الميزان في تفسير القرآن الجزء ١

الميزان في تفسير القرآن17%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 459

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 459 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173046 / تحميل: 9112
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ ) النساء - ١٠٤، وغير ذلك متعرّض للجليل والدقيق من المعارف الإلهيّة (الفلسفيّة) والأخلاق الفاضلة والقوانين الدينيّة الفرعيّة من عبادات ومعاملات وسياسات واجتماعيّات وكلّ ما يمسّه فعل الإنسان وعمله، كلّ ذلك على أساس الفطرة وأصل التوحيد بحيث ترجع التفاصيل إلى أصل التوحيد بالتحليل، ويرجع الأصل إلى التفاصيل بالتركيب.

وقد بيّن بقائها جميعاً وانطباقها على صلاح الإنسان بمرور الدهور وكرورها بقوله تعالى:( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) حم سجدة - ٤٢. وقوله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر - ٩، فهو كتاب لا يحكم عليه حاكم النسخ ولا يقضي عليه قانون التحوّل والتكامل.

فإن قلت: قد إستقرّت أنظار الباحثين عن الاجتماع وعلماء التقنين اليوم على وجوب تحوّل القوانين الوضعيّة الاجتماعيّة بتحوّل الاجتماع وإختلافها بإختلاف الأزمنة والأوقات وتقدّم المدنيّة والحضارة.

قلت: سيجئ البحث عن هذا الشأن والجواب عن الشبهة في تفسير قوله تعالى( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) الآية البقرة - ٢١٣.

وجملة القول وملخّصه أنّ القرآن يبني أساس التشريع على التوحيد الفطريّ والأخلاق الفاضلة الغريزيّة ويدّعي أنّ التشريع يجب أن ينمو من بذر التكوين والوجود. وهؤلاء الباحثون يبنون نظرهم على تحوّل الاجتماع مع إلغاء المعنويّات من معارف التوحيد وفضائل الأخلاق، فكلمتهم جامدة على سير التكامل الاجتماعيّ المادّيّ العادم لفضيلة الروح، وكلمة الله هي العليا.

( التحدّي بمن اُنزل عليه القرآن)

وقد تحدّى بالنبيّ الاُمّيّ الّذي جاء بالقرآن المعجز في لفظه ومعناه، ولم يتعلّم عند معلّم ولم يتربّ عند مربّ بقوله تعالى:( قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم

٦١

بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) يونس - ١٦، فقد كان (صلّي الله عليه و آله و سلّم) بينهم وهو أحدهم لا يتسامى في فضل ولا ينطق بعلم حتّى لم يأت بشئ من شعر أو نثر نحواً من أربعين سنة وهو ثلثا عمره لا يحوز تقدّماً ولا يرد عظيمة من عظائم المعالي ثمّ أتى بما اتى به دفعة فأتى بما عجزت عنه فحولهم وكلّت دونه ألسنة بلغائم، ثمّ بثّه في أقطار الأرض فلم يجترئ على معارضته معارض من عالم أو فاضل أو ذي لبّ وفطانة.

وغاية ما أخذوه عليه: أنّه سافر إلى الشام للتجارة فتعلّم هذه القصص ممّن هناك من الرهبان ولم يكن أسفاره إلى الشام إلّا مع عمّه أبي طالب قبل بلوغه وإلّا مع ميسرة مولى خديجة وسنه يومئذ خمسة وعشرون وهو مع من يلازمه في ليله ونهاره، ولو فرض محالا ذلك فما هذه المعارف والعلوم ؟ ومن أين هذه الحكم والحقائق ؟ وممّن هذه البلاغة في البيان الّذي خضعت له الرقاب وكلّت دونه الألسن الفصاح ؟

وما أخذوه عليه أنّه كان يقف على قين بمكّة من أهل الروم كان يعمل السيوف ويبيعها فأنزل الله سبحانه:( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) النحل - ١٠٣.

وما قالوا عليه أنّه يتعلّم بعض ما يتعلّم من سلمان الفارسيّ وهو من علماء الفرس عالمٌ بالمذاهب والأديان مع أنّ سلمان إنّما آمن به في المدينة وقد نزل أكثر القرآن بمكّة وفيها من جميع المعارف الكلّيّة والقصص ما نزلت منها بمدينة بل أزيد، فما الّذي زاده ايمان سلمان وصحابته ؟

على أنّ من قرأ العهدين وتأمّل ما فيهما ثمّ رجع إلى ما قصه القرآن من تواريخ الأنبياء السالفين واُممهم رأى أنّ التاريخ غير التاريخ والقصّة غير القصّة ففيهما عثرات وخطايا لأنبياء الله الصالحين تنبو الفطرة وتتنفّر من أن تنسبها إلى المتعارف من صلحاء الناس وعقلائهم، والقرآن يبرّئهم منها وفيها اُمور اُخرى لا يتعلّق بها معرفة حقيقيّة ولا فضيلة خلقيّة ولم يذكر القرآن منها إلّا ما ينفع الناس في معارفهم وأخلاقهم وترك الباقي وهو الأكثر.

٦٢

( تحدّي القرآن بالإخبار عن الغيب)

وقد تحدّى بالإخبار عن الغيب بآيات كثيرة، منها إخباره بقصص الأنبياء السالفين وأممهم كقوله تعالى:( تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا ) الآية هود - ٤٩، وقوله تعالى بعد قصّة يوسف:( ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ) يوسف - ١٠٢ وقوله تعالي في قصّة مريم:( ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) آل عمران - ٤٤ وقوله تعالى:( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) مريم - ٣٤ إلى غير ذلك من الآيات.

ومنها الإخبار عن الحوادث المستقبلة كقوله تعالى:( غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) الروم - ٢ - ٣، وقوله تعالى في رجوع النبيّ إلى مكّة بعد الهجرة:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ) القصص - ٨٥ ، وقوله تعالى( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ) الآية الفتح - ٢٧، وقوله تعالى:( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ) الفتح - ١٥، وقوله تعالى:( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) المائدة -٦٧، وقوله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر- ٩، وآيات اُخر كثيرة في وعد المؤمنين وعيد كفّار مكّة ومشركيها.

ومن هذا الباب آيات اُخر في الملاحم نظير قوله تعالى:( وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ) الأنبياء - ٩٥، ٩٧، وقوله تعالى:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ) النور - ٥٥، وقوله تعالى( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ ) الانعام - ٦٥، ومن هذا الباب قوله تعالى:( وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ )

٦٣

الحجر - ٢٢، وقوله تعالى( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ) الحجر - ١٩، وقوله تعال:( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) النباء - ٧، ممّا يبتني حقيقة القول فيها على حقائق علميّة مجهولة عند النزول حتّى اكتشف الغطاء عن وجهها بالأبحاث العلميّة الّتي وفق الإنسان لها في هذه الأعصار.

ومن هذا الباب (وهو من مختصّات هذا التفسير الباحث عن آيات القرآن باستنطاق بعضها ببعض واستشهاد بعضها على بعض) ما في سورة المائدة من قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) الآية المائدة - ٥٤. وما في سورة يونس من قوله تعالى:( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) إلى آخر الآيات يونس - ٤٧، وما في سورة الروم من قوله تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) الآية الروم - ٣٠، إلى غير ذلك من الآيات الّتي تنبئ عن الحوادث العظيمة الّتي تستقبل الاُمّة الإسلاميّة أو الدنيا عامّة بعد عهد نزول القرآن، وسنورد انشاء الله تعالى طرفاً منها في البحث عن سورة الاسراء.

( تحدّي القرآن بعدم الإختلاف فيه)

وقد تحدّى أيضاً بعدم وجود الإختلاف فيه، قال تعالى:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء - ٨٢، فإنّ من الضروريّ أنّ النشأة نشأة المادّة والقانون الحاكم فيها قانون التحوّل والتكامل فما من موجود من الموجودات الّتي هي أجزاء هذا العالم الّا وهو متدرّج الوجود متوجّه من الضعف إلى القوّة ومن النقص إلى الكمال في ذاته وجميع توابع ذاته ولواحقه من الافعال والآثار ومن جملتها الإنسان الّذي لا يزال يتحوّل ويتكامل في وجوده وأفعاله وآثاره الّتي منها آثاره الّتي يتوسّل إليها بالفكر والإدراك، فما من واحد منّا إلّا وهو يرى نفسه كلّ يوم أكمل من أمس ولا يزال يعثر في الحين الثاني على سقطات في أفعاله وعثرات في أقواله الصادرة منه في الحين الأوّل، هذا أمر لا ينكره من نفسه إنسان ذو شعور.

٦٤

وهذا الكتاب جاء به النبيّ (صلّي الله عليه و آله و سلّم) نجوما وقرأه على الناس قطعاً قطعاً في مدّة ثلاث وعشرين سنة في أحوال مختلفة وشرائط متفاوتة في مكّة والمدينة في الليل والنهار والحضر والسفر والحرب والسلم في يوم العسرة وفي يوم الغلبة ويوم الأمن ويوم الخوف، ولإلقاء المعارف الإلهيّة وتعليم الأخلاق الفاضلة وتقنين الأحكام الدينيّة في جميع أبواب الحاجة، ولا يوجد فيه أدنى إختلاف في النظم المتشابه، كتاباً متشابها مثانى ولم يقع في المعارف الّتي ألقاها والاُصول الّتي أعطاها إختلاف يتناقض بعضها مع بعض وتنافي شئ منها مع آخر، فالآية تفسّر الآية والبعض يبيّن البعض، والجملة تصدّق الجملة كما قال عليعليه‌السلام : (ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض) (نهج البلاغة). ولو كان من عند غير الله لاختلف النظم في الحسن والبهاء والقول في الشداقة والبلاغة والمعنى من حيث الفساد والصحّة ومن حيث الإتقان والمتانة.

فإن قلت: هذه مجرّد دعوى لا تتّكي على دليل وقد اُخذ على القرآن مناقضات وإشكالات جمّة ربّما ألف فيه التأليفات، وهى إشكالات لفظيّة ترجع إلى قصوره في جهات البلاغة ومناقضات معنويّة تعود إلى خطأه في آرائه وأنظاره وتعليماته، وقد أجاب عنها المسلمون بما لا يرجع في الحقيقة إلّا إلى التأويلات الّتي يحترزها الكلام الجاري على سنن الاستقامة وإرتضاء الفطرة السليمة.

قلت: ما اُشير إليه من المناقضات والإشكالات موجودة في كتب التفسير وغيرها مع أجوبتها ومنها هذا الكتاب، فالإشكال أقرب إلى الدعوى الخالية عن البيان.

ولا تكاد تجد في هذه المؤلّفات الّتي ذكرها المستشكل شبهة أوردوها أو مناقضة أخذوها إلّا وهي مذكور في مسفورات المفسّرين مع أجوبتها فأخذوا الإشكالات وجمعوها ورتّبوها وتركوا الأجوبة وأهملوها، ونعم ما قيل: لو كانت عين الحبّ متّهمة فعين البغض أولى بالتهمة.

فإن قلت: فما تقول في النسخ الواقع في القرآن وقد نصّ عليه القرآن نفسه في قوله:( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ) البقرة - ١٠٦ وقوله:( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ) النحل - ١٠١، وهل النسخ إلّا إختلاف في

٦٥

النظر لو سلّمنا أنه ليس من قبيل المناقضة في القول ؟.

قلت: النسخ كما أنّه ليس من المناقضة في القول وهو ظاهر كذلك ليس من قبيل الإختلاف في النظر والحكم وإنّما هو ناش من الإختلاف في المصداق من حيث قبوله إنطباق الحكم يوماً لوجود مصلحته فيه وعدم قبوله الانطباق يوما آخر لتبدّل المصلحة من مصلحة اُخرى توجب حكما آخر، ومن أوضع الشهود على هذا أنّ الآيات المنسوخة الأحكام في القرآن مقترنة بقرائن لفظيّة تؤمي إلى أنّ الحكم المذكور في الآية سينسخ كقوله تعالى:( وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ) النساء - ١٥، (انظر إلى التلويح الّذي تعطيه الجملة الأخيرة)، وكقوله تعالى:( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا ) إلى أن قال( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ) البقرة - ١٠٩، حيث تمّم الكلام بما يشعر بأنّ الحكم مؤجّل.

( التحدّي بالبلاغة)

وقد تحدّى القرآن بالبلاغة كقوله تعالى:( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَن لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) هود - ١٣، ١٤. والآية مكّية، وقوله تعالى:( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) يونس - ٣٨، ٣٩. والآية أيضاً مكّية وفيها التحدّي بالنظم والبلاغة فإنّ ذلك هو الشأن الظاهر من شؤون العرب المخاطبين بالآيات يومئذ، فالتاريخ لا يرتاب أنّ العرب العرباء بلغت من البلاغة في الكلام مبلغا لم يذكره التاريخ لواحدة من الاُمم المتقدّمة عليهم والمتأخّرة عنهم و وطئوا موطئا لم تطأه أقدام غيرهم في كمال البيان وجزالة النظم ووفاء اللفظ ورعاية المقام وسهولة المنطق. وقد تحدّى عليهم القرآن بكلّ تحدّ ممكن ممّا يثير الحميّة ويوقد نار الأنفة والعصبيّة. وحالهم في الغرور

٦٦

ببضاعتهم والاستكبار عن الخضوع للغير في صناعتهم ممّا لا يرتاب فيه، وقد طالت مدّة التحدّي وتمادى زمان الاستنهاض فلم يجيبوه إلّا بالتجافي ولم يزدهم إلّا العجز ولم يكن منهم إلّا الاستخفاء والفرار، كما قال تعالى:( أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) هود - ٥.

وقد مضى من القرون والأحقاب ما يبلغ أربعة عشر قرنا ولم يأت بما يناظره آت ولم يعارضه أحد بشئ إلّا أخزى نفسه وافتضح في أمره.

وقد ضبط النقل بعض هذه المعارضات والمناقشات، فهذا مسيلمة عارض سورة الفيل بقوله: ( الفيل ما الفيل وما أدريك ما الفيل له ذنب وبيل وخرطوم طويل ) وفي كلام له في الوحي يخاطب السجاح النبيّة (فنولجه فيكنّ إيلاجا، ونخرجه منكن إخراجاً) فانظر إلى هذه الهذيانات واعتبر، وهذه سورة عارض بها الفاتحة بعض النصارى (الحمد للرحمن. ربّ الأكوان الملك الديّان. لك العبادة وبك المستعان اهدنا صراط الايمان) إلى غير ذلك من التقوّلات.

فإن قلت: ما معنى كون التأليف الكلاميًّ بالغا إلى مرتبة معجزة للإنسان ووضع الكلام ممّا سمحت به قريحة الإنسان ؟ فكيف يمكن أن يترشّح من القريحة ما لا تحيط به والفاعل أقوى من فعله ومنشأ الاثر محيط بأثره ؟ وبتقريب آخر الإنسان هو الّذي جعل اللّفظ علامة دالّة على المعنى لضرورة الحاجة الاجتماعيّة إلى تفهيم الإنسان ما في ضميره لغيره فخاصّة الكشف عن المعنى في اللفظ خاصّة وضعيّة اعتباريّة مجعولة للإنسان، ومن المحال أن يتجاوز هذه الخاصّة المترشّحة عن قريحة الإنسان حدّ قريحته فتبلغ مبلغا لا تسعه طاقة القريحة، فمن المحال حينئذ أن يتحقّق في اللفظ نوع من الكشف لا تحيط به القريحة وإلّا كانت غير الدلالة الوضعيّة الاعتباريّة، مضافا إلى أنّ التراكيب الكلاميّة لو فرض أنّ بينها تركيباً بالغا حدّ الإعجاز كان معناه أن كلّ معنى من المعاني المقصودة ذو تراكيب كلاميّة مختلفة في النقص والكمال والبلاغة وغيرها، وبين تلك التراكيب تركيب هو أرقاها وابلغها لا تسعها طاقة البشر، وهو التركيب المعجز، ولازمه أن يكون في كلّ معنى مطلوب تركيب واحد إعجازيّ، مع أنّ القرآن

٦٧

كثيراً ما يورد في المعنى الواحد بيانات مختلفة وتراكيب متفرّقة، وهو في القصص واضح لا ينكر، ولو كانت تراكيبه معجزة لم يوجد منها في كلّ معنى مقصود إلّا واحد لا غير.

قلت: هاتان الشبهتان وما شاكلهما هي الموجبة لجمع من الباحثين في إعجاز القرآن في بلاغته أن يقولوا بالصرف، ومعنى الصرف أنّ الإتيان بمثل القرآن أو سور أو سورة واحدة منه محال على البشر لمكان آيات التحدّي وظهور العجز من أعداء القرآن منذ قرون، ولكن لا لكون التأليفات الكلاميّة الّتي فيها في نفسها خارجة عن طاقة الإنسان وفائقة على القوّة البشريّة، مع كون التأليفات جميعاً أمثالا لنوع النظم الممكن للإنسان، بل لأنّ الله سبحانه يصرف الإنسان عن معارضتها والإتيان بمثلها بالإرادة الإلهيّة الحاكمة على إرادة الإنسان حفظا لآية النبوّة ووقاية لحمى الرسالة.

وهذا قول فاسد لا ينطبق على ما يدلّ عليه آيات التحدّي بظاهرها كقوله( قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللهِ ) الآية هود - ١٣ و ١٤، فإنّ الجملة الأخيرة ظاهرة في أنّ الاستدلال بالتحدّي إنّما هو على كون القرآن نازلاً لا كلاماً تقوله رسول الله (صلّي الله عليه و آله و سلّم) وأنّ نزوله إنّما هو بعلم الله لا بإنزال الشياطين كما قال تعالى( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ) الطور - ٣٤، وقوله تعالى:( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ) الشعراء - ٢١٢، والصرف الّذي يقولون به إنّما يدلّ على صدق الرسالة بوجود آية هي الصرف، لا على كون القرآن كلاما لله نازلا من عنده، ونظير هذه الآية الآية الاُخرى، وهي قوله:( قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ) الآية يونس - ٣٩، فإنّها ظاهرة في أنّ الّذي يوجب إستحالة إتيان البشر بمثل القرآن وضعف قواهم وقوى كلّ من يعينهم على ذلك من تحمّل هذا الشأن هو أنّ للقرآن تأويلا لم يحيطوا بعلمه فكذّبوه، ولا يحيط به علماً إلّا الله فهو الّذي يمنع المعارض عن أن يعارضه، لا أن الله سبحانه يصرفهم عن ذلك مع تمكّنهم منه لولا الصرف بإرادة من الله تعالى.

٦٨

وكذا قوله تعالى:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) الآية النساء - ٨٢، فإنّه ظاهر في أنّ الّذي يعجز الناس عن الإتيان بمثل القرآن إنّما هو كونه في نفسه على صفة عدم الإختلاف لفظاً ومعنى ولا يسع لمخلوق أن يأتي بكلام غير مشتمل على الإختلاف، لا أن الله صرفهم عن مناقضته بإظهار الإختلاف الّذي فيه هذا، فما ذكروه من أن إعجاز القرآن بالصرف كلام لا ينبغي الركون إليه.

وأما الإشكال باستلزام الاعجاز من حيث البلاغة المحال، بتقريب أن البلاغه من صفات الكلام الموضوع ووضع الكلام من آثار القريحة الإنسانيّة فلا يمكن أن يبلغ من الكمال حدّا لا تسعه طاقة القريحة وهو مع ذلك معلول لها لا لغيرها، فالجواب عنه أنّ الّذي يستند من الكلام إلى قريحة الإنسان إنّما هو كشف اللّفظ المفرد عن معناه، وأمّا سرد الكلام ونضد الجمل بحيث يحاكي جمال المعنى المؤلّف وهيئته على ما هو عليه في الذهن بطبعه حكاية تامّة أو ناقصة وإرائة واضحة أو خفيّة، وكذا تنظيم الصورة العلميّة في الذهن بحيث يوافق الواقع في جميع روابطه ومقدّماته ومقارناته ولواحقه أو في كثير منها أو في بعضها دون بعض فإنّما هو أمر لا يرجع إلى وضع الألفاظ بل إلى نوع مهارة في صناعة البيان وفنّ البلاغة تسمح به القريحة في سرد الألفاظ ونظم الأدوات اللفظيّة ونوع لطف في الذهن يحيط به القوّة الذاهنة على الواقعة المحكيّة بأطرافها ولوازمها ومتعلّقاتها.

فهيهنا جهات ثلاث يمكن أن تجتمع في الوجود أو تفترق فربّما أحاط إنسان بلغة من اللّغات فلا يشذّ عن علمه لفظ لكنّه لا يقدر على التهجّي والتكلّم، وربما تمهّر الإنسان في البيان وسرد الكلام لكن لا علم له بالمعارف والمطالب فيعجز عن التكلّم فيها بكلام حافظ لجهات المعنى حاك لجمال صورته الّتي هو عليها في نفسه، وربّما تبحّر الإنسان في سلسلة من المعارف والمعلومات ولطفت قريحته ورقّت فطرته لكن لا يقدر على الإفصاح عن ما في ضميره، وعىّ عن حكاية ما يشاهده من جمال المعنى ومنظره البهيج.

فهذه اُمور ثلاثة: أوّلها راجع إلى وضع الإنسان بقريحته الاجتماعيّة، والثانى والثالث راجعان إلى نوع من لطف القوّة المدركة، ومن البيّن أن إدراك القوى المدركة

٦٩

منّا محدودة مقدّرة لا نقدر على الإحاطه بتفاصيل الحوادث الخارجيّة والاُمور الواقعيّة بجميع روابطها، فلسنا على أمن من الخطأ قطّ في وقت من الأوقات، ومع ذلك فالإستكمال التدريجيّ الّذي في وجودنا أيضاً يوجب الإختلاف التدريجيّ في معلوماتنا أخذاً من النقص إلى الكمال، فأيّ خطيب اشدق وأي شاعر مفلق فرضته لم يكن ما يأتيه في أوّل أمره موازنا لما تسمح به قريحته في أواخر أمره ؟ فلو فرضنا كلاماً إنسانيّاً أيّ كلام فرضناه لم يكن في مأمن من الخطأ لفرض عدم إطّلاع متكلّمه بجميع أجزاء الواقع وشرائطه (أوّلاً) ولم يكن على حدّ كلامه السابق ولا على زنة كلامه اللّاحق بل ولا أوّله يساوي آخره وإن لم نشعر بذلك لدقّة الأمر، لكن حكم التحوّل والتكامل عامّ (ثانياً)، وعلي هذا فلو عثرنا على كلام فصل لا هزل فيه (وجدّ الهزل هو القول بغير علم محيط) ولا إختلاف يعتريه لم يكن كلاما بشريّا، وهو الّذي يفيده القرآن بقوله:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) الآية النساء - ٨٢، وقوله تعالى:( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) الطارق - ١٤. أنظر إلى موضع القسم بالسماء والأرض المتغيّرتين والمعنى المقسم به في عدم تغيّره واتّكائه على حقيقة ثابتة هي تأويله (وسيأتي ما يراد في القرآن من لفظ التأويل)، وقوله تعالى:( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) البروج - ٢٢، وقوله تعالى:( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الزخرف - ٤. وقوله تعالى:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) الواقعة - ٧٩، فهذه الآيات ونظائرها تحكى عن إتّكاء القرآن في معانيه على حقائق ثابتة غير متغيّرة ولا متغيّر ما يتكّي عليها.

إذا عرفت ما مرّ علمت أن إستناد وضع اللّغة إلى الإنسان لا يقتضي أن لا يوجد تأليف كلاميّ فوق ما يقدر عليه الإنسان الواضع له، وليس ذلك إلّا كالقول بان القين الصانع للسيوف يجب أن يكون أشجع من يستعملها وواضع النرد والشطرنج يجب أن يكون امهر من يلعب بهما ومخترع العود يجب أن يكون أقوى من يضرب بها.

٧٠

فقد تبيّن من ذلك كلّه أنّ البلاغة التامّة معتمدة على نوع من العلم المطابق للواقع من جهة مطابقة اللّفظ للمعني ومن جهة مطابقة المعنى المعقول للخارج الّذي يحكيه الصورة الذهنيّة. أمّا اللّفظ فإن يكون الترتيب الّذي بين أجزاء اللفظ بحسب الوضع مطابقاً للترتيب الّذي بين أجزاء المعنى المعبّر عنه باللّفظ بحسب الطبع فيطابق الوضع الطبع كما قال الشيخ عبد القاهر الجرجانيّ في دلائل الإعجاز.

وأما المعنى فإن يكون في صحّته وصدقه معتمداً على الخارج الواقع بحيث لا يزول عمّا هو عليه من الحقيقة، وهذه المرتبة هي الّتي يتكّى عليها المرتبة السابقة، فكم من هزل بليغ في هزليّته لكنّه لا يقاوم الجدّ، وكم من كلام بليغ مبنىّ على الجهالة لكنّه لا يعارض ولا يسعه أن يعارض الحكمة، والكلام الجامع بين عذوبة اللفظ وجزالة الاُسلوب وبلاغة المعنى وحقيقة الواقع هو أرقى الكلام.

وإذا كان الكلام قائما على أساس الحقيقة ومنطبق المعنى عليها تمام الانطباق لم يكذّب الحقائق الاُخر ولم تكذّبه فإنّ الحقّ مؤتلف الأجزاء ومتّحد الأركان، لا يبطل حقّ حقّاً، ولا يكذّب صدق صدقا، والباطل هو الّذي ينافي الباطل وينافي الحقّ، أنظر إلى مغزى قوله سبحانه وتعالى:( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ) يونس - ٣٢، فقد جعل الحقّ واحدا لا تفرّق فيه ولا تشتّت. وانظر إلى قوله تعالى:( وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ ) الانعام - ١٥٣. فقد جعل الباطل متشتّتا ومشتّتا ومتفرّقا و مفرّقا.

وإذا كان الأمر كذلك فلا يقع بين أجزاء الحقّ إختلاف بل نهاية الايتلاف، يجرّ بعضه إلى بعض، وينتج بعضه البعض كما يشهد بعضه على بعض ويحكي بعضه البعض.

وهذا من عجيب أمر القرآن فإنّ الآية من آياته لا تكاد تصمت عن الدلالة ولا تعقم عن الإنتاج، كلّما ضمّت آية إلى آية مناسبة أنتجت حقيقة من أبكار الحقائق ثمّ الآية الثالثة تصدّقها وتشهد بها، هذا شأنه وخاصّته، وستري في خلال البيانات في هذا الكتاب نبذا من ذلك، على أنّ الطريق متروك غير مسلوك ولو أنّ المفسرين ساروا هذا المسير لظهر لنا إلى اليوم ينابيع من بحاره العذبة وخزائن من أثقاله النفيسة.

٧١

فقد اتّضح بطلان الإشكال من الجهتين جميعاً فإنّ أمر البلاغة المعجزة لا يدور مدار اللفظ حتّى يقال إنّ الإنسان هو الواضع للكلام فكيف لا يقدر على أبلغ الكلام وأفصحه وهو واضح أو يقال إنّ ابلغ التركيبات المتصوّرة تركيب واحد من بينها فكيف يمكن التعبير عن معنى واحد بتركيبات متعدّدة مختلفة السياق والجميع فائقة قدرة البشر بالغة حدّ الإعجاز بل المدار هو المعنى المحافظ لجميع جهات الذهن والخارج.

( معنى الآية المعجزة في القرآن وما يفسر به حقيقتها)

ولا شبهة في دلالة القرآن على ثبوت الآية المعجزة وتحقّقها بمعنى الأمر الخارق للعادة الدّال على تصرّف ما وراء الطبيعة في عالم الطبيعة ونشأة المادّة لا بمعنى الأمر المبطل لضرورة العقل.

وما تمحّله بعض المنتسبين إلى العلم من تأويل الآيات الدالّة على ذلك توفيقاً بينها وبين ما يترائى من ظواهر الأبحاث الطبيعيّة (العلميّة) اليوم تكلّف مردود إليه.

والّذي يفيده القرآن الشريف في معنى خارق العادة وإعطاء حقيقتة نذكره في فصول من الكلام.

( ١ - تصديق القرآن لقانون العليّة العامّة)

إنّ القرآن يثبت للحوادث الطبيعيّة أسباباً ويصدّق قانون العليّة العامّة كما يثبته ضرورة العقل وتعتمد عليه الأبحاث العلميّة والأنظار الاستدلاليّة، فإنّ الإنسان مفطور على أن يعتقد لكلّ حادث مادّيّ علّة موجبة من غير تردّد وإرتياب. وكذلك العلوم الطبيعيّة وساير الأبحاث العلميّة تعلّل الحوادث والاُمور المربوطة بما تجده من اُمور اُخرى صالحة للتعليل، ولا نعني بالعلّة إلّا أن يكون هناك أمر واحد أو مجموع اُمور إذا تحقّقت في الطبيعة مثلا تحقّق عندها أمر آخر نسمّيه المعلول بحكم التجارب كدلالة التجربة على أنّه كلّما تحقّق إحتراق لزم أن يتحقّق هناك قبله علّة موجبة له من نار أو حركة أو اصطكاك أو نحو ذلك، ومن هنا كانت الكلّيّة وعدم التخلّف من أحكام العلّيّة والمعلوليّة ولوازمهما.

٧٢

وتصديق هذا المعنى ظاهر من القرآن فيما جرى عليه وتكلّم فيه من موت وحيوة ورزق وحوادث اُخرى علويّة سماويّة أو سفليّة أرضيّة على أظهر وجه، وإن كان يسندها جميعاً بالاخرة إلى الله سبحانه لفرض التوحيد.

فالقرآن يحكم بصحّة قانون العليّة العامّة بمعنى أنّ سبباً من الأسباب إذا تحقّق مع ما يلزمه ويكتنف به من شرائط التّأثير من غير مانع لزمه وجود مسبّبه مترتّباً عليه بإذن الله سبحانه وإذا وجد المسبّب كشف ذلك عن تحقّق سببه لا محالة.

( ٢ - اثبات القرآن ما يخرق العادة)

ثمّ إنّ القرآن يقتصّ ويخبر عن جملة من الحوادث والوقائع لا يساعد عليه جريان العادة المشهودة في عالم الطبيعة على نظام العلّة والمعلول الموجود، وهذه الحوادث الخارقة للعادة هي الآيات المعجزة الّتي ينسبها إلى عدّة من الأنبياء الكرام كمعجزات نوح وهود وصالح وابراهيم ولوط وداود وسليمان وموسى وعيسى ومحمّد (صلّي الله عليه و آله و سلّم) فإنّها امور خارقة للعادة المستمرّة في نظام الطبيعة.

لكن يجب أن يعلم أنّ هذه الاُمور والحوادث و إن انكرتها العادة واستبعدتها إلّا أنّها ليست أمورا مستحيلة بالذات بحيث يبطلها العقل الضروريّ كما يبطل قولنا : الايجاب والسلب يجتمعان معاً ويرتفعان معاً من كلّ جهة وقولنا الشئ يمكن أن يسلب عن نفسه وقولنا: لواحد ليس نصف الإثنين وأمثال ذلك من الاُمور الممتنعة بالذات كيف ؟ وعقول جمّ غفير من الملّيّين منذ أعصار قديمة تقبل ذلك وترتضيه من غير إنكار وردّ ولو كانت المعجزات ممتنعه بالذات لم يقبلها عقل عاقل ولم يستدلّ بها على شئ ولم ينسبها أحد إلى أحد.

على أنّ أصل هذه الاُمور أعني المعجزات ليس ممّا تنكره عادة الطبيعة بل هي ممّا يتعاوره نظام المادّة كل حين بتبديل الحىّ إلى ميّت والميّت إلى الحىّ وتحويل صورة إلى صورة وحادثة إلى حادثة ورخاء إلى بلاءٍ وبلاءٍ إلى رخاء، وإنّما الفرق بين صنع العادة وبين المعجزة الخارقة هو أنّ الأسباب المادّيّة المشهودة الّتي بين أيدينا

٧٣

إنّما تؤثر أثرها مع روابط مخصوصة وشرائط زمانيّة ومكانيّة خاصّة تقضي بالتدريج في التأثير، مثلا العصا وإن أمكن أن تصير حيّة تسعى والجسد البالى وإن أمكن أن يصير إنسانا حيّا لكنّ ذلك إنّما يتحقّق في العادة بعلل خاصّة وشرائط زمانيّة ومكانيّة مخصوصة تنتقل بها المادّة من حال إلى حال وتكتسي صورة بعد صورة حتّى تستقرّ وتحلّ بها الصورة الأخيرة المفروضة على ما تصدّقه المشاهدة والتجربة لا مع أيّ شرط إتّفق أو من غير علّة أو بإرادة مريد كما هو الظاهر من حال المعجزات والخوارق الّتي يقصها القرآن.

وكما أنّ الحسّ والتجربة الساذجين لا يساعدان على تصديق هذه الخوارق للعادة كذلك النظر العلميّ الطبيعيّ، لكونه معتمدا على السطح المشهود من نظام العلّة والمعلول الطبيعيّين، اعني به السطح الّذى يستقر عليه التجارب العلميّ اليوم والفرضيّات المعلّلة للحوادث المادّيّة.

إلّا أنّ حدوث الحوادث الخارقة للعادة إجمالا ليس في وسع العلم إنكاره والستر عليه، فكم من أمر عجيب خارق للعادة يأتي به أرباب المجاهدة وأهل الإرتياض كلّ يوم تمتلي به العيون وتنشره النشريّات ويضبطه الصحف والمسفورات بحيث لا يبقى لذي لبّ في وقوعها شكّ ولا في تحقّقها ريب.

وهذا هو الّذي ألجأ الباحثين في الآثار الروحيّة من علماء العصر أن يعلّلوه بجريان أمواج مجهولة الكتريسية مغناطيسيّة فافترضوا أن الإرتياضات الشاقّة تعطي للإنسان سلطة على تصريف أمواج مرموزة قويّة تملكه أو تصاحبه إرادة وشعور وبذلك يقدر على ما يأتي به من حركات وتحريكات وتصرّفات عجيبة في المادّة خارقة للعادة بطريق القبض والبسط ونحو ذلك.

وهذه الفرضيّة لو تمّت وأطّردت من غير انتقاض لأدّت إلى تحقّق فرضيّة جديدة وسيعة تعلّل جميع الحوادث المتفرّقة الّتي كانت تعلّلها جميعاً أو تعلّل بعضها الفرضيّات القديمة على محور الحركة والقوّة ولساقت جميع الحوادث المادّيّة إلى التعلّل والارتباط بعلّة واحدة طبيعيّة.

٧٤

فهذا قولهم والحقّ معهم في الجملة إذ لا معنى لمعلول طبيعيّ لا علّة طبيعيّة له مع فرض كون الرابطة طبيعيّة محفوظة، وبعبارة اُخرى إنا لا نعني بالعلّة الطبيعيّة إلّا أن تجتمع عدّة موجودات طبيعيّة مع نسب وروابط خاصّة فيتكوّن منها عند ذلك موجود طبيعيّ جديد حادث متأخّر عنها مربوط بها بحيث لو انتقض النظام السابق عليه لم يحدث ولم يتحقّق وجوده.

وأما القرآن الكريم فإنّه وإن لم يشخّص هذه العلّة الطبيعيّة الأخيرة الّتي تعلّل جميع الحوادث المادّيّة العاديّة والخارقة للعادة (على ما نحسبه) بتشخيص إسمه وكيفيّة تأثيره لخروجه عن غرضه العامّ إلّا أنّه مع ذلك يثبت لكلّ حادث مادّيّ سبباً مادّيّاً بإذن الله تعالى، وبعبارة اُخرى يثبت لكلّ حادث مادّيّ مستند في وجوده إلى الله سبحانه و (الكلّ مستند) مجرى مادّيّاً وطريقاً طبيعيّاً به يجري فيض الوجود منه تعالى إليه. قال تعالى:( وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق - ٣، فإنّ صدر الآية يحكم بالإطلاق من غير تقييد أن كل من اتّقى الله وتوكّل عليه وإن كانت الأسباب العاديّة المحسوبة عندنا أسباباً تقضي بخلافه وتحكم بعدمه فإنّ الله سبحانه حسبه فيه وهو كائن لا محالة، كما يدلّ عليه أيضاً اطلاق قوله تعالى:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة - ١٨٦، وقوله تعالى:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر- ٦٠، وقوله تعالى:( أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) الزمر - ٣٦. ثمّ الجملة التالية وهي قوله تعالى:( إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) الطلاق - ٣، يعلّل إطلاق الصدر، وهذا المعنى قوله:( وَاللهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف - ٢١. وهذه جملة مطلقة غير مقيّدة بشئ البتّة فللّه سبحانه سبيل إلى كلّ حادث تعلّقت به مشيّته وإرادتة وإن كانت السبل العاديّة والطرق المألوفة مقطوعة منتفية هناك.

وهذا يحتمل وجهين: أحدهما أن يتوسّل تعالى إليه من غير سبب مادّيّ وعلّة طبيعيّة بل بمجرّد الإرادة وحدها، وثانيهما أن يكون هناك سبب طبيعيّ مستور عن

٧٥

علمّنا يحيط به الله سبحانه ويبلغ ما يريده من طريقه إلّا أنّ الجملة التالية من الآية المعلّلة لما قبلها أعني قوله تعالى( قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) تدلّ على ثاني الوجهين فإنّها تدلّ على أنّ كلّ شئ من المسبّبات أعمّ ممّا تقتضيه الإسباب العاديّة أو لا تقتضيه فإنّ له قدرا قدّره الله سبحانه عليه، وإرتباطات مع غيره من الموجودات، واتّصالات وجوديّة مع ما سواه، لله سبحانه أن يتوسّل منها إليه وإن كانت الإسباب العاديّة مقطوعة عنه غير مرتبطة به إلّا أنّ هذه الإتّصالات والإرتباطات ليست مملوكة للإشياء أنفسها حتّى تطيع في حال وتعصى في إخرى بل مجعولة بجعله تعالى مطيعة منقادة له.

فالآية تدلّ على أنّه تعالى جعل بين الإشياء جميعها إرتباطات واتّصالات له إن يبلغ إلى كلّ ما يريد من أيّ وجه شاء وليس هذا نفيً للعليّة والسببيّة بين الأشياء بل إثبات أنّها بيد الله سبحانه يحوّلها كيف شاء وأراد. ففي الوجود علية وارتباط حقيقيّ بين كلّ موجود وما تقدّمه من الموجودات المنتظمة غير أنّها ليست على ما نجده بين ظواهر الموجودات بحسب العادة (ولذلك نجد لفرضيّات العلميّة الموجودة قاصرة عن تعليل جميع الحوادث الوجوديّة) بل على ما يعلمه الله تعالى وينظمه.

وهذه الحقيقة هي الّتي تدلّ عليها آيات القدر كقوله تعالى:( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ) الحجر - ٢١، وقوله تعالى:( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر - ٤٩، وقوله تعالى:( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) الفرقان - ٢، وقوله تعالى:( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) الاعلى - ٣. وكذا قوله تعالى:( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ) الحديد - ٢٢، وقوله تعالى:( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التغابن - ١١. فإنّ الآية الُولى وكذا بقيّة الآيات تدلّ على أنّ الأشياء تنزّل من ساحة الاطلاق إلى مرحلة التعيّن والتشخّص بتقدير منه تعالى وتحديد يتقدّم على الشئ ويصاحبه، ولا معنى لكون الشئ محدودً مقدّرً في وجوده إلّا أن يتحدّد ويتعيّن بجميع روابطه الّتي مع سائر الموجودات والموجود المادّيّ مرتبط بمجموعة من الموجودات المادّيّة الاخرى الّتي هي كالقالب الّذي يقلب به الشئ ويعيّن وجوده ويحدّده

٧٦

ويقدّره فما من موجود مادّيّ إلّا وهو متقدّر مرتبط بجميع الموجودات المادّيّة الّتي تتقدّمه وتصاحبه فهو معلول لآخر مثله لا محالة.

ويمكن أن يستدلّ أيضاً على ما مرّ بقوله تعالى:( ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ - إلي أن قال -خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الأنعام - ١٠٢، وقوله تعالى:( مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) هود - ٥٦. فإنّ الآيتين بانضمام ما مرّت الاشارة إليه من أن الآيات القرآنيّة تصدّق قانون العلّيّة العامّ تنتج المطلوب.

وذلك أنّ الآية الُولى تعمّم الخلقة لكلّ شئ فما من شئ إلّا وهو مخلوق لله عزّ شأنه، والآية الثانية تنطق بكون الخلقة والايجاد على وتيرة واحدة ونسق منتظم من غير إختلاف يؤدّي إلى الهرج والجزاف.

والقرآن كما عرفت يصدّق قانون العلّيّة العامّ في ما بين الموجودات المادّيّة ينتج أن نظام الوجود في الموجودات المادّيّة سواء كانت على جري العادة أو خارقة لها على صراط مستقيم غير متخلّف ووتيرة واحدة في إستناد كلّ حادث فيه إلى العلّة المتقدّمة عليه الموجبة له.

ومن هنا يستنتج أنّ الأسباب العاديّة الّتي ربما يقع التخلّف بينها وبين مسبّباتها ليست بأسباب حقيقيّة بل هناك أسباب حقيقيّة مّطردة غير متخلّفة الأحكام والخواصّ كما ربّما يؤيّده التجارب العلميّ في جراثيم الحيإة وفي خوارق العادة كما مر.

( ٣ - القرآن يسند ما أسند إلى العلّة المادّيّة إلى الله تعالى)

ثمّ إنّ القرآن كما يثبت بين الأشياء العلّيّة والمعلوليّة ويصدّق سببيّة البعض للبعض كذلك يسند الإمر في الكلّ إلى الله سبحانه فيستنتج منه أنّ الأسباب الوجوديّة غير مستقلّة في التأثير والمؤثّر الحقيقيّ بتمام معنى الكلمة ليس إلّا الله عزّ سلطانه. قال تعالى:( أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) الاعراف - ٥٤، وقال تعالى( لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) البقرة - ٢٨٤، وقال تعالى:( لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) الحديد - ٥، وقال تعالى:( قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ ) النساء - ٧٨. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالّة على أنّ كلّ شئ مملوك محض لله

٧٧

لا يشاركه فيه إحد، وله أن يتصرّف فيها كيف شاء وأراد وليس لإحد أن يتصرّف في شئ منها إلّا من بعد أن يأذن الله لمن شاء ويملّكه التصرّف من غير إستقلال في هذا التمليك أيضاً، بل مجرّد إذن لا يستقل به المأذون له دون أن يعتمد على إذن الآذن، قال تعالى:( قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ ) آل عمران - ٢٦، وقال تعالى:( الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) طه - ٥٠، إلى غير ذلك من الآيات، وقال تعالى أيضاً:( لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة - ٢٥٥، وقال تعالى:( ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ) يونس - ٣.

فالأسباب تملّكت السببيّة بتمليكه تعالى، وهي غير مستقلّة في عين أنّها مالكة. وهذا المعنى هو الّذي يعبّر سبحانه عنه بالشفاعة والإذن، فمن المعلوم أنّ الاذن إنّما يستقيم معناه إذا كان هناك مانع من تصرّف المأذون فيه، والمانع أيضاً إنّما يتصوّر فيما كان هناك مقتض موجود يمنع المانع عن تأثيره ويحول بينه وبين تصرّفه.

فقد بان أنّ في كل السبب مبدئً مؤثّرً مقتضيًّ للتأثير به يؤثّر في مسبّبه، والإمر مع ذلك لله سبحانه.

( ٤ - القرآن يثبت تأثيرً في نفوس الأنبياء في الخوارق)

ثمّ أنّه تعالى قال:( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ) غافر- ٧٨.

فأفاد إناطة اتيان أية آية من أيّ رسول بإذن الله سبحانه فبيّن أن إتيان الآيات المعجزة من الأنبياء وصدورها عنهم إنّما هو لمبدأ مؤثّر موجود في نفوسهم الشريفة متوقّف في تأثيره على الإذن كما مرّ في الفصل السابق.

قال تعالى:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) البقرة - ١٠٢. ولآية كما أنّها تصدّق صحّة السحر في الجملة كذلك تدلّ على إنّ السحر أيضاً كالمعجزة في كونه عن مبدأ

٧٨

نفسانيّ في الساحر لمكان الإذن.

وبالجملة جميع الُمور الخارقة للعادة سواء سمّيت معجزة أو سحرً أو غير ذلك ككرامات الإولياء وسائر الخصال المكتسبة بالارتياضات والمجاهدات جميعها مستندة إلى مباد نفسانيّة ومقتضيات إراديّة على ما يشير إليه كلامه سبحانه إلّا إنّ كلامه ينصّ على إنّ المبدأ الموجود عند الأنبياء والرسل والمؤمنين هو الفائق الغالب على كلّ سبب وفي كلّ حال، قال تعالى:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الصافات - ١٧٣، وقال تعالى:( كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ) المجادلة - ٢١، وقال تعالى:( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) غافر - ٥١. والآيات مطلقة غير مقيّدة.

ومن هنا يمكن أن يستنتج أنّ هذا المبدأ الموجود المنصور أمر وراء الطبيعة وفوق المادّة. فإنّ الُمور المادّيّة مقدّرة محدودة مغلوبة لما هو فوقها قدرً وحدّا عند التزاحم والمغالبة، والُمور المجرّدة إيضاً وإن كانت كذلك إلا أنّها لا تزاحم بينها ولا تمانع إلّا إن تتعلّق بالمادّة بعض التعلّق، وهذا المبدأ النفسانيّ المجرّد المنصور بإرادة الله سبحانه إذا قابل مانعً ماديًّ إفاض إمدادً على السبب بما لا يقاومه سبب مادّيّ يمنعه فافهم.

( ٥ - القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله تعالى)

ثمّ إنّ الجملة الإخيرة من الآية السابقة في الفصل السابق أعني قوله تعالى:( فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ ) الآية، تدلّ على إن تأثير هذا المقتضي يتوقّف على أمر من الله تعالى يصاحب الإذن الّذي كان يتوقّف عليه أيضاً فتأثير هذا المقتضى يتوقّف على مصادفته الامر أو اتّحاده معه. وقد فسّر الُمر في قوله تعالى( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) يس - ٨٢، بكلمة الايجاد وقول: كن. وقال تعالى:( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ ) الدهر: ٢٩ - ٣٠ وقال:( إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير -

٧٩

٢٧، ٢٨، ٢٩، دلّت الآيات على أنّ الأمر الّذي للإنسان أن يريده وبيده زمام اختياره لا يتحقّق موجوداً إلّا أن يشاء الله ذلك بأن يشاء أن يشاء الإنسان ويريد إرادة الإنسان فإنّ الآيات الشريفة في مقام أنّ أفعال الإنسان الإراديّة وإن كانت بيد الإنسان بإرادته لكن الإرادة والمشيّة ليست بيد الإنسان بل هي مستندة إلى مشيّة الله سبحانه، وليست في مقام بيان أنّ كلّ ما يريده الإنسان فقد اراده الله فإنّه خطأ فاحش ولازمه أن يتخلّف الفعل عن إرادة الله سبحانه عند تخلّفه عن إرادة الإنسان، تعالى الله عن ذلك. مع أنّه خلاف ظواهر الآيات الكثيرة الواردة في هذا المورد كقوله تعالى:( وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ) السجدة - ١٣. وقوله تعالى:( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) يونس - ٩٩، إلى غير ذلك فإرادتنا ومشيئاتنا إذا تحقّقت فينا فهي مرادة بإرادة الله ومشيّتة لها وكذا أفعالنا مرادة له تعالى من طريق إرادتنا ومشيّتنا بالواسطة. وهما أعني الارادة والفعل جميعاً متوقّفان على أمر الله سبحانه وكلمة كن.

فالاُمور جميعاً سواء كانت عاديّة أو خارقة للعادة وسواءٌ كان خارق العادة في جانب الخير والسعادة كالمعجزة والكرامة، أو في جانب الشرّ كالسحر والكهانة مستندة في تحقّقها إلى أسباب طبيعيّة، وهي مع ذلك متوقّفة على ارادة الله، لا توجد إلّا بأمر الله سبحانه أي بأن يصادف السبب أو يتّحد مع أمر الله سبحانه.

وجميع الأشياء وإن كانت من حيث إستناد وجودها إلى الأمر الإلهيّ على حدّ سواء بحيث إذا تحقّق الإذن والأمر تحقّقت عن أسبابها، وإذا لم يتحقّق الإذن والأمر لم تتحقّق، أي لم تتمّ السببيّة إلّا أنّ قسماً منها وهو المعجزة من الأنبياء أو ما سأله عبد ربّه بالدعاء لا يخلو عن إرادة موجبة منه تعالى وأمر عزيمة كما يدلّ عليه قوله:( كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ) الآية المجادلة - ٢١، وقوله تعالى:( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) الآية البقرة - ١٨٦، وغير ذلك من الآيات المذكورة في الفصل السابق.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

لَا يَسْتَخْلِي(١) اللهُ مِنْهُ(٢) حَتّى يُدْخِلَهُ(٣) الْجَنَّةَ ، وَمَا بَعَثَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - نَبِيّاً وَوَصِيّاً(٤) إِلَّا سَخِيّاً ، وَمَا(٥) كَانَ أَحَدٌ مِنَ الصَّالِحِينَ إِلاَّ سَخِيّاً ، وَمَا زَالَ أَبِي يُوصِينِي بِالسَّخَاءِ حَتّى مَضى ، وَقَالَ(٦) : مَنْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ الزَّكَاةَ تَامَّةً ، فَوَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا ، لَمْ يُسْأَلْ : مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَ مَالَكَ؟ ».(٧)

٦١٥٠/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى(٨) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ(٩) بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُكَارِي ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَتى رَسُولَ اللهِ(١٠) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وَفْدٌ مِنَ الْيَمَنِ ، وَفِيهِمْ(١١) رَجُلٌ كَانَ أَعْظَمَهُمْ كَلَاماً وَأَشَدَّهُمْ اسْتِقْصَاءً فِي مُحَاجَّةِ النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فَغَضِبَ النَّبِيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ حَتَّى الْتَوى(١٢) عِرْقُ الْغَضَبِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ(١٣) ، وَأَطْرَقَ إِلَى‌

__________________

(١). في « ظ ، ى ، بث ، بخ ، جن » وحاشية « بف »والوسائل وتحف العقول : « لا يتخلّى ». والاستخلاء : الفراغ ، والمعنى : لا يستفرغ منه ولا يتركه يذهب. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٠ ( خلا ).

(٢). في « بث » : « عنه ».

(٣). في « ظ ، جن »والوسائل : + « الله ».

(٤). فيالوافي : « ولا وصيّاً ».

(٥). في«بح،بخ،بر،بك»والوافي والوسائل : « ولا ».

(٦). في « بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي : « فقال ».

(٧).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب منع الزكاة ، ح ٥٧٤٨ ، من قوله : « وقال : من أخرج من ماله الزكاة ». وفيثواب الأعمال ، ص ٦٩ ، ح ١ ، بسنده عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن مهديّ رجل من أصحابنا ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٩ ، ح ١٥٨١ ، مرسلاً ، من قوله : « وقال : من أخرج من ماله الزكاة »الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٠ ، ح ٩٩٣١ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٤ ، ح ٢٧٨٢٠ ؛وفيه ، ج ٩ ، ص ٢١٨ ، ح ١١٨٧٥ ، من قوله : « وقال : من أخرج من ماله الزكاة » ؛البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٦١ ، ح ٢٥ ، وتمام الرواية فيه : « ما بعث الله نبيّاً ولا وصيّاً إلّاسخيّاً ».

(٨). في الكافي ، ح ٦٢٠٣ : « عدّة من أصحابنا » بدل « محمّد بن يحيى ».

(٩). في « بف » : - « الحسين ».

(١٠). في «بح،بخ،بر،بف،بك»والوافي : « النبيّ ».

(١١). في « ى » : « وفيه ».

(١٢). « التوى » : مطاوع لَوَيْتُ الحبل ، فالتوى وتلوّى ، أي فتلته فالتفّ ، ويقال : التَوى الماءُ في مَجراه ، أي انعطف‌ولم يجر على الاستقامة. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ص ٣٦٤ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٤٥ ( لوى ).

(١٣). « تربّد وجهه » ، أي تغيّر من الغضب. وقيل : اربدّ وتربّد وجهه ، أي احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب. =

٣٠١

الْأَرْضِ(١) ، فَأَتَاهُ(٢) جَبْرَئِيلُعليه‌السلام ، فَقَالَ : رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ لَكَ(٣) : هذَا رَجُلٌ سَخِيٌّ يُطْعِمُ الطَّعَامَ ، فَسَكَنَ عَنِ النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الْغَضَبُ ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ لَهُ(٤) : لَوْ لَا أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَخْبَرَنِي عَنِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّكَ سَخِيٌّ تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، لَشَرَّدْتُ بِكَ(٥) ، وَجَعَلْتُكَ حَدِيثاً لِمَنْ خَلْفَكَ(٦) ، فَقَالَ(٧) لَهُ الرَّجُلُ : وَإِنَّ(٨) رَبَّكَ لَيُحِبُّ(٩) السَّخَاءَ؟ فَقَالَ(١٠) : نَعَمْ ، فَقَالَ(١١) : إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لَارَدَدْتُ عَنْ(١٢) مَالِي أَحَداً ».(١٣)

__________________

= وقيل غير ذلك. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٧٢ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٧٠ ( ربد ).

(١). « أطرق إلى الأرض » أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض ، ويقال : أطرق الرجل ، إذا سكت فلم يتكلّم ، فالمعنى : سكت ناظراً إلى الأرض. وقيل : الإطراق : أن يقبل ببصره إلى صدره ويسكت ساكتاً. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥١٥ ؛النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢٢ ( طرق ).

(٢). في « بف ، بك »والوافي : « فأتى ».

(٣). في « ى » : - « لك ».

(٤). في « بر ، بف ، بك »والوافي : - « له ».

(٥). فيالبحار : « شددت بك ». وقوله « لَشَرَّدْتُ بِكَ » بتضعيف الراء ، كما هو ظاهر كلام الفيض ونصّ الطريحي ، مثل قوله تعالى :( فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ) [ الأنفال (٨) : ٥٧ ] ، من قولهم : شرَّد به : سمَّع الناسَ بعيوبه ، أي أذاع عنه عيوباً وندّدبها وشهّرها وفضحها وأسمع الناس إيّاها. أو فعل به فِعْلةً تُشرِّد وتُطرِّد غيرَه أن يفعل فعله ، كقولك : نكّلتُ به ، أي جعلت ما فعلت به نكالاً لغيره. راجع :المفردات للراغب ، ص ٤٤٩ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٢٥ ( شرد ).

(٦). فيالوافي : « حديثاً لمن خلفك : يحدّثون عنك بالشرّ ».

(٧). في « بر ، بف ، بك » : « وقال ».

(٨). في « بث ، بح » : « فإنّ ». وفي « بر ، بف ، بك »والوافي : « إنّ » بدون الواو.

(٩). في « بر ، بك »والوافي : « يحبّ ».

(١٠). في « جن » : « قال ».

(١١). في « بث ، بس ، جن » : « قال ».

(١٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلتوالوافي والبحار . وفي المطبوع : « من ».

(١٣).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل إطعام الطعام ، ح ٦٢٠٣. وفيالمحاسن ، ص ٣٨٨ ، كتاب المآكل ، ح ١٤ ، عن محمّد بن عليّ بن الحكم ، عن الحسين بن أبي سعيد المكاري ، وفيهما مع اختلافالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨١ ، ح ٩٩٣٢ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٧ ، ح ١١٤٠٦ ، إلى قوله : « وأنّك رسول الله » ملخّصاً ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ٨٣ ، ح ٣٣.

٣٠٢

٦١٥١/ ٦. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام كَانَ أَبَا أَضْيَافٍ ، فَكَانَ(٢) إِذَا لَمْ يَكُونُوا عِنْدَهُ ، خَرَجَ يَطْلُبُهُمْ ، وَأَغْلَقَ(٣) بَابَهُ ، وَأَخَذَ الْمَفَاتِيحَ يَطْلُبُ الْأَضْيَافَ ، وَإِنَّهُ رَجَعَ إِلى دَارِهِ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ(٤) ، أَوْ شِبْهِ رَجُلٍ فِي الدَّارِ ، فَقَالَ(٥) : يَا عَبْدَ اللهِ ، بِإِذْنِ مَنْ دَخَلْتَ هذِهِ الدَّارَ؟ قَالَ : دَخَلْتُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا - يُرَدِّدُ ذلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَعَرَفَ إِبْرَاهِيمُعليه‌السلام أَنَّهُ جَبْرَئِيلُ ، فَحَمِدَ اللهَ(٦) ، ثُمَّ قَالَ : أَرْسَلَنِي رَبُّكَ إِلى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ يَتَّخِذُهُ خَلِيلاً ، قَالَ إِبْرَاهِيمُعليه‌السلام : فَأَعْلِمْنِي مَنْ هُوَ أَخْدُمْهُ(٧) حَتّى أَمُوتَ؟ قَالَ : فَأَنْتَ هُوَ ، قَالَ : وَمِمَّ(٨) ذلِكَ؟ قَالَ : لِأَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْ أَحَداً شَيْئاً قَطُّ ، وَلَمْ تُسْأَلْ شَيْئاً(٩) قَطُّ ، فَقُلْتَ : لَا ».(١٠)

٦١٥٢/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَتى رَجُلٌ النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ النَّاسِ‌

__________________

(١). فيالوسائل : « محمّد بن أحمد » بدل « أحمد بن محمّد ». وهو سهوٌ ؛ فإنّ المراد من عليّ بن محمّد بن عبدالله ، هو عليّ بن محمّد بن بُندار سبط أحمد بن محمّد بن خالد البرقي وعليّ بن محمّد هذا ، لم يثبت روايته عن محمّد بن أحمد المنصرف إلى محمّد بن أحمد بن يحيى في موضع.

(٢). في « بث ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي : « وكان ».

(٣). في « بر ، بك » : « فأغلق ».

(٤). في « بر ، بف ، بك » : « رجل ».

(٥). في « بف » : + « له ».

(٦). في « بخ ، بر ، بس ، بف ، بك » وحاشية « بث »والوافي والبحار : « ربّه ».

(٧). في « بك » : « أخدمنّه ».

(٨). في « ظ ، ى ، بح ، بر ، بف ، بك » وحاشية « بح »والوافي والوسائل : « وبم ». وفي حاشية « بث » : « ولم ».

(٩). في « بر ، بك » : - « شيئاً ».

(١٠).الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥٤٠٥ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلافالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨١ ، ح ٩٩٣٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤١٨ ، ح ١٢٣٧٥ ، ملخّصاً ؛البحار ، ج ١٢ ، ص ١٣ ، ح ٤٠.

٣٠٣

أَفْضَلُهُمْ إِيمَاناً؟

قَالَ(١) : أَبْسَطُهُمْ كَفّاً ».(٢)

٦١٥٣/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ(٣) عَلِيِّ بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَعْيَنَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يُؤْتى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَجُلٍ ، فَيُقَالُ(٤) : احْتَجَّ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، خَلَقْتَنِي وَهَدَيْتَنِي ، فَأَوْسَعْتَ(٥) عَلَيَّ(٦) ، فَلَمْ أَزَلْ أُوسِعُ عَلى خَلْقِكَ ، وَأُيَسِّرُ(٧) عَلَيْهِمْ لِكَيْ تَنْشُرَ(٨) عَلَيَّ(٩) هذَا الْيَوْمَ رَحْمَتَكَ(١٠) ، وَتُيَسِّرَهُ(١١) فَيَقُولُ الرَّبُّ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَعَالى ذِكْرُهُ(١٢) - : صَدَقَ عَبْدِي ، أَدْخِلُوهُ(١٣) الْجَنَّةَ ».(١٤)

٦١٥٤/ ٩. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ(١٥) الْوَشَّاءِ ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام يَقُولُ : « السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ ، قَرِيبٌ‌

__________________

(١). في « بث ، بخ ، بر ، بف ، جن ، بك »والوافي : « فقال ».

(٢).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٢ ، ح ٩٩٣٤ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٤ ، ح ٢٧٨٢١.

(٣). فيالوسائل : - « أبي الحسن ».

(٤). في « بك » وحاشية « بر » والبحار ، ج ٦٧ : + « له ».

(٥). في « بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي : « وأوسعت ».

(٦). في « ى » : + « رزقي ».

(٧). في «بخ،بر،بف،بك»والوافي : « وأنشر ».

(٨). في « ظ » : « لكي ينشر ». وفي « بث » : « لكي تيسّر ».

(٩). فيالبحار ، ج ٦٧ : - « عليّ ».

(١٠). في « بخ ، بر ، بف ، بك » : - « رحمتك ».

(١١). في « بث ، بح ، بر ، بف ، بك » : - « وتيسّره ».

(١٢). في « بح ، بس » : - « ذكره ». وفي حاشية « بث » : « عزّ وجلّ » بدل « جلّ ثناؤه وتعالى ذكره ».

(١٣). في « ى » : « أدخله ».

(١٤).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٢ ، ح ٩٩٣٥ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٥ ، ح ٢٧٨٢٢ ؛البحار ، ج ٧ ، ص ٢٨٨ ، ح ٦ ؛ وج ٦٧ ، ص ٢٠٣ ، ح ٦. (١٥). في « بخ ، بر ، بف » : - « الحسن بن عليّ ».

٣٠٤

مِنَ النَّاسِ ».

قَالَ(١) : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « السَّخَاءُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، مَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ».(٢)

٦١٥٥/ ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ(٣) يَاسِرٍ الْخَادِمِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : « السَّخِيُّ يَأْكُلُ(٤) طَعَامَ النَّاسِ لِيَأْكُلُوا(٥) مِنْ(٦) طَعَامِهِ ، وَالْبَخِيلُ لَايَأْكُلُ مِنْ(٧) طَعَامِ النَّاسِ لِئَلاَّ يَأْكُلُوا مِنْ طَعَامِهِ ».(٨)

٦١٥٦/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ رَفَعَهُ ، قَالَ :

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام لِابْنِهِ الْحَسَنِعليه‌السلام : « يَا بُنَيَّ ، مَا السَّمَاحَةُ(٩) ؟ قَالَ : الْبَذْلُ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ(١٠) ».(١١)

__________________

(١). هكذا في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بس ، بف ، بك ، جن »والوافي والوسائل . وفي سائر النسخ والمطبوع : - « قال ».

(٢).عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ١٢ ، ح ٢٧ ، بسنده عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد البصري. وفيالجعفريّات ، ص ١٥١ ؛وقرب الإسناد ، ص ١١٧ ، ح ٤٠٩ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٤٧٤ ، المجلس ١٧ ، ح ٥ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، مع زيادة في آخره.معاني الأخبار ، ص ٢٥٦ ، ح ٤ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن رسول الله. وفيفقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٦٢ ؛والاختصاص ، ص ٢٥٢ ، مرسلاً عن العالمعليه‌السلام ، مع زيادة في آخره ، وفي الخمسة الأخيرة من قوله : « السخاء شجرة في الجنّة » وفي كلّ المصادر مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٣ ، ح ٩٩٣٦ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٥ ، ح ٢٧٨٢٣.

(٣). فيالوسائل ، ح ٣٠٥١٦ : « وعن ». وهو سهو واضح.

(٤). فيالوسائل والعيون : + « من ».

(٥).فيالوسائل ،ح٢٧٨٢٨:«ليأكل الناس»بدل«ليأكلوا».

(٦). في « بخ ، بر ، بك »والوافي : - « من ».

(٧). في « بر ، بك » : - « من ».

(٨).المحاسن ، ص ٤٩٩ ، كتاب المآكل ، ح ٣٥٣ ، عن ياسر الخادم ، إلى قوله : « ليأكلوا من طعامه ».عيون الأخبار ، ص ١٢ ، ح ٢٦ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم.تحف العقول ، ص ٤٤٦الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٣ ، ح ٩٩٣٧ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٦ ، ح ٢٧٨٢٨ ؛ وج ٢٤ ، ص ٢٦٩ ، ح ٣٠٥١٦.

(٩). « السماحة » في اللغة : الجود والعطاء عن كرم وسخاء. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٧٦ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٩٨ ( سمح ).

(١٠). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوسائل والمعاني : « في العسر واليسر ».

(١١).معاني الأخبار ، ص ٢٥٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد ، وفيه : « أحمد بن محمّد بن خالد =

٣٠٥

٦١٥٧/ ١٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام لِبَعْضِ جُلَسَائِهِ : « أَلَا أُخْبِرُكَ(١) بِشَيْ‌ءٍ يُقَرِّبُ مِنَ اللهِ ، وَيُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ؟ ».

فَقَالَ بَلى.

فَقَالَ : « عَلَيْكَ بِالسَّخَاءِ ؛ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقاً بِرَحْمَتِهِ لِرَحْمَتِهِ ، فَجَعَلَهُمْ لِلْمَعْرُوفِ أَهْلاً ، وَلِلْخَيْرِ مَوْضِعاً ، وَلِلنَّاسِ وَجْهاً ، يُسْعى(٢) إِلَيْهِمْ(٣) لِكَيْ يُحْيُوهُمْ كَمَا يُحْيِي الْمَطَرُ الْأَرْضَ الْمُجْدِبَةَ(٤) ، أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».(٥)

٦١٥٨/ ١٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٦) رَفَعَهُ ، قَالَ :

أَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ(٧) - إِلى مُوسَىعليه‌السلام : أَنْ لَاتَقْتُلِ(٨) السَّامِرِيَّ ؛ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ.(٩)

٦١٥٩/ ١٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ :

__________________

= قال : حدّثنا بعض أصحابنا بلغ به سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن الحارث الأعور قال : قال أمير المؤمنين للحسن ابنهعليهما‌السلام »الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٣ ، ح ٩٩٣٨ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٥ ، ح ٢٧٨٢٤.

(١). في « بح » : « اُخبركم ».

(٢). في « بس » : « وُجَهاء ، تسعى ».

(٣). في « بر ، بك » : - « إليهم ».

(٤). « المجدبة » : هي الأرض التي تمسك الماء فلا تشربه سريعاً. وقيل : هي الأرض التي ليس بها قليل ولا كثير ولا مرتع ولا كلأ. وقيل : هي الأرض التي لا نبات بها ، مأخوذ من الجَدْب ، وهو القحط. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٢٤٢ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٢٥٧ ( جدب ).

(٥).قرب الإسناد ، ص ٧٢ ، ح ٢٣٤ ، عن هارون بن مسلمالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٣ ، ح ٩٩٣٩ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٦ ، ح ٢٧٨٢٧. (٦). فيالوسائل : + « عن أبيه ».

(٧). في « بك » : - « الله عزّ وجلّ ».

(٨). في « ى ، بر ، بف ، بك » : « أن لا يقتل ».

(٩).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦١ ، ح ١٧٠٩ ، مرسلاً من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٣ ، ح ٩٩٤٠ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٦ ، ح ٢٧٨٢٦ ؛البحار ، ج ١٣ ، ص ٢٣٠ ، ح ٤٠.

٣٠٦

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ(١) عليه‌السلام ، قَالَ : « شَابٌّ سَخِيٌّ مُرَهَّقٌ(٢) فِي الذُّنُوبِ(٣) أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ شَيْخٍ عَابِدٍ بَخِيلٍ ».(٤)

٦١٦٠/ ١٥. سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ(٥) ، عَمَّنْ(٦) حَدَّثَهُ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ ، وَشِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ ، وَمِنْ خَالِصِ الْإِيمَانِ(٧) الْبِرُّ بِالإِخْوَانِ ، وَالسَّعْيُ فِي حَوَائِجِهِمْ ؛ وَإِنَّ الْبَارَّ بِالإِخْوَانِ لَيُحِبُّهُ الرَّحْمنُ ، وَفِي ذلِكَ مَرْغَمَةٌ(٨) ‌.........................................................

__________________

(١). في « بث ، بر ، بخ ، بف »والوافي : « أبي جعفر ».

(٢). « مُرَهَّقٌ » أي ذورَهَق ، وهو غشيان وإتيان للمحارم من شرب الخمر ونحوه. والإفراط فيها. والمرهَّق أيضاً : المتّهم بالسوء والسفه ؛ يقال : رجل مُرَهَّق ، إذا كان يُظَنّ به السوء. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٨٧ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٨٤ ( رهق ). (٣). في « جن » : « بالذنوب ».

(٤).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦١ ، ح ١٧٠٧ ، مرسلاً من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٤ ، ح ٩٩٤١ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٦ ، ح ٢٧٨٢٥.

(٥). السند معلّق على سابقه. ويروي عن سهل بن زياد ، عدّة من أصحابنا.

(٦). ورد الخبر - باختلاف يسير - فيالأمالي للمفيد ، ص ٢٩١ ، المجلس ٤٣ ، ح ٩ ، بسنده ، وكذا فيالأمالي للطوسي ، ص ٦٨ ، المجلس ٣ ، ح ٧ بنفس سند المفيد عن أبي سعيد الآدمي - وهو سهل بن زياد - قال : حدّثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزُحَل عن جميل بن درّاج. وقد روى عمر بن عبد العزيز عن جميل [ بن درّاج ] في أسناد الكتب الأربعة وغيرها ، منها ما ورد فيرجال الكشّي ، ص ١٤ ، الرقم ١١٣ من رواية أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن زحل عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درّاج. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٣ ، ص ٣٧٦ - ٣٧٧. هذا ، وقد ورد الخبر فيالخصال ، ص ٩٦ ، ح ٤٢ ، بسنده عن سهل بن زياد الآدمي ، قال : حدّثني رجل وعمر بن عبد العزيز عن جميل بن درّاج. لكن في بعض مخطوطاتالخصال : « زحل عمر بن عبد العزيز » وهو الظاهر.

إذا تبيّن هذا ، فنقول : قال الاُستاد السيّد محمّد الجواد الشبيري - دام توفيقه - في تعليقته على السند حول تعبير « عمّن حدّثه » : « لعلّ في أصل مصدر المصنّف كان « زحل » ثمّ صحّف بـ « رجل » فعبّر المصنّف بدله بقوله : « عمّن حدّثه » ويمكن أن يكون في منبعالكافي ‌نظير ما في مطبوعةالخصال ، فعبّر المصنّف بدله بقوله : « عمّن حدّثه والله أعلم ».

(٧). في الخصال والأمالي للمفيد والأمالي للطوسي : « صالح الأعمال » بدل « خالص الإيمان ».

(٨). « المرغمة » ، بفتح الميم مصدر ، أو بكسرها اسم آلة من الرَّغام وهو التراب ؛ يقال : رَغِمَ ورَغَمَ أنفُه ، أي =

٣٠٧

لِلشَّيْطَانِ(١) ، وَتَزَحْزُحٌ(٢) عَنِ(٣) النِّيرَانِ ، وَدُخُولُ الْجِنَانِ. يَا جَمِيلُ ، أَخْبِرْ بِهذَا غُرَرَ(٤) أَصْحَابِكَ ».

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَنْ غُرَرُ(٥) أَصْحَابِي(٦) ؟

قَالَ : « هُمُ الْبَارُّونَ بِالإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ».

ثُمَّ قَالَ : « يَا جَمِيلُ ، أَمَا إِنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يَهُونُ عَلَيْهِ ذلِكَ(٧) ، وَقَدْ مَدَحَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي ذلِكَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ :( وَيُؤْثِرُونَ (٨) عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٩) ».(١٠)

__________________

= لصق بالرغام ، وأرغم الله أنفَه ، أي ألصقه بالرغام. هذا هو الأصل ، ثمّ استعمل في الذلّ والعجز عن الانتصاف ، والانقياد على كره. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٨ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٢٤٥ - ٢٤٦ ( رغم ).

(١). في « ى » : « الشيطان ». وفي حاشية « بح »والفقيه : « لشيطان ».

(٢). التزحزح : التباعد والتنحّي ؛ يقال : زحزحه عن كذا ، أي باعدته عنه ونحّيته ، فتزحزح ، أي تباعد وتنحّى. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٣٧١ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٩٧ ( زحح ).

(٣). في « بخ ، بر ، بف ، بك » : « من ».

(٤). « الغُرَر » : جمع الأغرّ ، وهو الشريف وكريم الأفعال واضحُها. راجع :لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٤ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٢٧ ( غرر ).

(٥). فيالوافي : « في بعض النسخ : العزاز - في الموضعين - بالعين المهملة والمعجمتين : جمع العزيز ».

(٦). في « بر ، بك » : « أصحابك ».

(٧). في « بر ، بف ، بك » : « ذلك عليه ».

(٨). هكذا في المصحف وجميع النسخ التي قوبلت والوافي والفقيه والخصال والأمالي للمفيد والأمالي‌للطوسي ، ص ٦٨. وفي المطبوع :( يُؤْثِرُونَ ) بدون الواو.

(٩). الحشر (٥٩) : ٩.

(١٠).الخصال ، ص ٩٦ ، باب الثلاثة ، ح ٤٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن رجل وعمر بن عبدالعزيز ، عن جميل بن درّاج. وفيالأمالي للمفيد ، ص ٢٩١ ، المجلس ٣٤ ، ح ٩ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٦٨ ، المجلس ٣ ، ح ٧ ، بسندهما عن أبي سعيد الآدمي ، عن عمر بن عبدالعزيز المعروف بزحل ، عن جميل بن درّاج.وفيه ، ص ٦٣٣ ، المجلس ٣١ ، ح ٨ ، بسنده عن جميل بن درّاج ، إلى قوله : « إنّ البارّ بالإخوان ليحبّه الرحمن ».الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦١ ، ح ١٧٠٧ ، مرسلاًالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٤ ، ح ٩٩٤٢ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٢٩ ، ذيل ح ١٢٤٠٨ ؛ وص ٤٧٥ ، ذيل ح ١٢٥٣٠.

٣٠٨

٨٢ - بَابُ الْإِنْفَاقِ‌

٦١٦١/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(١) خَالِدٍ جَمِيعاً ، عَنِ الْحَسَنِ(٢) بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ الشَّمْسَ لَتَطْلُعُ(٣) وَمَعَهَا أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ : مَلَكٌ يُنَادِي : يَا صَاحِبَ الْخَيْرِ ، أَتِمَّ وَأَبْشِرْ ؛ وَمَلَكٌ يُنَادِي : يَا صَاحِبَ الشَّرِّ ، انْزِعْ وَأَقْصِرْ ؛ وَمَلَكٌ يُنَادِي : أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً ، وَآتِ مُمْسِكاً تَلَفاً(٤) ؛ وَمَلَكٌ يَنْضَحُهَا(٥) بِالْمَاءِ(٦) ؛ وَلَوْ لَاذلِكَ ، اشْتَعَلَتِ(٧) الْأَرْضُ(٨) ».(٩)

__________________

(١). في « بر » : - « محمّد بن ».

(٢). في « بر ، بف » : - « الحسن ».

(٣). فيالبحار : « تطلع ».

(٤). فيالوافي : « قيل : معنى قوله : آت ممسكاً تلفاً ، ارزقه الإنفاق حتّى ينفق ، فإن لم يقدّر في سابق علمك أن ينفقه‌باختياره فأتلف ماله حتّى نأجره فيه أجر المصاب ، فيصيب خيراً ؛ فإنّ الملك لا يدعو بالشرّ لا سيّما في حقّ المؤمن.

أقول : إنّ دعاء الملائكة باللعن في القرآن والحديث وارد غير مرّة ، والدعاء بالشرّ على أهل الشرّ ليس بشرّ ، بل هو خير مع أنّ تنكير لفظتي المنفق والممسك يشعر بإرادة الخصوص دون العموم ، فيحمل المنفق على من أنفق ابتغاء مرضاة الله ، والممسك على من بخل بما افترض الله ، والبخل بما افترض الله موجب للتلف ، كما مرّ في الباب الأوّل من هذا الكتاب إلّا أنّ هذا لا ينافي ما قاله ذلك القائل ».

وفي هامشه عن صاحبه : « توجيه كلام هذا القائل أنّ الملك لا يدعو للمؤمن إلّابالخير ، بل هو لا يريد الشرّ لأحد ؛ لكونه مجبولاً على الخير ، ودعاؤه بتلف المال المستلزم للخير إنّما يكون بعد يأسه منه أن يختار الإنفاق الذي هو خير خالص. ولمّا كان إنفاقه غائباً عن علمه وإنّما هو في علم الله وهو بعدُ مجوّز له فدعاؤه بالتلف في الحقيقة مشروط بامتناع إنفاقه وعدم تأتّيه منه ».

(٥). في « بخ ، بر ، بك » : « ينضح ». وفيالوافي : « ينضح الأرض ».

(٦). في « بر ، بك » : « الماء ».

(٧). في « بخ » : « لاشتعلت ». وفي « بر ، بك » : « اشتغلت » بالغين المعجمة.

(٨). فيالوافي : « لعلّ الأرض إشارة إلى أرض قلوب بني آدم ، والماء إشارة إلى ماء الرحمة التي تنزل على قلوبهم من سماء فضل الله ، وبه يرحمون أنفسهم ويرحم بعضهم بعضاً. والاشتعال إشارة إلى نار الظلم التي تقع في =

٣٠٩

٦١٦٢/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ(١) ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ ) (٢) قَالَ : « هُوَ الرَّجُلُ يَدَعُ مَالَهُ لَايُنْفِقُهُ(٣) فِي طَاعَةِ اللهِ بُخْلاً ، ثُمَّ يَمُوتُ ، فَيَدَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللهِ أَوْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ، فَإِنْ(٤) عَمِلَ بِهِ(٥) فِي طَاعَةِ(٦) اللهِ ، رَآهُ(٧) فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ ، فَرَآهُ(٨) حَسْرَةً وَقَدْ كَانَ الْمَالُ لَهُ ، وَإِنْ(٩) كَانَ عَمِلَ بِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ، قَوَّاهُ بِذلِكَ الْمَالِ حَتّى عَمِلَ بِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ».(١٠)

٦١٦٣/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى(١١) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ(١٢) عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ ،

__________________

= قلوبهم وبها يظلمون أنفسهم ويظلم بعضهم بعضاً وإلى نائرة الهموم والأحزان وحرقة تزاحم الآمال والحرمان ؛ إذ لولا ما نزل على القلوب من ماء الرحمة والحنان وديمة الغفلة والنسيان وبردّ الإطفاء والاطمئنان ، لاشتعلت بهذه المصائب واحترقت بتلك النوائب ، ولله‌الحمد ».

(٩).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٥ ، ح ٩٩٤٣ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٢٧٨٢٩ ؛البحار ، ج ٥٨ ، ص ١٤٣ ، ح ٢.

(١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن أبي عبد الله ، عدّة من أصحابنا.

(٢). البقرة (٢) : ١٦٧.

(٣). في « ظ ، بث ، بح ، بس »والوسائل : « ولا ينفقه ».

(٤). فيالوسائل : + « هو ».

(٥). في « بث ، بح »والوسائل والفقيه : « فيه ».

(٦). في « بث »والوسائل والفقيه : « بطاعة ».

(٧). في « بر ، بك » : « فرآه ».

(٨). في تفسير العيّاشي : « فزاده ».

(٩). في « بح ، بس »والوسائل : « فإن ».

(١٠).الأمالي للمفيد ، ص ٢٠٥ ، المجلس ٢٣ ، ح ٣٥ ، بسند آخر ، إلى قوله : « رآه في ميزان غيره » مع اختلاف يسير.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٧٢ ، ح ١٤٤ ، عن عثمان بن عيسى ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٢ ، ح ١٧١٣ ، مرسلاًالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٠ ، ح ٩٩٥٤ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٢٧٨٣٠.

(١١). في « بر » : - « بن عيسى ».

(١٢). في « بف » : + « موسى ».

٣١٠

سَخَتْ(١) نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ(٢) ».(٣)

٦١٦٤/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ بَعْضِ مَنْ حَدَّثَهُ(٤) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(٥) - فِي كَلَامٍ لَهُ : وَمَنْ يَبْسُطْ(٦) يَدَهُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا وَجَدَهُ ، يُخْلِفِ اللهُ(٧) لَهُ(٨) مَا أَنْفَقَ فِي دُنْيَاهُ ، وَيُضَاعِفْ لَهُ فِي آخِرَتِهِ ».(٩)

٦١٦٥/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ:

قَرَأْتُ فِي(١٠) كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ(١١) عليه‌السلام إِلى أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : « يَا أَبَا جَعْفَرٍ(١٢) ، بَلَغَنِي أَنَّ‌

__________________

(١). في « بر ، بف ، بك » : « سمحت ». وفي حاشية « بر » : « طابت ».

(٢). في « بخ ، بر ، بف ، بك » وحاشية « بث »والوافي : « بالعطيّة ».

(٣).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل الصدقة ، ح ٦٠٠٣ ، بسند آخر ، وتمام الرواية فيه : « من صدّق بالخلف جاد بالعطيّة ».الخصال ، ص ٦١٩ ، أبواب الثمانين ومافوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٠ ، بسند آخر عن أبي عبدالله ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنينعليهم‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٢ ، ح ١٧١٢ ، مرسلاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛الاختصاص ، ص ٣٠ ، مرسلاً عن أبي جعفرعليه‌السلام .تحف العقول ، ص ١٠٩ ، عن عليّعليه‌السلام ، وفي كلّ المصادر مع اختلاف يسير. وراجع :الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل الصدقة ، ح ٦٠٠٣ ومصادرهالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٦ ، ح ٩٩٤٤ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٧ ، ح ٢٧٨٣١.

(٤). في الكافي ، ح ١٩٩٢ : « يحيى » بدل « بعض من حدّثه ».

(٥). في « بح » : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٦). في الكافي ، ح ١٩٩٢ : « بسط ».

(٧). في « بر ، بك » : - « الله ».

(٨). فيالوسائل : « عليه ».

(٩).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب صلة الرحم ، ضمن ح ١٩٩٢. وفيالزهد ، ص ١٠٣ ، ضمن ح ١٠١ ، بسند آخر عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٨ ، ح ٩٩٤٧ ؛الوسائل ، ج ٢١،ص٥٤٨،ح٢٧٨٣٢؛البحار ،ج ٧١،ص ١٢١،ح ٨٦. (١٠). في « بخ » والعيون : - « في ».

(١١). هكذا في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوسائل . وفي « بس ، جن » والمطبوع : + « الرضا ».

(١٢). في « بث ، بك »والوافي : - « يا أبا جعفر ».

٣١١

الْمَوَالِيَ إِذَا رَكِبْتَ ، أَخْرَجُوكَ مِنَ الْبَابِ الصَّغِيرِ ، فَإِنَّمَا(١) ذلِكَ مِنْ بُخْلٍ مِنْهُمْ(٢) لِئَلَّا يَنَالَ مِنْكَ أَحَدٌ(٣) خَيْراً ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَايَكُنْ(٤) مَدْخَلُكَ وَمَخْرَجُكَ(٥) إِلَّا مِنَ الْبَابِ الْكَبِيرِ ، فَإِذَا(٦) رَكِبْتَ ، فَلْيَكُنْ مَعَكَ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ ، ثُمَّ لَايَسْأَلُكَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَيْتَهُ ، وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ عُمُومَتِكَ أَنْ تَبَرَّهُ ، فَلَا تُعْطِهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ دِينَاراً وَالْكَثِيرُ إِلَيْكَ ، وَمَنْ سَأَلَكَ مِنْ عَمَّاتِكَ ، فَلَا تُعْطِهَا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَاراً وَالْكَثِيرُ إِلَيْكَ ؛ إِنِّي(٧) إِنَّمَا أُرِيدُ بِذلِكَ أَنْ يَرْفَعَكَ(٨) اللهُ ، فَأَنْفِقْ وَلَاتَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْتَاراً(٩) ».(١٠)

٦١٦٦/ ٦. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ(١١) ، عَنْ جَهْمِ بْنِ الْحَكَمِ الْمَدَائِنِيِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ : سَائِلَةٌ ، وَمُنْفِقَةٌ ، وَمُمْسِكَةٌ ؛ وَخَيْرُ(١٢) الْأَيْدِي الْمُنْفِقَةُ(١٣) ».(١٤)

__________________

(١). في « ظ ، ى ، بس » وحاشية « بح »والوافي والوسائل : « وإنّما ».

(٢). في « بث ، بح ، بس » وحاشية « ظ »والوسائل والعيون : « بهم ».

(٣). في « بخ ، بر ، بف ، بك » : « أحد منك ».

(٤). في « بر ، بك » : « لا تكن ».

(٥). في « ى » : « ولا مخرجك ».

(٦). في « بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي والعيون : « وإذا ».

(٧). في « ى » : « وإنّي ». وفي « بح » : - « إنّي ».

(٨). في « بر ، بك »والوافي : « ليرفعك ».

(٩). الإقتار : التضييق على الإنسان في الرزق ، يقال : أقتر الله رزقه ، أي ضيّقه وقلّله ، وكذا القَتْر والتقتير. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٨٦ ؛النهاية ، ج ٤ ، ص ١٢ ( قتر ).

(١٠).عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٨ ، ح ٢٠ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنظيالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٩ ، ح ٩٩٥١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٦٣ ، ح ١٢٥٠٤.

(١١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عدّة من أصحابنا.

(١٢). في « بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوسائل : « فخير ».

(١٣). في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي والوسائل : « منفقة ».

(١٤).تحف العقول ، ص ٤٥ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٩ ، ح ٩٩٥٣ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٨ ، =

٣١٢

٦١٦٧/ ٧. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَعْدَانَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ(٢) بْنِ أَيْمَنَ(٣) :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٤) : « يَا حُسَيْنُ ، أَنْفِقْ ، وَأَيْقِنْ بِالْخَلَفِ مِنَ اللهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْخَلْ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ بِنَفَقَةٍ(٥) فِيمَا يُرْضِي اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ(٦) - إِلَّا أَنْفَقَ أَضْعَافَهَا(٧) فِيمَا يُسْخِطُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ».(٨)

٦١٦٨/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عُمَرَ(٩) بْنِ أُذَيْنَةَ :

رَفَعَهُ إِلى(١٠) أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ(١١) عليه‌السلام ، قَالَ : « يُنْزِلُ(١٢) اللهُ(١٣) الْمَعُونَةَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْعَبْدِ بِقَدْرِ الْمَؤُونَةِ ، فَمَنْ(١٤) أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ ، سَخَتْ(١٥) نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ ».(١٦)

__________________

= ح ٢٧٨٣٣.

(١). في « بر »والوسائل : - « بن محمّد ». ثمّ إنّ السند معلّق كسابقه ؛ فقد روى محمّد بن خالد عن سعدان [ بن مسلم ] في بعض الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٦ ، ص ٣٥٧ - ٣٥٨.

(٢). في « بح ، بخ ، بر ، بف »والوسائل : « حسين ».

(٣). في « بح » وحاشية « ظ ، جن »والوسائل : « أبتر ». وفي « بخ » : « أبان ». وفي « بف » : « أمير ». وفي « جر » : « أعين » ، والمذكور في بعض نسخرجال الطوسي ، ذيل أصحاب أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليه‌السلام هو الحسين بن أيمن. (٤). في « بر ، بف ، بك »والوسائل : - « قال ».

(٥). فيالوافي : « بنفقته ».

(٦). في « بر ، بك » : - « فيما يرضي الله عزّ وجلّ».

(٧). في « بر ، بك » : « أضعافاً ».

(٨).الاختصاص ، ص ٢٤٢ ، ذيل الحديث ، مرسلاً عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛تحف العقول ، ص ٢٩٣ ، ذيل الحديث ، وفيهما من قوله : « لم يبخل عبد » مع اختلاف يسير. وراجع :الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤١٢ ، ح ٥٨٩٩الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٨ ، ح ٩٩٤٨ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٨ ، ح ٢٧٨٣٤.

(٩). في « بر » : - « عمر ».

(١٠). في « بر » : « عن » بدل « رفعه إلى ».

(١١). في « بس » : « وأبي جعفر ».

(١٢). في « بخ ، بر ، بك » : « تنزل ».

(١٣). في « ى ، بخ ، بر ، بك » : - « الله ».

(١٤). في « بح ، بخ ، بف »والوسائل : « ومن ».

(١٥). في « بر ، بف ، بك »والوافي : « سمحت ».

(١٦).قرب الإسناد ، ص ١١٦ ، ح ٤٠٧ ، بسند آخر عن جعفرعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفيالفقيه ، ج ٤ ، ص ٤١٨ ، ح ٥٩١١ ؛والأمالي للصدوق ، ص ٥٥١ ، المجلس ٨٢ ، ضمن ح ٣ ؛ والتوحيد ، ص ٤٠١ ، ضمن ح ٦ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٣٠٠ ، المجلس ١١ ، ضمن ح ٤١ ، بسند آخر عن الصادقعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٩٤ ، ضمن ح ٢٤٩٨ ، =

٣١٣

٦١٦٩/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى(١) :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : دَخَلَ عَلَيْهِ مَوْلًى لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : « هَلْ أَنْفَقْتَ الْيَوْمَ شَيْئاً؟».

فَقَالَ(٢) : لَاوَ اللهِ.

فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِعليه‌السلام : « فَمِنْ أَيْنَ يُخْلِفُ اللهُ عَلَيْنَا؟ أَنْفِقْ وَلَوْ دِرْهَماً وَاحِداً ».(٣)

٦١٧٠/ ١٠. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ يَضْمَنُ(٤) أَرْبَعَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ أَنْفِقْ وَلَا تَخَفْ فَقْراً ، وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ ، وَأَفْشِ السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ ، وَاتْرُكِ الْمِرَاءَ(٥) وَإِنْ كُنْتَ مُحِقّاً ».(٦)

__________________

= مرسلاً عن الصادقعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٦٦ ، ح ٣٦١٣ ، مرسلاً عن أبي جعفرعليه‌السلام .تحف العقول ، ص ٤٠٣ ، عن موسى‌بن جعفرعليهما‌السلام .الاختصاص ، ص ٣٠ ؛ مرسلاً من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام .خصائص الأئمّة عليهم‌السلام ، ص ١٠٤ ، عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ؛نهج البلاغة ، ص ٤٩٤ ، الحكمة ١٣٩ ، وفي كلّ المصادر إلى قوله : « بقدر المؤونة » مع اختلاف يسير. وراجع :الكافي ، كتاب الزكاة ، باب الإنفاق ، ح ٦١٦٣ ومصادرهالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٧ ، ح ٩٩٤٥ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٨ ، ح ٢٧٨٣٥.

(١). في « بر »والوسائل : - « بن يحيى ».

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلتوالوافي والوسائل ، ح ١٢٥٠٥. وفي المطبوع : « قال ».

(٣).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٨ ، ح ٩٩٥٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٦٤ ، ح ١٢٥٠٥ ؛ وج ٢١ ، ص ٥٤٩ ، ح ٢٧٨٣٦.

(٤). فيالوسائل والبحار والكافي ح ١٩٤٨ والفقيه والمحاسن والزهد والخصال : + « لي ».

(٥). « المِراء » : الجدال ، إلّا أنّ المراء لا يكون إلّا اعتراضاً ، بخلاف الجدال ؛ فإنّه يكون ابتداءاً واعتراضاً. والتماري والمماراة : المجادلة على مذهب الشكّ والريبة. وقيل : المراء : المماراة والجدل. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٢٢ ؛لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٧٨ ؛المصباح المنير ، ص ٥٧٠ ( مرا ).

(٦).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الإنصاف والعدل ، ح ١٩٤٨ ، بنفس السند ، مع اختلاف يسير. وفيالمحاسن ، ص ٨ ، كتاب الأشكال والقرائن ، ح ٢٢ ؛والزهد ، ص ٦٤ ، ح ٣ ،عن محمّد بن سنان.الخصال ،=

٣١٤

٨٣ - بَابُ الْبُخْلِ وَالشُّحِّ‌

٦١٧١/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ آبَائِهِعليهم‌السلام : « أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ : إِنَّ الشَّحِيحَ(١) أَغْدَرُ(٢) مِنَ الظَّالِمِ ، فَقَالَ لَهُ : كَذَبْتَ ؛ إِنَّ الظَّالِمَ قَدْ يَتُوبُ وَيَسْتَغْفِرُ وَيَرُدُّ الظُّلَامَةَ(٣) عَلى أَهْلِهَا ، وَالشَّحِيحُ إِذَا شَحَّ ، مَنَعَ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَصِلَةَ الرَّحِمِ وَقِرَى(٤) الضَّيْفِ وَالنَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَبْوَابَ الْبِرِّ ، وَحَرَامٌ عَلَى الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَهَا شَحِيحٌ ».(٥)

٦١٧٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ‌

__________________

= ص ٢٢٣ ، باب الأربعة ، ح ٥٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن سنان ، مع اختلاف يسير.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٢ ، ح ١٧١١ ، مرسلاًالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٨٩ ، ح ٩٩٥٢ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٨٤ ، ح ٢٠٥٢٩ ؛ وج ٢١ ، ص ٥٤٩ ، ح ٢٧٨٣٧ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٣٠ ، ح ٢٣.

(١). « الشحيح » : البخيل ، من الشُّحِّ ، وهو البخل مع الحرص. وقيل : هو أشدّ البخل. وقيل : البخل في أفراد الاُمور و آحادها ، والشحّ عامّ. وقيل : البخل بالمال ، والشحّ بالمال والمعروف. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٧٨ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٤٨ ( شحح ).

(٢). في الوافي والوسائل والفقيه وقرب الإسناد : « أعذر ». و « أغدر » ، من الغَدْر ، وهو ترك الوفاء ، وقيل : هو ضدّ الوفاء بالعهد. راجع :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٦٦ ؛لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٨ ( غدر ).

(٣). قال الجوهري : « الظُلامة والظَليمة والمَظْلِمة : ما تطلبه عند الظالم ، وهو اسم ما اُخذ منك ». وقيل : الظُلامة : اسم مظلمتك التي تطلبه عند الظالم ، يقال : أخذها منه ظُلامة. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٧٧ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٧٤ ( ظلم ).

(٤). في « جن » : « قراء ». وفيالوافي : « قرئ ( اقرأ - خ ل ) ». و « القِرى » : الإحسان إلى الضيف ، قال الجوهري : « إذاكسرت القاف قصرت ، وإذا فتحت مددت ». راجع :ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٤٧١ ،الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٩١ ( قرا ).

(٥).قرب الإسناد ، ص ٧٢ ، ح ٢٣٣ ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّعليهم‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٣ ، ح ١٧١٨ ، مرسلاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٠ ، ح ٩٩٥٥ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٥ ، ح ١١٤٥٨.

٣١٥

بَعْضِ أَصْحَابِهِ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلّهِ فِي عَبْدٍ(٢) حَاجَةٌ ، ابْتَلَاهُ بِالْبُخْلِ ».(٣)

٦١٧٣/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٤) ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لِبَنِي سَلِمَةَ : يَا بَنِي سَلِمَةَ ، مَنْ سَيِّدُكُمْ؟

قَالُوا(٥) : يَا رَسُولَ اللهِ ، سَيِّدُنَا رَجُلٌ فِيهِ بُخْلٌ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ(٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوى مِنَ الْبُخْلِ؟ ثُمَّ قَالَ : بَلْ سَيِّدُكُمْ الْأَبْيَضُ الْجَسَدِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ(٧) ».(٨)

٦١٧٤/ ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، عَنْ‌

__________________

(١). في « بخ ، بس » : « أصحابنا ».

(٢). فيالوسائل : « عبده ».

(٣).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٣ ، ح ١٧١٧ ، مرسلاً عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام .الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩١ ، ح ٩٩٥٦ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٤٩ ، ح ٢٧٨٣١.

(٤). في « بر » : - « بن محمّد ». ثمّ إنّ السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، محمّد بن يحيى.

(٥). في « بث ، بح ، بس » : « فقالوا ». وفي حاشية « بث » : « قال ».

(٦). في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جن » والبحار : - « رسول الله ». وفي « بر ، بف ، بك »والوافي : « النبيّ ».

(٧). في « ى ، بخ ، بر ، بف ، بك » : « معروف ». وهو سهو ؛ فإنّ البراء هذا هو البراء بن معرور الخزرجيّ السلميّ الذي كانقيب بني سلمة ، وأوّل من بايع ليلة العقبة الأولى ، وأوّل من استقبل القبلة ، وأوّل من أوصى بثلث ماله. راجع :اُسد الغابة ، ج ١ ، ص ٣٦٤ ، الرقم ٣٩٢ ؛الإصابة ، ج ١ ، ص ٤١٥ ، الرقم ٦٢٢.

(٨).الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٧٩ ، ح ٥٧٩٩ ، مرسلاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٢٧٦ ، وتمام الرواية فيهما : « أيّ داء أدوى من البخل »الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩١ ، ح ٩٩٥٧ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٥٠ ، ح ٢٧٨٣٩ وتمام الرواية فيه : « أيّ داء أدوى من البخل » ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٣٠ ، ح ١٠٦.

٣١٦

مُوسَى بْنِ بَكْرٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ(١) :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسىعليه‌السلام ، قَالَ : « الْبَخِيلُ مَنْ بَخِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ ».(٢)

٦١٧٥/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِعليهما‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مَا مَحَقَ الْإِسْلَامَ(٣) مَحْقَ الشُّحِّ شَيْ‌ءٌ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ لِهذَا الشُّحِّ دَبِيباً(٤) كَدَبِيبِ النَّمْلِ ، وَشُعَباً كَشُعَبِ الشَّرَكِ(٥) » وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرى : « الشَّوْكِ(٦) ».(٧)

٦١٧٦/ ٦. أَحْمَدُ(٨) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ جَابِرٍ :

__________________

(١). في « ى ، بح » وحاشية « جن » وهامش المطبوعوالوسائل : « سلمة ». وفي « بخ ، بر ، بف » : « سلم».

(٢).معاني الأخبار ، ص ٢٤٦ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي الجهم. وفيالتوحيد ، ص ٣٧٣ ، ضمن ح ١٦ ؛والخصال ، ص ٤٣ ، باب الاثنين ، ضمن ح ٣٦ ؛وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٤١ ، ضمن ح ٤١ ، بسند آخر عن أحمد بن سليمان ، عن أبي الحسنعليه‌السلام . وفيالفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٩٤ ، ضمن ح ٥٨٤٠ ؛والأمالي للصدوق ، ص ٢٠ ، المجلس ٦ ، ضمن ح ٤ ، بسند آخر عن الصادقعليه‌السلام .معاني الأخبار ، ص ١٩٥ ، ضمن ح ١ ، بسند آخر عن الصادق ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .تحف العقول ، ص ٤٠٨ ، ضمن الحديث ، عن موسى‌بن جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٢ ، ح ٩٩٥٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٦ ، ح ١١٤٥٩.

(٣). فيالخصال : « محق الإيمان ». والمَحْق : ذهابُ خير الشي‌ء وبركته ، ونقصانُه. وقيل : هو المحو والإبطال. وقيل : هو ذهاب الشي‌ء كلّه حتّى لا يرى له أثر. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٥٣ ؛لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣٣٨ ( محق ).

(٤). الدبيب : المشي اليسير الخفيف بدون السرعة. راجع :المفردات للراغب ، ص ٣٠٦ ؛المصباح المنير ، ص ١٨٨.

(٥). « الشَّرَك » محرّكة : حبائل الصائد ، وما ينصب للطير. راجع :المصباح المنير ، ص ٣١١ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٥١ ( شرك ).

(٦). في « بر ، بك » : - « وفي نسخة اُخرى : الشوك ». والشوك من الشجر معروف.

(٧).الخصال ، ص ٢٦ ، باب الواحد ، ح ٩٣ ، بسنده عن هارون بن مسلم.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٣ ، ح ١٧١٦ ، مرسلاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيهما إلى قوله : « كشعب الشرك »الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩١ ، ح ٩٩٥٨ ؛الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٥٥٠ ، ح ٢٧٨٤٠ ، إلى قوله : « كشعب الشرك ».

(٨). هكذا في « بر ، بف ، بك »والوسائل . وفي « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جن » والمطبوع : « أحمد بن =

٣١٧

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لَيْسَ بِالْبَخِيلِ(١) الَّذِي يُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ فِي مَالِهِ ، وَيُعْطِي الْبَائِنَةَ(٢) فِي قَوْمِهِ ».(٣)

٦١٧٧/ ٧. أَحْمَدُ(٤) ، عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ ، قَالَ :

قَالَ لِي(٥) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « تَدْرِي مَا(٦) الشَّحِيحُ؟ ».

قُلْتُ : هُوَ الْبَخِيلُ.

فَقَالَ(٧) : « الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ ؛ إِنَّ(٨) الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ ، وَالشَّحِيحُ يَشُحُّ(٩) عَلى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَعَلى مَا فِي يَدَيْهِ(١٠) حَتّى لَايَرى مِمَّا(١١) فِي أَيْدِي النَّاسِ‌

__________________

= محمّد ». والمراد من أحمد ، هو أحمد بن أبي عبدالله المذكور في سند الحديث الرابع والراوي عن محمّد بن عليّ وهو أبوسمينة في غير واحد من الأسناد ، فيكون سندنا هذا معلّقاً على ذاك. وتقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٦٠٦٣ ، أنّ المناسب في مثل المقام أن يكون التعبير من الراوي أمّا بما يوافق عنوانه المتقدّم أو بما هو مختصر عنه ، فلاحظ.

(١). في « ى ، بف » : « البخيل ».

(٢). في « ظ ، بث ، بخ ، بس ، بف ، جن » : « النائبة ». و « البائنة » : العطيّة ، سمّيت بها لأنّها اُفردت واُبينت من المال. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ١٧٤ ( بين ) ؛الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٢.

(٣).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٢ ، ح ٩٩٦٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٦ ، ح ١١٤٦٠.

(٤). هكذا في « بر ، بف ، بك ، جد ». وفي سائرالنسخ والمطبوع : « أحمد بن محمّد ». والمراد من أحمد ، هو أحمد بن أبي عبدالله ، كما تقدّم ذيل السند السابق ؛ فقد روى أحمد بن أبي عبدالله - بعناوينه المختلفة - عن شريف بن سابق في الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٣٦٥.

(٥). هكذا في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بر ، بس ، بف » وحاشية « جن » والوافي والفقيه وتحف العقول. وفي « جن » والمطبوع : - « لي ».

(٦). فيالوافي : « من ».

(٧). هكذا في « بث ، بخ ، بر ، بف ، بك » والوافي والفقيه وتحف العقول والمعاني. وفي سائر النسخ والمطبوع : « قال ».

(٨). في « بر ، بك » : - « إنّ ».

(٩). في « بر ، بك » : - « يشحّ ».

(١٠). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف ، بك »والوافي والفقيه وتحف العقول : « يده ».

(١١). في « بخ ، بر ، بك »والوافي والفقيه وتحف العقول والمعاني : - « ممّا ».

٣١٨

شَيْئاً إِلَّا تَمَنّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَالْحَرَامِ(١) ، وَلَايَقْنَعُ(٢) بِمَا رَزَقَهُ اللهُ ».(٣)

٦١٧٨/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ(٤) بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لَيْسَ الْبَخِيلُ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ ، وَأَعْطَى الْبَائِنَةَ(٥) فِي(٦) قَوْمِهِ ، إِنَّمَا الْبَخِيلُ حَقُّ الْبَخِيلِ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ يُعْطِ الْبَائِنَةَ(٧) فِي قَوْمِهِ ، وَهُوَ يُبَذِّرُ فِيمَا سِوى ذلِكَ ».(٨)

٨٤ - بَابُ النَّوَادِرِ‌

٦١٧٩/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُفْيَانَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يَأْتِي عَلَى(٩) النَّاسِ زَمَانٌ(١٠) مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَاشَ ، وَمَنْ سَكَتَ مَاتَ ».

__________________

(١). في تحف العقول : + « لا يشبع ». وفي المعاني : + « ولا يشبع ».

(٢). في « ى » : « فلا يقنع ». وفي تحف العقول : « ولا ينتفع ».

(٣).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٣ ، ح ١٧١٥ ، معلّقاً عن الفضل بن أبي قرّة السمندي.معاني الأخبار ، ص ٢٤٥ ، ح ١ ، بسند آخر.تحف العقول ، ص ٣٧١ ، عن الفضيل بن عياض ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٣ ، ح ٩٩٦٢.

(٤). في « بخ ، بر ، بف » : « مفضّل ».

(٥). في « بر ، بك » : « الثانية ». وفيهامش المطبوع عن بعض النسخ : « النائبة ». والبائنة : العطيّة ، سمّيت بها لأنّها اُبينت‌من المال. راجع :الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٢ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ١٧٤ ( بين ).

(٦). في « بح » : « من ».

(٧). في « بر ، بك » : « الثانية ». وفي هامش المطبوع عن بعض النسخ : « النائبة ».

(٨).معاني الأخبار ، ص ٢٤٥ ، ح ٤ ، بسنده عن جابر ، مع اختلاف يسير.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٢ ، ح ١٧١٤ ، مرسلاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٩٢ ، ح ٩٩٦١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٦ ، ح ١١٤٦١.

(٩). في « بر ، بك » : - « على ».

(١٠). في « بر ، بك » : - « زمان ».

٣١٩

قُلْتُ : فَمَا(١) أَصْنَعُ(٢) إِنْ أَدْرَكْتُ ذلِكَ الزَّمَانَ؟

قَالَ : « تُعِينُهُمْ بِمَا عِنْدَكَ ، فَإِنْ(٣) لَمْ تَجِدْ فَبِجَاهِكَ(٤) ».(٥)

٦١٨٠/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ(٦) ظَهْرِ غِنًى(٧) ».(٨)

٦١٨١/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ تَكُونُ عَنْ فَضْلِ الْكَفِّ(٩) ».(١٠)

٦١٨٢/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

__________________

(١). في « بخ ، بر ، بف ، بك » : « فماذا ».

(٢). في « بر ، بك » : « يصنع ».

(٣). في « بر ، بك » : « وإن ».

(٤). هكذا في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بس ، بف ، بك »والوافي والوسائل . وفي المطبوع : « فتجاهد ». وفي « ى » : « فيجاهد ».

(٥).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٥٧٥ ، ح ١٠١٢٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٦٤ ، ح ١٢٥٠٧.

(٦). في « بث ، بخ ، بر ، بف ، بك » : « على ».

(٧). في « ظ ، بس ، جن »والوسائل : « الغنى ». وفيالوافي : « يعني ما يكون بعد الغنى والمؤونة ؛ لئلّا يكون القلب متعلّقاً بما يعطي ، فمعنى الحديث قريب من معنى سابقه » ، وسابقه هو الآتي بعده هنا. وقد مضى تفصيل الكلام في معناه ، ذيل الحديث ٦٠٩٥.

(٨).ثواب الأعمال ، ص ١٧٠ ، ح ١٥ ، بسنده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب.الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل المعروف ، ضمن ح ٦٠٩٥ ، بسنده عن عبدالأعلى.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٥٦ ، صدر ح ١٦٨٨ ، مرسلاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ .تحف العقول ، ص ٣٨٠ ، ضمن الحديث ، عن عبدالأعلىالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٤١ ، ح ٩٨٤٤ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٦١ ، ح ١٢٤٩٩.

(٩). فيالوافي : « يعني عمّا يفضل عن الكفاف ». وهذه الرواية بتمامها لم ترد في « بر ، بف ، بك ».

(١٠).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٤١ ، ح ٩٨٤٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٦١ ، ح ١٢٥٠١.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459