الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ٢

الغدير  في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير  في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 388

الغدير  في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 388
المشاهدات: 87095
تحميل: 7287


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 388 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87095 / تحميل: 7287
الحجم الحجم الحجم
الغدير  في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وإلى الناس عامّة وقد رأيتم من هذا الأمر ما رأيتم، فأيّكم يُبايعني على أن يكون أخي و صاحبي ووارثي؟! فلم يقم إليه أحدٌ فقمتُ إليه وكنتُ أصغر القوم قال: فقال: اجلس. قال: ثمّ قال ثلاث مرّات، كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس. حتّى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي.

أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1 ص 159 عن عفّان بن مسلم (الثِّقة المترجم له ج 1 ص 86) عن أبي عوانة (الثِّقة المترجم له 1 ص 78) عن عثمان بن المغيرة (الثّقة) عن أبي صادق (مسلم الكوفي الثِّقة) عن ربيعة بن ناجذ (التابعيِّ الكوفي الثِّقة) عن عليٍّ أمير المؤمنين.

وبهذا السند والمتن أخرجه الطبري في تاريخه 1 ص 217. والحافظ النسائي في «الخصايص» ص 18. وصدر الحفّاظ الكنجي الشافعي في «الكفاية» ص 89. وابن أبي الحديد في [شرح النهج] 3 ص 255. والحافظ السيوطي في [جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 408.

صورة ثالثة:

عن أمير المؤمنين قال: لَمّا نزلت هذه الآية:( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) . دعا بني عبد المطلب وصنع لهم طعاماً ليس بالكثير فقال: كلوا باسم الله من جوانبها فإنّ البركة تنزل من ذروتها. ووضع يده أوّلهم فأكلوا حتّى شبعوا ثمَّ دعا بقدح فشرب أوَّلهم ثمّ سقاهم فشربوا حتّى رووا، فقال أبو لهب: لَقدماً سَحَركم. وقال: يا بني عبد المطلب إنّي جئتكم بما لم يجئ به أحدٌ قطُّ أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وإلى الله وإلى كتابه. فنفروا وتفرَّقوا، ثمّ دعاهم الثانية على مثلها فقال أبو لهب كما قال المرَّة الأولى، فدعاهم ففعلوا مثل ذلك، ثمَّ قال لهم ومدَّ يده: من بايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووليّكم من بعدي؟! فمددت يدي وقلت: أنا أُبايعك، وأنا يومئذ أصغر القوم عظيم البطن فبايعني على ذلك. قال: وذلك الطعام أنا صنعته.

أخرجه الحافظ إبن مردويه بإسناده، ونقله عنه السيوطي في [جمع الجوامع] كما في الكنز 6 ص 401.

٢٨١

صورة رابعة

(بعد ذكر صدر الحديث) ثمَّ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب؟ إنَّ الله قد بعثني إلى الخلق كافَّة وبعثني إليكم خاصَّة، فقال:( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) . وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان: شهادة أن لا إله إلّا الله. وأنّي رسول الله. فمن يُجيبني إلى هذا الأمر ويُوازرني يكن أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي. فلم يُجبه أحدٌ منهم، فقام عليٌّ وقال: أنا رسول الله؟ قال: اجلس. ثمَّ أعاد القول على القوم ثانياً فصمتوا فقام عليٌّ وقال: أنا يا رسول الله؟ فقال: اجلس. ثمّ أعاد القول على القوم ثالثاً فلم يُجبه أحدٌ منهم فقام عليٌّ فقال: أنا يا رسول الله؟ فقال: اجلس فأنت أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي.

أخرجه الحافظان: إبن أبي حاتم والبغوي، ونقله عنهما إبن تيميَّة في (منهاج السنَّة) 4 ص 80، وعنه الحلبي في سيرته 1 ص 304.

صورة خامسة

مرّ ص 95 في حديث قيس ومعاوية فيما رواه التابعيُّ الكبير أبو صادق الهلالي في كتابه عن قيس: فجمع رسول الله صلّى الله عليه وآله جميع بني عبد المطلب فيهم: أبو طالب وأبو لهب وهم يومئذ أربعون رجلاً فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وخادمه عليٌّ عليه السَّلام ورسول الله في حجر عمِّه أبي طالب فقال: أيّكم ينتدب أن يكون أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي في أُمَّتي ووليَّ كلِّ مؤمن بعدي؟! فسكت القوم حتى أعادها ثلاثاً، فقال عليٌّ أنا يا رسول الله؟ صلّى الله عليك فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه وقال: أللهمّ إملاء جوفه علماً وفهماً وحكماً. ثمَّ قال لأبي طالب: يا أبا طالب؟ إسمع الآن لإبنك وأطع فقد جعله الله من نبيِّه بمنزلة هارون من موسى.

صورة سادسة

أخرج أبو إسحاق الثعلبي المتوفّى 427/37، المترجم له ج 1 ص 109 في تفسيره (الكشف والبيان) عن الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدَّثنا موسى بن محمد

٢٨٢

حدَّثنا الحسن بن عليِّ بن شُعيب(1) العمري حدَّثنا عباد بن يعقوب، حدَّثنا عليُّ بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريّا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: لَمّا نزلت هذه الآية:( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) : جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلاً الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العُسّ، فأمر عليّاً برِجل شاة فأدمها ثمَّ قال: اُدنوا بسم الله. فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتّى صدروا ثمَّ دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعةً ثمّ قال لهم: اشربوا باسم الله. فشربوا حتّى رووا فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سَحَركم به الرجل. فسكت يومئذ ولم يتكلّم ثمَّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثمَّ أنذرهم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب؟ إنّي أنا النذير إليكم من الله عزَّ وجلَّ والبشير فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ثمَّ قال: مَن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليّي ووصيّي بعدي وخليفتي في أهلي يقضي ديني؟! فسكت القوم فأعادها ثلاثاً كلّ ذلك يسكت القوم ويقول عليٌّ: أنا فقال في المرَّة الثالثة: أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع إبنك فقد أُمِّر عليك.

وبهذا السند والمتن أخرجه صدر الحفّاظ الكنجي الشافعي في الكفاية ص 89، م - وجمال الدين الزرندي في «نظم درر السمطين» بتغيير يسير في لفظه].

صورة سابعة

أخرج أبو إسحاق الثعلبي في - الكشف والبيان - عن أبي رافع وفيه: ثمَّ قال إنّ الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، وأنتم عشيرتي ورهطي، وإنَّ الله لم يبعث نبيّاً إلّا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووارثاً ووصيّاً وخليفة في أهله، فأيّكم يقوم فيبايعني على أنَّه أخي ووزيري ووصيّي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدي؟! فسكت القوم فقال: ليقومنَّ قائمكم أو ليكوننّ في غيركم ثمّ لتندمنَّ. ثمَّ أعاد الكلام ثلاث مرّات فقام عليٌّ فبايعه وأجابه ثمَّ قال: اُدن منّي. فدنا منه ففتح فاه ومجَّ في فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وثدييه فقال أبو لهب: فبئس ما حبوت به إبن عمّك؟ إن أجابك فملأت فاه ووجهه بزاقاً. فقال صلّى الله عليه وآله: ملأته حكمةً وعلماً.

____________________

1 - في كفاية الكنجي: شبيب.

٢٨٣

م - وفي كتاب [ الشهيد الخالد الحسين بن علي ] تأليف الأستاذ حسن أحمد لطفي. قال في ص 9: إنَّ النبيَّ على ما رواه كثيرون لَمّا جمع أعمامه وأُسرته لينذرهم قال لهم: فأيّكم يُوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟! فأحجم الجميع إلّا عليٌّ وكان أصغرهم فقال: أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه. فأخذ الرسول صلّى الله عليه وآله برقبته ثمّ قال: هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا ].

م - وفي (كتاب محمد) تأليف توفيق الحكيم ص 50: ما أعلم إنساناً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربّي أن أدعوكم إليه، فأيّكم يُوازرني على هذا الأمر وأن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟!.

قريش: لا أحد، لا أحد.

أعرابيٌّ: نعم لا أحد يُوازرك على هذا حتّى ولا كلب الحيِّ.

علي: أنا يا رسول الله عونك، أنا حربٌ على مَن حاربت].

وذكر الحديث الصحافيُّ القدير عبد المسيح الأنطاكيُّ المصريُّ(1) في تعليقه على علويَّته المباركة ص 76 ولفظ الحديث فيه: فمن يُجيبني إلى هذا الأمر ويوازرني على القيام به يكن أخي ووزيري وخليفتي من بعدي؟! فلم يُجبه أحدٌ من بني عبد المطلب إلّا عليّ وكان أحدثهم سنّاً فقال: أنا يا رسول الله؟. فقال المصطفى: اجلس. ثمَّ أعاد القول ثانياً فصمت القوم وأجاب عليٌّ: أنا يا رسول الله. فقال المصطفى: اجلس. ثمَّ أعاد القول ثالثاً فلم يكن في بني عبد المطلب مَن يُجيبه غير عليّ فقال: أنا يا رسول الله. حينئذ قال المصطفى عليه الصلاة والسَّلام: اجلس فأنت أخي ووزيري ووصيّي ووارثي وخليفتي من بعدي. فمضى القوم... إلخ. ونظم هذه الأثارة بقوله من قصيدته المذكورة:

وتلك بعثته الزهرآء عليه صلا

ة الله للخلق عربيها وعجميها

فصار يدعو إليها من توسَّم فيـ

ـه الخير سرّاً وخوف الشر يُخفيها

بذا ثلاثةُ أعوام قضى وله

قد دان بعض قريش واهتدوا فيها

____________________

1 - أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر تأتي هناك ترجمته.

٢٨٤

وبعدها جاءه جبريل يأمره

بأن يجاهر بالإسلام مُجريها

وقال: فاصدع بأمر الله إنَّك مبعـ

ـوثٌ لتدعو إليه الناس تهديها

أنذر عشيرتك الدنيا بشرعتك الـ

ـغرّا وأظهر لها أسنى معانيها

ومذ تبلّغ أمر الله همَّ به

بهمّة ما اعتدا الكفّار يثنيها

ولم يجد عضداً كي يستعين به

على مجاهرةٍ قد كان خاشيها

إلّا العليّ فناداهُ وأخبره

ببغيه حسب أمر الله باغيها

وقال هيِّئ لنا في الحال مأدبةً

وليتقننَّ لها الألوان طاهيها

فرِجل شاة على صاع الطعام واعـ

ـساس لها اللبن النوقيُّ يمليها

وادع الهواشم باسمي كي أُشافهها

بأمر ربّيَ باريَّ وباريها

قام العليّ بأمر المصطفى ودعا

إلى وليمته أكرم بداعيها

أبناء هاشم هم كانوا عشيرته

ولم يكن فيهمُ إلّا مُلبّيها

وعدُّهم كان عند الأربعين وهم

رجالة العرب في إحصاءُ محصيها

هذي عشيرة طه بل قرابته الـ

ـدُّنيا التي كان للإسلام راجيها

وإذ أتته تلقّاها على رحب

ببشره وانثنى صفواً يُحيّيها

حتّى إذا ما استوى فيها المقام لها

مدّ السماط وفيه ما يُشهّيها

فأقبلت ورسول الله يخدمها

على الطعام ويعني كي يُهنِّيها

حتّى إذا أكلت ذاك الطعام ومن

ألبانه سُقيت والله كافيها

ظلّ الطعام كما قد كان وهو وأيـ

ـم الله ما كان يكفي مُستجيعيها

وتلك معجزةٌ للمصطفى وبها

قام العليُّ وعنه نحن نرويها

وثَمَّ إبتدر القوم الرَّسول بذكـ

ـرى يُمن بعثته يبدي خوافيها

وإذ أبو لهب في الحال قاطعه

وموَّه الحقَّ بالتضليل تمويها

وقال: يا ناس طه جاء يسحركم

بذا الطعام احذروا الإضلال والتيها

هي انهضوا ودعوه أن يغشَّ نفو

س الغير في هذه الدعوى ويُصبيها

وهكذا ارفضَّ ذاك الإجتماع وأنـ

ـفس الجمع داجي الكفر غاشيها

وعاد طه إلى تكرار دعوته

وكان حيدرةُ المقدام راعيها

٢٨٥

حتّى إذا اجتمعت للأكل ثانية

على الخوان انثنى طه يفاهيها

فقال: ما جاء قبلي قومه أحدٌ

بمثلها جئت من نعماء أُسديها

لكم بها الخير في دنيا وآخرة

إذا انضويتم إلى زاهي مغانيها

فمن يوازرني منكم فذاك أخي

وذاك يُخلفني في رعي ناميها

فلم يجد من لبيب راح مقتنعاً

بصدق بعثته أو راح راضيها

وكلّما ازداد تبياناً لبعثته الـ

ـزهراء زادته تكذيباً وتسفيها

وثَمَّ بو لهب ناداه: ويلك لم

يجئ فتى قومه ما جئتنا إيها

تبّت يداه فإنّ الجهل توّهه

والكفر في دركات النار تتويها

وكرَّر المصطفى أقواله علناً

وقد توسَّع إنذاراً وتنبيها

فما رأى غير ألباب مُحجَّرة

هيهات ليس يلين النصح قاسيها

وأنفساً عن كتاب الله معرضةً

والكفر قد كان والإشراك معميها

وأحجمت كلّها عن فيض رحمته

مع يُمن دعوته فالكلُّ آبيها

إلا العليّ فنادى دونها: فأنا

نعماك يا هادي الأكوان باغيها

نادى: أن اجلس ثلاثاً وهو يعرض دعـ

ـواهُ على القوم يبغي مُستجيبيها

حتى إذا بات مأيوساً ومنزعجاً

من الهواشم مُعيٍ عن ترضِّيها

عنها تولّى إلى حيث العليِّ منوِّ

هاً به بين ذاك الجمع تنويها

وكان ماسكه من طوق رقبته

يقول: هذا لها والله يحميها

وقال: هذا أخي ذا وارثي وخليـ

ـفتي على أُمَّتي يحمي مراعيها

وقال: فرضٌ عليكم حسن طاعته

بعدي وإمرته ويلٌ لعاصيها

فارفضَّ جمعهمُ والهزء آخذهم

إلى الغواية في أدجى دياجيها

وهم يقولون: أحكام الغلام علـ

ـيّ يا أبا طالب كن من مطيعيها

كذاك حيدرةٌ ماشى النبوّة مذ

نادى المصطفى لبّى مُناديها

وشارك المصطفى من يوم أن وضع الأ

ساس حتّى انتهت عليا مبانيها

٢٨٦

كلمة الإسكافي حول الحديث

في كتابه - النقض على العثمانيّة -

قال بعد ذكر الحديث باللفظ المذكور ص 278: فهل يكلّف عمل الطعام ودعاء القوم صغيرٌ غير مميِّز؟! وغرٌّ غير عاقل؟! وهل يُؤتمن على سرِّ النبوَّة طفلٌ إبن خمس سنين أو إبن سبع سنين؟! وهل يُدعى في جملة الشيوخ والكهول إلّا عاقلٌ لبيبٌ؟! وهل يضع رسول الله صلّى الله عليه وآله يده في يده ويُعطيه صفقة يمينه بالأُخوَّة والوصيَّة والخلافة إلّا وهو أهلٌ لذلك؟!؟! بالغ حدَّ التكليف، محتملٌ لولاية الله و عداوة أعدائه، وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه؟! ولم يلصق بأشكاله؟! ولم يُر مع الصبيان في ملاعبهم بعد إسلامه؟! وهو كأحدهم في طبقته، كبعضهم في معرفته، وكيف لم ينزع إليهم في ساعة من ساعاته؟! فيقال: وعاه بعض الصبا، وخاطر من خواطر الدنيا، وعملته الغرَّة والحدثة على حضور لهوهم، والدخول في حالهم، بل ما رأيناه إلّا ماضياً علي إسلامه، مصمّماً في أمره، محقّقاً لقوله بفعله، قد صدَّق إسلامه بعفافه وزهده، ولصق برسول الله صلّى الله عليه وآله من بين جميع مَن بحضرته، فهو أمينه وأليفه في دنياه وآخرته، وقد قهر شهوته، وجاذب خواطره، صابراً على ذلك نفسه، لِما يرجو من فوز العاقبة وثواب الآخرة، وقد ذكر هو عليه السَّلام في كلامه و خطبه بدء حاله وإفتتاح أمره حيث أسلم لَمّا دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله الشجرة فأقبلت تخذ الأرض فقالت قريش: ساحرٌ خفيف السحر. فقال عليٌّ عليه السلام: يا رسول الله؟ أنا أوَّل من يؤمن بك آمنت بالله ورسوله وصدَّقتك فيما جئت به وأنا أشهد أنَّ الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقاً لنبوَّتك وبرهاناً على دعوتك. فهل يكون إيمانٌ قطٌّ أصح من هذا الإيمان؟! وأوثق عقدة؟! وأحكم مرّة؟! ولكن حنق العثمانيَّة وغيظهم و عصبيَّة الجاحظ وإنحرافه ممّا لا حيلة فيه.

جنايات على الحديث منها

ما ارتكبه الطبري في تفسيره 19 ص 74 فإنَّه بعد روايته له في تاريخه كما سمعت قلّب عليه طهر المجنَّ في تفسيره فأثبته برمَّته حرفيّاً متناً وإسناداً غير أنَّه أجمل القول فيما لهج به رسول الله صلّى الله عليه وآله في فضل مَن يُبادر إلى تلقّي الدعوة

٢٨٧

بالقبول قال فقال: فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا وكذا؟!. وقال في كلمته صلّى الله عليه وآله الأخيرة: ثمَّ قال: إنَّ هذا أخي وكذا وكذا.

وتبعه على هذا التقلّب إبن كثير الشامي في البداية والنهاية 3 ص 40 وفي تفسيره 3 ص 351 فعل إبن كثير هذا وثقل عليه ذكر الكلمتين وبين يديه تاريخ الطبري وهو مصدره الوحيد في تاريخه وقد فصّل فيه الحديث تفصيلاً لأنَّه لا يروق إثبات النصّ لأمير المؤمنين بالوصيَّة والخلافة الدينيّة، والدلالة عليه والإشارة إليه. وهل هذه الغاية مقصد الطبري حينما حرَّف الكلم عن مواضعه في التفسير بعد ما جاء به صحيحاً في التأريخ على حين غفلة عنها؟! أنا لا أدرى، لكن الطبري يدري. وأحسبك أيّها القارئ جِدَّ عليم بذلك.

ومنها: خزاية فاضحة تحمَّلها محمد حسين هيكل حيث أثبت الحديث كما أوعزنا إليه في الطبعة الأولى من كتابه - حياة محمد - ص 104 بهذا اللفظ:

نزل الوحي: أن أنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك لمن اتبَّعك من المؤمنين. وقل إنّي أنا النذير المبين. فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين، و دعا محمد عشيرته إلى طعام في بيته وحاول أن يُحدِّثهم داعياً إيّاهم إلى الله فقطع عمّه أبو لهب حديثه. واستنفر القوم ليقوموا. ودعاهم محمد في الغداة كرَّة أُخرى. فلمّا طعموا قال لهم: ما أعلم إنساناً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربّي أن أدعوكم إليه فأيّكم يُوازرني هذا الأمر وأن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟! فأعرضوا عنه وهمّوا بتركه لكن عليّاً نهض وما يزال صبيّاً دون الحلم وقال: أنا يا رسول الله؟ عونك أنا حرب على من حاربت. فابتسم بنو هاشم وقهقه بعضهم وجعل نظرهم يتنقّل من أبي طالب إلى ابنه ثمَّ انصرفوا مستهزئين. ا هـ.

فإنّه أسقط من الحديث أوّلاً ما فرَّع به رسول الله صلّى الله عليه وآله كلامه من قوله لعليّ: فأنت أخي ووصيّي ووارثي. ثمَّ نسب إلى أمير المؤمنين ثانياً أنَّه قال: أنا يا رسول الله عونك أنا حربٌ على من حاربت. ليته دلَّنا على مصدر هذه النسبة في لفظ أيِّ محدِّث أو مؤرِّخ من السلف؟! وراقه أن يحكم في الحضور في تلك الحفلة بتبسّم بني هاشم

٢٨٨

وقهقهة بعضهم ولم نجد لهذا التفصيل مصدراً يعوَّل عليه.

ومهما لم يجد (هيكل) وراءه من يأخذه بمقاله، ولم ير هناك من يُناقشه الحساب في تقوُّلاته وتصرُّفاته أسقط منه ما يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السَّلام في الطبعة الثانية سنة 1354 ص 139، ولعلَّ السرَّ فيه لفتة منه إلى غاية إبن كثير وأمثاله بعد النشر، أو أنَّ اللغط والصخب حول القول قد كثرا عليه هناك من مناوئي العترة الطاهرة، فأخذته أمواج اللوم والعتب حتّى إضطرته إلى الحذف والتحريف. أو إنَّ العادة المطّردة في جملة من المطابع عاثت في الكتاب فغضَّ عنها الطرف صاحبه لإشتراكه معها في المبدء أو عجزه عن دفعها. وعلى أيٍّ فحيَّ الله الشعور الحيَّ، والأمانة الموصوفة، والحقَّ المضاع المأسوف عليه.

أسفي على بُسطاء الأُمَّة الإسلاميَّة وإعتنائهم بمثل هذه الكتب المشحونة بزخرف القول وأباطيل الكلم المموِّهة وقد جاءت بذات الرعد والصليل(1) وسيل بالأُمَّة و هي لا تدري(2) . ثمَّ أسفي على مصر وحملة علمها المتدفّق، وعلى تأليفها القيِّمة، وكتّابها النزهاء، فإنّها راحت ضحيَّة تلكم الشهوات والميول، ضحيّة تلكم النفوس الخائرة، ضحيَّة تلكم الكفريّات المبيدة للمجتمع، ضحيَّة تلكم الأقلام المستأجرة وقد إتخذت الباطل دغلاً، وشغرت لها الدنيا برجلها(3) .

( قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً

الّذِينَ ضَلّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ ،

أَنّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً )

____________________

1 - مثل يضرب لمن جاء بشر وعر.

2 - مثل يضرب للساعي الغافل.

3 - يضرب لمن ساعدته الدنيا فنال منها حظه.

٢٨٩

8 - العبدي الكوفي

هل في سؤالك رسم المنزل الخربِ

برءٌ لقلبك من داء الهوى الوصبِ؟!

أم حرّه يوم وشك البين يبرده

ما استحدثته النوى من دمعك السربِ؟!

هيهات أن ينفد الوجد المثير له

نأي الخليط الذي ولّى ولم يؤبِ

يا رائد الحيِّ حسب الحيَّ ما ضمنت

له المدامع من ماء ومن عشبِ

ما خلت من قبل أن حالت نوى قذف

إنَّ العيون لهم أهمى(*) من السحبِ

بانوا فكم أطلقوا دمعاً وكم أسروا

لبّاً وكم قطعوا لِلوصل من سببِ

من غادرٍ لم أكن يوماً أسرُّ له

غدراً وما الغدر من شأن الفتى العربي

وحافظ العهد يُبدي صفحتي فرح

للكاشحين(*) ويُخفي وجد مكتئبِ

بانوا قباباً وأحباباً تصونهمُ

عن النواظر أطراف القنا السلبِ

وخلّفوا عاشقاً مُلقىً رمى خلساً

بطرفه خدر من يهوي فلم يصبِ

لهفي لَمّا استودعت تلك القباب وما

حجبن من قضب عنّا ومن كثبِ

من كلِّ هيفاء أعطاف هضيم حشا

لعسآء(*) مُرتشف غرَّاء مُنتقبِ

كأنَّما ثغرها وهنا وريقتها

ما ضمَّت الكاس من راح ومن حببِ

وفي الخدور بدورٌ لو برزن لنا

برَّدن كلَّ حشا بالوجد مُلتهبِ

وفي حشاي غليلٌ بات يضرمه

شوقٌ إلى برد ذاك الظَلم والشنبِ(1)

يا راقد اللوعة اهبب(*) من كراك فقد

بان الخليط ويا مُضني الغرام ثُبِ

أما وعصر هوىً دبَّ العزاء له

ريب المنون وغالته يد النُوبِ

____________________

* - همى يهمي هميا: سال. العين: صبت دمعتها.

* - كاشح فلاناً كشاحا ومكاشحة وكشح له كشحاً: عاداه.

* - لعس: سواد مستحسن في الشفة.

1 - الظلم بالفتح: ماء الأسنان وبريقها. الشنب: بياض الأسنان وحسنها.

* - أهبه من نومه: أيقظه.

٢٩٠

لأشرقنَّ(1) بدمعي إن نأت بهمُ

دارٌ ولم أقض ما في النفس من إربِ

ليس العجيب بأن لم يبق لي جلدٌ

لكن بقائي وقد بانوا من العجبِ

شبت إبن عشرين عاماً والفراق له

سهمٌ متى يصب شمل الفتى يشبِ

ماهزَّ عطفي من شوق إلى وطني

ولا اعتزانيَ من وجدٍ ومن طربِ

مثل اشتياقيَ من بُعدٍ ومُنتزحٍ

إلى الغريِّ وما فيه من الحسبِ

أزكى ثرى ضمَّ أزكى العالمين فذا

خير الرجال وهذا أشرف التربِ

إن كان عن ناظري بالغيب محتجباً

فإنَّه عن ضميري غير محتجبِ

إلى أن يقول:

يا راكباً جسرةً تطوي منا سمها

ملاءة البيد بالتقريب والجنبِ(2)

تُقيّد المغزل الأدماء في صعد

وتطلح الكاسر الفتخاء في صببِ(3)

تثني الرياح إذا مرَّت بغايتها

حسرى الطلائح بالغيطان والخربِ

بلّغ سلامي قبراً بالغريِّ حوى

أوفى البريَّة من عُجم ومن عربِ

واجعل شعارك الله الخشوع به

وناد خير وصيّ صنو خير نبي

إسمع أبا حسن إنَّ الأولى عدلوا

عن حكمك انقبلوا عن شرِّ مُنقلبِ

ما بالهم نكبوا نهج النجاة؟! وقد

وضحته واقتفوا نهجاً من العطبِ(4)

ودافعوك عن الأمر الذي اعتلقت

زمامه من قريش كفُّ مُغتصبِ

ظلّت تُجاذبها حتّى لقد خرمت

خشاشها تربت من كفِّ مُجتذبِ(5)

وكان بالأمس منها المُستقيل فلم

أرادها اليوم لو لم يأت بالكذبِ؟!

وأنت توسعه صبراً على مضض

والحلم أحسن ما يأتي مع الغضبِ

____________________

1 - أشرقه بريقه: أي أغصه ومنه التنفس.

2 - جنبه جنْبا جنَبا: أبعده ونحاه.

3 - المغزل: من أغزلت الظبية إذا ولدت الغزال. الأدم من الظباء بيضاً تعلوهن طرائق فيهن غبرة. طلح: أتعب وأعيى. الكاسر: العقاب. الفتخاء: اللينة الجناح. الصبب: ما انحدر من الأرض.

4 - العطب: الهلاك.

5 - خرم الخرزة: فصمها. شق وترة الأنف. الخشاشة: عود يجعل في أنف الجمل.

٢٩١

حتّى إذا الموت ناداهُ فأسمعه

والموت داع متى يدع امرءاً يُجبِ

حبابها آخراً فأعتاض محتقباً(1)

منه بأفضع محمول ومحتقبِ

وكان أوَّل من أوصى ببيعته

لك النبيُّ ولكن حال من كثبِ

حتّى إذا ثالثٌ منهم تقمَّصها

وقد تبدَّل منها الجدُّ باللعبِ

عادت كما بُدأت شوهاء جاهلة

تجرُّ فيها ذئابٌ اكلة الغلبِ

وكان عتها لهم في «خمّ» مزدجرٌ

لَمّا رقى أحمد الهادي على قتَبِ

وقال والناس من دانٍ إليه ومن

ثاوٍ لديه ومن مُصغٍ ومُرتقبِ

: قم يا عليُّ فإنّي قد أُمرت بأن

أُبلّغ الناس والتبليغ أجدر بي

إنّي نصبت عليّاً هادياً علماً

بعدي وإنَّ عليّاً خير منتصبِ

فبايعوك وكلٌّ باسطٌ يده

إليك من فوق قلب عنك منقلبِ

عافوك لا مانعٌ طولاً ولا حصرٌ

قولاً ولا لهجٌ بالغشِّ والرِّيبِ

وكنت قطب رحى الإسلام دونهم

ولا تدور رحىً إلّا على قطبِ

ولا تُماثلهم في الفضل مرتبةً

ولا تُشابههم في البيت والنسبِ

إن تَلحظ القرن والعسال في يده

يظلّ مضطرباً في كفِّ مضطربِ

وإن هززت قناةً ظلت توردها

وريد ممتنع في الرَّوع مُجتنبِ

ولا تسلّ حساماً يوم ملحمة

إلّا وتحجبه في رأس مُحتجبِ

كيوم خيبر إذ لم يمتنع زفرٌ

عن اليهود بغير الفرِّ والهربِ

فأغضب المصطفى إذ جرَّ رايته

على الثرى ناكصاً يهوي على العقبِ

فقال: إنّي سأُعطيها غداً لفتىً

يحبّه الله والمبعوث منتجبِ

حتّى غدوت بها جذلان تحملها

تلقآء أرعن من جمع العدى لجبِ(2)

جمّ الصلادم والبيض الصوارم وا

لزرق اللهاذم والماذيّ واليلبِ(3)

____________________

1 - اعتاض: أخذ بدلاً وخلفاً. احتقب: أركبه وراءه.

2 - جذل وجذلان: فرح وفرحان. أرعن: أحمق. جيش لجب: ذو كثرة وجلبة.

3 - الصلادم ج الصلدم: الصلب. الأسد. الزرق: يكنى به عن الأسنة والنصال لَمّا في لونها الزرقة. اللهاذم ج اللهذم: الحاد القاطع. الماذي: كل سلاح من الحديد. اليلب: الفولاذ وخالص الحديد.

٢٩٢

فالأرض من لاحقيّات مطهَّمة

والمستظلّ مثار القسطل الهدبِ

وعارض الجيش من نقع بوارقه

لمع الأسنَّة والهنديَّة القضبِ

أقدمت تضرب صبراً تحته فغدا

يصوب مزناً ولو أحجمت لم يصبِ

غادرت فرسانه من هارب فَرِق

أو مُقعص(1) بدم الأوداج مُختضبِ

لك المناقب يعيى الحاسبون بها

عدّاً ويعجز عنها كلُّ مُكتتبِ

كرجعة الشمس إذ رمت الصَّلاة وقد

راحت توارى عن الأبصار بالحجبِ

رُدَّت عليك كأنَّ الشهب ما اتَّضحت

لناظرٍ وكأنَّ الشمس لم تغبِ

وفي براءة أنبآء عجائبها

لم تطو عن نازجٍ يوماً ومُقتربِ

وليلة الغار لَمّا بتَّ ممتلأً

أمناً وغيرك ملآنٌ من الرعبِ

ما أنت إلّا أخو الهادي وناصره

ومظهر الحقِّ والمنعوت في الكتبِ

وزوج بضعته الزَّهراء يكنفها(2)

دون الورى وأبو أبنائه النّجبِ

من كلِّ مجتهد في الله مُعتضد

بالله مُعتقد لله مُحتسبِ

هادين لِلرشد إن ليل الضلال دجا

كانوا لطارقهم أهدى من الشّهبِ

لُقِّبتُ بالرفض لَمّا إن منحتهمُ

وُدّي وأحسن ما اُدعى به لقبي

صلاة ذي العرش تترى كلّ آونة

على إبن فاطمة الكشّافِ لِلكربِ

وابنيه من هالك بالسمِّ مُخترم

ومن مُعفَّر خدٍّ في الثرى تَربِ

والعابد الزاهد السجّاد يتبعه

وباقر العلم داني غاية الطلبِ

وجعفر وابنه موسى ويتبعه الـ

ـبرُّ الرِّضا والجواد العابد الدئبِ

والعسكريَّين والمهديِّ قائمهم

ذو الأمر لابس أثواب الهدى القشبِ

مَن يملأ الأرض عدلاً بعد ما مُلأت

جوراً ويقمع أهل الزيغ والشغبِ

القائد البهم الشوس الكماة إلى

حرب الطغاة على قبِّ الكلا الشزبِ(3)

أهل الهدى لا أُناسٌ باع بائعهم

دين المهيمن بالدنيا وبالرُّتبِ

____________________

1 - قعصه وأقعصه. قتله مكانه.

2 - كنف الشيء. صانه وحفظه وحاطه وضمه إليه.

3 - البهم ج البهمة: الشجاع. الشوس: الشديد الجرئ في القتال. القب: القطع.

٢٩٣

لو أنَّ أضغانهم في النّار كامنةٌ

لأغنت النَّار عن مُذك ومُحتطبِ

يا صاحب الكوثر الرقراق زاخرة

ذود النواصب عن سلساله العذبِ

قارعتُ منهم كماةً في هواك بما

جرَّدتُ من خاطر أو مقول ذربِ

حتّى لقد وسمت كلماً جباههمُ

خواطري بمضاء الشعر والخطبِ

صحبت حبَّك والتقوى وقد كثرت

ليَ الصحاب فكانا خير مصطحبِ

فاستجل من خاطر العبديِّ آنسةً

طابت ولوجا وزتك اليوم لم تطبِ

جاءت تُمايل في ثوبي حياً وهدىً

إليك حالية بالفضل والأدبِ

أتعبتُ نفسي في مدحيك عارفةً

بأنَّ راحتها في ذلك التَّعبِ

وذكر إبن شهر آشوب في «المناقب» 1 ص 181 ط ايران للعبديِّ قوله:

ما لعليٍّ سوى أخيه

محمد في الورى نظيرُ

فداه إذ أقبلت قريشٌ

عليه في فرشه الأميرُ

وافاه في خمّ وارتضاه

خليفة بعده وزيرُ

*(الشاعر)*

أبو محمد سفيان بن مصعب العبديُّ الكوفيُّ. من شعراء أهل البيت الطاهر المتزلّفين إليهم بولائه وشعره، المقبولين عندهم لصدق نيَّته وانقطاعه إليهم؛ وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب مولانا أمير المؤمنين الشهيرة، وأكثر من مدحه ومدح ذريَّته الأطيبين وأطاب، وتفجَّع على مصائبهم ورثاهم على ما انتابهم من المحن، ولم نجد في غير آل الله له شعراً.

إستنشده الإمام الصادق صلوات الله عليه شعره كما في رواية ثقة الإسلام الكليني في «روضة الكافي» بإسناده عن أبي داود المسترقّ عنه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السَّلام فقال: قولوا لأُمِّ فروة: تجيئ فتسمع ما صُنع بجدّها. قال: فجاءت فقعدت خلف الستر ثمَّ قال: فأنشدنا. قال: فقلت:

فر وجودي بدمعك المسكوب

....................................

قال: فصاحت وصحن النسآء فقال أبو عبد الله عليه السّلام: الباب. فاجتمع أهل

٢٩٤

المدينة على الباب قال: فبعث إليهم أبو عبد الله: صبيٌّ لنا غُشي عليه فصحن النسآء. و استنشد شعره الإمام أبا عمارة المنشد كما في «الكامل لإبن قولويه» ص 105 بإسناده عن أبي عمارة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا عمارة؟ أنشدني للعبديِّ في الحسين عليه السَّلام قال: فأنشدته فبكى ثمَّ أنشدته فبكى ثمَّ أنشدته فبكى. قال: فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتّى سمعت البكاء من الدّار. الحديث.

عدَّه شيخ الطايفة في رجاله من أصحاب الإمام الصّادق ولم يك صحبته مجرَّد أُلفة معه، أو محض اختلاف إليه، أو أنَّ عصراً واحداً يجمعهما لكنّه حظي بزلفة عنده منبعثة عن صميم الودّ وخالص الولاء، وإيمان لا يشوبه أيٌّ شائبة حتّى أمر الإمام عليه السَّلام شيعته بتعليم شعره أولادهم وقال: إنَّه على دين الله. كما رواه الكشي في رجاله ص 254 بإسناده عن سماعة قال: قال أبو عبد الله عليه السَّلام: يا معشر الشيعة علّموا أولادكم شعر العبديِّ فإنَّه على دين الله.

وينمُّ عن صدق لهجته، واستقامة طريقته في شعره، وسلامة معانيه عن أيِّ مغمز، أمر الإمام عليه السَّلام إيّاه بنظم ما تنوح به النسآء في المأتم كما رواه الكشي في رجاله ص 254.

وكان يأخذ الحديث عن الصّادق عليه السَّلام في مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثمَّ يعرضه عليه كما رواه إبن عيّاش في «مقتضب الأثر» عن أحمد بن زياد الهمداني قال: حدَّثني عليُّ بن إبراهيم بن هاشم قال: حدَّثني أبي عن الحسن بن عليّ سجاده عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السَّلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال: جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره:( وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيَماهُمْ ) ؟!(1) قال: هم الأوصياء من آل محمد الإثنى عشر لا يعرف الله إلّا من عرفهم وعرفوه. قال: فما الأعراف جعلت فداك؟! قال: كثائب من مسك عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلّاً بسيماهم. فقال سفيان: أفلا أقول في ذلك شيئاً؟! فقال من قصيدة:

أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربعُ؟!

وهل لليالٍ كنَّ لي فيك مرجعُ؟!

____________________

1 - سورة الأعراف. آية 46.

٢٩٥

يقول فيها:

وأنتم وُلاة الحشر والنشر والجزاء

وأنتم ليوم المفزع الهول مفزعُ

وأنتم على الأعراف وهي كثائبٌ

من المسك ريّاها بكم يتضوعَُّ

ثمانيةٌ بالعرش إذ يحملونهُ

ومن بعدهم في الأرض هادون أربعُ

والقارئ إذا ضمَّ بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له إلى الآخر يقف على رتبة عظيمة له من الدين تقصر دون شأوها الوصف بالثقة، ويُشاهد له في طيّات الحديث والتأريخ حسن حال وصحَّة مذهب تفوق شؤون الحسان، فلا مجال للتوقّف في ثقته كما فعله العلّامة الحلّي، ولا لعدِّه من الحسان كما فعله غيره، ولا يبقى لنسبته إلى الطيّارة [ أي الغلوّ والإرتفاع في المذهب ] وزنٌ كما رآه أبو عمر والكشي في شعره، ولم نجد في شعره البالغ إلينا إلّا المذهب الصحيح، والولاء المحض لعترة الوحي، والتشيّع الخالص عن كلِّ شائبة سوء.

ويزيدك ثقةً به وإعتماداً عليه رواية مثل أبي داود المنشد سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه، وأبو داود هو شيخ الأثبات الأجلّة نظرآء الحسن بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، وعليِّ بن الحسين بن فضّال.

كما أنَّ إفراد مثل الحسين بن محمد بن عليِّ الأزدي الكوفي المجمع على ثقته وجلالته تأليفاً في أخبار المترجم له وشعره عدَّه النجاشي في فهرسته ص 49 من كتبه يُؤذن بموقفه الشامخ عند أعاظم المذهب، ويُنبؤ عن إكبارهم محلّه من العلم والدين.

نبوغه في الأدب والحديث

إنَّ الواقف على شعر شاعرنا (العبديّ) وما فيه من الجودة. والجزالة. و والسهولة. والعذوبة. والفخامة. والحلاوة. والمتانة. يشهد بنبوغه في الشعر، و تضلّعه في فنونه، ويعترف له بالتقدُّم والبروز، ويرى ثناء الحميري سيِّد الشعراء عليه بأنَّه «أشعر الناس» من أهله في محلّه، روى أبو الفرج في «الأغاني» 7 ص 22 عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان: إنَّ السيِّد والعبديّ اجتمعا فأنشد السيِّد:

إنّي أدين بما دان الوصيُّ به

يوم الخريبة(1) من قتل المحلّينا

____________________

1 - الخريبة: موضع موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل.

٢٩٦

وبالذي دان يوم النهروان به

وشاركت كفَّه كفِّي بصفِّينا

فقال له العبدي: أخطأت، لو شاركت كفّك كفَّه كنت مثله، ولكن قل: تابعت كفَّه كفِّي، لتكون تابعاً لا شريكاً. فكان السيِّد بعد ذلك يقول: أنا أشعر الناس إلّا العبدي.

والمتأمِّل في شعره يرى موقفه العظيم في مقدَّمي رجال الحديث، ومكثري حملته ويجده في الرعيل الأوَّل من جامعي شتاته، وناظمي شوارده، ورُواة نوادره، وناشري طُرفه، ويشهد له بكثرة الدِّراية والرِّواية، ويُشاهد همَّته العالية، وولعه الشديد في بثِّ الأخبار المأثورة في آل بيت العصمة صلوات الله عليهم، وستقف على ذلك كلّه في ذكر نماذج شعره.

ولادته ووفاته

لم نقف على تأريخي ولادة المترجم له ووفاته ولم نعثر على ما يقرِّبنا إليهما إلّا ما سمعت من روايته عن الإمام جعفر بن محمد عليه السَّلام وإجتماعه مع السيِّد الحميري المولود سنة 105 والمتوفّى سنة 178 ومع أبي داود المسترق، وملاحظة تأريخي ولادة أبي داود المسترق الراوي عنه ووفاته يُؤذننا بحياة شاعرنا العبديِّ إلى حدود سنة وفاة الحميري فإنَّ أبا داود تُوفّي 231 كما في فهرست النجاشي أوفي 230 كما في رجال الكشي(1) وعاش سبعين سنة كما ذكره الكشي، فيكون ولادة أبي داود سنة 161 على قول النجاشي و 160 على إختيار الكشي، وبطبع الحال كان له من عمره حين روايته عن المترجم أقلّ ما تستدعيه الرِّاوية، فيستدعي بقاء المترجم أقلّاً إلى أواخر أيّام الحميري، فما في أعيان الشيعة 1 ص 370 من كون وفاة المترجم في حدود سنة 120 قبل ولادة الراوي عنه أبي داود المسترق بأربعين سنة خال عن كلِّ تحقيق وتقريب.

____________________

1 - ما في نسخ الكشي من ذكر تأريخ وفاة أبي داود برقم 130 تصحيف 230، ويشهد بالتصحيف رواية طبقة أصحاب الإمامين الرضا والجواد عليهما السلام عنه، وكذلك رواية الحسن بن محبوب المولود سنة 149 والمتوفّى سنة 224، ورواية محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفّى سنة 262.

٢٩٧

ومن نماذج شعره:

إنّا روينا في الحديث خبرا

يعرفه ساير من كان روى

إنَّ إبن خطاب أتاه رجلٌ

فقال: كم عدَّة تطليق الإما؟!

فقال: يا حيدر كم تطليقة

للأمة؟ اذكره فأومى المرتضى

بإصبعيه فثنى الوجه إلى

سائله قال: اثنتان وانثنى

قال له: تعرف هذا؟ قال: لا

قال له: هذا عليٌّ ذو العلا

وقد روى عكرمةٌ في خبر

ما شكَّ فيه أحدٌ ولا امترى

مرَّ إبن عبّاس على قوم وقد

سبّوا عليّاً فاستراع وبكا

وقال مغتاظاً لهم: أيّكمُ

سبَّ إله الخلق جلَّ وعلا؟!

قالوا: معاذ الله قال: أيّكمْ

سبَّ رسول الله ظلماً واجترا؟!

قالوا: معاذ الله قال: أيّكمْ

سبَّ عليّاً خير من وطئ الحصا؟!

قالوا: نعم قد كان ذا فقال: قد

سمعت والله النبيَّ المجتبا

يقول: من سبَّ عليّاً سبَّني

وسبَّتي سبٌّ الإله واكتفا

محمَّدٌ وصنوه وابنته

وابنيه خير من تحفّى واحتذا

صلّى عليهم ربّنا باري الورى

ومنشئ الخلق على وجه الثرى

صفاهم الله تعالى وارتضى

واختارهم من الأنام واجتبى

لولاهمُ الله ما رفع السما

ولا دحى الأرض ولا أنشا الورى

لا يقبل الله لعبدٍ عملاً

حتى يُواليهم بإخلاص الولا

ولا يتمُّ لامرءٍ صلاته

إلّا بذكراهم ولا يزكو الدُّعا

لو لم يكونوا خير من وطئ الحصا

ما قال جبريل بهم تحت العبا

: هل أنا منكم؟! شرفاً ثمّ علا

يُفاخر الأملاك إذ قالوا: بلى

لو أنَّ عبداً لقي الله بأعمـ

ـال جميع الخلق برّاً وتُقى

ولم يكن والى عليّاً حبطت

أعماله وكبَّ في نار لظى

وإنَّ جبريل الأمين قال لي

عن ملكيه الكاتبين مذ دنا

إنَّهما ما كتبوا قطُّ على الـ

ـطّهر عليّ زلَّةً ولا خنا

٢٩٨

بيان ما حوته الأبيات من الحديث

ممّا أخرجه أعلام العامَّة

*(قوله)*

إنّا روينا في الحديث خبراً

يعرفه ساير من كان روى

أخرج الحافظ الدارقطني وابن عساكر: إنّ رجلين أتيا عمر بن الخطاب وسألاه عن طلاق الأمة، فقام معهما فمشى حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجلٌ أصلعٌ فقال: أيّها الأصلع ما ترى في طلاق الأمة؟! فرفع رأسه إليه ثمَّ أومى إليه بالسبّابة و الوسطى، فقال لهما عمر: تطليقتان. فقال أحدهما: سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل فسألته فرضيت منه أن أومى إليك. فقال لهما: تدريان من هذا؟! قالا: لا. قال: هذا عليُّ بن أبي طالب أشهد على رسول الله صلّى الله عليه وآله لسمعته وهو يقول: إنَّ السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعا في كفَّة ثمّ وضع إيمان عليّ في كفَّة لرجح إيمان عليِّ بن أبي طالب.

م - وفي لفظ الزمخشري: جئناك وأنت الخليفة فسألناك عن طلاق فجئت إلى رجل فسألته، فوالله ما كلّمتك. فقال له عمر: ويلك أتدري من هذا؟ الحديث ].

ونقله عن الحافظين: الدار قطني وإبن عساكر] الكنجي في الكفاية ص 129 وقال: هذا حسنٌ ثابتٌ. ورواه من طريق الزمخشري خطيب الحرمين الخوارزمي في المناقب ص 78، والسيِّد علي الهمداني في مودَّة القربى. وحديث الميزان رواه عن عمر محبّ الدين الطبري في «الرياض» 1 ص 244، والصفوري في «نزهة المجالس» 2 ص 240.

*(قوله)*

وقد روى عكرمةٌ في خبر

ما شكَّ فيه أحدٌ ولا امترا

أخرج أبو عبد الله الملّا في سيرته عن إبن عبّاس: إنَّه مرَّ بعد ما كفَّ بصره على قوم يسبّون عليّاً فقال لقائده: ما سمعت هؤلاء يقولون؟! قال: سبّوا عليّاً. قال: رُدّني إليهم. فردَّه فقال: أيّكم السابٌّ لله عزَّ وجلَّ؟! قالوا: سبحان الله من سبَّ الله فقد أشرك. قال: فأيّكم السابّ لرسول الله؟! قالوا: سبحان الله ومن سبَّ رسول الله فقد كفر. قال: أيّكم السابُّ عليَّ بن أبي طالب؟! قالوا: أمّا هذا فقد كان. قال: فأنا أُشهد بالله

٢٩٩

وأشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: من سبَّ عليّاً فقد سبَّني، ومن سبَّني فقد سبَّ الله عزَّ وجلَّ ومَن سبَّ الله كبَّه الله على منخريه في النّار. ثمّ ولّى عنهم فقال لقائده: ما سمعتهم يقولون؟! قال: ما قولوا شيئاً. قال: فكيف رأيت وجوههم إذ قلت ما قلت؟! قال:

نظروا إليك بأعين محمرَّة

نظر التيوس إلى شفار الجازِرِ

قال: زدني فداك أبوك. قال:

خزر العيون نواكس أبصارهم

نظر الذليل إلى العزيز القاهرِ

قال: زدني فداك أبوك. قال: ما عندي غير هذا قال: لكن عندي:

أحياؤهم عارٌ على أمواتهم

والميِّتون فضيحةٌ للغابرِ

وأخرجه محبّ الدين الطبري في «الرياض» 1 ص 166، والكنجي في «الكفاية» ص 27، وشيخ الإسلام الحمّويي في «الفرايد» في الباب السادس والخمسين، وإبن الصبّاغ المالكي في «الفصول» ص 126.

*(قوله)*

محمَّدٌ وصنوه وابنته

وابنيه خير من تحفّى واحتذا

عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنَّه قال: لَمّا خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه إلتفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسةُ أشباح سجّداً وركّعاً قال آدم: هل خلقت أحداً من طين قبلي؟! قال: لا يا آدم قال: فمَن هؤلاء الخمسة الأشباح الّذين أراهم في هيئتي وصورتي؟! قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسةٌ أسماء من أسمائي لولاهمُ ما خلقت الجنَّة والنار، ولا العرش ولا الكرسيَّ، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجنَّ، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا عليّ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزَّتي أن لا يأتيني أحدٌ بمثقال ذرَّة من خردل من بغض أحدهم إلّا أُدخله ناري، ولا أُبالي يا آدم؟ هؤلاء صفوتي بهم أُنجيهم وبهم أهلكهم، فإذا كان لك إليَّ حاجة فبهؤلاء توسَّل. فقال النبيُّ صلّى الله عليه وآله: نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا، ومن حاد عنها هلك، فمن كان إلى الله حاجة، فليسأل بنا أهل البيت.

٣٠٠