الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 93975
تحميل: 6187


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93975 / تحميل: 6187
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عُميرة بن سعد قال: شهدت عليّاً على المنبر ناشداً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم: أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك وهم حول المنبر وعليٌّ على المنبر وحول المنبر اثنى عشر رجلاً هؤلاء منهم فقال عليٌّ: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ فقاموا كلّهم فقالوا: أللهمَّ نعم. وقعد رجلٌ. فقال: ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين؟ كبرت ونسيت فقال: أللهمّ إن كان كاذباً فاضربه ببلاء حسن(1) قال: فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة. غريبٌ من حديث طلحة تفرَّد به مسعر عنه مطوَّلاً، ورواه ابن عايشة عن إسماعيل مثله، ورواه الأجلح(2) وهاني(3) بن أيّوب عن طلحة مختصراً.

وروى النسائي في خصايصه ص 16 عن محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري، ووأحمد بن عثمان بن حكيم عن عبيد الله بن موسى عن هاني بن أيّوب عن طلحة عن عُميرة بن سعد إنَّه سمع عليّاً رضي الله عنه وهو ينشد في الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ فقام ستَّة نفر فشهدوا.

وروى أبو الحسن ابن المغازلي في مناقبه قال: حدَّثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الإصفهاني قدم علينا بواسط إملاء من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وأربع مائة قال: حدَّثني محمد بن عليّ بن عمر بن المهدي قال: حدَّثني سليمان ابن أحمد بن أيّوب الطبراني قال: حدَّثني أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الإصفهاني قال: حدَّثني إسماعيل بن عمر البجلي قال: حدَّثني مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عُميرة بن سعد قال: شهدت عليّاً على المنبر ناشداً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ يقول ما قال فليشهد؟ فقام اثنى عشر رجلاً منهم: أبو سعيد الخدري وأبو هريرة

_____________________

1 - لفظة: حسن. من زياداة الرواة أو النساخ فإن ما أصاب الرجل وهو أنس بمعونة بقية الأحاديث من العمى أو البرص كانت نقمة عليه من جراء دعواه الكاذبة من النسيان المسبب من الكبر لا بلاء حسنا كيف وقد أريد به الفضيحة وكان هو يلهج بذلك.

2 - يقال اسمه يحيى بن عبد الله بن (حجية) بالتصغير الكوفي المكنى بأبي حجية توفي 140 / 145 وثّقه ابن معين والعجلي وقال ابن عدي: يعد في الشيعة مستقيم الحديث. وقال ابن حجر: صدوق شيعي.

3 - قال ابن كثير في تاريخه 5 ص 211: ثقة.

١٨١

وأنس بن مالك(1) فشهدوا أنهم سمعوا من رسول الله يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه.

ورواه ابن كثير في تاريخه 5 ص 211 من طريق إسماعيل بن عمر البجلي عن مسعر عن طلحة عن عُميرة، ومن طريق عبيد الله بن موسى عن هاني بن أيّوب عن طلحة عن عُميرة، وفي ج 7 ص 347 من طريق الطبراني المذكور، ورواه السيوطي في جمع الجوامع كما في كنز العمال 6 ص 403 من طريق الطبراني في الأوسط بلفظيه وفي أحدهما فقام ثمانية عشر رجلاً فشهدوا، وفي الثاني اثنا عشر رجلا، والشيخ إبراهيم الوصّابي في كتاب الإكتفاء نقلاً عن المعجم الأوسط للطبراني بلفظيه.

«فائدةٌ»: أخرج الحافظ الهيثميُّ في مجمع الزوايد 9 ص 108 من طريق الطبراني في الأوسط والصغير عن عُميرة بنت سعد حديث المناشدة بلفظ عُميرة بن سعد المذكور عن ابن المغازلي، ثمّ جاء بعض المتأخِّرين وذكر الحديث عن عُميرة بنت سعد وترجمها وعرَّفها بما مرّ ص 69 وقد خفي عليه أنَّه تصحيفٌ وأنَّه هو الحديث الذي نقله الحفّاظ من طريق الطبراني عن عُميرة بن سعد.

16 - يعلى بن مرَّة بن وهب الثقفيُّ الصحابيُّ * روى ابن الأثير في أُسد الغابة ج 5 ص 6 من طريق أبي نعيم وأبي موسى المديني بإسنادهما إلى أبي العباس ابن عقدة عن عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة عن الحسن بن زياد عن عمرو بن سعيد البصري عن عمرو بن عبد الله بن يعلى بن مرَّة عن أبيه عن جدِّه يعلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فلمّا قدم عليٌّ عليه السلام الكوفة نشد الناس، فانتشد له بضعة عشر رجلاً فيهم: أبو أيّوب صاحب منزل رسول صلى الله عليه وسلم وناجية بن عمرو الخزاعي. ورواه ابن حجر عن كتاب الموالاة لابن عقدة في الإصابة 3 ص 542.

وفي أُسد الغابة 2 ص 233 من طريق الحافظ ابن عقدة وأبي موسى المديني

_____________________

1 - إن أنساً كان ممن حول المنبر لا من شهود الحديث كما مرّ في هذه الرواية بلفظ أبي نعيم في الحلية وكذلك في بقية الأحاديث وهو الذي أصابته دعوة الإمام عليه السلام، ففي هذا المتن تحريف واضح.

١٨٢

بالإسناد واللفظ المذكورين غير أنّ فيه: فانتشد له بضعة عشر رجلاً منهم: يزيد أو زيد بن شراحيل الأنصاري. ورواه عنه حرفيّاً ابن حجر في الإصابة 1 ص 567 نقلاً عن كتاب الموالاة لابن عقدة. ورواه ابن الأثير في أُسد الغابة 3 ص 93 بالإسناد وباللفظ المذكور بَيدَ أنَّ فيه: فانتشد له بضعة عشر رجلاً فيهم عامر بن ليلى الغفاري.

17 - هاني بن هاني الهمدانيُّ الكوفيُّ التابعيُّ * روى ابن الأثير في أُسد الغابة 3 ص 331 من طريق ابن عقدة وأبي موسى عن أبي غيلان عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مرّ، وزيد بن يُثيع، وسعيد بن وهب، وهاني بن هاني بلفظ مرّ ص 173، وسمعت هناك تحريف ابن حجر في إصابته الحديث.

18 - حارثة بن نصر التابعيُّ * أخرج النسائي في الخصايص ص 40 قال: أخبرنا يوسف بن عيسى قال: أخبرنا الفضل بن موسى قال: حدّثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال. قال عليٌّ رضي الله عنه في الرحبة: اُنشد بالله مَن سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ يقول: الله وليّي وأنا وليُّ المؤمنين، ومَن كنت وليّه فهذا وليّه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره؟ فقال سعيد: قام إلى جنبي ستَّة. وقال حارثة بن نصر: قام ستَّة. وقال زيد بن يُثيع: قام عندي ستَّة. وقال عمرو ذي ذي مرّ: أحبَّ مَن أحبَّه، وأبغض مَن أبغضه.

قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1 ص 209: روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله (القاضي المتوفّى 177) قال: لـمّا بلغ عليّاً عليه السلام إنّ الناس يتَّهمونه فيما يذكره من تقديم النبيِّ له وتفضيله على الناس قال: اُنشد الله مَن بقي ممّن لقي رسول الله وسمع مقاله في يوم غدير خمّ إلّا قام فشهد بما سمع؟ فقام ستَّة ممّن عن يمينه من أصحاب رسول الله، وستّةٌ ممّن على شماله من الصحابة أيضاً، فشهدوا أنَّهم سمعوا رسول الله يقول ذلك اليوم وهو رافعٌ بيدي عليّ عليه السلام: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، وأحبَّ مَن أحبَّه، وأبغض مَن أبغضه.

وقال برهان الدين الحلبيّ في سيرته 3 ص 302: قد جاء أنَّ عليّاً كرّم الله وجهه قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: اُنشد الله من ينشد يوم غدير خمّ إلّا قام؟ ولا يقوم

١٨٣

رجلٌ يقول. أُنبئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه. فقام سبعة عشر صحابيّاً، وفي رواية ثلثون صحابيّاً، وفي المعجم الكبير ستَّة عشر، وفي رواية اثنا عشر، فقال: هاتوا ما سمعتم. فذكروا الحديث ومن جملته: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، وفي رواية: فهذا مولاه. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه: وكنت ممَّن كتم فذهب الله ببصري، وكان عليٌّ كرّم الله وجهه دعا على مَن كتم. ا هـ. وهناك جمعٌ آخرون من متأخِّري المحدِّثين رووا هذه المناشدة نضرب عن ذكرهم صفحاً ونقتصر على ما ذكر.

أعلام الشهود لأمير المؤمنين

عليه السلام يوم الرحبة بحديث الغدير :

1 - أبو زينب بن عوف الأنصاريّ.

2 - أبو عمرة بن عمرو بن محصن الأنصاريّ.

3 - أبو فضالة الأنصاريُّ اُستشهد بصفّين مع أمير المؤمنين «بدريٌّ».

4 - أبو قدامة الأنصاريُّ الشهيد بصفّين مع أمير المؤمنين عليه السلام.

5 - أبو ليلى الأنصاريُّ يقال: اُستشهد بصفّين(1) .

6 - أبو هريرة الدوسيّ المتوفّى 57 / 8 / 9.

7 - أبو الهيثم ابن التيهان الشهيد بصفّين «بدريٌّ».

8 - ثابت بن وديعة الأنصاريُّ الخزرجيُّ المدنيُّ.

9 - حُبشي بن جنادة السلوليُّ شهد مع عليّ مشاهده.

10 - أبو أيّوب خالد الأنصاريُّ المستشهد غازياً بالروم 50 / 1 / 2 «بدريٌّ».

11 - خزيمة بن ثابت الأنصاريُّ ذو الشهادتين الشهيد بصفّين «بدريٌّ».

12 - أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعيُّ المتوفّى 68.

13 - زيد. أو: يزيد بن شراحيل الأنصاريّ.

14 - سهل بن حنيف الأنصاريُّ الأوسيُّ المتوفّى 38 «بدريٌّ».

15 - أبو سعيد سعد بن مالك الخدريُّ الأنصاريُّ المتوفّى 63 / 4 / 5.

_____________________

1 - في بعض الألفاظ: أبو يعلى الأنصاري وهو شداد بن أوس المتوفّى 58.

١٨٤

16 - أبو العباس سهل بن سعد الأنصاريُّ المتوفّى 91.

17 - عامر بن ليلى الغفاريُّ.

18 - عبد الرحمن بن عبد ربّ الأنصاريُّ.

19 - عبد الله بن ثابت الأنصاريُّ خادم رسول الله صلّى الله عليه وآله.

20 - عبيد بن عازب الأنصاريّ من العشرة الدُعاة إلى الاسلام(1) .

21 - أبو طريف عديِّ بن حاتم المتوفّى 68 عن 100 عاماً.

22 - عقبة بن عامر الجهني المتوفّى قرب الـ 60 كان ممَّن يمتُّ بمعاوية.

23 - ناجية بن عمرو الخزاعيّ.

24 - نعمان بن عجلان الأنصاريّ لسان الأنصار وشاعرهم.

هذا ما أوقفنا السير عليه من أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه السلام بحديث الغدير يوم مناشدة الرحبة حسب ما مرّت من الأحاديث المتقدّمة، وقد نصِّ الإمام أحمد في حديث مرَّ ص 174 على أنَّ عدَّة الشهود في ذلك اليوم كانت ثلاثين، وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمعه كما مرَّ وصحَّحه، وتجده في تذكرة سبط ابن الجوزي ص 17، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 65، والسيرة الحلبيَّة 3 ص 302، وفي لفظ أبي نعيم «فضل بن دكين»: فقام ناسٌ كثيرٌ فشهدوا كما مرّ ص 174.

*(لفت نظر)*

وأنت جِدٌّ عليم بأنّ تاريخ هذه المناشدة وهو السنة الـ 35، الهجريَّة كان يبعد عن وقت صدور الحديث بما يربو على خمسة وعشرين عاماً، وفي خلال هذه المدَّة كان كثير من الصحابة الحضور يوم الغدير قد قضوا نحبهم؛ وآخرون قُتلوا في المغازي، وكثيرون منهم مبثوثين في البلاد، وكانت الكوفة بمنتئً عن مجتمع الصحابة «المدينة المنوَّرة» ولم يك فيها إلّا شراذم منهم تبعوا الحقَّ فهاجروا إليها في العهد العلوي، وكانت هذه القصَّة من ولائد الإتفاق من غير أيَّة سابقة لها حتى تقصدها القاصدون فتكثر الشهود، وتتوفّر الرواة، وكان في الحاضرين من يُخفي شهادته حنقاً أو سفهاً كما مرَّت الإشارة إليه في غير واحد من الأحاديث وسيمرُّ عليك التفصيل، وقد بلغ

_____________________

1 - الذين وجههم عمر إلى الكوفة مع عمار بن ياسر.

١٨٥

مَن رواه والحال هذه هذا العدد الجمّ فكيف به؟ لو تُزاح عنه تلكم الحواجز، فبذلك كلِّه تعلم مقدار شهرة الحديث وتواتره في هاتيك العصور المتقادمة.

وأمّا اختلاف عدد الشهود في الأحاديث فيحمل على أنَّ كلاً من الرواة ذكر مَن عرفه أو التفت إليه، أو من كان إلى جنبه، أو أنَّه ذكر مَن كان في جانبي المنبر، أو في أحدهما ولم يتلفت إلى غيرهم، أو أنَّه ذكر مَن كان بدريّاً، أو أراد مَن كان من الأنصار، أو أنّه لَمّا علت عقيرة القوم بالشهادة وشخصت الأبصار والأسماع للتلقي ووقعت اللَّجبة كما هو طبع الحال في أمثاله من المجتمعات ذهل بعضٌ عن بعض، وآخر عن آخرين، فنقل كلٌّ مَن يضبطه من الرجال.

4 - مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام

يوم الجمل سنة 36 على طلحة

أخرج الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم في المستدرك 3 ص 371 عن الوليد وأبي بكر بن قريش قالا: ثنا الحسن بن سفيان: ثنا محمد بن عبدة: ثنا الحسن بن الحسين(1) ثنا رفاعة بن إياس الضبّي عن أبيه عن جدِّه(2) قال: كنّا مع عليّ يوم الجمل فبعث إلى طلحة بن عبيد الله أن القني فأتاه طلحة فقال: نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه؟ قال: نعم. قال: فلِمَ تقاتلني؟ قال: لم أذكر. قال: فانصرف طلحة.

ورواه المسعودي في مروج الذهب 2 ص 11 ولفظه: ثمّ نادى عليٌّ رضي الله عنه طلحة حين رجع الزبير يا أبا محمد مَا الذي أخرجك؟ قال: الطلب بدم عثمان. قال عليٌّ: قتل الله أولانا بدم عثمان، أما سمعت رسول الله يقول: أللهمَ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه؟ وأنت أوَّل مَن بايعني ثم نكثت وقد قال الله عزَّ وجلَّ: ومَن نكث فإنّما ينكث على نفسه. فقال: أستغفر الله، ثمّ رجع.

_____________________

1 - كذا في النسخ والصحيح بمكان رفاعة: حسين بن حسن الأشقر المترجم ص 83.

2 - هو نذير (بالتصغير) الضبي الكوفي من كبار التابعين، وحفيد رفاعة المذكور ثقة كما في التقريب توفي بعد 180.

١٨٦

ورواه الخطيب الخوارزمي الحنفي في المناقب ص 112 بإسناده من طريق الحافظ أبي عبد الله الحاكم عن رفاعة عن أبيه عن جدِّه قال: كنّا مع عليٍّ يوم الجمل فبعث إلى طلحة بن عبيد الله التميمي فأتاه فقال: أنشدتك الله هل سمعت رسول الله يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، واخذل مَن خذله، وانصر مَن نصره؟ قال: نعم. قال: فلِمَ تقاتلني؟ قال: نسيت ولم أذكر. قال: فانصرف طلحة ولم يردّ جواباً.

ورواه الحافظ الكبير ابن عساكر في تاريخ الشام 7 ص 83، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ص 42، والحافظ أبو بكر الهيثميُّ في مجمع الزوائد 9 ص 107 من طريق البزّار، وابن حجر في تهذيبه 1 ص 391 بإسناده من طريق النسائي، والسيوطيُّ في جمع الجوامع كما في كنز العمال 6 ص 83 قريباً من لفظ الخوارزمي من طريق ابن عساكر، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف السنوسي في شرح مسلم 6 ص 236، وأبو عبد الله محمد بن خليفة الوشتاني المالكي في شرح مسلم 6 ص 236، والشيخ إبراهيم الوصّابي في الإكتفاء من طريق ابن عساكر.

5 - حديث الركبان

في الكوفة سنة 36 - 37 هـ

أخرج إمام الحنابلة أحمد بن حنبل عن يحيي بن آدم عن حَنش بن الحارث بن لقيط النخعيِّ الأشجعيِّ عن رياح (بالمثنّاة) بن الحارث(1) قال: جاء رهطٌ إلى عليٍّ بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا؟ قال: وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خمّ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قال رياح: فلمّا مضوا تبعتهم فسألتُ مَن هؤلاء؟ قالوا: نفرٌ من الأنصار فيهم: أبو أيّوب الأنصاري.

وبإسناده عن رياح قال: رأيت قوماً من الأنصار قدموا على عليٍّ في الرحبة فقال:

_____________________

1 - رجال الحديث من طريق أحمد وابن أبي شيبة والهيثمي وابن ديزيل كلهم ثقات كما مرّت تراجمهم في التابعين وطبقات العلماء.

١٨٧

مَن القوم؟ فقالوا: مواليك يا أمير المؤمنين؟ الحديث. وعنه قال: بينما عليٌّ جالسٌ إذ جاء رجلٌ فدخل، عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي؟ قال: مَن هذا؟ قال: أبو أيّوب الأنصاري. فقال عليٌّ: أفرجوا له ففرَّجوا فقال أبو أيّوب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه.

وقال إبراهيم بن الحسين(1) بن علي الكسائي المعروف بابن ديزيل (المترجم ص 97) في كتاب صفّين(2) حدّثنا يحيى بن سليمان (الجعفي) قال: حدّثنا ابن فضيل (محمد الكوفي) قال: حدّثنا الحسن بن الحكم النخعي عن رياح بن الحارث النخعي قال: كنت جالساً عند عليّ عليه السلام إذ قدم عليه قومٌ متلثِّمون فقالوا: السلام عليك يا مولانا؟ فقال لهم: أوَ لستم قوماً عرُباً؟ قالوا: بلى. ولكنّا: سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله يقوم يوم غدير خمّ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله. فقال: لقد رأيت عليّاً عليه السلام ضحك حتى بدت نواجذه ثمَّ قال: اشهدوا. ثمَّ إنَّ القوم مضوا إلى رحالهم فتبعتهم فقلت لرجل منهم: من القوم؟ قالوا: نحن رهطٌ مَن الأنصار، وذلك يعنون رجلاً منهم: أبو أيّوب صاحب منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال: فأتيته وصافحته.

وروى الحافظ أبو بكر ابن مردويه (كما في كشف الغمّة ص 93) عن رياح بن الحارث قال. كنت في الرحبة مع أمير المؤمنين إذ أقبل ركبٌ يسيرٌ حتى أناخوا بالرحبة ثمّ أقبلوا يمشون حتى أتوا عليّاً عليه السلام فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ ورحمة الله وبركاته، قال: مَن القوم؟ قالوا: مواليك يا أمير المؤمنين؟ قال: فنظرت إليه وهو يضحك ويقول: مِن أين وأنتم قومٌ عُرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خمّ وهو آخذٌ بعضدك: أيّها الناس؟ ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. فقال، إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وعليٌّ مولى مَن كنت مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فقال: أنتم تقولون ذلك؟ قالوا: نعم. قال: وتشهدون

_____________________

1 - في النسخ. الحسن وهو تصحيف.

2 - كما في شرح نهج البلاغة 1 ص 289، قال ابن كثير في تاريخه 11 ص 71: كتاب ابن ديزيل في وقعة صفين مجلد كبير.

١٨٨

عليه؟ قالوا: نعم. قال: صدقتم. فانطلق القوم وتبعتهم فقلت لرجل منهم: مَن أنتم يا عبد الله؟ قالوا: نحن رهطٌ من الأنصار وهذا أبو أيّوب صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فسلّمت عليه وصافحته.

وروى عن حبيب بن يسار عن أبي رميلة إنّ ركباً أربعة أتوا عليّاً عليه السلام حتى أناخوا بالرحبة ثمّ أقبلوا إليه فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ ورحمة الله وبركاته. قال: وعليكم السّلام أنّى أقبل الركب؟ قالوا: أقبل مواليك من أرض كذا وكذا. قال أنّى أنتم مواليّ؟ قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه.

وروى ابن الأثير في أُسد الغابة 1 ص 368 عن كتاب الموالاة لابن عقدة بإسناده عن أبي مريم زرّ بن حُبيش قال: خرج عليٌّ من القصر فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف فقالوا: السَّلام عليك يا أمير المؤمنين؟ السَّلام عليك يا مولانا؟ ورحمة الله وبركاته فقال عليٌّ عليه السلام: مَن ههنا مِن أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فقام اثنى عشر منهم: قيس بن ثابت بن شماس، وهاشم بن عتبة، وحبيب بن بديل بن ورقاء، فشهدوا أنَّهم سمعوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. وأخرجه أبو موسى «المديني».

ورواه عن كتاب الموالاة لابن عقدة ابن حجر في الإصابة 1 ص 305 وأسقط صدره إلى قوله: «فقال عليٌّ» ولم يذكر من الشهود هاشم بن عتبة، جرياً على عادته بتنقيص فضايل آل الله.

وروى محبُّ الدين الطبري في الرياض النضرة 2 ص 169 من طريق أحمد بلفظه الأوّل، وعن معجم الحافظ البغوي أبي القاسم بلفظ أحمد الثاني، وابن كثير في تاريخه 5 ص 212 عن أحمد بطريقيه ولفظيه الأوّلين، وفي ج 7 ص 347 عن أحمد بلفظه الأوَّل، وقال في ص 348: قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شريك عن حنش عن رياح بن الحارث قال: بينا نحن جلوسٌ في الرحبة مع عليّ إذ جاء رجلٌ عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي؟ قالوا: مَن هذا؟ فقال أبو أيّوب: سمعت رسول الله يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه.

ورواه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد 9 ص 104 بلفظ أحمد الأوَّل ثمّ قال:

١٨٩

رواه أحمد والطبراني إلّا أنّه قال: قالوا: سمعنا رسول صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وهذا أبو أيّوب بيننا. فحسر أبو أيّوب العمامة عن وجهه ثمّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. ورجال أحمد ثقاتٌ. ا هـ.

وقال جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي في كتابه: (الأربعين في مناقب أمير المؤمنين) عند ذكر حديث الغدير: ورواه زِرّ بن حُبيش فقال: خرج عليٌّ بن القصر فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف عليهم العمايم حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا؟ فقال عليٌّ بعد ما ردّ السلام: مَن ههنا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقام اثنا عشر رجلاً منهم خالد بن زيد أبو أيّوب الأنصاري، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن ثابت بن شماس، وعمّار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وحبيب بن بديل بن ورقاء فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله يوم غدير خمّ يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. الحديث. فقال عليٌّ لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم؟ فقال: أللهمّ إن كانا كتماها معاندةً فأبلهما. فأمّا البراء فعمي فكان يسأل عن منزله فيقول: كيف يرشد من أدركته الدعوة؟ وأمّا أنس فقد برصت قدماه. وقيل: لَمّا استشهد عليٌّ عليه السلام قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ اعتذر بالنسيان. فقال: أللهمّ إن كان كاذباً فاضربه ببياض لا تواريه العمامة. فبرص وجهه فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه. ع 1 ص 211 وج 2 ص 137.

وقال أبو عمرو الكشي في فهرسته ص 30: فيما روي من جهة العامَّة، روى عبد الله بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو مريم الأنصاري عن المنهال بن عمرو عن زرّ بن حُبيش قال: خرج عليُّ بن أبي طالب عليه السلام من القصر فاستقبله ركبان متقلّدون بالسيوف عليهم العمايم فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا؟ فقال عليٌّ: مَن ههنا مِن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ فقام خالد بن زيد أبو أيّوب، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء، فشهدوا جميعاً أنهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول يوم غدير خمّ: مَن كنت

١٩٠

مولاه فعليٌّ مولاه. فقال عليٌّ عليه السلام لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم؟ ثمّ قال: اللهمّ إن كانا كتماها معاندةً فابتلهما. فعمي البراء بن عازب وبرص قدما أنس بن مالك، فحلف أنس بن مالك أن لا يكتم منقبةً لعليِّ بن أبي طالب ولا فضلاً أبداً، أمّا البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال: هو في موضع كذا وكذا. فيقول: كيف يُرشد من أصابته الدعوة؟.

وهناك غير واحد من محدّثي المتأخِّرين ذكروا هذه الإثارة لا نطيل بذكرهم المقال.

(أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه السلام)

بحديث الغدير يوم الركبان حسب ما مرَّ من الأحاديث

1 - أبو الهيثم بن التيهان «بدريٌّ».

2 - أبو أيّوب خالد بن زيد الأنصاريُّ.

3 - حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعيُّ.

4 - خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الشهيد بصفّين «بدريٌّ».

5 - عبد الله بن بديل بن ورقاء الشهيد بصفّين.

6 - عمّار بن ياسر قتيل الفئة الباغية بصفّين «بدريٌّ».

7 - قيس بن ثابت بن شماس الأنصاريُّ.

8 - قيس بن سعد بن عبادة الخزرجيُّ «بدريٌّ».

9 - هاشم المرقال بن عتبة صاحب راية عليٍّ والشهيد بصفّين.

(من أصابته الدعوة)

بإخفاء حديث الغدير.

قد مرَّ الإيعاز في غير واحد من أحاديث المناشدة يومي الرحبة والركبان إلى أنَّ قوماً من أصحاب النبيِّ صلّى الله عليه وآله الحضور في يوم غدير خمّ قد كتموا شهادتهم لأمير المؤمنين عليه السلام بالحديث فدعا عليهم فأخذتهم الدعوة، كما وقع النصُّ بذلك في غير واحد من المعاجم، والقوم هم:

١٩١

1 - أبو حمزة أنس بن مالك المتوفّى 90 / 1 / 3.

2 - براء بن عازب الأنصاريُّ المتوفّى 71 / 2.

3 - جرير بن عبد الله البجليُّ المتوفّى 51 / 54.

4 - زيد بن أرقم الخزرجيُّ 66 / 8.

5 - عبد الرحمن بن مدلج.

6 - يزيد بن وديعة.

(نظرة في حديث إصابة الدعوة)

رُبما يقف في صدر القارئ الإختلاف بين الأحاديث الناصَّة بأنَّ أنساً قد أصابته الدعوة بكتمان الشهادة، وما جاء موهماً بشهادته، لكن: عرفتَ أنّ الفريق الأخير منهما محرَّف المتن فيه تصحيفٌ، وعلى تقدير سلامته لا يقاوم الأوَّل كثرةً وصحَّةً وصراحةً، مع ما هناك من نصوص أُخرى غير ما ذكر. منها:

قال أبو محمد ابن قتيبة (المترجم ص 96) في المعارف ص 251: أنس بن مالك كان بوجهه برصٌ وذكر قومٌ: إنَّ عليّاً رضي الله عنه سأله عن قول رسول الله: أللهم وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فقال: كبرت سنِّي ونسيت، فقال عليٌّ: إن كنت كاذباً فضربك الله بيضاء لا تواريها العمامة.

* (قال الأميني): * هذا نصُّ ابن قتيبة في الكتاب وهو الذي اعتمد عليه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 ص 388 حيث قال: قد ذكر ابن قتيبة حديث البرص والدعوة التي دعا بها أمير المؤمنين عليه السلام على أنس بن مالك في كتاب المعارف في باب البرص من أعيان الرجال وابن قتيبة غير متَّهم في حقِّ عليّ عليه السلام على المشهور من انحرافه عنه. ا هـ. وهو يكشف عن جزمه بصحَّة العبارة وتطابق النسخ على ذلك كما يظهر من غيره أيضاً ممن نقل هذه الكلمة عن كتاب المعارف لكن: اليد الأمينة على ودايع العلماء في كتبهم في المطابع المصريَّة دسَّت في الكتاب ما ليس منه فزادت بعد القصَّة ما لفظه: قال أبو محمد: ليس لهذا أصلٌ. ذهولا عن أنَّ سياق الكتاب يُعرب عن هذه الجناية، ويأبى هذه الزيادة إذ المؤلِّف يذكر فيه من مصاديق كلِّ موضوع

١٩٢

ما هو المسلّم عنده. ولا يوجد من أول الكتاب إلى آخره حكمٌ في موضوع بنفي شيء من مصاديقه بعد ذكره إلّا هذه فأوَّل رجل يذكره في عدِّ مَن كان عليه البرص هو أنس ثمّ يعدُّ مَن دونه، فهل يُمكن أن يذكر مؤلِّفٌ في إثبات ما يرتأيه مصداقاً ثم ينكره بقوله لا أصل له؟ وليس هذا التحريف في كتاب المعارف بأوَّل في بابه فسيوافيك في المناشدة الرابعة عشر حذفها منه، وقد وجدنا في ترجمة المهلب بن أبي صفرة من تاريخ ابن خلكان 2 ص 273 نقلاً عن المعارف ما حذفته المطابع.

وقال أحمد بن جابر البلاذري المتوفّى 379 في الجزء الأوَّل من أنساب الأشراف: قال عليٌّ على المنبر: اُنشد الله رجلاً سمع رسول الله يقول يوم غدير خمّ: أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، إلّا قام وشهد؟ وتحت المنبر أنس بن مالك، والبراء بن عازب، وجرير بن عبد الله البجلي، فأعادها فلم يجبه أحد فقال: أللهمّ مَن كتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تُخرجه من الدنيا حتى تجعل به آية يُعرف بها. قال: فبرص أنس، وعمي البراء، ورجع جرير أعرابيّاً بعد هجرته فأتى الشراة فمات في بيت أُمِّه. وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 ص 488: المشهور أنَّ عليّاً عليه السلام ناشد الناس في الرحبة بالكوفة فقال: أُنشدكم الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي وهو منصرفٌ من حجَّة الوداع: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه؟ فقام رجالٌ فشهدوا بذلك. فقال عليه السلام لأنس بن مالك: ولقد حضرتَها فمالك؟ فقال: يا أمير المؤمنين؟ كبرت سنّي وصار ما أنساه أكثر ممّا أذكره فقال له: إن كنتَ كاذباً فضربك الله بها بيضاء لا تواريها العمامة. فما مات حتى أصابه البرص.

وقال في ج 1 ص 361: وذكر جماعة من شيوخنا البغداديّين إنَّ عدَّةً من الصحابة والتابعين والمحدِّثين كانوا منحرفين من عليّ عليه السلام قائلين فيه السوء ومنهم مَن كتم مناقبه وأعان أعدائه ميلاً مع الدنيا وإيثاراً للعاجلة، فمنهم: أنس بن مالك ناشد عليٌّ عليه السلام في رحبة القصر أو قالوا برحبة الجامع بالكوفة: أيّكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بها وأنس بن مالك في القوم لم يقم. فقال له: يا أنس؟ ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها فقال: يا أمير المؤمنين؟ كبرت ونسيت. فقال: أللهمَّ إن كان كاذباً فارمه بيضاء لا تواريها

١٩٣

العمامة. قال طلحة بن عُمير: فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه، وروى عثمان بن مطرف: إنَّ رجلاً سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن عليِّ بن أبي طالب؟ فقال: إني آليتُ أن لا أكتم حديثاً سُألت عنه في عليٍّ بعد يوم الرحبة، ذاك رأس المتَّقين يوم القيامة، سمعته والله من نبيِّكم.

وفي تاريخ ابن عساكر 3 ص 150: قال أحمد بن صالح العجلي: لم يبتل أحد من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلّا رجلين مُعيقيب(1) كان به داء الجذام، وأنس بن مالك كان به وضحٌ يعني البرص، وقال أبو جعفر: رأيت أنساً يأكل فرأيته يلقم لقماً كباراً ورأيت به وضحاً وكان يتخلّق بالخلوق. وقول العجلي المذكور حكاه أبو الحجّاج المزّي في تهذيبه كما في خلاصة الخزرجي ص 35 وقد نظم السيِّد الحميري(2) إصابة الدعوة عليه في لاميَّته الآتية بقوله:

في ردّه سيِّد كلِّ الورى

مولا همُ في المحكم المنزلِ

فصدَّه ذو العرش عن رُشده

وشأنه بالبرص الأنكلِ

وقال الزاهي(3) في قصيدته التي تأتي:

ذاك الذي استوحش منه أنس

أن يشهد الحق فشاهد البرصْ

إذ قال: مَن يشهد بالغدير لي؟

فبادر السامعُ وهو قد نكص

فقال: أنسيت. فقال: كاذبٌ

سوف ترى ما لا تواريه القمصْ

وهناك حديثٌ مجملٌ أحسبه إجمال هذا التفصيل، أخرج الخوارزمي من طريق الحافظ ابن مردويه في مناقبه عن زاذان أبي عمرو: إنَّ عليّاً سأل رجلاً في الرحبة من حديث فكذَّبه، فقال عليٌّ: إنَّك قد كذَّبتني، فقال: ما كذَّبتك. فقال: أدعو الله عليك إن كنت كذَّبتني أن يعمي بصرك، قال: اُدع الله. فدعا عليه فلم يخرج من الرحبة حتى قبض بصره.

_____________________

1 - معيقيب (مصغرا) هو ابن أبي فاطمة الدوسي الأزدي من أمناء عمر بن الخطاب على بيت المال، ترجمه ابن قتيبة في المعارف ص 137.

2 - أحد شعراء الغدير في القرن الثاني يأتي هناك شعره وترجمته.

3 - أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته.

١٩٤

ورواه خواجة پارسا في فصل الخطاب من طريق الإمام المستغفري(1) وكذلك نور الدّين عبد الرحمن الجامي عن المستغفري، وعدَّه ابن حجر في الصواعق ص 77 من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام، ورواه الوصّابي في محكيِّ الإكتفاء عن زاذان من طريق الحافظ عمر بن محمد الملائي في سيرته وجمع آخرون.

6 - مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام

يوم صفين سنة 37

قال أبو صادق سليم بن قيس الهلالي التابعي الكبير في كتابه(2) : صعد عليٌّ عليه السلام المنبر (في صفّين) في عسكره وجمع الناس ومَن بحضرته من النواحي والمهاجرين والأنصار، ثمَّ حمد الله وأثنى عليه ثمَ قال: معاشر الناس؟ إنّ مناقبي أكثر من أن تُحصى وبعد ما أنزل الله في كتابه من ذلك وما قال رسول صلّى الله عليه وآله، أكتفي بها عن جميع مناقبي وفضلي، أتعلمون أنَّ الله فضَّل في كتابه السابق على المسبوق وأنَّه

_____________________

1 - جعفر بن محمد النسفي المستغفري المولود 350 والمتوفّى 432 صاحب التآليف القيمة ترجمه الذهبي في تذكرته 3 ص 300.

2 - كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدّثي الفريقين وحملة التاريخ، قال ابن النديم في الفهرست ص 307: (إن سليماً) لما حضرته الوفاة قال لأبان: إن لك علي حقاً وقد حضرتني الوفاة يا بن أخي؟ إنه كان من أمر رسول الله كيت وكيت. وأعطاه كتاباً وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي المشهور، إلى أن قال: وأول كتاب ظهر للشيعة كتاب سليم. وفي التنبيه والاشراف للمسعودي ص 198 ما نصه: والقطعية بالإمامة الاثنا عشرية منهم الذين أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه. وقال السبكي في محاسن الرسائل في معرفة الأوائل. إن أول كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم. واللام في كلام ابن النديم والسبكي للمنفعة فمفادها أنهم كانوا يحتجّون به فيخصمون المجادل لاقتناعه بما فيه ثقة بأمانة سليم في النقل لا محض أن الشيعة تقتنع بما فيه وهو الذي يعطيه كلام المسعودي حيث أسند احتجاج الإمامية الاثنى عشرية في حصر العدد بما فيه، فإن الاقتناع بمجرده غير مجد في عصور قام الحجاج فيها على أشدها، ولذلك أسند إليه وروى عنه غير واحد من أعلام العامة منهم الحاكم الحسكاني (المترجم ص 112) في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: والإمام الحمويني (المترجم ص 123) في فرايد السمطين، والسيد ابن شهاب الهمداني (المذكور ص 127) في مودة القربى، والقندوزي الحنفي (المترجم ص 147) في ينابيع المودّة، وغيرهم وحول الكتاب كلمات درية أفردناها في رسالة، وإنما ذكرنا هذا الاجمال لتعلم أن التعويل على الكتاب مما تسالم عليه الفريقان، وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا.

١٩٥

لم يسبقني إلى الله ورسوله أحد من الأُمَّة، قالوا: نعم، قال: أُنشدكم الله سُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن قوله: السابقون السابقون أولئك المقرّبون. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنزلها الله في الأنبياء وأوصيائهم وأنا أفضل أنبياء الله ورسله ووصيّي عليُّ بن أبي طالب أفضل الأوصياء؟ فقام نحو من سبعين بدريّاً جُلّهم من الأنصار وبقيَّتهم من المهاجرين منهم: أبو الهيثم بن التيهان، وخالد بن زيد أبو أيّوب الأنصاري، وفي المهاجرين عمّار بن ياسر، فقالوا: نشهد أنّا قد سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله قال ذلك. قال: فأُنشدكم بالله؟ في قول الله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) . وقوله:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) . الآية. ثمّ قال: ولم يتَّخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة. فقال الناس: يا رسول الله؟ أخاصٌّ لبعض المؤمنين؟ أم عامٌّ لجميعهم؟ فأمر الله عزَّ وجلَّ رسوله أن يعلمهم وأن يُفسِّر لهم من الولاية ما فسَّر لهم من صلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجِّهم، فنصبني بغدير خمّ وقال: إنَّ الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أنَّ الناس مكذِّبي فأوعدني لأُبلِّغها أو يعذِّبني، قم يا عليُّ؟ ثمّ نادى بالصلاة جامعةً فصلّى بهم الظهر ثمّ قال: أيّها الناس؟ إنَّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم، مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصره مَن نصره، واخذل مَن خذله. فقام عليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله؟ ولاءٌ كماذا؟ فقال: ولاءٌ كولاي مَن كنت أولى به من نفسه، فعليٌّ أولى به من نفسه، وأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) . (إلى أن قال): فقام اثنا عشر رجلاً من البدريّين فقالوا: نشهد إنّا سمعنا ذلك من رسول الله كما قلت. الحديث وهو طويلٌ وفيه فوائد جمَّة.

7 - (احتجاج الصدّيقة فاطمة)

بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله

قال شمس الدين أبو الخير الجزريُّ الدمشقيُّ المقريُّ الشافعيُّ (المترجم ص 129)

١٩٦

في كتابه أسنى المطالب في مناقب عليِّ بن أبي طالب(1) : وألطف طريق وقع لهذا الحديث «يعني حديث الغدير» وأغربه ما حدَّثنا به شيخنا خاتمة الحفّاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحبّ المقدسي مشافهةً، أخبرتنا الشيخة أُمُّ محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، عن أبي المظفَّر محمد بن فتيان بن المثنّى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عمَّة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقرائتي عليه، أخبرنا ظفر بن داعي العلويّ باستراباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا: حدَّثنا أبو سعيد الإدريسي: إجازةً فيما أخرجه في تاريخ استرآباد، حدَّثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هرون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلّا عنه، حدَّثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدَّثنا عليُّ بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدَّثنا بكر بن أحمد القصري، حدَثتنا فاطمة وزينب وأُم كلثوم بنات موسى بن جعفر (ع) قلن حدّثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق حدَّثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدَّثتني فاطمة بنت عليِّ بن الحسين. حدَّثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن عليٍّ عن أُمّ كلثوم بنت فاطمة بنت النبيِّ عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت: أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ، مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه؟ وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام؟ وهكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسلٌ من وجه وهو إنَّ كلَّ واحدة من الفواطم تروي عن عمَّة لها فهو رواية خمس بنات أخ كلّ واحدة منهنَّ عن عمَّتها.

8 - (احتجاج الإمام السبط)

أبي محمد الحسن عليه السلام سنة 41

أخرج الحافظ الكبير أبو العباس ابن عقدة أنّ الحسن بن عليٍّ عليهما السلام لـمّا أجمع على صلح معاوية قام خطيباً وحمد الله وأثنى عليه وذكر جدَّه المصطفى بالرسالة والنبوَّة ثمّ قال: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام واختارنا واصطفانا وأذهب

_____________________

1 - ذكره له السخاوي في الضوء اللامع 9 ص 256، والشوكاني في البدر الطالع 2 ص 297.

١٩٧

عنَّا الرجس وطهِّرنا تطهيرا، لم تفترق الناس فرقتين إلّا جعلنا الله في خيرهما من آدم إلى جدّي محمد. فلمّا بعث الله محمداً للنبوَّة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه ثمّ أمره بالدعاء إلى الله عزَّ وجلَّ فكان أبي أولَّ من استجاب لله ولرسوله، وأولَّ مَن آمن وصدَّق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله في كتابه المنزل على نبيِّه المرسل:( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) . فجدّي الّذي على بيِّنة من ربِّه وأبي الذي يتلوه وهو شاهدٌ منهٌ «إلى أن قال»: وقد سمعت هذه الأُمّة جدّي صلى الله عليه وسلم يقول: ما ولَّت أُمّة أمرها رجلاً وفيهم مَن هو أعلم منه إلّا لم يزل يذهب أمرهم سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوه. وسمعوه يقول لأبي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدي. وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خمّ وقال لهم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. ثمَّ أمرهم أن يبلّغ الشاهد الغايب. وذكر شطراً من هذه الخطبة القندوزي الحنفي في (ينابيع المودّة ص 482) وفيه الحجاج بحديث الغدير.

9 - (مناشدة الإمام السبط)

الحسين عليه السلام بحديث الغدير سنة 58 / 9

ذكر التابعيُّ الكبير أبو صادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه جملاً ضافية حول شدَّة نكير معاوية بن أبي سفيان على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ومواليه بعد شهادته ثمّ قال.

فلمّا كان قبل موت معاوية بسنتين(1) حجّ الحسين بن علي عليه السلام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، فجمع الحسين عليه السلام بني هاشم رجالهم ونسائهم ومواليهم وشيعتهم مَن حجّ منهم ومن لم يحجّ ومِن الأنصار ممّن يعرف الحسين وأهل بيته ثمَّ لم يترك أحداً حجّ ذلك العام من أصحاب رسول الله ومن التابعين من الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلّا جمعهم واجتمع عليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه عامَّتهم من التابعين ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبيِّ فقام

_____________________

1 - في بعض النسخ: بسنة.

١٩٨

فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:

أمّا بعد: فإنَّ هذا الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما علمتم ورأيتم وشهدتم وبلغكم وإنّي أُريد أن أسألكم عن شيءٍ فإن صدقت فصدِّقوني وإن كذبت فكذِّبوني واسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثمّ أرجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ومن ائتمنتموه من الناس ووثقتم به فادعوه إلى ما تعلمون من حقِّنا فإنّا خاف أن يدرس هذا الحق ويذهب ويغلب والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون، وما ترك شيئاً ممّا أنزل الله في القرآن فيهم إلّا تلاه وفسَّره ولا شيئاً ممّا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبيه وأُمِّه ونفسه وأهل بيته إلّا رواه وكلُّ ذلك يقولون: أللهمَّ نعم قد سمعنا وشهدنا. ويقول التابعون: أللهمّ نعم قد حدَّثني به من أُصدّقه وآتمنه من الصحابة - إلى أن قال -: قال (ع): أُنشدكم الله أتعلمون أنَّ رسول الله نصبه يوم غدير خمّ فنادى له بالولاية وقال: ليبلغَّ الشاهد الغايب؟ قالوا: أللهمَّ نعم. الحديث وفيه طُرفٌ ممّا تواترت أسانيده من فضايل أمير المؤمنين عليه السلام، فراجع.

10 (احتجاج عبد الله بن جعفر)

على معاوية بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام

قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين عليهما السلام وعنده عبد الله بن العباس والفضل بن عبّاس فالتفت إليَّ معاوية فقال: يا عبد الله؟ ما أشدَّ تعظميك للحسن والحسين؟ وما هما بخير منك ولا أبوهما خيرٌ من أبيك، ولولا أنَّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت: ما أُمّك أسماء بنت عميس بدونها فقلت: والله إنَّك لقليل العلم بهما وبأبيهما وبأمِّهما بل والله لهما خيرٌ منّي وأبوهما خيرٌ من أبي وأمّهما خيرٌ من أُمّي، يا معاوية؟ إنَّك لغافلٌ عمّا سمعته أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهما وفي أبيهما وأُمّهما قد حفظته ووعيته ورويته قال: هات يا بن جعفر؟ فوالله ما أنت بكذّاب ولا متَّهم، فقلت: إنَّه أعظم ممّا في نفسك، قال: وإن كان أعظم من أُحد وحِراء «بكسر المهملة» جميعاً فلست أُبالي إذا قتل الله صاحبك، وفرَّق جمعكم وصار الأمر في أهله، فحدِّثنا فما نبالي بما قلتم ولا يضرُّنا ما عددتم، قلت: سمعت

١٩٩

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سُئل عن هذه الآية، وَما جَعلنا الرُّؤيا الَتي أريناكَ إلّا فتنةً لِلناسِ والشَّجرةَ الملعونةَ في القرآنِ. فقال: إنّي رأيت اثني عشر رجلاً من أئمّة الضلالة يصعدون منبري، وينزلون، يردّون أمَّتي على أدبارهم القهقرى - وسمعته يقول: إنَّ بني أبي العاص إذا بلغوا خمسة عشر رجلاً جعلوا كتاب الله دخلاً، وعباد الله خولاً، ومال الله دولاً.

يا معاوية؟ إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وأنا بين يديه وعمر بن أبي سلمة، وأُسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد، والزبير بن العوام، وهو يقول: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقلنا: بلى. يا رسول الله، قال: أليس أزواجي أُمَّهاتكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله؟ قال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أولى به من نفسه. وضرب بيده على منكب عليٍّ فقال: أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، أيّها الناس؟ أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معي أمر، وعليٌّ من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر، ثمَّ ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر، ثمّ عاد فقال: أيّها الناس؟ إذا أنا استشهدت فعليّ أولى بكم من أنفسكم، فإذا استشهد عليٌّ فإبني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، وإذا استشهد الحسن فإبني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم [ إلى أن قال ]: فقال معاوية يا بن جعفر؟ لقد تكلّمت بعظيم ولئن كان ما تقول حقّاً لقد هلكت أُمَّة محمد من المهاجرين والأنصار غيركم أهل البيت وأولياءكم وأنصاركم؟ فقلت: والله إنّ الّذي قلتُ حقٌّ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال معاوية: يا حسن ويا حسين ويا بن عبّاس ما يقول ابن جعفر؟ فقال ابن عباس: إن كنت لا تُؤمن بالذي قال فأرسل إلى الّذين سمّاهم فاسألهم عن ذلك. فأرسل معاوية إلى عمر بن أبي سلمة وإلى أُسامة بن زيد فسألهما فشهدا أنَّ الذي قال ابن جعفر قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعه «إلى أن قال من كلام ابن جعفر»: ونبيّنا صلى الله عليه وسلم قد نصب لأُمَّته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خمّ وفي غير موطن واحتجَّ عليهم به وأمرهم بطاعته وأخبرهم أنَّه منه بمنزلة هارون من موسى، وأنَّه وليُّ كلِّ مؤمن من بعده، وأنَّه كلّ مَن كان هو وليَّه فعليٌّ وليّه ومَن كان أولى به من نفسه فعليٌّ أولى به، وأنّه خليفته فيهم ووصيّه وأنَّ مَن أطاعه

٢٠٠