المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى71%

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 137

  • البداية
  • السابق
  • 137 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70210 / تحميل: 6443
الحجم الحجم الحجم
المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

مؤلف:
العربية

١

٢

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الإهداء

أهدي هذا الجهد إلى مولاي صاحب الزيارة الإمام الحسين (ع)

قتيل العبرات المذبوح ظلماً وعطشاً بجنب الفرات

واُقدّمها إليه بتذلّلٍ وخضوع لعلّه يقبلها من عبده.

نزار

٣
٤

المقدّمة

(١)

الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام علی محمّد وآله الطاهرين واللعن الدائم علی أعدائهم إلى يوم الدين.

أمّا بعد :

هذا شرح (زيارة عاشوراء المشهورة العظيمة المرويّة عن الإمام الباقر عليه السّلام) للعالم الربّاني الکبير (حبيب الله الشريف الکاشانی)، لقد وقع بأيدينا بطبعة القديمة التي نفدت في الأسواق من قبل سنين. وفي نفس الوقت إنّ مکتباتنا الإسلاميّة في هذا اليوم تفتقر لشرح زيارة العاشوراء باللغة العربية، ولعلّها توجد باللغة الفارسية. وأيضاً رأيت الکثير من طلّاب العلم وغيرهم يبحثون ويسألون عن شرحٍ لهذه الزيارة العظيمة، ونظراً للحاجة الماسّة توکّلتُ علی الله الذي أستمدّ منه العون والقوّة، وتقرّباً لأهل البيت عليهم السّلام الذين هم ذخيرتی في الدُّنيا والآخرة، وعملي هذا خدمةً لآثارهم وإحياءً لفضائلهم عليهم السّلام.

وعملتُ في تحقيق وتصحيح هذا الشرح القيّم النادر، وحاولت أن أحصل علی نسخةٍ خطية لهذا الشرح واستمرّ البحث عدّة شهور وأخيراً أعانني الأخ المحترم المحقّق (الشيخ ماجد بن أحمد العطيّة) وجاءني بنسخةٍ خطيّة من (مرکز إحياة التراث الإسلامي) وعدد صفحاتها (٢٥) صفحة وکلّ صفحة تضمّ (١٨) سطراً إلاّ الصفحة الأولی، ولکن للأسف کانت النسخة الخطية ناقصة،

٥

وقابلتُ النسخة المطبوعة قديماً والنسخة الخطية فوجدتُ بعض التفاوت وأشرت إلى الاختلاف الذی بينهما. وفی نفس الوقت علقت بعض التعليقات والتوضيحات وأشرت بعض الاشارات، وذکرنا في المقدمة من آثار وبرکات هذا الزيارة.

وأخير أحمد الله تعالی وأستغفره عن کل هفوة وزلّة صدرت منا. وأساله أن يوفقنا لخدمة الدين وأهله بحقّ محمد وآله الطاهرين.

٦

ترجمة الشارح

(٢)

١. اسمه :

هو العلّامة المجتهد آية الله العظمی الملّا حبيب الله الشريف الکاشانی (أعلی الله مقامه).

٢. والده :

هو الفقيه المولی علی مدد الساوجی المتوفی سنة ١٢٧٠هـ بساوة والمدفون بمدينة قم المقدسة بجوار ابن بابويه والملّا مهدي النراقي وکان من أجلّاء علماء عصره ومشاهير فضلاء زمانه، وله مولّفات قيّمة.

٣. والدته :

العلوية الشريفة کريمة العلامة المحقق السيدالحسين الکاشانی (طاب ثراه).

٤. مولده :

ولد في مدينة کاشان وتاريخ ولادته علی ما ذکره بنفسه في آخر کتابه (لباب الألقاب) قال : «وأمّا تاريخ ولادتی فلم أتحققه في مکتوب من الوالد الماجد وإنّما ذکرت والدتی المرحومة أن ولادتك کانت قبل وفاة السلطان الغازی محمد شاه القاجاري بسنتين، وتاريخ وفاته علی ما حقّقناه سنة (١٢٦٤) من الهجرة النبوية.

٧

٥. وفاته ومدفنه :

لقد أجاب داعی الله وعرج بروحه المقدّسه إلى دار السلام وجوار أوليائه الکرام، فلحق بالرفيق الاعلی في صبح يوم الثلاثاء ٢٣ جمادي الثانية عام (١٣٤٠) هجرية من عمر جاوز الثمانين. وشيعته بلدة کاشان برمتها والوفود التی حضرت کاشان من ضواحيها ونواحيها بتشييع حافل بالعلماء والوجوه العلمية وسائر الطبقات، وحمل جثمانه علی الرووس والاکتاف مارين به في البلد حتی جیء به إلى خارج البلد في محل يسمی «دشت أفروز». هذا، والأعلام تخفق أمام نعشه ومواكب اللطم والعزاء خلفه يردّدون أهازيج الحزن بلوعة. ودفن هناک في مقبرته الخاصة وأقيمت لروحه الفواتح في کاشان وفی نواحي اخری من البلاد کما رثته الشعراء والادباء بقصائد مشجية، واليوم مرقده الشريف مزار للخاص والعام في کاشان، ولاسيّما في ليالي الجمعة.

٦. أخلاقه الحميدة :

کان خلاصة علمائنا الاخيار وبقية فقهائنا الابرار، جامعا لانواع الکمالات، ومحاسن الصفات؛من الورع والتقوی والتمسک بالعروة الوثقي، وغاية في التواضع والانصاف في نهاية حسن الاخلاق والعفاف والکرام الذی لم يزل بيته مناخا للوالدين والاضياف، محبوبا لدي العوام والخواص، وکان بجانب عظيم من الزهد والتقشف، کان جشب الماکل وخشن الملبس حيث سار بسيرة الاولياء الصالحين من السلف الصالح، وکان صلب الايمان، وافر العقل، حسن الصحبة، ذا اناة وتامل، لم ياخذه الطيش والحدة إذا غضب، ولم تاخذه في الله لومة لائم، وکان مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه.

وکان دائم الذکر والتلاوة، کثير التهجّد والعبادة، وکان متصفا بالاخلاق السنيّة والشيم المرضية ؛ من لين العریکة، وصفاء الحقيقة، وخلوص المحبة ،

٨

وشدة ولائه الاهل بيت العصمة والطهارة وإحياء ذکرهم ببثّ آثارهم الشريفة. وکان کثير التحمل ـ مع کثرة عائلته ـ للفقر والفاقة(١) .

وأيضا هناك ترجمة ضافية لشيخنا المترجم ذکرها بنفسه في آخر کتاب لباب الالقاب منها، قال : (وبالجملة لولا أنَّ تزکية المرء لنفسه قبيحة عند أرباب العقول لفصّلت الکلام فيما منَّ الله عليَّ من الخصائص في الأحوال بما يطول، والقول المجمل في ذلك أنّي لم اشتغل من بدو تمييزی قبل بلوغی إلى هذه السنة ١٣١٩هجري بما اشتغل به اللاهون والغافلون ولم أصرف عمری فيما صرف فيه البطالون ولم احب المخالطة مع الجهلة ولم ارکن إلى الظلمة، بل کنت محبا للاعتزال، مجتبا عن المراء والجدال، وعن قيل والقال، والجواب والسوال الا في مسائل الحلال والحرام، معرضا عن الحسد والطمع وطول الامال، صابرا علی الباساء والضراء وشدائد الاحوال، وان يجعل عاقبتی خيرا مما مضي.

وبالجملة قد وقفت عمری علی التدريس والتاليف والتصنيف ولم اکترث بما اصابنی من اذی کل وضيع وشريف، ولوشئت ان اذکر نبذا مما اصابنی من أهل هذا البلد وشطرا من ابتلائی بشر الحاسد إذا حسد لملات الطوامير وسطرت الاساطير، ولکنی أسدل دونها ثوبا وأطوی عن ذکرها کشحا فان الصبرعلی هاتی احجی وان کان في العين قذی وفی الحلق شجی.

خليلی جربت الزمان وأهله فلا عهدهم عهد ولا ودّهم ود بلاءٌ علينا کوننا بين معشر ولا فيهم خير ولا منهم بدُّ إلى غير ذلك مما ذکره بنفسه.

__________________

١ ـ هذا الکلام ذکره سبطه في آخر کتاب (أحسن الترتيب).

٩

٧. مشایخه في العلم :

اخذ المترجم له علومه الابتدائية في الصرف والنحو والمنطق والمعانی

والبيان والبديع والتجويد من أساتذة الوقت في ساوة وکاشان، وفرغ منها ولم

يتجاوز الخامسة عشر من عمره، ثم شرع في الفقه واصوله لدي جماهة من

الاجلاء والفحول منهم :

١ ـ الفقيه السيد حسين الحسنی الکاشانی وهو جد آية الله العظمی السيد أبي القاسم الکاشانی المتوفی سنة ١٣٨١هـ.

٢ ـ العلامه المحقق الحاج محمد علی اللاجوردي الکاشانی المتوفی سنة ١٢٩٤هـ (مولف تکميل الاحکام في شرح المختصر النافع) و (شرح نتائج الافکار).

٣ ـ العلامة الحاج المولی محمد حسين الارد کانی الشهير بالفاضل الارد کانی نزيل کربلاء المقدسة والمدفون بها.

٤ ـ العلامة الحاج أبو القاسم الشهير بکلانتر وتلميذ الشيخ الانصاری.

٥ ـ العلامة الجليل زين العابدين الگلبايگانی.

٦ ـ الشيخ محمد الاصفهانی ابن اخت صاحب الفصول.

٧ ـ العلامة الحکيم السيد علی شرف الدين الحسينی المرعشی الشهير

ب (سيد الاطباء) المتوفی سنة ١٣١٦هـ مولف کتاب قانون العلاج وهو جد

المرجع الدينی السيد شهاب الدين المرعشی النجفی.

٨ ـ المولی المحقق عبد الهادي المدرس الطهرانی صاحب التعليقة علی القوانين.

هولاء العلماء الکبار الذين تلمذ عندهم المترجم له وغيرهم واجيز منهم أو روی عنهم احاديث العترة الطاهرة عليهم السّلام.

١٠

٨. تلاميذه :

هناك جم غفير وجمع کثير من العلماء الاعاظم الذين قد استفادوا من دروسه، منهم :

١ ـ المرجع الدينی السيد مصطفی الحسينی الکاشانی.

٢ ـ آية الله العظمی السيد محمد بن إبراهيم العلوی البروجردي الکاشانی المتوفی ١٣٦٢هـ.

٣ ـ العلامة المتبحر أبو القاسم القمی.

٤ ـ العلامة الميرزا المحلاتی نزيل اصفهان ومدرسها المشهور. وهو من أساتذة المرجع الکبير السيد حسين البروجردي.

٥ ـ العلامة النسابة السيد شمس الدين محمود الحسينی المرعشی النجفی صاحب الکتاب (مشجرات العلويين الکرام) وهو والد آية الله العظمی شهاب الدين المرعشی النجفی.

٦ ـ العلامة الجليل الشيخ المحمود التبريزی النجفی المتوفی ١٣٨٥هـ.

٧ ـ العلامة الاديب الميرزا شهاب الدين النراقي.

٨ ـ الميرزا أبو القاسم بن الحاج الملا محمد بن الفقيه المولی أحمد النراقي.

٩ ـ وهناک عشرات من أصحاب السماحة والفضيلة الذين درسو عنده ورووا عنه مع الواسطة ولکن نعرض عن ذکرهم بغية الاختصار ومخافة الاطالة.

٩. أولاده :

أعقب شيخنا المترجم له من الأولاد الذکور خمسة، وهم :

١ ـ الشيخ آقا حسين المتوفی سنة ١٣٧٨هـ.

٢ ـ العلامة الفاضل الشيخ مهدي.

١١

٣ ـ العالم الفاضل أحمد الشريف.

٤ ـ الشيخ محمد الشريف، وهذا الشيخ سعی لاحياء آثار والده.

٥ ـ علی الشريف تزيل طهران المعروف باية الله زاده کاشانی.

١٠. شعره :

کان ممن وهبت له قريحة الشعر والنظم، وکانت قريحته نقادة في إنشاد الشعر باللغتين العربية والفارسية، وکان شعره يعتبر من المتوسط، وله ديوان شعر مطبوع أسماه (تشويقات السالکين) أکثرها في المعارف والحکم والامثال والمواعظ ومناقب ومراثی العترة الطاهرة عليهم السّلام.

ومن شعره في الامام المهدي (عج) في قصيدة طولية منها، قال :

يا سليل المصطفی يابن الحسن

يادليل الخلق يا خير البشر

أنت باب الله يوتی منه فی

عصرنا أنت الامام المنتظر

أنت نور العالمين في الدجی

انت شمس في سحاب مکفهر

أنتم ذخری وذخری حبّکم

حبّکم زادي ونعم المتجر

وبکم أرجو الفلاح والهدي

وشفيعی أنت فيما قد صدر

يا ولی العصر يا قطب الوری

خذ بايدينا بيوم لا مفر

قم بامر الله حتی لا يری

غير حکم الله والاثنی عشر

وقريضي لا يليق مدحهم

فليکن هذا مديحا مختصر

ومن شعره في مدح طلب العلم وآدابه في قصيدة طويلة اولها :

يا طالب العلم کم تسعی بلا عمل

وغاية العلم ترک الحرص والامل

إن کنت طالب علم فاهجر الامل

لا يجمع العلم والآمال في رحل

وطالب العلم مجزی بنيته

فاصف قلبک في النيات والعمل

١٢

لا تطلب العلم للدنيا فقد خسروا

طلاب علم لاجل المال والخول

وطالب العلم منهوم بلا شبع

فلا تراه علی الاحوال في عطل

وفکر طالب علم عند معضلة

فی طول ليلة أحلی من العسل

وطالب المال يسعی في معيشه

وطالب العلم مرزوق بلا ملل

الی آخر القصيدة وهی طويلة نکتفی بهذا المقدار منها.

١١. مؤلفاته وآثاره العلمية :

إنَّ شيخنا المترجم له من الافذاذ الذين وفقهم الله سبحانه بکثرة التاليف والتصنيف فاکثر وأجاد فيها، وکانت مؤلفاته في مختلف العلوم وشتی الفنون. وقال هو عند ترجمته لنفسه : (فنلرجع إلى ذکر مؤلفاتی ومصنفاتی مما کان قبل بلوغی إلى هذه السنة مع قلة الاسباب والابتلاء بالاقشاب واختلال البال وکثرة الديون والعيال وعروض الامراض والاعراض من حوادث الدهر الخوان من فقد الخلان وموت الولدان وغير ذلك مما يقصر عنه نطاق البيان، فنقول:- ومن الله التوفيق والتسديد- ترتقي هی إلى مائة وثلاثين بل تزيد(١) .

١ ـ مصابيح الظلام.

٢ ـ مصابيح الدجی.

٣ ـ التذکرة.

٤ ـ حديقة الجمل.

٥ ـ حقائق النحو.

٦ ـ المنظومة في الاصول ألّفها قبل البلوغ، تزيد علی ألف ومائتين من الابيات.

٧ ـ منظومة في افعال الصلاة موسومة بزبدة المقال في نظام الافعال.

٨ ـ لباب الفکر في علم المنطق.

٩ ـ لبُّ النظر في المنطق.

١٠ ـ هداية الضبط في علم الخط.

__________________

١ ـ سوف نذکر العربية منها فقط.

١٣

١١ ـ نخبة التبيان في علم البيان.

١٢ ـ بوارق الدهر في تفسير سورة الدهر.

١٣ ـ کشف السحاب في شرح الخطبة الشقشقية.

١٤ ـ مصاعد الصلاح في شرح دعاء الصباح.

١٥ ـ جذبة الحقيقة في شرح دعاء کميل.

١٦ ـ شرح علی مناجاة الخمسة عشر.

١٧ ـ رسالة في الرد علی البابية وذکر کلماتهم الواهية.

١٨ ـ حکم المواعظ.

١٩ ـ الدر المکنون في شرح ديوان المجنون.

٢٠ ـ صراط الرشاد في الاخلاق.

٢١ ـ رسالة في معنی الصلاة علی محمد وآل محمّد وآله صلّی الله عليه وآله.

٢٢ ـ منتقد المنافع في شرح المختصر النافع.

٢٣ ـ وسيلة المعاد في فضائل محمد وآل محمّد وآله صلّی الله عليه وآله.

٢٤ ـ شرح دعاء صنمی قريش.

٢٥ ـ شرح زيارة وارث.

٢٦ ـ شرح قصيدة الفرزدق.

٢٧ ـ شرح دعاء العديلة.

٢٨ ـ شرح زيارة عاشوراء وهو هذا الکتاب الذی بين يديك.

٢٩ ـ خواص الاسماء.

٣٠ ـ کتاب لباب الالقاب في القاب الاطياب.

١٤

من آثار وبرکات زيارة عاشوراء

(٣)

١. زيارة عاشوراء ورضوان الله تعالی :

کتب الولد الكبير لاية الله الاميني الدكتور محمد هادي الاميني : بعد أربعة سنين من وفاة والدي المرحوم العلّامة الأميني رأيته في إحدي ليالي الجمعة وقبل أذان الفجر سنة ١٣٩٤ هـ في عالم الرؤيا فرحا وعلى هيية حسنة فتقدّمت نحوه، وسلّمت عليه. وسئلته أي الأعمال أوصلتك الى هذه السعادة؟ قال : ماذا تقول أنت؟ وعرضت عليه السوال مرة أخرى هكذا : سيدي في هذا المكان الذي تقيم فيه الان، أي الأعمال أوصلتك اليه : كتاب (الغدير) أو بقية التأليفات. أو تأسيس مكتبة أمير المومنين؟ قال : وضح أكثر لا أعرف المقصود من سوالك هذا، قلت : أنت بعيد الان عنا، وذهبت الى العالم الاخر، فبأي الاعمال العلميّة والخدمات الدينيّة والمذهبية وصلت الى ما أرى؟ فمكث المرحوم الاميني قليلا، ثم قال : فقط عن طريق زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السّلام، ثمّ سألته : أنت تعرف في الوقت الحاضر أن الروابط السياسية بين ايران والعراق غير عادية والذهاب الى كربلاء غير ممكن.

قال : قوموا واشترکوا في مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السّلام فلها ثواب زيارة مرقد أبي الأحرار الحسين عليه السّلام، ثم قال لي : يا ولدي أوصيتك في السابق کثيرا بقراءة زيارة العاشوراء، والآن اُکرر عليك وأقول : إستمر بقراءتها ولا تترکها لأي سبب کان، اقرأها دائما وکأنها جزء من واجباتک اليومية، فإنَّ لهذه الزيارة فوائد

١٥

وبرکات کثيرة، وهي طريق نجاتك في الدنيا والآخرة، أسألکم الدعاء(١) .

٢. زيارة عاشوراء وقضاء الدين :

ذکر العالم الجليل آية الله القوچانی النجفي في مدکراته ضمن خاطراته في المدة التي قضاها في اصفهان، والتي استمرت أربع سنوات من سنة ١٣١٤هـ إلى ١٣١٨هـ. کتبت إلى أبي ليرسل رسالة يشرح لي فيها حالته، لأني قلق عليه، فما أن أرسلت الرسالة، وإذا براسلة من أبي وصلتنی يقول فيها بان زوجته قد توفيت.

وکتبت أيضا : انه قبل عشر السنوات من هذه اقترض مبلغ اثنی عشر تومان لتسديد نفقات سفره لزيارة العتبات المقدسة ولکن بسبب (الربا) وصل القرض إلى ثمانين تومان وکل ماکان يملک أبي لم يصل إلى هذا المقدار، فصممت ان اقرا زيارة عاشوراء ولمدة اربعين يوما، وعلی سطح مسجدالسلطان الصفوی، وطلبت ثلاث حاجات :

الاولی : أداء قرض والدي.

الثانية : طلب المغفرة.

الثالثة : الزيادة في العلم والاجتهاد.

کنت أبدا بالقراءة قبل الظهر واتمها قبل ان يزول الظهر وتستغرق قرائتها مدة ساعتين، فلما تمت الاربعين يوما، وبعد الشهر تقريبا کتب لی الوالد : بان الامام موسی بن جعفر عليهم السّلام أدي قرضي، فکتبت له : لا، الامام الحسين عليهم السّلام أداه، وکلّهم نور واحد(٢) .

__________________

١ ـ زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة ص ٤٥.

٢ ـ السياحة الشرقية ص ٢٠٤.

١٦

٣. زيارة عاشوراء ورفع مرض الوباء :

قال المرحوم آية الله الشيخ عبد الکريم الحائری : عند ما کنت مشغولا بدراسة العلوم الدينية في سامراء أصيب أهل تلک المدينة بمرض الوباء وکان في کل يوم يموت عدد کثير منهم. ذات يوم عندما کنت في بيت أستادي المرحوم السيد (محمد الفشارکی) وکان هناک عدد من أهل العلم جاء فجاة المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازی وبدا بالکلام عن الوباء والطاعون، وأن کل الناس معرضون لخطر الموت.

فقال آية الله الفشارکی: إذا أصدرت حکما هل ينفذ؟ ثم قال : هل تعتقدون بأنی مجتهد جامع للشرائط؟

فقال الجالسون : نعم، فقال : إنّی آمر شيعة سامراء أن يلتمزوا بقراءة زيارة عاشوراء لمدة عشرة أيام ويهدون ثوابها إلى روح نرجس خاتون، والدة الامام الحجة ابن الامام الحسن العسکری (عج) ويجعلونها شافعة لنا لدي ولدها لأن يشفع لامتة عند ربه وانی أضمن لکل من يلتزم بقراءة هذه الزيارة أن لايصاب بالوباء.

قال : ما إن صدر هذا الحکم أجمع الشيعة المقيمون في السامراء علی إطاعة الحکم وقراءة الزيارة، وبعد القراءة الزيارة فعلا توقفت الإصابة، بينما کان کل يوم يموت عدد کثير من أبناء العامة ومن شدة خجلهم يدفنون موتاهم بالليل(١) .

وقد سأل بعض العامة عن سبب توقف الوباء فيهم، فقالوا لهم : قرأنا زيارة عاشوراء، فاشتغلوا بقراءة هذه الزيارة المبارکة ورفع عنهم البلاء(٢) .

__________________

١ ـ القصص العجيبة، ص ٤٩٦ للسيد عبد الحسين دستغيب.

٢ ـ نفس المصدر.

١٧

٤. زيارة عاشوراء وزيادة الرزق :

قال الشيخ عبد الجواد الحائری المازندرانی : جاء شخص إلى حضرة شيخ الطائفة : الشيخ زين العابدين المازندرانی يشکو اليه ضيق المعاش، فقال له الشيخ : اذهب إلى ضريح الامام الحسين عليه السلام واقرا زيارة عاشوراء فسياتيک رزقک، واذا لم ياتک ارجع إلى فساطيک ما تحتاج اليه، وبعد فترة من الزمان التقيت به فسالته عن حاله، فقال : عندما کنت مشغول بقراءة الزيارة في حرم الامام أبي الأحرار عليه السّلام جائني رجل وأعطانی مبلغا من المال ففتحت أمامی أبواب الرزق(١) .

٥. زيارة عاشوراء وتسهيل أمر الزواج :

قال أحد الخطباء والوعاظ : جائنی قبل عدة سنين صديق شاب ومؤمن، وطرح لی حاجة مستعصية، وقال : نويت الزواج منذ فترة، ولکنی في کل مرة اتقدم فيها اواجه بعض المشاکل والمصاعب، فقلت له : لعلک تقدمت إلى افراد ليسوا من مقامك وشانك؟

قال : ليس کذالك، واذا لم تصدقنی، تقدم لی أنت إلى عائلة في طبقتی وشانی واخطب لی.

فذهبت إلى أحد أصدقائی الذی کنت مطمئنا منه بأنه يجيبنی وطلبت منه ابنته لهذا الشاب المؤمن في البداية فوافق، وبعد فترة قال : أستخير الله، ومع الاسف أجاب الرد.

هذه القصة آلمتنی کثيرا، وقال لی صديقي : رأيت الحق معی.

__________________

١ ـ تذکرة الزائرين.

١٨

قلت له : لا تؤذ نفسك، ولقضاء مشکلتك اقرأ ـ بعد أداء فريضة صلاة الصبح وتعقيباتها ـ زيارة عاشوراء مع اللعن مائة مرة والسّلام مائة مرة.

فبدأ بقراءة الزيارة، وفي يوم السابع والعشرين جائنی فرحا، وقالت : تقدمت إلى إحدي العوائل، فوافقوا وانا وهم في غاية الرضا، واليوم بعد العصر تقام مراسيم الخطبة، وارجو ان تکون من الشاهدين لها، فقلت له حينئذ : لا تنسي الثلاثة عشر يوما الباقية، وأنت بدأت حياتک الزوجية ببرکة زيارة عاشوراء، وفی أیّ وقت واجهت مشکلة في حياتك توسّل بها لقضائها، فإنها تقضی إن شاء الله(١) .

تم الفراغ من کتابة هذه المقدمة يوم الجمعة ١٦ ذی الحجة ١٤٢٢هـ

قم المقدسة

نزار نعمة الحسن

__________________

١ ـ زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة ص ٥٠.

١٩

٢٠

[ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى]

الأسماء الحسنى

وسنوردها هنا بثلاث عبارات :

الاُولى : ما ذكرها الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد(١) رحمه‌الله في عدّته ، أنّ الرضاعليه‌السلام روى عن أبيه عن آبائه عن علي(٢) عليه‌السلام : أنّ لله تسعة وتسعين اسماً من دعا بها استجيب له ومن أحصاها(٣) دخل الجنّة ، وهي هذه :

الله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العليّ ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، الباري ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحيّ ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحقّ ، الحسيب ، الحميد ، الحفيّ ، الربّ ، الرحمن ، الرحيم ، الذاري ، الرازق ، الرقيب ، الرؤوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، السيّد ، السبّوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ،

__________________

(١) أبو العباس أحمد بن فهد الحلي ، يروي عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخازن تلميذ الشهيد وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : عدّة الداعي ونجاح الساعي ، في آداب الدعاء ، مشهور نافع مفيد في تهذيب النفس ، مرتّب على مقدّمة في تعريف الدعاء وستّة أبواب ، توفي سنة ( ٨٤١ ه‍ ).

الكنى والألقاب ١: ٣٦٨ ، أعيان الشيعة ٣: ١٤٧ ، الذريعة ١٥ : ٢٢٨ ، معجم رجال الحديث ٢ : ١٨٩.

(٢) في العدة : « عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ لله عزّ وجلّ تسعة وتسعين اسماً من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنة ».

(٣) في هامش (ر) : « قال الصدوقرحمه‌الله : معنى إحصائها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عدّها ، قاله الشيخ جمال الدين في عدته.

ووجدتُ بخط الشيخ الزاهدرحمه‌الله : أن هذه الأسماء حجاب من كل سوء ، وهي للطاعة والمحبة وعقد الألسن ولإبطال السحر ولجلب الرزق نافع إن شاء الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : التوحيد : ١٩٥ ، عدّة الداعي : ٢٩٨.

٢١

العدل ، العفوّ ، الغفور ، الغنيّ ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتّاح ، الفالق ، القديم ، الملك ، القدّوس ، القويّ ، القريب ، القيّوم ، القابض ، الباسط ، القاضي(٤) ، المجيد ، الولي ، المنّان ، المحيط ، المبين ، المقيت ، المصوّر ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضرّ ، الوتر ، النور ، والوّهاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفيّ ، الوكيل ، الوارث ، البرّ ، الباعث ، التوّاب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديّان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي(٥) .

الثانية : ما ذكرها الشهيد(٦) رحمه‌الله في قواعده ، وهي : الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الباري ، الخالق ، المصوّر ، الغفّار ، الوّهاب ، الرزّاق ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحليم ، العظيم ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، الجليل ، الرقيب ، المجيب ، الحكيم ، المجيد ، الباعث ، الحميد ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيّوم ، الماجد ، التوّاب ، المنتقم ، الشديد العقاب ، العفّو ، الرؤوف ، الوالي ، الغني ، المغني ، الفتّاح ، القابض ، الباسط ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الغفور ، الشكور ، المقيت ، الحسيب ، الواسع ، الودود ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، المحصي ، الواجد ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، البرّ ، ذو الجلال والإكرام ، المُقِسط ، الجامع ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، البديع ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ، الهادي ، الباقي(٧) .

__________________

(٤) في هامش (ر) : « قاضي الحاجات / خ ل ».

(٥) عدّة الداعي : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٦) أبو عبدالله محمد بن مكي العاملي الجزيني ، الشهيد الأول ، روى عن الشيخ فخر الدين محمد بن العلاّمة وغيره ، يروي عنه جماعة كثيرة منهم أولاده وبنته وزوجته ، له عدّة مصنّفات ، منها : القواعد والفوائد ، كتاب مختصر مشتمل على ضوابط كلية اُصولية وفرعية يستنبط منها الأحكام الشرعية ، استشهد مظلوماً سنة ( ٧٨٦ ه‍ ).

رياض العلماء ٥ : ١٨٥ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٤٢ ، تنقيح المقال ٣ : ١٩١ ، الذريعة ١٧ : ١٩٣.

(٧) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦ ـ ١٧٤.

٢٢

قالرحمه‌الله : ورد في الكتاب العزيز من(٨) الأسماء الحسنى : الربّ ، والمولى ، والنصير ، والمحيط ، والفاطر ، والعلاّم ، والكافي ، وذو الطّول ، وذو المعارج(٩) .

الثالثة : ما ذكرها فخر الدين محمد بن محاسن(١٠) رحمه‌الله في جواهره ، وهي :

الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، الباري ، المصوّر ، الغفّار ، القهّار ، الوهّاب ، الرزّاق ، الفتّاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الماجد ، الباعث ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، الحميد ، المحصي ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيوم ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأوّل ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البرّ ، التوّاب ، المنتقم ، العفوّ ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المُقسِط ، الجامع ، الغنيّ ، المُغني ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور. فهذه تسعة وتسعون اسماً رواها محمد بن إسحاق(١١) في المأثور.

__________________

(٨) في ( القواعد ) و (ر) و (م) : « في » وما أثبتناه من (ب) وهو الأنسب.

(٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٤ ـ ١٧٥.

(١٠) لم أجد من تعرّض لترجمته ، حتّى أن الشيخ العلاّمة الطهراني في الذريعة ٥ : ٢٥٧ حينما ذكر الجواهر ، قال : للشيخ فخر الدين محمد بن محاسن ينقل عنه الكفعمي في آخر البلد الأمين ، فالظاهر أنّه لم يجد له ترجمة أيضاً ، بل إنّما عرف كتابه واسمه من نقل الكفعمي عنه ، ومحمد بن محاسن نفسه الذي يأتي بعنوان البادرائي.

(١١) يحتمل أن يكون هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي ، من كبار تلاميذ الشيخ محيي الدين ابن العربي ، بينه وبين نصير الدين الطوسي مكاتبات في بعض المسائل الحكمية ، له عدّة مصنّفات ، منها : شرح الأسماء الحسنى ، مات سنة ( ٦٧٣ ه‍ ).

كشف الظنون ٢: ١٩٥٦ ، أعلام الزركلي ٦ : ٣٠.

٢٣

ولمّا كانت كلّ واحدة من هذه العبارات الثلاث تزيد على صاحبتيها بأسماء وتنقص عنهما بأسماء ، أحببت أن أضع عبارة رابعة مشتملة على أسماء العبارات الثلاث ، مع الإشارة إلى شرح كلّ اسم منها ، من غير إيجاز مخلّ ولا إسهاب مملّ.

وسمّيت ذلك بالمقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى.

فنقول وبالله التوفيق :

الله :

اسم ، علم ، مفرد ، موضوع على ذات واجب الوجود.

وقال الغزّالي(١٢) : الله اسم للموجود الحق ، الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المتفرّد بالوجود الحقيقي ، فإن كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود بذاته ، وإنّما استفاد الوجود منه(١٣) .

وقيل : الله اسم لمن هو الخالق لهذا العالم والمدبر له.

وقال الشهيد في قواعده : الله اسم للذات لجريان النعوت عليه ، وقيل : هو اسم للذات مع جملة الصفات الإلهية ، فإذا قلنا : الله ، فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة ، وهي صفات الكمال ونعوت الجلال.

قالرحمه‌الله : وهذا المفهوم هو الذي يعبد ويوحد وينزه عن الشريك والنظير والمثل والند والضد(١٤) .

وقد اختلف في اشتقاق هذا الاسم المقدّس على وجوه عشرة ، ذكرناها

__________________

(١٢) أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي ، الملقّب بحجّة الإسلام الطوسي ، تفقّه على أبي المعالي الجويني ، له عدّة مصنّفات ، منها : إحياء علوم الدين ، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وغيرهما ، مات سنة ( ٥٠٢ ه‍ ).

المنتظم ٩ : ١٦٨ ، وفيات الأعيان ٤ : ٢١٦ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٥٠.

(١٣) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : ١٤.

(١٤) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦.

٢٤

على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام إذا أحزنه أمر(١٥) .

واعلم أنّ هذا الاسم الشريف قد امتاز عن غيره من أسمائه ـ تعالى ـ الحسنى بوجوه عشرة :

أ : أنّه أشهر أسماء الله تعالى.

ب : أنّه أعلاها محلاًّ في القرآن.

ج : أنّه أعلاها محلاًّ في الدعاء.

د : أنّه جعل أمام سائر الأسماء.

ه‍ : أنّه خصّت به كلمة الإخلاص.

و : أنّه وقعت به الشهادة.

ز : أنّه علم على الذات المقدّسة ، وهو مختصّ بالمعبود الحقّ تعالى ، فلا

__________________

(١٥) وهي كما في حاشية المصباح : ٣١٥ نقلاً عن الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة :

« الأول : أنّه مشتقّ من لاه الشيء إذا خفي ، قال شعر :

لاهت فما عرفت يوماً بخارجةٍ

يا ليتها خرجت حتى عرفناها

الثاني : أنّه مشتقّ من التحيّر ، لتحيّر العقول في كنه عظمته ، قال :

ببيداء تيه تأله العير وسطها

مخفقـة بالآل جرد وأملق

الثالث : أنّه مشتقّ من الغيبوبة ، لأنّه سبحانه لا تدركه الأبصار ، قال الشاعر :

لاه ربّي عن الخلائق طراً

خالق الخلق لا يُرى ويرانا

الرابع : أنّه مشتقّ من التعبّد ، قال الشاعر :

لله درّ الغانيــات المُـدَّهِ

آلهن واسترجعن من تألّهي

الخامس : أنّه مشتق من أله بالمكان إذا أقام به ، قال شعر :

ألهنا بدارٍ لا يدوم رسومها

كأن بقاها وشامٌ على اليدِ

السادس : أنّه مشتقّ من لاه يلوه بمعنى ارتفع.

السابع : أنّه مشتقّ من وَلَهَ الفصيلُ باُمّه إذا ولع بها ، كما أنّ العباد مولهون ، أي : مولعون بالتضرّع إليه تعالى.

الثامن : أنّه مشتقّ من الرجوع ، يقال : ألهت إلى فلان ، أي : فزعت إليه ورجعت ، والخلق يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه ، وقيل للمألوه [ إليه ] إله ، كما قيل للمؤتمّ به إمام.

التاسع : أنّه مشتقّ من السكون ، وألهت إلى فلان أي : سكنت ، والمعنى أنّ الخلق يسكنون إلى ذكره.

العاشر : أنّه مشتقّ من الإلهيّة. وهي القدرة على الاختراع ».

٢٥

يطلق على غيره حقيقةً ولا مجازاً ، قال تعالى :( هل تَعلَمُ لهُ سَميّاً ) (١٦) أي : هل تعلم أحداً يسمّى الله ؟ وقيل : سميّاً أي : مثلاً وشبيهاً.

ح : أنّ هذا الاسم الشريف دالّ على الذات المقدّسة الموصوفة بجميع الكمالات ، حتى لا يشذّ به شيء ، وباقي أسمائه تعالى لا تدلّ آحادها إلاّ على آحاد المعاني ، كالقادر على القدرة والعالم على العلم. أو فعل منسوب إلى الذات ، مثل قولنا : الرحمن ، فإنّه اسم للذات مع اعتبار الرحمة ، وكذا الرحيم والعليم. والخالق : اسم للذات مع اعتبار وصف وجودي خارجي. والقدّوس : اسم للذات مع وصف سلبي ، أعني التقديس الذي هو التطهير عن النقائص. والباقي : اسم اللذات مع نسبة وإضافة ، أعني البقاء ، وهو نسبة بين الوجود والأزمنة ، إذ هو استمرار الوجود في الأزمنة. والأبديّ : هو المستمرّ في جميع الأزمنة ، فالباقي أعمّ منه. والأزلي : هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية المحقّقة والمقدّرة. فهذه الاعتبارات تكاد تأتي على الأسماء الحسنى بحسب الضبط(١٧) .

ط : أنّه اسم غير صفة ، بخلاف سائر أسمائه تعالى ، فإنها تقع صفات ، أمّا أنّه اسم غير صفة ، فلأنّك تصف ولا تصف به ، فتقول : إله واحد ، ولا تقول : شيء إله ، وأمّا وقوع ما عداه من أسمائه الحسنى صفات ، فلأنّه يقال : شيء قادر وعالم وحيّ إلى غير ذلك.

ي : أن جميع أسمائه الحسنى يتسمّى بهذا الاسم ولا يتسمّى هو بشيء منها ، فلا يقال : الله اسم من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ، ولكن يقال : الصبور اسم من أسماء الله تعالى.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه قد قيل : إنّ هذا الاسم المقدّس هو الاسم الأعظم. قال ابن فهد في عدّته : وهذا القول قريب جداً ، لأنّ الوارد في هذا المعنى

__________________

(١٦) مريم ١٩ : ٦٥.

(١٧) القواعد والفوائد ٢: ١٦٦.

٢٦

كثيراً(١٨) .

ورأيت في كتاب الدرّ المنتظم في السرّ الأعظم ، للشيخ محمد بن طلحة بن محمد ابن الحسين(١٩) : أنّ هذا الاسم المقدّس يدلّ على الأسماء الحسنى كلّها التي هي تسعة وتسعون اسماً ، لأنك إذا قسمت الاسم المقدّس في علم الحروف على قسمين كان كلّ قسم ثلاثة وثلاثين ، فتضرب الثلاثة والثلاثين في حروف الاسم المقدّس بعد إسقاط المكرر وهي ثلاثة تكون عدد الأسماء الحسنى ، وذكر أمثلة اُخر في هذا المعنى تركناها اختصاراً(٢٠) .

ورأيت في كتاب مشارق الأنوار وحقائق الأسرار ، للشيخ رجب بن محمد بن رجب الحافظ(٢١) : أن هذا الاسم المقدس أربعة أحرف ـ الله ـ فإذا وقفت على الأشياء عرفت أنها منه وبه وإليه وعنه ، فإذ أُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كلّ شيء ، فإن اُخذ اللام وترك الألف بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإن اُخذ

__________________

(١٨) عدّة الداعي : ٥٠.

(١٩) أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي الشافعي ، له عدّة مصنفات ، منها : الدرّ المنظم في السرّ الأعظم أو الدرّ المنظم في اسم الله الأعظم ، مات سنة ( ٦٥٢ ه‍ ).

شذرات الذهب ٥ : ٢٥٩ ، أعلام الزركلي ٦ : ١٧٥.

علماً بأنّ في (ر) و (ب) و (م) ذكر : الدرّ المنتظم وفي مصادر الترجمة : الدر المنظم ، وكذا ذكر في (ر) و (ب) : محمد بن طلحة بن محمد بن الحسين ، وفي المصادر : ابن الحسن ، فتأمّل.

(٢٠) في حاشية (ر) : « منها : أنك إذا جمعت من الاسم المقدّس طرفيه ، وقسّمت عددهما على حروفه الأربعة ، وضربت ما يخرج القسمة فيما له من العدد في علم الحروف ، يكون عدد الأسماء الحسنى. وبيانه : أن تأخذ الألف والهاء وهما بستة ، وتقسِّمها على حروف الأربعة ، يقوم لكل حرف واحد ونصف ، فتضربة به فيما للإسم المقدّس من العدد وهو ستة وستين ، تبلغ تسعة وتسعين عدد الأسماء الحسنى. منهرحمه‌الله ».

(٢١) رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي المعروف بالحافظ ، من متأخّري علماء الإمامية ، كان ماهراً في أكثر العلوم ، له يد طولى في علم أسرار الحروف والأعداد ونحوها ، وقد أبدع في كتبه حيث استخرج أسامي النبي والأئمةعليهم‌السلام من الآيات ونحو ذلك من غرائب الفوائد وأسرار الحروف ، له أشعار لم يرعين الزمان مثلها في مدح أهل البيتعليهم‌السلام ، من مصنافته : مشارق أنوار اليقين في كشف حقائق أسرار أمير المؤمنين ، توفي في حدود سنة ( ٨١٣ ه‍ ).

رياض العلماء ٢ : ٣٠٤ ، الكُنى والألقاب ٢ : ١٤٨ ، أعيان الشيعة ٦ : ٤٦.

٢٧

الألف من إله بقي له ، وله كلّ شيء ، فإن اُخذ من له اللام بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له ، وهو لفظ يوصل إلى ينبوع العزة ، ولفظ هو مركب من حرفين ، والهاء أصل الواو ، فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق ، والهاء أول المخارج والواو أخرها ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن(٢٢) .

ولمّا كان الاسم المقدّس الأقدس أرفع أسماء الله تعالى شأناً وأعلاها مكاناً ، وكان لكمالها جمالاً ولجمالها كمالاً ، خرجنا فيه بالإسهاب عن مناسبة الكتاب ، والله الموفّق للصواب.

الرحمن الرحيم :

قال الشهيدرحمه‌الله : هما اسمان للمبالغة من رحم ، كغضبان من غضب وعليم من علم ، والرحمة لغة : رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان ، ومنه : الرحم ، لانعطافها على ما فيها ، وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال(٢٣) (٢٤) .

وقال صاحب العدّة : الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة وهي النعمة ،

__________________

(٢٢) مشارق الأنوار : ٣٢ ـ ٣٣ ، وفيه : « والقرآن له ظاهر وباطن ، ومعانيه منحصرة في أربع أقسام ، وهي أربع أحرف وعنها ظهر باقي الكلام ، وهي ( أل‍ ل‍ ه ) ، والألف واللام منه آلة التعريف ، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنّها منه وله ، وإذا اُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كل شيء ، وإذا اُخذ منه ( ل‍ ) بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإذا اُخذ منه الألف واللام بقي له ، وله كلّ شيء ، وإذا اُخذ الألف واللامان بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له. والعارفون يشهدون من الألف ويهيمنون من اللام ويصلون من الهاء. والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهويّة التي لا شيء قبلها ولا بعدها وله الروح ، واللام وسطاً وهو إشارة إلى أنّ الخلق منه وبه وإليه وعنه ، وله العقل وهو الأول والآخر ، وذلك لأنّ الألف صورة واحدة في الخطّ وفي الهجاء ».

(٢٣) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٧.

(٢٤) في هامش (ر) : « وقال السيد المرتضى : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة ، وإنّما هي عبارة عن الفضل والإنعام وضروب الإحسان ، فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة وعلى الأول مجاز. منهرحمه‌الله تعالى ».

٢٨

ومنه :( وما أرسلناك إلاّ رحمّة للعالمينّ ) (٢٥) أي : نعمة ، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة ، أي : نعمة ، وقد يتسمّى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمّى بالرحمن سواه ، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى ، ويقال لرقيق القلب من الخلق : رحيم ، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة ، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له ، وليست في حقّه تعالى كذلك ، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه ، فالحدّ الشامل أن تقول : هي التخلص من أقسام الآفات ، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات(٢٦) .

وفي كتاب الرسالة الواضحة(٢٧) : أنّ الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة ، إلاّ أنّ فعلان أبلغ من فعيل ، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمّية ، واُخرى باعتبار الكيفية :

فعلى الأول قيل : يا رحمن الدنيا ـ لأنّه يعمّ المؤمن والكافر ـ ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين ، لقوله تعالى :( وكان بالمؤمنين رحيماً ) (٢٨) .

وعلى الثاني قيل : يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ، لأنّ النعم الاُخروية كلّها جسام ، وأمّا النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.

وعن الصادقعليه‌السلام : الرحمن اسم خاصّ بصفة عامة ، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصة(٢٩) .

وعن أبي عبيدة(٣٠) : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وكرر لضرب

__________________

(٢٥) الأنبياء ٢١ : ١٠٧.

(٢٦) عدّة الداعي : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، باختلاف.

(٢٧) الرسالة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة ، للمصنف الشيخ علي بن إبراهيم الكفعمي : مخطوطة.

(٢٨) الأحزاب ٣٣ : ٤٣.

(٢٩) مجمع البيان ١ : ٢١.

(٣٠) أبو عبيدة معمّر بن المثنى البصري النحوي اللغوي ، أول من صنّف غريب الحديث ، وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلّم منه ويصفه ويذمّ الأصمعي ، له عدّة مصنفات ، منها : مجاز القرآن الكريم وغريب القرآن ومعاني القرآن ، مات سنة ( ٢٠٩ ه‍ ) وقيل غير ذلك.

وفيات الأعيان ٥ : ٢٣٥ ، الكنى والألقاب ١ : ١١٦.

٢٩

من التأكيد(٣١) .

وعن السيد المرتضى(٣٢) رحمه‌الله : أن الرحمن مشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية ، والرحيم مختصّ بالعربية.

قال الطبرسي(٣٣) : وإنّما قدّم الرحمن على الرحيم ، لأن الرحمن بمنزلة الاسم العلم ، من حيث أنه لا يوصف به إلاّ الله تعالى ، ولهذا جمع بينهما تعالى في قوله :( قلِ ادعوا اللهَ أو ادعوا الرحمنَ ) (٣٤) فوجب لذلك تقديمه على الرحيم ، لأنه يطلق عليه وعلى غيره(٣٥) .

الملك :

التامّ الملك ، الجامع لأصناف المملوكات ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(٣١) اُنظر : مجمع البيان ١ : ٢٠.

(٣٢) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، المشهور بالسيد المرتضى ، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد وحاز من الفضائل ما تفرّد به وتوحّد وأجمع على فضله المخالف والمؤالف ، كيف لا وقد أخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه وتردّى ببرديه ، روى عن جماعة عديدة من العامة والخاصة منهم الشيخ المفيد والحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق والتلعكبري ، روى عنه جماعة كثيرة من العامة والخاصة منهم : أبو يعلى سلار وأبو الصلاح الحلبي وأبو يعلى الكراجكي ومن العامة : الخطيب البغدادي والقاضي بن قدامة ، له عدّة مصنفات مشهورة ، منها الشافي في الإمامة لم يصنّف مثله والذخيرة ، توفي سنة ( ٤٣٣ ه‍ ) وقيل ( ٤٣٦ ه‍ ).

وفيات الأعيان ٣ : ٣١٣ ، رياض العلماء ٤ : ١٤، الكنى والألقاب ٢ : ٤٣٩.

(٣٣) أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المشهدي ، من أكابر مجتهدي علمائنا ، يروي عن الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي وغيره ، يروي عنه ولده الحسن وابن شهرآشوب والشيخ منتجب الدين وغيرهم ، له عدة مصنفات ، منها : مجمع البيان لعلوم القرآن ، وهو تفسير لم يعمل مثله عيّن كل سورة أنّها مكّية أو مدنية ثم يذكر مواضع الاختلاف في القراءة ثم يذكر اللغة والعربية ثم يذكر الإعراب ثم الأسباب والنزول ثم المعنى والتأويل والأحكام والقصص ثم يذكر انتظام الآيات ، توفي سنة ( ٥٤٨ ه‍ ) في سبزوار وحمل نعشه إلى المشهد الرضوي ودفن في مغتسل الرضاعليه‌السلام وقبره مزار.

رياض العلماء ٤ : ٣٤٠ ، الكنى والألقاب ٢ : ٤٠٣ ، الذريعة ٢٠ : ٢٤.

(٣٤) الإسراء ١٧ : ١١٠.

(٣٥) مجمع البيان ١ : ٢١ ، باختلاف.

٣٠

وقال الشهيد : الملك المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين ، أو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، ويحتاج إليه كلّ موجود في ذاته وصفاته(٣٦) .

والملكوت : ملك الله ، زيدت فيه التاء كما زيدت في رهبوت ورحموت ، من الرهبة والرحمة.

القدوس :

فعول من القدس وهو الطهارة ، فالقدّوس : الطاهر من العيوب المنزّه عن الأضداد والأنداد ، والتقديس : التطهير ، وقوله تعالى حكاية عن الملائكة :( ونحنُ نسبّحُ بحمدكَ ونقدّسُ لكَ ) (٣٧) أي : ننسبك إلى الطهارة.

وسمّي بيت المقدس بذلك ، لأنه المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب. وقيل للجنة : حظيرة القدس ، لأنها موضع الطهارة من الأدناس والآفات التي تكون في الدنيا.

السلام :

معناه ذو السلامة ، أي : سلم في ذاته عن كل عيب ، وفي صفاته عن كل نقص وآفة تلحق المخلوقين ، والسلام مصدر وصف به تعالى للمبالغة. وقيل : معناه المسلم ، لأن السلامة تنال من قبله.

وقوله :( لهم دارُ السلام ) (٣٨) يجوز أن تكون مضافة إليه تعالى ، ويجوز أن يكون تعالى قد سمّى الجنة سلاماً ، لأن الصائر إليها يسلم من كلّ آفة.

* * *

__________________

(٣٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧.

(٣٧) البقرة ٢ : ٣٠.

(٣٨) الأنعام ٦ : ١٢٧.

٣١

المؤمن :

المصدّق ، لأن الإيمان في اللغة التصديق ، ويحتمل ذلك وجهان :

أ : أنّه يصدق عبادّه وعده ، ويفي لهم بما ضمنه لهم.

ب : أنّه يصدق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيّب آمالهم ، قاله البادرائي.

وعن الصادقعليه‌السلام : سمّي تعالى مؤمناً ، لأنه يؤمن عذابه من أطاعه(٣٩) .

وفي الصحاح(٤٠) : الله تعالى مؤمن ، وهو : الذي آمن عباده ظلمه(٤١) .

المهيمن :

قال العزيزي(٤٢) في غريبه والشهيد في قواعده : هو القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم(٤٣) .

وقال صاحب العدّة : المهيمن : الشاهد ، ومنه قوله تعالى :( ومهيمناً عليه ) (٤٤) أي : شاهداً ، فهو تعالى الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل ، وقيل : هو الرقيب على الشيء والحافظ له ، وقيل : هو الأمين(٤٥) .

__________________

(٣٩) التوحيد : ٢٠٥.

(٤٠) كتاب الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري الفارابي ، ابن اُخت أبي إسحاق الفارابي صاحب ديوان الأدب ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ الصحاح ـ وهو أحسن من الجمهرة وأوقع من التهذيب وأقرب متناولاً من مجمل اللغة ، مات سنة ( ٣٩٣ ه‍ ).

يتيمة الدهر ٤ : ٤٦٨ ، معجم الاُدباء ٥ : ١٥١، النجوم الزاهرة ٤ : ٢٠٧.

(٤١) الصحاح ٥ : ٢٠٧١ ، أمن.

(٤٢) أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي. اشتهر بكتابه غريب القرآن ، وهو على حروف المعجم صنّفه في (١٥) سنة ، مات سنة ( ٣٣٠ ه‍ ).

أعلام الزركلي ٦ : ٢٦٨.

(٤٣) غريب القرآن ـ نزهة القلوب ـ : ٢٠٩ ، القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧.

(٤٤) المائدة ٥ : ٤٨.

(٤٥) عدّة الداعي : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، باختلاف.

٣٢

وإلى القول الأوسط ذهب الجوهري ، فقال : المهيمن الشاهد ، وهو من آمن غيره من الخوف(٤٦) .

قلت : إنّما كان المهيمن من آمن ، لأن أصل مهيمن مؤيمن ، فقلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما ، كما في هرقت الماء وأرقته ، وإيهاب وهيهات ، وإبرية وهبرية للخزاز الذي في الرأس ، وقرأ أبو السرائر الغنوي(٤٧) : هياك نعبد وهياك نستعين(٤٨) .

قال الشاعر :

وهياك والأمر الذي إن توسعت

موارده ضاقت عليك مصادره

العزيز :

الغالب القاهر ، أو ما يمتنع الوصول إليه ، قاله الشهيد في قواعده(٤٩) .

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل(٥٠) في كتابه منتهى السّؤول في شرح الفصول : العزيز هو الحظير الذي يقلّ وجود مثله ، وتشتدّ الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، فليس العزيز المطلق إلاّ هو تعالى.

وقال صاحب العدّة : العزيز المنيع الذي لا يُغلب ، ويقال : من عزّ بزّ ،

__________________

(٤٦) الصحاح ٦ : ٢٢١٧ ، همن.

(٤٧) كذا ، ولم أجد هذا الاسم في كتب التراجم.

(٤٨) قال الزمخشري في الكشّاف ١ : ٦٢ : « وقرئ إياك بتخفيف الياء واياك بفتح الهمزة والتشديد وهياك بقلب الهمزة هاء ».

قال طفيل الغنوي :

فهياك والأمر الذي ان تراحبت موارده ضاقت عليك مصادره.

(٤٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧.

(٥٠) ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي ، عالم فاضل كامل ، من أجلة متكلمي الإمامية وفقهائهم ، يروي عن الشيخ فخر الدين ولد العلاّمة ، يروى عنه ابن فهد الحلي ، له عدة مصنفات ، منها : منتهى السّؤول في شرح الفصول ، وهو شرح على فصول خواجه نصير الدين الطوسي في اُصول الدين ، وهو شرحُ بالقول يعني قوله قوله.

رياض العلماء ٤ : ٢٩٣ ، الذريعة ٢٣ : ١٠.

٣٣

أي : من غلب سلب ، ومنه قوله تعالى :( وعزّني في الخطابِ ) (٥١) أي : غلبني في محاورة الكلام ، وقد يقال العزيز للملك ، ومنه قوله تعالى :( يا أيها العزيزُ ) (٥٢) أي : يا أيها الملك(٥٣) .

والعزيز أيضاً : الذي لا يعادله شيء ، والذي لا مثل له ولا نظير.

الجبار :

القهار ، أو المتكبر ، أو المتسلّط ، أو الذي جبر مفاقر الخلق وكفاهم أسباب المعاش والرزق ، أو الذي تنفذ مشيته على سبيل الإجبار في كل أحد ولا تنفذ فيه مشية أحد. ويقال : الجبّار العالي فوق خلقه ، ويقال للنخل الذي طال وفات اليد : جبّار.

المتكبّر :

ذو الكبرياء ، وهو : الملك ، أو ما يرى الملك حقيراً بالنسبة إلى عظمته ، قاله الشهيد(٥٤) .

وقال صاحب العدّة : المتكبّر المتعالي عن صفات الخلق ، ويقال : المتكبّر على عتاة خلقه ، وهو مأخوذ من الكبرياء ، وهم اسم التكبّر والتعظّم(٥٥) .

الخالق :

هو المبدئ للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(٥١) ص ٣٨ : ٢٣.

(٥٢) يوسف ١٢ : ٧٨ ، ٨٨.

(٥٣) عدّة الداعي : ٣٠٥.

(٥٤) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧.

(٥٥) عدّة الداعي : ٣٠٥ ، باختلاف.

٣٤

وقال الشهيد : الخالق ، المقدّر(٥٦) .

قلت : وهو حسن ، إذ قد يراد بالخلق التقدير ، ومنه قوله تعالى :( إنّي أخلقُ لكم منَ الطينِ كهيئةِ الطيرِ ) (٥٧) أي : اُقدّر.

البارئ :

الخالق ، والبرية : الخلق ، وبارئ البرايا أي : خالق الخلائق.

المصوّر :

الذي أنشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بها ، قال تعالى :( وصوّركم فأحسنَ صوَركُم ) (٥٨) .

وقال الغزّالي في تفسير أسماء الله تعالى الحسنى : قد يظنّ أنّ الخالق والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليست كذلك ، بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولاً ، وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، والله تعالى خالق من حيث أنّه مقدر ، وبارئ من حيث أنه مخترع موجد ، ومصوّر من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب. وهذا كالبناء مثلاً ، فإنه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لابدّ منه : من الخشب ، واللبن ، ومساحة الأرض ، وعدد الأبنية وطولها وعرضها ، وهذا يتولاّه المهندس فيرسمه ويصوّره ، ثم يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث اُصول الأبنية ، ثم يحتاج إلى مزيّن ينقش ظاهره ويزيّن صورته ، فيتولاه غير البناء. هذه هي العادة في التقدير في البناء والتصوير ، وليس كذلك في أفعاله تعالى ، بل هو المقدّر والموجد والصانع ، فهو الخالق والبارئ والمصور(٥٩) .

__________________

(٥٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٧.

(٥٧) آل عمران ٣ : ٤٩.

(٥٨) غافر ٤٠ : ٦٤ ، التغابن ٦٤ : ٣.

(٥٩) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : ١٨.

٣٥

الغفّار :

هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح ، قاله الشهيد(٦٠) .

وقال البادرائي : هو الذي يغفر ذنوب عباده ، وكلّما تكررت التوبة من المذنب تكررت منه تعالى المغفرة ، لقوله :( وإني لغفّارٌ لِمن تابَ ) (٦١) الآية. والغفر في اللغة : الستر والتغطية ، فالغفّار : الستّار لذنوب عباده.

القهّار القاهر :

بمعنى ، وهو : الذي قهر الجبابرة وقهر العباد بالموت ، غير أنّ قهّار وغفّار وجبّار ووهّاب ورزّاق وفتاح ونحو ذلك من أبنية المبالغة ، لأنّ العرب قد بنت مثال من كرر الفعل على فعّال ، ولهذا يقولون لكثير السؤال : سأّال وسأّالة.

قال :

سَأّالةٌ للفتى ما ليس في يده

ذهّابة بعقول القوم والمالي

وكذا ما بني على فعلان وفعيل كرحمن ورحيم ، إلاّ أن فعلان أبلغ من فعيل. وبنت مثال من بالغ في الأمر وكان قوياً عليه على فعول ، كصبور وشكور. وبنت مثال من فعل الشيء مرّة على فاعل ، نحو سائل وقاتل. وبنت مثال من اعتاد الفعل على مِفعال ، مثل امرأة مذكار إذا كان من عادتها أن تلد الذكور ، ومئناث إذا كان من عادتها أن تلد الإناث ، ومعقاب إذا كان من عادتها أن تلد نوبة ذكراً ونوبة اُنثى ، ورجل منعال ومفضال إذا كان ذلك من عادته.

الوهّاب :

هو من أبنية المبالغة كما مرّ آنفاً ، وهو الذي يجود بالعطايا التي لا تفنى ، وكّل من وهب شيئاً من أعراض الدنيا فهو واهب ولا يسمّى وهّاباً ، بل الوهّاب

__________________

(٦٠) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨.

(٦١) طه ٢٠ : ٨٢.

٣٦

من تصرّفت مواهبه في أنواع العطايا ودامت ، والمخلوقون إنّما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال ، ولا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم ولا ولداً لعقيم ، قاله البادرائي.

وقال صاحب العدّة : الوّهاب الكثير الهبة ، والمفضال في العطية(٦٢) .

وقال الشهيد : الوهّاب المعطي كل ما يحتاج إليه لكلّ من يحتاج إليه(٦٣) .

الرزّاق الرازق :

بمعنى ، وهو : خالق الأرزقة والمرتزقة والمتكفّل بإيصالها لكلّ نفس ، من مؤمن وكافر ، غير أنّ في الرزّاق المبالغة.

الفتاح :

الحاكم بين عباده ، وفتح الحاكم بين الخصمين : إذا قضى بينهما ، ومنه :( ربّنا افتح بيننا وبينَ قومنا بالحقِ ) (٦٤) أي : احكم.

وهو أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وهو الذي بعنايته ينفتح كل مغلق.

العليم :

العالم بالسرائر والخفيات وتفاصيل المعلومات قبل حدوثها وبعد وجودها(٦٥) .

__________________

(٦٢) عدّة الداعي : ٣١١.

(٦٣) القواعد والفوائد ٢ : ٦٨.

(٦٤) الأعراف ٧ : ٨٩.

(٦٥) في هامش (ر) : « والعليم مبالغة في العالم ، لأنّ قولنا : عالم ، يفيد أنّ له معلوماً ، كما أنّ قولنا : سامع ، يفيد أنّ له مسموعاً ، وإذا وصفناه بأنّه عليم أفاد أنّه متى صحّ معلوم فهو عالم به ، كما أنّ سميعاً يفيد

٣٧

القابض الباسط :

هوالذي يوسع الرزق ويقدره بحسب الحكمة.

ويحسن القران بين هذين الاسمين ونظائرهما ـ كالخافض والرافع ، والمعزّ والمذلّ ، والضارّ والنافع ، والمبدئ والمعيد ، والمحيي والمميت ، والمقدّم والمؤخّر ، والأول ، والآخر ، والظاهر والباطن ـ لأنّه أنبأ عن القدرة ، وأدلّ على الحكمة ، قال الله تعالى :( واللهُ يقبضُ ويبسطُ ) (٦٦) فإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنك قد قصرت الصفة على المنع والحرمان ، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين. فالأولى لمن وقف بحسن الأدب بين يدي الله تعالى أن لا يفرد كلّ اسم عن مقابله ، لما فيه من الإعراب عن وجه الحكمة.

الخافض الرافع :

هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ويرفع المؤمنين بالاسعاد. وقوله :( خافضةُ رافعةٌ ) (٦٧) أي : تخفض أقواماً إلى النار وترفع أقواماً إلى الجنة ، يعني : القيامة.

المعزّ المذلّ :

الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممّن يشاء ، أو الذي أعزّ بالطاعة أولياءه ، فأظهرهم على أعدائه في الدنيا وأحلّهم دار الكرامة في العقبى ، وأذل أهل

__________________

أنّه متى وجد مسموع فلابدّ أن يكون سامعاً له ، والعلوم كلّها من جهته تعالى ، لأنّها لا تخلو من أن تكون ضرورية فهو الذي فعلها ، أو استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها ، فلا علم لأحد إلاّ الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

(٦٦) البقرة ٢ : ٢٤٥.

(٦٧) الواقعة ٥٦ : ٣.

٣٨

الكفر في الدنيا ، بأن ضربهم بالرق والجزية والصغار ، وفي الآخرة بالخلود في النار(٦٨) .

السميع :

بمعنى السامع ، يسمع السّر والنجوى ، سواء عنده الجهر والخفوت والنطق والسكوت. وقد يكون السميع بمعنى القبول والإجابة ، ومنه قول المصلّي : سمع الله لمن حمده ، معناه : قبل الله حمد من حمده واستجاب له. وقيل : السميع العليم بالمسوعات ، وهي : الأصوات والحروف.

البصير :

العالم بالخفيّات ، وقيل : العالم بالمبصرات.

وفي عبارة الشهيد ،السميع : الذي لا يعزب عن إداركه مسموع خفيّ أو ظاهر ، والبصير : الذي لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، ومرجعهما إلى العلم ، لتعاليه سبحانه عن الحاسّة والمعاني القديمة(٦٩) .

الحَكَم :

هو الحاكم الذي سلّم له الحكم ، وسمّي الحاكم حاكماً لمنعه الناس من التظالم(٧٠) .

__________________

(٦٨) في هامش (ر) : « وقيل يعزّ المؤمن بتعظيمه والثناء عليه ، ويذلّ الكافر بالجزية والسبي ، وهو سبحانه وإن أفقر أولياءه وابتلاهم في الدنيا ، فإنّ ذلك ليس على سبيل الإذلال ، بل ليكرمهم بذلك في الآخرة ، ويحلّهم غاية الإغزاز والإجلال ، ذكر ذلك الكفعمي في كتابه جُنّة الأمان الواقية. منهرحمه‌الله ».

انظر : جُنّة الأمان الواقية ـ المصباح ـ : ٣٢٢.

(٦٩) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٨.

(٧٠) في هامش (ر) : « قلت : ومن ذلك اُخذ معنى الحكمة ، لأنّها تمنع من الجهل. وحكمة الدابة ما أحاط بالحنك ، سمّيت بذلك لمنعها من الجماح ، وحكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يده

٣٩

العدل :

أي : ذو العدل ، وهو مصدر اُقيم مقام الأصل ، وحفّ به تعالى للمبالغة لكثرة عدله. والعدل : هو الذي يجوز في الحكم ، ورجل عدل وقوم عدل وامرأة عدل ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

اللطيف :

العالم بغوامض الأشياء ، ثم يوصلها إلى المستصلح برفق دون العنف ، أو البرّ بعباده الذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين ويهيّئ لهم أسباب مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، قاله الشهيد في قواعده(٧١) .

وقيل : اللطيف فاعل اللطف ، وهو ما يقرب معه العبد من الطاعة ويبعد من المعصية ، واللطف من الله التوفيق.

وفي كتاب التوحيد(٧٢) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ معنى اللطيف هو :

__________________

ومنعته مما أراد ، وحكمته أيضاً إذا فوّضت إليه الحكم ، وفي حديث النخعي : حكّم اليتيم كما تحكّم ولدك ، أي : امنعه من الفساد ، وقيل : أي حكّمه في ماله إذا صلح لذلك ، وفي الحديث : إنّ في الشعر لحكمة ، أي : من الشعر كلاماً نافعاً يمنع عن الجهل والسفه وينهى عنهما ، والحكم : الحكمة ، ومنه :( وآتيناه الحكم صبيّاً [ ١٩ : ١٢ ]) أي : الحكمة ، وقوله تعالى :( فوهب لي ربيّ حكماً [ ٢٦ : ٢١ ]) أي : حكمة ، والصمت : حكم وقوله تعالى عن داودعليه‌السلام :( وآتيناه الحكمة [ ٣٨ : ٢٠ ]) قيل : هي الزبور ، وقيل : هي كلّ كلام وافق الحق ، والمحاكمة : المخاصمة إلى الحاكم ، من مغرب المطرزي ، وغريبي الهروي وصحاح الجوهري. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : المغرب ١ : ١٣٣ حكم ، الصحاح ٥ : ١٩٠١ حكم.

(٧١) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٠.

(٧٢) كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المستحفظة ، ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر روحي له الفداء ، وصفه الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيع الخارج من الناحية المقدّسة بأنّه : فقيه خيِّر مبارك ينفع الله به ، فعّمت بركته ببركة الإمام وانتفع به الخاصّ والعامّ ، له عدّة مصنفات ، منها : هذا الكتاب ـ التوحيد ـ توفي سنة ( ٣٨١ ه‍ ) بالري ، وقبره قرب قبر عبد العظيم الحسني معروف.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137