الدروع الواقية

الدروع الواقية18%

الدروع الواقية مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: دراسات
الصفحات: 317

الدروع الواقية
  • البداية
  • السابق
  • 317 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 112898 / تحميل: 6367
الحجم الحجم الحجم
الدروع الواقية

الدروع الواقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الصدق مَنجاة

ما أكثر الأفراد الذين التزموا الصدق، في المواقع الحرجة، والمآزق الشديدة؛ وكان ذلك سبب خلاصهم.

لا يجهل أحد، مدى الجرائم التي قام بها الحَجَّاج بن يوسف الثقفي، والدماء التي أراقها بغير حَقٍّ.

وفي يوم مِن الأيَّام، جيء بجماعة مِن أصحاب عبد الرحمان مأسورين، وكان قد صمَّم على قتلهم جميعاً، فقام أحدهم واستأذن الأمير في الكلام، ثمَّ قال:

إنَّ لي عليك حَقَّاً! فأنقذني وفاءً لذلك الحَقَّ.

قال الحَجَّاج: وما هو؟

قال: كان عبد الرحمان يسبُّك في بعض الأيَّام، فقمت ودافعت عنك.

قال الحَجَّاج: ألك شهود؟

فقام أحد الأُسارى وأيَّد دعوى الرجل، فأطلقه الحَجَّاج، ثمَّ التفت إلى الشاهد، وقال له: ولماذا لم تُدافع عنِّي في ذلك المجلس؟

أجاب الشاهد - في أتمِّ صراحة ـ: لأنِّي كنت أكرهك.

فقال الحَجَّاج: أطلقوا سراحه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤١

احِفظ الله يَحفظك

خطب الحَجَّاج مَرَّة فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة، فإنَّ الوقت لا ينتظرك، والرَّبَّ لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه، وزعموا أنَّه مجنون، وسألوه أنْ يُخلِّي سبيله، فقال: إنْ أقرَّ بالجنون خلَّيت سبيله.

فقيل له، فقال: مَعاذ الله، لا أزعم أنَّ الله ابتلاني، وقد عافاني.

فبلغ ذلك الحَجَّاج فعفا عنه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤٢

المَنطق السليم

بلغ المنصور الدوانيقي، أنَّ مَبْلغاً ضَخماً مِن أموال بني أُميَّة مُودعة عند رجل، فأمر الربيع بإحضاره.

يقول الربيع: فأحضرت الرجل، وأخذته إلى مجلس المنصور.

فقال له المنصور: بلغني أنَّ أموال بَني أُميَّة مودَعة عندك، ويجب أنْ تُسلِّمني إيَّاها بأجمعها.

فقال الرجل: هل الخليفة وارث الأُمويِّين؟!

فأجاب: كلاَّ.

فقال: هل الخليفة وصيُّ الأُمويِّين؟!

فقال المنصور: كلاَّ.

فقال الرجل: فكيف تُطالبني بأموال بَني أُميَّة؟!

فأطرق المنصور بُرهةً، ثمَّ قال: إنَّ الأُمويِّين ظلموا المسلمين، وانتهكوا حُقوقهم، وغصبوا أموال المسلمين وأودعوها في بيت المال.

فقال الرجل: إنَّ الأُمويِّين امتلكوا أموالاً كثيرة، كانت خاصَّة بهم، وعلى الخليفة أنْ يُقيم شاهداً عدلاً، على أنَّ الأموال التي في يدي لبَني أُميَّة، هي مِن الأموال التي غصبوها وابتزُّوها مِن غير حَقٍّ.

فكَّر المنصور ساعة، ثمَّ قال للربيع: إنَّ الرجل يصدق.

فابتسم بوجهه، وقال له: ألك حاجة؟!

قال الرجل: لي حاجتان:

٤٣

الأُولى: أنْ تأمر بإيصال هذه الرسالة إلى أهلي بأسرع وقت؛ حتَّى يهدأ اضطرابهم، ويذهب رَوعهم.

والثانية: أنْ تأمر بإحضار مَن أبلغك بهذا الخبر؛ فو الله، لا توجد عندي لبَني أُميَّة وديعة أصلاً، وعندما أُحضرت بين يدي الخليفة، وعلمت بالأمر، تصوَّرت أنِّي لو تكلَّمت بهذه الصورة كان خلاصي أسهل.

فأمر المنصور الربيع بإحضار المُخبِر.

وعندما حضر نظر إليه الرجل نظرة، ثمَّ قال: إنَّه عبدي سَرَق مِنِّي ثلاثة آلاف دينار وهرب.

فأغلظ المنصور في الحديث مع الغلام، وأيَّد الغلام كلام سيِّده في أتمِّ الخَجَل، وقال: إنِّي اختلقت هذه التُّهمة لأنجو مِن القَبض عليَّ.

هنا رَقَّ قلب المنصور لحال العبد، وطلب مِن سيِّده أنْ يعفو عنه، فقال الرجل: عفوت عنه، وسأُعطيه ثلاثة آلاف أُخرى، فتعجَّب المنصور مِن كرامة الرجل وعظمته.

وكلَّما ذُكِر اسمه كان يقول: لم أرَ مثل هذا الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٤

النبي أولى بالمسلمين مِن أنفسهم

وزَّع رسول الله غنائم حُنين - تبعاً لمصالح مُعيَّنة - على المُهاجرين فقط، ولم يُعط الأنصار سَهماً واحداً...

ولمَّا كان الأنصار قد بذلوا جهوداً عظيمة، في رُفعة لواء الإسلام، وخدمات جليلة في نُصرة هذا الدين؛ فقد غَضب بعضهم مِن هذا التصرُّف، وحملوه على التحقير والإهانة، فبلغ الخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر بأنْ يُجمع الأنصار في مكان ما، وأن لا يشترك معهم غيرهم في ذلك المجلس، ثمَّ حضر هو وعلي (عليهما السلام)، وجلسا في وسط الأنصار، ثمَّ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: (أُريد أنْ أسألكم عن بعض الأمور فأجيبوني عليها).

قال الأنصار: سَلْ، يا رسول الله.

قال لهم: (ألم تكونوا في ضَلال مُبين، وهداكم الله بيَّ؟).

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: (ألم تكونوا على شَفا حُفرة مِن الهلاك والنار، والله أنقذكم بيَّ؟).

قالوا: بلى.

قال: (ألم يكن بعضكم عدوَّ بعض، فألَّف الله بين قلوبكم على يديَّ؟).

قالوا: بلى.

فسكت لحظة، ثمَّ قال لهم: (لماذا لا تُجيبونني بأعمالكم؟).

قالوا: ما نقول؟!

قال: (أما لو شِئتم لقُلتم: وأنت قد جئتنا طريداً فآويناك، وجئتنا خائفاً فآمنَّاك، وجئتنا مُكَذَّباً فصدَّقناك...).

هذه الكلمات الصادرة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أفهمت الأنصار

٤٥

أنه لا يُنكَر فضلهم، ولا يُنسى جهودهم، ولم يكن ما صدر منه تِجاههم صادراً عن احتقار أو إهانة...

ولذلك فقد أثَّر فيهم هذا الكلام تأثيراً بالغاً، وارتفعت أصواتهم بالبُكاء، ثمَّ قالوا له: هذه أموالنا بين يديك، فإنَّ شِئت فاقسمها على قومك، وبهذا أظهروا ندمهم على غضبهم واستغفروه.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (اللَّهمَّ اغفر للأنصار، ولأبنا الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٦

الكريم يَسأل عن الكريم

في إحدى الغزوات، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُصلِّي في مُعسكره، فمَرَّ بالمُعسكر عِدَّة رجال مِن المسلمين، وتوقَّفوا ساعة، وسألوا بعض الصحابة عن حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوا له، ثمَّ اعتذروا مِن عدم تمكُّنهم مِن انتظار النبي حتَّى يفرغ مِن الصلاة فيُسلِّموا عليه؛ لأنَّهم كانوا على عَجلٍ، ومضوا إلى سبيلهم. فانفتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مُغضباً، ثم قال لهم: (يقف عليكم الركب ويسألونكم عنِّي، ويُبلِّغوني السلام، ولا تعرضون عليهم الطعام!).

ثمَّ أخذ يتحدَّث عن جعفر الطيار، وعظمة نفسه، وكمال أدبه، واحترامه للآخرين... (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٧

مَن كانت أفعاله كريمة اتَّبعه الناس

ليست فضيلة احترام الناس، وتكريمهم في الشريعة الإسلاميَّة الغرَّاء، خاصَّة بالمسلمين فيما بينهم فقط، فإنَّ غير المسلمين أيضاً، كانوا ينالون هذا الاحترام والتكريم مِن المسلمين، فقد تصاحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع رجل ذِمِّيٍّ خارج الكوفة، في أيَّام حكومته، وكان الذِمِّيُّ لا يعرف الإمام، فقال له: أين تُريد يا عبد الله؟

قال الإمام علي (عليه السلام): (أُريد الكوفة).

ولمَّا وصلا إلى مُفترق الطُّرق المؤدِّية إلى الكوفة، توجَّه الذِّمِّيِّ إلى الطريق الذي يُريده، وانفصل عن الإمام (عليه السلام)... ولكنَّه لم يَخطُ أكثر مِن بِضع خُطوات، حتَّى شاهد أمراً عَدَّه غريباً؛ فقد رأى أنَّ صاحبه الذي كان قاصداً الكوفة، ترك طريقه وشايعه قليلاً. فسأله ألست تقصد الكوفة؟

قال الإمام: (بلى؟).

قال الذِّمِّيُّ: (ذلك هو الطريق المؤدِّي إلى الكوفة).

قال الإمام: (أعلم ذلك).

سأل الذِّمِّيُّ باستغراب: ولماذا تركت طريقك؟

قال الإمام (عليه السلام): (هذا مِن تمام حُسن الصُّحبة، أنْ يُشيِّع الرجل صاحبه هُنيَّهة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبيِّنا).

قال الذِّمِّيُّ: هكذا أمر نبيُّكم؟!

قال الإمام: (أجلْ).

٤٨

قال الذِّمِّيُّ: لا جَرَمَ، أنَّما تبعه مَن تبعه لأفعاله الكريمة.

ثمَّ ترك طريقه الذي كان يقصده، وتوجَّه مع الإمام (عليه السلام) إلى الكوفة، وهما يتحدَّثان عن الإسلام وتعاليمه العظيمة، فأسلم الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٩

انزل عن مِنبر أبي!

زيد بن علي، عن أبيه: (إنَّ الحسين بن علي (عليهما السلام) أتى عمر بن الخطاب، وهو على المنبر يوم الجمعة، فقال: انزل عن مِنبر أبي، فبكى عمر، ثم قال: صدقت - يا بُني - مِنبر أبيك لا منبر أبي. وقام عليٌّ (عليه السلام).

وقال: ما هو - والله - عن رأيي.

قال: صدقت! والله، ما اتَّهمتك يا أبا الحسن).

هذا دليل على أنَّ عمر أيضاً، كان يعرف أنَّ الحسين ذو شخصيَّة مُمتازة، وله إرادة مُستقلَّة، وليس كلامه صادراً عن تلقين مِن أبيه، بل هو نِتاج فِكره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٠

يَفرُّ مَن أخطأ!

قصد المأمون بغداد بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وخرج يوماً للصيد، فمَرَّ في أثناء الطريق برَهط مِن الأطفال يلعبون، ومحمد بن علي الجواد (عليه السلام) معهم، وكان عمره يومئذٍ إحدى عشرة سنة فما حوله... فلمَّا رآه الأطفال فرُّوا، بينما وقف الجواد (عليه السلام) في مكانه ولم يَفرَّ. مِمَّا أثار تَعجُّب المأمون؛ فسأله:

لماذا لم تلحق بالأطفال حين فرُّوا؟

ـ يا أمير المؤمنين، لم يكن بالطريق ضِيقٌ لأوسِّعه عليك بذهابي، ولم يكن لي جريمة فأخشاها، وظنِّي بك حَسنٌ أنَّك لا تضرب مَن لا ذنب له فوقفت.

تعجَّب المأمون مِن هذه الكلمات الحكيمة، والمنطق الموزون، والنبرات المُتَّزنة للطفل فسأله: ما اسمك؟

ـ محمد.

ـ محمد ابن مَن؟

ابن عليٍّ الرضا...

عند ذاك ترحَّم المأمون على الرضا (عليه السلام)، ثمَّ ذهب لشأنه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥١

رِفقاً بالحسين!

روي عن أُمِّ الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب، مُرضعة الحسين (عليه السلام) أنَّها قالت: أخذ مِنِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسيناً أيَّام رضاعه، فحمله فأراق شيئاً على ثوبه، فأخذتُه بعنف حتَّى بكى. فقال (صلى الله عليه وآله): (مَهلاً يا أُمَّ الفضل، إنَّ هذا مِمَّا يُطهِّره الماء، فأيُّ شيء يُزيل هذا الغبار عن قلب الحسين؟!) (1).

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٢

كرهت أنْ أُعجِّله!

دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صلاة، والحسن مُتعلِّق، فوضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جانبه وصلَّى، فلمَّا سجد أطال السجود، فرفعت رأسي مِن بين القوم، فإذا الحسن على كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمَّا سلَّم قال له القوم: يا رسول الله، لقد سَجدت في صلاتك هذه سَجدةً ما كنت تسجدها! كأنَّما يوحى إليك؟!

فقال: (لم يوحَ إليَّ، ولكنَّ ابني كان على كتفي، فكرهت أنْ أُعجِّله حتَّى نزل).

هذا العمل مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تجاه ولده الصغير، أمام ملأٍ مِن الناس، نموذج بارز مِن سلوكه في تكريم الطفل.

إنَّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عمل أقصى ما يُمكن مِن احترام الطفل، في إطالته سجدته، وأرشد الناس ضمناً إلى كيفيَّة بناء الشخصيَّة عند الطفل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٣

تكريم الطفل

عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنَّه قال: (صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر، فخفَّف في الرَّكعتين الأخيرتين.

فلمَّا انصرف قال له الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟!

قال: وما ذاك؟

قالوا: خفَّفت في الرَّكعتين الأخيرتين.

فقال لهم: أما سمعتم صُراخ الصبي؟!).

هكذا نجد النبي العظيم، يُطيل في سجدته تكريماً للطفل تارة، ويُخفِّف في صلاته تكريماً للطفل أيضاً تارة أُخرى، وهو في كلتا الحالتين، يُريد التأكيد في احترام شخصيَّة الصبي، وتعليم المسلمين طريق ذلك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٤

هلاَّ ساويتَ بينهما؟!

نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى رجل له ابنان، فقبَّل أحدهما وترك الآخر.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (فهلاَّ ساويت بينهما!).

وفي حديث آخر: (اعدلوا بين أولادكم، كما تُحبُّون أنْ يعدلوا بينكم).

إنَّ الأمل الوحيد للطفل، ومبعث فرحه ونشاطه، هو عطف الوالدين وحنانهما، ولا يوجد عامل يُهدِّئ خاطر الطفل، ويبعث فيه الاطمئنان والسكينة، مِثل عَطف الوالدين، كما لا يوجد عامل يبعث فيه القَلق والاضطراب، مِثل فُقدان جزء مِن حَنان الوالدين أو جميعه.

إنَّ حسد الولد تِجاه أخيه الصغير، الذي وِلد حديثاً لا غرابة فيه؛ لأنَّه يشعر بأنَّ قِسماً مِن العناية، التي كانت مُخصَّصة له، قد سُلِبت منه، والآن لا يُستأثر باهتمام الوالدين. بلْ إنَّ الحُبَّ والحنان يجب أنْ يتوزَّع عليه وعلى أخيه الأصغر (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٥

التصابي مع الصبي

عن يعلى العامري: أنَّه خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى طعام دُعي إليه، فإذا هو بحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان، فاستقبل النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم، ثمَّ بسط يديه، فطفر الصبي ههنا مَرَّة وههنا مَرَّة أُخرى، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يُضاحكه حتَّى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذِقنه، والأُخرى تحت قَفاه، ووضع فاه على فيه وقبَّله.

إنَّ نبيَّ الإسلام العظيم، يُعامل سِبطه بهذه المُعاملة أمام الناس؛ لكي يُرشد الناس إلى ضرورة إدخال السرور على قلوب الأطفال، وأهميَّة اللعب معهم، فضلاً عن قيامه بواجب تربوي عظيم (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٦

أو ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله الرسول؟!

عن أبي رافع، قال: كنت أُلاعب الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) وهو صبيٌّ بالمَداحي، فإذا أصابت مِدحاتي مِدحاته؛ قلت احملني فيقول: (ويحَك! أتركب ظهراً حمله رسول الله؟!)، فأتركه.

فإذا أصابت مُدحاته مُدحاتي قلت: لا أحملك كما لا تحملني!

فيقول: (أوَ ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!)، فأحمله.

مِن هذا الحديث يظهر جليَّاً إباء الحسن (عليه السلام)، وعِزَّة نفسه، وعُظم شخصيَّته.

إنَّ الطفل الذي يُربيه الإسلام في حِجره، ويُحيي شخصيَّته النفسيَّة، يعتقد بسموِّ مقامه، ولا يرضى التكلُّم بذلَّة وحقارة (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٧

وا حيائي مِنك يا أمير المؤمنين!

رأى الإمام علي (عليه السلام) امرأة في بعض الطُّرقات، تحمل قِربة مِن الماء، فتقدَّم لمُساعدتها، وأخذ القِربة وأوصلها إلى حيث تُريد، وفي الطريق سألها عن حالها، فقالت: إنَّ عليَّاً أرسل زوجي إلى إحدى النواحي فقُتِل، وقد خلَّف لي عِدَّة أطفال، لا أقدر على إعالتهم؛ فاضطررت للخدمة في بعض البيوت. فرجع عليٌّ (عليه السلام) وأمضى تلك الليلة في مُنتهى الانكسار والاضطراب، وعند الصباح حمل جِراباً مَملوءاً بالطعام، واتَّجه إلى دار تلك المرأة. وفي الطريق كان بعض الأشخاص يطلبون منه أنْ يَحمل عنه الجراب فيقول لهم: (مَن يحمل عني أوزاري يوم القيامة؟).

وصل إلى الدار، وطرق الباب، فقالت المرأة: مَن الطارق؟

قال: (الرجل الذي أعانك في الأمس على حمل القِربة. لقد جئتك ببعض الطعام لأطفالك).

فتحت الباب وقالت: رضي الله عنك، وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب!

فقال لها: (أتخبزين أم تُسكِّتين الأطفال فأخبز؟).

قالت: أنا أقدر على الخبز، فقُم أنت بتسكيت الأطفال.

أخذتْ المرأة تعجن الدقيق، وأخذ عليٌّ (عليه السلام) يخلط اللَّحم بالتمر، ويُطعم الأطفال منه، وكلَّما ألقم طفلاً لقمة قال له برفق ولين: (يا بُني، اجعل علي بن أبي طالب في حِلٍّ).

ولمَّا اختمر العجين، أوقد عليٌّ (عليه السلام) التنور، وفي الأثناء دخلت امرأة تعرفه، وما أنْ رأته حتَّى صاحت بصاحبة الدار ويحَك! هذا أمير المؤمنين!

فبادرته المرأة، وهي تقول: وا حيائي منك يا أمير المؤمنين!

فقال: بلْ وا حيائي منكِ - يا أمة الله - فيما قصَّرت مِن أمرك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٨

لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصِّبيان

ورد في الحديث: أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يُصلِّي يوماً في فِئة، والحسين صغير بالقُرب منه، فكان النبي إذا سجد جاء الحسين (عليه السلام) فركب ظهره، ثمَّ حرَّك رجليه فقال: (حَلٍ، حَلٍ!).

فإذا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنْ يرفع رأسه، أخذه فوضعه إلى جانبه، فإذا سجد عاد إلى ظهره، وقال: (حَلٍ، حَلٍ!)، فلم يزل يفعل ذلك حتَّى فرغ النبي مِن صلاته.

فقال يهودي: يا محمد، إنَّكم لتفعلون بالصبيان شيئاً ما نفعله نحن.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أما لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان).

قال: فإنِّي أؤمن بالله وبرسوله؛ فأسلم لمَّا رأى كرمه مع عظيم قدره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٩

أين الدُّرُّ والذهب مِن سورة الفاتحة؟

كان عبد الرحمان السلمي، يُعلِّم وَلداً للإمام الحسين (عليه السلام) سورة الحمد، فعندما قرأ الطفل السورة كاملة أمام والده مَلأ الإمام فمَ مُعلِّمه دُّرَّاً، بعد أنْ أعطاه نقوداً وهدايا أُخَر. فقيل له في ذلك!

فقال (عليه السلام): (وأين يقع هذا مِن عطائه)، يعني: تعليمه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ *رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ *رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ ) (٢) .

( فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (٣) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ *يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ) (٤) .

( الحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ *يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ) (٥) .

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ ، الحَيّ الَّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ ، الحَيُّ الَّذي لا يَمُوتُ ، والقائِمُ الّذي لا يَتَغَيرُ ، والدائِمُ الّذي لا يَفنى ، والقاسِطُ الذي

__________________

(١) النمل ٢٧ : ١٥.

(٢) ابراهيم ١٤ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ٤١.

(٣) الجاثية ٤٥ : ٣٦ ـ ٣٧.

(٤) سبأ ٣٤ : ١ ـ ٢.

(٥) فاطر ٣٥ : ١ ـ ٣.

٨١

لا يَزولُ ، والعَدْلُ الّذي لا يجُورُ ، والحاكِمُ الّذي لا يحيفُ ، واللَطيفُ الّذي لا يخفى عَليهِ شيءٌ ، و(١) الواسِعُ الَّذي لا يَبخَلُ ، والمُعطي مَن يَشاءُ ما يَشاءُ وَالاوَلُ الَّذي لا يُدرَكُ ، والآخِرُ الَّذي لا يُسبَقُ ، والظاهِرُ الَّذي لَيسَ فَوقَهُ شَيءٌ ، والباطِنُ الَّذي لَيسَ دُونَهُ شيءٌ ، أحاطَ بِكُلِّ شيءٍ علماً ، وأحصى كُلَّ شيءٍ عَدَداً.

اللّهمَّ فَأنطق بِدُعائِكَ لِساني ، وَأنجح بِهِ طَلَبتي وأعطنِي بِهِ حاجَتي ، وَبَلِّغني بِهِ رَغبتي ، وأقِرَّ بِهِ عَيني ، وَأسمِع بِهِ نِدائِي ، وَأجِب بِهِ دُعائِي ، وَبارِك لي في جَميعِ ما أنا فِيهِ بَرَكَةً تَرحَم بها شَكوايَ وتَرحمَني ، وَتَرضى عَني ، آمين رَبِّ العالمينَ.

الحمدُ للهِ الَّذي( يُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ *وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ ) (٢) .

الحمدُ للهِ الذي لهُ دَعوَةُ الحقِّ المُبِينِ ، وَمَن يُدعى من دُونِهِ فَهُوَ الباطِلُ ، وَهُو العَليُ الكَبيرُ. الحمدُ للهِ الذي( يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (٣) الحمدُ للهِ الذي( وَسِعَ

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) الرعد ١٣ : ١٢ ـ ١٣.

(٣) الزمر ٣٩ : ٤٢.

٨٢

كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (١) الحمدُ للهِ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ *هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٢) الحمدُ لله الذي لا الهَ الاّ هُو( الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (٣) وجَعَل الظلماتِ والنُّور ثُمّ الذين كَفروا بربّهم يَعدِلُونَ.

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (٤) »(٥) .

اليوم الثاني :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نساء وتزويج ، وفيه خلقت حواء من آدمعليه‌السلام ، وزوَّجه الله سبحانه بها. يصلح لبناء المنازل ، وكتب العهد ، والاختيارات ، والسفر ، وطلب الحوائج. ومن مرض فيه في أول النهار كان مرضه خفيفاً ، ومن مرض فيه آخر النهار اجهد به. والمولود فيه يكون صالح التربية انشاء الله ».

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٥٥.

(٢) الحشر ٥٩ : ٢٢ ـ ٢٣.

(٣) الحشر ٥٩ : ٢٤.

(٤) الاسراء ١٧ : ١١١.

(٥) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٥ / ٤.

٨٣

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز بهمن اسم ملك من الملائكة موكل تحت العرش ، وهو يوم مبارك يصلح للتزويج ، وأن يقدم الانسان من سفره على أهله ، ويشتري فيه ويبيع ، ويقضي فيه الحوائج ، وهو يوم سعيد جميعه.

دعاء أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذا اليوم :

«( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا *قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا *مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا *مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ *الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) (٢) .

( الحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ *أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ *أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ *أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ *أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ

__________________

(١) الكهف ١٨ : ١ ـ ٥.

(٢) فاطر ٣٥ : ٣٤ ـ ٣٥.

٨٤

ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ءَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) (١) .

( الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) (٢) .

( الحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) .

الحمدُ للهِ الغَفورِ الرّحيمِ ، الوَدودِ التَوّابِ ، الوَهّابِ الكَريمِ ، العَظيمِ السَّميعِ العَليمِ ، الصَّمَدِ الحيّ ، القيُّومِ ، العزيزِ الجبّارِ المُتكبرِ ، سُبحانَ اللهِ الملكِ المقتدرِ ، القيُّومِ العَزيزِ الجبّارِ الحقِّ المُبينِ ، العَلي الاعلى المُتعالي ، الاوَّل الآخِرِ ، الظّاهِرِ الباطنِ ، الزَّكي الحميدِ ، الوَلي النَّصيرِ ، الخالِقِ البارئ المُصِّورِ ، القهّارِ القاهرِ ، الشّاكرِ الشَّهيدِ ، الحميدِ المجيدِ ، الرَّقيبِ الرّؤوفِ ، الفَتّاحِ العَليمِ ، الكَريمِ الجَليلِ ، غافِرِ الذَّنبِ وَقابِلِ التَّوبِ ، مالِكِ المُلكِ ، عالمِ الغيبِ والشّهادَةِ ، القائِمِ على كُلِّ نَفسٍ بما كَسَبَتْ ، رَبِّ العالمين.

__________________

(١) النمل ٢٧ : ٥٩ ـ ٦٥.

(٢) سبأ ٣٤ : ١.

(٣) فاطر ٣٥ : ١.

٨٥

الحمدُ للهِ العَظيمِ المَلكِ ، عَظيمِ العرشِ ، عَظيم السُّلطانِ ، عظيمِ الحلمِ ، عَظيمِ الرَّحمةِ ، عظيمِ الآلاءِ ، عظيمِ النّعمآءِ ، عَظيمِ الفضلِ ، عظيمِ العزّةِ ، عظيمِ الكبرياءِ ، عظيمِ الجبرُوتِ ، عظيمِ العظمةِ ، عظيمِ الرّأفةِ ، عَظيمِ الامرِ ، تَباركَ الله ربِّ العالمينَ.

اللهُ أعظمُ منْ كل شيءٍ ، وأرحمُ من كلِّ شيءٍ ، وأعلى منْ كلِّ شيءٍ ، وأملكُ من كل شيءٍ ، وأقدرُ من كُلّ شيءٍ.

الحمدُ لله رَبِّ العالمينَ ، العَلي العظيمِ ، المتكبّر المُتجبّر الجبارِ ، القاهرِ القهّارِ ، مالكِ الجنِّة والنّارِ ، لهُ الكبرياءُ والجبروتُ ، واليهِ يصعدُ الكلمُ الطّيّبُ والعملُ الصّالحُ يرفعهُ.

اللهّم صلّ على مُحمدٍ وآلٍ محمدٍ ، واجعلْ أعمالَنا مَرفُوعةً إليكَ ، موصُولةً بقولكَ ، وأعنّا على تأديتِها لكَ ، إنّهُ لا يأتي بالخَير إلاّ أنتَ ، ولا يصرفُ السوءَ إلاّ أنتَ ، اصرفْ عنّا السُّوء والمحذُور ، وباركْ لنا في جميع ِالاُمُورِ ، إنّكَ غفورٌ شَكُورٌ.

اللّهُمّ لا تُخيّب دُعآءَنا ، وَلا تُشمِت بِنا أعداءَنا ، ولا تجْعلنا للشرِّ غَرَضاً ، ولا لِلمكروهِ نَصَباً ، واعفُ عَنّا وعافِنا في كلِّ الاحوالِ ، إنَّكَ على كُلّ شيءٍ قديرٌ ، وانّك انتَ اللهُ الكبيرُ المُتعالِ »(١) .

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٧.

٨٦

اليوم الثالث :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « انه يوم نحس مستمر ، فاتق فيه السلطان والبيع والشراء وطلب الحوائج ، ولا تتعرض فيه لمعاملة ، ولا تشارك فيه أحداً. وفيه سُلب آدم وحواءعليهما‌السلام لباسهما وأُخرجا من الجنة. واجعل شغلك صلاح أمر منزلك ، وان امكنك أن لا تخرج من دارك فافعل. والهارب فيه يؤخذ ، والمريض فيه يجهد ، وهو يوم ثقيل جداً. والمولود فيه يكون مرزوقاً طويل العمر » والله أعلم.

وقال سلمان :روز ارديبهشت اسم الملك الموكل بالشفاء والسقم ، يوم نحس لا ينبغي أن يعرف فيه سلطان ، ولا يصلح بعد الحركة والاضطراب ، وهو يوم ثقيل.

دعاء النبيعليه‌السلام واستعاذته فيه :

« الحمدُ للهِ الاولِ والآخِرِ ، والظاهِرِ والباطِنِ ، القائِمِ الدائِمِ ، الحليمِ الكريمِ ، الاحَدِ الصَّمدِ ، الذي لمْ يَتَّخذ صاحِبةً ولا وَلداً ، وَلم يَلدْ ولمْ يُولدْ ، ولم يكُنْ لهُ كُفواً أحدٌ.

الحمدُ لله الحقِّ المُبين ، ذي القُوَّةِ المتينِ ، والفَضلِ العَظيمِ ، الماجِدِ الكَريمِ ، المنعمِ المتَكَرِّمِ ، الواسِعِ الباسِطِ ، القاضي الحقِّ.

الحمدُ للهِ القابِضِ الباسِطِ ، المانِعِ المُعطي ، الفَتّاحِ ، المُبلي المُميتِ المُحيِّ ، ذي الجلالِ وَالاكرامِ ، ذِي المعارِجِ ، تَعرُجُ الملائِكَةُ

٨٧

والرُّوحُ بأمرهِ.

والحمدُ للهِ ذي الرَّحمةِ الواسِعَةِ ، والنِّعمَةِ السّابِغَةِ ، والحُجَّةِ البالِغَةِ ، والأمثالِ العالِيَةِ ، وَالاسماءِ الحُسنى ، شَديدِ القُوى ، فالقِ الاصباحِ ، وَجاعِلِ اللّيلِ سَكَناً ، والشّمسَ والقَمَرَ حُسباناً ، ذلك تقديرُ العزيزِ العليمِ.

الحمدُ للهِ رفيعِ الدَّرجاتِ ، ذي العَرشِ ، يُلقي الرُّوحَ من أمرِهِ على مَن يَشاءُ مِنْ عبادِهِ ، رَبِّ العِبادِ والبِلادِ ، وإليهِ المعادُ ، سريعُ الحسابِ ، شديدُ العِقابِ ، ذي الطَّولِ ، لا إلهَ إلاّ هُوَ إليه المصيرُ ، إذا قضى أمراً فَانّما يَقُولُ له كُن فيكونُ. باسطُ اليَدَين بالرَّحمةِ ، وهّابُ الخير ، لا يخيبُ عامِلُهُ ، ولا يندَمُ آملُهُ ، ولا تُحصى نِعَمُهُ ، صادِقُ الوعدِ ، وَعدُهُ حقٌ ، وهُو أحكمُ الحاكمينَ ، وأسرعُ الحاسبينَ ، وحُكمُهُ عدلْ ، وهو للحمدِ أهلٌ ، يُعطي الخيرَ ، ويقضي بالحقَّ ، ويهدي السّبيل. خَلقَ الموتَ والحياة َليبلُوكم أيّكم أحسنُ عملاً وهُو العزيزُ الغفورُ ، جميلُ الثناءِ ، حسن البلاءِ ، سميعُ الدّعاءِ ، حَسَنُ القضاءِ ، لهُ الكِبرياء ، يَفعَلُ ما يشاءُ ، مُنزِّل الغيثِ من السَّماءِ ، عالمُ الغيبِ ، باسطُ الرِّزقِ ، مُنشِئ السّحاب ِ ، معتقُ الرّقابِ ، مُدبّرُ الامرِ ، مُجيبُ المُضطرِ ، لا مانع لما أعطى ، ولا مُعطي لما مَنَعَ ، لَيسَ كَمثلِهِ شيءٌ وهو السَّميعُ البَصيرُ.

أسألُكَ يا مَنْ تَقَدسَتْ أسماؤهُ ، وَكَرُمَ ثَناؤهُ ، وَعَظُمَتْ آلاؤهُ ، أنْ تُصَلي على محمَدٍ وآل محمَدٍ وَأنْ تَغفِرَ لَنا ما مَضى مِنْ ذُنُوبنا ، وَتَعصِمنا

٨٨

فيما بَقيَ من عُمرنا.

اللهُمَّ اجعَلْ خيرَ أعمالِنا خَواتِيمها ، وَخَير أيامنا يَومَ لِقائِكَ.

اللهُمّ مُنَّ علينا في هَذهِ السّاعةِ في جَميعِ ما نَستَقبِلُ مِن نَهارِنا بالتَّوبَةِ والطّهارَةِ والمغفِرَةِ والتَّوفيقِ والنَّجاةِ منَ النَّارِ.

اللهُمّ ابسِط لنا في أرزاقِنا ، وَبارِك لَنا في أعمارِنا ، واحرِسنا منَ الاسواءِ والضرّاءِ ، وآتنا بالفرجِ والرَّخاءِ ، انَّكَ سميعُ الدعاءِ ، لطيفٌ لما تشاءُ »(١) .

اليوم الرابع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

« هذا يوم ولد ( فيه )(٢) هابيل بن آدمعليه‌السلام . وهو يوم صالح للصيد والزرع ، ويكره فيه السفر ، ويخاف على المسافر فيه القتل والسلب وبلاء يصيبه. ويستحب فيه البناء واتخاذ الماشية ، ومن هرب فيه عسر طلبه ، ولجأ الى من يمنعه. ومن ولد فيه يكون صالحاً مباركاً ما عاش ، ومن سافر فيه ناله مشقة الطريق ».

قال سلمان : اسم هذا اليومروز شهريور ، اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر ووكّل بها ، وهو موكل ببحر التوم.

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٣٩ باختلاف فيه.

(٢) اثبتناها من نسخة الحر العاملي في الوسائل ٨ : ٢٩٣ / ٢.

٨٩

دعاء أبي عبد اللهعليه‌السلام وتمجيده في هذا اليوم :

«اللّهُمّ لكَ الحمدُ ، ظَهَرَ دينُكَ ، وَبَلغتْ حُجتكَ ، واشَتدَّ مُلكُكَ ، وَعَظُمَ سُلطانُكَ ، وَصَدَق وعدُكَ ، وارَتفَع عَرشُكَ ، وارسَلتَ رسُلكَ بالهُدى ودينِ الحقِّ لتظهرهُ على الدينِ كُلّه وَلو كَرهَ المُشركونَ.

اللّهُمّ لَكَ الحمدُ والشُكرُ ، وَمِنكَ النّعمةُ والمنعَةُ والمنُّ ، تَكشفُ السُّوءَ ، وتأتي بالتَيسيرِ ، وتَطرُدُ العَسير ، وتَقضي بالحقّ ، وتَعدلُ بالقسطِ ، وتهدي السّبيلَ. تَباركَ وجهُكَ سُبحانَكَ وبِحمدكَ ، لا إله إلاّ أنت ربُّ السّمواتِ وَرَبُّ الارضينَ ومن فيهنّ ورَبّ العرشِ العظيمِ.

اللهم لَكَ الحمدُ ، الحسَنُ بلاؤكَ ، وَالعَدلُ قضاؤكَ ، والارضُ في قَبضتكَ ، والسّماواتُ مطوياتْ بيَمينِكَ.

اللهم لكَ الحمدُ مُنزِّلُ الآياتِ ، مُجيبُ الدَعَواتِ ، كاشفُ الكُرباتِ ، مُنِّزلُ الخيراتِ ، مَلكُ المحيا وَالمماتِ.

اللهم لكَ الحمدُ في الليلِ اذا يغشى ، وَلَك الحمدُ في النهارِ اذا تَجَلى ، وَلكَ الحمدُ في الآخرةِ وَالاُولى.

اللهم لَكَ الحمدُ على ما أحبِّ العِبادُ وَكَرِهوا مِن مقادِيرِكَ وَحُكمِكَ ، ولك الحمد على كُلِّ حالٍ من أمرِ الدينا والآخرةِ ، يا خَيرَ من سُئِلَ ، وَيا أفضَلَ من اُمِلَ ، ويا أكرَمَ مَن جادَ بالعطايا ، صلّ على مُحمدٍ نبيكَ وآلهِ ، وعافِنا مِن محذورِ البلايا ، وَهَب لَنا الصبرَ الجميلَ عند حُلُولِ الرَزايا ، ولقّنا اليُسر والسُّرور وكِفاية المحذورِ ، وعافِنا في جميع الاُمورِ ،

٩٠

انَّكَ لطيفٌ خَبيرٌ. وصَلِّ على محمدٍ وآله ، وآتِنا بالفرجِ والرخاء ِ ، وآتِنا في الدينا حَسَنَةً وفي الآخرةِ حَسَنَةً وَقنا عذاب النّارِ »(١) .

اليوم الخامس :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ولد فيه قابيل الشقي ، وفيه قتل أخاه ، ودعا فيه بالويل على نفسه ، وهو أول من بكى على الارض من بني آدم ، وكان ملعوناً. وهو نحس مستمر ، فلا تبتدىء فيه بعمل ، وتعاهد من في منزلك ، وانظر في اصلاح الماشية ، ولا تستخلف فيه أحداً ، والكاذب فيه يعجل له الجزاء ، ومن ولد فيه صلحت تربيته ان شاء الله ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز اسفنديار ، اسم الملك الموكل بالارضين ، يوم نحس ولد فيه قابيل ، وكان كافراً ملعوناً قتل أخاه ، ودعا فيه قومه بالويل والثبور ، وأدخل عليهم الغم والحزن. لا تطلب فيه حاجة ، ولا تلق فيه سلطاناً ، وتخل في المنزل فانه يوم ثقيل.

العوذة والتمجيد في هذا اليوم :

اللٌهُمّ لَكَ الحمدُ ذا العِزِّ الاكبَرِ ، وَلَكَ الحمدُ في الليلِ اذا أدبر ، وَلَكَ الحمدُ في الصُّبح اذا أسفَرَ. وَلَكَ الحمدُ حمداً يبلغُ أوله آخرهُ ، وعاقبتهُ رضوانَكَ. وَلَك الحمدُ في سماواتكِ محموداً ، وفي بلادكَ وعبادكَ معبوداً. ولكَ الحمدُ في النٌعم الظاهرةِ ، ولَكَ الحمدُ في النٌعم الباطنةِ ، ولَكَ

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٠ باختلاف فيه.

٩١

الحمدُ يا مَن أحصى كُلّ شيءٍ عدداً ، وَوسعَ كُلّ شيءٍ رحمةً وعلماً.

الحمدُ لله الذي زيّن السّماءَ بَمصابيحَ ( وَجَعَلَهَا )(١) رجوماً للشَّياطينَ.

الحمدُ لله الذي جَعَل لنا الارضَ فراشاً ، وأنبت لنا من الزرعِ والشَّجَر والفواكِهِ والنَّخلِ ألواناً ، وجَعَل في الارضِ ( رواسي )(٢) أن تميدَ بِنا فَجَعَلَها لِلارضِ أوتاداً.

الحمدُ لله الذي سَخَّرَ البحرَ لِتَجريَ فيهِ الفُلكَ بأمرهِ ولنبتغي مِن فضلهِ ، وَجَعلَ لَنا مِنهُ حليةً نَلبَسَها ولحماً طَرياً.

الحمدُ لله الذي سخّر لنا الانعامَ لنأكُل منها ، وَجَعلَ لنا مِنهاركوباً ، وَمن جُلودها بيوتاً ولباساً ومتاعاً الى حينٍ.

وَالحَمدُ لله الكريم في مُلكهِ ، القاهِرِ لبريتهِ ، القادِرِ على أمرِهِ ، المحمودِ في صُنعهِ ، اللطيفِ بعلمِهِ ، الرّؤوفِ بعبادِهِ ، المُستأثِرِ بجبرُوتهِ ، في عِزّهِ وجلالِهِ وهيبتِهِ.

الحمدُ للهِ الذّي خَلَقَ الخَلْق على غَيرِ مِثالٍ ، وقَهرَ العبادَ بِغَيرِ أعوانٍ ، وَرَفَع السَّماءَ بِغيرِ عَمَدٍ ، وَبَسَطَ الارضَ على الهَواءِ بِغَيرِ أركانٍ.

الحمدُ للهِ على ما يُبدِي وما يُخفِي ، ولهُ الحمدُ على ما كانَ وَما يَكُونُ ، ولهُ الحمدُ على حِلمِه بَعدَ عِلمِهِ ، وَعلى عَفوِهِ بَعدَ قُدرَتِهِ ، وَعَلى صَفحِهِ بَعد إعذارِهِ.

__________________

(١) في « ك » : وجعلناها ، وما اثبتناه من « ن ».

(٢) أثبتناها من نسخة « ن ».

٩٢

وَالحمدُ للهِ الكَريمِ المنّانِ ، الّذي هَدانا للايمانِ ، وعَلّمنا القُرآن ، وَمَنَّ عَلَينا بمُحمدٍ عَليهِ وَآلهِ الطّاهرينَ السَّلاُمُ.

اللهُمّ صَلّ على محمدٍ وآلِهِ ، ولا تذر لَنا في هذِهِ الساعَةِ ذَنباً إلا غَفَرتهُ ، ولا هَمَّاً إلا فَرَّجْته ، وَلا عَيباً إلا أصلَحتهُ ، وَلا مَرضاً إلاّ شَفَيتهُ ، وَلا دَيناً إلاّ قَضَيتهُ ، وَلا سُؤالاً إلاّ أعطَيتهُ ، وَلا غَريباً إلاّ صاحَبتهُ ، وَلا غائِباً إلاّ رَدَدْته ، وَلا عانِياً إلاّ فككتَ ، وَلا مَهْمُوماً إلا نَفستَ ، وَلا خائفاً إلا آمَنَت ، وَلا عَدُواً إلا كفيَت ، وَلا كسِيراً إلاّ جَبَرتَ ، وَلا جائعاً إلاّ أشبَعتَ ، وَلا ظَمآناً إلاّ أنهَلتَ ، ولا عارِياً إلاّ كسَوتَ ، وَلا حاجَة مِن حَوائج الدُينا وَالآخِرَة لك ( فيها )(١) رِضا وَلنا فيها صَلاح إلاّ قضَيتها في يُسر مِنك وَعافيةٍ يا أرحَمَ الراحِمينَ(٢) .

اليوم السادس :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هو يوم صالح للتزويج ، مبارك للحوائج والسفر في البر والبحر ، ومن سافر فيه رجع الى أهله بما يحبه ، وهو جيد لشراء الماشية ، ومن ضل فيه أو ابق وجد ، ومن مرض فيه برأ ، ومن ولد فيه كان صالح التربية وسلم من الافات ان شاء الله وبه الثقة ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز خرداد اسم الملك الموكل بالجن ،

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤١ باختلاف فيه.

٩٣

وهو يوم صالح ، و(١) طلب المعاش وكل حاجة. والأحلام فيه تصح بعد يوم ان شاء الله.

العوذة فيه لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

« اللهُمَ لَكَ الحَمدُ حَمداً أنالُ بِهِ رِضاكَ ، وَاُؤدِي بِهِ شُكرَكَ ، وَأستوجِبُ بهِ المَزيدَ مِنْ فضلكَ. اللهُمَّ لكَ الحَمدُ عَلى حِلمِكَ بَعدَ عِلمِكَ ، وَلكَ الحَمدُ على عَفوِكَ بَعدَ قدرتِكَ ، وَلكَ الحَمدُ عَلى ما أنعَمتَ بِهِ عَلينا بَعدَ النِّعمِ نعماءَ ، وَبعدَ الاحسانِ إحساناً. وَلكَ الحمد أنعمت علينا بالاسلامِ ، وعلمتنا القرآنَ. وَلَكَ الحَمدُ في السرَّاءِ والضرَّاءِ ، والشِّدةِ والرِّخاءِ ، وَلَكَ الحَمدُ على كُلِّ حالٍ.

اللّهم لَكَ الحمدُ كما أنتَ أهلهُ ووليّه ، وَكما يَنبغي لِسبحاتِ وَجهكَ الكريم.

الحمدُ لله الّذي لا تَخفى عليه خافيةٌ في السّمواتِ والارضِ ، وَهُو بِكُل شيءٍ عليمٌ.

الحمدُ لله الّذي من تَوكلَ عَليهِ كَفاهُ ولم يكلهُ الى غَيرهِ ، والحَمدُ لله الّذي هُو ثِقَتُنَا حَين ينقطُع عَنّا الرجاءُ ، والحمدُ لله الّذي هُو رَجاؤنا حينَ تسوءُ ظُنوننا بأعمالِنا ، والحمدُ لله الّذي نَسألَهُ العافيةِ فَيُعافِينا.

الحمدُ للهِ الّذي نَستَعينهُ فيُعيننا ، الحمدُ للهِ الّذي نرجُوهُ فَيُحققُ رَجاءنا ، الحمدُ لله الّذي نَدعُوهُ فُيجيبُ دعاءَنا ، الحمدُ لله الّذي نَستَنصِرهُ

__________________

(١) كذا ، ولعل هناك سقط أو تصحيف.

٩٤

فينصرَنا ، الحمدُ لله الّذي نسألهُ فيعطِينا.

الحمدُ لله الّذي اُناجيه بما اُريدُ مِنْ حاجَةٍ ، الحمدُ لله الّذي يَحلمُ عنّا حتى كَأنّا لا ذنبَ لنا ، الحمدُ لله الّذي تحببَ إلينا بنعِمِه عَلينا وَهُوغَنيٌ عَنّا ، الحمدُ لله الذي لَم يَكلنا الى نُفُوسنا فَيعجزُ عنها ضَعفُنا وقَلةُ حِيلَتِنا.

الحمدُ لله الّذي حَمَلنا في البَرّ والبَحْرِ وَرَزقَنا من الطّيبات وَفضّلنا على كَثيرٍ مّمنْ ( خَلَقَ )(١) تفضيلاً.

الحَمدُ لله الذي أشبَعَ جَوعنا ، وَآمَنَ رَوعَتنا ، وَأقالَ عَثرَتنا ، وَكَبتَ عَدونا ، وَألّفَ بَين قُلوبنا.

الحمدُ للهِ مالِكِ المُلك ، مُجري الفُلكِ ، فالقِ الإصباحِ ، مُسَخِّرِ الرياحِ ، الذي عَلا فَقَهَرَ ، وَمَلَكَ فَقَدرَ ، وَبَطنَ فَخَبَرَ.

الحمدُ لله الذي لا تَستُرُ منهُ القُصورُ ، ولا تُكِّنُّ(٢) منه السُّتُورُ ، وَلا تُواري منهُ البحورُ ، وكُلُّ شيءٍ اليه يصيرُ.

الحمدُ لله الذي لا يَزولُ مُلكُه ُ ، ولا يَتَضعضعُ ركنُهُ ، ولا تُرامُ قوتهُ.

اللّهُمّ لك الحمدُ في اللَيلِ اذا يغشى ، وَلكَ الحمدُ في النّهار اذا تَجلى ، وَلَك الحمدُ في الآخرةِ والاُولى ، ولكَ الحمدُ في السّماواتِ العُلى ، ولكَ الحمدُ في الارضينَ السُفلى ، وَلكَ الحمدُ حمداً يَزيدُ ولا يَبيدُ ، وَلَكَ

__________________

(١) في « ك » : خلقنا ، وما اثبتناه من « ن ».

(٢) الكنُّ : السترة ، والجمع اكنان ، وكننت الشيء اي سترته وصنته. انظر الصحاح ـ كنن ـ ٦ : ٢١٨٨.

٩٥

الحمدُ حمداً يَبقى وَلا يَفنى ، وَلكَ الحمدُ حمداً تَضعُ لَكَ السّماءُ أكنافها(١) ، وَالارضونَ أثقالها ، وَلكَ الحمدُ حَمداً تُسبّحُ لَكَ السّماواتُ وَمنْ فيها ، والارضُ وَمنْ عليها ، وَلكَ الحمدُ يارَبِّ على ما هديتنا وَعلّمتنا ما لم نكُن نَعلمَ ، وكانَ فَضلُك ـ اللهُمّ ـ عَلينا عَظيماً.

اللهُمّ إنَّ رقابَنا لكَ بالتَوبةِ خاضعَةً ، وأيدِينا اليكَ بالرغَبةِ مَبسوطةُ ، لا عُذرَ لَنا فَنَعتذرُ ، ولا قُوة لَنا فنَنَتصرُ. اللّهُمّ صَلّ على مُحمدٍ وَآلِ مُحمدٍ وأعذنا أن تُخيِّبَ آمالَنا وَتُحبطَ أعمالَنا.

اللّهُمّ جُد بِحِلمكَ على جَهلِنا ، وَبغِناكَ على فَقرِنا ، واعفُ عَنا وَعافنا ، وتَفَضّل عَلينا ، وآتنا في الدينا حَسَنةَ وفي الآخرةِ حَسَنةً وَقِناعَذابَ النّارِ »(٢) .

اليوم السابع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم مختار فاعمل فيه ما تشاء وعالج ما تريد ، ومن عمل(٣) الكتابة في هذا اليوم اكملها حذقاً(٤) ، ومن بدأ فيه بالعمارة والغرس والنخل حمد أمره في ذلك ، ومن ولد فيه كان صالح التربية موسعاً عليه

__________________

(١) الكنف : ناحية الشيء ، واكناف الجبل الوادي : نواحيه حيث تنضم اليه.

انظر لسان العرب ٩ : ٣٠٨.

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٣ باختلاف فيه.

(٣) وردت قبلها كلمة غير مقروءة.

(٤) حذقاً : أي بمهارة ، والعمل يحذق حذقاً وحذقاً ، وحذاقة ، اي مهر فيه.

انظر الصحاح ـ حذق ـ ٤ : ١٤٥٦.

٩٦

في الرزق ان شاء الله ».

وقال سلمان الفارسي رحمة الله عليه :روز مرداد ، اسم الملك الموكل بالناس وأرزاقهم ، وهو يوم مبارك سعيد ، فاعمل فيه كل شيء من الخير ان شاءالله.

الدعاء فيه :

اللهُمّ لكَ الحمدُ حَمداً لا يَبيدُ ولا يَنقَطعُ آخرهُ ، وَلا يَقصِرُ دونَ عَرشِكَ مُنتهاهُ.

الحَمدُ لله الذي لا يُطاعُ الاّ باذنهِ ، وَلا يُعصى الا بعِلمِهِ ، ولا يُخافُ الاّ عقابُهُ.

الحمدُ لله الذي لهُ الحُجةُ على من عَصاهُ ، والمنّةُ على مَن أطاعهُ.

الحمدُ للهِ الذي لا يُرجَى الا فضلُه ، ولا يُخافُ الا عذابُهُ.

الحمدُ لله الذي مَن رَحمُه من عِبادِهِ كان ذلكَ منهُ فَضلاً ، ومَن عَذّبَهُ مِنهُم كان ذلك مِنهُ عدلاً.

الحمدُ للهِ حَمدَ نَفسهُ فاستحمَدَ الى خَلقهِ.

الحمدُ لله الذي لا تدركُ الاوهامُ وصفُه.

الحمدُ لله الذي ذَهلَتِ العُقُولُ عن كُنهِ عظمتِهِ ، حتى تَرجَع الى ما امَتدحَ بهِ نفسهُ من عِزّهِ وَجودِهِ وطُولِهِ.

الحمدُ للهِ الذي كانِ قَبلَ كُلّ كائِن ، وَلا يوجَدُ لِكُلّ شيءٍ مَوضِعٌ قبله.

٩٧

الحمدُ لله الذي لا يكونُ كائناً غَيرهُ ، هُو الاولُ فلا شيءَ قبلهُ ، والآخرُ فلا شيءَ بَعدهُ ، الدائمُ بغيرِ غايةٍ ولا فَناءٍ.

الحمدُ لله الذي سدّ الهواءَ بالسّماءِ ، وَدَحا الارض على الماءِ ، واختارَ لنفسِهِ الاسماءَ الحُسنى.

( الحمدُ للهِ بغيرِ تَشبيهٍ )(١) والعالمِ بِغيرِ تكوينٍ ، وَالباقي بغَيرِ كُلفَةٍ ، وَالخالِقِ بغيرِ مَتعَبَةٍ ، وَالموصوفِ بِغَير مُنتهى.

الحمدُ لله الذي مَلَكَ المُلوكَ بقدرتِهِ ، واسْتعبَدَ الاربابَ بعزّتهِ ، وسادَ العُظماءَ بجودِهِ وَجَعلَ الكبرياءَ والفخرَ والفضلَ والكرمَ والجُودَ وَالمجدَ لنفسِهِ ، جارُ المستجيرينَ ، مَلجأ اللاجِئين ، مُعتمدُ المؤمنينَ ، وسبيلُ حاجَةِ العابدينَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ بجميعِ مَحامِدِكَ كُلّها ما عَلمنا مِنها وما لم نَعلَم ، وَلَكَ الحمدُ حَمداً يُكافي نِعَمِكَ وَيَمتَري(٢) مزيدك.

اللهُمّ لكَ الحمدُ حمداً يَفضلُ كل حَمدٍ حمدك بِهِ العابدونَ مِن خَلقكَ كفضلكَ على جَميع خلقِكَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ حمداً أبلغُ بهِ رِضاكَ ، وَاؤدي بِهِ شكرَكَ ،

__________________

(١) العبارة مضطربة ولا تتفق مع السياق الذي يليها ولعل هناك سقط ، ولكن في نسخة « ن » : الحمد لله المقدر بغير فكر.

(٢) المري : مسح ضرع الناقة لتجر ، أي يطلب منك المزيد منك رغم تعاظم نعمتك.

انظر لسان العرب ١٥ : ٢٧٦.

٩٨

وأستَوجِب بِهِ ( العَفوَ )(١) بعدَ قدرتكَ ، والرّحمةَ من عندكَ ، يا أرحَمَ الراحمينَ.

اللهُمَّ يا خَيرَ مَن شَخَصَتْ اليه الابصارُ ، وَمُدَتْ اليهِ الاعناقُ ، وَوَفَدَتْ اليهِ الآمالُ ، صَلّ على مُحمّدٍ وآل محمّدٍ ، واغفِر لَنا ما مضى مِن ذُنوبنا ، وَاعصمنا فيما بَقيَ من أعمارِنا ، ومُنَّ عَلينا في هذهِ السّاعة بالتّوبةِ وَالطهارةِ ، وَالمغفرةِ والتوفيق ، وَدفاعِ المحذورِ ، وسعةِ الرزقِ ، وحُسنِ المستَعتَبِ ، وَخَيرِ المُنقَلبِ ، وَالنّجاةِ من النّارِ(٢) .

اليوم الثامن :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «هذا يوم صالح لكل حاجة من البيع والشراء ، ومن دخل فيه على سلطان قضيت حاجته ، ويكره فيه ركوب السفن في الماء ، ويكره فيه ـ أيضاً ـ السفر والخروج الى الحرب وكتب العهود.

ومن ولد فيه صلحت تربيته ، ومن هرب له يقدر عليه الا بتعب ، ومن ضل فيه لم يرشد الا بجهد ، ومن مرض فيه اجهد وذهب».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ديباذر ، اسم من اسماء الله تعالى ، وهو يوم مختار مبارك سعيد ، صالح لكل الحوائج ، فاعمل فيه ما تريد من الخير ، وتجنب الشر.

الدعاء فيه :

اللهُمّ لَكَ الحمدُ عَدَدَ الورقِ والشَّجرِ ، وَلَكَ الحمدُ عَددَ الحَصى

__________________

(١) في « ك » بالعفو ، واثبتنا ما في نسخة « ن ».

(٢) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٤ باختلاف فيه.

٩٩

وَالمدَرِ(١) وَلَكَ الحمدُ عَددَ الشَّعرِ والوَبَرِ ، وَلَكَ الحمدُ عَدَدَ أيامِ الدُينا والآخرَةِ ، وَلكَ الحمدُ عَددَ نُجومِ السّماءِ ، وَلكَ الحمدُ عددَ قطرِ المطَرِ ، ولكَ الحمدُ عَددَ كُلّ شيءٍ خلقتَ ، ولكَ الحمدُ عدَدَ كلماتكَ ، وَلكَ الحمدُ رِضا نفسكَ ، ولكَ الحمدُ على ما أحاطَ بهِ علمُكَ ، ولكَ الحمدُ على كُلّ شيءٍ بَلغتهُ عَظمتُكَ ، وَلكَ الحمدُ في كُلّ شيءٍ خَزائنهُ بيدكَ ، وَلكَ الحمدُ على ما حَفظَ كتابُكَ ، ولكَ الحمدُ سَرمداً لا ينقضي أبداً ولا يُحصيهِا لخلائقُ عَدداً ، وَلكَ الحمدُ على نِعمكَ كُلّها ، عَلانيتِها وَسرِّها ، أوّلها وَآخرِها ، ظاهرِها وَباطنِها.

اللّهُمّ لَكَ الحمدُ على ما كانَ وَما لم يكُنَ وَما هُو كائنٌ.

اللّهُمّ لك الحمدُ كثيراً كما أنعمتَ ـ رَبّنا ـ عَلينا كَثيراً.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ كُلّهُ ، وَلكَ المُلكُ كُلّهُ ، وَبيدكَ الخَيرُ كُلّهُ ، وَاليكَ يَرجُع الامرُ كُلّهُ ، علانيتُهُ وسِرّهُ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ على بلائكَ وصُنعِكَ عِندنا ، قَدِيماً وَحَديثاً ، وَعندي خاصّةً ، خَلقتني فأحسنتَ خلقي ، وَهديتني فأكملتَ هِدايتي ، وَعَلّمتني فَأحسنت تعليمي.

ولكَ الحمدُ يا إلهي على حُسنِ بلائكَ وصنعكَ عِندي ، فَكم مِن

__________________

(١) قطع الطين اليابس ، وقيل : الطين العلك الذي لا رمل فيه ، واحدته مدره انظر لسان العرب : ٥ / ١٦٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317