صوت الحق ودعوة الصدق
0%
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف: دراسات
الصفحات: 94
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف:
المشاهدات: 9206
تحميل: 4392
توضيحات:
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف: دراسات
الصفحات: 94
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف:
صوت الحق ودعوة الصدق
لطف الله الصافي
صوت الحق ودعوة الصدق
لطف الله الصافي
مقدمة
قال الله تعالى:
«ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنّني من المسلمين»
من أعظم الواجبات الملقاة على عواتق العلماء، والكتاب، وقادة الأُمّة، لا سيّما في هذا العصر أن يخلصوا نيّاتهم، وينزّهوا أقلامهم عن كل ما يورث الوهن، والفشل ويؤدي إلى الضعف في صفوف المسلمين، ويبعدوا نفوسهم عن سوء الظّن، وأن يتّقوا الله فيما يقولون. لا يكتمون الحقائق، ولا ينشرون الأباطيل، ولا يعتمدون فيما يكتبون على الزور والبهتان، والإفتراءت الظالمة التي تؤدّي بالناس إلى الضّلال، وإثارة العصبيات البغيضة الممزّقة لجسم الأمّة، والمفرّقة للجماعة، والدّافعة للجهلاء على تنمية التباغض والصّدام، وفعل مالا يجوّزه العقل والشرع كما يجب عليهم أن ينتهجوا أُسلوب الأنبياء عليهم السّلام في الماقشة والجدال والدّعوة إلى الحق على ضوء ما أدّبنا الله به في كتابه العزيز حيث قال عزّ اسمه:
«ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن»
قال سبحانه:
«ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»
وقال تبارك وتعالى:
« يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً»
وقال تعالى شانه:
«إدفع بالّتي هي احسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كانّه وليٌّ حميمُ»
وقال تعالى جدّه حكاية عن نبيه شعيب لما قال له قومه
«إنّا لنراك في سفاهةٍ، وإنا لنظنّك من الكاذبين» ؟
«يا قوم ليس لي سفاهة ولكنّي رسول من ربّ العالمين»
وقد أمر نبيّه الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول للمشركين:
«أنا أو اويّاكم لعلى هدىً أو في ضلالٍ مبينٍ »
فلم يصرح بضلاله المشركين في مقام التخاطب معهم مع أن المشركين في ضلال مبين من دون أدنى شك أو ريب.
فأقرب الطّرق الموصلة إلى الحقيقة، الأخذ بهذا المنهج الإلهي، وهو الجدال بالّتي هي أحسن ، وأكمل المناهج هو هذا المنهج الذي أمر الله به أنبياءه ورسله ليسيروا عليه في أداء رسالاته.
فأحرى بنا أن لا نتبع سواه أثنا الدعوة إلى الدّين الحنيف ومحاولتنا اجتذاب الآخرين إلى رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفيما نتناقش حوله من المسائل الخلافية بين المسلمين لأنه المنهج الوحيد البعيد عن الغلط في القول والمنزه عن أساليب الشتم والفحش والإفتراء، والمتحلّي باللين واللطف، والمستند على العلم والمعرفة، والداعي إلى حمل أقوال المسلمين، وأفعالهم على المحامل الصحيحة مهما أمكن، والإجتناب عن المزاعم والظنون الباطلة، ومتابعة الهو، والعصبية الممقوتة.
قال الله تعالى:
«ولا تقف ما ليس للك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولاً»
وقال سبحانه:
«فبما رحمةٍ من الله لنت لهم، ولو كناً فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك»
وإذا كان القرآن الكريم يخبر عن قوم شعيب، وهم كفار أثناء ردّهم عليه بقوله:
«وإنّا لنظنّك من الكاذبين»
مما يشر إلى أنهم تحلوا بشيء من الأدب حيث لم يقطعوا بكذبه حسب ما نوحي به عبارتهم. فكيف يجوز للمؤمن الذي يأخذ بأدب الله أن يحكم على أخ له في الله أوعلى طائفة كبيرة من إخوانه المسلمين بالكفر أو الفسق يتهمهم بما لا يقولون به، وما عذره عند الله تعالى إن كفّر مسلماً بما لا يوجب الكفر أو استعمل فيما رده عليه اسلوب الشتائم، والفحش إلى جانب الإفتراء والبهتان اللذين يؤدّيان إلى إثارة الضغائن، ويحولان دون ظهور الحق، وانكشاف الواقع.
فالباحث النزيه إذن لا يجوّز لنفسه - إن لم يكن في قلبه مرض - أن ينحرف عن النهج الإلهي في حواره ومناقشاته مع الآخرين، ويتبع عوضاً عن ذلك اسلوب الشتائم، والدّس، والضغينة، والتهريج بالباطل حين يؤدّي به الأمر إلى ان يحكم على طائفة لعلها الكبرى بين طوئف المسلمين، لعلمائها واُدبائها على امتداد التاريخ عشرات الاُلوف من المؤلّفات في مختلف الموضوعات، والعلوم الإسلامية عقيدة ونظاماً أن يحكم على مثل هذه الطائفة ومن خلال أخبار آحاد شاذة أهملها العلماء، والمحققون، وأساطين علم الحديث لعدم الإعتماد عليها. و الأخذ بها، وإيمانهم بكذبها فيتهم هذه الطائفة - نتيجة أخذه بشواذّ الأخبار هذه - بما هي بريئة منه، ويرميها بالآراء والأقوال الشاذة.
=
وإنما لنستعيذ بالله إذا كان بين المنتحلين للعلم، والكتابة من لا يحمل سلاحاً للدفاع عن آرائه إلا الشتم والإفتراء المغالطة، والقول بغير علم بل على خلاف العلم وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى:
«إنما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون»
كما نستعيذ به من كتّاب يؤثرون خصائصهم الطائفية على مقوّمات الشخصية الإسلامية فيؤيدون الأولى بما يذهب بالثانية, ويفترون على غيرهم بما لو ثبت (وهو ليس بثابت قطعاً) لأصبح عاراً على الإسلام أجمع.
فهؤلاء إذن خطر على الأسلام كمبدأ وعقيدة، وخطر على جماعة المسلمين كأمّة يجب أن تصان وحدتها، والعمل على جمع كلمتها، وخصوصاً في هذه الظروف العصيبة التؤ تواجه الإسلام والمسلمين من جانب أعدائهم.
إنني لأسائل نفسي كما يسائل كل مخلص نفسه عما يقصد أمثال هؤلاء من كتاباتهم الباطلة المملوءة حقداً وبهتاناً على شيعة أهل بيت النبوة ومذهبهم غير تشويه جوهر الإسلام بتشويه منظرالتشيع.
ناهيك عما في ذلك من بثّ روح العداء، والخلاف، والفرقة بين المسلمين وخصوصاً فيما بين الشيعة والسنة في ظرف يعمل المخلصون فيه بكل جهد، وإخلاص لبثّ روح التفاهم، والتعارف بيهما.
كم كان حريّ بهؤلاء - عوضاً من بثّ هذه السموم - أن يجرّدوا أقلامهم إن كانوا حقيقة ذوي علم وإيمان وعمل للكتابة حول الإسلام وبيان جوهره الإنساني، وحقائقه السامية، ومفاهيمه الراقية ليجتذبوا إليه هذه الآجيال التائهة، وخصوصاً في عصرنا المادي هذا، وأن يكتبوا الحقائق التي تقرّب بين السنة والشيعة، وتؤلف بين مختلف المذاهب الإسلامية.
وبذلك يكونون قد أدّوا ما أوجبه الله عليهم من الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
الحوادث التي تقع كل يوم في داخل بلاد المسلمين من الشيعة والسنة، وفي خارج عالمنا الإسلامي تنذر الجامدين، والغافلين، والمعرضين عن الإعتصام بحبل الله، وتحتم علينا جمعاء جمعاء ان نقوم من رقدتنا، ونستيقظ من نومتنا، ونتمسك بكتاب ربنا وسنة نبينا، ونحسن الظن بأنفسنا كمسلمين إلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، وحجهم واحد، وشعائردينهم لا تكاد تختلف في شيء.
نعم، الأجدر بنا ما دمنا كذلك ان نلتفت إلى هذا الجيل المسلم خصوصاً بعد أن شاهدنا طغيان الإلحاد، وامتداد الكفر، وسموم الدّعايات المضللة التي تنفثها الإرساليات المسيحية، والشيوعية العالمية في] نفوس أبنائنا وأفكارهم لتسلخهم عن الإسلام، وتصيرهم أدوات في يدها للقضاء عليه وسلاحاً ضد جماعة المسلمين.
ثم أن أفواجاً كثيرة في مجتمعنا الإسلامي من الأجيال الصاعدة باتت لا ترحب بدعاة العصبية المذهبية، وتقاوم كل من يحاول منعها عن التفكير الحر.
ولا يستسيغون استعراض كل ما يؤدي إلى الإختلاف بين مذاهب المسلمين، ولا ينجرون وراء دعوات البهتان والإفتراء بل يعترفون بالحق أنّى كان، وفي أي مذهب انحصر.
وما ذلك منهم إلا لتأكيد الإتصال، والإتحاد والتجاوب، والتحابب بين المسلمين.
فلا يمكن لأحد في هذا العصر وإن جهد جهده. وكتب ما كتب من الكذب والإفتراء ان يجعل طائفته بعيدة عن معرفة آراء غيرها فالشيعي والسني
يلتقيان كل يوم وكل آن، ويتجاوبان(١) ، ويعرض كل وحد منهما مذهبه على الآخر، ويتفاهمان ثم يخرجان بنتيجة مقنعة، وهي أن الأسس التي تدعو
____________________
(١) لايخفى عليك أيّها القارئ العزيز ان كتّاب الشيعة لم يحاولوا قط إبعاد أبناء الشيعة عن معرفة آراء المذاهب الأُخرى لا سيما أهل السنة فهم كانوا منذ بداية بحوثهم العلمية الإسلامية وتعليمات وشروعهم في التصنيف والتأليف كانوا مهتمين بمعرفة جوهر آراء غيرهم، وحقية مذاهبهم في الاصول والفروع.
فلم يعرضوا قط عن كتاب علم وبحث لأن مؤلفه سنّي، ولم يمنعوا طائفتهم عن مطالعة مؤلّفات غيرهم من طوائف المسلمين، وعلمائها وكتبهم في الأُصول، والفقه وفي المسائل الخلافية بين المسلمين تشهد بذلك كما تشهد بأمانتهم، وعلمهم الواسع بالمذهب فنراهم يذكرون في كتبهم في الأصول والفقه، والتفيسر وغيرها أدلة أهل كل مذهب ثم يناقشون بكل إنصاف وتبحر وعلى ضوء الكتاب والسنة.
وفي هذا العصر لا تجد في مدينة قم المشرفة، وجامعتها الإسلامية الكبرى وفي سائر البلاد والمدن الشيعية مكتبة عامة الا وهي مشحونة بمؤلفات أهل السنة في مختلف العلوم وهي في متناول الجميع يراجعها تلامذة الجامعة بكل حرية من غير أن يكون لهم غرض الا الأخذ بالرآي الصحيح الأوفق بالكتاب والسنة.
فلا يشتبه على أحد منهم شيء من آراء المسلمين ومذاهبهم لقلة المصادر فضلا من أن يتعمد ذلك ويأتي بالزور والبهتان كما يشتبه على الكاتب السني لقلة مصادره، ولاعتماده على افائك الأولين وما نسجته أيدي السياسات الجائرة في ذلك.
فترى مثل الأستاذ عبد الكريم الخطيب مع ما كتب حول المعارف الإسلامية يعتمد في كتابه (الله ذاتاً وموضوعاً) فيما ينقل عن الشيعة وهم أرقى الطوائف الإسلامية. واعمقهم تفكيراً في المعارف الإلهية على المللل والنحل للشهرستاني الكتاب المملوء بالخرافات والإشتباهات.
فيسنهد إلى الشيعة للقول بالحلول والتناسخ، والتجسيد، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ولا يذكرعن آرائهم وعاقائدهم الإسلامية التي بنوها على الأدلة العقلية والنقلية شيئاً، فكأنه لم يكن عنده من كتب الشيعة في الكلام والفلسفة كتاب أولم يرد أن يراجع هذه الكتب لأن ما فيها يكذب مافي مثل (الملل والنحل) وثبت جلالة شأن الشيعة، ورقعة منزلتها في العلوم الإلهية والمعارف الحقيقية الأسلامية.
كل واحد منها إلى التقارب والتلاحم مع الآخر أكثر وأهم من غيرها الذي يدعوهما المغرضون بسببه إلى الإبتعاد، والتضارب، ويعرفان ان بعض الكتاب ممن نشير إليهم لم يريدوا بكتاباتهم إلا الإحتفاظ بافتراق الأُمة، ولم يأتوا إلا بما اتى به من سبقهم في أعصار لم تكن فيها الظروف مهيأة لتحقيق الإتصال كما هو حالهم اليوم من اللقاءات الجنسية والاتصالات الودية ذات الروح الإسلامية الفاضلة. نظراً لكل ذلك فإنني أقول، وأكرر بأن جيلنا المعاصر بما أصبح فيه من وعي لا يستسيغ أية صيحة تدعو المسلمين إلى الفرقة والإختلاف ولايجيب نداء إلا من كان يدعو إلى الوحدة الإسلامية، وإلى ما فيه عزّ الإسلام والمسلمين، وتوحيد كلمتهم وإعلاء أمرهم.
ومع ذلك كله فان بعض الكتّاب يغفلون أويتغافلون عما عليه جيلنا لا سيّما الشبان، وتلامذة الجامعات، وأساتذتها من المستوى الثقافي، ويظنون أن هؤلاء يقرأون كل كتاب، ويسمعون كل نداء، وانهم لا يدركون ما يريد أمثال هؤلاء المرتزقة من الإفساد بين المسلمين أعاذ الله الإسلام من شرورهم، ووقى المسلمين من فتنة أقلامهم وكتاباتهم.
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون.
إن من أعظم الأخطار على وحدة المسلمين، وتعاونهم ضد عدوانهم المشرك إقدام بعض المستهترين الأغبياء الذين لا يقدّرون عواقب ما يفعلون على ما يؤدّي إلى انشغال أبناء الأمة الإسلامية الواحدة بصراعات كلامية لا تبتنى على أساس سليم قد يؤدّي في حالة عدم وضع حدّ لعبثهم إلى تعميق جذور التباغض، والتمزق، والإنهيار المخيف الذي تعاني منه امتنا اليوم شرّ معاناة.
ومن ثم فإنهم يكونون قد ساهموا مساهمة مخلصة في تحقيق أغراض الإستعمار، والصهيونية من تكريس التفرقة، والنزاع الداخلي ليحولوا بين المسلمين، وبين الوحدة لعلمهم بأنها الكفيلة - لوتحققت - بإزالة نفوذهما عن البلاد الإسلامية وسيطرتهما عليها.
ففي كل فترة من الزمن يطلع على الأمّة واحد من امثال هؤلاء الجهلاء - يدافع عن عصبيتهم المذهبية الممقوتة ضد مذهب أو آخر من مذاهب المسلمين - بأكاذيب ملفقة، وأراجيف مزيفة قد بان الحقد الأعمى من خلال أسطرها، والجهل بحقيقة الإسلام، وبحقيقة المذهب الذي يفتري على قدسيته من مطاوي مواضعها يحبّر بها أوراقاً قد أطلق عليها إسم رسالة أو كتاب. وهي في مضمونها أبعد ما تكون عن مدلول هذين اللفظين بل أول ما تدل عليه فراغ واضعيها من العلم والفضل، والأدب لأنهم سدّوا على أنفسهم أبواب التعمق والتحقيق خصوصاّ فيما يتعلق بالمذاهب الإسلامية من مصادرها الأساسية
لذلك تراهم - ويا للعار - يخبطون في أبحاثهم خبط عشواء فيرمون غيرهم بالكفر حياً، وبالفسق أحياناُ إلى كلام أخذوه عن هذا ورأي نسبوه ألى ذاك أو قول سمعوه من ذلك من الناس كأنما عند هؤلاء علم الأولين والآخرين أو انهم معصومون عن الخطاء والكذب، والإفتراء. وهناك من الأقوال ما يتركون بعضاً منه، وينقلون بعضاً لغرض في نفوسهم مما يجعل الأنسان الذي يدفع به سوء الطالع لقراءة تضليلاتهم يسائل نفسه إذا كان الحق هو غرض هؤلاء، والحقيقة غايتهم، فَلِمَ يفعلون ذلك، ولِمَ لا يحققون في صحة ما يسمعون، وما يقولون. ولم لا يرجعون إلى مصادر المذهب الذي يكتبون عنه حين ينتهي بحثهم إلى ما يريده الباحثون المنصفون ولكن هؤلاء ليست لهم من غاية إل اتشديد العداء، وإضعاف الصداقة. لذا تراهم يأتون بالغث لا السمين أو يلبسون الحق بالباطل، ويكتمون الحق وهم يعلمون.
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة المحترمين.
إلى علماء باكستان لا سيما مدينة لاهور.
إلى قادة الفكر ودعاة التقريب بين المذاهب الإسلامية والذين على جهادهم المخلص يتوقف مستقبل الإسلام الأزهر.
إلى كل من يؤمن بالله تعالى، وبحكمته العادلة.
وبعد فإنه قد نشرت في السنوات الأخيرة رسالة اسماها مؤلفها (الخطوط العريضة في الأسس التي قام عليها مذهب الشيعة الامامية) وملأها بالأكاذيب العجيبة التي يعرف كذبها كل من له أدنى بصيرة بالمذاهب الإسلامية وتحت هذا الستار سعى في هدم الأسس التي قام عليها دين الاسلام الحنيف حتى جعل كتاب الله تعالى القرآن المجيد هدفاً لسهامه، وبالغ في الدعوة إلى التخاصم، والتنازع، والتفرقة المنهي عنها، وتهييج العصبيات الطائفية.
ثم أني لما قرأتها أدركت خطرها على الإسلام، وعلى كتاب الله الكريم ووجدتها أمنيّة دعاة التبشير، والإلحاد، وكل من يكمن للقرآن والإسلام وحرماته من المستشرقين، وغيرهم يتخذونها سنداً لأضاليلهم وإضلالاتهم.
ومن جانب آخر تؤدّي إلى تفرقة الأمّة، وبث روح التنافر،والتشاجر، وإيقاد نار الشحناء والبغضاء.
فرأيت أن من الواجب على كل كاتب اسلامي دفع ما في هذه الرسالة من الشبهات سيما حول الكتاب الكريم الذي اتفقت كلمة المسلمين من الشيعة والسنة بل وغيرهم على أنّه هو هذا الكتاب الموجود بين الدفتين المطبوع المنتشر في أقطار الأرض، وأنّه لا ريب فيه، ولا يأتيه الباطل من بين يديه تنزيل من حكيم حميد.
فكتبت كتاب (مع الخطيب في خطوطه العريضة)، وأثبت فيه صيانة الكتاب المجيد من التحريف، وأوضحت ما في هذه الرسالة من الضلالات والجهالات.
فأثر بحمد الله تعالى ومنّه في قلوب المسلمين، والأوساط الثقافية أثراً إيجابياً، ووقع عند العلماء، والمصلحين، ورجالات الإسلام، وأساتذة الجامعات، والباحثين المنصفين موقع القبول، والشكر، والتقدير،ولذلك طبع مرّات عديدة.
والله تعالى يعلم أنه ما دعاني إلى كتابة هذا الكتاب إلاّ خدمة الإسلام والقرآن المجيد، والدفاع عن كرامته والسعي لجمع الكلمة. ولم الشعث، والتحابب، والتوادد بي الأمّة.
وما كنت أظن بعد ذلك أن كاتباً يزعم أنه يكتب للإسلام، ولمصلحة اُمّته يتخذ قبال هذا الكتاب وما دافعنا به عن قداسة القرآن الكريم، وصيانة من التحريف. والدعوة إلى الوحدة الإسلامية موقفاً سلبياً يكرر ما في(الخطوط العريضة). ويقفو أثر مؤلفها ليعطي المبشرين، واعداء الإسلام. ودعاة التفرقة. والتمزيق بالزور والبهتان سلاحاً انتزعناه عنهم في ( مع الخطيب في خطوطه العريضة).
حتى جاءنا بعض الإخوان بعد رجوعه من العمرة وتشرفه بزيارة الحرمين الشريفين بكتاب (الشيعة والسنة) وذكر بأن نائب جامعة المدينة المنورة الإسلامية قد أهداه إليه مع كتاب (العواصم من القواصم) الذي كان قد شرحه محب الدين الخطيب شرحاً أظهر فيه نصبه وعداوته للعترة النبوية، وولاءه لأعدائها، وأنكر فيه الحقائق التارخية المعلومة ظلماً وعدواناً.
فقرأته، وعجبت من سعي كاتبه في تفريق كلمة المسلمين، ولعمر الحق ما كان يخطر ببالي أنّ أحداً من المسلمين يجعل مهمته الإحتفاظ باختلاف الكلمة، والتباعد، وتشديد المجادلات الطائفية، ويعارض دعوة المصلحين من الزعماء والرؤساء والعلماء إلى التقريب إلى الوحدة الإسلامية، ويخطئهم جميعاً، ويتبع غير سبيل المؤمنين، ويرد في هذه النداءات، والصيحات التي رفعت من العلماء والرجال البارزين الغيارى على الإسلام من الشيعة والسنة في شرق الأرض وغربها ويتهم الجميع بالجهل والكذب، والنفاق والخداع.
وأعجب من ذلك وأعظم مصيبة على المسلمين أن يكون القائم بنشرها جامعة المدينة المنورة الإسلامية التي] ينبغي] أن تكرس كل جودها للدفاع عن وجودنا الإسلامي شيعة وسنة، وإرشاد المسلمين إلى ترك الجفوة والبغضاء. وأن تساهم بما عندها من طاقاتٍ مع العلماء المصلحين من الفريقين لتحقيق التقريب والاُخوة الإسلامية.
ويسوءنا زيادة على ذلك أن الحكومة السعودية التي تنفق على هذه الجامعة هي التي تعتني بالدعوة إلى الوحدة الإسلامية اعتناءً كبيراً فجلالة الملك الراحل فيصل آل سعود كان من أولئك الرجال الذين ينادون الأمة بالوحدة الإسلامية وهوالذي أدرك بثاقب نظره أن الشيعة لو لم تكن في عقائدها الإسلامية، والإلتزام بأحكام الشريعة، والدفاع عن كرامة القرآن، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاددة من حاد الله ورسوله، والمحافظة على مصالح المسلمين أقوى من سائر الطوائف فهي ليست أقل من غيرها في ذلك كله.
فهم الذين يضحون بأنفسهم في الدفاع عن أحكام القرآن، ويجعلون نصب أعينهم الله ورسوله فيما يقولون وما يفعلون دليلهم كتاب الله وسنة رسوله الكريم.
وجلالة الملك الحالي الملك خالد أيضاً يعرف ذلك، ويقفو أثره أخيه لا يرتضي هذه النعرات الطائفية، ولا يحب التباعد، والتباغض، ووثوقه، واعتماده في المشاكل الإسلامية على أبناء الشيعة ليس بأقل من وثوقه واعتماده على أبناء السنة بل ربما يكون بعض أبناء الشيعة أوثق عنده من بعض أبناءالسنة المتأثرين بالدعايات الإلحادية.
والحكومة العربية السعودية الحالية هي التي تشجع الحركات الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية، وغيرها، وتنفق عليها، وتؤديها وتدرك ان الإسلام في برامجه، واحكامه، ومناهجه مهدد من جانب الإستعمار، والإلحاد في البلاد الشيعية، والسنية,
وإذا اشتغل المسلمون بالمنازعات الطائفية، وإذا كانت حصيلة بعض الجامعات وإنتاجات كتّابهم وناشريهم لا سيما في المملكة السعودية مطلع شمس هداية الإسلام ومهبط وحي القرآن مثل كتاب (السنة والشيعة). وكتاب (حقائق عن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ) وكتاب (العواصم عن القواصم) يشرح الخطيب، وغيرها من كتب كل ما فيها بعيد عن روح الإسلام بل هي مجلبة لغضب الله سبحانه لما فيها من طعن بأهل بيت رسوله الأعظم ونصب
العداء لهم، وولاء لأعدائهم وتحقيق أمل الأعداء في تقطيع جذور الإسلام من البلاد سواء كانت شيعية أم سنية والتفشيل لسعي الزعماء والمصلحين.
ولا ريب أن ما يكتبه هؤلاء المتمذهبون بولاء بني اُميّة، وبني مروان والمصوبون لمظالمهم، والمعلنون العداء لسيدة نساء العالمين، وبعلها أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووصيّه، وابنيها سيّدي شباب أهل الجنة، وسائر أهل البيت عليهم السلام لا يتوافق مع ما عليه أكثر أهل السنة فهذه كتبهم، ومؤلفاتهم في الحديث والتاريخ، والتراجم مملوءة بفضائل أهل البيت لا سيما أمير المؤمنين، والسيدة الزهراء، والسبطين كما هي مشحونة بمثالب أعدائهم، وقد دونوا حتى المعاصرين منهم شكر الله مساعيهم كتباً مستقلة في فضائل أهل البيت، وفي الخرافات ومثالب أعدائهم مثل معاوية وغيره، وأثبتوا فيها مطاعنهم وبدعهم.
فمن كان في قلبه حب لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولعلي عليه السلام الذي لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه الاّ منافق لا يمكن ان يشجع مثل هؤلاء الكتاب وينشرها ما هو ضد مصلحة الإسلام والمسلمين.
فإلى رئاسة جامعة المدينة المنورة الإسلامية الموقرة، وأساتذتها المحترمين نوجه نداءاتنا المتكررة طالبين منهم بأن يكونوا عند مسؤولياتهم الإسلامية مراعين مصلحة الإسلام العليا. وان لا يظنوا بأن أمثال هذه النشرات تفيد المسلمين.
والذي نرجوه منهم هو أن يكونوا من كتابها وناشريها على حذر، وان يقرءواعليهم قول الله تعالى:
«فريل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثّم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم ممّا كتبت أيدهم وويل لهم ممّا يكسبون»
ثم انكم أيها الاخوة الكرام لفي أقدس بلاد الله - في الحرمين الشريفين لذا فإنّ القلوب من شرق الأرض وغربها تهفوا إلى دياركم، وتشتاق إلى بلادكم، وأنتم ياعلماء الحرمين، ويا مجاوريهما محترمون عند الجميع لشرف مكانكم.
فبا ساكني أطراف طيبة كلكم * إلى القلب من أجل الحبيب حبيب
خذوا اهبتكم، وجددوا النظر في مناهجكم، وكتبكم ومقالاتكم ودروسكم وبحوثكم فقد أعطاكم الله في كل سنة فرصة سعيدة اختص الله سبحانه بها امتنا، وأقدركم بها على أن تصلحوا بين المسلمين وتعرصوا عليهم أساليب إسلامية قيمة في مناهج حياتهم التي أثرت فيها الأساليب الكافرة وأن تشجعوا الحركات الإسلامية وتؤيّدوا العلماء المصلحين، وتدعوا أبناء الأمة جميعاً من الشيعة والسنة إلى تطبيق أحكام القرآن.
فعلى الخطيب الذي يخطب في المسجدين لهذه الجموع الغفيرة القادمة لأداء فريضة الحج المقدسة من كل فج عميق أن يزودهم من تعاليم الإسلام بما يؤدي بهم إلى اتباع سبيل الإستقامة، والتضحية في سييل إعلاء كلمة الإسلام، والجهاد ضد الإلحاد الذي أحاط بالعالم الإسلامي من كل جانب ويحثهم على مقاومة التيارات الخبيثة ويوجههم إلى الأساليب التي أدت إلى إبعاد الشيعة عن المناهج الإسلامية، وجعلت مجتمعاتهم أشبه بالمجتمعات الغربية. وأن برامج تعاليمهم وسياساتهم، وحكوماتهم بعيدة عن روح الإسلام ومبادئه السمحاء التي لاخلاف فيها بين الأمة شعة وسنة.
لا أن سقول عن طوائف المسلمين ما يورث الشنآن، والبغضاء وما لا يستقبله جيلنا الحاضر إلا بالنفور، ولا يزيد الأمة إلا جهلاً، وفي كليهما خدمة لأعداء الإسلام، - الإستعمار والصهيونية.