الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 94032
تحميل: 6187


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94032 / تحميل: 6187
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولو كان يرى لهم نصيباً من الأمر فلِماذا أخَّر البيان عن وقت الحاجة؟ وهو أهمُّ فرايض الدين، وأصلٌ من أصوله، وبطبع الحال أنَّ الآراء في مثله تتضارب [ كما تضاربت ] وقد يتحوَّل الجدال جلاداً، والحوار قتالا، فبأيِّ مبرِّر ترك نبيُّ الرحمة أُمَّته سُدى في أعظم معالم الدين.

لم يفعل نبيُّ الرحمة ذلك، ولكن حسن ظنِّ القوم بالسلف الماضين العاملين في أمر الخلافة، المتوثِّبين على صاحبها لحداثة سنِّه وحبِّه بني عبد المطلب كما مرَّ ص 389 حداهم إلى أن يُزحزحوا مفاد النصِّ إلى ظرف الخلافة الصوريَّة، ولكن حسن اليقين برسول الله صلّى الله عليه وآله يُلزمنا بالقول بأنَّه لم يترك واجبه من البيان الوافي لحاجة الأُمَّة. هدانا الله إلى سواء السبيل.

*(القربات يوم الغدير) *

بما أنَّ هذا اليوم يومٌ أكمل الله به الدين؛ وأتمَّ النعمة على عباده، حيث رضي بمولانا أمير المؤمنين إماماً عليهم، ونصبه عَلماً للهدى، يحدو بالأُمَّة إلى سَنن السعادة وصراط حقٍّ مستقيم، ويقيهم عن مساقط الهلكة ومهاوي الضلال، فلن تجد بعد يوم المبعث النبويِّ يوماً قد أُسبغت فيه النعم ظاهرةً وباطنةً، وشملت الرحمة الواسعة، أعظم من هذا اليوم الذي هو فرع ذلك الأساس المقدَّس ومسدِّد تلك الدعوة القدسيَّة.

كان من واجب كلِّ فرد من أفراد الملأ الديني القيام بشكر تلكم النِعم بأنواع من مظاهر الشكر، والتزلّف إليه سبحانه بما يتسنّى له من القرَب من صَلاة وصوم وبرّ وصلة رحم وإطعام واحتفال باليوم بما يناسب الوقت والمجتمع، وفي المأثور من ذلك أشياء منها: الصوم.

*(حديث صوم يوم الغدير)*

أخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديُّ المتوفّى 463 في تاريخه 8 ص 290 عن عبد الله بن عليِّ بن محمد بن بشران، عن الحافظ عليِّ بن عمر الدارقطني، عن أبي نصر حبشون الخلّال، عن عليِّ بن سعيد الرملي، عن ضمرة بن ربيعة، عن عبد الله بن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال قال: من صام يوم ثمان عشر

٤٠١

من ذي الحجَّة كتب له صيام ستِّين شهراً وهو يوم غدير خمّ لَمّا أخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: ألست وليَّ المؤمنين قالوا: بلي يا رسول الله قال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب؟ أصبحت مولاي ومولى كلِّ مسلم فأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) . ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب، كتب له صيام ستِّين شهراً وهو أوّل يوم نزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

ورواه بطريق آخر عن عليِّ بن سعيد الرملي. وأخرج العاصمي في «زين الفتى» قال: أخبرنا محمد بن أبي زكريا، أخبرنا أبو إسماعيل بن محمد الفقيه، أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد العلويُّ الحسينيُّ، أخبرنا إبراهيم بن محمد العامي، أخبرنا حبشون بن موسى البغداديُّ، حدّثنا عليُّ بن سعيد الشاميّ، حدّثنا ضمرة عن ابن شوذب، إلى آخر السند والمتن المذكورين من دون ذكر صوم المبعث.

وأخرجه ابن المغازلي الشافعيّ في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السمّاك، حدَّثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدَّثني عليُّ بن سعيد الرملي. إلى آخر السند والمتن. ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 18، والخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 94 من طريق الحافظ البيهقي عن الحافظ الحاكم النيسابوري ابن البيِّع صاحب «المستدرك» عن أبي يعلى الزبيري عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله البزّاز عن علي بن سعيد الرملي. إلخ. وشيخ الإسلام الحمويني في «فرايد السمطين» في الباب الثالث عشر من طريق الحافظ البيهقي.

*(رجال سند الحديث)*

1 - أبو هريرة أجمع الجمهور على عدالته وثقته فلا نحتاج إلى بسط المقال فيه.

2 - شهر بن حوشب الأشعري، عدَّه الحافظ أبو نعيم من الأولياء وأفرد له ترجمة ضافية في حليته 6 ص 59 - 67، وحكى الذهبيُّ في ميزانه ثناء البخاري عليه، وذكر عن أحمد بن عبد الله العجلي ويحيى وابن شيبة وأحمد والنسوي ثقته. وترجمه الحافظ

٤٠٢

ابن عساكر في تاريخه 6 ص 343 وقال سُئل عنه الإمام أحمد فقال: ما أحسن حديثه ووثّقه وأثنى عليه، وقال مرَّة: ليس به بأس، وقال العجلي: هو شاميٌّ تابعيٌّ ثقةٌ، ووثَّقه يحيى بن معين، وقال يعقوب بن شيبة: هو ثقةٌ على أنَّ بعضهم طعن فيه.

وترجمه ابن حجر في تهذيب التهذيب 4 ص 170 وحكى عن أحمد ثقته وحسن حديثه والثناء عليه، وعن البخاري حسن حديثه وقوّة أمره، وعن ابن معين ثقته وثبته، وعن العجلي ويعقوب والنسوي ثقته، وعن أبي جعفر الطبري أنَّه كان فقيهاً قارئاً عالماً. وهناك من ضعّفه فهو كما قال أبو الحسن القطّان: لم يُسمع له حجّة. وقد أخرج الحديث عنه البخاري ومسلم والأئمَّة الأربعة الآخرين أرباب الصحاح: الترمذي. أبو داود. النسائي. ابن ماجة.

3 - مطر بن طهمان الورّاق أبو رجاء الخراساني، مولى علي سكن البصرة وأدرك أنس، عدّه الحافظ أبو نعيم من الأولياء وأفرد له ترجمة في حليته 3 ص 75 وروى عن أبي عيسى أنَّه قال: ما رأيت مثل مطر في فقهه وزهده. وترجمه ابن حجر في تهذيبه 10 ص 167 ونقل قول أبي نعيم المذكور، وذكر ابن حبّان له في الثقات وعن العجلي صدقه ونفي البأس عنه، وعن البزّاز: ليس به بأس رأى أنساً ولا نعلم أحداً يترك حديثه مات 125، وقيل: 129. وقيل: قتله المنصور قرب 140. أخرج عنه الحديث البخاري ومسلم وبقيَّة الأئمَّة الستَّة أرباب الصحاح.

4 - أبو عبد الرحمن بن شوذب، ذكره الحافظ أبو نعيم من الأولياء في حليته 6 ص 129 - 135، وروى عن كثير بن الوليد إنّه قال: كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة. وحكى الجزري في خلاصته ص 170 عن أحمد وابن معين ثقته. وفي تهذيب ابن حجر 5 ص 255 ما ملخَّصه: سمع الحديث وتفقّه كان من الثقات قال سفيان الثوري: كان من ثقات مشايخنا، ونقل ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير وغيره. وعن أبي طالب والعجلي وابن عمّار وابن معين والنسائي: إنَّه ثقةٌ وُلد 86 وتُوفّي 144 / 156 / 157. أخرج حديثه الأئمّة الستّة غير مسلم. وصحَّح حديثه الحاكم في «المستدرك» والذهبيُّ في تلخيصه.

5 - ضمرة بن ربيعة القرشيّ أبو عبد الله الدمشقيُّ المتوفّى 182/200/202

٤٠٣

ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه 7 ص 36 وحكى عن أحمد أنَّه قال: بلغني أنَّه كان شيخاً صالحاً. وقال لما سُئل عنه: ذلك الثقة المأمون رجلٌ صالحٌ مليحُ الحديث ونقل عن ابن معين ثقته. وعن ابن سعد: كان ثقةً مأموناً خيِّراً لم يكن هناك أفضل منه. وعن ابن يونس: كان فقيهاً في زمانه. وذكر الجزري في خلاصته ص 150 ثقته عن أحمد والنسائي وابن معين وابن سعد. وفي تهذيب ابن حجر ما ملخَّصه: عن أحمد: رجلٌ صالح الحديث من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشبهه، وعن ابن معين والنسائي وابن حبّان والعجلي: ثقةٌ. وعن أبي حاتم: صالحٌ. وعن ابن سعد وابن يونس ما مرَّ عنهما. أخرج الحديث من طريقه الأئمَّة أرباب الصحاح غير مسلم وصحَّح حديثه الحاكم في «المستدرك» والذهبيُّ في تلخيصه.

6 - أبو نصر عليّ بن سعيد أبي حملة الرمليُّ المتوفّى 216 كذا أرَّخه البخاريُّ، وثَّقه الذهبيُّ في «ميزان الإعتدال» 2 ص 224 وقال: ما علمت به بأساً ولا رأيت أحداً إلى الآن تكلّم فيه، وهو صالح الأمر، ولم يُخرج له أحدٌ من أصحاب الكتب الستّة مع ثقته. وترجمه بعنوان عليِّ بن سعيد أيضاً وقال: يثبت في أمره كأنَّه صدوق. واختار ابن حجر ثقته في لسانه 4 ص 227 وأورد على الذهبيِّ وقال: إذا كان ثقة ولم يتكلّم فيه أحدٌ فكيف تذكره في الضعفاء؟.

7 - أبو نصر حبشون بن موسى بن أيّوب الخلّال المتوفّى 331، ترجمه الخطيب البغداديُّ في تاريخه 8 ص 289 - 291 وقال: كان ثقةً يسكن باب البصرة «من بغداد» وحكى عن الحافظ الدارقطنيِّ: أنّه صدوق.

8 - الحافظ عليّ بن عمر أبو الحسن البغداديُّ الشهير بدارقطني صاحب السنن المتوفّى 385، ترجمه الخطيب البغداديُّ في تاريخه 12 ص 34 - 40 وقال: كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، إنتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة وصحَّة الإعتقاد وسلامة المذهب والإضطلاع بعلوم سوى علم الحديث وحكى عن أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري أنّه قال: كان الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث، وما رأيت حافظاً ورد بغداد إلّا مضى إليه وسلّم له، يعني: فسلّم له التقدمة

٤٠٤

في الحفظ وعلوِّ المنزلة في العلم. ثمَّ بسط القول في ترجمته والثناء عليه.

وترجمه ابن خلكان في تاريخه 1 ص 359 وأثنى عليه. والذهبيُّ في تذكرته 3 ص 199 - 203 وقال: قال الحاكم: صار الدارقطنيُّ أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماماً في القرّاء والنحويِّين، وأقمت في سنة سبع وستّين ببغداد أربعة أشهر وكثر إجتماعنا فصادفته فوق ما وُصف لي، وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنَّفات يطول ذكرها فأشهد أنَّه لم يخلف على أديم الأرض مثله. إلخ.

وهناك توجد في كثير من المعاجم جمل الثناء عليه في تراجم ضافية لا نطيل بذكرها المقام، ولقد أطلنا القول في إسناد هذا الحديث لأن نوقفك على مكانته من الصحَّة وإنَّ رجاله كلّهم ثقات، وبلغت ثقتهم من الوضوح حدّاً لا يسع معه أيَّ محوِّر للقول أو متمحِّل في الجدل أن يغمز فيها، فتلك معاجم الرجال حافلةٌ بوصفهم بكلِّ جميل.

على أنَّ ما فيه من نزول الآية الكريمة( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) يوم غدير خمّ معتضَدٌ بكلِّ ما أسلفناه من الأحاديث الناصّة بذلك، وفي رواتها مثل الطبري وابن مردويه وأبي نعيم والخطيب والسجستاني وابن عساكر والحسكاني وأضرابهم من الأئمّة والحفّاظ راجع ص 230 - 238.

فإذا وضح لديك ذلك فهلمَّ معي إلى ما يتعقّبه ابن كثير(1) هذا الحديث، ويحسب أنّه حديثٌ منكَرٌ بل كذبٌ لما رُوي من نزول الآية يوم عرفة من حجّة الوداع، وإن تعجب فعجبٌ أن يجزم جازمٌ بمنكريَّة أحد الفريقين في الروايات المتعارضة وهما متكافئان في الصحَّة، فليت شعري أيَّ مرجِّح في الكفَّة المقابلة لحديثنا بالصحَّة وما المطفِّف في الميزان في كفَّة هذا الحديث؟ مع إمكان معارضة ابن كثير بمثل قوله في الجانب الآخر لمخالفته لما أثبتناه من نزول الآية الكريمة، وهل لمزعمة ابن كثير مبرِّر؟ غير أنّه يهوي أن يُزحزح القرآن الكريم عن هذا النبأ العظيم، وإلّا لكان في وسعه أن يقول كما قال سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 18: بإمكان نزولها مرَّتين كما وقع في البسملة وآيات أخرى قدَّمنا ذكرها ص 257.

ولابن كثير في تاريخه 5 ص 214 شبهةٌ أُخرى في تدعيم إنكاره للحديث، وهو: 1 - قلد الذهبي في قوله هذا كما يظهر من تاريخه 5 ص 214.

٤٠٥

حسبان أنَّ ما فيه من أنَّ صوم يوم الغدير يعدل ستّين شهراً يستدعي تفضيل المستحّب على الواجب، لأنَّ الوارد في صوم شهر رمضان كلّه أنّه يقابل بعشرة أشهر، وهذا منكَرٌ من القول باطلٌ. ا هـ.

ويُقال في دحض هذه المزعمة بالنقض تارةً وبالحلِّ أُخرى، أمّا النقض فبما جاء من أحاديث جمّة لا يسعنا ذكر كلِّها بل جلّها(1) ونقتصر منها بعدّة أحاديث وهي:

1 - حديث من صام رمضان ثمَّ أتبعه بستّ من شوّال فكأنَّما صام الدهر. أخرجه مسلم بعدَّة طرق في صحيحه 1 ص 323، وأبو داود في سننه 1 ص 381، وابن ماجة في سننه 1 ص 524، والدارمي في سننه 2 ص 21، وأحمد في مسنده 5 ص 417 و419، وابن الديبع في تيسير الوصول 2 ص 329 نقلاً عن الترمذي ومسلم: وعليه أسند قوله كلُّ من ذهب إلى استحباب صوم هذه الأيّام الستّة.

2 - حديث من صام ستَّة أيّام بعد الفطر كان تمام السنة. أخرجه ابن ماجة في سننه 1 ص 524، والدارمي في سننه 2 ص 21، وأحمد في مسنده 3 ص 308 و324 و344 وج 5 ص 280، والنسائي وابن حبّان في سننهما وصحّحه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 79.

3 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام الأيّام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ويقول: هو كصوم الدهر أو كهيئة الدهر. أخرجه ابن ماجة في سننه 1 ص 522، والدارمي في سننه 2 ص 19.

4 - ما من أيّام الدنيا أيّام أحبّ إلى الله سبحانه أن يتعبّد له فيها من أيّام العشر (في ذي الحجّة) وإنَّ صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر. أخرجه ابن ماجة في سننه 1 ص 527، والغزالي في إحياء العلوم 1 ص 227 وفيه: من صام ثلاثة أيّام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت كتب الله له بكلِّ يوم عبادة تسعمائة عام.

م 5 - عن أنس بن مالك قال: كان يقال في أيّام العشر بكلّ يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم. قال: يعني في الفضل. أخرجه المنذري في «الترغيب والترهيب»

_____________________

1 - راجع نزهة المجالس 1 ص 151 - 158 و167 - 176.

٤٠٦

2 ص 66 نقلاً عن البيهقي والإصبهاني].

6 - صيام ثلاثة أيّام من كلِّ شهر صيام الدهر وإفطاره. أخرجه أحمد في مسنده 5 ص 34، وابن حبّان في صحيحه، وصحَّحه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 78، وأخرجه النسائي وأبو يعلى في مسنده والبيهقي عن جرير بلفظ: صيام ثلاثة أيّام من كلِّ شهر صيام الدهر. كما في الجامع الصغير 2 ص 78. وأخرج الترمذي والنسائي كما في تيسير الوصول 2 ص 330: من صام من كلِّ شهر ثلاثة أيّام فذلك صيام الدهر. فأنزل الله تعالى تصديق ذلك في كتابه:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) . اليوم بعشرة أيام. وأخرجه بلفظ يقرب من هذا مسلم في صحيحه 1 ص 319 و321، وأخرج النسائي من حديث جرير: صيام ثلاثة أيّام من كلِّ شهر كصيام الدهر ثلاث أيّام البيض م - وأخرجه الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» 2 ص 33]. وذكره ابن حجر في «سبل السلام» 2 ص 234 وصحّحه.

7 - صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم. أخرجه ابن حبّان عن عايشة كما في «الجامع الصغير» 2 ص 78، م - وأخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي كما في «الترغيب ووالترهيب» 2 ص 27 و66].

م 8 - عن عبد الله بن عمر قال: كنّا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدل صوم يوم عرفة بسنتين. رواه الطبراني في الأوسط، وهو عند النسائي بلفظ: سنة. كما في الترغيب والترهيب 2 ص 27].

9 - من صام يوم سبع وعشرين من رجب كتب الله تعالى له صيام ستِّين شهراً. أخرجه الحافظ الدمياطي(1) في سيرته كما في «السيرة الحلبيّة» 1 ص 254، ورواه الصفوري في «نزهة المجالس» 1 ص 154.

10 - عن أبي هريرة وسلمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّ في رجب يوماً وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان له من الأجر كمن صام مائة سنة وقامها وهي:

_____________________

1 - قال الذهبي في تذكرته 4 ص 268: شيخنا الإمام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن الدمياطي الشافعي. ثم أكثر في الثناء عليه وقال: توفي 705.

٤٠٧

لثلاث بقين من رجب. رواه الشيخ عبد القادر الجيلاني في «غنية الطالبين» كما في «نزهة المجالس» للصفوري 1 ص 154.

11 - شهر رجب شهرٌ عظيمٌ من صام منه يوماً كتب الله له صوم ثلاثة آلاف سنة.

رواه الكيلاني في غنيته كما في «نزهة المجالس» للصفوري 153.

12 - من صام يوم عاشوراء فكأنّما صام الدهر كلّه، مكتوبٌ في التوراة. ذكره الصفوري في نزهته 1 ص 174.

م 13 - من صام يوماً من المحرّم فله بكلّ يوم ثلاثون يوماً. رواه الطبراني في الصغير كما ذكره الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» 2 ص 28.

*(وأمّا الحلّ)* فليس عندنا أصلٌ مسلّم يُركن إليه في لزوم زيادة أجر الفرايض على المثوبة في المستحبّات، بل أمثال الأحاديث السابقة في النقض تُرشدنا إلى إمكان العكس بل وقوعه، وتؤكِّد ذلك الأحاديث الواردة في غير الصيام من الأعمال المرغَّب فيها.

على أنّ المثوبة واقعةٌ تجاه حقايق الأعمال ومقتضياتها الطبيعيّة، لا ما يعروها من عوارض كالوجوب والندب حسب المصالح المقترنة بها، فليس من المستحيل أن يكون في طبع المندوب في ماهيّات مختلفة، أو بحسب المقارنات المحتفّة به في المتّحدة منها، ما يوجب المزيد له.

ويقال في المقام: إنَّ ترتّب المثوبة على العمل إنّما هو بمقدار كشفه عن حقيقة الإيمان، وتوغّله في نفس العبد، وممّا لا شكَّ فيه أنَّ الإتيان بما هو زايدٌ على الوظايف المقرَّرة من الواجبات وترك المحرَّمات من المستحبات والتجنّب عن المكروهات أكشف عن ثبات العبد في مقام الإمتثال، وخضوعه لمولاه، وحبّه له، وبه يكمل الإيمان، ولم يزل العبد يتقرَّب به إلى المولى سبحانه حتى أحبّه كما ورد فيما أخرجه البخاري في صحيحه 9 ص 214 عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: ما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده الّذي يبطش بها، ورجله التي

٤٠٨

يمشي بها، الحديث(1)

بل من الممكن أن يُقال: إنّه ليس في نواميس العدل ما يُحتِّم ترتيب أجر على إقامة الواجب وترك المحرَّم، زايداً على ما منح به من الحيات والعقل والعافية ومُأن الحيات، ومُعدَّات العمل، والنجاة من النار في الآخرة، بل إنَّ كُلّا من هاتيك النعم الجزيلة يصغر عنه صالحات العبد جمعاء وليس هناك إلّا الفضل.

وهذا الذي يُستفاد من غير واحد من آيات الكتاب العزيز نظير قوله تعالى:( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴿51﴾ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿52﴾ يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴿53﴾ كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ﴿54﴾ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴿55﴾ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿56﴾ فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) «سورة الدخان» فكلّ ما هناك من النعيم والمثوبات إنّما هو بفضله وإحسانه سبحانه وتعالى.

قال الفخر الرازي في تفسيره 7 ص 459: إحتجَّ أصحابنا بهذه الآية على أنَّ الثواب يحصل تفضّلاً من الله تعالى لا بطريق الإستحقاق لأنّه تعالى لَمّا عدَّد أقسام ثواب المتّقين بيّن أنّها بأسرها إنّما حصلت على سبيل الفضل والإحسان من الله تعالى ثمَّ قال تعالى:( ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) . واحتجَّ أصحابنا بهذه الآية على أنَّ التفضيل أعلى درجة من الثواب المستحقِّ فإنّه تعالى وصفه بكونه فضلاً من الله ثمَّ وصف الفضل من الله بكونه فوزاً عظيماً، ويدلّ عليه أيضاً، إنَّ الملِك العظيم إذا أعطى الأجير أُجرته ثمَّ خلع على إنسان آخر فإنَّ تلك الخلعة أعلى حالاً من إعطاء تلك الأُجرة: انتهى.

وقال ابن كثير نفسه في الآية الشريفة في تفسيره 4 ص 147: ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّه قال: إعملوا وسدِّدوا وقاربوا واعلموا أنَّ أحداً لن يُدخله عمله الجنّة. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلّا أن يتغمّدني الله برحمةٍ منه وفضل. إنتهى.

وبوسعك استشعار هذا المعنى من الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه

_____________________

1 - وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص 416، والذهبي في ميزانه 1 ص 301.

٤٠٩

4 ص 264 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّه قال: حقُّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحقُّ العباد على الله أن لا يُعذِّب من لا يشرك به شيئاً. وأنت جدُّ عليم بأنَّ هذا المقدار من الحقِّ الثابت على الله للعباد إنّما هو بتقرير العقل السليم، وأمّا الزايد عليه من النعيم الساكت عنه نبيُّ البيان فليس إلّا الفضل والإحسان من المولى سبحانه.

وأنت تجد في معاملات الدُول مع أفراد الموظّفين أنّه ليس بإزاء واجباتهم وعدم الخيانة فيها من الأجر إلّا الرتبة والراتب، وإنّما يحظى أحدهم بترفيعٍ في المرتبة أو زيادة في الرتبة بخدمةٍ زايدة على مقرّراتها عليهم، وليس في الناس من ينقم على الحكومات ذلك، وهذه الحالة عيناً جاريةٌ بين الموالي والعبيد، وهي من الإرتكازات المرتسخة في نفسيّات البشر كلّهم، غير أنَّ الله سبحانه بفضله المتواصل يُثيب العاملين بواجبهم بأُجور جزيلة.

وهيهنا كلمةٌ قدسيَّة لسيِّدنا ومولانا زين العابدين الإمام الطاهر عليِّ بن الحسين صلوات الله عليهما وآلهما لا مُنتدح عن إثباتها، وهي قوله في دعائه إذا إعترف بالتقصير عن تأدية الشكر من صحيفته الشريفة:

أللهمّ؟ إنَّ أحداً لا يبلغ من شكرك غايةً إلّا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكراً، ولا يبلغ مبلغاً من طاعتك وإن اجتهد إلّا كان مقصِّراً دون إستحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجزٌ عن شكرك وأعبدهم مقصِّرٌ عن طاعتك، لا يجب لأحد أن تَغفر له بإستحقاقه، ولا أن تَرضى عنه باستيجابه، فمن غفرتَ له فبطولك؛ ومَن رضيتَ عنه فبفضلك، تشكر يسير ما شكرتَ به، وتثيب على قليل ما تُطاع فيه، حتى كأنَّ شكر عبادك الّذي أوجبت عليهم ثوابهم، وأعظمت عنه جزائهم، أمرٌ ملكوا إستطاعة الإمتناع منه دونك فكافيتهم، أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم، بل ملكتَ يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك، وأعددتَ ثوابهم قبل أن يُفيضوا في طاعتك، وذلك أنَّ سنّتك الإفضال، وعادتك الإحسان، وسبيلك العفو، فكلُّ البريَّة معترفةٌ بأنَّك غير ظالم لمن عاقبتَ، وشاهدةٌ بأنّك متفضِّلٌ على مَن عافيتَ، وكلٌّ مقرٌّ على نفسه بالتقصير عمّا إستوجبت، فلو أنَّ الشيطان يختدعهم عن طاعتكَ، ما عصاك عاصٍ، ولولا أنَّه صوَّر لهم الباطل في مثال الحقِّ، ما ضلَّ عن

٤١٠

طريقك ضالٌّ، فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة مَن أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت تولَّيته له، وتُملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيتَ كلاً منهما ما لم يجب له، وتفضَّلتَ على كلٍّ منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافأت المطيع على ما أنت تولَّيته لأوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنَّك بكرمك جازيته على المدَّة القصيرة الفانية بالمدَّة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية.

ثمَّ لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الآلات التي تسبَّب بإستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلتَ ذلك به لذهب بجميع ما كدح له، وجملة ما سعى فيه، جزاءً للصغرى من أياديك ومننك، ولبقي رهيناً بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحقُّ شيئاً من ثوابك لأمتي؟ إلخ.

وفي يوم الغدير صلاةٌ ألّف فيها أبو النضر العيّاشيُّ، والصابونيُّ المصريُّ كتاباً مفرداً، راجع فيها وفي الأدعية المأثورة يوم ذاك إلى التآليف المعدَّة لها.

( وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ

وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )

(الأنعام 155)

٤١١

٤١٢

فهرس ما في هذا المجلد من رؤس المطالب

التاريخ الصحيح 3

أهميّة الغدير في التاريخ 5

واقعة الغدير 9

العناية بحديث الغدير 12

رُواة حديث الغدير من الصحابة وهم: مائة وعشرة صحابيّاً 14

رُواة حديث الغدير من التابعين وهم: أربعة وثمانون تابعيّاً 62

طبقات الرواة من العلماء 73

(القرن الثاني) 73

(القرن الثالث) 82

(القرن الرابع) 99

(القرن الخامس) 107

(القرن السادس) 113

(القرن السابع) 118

(القرن الثامن) 123

(القرن التاسع) 128

(القرن العاشر) 133

(القرن الحادي عشر) 137

(القرن الثاني عشر) 141

(القرن الثالث عشر) 145

(القرن الرابع عشر) 147

٤١٣

المؤلفون في حديث الغدير 152

المناشدة والاحتجاج 159

1 - (مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام) 159

2 - (مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام) 163

3 - (مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام) 166

أعلام الشهود لأمير المؤمنين 184

4 - مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام 186

5 - حديث الركبان 187

(أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه السلام) 191

(من أصابته الدعوة) 191

(نظرة في حديث إصابة الدعوة) 192

6 - مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام 195

7 - (احتجاج الصدّيقة فاطمة) 196

8 - (احتجاج الإمام السبط) 197

9 - (مناشدة الإمام السبط) 198

10 (احتجاج عبد الله بن جعفر) 199

11 - (إحتجاج برد على عمرو) 201

12 - (إحتجاج عمرو بن العاص) 201

13 - (إحتجاج عمار بن ياسر) 202

14 - (إحتجاج أصبغ بن نباتة) 202

15 - (مناشدة شابّ أبا هريرة) 203

16 - (مناشدة رجل زيد) 204

17 - (مناشدة رجل عراقي) 205

٤١٤

18 - (إحتجاج قيس بن سعد) 207

19 - (إحتجاج دارميّة الحجونيّة) 208

20 - (إحتجاج عمرو الأودي) 209

21 - (إحتجاج عمر بن عبد العزيز) 209

22 - (إحتجاج المأمون الخليفة) 210

كلمة المسعودي 212

الغدير في الكتاب العزيز 214

القول الفصل 223

ذيلٌ في المقام 228

إكمال الدين بالولاية 230

(العذاب الواقع) 239

(نظرة في الحديث) 247

عيد الغدير في الاسلام 267

حديث التهنئة 270

عودٌ إلى البدء 283

ما عشتَ أراك الدهرُ عجباً 287

(التتويج يوم الغدير) 290

٤١٥

كلمات حول سند الحديث 294

محاكمة 314

حول سند الحديث 314

الرأي العامّ في ابن حزم 323

مفاد حديث الغدير 340

مفعل بمعنى أفعل 344

كلام الرازي في مفاد الحديث 350

الشبهة عند العلماء 354

كلمة أخرى للرازي 356

جواب الرازي عما أثبتناه 359

مفعل بمعنى فعيل 361

نظرة في معاني المولى 362

المحبّ والناصر 365

المعاني التي يمكن إرادتها من الحديث 367

القرائن المعيّنة 370

٤١٦

الأحاديث المفسِّرة 386

كلمات حول مفاد الحديث 391

توضيح للواضح 400

القربات يوم الغدير 401

٤١٧

(لفت نظر)

كلّ فصل وكلمة وجملة توجد في المتن أو التعليق مرموزةً

بـ م في هذا الجزء وبقيَّة أجزاء الكتاب فهي من ملحقات

الطبعة الثانية وزياداتها، تُبدأ بـ م وتنتهي بقُويسة تتلوها.

٤١٨