الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 93985
تحميل: 6187


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93985 / تحميل: 6187
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

42 - نور الدين السمهودي المدنيُّ الشافعيُّ المتوفّى 911 * رواه في كتابه [ وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ] 2 ص 173 نقلاً عن أحمد بطريقه عن البراء وزيد.

43 - أبو العباس شهاب الدين القسطلانيُّ المتوفّى 923 * قال في «المواهب اللدنيَّة» 2 ص 13 في معنى المولى: وقول عمر: أصبحت مولى كلِّ مؤمن، أي: وليُّ كلِّ مؤمن.

44 - السيِّد عبد الوهاب الحسينيُّ البخاريُّ المتوفّى 932 * مرّ لفظه ص 221.

45 - ابن حجر العسقلانيُّ الهيتميُّ المتوفّى 973 * قال في «الصواعق المحرقة» ص 26 في مفاد الحديث: سلَّمنا أنّه أولى لكن لا نسلِّم أنّ المراد أنّه أولى بالإمامة بل بالأتِّباع والقرب منه [إلى أن قال]: وهو الّذي فهمه(1) أبو بكر وعمر وناهيك بهما من الحديث فإنّهما لَمّا سمعاه قالا له: أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.

46 - السيِّد عليّ بن شهاب الدين الهمدانيُّ * رواه في مودَّة القربى بلفظ البراء.

47 - السيّد محمود الشيخانيُّ القادريُّ المدنيُّ * قال في كتابه [ الصراط السويِّ في مناقب آل النبيِّ ]: أخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنّا مع رسول الله في حجّة الوداع. إلى آخر اللفظ المذكور عنهما ثمّ قال: قال الحافظ الذهبي: هذا حديثٌ حسنٌ إتَّفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنَّة. ا هـ. ثمَّ قال في بيان ما هو الصحيح من خطبة الغدير:

والصحيح ممّا ذكرنا أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ألست أولى بكلِّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإنَّ هذا مولى مَن كنت مولاه، أللهمّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة. إنتهى ما هو الصحيح والحسان وليس في ذلك من مخترعات المدَّعي ومفترياته... إلخ. يأتي تمام كلامه في الكلمات حول سند الحديث.

48 - شمس الدين المناويُّ الشافعيُّ المتوفّى 1031 * قال في [ فيض القدير ] 6 ص 218: لَمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك (حديث الولاية) قالا فيما أخرجه الدارقطني

_____________________

1 - ستقف على حق القول في المفاد وأن الملاء الحضور ما فهم إلّا ما ترتأيه الإمامية.

٢٨١

عن سعد بن أبي وقاص: أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

49 - الشيخ أحمد باكثير المكيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1047 * رواه في [ وسيلة المآل في عدِّ مناقب الآل ] بلفظ البراء بن عازب.

50 - أبو عبد الله الزرقانيُّ المالكيُّ المتوفّى 1122 * قال في «شرح المواهب» 7 ص 13: روى الدارقطني عن سعد قال: لَمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا: أمسيت يا بن أبي طالب مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

51 - حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنپوري * ذكره في «مرافض الروافض» بلفظ مرّ ص 143.

52 - ميرزا محمد البدخشاني * ذكره في كتابيه [ مفتاح النجا في مناقب آل العبا ] و[ نزل الأبرار بما صحّ في أهل البيت الأطهار ] عن البراء وزيد من طريق أحمد.

53 - الشيخ محمد صدر العالم * ذكره في «معارج العلى في مناقب المرتضى» من طريق أحمد عن البراء وزيد.

54 - أبو وليّ الله أحمد العمريُّ الدهلويُّ المتوفّى 1176 * مرّ لفظه ص 144.

55 - السيّد محمد الصنعانيُّ المتوفّى 1182 * ذكر في [ الروضة النديَّة شرح التحفة العلويَّة ] عن محبُّ الدين الطبري ما أخرجه من طريق أحمد عن البراء.

56 - المولوي محمد مبين اللكهنويُّ * ذكره في «وسيلة النجاة» عن البراء وزيد.

57 - المولوي وليّ الله اللكهنويُّ * وذكره في [ مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيِّد المرسلين ] بلفظ أحمد ثمَّ قال: وفي رواية: بخ بخ لك يا عليُّ؟ أصبحت وأمسيت: إلخ.

58 - محمد محبوب العالم * ذكر في [ تفسير شاهي ] عن أبي سعيد الخدري ما مرّ في ص 221 بلفظ النيسابوري.

59 - السيِّد أحمد زيني دحلان المكيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1304 * قال في الفتوحات الإسلاميَّة 2 ص 306: وكان عمر رضي الله عنه يحبُّ عليّ بن أبي طالب وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء عنه في ذلك شيءٌ كثير فمن ذلك: أنّه لَمّا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: أمسيت يا بن

٢٨٢

أبي طالب؟ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

60 - الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي المدنيُّ المالكيُّ * ذكره [ في كفاية الطالب في حياة عليِّ بن أبي طالب ] ص 28 من طريق ابن السمّان عن البراء بن عازب، ومن طريق أحمد عن زيد بن أرقم باللفظ المذكور.

* (عودٌ إلى البدء) *

إنَّ هذه التهنئة المشفوعة بأمر من مصدر النبوَّة، والمصافقة بالبيعة المذكورة مع ابتهاج النبيِّ بها بقوله: الحمد لله الذي فضَّلنا على جميع العالمين. على ما عرفته من نزول الآية الكريمة في هذا اليوم المشهود الناصَّة بإكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربِّ فيما وقع فيه. وقد عرف ذلك طارق بن شهاب الكتابيُّ الذي حضر مجلس عمر بن الخطاب فقال: لو نزلت فينا هذه الآية(1) لإتَّخذنا يوم نزولها عيداً(2) ولم ينكرها عليه أحدٌ من الحضور، وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه. وذلك بعد نزول آية التبليغ وفيها ما يشبه التهديد إن تأخَّر عن تبليغ ذلك النصِّ الجليِّ حِذار بوادر الدهماء من الأُمّة.

كلُّ هذه لا محالة قد أكسب هذا اليوم منعةً وبذخاً ورفعةً وشموخاً، سرَّ موقعها صاحب الرسالة الخاتمة وأئمَّة الهدى ومن اقتصَّ أثرهم من المؤمنين، وهذا هو الذي نعنيه من التعيّد به، وقد نوَّه به رسول الله فيما رواه فرات بن إبراهيم الكوفي في القرن الثالث عن محمد بن ظهير عن عبد الله بن الفضل الهاشميِّ عن الإمام الصادق عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يوم غدير خمّ أفضل أعياد أُمَّتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتمَّ على أُمَّتي فيه النعمة، ورضي لهم الاسلام ديناً. كما

_____________________

1 - يعني قوله تعالى:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) . الآية. راجع ص 230 - 238.

2 - أخرجه الأئمة الخمسة: مسلم ومالك والبخاري والترمذي والنسائي كما في تيسير الوصول 1 ص 122، ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 3 ص 196، والطبري في تفسيره 6 ص 46، وابن كثير في تفسيره 2 ص 13 عن أحمد والبخاري. ورواه جمع آخر.

٢٨٣

يُعرب عنه قوله صلّى الله عليه وآله في حديث أخرجه الحافظ الخركوشيِّ كما مرَّ ص 274: هنِّئوني هنِّئوني.

واقتفى أثر النبيِّ الأعظم أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام نفسه فاتّخذه عيداً وخطب فيه سنة إتَّفق فيها الجمعة والغدير ومن خطبته قوله: إنّ الله عزَّ وجلَّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ولا يقوم أحدهما إلّا بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنعه، ويقفكم على طريق رشده، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويسلككم منهاج قصده، ويوفِّر عليكم هنيئ رفده، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله وذكرى للمؤمنين، وتبيان خشية المتَّقين، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله، وجعله لا يتمّ إلّا بالإيتمار لما أمر به، والانتهاء عمّا نهى عنه، والبخوع بطاعته فيما حثَّ عليه وندب إليه، فلا يُقبل توحيده إلّا بالاعتراف لنبيِّه صلّى الله عليه وآله بنبوته، ولا يقبل ديناً إلّا بولاية من أمر بولايته، ولا تنتظم أسباب طاعته إلّا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته، فأنزل على نبيِّه صلّى الله عليه وآله في يوم الدوح ما بيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه، وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم - إلى أن قال -:

عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، وبالبرِّ بإخوانكم، والشكر لله عزَّ وجلَّ على ما منحكم، وأجمعوا يجمع الله شملكم، وتبارّوا يصل الله أُلفتكم، وتهادوا نعمة الله كما منّكم بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله أو بعده إلّا في مثله، والبرّ فيه يثمر المال ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهيِّئوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من وجودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشر فيما بينكم والسرور في ملاقاتكم. الخطبة(1)

وعرفه أئمَّة العترة الطاهرة صلوات الله عليهم فسمّوه عيداً وأمروا بذلك عامّة المسلمين ونشروا فضل اليوم ومثوبة مَن عمل البرَّ فيه، ففي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي في سورة المائدة عن جعفر بن محمد الأزدي، عن محمد بن الحسين الصايغ، عن الحسن بن

_____________________

1 - ذكرها شيخ الطايفة بإسناده في مصباح المتهجد ص 524.

٢٨٤

علي الصيرفي، عن محمد البزّاز، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل على نبيِّه محمد:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) . قال قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: فقال لي: إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصيّة والإمامة من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيداً، وإنّه اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً للناس علماً وأنزل فيه ما أنزل، وكمل فيه الدين، وتمّت فيه النعمة على المؤمنين. قال: قلت وأيّ يوم هو في السنة؟ قال فقال لي: إنّ الأيَّام تتقدَّم وتتأخَّر وربما كان يوم السبت والأحد والإثنين إلى آخر الأيام السبعة(1) قال: قلت: فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له وسرور لما منَّ الله به عليكم من ولايتنا. فإنّي أُحبّ لكم أن تصوموه.

وفي الكافي لثقة الإسلام الكليني 1 ص 303 عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن؟ أعظمهما وأشرفهما، قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام علماً للناس، قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصوم يا حسن؟ وتكثر الصلاة على محمد وآله، وتبرأ إلى الله ممّن ظلمهم، فإنّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء اليوم الذي كان يُقام فيه الوصيُّ أن يتّخذ عيداً قال: قلت: فما لمن صامه؟ قال صيام ستّين شهراً(2)

وفي الكافي أيضاً 1 ص 204 عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل للمسلمين عيدٌ غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم أعظمها حرمةً، قلت: وأيّ عيد هو جعلت فداك؟ قال: اليوم الذي نصب فيه

_____________________

1 - الظاهر أن في لفظ الحديث سقطاً ولعله ما سيأتي في لفظ الكليني عن الإمام نفسه من تعيينه باليوم الثامن عشر من ذي الحجة.

2 - ستوافيك هذه المثوبة من رواية الحفاظ بإسناد رجاله كلهم ثقات).

٢٨٥

رسول الله صلّى الله عليه وآله أمير المؤمنين وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: وما تصنع باليوم إنّ السنة تدور ولكنه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة، فقلت: ما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون الله عزَّ ذكره فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمّد وآل محمد فإنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أوصى أمير المؤمنين عليه السلام أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً، وكذلك كانت الأنبياء تفعل كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيداً.

وبإسناده عن الحسين بن الحسن الحسيني، عن محمد بن موسى الهمدانيِّ، عن علي ابن حسان الواسطيِّ، عن علي بن الحسين العبديِّ قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صيام يوم غدير خمّ يعدل عند الله في كلّ عام مائة حجّة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات وهو عيد الله الأكبر. الحديث.

وفي (الخصال) لشيخنا الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: كم للمسلمين من عيد؟ فقال: أربعة أعياد قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجّة وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه للناس علماً قال قلت: ما يجب علينا في ذلك اليوم؟ قال: يجب(1) عليكم صيامه شكراً لله وحمداً له مع أنه أهلٌ أن يُشكر كلَّ ساعة، كذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يُقام فيه الوصيُّ ويتّخذونه عيداً. الحديث.

وفي (المصباح) لشيخ الطايفة الطوسي ص 513 عن داود الرقّي عن أبي هارون عمّار بن حريز العبدي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة فوجدته صائماً، فقال لي: هذا يومٌ عظيمٌ عظّم الله حرمته على المؤمنين وأكمل لهم فيه الدين، وتمّم عليهم النعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق فقيل له: ما ثواب صوم هذا اليوم؟ قال: إنّه يوم عيد وفرح وسرور ويوم صوم شكراً لله، وإنَّ صومه يعدل ستّين شهراً من أشهر الحرم. الحديث.

_____________________

1 - المراد بالوجوب هو الثبوت في السنة الشامل للندب أيضاً كما يكشف عنه التعبير بـ (ينبغي) في بقية الأحاديث وله في أحاديث الفقه نظاير جمة.

٢٨٦

وروى عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن أبي عبد الله عليه السلام إنّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته: أتعرفون يوماً شيّد الله به الإسلام، وأظهر به منار الدين، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا؟ فقالوا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، أيوم الفطر هو؟ يا سيّدنا؟ قال: لا. قالوا: أفيوم الأضحى هو؟ قال: لا، وهذان يومان جليلان شريفان ويوم منار الدين أشرف منهما، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة وأنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لَمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خمّ. الحديث.

وفي حديث الحميري بعد ذكر صلاة الشكر يوم الغدير وتقول في سجودك: أللهمّ إنّا نُفرِّج وجوهنا في يوم عيدنا الذي شرَّفتنا فيه بولاية مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلّى الله عليه.

وقال الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ التسعين: إنَّه شهد أبا الحسن عليَّ بن موسى الرضا عليه السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصّته قد احتبسهم للإفطار، وقد قدَّم إلى منازلهم الطعام والبرَّ والصَّلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته وجدّدت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه وهو يذكر فضل اليوم وقِدمه.

وفي مختصر بصائر الدرجات بالإسناد عن محمد بن العلاء الهمدانيِّ الواسطيِّ وويحيى بن جريح البغداديِّ قالا في حديث: قصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي صاحب الإمام أبي محمد العسكريِّ «المتوفّى 260» بمدينة قم وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبيَّة عراقية فسألناها عنه فقالت: هو مشغولٌ بعيده فإنّه يوم عيد، فقلنا: سبحان الله أعياد الشيعة أربعة: الأضحى والفطر والغدير والجمعة. الحديث.

* (ما عشتَ أراك الدهرُ عجباً) *

إلى هنا أوقفك البحث والتنقيب على حقيقة هذا العيد وصلته بالأُمّة جمعاء، وتقادم عهده المتّصل بالدور النبويِّ، ثمَ جآء من بعده متواصلة العرى من وصيّ إلى وصيّ يُعلم به أئمَّة الدين، ويشيد بذكره أُمناء الوحي كالإمامين أبي عبد الله الصادق

٢٨٧

وأبي الحسن الرضا بعد أبيهم أمير المؤمنين صلوات الله عليهم، وقد توفّي هذان الإمامان ونطف البويهيّين لم تنعقد بعدُ، وقد جائت أخبارهما مرويَّةً في تفسير فرات والكافي المؤلَّفين في القرن الثالث، وهذه الأخبار هي مصادر الشيعة ومداركها في اتّخاذ يوم الغدير عيداً منذ عهد طائل في القِدَم، ومنذ صدور تلكم الكلم الذهبيّة من معادن الحُكم والحِكَم.

إذا عرفت هذا فهلمّ معي نسائل النويري والمقريزي عن قولهما: إنّ هذا العيد ابتدعه معزّ الدولة عليّ بن بُويه سنة 352 قال الأوَّل في «نهاية الإرب في فنون الأدب» 1 ص 177 في ذكر الأعياد الإسلاميّة: وعيدٌ ابتدعته الشيعة وسمّوه عيد الغدير، وسبب اتخاذهم له مواخاة النبيِّ صلّى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب يوم غدير خمّ، والغدير: تصبّ فيه عين وحوله شجرٌ كبيرٌ ملتفٌّ بعضها ببعض، وبين الغدير والعين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجَّة لأنَّ المواخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة وهي حجّة الوداع، وهم يحيون ليلتها بالصَّلاة ويُصلّون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبرّ الأجانب والذبايح.

وأوَّل من أحدثه معزُّ الدولة أبو الحسن عليّ بن بُويه على ما نذكره إنشاء الله في أخباره في سنة 352، ولَمّا ابتدع الشيعة هذا العيد واتخذه من سننهم عمل عوام السنَّة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة 389 وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيّام وقالوا: هذا يوم دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلم لغار هو وأبو بكر الصدّيق، وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران. ا هـ.

وقال المقريزي في الخطط 2 ص 222: عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ولا عمله أحد من سالف الأُمّة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الاسلام بالعراق أيّام معزّ الدولة عليِّ بن بويه فإنّه أحدثه سنة 352 فاتّخذه الشيعة من حينئذ عيداً. ا هـ.

وما عساني أن أقول في بحّاثة يكتب عن تأريخ الشيعة قبل أن يقف على حقيقته أو أنَّه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة، أو أغضى عنها لأمر دُبِّر بليل، أو أنَّه يقول ولا يعلم ما يقول، أو أنّه ما يبالي بما يقول، أوَ ليس المسعودي المتوفّى 346 يقول

٢٨٨

في التنبيه والأشراف ص 221: وولد عليٍّ رضي الله عنه وشيعته يعظِّمون هذا اليوم. أو ليس الكليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي توفّي سنة 329؟ وقبله فرات بن إبراهيم الكوفي المفسِّر الراوي لحديثه الآخر في تفسيره «الموجود عندنا» الذي هو في طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني المذكور، فالكتب هذه أُلِّفت قبل ما ذكراه «النويري والمقريزي» من التأريخ (352). أوَ ليس الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة 259؟ وذكر أنّه شاهد الإمام الرضا سلام الله عليه «المتوفّى سنة 203» يتعيَّد في هذا اليوم ويذكر فضله وقدمه، ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام. والإمام الصادق المتوفّى سنة 148 قد علّم أصحابه بذلك كلّه وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبيآء من اتخاذ يوم نصبوا فيه خلفائهم عيداً كما جرت به العادة عند الملوك والأُمراء من التعيّد في أيّام تسنّموا فيها عرش الملك، وقد أمر أئمَّة الدين عليهم السلام في عصورهم القديمة شيعتهم بأعمال برِّيَّة ودعوات مخصوصة بهذا اليوم وأعمال وطاعات خاصّة به. والحديث الذي مرّ عن مختصر بصاير الدرجات يُعرب عن كونه من أعياد الشيعة الأربعة المشهورة في أوايل القرن الثالث الهجري.

هذه حقيقة عيد الغدير لكن الرجلين أرادا طعناً بالشيعة فأنكرا ذلك السلف الصالح وصوَّراه بدعةً معزوَّةً إلى معزِّ الدولة وهما يحسبان أنَّه لا يقف على كلامهما مَن يعرف التاريخ فيناقشهما الحساب.

( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا

يَعْمَلُونَ ﴿118﴾ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ )

«الأعراف 116، 117»

٢٨٩

(التتويج يوم الغدير)

ولَمّا عرفت من تعيين صاحب الخلافة الكبرى للموكيَّة الإسلاميّة ونيله ولاية العهد النبويِّ، كان من الحريّ تتويجه بما هو شارة الملوك، وسمة الأُمراء، ولَمّا كانت التيجان المكلّلة بالذهب والمرَّصع بالجواهر من شناشن ملوك الفرس، ولم يكن للعرب منها بدلٌ إلّا العمايم فكان لا يلبسها إلّا العظماء والأشراف منهم، ولذلك جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله: العمائم تيجان العرب. رواه القضاعي والديلمي وصحّحه السيوطيُّ في الجامع الصغير 2 ص 155 وأورده ابن الأثير في النهاية.

وقال المرتضى الحنفيُّ الزبيديُّ في تاج العروس 2 ص 12: (التاج: الإكليل) والفضَّة والعمامة والأخير على التشبيـ (ج تيجان) وأتواج، والعرب تسمِّي العمائم: التاج. وفي الحديث: العمائم تيجان العرب. جمع تاج، وهو ما يُصاغ للملوك من الذهب والجوهر، أراد أنَّ العمائم بمنزلة التيجان للملوك لأنَّهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرؤس أو بالقلانس، والعمائم فيهم قليلة، والأكاليل تيجان ملوك العجم (وتوّجه) أي سوَّده وعمّمه.

وفي ج 8 ص 410: ومن المجاز (عمّم بالضم) أي (سوّد) لأن تيجان العرب العمائم فكما قيل في المعجم: توَّج من التاج، قيل في العرب: عمّم. قال: وفيهم إذ عمَّم المعمَّم، وكانوا إذا سوَّدوا رجلاً عمّموه عمامةً حمراء، وكانت الفرس تتوِّج ملوكها فيقال له: المتوَّج.

وعدِّ الشبلنجيُّ في نور الأبصار ص 25 من ألقاب رسول الله صلّى الله عليه وآله: صاحب التاج. فقال: المراد العمامة لأنّ العمائم تيجان العرب كما جاء في الحديث.

فعلى هذا الأساس عمّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله هذا اليوم بهيئة خاصَّة تُعرب عن العظمة والجلال، وتوَّجه بيده الكريمة بعمامته (السحاب) في ذلك المحتشد العظيم، وفيه تلويحٌ إنَّ المتوَّج بها مقيَّضٌ [ بالفتح ] بإمرة كإمرته صلّى الله عليه وآله

٢٩٠

وسلّم، غير أنّه مبلّغٌ عنه وقائمٌ مقامه من بعده. روى الحافظ عبد الله ابن أبي شيبة، وأبو داود الطيالسي، وابن منيع البغوي، وأبو بكر البيهقي كما في كنز العمال 8 ص 60 عن عليّ قال: عمّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ بعمامة فسدلها خلفي، وفي لفظ: فسدل طرفها على منكبي، ثمّ قال: إنّ الله أمدَّني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمّون هذه العمّة وقال: إنَّ العمامة حاجزةٌ بين الكفر والإيمان. ورواه من طريق السيوطي عن الأعلام الأربعة السيِّد أحمد القشاشي(1) في «السمط المجيد».

وفي كنز العمال 8 ص 60 عن مسند عبد الله بن الشخير عن عبد الرحمن بن عديِّ البحرانيِّ عن أخيه عبد الأعلى بن عديِّ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليَّ بن أبي طالب فعمّمه وأرخى عَذبة(2) العمامة من خلفه (الديلمي).

وعن الحافظ الديلمي عن ابن عبّاس قال: لَمّا عمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً بالسحاب(3) قال له: يا عليٌّ؟ العمائم تيجان العرب.

وعن ابن شاذان في مشيخته عن عليّ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عمّمه بيده فذنَّب العمامة من ورائه ومن بين يديه ثمّ قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أدبر. فأدبر، ثمّ قال له: أقبل. فأقبل وأقبل على أصحابه فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: هكذا تكون تيجان الملائكة.

وأخرج الحافظ أبو نعيم في «معرفة الصحابة»، ومحبُّ الدين الطبري في «الرياض النضرة» 2 ص 217 عن عبد الأعلى بن عديِّ النهروانيِّ: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليّاً يوم غدير خمّ فعمّمه وأرخى عَذبة العمامة من خلفه. وذكره العلامة الزرقاني في شرح المواهب 5 ص 10.

وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في الباب الثاني عشر من «فرايد السمطين» من طريق أحمد بن منيع بإسناد فيه عدَّةٌ من الحفاظ الأثبات عن أبي راشد عن عليٍّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنَّ الله عزَّ وجلَّ أيّدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمّين هذه العمّة، والعمّة الحاجز بين المسلمين والمشركين. قاله لعليٍّ لَمّا عمّمه يوم غدير خمّ بعمامة

_____________________

1 - المتوفّى 1071 ترجمه المحبي في خلاصة الأثر ج 1 ص 343 - 46 وأثنى عليه.

2 - عذبة بفتح المهملة: طرف الشيء.

3 - قال ابن الأثير في النهاية 2 ص 160: كان اسم عمامة النبي صلى الله عليه وسلم (السحاب).

٢٩١

سدل طرفها على منكبه.

وأخرج بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي سعيد الشاشي (المترجم ص 103) أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه عمامته السحاب فأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثمّ قال: أقبل. فأقبل، ثمَّ قال: أدبر. فأدبر، قال: هكذا جاءتني الملائكة. وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في [ نظم درر السمطين ]، وجمال الدين الشيرازي في أربعينه، وشهاب الدين أحمد في توضيح الدلايل وزادوا: ثمَّ قال صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله.

وأخرج الحمويني بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي عبد الرحمن ابن عايشة عن عليٍّ قال: عمّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ بعمامة فسدل نمرقها على منكبي وقال: إنَّ الله أيّدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمِّين بهذه العمامة. وبهذا اللفظ رواه ابن الصبّاغ المالكيُّ في «الفصول المهمّة» ص 27، والحافظ الزرندي في [ نظم درر السمطين ]، والسيّد محمود القادريُّ المدنيُّ في «الصراط السويِّ».

* (فائدةٌ) * قال أبو الحسين الملطي(1) في التنبيه والردّ ص 26: قولهم «يعني الروافض»: عليٌّ في السحاب. فإنّما ذلك قول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: أقبل وهو معتمٌّ بعمامة للنبيّ صلى الله عليه وسلم كانت تدعى «السحاب» فقال صلى الله عليه وسلم: قد أقبل عليُّ في السحاب. يعني في تلك العمامة التي تسمّى «السحاب» فتأوَّلوه هؤلاء على غير تأويله.

وقال الغزالي كما في البحر الزخّارا: 215: كانت له عمامة تسمّى السحاب فوهبها من عليٍّ فربما طلع عليٌّ فيها فيقول صلى الله عليه وسلم: أتاكم عليٌّ في السحاب.

وقال الحلبي في السيرة 3 ص 369: كان له صلى الله عليه وسلم عمامة تسمّى السحاب كساها عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، فكان ربما طلع عليه عليٌ كرّم الله وجهه فيقول صلى الله عليه وسلم: أتاكم عليٌّ في السحاب، يعني عمامته التي وهبها له صلى الله عليه وسلم.

قال الأميني: هذا معنى ما يُعزى إلى الشيعة من قولهم: إنّ عليّاً في السحاب. و

_____________________

1 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي المتوفّى 377.

٢٩٢

لم يأوِّله أيُّ أحد منهم قطُّ من أوَّل يومهم على غير تأويله كما حسبه الملطي، وإنّما أوَّله الناس افتراءً علينا، والله من ورائهم حسيب.

فيوم التتويج هذا أسعد يوم في الإسلام، وأعظم عيد لموالي أمير المؤمنين عليه السلام كما أنّه مثار حنق وأحقاد لمن ناوئه من النواصب.

( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ﴿38﴾ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ ﴿39﴾

وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴿40﴾ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ )

«سورة عبس»

٢٩٣

كلمات حول سند الحديث

للحفّاظ الأثبات والأعلام الفطاحل

لم نندفع إلى عقد هذا البحث بدافع الحاجة إلى إثبات صحّة الحديث، ولا دعانا إليه الإعواز عن إثبات تواتره، فإنَّ ذات الحديث وجوهريَّتها القائمة بنفسها في غنىً عن أيِّ تحوير في ذلك، ومَن ذا الذي يسعه إنكار صحَّته، ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين، وأيّ متعنِّد يمكنه ردُّ تواتره اللفظي في الجملة والمعنويِّ في تفاصيله والإجماليِّ في جملة من شئونه، وقد شهد به القريب والبعيد، ورواه القاصي والداني، وأثبته أكثر المؤلِّفين في الحديث والتاريخ والتفسير والكلام، وأفرده بالتأليف آخرون، فلن تجد له إلّا رنَّة تصكُّ المسامع منذ هتف به داعي الرشاد حتى عصرنا الحاضر، وسيبقى ذكره مخلِّداً ما تعاقب الملوان، فليس مَن يجابهه بالإنكار إلّا كمن يتعاما عن الشمس الضاحية، وإنَّما راقنا البحث عمّا قيل في ذلك إصحاراً بحقيقةٍ راهنةٍ، ألا؟ وهي إصفاق علماء الفريقين على صحَّة الحديث وتواتره، ليعلم القارئ أنَّ مَن يحيد عن تلكم الخطَّة شاذٌّ عن الطريقة المثلى، خارجٌ تجاه ما اجتمعت عليه الأُمَّة، وهو يقول: إنَّ الأُمّة لا تجتمع على خطأ. فمنهم:

1 - الحافظ أبو عيسى الترمذي المتوفّى 279 * قال في صحيحه 2 ص 298 بعد ذكر الحديث: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

2 - الحافظ أبو جعفر الطحاويُّ المتوفّى 279 * قال في «مشكل الآثار» ج 2 ص 308: قال أبو جعفر: فدفع دافع هذا الحديث وزعم أنَّه مستحيلٌ وذكر أنّ عليّاً لم يكن مع النبيِّ صلّى الله عليه وسلم في خروجه إلى الحجِّ من المدينة الذي مرَّ في طريقه بغدير خمّ بالجحفة، وذكر في ذلك ما قد حدَّثنا أحمد بإسناده قال: ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فذكر حديثه في حجّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فقال: فقدم عليٌّ من

٢٩٤

اليمن ببدن النبيِّ. ثمّ ذكر بقيّة الحديث.

قال أبو جعفر: فهذا الحديث صحيح الاسناد، ولا طعن لأحد في رواته، وفيه: إنّ ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ بغدير خمّ في رجوعه من حجِّه إلى المدينة لا في خروجه لحجِّه من المدينة.

فقال هذا القاتل: فإنّ هذا الحديث روي عن سعد بن أبي وقاص في هذه القصَّة، وإنّ ذلك القول إنّما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خمّ في خروجه من المدينة إلى الحجِّ لا في رجوعه من الحجِّ إلى المدينة.

قال أبو جعفر: وكان الصحيح في ذلك أنّ الحَكم(1) ما أخذ هذا عن عايشة ابنة سعد وإنّما أخذه عن مصعب بن سعد، كذلك رواه غير الليث في روايته المأمون عليها، الضابط لها، الحجّة فيها، وهو شعبة بن الحجّاج.

3 - الفقيه أبو عبد الله المحامليُّ البغداديُّ المتوفّى 330 * صحَّحه في «أماليه» كما مرَّ ص 55

4 - أبو عبد الله الحاكم المتوفّى 405 * رواه بعدَّة طرق وصحَّحها في «المستدرك» كما مرَّ في محلّها.

5 - أبو محمد أحمد بن محمد العاصميُّ * قال في «زين الفتى»: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. وهذا حديث تلقَّته الأُمَّة بالقبول، وهو موافقٌ بالأُصول. ثمّ رواه بطريق شتّى كما مرَّت في محلِّها.

6 - الحافظ ابن عبد البرّ القرطبيُّ المتوفّى 463 * قال في الإستيعاب ج 2 ص 373 بعد ذكر حديث المواخاة وحديثي الراية والغدير: هذه كلّها آثارٌ ثابتةٌ.

7 - الفقيه أبو الحسن ابن المغازليِّ الشافعيِّ المتوفّى 483 * قال في كتابه «المناقب» بعد روايته الحديث عن شيخه أبي القاسم الفضل بن محمد الإصبهاني: قال أبو القاسم: هذا حديثٌ صحيحٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشَّرة، وهو حديثٌ ثابتٌ لا أعرف له علَّة، تفردَّ عليٌّ بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحدٌ.

_____________________

1 - راجع حديث سعد بن أبي وقاص في رواة الحديث من الصحابة.

٢٩٥

8 - حجّة الاسلام أبو حامد الغزاليّ المتوفّى 505 * قال في «سرّ العالمين» ص 9 أسفرت الحجَّة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خمّ باتِّفاق الجميع وهو يقول: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقال عمر: بخ بخ... إلخ. يأتي تمام الكلام في المفاد إنشاء الله.

9 - الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبليُّ المتوفّى 597 * قال في «المناقب» إتّفق علمآء السير على أنَّ قصَّة الغدير كانت بعد رجوع النبيِّ صلى الله عليه وسلم من حجّة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجَّة وكان معه من الصحابة ومن الأعراب وممَّن يسكن حوالي مكّة والمدينة مائة وعشرون ألفاً وهم الذين شهدوا معه حجَّة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة، وقد أكثر الشعراء في ذلك في تلك الحكاية.

10 - أبو المظفر سبط ابن الجوزيِّ الحنفيُّ المتوفّى 654 * قال في تذكرته ص 18 بعد ذكره الحديث مع صدره وذيله وتهنئة عمر بعدّة طرق: وكلُّ هذه الروايات خرَّجها أحمد بن حنبل في الفضايل بزيادات، فإن قيل: فهذه الرواية التي فيها قول عمر رضي الله عنه: أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. ضعيفةٌ. فالجواب: إنَّ هذه الرواية صحيحةٌ. وإنّما الضعيف حديثٌ رواه أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب عن عبد الله بن علي بن بشر عن علي بن عمر الدارقطني عن أبي نصر حبشون(1) بن موسى بن أيّوب الخلال يرفعه إلى أبي هريرة وقال في آخرة: لَمّا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلم مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. نزل قوله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية. قالوا: وقد إنفرد بهذا الحديث حبشون ونحن نقول: نحن ما استدللنا بحديث حبشون بل بالحديث الذي رواه أحمد في الفضايل عن البراء بن عازب وإسناده صحيحٌ. إلى أن قال: إتّفق علماء السير على أنَّ قصَّة الغدير كانت بعد رجوع النبيِّ صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع في الثامن عشر من ذي حجَّة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. الحديث. نصَّ صلى الله عليه وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة. ا هـ. وسيأتي تمام كلامه في المفاد إنشاء الله.

11 - ابن أبي الحديد المعتزليّ المتوفّى 655 * عدَّه في شرح نهج البلاغة ج 2

_____________________

1 - في التذكرة: أبي نضير خيشون. وفيه تصحيف. وسنوقفك على صحة حديث حبشون.

٢٩٦

ص 449 من الأخبار العامّة الشايعة من فضايل أمير المؤمنين، ومرّ عنه ص 148: استفاضة حديث احتجاج أمير المؤمنين يوم الشورى وفيه حديث الغدير.

12 - الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعيُّ المتوفّى 658 * قال في «كفاية الطالب» ص 15 بعد ذكر الحديث من طرق أحمد: أقول، هكذا أخرجه في مسنده وناهيك به راوياً بسند واحد وكيف وقد جمع طرقه مثل هذا الإمام. وقال بعد روايته من طرق الحافظ أبي عيسى الترمذي في جامعه: وجمع الدارقطني الحافظ طرقه في جزء، وجمع الحافظ ابن عقدة الكوفي كتاباً مفرداً فيه، ورووا أهل السير والتواريخ قصّة غدير خمّ، وذكره محدِّث الشام في كتابه بطرق شتّى عن غير واحد من الصحابة والتابعين، أخبرني بذلك عالياً المشايخ. وروى بإسناده ص 17 عن المحاملي ثمَّ قال: قلت: هذا حديثٌ مشهورٌ حسنٌ روته الثقات، وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض حجَّة في صحَّة النقل.

13 - الشيخ أبو المكارم علاء الدين السمنانيُّ المتوفّى 736، قال (في العروة الوثقى): وقال «رسول الله» لعليّ عليه السلام وسلام الملائكة الكرام: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبيَّ بعدي. وقال في غدير خمّ بعد حجَّة الوداع على ملأ من المهاجرين والأنصار آخذاً بكتفه: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. وهذا حديثٌ متَّفقٌ على صحَّته، فصار سيِّد الأولياء وكان قلبه على قلب محمد عليه التحيَّة والسلام، وإلى هذا السرِّ أشار سيِّد الصدّيقين صاحب غار النبيِّ صلى الله عليه وسلم أبو بكر حين بعث أبا عبيدة ابن الجراح إلى عليٍّ لاستحضاره قال: يا أبا عبيدة؟ أنت أمين هذه الأُمَّة أبعثك إلى مَن هو في مرتبة مَن فقدناه بالأمس ينبغي أن تتكلّم عنده بحسن الأدب. إلى آخر مقالته بطولها.

14 - شمس الدين الذهبيُّ الشافعيُّ المتوفّى 748 * مرّ ص 156: إنَّه أفرد كتاباً في حديث الغدير. وذكره بطرق شتّى في «تلخيص المستدرك» وصحَّح غير واحد منها ويأتيك قوله: صدر الحديث متواترٌ أتيقَّن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، وأمّا: أللهمَّ؟ وال مَن والاه. فزيادةٌ قويّةُ الإسناد. واعتمد على تصحيحه جمعٌ من أعلام أصحابه كما ستقف على كلمات بعضهم.

٢٩٧

15 - الحافظ عماد الدين ابن كثير الشافعيٌّ الدمشقيُّ المتوفّى 774 * روى في تأريخه 5 ص 209 عن سنن الحافظ النسائي عن محمد بن المثنّى عن يحيى بن حمّاد عن أبي عوانة عن الأعمش «سليمان» عن حبيب بن ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم بلفظه المذكور بطريق النسائي ص 30 ثمَّ قال: تفرَّد به النسائي من هذا الوجه(1) قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديثٌ صحيحٌ. وروى حديث المناشدة في الرحبة وقال: هذا إسنادٌ جيِّدٌ. ورواه بطرق أحمد عن زيد وقال: هذا إسنادٌ جيِّدٌ رجاله ثقات على شرط السنن، وقد صحَّح الترمذي بهذا السند حديثاً في الريث. ورواه بطريق ابن جرير الطبري عن سعد بن أبي وقاص وقال: قال شيخنا الذهبي: وهذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ(2) ورواه بطريق آخر عن جابر بن عبد الله وقال: قال شيخنا الذهبي: هذا حديثٌ حسنٌ. ورواه بطرق أخرى ثمّ قال: قال الذهبيُّ: وصدر الحديث متواترٌ أتيقَّن أنَّ رسول الله قاله. وأمّا: أللهمَّ؟ وال مَن والاه. فزيادةٌ قويّة الإسناد.

16 - الحافظ نور الدين الهيثميُّ المتوفّى 807 * روى في مجمع الزوايد 9 ص 104 - 109 حديث الركبان المذكور من طريق أحمد والطبراني فقال رجال أحمد ثقاتٌ. وروى حديث المناشدة من طريق أحمد عن أبي الطفيل وقال: رجاله رجال الصحيح إلّا فطر وهو ثقةٌ. ورواه من طريق أحمد الآخر عن سعيد بن وهب وقال: رجاله رجال الصحيح. ورواه من طريق البزّار عن سعيد وزيد ثمَّ قال: رجاله رجال الصحيح إلّا فطر وهو ثقة. ورواه من طريق أبي يعلى عن عبد الرحمن بن أبي يعلى ووثَّق رجاله. ورواه من طريق أحمد عن زياد بن أبي زياد ووثَّق رجاله. ورواه عن حُبشي بن جنادة من طريق الطبراني ووثَّق رجاله. ورواه بطرق وأسانيد أُخرى وصحّحها ووثّق رجالها كما مرَّت في محلّها.

17 - شمس الدين الجزريُّ الشافعيُّ المتوفّى 833 * روى حديث الغدير بثمانين طريقاً، وأفرد في إثبات تواتره رسالته «أسنى المطالب» المطبوعة، وقال بعد ذكر مناشدة أمير المؤمنين يوم الرحبة: هذا حديثٌ حسنٌ من هذا الوجه صحيحٌ من وجوه كثيرة

_____________________

1 - تحكم باطل يظهر على من راجع طرق زيد من كتابنا ص 29 - 37.

2 - لا أعرف للحديث غرابة إلّا كونه في فضل أمير المؤمنين.

٢٩٨

تواتر عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وهو متواترٌ أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم رواه الجمُّ الغفير عن الجمّ الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا إطِّلاع له في هذا العلم فقد ورد مرفوعاً عن أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير ابن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، والعبّاس بن عبد المطلب وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عبّاس، وحُبشي بن جنادة، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبد الله بن عمر، وعمّار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وأسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيّوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وصحَّ عن جماعة منهم ممَّن يحصل القطع بخبرهم، وثبت أيضاً أنَّ هذا القول كان منه صلّى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ كما أخبرنا شيخنا أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي قرائتاً عليه: أخبرنا الإمام فخر الدين عليّ بن أحمد المقدسي. ثمَّ ذكر حديث المناشدة بعدَّة طرق.

18 - الحافظ ابن حجر العسقلانيُّ المتوفّى 852 * رواه في «تهذيب التهذيب» في مواضع بعدَّة طرق منها ج 7: 337، وقال ص 339: قلت: لم يجاوز المؤلِّف (أبو الحجّاج المزّي المتوفّى 742) ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنعٌ ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سمّاهم فقط، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلِّف فيه أضعاف مَن ذكر، وصحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العبّاس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر. وقال في فتح الباري 7 ص 61: وأوعب من جمع مناقبه (يعني عليّاً) من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب «الخصايص» وأمّا حديث: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استودعها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاحٌ وحسانٌ. وقد رُوينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن عليَّ بن أبي طالب.

19 - أبو الخير الشيرازيُّ الشافعيُّ (المترجم ص 132) * قال في (إبطال الباطل) الذي ردَّ به على نهج الحقّ: وأمّا ما رُوي من أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره يوم غدير خمّ

٢٩٩

حين أخذ بيد عليٍّ وقال: ألست أولى؟ فقد ثبت هذا في الصحاح وقد ذكرنا سرَّه في ترجمة كتاب [ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ].

20 - الحافظ جلال الدين السيوطيُّ الشافعيُّ المتوفّى 911 * قال: إنّه حديثٌ متواترٌ. وحكاه عنه غير واحد ممن تأخَّر عنه كما يأتي.

21 - الحافظ أبو العباس شهاب الدين القسطلانيُّ المتوفّى 923 * قال في «المواهب اللدنيّة» 7 ص 13: وأمّا حديث الترمذي والنسائي: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقال الشافعيُّ: يريد بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى:( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ ) . وقول عمر: أصبحت مولى كلِّ مؤمن. أي: وليَّ كلِّ مؤمن، وطرق هذا الحديث كثيرةٌ جدّاً استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد له وكثيرٌ من أسانيدها صحاحٌ وحسانٌ.

22 - الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتميُّ المكيُّ المتوفّى 974 * قال في «الصواعق المحرقة» ص 25 عند ردِّ استدلال الشيعة بحديث الغدير: وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم يحتاج إلى مقدِّمة وهي بيان الحديث ومخرجه، وبيانه: إنّه حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعةٌ كالترمذي والنسائي وأحمد، فطرقه كثيرةٌ جدّاً، ومن ثمَّ رواه ستَّة عشر صحابيّاً، وفي رواية لأحمد أنَّه سمعه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيّاً، وشهدوا به لعلي لَمّا نوزع أيّام خلافته كما مرّ وسيأتي، وكثيرٌ من أسانيدها صحاحٌ وحسانٌ، ولا التفات لمن قدح في صحَّته، ولا لمن ردَّه بأنَّ عليّاً كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجَّ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقول بعضهم: إنَّ زيادة أللهمَّ وال مَن والاه. إلى آخره موضوعةٌ مردودٌ فقد ورد ذلك من طرق صحَّح الذهبيُّ كثيراً منها، ثمّ تكلَّم في مقام الردِّ عليه في تواتره تارةً وفي مفاده أخرى فقال: ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح أنَّه صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خمّ تحت شجرات فقال: أيّها الناس؟ إنَّه قد نبأني اللطيف الخبير. إلى آخر ما مرّ ص 26، 27.

وقال في ص 73 في عدِّ مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: الحديث الرابع: قال صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن

٣٠٠