صوت الحق ودعوة الصدق
0%
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف: دراسات
الصفحات: 94
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف:
المشاهدات: 9205
تحميل: 4392
توضيحات:
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف: دراسات
الصفحات: 94
مؤلف: لطف الله الصافي
تصنيف:
فنحن لو تفحصنا مبررات الثورة لدى الخارجين على الخلافة العثمانية لوجدنا ان أكثرهم كان يتعلل بشعار القومية العربية، والتخلص من السيطرة التركية على أُمة العرب، وهكذا حتى سقطت الخلافة العثمانية بعد ان تمزق جسم الأمّة الإسلامية إلى دويلات، وهذا بينما كان الشيعة، وحكومة ايران الشيعية في ذلك الوقت تؤيد الخلافة العثمانية، وتدافع عنها لعلمها بان الاستعمار انما يريد القضاء على الإسلام لا على فساد الخلافة العثمانية.
وكان الساعد الأيمن للإستعمار الكافر على ذهاب الدولة العثمانية هو احد ابناء السنة، وربيب اليهود لا سيما يهود الدونمة مصطفى كمال الذي لاقى كل التشجيع، والتأييد، وبكل اسف من جانب علمائكم، وزعمائكم آنذاك فصوبوا ما أتى به من المناهج ضد الإسلام كالعلمانية وغيرها(١) .
وقد قامت انكلترا بكل ما عندها من وسائل الغدر، والمكر بالتعاون مع عملائها في الداخل ممن لهم نفوذ ونزعة ودعاية خاصة امثال من حملوا لواء الوهابية للقضاء على ما كان ينادي به العرب والمسلمون من الوحدة تحت ظل حكومة اسلامية واحياء الخلافة، في الجزيرة العربية رافضين تمزيق الأمة بتطبيق شعار اللامركزية الذي كان الاستعمار وعملاؤه يركزون عليه وينكلون بمعانديه، ومحاربيه من المسلمين الذين يدركون بان من المبادىء الإسلامية الرئيسية اقامة الحكومة الشرعية على أساس الإمامة الكبرى(٢) .
____________________
(١) يراجع في ذلك (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين) لمصطفى صبري شيخ الإسلام - الدولة العثمانية - سابقاً.
(٢) لا خلاف في ذلك بين السنة والشيعة وانما الخلاف وقع بينهم في الصغرى، وشرايط الامام، وان النبي صلى الله عليه وآله أوصى إلى علي، وإلى أولاده الأئمة عليهم السلام، وعينهم ونصبهم بامر الله تعالى أم ارتحل إلى الرفيق الأعلى، واهمل هذا الأمر.
والتفصيل يطلب من الكتب الكلامية مثل (تجريد الاعتقاد) وشروحه من الشيعة والسنة، و(الشافي) و(احقاق الحق)، و(دلائل الصدق) و(عقبات الأنوار) و(الغدير) وغيرها.
ولكن انكلترا بالتعاون مع عملائلها، خصوصا دعاة الطائفية الوهابية الذين غذتهم، وايدتهم، قد نجحت في القضاء على فكرة الخلافة والإمامة في الجزيرة العربية التي من لوازمها اقامة الوحدة العربية والاسلامية بتمامية الانقلاب الوهابي الانفصالي، واقامة الحكوم المتسمية بالسعودية(١) .
وفي هذه الأجواء المحمومة التي فجرها مصطفى كمال ضد الإسلام والمسلمين وبينما كان يعمل لواء العصبية الطورانية في تركيا، وتثيرها في عروق الأتراك ضد العرب، ويقضى بالموت البطيء على نفوذ الخلافة العثمانية في نفس هذا الوقت، حمل الوهابيون في نجد والحجاز لواء العصبية المذهبية ضد المسلمين باستحلالهم دماءهم، وتوجيه بأسهم، وسطوتهم، وأواه بنادقهم كلها إلى قتالهم خاصة، وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة، وقتلهم بأنواع الغدر والبغي(٢) .
وقد كشفت الأحداث، واثبتت الوقائع انهم كانوا يقومون بكل هذه الفظائع بتأييد من بريطانيا العظمى آنذاك، عدوة المسلمين الأولى، وأداة الصهيونية
____________________
(١) في هذه التسمية أيضاً رمز انفصالي يعرفه الخبراء بالسياسة فالرسول الأعظم ومؤسس الحكومة الاسلامية وزعيمها الأول لم يسم تلك الحكومة باسم الشريف او باسم العرب، مع ان الانسانية بجميع مبادئها الفاضلة ومفاخرها تفتخر باسمه الرفيع وهذه الأسامي تؤكد انفصال مسمياتها من البلاد عن غيرها، وترمز الى الاحتفاظ بحكومات ما قامت الا على الغلبة والاستيثار واستعباد الناس، وتمنح بعنوانها واسمها عن اتحادها مع غيرها.
فالحكومة الهاشمية مع بقائها بهذه الشخصية لا يمكن ان تتحد مع السعودية، وهي مع جمهورية كذا، وحكومة اشتراكية كذا فما الاسلام وما حكومة الاسلام اذن ايها المسلمون، ويا ابناء السنة؟
(٢) راجع تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي، وخلاصته الكلام في امراء البلد الحرام، للشيخ أحمد بن زيني وحلان، وراجع كذلك كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبدالوهاب.
النافذة، وقد كانت هذه تمهيد في نفس الوقت لطعن المسلمين في فلسطين. باقامة دولة اسرائيل، بعد تمزيق العالم الإسلامي إلى دويلات ضعيفة متنافرة لا تقوى على مواجهة الدولة اليهودية الجديدة.
فمن يكون السبب - بعد هذا - لذهاب عز المسلمين، واضعافهم، والقضاء على كيانهم؟ ومن يكون العامل على تشويه سمعة الإسلام، والساعي في اطفاء نوره.
أهم الشيعة الذين قاوموا - كما يشهد لهم التاريخ عند المنصفين، وكما تشهد بذلك مؤلفاتهم التي لا تحصى - كلما أدى أو يؤدي بالمسلمين إلى الضعف، والوهن، والتشتت. وداغعوا عن الإسلام بكل ما لديهم من وسائل وتعرضوا لدفع كافة الشبهات التي تعرض لاثارتها اعداء الإسلام، لزلزلة ابناء المسلمين عن عقيدتهم، وتحملوا في سبيل ذلك كل أنواع الأذى، والاضطهاد والتشريد، والقتل.
أم هم غيرهم، وخصوصاً محبو الرئاسة، والسيطرة منهم، والمتهالكون على الحكم، وفي مقدمتهم زعماء المذهب الوهابي كما يشهد بذلك التاريخ.
ففي جميع أنحاء العالم الإسلامي لم تجدوا خائناً بزعمكم غير يحيى خان المنسوب إلى التشيع فمن اين تجيء الوقائع الدامية، والفضائح التي تقع في بلاد الإسلام كل يوم، وتؤيد الإستعمار، وتقوي التشتت والتمزق. ومن العميل فيها، ومن العامل على مجابهة الدول العربية بعضها مع بعض كالحكومة المغربية مع الجزائرية، والليبية مع المصرية والسودانية، والسورية مع العراقية و… و… غير أبناء أهل السنة؟.
وإذا أثبت تدخل ابن العلقمي في كارثة بغداد التي لم تقل فيها خسارة أبناء
الشيعة عن السنة، والشواهد التاريخية التي ذكرت بعضها في (مع الخطيب) تدل على عدم تدخله.
فهل جميع المتدخلين في سائر الكوارث، والمحن والحروب، والفتن التي ابتليت بها الأمة في شرق الأرض وغربها من عصر الصحابة إلى زماننا كانوا من أبناء الشيعة أو من أبناء السنة.
انسيتم صنائعكم في الحرمين الشريفين، وما ارتكبتم بجهالاتكم من هتك للقبور، وهدم للمشاهد المشرفة، والأبنية التاريخية التي كانت من أقوى الشواهد على صحة تاريخ الإسلام، ومواقف رسوله ومناقب ابطاله فجعلتم تاريخاً ككان له في كل بقعة من بقاع نزل فيها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأبوه، وجده، وأمه، وأقاربه شاهداً على صحة ما يحكيه ويثبت من أمجادنا خالياً عن تلك الشواهد العينية وجعلتموه معرضاً للضياع والنسيان.
فالتاريخ الخالي من الشواهد الأثرية لا يعتمد إبراهيم عليه عند المؤرخين المعاصرين.
فهل تعرف شاهداً أقوى على وجود إبراهيم الخليل، واسماعيل وهاجر من الكعبة المعظمة، ومن حجر اسماعيل، ومقام إبراهيم، ولو كانت هذه الآثار والبنايات التاريخية التي يجدد الناس بها في كل يوم ذكرى رسول الله، وأهل بيته. ومنازل الوحي، وموافقه العظيمة، ومواقف أبطال صحابته لو كانت بيد غير المسلمين، لما باعوها ولما تخلوا عنها ولو دفع لهم ثروات الدنيا باجمعها ولغله ما كان عملاً، مما قام به زعماء المذهب الوهابي بجمودهم الفكري والعصبية المذهبية، أقرلعين الإستعمار من هدم البقاع وجعلهم تاريخ الإسلام سيما في المستقبل في معرض الشك والارتياب.
فهذا عمل لا يمكن للاستعمار ان يقوم به بيده الآثمة لأنه يتهم الوحشية
والرجعية ولكن تحت ستار المذهب وبيد غيره من أبناء المسلمين وصل إلى مناه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فحياة الأمم، والملل، ومواقفهم الجليلة التاريخ انما تعرف بما خلفوا من آثار تدل عليها، فهل يعرف شاهد على المدنية الإسلامية، وحضارتها وعصرها الذهبي في الأندلس، غير الآثار الأندلسية الباقية عن المسلمين.
أنسيتم ما فعل امراؤكم الأقدمين الذين تقدسونهم من التجاوز على حرمات الله في الحرمين الشريفين، ومنهم مسلم بن عقبة عامل أمير مؤمنيكم يزيد، والحصين بن نمير، والحجاج عامل أمير مؤمنيكم الآخر عبد الملك الذي روج الخلاعة والدعارة في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ وتفترون على الشيعة، ويقول احسان آلهي ظهيركم (وهاهي الكعبة جريحة بجريمة طائفة منكم).
فما هي الجريمة، ومن هذه الطائفة، خذل الله، ولعن الله الكاذب، والمفتري ومن لا يخاف من الله، ويأتي بأقبح الكذب والإفتراء، ولا يستحي من الله تعالى، ولعن الله من لا يحترم الكعبة ويرى جوازهتك لبنة، من المسجد الحرام، وسائر الأبنية المشرفة في الحرمين، وغيرهما.
ولعن الله من لا يعتقد في الكعبة انها أول بيت وضع للناس فيه آيات بينات مقام إبراهيم من دخله كان آمناً.
وهاهي ألوف من كتب فقه الشيعة، وكتب أدعيتهم منتشرة في جميع الأقطار الإسلامية فيها أحكام الكعبة المعظمة، وأحكام الحرم، وآداب. الورود في الحرام والأدعية التي يدعي الله تعالى بها في الحرم وفي مكة المكرمة وفي مسجد الحرام وفي الكعبة المعظمة، وما يجب في الحرم على المحرم وغيره مما يرجع إلى حفظ احترام الحرم، والمسجد، والكعبة.
فقولوا: ما شئتم يحاسبكم بما تقولون، وتفترون، وهو يعلم ان الشيعة أبعد الطوائف، عن الإفتراءات، بعد المشرق من المغرب.
فقولوا واكتبوا وافتروا على شيعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما تريدون فهم بريئون من كل افتراءاتكم مقتدين في ذلك اثر ائمتهم عليهم السلام.
فهذا إمامهم السبط الأكبر الحسن المجتبى عليه السلام حج راجلاً خمساً وعشرين حجة، وامامهم الثالث أبو الشهداء وسيد أهل الإباء الحسين عليه السلام حج أيضاً ماشياً عشرين حجة أوأكثر، وهو الذي ترك مكة المكرمة بعد ما علم ان بني امية يريدون قتله فيها غيلة حذراً من هتك حرمتها، ولما قال ابن الزبير اقم في هذا المسجد اجمع لك الناس قال: والله لئن اقتل خارجاً منها بشبر احب إلى من ان اقتل فيها، ولأن اقتل خارجاً منها بشبرين أحبّ إلى من اقتل خارجاً منها بشبر، وايم الله لو كنت في حجر هامة من هذه الهوام لا ستخرجوني حتى يقضوا بي حاجتهم، والله ليعتدن عليّ كما اعتدت في السبت(١) .
ولا يخفي عليك انّا لا نؤاخذ أهل السنة، بالأفاعيل المنكرة التي صدرت من جهالهم، وطلبة الجاه، والرئاسة، وعمال السياسة، ولا نريد الاستشهاد بهذه الأمور على بطلان طائفة، واحقية أخرى، فان هذه ليست معياراً لتمييز الحق من الباطل او لمعرفة الصحيح من السقيم في المسائل الخلافية، ولا يتمسك بهذه الأمور إلاّ من يريد المغالطة، وقد ضعفت حجته، وليس عنده من الأدلة العقلية أو النقلية ما يثبت به مذهبه، وعند الشيعة بحمد الله تعالى في جميع المسائل أقوى الأدلة، وأصرح النصوص، وأصحها.
____________________
(١) الكامل لابن الإثير: ٤/٣٨.
بل أريد إلفات القارىء إلى انّا لو فرضنا صحة ما استشهد به احسان الهي ظهير، والخطيب مما اسنده إلى بعض الشيعة فحجج الشيعي في ذلك أقوى لأنه يأتي بها من أوثق المصادر التاريخية عند أهل السنة، فقم انت يا احسان الهي ظهير، واقرأ التاريخ بتجرد وفهم، أو تجول في البلاد الإسلامية حتى تعرف الخائنين من غير الشيعة من الذين باعوا امجادنا الإسلامية من الكافرين، واتخذوهم أولياء.
وحينئذ يمكنك ان تعرف ان الخائن ليس منحصراً بمن ترميه بالخيانة في واقعة انفصال الباكستانين من بين جميع القادة، والأمراء، والوزراء الذين كانوا يشاركونه في الحكم.
فهذه الوقائع من المصائب التي ابتلي بها المسلمون «الشيعة والسنة»، وعلى حدّ سواء أعاذ الله الجميع منها.
ولو قد أخذنا بمبدأ التحابب، والتوادد الإسلامي، ولم نتهم بعضنا بعضاً بما هو بريء عنه، ولم نجعل ما أدى إليه اجتهاد طائفة في المسائل الخلافية دليلاً على الكفر، او الفسق لأصبح المسلمون يعيشون في الوئام، والاتفاق.
لا يخفي ان كتب الحديث بما فيها من الصحيح والسقيم، والقوي، والضعيف، والغريب، والمرفوع، والمرسل، والمتروك، وغيرها لا يحتج بكل ما فيها، ولا يجعل كل حديث منها حجة على ما اعتقده المسلمون من الشيعة أو السنة(١) يعرف ذلك الحذاق في هذا الفن، ويصح ان يقال ان كل عقيدة اسلامية جاءت من الكتاب والحديث، ولا يصح ان يقال كل حديث جاء بالعقيدة وبناء على ذلك فلا يقبل من الحديث إلاّ ما توفرت فيه شرايط الصحة والقبول، ولا يكون متروكاً. ولا معرضاً عنه.
اللهم الاّ يعلم جهة الترك، والاعراض، وانها ليست شرعية كما يجب ان لا يكون الحديث مخالفاً لصريح القرآن. والاّ يضرب على الجدار، وهذا من أعظم ما أخذت به سيدة العالمين عليها السلام على القوم في مسئلة تركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فان بعضهم حدث عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ولم يلتفتوا إلى ان هذا مخالف لكتاب الله تعالى.
____________________
(١) نعم يعتبر أهل السنة ما في الصحاح الستة ولا سيما الصحيحين حجة فال يجوزون القدح في صحة ما اخرجه البخاري أو مسلم، اما الشيعة فيجوزون المناقشة حتى في جوامعهم الأربعة.
فاعتبارهم الحديث صحيحاً ليس باعتبار انه في (الكافي) و (من لا يحضره الفقيه) أو (الاستبصار) أو (التهذيب).
بل لهم في قبول الحديث والحكم باعتباره، وجواز العمل به قواعد، وشرائط تكشف عن كمال دقتهم في الحديث متناً وسنداً فلا تؤخذ عقائدهم بل ولا آرائهم من كتب الحديث، بل يضاف على ذلك كتبهم في الكلام، والفقه التي يبحثون فيها عن الأصول والفروع، وعن الأحاديث التي تحتج بها على ضوء علمي.
كما يجب ان لا يكون الحديث مخالفاً لضرورة عقلية، والا يجب تأوله وحمله على المحامل الصحيحة، وجعل الضرورة قرينة على المجاز والأحاديث الدالة على التحريف سواء أكان من طرق الشيعة أو السنة كذلك.
فاذا فرض ان يكون بينها الظاهر في ذلك فهو مخالف لضرورة العقل كما انه مخالف للقرآن المجيد، ولذا تركها العلماء، ولا تجد أحداً من الشيعة حتى من يتبع الشواذ، من يعمل بها كما لا أظن ان يكون بين أهل السنة من يفتي بذلك، ويعتمد عليهما إلاّ القليل ممن لا نحب التصريح بذكر أسمائهم.
وسواء أساء المنحرفين عن أهل البيت، ومحبّي اعدائهم ممن لا يعتد بآرائهم عند أهل السنة او لا يسوءهم، وسواء ارادوا أم لا يريدوا فالمسلمون كلهم منّ الشيعة والسنة تفكيرهم في المسائل الإسلامية، ومناهجهم في حل المشاكل، وخططهم وسيرتهم، في مواجهة التيارات المخزية الإلحادية، غير تفكير هؤلاء فقادتهم وزعماؤهم وعلماؤهم والمصلحون يجتمعون في مجلس واحد، ويتذاكرون في مستقبل الأمة مجتنبين سوء الظن فيما بينهم.
وربما يعتمد السني على الشيعي في هذه المسائل، والغيرة على حفظ نوامسينا الإسلامية، والاحتفاظ بامجادنا أكثر من اعتماده على بعض أهل السنة فقد عرف الكثيرون من علماء السنة حقيقة الشيع، والشيعة وأدركوا مبلغ اخلاصهم لدين الله، وكتابه كما يعرفون ان كل ما يقول هؤلاء عن الشيعة من الكذب والنفاق الخداع زور وبهتان.
فهم أفصح الناس للاسلام والمسلمين، وكتاب الله وسنة رسوله فليتجول كل من يريد ان يعرف عقيدة الشيعة في كتاب الله، ولا يريد الفساد والفتنة في بلاد الشيعة، وليراجع مؤلفاتهم حتى يعرف عقيدتهم فيه، وانهم ما اختاروا
رأياً، ولا اعتقدوا عقيدة في الإصول والفروع الاّ ويستندون فيها الى الكتاب والسنة.
واذن فلن تحصلوا من وراء سعيكم في ايقاد نار التباغض والمجادلة بغير الحق الاّ الخسران والاّ تكريس الضعيف في صفوف المسلمين، وخيانة الزعماء والمصلحين.
مع انه لا يكاد يجول في خاطري، ولا في خاطر أحد من الواعين أو يدور في مخيلته، ونحن في هذا العصر عصر النور، ومع توفير كتب الحوار المنطقي بين الفريقين، وخصوصاً تلك التي تتضمن المناظرات القيمة، حول جميع المسائل الخلافية بين أقطاب المذهبين ككتاب (المرجعات) وغيره.
نعم ما كنا نتصور بعد هذا كله أن يأتي كاتب يتلبس ثوب العلم فيكرر نقل الأكاذيب التي اخترعها ساسة الجور والظلم، ووضعها تجار الدين ممن باعوا أنفسهم للشيطان، إرضاء لهؤلاء الساسة ضدّ شيعة أهل البيت عليهم السلام.
فكل ما اتى به من الزور والبهتان وافتراه على الشيعة ليس إلاّ بعض ما كتب موسى جار الله، وقد ردّ عليه رداً شافياً لم يجعل لا لتباس الحقيقة بالباطل مجالاً، السيد شرف الدين في (أجوبة مسائل موسى جار الله) وسيد الاعيان السيد محسن الامين مؤلف (اعيان الشيعة) و (نقض الوشيعة).
فيا أهل الإنصاف اقرأوا هذه الكتب (اجوبة مسائل موسى جار الله) و (نقض الوشيعة) و (إلى المجمع العلمي العربي) و (المراجعات) و (النصّ والإجتهاد) و (الفصول المهمة) و (ابو هريرة) و (عبد الله بن سبأ) و (أصل الشيعة واصولها) و (امان الأمّة من الضلال والاختلاف) و (مع الخطيب في خطوطه العريضة).
فانظروا هل بقي بعد ما تضمنته هذه الكتب من حقائق سؤال عن الشيعة.
وهل يرد اعتراض عليهم؟ وهل بقي مجال لتكرار ما نسجته ايدي أهل العناد: واللجاج؟ وهل يقول بعد هذه الكتب أحد بعدم حصول التفاهم والتجاوب، والتقريب بين الفريقين؟ إلا المعاند اللجوج من يكتب لمنفعة أعداء الاسلام.
أقرأوا هذه الكتب حتى تعرفوا انه ليس هنا ما يمنع من تحقيق وحدة الأُمة. وتوحيد الكلمة، والتقريب والتجاوب، إلاّ افتراءات المفترين، وجهالات المتعصبين الجامدين.
وأخيراً نطلب من جامعة المدينة المنور، واساتذتها المصلحين تشكيل مؤتمر من اقطاب فكرة التقريب، والسكرتير العام لدار التقريب، وغيرهم من العلماء المصلحين من الشيعة والسنة ومن هذا الخادم الضعيف للمسلمين وليكن مقره في المدينة المنورة، حتى ينظر الجميع فيما يعرض من جانب المصلحين في التقريب بين الفريقين، والتجاوب، والتفاهم، وحتى يتضح لهم ان لا شيء بين الفريقين يوجب هذه الجفوة، والتباعد، والتنافر، والبغضاء.
وان امتيازية الشيعة عن السنة في بعض جوانب العقيدة انما هو عقيدة لهم أدّى اجتهادهم في الكتاب والسنة إليها، ولا تختلف عقائد الشيعة مع السنة في اركان الإسلام الاعتقادية، والعملية التي يكون الاعتقاد بها من شرايط الاسلام والتي اتفقت عليها كلمات أكابر أهل السنة، ودلت عليها صحاح أحاديثهم.
وحتى يظهر للجميع انه قد آن ان نترك هذه المناقشات ونشر هذه الكتيبات ونختم على الكلام حول الخلافات، والافتراءات المذهبية، فقد كفانا السلف مؤنة ذلك بما يغني الباحثين. فلا تجتني ثمرة من المقالات الشائكة سيما على أساس العصبية، والزور، والبهتان الاّ الضعف والتخالف والتخاصم أعاذنا الله تعالى منها ونسأله ان يجمع شملنا ويلم شعثنا ويشعب صدعنا، ويرتق فتقنا، وينصرنا على القوم الكافرين.
«ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً انّك أنت الوهذاب. ربّنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك، ولا تخزنا يوم القيمة إنّك لا تخلف الميعاد ربّنا اغفر لنا ولاخواننا الّذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا علاًّ للذين آمنوا ربّنا انك رؤوف رحيم»
٢٦ - ذي الحجة الحرام ١٣٩٦
لطف الله الصافي
الفهرس
مقدمة ٥
الحوادث المنذرة ١٠
كتب الفتنة والتمزيق والإلحاد ١٣
عقائد الشيعة والسنة ٢٢
كتاب الشيعة والسنة وتحريف القرآن ٢٧
الكلام حول الأحاديث ٨٨
إقتراح جذري لحسم الخلاف ٩٢