• البداية
  • السابق
  • 168 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43165 / تحميل: 6259
الحجم الحجم الحجم
تأريخ جديد للتأريخ  على هامش الفرق الإسلامية

تأريخ جديد للتأريخ على هامش الفرق الإسلامية

مؤلف:
العربية

ثم أن محمدا اقتصر في دعوته كما يقولون على أنه نبي ورسول، فلم يدع الألوهية التي بقيت لعلي ولم يزاحمه فيها ولم يبعده عنها. فأين خيانته وادعاء الأمر لنفسه ؟ هل يريد هؤلاء أن يكون علي نبياً بالإضافة الى وظيفته الأساسية الهاً. متجاوزاً مبدأ الاختصاص وتوزيع السلطات ؟ ألا يكفيه أن يكون ألهاً ويترك النبوة، وهي دون منزلته، لغيره من الناس ؟! ان محمداً لم يفعل كما أظن، ما يستحق الذم عليه، وبالتالي قيام فرقة ( الذمية ).

أما ما يذكره الرازي من أن الرسالة كانت لعلي في الأصل وأن علياً استعان بمحمد لكبر سنه، لكن محمداً استقل بالأمر بعد ذاك.

فمن الملوم فيه، محمد أم علي ؟

لقد كانت الرسالة إذن لعلي الذي اختاره الله إلهاً، مع علمه بصغر سنه ووجود محمد الأكبر منه سناً. فكيف جاز لعلي أن يتصرف بهذه الرسالة، على أهميتها وخطورة شأنها، ويخالف أمر الله فيستعين بغيره في أدائها، والله نفسه هو الذي اختاره لها دون غيره. وكان يعرف محمدا طبعا، ويستطيع أن يصرف الرسالة إليه دون أن يمنعه من ذلك مانع.

ان ( ذمية ) الرازي - الغلاة في علي - يتهمون عليا، أرادوا أم لم يريدوا، بعصيان أمر الله ومخالفته له. وإذا كان هناك من يجب أن يوجه إليه اللوم أكثر

١٦١

من غيره، فهو ليس محمدا بل عليا الذي لم يحسن الاختيار، أو بالأحرى عصى الله في هذا الاختيار.

لقد سبق أن قلت ان المؤلفين يتحدثون عن ( فرق ) وانني حين أناقشهم هنا فإنما أناقشهم في فرق، أفترض فيها الحد الأدنى من العقل والفهم والإدراك. ولكني لست مستعدا أن أتعب نفسي في متابعة النزلاء في مستشفيات الأمراض العقلية، لأناقش كلا منهم فيما يهذي، مما يعده المؤلفون عقيدة، ويعدون صاحبه فرقة، حتى لو صح ما ينقله هؤلاء عنهم، وحتى لو ذكروا أسماءهم ولم يكتفوا ب- (هم ) كما اعتادوا.

وفيما يخص ( المفوضة ) فيلاحظ أن الأشعري يخلط بينهم وبين السبئية حين يقول ( ومنهم من يسلم على السحاب ويقول إذا مرت سحابة به ان عليا رضوان الله عليه فيها ).

فمن المتفق عليه بين المؤلفين في الفرق، أن الذين يقولون بمجيء علي في السحاب هم السبئية، أو بعضهم من أصحاب عبد الله بن سبأ، الذين يعالجهم الأشعري في الصنف الرابع عشر من أصناف الغلاة عنده. وهو ما تجده لدى البغدادي والشهرستاني والأسفراييني وابن حزم والمقريزي والملطي، مع بيتين مضافين للبيتين أوردهما الأشعري. والأبيات الأربعة منسوبة لإسحاق بن سويد العدوي(١) .

____________________

١- الملل والنحل ج١ ص١٧٥.

١٦٢

وعلى كل فان هؤلاء الذين فوض إليهم خلق العالم وتدبيره، لم يظلم أحد في هذا العالم ولم يضطهد ويحارب، كما ظلموا واضطهدوا وحوربوا.

أكانوا أعداء أنفسهم، أم كان هناك خطأ في التفويض أو في التدبير ؟!

في الميمية والعينية واللاعنية والسراجية:

هل سمعت يا سيدي القارئ بفرقتين اسم الأولى ميمية واسم الثانية عينية(١) .

وأؤكد لك أني جاد كأشد ما يكون الجد، وأن الميمية والعينة، فرقتان من فرق الغلاة التي استأثرت باهتمام المؤلفين في الفرق والمذاهب، وانك لا تفتح كتابا من الكتب المؤلفة فيها، إلا طالعتك هاتان الفرقتان متجاورتين، إذ الحديث عن إحداهما يستلزم الحديث عن الأخرى.

فالميمية هي التي تفضل محمداً في الألوهية على علي. أما العينية فعلى العكس هي التي تفضل علياً على محمد.

وأظنك عرفت الآن علة التسمية، وان الأولى سميت بالحرف الأول الذي يبدأ به اسم محمد الذي تفضله فرقة ( الميمية ) والثانية بحرف العين، أول حرف في اسم علي الذي تفضله ( العينية ).

____________________

١- الفرق المفترقة بين اهل الزيغ والزندقة لأبي محمد عثمان بن عبد الله بن الحسن العراقي الحنفي.

١٦٣

فكأنه لم يكف المؤلفين أن يخلقوا فرقاً لا تجد فيها إلا اسم شخص واحد، هو الذي تنسب إليه، حتى أضافوا فرقاً لا تجد فيها غير حرف واحد، عليك أنت أن تستنتج ما يرمز اليه.

وهل سمعت أيضاً بفرقة أخرى اسمها ( اللاعنية )(١) كل دينهم كما يقول المؤلفون في الفرق، ان يلعنوا عائشة وطلحة ومعاوية، فلعن هؤلاء هو دينهم. لا يضيف المؤلفون إليه شيئاً، ولا الى الأشخاص شخصاً.

ولكن كيف تم اختيار هؤلاء الثلاثة ( الملعونين ) وما هو الأساس الذي قام عليه هذا الاختيار ؟ أهو الاشتراك في حرب الجمل مثلاً فكيف إذن أفلت الزبير وابنه عبد الله، ودورهما في الجمل ربما تجاوز دور الآخرين، وأضيف معاوية الذي لم يشارك فيها. أم صفين فكيف أستثني عمرو بن العاص ومروان وغيرهما ممن قادوا الصفوف في صفين ؟!

ثم كيف ترك زعماء الخوارج فلم يدخل واحد منهم ضمن الثلاثة، حتى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي.

أترى الاختيار تم عن طريق الاقتراع بين المرشحين للعن توخياً للعدالة ؟! قد يكون.

____________________

١- أظنني قرات اخيرا المؤلف اسمه الدكتور ! ابراهيم شحادة الخواجة ومهنته استاذ مشارك في اكثر من جامعة في السعودية وهو يضيف الى فرق الغلاة من الشيعة فرقة جديدة يسميها ( الجعدية ) اصحاب الجعد بن درهم استاذ ومؤدب مروان بن محمد اخر الخلفاء الامويين الذي يقال له ( الجعدي ) نسبة الى - الجعد بن درهم المذكور ورحمت الطلاب الذين يدرسون على هذا الدكتور وامثاله وكان الله معهم فيما يدرسون ويتعلمون ما دام استاذهم شحادة وامثاله. انظر شعر الصراع السياسي في القرن الثاني الهجري ط أولى - الكويت ١٩٨٤ ص٦٤.

١٦٤

وعلى كل فهذا هو اختيار زعيم الفرقة، ليس من حقي أن أتدخل فيه أو أفرض رأياً عليه، فهو حر في اختيار من يلعن ومن لا يلعن.

ولكن من هو رئيس هذه الفرقة، فنحن نجهل كل شيء عنه. نجهل الاسم الذي اعتاد المؤلفون أن يذكروه ويكتفوا به في تسمية الفرق، وهو الحد دون الأدنى الذي رفضته ولم أقبله بالنسبة لأية فرقة. نجهل مهنته: أكان الهاً أم نبياً أم مجرد إمام، وهل غير شيئاً في شريعة محمداً، أم قصر دينه كله على لعن الثلاثة السابقين.

ذلك ما لم يجب عليه من تحدث عنهم وجعل منهم فرقة.

فهل انتهت فرق الغلاة ؟!

لا أظن، فيبدو أن حديثهم مما يروق المؤلفين في العقائد عندنا، فهم لا ينفكون يقدمون لك فرقاً جديدا، كلما انتهيت من فرق قديمة. وفرقاً لم تسمع عنها، كلما فرغت من فرق سمعت عنها(١) .

فهل سمعت مثلاً بالسراجية(٢) والنجارية(٣) والشباسية وكلها من فرق الغلاة كما يزعم المؤلفون في الفرق والعقائد.

فإذا سألت وما السراجية ؟ قيل لك أنهم أتباع رجل اسمه أبو مسلم السراج. والنجارية ؟ أتباع رجل اسمه أبو مسلم النجار.

وتقسيم للمؤلفين أنك تعلم عما لا شك فيه أن أبا مسلم - على افتراض وجوده - رجل لا امرأة، وأن أبا القاسم هو الآخر رجل، وإلا لكان أبو مسلم

____________________

١- الفصل في الملل والأهواء والنحل ج٥ ص٤٩.

٢- مقالات الإسلاميين ج١ ص٨٤- ٧٥ والفرق بين الفرق ص١٥٣.

٣- الفصل في الملل والأهواء والنحل ج٥ ص٤٨ و ٤٩.

١٦٥

ام مسلم وأبو مسلم أم القاسم، وأنك لم تسأل إلا عن فرقة حملت هذا الاسم، وما تريد أن تعرفه، شيء آخر يخص الفرقة ذاتها: عقيدتها. مؤسساتها. قادتها. أتباعها. منشأها. تراثها. مفكريها.

ذلك أن هذا البحث مخصص للحديث عن ( فرق ) للغلاة كما يصورهم الكتاب والمؤلفون المسلمون في الفرق والعقائد.

فماذا رأيت فيما مر بك حتى الآن من غالبية هذه الفرق.

انني لم أر إلا حمقاً وهذيانا وهجرا من القول، وكلاما مجنونا لا يصلح أن يؤلف عقيدة، ولا ينشئ مذهباً. ثم بضعة أشخاص لا يمكن أن يجمعوا - مع التسليم بوجودهم - فرقة ولا جزء من فرقة. وكان أصلح لهم أن يتجهوا الى مستشفيات الأمراض العقلية، للأقامة فيها حتى يشفيهم الله، من أن يتجهوا الى تأسيس فرق وعقائد ومذاهب، يصر المؤلفون المسلمون على أنها تمثل فرقا وعقائد ومذاهب للشيعة أو لغلاتهم.

وأنت مضطر أن تذعن وأن تصدق وأن تؤمن، وأن تستمر مذعنا مصدقا مؤمنا، الى أن يستطيع هذا العقل العربي المسلم أن يتحرر من قيده أو قيوده، فيناقش دون خوف من نفسه، ومن خارج نفسه.

حتى ذلك الوقت، أنت مضطر أن تعترف بفرقة اسمها السراجية، وأخرى اسمها النجارية، وثالثة ورابعة. وغلو وغلاة وفرق غالية.

وهذا هو الشيء الوحيد الذي تسطيع أن تفعله، وربما استكثروا عليك أنك تستطيع أن تفعل شيئاً، حتى لو كان هذا الشيء هو الاعتراف والخضوع والإذعان.

حتى ذلك الوقت، تبقى السراجية أصحاب رجل اسمه أبو مسلم السراج.

١٦٦

الفهرس

الإهداء ٤

المقدمة ٦

الشيعة ٨

الرافضة ١٨

الكيسانية: ٣٢

فرق الرافضة: ٤٨

الحربية والبيانية: ٥٩

الصنفان الثاني عشر والثالث عشر من الرافضة: ٦١

الكاملية: ٦٢

الخشبية: ٦٣

الزيدية: ٧٠

الغلاة ٧٨

الغلو بعد علي: ٩٩

الحربية: ١٠٧

البيانية: ١١١

المغيرية: ١١٤

الكاملية: ١٢٤

الجناحية: ١٢٥

المنصورية: ١٣٦

الخطابية: ١٤١

١ - المعمرية: ١٤٥

١٦٧

٢ - البزيعية: ١٤٩

٣ - العميرية: ١٥٠

٤ - المفضلية: ١٥٣

الغرابية ١٥٥

المفوضية والذمية: ١٥٧

في الميمية والعينية واللاعنية والسراجية: ١٦٣

الفهرس ١٦٧

١٦٨