حكايات بحار الانوار

حكايات بحار الانوار30%

حكايات بحار الانوار مؤلف:
الناشر: الحوزة العلمية
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 196

حكايات بحار الانوار
  • البداية
  • السابق
  • 196 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 105811 / تحميل: 5610
الحجم الحجم الحجم
حكايات بحار الانوار

حكايات بحار الانوار

مؤلف:
الناشر: الحوزة العلمية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ما ملكت نفسي حيث سمعتها أن سقطت إلى الأرض و علمت أن رسول الله ص قد مات و قد تكلمت الشيعة في هذا الموضع و قالوا إنه بلغ من قلة علمه أنه لم يعلم أن الموت يجوز على رسول الله ص و أنه أسوة الأنبياء في ذلك و قال لما تلا أبو بكر الآيات أيقنت الآن بوفاته كأني لم أسمع هذه الآية فلو كان يحفظ القرآن أو يتفكر فيه ما قال ذلك و من هذه حاله لا يجوز أن يكون إماما و أجاب قاضي القضاةرحمه‌الله تعالى في المغني عن هذا فقال إن عمر لم يمنع من جواز موته ع و لا نفى كونه ممكنا و لكنه تأول في ذلك قوله تعالى( هُوَ اَلَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ ) و قال كيف يموت و لم يظهر ص على الدين كله فقال أبو بكر إذا ظهر دينه فقد ظهر هو و سيظهر دينه بعد وفاته فحمل عمر قوله تعالى( أَ فَإِنْ ماتَ ) على تأخر الموت لا على نفيه بالكلية قال و لا يجب فيمن ذهل عن بعض أحكام القرآن ألا يحفظ القرآن لأن الأمر لو كان كذلك لوجب ألا يحفظ القرآن إلا من عرف جميع أحكامه على أن حفظ جميع القرآن غير واجب و لا يقدح الإخلال به في الفضل و اعترض المرتضىرحمه‌الله تعالى في كتاب الشافي هذا الكلام فقال لا يخلو خلاف عمر في وفاة رسول الله ص من أن يكون على سبيل الإنكار لموته على كل حال و الاعتقاد أن الموت لا يجوز عليه على كل وجه أو يكون منكرا لموته في

٤١

تلك الحال من حيث لم يظهر على الدين كله فإن كان الأول فهو مما لا يجوز خلاف عاقل فيه و العلم بجواز الموت على جميع البشر ضروري و ليس يحتاج في حصول هذا العلم إلى تلاوة الآيات التي تلاها أبو بكر و إن كان الثاني فأول ما فيه أن هذا الاختلاف لا يليق بما احتج به أبو بكر عليه من قوله( إِنَّكَ مَيِّتٌ ) لأن عمر لم ينكر على هذا الوجه جواز الموت عليه و صحته و إنما خالف في وقته فكان يجب أن يقول لأبي بكر و أي حجة في هذه الآيات علي فإني لم أمنع جواز موته و إنما منعت وقوع موته الآن و جوزته في المستقبل و الآيات إنما تدل على جواز الموت فقط لا على تخصيصه بحال معينة و بعد فكيف دخلت هذه الشبهة البعيدة على عمر من بين سائر الخلق و من أين زعم أنه سيعود فيقطع أيدي رجال و أرجلهم و كيف لم يحصل له من اليقين لما رأى من الواعية و كآبة الخلق و إغلاق الباب و صراخ النساء ما يدفع به ذلك الوهم و الشبهة البعيدة فلم يحتج إلى موقف و بعد فيجب إن كانت هذه شبهته أن يقول في مرض النبي ص و قد رأى جزع أهله و خوفهم عليه الموت و قول أسامة صاحب الجيش لم أكن لأرحل و أنت هكذا و أسأل عنك الركب يا هؤلاء لا تخافوا و لا تجزعوا و لا تخف أنت يا أسامة فإن رسول الله ص لا يموت الآن لأنه لم يظهر على الدين كله و بعد فليس هذا من أحكام الكتاب التي يعذر من لا يعرفها على ما ظن المعتذر له و نحن نقول إن عمر كان أجل قدرا من أن يعتقد ما ظهر عنه في هذه الواقعة

٤٢

و لكنه لما علم أن رسول الله ص قد مات خاف من وقوع فتنة في الإمامة و تقلب أقوام عليها إما من الأنصار أو غيرهم و خاف أيضا من حدوث ردة و رجوع عن الإسلام فإنه كان ضعيفا بعد لم يتمكن و خاف من ترات تشن و دماء تراق فإن أكثر العرب كان موتورا في حياة رسول الله ص لقتل من قتل أصحابه منهم و في مثل ذلك الحال تنتهز الفرصة و تهتبل الغرة فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس بأن أظهر ما أظهره من كون رسول الله ص لم يمت و أوقع تلك الشبهة في قلوبهم فكسر بها شرة كثير منهم و ظنوها حقا فثناهم بذلك عن حادث يحدثونه تخيلا منهم أن رسول الله ص ما مات و إنما غاب كما غاب موسى عن قومه و هكذا كان عمر يقول لهم إنه قد غاب عنكم كما غاب موسى عن قومه و ليعودن فليقطعن أيدي قوم أرجفوا بموته و مثل هذا الكلام يقع في الوهم فيصد عن كثير من العزم أ لا ترى أن الملك إذا مات في مدينة وقع فيها في أكثر الأمر نهب و فساد و تحريق و كل من في نفسه حقد على آخر بلغ منه غرضه إما بقتل أو جرح أو نهب مال إلى أن تتمهد قاعدة الملك الذي يلي بعده فإذا كان في المدينة وزير حازم الرأي كتم موت الملك و سجن قوما ممن أرجف نداء بموته و أقام فيهم السياسة و أشاع أن الملك حي و أن أوامره و كتبه نافذة و لا يزال يلزم ذلك الناموس إلى أن يمهد قاعدة الملك للوالي بعده و كذلك عمر أظهر ما أظهر حراسة للدين و الدولة إلى أن جاء أبو بكر و كان غائبا بالسنح و هو منزل بعيد عن المدينة فلما اجتمع بأبي بكر قوي به جأشه و اشتد به أزره و عظم طاعة الناس له و ميلهم إليه فسكت حينئذ عن تلك الدعوى التي كان ادعاها لأنه قد أمن بحضور أبي بكر من خطب يحدث أو فساد يتجدد و كان أبو بكر محببا إلى الناس لا سيما المهاجرين

٤٣

و يجوز عند الشيعة و عند أصحابنا أيضا أن يقول الإنسان كلاما ظاهر الكذب على جهة المعاريض فلا وصمة على عمر إذا كان حلف أن رسول الله ص لم يمت و لا وصمة عليه في قوله بعد حضور أبي بكر و تلاوة ما تلا كأني لم أسمعها أو قد تيقنت الآن وفاته ص لأنه أراد بهذا القول الأخير تشييد القول الأول و كان هو الصواب و كان من سيئ الرأي و قبيحه أن يقول إنما قلته تسكينا لكم و لم أقله عن اعتقاد فالذي بدا به حسن و صواب و الذي ختم به أحسن و أصوب و روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عمر بن شبة عن محمد بن منصور عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال كان النبي ص قد بعث أبا سفيان ساعيا فرجع من سعايته و قد مات رسول الله ص فلقيه قوم فسألهم فقالوا مات رسول الله ص فقال من ولي بعده قيل أبو بكر قال أبو فصيل قالوا نعم قال فما فعل المستضعفان علي و العباس أما و الذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و ذكر الراوي و هو جعفر بن سليمان أن أبا سفيان قال شيئا آخر لم تحفظه الرواة فلما قدم المدينة قال إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم قال فكلم عمر أبا بكر فقال إن أبا سفيان قد قدم و أنا لا نأمن شره فدع له ما في يده فتركه فرضي و روى أحمد بن عبد العزيز أن أبا سفيان قال لما بويع عثمان كان هذا الأمر في تيم و أنى لتيم هذا الأمر ثم صار إلى عدي فأبعد و أبعد ثم رجعت إلى منازلها و استقر الأمر قراره فتلقفوها تلقف الكرة

٤٤

قال أحمد بن عبد العزيز و حدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال ذاكرت إسماعيل بن إسحاق القاضي بهذا الحديث و أن أبا سفيان قال لعثمان بأبي أنت أنفق و لا تكن كأبي حجر و تداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة فو الله ما من جنة و لا نار و كان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان اعزب فقال يا بني أ هاهنا أحد قال الزبير نعم و الله لا كتمتها عليك قال فقال إسماعيل هذا باطل قلت و كيف ذلك قال ما أنكر هذا من أبي سفيان و لكن أنكر أن يكون سمعه عثمان و لم يضرب عنقه

و روى أحمد بن عبد العزيز قال جاء أبو سفيان إلى علي ع فقال وليتم على هذا الأمر أذل بيت في قريش أ ما و الله لئن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلا و رجلا فقال علي ع طالما غششت الإسلام و أهله فما ضررتهم شيئا لا حاجة لنا إلى خيلك و رجلك لو لا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه و روى أحمد بن عبد العزيز قال لما بويع لأبي بكر كان الزبير و المقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي و هو في بيت فاطمة فيتشاورون و يتراجعون أمورهم فخرج عمر حتى دخل على فاطمة ع و قال يا بنت رسول الله ما من أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك و ما من أحد أحب إلينا منك بعد أبيك و ايم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم فلما خرج عمر جاءوها فقالت تعلمون أن عمر جاءني و حلف لي بالله إن عدتم ليحرقن عليكم البيت و ايم الله ليمضين لما حلف له فانصرفوا عنا راشدين فلم يرجعوا إلى بيتها و ذهبوا فبايعوا لأبي بكر و روى أحمد و روى المبرد في الكامل صدر هذا الخبر عن عبد الرحمن

٤٥

ابن عوف قال دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه فسلمت و سألته كيف به فاستوى جالسا فقلت لقد أصبحت بحمد الله بارئا فقال أما إني على ما ترى لوجع و جعلتم لي معشر المهاجرين شغلا مع وجعي و جعلت لكم عهدا مني من بعدي و اخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له و رأيتم الدنيا قد أقبلت و الله لتتخذن ستور الحرير و نضائد الديباج و تألمون ضجائع الصوف الأذربي كأن أحدكم على حسك السعدان و الله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا و إنكم غدا لأول ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا و شمالا يا هادي الطريق جرت إنما هو البجر أو الفجر فقال له عبد الرحمن لا تكثر على ما بك فيهيضك و الله ما أردت إلا خيرا و إن صاحبك لذو خير و ما الناس إلا رجلان رجل رأى ما رأيت فلا خلاف عليك منه و رجل رأى غير ذلك و إنما يشير عليك برأيه فسكن و سكت هنيهة فقال عبد الرحمن ما أرى بك بأسا و الحمد لله فلا تأس على الدنيا فو الله إن علمناك إلا صالحا مصلحا فقال أما إني لا آسى إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلن و ثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن و ثلاث وددت أني سألت رسول الله ص عنهن فأما الثلاث التي فعلتها و وددت أني لم أكن فعلتها فوددت أني لم أكن كشفت

٤٦

عن بيت فاطمة و تركته و لو أغلق على حرب و وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيدة فكان أميرا و كنت وزيرا و وددت أني إذ أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته و كنت قتلته بالحديد أو أطلقته و أما الثلاث التي تركتها و وددت أني فعلتها فوددت أني يوم أتيت بالأشعث كنت ضربت عنقه فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه و وددت أني حيث وجهت خالدا إلى أهل الردة أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون و إلا كنت ردءا لهم و وددت حيث وجهت خالدا إلى الشام كنت وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت كلتا يدي اليمين و الشمال في سبيل الله و أما الثلاث اللواتي وددت أني كنت سألت رسول الله ص عنهن فوددت أني سألته فيمن هذا الأمر فكنا لا ننازعه أهله و وددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب و وددت أني سألته عن ميراث العمة و ابنة الأخت فإن في نفسي منهما حاجة و من كتاب معاوية المشهور إلى علي ع و أعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار و يداك في يدي ابنيك الحسن و الحسين يوم بويع أبو بكر الصديق فلم تدع أحدا من أهل بدر و السوابق إلا دعوتهم إلى نفسك و مشيت إليهم بامرأتك و أدليت إليهم بابنيك و استنصرتهم على صاحب رسول الله فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة و لعمري لو كنت محقا لأجابوك و لكنك ادعيت باطلا و قلت ما لا تعرف و رمت ما لا يدرك و مهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك و هيجك لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم فما يوم المسلمين منك بواحد و لا بغيك على الخلفاء بطريف و لا مستبدع

٤٧

و سنذكر تمام هذا الكتاب و أوله عند انتهائنا إلى كتب علي ع و روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أبي المنذر و هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان بين العباس و علي مباعدة فلقي ابن عباس عليا فقال إن كان لك في النظر إلى عمك حاجة فأته و ما أراك تلقاه بعدها فوجم لها و قال تقدمني و استأذن فتقدمته و استأذنت له فأذن فدخل فاعتنق كل واحد منهما صاحبه و أقبل علي ع على يده و رجله يقبلهما و يقول يا عم ارض عني رضي الله عنك قال قد رضيت عنك ثم قال يا ابن أخي قد أشرت عليك بأشياء ثلاثة فلم تقبل و رأيت في عاقبتها ما كرهت و ها أنا ذا أشير عليك برأي رابع فإن قبلته و إلا نالك ما نالك مما كان قبله قال و ما ذاك يا عم قال أشرت عليك في مرض رسول الله ص أن تسأله فإن كان الأمر فينا أعطاناه و إن كان في غيرنا أوصى بنا فقلت أخشى إن منعناه لا يعطيناه أحد بعده فمضت تلك فلما قبض رسول الله ص أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك و قلت لك ابسط يدك أبايعك و يبايعك هذا الشيخ فإنا إن بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف و إذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك أحد من قريش و إذا بايعتك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب فقلت لنا بجهاز رسول الله ص شغل و هذا الأمر فليس نخشى عليه فلم نلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة فقلت يا عم ما هذا قلت ما دعوناك إليه فأبيت قلت سبحان الله أ و يكون هذا قلت نعم قلت أ فلا يرد قلت لك و هل رد مثل هذا قط ثم أشرت عليك حين طعن عمر فقلت لا تدخل نفسك في الشورى فإنك إن اعتزلتهم قدموك و إن ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت.

٤٨

ثم أنا الآن أشير عليك برأي رابع فإن قبلته و إلا نالك ما نالك مما كان قبله إني أرى أن هذا الرجل يعني عثمان قد أخذ في أمور و الله لكأني بالعرب قد سارت إليه حتى ينحر في بيته كما ينحر الجمل و الله إن كان ذلك و أنت بالمدينة ألزمك الناس به و إذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا من بعد شر لا خير معه قال عبد الله بن عباس فلما كان يوم الجمل عرضت له و قد قتل طلحة و قد أكثر أهل الكوفة في سبه و غمصه فقال علي ع أما و الله لئن قالوا ذلك لقد كان كما قال أخو جعفي

فتى كان يدنيه الغنى من صديقه

إذا ما هو استغنى و يبعده الفقر

ثم قال و الله لكان عمي كان ينظر من وراء ستر رقيق و الله ما نلت من هذا الأمر شيئا إلا بعد شر لا خير معه و روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز عن حباب بن يزيد عن جرير بن المغيرة أن سلمان و الزبير و الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليا ع بعد النبي ص فلما بويع أبو بكر قال سلمان أصبتم الخبرة و أخطأتم المعدن قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا علي بن أبي هاشم قال حدثنا عمر بن ثابت عن حبيب بن أبي ثابت قال قال سلمان يومئذ أصبتم ذا السن منكم و أخطأتم أهل بيت نبيكم لو جعلتموها فيهم ما اختلف عليكم اثنان و لأكلتموها رغدا قال أبو بكر و أخبرنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثنا غسان

٤٩

بن عبد الحميد قال لما أكثر الناس في تخلف علي ع عن بيعة أبي بكر و اشتد أبو بكر و عمر عليه في ذلك خرجت أم مسطح بن أثاثة فوقفت عند القبر و قالت

كانت أمور و أبناء و هنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها

و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب

قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا إبراهيم بن المنذر عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة و غضب علي و الزبير فدخلا بيت فاطمة ع معهما السلاح فجاء عمر في عصابة منهم أسيد بن حضير و سلمة بن سلامة بن وقش و هما من بني عبد الأشهل فصاحت فاطمة ع و ناشدتهم الله فأخذوا سيفي علي و الزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا ثم قام أبو بكر فخطب الناس و اعتذر إليهم و قال إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها و خشيت الفتنة و ايم الله ما حرصت عليها يوما قط و لقد قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة و لا يدان و لوددت أن أقوى الناس عليه مكاني و جعل يعتذر إليهم فقبل المهاجرون عذره و قال علي و الزبير ما غضبنا إلا في المشورة و إنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها إنه لصاحب الغار و إنا لنعرف له سنه و لقد أمره رسول الله ص بالصلاة بالناس و هو حي قال أبو بكر و قد روي بإسناد آخر ذكره أن ثابت بن قيس بن شماس كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر في بيت فاطمة ع و ثابت هذا أخو بني الحارث بن الخزرج

٥٠

و روي أيضا أن محمد بن مسلمة كان معهم و أن محمدا هو الذي كسر سيف الزبير

قال أبو بكر و حدثني يعقوب بن شيبة عن أحمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن عباس قال خرج علي ع على الناس من عند رسول الله ص في مرضه فقال له الناس كيف أصبح رسول الله ص يا أبا حسن قال أصبح بحمد الله بارئا قال فأخذ العباس بيد علي ثم قال يا علي أنت عبد العصا بعد ثلاث أحلف لقد رأيت الموت في وجهه و إني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فانطلق إلى رسول الله ص فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا و إن كان في غيرنا أوصى بنا فقال لا أفعل و الله إن منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده قال فتوفي رسول الله ذلك اليوم و قال أبو بكر حدثني المغيرة بن محمد المهلبي من حفظه و عمر بن شبة من كتابه بإسناد رفعه إلى أبي سعيد الخدري قال سمعت البراء بن عازب يقول لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله ص تخوفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عن بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول ثم ذكر ما قد ذكرناه نحن في أول هذا الكتاب في شرح قوله ع أما و الله لقد تقمصها فلان و زاد فيه في هذه الرواية فمكثت أكابد ما في نفسي فلما كان بليل خرجت إلى المسجد فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله ص بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء فضاء بني بياضة و أجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا فانصرفت عنهم فعرفوني و ما أعرفهم فدعوني إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود و عبادة بن الصامت و سلمان الفارسي و أبا ذر و حذيفة و أبا الهيثم بن التيهان و إذا حذيفة يقول لهم و الله ليكونن ما أخبرتكم

٥١

به و الله ما كذبت و لا كذبت و إذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين ثم قال ائتوا أبي بن كعب فقد علم كما علمت قال فانطلقنا إلى أبي فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب فقال من أنتم فكلمه المقداد فقال ما حاجتكم فقال له افتح عليك بابك فإن الأمر أعظم من أن يجرى من وراء حجاب قال ما أنا بفاتح بابي و قد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد فقلنا نعم فقال أ فيكم حذيفة فقلنا نعم قال فالقول ما قال و بالله ما أفتح عني بابي حتى يجرى على ما هي جارية و لما يكون بعدها شر منها و إلى الله المشتكى قال و بلغ الخبر أبا بكر و عمر فأرسلا إلى أبي عبيدة و المغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة أن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذا الأمر نصيبا فيكون له و لعقبه فتقطعوا به من ناحية علي و يكون لكم حجة عند الناس على علي إذا مال معكم العباس فانطلقوا حتى دخلوا على العباس في الليلة الثانية من وفاة رسول الله ص ثم ذكر خطبة أبي بكر و كلام عمر و ما أجابهما العباس به و قد ذكرناه فيما تقدم من هذا الكتاب في الجزء الأول و روى أبو بكر قال أخبرنا أحمد بن إسحاق بن صالح قال حدثنا عبد الله بن عمر عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال لما توفي النبي ص اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة فأتاهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة فقال الحباب

٥٢

بن المنذر منا أمير و منكم أمير إنا و الله ما ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط و لكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم و آباءهم و إخوانهم فقال عمر بن الخطاب إذا كان ذلك قمت إن استطعت فتكلم أبو بكر فقال نحن الأمراء و أنتم الوزراء و الأمر بيننا نصفان كشق الأبلمة فبويع و كان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم قسما بين نساء المهاجرين و الأنصار فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت فقالت ما هذا قال قسم قسمه أبو بكر للنساء قالت أ تراشونني عن ديني و لله لا أقبل منه شيئا فردته عليه قلت قرأت هذا الخبر على أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي الحسيني المعروف بابن أبي زيد نقيب البصرةرحمه‌الله تعالى في سنة عشر و ستمائة من كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري قال لقد صدقت فراسة الحباب فإن الذي خافه وقع يوم الحرة و أخذ من الأنصار ثأر المشركين يوم بدر ثم قال ليرحمه‌الله تعالى و من هذا خاف أيضا رسول الله ص على ذريته و أهله فإنه كان ع قد وتر الناس و علم أنه إن مات و ترك ابنته و ولدها سوقة و رعية تحت أيدي الولاة كانوا بعرض خطر عظيم فما زال يقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده حفظا لدمه و دماء أهل بيته فإنهم إذا كانوا ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة و العصمة مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم فلم يساعده القضاء و القدر و كان من الأمر ما كان ثم أفضى أمر ذريته فيما بعد إلى ما قد علمت

٥٣

قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز حدثني يعقوب بن شيبة بإسناد رفعه إلى طلحة بن مصرف قال قلت لهذيل بن شرحبيل إن الناس يقولون إن رسول الله ص أوصى إلى علي ع فقال أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله ص ود أبو بكر أنه وجد من رسول الله ص عهدا فخزم أنفه قلت هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري و مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحيهما عن طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى أوصى رسول الله ص قال لا قلت فكيف كتب على المسلمين الوصية أو كيف أمر بالوصية و لم يوص قال أوصى بكتاب الله قال طلحة ثم قال ابن أوفى ما كان أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله ص ود أبو بكر أنه وجد من رسول الله ص عهدا فخزم أنفه بخزامه و روى الشيخان في الصحيحين عن عائشة أنه ذكر عندها أن رسول الله ص أوصى قالت و متى أوصى و من يقول ذلك قيل إنهم يقولون قالت من يقوله لقد دعا بطست ليبول و إنه بين سحري و نحري فانخنث في صدري فمات و ما شعرت و في الصحيحين أيضا خرجاه معا عن ابن عباس أنه كان يقول يوم الخميس و ما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى فقلنا يا ابن عباس و ما يوم الخميس؟

٥٤

قال: اشتد برسول الله ص وجعه فقال ائتوني بكتاب أكتبه لكم لا تضلوا بعدي أبدا فتنازعوا فقال إنه لا ينبغي عندي تنازع فقال قائل ما شأنه أ هجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني و الذي أنا فيه خير من الذي أنتم فيه ثم أمر بثلاثة أشياء فقال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم و سئل ابن عباس عن الثالثة فقال إما ألا يكون تكلم بها و إما أن يكون قالها فنسيت و في الصحيحين أيضا خرجاه معا عن ابن عباسرحمه‌الله تعالى قال لما احتضر رسول الله ص و في البيت رجال منهم عمر بن الخطاب

قال النبي ص هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر إن رسول الله ص قد غلب عليه الوجع و عندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف القوم و اختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده و منهم من يقول القول ما قاله عمر فلما أكثروا اللغو و الاختلاف عنده ع قال لهم قوموا فقاموا فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ص و بين أن يكتب لكم ذلك الكتاب قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري و حدثني أحمد بن إسحاق بن صالح قال حدثني عبد الله بن عمر بن معاذ عن ابن عون قال حدثني رجل من زريق

٥٥

أن عمر كان يومئذ قال يعني يوم بويع أبو بكر محتجزا يهرول بين يدي أبي بكر و يقول ألا إن الناس قد بايعوا أبا بكر قال فجاء أبو بكر حتى جلس على منبر رسول الله ص فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد فإني وليتكم و لست بخيركم و لكنه نزل القرآن و سنت السنن و علمنا فتعلمنا أن أكيس الكيس التقى و أحمق الحمق الفجور و إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بالحق و أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق أيها الناس إنما أنا متبع و لست بمبتدع إذا أحسنت فأعينوني و إذا زغت فقوموني قال أبو بكر و حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا أحمد بن معاوية قال حدثني النضر بن شميل قال حدثنا محمد بن عمرو عن سلمة بن عبد الرحمن قال لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي ع و الزبير و ناس من بني هاشم في بيت فاطمة فجاء عمر إليهم فقال و الذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار و زياد بن لبيد فبدر السيف فصاح به أبو بكر و هو على المنبر اضرب به الحجر فدق به قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة و يقال هذه ضربة سيف الزبير ثم قال أبو بكر دعوهم فسيأتي الله بهم قال فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه قال أبو بكر و قد روي في رواية أخرى أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة ع و المقداد بن الأسود أيضا و أنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا ع فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت فخرج إليه الزبير بالسيف و خرجت فاطمة ع تبكي و تصيح فنهنهت من الناس و قالوا ليس عندنا معصية و لا خلاف في خير اجتمع عليه الناس و إنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ثم بايعوا أبا بكر فاستمر الأمر و اطمأن الناس

٥٦

قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال أخبرنا أبو بكر الباهلي قال حدثنا إسماعيل بن مجالد عن الشعبي قال سأل أبو بكر فقال أين الزبير فقيل عند علي و قد تقلد سيفه فقال قم يا عمر قم يا خالد بن الوليد انطلقا حتى تأتياني بهما فانطلقا فدخل عمر و قام خالد على باب البيت من خارج فقال عمر للزبير ما هذا السيف فقال نبايع عليا فاخترطه عمر فضرب به حجرا فكسره ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه و قال يا خالد دونكه فأمسكه ثم قال لعلي قم فبايع لأبي بكر فتلكأ و احتبس فأخذ بيده و قال قم فأبى أن يقوم فحمله و دفعه كما دفع الزبير فأخرجه و رأت فاطمة ما صنع بهما فقامت على باب الحجرة و قالت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله و الله لا أكلم عمر حتى ألقى الله قال فمشى إليها أبو بكر بعد ذلك و شفع لعمر و طلب إليها فرضيت عنه قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن حاتم قال حدثنا الحرامي قال حدثنا الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن عباس قال مر عمر بعلي و عنده ابن عباس بفناء داره فسلم فسألاه أين تريد فقال مالي بينبع قال علي أ فلا نصل جناحك و نقوم معك فقال بلى فقال لابن عباس قم معه قال فشبك أصابعه في أصابعي و مضى حتى إذا خلفنا البقيع قال يا ابن عباس أما و الله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله إلا أنا خفناه على اثنتين قال ابن عباس فجاء بمنطق لم أجد بدا معه من مسألته عنه فقلت يا أمير المؤمنين ما هما قال خشيناه على حداثة سنه و حبه بني عبد المطلب قال أبو بكر و حدثني أبو زيد قال حدثنا هارون بن عمر بإسناد رفعه إلى ابن عباسرحمه‌الله تعالى قال تفرق الناس ليلة الجابية عن عمر فسار

٥٧

كل واحد مع إلفه ثم صادفت عمر تلك الليلة في مسيرنا فحادثته فشكا إلي تخلف علي عنه فقلت أ لم يعتذر إليك قال بلى فقلت هو ما اعتذر به قال يا ابن عباس إن أول من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر إن قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوة قلت لم ذاك يا أمير المؤمنين أ لم ننلهم خيرا قال بلى و لكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا جحفا

قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال حدثنا علي بن هشام مرفوعا إلى عاصم بن عمرو بن قتادة قال لقي علي ع عمر فقال له علي ع أنشدك الله هل استخلفك رسول الله ص قال لا قال فكيف تصنع أنت و صاحبك قال أما صاحبي فقد مضى لسبيله و أما أنا فسأخلعها من عنقي إلى عنقك فقال جدع الله أنف من ينقذك منها لا و لكن جعلني الله علما فإذا قمت فمن خالفني ضل قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن أبيه عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الخزاعي قال كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله ص على اليمن فلما قبض رسول الله ص جاء المدينة و قد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما و قد بايع الناس و أتى بني هاشم فقال أنتم الظهر و البطن و الشعار دون الدثار و العصا دون اللحا فإذا رضيتم رضينا و إذا سخطتم سخطنا حدثوني إن كنتم قد بايعتم هذا الرجل قالوا نعم قال على برد و رضا من جماعتكم قالوا نعم قال

٥٨

فأنا أرضى و أبايع إذا بايعتم أما و الله يا بني هاشم إنكم الطوال الشجر الطيبو الثمر ثم إنه بايع أبا بكر و بلغت أبا بكر فلم يحفل بها و اضطغنها عليه عمر فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استنفر إلى الشام قال له عمر أ تولي خالدا و قد حبس عليك بيعته و قال لبني هاشم ما قال و قد جاء بورق من اليمن و عبيد و حبشان و دروع و رماح ما أرى أن توليه و ما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر و ولى أبا عبيدة بن الجراح و يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل بن حسنة و اعلم أن الآثار و الأخبار في هذا الباب كثيرة جدا و من تأملها و أنصف علم أنه لم يكن هناك نص صريح و مقطوع به لا تختلجه الشكوك و لا تتطرق إليه الاحتمالات كما تزعم الإمامية فإنهم يقولون إن الرسول ص نص على أمير المؤمنين ع نصا صريحا جليا ليس بنص يوم الغدير و لا خبر المنزلة و لا ما شابههما من الأخبار الواردة من طرق العامة و غيرها بل نص عليه بالخلافة و بإمرة المؤمنين و أمر المسلمين أن يسلموا عليه بذلك فسلموا عليه بها و صرح لهم في كثير من المقامات بأنه خليفة عليهم من بعده و أمرهم بالسمع و الطاعة له و لا ريب أن المنصف إذا سمع ما جرى لهم بعد وفاة رسول الله ص يعلم قطعا أنه لم يكن هذا النص و لكن قد سبق إلى النفوس و العقول أنه قد كان هناك تعريض و تلويح و كناية و قول غير صريح و حكم غير مبتوت و لعله ص كان يصده عن التصريح بذلك أمر يعلمه و مصلحة يراعيها أو وقوف مع إذن الله تعالى في ذلك فأما امتناع علي ع من البيعة حتى أخرج على الوجه الذي أخرج عليه فقد

٥٩

ذكره المحدثون و رواه أهل السير و قد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب و هو من رجال الحديث و من الثقات المأمونين و قد ذكر غيره من هذا النحو ما لا يحصى كثرة فأما الأمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة ع و أنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج و بقي أثره إلى أن ماتت و أن عمر أضغطها بين الباب و الجدار فصاحت يا أبتاه يا رسول الله و ألقت جنينا ميتا و جعل في عنق علي ع حبل يقاد به و هو يعتل و فاطمة خلفه تصرخ و تنادي بالويل و الثبور و ابناه حسن و حسين معهما يبكيان و أن عليا لما أحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدد بالقتل فقال إذن تقتلون عبد الله و أخا رسول الله فقالوا أما عبد الله فنعم و أما أخو رسول الله فلا و أنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق و سطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها و بأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله ص ليلة العقبة فكله لا أصل له عند أصحابنا و لا يثبته أحد منهم و لا رواه أهل الحديث و لا يعرفونه و إنما هو شي‏ء تنفرد الشيعة بنقله : وَ مِنْهَا وَ لَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى اَلْبَيْعَةِ ثَمَناً فَلاَ ظَفِرَتْ يَدُ اَلْبَائِعِ وَ خَزِيَتْ أَمَانَةُ اَلْمُبْتَاعِ فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا وَ أَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا وَ عَلاَ سَنَاهَا وَ اِسْتَشْعِرُوا اَلصَّبْرَ فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى اَلنَّصْرِ هذا فصل من كلام يذكر فيه ع عمرو بن العاص و قوله فلا ظفرت يد البائع يعني معاوية و قوله و خزيت أمانة المبتاع يعني عمرا و خزيت أي

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٣٧ - وصايا عن الامام الباقر عليه السلام

قال جابر الجعفي:

دخلنا على أبي جعفر الباقر عليه السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا مناسكنا فودعناه وقلنا له:

- اوصنا.

فقال عليه السلام:

- ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم! ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا اسرارنا عمن ليسوا اهلا لها، ولا تحملوا الناس على اعناقنا، وانظروا امرنا وما جاءكم عنا، فان وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الامر عليكم فقفوا عنده وردوه الينا حتى نشرح لكم من ذلك. فإذا كنتم كما اوصيناكم لم تعدوا الى غيره فمات منكم ميت قبل ان يخرج قائمنا (عج) كان شهيداً، ومن ادرك قائمنا فقتل معه كان له اجر شهيدين ومن

٨١

قتل بين يديه عدوا لنا كان له اجر عشرين شهيدا(١) .

٣٨ - الموت قبل رؤية القائم (عج)

قال عبدالحميد الواسطي قلت للامام الباقر عليه السلام:

- والله لقد تركنا متاجرنا ننتظر ظهور امام زماننا (عج) حتى لم يبق عندنا ما نرتزق به، افنتكدى على الناس؟

قال عليه السلام: يا عبدالحميد! أظننت ان الله لا يفتح ابواب رزقه على من نذر نفسه له؟ والله سيفتح له ابواب رحمته. رحم الله من جاهد فينا وأحيا أمرنا.

فقلت: كيف حالي اذا مت قبل ان ارى قائمكم

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٢ ص ٢٣٦

٨٢

سيدي؟

قال عليه السلام: من قال منكم اذا أدركت قائم آل محمد فنصرته، كان كمن قاتل بين يديه، ومن استشهد بين يديه كأنه قتل مرتين.

وجاء في رواية أخرى:

كمن قاتل بين يديه، بل كمن قتل معه(١) .

٣٩ - الكتابة الخضراء

كان رجل من ملوك اهل الجبل يأتي الامام الصادق (ع) في حجه كل سنة وينزل عنده وحين رجوعه ذات مرة وقبل ان يؤدي مراسم الحج اعطى الامام الصادق عليه السلام عشرة ألاف درهم وقال له:

- اشتر لي دارا بهذه الدراهم.

وخرج الى الحج فلما انصرف اتى الامام عليه السلام فانزله في داره وسلمه صك كتب فيها:

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٥٢، ص ١٢٦

٨٣

هذه ما اشترى جعفر بن محمد لفلان بن فلان الجبلي، دارا في الجنة حدها الاول دار رسول الله (ص) والحد الثاني دار علي عليه السلام والثالث دار الحسن عليه السلام والرابع دار الحسين بن علي عليه السلام.

فلما قرأ الرجل ذلك قال: رضيت.

فوزع عليه السلام المال على ولد الحسن والحسين عليهم السلام وبعد مدة اعتل ذلك الرجل علة الموت فلما حضرته الوفاة، جمع اهل بيته وقال لهم:

- انا موقن بما قاله الامام الصادق عليه السلام ولكن ادفنوا الصك معي في القبر!

ثم انتقل الى جوار ربه ففعلوا له ما أوصى به، فلما اصبح القوم غدوا الى قبره، فاذا مكتوب على القبر بالخط الاخضر:

والله وفى لي جعفر بن محمد بما قال(١) .

____________________

(١) بحار الانوار ج ٤٧، ص ١٣٤

٨٤

٤٠ - التحفي وسط النار

روى المأمون الرقي قائلا:

كنت عند الامام الصادق عليه السلام اذ دخل سهل بن الحسن الخراساني، فسلم عليه ثم جلس، فقال له:

٨٥

- يا بن رسول الله (ص) الإمامة حقكم فانتم اهل بيت الرأفة والرحمة، فما الذي يمنعك من المطالبة بحقك، وانت تجد من شيعتك مائة الف يضربون بين يديك بالسيف ويقاتلون الاعداء.

قال عليه السلام:

- اجلس يا خراساني، حتى اوضح لك الحقيقة.

ثم امر جارية ان توقد التنور. وعندما اشتعلت النار واصبح اللهب شديداً واصبح القسم العلوي للتنور ابيضاً من شدة الحرارة قال عليه السلام:

- يا خراساني قم واجلس في التنور.

فأخذ الخراساني يتعذر ويقول:

- يا بن رسول الله‍ لا تعذبني بالنار واقلني.

فقال الامام عليه السلام: قد اقلتك.

فبينما نحن كذلك اذ اقبل هارون المكي ونعليه في يديه، فدخل حافيا وسلم، فرد عليه السلام سلامه وقال:

- الق النعل واجلس في التنور.

فالقى النعل ثم جلس في التنور‍ واقبل الامام عليه السلام يحدث الخراساني حديث خراسان حتى كأنه شاهد لها لسنوات. ثم قال:

٨٦

- قم يا خراساني وانظر ما في التنور.

قال سهل:

- فلما بلغت التنور رأيت هارون جاثيا على ركبتيه وسطه. وما أن رآني حتى نهض وسلم عليّ.

فقال الامام عليه السلام لسهل:

- كم تجد في خراسان مثل هذا؟

قال: والله ولا واحد.

فقال عليه السلام:

- لا والله ولا واحد، أما إنا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا(١) .

____________________

(١) بحار الانوار ج ٤٧،١٢٣

٨٧

٤١ - تواصل الشيعة ومواساتهم

قال الامام موسى بن جعفر عليه السلام:

- يا عاصم، كيف انتم في التواصل والتبار؟

قال: على افضل ما يرام.

قال عليه السلام:

- أيأتي احدكم عند الضيقة منزل اخيه فلا يجده، فيأمر باخراج كيسه فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته دون ان يعترض وينكر عليه أحد؟

قال: لا ليس الامر كذلك.

فقال عليه السلام:

- فلستم على ما أحب من التواصل ولا زلتم في الضيق والفقر وعدم التعاون فيما بينكم(١) .

____________________

(١) بحار الانوار ج ٤٧، ص ١٢٣

٨٨

٤٢ - التصدق بالخبز دون الملح

قال المعلى بن خنيس:

خرج ابو عبدالله عليه السلام في ليلة ماطرة وهو يريد ظلة بني ساعدة(١) ، فاتبعته. فجأة التفت الى شيء قد وقع منه. فسمعته همس قائلا:

- اللهم رده علينا.

فاقتربت منه وسلمت عليه. فعرف صوتي وقال:

- معلى؟

قلت: نعم جعلت فداك.

فنظرت الارض لأرى ماذا وقع من الامام عليه السلام فرأيت قطع من الخبز. قال عليه السلام:

- ناولني ماسقط من الخبز!

فدفعتها اليه. واذا بجراب من خبز يصعب حملها بينما كان يحملها الامام عليه السلام فقلت له:

- دعني احملها عنك.

قال عليه السلام:

- لا، انا اولى بها منك ولكن امض معي.

فحملها الامام عليه السلام على ظهره حتى بلغنا

____________________

(١) ظلة يلجأ اليها الناس في النهار هربا من حرارة الشمس، كما انها انسب مكان لاقامة الفقراء والغرباء للمبيت فيها ليلا

٨٩

ظلة بني ساعدة، فاذا بفقراء نيام ليس لهم من منزل ولا مكان، فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى اتى على آخرهم، ثم انصرفنا فقلت:

- جعلت فداك، هل يعرف هؤلاء الحق - هل هم من شيعتك والقائلين بإمامتك - لتحمل اليهم الخبز في غسق الليل؟

قال عليه السلام:

- لو كانوا من شيعتي لواسيتهم اكثر(١) ، لواسيناهم بالدقة.(٢)

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٧، ص ٢٠

(٢) الدقة هي الملح

٩٠

٤٣ - الامام الصادق (ع) ومقاطعة مجلس الخمر

روى هارون بن الجهم:

كنت مع الصادق عليه السلام بالحيرة حين قدم على المنصور الدوانيقي، فختن بعض القواد ابناً له، وصنع طعاما دعى اليه اغلب الاشراف والاكابر، وكان الامام الصادق عليه السلام فيمن دُعي.

وبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدة من الأعيان والأشراف، إستسقى رجل، فأتي له بقدح من شراب بدلا من الماء، فلما تناول الرجل القدح، قام الصادق عليه السلام من المائدة، فاصروا عليه في الرجوع، فامتنع قائلا:

- ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٧، ص ٣٩

٩١

٤٤ - الشيعة في الجنان

زار زيد بن اسامة الامام الصادق عليه السلام فقال له:

- يازيد، كم اصبح عمرك؟

قلت: جعلت فداك، كذا سنة.

قال عليه السلام:

- جدد عبادتك واحدث توبة.

قال: فتأثرت جدا واجهشت بالبكاء.

فقال عليه السلام:

- ما يبكيك؟

قلت: كأنك نعيت اليّ نفسي بما قلت.

فقال عليه السلام:

- يا زيد‍ ابشر فانك من شيعتنا، وانت في الجنة - فالشيعة الحقيقيون كلهم من اصحاب الجنة(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٧، ص ٧٧

٩٢

٤٥ - سبيكة الذهب ومعجزة الامام الصادق(ع)

كان عند الصادق عليه السلام بعض اصحابه، فقال(ع):

- عندنا خزائن الارض ومفاتيحها، فاذا اشرت لها بأحدى رجلي فانها ستخرج مافيها من ذهب وكنوز.

ثم خط عليه السلام خطا على الارض بجبهته، فانشقت الارض فمد الامام عليه السلام بيده فاستخرج قطعة من الذهب طولها شبرا. فقال عليه السلام:

- انظروا الى جوف الارض.

فنظر اصحابه فاذا قطع من الذهب على بعضها البعض تلمع كالشمس. فقال احد اصحابه:

- يا بن رسول الله وهبكم الله الدنيا بما فيها وشيعتكم واوليائكم على ما هم عليه من الفقر والعوز؟

٩٣

فقال عليه السلام:

- لقد جمع الله لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة. ان ولايتنا أهل البيت كنز عظيم وخير كثير. نحن واشياعنا في الجنة واعدائنا في النار(١) .

٤٦ - الناس على حقيقتهم الباطنية

قال ابو بصير - احد المخلصين من شيعة الامام الصادق(ع) -:

حججت مع الامام الصادق عليه السلام، فلما كنا في الطواف، قلت له:

- جعلت فداك أيغفر الله لهذا الخلق الذي يحج البيت باجمعه؟

قال عليه السلام:

- يا أبا بصير‍، ان اكثر من ترى من هؤلاء قردة وخنازير.

____________________

(١) بحار الانوار ج ١٠٤، ص ٣٧

٩٤

قلت: ارينهم!

فأمر يده على بصري وتكلم بكلمات فرأيتهم قردة خنازير، فهالني ذلك! ثم أمر يده على بصري فرأيتهم كما كانوا على ظاهرهم قال عليه السلام:

- يا أبا بصير، انتم في الجنة تحبرون ولستم في اطباق النار. والله لا تجمع النار منكم ثلاثة لا والله ولا اثنان لا والله ولا واحد(١) .

٤٧ - الآية التي جعلت النصراني مسلما

قال زكريا بن ابراهيم كنت نصرانيا فاسلمت. وحججت فدخلت على الامام الصادق عليه السلام فقلت:

- كنت مسيحيا واصبحت مسلما.

فقال: وأي شيء رأيت في الاسلام فاسلمت؟

قلت: قوله تعالى ما كنت تدري ما الكتاب ولا

____________________

(١) بحار الانوار ج ٤٧،ص ٧٩و ج ٦٨،ص ١١٨

٩٥

الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء [ ففهمت من هذه الآية ان الاسلام دين كامل ولا يمكن ان يصدر مثل هذا الكلام ممن لم يذهب الى مدرسة او يعتقد بفكرة، وعليه فلا بد ان يكون وحيا نزل على محمد (ص).

قال عليه السلام

- لقد هداك الله.

ثم قال ثلاثا:

- اللهم اهده، سل عما شئت يا بني.

فقلت: إن أبي وأمي واسرتي على النصرانية وأمي مكفوفة البصر فهل لي أن آكل في آنيتهم بعد أن اسلمت؟

قال عليه السلام:

- أيأكلون لحم الخنزير؟

قلت: لا ولا يمسونه.

فقال عليه السلام:

- لا بأس.

ثم اوصاه عليه السلام قائلا:

- فانظر امك فبرها، فاذا ماتت فلا تكلها الى غيرك - تول بنفسك غسلها وكفنها ودفنها - ولا

٩٦

تخبرن احد انك اتيتني حتى تأتيني بمنى انشاء الله.

قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان وكل يسأله! فلما قدمت الكوفة الطفت لأمي وكنت اطعمها واغسل رأسها وثيابها. فقالت لي يوما:

- يا بني ماكنت تصنع بي هذا وانت على ديني، فما الذي ارى منك؟

قلت: لقد اسلمت وقد امرني بهذا رجل من ولد نبينا.

قالت: هذا الرجل نبي؟

قلت: لا، ولكنه ابن نبي.

قالت: لابد ان يكون نبيا، فهذه وصايا (بشأن احترام الام وخدمتها) الانبياء.

فقلت: يا أمي انه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه.

فقالت: يا بني دينك خير الاديان، اعرضه علي.

فعلمتها الشهادتين فدخلت الاسلام وعلمتها الصلاة فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ثم مرضت بعد مدة فالتفتت الي وقالت:

- بني اعد على ما علمتني.

فاعدته عليها، فنطقت بالشهادتين وماتت. فلما

٩٧

اصبح الصباح غسلها المسلمون، وكنت انا الذي صليت عليها وانزلتها قبرها(١) .

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٤٧، ص ٣٧٤

٩٨

٤٨ - التجارة بالمال الحلال

دخل رجل شاب على الصادق عليه السلام وقال:

- ليس لي رأس مال.

قال الامام عليه السلام: كن صادقا امينا، يرزقك الله.

فخرج فوجد في الطريق هميانا فيه سبع مائة دينار. فقال في نفسه: لا بد ان امتثل وصية الامام عليه السلام وعليه يجب ان اعلن على الملأ من فقد هميانا فليأتي إلي.

فصاح قائلا: من ضاع منه شيء فليذكره ليأخذه.

فجاءه رجل واعطاه اوصاف الهميان فأخذه بعد ان اهدى الشاب سبعين ديناراً. فأخذها واتى الامام عليه السلام واخبره القضية، فقال عليه السلام:

- هذه السبعون دينار الحلال افضل من تلك السبعمائة الحرام، وهذا رزقك من الله.

٩٩

فاتجر الشاب بها حتى اصبح ثريا(١) .

٤٩ - المرأة الموالية

قال بشار المكاري:

دخلت على الامام الصادق عليه السلام بالكوفة وكان يأكل التمر فقال:

- اجلس يابشار كل معي التمر.

قلت: جعلت فداك، رأيت وانا في الطريق ما أسخطني فلا طاقة لي على الاكل!

قال عليه السلام:

- مارأيت في الطريق؟

قال: رأيت رجلا يضرب امرأة ويقتادها الى السجن. وليس هناك من ينجدها.

قال عليه السلام:

- وما قصتها؟

____________________

(١) بحار الانوار، ج ٢٧، ص ١١٧

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196