الذّنبُ أسبابه وعلاجه

الذّنبُ أسبابه وعلاجه21%

الذّنبُ أسبابه وعلاجه مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 277

  • البداية
  • السابق
  • 277 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35313 / تحميل: 8565
الحجم الحجم الحجم
الذّنبُ أسبابه وعلاجه

الذّنبُ أسبابه وعلاجه

مؤلف:
العربية

الذَّنبُ

أسبابه وعلاجه

الشيخ محسن القراءتي

تنظيم واعداد

محمد محمدي الاشتهاردي

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم أعداء الدين.

وبعد، فإنّ الإنسان خلق مدنياً بالطبع، فهو لا يستغني عن الآخرين من أبناء نوعه في الوصول إلى أغراضه وتوفير ما يحتاجه في حياته من مأكل وملبس ومسكن وغيرها، وهذا بدوره سكون سببا في حصول المزاحمة وبثّ الاختلاف بين الناس، باعتبار أنّ كلّ فرد يسعى للحصول على أكبر قدر ممكن من المنافع والفوائد، ودفع أكبر قدر ممكن من الأضرار حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. الأمر الذي جعل الحاجة الى وجود قانون ينظّم علاقات الإنسان مع نفسه ومع الآخرين ملحة وماسّة، وبدونه لا يمكن تصور بقاء الحياة الاجتماعية واستمراريّتها، بل تكون مهدّدة بالفناء والزوال.

والمتكفّل لبيان القوانين والأنظمة إن كانت السماء سمّيت تلك المجموعة بالأديان السماوية، ويتمّ ذلك عبر الشرائع والكتب الإلهية المقدّسة. وإن كان المتكفّل لها نفس الإنسان سمّيت بالقوانين الوضعية. ومع غضّ النظر من موافّقية الأديان السماوية وفشل القوانين الوضعية. ومع غضّ النظر عن موفّقية الأديان السماوية وفشل القوانين الوضعية في حفظ المجتمعات البشرية من الانحدار في مهاوي الضلال والهمجية نجد أن القانون والتشريع لا يعطي أثره ولا تظهر ثمرته إلاّ بعد الالتزام بمفاده واجتناب مخالفته. والمقنّن والمشرّع يهتّم

٣

بذلك بنفس الدرجة التي يهتمّ بها في بيان أصل التشريع، فنجده يرسم حدوداً معيّنة لا يسمح للتابعين الخروج عنها، بل يحذّرهم من المخالفة ويوعدهم بالعقاب الأليم، كلّ ذلك لأجل ضمان تنفيذ القوانين، وبالتالي تحقيق أهدافها.

والإسلام الذي يعدّ الذروة في القوانين الإلهية والأطروحة الأنجح في سعادة الإنسان فرداً ومجتمعاً لم يستثن من هذه القاعدة، بل حذّر أتباعه من المخالفة أو ما يصطلح عليه بالذنب، وحذّر المذنبين تحذيراً شديداً من تبعات ذنوبهم في الدنيا والآخرة، كلّ ذلك لأجل أن تعطي شجرة الإسلام المباركة ثمارها وتتحقّق الأغراض الإلهية من خلقة الإنسان في هذه المعمورة.

والكتاب الماثل بين يديك - عزيزنا القارئ - يشير إلى موضوع الذنب بشكلٍ تفصيلي، فقد سعى فيه مؤلّفه الاستاذ الشيخ محسن القراءتي دامت تأييداته في بيان كلّ ما يمتّ إلى هذا الموضوع بصلة باسلوب جزل وبيان سهلٍ يتناسب وحاجة الشباب المعاصر، فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء.

ونحن إذا نقدم على طبع هذا الكتاب ونشره لا يفوتنا أن نتقدّم بالشكر الجزيل للاخوة العاملين في مؤسسة الترجمة الإسلامية الذين سعوا في ترجمته، وكذا نشكر سماحة الفاضل الشيخ محمّد المحمّدي الاشتهاردي على ما بذله في تنقيح أصل الكتاب وجمعه بعد أن كان على شكل محاضرات ودروس في كتاب مستقلّ، سائلين الله عزّ شأنه لهم ولنا توفيق الطاعة وبعد المعصية، إنّه خير موفقٍ ومعين.

مؤسّسة النشر الاسلامي

٤

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الانتباه الى الآفات

لو فرضنا أن هناك بستانين متشابهين من حيث الماء والهواء والتراب والحرارة وكذلك حال الشبه بالنسبة الى اشجارهما الموسمية. وكان لهما فلاحين، أحدهما يهتم بمكافحة الامراض والآفات التي كانت تصيب بستانه.

فمن الطبيعي ان يكون ذلك البستان ذا فاكهة طرية وورود جميلة ومتنوعة.

أما الآخر فكان يجهل أولا يهتم بامراض وآفات بستانه، فنتيجة لذلك تلف بستانه وصار اكلاً للدود وعرضة للذبول.

وهكذا الانسان اذا لم يعالج امراضه الروحية والجسمية فيصبح عنصراً ضاراً وخطراً، واذا انتبه وراقب نفسه وعالج أمراضها فعندما يكون شخصاً مفيداً ولائقاً.

إنّ الآفات والاضرار في الانسان هي عيوبه وذنوبه التي حذرت الكتب السماوية وجميع الانبياء البشر من مغبة التلوث بها مؤكدين على الطهارة واجتناب الذنب.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام):

٥

« آفة النفس الوله بالدنيا »(١) .

وقال الامام الصادق (عليه السلام):

« آفة الدين الحسد والعجب والفخر »(٢) .

وعلى هذا الاساس يجب ان نعرف الآفات ونكافحها بعزم وتصميم.

ان هذا الكتاب الذي بين يدي القارىء والذي دوّن لهذا الغرض، وهو مجموعة من الدروس التي ألقاها حجة الاسلام الشيخ « محسن القراءتي » في تلفزيون الجمهورية الاسلامية على مدى ثلاثين درساً في شهر رمضان سنة ١٣٦٢ هـ ش. قد وقعت مورد إعجاب الجمهور. وهذا الدروس هذبت ونظمت واكتملت حتى اصبحت كتاباً وضعناه تحت اختياركم.

إن السبب وراء بيان هذه المسألة في شهر رمضان.. شهر إصلاح النفس وشهر الصيام.. شهر الكف عن الشهوات والسيطرة على النفس، هو الاستلهام من خطبة الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما كان يتحدث عن فضل شهر رمضان. اذ قام اليه الامام علي (عليه السلام) وسأله:

« يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما هي افضل الاعمال في هذا الشهر »؟

فاجابه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):

____________________

(١) غرر الحكم ج ١ ص ٣٠٥ - ٣٠٩.

(٢) اصول الكافي ج ٢ ص ٣٠٧.

٦

« الورع عن محارم الله »(١) .

إنّ هذه الدروس الاخلاقية العميقة المحتوى قد وضعت في هذا الكتاب على خسمة أقسام(٢) :

١ - معنى الذنب وأقسامه وأبعاده.

٢ - الدواعي والأرضية لايجاد الذنب.

٣ - تبريرات الذنب ومعرفة حدوده، والانتباه للاستثناءات ومعرفة القيم.

٤ - العوامل التي تمنع من الوقوع في الذنب والسيطرة عليه، الوقاية وعلاج الذنب وكيفية التصدي للمذنب.

٥ - الآثار والنتائج السيئة الحاصلة من الذنب، التوبة والتطهير، واصلاح الآثار الوخيمة للذنب.

آمل أن يكون هذا الكتاب مفيداً وذخيرة لنا في القبر والقيامة.

الحوزة العلمية في قم

محمد المحمدي الاشتهاردي

شهر رمضان ١٤٠٩ - ارديبهشت ١٣٦٨

____________________

(١) وسائل الشعية: ج ٧ ص ٢٢٨.

(٢) لقد تم التركيز على بيان روح وعصارة تلك الدروس، ولأجله فقد عضضنا النظر عن كثير من التوضيحات المتعلقة بها.

٧

٨

القسم الأول

معنى الذنب وانواعه

الذنب يعني المخالفة، فكل عمل من الأعمال التي تخالف الاوامر الالهية يعد في نظر الاسلام ذنباً، فحتى لو كان الذنب هيناً فهو عظيم وكبير وذلك لمخالفة الاوامر الربانية وعدم إطاعة الله سبحانه وتعالى.

قال الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر:

« لا تنظر الى صغر الخطيئة ولكن انظر الى من عصيته »(١) .

الاصطلاحات الدالة على الذنب في القرآن الكريم:

ذكرت في القرآن الكريم وعلى لسان الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله سلم) واهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) اصطلاحات كثيرة ومختلفة حول الذنب، حيث يكشف كل منها عن قسم من الآثار السيئة للذنب ويبّين الانواع المختلفة له، والاصطلاحات التي وردت في القرآن الكريم عن الذنب

____________________

(١) مجموعة ورام ج ٢ ص ٥٣.

٩

عبارة عن:

١ - الذنب ٢ - المعصية ٣ - الاثم ٤ - السيئة ٥ - الجرم ٦ - الحرام ٧ - الخطيئة

٨ - الفسق ٩ - الفساد ١٠ - الفجور ١١ - المنكر ١٢ - الفاحشة ١٣ - الخبط

١٤ - الشر ١٥ - اللمم ١٦ - الوزر والثقل ١٧ - الحنث.

* * *

١ - الذنب: ومعناه التابع، وحيث ان كل عمل مخالف للشريعة يتبعه نوع من الجزاء الدنيوي او الاخروي، فقد وردت هذه الكلمة ٣٥ مرة في القرآن الكريم.

٢ - المعصية: ومعناها التمرد والخروج عن الاوامر الالهية، وتعبّر عن تعدي الانسان لحدود العبودية، وقد وردت هذه الكلمة ٣٣ مرة في القرآن الكريم.

٣ - الاثم: ومعناه الخمول، والبط، والعجز، والحرمان من الأجر والثواب. وهو دلالة على أنّ الآثم شخص عاجز ومحروم ولا ينبغي له ان يتوهم بانه فطنّ، وهذه الكلمة ذكرت في القرآن الكريم ٤٨ مرة.

٤ - السيئة: ومعناها العمل القبيح والسيء الموجب للهم والذلة، وتقابلها (الحسنة) التي تعني السعادة والفلاح، ووردت هذه الكلمة في القرآن الكريم ١٦٥ مرة. وكلمة السوء مأخوذة من نفس المصطلح وذكرت ٤٤ مرة في القرآن الكريم.

١٠

٥ - الجرم: ويعني في الاصل: انفصال الثمرة عن الشجرة وكذلك تعني الانحطاط، والجريمة والجرائم اشتقت من نفس هذه المادة، والتلوث بالجرم يبعد الانسان عن الحقيقة، والسعادة، والتكامل، والهدف، وقد وردت هذه الكلمة ٦١ مرة في القرآن الكريم.

٦ - الحرام: وتعني هذه الكلمة المنع والحظر. كلباس الاحرام الذي يرتديه الانسان في الحج والعمرة فيحرم عليه ممارسة عدة من الاعمال، والشهر الحرام هو الشهر الذي يحرّم فيه القتال، والمسجد الحرام يعني المسجد الذي له قدسيّة وحرمة خاصة ويحرم على المشركين الدخول فيه، وقد وردت هذه الكلمة ٧٥ مرة في القرآن الكريم.

٧ - الخطيئة: وتعني الذنب غير المتعمد غالباً. وقد تعني احياناً الذنب الكبير، كما اشير اليها في آيتين في القرآن الكريم. (بلى من كسب شيّئة وأحاطت به خطيئته فاولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)(١) .

ووردت في سورة الحاقة الآية ٣٧.

(لا يأكله إلاّ الخاطئون).

ان ارتكاب الخطيئة يقطع على الانسان طريق النجاة ويمنع دخول الانوار الالهية الى قلبه.

____________________

(١) البقرة: آية ٨١.

١١

هذا الاصطلاح في الاصل هو حالة تحصل للإنسان نتيجة اقترافه الذنب فتمنعه من بلوغ سبيل النجاة وتحجب نفوذ انوار الهداية الى قبله(١) . وردت هذه الكلمة ٢٢ مرة في القرآن الكريم.

٨ - الفسق: ويعني في الأصل خروج نوى التمر عن قشوره، وهو كناية عن خروج المذنب عن طريق الطاعة والعبودية لله سبحانه وتعالى.

اي انه بذنبه قد انتهك حرمة الاوامر الالهية، وفي النتيجة بقي هذا المذنب عارياً وبدون حصن يحصنه وحافظ يحفظه. وقد ورد هذا الاصطلاح ٥٣ مرة في القرآن الكريم.

٩ - الفساد: ويعني الخروج عن حد الاعتدال، ونتيجته الضياع وتبذير القوى، وقد ذكر هذا الاصطلاح ٥٠ مرة في القرآن الكريم.

١٠ - الفجور(٢) : ومعناه تمزق ستار الحياء والسمعة والدين، وعاقبته الافتضاح، وجاء هذا الاصطلاح ست مرات في القرآن الكريم.

١١ - المنكر: وأصله من الانكار بمعنى الغير معروف، وذلك لكون الذنب غير مأنوس لدى الفطرة والعقل السليم، بل يعدانه قبيحاً اجنبياً، وقد ورد هذا الاصطلاح ١٦مرة في القرآن الكريم، وطرح اكثر الاحيان بعنوان النهي عن المنكر.

____________________

(١) الميزان ج ١ ص ٢١٨.

(٢) الفجور شق ستر الديانة (مفردات الراغب ٣٧٣).

١٢

١٢ - الفاحشة: هي الكلام والعمل القبيح الذي لا شك في قبحه. وفي بعض الاحيان تستعمل بمعنى العمل الشديد القبح والعار والتضجر. وقد ورد هذا الاصطلاح ٢٤ مرة في القرآن الكريم.

١٣ - الخبط: ومعناه عدم التعادل والتوازن في القيام والقعود. وكأن المذنب يتحرك حركات غير موزونة ولا معقولة يتبعها خمول وانحطاط.

١٤ - الشر: ومعناه كل شيء قبيح يرفضه الناس.وعلى العكس منه اصطلاح الخير، بمعنى العمل المحبوب لدى الناس وكأن الذنب هو على خلاف الفطرة والاحساس الداخلي للبشر. وهذا الاصطلاح يستعمل غالباً في مورد البلاء والنوائب ويستعمل احياناً في مورد الذنب حيث ورد قوله تعالى في سورة الزلزال بمعنى الذنب:

(ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره)(١) .

١٥ - اللمم: (وهو على وزن قلم) بمعنى التقرب الى الذنب، وبمعنى الاشياء القليلة. ويستعمل في الذنوب الصغيرة، وورد هذا الاصطلاح مرة واحدة في سورة (النجم آية ٣٢).

١٦ - الوزر: ومعناه الثقل.يأتي اكثر الاحيان بمعنى تحمل ذنوب الاخرين. فالوزير يطلق على من يتحمل عبء الحكومة الثقيل، والمذنب غافل عن انه سيحمل على عاتقه حملاً ثقيلاً، وهذا الاصطلاح ذكر ٢٦ مرة في القرآن الكريم.

____________________

(١) سورة الزلزال آية ٨.

١٣

وفي بعض الاحيان ورد اصطلاح « الثقل » في القرآن الكريم في مورد الذنب، كما دلت عليه الآية ١٣ من سورة العنكبوت.

١٧ - الحنث: (على وزن جنس)(١) وأصله التمايل والانحراف نحو الباطل، واكثر ما تستعمل هذه الكلمة للذنوب الناتجة من عدم الوفاء بالوعد، ونقض العهد بعد الالتزام به، التي تعد من الذنوب الكبيرة. وقد ورد هذا الاصطلاح مرتين في القرآن الكريم.

إن هذه الاصطلاحات السبعة عشر يبيّن كلّ واحدٍ منها جزءاً من الآثار الوخيمة للذنب ويجسد الوانه، وكل واحد منها له أسلوب خاص في تحذير الناس من ارتكاب الذنوب.

الاصطلاحات الاخرى في الروايات:

جاءت في الروايات الاسلامية اصطلاحات أخرى للذنوب مثل: الجريرة، الجناية، الزلة، العثرة، والعيب و...

وكل واحد من هذه الاصطلاحات يبين لنا معناً خاصاً للذنب من الممكن للانسان أن يقع فيه.

اقسام الذنب:

قسم علماء الاسلام قديماً الذنب الى قسمين.

١ - الذنوب الكبيرة.

____________________

(١) مفردات الراغب والمنجد (حنث).

١٤

٢ - الذنوب الصغيرة.

وقد نشأ هذا التقسيم من القرآن الكريم والروايات، فمثلاً نقرأ في القرآن الكريم:

الآية ٣١ من سورة النساء:

(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً).

وفي الآية ٤٩ من سورة الكهف:

(ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرةً إلاّ أحصاها).

وفي الآية ٣٢ من سورة النجم:

(الّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش الاّ اللّمم إنّ ربك واسع المغفرة...)(١) .

١ - اللمم (على وزن قلم) واصلها القرب من الذنب وتحتسب من الذنوب الصغيرة.

وفي الآية ٣٧ من سورة الشورى:

(والّذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش).

وفي الآية ٤٨ من سورة النساء:

____________________

(١) اللمم (على وزن قلم) تعني في الاصل الاقتراب نحو الذنب، كما يعبر عن الذنوب الصغيرة بـ « اللمم » ايضاً.

١٥

(إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثّما عظيماً).

لقد أصبح واضحاً من خلال هذه الايات الشريفة ان الذنوب في الاسلام على نوعين: صغيرة وكبيرة.

ويستفاد أيضاً من ان بعض الذنوب (بدون توبة نصوحة) لا عفو فيها وانّ بعضها تشمله المغفرة والعفو الالهي.

تقسيم الذنوب كما جاء في الروايات:

جاءت عن أهل البيت (عليهم السلام) روايات متعددة تبين لنا تقسيم الذنوب الى الكبيرة والصغيرة.

وقد أختصّ بهذا الموضوع ما رود في كتاب اصول الكافي تحت عنوان « باب الكبائر » والذي يحتوي على ٢٤ حديثاً، حيث ورد في الرواية الاولى والثانية من هذا الباب ان الذنوب الكبيرة تطلق على الذنوب التي جعل الله لها النار والجحيم واجباً وحتمياً(١) .

وجاء في بعض هذه الروايات ان الذنوب الكبيرة سبعة انواع (كما جاء في الرواية الثالثة والثامنة)، وفي بعضها انها تسعة عشر ذنباً (رواية ٢٤)(٢) .

____________________

(١) الكبائر التي اوجب الله سبحانه عليها النار. (اصول الكافي ج ٢ ص ٢٧٦).

(٢) اصول الكافي ط آخوندي ج ٢ ص ٢٨٥ - وسائل الشيعة ج ١١ ص ٢٥٢ فما بعدها.

١٦

ومن مجموع هذه الروايات يظهر ان الذنوب تكون من حيث الشدة والضعف على قسمين كبيرة وصغيرة. وبالرغم من ان كل ذنب مخالف للاوامر الالهية يعتبر كبيراً وثقيلاً، ولكن هذا الموضوع لا ينافي كون بعض الذنوب من حيث اثارها الوخيمة اكبر من البعض الاخر وبالتالي تقسيمها الى كبيرة وصغيرة.

ما جاء على لسان الامام الصادق (عليه السلام) حول الذنوب الكبيرة في كتاب الله سبحانه.

قال الامام الكاظم (عليه السلام).

جاء أحد علماء الاسلام وهو (عمرو بن عبيد) الى الامام الصادق (عليه السلام) بعد ان سلّم عليه وقرأ هذه الآية:

(الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش...) (النجم ٣٢).

بعدها سكت ولم يكمل الآية.

قال الامام الصادق (عليه السلام): « لماذا سكتّ؟! ».

اجاب عمرو بن عبيد: أحبّ ان أعرف الذنوب الكبيرة في كتاب الله تعالى:

اجابه الامام (عليه السلام): نعم يا عمرو!، اسمع.

١ - اكبر الذنوب الكبيرة الشرك بالله سبحانه كما قال سبحانه وتعالى:

(ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنّة) (النساء ٧٢).

١٧

٢ - وبعده اليأس من رحمته. قال الله تعالى:

(أنّه لا يياس من روح الله إلاّ القوم الكافرون) (يوسف ٨٧).

٣ - وبعدهما الامان من مكر الله تعالى. قال الله تعالى:

(فلا يأمن من مكر الله إلاّ القوم الخاسرون) (الاعراف ٩٩).

٤ - ومن جملة الذنوب الكبيرة عقوق الوالدين. حيث اطلق الله على عاق الوالدين بـ (جبّاراً شقياً)(١) .

٥ - قتل النفس المحترمة الا في موارد الحق حيث قال الله سبحانه:

(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً) (النساء ٩٣).

٦ - قذف المرأة الطاهرة بالزنا كما يقول الله سبحانه وتعالى:

(إن الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) (النور ٢٣).

٧ - اكل مال اليتيم: قال الله تعالى في مورد عاقبة الذين يأكلون مال اليتيم:

(إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) (النساء الآية ١٠).

الفرار من جبهة الجهاد: كقوله تعالى:

____________________

(١) وقد ورد على لسان عيسى (عليه السلام) (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً) مريم ٣٢.

١٨

(ومن يولّهم يؤمئذ دبره الاّ متحرفاً لقتالٍ أو متحيزاً الى فئةٍ فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير) (الانفال ١٦).

٩ - اكل الربا: قال الله تعالى:

(الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبطه الشّيطان من المسّ) (البقرة ٢٧٧).

١٠ - السحر والشعبذة: حيث قال الله تعالى:

(ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاقٍ) (البقرة ١٠٣).

١١ - الزنا، قال الله تعالى:

(ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً) (الفرقان ٦٨، ٦٩).

١٢ - القسم الكاذب للذنب، قال الله تعالى:

(الّذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الاخرة) (آل عمران ٧٧).

١٣ - الخيانة عند غنائم الحرب، كقوله تعالى:

(ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة) (آل عمران ١٦١).

١٤ - منع الزكاة، حيث قال الله تعالى في مورد عاقبة مانع الزكاة:

(يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم

١٩

وجنوبهم وظهورهم) (التوبة ٣٥).

١٥ - الشهادة كذباً وكتمان شهادة الحق، كقوله تعالى:

(ومن يكتمها فانه آثم قلبه) (البقرة ٢٨٣).

١٦ - شرب الخمر: لان الله سبحانه نهى عنها كما نهى عن عبادة الاوثان والاصنام. كما ورد في (الآية ٩٠) من سورة المائدة.

١٧ - ترك الصلاة او أحد الواجبات الالهية الاخرى عمداً.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

« من ترك الصلاة متعمداً فقد بريء من ذمة الله وذمة رسول الله ».

١٨ و ١٩ - عدم الوفاء بالعهد، وقطع صلة الرحم: كقوله تعالى:

(اولئك لهم الّلعنة ولهم سوء الدّار) (الفرقان ٢٥).

قال الرواي: ولما ان وصل الامام الصادق (عليه السلام) الى هذه النقطة اجهش عمرو بن عبيد بالبكاء والعويل من شدة الحزن وخرج من مجلسه وهو يقول: هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم(١) .

الموازين والمعايير لمعرفة الذنوب الكبيرة والصغيرة:

ما هو المعيار لمعرفة الذنوب الكبيرة من الصغيرة؟ حيث ان هناك اختلافاً كثيراً في اقوال العلماء، فمنهم من يقول: ان المعيار

____________________

(١) اصول الكافي: ج ٢، ص ٢٥٨، - ٢٨٧، أصول الكافي المترجم ج ٣ ص ٣٩٠ - ٣٩٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الباب (12)

التوجه إلى مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام

1 ـ فإذا أردت الخروج من الكوفة والتوجه إلى أمير المؤمنينصلوات الله عليه فاحرز رحلك وتوجه وأنت على طهرك وغسلك ،وعليك السكينة والوقار وتقول :

اللهم إني توجهت(1) من منزلي ابغي فضلك ، وأزور وصي نبيكصلوات الله عليهما ، اللهم فيسر لي ذلك وسبب المزار له ، واخلفنيفي عاقبتي(2) وحزانتي(3) بأحسن الخلافة يا ارحم الراحمين.

فإذا وردت الخندق فقل :

الله أكبر ، أهل الكبرياء والعظمة ، الله أكبر أهل التكبير والتقديسوالتسبيح والمجد والآلاء ، الله أكبر مما أخاف واحذر ، الله أكبر عماديوعليه أتوكل ، الله أكبر رجائي واليه أنيب.

اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي وماتضمره هواجس الصدور(4) ، فأسألك بحق نبيك المرضي ، الذي قطعتبه حجج المحتجين ، وعذر المعتذرين ، فاخترته حجة على العالمين ،

__________________

(1) خرجت ( خ ل ).

(2) العاقبة : الولد.

(3) حزانة الرجل : عياله الذين تتحزن لأمرهم.

(4) هواجس الصدور اي ما يخطر فيها ويدور فيها من الأحاديث والأفكار.

١٨١

ان لا تحرمنا زيارة أمير المؤمنين وثواب مزاره ، وان تجعلني من وفدهالصالحين وشيعته ومنتجبيه المباركين.

وإذا تراءت لك القبة فقل :

الحمد لله على ما اختصني من طيب المولد ، واستخلصني اكرامابه من(1) موالاة الأبرار ، السفرة الأطهار ، والخيرة الاعلام ، اللهم فتقبلسعيي إليك ، وتضرعي بين يديك ، واغفر لي الذنوب [ التي لا تخفىعليك ](2) ، انك أنت الله الملك الغفار.

فإذا وصلت إلى العلم فقل :

اللهم انك ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، ولا يخفى عليك شئ منأمري ، وكيف يخفى عليك ما أنت مكونه وبارؤه ، وقد جئتك مستشفعابنبيك نبي الرحمة ، ومتوسلا بوصي رسولك ، وأسألك بهما اثباتا فيالهدى ، ونورك في الآخرة والأولى ، وقربة إليك ، وزلفة لديك ، انكأنت الملك القديم.

فإذا وصلت إلى باب الحائر كبرت ثلاثين تكبيرة ، وهللت ثلاثينتهليلة ، وحمدت الله ثلاثين تحميدة ، وصليت على محمد وآله ثلاثينمرة ، ثم دنوت من حيث تدخل ، فقدمت رجلك اليمنى وقلت :

__________________

(1) استخلصني اكراما به اي استخلصني به اكراما لي ، ومن بيانية ، يقال : استخلصه لنفسه :استخصه.

(2) من المصادر.

١٨٢

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى اللهعليه وآله.

وصل ركعتين تحية المشهد مندوبا وقل :

السلام على رسول الله خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلامعلى وصيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، السلام على جميع ملائكة هذاالحرم الذي هم به محفون ، وبمشهده محدقون ، ولزواره مستغفرون ،الحمد لله الذي أكرمنا بمعرفته ومعرفة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنفرض علينا طاعته صلى الله عليه ، رحمة وتطولا.

الحمد لله الذي سيرني في بلاده ، وحملني على دوابه ، وطوى ليالبعيد ، ودفع عني المكاره ، وبلغني حرم أخي نبيه ووصي رسولهصلى الله عليهما ، وادخلني البقعة التي قدسها ، وبارك عليه ، واختارهالوصي نبيه صلى الله عليهما.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، اشهدان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشهد ان علياعليه‌السلام عبده وأخو رسوله.

اللهم إني عبدك وزائرك ، الوافد إليك ، المتقرب إليك بزيارة أخينبيك ومستحفظ رسولك صلى الله عليهما وسلم ، وعلى كل مأتي حقلمن زاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور.

فأسألك اللهم بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ،

١٨٣

وبموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، ان تصلي على محمد واله وانتجعل حظي من زيارتي في موضعي فكاك رقبتي من النار ، وتجعلنيممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا ، واجعلني منالخاشعين.

اللهم انك بشرتني على لسان نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت :( وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) (1) .

فاني مؤمن بك وبجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم ،وبكلماتك وأنبيائك ، فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني فيه علىرؤوس الاشهاد ، وأوقفني مع محمد وآله صلواتك عليهم ، وتوفنيعلى التصديق بهم والتسليم لهم ، فإنهم عبيدك ، وأنت خصصتهمبكرامتك ، وأمرتني باتيانهم ، وفرضت علي طاعتهم ، فلك الحمد يارب العالمين.

فإذا وقفت على باب السلام فقل :

السلام على أبي الأئمة ، ومعدن النبوة ، والمخصوص بالاخوة ،السلام على يعسوب(2) الايمان ، وكلمة الرحمن(3) ، وكهف الأنام ، وسلام

__________________

(1) يونس : 2.

(2) اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم ، واصله أمير النحل.

(3) كلمة الرحمن : اي يبين للخلق ما أراد الله اظهاره ، كما أن الكلمة تبين ما في ضميرصاحبها ، أو المراد انه صاحب كلمات الله وعلومه.

١٨٤

على ميزان الأعمال(1) ومقلب الأحوال(2) وسف ذي الجلال ، وسلامعلى صالح المؤمنين ، ووارث علم النبيين ، والحاكم في يوم الدين.

سلام على شجرة التقوى ، وسامع السر والنجوى ، ومنزل المنوالسلوى ، سلام على حجة الله البالغة ، ونعمته السابغة ، ونقمتهالدامغة.

سلام على إسرائيل الأمة ، وباب الرحمة ، وأبي الأئمة ، سلام علىصراط الله الواضح ، والنجم اللائح ، والامام الناصح ، سلام على وجهالله الذي من آمن به امن ، سلام على نفسه القائمة فيه بالسنن ، وعينهالتي من رعته اطمأن ، سلام على اذن الله الواعية في الأمم ، ويدهالباسطة بالنعم ، وجنبه الذي من فرط فيه ندم.

اشهد انك مجازي الخلق ، ومالك الرزق ، والحاكم بالحق ، بعثكالله علما لعباده ، فوفيت بمراده ، وجاهدت فيه حق جهاده ، صلى اللهعليك ، وجعل أفئدة من المؤمنين تهوي إليك ، والخير منك وفييديك.

عبدك الزائر بحرمك ، اللائذ بكرمك ، الشاكر لنعمك ، قد هربإليك من ذنوبه ، ورجاك لكشف كروبه ، فأنت ساتر عيوبه ، فكن لي إلى

__________________

(1) لأنهم ـ على ما ورد في الروايات الكثيرة ـ موازين يوم القيامة وهم يحاسبون الخلق.

(2) اي يقلب أحوالهم من الضلالة إلى الهداية ، ومن الجهل إلى العلم و ، أو انه محنةالورى به يتميز المؤمن من الكافر ، وبه انتقل جماعة من الكفر إلى الايمان ، وبه ظهر كفرالمنافقين ، وله معنى آخر دقيق ليس هنا موضع ذكرها.

١٨٥

الله سبيلا ، ومن الله مقيلا ، ولما آمل فيك كفيلا ، نجني نجاة من وصلحبله بحبلك ، وسلك إلى الله بسبلك ، وأنت سامع الدعاء ، ولي الجزاء ،عليك منا التسليم ، وأنت السيد الكريم ، وأنت بنا رحيم ، منك النوال ،وعليك بعد الله التكلان ، والحمد لله وحده.

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكيا ولي الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا حبيب الله ،السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، السلام عليكيا سيد الوصيين ، السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين.

السلام عليك أيها النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ، وعنهمسؤولون ، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم ، السلام عليك ياأمير المؤمنين ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا حبل اللهوموضع سره ، وعيبة علمه وخازن وحيه.

بابي أنت وأمي يا مولاي يا حجة الخصام ، بابي أنت وأمي يا بابالمقام(1) ، اشهد انك حبيب الله وخاصة الله وخالصته.

واشهد انك عمود الدين ، ووارث علم الأولين والآخرين ،

__________________

(1) باب المقام اي مقام إبراهيم لحج البيت واعتماره لا يقبل الا بولايتك فمن لم يأتهبولايتك فكأنما اتى البيت من غير بابه ، أو باب القيام عند رب العالمين للحساب ، كناية عن أنإياب الخلق إليه وحسابهم عليه ، فكما انه لا يدخل البيت الا بعد المرور على الباب كذلكلا يأتي أحد ليقوم للحساب الا بعد أن يلقاهعليه‌السلام بما هو أهله من البشارة أو الاكتياب ـ البحار.

١٨٦

وصاحب الميسم(1) والصراط المستقيم ، اشهد انك قد بلغت عن اللهوعن رسوله ، ورعيت ما استحفظت ، وحفظت ما استودعت ، وحللتحلال الله ، وحرمت حرام الله ، وأقمت احكام الله ، ولم تتعد حدودالله ، وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين.

اشهد انك أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ،وجاهدت في الله حق جهاده ، ونصحت لله ولرسوله ، وجدت بنفسكصابرا محتسبا ، وعن دين الله مجاهدا ، ولرسول الله موفيا ، ولما عندالله طالبا ، وفيما وعد راغبا ، ومضيت للذي أنت عليه شاهدا وشهيداومشهودا ، فجزاك الله عن رسول الله وعن الاسلام وأهله أفضلالجزاء.

لعن الله من افترى عليك وغضبك ، ولعن الله من قتلك ، ولعنمن بايع على قتلك ، ولعن من بلغه ذلك فرضي به ، أنا إلى الله منهمبرئ ، ولعن الله أمة خالفتك ، وأمة جحدت ولايتك ، وأمة تظاهرتعليك ، وأمة قاتلتك ، وأمة جارت عليك وحادت عنك(2) وخذلتك(3) ،الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود.

__________________

(1) إشارة إلى ما ورد في الاخبار انهعليه‌السلام الدابة التي يخرج في آخر الزمان ، ومعه العصاوالميسم ، يسم بهما وجوه المؤمنين والكافرين.

(2) الحيد : الميل.

(3) خذله : ترك نصرته.

١٨٧

اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتكوأصلهم(1) حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة ،واللات والعزى ، وكل ند يدعى من دون الله ، وكل ملحد مفتر.

اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ، وأولياءهم وأعوانهمومحبيهم لعنا كثيرا ، لا انقطاع له ولا اجل.

اللهم إني أبرأ إليك من جميع أعدائك ، وأسألك اللهم ان تصليعلى محمد وآله وان تجعل لي لسان صدق في أوليائك ، وتحبب إليمشاهدهم ، حتى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة ، ياارحم الراحمين.

ثم تحول إلى عند رأسه صلوات الله عليه وتقول :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، والمسلمين لك بقلوبهم ،والناطقين بفضلك ، والشاهدين على أنك صادق صديق ، عليك يامولاي ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ،اشهد أنك طاهر مطهر ، من طهر طاهر مطهر.

اشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء ، واشهد أنكحبيب الله ، وأنك باب الله(2) الذي يؤتى منه ، وأنك سبيل الله ، وانك

__________________

(1) صلى اللحم : شواه أو ألقاه في النار للاحراق.

(2) المراد بالباب الذي لا يؤتي الا منه ، اي لا يوصل إلى الله والى معرفته وعبادته الابمتابعتك.

١٨٨

عبد الله وأخو رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

اتيتك متقربا إلى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، متعوذا بك مننار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، اتيتك انقطاعا إليك وإلىولدك(1) الخلف من بعدك على بركة الحق ، فقلبي لكم مسلم ، وأمري لكممتبع ، ونصرتي لكم معدة.

أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك ، الوافد إليك ، ألتمس كمالالمنزلة عند الله تعالى ، وأنت يا مولاي ممن أمرني الله بصلته ، وحثنيعلى بره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ،وألهمني طلب الحوائج عنده.

أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ، ولا يخيب من أتاكم ، ولا يخسرمن يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم ، لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا ليمنكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ، ودعائم الدين ، وأركان الأرض ، والشجرةالطيبة.

اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وال رسولك ، واستشفاعيبهم ، اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايتهومعرفته ، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ، ومن علي بنصرك لدينكفي الدنيا والآخرة ، اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالبوذريته الطاهرون.

__________________

(1) المراد بالولد الحسينعليه‌السلام ، أو جميع الأئمةعليهم‌السلام ، فان الولد يكون واحدا وجمعا.

١٨٩

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه ، ثم انفتل إلى القبلةوأنت مقامك عند الرأس ، فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى فاتحة الكتابوسورة الرحمن ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس ، ثم تتشهدوتسلم.

فإذا سلمت فسبح تسبيح الزهراء فاطمةعليها‌السلام واستغفر وادع ، ثماسجد وقل في سجودك :

اللهم إني إليك توجهت ، وبك اعتصمت ، وعليك توكلت ، اللهمأنت ثقتي ورجائي ، فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت اعلم بهمني ، عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك ، صل على محمد وآل محمدوقرب فرجهم.

ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل :

اللهم ارحم ذلي بين يديك ، وتضرعي إليك ، ووحشتي منالناس ، وانسي بك يا كريم.

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل :

لا إله إلا أنت حقا حقا ، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا ، اللهم انعملي ضعيف ، فضاعفه لي يا كريم.

تقول ذلك ثلاثا ، ثم عد إلى السجود وقل : شكرا شكرا ـ مائة مرة.

وتقوم فصل أربع ركعات كما صليت ، ويجزيك ان عدلت عن ذلكإلى ما تيسر من القرآن ، تكمل بالأربع ست ركعات الأوليان ، منها لزيارة

١٩٠

أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأربع لزيارة ادم ونوحعليهما‌السلام ، وتسبح تسبيحالزهراءعليها‌السلام وتستغفر لذنبك وتدعوا بما شئت.

ثم تحول إلى عند الرجلين وقل :

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أنت أولمظلوم ، وأول مغصوب حقه ، صبرت واحتسبت حتى اتاك اليقين ،اشهد انك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلكم بأنواع العذاب.

جئتك زائرا عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ،مواليا لأوليائك ، القى على ذلك ربي إن شاء الله تعالى ، ولي ذنوبكثيرة ، فاشفع لي عند ربك ، فان لك عند الله مقاما معلوما وجاهاوشفاعة ، وقد قال الله تعالى :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى (1) وهم منخشيته مشفقون ) (2) .

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الأئمة من ذريتك ،صلاة لا يحصيها الا هو ، وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته.

واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة ، وأكثر من الاستغفار فإنه

__________________

(1) لعل المراد بالشفاعة أولا في قوله :( فاشفع لي إلى ربك ) الاستغفار في هذه الحالة ،وبالشفاعة ثانيا في قوله :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى ) في القيامة ، اي ادع لي الان بالغفرانلأصير قابلا لشفاعتك في القيامة ، ويحتمل أن يكون المعنى اشفع لي فان كل من شفعتم له فهوالمرتضى ، ويحتمل أن يكون المقصود الاستشهاد بالقران لمجرد وقوع الشفاعة لا لخصوصالمشفوع له ، والله العالم ـ البحار.

(2) الأنبياء : 28.

١٩١

موطن مغفرة ، اساله الحوائج فإنه مقام إجابة ، وأكثر من الصلاة والدعاءوالزيارة والتحميد والتسبيح والتهليل وذكر الله تعالى وتلاوة القرآنوالاستغفار ما استطعت.

زيارة أبي البشر آدم صلى الله عليه :

تقف على ضريح أمير المؤمنينعليه‌السلام وتقول :

السلام عليك يا صفي الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلامعليك يا نبي الله ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا خليفة اللهفي ارضه.

السلام عليك يا أبا البشر ، سلام الله عليك وعلى روحك وبدنك ،وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك ، صلاة لا يحصيها الا هو ورحمة اللهوبركاته.

باب الوداع :

فإذا قضيت نسكك واردت الانصراف فقف على القبر كوقوفكعليه في ابتداء زيارتك ، وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك ،تقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى ضجيعيك ادم ونوحورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله وأسترعيكم واقرأ عليكم

١٩٢

السلام ، امنا بالله وبالرسل ، وبما جاءت به ودلت عليه ، اللهم اكتبنا معالشاهدين.

اللهم إني أشهدك في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي ، اشهدانكم الأئمة ـ وتسميهم واحدا بعد واحد.

واشهد ان من قتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم فيأسفل درك من الجحيم ، واشهد ان من حاربكم لنا أعداء ، وانهم حزبالشيطان ، وعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ومنشرك فيه ومن سره قتلكم.

اللهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم ان تصلي على محمد النبي وآله ـ وتسميهم ـ ولا تجعل هذا اخر العهد من زيارتي إياهم ، فان جعلتهفاحشرني معهم.

اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة ، وحسن المؤازرةوالتسليم(1) .

__________________

(1) رواه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر : 60 والشهيد في مزاره : 29 والمفيد فيمزاره ، عنهم البحار 100 : 281

ذكره عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري : 93 عن صفي الدين بن معدان ، عن الحسينابن الفضل ، عن الحسين بن محمد بن مصعب ، وعن زيد بن علي بن محمد بن يعقوب ، عنالحسين بن محمد بن مصعب ، عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن علي البزازعن صفوان الجمال ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار 100 : 235

١٩٣

الباب (13)

فأما العمل والصلاة ليلة المبعث ، وهي ليلة سبع وعشرين من رجب

الف ـ فإنه روى صالح بن عقبة عن أبي الحسنعليه‌السلام أنه قال : صلليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشرة ركعة ،تقرأ في كل ركعة الحمد ، والمعوذتين ، و( قل هو الله أحد ) أربعا يعنيسورة منها أربع ركعات ، وينوي انه يصلي صلاة ليلة المبعث مندوبا قربةإلى الله تعالى.

فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك أربع مرات :

لا إله إلا الله والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حولولا قوة الا بالله.

ثم ادع ما شئت(1) .

ب ـ رواية أخرى : روي عن أبي جعفر محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام أنه قال : ان في رجب ليلة خير مما طلعت عليه الشمس ، وهي ليلة سبعوعشرين من رجب ، فيها نبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صبيحتها ، وان للعاملفيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة ، قيل له : وما العمل فيها أصلحكالله؟ قال :

__________________

(1) رواه الشيخ في مصباحه : 813 ، عنه السيد في الاقبال 3 : 267 ، عنه الوسائل 8 : 111.

١٩٤

إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ، ثم استيقظت ايساعة شئت من الليل قبل الزوال ، صليت اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ في كلركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل.

فإذا سلمت في كل شفع جلست بعد التسليم ، وقرأت الحمدسبعا ، و( قل هو الله أحد ) ، و( قل يا أيها الكافرون ) سبعا سبعا(1) ،وقلت بعقب ذلك هذا الدعاء :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملكولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

اللهم إني أسألك بمعاقد عزك على أركان عرشك ، ومنتهى الرحمةمن كتابك ، وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وذكرك الاعلى الاعلىالاعلى ، وبكلماتك التامات ان تصلي على محمد واله وان تفعل بي ماأنت أهله(2) .

ويستحب الغسل في هذه الليلة.

__________________

(1) كذا ، وفي بعض المصادر زيادة : المعوذتين وانا أنزلناه وآية الكرسي.

(2) رواه الشيخ في مصباحه : 813.

رواه السيد ابن طاووس في الاقبال 3 : 266 ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن عدة منأصحابنا ، عن عبد الباقي بن قانع بن مروان ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن محمد بن عفيرالضبي.

وأيضا عن محمد بن عبد الله ، عن جعفر بن فروخ ، عن الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عنالضبي ، عنه مستدرك الوسائل 6 : 289.

١٩٥

ويوم السابع والعشرين منه :

فيه بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحب صومه ، وهو أحد الأيامالأربعة في السنة ، ويستحب الغسل فيه ندبا والصلاة المخصوصة.

الف ـ وروى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثانيعليه‌السلام لماكان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام معهجميع حشمه ، وأمرنا ان نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، تقرأفي كل ركعة الحمد وسورة.

فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا ، و( قل هو الله أحد ) أربعا ،والمعوذتين أربعا ، وقلت :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ، ولا حولولا قوة الا بالله العلي العظيم ـ أربعا.

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ أربعا(1) .

ب ـ ويستحب ان يدعي في هذا اليوم بهذا الدعاء :

يا من أمر بالعفو والتجاوز ، وضمن على نفسه العفو والتجاوز ، يامن عفى وتجاوز ، اعف عني وتجاوز يا كريم.

__________________

(1) رواه السيد ابن طاووس في الاقبال 3 : 274 ، عن الشيخ في مصباحه : 814 ، عنهالوسائل 8 : 112.

١٩٦

اللهم وقد أكدى(1) الطلب ، وأعيت الحيلة والمذهب ، ودرستالآمال ، وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.

اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة(2) ، ومناهل(3) الرجاءلديك مترعة(4) ، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة ، والاستعانة لمناستعان بك مباحة ، واعلم انك لداعيك بموضع إجابة ، وللصارخ إليكبمرصد إغاثة ، وان في اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا منمنع الباخلين ، ومندوحة(5) عما في أيدي المستأثرين ، وانك لا تحتجب(6) عن خلقك الا ان تحجبهم الأعمال دونك.

وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة ، وقد ناجاك بعزمالإرادة قلبي ، فأسالك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله ، أو صارخ إليكأغثت صرخته ، أو ملهوف مكروب فرجت عن قلبه(7) ، أو مذنب خاطئغفرت له ، أو معافى أتممت نعمتك عليه ، أو فقير أهديت غناك إليه ،ولتلك الدعوة عليك حق ، وعندك منزلة ، الا صليت على محمد

__________________

(1) أكدى : بخل أو قل خيره.

(2) مشرعة : مفتوحة.

(3) المناهل : المشارب.

(4) مترعة : مملوة.

(5) المندوحة : السعة.

(6) تحجب ( خ ل ).

(7) فرجت كربه ( خ ل ).

١٩٧

وال محمد وقضيت حوائجي وحوائج الدنيا والآخرة.

وهذا رجب المرجب المكرم ، الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم ،أكرمتنا به من بين الأمم يا ذا الجود والكرم ، فنسألك به وباسمك الأعظمالأعظم الأعظم ، الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرجمنك إلى غيرك ، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين ، وتجعلنا منالعاملين فيه بطاعتك ، والآملين فيه لشفاعتك.

اللهم واهدنا إلى سواء السبيل ، واجعل مقيلنا(1) عندك خير مقيل ،في ظل ظليل ، فإنك حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام على عبادهالمصطفين وصلواته عليهم أجمعين.

اللهم بارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته ، وبكرامتك جللته ،وبالمنزل العظيم منك أنزلته ، وصل على من فيه إلى عبادك أرسلته ،وبالمحل الكريم أحللته.

اللهم صل عليه صلاة دائمة ، تكون لك شكرا ولنا ذخرا ، واجعللنا من أمرنا يسرا ، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا ، وقد قبلتاليسير من أعمالنا ، وبلغنا برحمتك أفضل امالنا ، انك على كل شئقدير ، وصلى الله على محمد وآله وسلم(2) .

__________________

(1) المقيل : موضع الاستراحة.

(2) رواه الشيخ في مصباحه : 814.

ذكره السيد في الاقبال 3 : 276 باسناده إلى محمد بن علي الطرازي ، عن علي بن إسماعيلابن يسار.

١٩٨

ج ـ رواية أخرى : رواية أبو القاسم الحسين بن روح رحمة الله عليهقال : تصلي في هذا اليوم اثنتا عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحةالكتاب وما تيسر من السور ، وتتشهد وتسلم وتقول بين كل ركعتين :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ،ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

يا عدتي في مدتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ياغياثي في رغبتي ، يا مجيبي في حاجتي ، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئيفي وحدتي ، يا أنسي في وحشتي.

أنت الساتر عورتي فلك الحمد ، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد ،و أنت المنفس صرعتي فلك الحمد ، صل على محمد وال محمد واسترعورتي ، وآمن روعتي ، وأقلني عثرتي ، واصفح عن جرمي ، وتجاوز عنسيئاتي في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاصوالمعوذتين و( قل يا أيها الكافرون ) و( انا أنزلناه ) وآية الكرسي سبعمرات ، ثم تقول :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ولا حولولا قوة الا بالله ـ سبع مرات.

ثم تقول :

١٩٩

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ سبع مرات.

فاسأل ما أحببت(1) .

فاما الزيادات في عمل رجب :

الف ـ فإنه روي أبو سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الا انرجبا شهر الله الأصم ـ وذكر فضل صيامه وما لصائم أيامه من الثواب ،ثم قال في آخره ـ : قيل : يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنعماذا لينال ما وصفت ، قال : يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمامثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة :

سبحان الاله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له ، سبحانالأعز الأكرم ، سبحان من لبس العز وهو له أهل(2) .

__________________

(1) رواه السيد في الاقبال 3 : 273 ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن أبي العباس احمدابن علي بن نوح ، عن أصل كتاب أبي احمد المحسن بن عبد الحكم الشجري ، عن كتابأبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، عن الحسين بن روح ، عنه المستدرك 6 : 291.

ذكره مع اختلاف السيد في الاقبال 3 : 275 عن الشيخ الطوسي في المصباح : 750 باسنادهعن أبي القاسم بن روح.

(2) رواه السيد في الاقبال 3 : 197 عن جده الشيخ الطوسي ، عن أبي سعيد الخدري.

ذكره الصدوق في أماليه : 429 ، باسناده عن محمد بن أبي إسحاق بن أحمد الليثي ، عن محمدابن الحسين الرازي ، عن علي بن محمد بن علي المفتي ، عن الحسن بن محمد بن المروزي ، عنأبيه ، عن يحيى بن عياش ، عن علي بن عاصم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ،عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ذكره في الاقبال 3 : 284 عن أمالي الصدوق وثواب الأعمال.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277