حكايات بحار الانوار

حكايات بحار الانوار20%

حكايات بحار الانوار مؤلف:
الناشر: الحوزة العلمية
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 196

حكايات بحار الانوار
  • البداية
  • السابق
  • 196 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 105785 / تحميل: 5609
الحجم الحجم الحجم
حكايات بحار الانوار

حكايات بحار الانوار

مؤلف:
الناشر: الحوزة العلمية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فأمر بقتله، فقال الحاضرون:

- انه شيخ كبير وقد حصل له ما يكفيه وهو ميت لما به فاتركه وهو يموت حتف أنفه ولا تتقلد بدمه.

فاطلقه الحاكم - اثر مبالغة الناس في تخليته - بعد أن انتفخ وجهه ولسانه فنقله أهله في حالة يرثى ولم يشك أحد انه يموت من ليلته.

فلما كان الغد غدا عليه الناس فاذا هو قائم يصلي على اتم حال وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت واندملت جراحاته ولم يبق لها اثر والشجة قد زالت من وجهه فعجب الناس من حاله وسألوه عن أمره، فقال:

- إني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان اسأله تعالى به استغثت بسيدي صاحب الزمان، فلما جن الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا وإذا بمولاي قد أمرّ يده على وجهي وقال:

- اخرج وكد على عيالك فقد عافاك الله.

فاصبحت كما ترون.

فطلبه الحاكم بعد أن اخبر وذاع صيته في الناس واحضره عنده فلم ير اثرا لما كان منه امس

١٤١

وهو الآن على عكس تلك الحالة فليس به جراحات وقد عادت ثناياه.

فداخل الحاكم في ذلك رعب عظيم، وبلغ من شدة تأثره أن غير معاملته للناس (وكان اكثرهم من الشيعة) فقد كان سابقا يجلس في الموضع المعروف بـ (مقام الامام عج) في الحلة ويعطي ظهره للقبلة الشريفة، فصار بعد ذلك يجلس على ركبتيه بكل أدب ويستقبلها، وكان يحسن لمحسن أهل الحلة ويعفو عن مسيئهم. الا أن ذلك لم ينفعه فلم يلبث في ذلك الا قليلا حتى مات(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٥٢،ص٧٠

١٤٢

الفصل الثاني

معاصروا الأئمة عليهم السلام

حكم واقوال

١٤٣

١٤٤

٦٣ - حديث النبي(ص) في ولاية علي(ع)

قال ابو مسلم:

خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك الى دار أم سلمة - زوج النبي (ص) - فجلس انس جانبا، ودخلت مع الحسن. فسلم عليها واجابته، ثم قالت له:

- من أنت يا بني؟

قال: الحسن البصري.

قالت: لم جئت؟

قال: جئت لتحدثيني بحديث سمعتيه من رسول الله (ص) في علي بن أبي طالب.

قالت: لأحدثنك بحديث سمعته آذاني من رسول الله (ص) والا فصمتا، ورأته عيناي والا فعميتا ان كنت كاذبة! ووعاه قلبي والا فطبع الله عليه واخرس لساني ان لم أكن سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي:

١٤٥

يا علي! ما من عبد لقي الله يوم القيامة يلقاه جاحدا لولايتك الا لقي الله بعبادة صنم أو وثن.

فقال الحسن البصري:

- الله اكبر اشهد ان عليا (ع) مولاي ومولى المؤمنين.

فلما خرجنا رآنا أنس بن مالك فقال للحسن:

- ما لي اراك كبرت؟

قال: لقد حدثتني ام سلمة بحديث عن علي فكبرت تعجبا من عظمته.

فقال انس خادم النبي (ص):

- اشهد على رسول الله (ص) انه قال ذلك ثلاث مرات أو اربع(١) .

____________________

(١) بحار الاننوار، ج ٤٢، ص ١٤٢

١٤٦

٦٤ - اللعنات الاربعة المستجابة

كان رجلا بلا أيد ولا أرجل وهو أعمى يقول:

- رب نجني من النار.

فقيل له: انت مع هذه الحال قد استوفيت عقوبتك، ومع ذلك تسأل النجاة من النار.

قال: كنت فيمن قتل الحسين عليه السلام بكربلاء، فلما قتل وسلبه الناس ثيابه رأيت عليه سراويلا وتكة حسنة، فاردت ان انزع منه التكة. فرفع يده اليمنى ووضعها على التكة فلم اقدر على دفعها فقطعت يمينه، ثم هممت ان آخذ التكة فرفع شماله فوضعها عليها فقطعت شماله ثم هممت بنزعها، فسمعت زلزلة فخفت وتركته، فلما جن الليل نمت بين القتلى.

١٤٧

فرأيت في المنام كأن محمداً (ص) اقبل ومعه علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام فأخذت تقبل الحسين وهي تقول:

- قتلوك ياولدي، قتلهم الله. من قتلك؟

فسمعت الحسين عليه السلام قال:

- قتلني شمر، وقطع يداي هذا النائم.

فالتفتت الي فاطمة عليها السلام وقالت:

- قطع الله يديك ورجليك واعمى بصرك وادخلك النار!

فأفقت من النوم واذا أنا لا أبصر شيئا وسقطت مني يداي ورجلاي وبقيت الرابعة - أي دخول النار - ولهذا اقول:

- رب نجني من النار(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٥، ص ٣١١

١٤٨

١٤٩

٦٥ - الإقالة من الحكومة

حين توفي الملعون يزيد، خلفه ابنه معاوية، ولم يمر عليه وقت طويل حتى خلع نفسه من الخلافة، فقام خطيبا وقال:

- أيها الناس ما أنا بالراغب في التأمر عليكم ولا بالآمن لكراهتكم، بل بلينا بكم وبليتم بنا.

الا أن جدي معاوية نازع الامر علي بن أبي طالب عليه السلام وهو أولى به لقدمه وسابقته في الاسلام - فقاتله وارتكب بحقه اقبح الاعمال، وفعلتم الى جانبه ما لا تجهلون، حتى قبر معاوية وصار رهين عمله وضجيع حفرته، ثم عهد الى يزيد وقد كان خليقا ان لا يركب سنته اذ كان غير جدير بالخلافة. فركب روعه واستحسن خطأه فقلت مدته وانقطعت آثاره وخمدت ناره وزال فساده ولقد انسانا الحزن به الحزن عليه.

ثم قال:

١٥٠

- وصرت انا الثالث من القوم وأرى ان الزاهد فيّ اكثر من الراغب وما كنت لأحتمل آثامكم، شأنكم وأمركم فولوا من شئتم!

قيل، فقام اليه مروان وقال:

- اعمل بنا بسنة عمر.

فقال: والله لو كانت الخلافة مغنما فقد اصبنا منها حظا، ولئن كانت شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.

ثم نزل من المنبر، فقالت له أمه:

- ليتك كنت حيضة.

فقال: وانا كنت اتمنى ذلك ولم أعلم إن لله نارا يعذب بها من عصاه وأخذ غير حقه(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٦،ص ١١٨

١٥١

١٥٢

٦٦ - خطبة عبدالملك بن مروان في مكة

خطب عبدالملك بن مروان الناس في مكة وما أن بلغ الوعظ والارشاد حتى قام اليه رجل فقال له:

- مهلا! انكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفاقتداء بسيرتكم ام طاعة لأمركم؟

فإن قلتم إقتداء بسيرتنا، فكيف نقتدي بسيرة الظالمين، وماالحجة في اتباع المجرمين المذنبين الذين اتخذوا مال الله دولا وجعلوا عباد الله خولا؟

وإن قلتم اطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا، فكيف ينصح غيره من لم ينصح نفسه أم كيف تثبت طاعة من لم تثبت له عدالة؟

وإن قلتم خذوا الحمكة أنى وجدتموها واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو افصح بصنوف العظات واعرف بوجوه اللغات منكم فتنحوا عن الخلافة واطلقوا اقفالها وخلوا سبيلها ينتدب لها الذين شردتم في البلاد ونقلتموهم عن

١٥٣

مستقرهم الى كل واد.

فوالله ماقلدناكم ازمة أمورنا وحكمناكم في أموالنا وأيدينا وأدياننا لتسيروا فينا بسيرة الجبارين، غير أننا بصراء بأنفسنا لاستيفاء المدة وبلوغ الغاية وتمام المحنة، ولكل قائم منكم يوم لا يعدوه وكتاب لا بد ان يتلوه ] لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها [

وهنا انبرى احد زبانية خليفة المسلمين فأخذه ولم يعلم بعد ذلك خبره(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٦،ص ٣٣٦

١٥٤

١٥٥

٦٧ - جنايات حميد بن قحطبة

قال عبدالله البزار النيشابوري:

كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطوسي - أحد ولاة هارون - معاملة، فرحلت اليه في بعض الايام، فبلغه خبر قدومي، فدعاني اليه فورا وعلي ثياب السفر لم اغيرها، وكان ذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر.

فلما دخلت عليه رأيته في بيت يجري فيه الماء، فسلمت عليه وجلست، فأتى حميد بطست وابريق فغسل يديه، ثم امرني فغسلت يدي واحضرت المائدة ونسيت أني صائم، ثم تذكرت فأمسكت.

فقال لي حميد:

- مالك لا تأكل؟

فقلت: ايها الأمير هذا شهر رمضان ولست بمريض ولا بي علة توجب الافطار، ولعل الامير له عذره في ذلك او علة توجب الافطار.

١٥٦

فقال: ما بي علة توحب الافطار واني لصحيح البدن.

ثم دمعت عيناه وبكى، فقلت له بعد ما فرغ من طعامه:

- ما يبكيك ايها الامير؟

قال: انفذ الي هارون الرشيد حين كان بطوس في بعض الليل ان أجب، فلما دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتقد وسيفا أخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف فلما قمت بين يديه رفع رأسه الي وقال:

- كيف طاعتك لأمير المؤمنين(١) ؟

قلت: بالنفس والمال.

فأطرق ثم أذن لي في الانصراف، فلم البث في منزلي حتى عاد الرسول الي وقال اجب امير المؤمنين. فقلت في نفسي إنا لله أخاف ان يكون قد عزم على قتلي وانه لما رآني استحيا مني فلما

____________________

(١) ترى الشيعة بأن أمير المؤمنين لقب خصّ به رسول الله (ص) عليا حين نصبه خليفة على المسلمين في غدير خم، بينما ذهبت العامة لاطلاقه على كل خليفة لمجرد تسلمه الخلافة وان كانت غصبا

١٥٧

وقفت بين يديه فرفع رأسه الي فقال:

- كيف طاعتك لأمير المؤمنين؟

فقلت: بالنفس والمال والأهل والولد.

فتبسم ضاحك، ثم اذن لي في الانصراف.

فلما دخلت منزلي لم البث حتى عاد الي الرسول فقال:

- اجب أمير المؤمنين.

فحضرت بين يديه وهوعلى حاله فرفع رأسه الي فقال:

- كيف طاعتك لأمير المؤمنين.

فقلت: بالنفس والمال والاهل والولد والدين.

فضحك ثم قال لي:

- خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم.

قال فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي الى بيت بابه مغلق ففتحه فاذا فيه بئر في وسطه وثلاث بيوت ابوابها مغلقة ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبان مقيدون، فقال لي:

- أن امير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء.

١٥٨

وكانوا كلهم علويين من ولد فاطمة وعلي عليه السلام فجعل يخرج الي واحد بعد واحد فاضرب عنقه حتى اتيت على آخرهم ثم رمى بأجسادهم ورؤوسهم في ذلك البئر.

ثم فتح باب بيت آخر فاذا ايضا عشرون نفسا من العلويين من ولد علي وفاطمة مقيدون، فقال لي:

- أن امير المؤمنيين يأمرك بقتل هؤلاء؟

فجعل يخرج الي واحد بعد واحد فاضرب عنقه ويرمي به في ذلك البئر حتى اتيت على أخرهم.

ثم فتح باب البيت الثالث، فاذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد على وفاطمة مقيدون فجعلت اضرب اعناقهم واحدا واحدا حتى اتيت على تسع عشر منهم وبقي شيخ منهم فقال:

- تبا لك يا مشؤوم، أي عذر لك يوم القيامة اذا قدمت على جدنا رسول الله (ص) وقد قتلت من اولاده ستين نفسا قد ولدهم علي وفاطمة؟

فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي، فنظر الي الخادم مغضباً فاتيت على الشيخ فقتلته، فرمى الخادم به في البئر، والآن ما فائدة الصوم والصلاة

١٥٩

لي والحال أني موقن بالخلود في النار(١) .

____________________

(١) بحار الانوار ج ٤٨، ص ١٧٦ - ١٧٧

١٦٠

٦٨ - سنة من الحساب على مسواك

قال احمد بن الحواري:

- كنت اتمنى رؤية سليمان الداراني - أحد العرفاء - في المنام، فرأيته بعد سنه. فقلت له:

- ما فعل الله بك يا أستاذ؟

فقال لي:

- يا أحمد! جئت من موضع فرأيت مقدار من الحطب فأخذت عودا واحدا بحجم المسواك، ولا أدري تخللت به أم لا! ولي الآن سنة أحاسب على ذلك العود(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٧٧، ١٦٩

١٦١

١٦٢

الفصل الثالث

انبياء الله عليهم السلام

الانبياء والامم السابقة

١٦٣

١٦٤

٦٩ - زواج سليمان من بلقيس

كانت بلقيس ملكة سبأ في اليمن حين كان سليمان عليه السلام حاكما على الشام. وكانت بلقيس وقومها يعبدون الشمس، فلما أخبر سليمان بذلك، بعث لها بكتاب جاء فيه:

] ألا تعلوا عليّ واتوني مسلمين [

فدعت قوادها وكبار مملكتها لتشاورهم بشأن كتاب سليمان، فأشاروا عليها قائلين:

] نحن اولوا قوة وأولوا بأس شديد، والأمر اليك فانظري ماذا تأمرين [

قالت: لا أرغب في الحرب وأرى الصلح افضل من ذلك، واضافت علينا باديء ذي بدء ان نمتحن سليمان وصحبه لنرى ما يفعلون، وهل هو ملك أم نبي، فالملوك تستجيب للهدايا، أما أولياء الله فليسوا كذلك، واني مرسلة لسليمان بهدية فإن لم يقبلها فهو نبي وعلينا الاستجابة له.

١٦٥

فبعثت بلقيس بهداياها مع قافلة من الاشراف والحكماء لسليمان، فما كان من سليمان الا انه لم يعبأ بهم ولم يكترث للهدايا، ثم خاطبهم قائلا:

] أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل انتم بهديتكم تفرحون، ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون [

فرجعوا اليها واطلعوها الخبر. فتوصلت ملكة سبأ بفطنتها وفراستها الى ضرورة الاستجابة لأمر سليمان الذي يمثل الحق والتوحيد وعبادة الله، ولم يكن امامها سوى ذلك السبيل بغية حفظ مملكتها وجنودها ولذلك توجهت الى الشام برفقة طائفة من اشراف قومها وكبارهم فلما علم سليمان بقدومها قال لمن حوله:

] أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك [

قال سليمان عليه السلام:

- اريده اسرع من ذلك.

فقال آصف بن برخيا:

١٦٦

] أنا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك [

فوافق سليمان عليه السلام على هذا الاقتراح، ولم تمض مدة حتى احضر عرشها عنده فحمد الله وأثنى عليه.

ثم امر عليه السلام بالقيام ببعض التغييرات في عرش بلقيس بهدف اختبار قدراتها العقلية وخلق الأرضية الخصبة عندها للإيمان. فأمرهم بسؤالها حين الدخول:

- اهكذا عرشك.

بعد ان أشار اليه، فنظرت اليه غير مصدقة انه عرشها، فهي كانت قد تركته في ديار سبأ. الا انها رأت بعض العلامات التي تشير الى أنه عرشها، فقالت متعجبة:

- كأنه هو!

ثم التفتت لاحقا الى انه حقا عرشها وقد جيء به قبلها بصورة غير طبيعية الامر الذي دفعها الى الاذعان للحق والتسليم لسليمان، وقد وردت بعض الاخبار المشهورة التي تفيد زواجها من سليمان ووقوفها الى جانبه في الدعوة الى التوحيد وهداية

١٦٧

الناس(١) .

٧٠ - لجاجة بني اسرائيل

قتل رجل من بني اسرائيل أحد أقربائه وطرح جسده على طريق افضل سبط من اسباط بني اسرائيل، ثم جاء يطلب بدمه. فقالوا لموسى:

____________________

(١) بحار الانوار، ج ١٤، ص ١١١

١٦٨

- ان سبط آل فلان قتلوا فلانا.

فقال موسى عليه السلام: ائتوني ببقرة.

فظن بني اسرائيل ان موسى يستهزأ بهم، فقالوا منكرين:

- اتتخذنا هزواً؟

قال عليه السلام:

- اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين، فالإستهزاء عادة الجهال.

فقالوا حين تيقنوا جدية الامر:

- ادع لنا ربك أن يبين لنا ماهي؟

قال الرضا عليه السلام: لو عمدوا الى بقرة اجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم، ولذلك قال لهم نبيهم:

- إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك.

ثم سألوه:

- ما لونها؟

فقال موسى عليه السلام:

- صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.

قالوا:

- بين لنا ماهي فالبقر تشابه علينا!

١٦٩

قال عليه السلام:

- انها بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها.

فسعوا جاهدين حتى وجدوها عند فتى من بني اسرائيل وحين ارادوا شرائها منه قال:

- لا أبيعها الا بملئ مسكها ذهبا.

فجاءوا الى موسى عليه السلام وقالوا له ذلك، قال:

- لا بد من شراءها.

فاشتروها وذبحوها فضربوا المقتول بذنب البقرة(١) فأحييّ الميت وقال:

- يانبي الله! إن ابن عمي قتلني، دون من أدّعِيَ عليه قتلي.

فعلم الجميع بالقاتل فقال بعض اصحاب موسى عليه السلام له:

- يا نبي الله! لهذه البقرة قصة جميلة.

قال عليه السلام: وما هي؟

قال: ان فتى من بني اسرائيل كان بارا بأبيه

____________________

(١) جاء في بعض المصادر بلسان البقرة

١٧٠

وأمه، وإنه اشترى يوما جنساً من السوق فجاء الى أبيه فرآه نائما فكره ان يوقظه ليأخذ منه ثمن ذلك الجنس، فترك ذلك الجنس وأعاده، فلما استيقظ ابوه، اخبره، فقال حسنا فعلت، وهذه البقرة لك عوضا مما فاتك.

فقال موسى عليه السلام:

- انظروا الى البر بالوالدين ما بلغ بأهله من الخير(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٨٣، ص ٢٦٢

١٧١

٧١ - صورة من عذاب جهنم

كان عيسى عليه السلام واصحابه في سياحة، فمر بقرية فوجد اهلها موتى في الطريق والدور، فقال عليه السلام:

- ان هؤلاء ما توا بسخطة ولو ماتوا بغيرها تدافنوا.

فقال اصحابه: وددنا لو عرفنا قصتهم!

فقيل له: نادهم سيجيبك أحدهم!

فناداهم عليه السلام: يا أهل القرية!

فناداه احدهم: لبيك يا روح الله.

قال عليه السلام: ما حالكم وما قصتكم؟

قال: اصبحنا في عافية وبتنا في الهاوية!

قال عليه السلام: وما الهاوية؟

قال: بحار من نار فيها جبال من نار.

قال عليه السلام: وما بلغ بكم ما أرى من العذاب؟

قال: حب الدنيا وطاعة الطاغوت.

قال: وكيف كان حبكم للدنيا؟

قال: كحب الصبي لثدي أمه، اذا اقبلت الدنيا

١٧٢

فرحنا، واذا ادبرت حزنا.

فاطرق عليه السلام ثم سأله:

- ما بلغ من طاعتكم للطاغوت؟

قال: كانوا اذا أمرونا اطعناهم.

قال عليه السلام: لم اجبتني من بينهم؟

قال: لأنهم لجموا بلجام من نار عليهم ملائكة غلاظ شداد وأني كنت فيهم ولم أكن منهم، فأنا متعلق بشعره على شفير جهنم أخاف ان اقع في النار!

فالتفت عيسى عليه السلام لأصحابه وقال:

- أن النوم على المزابل واكل خبز الشعير مع سلامة الدين أفضل مما ترون من سوء العاقبة(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ١٤ ص ٣٢٢

١٧٣

٧٢ - لعنة الأم

قال الباقر عليه السلام:

كان في بني اسرائيل عابد يقال له جريح، وكان يتعبد في صومعة فجاءته أمه وهو يصلي، فدعته فلم يجبها، فانصرفت ثم اتت بعد ساعة ودعته فلم يجبها فانصرفت ثالثة فدعته فلم يلتفت اليها. فانصرفت ممتعظة وهي تقول اللهم العنه.

وفي الغد جاءت فاجرة وقد قعدت عند صومعته قد أخذها الطلق، فادعت ان الولد من جريح.

ففشا في بني اسرائيل إن من كان يلوم الناس على الزنا قد زنى، فأمر الملك بصلبه، فأقبلت أمه اليه تلطم وجهها فقال لها:

- اسكتي، انما هذا لدعوتك.

فقال الناس لما سمعوا ذلك منه:

- وكيف لنا بذلك؟

قال:

١٧٤

- هاتوا الصبي.

فجاؤا به، فأخذه فقال:

- من أبوك؟

قال بكل وضوح:

- الراعي فلان.

وهكذا أعاد الله له ماء وجهه اثر رضى أمه وازال عنه التهمة فحلف جريح الا يفارق امه ويخدمها بكل ما أوتي من قوة(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ١٤، ص ٤٨٧

١٧٥

١٧٦

٧٣ - عقوبة القاضي العادل

كان في بني اسرائيل قاض يقضي بالحق والعدل بينهم، فلما حضرته الوفاة، قال لأمرأته:

- اذا مت فغسّليني وكفنيني وغطي وجهي وضعيني على سريري (التابوت) فانك لا ترين سوءا ان شاء الله.

فلما مات فعلت حسب وصيته، ثم مكثت بعد ذلك حينا. وكشفت عن وجهه، فاذا دودة تقرض منخره، ففزعت من ذلك، فغطت وجهه ثم قام الناس بتشييعه ودفنه.

فلما كان الليل أتاها في منامها وقال لها:

- افزعت مما رأيت؟

قالت: نعم.

قال: والله ما هو الا في أخيك وذلك إنه أتاني ومعه خصم له فلما جلسا، قلت اللهم اجعل الحق له فلما اختصما كان الحق له ففرحت فاصابني ما

١٧٧

رأيت لموضع هواي مع موافقة الحق له(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ١٤، ص ٤٨٩

١٧٨

٧٤ - خراب مدينة

كان رجل من بني اسرائيل، يبني قصرا عظيما وأعد فيه مختلف الاطعمة مما لذ وطاب وكان يدعو اليه الاثرياء دون المساكين والفقراء وحينما يحضر دعواته بعض الفقراء، فكانوا يطردون ويقال لهم:

إن هذا الطعام لم يعد لأمثالكم!

فأوحى الله الى ملكين ان ادخلا بصورة فقيرين، فقوبلا بما كان يقال به الفقراء.

فأمرهم الله بالحضور كشريفين ثريين، فلما حضرا المجلس، استقبلا استقبالا كريماً.

فأوحى الله اليهما أن اقلبا المدينة رأسا على عقب(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ١٦ ص ١١٣

١٧٩

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196