُ والمنعَةُ والمنُّ ، تَكشفُ السُّوءَ ، وتأتي بالتَيسيرِ ، وتَطرُدُ العَسير ، وتَقضي بالحقّ ، وتَعدلُ بالقسطِ ، وتهدي السّبيلَ. تَباركَ وجهُكَ سُبحانَكَ وبِحمدكَ ، لا إله إلاّ أنت ربُّ السّمواتِ وَرَبُّ الارضينَ ومن فيهنّ ورَبّ العرشِ العظيمِ.

اللهم لَكَ الحمدُ ، الحسَنُ بلاؤكَ ، وَالعَدلُ قضاؤكَ ، والارضُ في قَبضتكَ ، والسّماواتُ مطوياتْ بيَمينِكَ.

اللهم لكَ الحمدُ مُنزِّلُ الآياتِ ، مُجيبُ الدَعَواتِ ، كاشفُ الكُرباتِ ، مُنِّزلُ الخيراتِ ، مَلكُ المحيا وَالمماتِ.

اللهم لكَ الحمدُ في الليلِ اذا يغشى ، وَلَك الحمدُ في النهارِ اذا تَجَلى ، وَلكَ الحمدُ في الآخرةِ وَالاُولى.

اللهم لَكَ الحمدُ على ما أحبِّ العِبادُ وَكَرِهوا مِن مقادِيرِكَ وَحُكمِكَ ، ولك الحمد على كُلِّ حالٍ من أمرِ الدينا والآخرةِ ، يا خَيرَ من سُئِلَ ، وَيا أفضَلَ من اُمِلَ ، ويا أكرَمَ مَن جادَ بالعطايا ، صلّ على مُحمدٍ نبيكَ وآلهِ ، وعافِنا مِن محذورِ البلايا ، وَهَب لَنا الصبرَ الجميلَ عند حُلُولِ الرَزايا ، ولقّنا اليُسر والسُّرور وكِفاية المحذورِ ، وعافِنا في جميع الاُمورِ ،

٩٠

انَّكَ لطيفٌ خَبيرٌ. وصَلِّ على محمدٍ وآله ، وآتِنا بالفرجِ والرخاء ِ ، وآتِنا في الدينا حَسَنَةً وفي الآخرةِ حَسَنَةً وَقنا عذاب النّارِ »(١) .

اليوم الخامس :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ولد فيه قابيل الشقي ، وفيه قتل أخاه ، ودعا فيه بالويل على نفسه ، وهو أول من بكى على الارض من بني آدم ، وكان ملعوناً. وهو نحس مستمر ، فلا تبتدىء فيه بعمل ، وتعاهد من في منزلك ، وانظر في اصلاح الماشية ، ولا تستخلف فيه أحداً ، والكاذب فيه يعجل له الجزاء ، ومن ولد فيه صلحت تربيته ان شاء الله ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز اسفنديار ، اسم الملك الموكل بالارضين ، يوم نحس ولد فيه قابيل ، وكان كافراً ملعوناً قتل أخاه ، ودعا فيه قومه بالويل والثبور ، وأدخل عليهم الغم والحزن. لا تطلب فيه حاجة ، ولا تلق فيه سلطاناً ، وتخل في المنزل فانه يوم ثقيل.

العوذة والتمجيد في هذا اليوم :

اللٌهُمّ لَكَ الحمدُ ذا العِزِّ الاكبَرِ ، وَلَكَ الحمدُ في الليلِ اذا أدبر ، وَلَكَ الحمدُ في الصُّبح اذا أسفَرَ. وَلَكَ الحمدُ حمداً يبلغُ أوله آخرهُ ، وعاقبتهُ رضوانَكَ. وَلَك الحمدُ في سماواتكِ محموداً ، وفي بلادكَ وعبادكَ معبوداً. ولكَ الحمدُ في النٌعم الظاهرةِ ، ولَكَ الحمدُ في النٌعم الباطنةِ ، ولَكَ

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٠ باختلاف فيه.

٩١

الحمدُ يا مَن أحصى كُلّ شيءٍ عدداً ، وَوسعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعلماً.

الحمدُ لله الذي زيّن السّماءَ بَمصابيحَ ( وَجَعَلَهَا )(١) رجوماً للشَّياطينَ.

الحمدُ لله الذي جَعَل لنا الارضَ فراشاً ، وأنبت لنا من الزرعِ والشَّجَر والفواكِهِ والنَّخلِ ألواناً ، وجَعَل في الارضِ ( رواسي )(٢) أن تميدَ بِنا فَجَعَلَها لِلارضِ أوتاداً.

الحمدُ لله الذي سَخَّرَ البحرَ لِتَجريَ فيهِ الفُلكَ بأمرهِ ولنبتغي مِن فضلهِ ، وَجَعلَ لَنا مِنهُ حليةً نَلبَسَها ولحماً طَرياً.

الحمدُ لله الذي سخّر لنا الانعامَ لنأكُل منها ، وَجَعلَ لنا مِنهاركوباً ، وَمن جُلودها بيوتاً ولباساً ومتاعاً الى حينٍ.

وَالحَمدُ لله الكريم في مُلكهِ ، القاهِرِ لبريتهِ ، القادِرِ على أمرِهِ ، المحمودِ في صُنعهِ ، اللطيفِ بعلمِهِ ، الرّؤوفِ بعبادِهِ ، المُستأثِرِ بجبرُوتهِ ، في عِزّهِ وجلالِهِ وهيبتِهِ.

الحمدُ للهِ الذّي خَلَقَ الخَلْق على غَيرِ مِثالٍ ، وقَهرَ العبادَ بِغَيرِ أعوانٍ ، وَرَفَع السَّماءَ بِغيرِ عَمَدٍ ، وَبَسَطَ الارضَ على الهَواءِ بِغَيرِ أركانٍ.

الحمدُ للهِ على ما يُبدِي وما يُخفِي ، ولهُ الحمدُ على ما كانَ وَما يَكُونُ ، ولهُ الحمدُ على حِلمِه بَعدَ عِلمِهِ ، وَعلى عَفوِهِ بَعدَ قُدرَتِهِ ، وَعَلى صَفحِهِ بَعد إعذارِهِ.

__________________

(١) في « ك » : وجعلناها ، وما اثبتناه من « ن ».

(٢) أثبتناها من نسخة « ن ».

٩٢

وَالحمدُ للهِ الكَريمِ المنّانِ ، الّذي هَدانا للايمانِ ، وعَلّمنا القُرآن ، وَمَنَّ عَلَينا بمُحمدٍ عَليهِ وَآلهِ الطّاهرينَ السَّلاُمُ.

اللهُمّ صَلّ على محمدٍ وآلِهِ ، ولا تذر لَنا في هذِهِ الساعَةِ ذَنباً إلا غَفَرتهُ ، ولا هَمَّاً إلا فَرَّجْته ، وَلا عَيباً إلا أصلَحتهُ ، وَلا مَرضاً إلاّ شَفَيتهُ ، وَلا دَيناً إلاّ قَضَيتهُ ، وَلا سُؤالاً إلاّ أعطَيتهُ ، وَلا غَريباً إلاّ صاحَبتهُ ، وَلا غائِباً إلاّ رَدَدْته ، وَلا عانِياً إلاّ فككتَ ، وَلا مَهْمُوماً إلا نَفستَ ، وَلا خائفاً إلا آمَنَت ، وَلا عَدُواً إلا كفيَت ، وَلا كسِيراً إلاّ جَبَرتَ ، وَلا جائعاً إلاّ أشبَعتَ ، وَلا ظَمآناً إلاّ أنهَلتَ ، ولا عارِياً إلاّ كسَوتَ ، وَلا حاجَة مِن حَوائج الدُينا وَالآخِرَة لك ( فيها )(١) رِضا وَلنا فيها صَلاح إلاّ قضَيتها في يُسر مِنك وَعافيةٍ يا أرحَمَ الراحِمينَ(٢) .

اليوم السادس :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هو يوم صالح للتزويج ، مبارك للحوائج والسفر في البر والبحر ، ومن سافر فيه رجع الى أهله بما يحبه ، وهو جيد لشراء الماشية ، ومن ضل فيه أو ابق وجد ، ومن مرض فيه برأ ، ومن ولد فيه كان صالح التربية وسلم من الافات ان شاء الله وبه الثقة ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز خرداد اسم الملك الموكل بالجن ،

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤١ باختلاف فيه.

٩٣

وهو يوم صالح ، و(١) طلب المعاش وكل حاجة. والأحلام فيه تصح بعد يوم ان شاء الله.

العوذة فيه لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

« اللهُمَ لَكَ الحَمدُ حَمداً أنالُ بِهِ رِضاكَ ، وَاُؤدِي بِهِ شُكرَكَ ، وَأستوجِبُ بهِ المَزيدَ مِنْ فضلكَ. اللهُمَّ لكَ الحَمدُ عَلى حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ ، وَلكَ الحَمدُ على عَفوِكَ بَعدَ قدرتِكَ ، وَلكَ الحَمدُ عَلى ما أنعَمتَ بِهِ عَلينا بَعدَ النِّعمِ نعماءَ ، وَبعدَ الاحسانِ إحساناً. وَلكَ الحمد أنعمت علينا بالاسلامِ ، وعلمتنا القرآنَ. وَلَكَ الحَمدُ في السرَّاءِ والضرَّاءِ ، والشِّدةِ والرِّخاءِ ، وَلَكَ الحَمدُ على كُلِّ حالٍ.

اللّهم لَكَ الحمدُ كما أنتَ أهلهُ ووليّه ، وَكما يَنبغي لِسبحاتِ وَجهكَ الكريم.

الحمدُ لله الّذي لا تَخفى عليه خافيةٌ في السّمواتِ والارضِ ، وَهُو بِكُل شيءٍ عليمٌ.

الحمدُ لله الّذي من تَوكلَ عَليهِ كَفاهُ ولم يكلهُ الى غَيرهِ ، والحَمدُ لله الّذي هُو ثِقَتُنَا حَين ينقطُع عَنّا الرجاءُ ، والحمدُ لله الّذي هُو رَجاؤنا حينَ تسوءُ ظُنوننا بأعمالِنا ، والحمدُ لله الّذي نَسألَهُ العافيةِ فَيُعافِينا.

الحمدُ للهِ الّذي نَستَعينهُ فيُعيننا ، الحمدُ للهِ الّذي نرجُوهُ فَيُحققُ رَجاءنا ، الحمدُ لله الّذي نَدعُوهُ فُيجيبُ دعاءَنا ، الحمدُ لله الّذي نَستَنصِرهُ

__________________

(١) كذا ، ولعل هناك سقط أو تصحيف.

٩٤

فينصرَنا ، الحمدُ لله الّذي نسألهُ فيعطِينا.

الحمدُ لله الّذي اُناجيه بما اُريدُ مِنْ حاجَةٍ ، الحمدُ لله الّذي يَحلمُ عنّا حتى كَأنّا لا ذنبَ لنا ، الحمدُ لله الّذي تحببَ إلينا بنعِمِه عَلينا وَهُوغَنيٌ عَنّا ، الحمدُ لله الذي لَم يَكلنا الى نُفُوسنا فَيعجزُ عنها ضَعفُنا وقَلةُ حِيلَتِنا.

الحمدُ لله الّذي حَمَلنا في البَرّ والبَحْرِ وَرَزقَنا من الطّيبات وَفضّلنا على كَثيرٍ مّمنْ ( خَلَقَ )(١) تفضيلاً.

الحَمدُ لله الذي أشبَعَ جَوعنا ، وَآمَنَ رَوعَتنا ، وَأقالَ عَثرَتنا ، وَكَبتَ عَدونا ، وَألّفَ بَين قُلوبنا.

الحمدُ للهِ مالِكِ المُلك ، مُجري الفُلكِ ، فالقِ الإصباحِ ، مُسَخِّرِ الرياحِ ، الذي عَلا فَقَهَرَ ، وَمَلَكَ فَقَدرَ ، وَبَطنَ فَخَبَرَ.

الحمدُ لله الذي لا تَستُرُ منهُ القُصورُ ، ولا تُكِّنُّ(٢) منه السُّتُورُ ، وَلا تُواري منهُ البحورُ ، وكُلُّ شيءٍ اليه يصيرُ.

الحمدُ لله الذي لا يَزولُ مُلكُه ُ ، ولا يَتَضعضعُ ركنُهُ ، ولا تُرامُ قوتهُ.

اللّهُمّ لك الحمدُ في اللَيلِ اذا يغشى ، وَلكَ الحمدُ في النّهار اذا تَجلى ، وَلَك الحمدُ في الآخرةِ والاُولى ، ولكَ الحمدُ في السّماواتِ العُلى ، ولكَ الحمدُ في الارضينَ السُفلى ، وَلكَ الحمدُ حمداً يَزيدُ ولا يَبيدُ ، وَلَكَ

__________________

(١) في « ك » : خلقنا ، وما اثبتناه من « ن ».

(٢) الكنُّ : السترة ، والجمع اكنان ، وكننت الشيء اي سترته وصنته. انظر الصحاح ـ كنن ـ ٦ : ٢١٨٨.

٩٥

الحمدُ حمداً يَبقى وَلا يَفنى ، وَلكَ الحمدُ حمداً تَضعُ لَكَ السّماءُ أكنافها(١) ، وَالارضونَ أثقالها ، وَلكَ الحمدُ حَمداً تُسبّحُ لَكَ السّماواتُ وَمنْ فيها ، والارضُ وَمنْ عليها ، وَلكَ الحمدُ يارَبِّ على ما هديتنا وَعلّمتنا ما لم نكُن نَعلمَ ، وكانَ فَضلُك ـ اللهُمّ ـ عَلينا عَظيماً.

اللهُمّ إنَّ رقابَنا لكَ بالتَوبةِ خاضعَةً ، وأيدِينا اليكَ بالرغَبةِ مَبسوطةُ ، لا عُذرَ لَنا فَنَعتذرُ ، ولا قُوة لَنا فنَنَتصرُ. اللّهُمّ صَلّ على مُحمدٍ وَآلِ مُحمدٍ وأعذنا أن تُخيِّبَ آمالَنا وَتُحبطَ أعمالَنا.

اللّهُمّ جُد بِحِلمكَ على جَهلِنا ، وَبغِناكَ على فَقرِنا ، واعفُ عَنا وَعافنا ، وتَفَضّل عَلينا ، وآتنا في الدينا حَسَنةَ وفي الآخرةِ حَسَنةً وَقِناعَذابَ النّارِ »(٢) .

اليوم السابع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم مختار فاعمل فيه ما تشاء وعالج ما تريد ، ومن عمل(٣) الكتابة في هذا اليوم اكملها حذقاً(٤) ، ومن بدأ فيه بالعمارة والغرس والنخل حمد أمره في ذلك ، ومن ولد فيه كان صالح التربية موسعاً عليه

__________________

(١) الكنف : ناحية الشيء ، واكناف الجبل الوادي : نواحيه حيث تنضم اليه.

انظر لسان العرب ٩ : ٣٠٨.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٣ باختلاف فيه.

(٣) وردت قبلها كلمة غير مقروءة.

(٤) حذقاً : أي بمهارة ، والعمل يحذق حذقاً وحذقاً ، وحذاقة ، اي مهر فيه.

انظر الصحاح ـ حذق ـ ٤ : ١٤٥٦.

٩٦

في الرزق ان شاء الله ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز مرداد ، اسم الملك الموكل بالناس وأرزاقهم ، وهو يوم مبارك سعيد ، فاعمل فيه كل شيء من الخير ان شاءالله.

الدعاء فيه :

اللهُمّ لكَ الحمدُ حَمداً لا يَبيدُ ولا يَنقَطعُ آخرهُ ، وَلا يَقصِرُ دونَ عَرشِكَ مُنتهاهُ.

الحَمدُ لله الذي لا يُطاعُ الاّ باذنهِ ، وَلا يُعصى الا بعِلمِهِ ، ولا يُخافُ الاّ عقابُهُ.

الحمدُ لله الذي لهُ الحُجةُ على من عَصاهُ ، والمنّةُ على مَن أطاعهُ.

الحمدُ للهِ الذي لا يُرجَى الا فضلُه ، ولا يُخافُ الا عذابُهُ.

الحمدُ لله الذي مَن رَحمُه من عِبادِهِ كان ذلكَ منهُ فَضلاً ، ومَن عَذّبَهُ مِنهُم كان ذلك مِنهُ عدلاً.

الحمدُ للهِ حَمدَ نَفسهُ فاستحمَدَ الى خَلقهِ.

الحمدُ لله الذي لا تدركُ الاوهامُ وصفُه.

الحمدُ لله الذي ذَهلَتِ العُقُولُ عن كُنهِ عظمتِهِ ، حتى تَرجَع الى ما امَتدحَ بهِ نفسهُ من عِزّهِ وَجودِهِ وطُولِهِ.

الحمدُ للهِ الذي كانِ قَبلَ كُلّ كائِن ، وَلا يوجَدُ لِكُلّ شيءٍ مَوضِعٌ قبله.

٩٧

الحمدُ لله الذي لا يكونُ كائناً غَيرهُ ، هُو الاولُ فلا شيءَ قبلهُ ، والآخرُ فلا شيءَ بَعدهُ ، الدائمُ بغيرِ غايةٍ ولا فَناءٍ.

الحمدُ لله الذي سدّ الهواءَ بالسّماءِ ، وَدَحا الارض على الماءِ ، واختارَ لنفسِهِ الاسماءَ الحُسنى.

( الحمدُ للهِ بغيرِ تَشبيهٍ )(١) والعالمِ بِغيرِ تكوينٍ ، وَالباقي بغَيرِ كُلفَةٍ ، وَالخالِقِ بغيرِ مَتعَبَةٍ ، وَالموصوفِ بِغَير مُنتهى.

الحمدُ لله الذي مَلَكَ المُلوكَ بقدرتِهِ ، واسْتعبَدَ الاربابَ بعزّتهِ ، وسادَ العُظماءَ بجودِهِ وَجَعلَ الكبرياءَ والفخرَ والفضلَ والكرمَ والجُودَ وَالمجدَ لنفسِهِ ، جارُ المستجيرينَ ، مَلجأ اللاجِئين ، مُعتمدُ المؤمنينَ ، وسبيلُ حاجَةِ العابدينَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ بجميعِ مَحامِدِكَ كُلّها ما عَلمنا مِنها وما لم نَعلَم ، وَلَكَ الحمدُ حَمداً يُكافي نِعَمِكَ وَيَمتَري(٢) مزيدك.

اللهُمّ لكَ الحمدُ حمداً يَفضلُ كل حَمدٍ حمدك بِهِ العابدونَ مِن خَلقكَ كفضلكَ على جَميع خلقِكَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ حمداً أبلغُ بهِ رِضاكَ ، وَاؤدي بِهِ شكرَكَ ،

__________________

(١) العبارة مضطربة ولا تتفق مع السياق الذي يليها ولعل هناك سقط ، ولكن في نسخة « ن » : الحمد لله المقدر بغير فكر.

(٢) المري : مسح ضرع الناقة لتجر ، أي يطلب منك المزيد منك رغم تعاظم نعمتك.

انظر لسان العرب ١٥ : ٢٧٦.

٩٨

وأستَوجِب بِهِ ( العَفوَ )(١) بعدَ قدرتكَ ، والرّحمةَ من عندكَ ، يا أرحَمَ الراحمينَ.

اللهُمَّ يا خَيرَ مَن شَخَصَتْ اليه الابصارُ ، وَمُدَتْ اليهِ الاعناقُ ، وَوَفَدَتْ اليهِ الآمالُ ، صَلّ على مُحمّدٍ وآل محمّدٍ ، واغفِر لَنا ما مضى مِن ذُنوبنا ، وَاعصمنا فيما بَقيَ من أعمارِنا ، ومُنَّ عَلينا في هذهِ السّاعة بالتّوبةِ وَالطهارةِ ، وَالمغفرةِ والتوفيق ، وَدفاعِ المحذورِ ، وسعةِ الرزقِ ، وحُسنِ المستَعتَبِ ، وَخَيرِ المُنقَلبِ ، وَالنّجاةِ من النّارِ(٢) .

اليوم الثامن :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «هذا يوم صالح لكل حاجة من البيع والشراء ، ومن دخل فيه على سلطان قضيت حاجته ، ويكره فيه ركوب السفن في الماء ، ويكره فيه ـ أيضاً ـ السفر والخروج الى الحرب وكتب العهود.

ومن ولد فيه صلحت تربيته ، ومن هرب له يقدر عليه الا بتعب ، ومن ضل فيه لم يرشد الا بجهد ، ومن مرض فيه اجهد وذهب».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ديباذر ، اسم من اسماء الله تعالى ، وهو يوم مختار مبارك سعيد ، صالح لكل الحوائج ، فاعمل فيه ما تريد من الخير ، وتجنب الشر.

الدعاء فيه :

اللهُمّ لَكَ الحمدُ عَدَدَ الورقِ والشَّجرِ ، وَلَكَ الحمدُ عَددَ الحَصى

__________________

(١) في « ك » بالعفو ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٤ باختلاف فيه.

٩٩

وَالمدَرِ(١) وَلَكَ الحمدُ عَددَ الشَّعرِ والوَبَرِ ، وَلَكَ الحمدُ عَدَدَ أيامِ الدُينا والآخرَةِ ، وَلكَ الحمدُ عَددَ نُجومِ السّماءِ ، وَلكَ الحمدُ عددَ قطرِ المطَرِ ، ولكَ الحمدُ عَددَ كُلّ شيءٍ خلقتَ ، ولكَ الحمدُ عدَدَ كلماتكَ ، وَلكَ الحمدُ رِضا نفسكَ ، ولكَ الحمدُ على ما أحاطَ بهِ علمُكَ ، ولكَ الحمدُ على كُلّ شيءٍ بَلغتهُ عَظمتُكَ ، وَلكَ الحمدُ في كُلّ شيءٍ خَزائنهُ بيدكَ ، وَلكَ الحمدُ على ما حَفظَ كتابُكَ ، ولكَ الحمدُ سَرمداً لا ينقضي أبداً ولا يُحصيهِا لخلائقُ عَدداً ، وَلكَ الحمدُ على نِعمكَ كُلّها ، عَلانيتِها وَسرِّها ، أوّلها وَآخرِها ، ظاهرِها وَباطنِها.

اللّهُمّ لَكَ الحمدُ على ما كانَ وَما لم يكُنَ وَما هُو كائنٌ.

اللّهُمّ لك الحمدُ كثيراً كما أنعمتَ ـ رَبّنا ـ عَلينا كَثيراً.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ كُلّهُ ، وَلكَ المُلكُ كُلّهُ ، وَبيدكَ الخَيرُ كُلّهُ ، وَاليكَ يَرجُع الامرُ كُلّهُ ، علانيتُهُ وسِرّهُ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ على بلائكَ وصُنعِكَ عِندنا ، قَدِيماً وَحَديثاً ، وَعندي خاصّةً ، خَلقتني فأحسنتَ خلقي ، وَهديتني فأكملتَ هِدايتي ، وَعَلّمتني فَأحسنت تعليمي.

ولكَ الحمدُ يا إلهي على حُسنِ بلائكَ وصنعكَ عِندي ، فَكم مِن

__________________

(١) قطع الطين اليابس ، وقيل : الطين العلك الذي لا رمل فيه ، واحدته مدره انظر لسان العرب : ٥ / ١٦٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧
١٩٨

«سورة القيامة»

محتوى السورة :

كما هو واضح من اسم السورة فإنّ مباحثها تدور حول مسائل ترتبط بالمعاد ويوم القيامة إلّا بعض الآيات التي تتحدث حول القرآن والمكذبين ، وأمّا الآيات المرتبطة بيوم القيامة فإنّها تجتمع في أربعة محاور :

١ ـ المسائل المرتبطة بأشراط الساعة.

٢ ـ المسائل المتعلقة بأحوال الصالحين والطالحين في ذلك اليوم.

٣ ـ المسائل المتعلقة باللحظات العسيرة للموت والانتقال إلى العالم الآخر.

٤ ـ الأبحاث المتعلقة بالهدف من خلق الإنسان ورابطة ذلك بمسألة المعاد.

فضيلة السورة :

في حديث روي عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبرائيل له يوم القيامة أنّه كا مؤمنا بيوم القيامة ، وجاء ووجهه مسفر على وجوه الخلائق يوم القيامة»(١) .

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «من أدمن قراءة( لا أُقْسِمُ ) وكان يعمل بها ، بعثها الله يوم القيامة معه في قبره ، في أحسن صورة

__________________

(١) مجمع البيان ، ١٠ ـ ، ص ٣٩٣.

١٩٩

تبشّره وتضحك في وجهه ، حتى يجوز الصراط والميزان»(١) .

والجدير بالملاحظة أنّ ما كنّا نستفيد منه في القرائن التي في فضائل تلاوة السور القرآنية قد صرّح بها الإمام هنا في هذه الرّواية حيث يقول : «من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها» ولذا فإنّ كل ذلك هو مقدمة لتطبيق المضمون.

* * *

__________________

(١) المصدر السّابق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317