الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ٢

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 388
مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 388
وديني فلم أر يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلماً محرَّماً برّاً تقيّاً فنستغفر الله عزَّ وجلَّ العصمة لذنوبنا ونسأله لديننا، ألا وإنّي قد ألقيت إليكم بالسلم، وإنّي أجبتك إلى قتال قتلة عثمان رضي الله عنه إمام الهدى المظلوم، فعوِّل عليَّ فيما أحببت من الأموال والرجال اُعجّل عليك. والسَّلام.(١)
إنَّ شنشنة التقوُّل والإفتعال غريزةٌ ثابتةٌ في سجايا معاوية، ومنذ عهده شاعت الأحاديث المزوَّرة فيما يعنيه من فضل بني أُميَّة والوقيعة في بني هاشم عترة الوحي وأنصاره يوم كان يَهبُ القناطير المقنطرة من الذهب والفضَّة لأهل الجباه السود فيضعون له في ذلك روايات معزوَّة إلى صاحب الرسالة صلّى الله عليه وآله، فإنّه بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم ليروي أنّ قوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) . نزل في إبن ملجم أشقى مراد. وقوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ) . الآية. نزل في عليّ أمير المؤمنين. فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف درهم فقبل(٢) وله من نظاير هذا شيءٌ كثيرٌ.
فليس من البدع إختلاقه على قيس وهو يفتعل على سيِّده النبيِّ الأطهر ما لم يقله، و على أمير المؤمنين ما لم يكن، وعلى سروات المجد من بني هاشم الأطيبين ماهم عنه بُعداء. فهو مبتدع هذه الخزايات العايدة عليه وعلى لفيفه في عهد ملوكيَّته المظلم، وعلى هذا كان دينه وديدنه، ثمَّ تمرَّنت رواة السوء من بعده على رواية الموضوعات وشاعت و كثرت إلى أن ألقت العلماء وحفظة الحديث في جهود متعبة بالتأليف في تمييز الموضوع من غيره، والخبيث من الطيِّب.
لم يزل معاوية دائباً على ذلك متهالكاً فيه حتى كبر عليه الصغير، وشاخ الكهل وهرم الكبير، فتداخل بغض أهل البيت عليهم السلام في قلوب ران عليها ذلك التمويه، فتسنَّى له لعن أمير المؤمنين عليه السلام وسبّه في أعقاب الصَّلوات في الجمعة والجماعات
____________________
١ - تاريخ الطبري ٥ ص ٢٢٩، كامل ابن الأثير ٣ ص ١١٧، شرح ابن أبي الحديد ٢ ص ٢٤.
٢ - شرح ابن أبي الحديد ١ ص ٣٦١.
وعلى صهوات المنابر في شرق الأرض وغربها حتى في مهبط وحي الله (المدينة المنوَّرة) قال الحموي في معجم البلدان ٥ ص ٣٨: لُعن عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يُلعن على منبر سجستان إلّا مرّة وامتنعوا على بني أُميَّة حتى زادوا في عهدهم: وأن لا يُلعن على منبرهم أحدٌ. وأيّ شرف أعظم من إمتناعهم من لعن أخي رسول الله صلّى الله عليه وآله على منبرهم وهو يُلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة. ا هـ.
لَمّا مات الحسن بن علي عليهما السلام حجَّ معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليّاً على منبر رسول الله صلّى الله عليه وآله فقيل له: إنّ ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه ذكر له ذلك فقال: إن فعلت لأخرجنَّ من المسجد ثمّ لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتّى مات سعد فلمّا مات لعنه على المنبر وكتب إلى عمّاله: أن يلعنوه على المنابر. ففعلوا فكتبت أُمّ سلمة زوج النبيِّ صلّى الله عليه وآله إلى معاوية: إنَّكم تعلنون الله ورسوله على منابركم وذلك إنَّكم تلعنون عليَّ بن أبي طالب ومن أحبَّه وأنا أشهد أنّ الله أحبَّه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها(١) .
قال الجاحظ في كتاب الردِّ على الإماميّة: إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبته: أللهمَّ إنّ أبا تراب ألحد في دينك. وصدَّ عن سبيك، فالعنه لعناً وبيلاً، وعذِّبه عذاباً أليماً. وكتب ذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يُشاد بها على المنابر إلى أيّام عمر بن عبد العزيز. وإنَّ قوماً من بني أُميَّة قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين؟ إنّك قد بلغت ما أمّلت فلو كففت عن هذا الرجل. فقال: لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكرٌ فضلاً.
وذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١ ص ٣٥٦.
قال الزمخشري في ربيع الأبرار على ما يعلق بالخاطر، والحافظ السيوطي: إنّه كان في أيّام بني أُميَّة أكثر من سبعين ألف منبر يُلعن عليها عليّ بن أبي طالب بما سنَّه لهم معاوية من ذلك. وفي ذلك يقول العلّامة الشيخ أحمد الحفظي الشافعي في أُرجوزته:
____________________
١ - العقد الفريد ٢ ص ٣٠٠.
وقد حكى الشيخ السيوطي: إنَّهْ |
قد كان فيما جعلوه سُنَّهْ |
|
سبعون ألف منبر وعَشَرَهْ |
من فوقهنّ يلعنون حيدرهْ |
|
وهذه في جنبها العظائمُ |
تصغر بل تُوجّه اللوائمُ |
|
فهل ترى مَن سنَّها يُعادى؟ |
أم لا وهل يُستر أو يهادى؟؟ |
|
أو عالمٌ يقول: عنه نسكتُ؟ |
أجب فإنّي للجواب منصتُ |
|
وليت شعري هل يقال: إجتهدا |
كقولهم في بغيه أم ألحدا؟ |
|
أليس ذا يُؤذيه أم لا؟ فاسمعن |
إنَّ الذي يُؤذيه مَن ومَن ومَن؟؟؟ |
|
بل جاء في حديث أُمّ سلمهْ |
: هل فيكم الله يُسبُّ مَهْ لِمَهْ؟ |
|
عاون أخا العرفان بالجوابِ |
وعاد من عادى أبا ترابِ |
وكان أمير المؤمنين يخبر بذلك كلّه ويقول: أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجلٌ رحب البلعوم، مندحق البطن(١) يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنَّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي. (نهج البلاغة).
ونحن لو بسطنا القول في المقام لخرج الكتاب عن وضعه إذ صحايف تاريخ معاوية السوداء ومن لفَّ لفَّه من بني أُميَّة إنّما تُعدّ بالآلاف لا بالعشرات والمئات.
*(الصلح بين قيس ومعاوية)*
أمَّرت شرطة الخميس قيس بن سعد على أنفسهم (وكان يُعرف بصاحب شرطة الخميس كما في الكشي ص ٧٢) وتعاهد هو معهم على قتال معاوية حتى يشترط لشيعة عليّ ولمن كان إتَّبعه على أموالهم ودمائهم وما أصابوا في الفتنة، فأرسل معاوية إلى قيس يقول: على طاعة مَن تُقاتل؟ وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك. فأبى قيس أن يلين له حتّى أرسل إليه معاوية بسجلّ قد ختم عليه في أسفله وقال: اكتب في هذا ما شئت فهو لك. فقال عمرو بن العاص لمعاوية: لا تعطه هذا وقاتله. فقال معاوية: على رسلك فإنّا لا نخلص إلى قتلهم حتى يقتلوا أعدادهم من أهل الشام، فما خير العيش بعد ذلك؟ فإنّي والله لا أقاتله أبداً حتى لا أجد من قتاله بُدّاً. فلمّا بعث إليه معاوية
____________________
١ - مندحق البطن: واسعها. كان معاوية موصوفاً بالنهم وكثرة الأكل.
٢ - تاريخ الطبري ٦ ص ٩٤، كامل ابن الأثير ٣ ص ١٦٣.
ذلك السجل إشترط قيس له ولشيعة عليّ أمير المؤمنين عليه السلام الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال، ولم يسأل في سجلّه ذلك مالاً، وأعطاه معاوية ما سأل و دخل قيس ومن معه في طاعته.(٢)
قال أبو الفرج فأرسل معاوية إليه يدعوه إلى البيعة، فلمّا أرادوا إدخاله إليه قال: إنّي حلفت أن ألقاه إلّا بيني وبينه الرمح أو السيف. فأمر معاوية برمح وسيف فوضعا بينهما ليبرَّ يمينه، فلمّا دخل قيس ليبايع وقد بايع الحسن عليه السلام فأقبل على الحسن عليه السلام فقال: أفي حلٍّ أنا من بيعتك؟ فقال: نعم. فأُلقي له كرسيٌّ وجلس معاوية على سرير والحسن معه فقال له معاوية: أتبايع يا قيس؟ قال: نعم. ووضع يده على فخذه ولم يمدَّها إلى معاوية، فجاء معاوية من سريره وأكبّ على قيس حتى مسح يده وما رفع إليه قيسٌ يده(١) .
قال اليعقوبي في تاريخه ٢ ص ١٩٢: بويع معاوية بالكوفة في ذي القعدة سنة ٤٠ و أحضر الناس لبيعته، وكان الرجل يحضر فيقول: والله يا معاوية؟ إنّي لاُبايعك وإنّي لكارهٌ لك. فيقول: بايع فإنَّ الله قد جعل في المكروه خيراً كثيراً، ويأتي الآخر فيقول: أعوذ بالله من نفسك. وأتاه قيس بن سعد بن عبادة، فقال: بايع قيس. قال: إنّي كنت لأكره مثل هذ اليوم يا معاوية؟ فقال له: مَه رحمك الله. فقال: لقد حرصت أن أفرّق بين روحك وجسدك قبل ذلك فأبى الله يا بن أبي سفيان إلّا ما أحبَّ. قال: فلا يُردّ أمر الله. قال: فأقبل قيس على الناس بوجهه فقال:
يا معشر الناس؟ لقد اعتضتم الشرّ من الخير، واستبدلتم الذلّ من العزّ، و الكفر من الإيمان، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين، وسيِّد المسلمين، وابن عمّ رسول ربِّ العالمين، وقد وليكم الطليق ابن الطليق، يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف تجهل ذلك أنفسكم؟ أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون؟.
فجثا معاوية على ركبته ثمّ أخذ بيده وقال: أقسمت عليك ثمَّ صفق على كفّه ونادى الناس: بايع قيس. فقال: كذبتم والله ما بايعتُ. ولم يبايع لمعاوية أحدٌ إلّا أُخذ عليه الإيمان، فكان أوَّل من استحلف على بيعته.
____________________
١ - شرح نهج البلاغة لابن أبي الجديد ٤ ص ١٧.
أخرج الحافظ عبد الرزَّاق عن ابن عُيينة قال: قدم قيس بن سعد على معاوية فقال له معاوية: وأنت يا قيس؟ تلجم عليَّ مع من ألجم؟ أما الله لقد كنت أُحبُّ أن لا تأتيني هذا اليوم إلّا وقد ظفر بك ظفرٌ من أظافري موجع. فقال له قيس: وأنا والله قد كنت كارهاً أن أقوم في هذا المقام فأُحيّيك بهذه التحيَّة. فقال له معاوية: ولِمَ؟ و هل أنتَ حبرٌ من أحبار اليهود؟! فقال له قيس: وأنت يا معاوية؟ كنت صنماً من أصنام الجاهليَّة، دخلتَ في الإسلام كارهاً، وخرجتَ منه طائعاً. فقال معاوية: أللهمّ غفراً مدَّ يدك. فقال له قيس: إن شئت زدت وزدت (تاريخ ابن كثير ٨ ص ٩٩).
* F:BooooksKar٢al-qadir-٢al-qadir-٢١index.html (قيس ومعاوية في المدينة)*
بعد الصلح بينهما
دخل قيس بن سعد بعد وقوع الصلح في جماعة من الأنصار على معاوية فقال لهم معاوية: يا معشر الأنصار؟ بِم تطلبون ما قِبلي؟ فوالله لقد كنتم قليلاً معي كثيراً عليَّ، ولفللتم حدّي يوم صفِّين حتى رأيت المنايا تلظّى في أسنَّتكم، وهجوتموني في أسلافي بأشدّ من وقع الأسنَّة، حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلتم: ارع وصية رسول الله صلّى الله عليه وآله. هيهات يأبى الحقين العذرة.
فقال قيس: نطلب ما قِبلك بالإسلام الكافي به الله لا بما نمت به إليك الأحزاب، وأما عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك، وأما هجاونا إيّاك فقولٌ يزول باطنه ويثبت حقّه، وأمّا إستقامة الأمر فعلى كُره كان منّا، وأمّا فللنا حدّك يوم صفّين فإنّا كنّا مع رجل نرى طاعة الله طاعته، وأمّا وصيّة رسول الله بنا فمن آمن به رعاها بعده، وأمّا قولك: يأبى الحقين العذرة. فليس دون الله يدٌ تحجزك منّا يا معاوية؟ فدونك أمرك يا معاوية؟ فإنَّما مثلك كما قال الشاعر:
يا لك منْ قبَّرة بمَعمر |
خلا لك الجوّ فبيضي واصفري |
فقال معاوية يموِّه: إرفعوا حوائجكم.
العقد الفريد ٢ ص ١٢١، مروج الذهب ٢ ص ٦٣، الإمتاع والمؤانسة ٣ ص ١٧٠.
*(بيان)* قول معاوية: يأبى الحقين العذرة. مثلٌ سايرٌ، أصله: أنّ رجلاً نزل بقوم فاستسقاهم لبناً فاعتلّوا عليه وزعموا أن لا لبن عندهم، وكان اللبن محقوناً في وطاب
عندهم، يُضرب به الكاذب الذي يعتذر ولا عذر له، يعني: أنّ اللبن المحقون لديكم يكذّبكم في عذركم. فما في مروج الذهب من: يأبى الحقير العذرة. وفي العقد الفريد أبي الخبير العذر. فهو تصحيف.
*(قيس ومعاوية في المدينة) *
روى التابعيُّ الكبير أبو صادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال: قدم معاوية حاجّاً في أيّام خلافته بعد ما مات الحسن بن علي عليها السلام فاستقبله أهل المدينة فنظر فإذا الذين استقبلوه عامّهم قريش فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة فقال: ما فعلت الأنصار، وما بالها ما تستقبلني؟؟!! فقيل: إنَّهم محتاجون ليس لهم دواب. فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد: أفنوها يوم بدر واُحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلّى الله عليه وآله حين ضربوك وأباك على الإسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون. فقال معاوية: أللّهمّ اغفر. فقال قيس: أما إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: سترون بعدي أثرة. فقال معاوية: فما أمركم به؟ قال أمرنا أن نصبر حتّى نلقاه. قال: فاصبروا حتّى تلقونه.
ثمّ قال يا معاوية: تُعيِّرنا بنواضحنا؟ والله لقد لقيناكم عليها يوم بدر وأنتم جاهدون على إطفاء نور الله، وأن تكون كلمة الشيطان هي العليا، ثمَّ دخلتَ أنت وأبوك كرهاً في الإسلام الذي ضربناكم عليه. فقال معاوية: كأنّك تمنّ علينا بنصرتكم إيّانا فللّه ولقريش بذلك المنّ والطول. ألستم تمنّون علينا يا معشر الأنصار بنصرتكم رسول الله وهو من قريش وهو إبن عمّنا ومنّا، فلنا المنّ والطول إن جعلكم الله أنصارنا وأتباعنا فهداكم بنا. فقال قيس:
إنّ الله بعث محمداً صلّى الله عليه وآله رحمةً للعالمين فبعثه إلى الناس كافَّة، وإلى الجنّ والإنس والأحمر والأسود والأبيض إختاره لنبوَّته، واختصَّه برسالته، فكان أوَّل من صدّقه وآمن به إبن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأبو طالب يذبُّ عنه ويمنعه ويحول بين كفّار قريش وبين أن يردعوه أو يؤذوه وأمره أن يبلِّغ رسالة ربِّه، فلم يزل ممنوعاً من الضيم والأذى حتى مات عمّه أبو طالب وأمر إبنه بموازرته فوازره ونصره، وجعل نفسه دونه في كلِّ شديدة وكلِّ ضيق وكلِّ خوف، واختصَّ الله بذلك
عليّاً عليه السلام من بين قريش، وأكرمه من بين جميع العرب والعجم، فجمع رسول الله صلّى الله عليه وآله جميع بني عبد المطلب فيهم أبو طالب وأبو لهب وهم يومئذ أربعون رجلاً فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وخادمه عليّ عليه السلام ورسول الله صلّى الله عليه وآله في حجر عمِّه أبي طالب فقال: أيّكم ينتدب أن يكون أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي في أُمَّتي ووليّ كل مؤمن بعدي. فسكت القوم حتى أعادها ثلاثاً، فقال عليّ عليه السلام: أنا يا رسول الله؟ صلّى الله عليك. فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه وقال: أللهمّ املأ جوفه علماً وفهماً وحكماً. ثمَّ قال لأبي طالب: يا أبا طالب؟ اسمع الآن لابنك وأطع فقد جعله الله من نبيِّه بمنزلة هارون من موسى. وآخى صلّى الله عليه وآله بين عليّ وبين نفسه. فلم يدع قيس شيئاً من مناقبه إلّا ذكره واحتجَّ به.
وقال: منهم: جعفر بن أبي طالب الطيّار في الجنّة بجناحين إختصَّه الله بذلك من بين الناس. ومنهم: حمزة سيِّد الشهداء. ومنهم: فاطمة سيِّدة نساء أهل الجنَّة. فإذا وضعت من قريش رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل بيته وعترته الطيِّبين فنحن والله خيرٌ منكم يا معشر قريش؟ وأحبّ إلى الله ورسوله وإلى أهل بيته منكم، لقد قُبض رسول الله فاجتمعت الأنصار إلى أبي ثمّ قالوا: نُبايع سعداً فجائت قريش فخاصمونا بحجَّة عليّ وأهل بيته، وخاصمونا بحقّه وقرابته، فما يعدوا قريش أن يكونوا ظلموا الأنصار وظلموا آل محمد، ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا لِقريش ولا لِأحد من العرب والعجم في الخلافة حقٌّ مع عليّ بن أبي طالب وولده من بعده.
فغضب معاوية وقال: يا بن سعد؟ عمَّن أخذت هذا؟ وعمَّن رويته؟ وعمَّن سمعته؟ أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟؟!! فقال قيس: سمعته وأخذته ممَّن هو خيرٌ من أبي وأعظم عليَّ حقّاً من أبي. قال: مَن؟ قال: عليُّ بن أبي طالب عالم هذه الأُمَّة، وصدّيقها؟ الّذي أنزل الله فيه: قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومَن عنده علم الكتاب - فلم يدع آية نزلت في عليّ إلّا ذكرها - قال معاوية: فإنَّ صدّيقها أبو بكر، وفاروقها عمر والّذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام. قال قيس: أحقّ هذه الأسماء وأولى بها الّذي أنزل الله فيه:( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) ، والّذي نصبه رسول الله صلّى الله عليه وآله بغدير خمّ فقال: مَن كنت مولاه أولى به من نفسه
فعليٌّ أولى به من نفسه، وقال في غزوة تبوك: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي.
كلّ ما ذكره قيس في هذه المناظرة من الآيات النازلة في أمير المؤمنين، والأحاديث النبويَّة المأثورة في فضله، أخرجها الحفّاظ والعلماء في المسانيد والصحاح نذكر كُلّاً منها في محلّه إنشاء الله كما مرّ بعضها.
*(قيس في خلقته)*
إنّ للأشكال والهيئات دخلاً في مواقع الأُبَّهة والإكبار، فإنَّها هي التي تملأ العيون بادئ بدء، وهي أوَّل ما تقع عليه النظر من الإنسان قبل كلّ ما انحنت عليه أضالعه، من جاشٍ رابط، وبطولة وبسالة، ودهاء وحزم، ولذلك قيل: إنّ للهيئة قسطاً من الثمن، وهذا في الملوك والأُمراء، وذوي الشئون الكبيرة آكد، فإنّ الرعيَّة تتفرَّس في العظيم في جثّته عظماً في معنويّاته، وتترسَّم منه كبر نفسياته، وشدّة أمره، ونفوذ عزائمه، وترضخ له قبل الضئيل الذي يحسب أنّه لا حول له ولا طول، وإنَّه يضعف دون إدارة الشئون طوقه وأوقه، ولذلك إنّ الله سبحانه لَمّا عرَّف طالوت لبني إسرائيل ملِكا عرَّفه بأنّه أوتي بسطةً في العلم والجسم، فبعلمه يُدير شئون الشعب الدينيَّة والمدنيَّة. ويكون ما أوتي من البسطة في الجسم من مؤكّدات الأُبّهة و الهيبة التي هي كقوَّة تنفيذيَّة لموادِّ العلم وشئونه.
إنّ سيِّد الأنصار «قيس » لَمّا لم يدع الله سبحانه شيئاً من صفات الفضيلة ظاهرةً وباطنةً إلّا وجمعه فيه من علم، وعمل، وهدى، وورع، وحزم، وسداد، وعقل، ورأي ودهاء، وذكاء، وإمارة، وحكومة، ورياسة وسياسة، وبسالة، وشهامة، وسخاء، و كرم، وعدل، وصلاح، لم يشأ يخليه عن هذه الخاصَّة المربية بمقام العظماء.
فقال شيخنا الديلمي في إرشاده ٢ ص ٣٢٥: إنَّه كان رجلاً طوله ثمانية عشر شبراً في عرض خمسة أشبار، وكان أشدَّ الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين. وقال أبو الفرج: كان قيس رجلاً طوالاً يركب الفرس المشرف ورجلاه يخطّان في الأرض. ومرَّ ص ٧٧ عن المنذر بن الجارود أنه رآه في الزاوية على فرس أشقر تخطُّ رجلاه في الأرض. وقال أبو عمر والكشي في رجاله ص ٧٣: كان قيس من العشرة الذين لحقهم النبيّ صلّى الله عليه وآله
من العصر الأوَّل ممَّن كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان قيس وأبوه سعد طولهما عشر أشبار بأشبارهم. وعن كتاب الغارات لإبراهيم الثقفي أنّه قال: كان قيس طوالاً أطول الناس وأمدّهم قامة، وكان سناطاً أصلع شيخاً شجاعاً مجرَّباً مناصحاً لعليّ ولولده ولم يزل على ذلك إلى أن مات.
عدَّ الثعالبي في «ثمار القلوب» ص ٤٨٠ من الأمثال الدائرة والمضافات المعروفة والمنسوب السائر: سراويل قيس. وقال: إنَّه يُضرب مثلاً لثوب الرجل الضخم الطويل، وكان قيصر بعث إلى معاوية بعلج من علوج الروم طويل جسيم، معجباً بكمال خلقته و إمتداد قامته، فعلم معاوية أنّه ليس لمطاولته ومقاومته إلّا قيس بن سعد بن عبادة فإنَّه كان أجسم الناس وأطولهم، فقال له يوماً وعنده العلج: إذا أتيت رحلك فابعث إليَّ بسراويلك. فعلم قيس مراده فنزعها ورمى بها إلى العلج والناس ينظرون فلبسها العلج فطالت إلى صدره، فعجب الناس وأطرق الرومي مغلوباً، وليمَ قيس على ما فعل بحضرة معاوية فأنشد يقول:
أردتُ لكيما يعلم الناس أنَّها |
سراويل قيس والوفود شهودُ |
|
وأن لا يقولوا: غاب قيسٌ وهذه |
سراويل عادٍ قد نمته ثمودُ |
|
وإنّي من القوم اليمانين سيِّدٌ |
وما الناس إلّا سيِّدٌ ومسودُ |
|
وبزَّ جميع الناس أصلي ومنصبي |
وجسمٌ به أعلو الرجال مدْيدُ |
ورواها ابن كثير في «البداية والنهاية» ٨ ص ١٠٣ بتغيير فيها ثمَّ قال: وفي رواية: أنّ ملك الروم بعث إلى معاوية برجلين من جيشه يزعم أنّ أحدهما أقوى الروم والآخر أطول الروم: فانظر هل في قومك من يفوقهما في قوَّة هذا وطول هذا؟ فإن كان في قومك مَن يفوقهما بعثت إليك من الأسارى كذا وكذا ومن التحف كذا وكذا، وإن لم يكن في جيشكَ من هو أقوى وأطول منهما فهادني ثلاث سنين. فلمّا حضروا عند معاوية قال: مَن لهذا القويِّ؟ فقالوا: ما له إلّا أحد رجلين إمّا محمد بن الحنفيَّة أو عبد الله بن الزبير، فجيئ بمحمد بن الحنفيَّة وهو ابن عليّ بن أبي طالب فلمّا إجتمع الناس عند معاوية قال له معاوية: أتعلم فيمَ أرسلت إليك؟ قال: لا. فذكر له أمر الروميِّ وشدَّة بأسه فقال للروميِّ: إمّا أن تجلس لي أو أجلس لك، وتناولني يدك أو أُناولك يدي فأيّنا قدر
على أن يُقيم الآخر من مكانه غلبه وإلّا فقد غُلب. فقال له: ماذا تريد؟ تجلس أو أجلس؟ فقال له الروميُّ: بل اُجلس أنت. فجلس محمد بن الحنفيَّة وأعطى الروميَّ يده فاجتهد الروميُّ بكلّ ما يقدر عليه من القوَّة أن يُزيله من مكانه أو يحرِّكه ليقيمه فلم يقدر على ذلك ولا وجد إليه سبيلاً، فغُلب الروميُّ عند ذلك وظهر لمن معه من الوفود من بلاد الروم أنّه قد غُلب، ثمّ قام محمد بن الحنفيَّة فقال للروميِّ: اُجلس لي. فجلس وأعطى محمداً يده فما أمهله أن أقامه سريعاً ورفعه في الهواء ثمّ ألقاه على الأرض، فسرَّ بذلك معاوية سروراً عظيماً؛ ونهض قيس بن سعد فتنحّى عن الناس ثمّ خلع سراويله وأعطاها لذلك الروميّ الطويل فبلغت إلى ثدييه وأطرافها تخطُّ بالأرض، فاعترف الروميُّ بالغلب وبعث ملكهم ما كان إلتزمه لمعاوية.
يستفيد القارئ من أمثال هذه الموارد من التاريخ أنَّ أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم كانوا هم المرجع لحلِّ المشكلات من كلِّ الوجوه كما أنَّ مولاهم أمير المؤمنين عليه السلام كان هو المرجع الفذُّ فيها لدى الصدر الأول.
وفاته
قال الواقدي وخليفة بن خيّاط والخطيب البغدادي في تاريخه ١ ص ١٧٩ وإبن كثير في تاريخه ٨ ص ١٠٢ وغيرهم بكثير: إنّه تُوفّي بالمدينة في آخر خلافة معاوية. فإن عُدّتْ سنة وفاة معاوية من سني خلافته فالمترجم له تُوفّي في سنة ستِّين، وإلّا ففي تسع وخمسين، ولعلَّ هذا منشأ ترديد إبن عبد البرّ في الإستيعاب وإبن الأثير في أُسد الغابة في تاريخ وفاته بين السنتين، ففي الأوَّل: إنَّه توفّي سنة ستِّين. وقيل تسع وخمسين في آخر خلافة معاوية، وفي الثاني بالعكس، وذكر إبن الجوزي سنة ٥٩ وتبعه إبن كثير في تاريخه، وهناك قول لإبن حبّان متروكٌ قال: إنَّه هرب من معاوية ومات سنة ٨٥ في خلافة عبد الملك. ذكره ابن حجر في الإصابة ٣ ص ٢٤٩، وأستصوب قول خليفة ومن وافقه.
بيت قيس
كان في العصور المتقادمة آل قيس من أشرف بيوتات الأنصار، وما زال منبثق أنوار العلم والمجد في أدواره، بين زعيم، وحافظ، وعالم، ومحدِّث، ومشفوع بالصلاح
والقداسة، منهم:
أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عمّار بن يحيى بن العبّاس بن عبد الرحمن بن سالم بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري. ترجم له السمعاني في «الأنساب» وقال: من أشرف بيت في الأنصار، ومن أوحد مشايخ نيسابور في الثروة والعدالة والورع والقبول والإتقان من الرواية، وأكثرهم طلباً للحديث والفهم والمعرفة، سمع بنيسابور محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، و عبد الرحمن بن بشير بن الحكم، وبالعراق عمر بن شبّه النميري، والحسن بن محمد بن الصباح، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأحمد بن سنان القطّان، وبالحجاز بحر بن نصر الخولاني، وبالري أبا زرعة، ومحمد بن مسلم بن داره، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن عبدوس، ومحمد بن شريك الإسفرايني، وأبو أحمد إسماعيل بن يحيى بن زكريّا، مات في جمادى الآخر سنة ٣١٧ بنيسابور.
م - ومنهم: أبو بكر محمد بن أبي نصر أحمد بن العبّاس بن الحسن بن جبلة بن غالب بن جابر بن نوفل بن عياض بن يحيى بن قيس بن سعد الأنصاري الشهير بالعِياضي [ بكسر العين ] ذكره السمعاني في «الأنساب» وقال: من أهل سمرقند كان فقيهاً جليلاً من رؤساء البلدة والمنظورين إليهم، روى عن أبي علي محمد بن محمد بن الحرث الحافظ السمرقندي لقيه أبو سعد الإدريسي(١) ولم يكتب عنه شيئاً(٢) .
ومنهم: أبو أحمد بن أبي نصر العياضي أخو أبي بكر العياضي المذكور ].
ومنهم: إبن المطري أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن خلف بن عيسى بن عسّاس بن يوسف بن بدر بن عثمان الأنصاري الخزرجي العبادي المدني. قال أبو المعالي السلامي في «المختار» كما في منتخبه ص ٧٢: إنَّه من ولد قيس بن سعد بن عبادة.
كان حافظ وقته، حسن الأخلاق، كثير العبادة، جميل العشرة مع العلماء وروّاد العلم، إرتحل في سماع الحديث إلى الشام ومصر والعراق، ورأى في حياته كوارث، نهبت داره سنة ٧٤٢ وحبس مدَّة ثمّ أُطلق، له كتاب [ الإعلام فيمن دخل المدينة من
____________________
م - ١ - أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الاسترابادي نزيل سمرقند والمتوفى بها في سلخ ذي الحجة سنة ٤٠٥).
م - ٢ - وذكره وأخاه محيي الدين ابن أبي الوفاء في «الجواهر المضية» ص ١٣).
الأعلام ] سمع الحديث بالمدينة المشرَّفة من أبي حفص عمر بن أحمد السوداني، وبالقاهرة من أبي الحسن عليّ بن عمر الواني، ويوسف بن عمر الختني، ويوسف بن محمد الدبابيسي، وبالإسكندريَّة من عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة، وبدمشق من أحمد بن أبي طالب بن الشحنة، والقاسم بن عساكر، وأبي نصر إبن الشيرازي، وببغداد من محمد بن عبد المحسن الدواليبي. توفِّي بالمدينة المشرَّفة في ربيع الأوَّل سنة ٧٦٥.(١)
ومنهم: أبو العبّاس أحمد بن محمد بن عبد المعطي بن أحمد بن عبد المعطي بن مكّي بن طرد بن حسين بن مخلوف بن أبي الفوارس بن سيف الإسلام(٢) بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري المكّي المالكيّ النحوي، المولود سنة ٧٠٩ والمتوفّى في المحرّم سنة ٨٠٨، ترجم له السيوطي في «بغية الوعاة» ص ١٦١.
( الْحَمْدُ للّهِ ِ
وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الّذِينَ اصْطَفَى )
____________________
١) أخذناها من «منتخب المختار» ص ٧٢، «الدرر الكامنة» ص ٢٨٤.
٢ - أحسب هنا سقطاً في النسب كما لا يخفى.
فهرس ترجمة
عمرو بن العاص السهمي
قصيدته الجلجلية وما يتبعها ١١٤ - ١١٨
نسبه امّاً وأباً ١٢٠ - ١٢٦
حديث إسلامه ١٢٦
عشرون كلمة تمثّل عمراً ١٢٧ - ١٥٦
حديث شجاعته ١٥٦ - ١٥٨
امير المؤمنين وعمرو في المعركة ١٥٨ - ١٦٦
الاشتر وعمرو في المعركة ١٦٦ - ١٧١
درس دين وأخلاق ١٧١ - ١٧٥
وفاة عمرو ١٧٥، ١٧٦
٤ - عمرو بن العاص
المتوفّى سنة ٤٣
معاويةُ الحال لا تجهلِ |
وعن سُبل الحقِّ لا تعدلِ |
|
نسيت احتيالي في جُلَّق |
على أهلها يوم لبس الحلي؟ |
|
وقد أقبلوا زمراً يهرعون |
مهاليع كالبقر الجفَّلِ(١) |
|
وقولي لهم: إنَّ فرض الصَّلاة |
بغير وجودك لم تُقبلِ |
|
فولّوا ولم يعبأوا بالصَّلاة |
ورمت النفار إلى القسطلِ |
|
ولَمّا عصيت إمام الهدى |
وفي جيشه كلُّ مُستفحلِ |
|
أبا البقر البكم أهل الشأم |
لأهل التقى والحجى أُبتلي؟ |
|
فقلت: نعم، قم فإنّي أرى |
قتال المفضَّل بالأفضلِ |
|
فبي حاربوا سيِّد الأوصياء |
بقولي: دمٌ طلَّ من نعثلِ(٢) |
|
وكدتُ لهم أن أقاموا الرِّماح |
عليها المصاحف في القسطلِ |
|
وعلّمتهم كشف سوأتهم |
لردِّ الغضنفرة المقبلِ |
|
فقام البغاة على حيدرٍ |
وكفّوا عن المشعل المصطلي |
|
نسيت محاورة الأشعري |
ونحن على دومة الجندلِ؟ |
|
ألين فيطمع في جانبي |
وسهمي قد خاض في المقتلِ |
|
خلعتُ الخلافة من حيدرٍ |
كخلع النعال من الأرجلِ |
|
وألبستها فيك بعد الأياس |
كلبس الخواتيم بالأنملِ |
|
ورقَّيتك المنبر المشمخرّ |
بلا حدِّ سيف ولا منصلِ |
|
ولو لم تكن أنت من أهله |
وربِّ المقام ولم تكملِ |
____________________
١ - أهرع: أسرع. الهلع: الجزع. الجفل: النفر والشرد.
٢ - طل الدم: هدر أو لم يثأر له فهو طليل ومطلول ومطل.
وسيّرتُ جيش نفاق العراق |
كسير الجنوب مع الشمألِ |
|
وسيّرتُ ذكرك في الخافقين |
كسير الحَمير مع المحملِ |
|
وجهلك بي يا بن آكلة الـ |
ـكبود لأعظمِ ما أُبتلي |
|
فلولا موازرتي لم تُطع |
ولولا وجوديَ لم تُقبلِ |
|
ولولاي كنتَ كمثل النساء |
تعاف الخروج من المنزلِ |
|
نصرناك من جهلنا يا بن هند |
على النبأ الأعظم الأفضلِ |
|
وحيث رفعناك فوق الرؤوس |
نزلنا إلى أسفل الأسفلِ |
|
وكم قد سمعنا من المصطفى |
وصايا مخصّصة في علي؟ |
|
وفي يوم «خمّ» رقى منبراً |
يُبلّغ والركب لم يرحلِ(١) |
|
وفي كفِّه كفّه معلناً |
يُنادي بأمر العزيز العلي |
|
ألستُ بكم منكمُ في النفوس |
بأولى؟ فقالوا: بلى فافعلِ |
|
فأنحله إمرة المؤمنين |
من الله مُستخلف المنحلِ |
|
وقال: فمن كنت مولى له |
فهذا له اليوم نعم الولي |
|
فوال مواليه يا ذا الجلا |
ل وعاد معادي أخ المرسلِ |
|
ولا تنقضوا العهد من عترتي |
فقاطعهم بي لَم يوصلِ |
|
فبخبخ شيخك لَمّا رأى |
عُرى عقد حيدرَ لم تُحللِ |
|
فقال: وليّكمُ فاحفظوه |
فمدخله فيكمُ مدخلي |
|
وإنّا وما كان من فعلنا |
لفي النّار في الدرك الأسفلِ |
|
وما دمُ عثمان منجٍ لنا |
من الله في الموقف المُخجلِ |
|
وإنَّ عليّاً غداً خصمنا |
ويعتزُّ بالله والمرسلِ(٢) |
|
يُحاسبنا عن أمور جرت |
ونحن عن الحقِّ في معزلِ |
|
فما عذرنا يوما كشف الغطا؟ |
لك الويل منه غداً ثمّ لي |
|
إلّا يا بن هند أبعتَ الجنان |
بعهد عهدت ولم توف لي |
____________________
١ - في بعض النسخ: وبلغ والصحب لم ترحل.
٢ - في رواية الخطيب التبريزي: سيحتج بالله والمرسل.
وأخسرتَ أُخراك كيما تنال |
يسير الحطام من الأجزلِ |
|
وأصبحت بالنّاس حتّى استقام |
لك الملك من ملِك محولِ |
|
وكنت كمقتنص في الشراك(١) |
تذود الظماء عن المنهلِ |
|
كأنَّك أنسيت ليل الهرير |
بصفِّين مع هولها المهولِ |
|
وقد بتَّ تذرق ذَرق النّعام |
حذاراً من البطل المقبلِ |
|
وحين أزاح جيوش الضلا |
ل وافاك كالأسد المبسلِ |
|
وقد ضاق منك عليك الخناق |
وصار بك الرَّحب كالفلفلِ(٢) |
|
وقولك: يا عمرو؟ أين المفرّ |
من الفارس القسور المسبلِ؟ |
|
عسى حيلة منك عن ثنيه |
فإنَّ فؤداديَ في عسعلِ |
|
وشاطرتني كلّما يستقيم |
من الملك دهرك لم يكملِ |
|
فقمت على عجلتي رافعاً |
وأكشف عن سوأتي أذيلي |
|
فستَّر عن وجهه وانثنى |
حياءً وروعك لم يُعقلِ |
|
وأنت لخوفك من بأسه |
هناك ملأت من الأفكلِ(٣) |
|
ولَمّا ملكت حماة الأنام |
ونالت عصاك يد الأوَّلِ |
|
منحتَ لِغيريَ وزن الجبال |
ولم تُعطني زنة الخردلِ |
|
وأنحلتَ مصراً لعبد الملك(٤) |
وأنت عن الغيِّ لم تعدلِ |
|
وإن كنتَ تطمع فيها فقد |
تخلّى القطا من يد الأجدلِ |
|
وإن لم تسامح إلى ردِّها |
فإنّي لحوبكمُ مُصطلي |
|
بخيلٍ جيادٍ وشمِّ الأُنوف |
وبالمرهفات وبالذبَّلِ |
|
وأكشف عنك حجاب الغرور |
وأيقظ نائمة الأثكلِ |
|
فإنَّك من إمرة المؤمنين |
ودعوى الخلافة في معزلِ |
|
ومالك فيها ولا ذرَّة |
ولا لجدودك بالأوَّل |
____________________
١ - أقتنص الطير أو الظبي: اصطاده.
٢ - الفلفل: القرب بين الخطوات.
٣ - الأفكل: الرعدة من الخوف.
٤ - عبد الملك بن مروان والد الخلفاء الأمويين.
فإن كان بينكما نسبةٌ |
فأين الحسام من المنجلِ؟ |
|
وأين الحصا من نجوم السما؟ |
وأين معاويةٌ من علي؟ |
|
فإن كنتَ فيها بلغتَ المنى |
ففي عنقي عَلق الجلجلِ(١) |
*(ما يتبع الشعر)*
هذه القصيدة المسمّاة بالجلجليَّة كتبها عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان في جواب كتابه إليه يطلب خراج مصر ويُعاتبه على إمتناعه عنه، توجد منها نسختان في مجموعتين في المكتبة الخديويَّة بمصر كما في فهرستها المطبوع سنة ١٣٠٧ ج ٤ ص ٣١٤ وروى جملةً منها إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٢ ص ٥٢٢ وقال: رأيتها بخطّ أبي زكريّا يحيى(٢) بن عليّ الخطيب التبريزيّ المتوفّى ٥٠٢.
وقال الإسحاقي في «لطايف أخبار الدول» ص ٤١: كتب معاوية إلى عمرو بن العاص: إنَّه قد تردَّد كتابي إليك بطلب خراج مصر وأنت تمتنع وتُدافع ولم تسيِّره فسيِّره إليَّ قولاً واحداً وطلباً جازماً، والسَّلام.
فكتب إليه عمرو بن العاص جواباً وهي القصيدة الجلجليَّة المشهورة التي أوّلها:
معاوية الفضل لا تنس لي |
وعن نهج الحقِّ لا تعدلِ |
|
نسيتَ إحتيالي في جلّق |
على أهلها يوم لبس الحلي؟ |
|
وقد أقبلوا زمراً يهرعون |
ويأتون كالبقر المهَّلِ |
ومنها أيضا:
ولولاي كنتَ كمثل النساء |
تُعاف الخروج من المنزلِ |
|
نسيت محاورة الأشعري |
ونحن على دومة الجندلِ؟ |
|
وألعقته عسلاً بارداً |
وأمزجت ذلك بالحنظلِ(٣) |
____________________
١ - مثل يضرب راجع مجمع الأمثال للميداني ص ١٩٥.
٢ - أحد أئمَّة اللغة والنحو قال ابن ناصر: كان ثقة في النقل وله المصنفات الكثيرة. كذا ترجم له ابن كثير في تاريخه ١٢ ص ١٧١.
٣ - في رواية الخطيب التبريزي:
فألمظه عسلا بارداً |
وأخبأ من تحته حنظلي |
ألين فيطمع في جانبي |
وسهميَ قد غاب في المفصلِ |
|
وأخلعتها منه عن خدعة |
كخلع النعال من الأرجلِ |
|
وألبستها فيك لَمّا عجزت |
كلبس الخواتيم في الأنملِ |
ومنها أيضاً:
ولم تك والله من أهلها |
وربِّ المقام ولم تكملِ |
|
وسيِّرتُ ذكرك في الخافقين |
كسير الجنوب مع الشمألِ |
|
نصرناك من جهلنا يا بن هند |
على البطل الأعظم الأفضلِ |
|
وكنتَ ولن ترها في المنام |
فزُفَّت إليك ولا مهر لي |
|
وحيث تركنا أعالي النفوس |
نزلنا إلى أسفل الأرجلِ |
|
وكم قد سمعنا من المصطفى |
وصايا مخصَّصة في علي |
ومنها أيضاً:
وإن كان بينكما نسبةٌ |
فأين الحسام من المنجلِ؟ |
|
وأين الثريّا وأين الثرى؟ |
وأين معاويةٌ من علي؟ |
فلمّا سمع معاوية هذه الأبيات لم يتعرَّض له بعد ذلك. ا هـ.
وذكر الشيخ محمد الأزهري في شرح مغني اللبيب ١ ص ٨٢ هذه الأبيات برمَّتها حرفيّاً نقلاً عن تاريخ الإسحاقي غير أنَّه حذف قوله:
وحيث تركنا أعالي النفوس |
نزلنا إلى أسفل الأرجلِ |
وذكر منها ثلاث عشر بيتاً إبن شهر آشوب في «المناقب» ٣ ص ١٠٦.
وأخذ منها السيِّد الجزايري في «الأنوار النعمانيَّة» ص ٤٣ عشرين بيتاً.
وذكر برمَّتها الزنوزي في الروضة الثانية من رياض الجنَّة وقال: هذه القصيدة تسمّى بالجلجليَّة لِما في آخرها: وفي عنقي عَلق الجلجل.
وخمسها بطولها الشاعر المفلق الشيخ عبّاس الزيوري البغدادي، وقفت عليه في ديوانه المخطوط المصحَّح بقلمه، ويوجد التخميس في إحدى نسختي المكتبة الخديويَّة بمصر.
( يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ
وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ )
مهمات مصادر ترجمة عمرو بن العاص
أسماء الكتب |
أعلام المؤلفين |
أسماء الكتب |
أعلام المؤلفين |
الصحيح |
البخاري |
مروج الذهب |
المسعودي |
الصحيح |
مسلم |
المستدرك |
ألحاكم النيسابوري |
السنن |
أبو داود |
المحاسن والمساوي |
البيهقي |
السنن |
الترمذي |
الإستيعاب |
إبن عبدالبرّ |
السنن |
النسائي |
تاريخ الاُمم |
الطبري |
كتاب التاريخ |
سليم بن قيس |
تاريخ الشام |
إبن عساكر |
السيرة النبويَّة |
إبن هشام |
ربيع الأبرار |
الزمخشري |
عيون الأخبار |
إبن قتيبة |
الخصايص |
الواطواط |
المعارف |
إبن قتيبة |
التفسير الكبير |
الفخر الرازي |
الإمامة والسياسة |
إبن قتيبة |
الترغيب والترهيب |
المنذري |
المحاسن والأضداد |
الجاحظ |
شرح النهج |
ابن أبي الحديد |
البيان والتبيين |
الجاحظ |
الكامل |
ابن الأثير |
الأنساب |
أبو عبيدة |
البداية والنهاية |
ابن كثير |
أنساب الأشراف |
البلاذري |
تمييز الخبيث |
ابن الديبع |
بلاغات النساء |
ابن أبي طاهر |
التذكرة |
سبط ابن الجوزي |
الكامل |
المبرّد |
ثمرات الأوراق |
إبن حجَّة |
المثالثب |
الكلبي |
السيرة النبويّة |
الحلبي |
التاريخ |
اليعقوبي |
روض المناظر |
ابن شحنة |
الإمتاع والمؤانسة |
أبو حيّان |
نور الأبصار |
الشبلنجي |
الأغاني |
أبو الفرج |
جمهرة الخطب |
أحمد زكي |
الطبقات |
إبن سعد |
جمهرة الرسائل |
أحمد زكي |
العقد الفريد |
إبن عبدربِّه |
دائرة المعارف |
فريد وجدي |
*(الشاعر)*
عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعيد (بالتصغير) بن سهم بن عمرو بن هصيص إبن كعب بن لوي القرشي أبو محمد وأبو عبد الله.
أحد دُهاة العرب الخمس، منه بدئت الفتن وإليه تعود، وتقحّمه في البوائق والمخاريق ثابتٌ مشهورٌ تضمَّنته طيّات الكتب، وتناقلته الآثار والسِير، وإذا إسترسلتَ في الكلام عن الجور والفجور فحدِّث عنه ولا حرج، كما تجده في كلمات الصحابة الأوَّلين، فالبغل نغل وهو لذلك أهل(١) ويقع الكلام في ترجمته عن نواحي شتّى.
نسبه
أبوه هو الأبتر بنصِّ الذكر الحميد( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) وعليه أكثر أقوال المفسِّرين والعلماء(٢) وفي بعض التفاسير وإن جاء ترديدٌ بينه وبين أبي جهل وأبي لهب وعقبة بن أبي معيط وغيرهم إلّا أنّ القول الفصل ما ذكره الفخر الرازي من: أنّ كُلّاً من أولئك كانوا يشنِّئون رسول الله صلّى الله عليه وآله إلّا أنَّ ألهجهم به وأشدَّهم شنئةً العاص إبن وائل. فالآية تشملهم أجمع، ويخصُّ اللعين بخزيٍ آكد، ولذلك اشتهر بين المفسِّرين أنَّه هو المراد.
قال الرازي في تفسيره ٨ ص ٥٠٣، رُوي أنّ العاص بن وائل كان يقول: إنَّ محمداً أبتر لا إبن له يقوم مقامه بعده، فإذا مات إنقطع ذكره، واسترحتم منه، وكان قد مات إبنه عبد الله من خديجة، وهذا قول ابن عبّاس ومقاتل والكلبي وعامَّة أهل التفسير. وقال ص ٥٠٤ بعد نقل الأقوال الأُخر: ولعلَّ العاص بن وائل كان أكثرهم مواظبةً على هذا القول، فلذلك اشتهرت الروايات بأنَّ الآية نزلت فيه.
وروى التابعيُّ الكبير سليم بن قيس الهلالي في كتابه: أنَّ الآية نزلت في
____________________
١ - مثل يضرب لمن لؤم أصله فخبث فعله.
٢ - راجع الطبقات لابن سعد ١ ص ١١٥، والمعارف لابن قتيبة ص ١٢٤، وتاريخ ابن عساكر ٧ ص ٣٣٠.
محمد بن العباس بن اسماعيل كبرياء النوبختي
هو جد الحسن بن موسى شيخنا المترجم، وأخو علي بن العباس الاتي، والظاهر ان لقبه (الكبريا) ويعرف ابنه موسى بابن كبريا وفى الروايات: ابوالحسن بن كبرياء كما في الغيبة(٢٢٧) و(٢٣٧) و(١٧٨).
علي بن العباس بن اسماعيل ابوالحسن النوبختي
هو جد الحسن بن الحسين بن علي الاتي، وأخو محمد بن العباس المتقدم، كان أحد مشايخ الكتاب، وأهل الادب والمروءة، وروى أخبار البختري، وإبن الرومي بالمشاهدة قطعة حسنة.وتوفي سنة سبع وعشرين وثلثمائة بعد سن عالية، وهو القائل لابن عمه أبي سهل اسماعيل بن علي النوبختي، وقد شرب دواءا:
يا محيى العارفات والكرم |
وقاتل الحادثات والعدم |
إلى آخر شعره. ذكره المرزباني في معجم الشعراء(١٥٦). وذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) قال: ابوالحسين علي بن عباس النوبختي مائتي ورقة. وروى التنوخي عن أبي الحسين عنه عن محمد بن داود بن الجراح كما في فرج المهموم(١٩٠).ابوالحسن موسى بن محمد المعروف بابن كبرياء هو والد شيخنا المترجم الحسن بن موسى وتأتي ترجمته(١٠٨٢).
الحسن بن الحسين بن علي بن العباس بن اسماعيل
ابن ابي سهل بن نوبخت ابومحمد النوبختي الكاتب ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ٢٩٩ وذكر انه من رجال الحديث وكان سماعه صحيحا. وقال: قال لي الازهري: كان النوبختي رافضيا ردئ المذهب. سألت البرقاني عن النوبختي فقال: كان معتزليا، وكان يتشيع إلا انه تبين أنه صدوق، ثم روى انه ولد في أول سنة عشرين وثلثمائة. وقال: حدثني احمد بن محمد العقيقي قال: سنة اثنتين وأربعمائة فيها توفي ابومحمد الحسن بن الحسين النوبختي، وكان ثقة في الحديث، ويذهب إلى الاعتزال، ذكر غيره ان وفاته كانت يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي القعدة. قلت: وذكر نحوه ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٠١ مع تفاوت يسير. وروى عنه الخطيب، وذكره في مواضع من تاريخه منها: ج ٧ / ٤٤٣، وج ١٢ / ١١٩.
اسحاق الكاتب النوبختي
كان ممن وفق له التشريف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه ووقف على معجزاته ورآه (ع).رواه الصدوق عن محمد بن محمد الخزاعي عن أبي علي الاسدي عن أبيه محمد بن أبي عبدالله الكوفي في هذا الباب من الاكمال(٤١٧).
هو خال أبي نصر هبة الله بن محمد ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري (رض) الاتي ترجمته(١١٨٧)، ومن مشايخه، روى عن ابيه احمد بن ابراهيم، وعمه عبدالله.روى الشيخ باسناده عنه في الغيبة(٢٢٦).
احمد بن ابراهيم النوبختي
روى عن ابي جعفر العمري السفير (رضوان الله عليه) وعن الحسين بن روح السفير بعده وروى عنه ابنه جعفر كما في الغيبة(٢٢٦) وكان احمد يكتب ما أملاه عليه ابوالقاسم الحسين بن روح السفير، وقد وجد محمد بن احمد بن داود القمي الجليل جواب مسائل أنفذت من (قم) بخطه واملاء الحسين بن روحرضياللهعنه كما في الغيبة(٢٢٨).
عبدالله بن ابراهيم ابوجعفر النوبختي
روى عن السفير العمريرضياللهعنه ، روى عنه ابن أخيه جعفر بن احمد بن ابراهيم كما في الغيبة(٢٢٦).
احمد بن عبدالله ابوعبدالله النوبختي
ذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٤) وذكر له من الشعر مائة ورقة.
علي بن احمد النوبختي
كان من مشاهير آل نوبخت في وقته فبداره عرف هبة الله بن محمد الكاتب محل قبر الحسين بن روحرضياللهعنه كما في الغيبة(٢٣٨).
ابن زهومة ابي علي بن جعفر النوبختي
كان شيخا مستورا كما في الغيبة(٢٥١). الحسين بن روح بن ابي بحر ابوالقاسم النوبختي هو من أجلة أصحاب أبي محمد العسكري (ع) ذكرناه في الطبقات، والسفير الثالث للناحية المقدسة يأتي ذكره في ترجمة علي بن موسى بن بابويه(٦٨٣) قد استوفينا ما ورد في عظم قدره وجلالته ومدحه في كتابنا في أخبار الرواة.
ابومحمد الحسن بن يحيى النوبختي
ذكره الخطيب في تاريخه ج ٦ / ٣٨٠ في اسحاق بن محمد النخعي في ذيل كلام الغلاة وقال: وقع إلي كتاب لابي محمد الحسن بن يحيى النوبختي من تصنيفه في الرد على الغلاة، وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الامامية.قلت: يحتمل كون (يحيى) مصحف (موسى) في كلام الخطيب او أنه توهم ذلك كما تأتي الاشارة إلى ذلك في كتبه. (*)
شيخنا المتكلم(١) ،
____________________
(١) كان الحسن بن موسى النوبختي الفيلسوف من مشاهير المتكلمين عند علماء الاسلام عارفا بمذاهبهم.ذكره الشيخ لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٤٦٢) وقال: ابن أخت أبي سهل، ابومحمد، متكلم، ثقة.وفي الفهرست(٤٦) وقال: إبن اخت أبي سهل بن نوبخت يكنى أبا محمد، متكلم، فيلسوف، وكان يجتمعض إليه جماعة من نقلة الفلسفة مثل ابي عثمان الدمشقى، واسحاق، وثابت وغيرهم، وكان اماميا، حسن الاعتقاد، نسخ بخطه شيئا كثيرا.وفي باب الكنى منه(١٩٠) في ترجمة أبي الاحوص المصري قال: من جلة متكلمي الامامية، لقيه الحسن بن موسى النوبختي، وأخذ عنه، واجتمع معه في الحائر على ساكنه السلام، وكان ورد للزيارة.وذكره ابن النديم في فهرسته(٢٦٥) في متكلمي الشيعة الامامية رضوان الله عليهم، وذكر نحو ما تقدم عن الشيخ في الفهرست إلى قوله: وغيرهم. ثم قال: وكان المعتزلة تدعيه، والشيعة تدعيه، ولكنه إلى حيز الشيعة ما هو، لان آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده (ع) في الظاهر، ولذلك ذكرناه في هذا الموضع، وكان جماعة للكتب، قد نسخ بخطه شيئا كثيرا، وله مصنفات، وتأليفات في الكلام والفلسفة وغيرها، وتوفي وله من الكتب. وذكر أيضا في نقلة الكتب إلى العربي(٣٥٥) و(٣٥٦)، وذكر انه الذي نقل زيج الشهريار إلى العربي. وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٨ وقال: من متكلمي الامامية.وقال ابن الحديد في الشرح ج ٣ / ٢٢٨ عند نقل أقوال المجسمه وحكاية رأيه عن كتابه (الاراء والديانات): هو من فضلاء الشيعة. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر بني نوبخت من أعيان الشيعة وعلماء النجوم: وكان الحسين بن موسى أبومحمد النوبختي عارفا بعلم النجوم، وقدوة في تلك العلوم، وصنف كتابا إستدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين، وقد وقفت على كتاب أبي محمد وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. (*)
المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلثمائة وبعدها(١) .
____________________
(١) تبرز شيخنا المترجم على نظرائه من المتكلمين والفلاسفة ونبوغه في قرني الثالث والرابع من أزهى عصور الاسلام أكبر مدح وثناء عليه. وكان نظرائه في زمانه. ابوعلي الجبائي محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري الذي انتهت إليه رئاسة البصريين في زمانه وتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم(٢٥٦)، وابوالحسن ثابت ابن قرة بن مروان بن ثابت المتوفي(٢٨٨)، والعلاف ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم شيخ البصريين وأكبر علمائهم في الاعتزال، وابوجعفر محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من أعاظم أصحابنا المتكلمين وحذاقهم المتوفي قبيل سنة ٣١٧ ويأتي ترجمته(١٠٢٥)، والفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور من نوابغ دهره محمد بن زكريا الرازي، وابوالقاسم البلخي والمتكلم الشهير ابوالحسن محمد بن بشر الحمدوني السوسنجردي من عبون أصحابنا وصالحي متكلميهم وغيرهم ممن يأتي ذكره في المتن وذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما. ولا عجب في تبرزه على أعلام عصره قد نشأ في بيت أمجاد لم ينطو حديثهم من سجلات الكتب وحازوا الشهرة الواسعة في علم النجوم وترجمة أصوله وفصوله ونقل كتب الفلاسفة في مختلف العلوم ونبغوا في الشعر والادب العربي وتفوقوا بتقدمهم في أكثر العلوم النافعة وصاروا خزان بيوت الحكمة وتراجمتها ومصابيح العلوم وكنوزها وبأيديهم مفاتيح أبواب الافلاك وأرصاد النجوم وحسنت تصانيفهم فنالوا الزعامة العلمية كما حازوا الرئاسة الروحية بحسن أسلامهم ومعرفتهم وولايتهم لائمة أهل البيت (ع) وشدة تمسكهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وقد خدموا الامة بالتأليف والترجمة والانشاء والتدريس المناظرات ونقد الآراء الباطلة، معظمين لشعائر الاسلام غير متخلفين عن الدين وعن شرايعه متمسكين بحبل ولاية اهل البيت (ع) فلم يتخلفوا عن هديهم ولم بختلفوا في مذهبهم مع ان عصرهم هي عصر التفرق ونشوء المذاهب الباطلة، وكان لهم وجاهة في الدنيا وفيهم من تشرف بزيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه وبمكاتبته وفيهم السفير الحسين بن روحرحمهالله ، ففي حضانة أمثالهم تربى الحسن بن موسى، وفي مجالسهم نشأ ودرس وتخرج، وأعانه على هذا التفوق وطنه دار السلام، وعصره ومشايخه، واقرانه حتى برع في علوم الدين وتبرز على نظرائه وامتاز بكثرة التصنيف وأجادته، واحاطته بالآراء والمذاهب، ونقد الفلسفة وآراء المتكلمين كما ستقف على بعضها.(*)
له على الاوائل كتب كثيرة(١) : منها كتاب الآراء والديانات كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة، قرأت هذا الكتاب على شيخنا ابي عبداللهرحمهالله (٢) ،
____________________
(١) وفي فهرست الشيخ: وله مصنفات كثيرة في الكلام، وفي نقض الفلسفة وغيرهما.وقال ابن النديم: وله مصنفات وتأليفات في الكلام، والفلسفة وغيرها. وقال ابن حجر: وله تصنيفات كثيرة جدا.
(٢) ذكره الشيخ وابن النديم في فهرستيهما وقالا: لم يتم. وقال المسودي في مروج المذهب ج ١ / ٧٩ في أخبار الهند وآرائها ما لفظه قال المسعودي: وقد رأيت أبا القاسم البلخي ذكر في كتاب عيون المسائل والجوابات، وكذلك الحسن بن موسى النوبختي في كتابه المترجم بكتاب " الآراء والديانات " مذاهب الهند وآرائهم. وقال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) بعد ذكر ما في المتن: اقول أنا: هذا الكتاب المسمى " الاراء والديانات " عندنا الآن ووقفت على معرفته فيه بعلم النجوم وما اختاره وما رده على أهل الاديان. قلت: وقد روى العامة عن هذا الكتاب كثيرا منهم ابن أبي الحديد في شرح النهج.(*)
وله كتاب فرق الشيعة(١) ، وكتاب الرد على فرق الشيعة ما خلا الامامية، وكتاب الجامع في الامامة، وكتاب الموضح في حروب أمير المؤمنين (ع)(٢) ، وكتاب التوحيد الكبير(٣) ، وكتاب التوحيد الصغير، وكتاب الخصوص والعموم، وكتاب الارزاق والآجال والاسعار، كتاب كبير في الجزء، مختصر الكلام في الجزء(٤) ، كتاب الرد على المنجمين كتاب الرد على أبي علي الجبائى(٥) ،
____________________
(١) وهو كتاب مقدم على جميع ما صنف في ذلك ذكره أصحابنا والعامة منهم ابن تيمية وهو موجود ومطبوع بالنجف الاشرف، وباستنبول وغيرهما كما قيل ويأتي ذكره في سعد بن عبدالله الاشعري.
(٢) قال في المعالم: الواضح في الخارجين على أمير المؤمنينعليهالسلام في الحروب الثلاثة.
(٣) وفي فهرست ابن النديم: كتاب التوحيد وحدوث العلل. وفى فهرست الشيخ: كتاب التوحيد وحدوث العالم. قلت: وقد حكى ابن ابي الحديد في الشرح عنه بعض الاقوال في التوحيد.
(٤) أي الجزء الذي لا يتجئ. والبحث في ذلك كان معركة الآراء عند الفلاسفة والمتكلمين.وفي نسخة (ن) (الجبر) بدل (الجزء) في الموضعين.
(٥) الجبائي هو محمد بن عبدالوهاب بن سلام المتكلم المعتزلي البصري المنتهى إليه رئاسة البصريين في زمانه المتوفي(٣٠٣) ذكره ابن النديم في فهرسته(٢٥٦) واليافعي في مرآة الجنان ج ٢ / ٢٤١.قال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١) عند ذكر الحسن بن موسى: وصنف كتابا استدرك فيه على أبي علي الجبائي لما رد على المنجمين. وقد وقفت على كتاب أبي محمد، وما فيه من موضع يحتاج إلى زيادة تبيين الخ. قلت: وكان ابوعلي الجبائي من المنجمين ذكره وجملة من أخباره في النجوم ابن طاووس في فرج المهموم(١٥٤).
(*)
في رده على المنجمين فان أبا علي تجاهل في رده على المنجمين(١) ، وكتاب النكت على ابن الراوندي(٢) ،
____________________
(١) ظاهر المتن انه (ره) وقف على كتاب أبي علي وعلى خطائه في رده على المنجمين.وأشار ابن طاووس في(١٥٦) ومواضع أخر من كتابه (فرج المهمنم) إلى رأيه فلا حظ.
(٢) ابن الراوندي هو ابوالحسين احمد بن يحيى بن محمد بن اسحاق من أهل مرو الروذ كان في اول امره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء ثم إنسلخ من ذلك كله بأسباب عرضت له، ولان علمه كان أكثر من عقله. حكاه ابن النديم في الفهرست(٢٥٤) عن ابي القاسم البلخي في كتابه (محاسن خراسان) وقال: وأكثر كتبه: الكفريات ألفها لابي عيسى بن لاوي اليهودي الاهوازي.وقد نقض جماعة عليه في جملة من كتبه منهم: أبومحمد النوبختي كما في المتن وفي فهرستي الشيخ وابن النديم، وابوالحسين الخياط، وبو علي الجبائي ذكره ابن النديم في ترجمة الرواوندي(٢٥٥).وقال: ابن النديم في ترجمة ابي محمد النوبختي عند ذكر كتبه كتاب نقض كتاب عبث الحكمة على الراوندي، كتاب نقض التاج على الرواندي ويعرف بكتاب السبك، كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي. (*)
كتاب الرد على من أكثر المنازلة، كتاب الرد على أبي الهذيل العلاف(١) في أن نعيم أهل الجنة منقطع، كتاب الانسان غير هذه الجملة(٢) ، كتاب الرد على الواقفة، كتاب الرد على أهل المنطق، كتاب الرد على ثابت بن قرة(٣) ، الرد على يخيى بن اصفح في الامامة، جواباته لابي جعفر بن قبةرحمهالله (٤) ، جوابات أخر لابي جعفر أيضا،
____________________
(١) العلاف: ابومحمد بن الهذيل بن عبدالله بن مكحول العبدي المتكلم في عصر المأمون شيخ معتزلة البصريين وأكبر علمائهم صاحب مقالات في مذهبهم المتوفي(٢٢٧) او(٢٣٥) او غيره ذكره ابن النديم في ترجمته(٢٥١) وفي ترجمة تلميذه ثمامذة بن أشرس(٢٥٣)، وإبن خلكان ج ٣ / ٣٩٦، والخطيب في تاريخه والمسعودي وغيرهم.
(٢) قوله: (غيره هذه الجملة) لا يوجد في فهرستي الشيخ، وابن النديم.
(٣) هو: ابوالحسن ثابت قرة بن مروان بن ثابت أصل رياسة الصابة في الروم، المولود(٢٢١) والمتوفي(٢٨٨) استصحبه محمد بن موسى عند منصرفه من الروم فوصله بالمعتضد العباسي وأدخله في جملة المنجمين، له كتب في النجوم والهندسة والاعداد، والطب وغير ذلك ذكره ابن النديم(٣٩٤)، وابن طاووس في فرج المهموم(٢٠٣)
(٤) هو محمد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي من حذاق الامامية ومتكلميهم وأجلائهم. تأتي ترجمته(١٠٢٥). (*)
شرح مجالسه مع أبي عبدالله بن مملكرحمهالله (١) ، حجج طبيعية مستخرجة من كتب أرسطاطاليس في الرد على من زعم ان الفلك حي ناطق(٢) كتاب في المرايا وجهة الرؤية فيها، كتاب في خبر الواحد والعمل به كتاب في الاستطاعة على مذهب هشام وكان يقول به(٣) ، كتاب في الرد على من قال بالرؤية للباري عزوجل، كتاب الاعتبار والتمييز والانتصار كتاب النقض على أبي الهذيل في المعرفة، كتاب الرد على أهل التعجيز وهو نقض كتاب أبي عيسى الوراق(٤) ، كتاب الحجج في الامامة مختصر، كتاب النقض على جعفر بن حرب في الامامة(٥) ،
____________________
(١) الظاهر أنه أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن مملك الاصبهاني الذي كان معزليا ورجع إلى القول بالامامة على يد عبدالرحمان بن أحمد بن خيرويه العسكري المتكلمرحمهالله وتأتي في ترجمته(١٠٣٥) عظمته وجلالته في أصحابنا وأيضا رجوعه عن الاعتزال وفي ترجمة ابن خيرويه(٦٢٢).
(٢) وفي فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب إختصار الكون والفساد لارسطاطاليس.
(٣) تأتي الاشارة إلى مذهب هشام في الاستطاعة في ترجمته وقول أبي محمد النوبختي بمقالته ان صح فلا ينافي وثاقته فلاحظ.
(٤) وفى فهرستي الشيخ وابن النديم: كتاب أبي عيسى في الغريب المشرقي. ثم ان الظاهر انه محمد بن هارون ابوعيسى الوراق الذي يأتي ذكر كتابه في ترجمته(١٠١٨).
(٥) هو جعفر بن حرب الهمداني المتكلم المعتزلي الذي درس الكلام على أبي الهذيل العلاف بالبصرة ومات سنة(٢٣٦) وهو ابن تسع وخمسين سنة. ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ / ١٦٢ وابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ١١٣ وغيرهما.(*)
مجالسه مع أبي القاسم البلخي جمعه(١) ،
____________________
(١) هو أبوالقاسم عبدالله بن أحمد بن محمود الكعبي، البلخي العالم المشهور، كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم " الكعبية " وهو صاحب مقالات ومن مقالاته: ان الله سبحانه وتعالى ليست له إرادة وان جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشية منه لها، وكان من كبار المتكلمين، وله اختيارات في علم الكلام، وتوفي مستهل شعبان سنة سبع عشرة وثلثمائة. ذكره ابن خلكان في وفياته ج ٢ / ٢٤٨.
وقرأ الفيلسوف المتكلم الطبيب المشهور محمد بن زكريا الرازي المتوفى(٣١١) الفلسفة على البلخي هذا. ذكره ابن النديم عن محمد بن زكريا الرازي في ترجمته(٤٣٠) ثم قال: خبر فلسفة البلخي هذا.كان من أهل بلخ يطوف البلاد ويجول الارض، حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة إلى ان قال: وقيل: ان بخراسان كتبه موجودة، وكان في زمان الرازي. وروى عن أبي القاسم البلخي في كتاب محاسن خراسان ترجمة ابن الراوندي(٢٥٤). ويأتي في ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة(١٠٢٥) ان محمد بن بشر أبا الحسن الحمدوني السوسنجردي من عيون أصحابنا وصالحي متلكميهم وعبادهم الذي حسنت عبادته وحج على قدميه خمسين حجة قد مضى بعد زيارته لمشهد امامنا الرضاعليهالسلام بطوس إلى بلخ والى أبي القاسم البلخي، فعرض عليه كتاب " الانصاف " لابن قبة في الامامة فوقف عليه ونقضه بكتاب (المسترشد) في الامامة، ثم عاد إلى الري، فدفعه إلى ابن قبة فنقضه ب " المستثبت " في الامامة، فحمله إلى أبي القاسم ببلخ، فنقضه ب " نقض المستثبت "، فعاد به إلى الري، فوجد ابن قبة قد ماترحمهالله . (*)
كتاب التنزيه وذكر متشابه القرآن، الرد على أصحاب المنزلة بين المنزلتين في الوعيد، الرد على أصحاب التناسخ، الرد على المجسمة، الرد على الغلاة(١) مسائلة للجبائي في مسائل شتى(٢) .
____________________
(١) تقدم ذكر كتاب الرد على الغلاة في الحسن بن يحيى النوبختي عن تاريخ بغداد، ولعله مصحف (الحسن بن موسى). وذكر الشيخ وابن النديم هذا الكتاب لابي محمد الحسن بن موسى.
(٢) تقدم ذكره وذكر كتاب الرد عليه. وذكر الشيخ وابن النديم من جملة كتب الحسن بن موسى النوبختي: كتاب الاحتجاج لعمر بن عباد ونصرة مذهبه وزاد ابن طاووس على كتبه " كتاب الرصد " قال في فرج المهموم(١٢٣): وأقول: وصل الينا من كتبه أيضا " كتاب الرصد " على بطلميوس في هيئة الفلك والارض. وزاد المسعودي في مروج الذهب ج ٣ ص ٢٥٣: النقض على كتاب العثمانية، امامة المروانية، وكتاب مسائل العثمانية للجاحظ (*)
١٤٧ - الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين
بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)
ابومحمد(١) المعروف بابن أخي طاهر.
____________________
(١) كان ابومحمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر أحد العلماء بالنسب، والاخبار، والحديث، ويوصف بالدنداني النسابة، كما ذكره جماعة وأيضا بالشريف كما في الفهرست(٩٧) في العقيقي.ذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهم (ع) ٤٦٥ / ٢٠ بنسبه ثم قال: صاحب النسب إبن أخي طاهر، روى عنه التلعكبري، وسمع منه سنة سبع وعشرين وثلثمائة إلى سنة خمس وخمسين: يكنى أبا محمد وله منه إجازة، أخبرنا عنه ابوالحسين ابن ابي جعفر النسابة، وابو علي ابن شاذان من العامة.وذكر أيضا في علي بن احمد العقيقي ٤٨٦ / ٦٠ انه روى عنه ابن أخي طاهر. وكذا في الفهرست.هنا وايضا في يحيى بن الحسن العلوي جده كما يأتي ترجمته في المتن(١١٩١)، ورواية الحسن عن جده كتابه. وفي الفهرست(١٧١) في المتوكل: اخبرنا بذلك جماعة عن التلعكبري عن ابي محمد الحسن يعرف بان أخي طاهر عن محمد بن مطهر عن أبيه.وذكره ابونصر البخاري في سر السلسلة العلوية(٧٢) قال: والدنداني هو الخسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين. خرج على الخارج في ليسر، فقتهلم، وسلبهم في أيام المكتفي.وذكره ابن عنبة في عمدة الطالب(٣٣١) وقال: وهو الدنداني النسابة المعروف بابن أخي طاهر، راوي كتاب جده يحيى بن الحسن روى عنه شيخ الشرف النسابة، ولا عقب له. وذكره الخطيب بترجمة في تاريخه ج ٧ / ٤٢١ وقال: مدني الاصل سكن بغداد في مربعة الخرسي وحدث بها.وقد عرف ابومحمد الحسن بعمه أبي القاسم طاهر بن يحيى لان في ولده البيت، والامارة بالمدينة وقال في العمدة: وكان من جلالة القدر بحيث ان بني اخوته يعرف كل منهم بان أخي طاهر. قال: ابوالفرج في مقاتل الطالبيين(٤٥٠): وكتب إلينا ان صاحب الصلاة بالمدينة دس سما إلى طاهر بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي، فقتله. وكان سيدا فاضلا، وقد روى عن أبيه وغيره، وكتب عنه أصحابنا. وفي اكمال الصدوق باب ٥٣ / ٥٠٧ في حديث المغربي المعمر: فأمر عمي ابوالقاسم طاهر بن يحيىرضياللهعنه فتيانه وغلمانه الحديث وفيه(٥٧٠) قال ابومحمد العلوي (رض): ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ علي بن عثمان وهو في دار عمي طاهر بن يحيىرضياللهعنه الخ. ويتميز أبومحمد الحسن بروايته كتاب جده يحيى بن الحسن ابي الحسين النسابة لشهرته وجلالته قال: في العمدة عند ذكره: يقال: انه اول من جمع كتابا في نسب آل أبي طالب (ع).قلت: وتأتي ترجمته(١١٩١). ولم أقف على روايته عن أبيه أبي محمد الاكبر العالم النسابة، ولا على ترجمة له إلا ما ذكره ابن عنبة في العمدة فقال: وابوالحسن محمد الاكبر العالم النسابة.(*)
روى عن جده يحيى بن الحسن(١) ، وغيره(٢) ،
____________________
(١) روى أصحابنا بطرفهم عنه عن جده كثيرا جدا ومنهم الصدوق (ره) وكان من مشايخه الذين روى عنهم كثيرا في كتبه. وتأتي في ترجمته روايته عنه كتابه. كما روى الجمهور ايضا بطرقهم عنه عن جده. وروى الخطيب في تاريخه عن الحسن بن ابي بكر عنه عن جده في تراجم جماعة من العلويين كما في ج ٦ / ٥٦، وج ٧ / ٤٢١، وج ١٠ / ٣١٤، وج ١١ / ٢٩٧ وج ١٢ / ١٢٦.
(٢) وسمع جماعة من الاشراف من اهل المدينة، ومن الحاج من أهل مدينة السلام، وغيرهم من جميع الآفاق حديث معمر المغربي علي بن عثمان بن الخطاب بن مرة بن مزيد الذي سمع منه أيضا.ذكره الصدوق في الاكمال(٥٠٨) باب(٥٠). وروى عن جماعة غير جده من المجاهيل والمطعونين منهم علي ابن احمد العقيقي الذي يأتي ذكر تمام نسبه في ترجمة أبيه احمد ابن علي رقم(١٩٤) وقد ضعفه الشيخ في رجاله(٤٨٦) بقوله: روى عنه ابن أخي طاهر، مخلط. وفي الفهرست (٩٧) بعد رواية كتبه عنه عنه قال: قال احمد ابن عبدون: وفي أحاديث العقيقي مناكير. ومنهم: الحسن بن قادم الدمشقي. روى الشيخ في الفهرست رقم(١٥١) باسناده عنه عنه كتاب محمد بن عمر الزيدي. وهو مهمل في الرجال. ومحمد بن مطهر روى في الفهرست(١٧١) باسناده عنه عنه دعاء الصحيفة عن المتوكل بن عمر.وهو مهمل. والحسن بن محمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين (ع). روى في الفهرست(١٧٣) كتاب وهب بن وهب باسناده عنه عنه عن حجر وهو مهمل. واسحاق بن ابراهيم الدبري اليماني العامي. ذكره الخطيب في تاريخه فيمن روى عنه وهو ضعيف وعاش إلى سبع وثمانين ومأتين.ذكره الذهبي في ترجمته في ميزان الاعتدال ج ١ / ١٨٢. وابراهيم بن عبدالله بن همام الصنعاني.ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج ٢ / ٢٥٢ قائلا: وروى عن ابراهيم بن عبدالله الصنعاني عن عبدالرزاق بسند الصحيحين حديث شيخه العوسجي وهو في مجلس نفي الجهة لابن عساكر. قلت: وهو عامي كذاب وضاع ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ / ٤٢.(*)