الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب14%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94963 / تحميل: 7080
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فقاتلوا التي تبغي حتّى تفيئ إلى أمر الله. فوالله ما كنت مع الباغية على العادلة ولا مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لأُقاتل رجلاً قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنَّه لا نبيَّ بعدي. فقال معاوية: مَن سمع هذا معك؟! فقال: فلان وفلان وأُمّ سلمة. فقال معاوية: أما إنّي لو سمعته منه صلّى الله عليه وسلّم لما قاتلت عليّاً. تاريخ إبن كثير ٨ ص ٧٧].

فإنَّ هذا الذي كان يستعظمه سعدٌ في عداد حديث الراية والتزويج بالصدّيقة الطاهرة، بوحي من الله العزيز الذين هما من أربى الفضائل، ويراه معاوية لو كان سمعه فيه لما قاتل عليّاً ولكان يخدم عليّاً ما عاش، لا بدَّ وأن يكون على حدِّ ما وصفناه حتّى يتسنّى لسعد تفضيله على ما طلعت عليه الشمس أو حمر النعم، ولمعاوية إيجاب الخدمة له، دون الإستخلاف على العايلة لينهض بشئون حياتها كما هو شأن الخدم، أو يُنصب عيناً على المنافقين فحسب، ليتجسَّس أخبارهم كما هو وظيفة الطبقة الواطئة من مستخدم الحكومات.

(الخامسة) : قول سعيد بن المسيِّب بعد ما سمع الحديث عن إبراهيم أو عامر ابني سعد بن أبي وقّاص: فلم أرض فأحببت أن أُشافه بذلك سعداً فأتيته فقلت: ما حديثٌ حدَّثني به إبنك عامر؟ فأدخل أصبعيه في أُذنيه وقال: سمعت من رسول الله وإلّا فاستكَّتا(١) فماذا كان سعيد يستعظمه من الحديث حتّى طفق يستحفي خبره من نفس سعد بعد ما سمعه من إبنه؟! فأكَّد له سعد ذلك التأكيد، غير أنَّه فهم من مؤدّاه ما ذكرناه من العظمة.

(السّادسة) : قول الإمام أبي البسطام شعبة بن الحجّاج في الحديث: كان هارون أفضل أُمَّة موسى عليه السلام فوجب أن يكون عليٌّ عليه السلام أفضل من كلِّ أُمَّة محمد صلّى الله عليه وسلّم صيانةً لهذا النّص الصحيح الصريح كما قال موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي وأصلح.(٢) .

(السّابعة) : قال الطيبي: منّي خبر المبتداء ومن إتِّصاليَّةٌ ومتعلق الخبر

_____________________

١ - أخرجه النسائي في الخصايص بعدة طرق ص ١٥.

٢ - أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية ١٥٠.

٢٠١

خاصٌّ والباء زائدةٌ كما في قوله تعالى:( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ ) . أي فإن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم، يعني أنت متَّصلٌ ونازلٌ منّي بمنزلة هارون من موسى، وفيه تشبيهٌ ووجه الشبه مبهمٌ بيَّنه بقوله: إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدي. فعرف أنَّ الأتِّصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوَّة بل من جهة ما دونها وهي الخلافة(١)

وممّا كذَّبه الرَّجل من الحديث قول: وسدّ الأبواب إلّا باب عليٍّ وقال: فإنَّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة. إلخ.

ج - لا أجد لنسبة وضع هذا الحديث إلى الشيعة دافعاً إلّا القحَّة والصلف، و دفع الحقايق الثابتة بالجلبة والسخب، فإنَّ نصب عيني الرَّجل كتب الأئمَّة من قومه وفيها مسند إمام مذهبه أحمد، قد أخرجوه فيها بأسانيد جمَّة صحاح وحسان عن جمع من الصحابة تربو عدَّتهم على عدد ما يحصل به التواتر عندهم منهم:

١ - زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبوابٌ شارعة في المسجد قال: فقال يوماً سدوا هذه الأبواب إلّا باب عليٍّ. قال: فتكلَّم في ذلك الناس قال: فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أمّا بعد: فانّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ. فقال فيه قائلكم، وأنّي ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكنّي أُمرت بشيءٍ فاتّبعته.

سند الحديث في مسند الإمام أحمد ٤ ص ٣٦٩:

ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم.رجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله ميمون وهو ثقةٌ، فالحديث بنصِّ الحفّاظ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى والخصايص ١٣ عن الحافظ محمد بن بشّار بندار الذي إنعقد الإجماع على الإحتجاج به «قاله الذهبي» بالإسناد المذكور. والحاكم في المستدرك ٣ ص ١٢٥ وصحَّحه. والضياء المقدسي في المختارة ممّا ليس في الصحيحين والكلاباذي في معاني الأخبار كما في القول المسدَّد ١٧. وسعيد بن منصور في سننه. ومحبّ الدين الطبري في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. والخطيب البغدادي من طريق الحافظ محمد بن بشّار. والكنجي في الكفاية ٨٨. وسبط إبن الجوزي في التذكرة ٢٤. و

_____________________

١ - شرح المواهب للعلامة الزرقاني ٣ ص ٧٠.

٢٠٢

إبن أبي الحديد في شرحه ٢ ص ٤٥١. وإبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢. وإبن حجر في القول المسدَّد ص ١٧ وقال: أورده إبن الجوزي في الموضوعات من طريق النسائي وأعلّه بميمون وأخطأ في ذلك خطأً ظاهراً، وميمون وثَّقه غير واحد وتكلّم بعضهم في حفظه، وقد صحَّح له الترمذي حديثاً غير هذا. ورواه في فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ١٥٢، ١٥٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٤. والعيني في عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢. والبدخشي في نزل الأبرار وقال: أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والضياء بإسناد رجاله ثقات.

٢ - عبد الله بن عمر بن الخطّاب قال: لقد أوتي إبن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حمر النعم: زوَّجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إبنته فولدت له. وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد. وأعطاه الراية يوم خيبر.

سند الحديث في مسند أحمد ٢ ص ٢٦:

ثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أُسيد عن إبن عمر قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٢٠ رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.

وأخرجه إبن أبي شيبة. وأبو نعيم. ومحبّ الدين في الرياض ٢ ص ١٩٢. و شيخ الإسلام الحمّويي في الفرايد في الباب الـ ٢١. وإبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢، والصواعق ٧٦، وصحَّحه في القول المسدَّد ٢٠ وقال: حديث إبن عمر أعلّه إبن الجوزي بهشام بن سعد هو من رجال مسلم صدوقٌ تكلّموا في حفظه، وحديثه يقوى بالشواهد، ورواه النسائي بسند صحيح. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٣٩١. والبدخشي في نزل الأبرار ص ٣٥ وقال. إسنادٌ جيِّدٌ.

٣ - عبد الله بن عمر بن الخطّاب قال له العلاء بن عرار: أخبرني عن عليٍّ وعثمان. قال، أمّا عليٌّ فلا تسأل عنه أحداً وانظر إلى منزله من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنَّه سدَّ أبوابنا في المسجد وأقرّ بابه.

أخرجه الحافظ النسائي من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال إبن حجر في القول المسدَّد ص ١٨، وفتح الباري ٧ ص ١٢: سندٌ صحيحٌ ورجاله رجال الصحيح إلّا العلاء وهو ثقةٌ وثَّقه يحيى بن معين وغيره.

٢٠٣

وأخرجه الكلاباذي في معاني الأخبار كما في القول المسدَّد ١٨ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. والسيوطي في اللئالي ١ ص ١٨١ عن إبن حجر مع تصحيحه وكلامه المذكور. والبدخشي في نزل الأبرار ٣٥ وصحَّحه مثل ما مرَّ عن إبن حجر.

٤ - ألبراء بن عازب رواه بلفظ زيد بن أرقم المذكور قال أحمد رواه أبو الأشهب (جعفر بن حيّان البصري) عن عوف عن ميمون أبي عبد الله عن البراء. راجع تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٤٢، والإسناد صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.

٥ - عمر بن الخطّاب قال أبو هريرة: قال عمر: لقد اُعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم. قيل: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله. وسكناه المسجد مع رسول الله، يحلُّ له فيه ما يحلُّ له. والراية يوم خيبر.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١٢٥ وصحَّحه. وأبو يعلى في الكبير. وإبن السّمان في الموافقة. والجزري في أسنى المطالب ١٢ من طريق الحاكم وذكر تصحيحه له. ومحبُّ الدين في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. والخوارزمي في المناقب ص ٢٦١ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٢٠. والسيوطي في تاريخ الخلفاء ١١٦، والخصايص الكبرى ٢ ص ٢٣٤. وإبن حجر في الصواعق ص ٧٦.

٦ - عبد الله بن عبّاس قال: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله أمر بسدِّ الأبواب فسدَّت إلّا باب عليٍّ. وفي لفظ له: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأبواب المسجد فسدَّت إلّا باب عليٍّ.

أخرجه الترمذي في جامعه ٢ ص ٢١٤ عن محمد بن حميد وإبراهيم بن المختار كلاهما عن شعبة عن أبي بلج يحيى بن سليم عن عمرو بن ميمون عن إبن عبّاس. والإسناد صحيحٌ، رجاله كلّهم ثقات.

وأخرجه النسائي في الخصائص ١٣. م - أبو نعيم في الحلية ٤ ص ١٥٣ بطريقين] محبُّ الدين في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. الكنجي في الكفاية ٨٧ وقال: حديثٌ حسنٌ عال. سبط إبن الجوزي في تذكرته ٢٥. إبن حجر في القول المسدَّد ١٧. وفي فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. ألحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٣. ألبدخشي في

٢٠٤

نزل الأبرار ٣٥ وقال: أخرجه أحمد والنسائي بإسناد رجاله ثقاتٌ.

٧ - عبد الله بن عبّاس قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ أبواب المسجد غير باب عليٍّ، فكان يدخل المسجد وهو جنبٌ ليس له طريقٌ غيره.

أخرجه النسائي في الخصايص ص ١٤ قال: أخبرنا محمد بن المثنّى قال: حدَّثنا يحيى بن معاذ قال: حدَّثنا أبو وضاح(١) قال: أخبرنا يحيى حدَّثنا عمرو بن ميمون قال: قال إبن عبّاس: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. إلخ. والإسناد صحيحٌ، ورجاله كلّهم ثقات.

ورواه إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١ عن أحمد والنسائي ووثَّق رجاله. ويوجد في نزل الأبرار ٣٥.

وفي لفظ لإبن عبّاس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سدَّوا أبواب المسجد كلّها إلّا باب عليٍّ. أخرجه الكلاباذي في معاني الأخبار. وأبو نعيم وغيرهما.

٨ - عبد الله بن عبّاس قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ: إنَّ موسى سأل ربَّه أن يُطهِّر مسجده لهارون وذريَّته وإنّي سألت الله أن يُطهِّر لك ولذريَّتك من بعدك، ثمَّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك فاسترجع وقال: سمعاً وطاعةً. فسدَّ بابه. ثمَّ إلى عمر كذلك، ثمَّ صعد المنبر فقال: ما أنا سددت أبوابكم ولا فتحت باب عليٍّ ولكن الله سدَّ أبوابكم وفتح باب عليٍّ. أخرجه النسائي كما ذكره السيوطي.

٩ - عبد الله بن عبّاس قال: لما أخرج أهل المسجد وترك عليّاً قال الناس في ذلك فبلغ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا تركته ولكن الله أخرجكم وتركه، إنّما أنا عبدٌ مأمورٌ، ما أُمرت به فعلتُ إن أتَّبع إلّا ما يوحى إليَّ.

أخرجه الطبراني. والهيثمي في المجمع ٩ ص ١١٥. والحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

١٠ - أبو سعيد الخدري سعد بن مالك قال عبد الله بن الرقيم الكناني: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله بسدِّ الأبواب. الشارعة في المسجد وترك باب عليٍّ.

أخرجه الإمام أحمد عن حجّاج عن فطر عن عبد الله بن الرقيم. قال الهيثمي في المجمع ٩ ص ١١٤: إسنادُ أحمد حسنٌ. ورواه أبو يعلى والبزّار والطبراني في

_____________________

١ - كذا في النسخة والصحيح: أبو عوانة وضاح، وثقة أحمد وأبو حاتم. راجع ج ١: ٧٨.

٢٠٥

الأوسط وزاد: قالوا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا كلّها إلّا باب عليَّ. قال: ما أنا سددت أبوابكم ولكنَّ الله سدَّها.

١١ - سعد بن مالك أبو سعيد الخدري قال: إنَّ عليَّ بن أبي طالب اُعطي ثلاثاً لإن أكون أُعطيت إحداهنَّ أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم غدير خمّ بعد حمد الله والثناء عليه (إلى أن قال): جئ به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر (إلى أن قال): وأخرج رسول الله عمَّه العبّاس وغيره من المسجد فقال له العبّاس: تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتُسكن عليّاً؟! فقال: ما أنا أخرجتكم وأسكنته ولكنَّ الله أخرجكم وأسكنه.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١١٧.

١٢ - أبو حازم الأشجعي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنَّ الله أمر موسى أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا هو وهارون، وإنَّ الله أمرني أن أبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا أنا وعليّ وإبنا عليّ. رواه السيوطي في الخصايص ٢ ص ٢٤٣.

١٣ - جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: سدّوا الأبواب كلّها إلّا باب عليٍّ، وأومى بيده إلى باب عليٍّ.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ٧ ص ٢٠٥. إبن عساكر في تاريخه الكنجي في الكفاية ٨٧. السيوطي في الجمع كما في ترتيبه ٦ ص ٣٩٨.

١٤ - جابر بن سمرة قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب كلّها غير باب عليٍّ. فقال العبّاس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج. قال: ما أمرت بشيء من ذلك فسدّها غير باب عليٍّ قال: وربما مرَّ وهو جنبٌ.

أخرجه الحافظ الطبراني في الكبير، عن إبراهيم بن نائلة الإصبهاني، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، عن ناصح، عن سماك بن حرب عن جابر. والإسناد حسنٌ إن لم يكن صحيحاً لمكان ناصح. والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. وإبن حجر في القول المسدَّد ١٨، وفتح الباري ٧ ص ١٢. والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١. و الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤. والبدخشي في نزل الأبرار ص ٣٥.

١٥ - سعد بن أبي وقّاص قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب الشارعة

٢٠٦

في المسجد وترك باب عليٍّ.

أخرجه أحمد في المسند ١ ص ١٧٥، وقال إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١١ أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قويٌّ. وذكره العيني في عمدة القارئ ٧ ص ٥٩٢ وقوّى إسناده.

١٦ - سعد بن أبي وقّاص قال: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سدَّ أبواب المسجد وفتح باب عليٍّ فقال النّاس في ذلك. فقال: ما أنا فتحته ولكنَّ الله فتحه.

أخرجه أبو يعلى قال: ثنا موسى بن محمد بن حسّان: ثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن الطحان: ثنا غسّان بن بُسر الكاهلي عن مسلم عن خيثمة عن سعد.حكاه عنه إبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢ من دون غمز في الإسناد.

١٧ - سعد بن أبي وقاص قال الحارث بن مالك: أبيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت: هل سمعت لعليَّ بن أبي طالب منقبةً؟ قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنودي فينا ليلاً: ليخرج مَن في المسجد إلّا آل رسول الله. فلمّا أصبح أتاه عمّه فقال: يا رسول الله؟ أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام؟! فقال: ما أنا الذي أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام إنَّ الله هو أمر به.

أخرجه النسائي في الخصايص ١٣، وأخرج بإسناد آخر عنه وفيه: إنَّ العبّاس أتى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: سددتَ أبوابنا إلّا باب عليّ؟! فقال: ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها.

١٨ - سعد بن أبي وقّاص قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب إلّا باب عليٍّ فقالوا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا كلّها إلّا باب عليّ. فقال: ما أنا سددت أبوابكم ولكنَّ الله تعالى سدَّها.

أخرجه أحمد والنسائي والطبراني في الأوسط عن معاوية بن الميسرة بن شريج عن الحكم بن عتيبة عن مصعب بن سعد عن أبيه. والإسناد صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.

راجع القول المسدَّد ١٨. فتح الباري ٧ ص ١١ وقال: رجال الرواية ثقاتٌ. إرشاد الساري ٦ ص ٨١ وقال: وقع عند أحمد والنسائي إسنادٌ قويٌّ، وفي رواية الطبراني برجال ثقات، نزل الأبرار ص ٣٤ وقال: أخرجه أحمد والنسائي والطبراني بأسانيد قويّة عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢.

٢٠٧

١٩ - أنس بن مالك قال: لما سدَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أبواب المسجد أتته قريشٌ فعاتبوه فقالوا: سددت أبوابنا وتركت باب عليٍّ. فقال: ما بأمري سددتها ولا بأمري فتحتها.

أخرجه الحافظ العقيلي عن محمد بن عبدوس عن محمد بن حميد عن تميم بن عبد المؤمن عن هلال بن سويد عن أنس.

٢٠ - بُريدة الأسلمي قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب فشقَّ ذلك على أصحابه فلمّا بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعى الصلاة جامعة حتّى إذا اجتمعوا صعد المنبر ولم تسمع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحميداً وتعظيماً في خطبة مثل يومئذ فقال. يا أيّها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها بل الله فتحها وسدَّها. ثمَّ قرأ:( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) . فقال رجلٌ: دع لي كوَّةً في المسجد. فأبى وترك باب عليٍّ مفتوحاً، فكان يدخل ويخرج منه وهو جنبٌ. أخرجه أبو نعيم في فضايل الصحابة.

٢١ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: لَمّا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب التي في المسجد خرج حمزة يجرُّ قطيفة حمراء وعيناه تذرفان يبكي فقال: ما أنا أخرجتك وما أنا أسكنته ولكنَّ الله أسكنه. أخرجه الحافظ أبو نعيم في فضايل الصحابة.

٢٢ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيدي فقال: إنَّ موسى سأل ربَّه أن يطهِّر مسجده بهارون، وإنّي سألت ربّي أن يطهِّر مسجدي بك وبذريَّتك ثمَّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك. فاسترجع، ثمَّ قال: سمعاً وطاعة. فسدَّ بابه، ثمَّ أرسل إلى عمر، ثمَّ أرسل إلى العبّاس بمثل ذلك، ثمَّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب عليٍّ، ولكنَّ الله فتح باب عليٍّ وسدَّ أبوابكم.

أخرجه الحافظ البزّار. راجع مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. كنز العمّال ٦ ص ٤٠٨. السيرة الحلبية ٣ ص ٣٧٤.

٢٣ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنطلق فمرهم فليسدّوا أبوابهم. فانطلقت فقلت لهم ففعلوا إلّا حمزة فقلت: يا رسول الله؟ فعلوا إلّا حمزة. فقال رسول الله: قل لحمزة: فليحوِّل بابه. فقلت: إنَّ رسول الله يأمرك أن تحوِّل بابك فحوَّله فرجعت إليه وهو قائمٌ يصلّي فقال: ارجع إلى بيتك.

٢٠٨

أخرجه البزَّار بإسناد رجاله ثقات. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٤٠٨ وضعَّفه لمكان حبَّة العرني وقد مرَّ ج ١ ص ٢٤: أنَّه ثقةٌ. والحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

وأنت إذا أحطتَ خُبراً بهذه الأحاديث وإخراج الأئمَّة لها بتلك الطرق الصحيحة وشفعتها بقول إبن حجر في فتح الباري والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١ من: إنَّ كلَّ طريق منها صالحٌ للإحتجاج فضلاً عن مجموعها. فهل تجد مساغاً لما يحسبه إبن تيميَّة من أنَّ الحديث من موضوعات الشيعة؟! فهل في هؤلآء أحد من الشيعة؟! أو أنَّ من المحتمل الجائز الذي يرتضيه أصحاب الرَّجل أن يكون في هذه الكتب شيئٌ من موضوعات الشيعة؟! وهل ينقم على الشيعة موافقتهم للقوم في إخراجهم الحديث بطرقهم المختصَّة بهم؟!

وأنا لا أحتمل أنَّ الرَّجل لم يقف على هذه كلّها غير أنَّ الحنق قد أخذ بخناقه فلم يدع له سبيلاً إلّا قذف الحديث بما قذف غير مكترث لما سيلحقه من جرّاء ذلك الإفك من نقد ومناقشة، والمسائلة غداً عند الله أشدّ وأخزى م - وتبعه تلميذه المغفَّل إبن كثير في تفسيره ١: ٥٠١ فقال بعد ذكر [سدّوا كلَّ خوخة في المسجد إلّا خوخة أبي بكر]: ومن روى إلّا باب عليّ كما في بعض السنن فهو خطأ والصّواب ما ثبت في الصحيح].

وقد بلغ من إخبات العلماء إلى حديث سدِّ الأبواب أنَّهم تحرّوا(١) وجه الجمع «وإن لم يكن مرضيّاً عندنا» بينه وبين الحديث الذي أورده في أبي بكر ولم يقذفه أحدٌ غير إبن الجوزي «شقيق إبن تيميَّة في المخاريق» بمثل ما قذفه إبن تيميَّة.

وهناك لأئمَّة القوم وحفّاظهم كلماتٌ ضافية حول الحديث وصحَّته والبخوع له لا يسعنا ذكر الجميع غير أنّا نقتصر منها على كلمات الحافظ إبن حجر قال في فتح الباري ٧ ص ١٢ بعد ذكر ستَّة من الأحاديث المذكورة: هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً وكلُّ طريق منها صالحةٌ للإحتجاج فضلاً عن مجموعها، وقد أورد إبن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص، وزيد بن أرقم،

_____________________

١ - منهم: أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار، إبن كثير في تاريخه، إبن حجر في غير واحد من كتبه، السيوطي في اللئالي، القسطلاني في إرشاد الساري، العيني في عمدة القاري.

٢٠٩

وإبن عمر مقتصراً على بعض طرقه عنهم، وأعلّه ببعض من تكلّم فيه من رواته وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعلّه أيضاً بأنّه مخالفٌ للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر، وزعم أنّه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر - إنتهى - وأخطأ في ذلك خطأ شنيعاً فإنَّه سلك في ذلك ردَّ الأحاديث الصحيحة بتوهّمه المعارضة، مع أنَّ الجمع بين القصَّتين ممكنٌ وقد أشار إلى ذلك البزّار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصَّة عليٍّ، وورد من روايات أهل المدينة في قصَّة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دلَّ عليه حديث أبي سعيد الخدري يعني الذي أخرجه الترمذي: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يحلُّ لأحد أن يطرق هذا المسجد جنباً غيري وغيرك. و المعنى: إنَّ باب عليٍّ كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته بابٌ غيره فلذلك لم يُؤمر بسدِّه، ويُؤيِّد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في «أحكام القرآن» من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يأذن لأحد أن يمرَّ في المسجد وهو جنبٌ إلّا لعليِّ بن أبي طالب لأنَّ بيته كان في المسجد. ومحصَّل الجمع: أنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وقع مرَّتين ففي الأولى اُستثني عليٌّ لما ذُكر. وفي الأخرى اُستثني أبو بكر، ولكن لا يتمّ ذلك إلّا بأن يُحمل ما في قصَّة عليٍّ الباب الحقيقيِّ وما في قصَّة أبي بكر على الباب المجازي والمراد به الخوخة كما صرَّح به في بعض طرقه، وكأنَّهم لَمّا أُمروا بسدِّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأُمروا بعد ذلك بسدِّها، فهذه طريقةٌ لا بأس بها في الجمع بين الحديثين؛ وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في «مشكل الآثار» و وهو في أوائل الثلث الثالث منه، وأبو بكر الكلاباذي في «معاني الأخبار» وصرَّح بأنَّ بيت أبي بكر كان له بابٌ من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد، وبيت عليٍّ لم يكن له بابٌ إلّا من داخل المسجد. والله أعلم.

وقال في القول المسدِّد ص ١٦. قول إبن الجوزي في هذا الحديث: إنَّه باطلٌ وإنَّه موضوعٌ. دعوى لم يُستدلّ عليها إلّا بمخالفة الحديث الَّذي في الصحيحين، وهذا إقدامٌ على ردِّ الأحاديث الصحيحة بمجرَّد التوهّم، ولا ينبغي الإقدام على الحكم

٢١٠

بالوضع إلّا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذّر الجمع في مثل هذا أن يُحكم على الحديث بالبطلان، بل يُتوقَّف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له، وهذا الحديث من هذا الباب هو حديثٌ مشهورٌ له طرقٌ متعدِّدة كلُّ طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها ممّا يُقطع بصَّحته على طريقة كثير من أهل الحديث، وأمّا كونه معارضاً لما في الصحيحين فغير مسلّم ليس بينهما معارضة.

وقال في ص ١٩: هذه الطرق المتظافرة بروايات الثقات تدلُّ على أنَّ الحديث صحيحٌ دلالةً قويَّةً وهذه غاية نظر المحدِّث.

وقال في ص ١٩ بعد الجمع بين القضيَّتين: وظهر بهذا الجمع أن لا تعارض فكيف يُدَّعى الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرّد هذا التوهّم، ولو فُتح الباب لردَّ الأحاديث لاُدُّعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان لكن يأبى الله ذلك والمؤمنون. اهـ.

وأمّا ما استصحَّه من حديث الخلّة والخوخة فهو موضوعٌ تجاه هذا الحديث كما قال إبن أبي الحديد في شرحه ٣ ص ١٧: إنَّ سدَّ الأبواب كان لعليٍّ عليه السلام فقلّبته البكريَّة إلى أبي بكر. وآثار الوضع فيه لائحةٌ لا تخفى على المنقِّب.

*(منها)*: أنَّ الأخذ بمجامع هذه الأحاديث يُعطي خبراً بأنَّ سدَّ الأبواب الشارعة في المسجد كان لتطهيره عن الأدناس الظاهريَّة والمعنويَّة فلا يمرُّ به أحدٌ جنباً ولا يجنب فيه أحدٌ. وأمّا ترك بابه صلّى الله عليه وآله وباب أمير المؤمنين عليه السلام فلطهارتهما عن كلِّ رجس ودنس بنصِّ آية التطهير، حتّى أنَّ الجنابة لا تُحدث فيهما من الخبث المعنويِّ ما تُحدث في غيرهما كما يُعطي ذلك التنظير بمسجد موسى الذي سأل ربَّه أن يطهِّره لهارون وذريَّته، أو أنَّ ربَّه أمره أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا هو وهارون، وليس المراد تطهيره من الأخباث فحسب فإنَّه حكم كلِّ مسجد.

ويُعطيك خبراً بما ذَكرناه ما مرَّ في الأحاديث من: أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يدخل المسجد وهو جنبٌ(١) وربما مرَّ وهو جنبٌ(٢) وكان يدخل ويخرج منه وهو

_____________________

١ - راجع حديث إبن عبّاس ص ٢٠٥.

٢ - راجع لفظ جابر بن سمرة ص ٢٠٦.

٢١١

جنبٌ(١) وما ورد عن أبي سعيد الخدري من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحلُّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك(٢) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا إنَّ مسجدي حرامٌ على كلِّ حائضٍ من النساء وكلِّ جنبٍ من الرِّجال إلّا على محمد وأهل بيته: عليّ وفاطمة والحسن والحسين(٣) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا لا يحلُّ هذا المسجد بجنب ولا لحائض إلّا لرسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بيَّنت لكم الأسماء أن لا تضلّوا. سنن البيهقي ٧: ٦٥]

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ: أمّا أنت فإنَّه يحلُّ لك في مسجدي ما يحلُّ لي ويحرم عليك ما يحرم عليَّ. قال له حمزة بن عبد المطلب: يا رسول الله؟ أنا عمّك وأنا أقرب إليك من عليٍّ. قال: صدقت يا عمّ؟ إنَّه والله ما هو عنّي، إنَّما هو عن الله تعالى(٤) .

وقول المطلب بن عبد الله بن حنطب، إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن أذن لأحد أن يمرَّ في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنبٌ إلّا عليّ بن أبي طالب لأنَّ بيته كان في المسجد(٥) .

م - أخرجه الجصّاص بالإسناد فقال: فأخبر في هذا الحديث بحظر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الاجتياز كما حظر عليهم القعود، وما ذكر من خصوصيَّة عليٍّ رضي الله عنه فهو صحيحٌ، و قول الراوي: لأنَّه كان بيته في المسجد ظنٌّ منه لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قد أمر في الحديث الأوَّل بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في

_____________________

١ - راجع ما مرّ عن بريدة الأسلمي ص ٢٠٨.

٢ - أخرجه الترمذي في جامعه ٢ ص ٢١٤، البيهقي في سننه ٧ ص ٦٦، البزار، إبن مردويه، ابن منيع في مسنده، البغوي في المصابيح ٢ ص ٢٦٧، إبن عساكر في تاريخه، محبّ الدين في الرياض ٢ ص ١٩٣، إبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢، سبط إبن الجوزي في التذكرة ٢٥، إبن حجر في الصواعق، إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢، السيوطي في تاريخ الخلفا ١١٥، البدخشي في نزل الأبرار ٣٧. الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

٣ - البيهقي في سننه ٧ ص ٦٥، الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٥.

٤ - أخرجه أبو نعيم في فضايل الصحابة، ومن طريقه الحموي في الفرايد في ب ٤١.

٥ - أخرجه الجصاص في أحكام القرآن ٢ ص ٢٤٨، والقاضي إسماعيل المالكي في أحكام القرآن كما في القول المسدد لابن حجر ١٩ وقال: مرسل قوي، ويوجد في تفسير الزمخشري ١: ٣٦٦، وفتح الباري ٧ ص ١٢، ونزل الأبرار ٣٧.

٢١٢

المسجد وإنَّما كانت الخصوصيَّة فيه لعليّ رضي الله عنه دون غيره، كما خصّ جعفر بأنَّ له جناحين في الجنَّة دون سائر الشهداء، وكما خصّ حنظلة بغسل الملائكة له حين قُتل جنباً، وخُصّ دحية الكلبي بأنَّ جبريل كان ينزل على صورته، وخُصّ الزبير بإباحة ملبس الحرير لَمّا شكا من أذى القمل، فثبت بذلك أنَّ سائر الناس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير مجتازين. اهـ].

فزبدة المخض من هذه كلّها: إنَّ إبقاء ذلك الباب والإذن لأهله بما أذن الله لرسوله ممّا خصّ به مبتنٍ على نزول آية التطهير النافية عنهم كلَّ نوع من الرَّجاسة، ويشهد لذلك حديث مناشدة يوم الشورى وفيه قال أمير المؤمنين عليه السلام: أفيكم أحد يطهِّره كتاب الله غيري حتّى سدَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه حتّى قام إليه عمّاه حمزة والعبّاس وقالا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا. وفتحت باب عليٍّ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم، بل الله فتح بابه وسدَّ أبوابكم؟ فقالوا: لا.

ولم يكن أبو بكر من أهل هذه الآية حتّى أن يُفتح له بابٌ أو خوخةٌ، فالفضل مخصوصٌ بمن طهَّره الكتاب الكريم.

(ومنها): أنّ مقتضى هذه الأحاديث أنَّه لم يبق بعد قصَّة سدِّ الأبواب بابٌ يُفتح إلى المسجد سوى باب الرَّسول العظيم وإبن عمِّه، وحديث خوخة أبي بكر يصرِّح بأنَّه كانت هناك أبوابٌ شارعة وسيوافيك البعد الشاسع(١) بين القصَّتين، وما ذكروه من الجمع بحمل الباب في قصَّة أمير المؤمنين عليه السلام على الحقيقة، وفي قصَّة أبي بكر بالتجوّز بإطلاقه على الخوخة، وقولهم: كأنَّهم(٢) لما أُمروا بسدِّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأُمروا بعد ذلك بسدِّها. تبرُّعيٌّ لا شاهد له، بل يُكذِّبه أنَّ ذلك ما كان يتسنّى لهم نصب عين النبيِّ وقد أمرهم بسدِّ الأبواب لأن لا يدخلوا المسجد منها، ولا يكون لهم ممرٌّ به، فكيف يمكنهم إحداث ما هو بمنزلة الباب في الغاية المبغوضة للشارع، ولذلك لم يترك لعمَّيه: حمزة والعبّاس

_____________________

١ - يأتي أنّ الأوّل في أوّل الأمر والآخر في مرضه حين بقي من عمره ثلثة أيّام أو أقل.

٢ - تجد هذه العبارة في فتح الباري ٧ ص ١٢. عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢. نزل الأبرار ٣٧.

٢١٣

ممّراً يدخلان منه وحدهما ويخرجان منه، ولم يترك لمن أراد كوَّةً يُشرف بها على المسجد، فالحكم الواحد لا يختلف باختلاف أسماء الموضوع مع وحدة الغاية، وإرادة الخوخة من الباب لا تُبيح المحظور ولا تُغيِّر الموضوع.

(ومنها): ما مرّ ص ٢٠٤ من قول عمر بن الخطّاب في أيّام خلافته: لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي خصلةٌ منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم. الحديث. ومثله قول عبد الله بن عمر في صحيحته التي أسلفناها بلفظه ص ٢٠٣ فتراهما يعدّان هذه الفضايل الثلاث خاصَّة لأمير المؤمنين لم يحظ بهنَّ غيره، لا سيَّما أنَّ إبن عمر يرى في أوَّل حديثه إنَّ خير الناس بعد رسول الله أبو بكر ثمَّ أبوه لكنَّه مع ذلك لا يشرك أبا بكر مع أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الباب ولا الخوخة.

فلو كان لحديث أبي بكر مقيلٌ من الصحَّة في عصر الصحابة المشافهين لصاحب الرِّسالة صلّى الله عليه وآله والسامعين حديثه لما تأتّى منهما هذا السياق.

على أنَّ هذه الكلمة على فرض صدورها منه صلى الله عليه وآله وسلم صدرت أيّام مرضه فما الفرق بينها وبين حديث الكتف والدواة المرويِّ في الصِّحاح والمسانيد، فلماذا يُؤمن إبن تيميَّة ببعض ويكفر ببعض؟

وشتّان بين حديث الكتف والدواة وبين فتح الخوخة لأبي بكر فإنَّ الأوَّل كما هو المتسالم عليه وقع يوم الخميس، وحديث إبن عبّاس: يوم الخميس وما يوم الخميس. لا يخفى على أيِّ أحد. فأجازوا حوله ما قيل فيه (والنبيُّ يخاطبهم ويقول: لا ينبغي عندي تنازعٌ، دعوني فالَّذي أنا فيه خيرٌ ممّا تدعوني إليه. وأوصى في يومه ذاك بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم(١) فلم يقولوا في ذلك كلّه ما قيل في حديث الكتف والدواة)

وأمّا حديث سدِّ الخوخات ففي اللمعات: لا معارضة بينه وبين حديث أبي بكر لأنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وفتح باب عليٍّ كان في أوَّل الأمر عند بناء المسجد، والأمر بسدِّ الخوخات إلّا خوخة أبي بكر كان في آخر الأمر في مرضه حين بقي من عمره ثلثة

_____________________

١ - طبقات إبن سعد ٧٦٣.

٢١٤

أو أقل(١) . وقال العيني في عمدة القاري ٧ ص ٥٩: إنّ حديث سدِّ الأبواب كان آخر حياة النبيِّ في الوقت الذي أمرهم أن لا يؤمّهم إلّا أبو بكر. والمتَّفق عليه من يوم وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الإثنين فعلى هذا يقع حديث الخوخة يوم الجمعة أو السبت وبطبع الحال إنَّ مرضه صلّى الله عليه وآله كان يشتدّ كلّما توغَّل فيه، فما بال حديث الخوخة لم يحظ بقسطٍ ممّا حظي به حديث الكتف والدواة عند المقدِّسين لمن قال قوله فيه؟ أنا أدري لِمَ ذلك، والمنجِّم يدري، والمغفَّل أيضاً يدري، وإبن عبّاس أدرى به حيث يقول: الرزيَّة كلُّ الرزيَّة ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من إختلافهم ولغطهم.

(وممّا كذَّبه إبن تيميَّة من الحديث) قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت وليٌّ كلِّ مؤمن بعدي. قال: فإنَّ هذا موضوعٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث.

ج - كان حق المقام أن يقول الرَّجل: إنَّ هذا صحيحٌ باتِّفاق أهل المعرفة، غير أنّه راقه أن يموِّه على صحَّته، ويشوِّههه ببهرجته كما هو دأبه، أفهل يحسب الرَّجل إنَّ من أخرج هذا الحديث من أئمَّة فنِّه ليسوا من أهل المعرفة بالحديث؟ وفيهم إمام مذهبه أحمد بن حنبل أخرجه بإسناد صحيح، رجاله كلّهم ثقاتٌ قال:

حدّثنا عبد الرزَّاق ثنا جعفر بن سليمان حدّثني يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله سريَّة وأمَّر عليها عليَّ بن أبي طالب فأحدث شيئاً في سفره فتعاقد أربعة من أصحاب محمد أن يذكروا أمره إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عمران: وكنّا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله فسلّمنا عليه قال: فدخلوا عليه فقام رجلٌ منهم فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. فأعرض عنه. ثمَّ قام الثاني فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. فأعرض عنه. ثمَّ قام الثالث فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. ثمَّ قام الرابع فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. قال: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيَّر وجهه وقال: دعوا عليّاً. دعوا عليّاً. دعوا عليّاً: إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن بعدي.

وأخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن عبد الله بن عمر القواريري والحسن بن

_____________________

١ - راجع هامش جامع الترمذي ٢ ص ٢١٤.

٢١٥

عمر الحمري والمعلّى بن مهدي كلّهم عن جعفر بن سليمان. وأخرجه إبن أبي شيبة وإبن جرير الطبري وصحَّحه. وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ج ٦ ص ٢٩٤. ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة ٢ ص ١٧١ والبغوي في المصابيح ٢ ص ٢٧٥ ولم يذكر صدره. وإبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٤ والسيوطي والمتَّقي في الكنز ٦ ص ١٥٤، ٣٠٠ وصحَّحه. والبدخشي في نزل الأبرار ٢٢.

صورة أخرى

ما تريدون من عليٍّ؟! ما تريدون من عليٍّ؟! ما تريدون من عليٍّ؟! إنَّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن بعدي.

أخرجه بهذا اللفظ الترمذي في جامعه ٢ ص ٢٢٢ بإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقاتٌ. وكذلك النسائي في الخصايص ٢٣. الحاكم النيسابوري في المستدرك ٣ ص ص ١١١(١) وصحَّحه وأقرَّه الذهبي. أبو حاتم السجستاني. محبّ الدين في الرياض ٢ ص ٧١. إبن حجر في الإصابة ٢ ص ٥٠٩ وقال: إسنادٌ قويٌّ. السيوطي في الجمع كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٢. البدخشي في نزل الأبرار ٢٢.

إسناد آخر

أخرج أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بلج عن عمر وبن ميمون عن إبن عبّاس: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعليٍّ: أنت وليُّ كلِّ مؤمن بعدي. تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٤٥، والإسناد كما مرَّ غير مرَّة صحيحٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ.

فإن كان هؤلاء الحفّاظ والأعلام خارجين عن أهل المعرفة بالحديث؟ فعلى إسلام إبن تيميَّة السَّلام. وإن كانوا غير داخلين في الإتِّفاق؟ فعلى معرفته العفاء وإن كان لم يُحط خبراً بإخراجهم الحديث حين قال ما قال؟ فزهٍ بطول باعه في الحديث. وإن لم يكن لا ذاك ولا هذا؟ فمرحباً بصدقه وأمانته على ودايع النبوَّة.

هذه نبذةٌ يسيرةٌ من مخاريق إبن تيميَّة، ولو ذهبنا إلى استيفاء ما في منهاج بدعته من الضَّلالات والأكاذيب والتحكّمات والتقوُّلات فعلينا أن نعيد استنساخ

_____________________

١ - لفظه «ما تريدون من علي» في لفظ الحاكم غير مكررة.

٢١٦

مجلداته الأربع ونردفها بمجلَّدات في ردِّها، ولم أجد بياناً يُعرف عن حقيقة الرَّجل ويُمثِّلها للملأ العلميِّ، غير أنّي أقتصر على كلمة الحافظ إبن حجر في كتابه «الفتاوى الحديثية» ص ٨٦ قال:

إبن تيميَّة عبدٌ خذله الله وأضلَّه وأعماه وأصمَّه وأذلَّه، وبذلك صرَّح الأئمَّة الَّذين بيَّنوا فساد أحواله، وكذب أقواله، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتَّفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الإجتهاد أبي الحسن السبكي وولده التاج والشيخ الإمام العزّ بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعيَّة والمالكيَّة والحنفيَّة، ولم يقصر إعتراضه على متأخِّري الصوفيَّة بل اعترض على مثل عمر بن الخطّاب وعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما.

والحاصل: أن لا يُقام لكلامه وزنٌ بل يُرمى في كلِّ وعرٍ وحزن، ويُعتقد فيه أنَّه مبتدعٌ ضالٌّ مضلٌّ غال عامله الله بعدله وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته و فعله. آمين. (إلى أن قال): إنَّه قائلٌ بالجهة وله في إثباتها جزءٌ، ويلزم أهل هذا المذهب الجسميَّة والمحاذاة والإستقرار. أي. فلعلّه في بعض الأحيان كان يصرِّح بتلك اللوازم فنُسبت إليه، سيَّما وممَّن نسب إليه ذلك من أئمَّة الإسلام المتَّفق على جلالته وإمامته وديانته، وإنَّه الثقة العدل المرتضى المحقِّق المدقِّق، فلا يقول شيئاً إلّا عن تثبّت وتحقّق ومزيد إحتياطٍ وتحرٍّ، سيَّما إن نسب إلى مسلم ما يقتضي كفره وردَّته وضلاله وإهدار دمه (الكلام).

( وَيْلٌ لِكُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ ( ٧ ) يَسْمَعُ آيَاتِ اللّهِ تُتْلَى‏ عَلَيْهِ

ثُمّ يُصِرّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )

الجاثية ٧، ٨

٢١٧

٧

البداية والنهاية *

لا تنس ما لهذا الكتاب من التولّع في الفرية والتهالك دون القذائف والشتائم والطعن من غير مبرر، وإن رمية كل هاتيك الطامات الشيعة لا غيرهم، وبذلك أخرج كتابه من بساطة التاريخ إلى هملجة التحامل، والنعرات القوميّة والنزول على حكم العاطفة إلى غيرها ممّا يوجب تعكير الصفو، وإقلاق السلام، وتفريق الكلمة.

زد على ذلك محادّته لأهل البيت عليهم السلام ونصبه العداء لهم حتى إذا وقف على فضيلة صحيحة لأحدهم، أو جرى ذكر أو حدىّ منهم. قذف الأولى بالطعن والتكذيب وعدم الصحة، وشّن على الثاني غارة شأواء. كل ذلك بعد نزعته الأمويّة الممقوتة. وإليك نماذج ممّا ذكر.

١ - قال: ذكر إبن إسحق وغيره من أهل السير والمغازي: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بينه «يعني عليّاً» وبين نفسه وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة لا يصحُّ شييءٌ منها لضعف أسانيدها وركَّة بعض متونها قاله في (ج ٧ ص ٢٢٣) وقال في ص ٣٣٥ بعد روايته من طريق الحاكم: قلت: وفي صحَّة هذا الحديث نظرٌ.

ج - إنَّ القارئ إذ ما راجع ما مرّ في ص ١١٢ - ١٢٥ و١٧٤ ووقف هناك على طرق الحديث الكثيرة الصحيحة وثقة رجالها وإطباق الأئمَّة والحفّاظ وأرباب السير على إخراجه وتصحيحه يعرف قيمة كلمة الرَّجل ومحلّه من الصِّدق، ويعلم أن لا وجه للنظر فيه إلّا بواعث إبن كثير وإندفاعه إلى مناوئة أهل البيت الناشئ عن نزعته الأمويَّة، والمتربّي في عاصمة الأمويِّين المتأثِّر بنزعاتهم الأهوائيَّة، لا ينقطع عن الوقيعة في مناقب سيِّد هذه الأُمَّة بعد نبيِّها المتسالم عليها، فدعه وتركاضه مع الهوى

_____________________

* - تأليف الحافظ عماد الدين أبي الفداء إبن كثير الدمشقي ٧٧٤.

٢١٨

٢ - ذكر حديث الطير المتواتر الصحيح الذي خضع لتواتره وصحَّته أئمَّة الحديث ثمَّ تخلّص منه بقوله ص ٣٥٣: وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظرٌ وإن كثرت طرقه والله أعلم.

ج - هذا قلبٌ طبع الله عليه وإلا فما وجه ذلك النظر بعد تمام شرايط الصحَّة فيه؟! وليس من البدع أن يكون أيُّ أحدٍ من الناس أحبَّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وليس لأحد حقّ النَّقد ولا الإعتراض عليه فكيف بمثل أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا تُنكر سابقته وفضائله، وهو نفسه وابن عمِّه وأخوه من دون الناس، وزُلفته إليه وقربه منه ومكانته واختصاصه به وتهالكه دون دينه الحنيف كلّها من الواضح الذي لا يُجلّله أيُّ ستار، وسنوقفك على الحديث وطرقه المتكثّرة الصحيحة، ونعرِّفك هناك أنَّ النظر في صحَّته شارة الأمويَّة، وسمة رين القلب، واتِّباع الهوى.

٣ - قال: وما يتوهَّمه بعض العوام بل هو مشهورٌ بين كثير منهم: أن عليّاً هو السّاقي على الحوض: فليس له أصلٌ ولم يجيء من طريق مرضيٍّ يُعتمد عليه، والذي ثبت: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الذي يسقي النّاس. ٧ ص ٣٥٥.

ج - لا يحسب القارئ أنّ هذا وهمٌ من رأي العوام فحسب، وقد أفك الرجل في حكمه الباتّ، وقد جاء الحديث بطريق مرضيٍّ يُعتمد عليه، وأخرجه الحفّاظ الأثبات مخبتين إليه، راجع الجزء الثاني من كتابنا ص ٣٢١.

٤ - ذكر في ج ٧ ص ٣٣٤ حديثاً صحيحاً بإسناد الإمام أحمد الترمذي في إسلام أمير المؤمنين وإنَّه أوَّل من أسلم وصلّى ثمَّ أردفه بقوله: وهذا لا يصحُّ من أيِّ وجهٍ كان روي عنه. وقد ورد في أنَّه أوَّل من أسلم من هذه الأُمَّة أحاديثٌ كثيرةٌ لا يصحّ منها شيءٌ. إلخ.

ج - ألا مسائلٌ هذا الرَّجل لِمَ لا يصحُّ شيءٌ منها من أيّ وجهٍ كان؟! والطرق صحيحةٌ، والرِّجال ثقاتٌ، والحفّاظ حكموا بصحَّته، وأرباب السِير أطبقوا عليه، وكان من المتسالم عليه بين الصَّحابة الأوَّلين والتابعين لهم: بإحسان.

ونحن لو نقتصر على كلمتنا هذه يحسبها القارئ دعوى مجرِّدة لدة دعوى إبن كثير (أعاذنا الله عن مثلها) وتخفى عليه جليَّة الحال فيهمّنا ذكرُ نزر ممّا يدلُّ على

٢١٩

المدَّعى وإن لم يسعنا إيراد كثير منه روماً للاختصار.

النصوص النبوية

١ - قال صلى الله عليه وآله وسلم: أوَّلكم وارداً - وروداً - على الحوض أوَّلكم إسلاماً عليُّ بن أبي طالب.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١٣٦ وصحَّحه م - والخطيب البغدادي في تاريخه ج ٢ ص ٨١ ويوجد في]. الاستيعاب ٢ ص ٤٥٧. شرح إبن أبي الحديد ٣ ص ٢٥٨.

وفي لفظٍ: أوَّل هذه الأُمّة وروداً على الحوض أوَّلها إسلاماً عليُّ بن أبي طالب، رضي الله عنه السيرة الحلبيَّة ١ ص ٢٨٥. سيرة زيني دحلان ١ ص ١٨٨ هامش الحلبيَّة.

وفي لفظٍ: أوَّل الناس وروداً على الحوض أوَّلهم إسلاماً عليُّ بن أبي طالب مناقب الفقيه إبن المغازلي. مناقب الخوارزمي.

٢ - قال صلّى الله عليه وآله لفاطمة: زوّجتكِ خير أُمَّتي أعلمهم علماً. وأفضلهم حلماً. وأوَّلهم سلماً. راجع ما مرَّ ص ٩٥.

٣ - قال صلّى الله عليه وآله لفاطمة: إنَّه لأوَّل أصحابي إسلاماً. أو: أقدم أُمَّتي سلماً.

حديث صحيحٌ راجع ص ٩٥.

٤ - أخذ صلّى الله عليه وآله بيد عليٍّ فقال: إنَّ هذا أوَّل من آمن بي، وهذا أوَّل من يُصافحني يوم القيامة، وهذا الصدِّيق الأكبر. راجع الجزء الثاني ص ٣١٣، ٣١٤.

٥ - عن أبي أيّوب قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لقد صلّت الملائكة عليَّ وعلى عليٍ سبع سنين لأنّا كنّا نصلّي وليس معنا أحدٌ يُصلّي غيرنا.

مناقب الفقيه ابن المغازلي بإسنادين م - أُسد الغابة ٤: ١٨] مناقب الخوارزمي وفيه: ولِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: لم يكن معي من الرجال غيره. كتاب الفردوس للديلمي. شرح إبن أبي الحديد عن رسالة الإسكافي ٣ ص ٢٥٨. فرايد السمطين ب ٤٧.

٦ - إبن عبّاس قال قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله إنَّ أوَّل من صلّى معي عليٌّ

[فرايد السمطين الباب الـ ٤٧ بأربع طرق].

٧ - معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا عليُّ؟ أخصمك بالنبوَّة ولا نبوَّة

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418