أخرج الحافظ عبد الرزَّاق عن ابن عُيينة قال: قدم قيس بن سعد على معاوية فقال له معاوية: وأنت يا قيس؟ تلجم عليَّ مع من ألجم؟ أما الله لقد كنت أُحبُّ أن لا تأتيني هذا اليوم إلّا وقد ظفر بك ظفرٌ من أظافري موجع. فقال له قيس: وأنا والله قد كنت كارهاً أن أقوم في هذا المقام فأُحيّيك بهذه التحيَّة. فقال له معاوية: ولِمَ؟ و هل أنتَ حبرٌ من أحبار اليهود؟! فقال له قيس: وأنت يا معاوية؟ كنت صنماً من أصنام الجاهليَّة، دخلتَ في الإسلام كارهاً، وخرجتَ منه طائعاً. فقال معاوية: أللهمّ غفراً مدَّ يدك. فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت (تاريخ ابن كثير 8 ص 99).
* F:BooooksKar2al-qadir-2al-qadir-21index.html (قيس ومعاوية في المدينة)*
بعد الصلح بينهما
دخل قيس بن سعد بعد وقوع الصلح في جماعة من الأنصار على معاوية فقال لهم معاوية: يا معشر الأنصار؟ بِم تطلبون ما قِبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلاً معي كثيراً عليَّ، ولفللتم حدّي يوم صفِّين حتى رأيت المنايا تلظّى في أسنَّتكم، وهجوتموني في أسلافي بأشدّ من وقع الأسنَّة، حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلتم: ارع وصية رسول الله صلّى الله عليه وآله. هيهات يأبى الحقين العذرة.
فقال قيس: نطلب ما قِبلك بالإسلام الكافي به الله لا بما نمت به إليك الأحزاب، وأما عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك، وأما هجاونا إيّاك فقولٌ يزول باطنه ويثبت حقّه، وأمّا إستقامة الأمر فعلى كُره كان منّا، وأمّا فللنا حدّك يوم صفّين فإنّا كنّا مع رجل نرى طاعة الله طاعته، وأمّا وصيّة رسول الله بنا فمن آمن به رعاها بعده، وأمّا قولك: يأبى الحقين العذرة. فليس دون الله يدٌ تحجزك منّا يا معاوية؟ فدونك أمرك يا معاوية؟ فإنَّما مثلك كما قال الشاعر:
يا لك منْ قبَّرة بمَعمر
|
|
خلا لك الجوّ فبيضي واصفري
|
فقال معاوية يموِّه: إرفعوا حوائجكم.
العقد الفريد 2 ص 121، مروج الذهب 2 ص 63، الإمتاع والمؤانسة 3 ص 170.
*(بيان)* قول معاوية: يأبى الحقين العذرة. مثلٌ سايرٌ، أصله: أنّ رجلاً نزل بقوم فاستسقاهم لبناً فاعتلّوا عليه وزعموا أن لا لبن عندهم، وكان اللبن محقوناً في وطاب