المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى14%

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 137

  • البداية
  • السابق
  • 137 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70236 / تحميل: 6445
الحجم الحجم الحجم
المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحُسنى

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

المانع :

الذي يمنع أولياءه ويحوطهم وينصرهم ، من المنعة. أو : يمنع من يستحق المنع(١٤٦) ، من المنع ، أي : الحرمان ، لأنّ منعه سبحانه حكمة وعطاؤه جود ورحمة ، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.

وقد يكون المانع : الذي يمنع أسباب الهلاك والنقصان بما يخلقه في الأبدان والأديان من الأسباب المعدة للحفظ.

الوالي :

هو المالك للأشياء المتصرف فيها المتولي عليها ، وقد يكون بمعنى المنعم ، عوداً على بدء. وقوله تعالى :( وما لهم من دونهِ من والٍ ) (١٤٧) أي : من ولي ، أي : من ناصر ، والمولى والولي يأتيان بمعنى الناصر أيضاً ، وقد مرّ شرحهما.

والولاية بفتح الواو : النصرة ، وبكسرة : الإمارة ، وقيل : هما لغتان كالدّلالة. والدلالة ، والولاية أيضاً الربوبية ، ومنه :( هنالك الولاية لله الحقّ ) (١٤٨) يعني : يومئذ يتولّون الله ويؤمنون به ، ويتبرّؤون مما كانوا يعبدون.

المتعالي :

قال البادرائي : هو المتنزّه عن صفات المخلوقين.

وقال الهروي : المتعالي الذي جلّ عن إفك المفترين. وقد يكون المتعالي بمعنى العالي ، ومعنى :( تعالى الله ) (١٤٩) أي : جلّ عن أن يوصف.

__________________

(١٤٦) في (ر) ورد بعد لفظ المنع : « والحكمة في منعه اشتقاقه » ولم نثبته لاختلال المعنى به.

(١٤٧) الرعد ١٣ : ١١.

(١٤٨) الكهف ١٨ : ٤٤.

(١٤٩) النمل ٢٧ : ٦٣.

٦١

التوّاب :

من أبنية المبالغة ، وهو : الذي يقبل التوبة من عباده ويسهّل لهم أسباب التوبة ، وكلّما تكررت التوبة من العبد تكرر منه القبول. والتوّاب من الناس : التائب ، والتوبة والتوب : الرجوع عن الذنب ، وقيل : التوب جمع توبة.

المنتقم :

هو الذي يبالغ في العقوبة لمن يشاء ، وانتقم الله من فلان : عاقبه.

وفي عبارة الشهيد : هو قاصم ظهور العصاة(١٥٠) .

الرؤوف :

هو الرحيم العاطف برحمته على عباده ، وقيل : الرأفة أبلغ الرحمة وأرقّها ، وقيل : الرأفة أخصّ والرحمة أعمّ.

مالك الملك :

معناه أنّ الملك بيده ، وقد يكون معناه : مالك الملوك. والملكوت من الملك ، كالرهبوت من الرهبة ، وتملّك كذا أي : ملكه قهراً.

ذو الجلال والإكرام :

أي : ذو العظمة والغنى المطلق والفضل العامّ ، قاله الشهيد(١٥١) .

وقيل : معناه أي : يستحق أن يجلّ ويكرم ، فلا يجحد ولا يكفر به ، قاله البادرائي.

__________________

(١٥٠) القواعد والفوائد ٢ : ١٦٩.

(١٥١) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٢.

٦٢

ذو الطول :

أي : المتفضل بترك العقاب المستحق عاجلاً وآجلاً لغير الكافر.

والطول بفتح الطاء : الفضل والزيادة ، وبضمها : في الجسم ، لأنه زيادة فيه ، كما أن القصر قصور فيه ونقصان ، وقولهم : طلت فلاناً ، أي : كنت أطول منه ، من الطول والطول جميعاً.

ذو المعارج :

أي : ذو الدرجات التي هي مصاعد الكلم الطيب والعمل الصالح ، أو التي يترقّى فيها المؤمنون في الجنة ، وقوله تعالى :( ومعارج عليها يظهرون ) (١٥٢) أي : درج عليها يعلون ، واحدها معرج ومعراج ، وعرج في الدرجة أو السلم : ارتقى.

النور :

قال البادرائي : هو الذي بنوره يبصر ذو العماية وبهدايته ينظر ذو الغواية ، وعلى هذا يتناول قوله تعالى :( الله نور السماوات والأرضِ ) (١٥٣) أي : منورهما.

وقال الشهيد : النور المنّور مخلوقاته بالوجود والكواكب والشمس والقمر واقتباس النار ، أو نوّر الوجود بالملائكة والأنبياء ، أو دبّر الخلق بتدبيره(١٥٤) .

الهادي :

الذي هدى الخلق إلى معرفته بغير واسطة ، أو بواسطة ما خلقه من الأدلة على معرفته ، وهدى سائر الحيوان إلى مصالحها ، قال تعالى :( الذي أعطى كلّ

__________________

(١٥٢) الزخرف ٤٣ : ٣٣.

(١٥٣) النور ٢٤ : ٣٥.

(١٥٤) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٣.

٦٣

شيء خلقهُ ثم هدى ) (١٥٥) .

البديع :

هو الذي فطر الخلق مبتدعاً لا على مثال سبق ، وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم. والبديع يقال على الفاعل والمنفعل ، والمراد هنا الأول ، والبدع الذي يكون أولاً في كلّ شيء ، ومنه قوله تعالى :( ما كنت بدعاً من الرسل ) (١٥٦) أي : لست بأول مرسل.

الباقي :

قال الشهيد : هو الموجود الواجب وجوده لذاته أزلاً وأبداً(١٥٧) .

وقال البادرائي وصاحب العدة : هو الذي بقاؤه غير متناه ولا محدود ، ولا تعرض عليه عوارض الزوال ، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما ، لأن بقاءه أزليّ أبديّ وبقاؤهما أبديّ غير أزليّ ، ومعنى الأزليّ : ما لم يزل ، والأبديّ : ما لا يزال ، والجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا(١٥٨) .

الوارث :

هو الباقي بعد فناء الخلق ، فترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاّك.

الرشيد :

الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم. أو ذو الرشد ، وهو الحكمة ، لاستقامة تدبيره. أو الذي ينساق بتدبيراته إلى غايتها.

__________________

(١٥٥) طه ٢٠ : ٥٠.

(١٥٦) الأحقاف ٤٦ : ٩.

(١٥٧) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٤.

(١٥٨) عدّة الداعي : ٣٠١ ، باختلاف.

٦٤

الصبور :

هو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه. أو الذي لا تحمله العجلة بعقوبة العصاة ، لاستغنائه عن التسرع ، إذ لا يخاف الفوت.

والصبور من أبنية المبالغة ، وهو في صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم ، إلاّ أن الفرق بينهما : أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور ، كما يسلمون منها في صفة الحليم.

الربّ:

هو في الأصل بمعنى التربية ، وهي : تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً ، ثم وصف به للمبالغة كالصوم والعدل.

وقيل : هو نعت من ربّه يربّه فهو ربّ ، ثم سمّي به المالك لأنه يحفظ ما يملكه ويربّيه. ولا يطلق على غير الله تعالى إلاّ مقيداً ، كقولنا : ربّ الضيعة ، ومنه :( ارجع إلى ربكَ ) (١٥٩) .

واختلف في اشتقاقه على أربعة أوجه :

أ : أنّه مشتقّ من المالك ، كما يقال : ربّ الدار ، أي : مالكها ، قال بعضهم : لئن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن ، أي : يملكني.

ب : أنّه مشتقّ من السيد ، ومنه :( أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً ) (١٦٠) أي : سيّده.

ج : أنّه المدبّر ، ومنه قوله :( والربّانيّون ) (١٦١) وهم : العلماء ، سمّوا بذلك

__________________

(١٥٩) يوسف ١٢ : ٥٠.

(١٦٠) يوسف ١٢ : ٤١.

(١٦١) المائدة ٥ : ٤٤.

٦٥

لقيامهم بتدبير الناس وتعليمهم ، ومنه : ربّة البيت ، لأنها تدبرّه.

د : أنّه مشتقّ من التربية ، ومنه قوله تعالى :( وربائبكمُ ) (١٦٢) سمّي ولد الزوجة ربيبة لتربية الزوج له.

فعلى هذا إن قيل : بأنّه تعالى ربّ لأنّه سيّد أو مالك ، فذلك من صفات ذاته ، وإن قيل : لأنّه مدبّر لخلقه أو مربّيهم ، فذلك من صفات أفعاله.

السيّد :

الملك ، وسيّد القوم ملكهم وعظيمهم.

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي سيّد العرب ، فقالت عائشة(١٦٣) : أولست سيّد العرب ؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، فقالت : وما السيد ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي(١٦٤) . فعلى هذا الحديث السيد هو : الملك الواجب الطاعة ، قال صاحب العدّة(١٦٥) .

قال الشهيد في قواعده : ومنع بعضهم من تسميته تعالى بالسيد(١٦٦) .

قلت : وهذا المنع ليس بشيء.

أمّا أولاً : فلما ذكرناه من قول صاحب العدة ، وقد أثبته(١٦٧) في الأسماء الحسنى في عبارته.

__________________

(١٦٢) النساء ٤ : ٢٣.

(١٦٣) اُمّ عبدالله عائشة بنت أبي بكر ، روت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أبيها وعمر وغيرهم ، روت عنها اُختها اُمّ كلثوم وأخوها من الرضاعة عوف ابن الحارث وغيرهما ، ماتت سنة ( ٥٨ ه‍ ) وقيل ( ٥٧ ه‍ ).

اُسد الغابة ٥ : ٥٠١ ، تهذيب التهذيب ١٢ : ٤٣٥.

(١٦٤) اُنظر إحقاق الحق ٤ : ٣٦.

(١٦٥) عدّة الداعي : ٣٠٥ ، باختلاف.

(١٦٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٧ ، باختلاف.

(١٦٧) أي : صاحب العدّة.

٦٦

وأمّا ثانياً : فلأنه قد جاء في الدعاء كثيراً ، وورد أيضاً في بعض الأحاديث : قال السيد الكريم.

و أمّا ثالثاً : فلأن هذا الاسم لا يوهم نقصاً ، فيجوز إطلاقه على الله تعالى إجماعاً.

الجواد :

هو الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم : أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس ، ورجل جواد أي : سخي ، ولا يقال : الله تعالى سخيّ ، لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين ، و [ يقال : ](١٦٨) أرض سخاوية وقرطاس سخاويّ إذا كان ليّناً ، وسمّي السخيّ سخيّاً للينه عند الحوائج. هذا آخر كلام صاحب العدة(١٦٩) .

قلت : وقوله ولا يقال الله تعالى سخيّ ، ليس بشيء ، لأنّ السخاء مرادف للجود(١٧٠) ، وهو صفة كمال ، فيجوز إطلاقه عليه تعالى ، مع أنه قد ورد به الإذن ، ففي دعاء الصحيفة المذكور في مهج ابن طاووس(١٧١) قدس الله سره :

__________________

(١٦٨) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ر) و (ب) وأثبتناه من المصدر وهو الأنسب.

(١٦٩) عدّة الداعي : ٣١٢ ، باختلاف.

(١٧٠) في هامش (ر) : « في كثير من الأدعية ، وإضافة السخاء فيها إليه كما في دعاء الجوشن الكبير المروي عن السجاد زين العابدين عن أبيه عن جدّه عن عليعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في قوله : يا ذا الجود والسخاء ، ففرق بين السخاء والجود لترادفهما على اسم الكريم. منهرحمه‌الله ».

انُظر : المصباح ـ للمصنف ـ : ٢٤٨.

(١٧١) أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني ، السيد الأجلّ الأورع ، ويظهر من مواضع من كتبه خصوصاً كشف المحجة أن باب لقائه الإمام المنتظر روحي له الفدا كان مفتوحاً ، وكان من عظماء المعظمين لشعائر الله ، يروي عنه العلامة الحلي وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : مهج الدعوات ومنهج العنايات ، ذكر فيه الأحراز والقنوتات والحجب والدعوات والتعقيبات وأدعية الحاجات ، توفي سنة ( ٦٦٤ ه‍ ).

الكنى والألقاب ١ : ٣٢٧ ، أعيان الشيعة ٨ : ٣٥٨ ، الذريعة ٢٣ : ٢٨٧ ، معجم رجال الحديث

٦٧

سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما انصره. فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصاً وقد ورد في الدعوات ، فما المانع من إطلاقه عليه تعالى.

قلت : أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره ، كما ذكره صاحب العدة.

إن قلت : إنّ اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضدّ الخشونة ، وفي دعوات المصباح(١٧٢) : ولنت في تجبرك(١٧٣) ، أي : حلمت في عظمتك. وليس صفاته تعالى كصفات خلقه ، لأنّ التوّاب من الناس : التائب ، والصبور : كثير حبس النفس عن الجزع ، وهما في صفته تعالى كما مرّ في شرحهما ، إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه(١٧٤) .

__________________

١٢ : ١٨٨.

(١٧٢) كتاب المصباح لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن الشيخ المفيد وغيره ، يروي عنه والده الشيخ حسن وغيره ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ـ وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها ، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية ومالا يتكرر ، وقدّم فصولاً في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف ، توفي سنة ( ٤٦٠ ه‍ ) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه.

تنقيح المقال ٣ : ١٠٤ ، أعيان الشيعة ٩ : ١٥٩ ، الذريعة ٢١١ : ١١٨.

(١٧٣) مصباح المتهجّد : ٣٨٧.

(١٧٤) في هامش (ر) : « مع أنّا نقول : إنّ أصل السخاء راجع إلى الاتساع والسهولة ، وأرض سخواء : سهلة واسعة ، ويسمّى السخي سخياً لسهولة عطائه وسعته ، فالله تعالى أحق باسم السخاء ، لأنه وسع بعطائه المعطين وعمّ ببره المبرّين. مع أنّا لو سلّمنا للشيخرحمه‌الله صحة الاشتقاق في الأسماء الحسنى ، لوجب أن نترك كلّ اسم منها يحصل [ في ] اشتقاقه مالا يناسب عنده ، وهو باطل بالإجماع ، وأظنّ أنّهرحمه‌الله قلّد القاضي عبد الجبّار في شرحه الأسماء الحسنى في صحّة الإشتقاق ، لأنّه منع في شرحه أن يوصف الله تعالى بالحنّان ، قال : لأنّه يفيد معنى الحنين ، وهو لا يجوز عليه سبحانه وتعالى ، قلت : فكلام عبدالجبار أيضاً غير صحيح ، لاشتقاق الحنّان من غير الحنين ، قال الجوهري في صحاحه : الحنّان بالتخفيف : الرحمة ، والحنّان بالتشديد : ذوم الرحمة. وقال الهروي في الغريبين في قوله تعالى :( وحناناً من لدنّا [ ١٩ : ١٣ ]) أي : رحمة ، قال : والحنّان من صفات الله بالتشديد : الرحيم ، وبالتخفيف : العطف والرحمة. وفي الحديث : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ على رجل يعذب ، فقال : لأتخذنه حناناً ، أي : لأتعطفن عليه ولأترحّمن. ثم نرجع ونقول : على ما ذهب إليه صاحب العدة وعبد الجبار لا يجوز

٦٨

و هنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسقر قناعها ونحدر لفاعها ، وهي :

ان الاسماء التي ورد بها السمع ولا شيء منها يوهم نقصاً ، يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعاً ، وما عدا ذلك فأقسامه ثلاثة :

أ : ما لم يرد به السمع ويوهم نقصاً ، فيمتنع إطلاقه عليه تعالى إجماعاً ، كالعارف والعاقل والفطن والذكي ، لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره ، والعقل هو المنع عما لا يليق ، والفطنة والذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك ، وكذا المتواضع لأنه يوهم الذلة ، والعلاّمة لأنه يوهم التأنيث ، والداري لأنه يوهم تقدّم الشك. وما جاء في الدعاء من قول الكاظمعليه‌السلام في دعاء يوم السبت يا من لا يعلم ولا يدري كيف هو إلا هو(١٧٥) ، يعطي جواز هذا ، فيكون مرادفاً للعلم.

ب : ما ورد به السمع ، ولكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص ، فلا يجوز ، كأن يقول : يا ماكر أو يا مستهزئ ويحلف به. قال الشهيد : ومنع بعضهم أن يقال : اللّهم امكر بفلان ، وقد ورد في دعوات المصباح : اللهم استهزئ به ولا تستهزئ بي(١٧٦) .

__________________

أن يسمّى الله تعالى شاكراً ، وقد ورد به في القرآن في قوله :( فإنّ الله شاكرٌ عليم [ ٢ : ١٥٨ ]) لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي : هو المظهر للإنعام عليه ، والله يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة ، وإنما وصف سبحانه بأنه شاكر مجازاً وتوسعاً. قال الإمام الطبرسيرحمه‌الله : ومعنى أنه شاكر أي : مجاز عبده على طاعته بالثناء والثواب ، وإنما ذكر لفظ الشاكر تلطفاً لعباده ومظاهرة في الإحسان والإنعام عليهم ، كما قال :( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً [ ٢ : ٢٤٥ ]) والله تعالى لا يستقرض من عوز ، لكنه ذكر هذا اللفظ على طريق اللطف ، أي : يعامل عباده معاملة المستقرض ، من حيث أن العبد ينفق من حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره وحاجته ، وكذلك لما كان يعامل عبده معاملة الشاكر [ من حيث أنّه ] يوجب الثناء له الثناء له والثواب سمّى نفسه شاكراً. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : الصحاح ٥ : ١٢٠٤ حنن ، مجمع البيان ١ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(١٧٥) المصباح ـ للمصنّف ـ : ١٠٢ ـ ١٠٣.

(١٧٦) القواعد والفوائد ٢ : ١٧٧ ، باختلاف.

٦٩

ج : ما خلا عن الإيهام إلاّ أنّه لم يرد [ به ] السمع ، كالنجيّ والأريحي. قال الشهيد : والأولى التوقف عمّا لم تثبت التسمية به ، وإن جاز أن يطلق معناه عليه إذا لم يكن فيه إيهام(١٧٧) .

إذا عرفت ذلك فنقول :

قال الشيخ نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي(١٧٨) قدّس الله سره في فصوله : كلّ اسم يليق بجلاله ويناسب كماله مما لم يرد به إذن جاز إطلاقه عليه تعالى ، إلاّ أنه ليس من الأدب ، لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر(١٧٩) .

قلت : وعنده يجوز أن يطلق عليه تعالى الجوهر ، لأن الجوهر قائم بذاته غير مفتقر إلى الغير ، والله تعالى كذلك.

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل في كتابه منتهى السؤول في شرح الفصول : لا يجوز أن يطلق على الواجب تعالى صفة لم يرد الشرع المطهّر إطلاقها عليه وإن صح اتصافه بها معنى ، كالجوهر مثلاً بمعنى القائم بذاته ، لجواز أن يكون في ذلك مفسدة خفية لا نعلمها ، فإنه لا يكفي في إطلاق الصفة على الموصوف ثبوت معناها له ، فإن لفظتي عزّوجلّ لا يجوز إطلاقها على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان عزيزاً جليلاً في قومه ، لأنّهما يختصّان بالله تعالى ، ولولا

__________________

(١٧٧) المصدر السابق.

(١٧٨) أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، كان رأساً في العلوم العقلية فيلسوفاً علاّمة بالأرصاد ، انتهت إليه رئاسة الإمامية في زمانه ، يروي عن أبيه وعن الشيخ ميثم البحراني ، يروي عنه العلاّمة الحلي والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب فرحة الغري والمولى قطب الدين اُستاذ الشهيد وغيرهم ، له عدّة مصنّفات لم ير عين الزمان مثلها ، منها : فصول العقائد ، مرتّب على أربعة فصول : في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد ، وفصول العقائد أصله فارسي معروف : بالاُصول النصيرية ، ترجمه المولى ركن الدين محمد بن علي الجرجاني ـ من تلامذة العلاّمة ـ إلى العربية ، توفي سنة ( ٦٧٣ ه‍ ).

الذريعة ١ : ٢٦ ، ٤ : ١٢٢ ، ١٦ : ٢٤٦ ، معجم رجال الحديث ١٧ : ١٩٤ ، أعلام الزركلي ٧ : ٣٠.

(١٧٩) فصول العقائد : ٩.

٧٠

عناية الله ورأفته بعباده في إلهام أنبيائه أسماءه وصفاته لما جسر أحد من الخلق ولا تهجّم في إطلاق شيء من هذه الأسماء والصفات عليه سبحانه.

قلت : وهذا الكلام أولى من قول صاحب الفصول ، لأنّه إذا جاز عدم المناسبة ولا ضرورة داعية إلى التسمية ، وجب الامتناع من جميع ما لم يرد به نص شرعي من الأسماء ، وهذا معنى قول العلماء : إن اسماء الله تعالى توقيفية ، أي : موقوفة على النص والإذن.

ولقد خرجنا في هذا الباب بالإكثار عن حدّ الاختصار ، غير أن الحديث ذو شجون.

شديد العقاب :

أي للطغاة ، والشديد : القوي ، ومنه :( وشددنا ملكهُ ) (١٨٠) أي : قوّيناه ، وشدّ الله عضده أي : قوّاه ، واشتدّ الرجل : إذا كان معه دابة شديدة ، أي : قويّة ، والمشدّ : الذي دوابه شديدة قوية ، والمضعف : الذي دوابه ضعيفة.

الناصر :

هو النصير ، والنصير مبالغة في الناصر ، والنصرة : المعونة ، والنصير والناصر : المعين ، ونصر الغيث البلد : إذا أعانه على الخصب والنبات ، وقوله تعالى :( ولا هم ينصرون ) (١٨١) أي : يعاونون.

العلاّم :

مبالغة في العلم ، وهو الذي الذي لا يشذ عنه معلوم ، وقالوا رجل علاّمة ، فألحقوا الهاء لتدل على تحقيق المبالغة ، فتؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة ، ولا يوصف

__________________

(١٨٠) ص ٣٨ : ٢٠.

(١٨١) البقرة ٢ : ٤٨ و ٨٦  و ١٢٣ ، الأنبياء ٢١ : ٣٩ ، الدخان ٤٤ : ٤١ ، الطور ٥٢ : ٤٦.

٧١

سبحانه بالعلاّمة ، لأنه يوهم التأنيث.

المحيط :

هو الشامل علمه ، وأحاط علم فلان بكذا أي : لم يعزب عنه.

الفاطر :

أي المبتدع ، لأنّه فطر الخلق أي : ابتدعهم وخلقهم من الفطر وهو الشقّ ، ومنه :( إذا السماء انفطرت ) (١٨٢) كأنه تعالى شقّ العدم بإخراجنا منه. وقوله( فاطر السماوات والأرض ) (١٨٣) أي : مبتدئ خلقهما ، قال ابن عباس(١٨٤) ما كنت أدري ما فاطر السماوات ، حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأتها(١٨٥) . وقوله( إلاّ الذي فطرني ) (١٨٦) أي : خلقني.

الكافي :

هو الذي يكفي عباده جميع مهامهم ويدفع عنهم مؤذياتهم ، فهو الكافي لمن توكّل عليه ، فيكفيه ما يحتاج إليه ، والكفية : القوت ، والجمع الكفا.

__________________

(١٨٢) الإنفطار ٨٢ : ١.

(١٨٣) الأنعام ٦ : ١٤ ، يوسف ١٢ : ١٠١ ، إبراهيم ١٤ : ١٠ ، فاطر ٣٥ : ١ ، الزمر ٣٩ : ٤٦ ، الشورى ٤٢ : ١١.

(١٨٤) أبو العبّاس عبدالله بن العبّاس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كُنّي بأبيه العباس وهو أكبر ولده ، كان يسمّى « البحر » لسعة علمه ويسمّى « حبر الاُمة » ، شهد مع عليعليه‌السلام صفّين وكان أحد الاُمراء فيها ، توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وله ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، توفي سنة ( ٦٨ ه‍ ) وقيل : ( ٧١ ه‍ ) وقيل غير ذلك.

الإصابة ٢ : ٣٣٠ ، طبقات الفقهاء : ٣٠ اُسد الغابة ٣ : ١٩٢.

(١٨٥) مجمع البيان ٢ : ٢٧٩.

(١٨٦) الزخرف ٤٣ : ٢٧.

٧٢

الأعلى :

الغالب ، ومنه :( لا تخف إنكَ أنتَ الأعلى ) (١٨٧) أي : الغالب ، وقوله :( وأنتم الأعلون ) (١٨٨) أي : الغالبون المنصورون بالحجة والظفر ، وعلوت قرني : غلبته ، وقوله :( إن فرعون علا في الأرض ) (١٨٩) أي : غلب وتكبّر وطغى. وقد يكون بمعنى المتنزه عن الأمثال والأضداد والأنداد والأشباه.

الأكرم :

معناه الكريم : وقد يجيء أفعل بمعى فعيل ، كقوله تعالى :( وهو أهون عليه ) (١٩٠) أي : هيّن( لا يصلاها إلاّ الأشقى ) (١٩١) ( وسيجنّبها الأتقى ) (١٩٢) يعني : الشقي والتقي.

قال :

إنّ الذي سَمَكَ السماءَ بنى لنا

بَيتاً دعائمه أعَزُّ وأطــولُ

أي : عزيزة طويلة.

الحفيّ :

أي : العالم ، ومنه :( يسئلونك كأنك حفيٌّ عنها ) (١٩٣) أي : عالم بوقت

__________________

(١٨٧) طه ٢٠ : ٦٨.

(١٨٨) آل عمران ٣ : ١٣٩. محمد ٤٧ : ٣٥.

(١٨٩) القصص ٢٨ : ٤.

(١٩٠) الروم ٣٠ : ٢٧.

(١٩١) الليل ٩٢ : ١٥.

(١٩٢) الليل ٩٢ : ١٧.

(١٩٣) الأعراف ٧ : ١٨٧ ، وفي النسخ : يسئلونك عن الساعة كأنك حفيّ عنها ، والظاهر أن المصنف أورد لفظ عن الساعة تفسيرا.

٧٣

مجيئها. وقد يكون الحفيّ بمعنى اللطيف ، ومعناه : المحتفي بك ، أي : الذي يبرك ويلطف بك ، ومنه :( إنه كان بي حفياً ) (١٩٤) أي : باراً معيناً.

الذارئ :

الخالق ، والله ذرأ الخلق وبرأهم ، أي : خلقهم ، وأكثرهم على ترك الهمزة ، وقوله :( ولقد ذرأنا لجهنّم كثيراً ) (١٩٥) أي : خلقنا.

الصانع (١٩٦) :

فاعل الصنعة ، والله تعالى صانع كلّ مصنوع وخالق كلّ مخلوق ، فكل موجود سواه فهو فعله. وفي الحديث أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلم اصطنع خاتماً من ذهب(١٩٧) ، أي : سأل أن يصنع له ، كما تقول : اكتتبَ ، أي : سأل أن يكتب له. وامرأة صناع اليدين ، أي : حاذقة ماهرة بعمل اليدين ، وخلافها الخرقاء ، وامرأتان صناعان ، ونسوة صنع ، ورجل صنيع اليدين وصنع اليدين ، وصنع اليدين بفتحتين ، أي : حاذق ، والصنعة والصناعة : حرفة الصانع.

الرائي :

العالم ، والرؤية : العلم ، ومنه :( ألم تر كيف فعل ربك ) (١٩٨) أي : ألم تعلم. والرؤية بالعين تتعدّى إلى مفعول واحد وبمعنى العلم إلى مفعولين ، تقول :

__________________

(١٩٤) مريم ١٩ : ٤٧.

(١٩٥) الأعراف ٧ : ١٧٩.

(١٩٦) في هامش (ر) : « والفرق بين الخالق والصانع والبارئ : أن الصانع هو : الموجد للشيء المخرج له من العدم إلى الوجود ، والخالق هو : المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته سواء اُخرجت إلى الوجود أولا ، والبارئ هو : الموجد لها من غير تفاوت ، أو المميز لها بعضاً عن بعض بالصور والأشكال ، قاله الشيخ العلاّمة شرف الدين المقداد في لوامعه. منهرحمه‌الله ».

(١٩٧) صحيح البخاري ٨ : ١٦٥ ، مسند أحمد ٣ : ١٠١.

(١٩٨) الفجر ٨٩ : ٦. الفيل ١٠٥ : ١.

٧٤

رأيت زيداً عالماً ، والأمر من الرؤية : إرء ورء. وقوله :( وأرنا مناسكنا ) (١٩٩) أي : علّمنا ، وقوله :( أعنده علم الغيب فهو يرى ) (٢٠٠) أي : يعلم ، وقوله :( ولو نشاءُ لأريناكهم ) (٢٠١) أي : عرّفناكهم.

السبّوح :

المنزّه عن كلّ سوء ، وسبّح الله : نزّهه ، وقوله :( سبحانك ) (٢٠٢) أي : اُنزهك من كلّ سوء.

وقال المطرزي(٢٠٣) : وقولهم : سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، معناه : سبحتك بجميع آلائك وبحمدك سبحتك(٢٠٤) .

وسمّيت الصلاة تسبيحاً ، لأنّ التسبيح تعظيم الله وتنزيهه من كلّ سوء ، قال تعالى :( وسبح بحمد ربّك بالعشيّ والابكار ) (٢٠٥) أي : وصلّ ، وقوله :( فلولا انه كان من المسبحين ) (٢٠٦) أي : المصلين.

قال الجوهري : سبوح من صفات الله ، وكل اسم على فعول مفتوح الأول ، إلاّ سبّوح قدّوس ذرّوح(٢٠٧) ، وسبحات ربنا بضم السين والباء أي

__________________

(١٩٩) البقرة ٢ : ١٢٨.

(٢٠٠) النجم ٥٣ : ٣٥.

(٢٠١) محمد ٤٧ : ٣٠.

(٢٠٢) البقرة ٢ : ٣٢ ، آل عمران ٣ : ١٩١ ، المائدة ٥ : ١١٦ ، الأعراف ٧ : ١٤٣ ، يونس ١٠ : ١٠ ، الأنبياء ٢١ : ٨٧ ، النور ٢٤ : ١٦ ، الفرقان ٢٥ : ١٨ ، سبأ ٣٤ : ٣٤.

(٢٠٣) أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي المطرزي ، الفقيه الحنفي النحوي ، قرأ على أبيه وعلى أبي المؤيّد الموفق بن أحمد ، سمع الحديث من أبي عبدالله محمد بن علي التاجر ، له عدّة مصنّفات ، منها : المغرب ، تكلّم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب ، مات سنة ( ٦١٠ ه‍ ).

وفيات الأعيان ٥ : ٣٦٩ ، مرآة الجنان ٤ : ٢٠.

(٢٠٤) المغرب في ترتيب المعرب ١ : ٢٤٠ سبح.

(٢٠٥) غافر ٤٠ : ٥٥.

(٢٠٦) الصافّات ٣٧ : ١٤٣.

(٢٠٧) في هامش (ر) وردت حاشية مضطربة الأول والآخر فلم نثبتها.

٧٥

جلالته(٢٠٨) .

الصادق :

الذي يصدق في وعده ولا يبخس ثواب من يفي بعهده ، والصدق خلاف الكذب ، وقوله :( مبوّأ صدقٍ ) (٢٠٩) أي : منزلاً صالحاً ، وكلّما نسب إلى الخير والصلاح اُضيف إلى الصدق ، فقيل : رجل صدق ودابة صدق.

الطاهر :

المنّزه عن الأشباه والأضداد والأمثال والأنداد ، وعن صفات الممكنات ونعوت المخلوقات ، من الحدوث والزوال والسكون والإنتقال وغير ذلك.

والتطهير : التنّزه عما لا يحل ، ومنه :( انهم اُناسٌ يتطهرون ) (٢١٠) أي : يتنزهون عن أدبار الرجال والنساء.

الغياث :

معناه المغيث ، سمّي تعالى باسم المصدر توسعاً ومبالغة ، لكثرة إغاثته الملهوفين وإجابته دعوة المضطّرين.

الفرد الوتر :

هما بمعنى ، وهو المتفرّد بالربوبية وبالأمر دون خلقه.

والوتر بالكسر : الفرد ، وبالفتح الذحل ، والحجازيون عكسوا ، وتميم كسروها. وفي الحديث : إنّ الله وتر يحبّ الوتر فأوتروا(٢١١) .

__________________

(٢٠٨) الصحاح ١ : ٣٧٢ سبح ، باختلاف.

(٢٠٩) يونس ١٠ : ٩٣.

(٢١٠) الأعراف ٧ : ٨٢ ، النمل ٢٧ : ٥٦.

(٢١١) سنن الترمذي ٢ : ٣١٦ حديث ٤٥٣.

٧٦

وقوله :( والشفع والوتر ) (٢١٢) فيه اثنا عشر قولاً(٢١٣) ، ذكرناها على

__________________

(٢١٢) الفجر ٨٩ : ٣.

(٢١٣) في هامش (ر) : « قلت : هذه الأقوال الاثنا عشر ذكرها الإمام الطبرسي ـ طاب ثراه ـ في تفسيره مجمع البيان ، ونحن ذكرناها كلّها في كتابنا نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع ، وزدنا على هذه الاثني عشر عدّة أقوال اُخر ، من أرادها فعليه بالكتاب المذكور ، منقولة من تفسر الثعلبي ، وذكرناها أيضاً في كتابنا جُنّة الأمان الواقية وجَنّة الإيمان الباقية ، وجملة الأقوال من هاتين اللفظتين ثلاثة وعشرون قولاً فافهم ذلك. منه ; ».

والأقوال الثلاثة والعشرون كما في المصباح ص ٣٤٢ هي :

« الأول : قال الحسن : هي الزوج والفرد من العدد ، وهي تذكير بالحساب ، لعظم نفعه وما يضبط به من المقادير.

الثاني : قال ابن زيد والجبائي : هو كلما خلقه الله ، لأن جميع الأشياء إما زوج أو فرد.

الثالث : جماعة من علماء التفسير : الشفع هو الخلق ، لكونه كلّه أزواجاً ، كما قال سبحانه تعالى :( وخلقناكم أزواجاً [ ٧٨ : ٨ ]) كالكفر والإيمان والشقاوة والسعادة والهدى والضلالة والليل والنهار والسماء والأرض والبرّ والبحر والشمس والقمر والجنّ والإنس ، والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الرابع : أنّ الشفع صفات الخلق ، لتبديلها بأضداها كالقدرة بالعجز ونحو ذلك ، والوتر صفات الله سبحانه ، لتفرّده بصفاته دون خلقه ، فهو عزيز بلا ذلّ وغنّي بلا فقر وعلم بلا جهل وقوة بلا ضعف وحياة بلا موت ونحو ذلك.

الخامس : أنّ الشفع والوتر الصلاة ، فمنها شفع ووتر ، وهو في حديث ابن حصين عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

السادس : أنّ الشفع النحر ، لأنّه عاشر أيام الليالي العشرة المذكورة من قبل في قوله( وليال عشر [ ٨٩ : ٢ ]) والوتر يوم عرفة ، لأنه تاسع أيامها ، وقد روي مثل هذا الحديث أيضا في حديث جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : لأن يوم النحر شفع بيوم نفر ، وانفرد عرفه بالموقف.

السابع : أنّ الشفع شفع الليالي العشرة المذكورة ، وهي عشرة ذي الحجة ، وقيل : العشرة الأخيرة من شهر رمضان ، وقيل : هي العشرة التي أتمّ الله بها ليالي موسىعليه‌السلام والوتر وترها.

الثامن : أنّ الشفع يوم التروية والوتر يوم عرفة ، وروي ذلك عن الباقرينعليهما‌السلام .

التاسع : أن الوتر آدم شفع بحوّاء.

العاشر : أنّ الشفع والوتر في قوله تعالى :( فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه [ ٢ : ٢٠٣ ]) فالشفع النفر الأول والوتر من تأخّر إلى اليوم الثالث.

الحادي عشر : أنّ الشفع الليالي والأيام والوتر الذي لا ليل بعده ، وهو يوم القيامة.

الثاني عشر : أنّ الشفع عليّ وفاطمةعليهما‌السلام والوتر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الثالث عشر : أنّ الشفع الصفا والمروة والوتر البيت الحرام.

٧٧

حاشية دعاء يوم عرفة من أدعية الصحيفة ، أحدها : أن الشفع هو الخلق لكونه كله أزواجاً ، كما قال :( وخلقناكم أزواجاً ) (٢١٤) والوتر هو الله وحده ، وهو في حديث الخدري(٢١٥) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢١٦) .

الفالق :

الذي فلق الأرحام فانشقت عن الحيوان ، وفلق الحبّ والنوى فانفلقت

__________________

الرابع عشر : أنّ الشفع آدم وحوّاء والوتر هو الله سبحانه.

الخامس عشر : أنّ الشفع الركعتان من صلاة المغرب والوتر الركعة الثالثة.

السادس عشر : أنّ الشفع درجات الجنان لأنها كلها شفع ، والوتر دركات النار لأنها كلّها سبع وهي وتر ، كأنّه سبحانه أقسم بالجنة والنار.

السابع عشر : أنّ الشفع هو الله سبحانه وهو الوتر أيضاً ، لقوله تعالى :( ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم [ ٥٨ : ٧ ]) الآية.

الثامن عشر : أنّ الشفع مسجد مكة والمدينة والوتر مسجد بيت المقدس.

التاسع عشر : أن الشفع القران في الحج والتمتع فيه والوتر الإفراد فيه.

العشرون : أنّ الشفع الفرائض والوتر السنن.

الحادي والعشرون : أنّ الشفع الأفعال والوتر النيّة وهو الإخلاص.

الثاني والعشرون : أنّ الشفع العبادة التي تتكّرر كالصلاة والصوم والزكاة ، والوتر العبادة التي لا تكرّر كالحجّ.

الثالث والعشرون : أنّ الشفع الجسد والروح إذا كانا معاً ، والوتر الروح بلا جسد ، فكأنّه سبحانه أقسم بهما في حالتي الاجتماع والافتراق.

فهذه ثلاثة وعشرون قولاً ، ذكر الإمام الطبرسيرحمه‌الله في تفسيره الكبير منها اثني عشر قولاً ، والأقوال الباقية أخذناها من تفسير الثعلبي وغيره ».

اُنظر : مجمع البيان ٥ : ٤٨٥.

(٢١٤) النبأ ٧٨ : ٨.

(٢١٥) أبو سعيد سعد بن مالك بن شيبان ـ سنان ـ بن عبيد بن ثعلبة بن الأبحر الخدري ، مشهور بكنيته ، روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ؛ روى عنه جابر وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم ، مات سنة ( ٧٤ ه‍ ) وقيل ( ٦٤ ه‍ ) وقيل غير ذلك.

اُسد الغابة ٢ : ٢٨٩ ، الإصابة ٢ : ٣٥.

(٢١٦) مجمع البيان ٥ : ٤٨٥.

٧٨

عن النبات ، وفلق الأرض فانفلقت عن كلما اُخرج منها ، وهو قوله :( والأرض ذات الصدع ) (٢١٧) وفلق الظلام عن الصباح والسماء عن القطر ، وفلق البحر لموسىعليه‌السلام .

القديم :

هو المتقدّم للأشياء وليس لوجوده أول ، أو الذي لا يسبقه عدم.

القاضي :

الحاكم على عباده ، ومنه :( وقضى ربّك ألاّ تعبدو إلاّ إياه ) (٢١٨) أي : حكم ، وقيل : أي أمر ووصّى ، وقوله :( والله يقضي بالحقّ ) (٢١٩) أي : يحكم.

والقضاء يقال على وجوه كثيرة ، ذكرناها على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام في الإلحاح على الله(٢٢٠) .

__________________

(٢١٧) الطارق ٨٦ : ١٢.

(٢١٨) الاسراء ١٧ : ٢٣.

(٢١٩) غافر ٤٠ : ٢٠.

(٢٢٠) وهي كما في المصباح ص ٣٤٥ :

« الأول : قضاء الوصية والأمر( وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه [ ١٧ : ٢٣ ]) أي : أمر ووصّى ، ومنهم من سماه قضاء الحكم ، كصاحب العدّة وصاحب الغريبين ، ومنهم من سمّاه قضاء العهد ، أي : عهد ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ، ومثله :( قضينا إلى موسى الأمر [ ٢٨ : ٤٤ ]) أي عهدنا.

الثاني : قضاء الإعلام( وقضينا إلى بني إسرائيل [ ١٧ : ٤ ]) أي : أعلمناهم.

الثالث : الفراغ( فإذا قضيتم الصلاة [ ٤ : ١٠٣ ]) أي : فرغتم من أدائها ، وقوله تعالى :( فلمّا حضروا قالوا انصتوا فلمّا قضى [ ٤٦ : ٢٩ ] ) أي : فرغ من تلاوته ، وقوله : ( فإذا قضيتم مناسككم [ ٢ : ٢٠٠ ] ) أي : فرغتم منها ، وسمّي القاضي قاضياً ، لأنّه إذا حكم فقد فرغ ما بين الخصمين.

الرابع : الفعل( فاقض ما أنت قاض [ ٢٠ : ٧٢ ]) أي : افعل ما أنت فاعل ، وامض ما أنت ممض من أمر الدنيا.

الخامس : الموت( ليقض علينا ربّك [ ٤٣ : ٧٧ ]) ومثله :( لا يقضى عليهم فيموتوا [ ٣٥ : ٣٦ ]) .

السادس : وجوب العذاب( وأنذرهم يوم الحسبرة إذا قضي الأمر [ ١٩ : ٣٩ ] ) أي : وجب العذاب ، ومثله في يوسف : ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ ١٢ : ٤١ ] ) .

٧٩

المنان :

المعطي المنعم ، ومنه :( فامن أو أمسك بغير حساب ) (٢٢١) أي : اعط وأنعم.

وقيل : المنّان الذي يبتدئ بالنوال قبل السؤال ، والحنّان : الذي يقبل على من أعرض عنه.

المبين :

المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح بيناته ، وبان الشيء وأبان :

__________________

السابع : الكتب( وكان أمراً مقضيّاً [ ١٩ : ٢١ ]) أي : مكتوباً.

الثامن : الإتمام( فلما قضى موسى الأجل [ ٢٨ : ٢٩ ]) أي : أتمّ( أيمّا الأجلين قضيت [ ٢٨ : ٢٨ ]) أي : أتممت.

التاسع : الحكم( وقضى بينهم بالحق [ ٣٩ : ٧٥ ]) أي : حكم( والله يقضي بالحقّ [ ٤٠ : ٢٠ ]) أي : يحكم.

العاشر : الجعل( فقضاهنّ سبع سماوات [ ٤١ : ١٢ ]) أي : جعلهن ، قاله الطبرسي ; وسمّاه الصدوق ; قضاء الخلق ، وقال في معنى فقضاهنّ : أي خلقهنّ ، وسمّاه الهروي : قضاء الفراغ ، وقال : معنى فقضاهنّ أي : فرغ من خلقهنّ.

الحادي عشر : العلم( إلاّ حاجة في نفس يعقوب قضاها [ ١٢ : ٦٨ ]) أي علمها.

الثاني عشر : القول( والله يقضي بالحق [ ٤٠ : ٢٠ ]) أي : يقول الحقّ ، قاله الصدوق ، وذكر ذلك أيضاً في باب الحكم.

الثالث عشر : التقدير( فلمّا قضينا عليه الموت [ ٣٤ : ١٤ ]) أي : قدّرناه.

الرابع عشر : قضاء الفصل في الحكم( ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم [ ٤٢ : ١٤ ]) يقال : قضى الحاكم أي : فصل الحكم ، وكلّما أحكم عمله فقد قضى ، وقضيت هذه الدار : أحكمت عملها.

قال ذؤيب :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داوُدُ أو صَنّعُ السوابغِ تُبَّعُ »

اُنظر : عدّة الداعي : ٣٠٩ ، مجمع البيان ١ : ١٩٣ ـ ١٩٤ باختلاف ، التوحيد : ٣٨٥ ـ ٣٨٦.

(٢٢١) سورة ص ٣٨ : ٣٩.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137