الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب9%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 95329 / تحميل: 7221
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وأين هو عن هدمها؟ وإنَّ شيعيّاً يعزو إليه ذلك لم يُخلق بعدُ.

وأمّا ما ذكره عن بلاد الشيعة فلا أدري هل طرق هو بلاد الشيعة؟ فكتب ما كتب، وكذب ما كذب، أو أنَّه كان رجماً منه بالغيب؟ أو استند كصاحب المنار إلى سائحٍ سنِّي مجهولٍ أو مُبشِّرٍ نصرانيّ لم يُخلقا بعدُ؟ وأيّاً ما كان فهو مأخوذٌ بإفكه الشائن، وقد عرف من جاس خلال ديار الشيعة، وحلّ في أوساطهم وحواضرهم وحتى البلاد الصغيرة والقرى والرساتيق، ما هنالك من مساجد مشيَّدة صغيرة أو كبيرة، وما في كثير منها من الفرش والأثاث والمصابيح، وما تُقام فيها من جمعةٍ وجماعةٍ، وليس من شأن الباحث أن يُنكر المحسوس، ويكذب في المشهود، وينصر المبدأ بالتافهات.

٩ - قال: قد استفتى أحد الشيعة إماماً من أئمَّتهم لا أدري أهو الصادق أم غيره؟ في مسئلة من المسائل فأفتاه فيها، ثمَّ جاءه من قابلٍ واستفتاه في المسئلة نفسها فأفتاه بخلاف ما أفتاه عام أوَّل، ولم يكن بينهما أحدٌ حينما استفتاه في المرَّتين فشكَّ ذلك المستفتي في إمامه وخرج من مذهب الشيعة وقال: إن كان الإمام إنّما أفتاني تقيَّة؟ فليس معنا مَن يُتَّقى في المرَّتين، وقد كنتُ مخلصاً لهم عاملاً بما يقولون، وأن كان مأتيُّ هذا هو الغلط والنسيان؟ فالأئمَّة ليسوا معصومين إذن والشيعة تدَّعي لهم العصمة، ففارقهم وانحاز إلى غير مذهبهم، وهذه الرِّواية مذكورةٌ في كتب القوم. ج ٢ ص ٣٨

ج - أنا لا أقول لهذا الرَّجل إلّا ما يقوله هو لمن نسب إلى إمام من أئمَّته لا يشخص هو أنّه أيٌّ منهم، مسئلةً فاضحةً مجهولةً لا يعرفها؛ عن سائل هو أحد النكرات، لا يُعرّف بسبعين (ألف لامٍ) وأسند ما يقول إلى كتب لم تؤلَّف بعدُ، ثمَّ طفق يشنُّ الغارة على ذلك الإمام وشيعته على هذا الأساس الرصين، فنحن لسنا نردُّ على القصيميِّ إلّا بما يردُّ هو على هذا الرَّجل، ولعمري لو كان المؤلِّف (القصيمي) يعرف الإمام أو السائل أو المسألة أو شيئاً من تلك الكتب لذكرها بهوس وهياج لكنّه، لا يعرف ذلك كلَّه، كما أنّا نعرف كذبه في ذلك كلِّه، ولا يخفى على القارئ همزه ولمزه.

١٠ - قال: من نظر في كتب القوم علم أنَّهم لا يرفعون بكتاب الله رأساً، وذلك أنّه يقلُّ جدّاً أن يستشهدوا بآية من القرآن فتأتي صحيحةً غير ملحونةٍ مغلوطةٍ، ولا يُصيب منهم في إيراد الآيات إلّا المخالطون لأهل السنَّة العائشون بين أظهرهم،

٣٠١

على أنَّ إصابة هؤلاء لا بدَّ أن تكون مصابة؛ أمّا البعيدون منهم عن أهل السنّة فلا يكاد أحدٌ منهم يورد آيةً فتسلم عن التحريف والغلط، وقد قال مَن طافوا في بلادهم: إنّه لا يوجد فيهم مَن يحفظون القرآن، وقالوا: إنّه يندر جدّاً أن توجد بينهم المصاحف.

ج -

بلاءٌ ليس يشبهه بلاء

عداوة غير ذي حسب ودينِ

يبيحك منه عِرضاً لم يصنه

ويرتع منك في عرض مصونِ

ليتني كنت أعلم أن هذه الكلمة متى كتبت؟ أفي حال السّكر أو الصحو؟ وأنَّها متى رُقمت أعند اعتوار الخبل أم الإفاقة؟ وهل كتبها متقوِّلها بعد أن تصفّح كتب الشيعة فوجدها خلاءً من ذكر آية صحيحةً غير ملحونة؟ أم أراد أن يصمهم فافتعل لذلك خبراً؟ وهل يجد المائن في الطليعة من أئمَّة الأدب العربيِّ إلّا رجالاً من الشيعة ألَّفوا في التفسير كُتباً ثمينة، وفي لغة الضّاد أسفاراً كريمةً هي مصادر اللغة، وفي الأدب زبراً قيِّمة هي المرجع للملأ العلميِّ والأدبيِّ، وفي النحو مدوَّنات لها وزنها العلميّ، وإنَّك لو راجعت كُتب الإماميّة لوجدتها مفعمةً بالإستشهاد بالآيات الكريمة كأنّها أفلاكٌ لتلك الأنجم الطوالع غير مُغشّاة بلحن أو غلط.

وما كنّا نعرف حتّى اليوم أنَّ مقياس التلاوة صحيحةً أو ملحونةً هو النزعات و المذاهب التي هي عقودٌ قلبيّة لا مدخل لها في اللسان وما يلهج به، ولا أنَّ لها مِساساً باللغة، وسرد الكلمات، وصياغة الكلام، وحكاية ما صيغ منها من قرآن أو غيره.

وليت شعري ما حاجة الشيعة في إصابة القرآن وتلاوته صحيحة إلى غيرهم؟ ألا عواز في العربيّة؟ أو لجهل بأساليب القرآن؟ لا ها الله ليس فيهم من يتَّسم بتلك الشية، أمّا العربيُّ منهم فالتشيّع لم ينتأ بهم عن لغتهم المقدَّسة، ولاعن جبلّيّات عنصرهم أو هل ترى أنَّ بلاد العراق وعاملة وما يشابههما وهي مفعمةٌ بالعلماء الفطاحل، والعباقرة والنوابغ، أقلُّ حظّاً في العربيّة من أعراب بادية نجدٍ والحجاز أكّالة الضبِّ، ومساورة الضباع؟! وأمّا غير العربيِّ منهم فما أكثر ما فيهم من أئمَّة العربيَّة والفطاحل والكتّاب والشعراء، ومن تصفَّح السير علم أن الأدب شيعيٌّ، والخطابة شيعيَّةٌ، والكتابة شيعيَّةٌ، والتجويد والتلاوة شيعيَّان. ومن هنا يقول إبن خلكان في تاريخه في ترجمة عليِّ بن الجهم ١ ص ٣٨: كان مع إنحرافه من عليِّ بن أبي طالب.

٣٠٢

عليه الصلاة والسّلام وإظهاره التسنّن مطبوعاً مقتدراً على الشعر عذب الألفاظ. فكأنَّه يرى أنَّ مطبوعيّة الشعر وقرضه بألفاظ عذبة خاصَّةٌ للشيعة وأنّه المطَّرد نوعاً.

وهذه المصاحف المطبوعة في ايران والعراق والهند منتشرةٌ في أرجاء العالم و المخطوطة منها التي كادت تُعدُّ علي عدد مَن كان يحسن الكتابة منهم قبل بروز الطبع، وفيهم من يكتبه اليوم تبرُّكاً به، ففي أيّ منها يجد ما يحسبه الزاعم من الغلط الفاشي؟ أو خلّة في الكتابة؟ أو ركّة في الأُسلوب؟ أو خروج عن الفنّ؟ غير طفائف يزيغ عنه بصر الكاتب الَّذي هو لازم كلِّ إنسان شيعيٍّ أو سنيٍّ عربيٍّ أو عجميٍّ.

وأحسب أنَّ الذي أخبر القصيميَّ بما أخبر من الطائفين في بلاد الشيعة لم يولد بعدُ لكنَّه صوَّره مثالاً وحسب أنّه يُحدَّثه، أو أنّه لَمّا جاس خلال ديارهم لم يزد على أن استطرق الأزقّة والجوادّ فلم يجد مصاحف ملقاةً فيما بينهم وفي أفنية الدور، ولو دخل البيوت لوجدها موضوعةً في عياب وعلب، وظاهرةً مرئيَّةً في كلِّ رفٍّ وكوَّة على عدد نفوس البيت في الغالب، ومنها ما يزيد على ذلك، وهي تُتلى آناء الليل وأطراف النّهار.

هذه غير ما تتحرَّز به الشيعة من مصاحف صغيرة الحجم في تمائم الصبيان و أحراز الرِّجال والنساء. غير ما يحمله المسافر للتلاوة والتحفظ عن نكبات السفر. غير ما يوضع منها على قبور الموتى للتلاوة بكرةً وأصيلا وإهداء ثوابها للميِّت. غير ما تحمله الأطفال إلى المكاتب لدارسته منذ نعومة الأظفار. غير ما يُحمل مع العروس قبل كلِّ شيء إلى دار زوجها، ومنهم من يجعل ذلك المصحف جزءً من صداقها تيمّناً به في حياتها الجديدة. غير ما يُؤخذ إلى المساكن الجديدة المتَّخذة لِلسكنى قبل الأثاث كلِّه. غير ما يوضع منها إلى جنب النساء لتحصينها عن عادية الجنِّ والشياطين الذين يوحون إلى أوليائهم (ومنهم القصيميُّ مخترع الأكاذيب) زخرف القول غرورا.

أفهؤلاء الذين لا يرفعون بالقرآن رأسا؟ أفهؤلاء الذين يندر جدّاً أن توجد بينهم المصاحف؟ وأمّا ما أخبر به الرَّجل شيطانه الطائف بلاد الشيعة من عدم وجود من يحفظ القرآن منهم فسل حديث هذه الأُكذوبة عن كتب التراجم ومعاجم السير، وراجع

٣٠٣

كتاب «كشف الاشتباه»(١) في ردِّ موسى جار الله ٤٤٤ - ٥٣٢ تجد هناك من حفّاظ الشيعة وقُرّائهم مائة وثلثة وأربعين.

١١ - قال: هل يستطيع أن يجيئ (الشيعيُّ) بحرف واحدٍ من القرآن؟ يدلُّ على قول الشيعة بتناسخ الأرواح، وحلول الله في أشخاص أئمَّتهم، وقولهم بالرجعة، وعصمة الأئمَّة، وتقديم عليٍّ على أبي بكر وعمر وعثمان، أو يدلُّ على وجود عليٍّ في السحاب وأنَّ البرق تبسّمه والرَّعد صوته كما تقول الشيعة الإماميَّة ج ١ ص ٧٢.

ج - إن تعجب فعجبٌ إنَّ الرجل ومن شاكله من المفترين بهتوا الشيعة الإماميَّة بأشياءهم بُراء منها على حين تداخل الفرق، وتداول المواصلات، وسهولة استطراق الممالك والمدن بالوسايل النقليّة البخاريّة في أيسر مدَّةٍ، ومن المستبعد جدّاً إن لم يكن من المتعذِّر جهل كلِّ فرقةٍ بمعتقدات الأُخرى، فمحاول الوقيعة اليوم والحالة هذه على أيِّ فرقة من الفرق قبل الفحص والتنقيب المتيسِّرين بسهولة مستعملٌ للوقاحة والصلافة، وهو الأفّاك الأثيم عند من يطالع كتابه، أو يُصيخ إلى قيله.

ولو كان الرَّجل يتدبّر في قوله تعالى: ما يلفظ من قول إلّا لديه رقيبٌ عتيدٌ. أو يصدِّق ما أوعد الله به كلَّ أفّاكٍ أثيمٍ همّاز مشَّاء بنميم، لكفَّ مدَّته عن البهت، وعرف صالحه، ولكان هو المجيب عن سؤال شيطانه بأنَّ الشيعة الإماميّة متى قالت بالتناسخ وحلول الله في أشخاص أئمّتهم؟ ومَن الذين ذهب منهم قديماً وحديثاً إلى وجود عليٍّ في السحاب... إلخ. حتّى توجد حرفٌ واحدٌ منها في القرآن.

م نعم: [عليُّ في السِّحاب ] كلمةٌ للشيعة تأسِّياً للنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله بالمعنى الذي مرّ في الجزء الأوّل ص ٢٩٢(٢) غير أنّ قوّالة الإحنة حرَّفتها عن موضعها وأوّلتها بما يشوِّه الشيعة الإماميّة].

أليس عاراً على الرَّجل وقومه أن يكذب على أُمَّةٍ كبيرةٍ إسلاميّةٍ ولا يبالي بما يباهتهم؟ وينسبهم إلى الآراء المنكرة أو التافهة؟ ولا يتحاشى عن سوء صنيعه؟ أليست كتب الشيعة الإماميّة المؤلّفة في قرونها الماضية ويومها الحاضر وهي لسانهم المعرب عن

_____________________

١ - تأليف العلم الحجة شيخنا المحقّق الشيخ عبد الحسين الرشتي النجفي

٢ - من الطبعة الثانية.

٣٠٤

عقايدهم مشحونة بالبراءة من هذه النسب المختلقة بألسنة مناوئيهم؟!

فإن كان لا يدري فتلك مصيبةٌ

وإن كان يدري فالمصيبة أعظمُ

نعم: له أن يستند في أفائكه إلى شاكلته طه حسين وأحمد أمين وموسى جار الله رجال الفرية والبذاءة.

وقول الإماميّة بالرجعة نطق به القرآن غير أنَّ الجهل أعشى بصر الرَّجل كبصيرته فلم يره ولم يجده فيه، فعليه بمراجعة كتب الإماميّة، وأفردها بالتأليف جماهير من العلماء، فحبّذا لو كان الرَّجل يراجع شيئاً منها.

كما أنّ آية التطهير ناطقةٌ بعصمة جمعٍ ممّن تقول الإماميّة بعصمتهم وفي البقيّة بوحدة الملاك والنصوص الثابتة، وفيما أخرجه إمام مذهبه أحمد بن حنبل في الآية الشريفة في مسنده ج ١ ص ٣٣١، ج ٣ ص ٢٨٥، ج ٤ ص ١٠٧، ج ٦ ص ٢٩٦، ٢٩٨، ٣٠٤، ٣٢٣ مقنعٌ وكفايةٌ.

وكيف لم يقدِّم القرآن عليّاً على غيره؟ وقد قرن الله ولايته وولاية نبيِّه بقوله العزيز:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . وقد مرَّ في هذا الجزء ص ١٥٦ - ١٦٢: إطباق الفقهاء و المحدِّثين والمتكلّمين على نزولها في عليٍّ أمير المؤمنين عليه السلام.

م - والباحث إن أعطى النصفة حقّها يجد في كتاب الله آيا تُعدُّ بالعشرات نزلت في عليّ أمير المؤمنين عليه السلام وهي تدلّ على تقديمه على غيره، ولا يدع وهو نفس النبيِّ صلّى الله عليه وآله بنصّ القرآن، وبولايته أكمل الله دينه، وأتمَّ علينا نعمه، ورضي لنا الإسلام دينا].

ونحن نُعيد السؤال هاهنا على «القصيميِّ» فنقول: هل يستطيع أن يجيئ هو و قومه بحرف واحدٍ من القرآن يدلُّ على تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على وليِّ الله الطاهر أمير المؤمنين عليه السلام؟!.

١٢ - قال: والقوم (يعني الإماميّة) لا يعتمدون في دينهم على الأخبار النبويّة الصحيحة، وإنّما يعتمدون على الرُّقاع المزوَّرة المنسوبة كذباً إلى الأئمّة المعصومين في زعمهم وحدهم ج ١ ص ٨٣.

٣٠٥

ج - عرفت الحال في التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدَّسة، والرَّجل قد أتى من شيطانه بوحيٍ جديد فيرى توقيعات بقيّة الأئمّة أيضاً مكذوبة على الأئمَّة، ويرى عصمتهم مزعومةً للشيعة فحسب، إذ لم يجدها في طامور أو هامه، فإن تنازعتم في شيئ فردّوه إلى الله والرّسول.

١٣ - المتعة التي تتعاطاها الرافضة أنواعٌ: صغرى وكبرى. فمن أنواعها: أن يتَّفق الرَّجل والمرأة المرغوب فيها على أن يدفع إليها شيئاً من المال أو من الطعام والمتاع وإن حقيراً جدّاً على أن يقضي وطره منها ويشبع شهوته يوماً أو أكثر حسب ما يتَّفقان عليه، ثمَّ يذهب كلٌّ منهما في سبيله كأنَّما لم يجتمعا ولم يتعارفا، وهذا من أسهل أنواع هذه المتعة.

وهناك نوعٌ آخر أخبث من هذا يُسمّى عندهم بالمتعة الدوريَّة وهي أن يحوز جماعةٌ إمرأةً فيتمتَّع بها واحدٌ من الصبح إلى الضحى، ثمَّ يتمتّع بها آخر من الضحى إلى الظهر، ثمَّ يتمتّع بها آخر من الظهر إلى العصر، ثمَّ آخر إلى المغرب، ثمَّ آخر إلى العشاء ثمَّ آخر إلى نصف الليل، ثمَّ آخر إلى الصبح، وهم يعدّون هذا النوع ديناً لله يُثابون عليه وهو من شرِّ أنواع المحرَّمات ج ١ ص ١١٩.

ج - إنّ المتعة عند الشيعة هي الّتي جاء بها نبيُّ الإسلام، وجعل لها حدوداً مقرَّرة، وثبتت في عصر النبيِّ الأعظم وبعده إلى تحريم الخليفة عمر بن الخطاب، وبعده عند مَن لم ير للرأي المحدث في الشرع تجاه القرآن الكريم وما جاء به نبيُّ الإسلام قيمةً ولا كرامةً، وقد أصفقت فِرَق الإسلام على أُصول المتعة وحدودها المفصَّلة في كتبها، ولم يختلف قطُّ إثنان فيها ألا وهي:

١: الأُجرة.

٢: الأجل.

٣: العقد المشتمل للايجاب والقبول.

٤: الافتراق بانقضاء المدَّة أو البذل.

٥: العدَّة أمةً وحرَّة حائلاً وحاملاً.

٦: عدم الميراث.

٣٠٦

وهذه الحدود هي الّتي نصَّ عليها أهل السنَّة والشيعة، راجع من تآليف الفريق الأوَّل. صحيح مسلم. سنن الدارمي. سنن البيهقي. تفسير الطبري. أحكام القرآن للجصّاص. تفسير البغوي. تفسير إبن كثير. تفسير الفخر الرّازي. تفسير الخازن. تفسير السيوطي. كنز العمّال(١) .

ومن تآليف الفريق الثاني مَن لا يحضره الفقيه الجزء الثالث ص ١٤٩. المقنع للصَّدوق كسابقه. الهداية له أيضاً. الكافي ٢ ص ٤٤. الإنتصار للشريف علم الهدى المرتضى. المراسم لأبي يعلى سلّار الديلمي. النهاية للشيخ الطوسي. المبسوط للشيخ أيضاً. التهذيب له أيضاً ج ٢ ص ١٨٩. الإستبصار له ٢ ص ٢٩. الغنية للسيد أبي المكارم. الوسيلة لعماد الدين أبي جعفر. نكت النهاية للمحقِّق الحلّي. تحرير العلّامة الحلّي ٢ ص ٢٧. شرح اللمعة ٢ ص ٨٢. المسالك ج ١. الحدائق ٦ ص ١٥٢. الجواهر ٥ ص ١٦٥.

والمتعة المعاطاة بين الأُمّة الشيعيَّة ليست إلّا ما ذكرناه، وليس إلّا نوعاً واحداً، والشيعة لم تر في المتعة رأياً غير هذا، ولم تسمع أُذن الدنيا أنواعاً لِلمتعة تقول بها فرقةٌ من فرق الشيعة، ولم تكن لأيِّ شيعيٍّ سابقة تعارف بانقسامها على الصغرى والكبرى، وليس لأيِّ فقيه من فقهاء الشيعة ولا لعوامهم من أوَّل يومها إلى هذا العصر، عصر الكذب والأخلاق، عصر الفرية والقذف (عصر القصيميِّ) إلماماً بهذا الفقه الجديد المحدَث، فقه القرن العشرين لا القرون الهجريَّة.

وأمَّا القصيميُّ [ومن يُشاكله في جهله المطبق] فلا أدري ممَّن سمع ما تخيَّله من الأنواع؟ وفي أيّ كتابٍ من كُتب الشيعة وجده؟ وإلى فتوى أيِّ عالمٍ من علمائها يستند؟ وعن أيِّ إمام من أئمَّتها يروي؟ وفي أيِّ بلدة من بلادها أو قرية من قراها أو بادية من بواديها وجد هذه المعاطاة المكذوبة عليها؟ أيم الله كلُّ ذلك لم يكن. لكنَّ الشياطين يوحون إلى أوليائهم زخرف القول غرورا.

١٤ - قال: إنَّ أغبى الأغبياء وأجمد الجامدين من يأتون بشاة مسكينةٍ وينتفون شعرها ويعذِّبونها أفانين العذاب موحياً إليهم ضلالهم وجرمهم أنَّها السيِّدة عائشة زوج النبيِّ الكريم وأحبُّ أزواجه إليه.

_____________________

١ - يأتي تفصيل كلماتهم في هذا الجزء بعيد هذا.

٣٠٧

ومَن يأتون بكبشين وينتفون أشعارهما ويعذِّبونهما ألوان العذاب مشيرين بهما إلى الخليفتين: أبي بكر وعمر، وهذا ما تأتيه الشيعة الغالية.

وإنَّ أغبى الأغبياء وأجمد الجامدين هم الَّذين غيَّبوا إمامهم في السرداب، وغيَّبوا معه قرآنهم ومصحفهم، ومَن يذهبون كلَّ ليلة بخيولهم وحميرهم إلى ذلك السرداب الذي غيَّبوا فيه إمامهم ينتظرونه ويُنادونه ليخرج إليهم، ولا يزال عندهم ذلك منذ أكثر من ألف عام.

وإنَّ أغبى الأغبياء وأجمد الجامدين هم الَّذين يزعمون أنَّ القرآن محرَّفٌ مزيدٌ فيه ومنقوصٌ منه ج ١ ص ٣٧٤.

ج - يكاد القلم أن يرتج عليه القول في دحض هذه المفتريات لأنَّها دعاوٍ شهوديَّة بأشياء لم تظلّ عليها الخضراء ولا أقلّتها الغبراء، فإنَّ الشيعة منذ تكوَّنت في العهد النبويِّ يوم كان صاحب الرِّسالة يلهج بذكر شيعة عليٍّ عليه السلام والصحابة تسمّي جمعاً منهم بشيعة عليٍّ إلى يومها هذا لم تسمع بحديث الشاة والكبشين، ولا أبصرت عيناها ما يُفعل بهاتيك البهائم البريئة من الظلم والقساوة، ولا مُدَّت إليها تلك الأيادي العادية، غير أنَّهم شاهدوا القصيميَّ متَّبعاً لإبن تيميَّة يُدنِّس برودهم النزيهة عن ذلك الدَرَن.

وليت الرَّجل يعرِّفنا بأحدٍ شاهد شيعيّاً يفعل ذلك، أو بحاضرةٍ من حواضر الشيعة اطَّردت فيها هذه العادة، أو بصقع وقعت فيه مرَّة واحدة ولو في العالم كلِّه.

وليتني أدري وقومي هل أفتى شيعيٌّ بجواز هذا العمل الشنيع؟ أو استحسن ذلك الفعل التافه؟ أو نوَّه به ولو قصِّيصٌ في مقاله؟ نعم يوجد هذا الإفك الشائن في كتاب القصيميِّ وشيخه إبن تيميَّة المشحون بأمثاله.

وفرية السرداب أشنع وإن سبقه إليها غيره من مؤلِّفي أهل السنَّة لكنَّه زاد في الطمّور نغمات بضمِّ الحمير إلى الخيول وادِّعائه اطِّراد العادة في كلِّ ليلة واتِّصالها منذ أكثر من ألف عام، والشيعة لا ترى أنَّ غيبة الإمام في السَّرداب، ولاهم غيَّبوه فيه ولا أنَّه يظهر منه، وإنَّما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنَّه يظهر بمكّة المعظمة تجاه البيت، ولم يقل أحدٌ في السرداب: إنَّه مغيب ذلك النور، وإنَّما هو سرداب

٣٠٨

دار الأئمَّة بسامرَّاء، وإنَّ من المطَّرد إيجاد السراديب في الدور وقايةً من قايظ الحرِّ، وإنَّما اكتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلى أئمَّة الدين، وإنّه كان مبوَّءً لثلاثة منهم كبقيَّة مساكن هذه الدار المباركة، وهذا هو الشأن في بيوت الأئمّة عليهم السَّلام ومشرِّفهم النبيُّ الأعظم في أيِّ حاضرة كانت، فقد أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه.

وليت هؤلاء المتقوِّلون في أمر السرداب إتَّفقوا على رأي واحد في الأُكذوبة حتّى لا تلوح عليها لوائح الإفتعال فتفضحهم، فلا يقول إبن بطوطة(١) في رحلته ٢ ص ١٩٨: إنَّ هذا السرداب المنوَّه به في الحلّة. ولا يقول القرماني في «أخبار الدُّول» إنّه في بغداد. ولا يقول الآخرون: إنّه بسامراء. ويأتي القصيميُّ مِن بعدهم فلا يدري أين هو فيطلق لفظ السرداب ليستر سوءته.

وإنّي كنت أتمنّى للقصيميِّ أن يحدِّد هذه العادة بأقصر من (أكثر من ألف عام) حتّى لا يشمل العصر الحاضر والأعوام المتَّصلة به، لأنَّ انتفائها فيه وفيها بمشهدٍ ومرئي ومسمع من جميع المسلمين، وكان خيراً له لو عزاها إلى بعض القرون الوسطى حتّى يجوِّز السامع وجودها في الجملة، لكنَّ المائن غير مُتحفِّظ على هذه الجهات.

وأمّا تحريف القرآن فقد مرّ حقُّ القول فيه ص ٨٥ وغيرها.

هذه نبذٌ من طامّات «القصيميِّ» وله مئاتٌ من أمثالها، ومَن راجع كتابه عرف موقفه من الصِّدق، ومبوَّئه من الأمانة، ومقيله من العلم، ومحلّه من الدين، ومستواه من الأدب.

( الّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ

مَقْتاً عِندَ اللّهِ وَعِندَ الّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ

اللّهُ عَلَى‏ كُلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ )

سورة غافر ٣٥

_____________________

١ - وهكذا إبن خلدون في مقدمة تأريخه ج ١ ص ٣٥٩، وإبن خلكان في تاريخه ص ٥٨١.

٣٠٩

١١، ١٢، ١٣

فجر الإسلام. ضحى الإسلام. ظهر الإسلام

هذه الكتب ألَّفها الأُستاذ أحمد أمين المصريّ لغايةٍ هو أدرى بها، ونحن أيضاً لا يفوتنا عرفانها، وهذه الأسماء الفخمة لا تغرُّ الباحث النابه مهما وقف على ما في طيِّها من التافهات والمخازي، فهي كاسمه [الأمين] لا تُطابق المسمّى، وأيم الله إنَّه لو كان أميناً لكان يتحفَّظ على ناموس العلم والدين والكتاب والسنَّة، وكفَّ القلم عن تسويد تلك الصحائف السوداء، ولم يكن يُشوِّه سمعة الإسلام المقدَّس قبل سمعة مصره العزيزة بلسانه اللسّابة السَّلاقة، وكان لم يتَّبع الهوى فيُضلَّ عن السبيل، ولم يُطمس الحقايق ولم يُظهرها للناس بغير صورها الحقيقيَّة المبهجة، ولم يُحرِّف الكلم عن مواضعها، ولم يقذف أُمَّةً كبيرةً بنسبٍ مفتعلة؛ ولم يتقوَّل عليهم بما يُدنِّس ذيل قدسهم.

كما أنّ تآليفه هذه لو كانت إسلاميَّة [كما توهمها أسمائها] لما كانت مشحونةً بالضَّلال والإفك وقول الزّور، ولما بعدت عن أدب الإسلام، عن أدب العلم، عن أدب العفَّة، عن أدب الإخاء الذي جاء به القرآن، فالإسلام الذي جاء به أمين القرن العشرين (لا القرن الرابع عشر) يضادُّ نداء القرآن البليغ، نداء الإسلام الذي صدع به أمين وحي الله في القرن الأوَّل الهجريِّ، فإن كان الإسلام هذا كتابه وهذا أمينه؟ فعلى الإسلام السَّلام، وإن كان الجامع المصريُّ الأزهر هذا علمه وهذا عالمه؟ فعليه العفا.

وقد نوَّه غير واحد من محقِّقي الإماميّة(١) بما فيها من البهرجة والباطل في تآليفهم القيِّمة، وفي [تحت راية الحقِّ(٢) ] غنىً وكفاية لمريد الحقّ، وإلى الله المشتكى.

( بَلْ كَذّبُوا بِالْحَقّ لَمّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ )

ق ٥

_____________________

١ - كالحجج الفطاحل السيِّد شرف الدين، والسيِّد الأمين، وشيخنا كاشف الغطاء.

٢ - تأليف العلامة الشيخ عبد الله السبيتي.

٣١٠

١٤

الجولة

في ربوع الشرق الأدنى

تأليف محمد ثابت المصري مدرس أول العلوم

الاجتماعية بمدرسة القبة الثانوية

الناموس المطَّرد في السيّاح أنَّ أكثر ما يتحرّى مشاهدته في البلاد والأصقاع يكون ملائماً لما انطبعت عليه نفسيَّته، ولذلك تراهم مختلفين في النزعات، فصاحب رحلةٍ يكاد أن لا يذكر فيها سوى ما تلقّاه من العلماء والأُدباء، وآخر تجد فيه نزوعاً إلى السّاسة ونظريّاتهم، وثالث يبغي وصف البقاع من ناحية المعيشة والإقتصاد و الهواء الطلق والماء العذب النمير وفواكه ممّا يشتهون، وعارف يذكر بدايع الصّنع وإتقان حكمة الباري سبحانه من مشهوداته، وهناك ماجنٌ لا يروقه إلّا الشهوات والمخازي، فيصف المواخير؛ ويلمُّ بحانات الخمور، ويحدِّث عن المومسات، وأفّاكٌ أثيمٌ يمين في أكثر ما يحدِّث، ويدنِّس بفاحش القول ساحة قدس مَن لم يُحسن قِراه، وإنَّ صاحب هذه الرِّحلة [الجولة] من القسمين الأخيرين، وكان الحريّ بنا أن نشطب على اسمه وعلى رحلته بقلمٍ عريضٍ لكنّا نُلمس القارئ ما ادَّعيناه فيه بطفيفٍ ممّا شوَّه به سمعة الرِّحلة والتاريخ.

١ - قال: يقول العلماء هناك [في النجف]: إنَّ المدافن فيها عشرة آلاف لا تزيد ولا تنقص لأنَّ سيِّدنا عليّاً يُرسل ما زاد من الجثث بعيداً فلا يعرف أحدٌ مقرَّها ص ١٠٥

كم مِن جثثٍ كانت تحملها السيّارات وافدة من كلِّ فجٍّ، وبعد الغسل يُطاف بها حول الحرم وبعد الصَّلاة عليها تُدفن وتظلُّ كذلك حتّى يتراءى لسيِّدنا عليٍّ أن يكشف عن مكنونها فتختفي ويُدفن في مكانها غيرها ص ١٠٦.

ج - لقد فتَّشنا علب العطارين، وأوعية أهل الحرف، وجوالق المكارين، ومدوَّنات

٣١١

القصص الروائيّة، فلم تُعطنا خُبراً بشيءٍ من هذه المفتريات، ولا دلَّنا أصحابنا إلى شيء من ذلك، وإنَّما قدَّمناها وإيّاهم بالتفتيش والسؤال بعد اليأس عن العلماء و كتبهم، فإنَّهم يُجلّون كما أنَّ كتبهم تجلُّ عن الإشادة بالمخازي والأكاذيب، وليت [السائح] ذكر عالماً من أولئك العلماء الذين شافهوه بذلك الخيال، أو ذكر طرقهم إلى آرائهم، أو ذكر الليلة التي أوحاه إليه شيطانه فيها، لكنَّه لم يفعل كلّ ذلك تحفّظاً على ناموس شيطانه؛ فقال ولم يخجل.

من أين تخجل أوجهٌ أمويَّةٌ

سكبت بلذّات الفجور حيائها؟!

٢ - قال: هي [النجف] مقرُّ أوَّل خليفةٍ للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي زعم بعضهم (يعني الشيعة) هي مقرُّ مَن كان أحقُّ بالرِّسالة من النبيِّ نفسه ١٠٤.

ج - ليس في الشيعة قديماً وحديثاً مَن يزعم أنَّ أمير المؤمنين أحقُّ بالرِّسالة من النبيِّ وإنَّما هو إفكٌ مفترى إختلقه أضداد الشيعة تشويهاً لسمعتها، ولذلك لا تجد في أيٍّ من كتبهم، ولا يُؤثر عن أيٍّ منهم إيعازاً إلى هذه الشائنة فضلاً عن التَّصريح.

٣ - قال: قُتل عليٌّ بيد إبن ملجم - بايع الناس الحسن بن عليّ وكان معاوية قد بويع في الشام فزحف لقتال الحسن، وتأهَّب الحسن، للقتال في العراق، ولكن ثار عليه جنوده وانفضّوا من حوله، فهادن معاوية وتنازل عن الخلافة وفرَّ وقُتل، ثمَّ بايع الجميع معاوية إلّا الخوارج والشيعة [شيعة آل البيت أو آل عليّ] وقد إجتمعوا حول الحسين بن عليّ في مكّة فقتله جنودُ معاوية في كربلا هو وأفراد أُسرته وأتباعه جميعاً إلّا ابنٌ واحدٌ للحسين أمكنه الهرب ص ١١٠.

ج - هذا معرفة الرَّجل بالتاريخ الإسلامي وهو أُستاذ العلوم الإجتماعيّة في مدرسة القبَّة الثانويَّة بالقاهرة، ولا أحسب أنَّ المقام يستدعي ترسّلاً في تصحيح أغلاطه التاريخيَّة، وإنَّما أثبتناه في هذا المقام لإيقاف القارئ على مقدار علمه، ولكنَّني أتمنّى أنَّ سائلاً يُسائله عن الموجب للكتابة فيما لا يعلم، أهو بترجيح من طبيب؟ أم تحبيذ من مهندس؟ أم إشارة من سياسيّ، أم أنّ الرعونة حدته إلى ذلك؟ وهو يحسب أنَّه يحسن صنعاً، ونحن لا نُقابله هنا إلّا بالسَّلام كما قال سبحانه تعالى:( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) .

٣١٢

وما أشبه أساطير رحّالة مصر هذا في كتابه أساطير الرَّحالة الأفرنسيَّة المنشورة في مجلّة الأحرار البيروتيّة ٢٧ تشرين الثاني سنة ١٩٣٠ م ملخَّصها: إنَّ على أساس ذبحٍ عليٍّ وأولاده في كربلاء قرب بغداد قامت الشيعة في الإسلام، ذلك لأنَّ أقرباء عليٍّ وحلفائه وتلاميذه وعلماء الشيعة وفلاسفتها لم يطيقوا خلافة عمر؟ الّذي بسببه أُريق دم عليٍّ وأولاده؟ فافترقوا عن السنَّة واجتازوا جزيرة العرب إلى العجم؟ تسير في طليعتهم أرملة عليٍّ فاطمة؟.

اقرأ واضحك

هكذا فليكن رحّالة مصر وفرانسة، ولِلذَّكَر مثل حظِّ الأُنثيين.

٤ - قال: من فرق الشيعة من يقول: بأنَّ الصحابة كلّهم كفروا بعد موت النبيِّ إذ جحدوا إمامة عليٍّ، وإنَّ عليّاً نفسه كفر لتنازله لأبي بكر، لكنَّه عاد له إيمانه لَمّا تولّى الإمامة وهذه فرقة الإماميَّة. ومن الشيعة قسمٌ أوجب النبوَّة بعد النبيِّ فقالوا بأنَّ الشَبه بين محمَّد وعليٍّ كان قريباً لدرجة أنَّ جبرئيل أخطأ، وتلك فئة [الغالية أو الغلاة] ومنهم مَن قال بأنَّ جبريل تعمَّد ذلك فهو إذن ملعونٌ كافرٌ ص ١١٠.

ج - الإماميّة لا تقول في الصحابة إلّا بما قدَّمناه في هذا الجزء ص ٢٩٦، ٢٩٧ عن صحيح البخاري وغيره، وهي لا تزال تُوالي أمير المؤمنين عليّاً صلوات الله عليه وتقول بعصمته وتحقّق الإيمان بولائه منذ بدء خلقته إلى أن لفظ نفسه الأخير، وإلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، وإلى أمدٍ لا مُنتهى له، وتقول بإمامته منذ قبض الله نبيَّه الأمين إليه، سواءٌ سُلّم إليه الأمر أو اُبتزَّ منه. وتقول أيضاً بشمول آية التطهير له منذ نزلت إلى آخر الأبد، ولا يتزحزح الشيعيُّ عن هذه العقايد آناً ما في أدوار الخلافة العلويَّة سواءٌ تصدّى لها أو مُنع عنها، وقد اتَّفق على ذلك علماء الشيعة ومؤلّفاتها، وتطامنت عليه الأفئدة، وانحنت عليه الأضالع، وأخبتت إليه القلوب، فإن كانت هناك نسبةٌ غير هذا إليهم فعزوٌ مُختلقٌ من جاهلٍ بعقائدهم، أو متحرٍّ بالوقيعة فيهم، ولدة هذا نسبة خطأ جبرئيل إلى بعضهم أو تعمّده إلى بعض آخر وما إليها من المخازي

٥ - قد استرعى نظري في النَّجف كثيرٌ من الأطفال الذين يلبسون آذانهم حلقات

٣١٣

خاصَّة هي علامة أنَّهم من ذريَّة زواج المتعة المنتشر بين الشيعة جميعاً وبخاصَّة في بلاد فارس، ففي موسم الحجّ(١) إذا ما حلَّ زائرٌ فُندقاً لاقاه وسيطٌ يعرض عليه أمر المتعة مقابل أجرٍ معيّن، فإن قبل أحضر له الرَّجل جمعاً من الفتيات لينتقي منهنَّ، وعندئذٍ يقصد معها إلى عالم لقراءة صيغة عقد الزَّواج وتحديد مدّته، وهي تختلف بين ساعاتٍ وشهورٍ وسنواتٍ؛ وللفتاة أن تتزوّج مرّات في الليلة الواحدة، والعادة أن يدفع الزَّوج نحو خمسة عشر قرشاً للساعة، وخمسة وسبعين قرشاً لليوم، ونحو أربع جنيهات للشهر، ولا عيب على الجميع في ذلك العمل لأنَّه مشروعٌ، ولا يلحق الذريَّة أيّ عارِ مطلقاً؛ وعند انتهاء مدَّة الزّواج يفترق الزَّوجان ولا تنتظر المرأة أن تعتدّ بل تتزوَّج بعد ذلك بيومٍ واحدٍ، فإن ظهر حملٌ فللوالد أن يدّعي الطفل له ويأخذه من أُمِّه إذا بلغ السابعة. إلخ ص ١١١، ١١٢.

ج - ليتني كنت أُشافه الرَّجل فأُسائله عن أنَّه هل تفرَّد هو بالهبوط إلى النجف الأشرف في أجيالها المتطاولة؟ أو شاركه في ذلك غيره من سوّاح وزوّار وسابلة؟ نعم هذه النجف الأعلى مهبط القداسة ومرقد سيِّد الوصيِّين أمير المؤمنين صلوات الله عليه تأتيها في كلِّ سنة آلاف مؤلَّفة من أقطار الدنيا للتزوُّد من زورة ذلك المشهد المقدَّس فيمكثون فيها أيّاماً وليالي وأسابيع وأشهراً وفيهم البحّاثة والمنقِّبون، فلِمَ لم يحدِّث أحدهم عن أولئك الأطفال الكثيرين في مخيَّلة هذا الزاعم؟ وعن الحَلقات الخاصَّة في آذانهم؟ وعن هاتيك الفنادق المخترقة(٢) وعن ذلك الوسيط الموهوم؟ وهاتيك الفتيات المعروضة على الوافد؟ وعن تلك العادة المفتراة الشائنة؟ والأسعار المختلقة؟ وعن تواصل المتع من دون تخلّل عدَّة؟ وجلُّ أولئك الوافدون يتحرَّون غرائب ما في النجف من العادات والأطوار شأن كلِّ باحثٍ يرد حاضرةً من الحواضر المهمَّة، ولِمَ لم يشهد هذه الأحوال أحدٌ من أهل النجف الَّذين وُلدوا فيها، وفيها ينشأون، وفيها يموتون وهي وفنادقها وأطفالها وزوّارها بمرأى منهم ومسمع؟! ولعلَّ [الرائد الكذّاب] يحسب أنَّ مشهوداته هذه لا تُدرك بعين البصر وإنَّما أدركها بعين البصيرة فهلمَّ واضحك.

_____________________

١ - يعني أيّام زيارة أمير المؤمنين عليه السلام المخصوصة به.

٢ - لم يكن يوم ورود الرجل النجف الأشرف أي فندق فيها وإنَّما أسست الفنادق بعد يومه.

٣١٤

٦ - قال: فهم «يعني الإيرانيِّين» يبغضون أهل العراق ويطمحون إلى تملّك بلادهم يوماً، وهم جميعاً يمقتون العرب المقت كلّه، ويتبرَّأون منهم ويقولون بأنَّ العرب رغم أنَّهم أدخلوا الإسلام في بلادهم واحتلّوها طويلاً فإنّ فارس حافظت على شخصيَّتها ولغتها، وهم ينظرون إلى العرب نظرة احتقارٍ ويفاخرون بأنَّهم من أصل آري لا سامي ص ١٣٦.

ج - لا أحسب وأيمن الله إلّا أنَّ هذا الرَّجل يُريد تفريق كلمة المسلمين، وتفخيذ أُمَّةٍ عن أُمَّةٍ بأباطيله، والواقف على ما بين العراقيّين والإيرانيّين - من الجوار وحقوقه المتبادلة بين الأُمَّتين، واختلاف كلٍّ منهما إلى بلاد الأُخرى، ونزول الايرانيِّ ضيفاً عند العراقيِّ وعكسه كالنازل في أهله، وما يجري هنالك من الحفاوة والتبجيل، وما جمع بينهما من الوحدة الدينيّة والجامعة المذهبيّة إلى غيرهما من أواصر الأُلفة والوداد، و نظر الايرانيِّ إلى كلِّ عراقيٍّ يرد بلاده من المشاهد المقدَّسة نظر تقديس وإكبار، فلا يستقبله إلّا بالمصافحة والمعانقة والتقبيل، وما يقدِّسه كلُّ مسلم وفيهم الإيرانيّون من لغة الضاد بما أنَّها لغة كتابهم العزيز - جِدُّ عليم بأنَّ الرَّجل أكذب ناهضٍ لشقِّ عصى المسلمين، ولعمري لم تسمع أُذني ولا أُذن أحدٍ غيري تلك المفاخرة التافهة من أيِّ إيرانيٍّ عاقلٍ.

٧ - قال: السيّارات الكبيرة تمرُّ تباعا (بين طهران وخراسان) ذهاباً ورجعةً في كثرةٍ هائلةٍ كلّها تحمل جماهير الحجّاج، ويقولون: بأنَّ هذا الخطّ على وعورته أكثر البلاد حركةً في نقل المسافرين لأنَّ مشهد خيرٌ لديهم من مكّة المكرَّمة تُغنيهم عن بيت الله الحرام في زعمهم ١٥٢.

وقال ص ١٦٢: والّذي شجّع الفرس على اتِّخاذ مشهد كعبةً مقدَّسةً الشاه عبّاس أكبر الصفويّين، هناك صرف قومَه عن زيارة مكّة المكرَّمة لكراهتهم للعرب. ولكي يوفِّر على قومه ما كانوا يُنفقون من أموال طائلة في بلاد يكرهونها، وكثيرٌ من الحجّاج كانوا من السّراة، فاتَّخذ مشهد كعبةً وجّه إليها الشعب، ولكي يزيدها قدسيّة حجَّ إليها بنفسه ماشياً على قدميه مسافة تفوق ١٢٠٠ كيلو متر فتحوّل إليها الناس جميعاً، ويندر من يزور الحجاز اليوم، وهم يحترمون كلمة (مشهدي) عن كلمة [حجي]

٣١٥

لأنَّ من زار مشهد لا شكَّ أكثر قدسيّةً واحتراماً ممّن زار مكّة.

ج - أللّهمَّ ما أجرأ هذا (الكَذْبان) على المفتريات التي لم تطرق سمع أحد من الشيعة ولا وقع عليها نظر أيٍّ منهم ولو في أُسطورة كاذبةٍ حتّى وجدها في كتاب هذا المائن، وليس في الشيعة أحدٌ يعتقد في خراسان غير أنّه مرقد خليفةٍ من خلفاء رسول الله، ومثوى إمام من أئمّتهم، ولذلك عاد مهبطاً للفيوض الإلهيّة، وأمّا القول بإغنائه عن البيت الحرام وإنَّ زيارته مسقطةٌ للحجِّ فبهتانٌ عظيمٌ، والشاه الصفويُّ المغفور له لم يتّخذه كعبةً ولا قصد زيارته ماشياً إلّا للتزلّف إلى المولى سبحانه بزيارة وليٍّ من أوليائه، والتوسّل إليه بخليفةٍ من خلفائه، ولم يصرف قومه عن الحجِّ لذلك، ولم يأت برأيٍ جديد يُضادّ رأي الشيعة من أوَّل يومهم، والشيعة إنَّما تقصد زيارته بداعي الولاء للعترة الطاهرة الذي هو أجر الرِّسالة، ورغبة في المثوبات الجزيلة المأثورة عن أئمّتهم عليهم السّلام.

ولم يكن الشاه ولا شعبه الإيرانيّون بالّذين يشحّون على الأموال دون الفرايض الّتي من أعظمها الحجُّ إلى الكعبة المعظّمة، ولا يرون لهذه الفريضة أيَّ بدل من زيارةٍ أو عبادةٍ، وهذه الحقب والأعوام تشهد لآلاف مؤلّفة من الايرانيّين الذين كانوا يحجّون البيت في كلِّ عام.

نعم: في السنين الأخيرة قلَّ عددهم لما هنالك من عدم الطمأنينة على الأحكام والدماء، فالشيعيُّ يرى أن أغلب الحجّاج غير متمكِّنين من أداء المناسك كما ينبغي، وغير آمنين على دمائهم بأدنى فريةٍ يفتريها عدوٌّ من أعداء الله، ويشهد عليها آخرون أمثاله، فيحكم على إراقة دمه قاض بالجور.

وإن ننس لا ننسى ما جرى في سنة ١٣٦٢ هـ من إزهاق حاجّ مسلمٍ ايرانيّ (يُسمّى طالب) بين الصَّفى والمروة ببهتان عظيم، وهو يتشهَّد الشهادتين وقد حجَّ البيت واعتمر وأتى بالفرايض كلّها، فقُتل مظلوماً ولا مانع ولا وازع ولا زاجر ولا مدافع، ودع عنك ما يُلاقي الشيعة بأسرها عراقيِّين وإيرانيِّين من هتكٍ وهوان والخطاب بمثل قول الحجازيِّ إيّاهم: يا كافر، يا مشرك. وأمثالهما من الكلم القارصة، وتحرّي الحجج التافهة لهذه المخازي كلِّها ولإراقة دمائهم، فمن هنا خارت العزائم، وقلّت الرغبات، ومنعت الحكومة الايرانيَّة

٣١٦

شعبها عن السفر إلى الحجاز كلائةً لأُمَّتها، مستندةً على حكم دينيٍّ لعدم التمكّن من أداء الفريضة غالباً، لا لِما أفرغه السايح المتحذلق في بوتقة إفكه ممّا سطره من إتِّخاذ المشهد كعبةً، ومن الكراهة المحتدمة بين الايرانيِّين والعرب، ذينك الفريقين المتواخيين على الدين والمذهب، إلى جوامع كثيرة يعرفها مَن جاس خلال ديارهما بقلب طاهر متجرِّداً عن النَّعرات الطائفيَّة غير متحيِّز إلى فئة (لا كسايحنا الثابت على غيِّه) وقد قدَّمنا ما بين العرب والعجم المسلمين من التحابب والموادَّة.

٨ - قال: في نيسابور قبَّةٌ أنيقةٌ عني بإقامتها ونقشها العناية كلّها، فدخلتها و إذا هي مدفن محمّد المحروق من سلالة الحسين، وقد أسموه بالمحروق لأنَّه نزل ضيفاً على أحد سراة القرية ولَمّا أن خيم الليل اعتدى على بنت مضيفه فأحرقه الناس في مكانه هذا، ورغم جرمه هذا شيد قبره وقدَّسه الناس لأنَّه من سلالة طاهرةٍ ١٥٥.

ج - لا ينقطع الرَّجل يُريد الوقيعة على أهل البيت الطاهر فيختلق لهم قصصاً لا يوجد لها مصدرٌ ولو من أضعف المصادر، ويُلفِّق لهم تاريخاً من عند نفسه لا يعلمه إلّا شيطانه، فإنّ ذلك المدفن قد يُنسب إلى محمّد بن محمّد بن زيد بن عليّ الإمام زين العابدين عليه السلام ترجمه أبوالفرج في مقاتل الطالبيين وقال: بايعه أبو السرايا بالكوفة بعد موت محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا واستولى على العراقين وفرَّق فيهما عمّاله من بني هاشم إلى أن جهَّز الحسن بن سهل ذوالرَّياستين له جيشاً مع هرثمة بن أعين فأُسر وحُمل إلى خراسان إلى المأمون فحبسه أربعين يوماً في دار جعل له فيها فرشاً وخادماً فكان فيها على سبيل الإعتقال، دسّ إليه شربة سمٍّ فجعل يختلف كبده وحشوته حتّى مات.

لكنَّ الرجل لم يستسهل أن يمرَّ على هذا العلويِّ المظلوم ولا يخزه بشيء من وخزاته، فجاء يقذفه بعد قرون من شهادته بهذه الشائنة والبهتان العظيم، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.

٩ - قال: إنَّ الحسين تزوَّج (شهر بانو) بنت آخر الملوك الساسانيِّين، وبذلك ورث الحسين العظمة الإلهيَّة التي ورثها من قِبل الساسانيِّين ٢٠٨.

ج - حسين العظمة ورث ما ورثه من جدِّه النبيِّ الأعظم، وإن كان فارس خيرة

٣١٧

العجم والعائلة المالكة أشرف عائلات فارس، وقد إزدادت شرفاً ومنزلةً بمصاهرة بيت الرِّسالة، فإنَّ شرف النبوَّة تندكُّ عنده الفضايل كلّها.

وليت شعري ما الصِّلة بين مصاهرة الفرس والعظمة الإلهيَّة ومؤسِّسها نبيُّ العظمة، وقد ورثها منه آله العظماء، وملوك الفرس إن تمكَّنوا بشيء من المنزلة والمكانة فعن قهر وتغلّب من دون دخل لها في النفسيّات الراقية والمنازل الإلهيَّة والعظمة الروحيَّة القدسيَّة.

نعم: هذا شأن كلِّ جاهلٍ فإنَّه لما لم يعرف قدره، ويتعدّ طوره، هكذا يكثر لغبه، ويطول لسانه، ويُبتلي بفضول الكلام، وهو يخبط خبط عشواء.

هنا نختم البحث عن عورات الرَّجل غير أنَّها لا تنتهي، وإنّا نضنُّ بالورق واليراع بعد الوقت الثمين عن إتلافها بذكر سقطاته التي تندى منها جبهة الإنسانيَّة، راجع من كتابه ص ١٢٥، ١٣٠، ١٣٢، ١٣٤، ١٤١، ١٤٢، ١٥٠، ١٥٦، ١٥٧، ١٦٠، ١٦٢، ١٦٣، ١٦٦، ١٨٣، ٢٠٦، ٢١٠.

والرَّجل قد تعلَّم في بلاد فارس ألفاظاً من لغتهم فجاء يذكرها في كتابه مع ترجمة بعضها بالعربيَّة إثباتاً لثقافته غير أنَّ كلَّ ما تعلّمه كآرائه ومعتقداته غلطٌ بعد غلط و إليك نماذج منها مع ذكر صحيحها:

مدر:

امّ.

مادر

دِر:

باب.

دَر

باد:

ردئ.

بَد

جرم:

دافي

كرم

فاردا:

غداً.

فردا

بسيتون:

ألصواب.

بي ستون

دوك:

ألصواب.

دوغ

الانجور:

ألصواب.

انگور

جوهرشاه:

ألصواب.

گوهرشاد

الداشت:

ألصواب.

دشت

ناخير:

ألصواب.

نه خير

الجوشت:

ألصواب.

گوشت

الروغان:

ألصواب.

روغن

الملاه:

ألصواب.

ملاّ

المولاه:

ألصواب.

ملّا

صبركون:

ألصواب.

صبركون

ياخ:

ألصواب.

يخ

صمورا:

ألصواب.

سماور

آلي قاپو:

ألصواب.

عالي قاپور

البازار:

ألصواب.

بازار

٣١٨

شربت باشا

شربت الأطفال

شربت بچه

بردن

يحمل

بردَن بفتح الدال مصدر

كرافان سراي (في عدَّة مواضع) كاروان سراي

زنده رود

ص

زاينده رود

أنزبلي

ص

أنزلي

شارود

ص

شاهرود

سابزوار

ص

سبزوار

هيرات

ص

هرات

بوشهر

ص

أبوشهر

الفولجة

ص

الفلوجة

تشهل ستون

ص

چهل ستون

تشهل منار: أي ذات العماد. ص: چهل منار. اربعون منارة

شهل ستون

ص

چهل ستون

راحات

ص

راحت

حظرة عبدالعظيم (في غير موضع) حضرت عبد العظيم. انظر إلى ثقافته العربيَّة.

وهذه الجمل تُعطينا صورةً من تضلّعه بالعربيَّة بإكثاره لإدخال اللام في الألفاظ الفارسيَّة.

( مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللّهِ )

سورة الحديد: ٢٧

٣١٩

١٥

عقيدة الشيعة

تأليف المستشرق روايت م. رونلدسن

قد يحسب الباحث رمزاً من النزاهة في هذا الكتاب، وخلاءً من القذف والسباب المقذع، غير أنَّه مهما أمعن النظر فيه يراه معرباً عن جهل مؤلِّفه المطبق، وقصر باعه في آراء الشيعة ومعتقداتهم، وعدم عرفانه برجالهم وتراجمهم وتآليفهم؛ و يجده مع ذلك: ذلك الأفّاك الأثيم، ذلك الهمّاز المائن، يخبط خبط عشواء، أو كحاطب ليل لا يدري ما يجمع في حزمته، فجاء يكتب عن أُمَّة عظيمة كهذه ويبحث عن عقائدهم ويستند فيها كثيراً إلى كتب قومه المشحونة بالطامّات والآراء الساقطة والمخازي التافهة، والمشوَّهة بأساطيرهم المائنة، أو إلى تآليف أهل السنَّة المؤلَّفة بيد أُناس دجّالين محدَثين الذين كتبوا بأقلامهم المسمومة ما شاءت لهم أهوائهم وأغراضهم الإستعماريَّة. فكشف عن سوأته بمثل قوله في ص ٢٥:

يذكر Hl ghes في كتابه (قاموس الإسلام) ص ١٢٨ قضيّةً طريفةً عن عيد الغدير قال: وللشيعة عيدٌ في الثامن عشر من ذي الحجّة يصنعون به ثلاثة تماثيل من العجين يملئون بطونها بالعسل، وهي تمثِّل أبا بكر وعمر وعثمان ثمَّ يطعنونها بالمدى فيسيل العسل تمثيلاً لدم الخلفاء الغاصبين؛ ويُسمّى هذا العيد بعيد الغدير.

وبمثل قوله في ص ١٥٨: يذكر برتن Burton إنَّ الفرس تمكّنوا في بعض الأحيان أن يُنجِّسوا المكان الكائن قرب قبري أبي بكر وعمر بقذف النجاسة الملفوفة بقطعة من الشّال، يدلُّ ظاهرها على أنَّها هديّةٌ من الشبّاك.

وبمثل قوله في ص ١٦١: أمّا الشيعة الإثنى عشريَّة فيؤكّدون أنَّ الإمام جعفر الصّادق نصَّ على إمامة إبنه الأكبر إسماعيل بعده، غير أنَّ إسماعيل كان سكّيراً، فنقلت الإمامة إلى موسى، وهو الوليد الرابع من بين سبعة أولاد، وكان الخلاف الناجم عن

٣٢٠

ذلك سبباً في حدوث إنقسامٍ كبير بين الشيعة كما أشار إلى ذلك إبن خلدون.

وبمثل قوله في ص ١٢٨: إدَّعى عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن الحسين(١) الإمامة، ويُروى أن وفداً مؤلَّفا من إثنين وسبعين رجلاً جاء إلى المدينة من خراسان، ومعهم أموال يحملونها إلى الإمام وهم لا يعرفونه، فذهبوا إلى عبد الله أوَّلاً فأخرج لهم درع النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وخاتمه وعصاه وعمامته، فلمّا خرجوا من عنده على أن يرجعوا غداً لقيهم رجلٌ من أتباع محمّد الباقر فخاطبهم بأسمائهم ودعاهم إلى دار سيِّده فلمّا حضروا كلّهم طلب الإمام محمّد الباقر من إبنه جعفر أن يأتيه بخاتمه فأخذه بيده وحرَّكه قليلاً وتكلّم بكلمات فإذا بدرع الرَّسول وعمامته وعصاه تسقط من الخاتم، فلبس الدرع ووضع العمامة على رأسه وأخذ العصا بيده فاندهش النّاس، فلمّا رأوها نزع العمامة والدرع وحرَّك شفتيه فعادت كلّها إلى الخاتم، ثمَّ التفت إلى زوّاره وأخبرهم أنّه لا إمام إلّا وعنده مال قارون فاعترفوا بحقِّه في الإمامة ودفعوا له الأموال. وقال في تعليقه: اُنظر دائرة المعارف(٢) الإسلاميَّة. مادة قارون.

سبحانك اللّهمَّ ما كنّا نحسب أنَّ رجلاً يسعه أن يكتب عن أُمَّة كبيرة ويأخذ معتقداتها عمَّن يُضادُّها في المبدء، ويتقوَّل عليها بمثل هذه التّرهات من دون أيِّ مصدر، وينسب إليها بمثل هذه المخازي من دون أيِّ مبرِّر، فما عساني أن أكتب عن مؤلِّف حائر بائر ساح بلاد الشيعة، وجاس خلال ديارهم، وحضر في حواضرهم وعاش بينهم (كما يقول في مقدِّمة كتابه) ستّ عشر سنة، ولم ير منهم في طيلة هذه المدَّة أثراً ممّا تقوَّل عليهم، ولم يسمع منه ركزاً، ولم يقرأه في تآليف أيِّ شيعيٍّ ولو لم يكن فيهم وسيطاً(٣) . ولم يجد في طامور قصّاص، فجاء يفصم عرى الأُخوَّة الإسلاميَّة، ويُفرِّق صفوف أهل القرآن، بما لفَّقته يد الإفك والزور من شاكلته،

_____________________

١ - ليته دلنا على مدعي الإمامة هذا من ولد الحسين من هو؟ ومتى ولد؟ وأين ولد؟ وأين عاش؟ وأين مات؟ وأين دفن؟ ومتى كان دعواه؟ لم يكن ممّن عاصر الإمام الباقر من ولد جدّه الحسين غير أخيه عبد الله بن علي بن الحسين، وكان فقيهاً فاضلاً مخبتاً إلى إمامة أخيه الباقر فالقضية بهذا الإسم سالبة بانتفاء الموضوع، وفيها ما ينافي أصول الشيعة وقد خفى على الواضع.

٢ - هذا الكتاب فيه من البهرجة والباطل شيء هائل يحتاج جدّاً إلى نظارة التنقيب.

٣ - وسيط القوم: أرفعهم مقاماً وأشرفهم نسباً. ومن هنا يقال: الحكمة الوسطى.

٣٢١

ويبهت أرقى الأُمم بما هم بُعداء منه، ويعزو إليهم بما يُكذِّبه به أدب الشيعة وتُحرِّمه مبادئهم الصحيحة، ويقذفهم بما وضعته يد الإحن والشحنا من أمثال هذه الأفائك الشائنة، فكأنَّ في أُذنيه وقراً لم تسمع ذكراً ممّا ألَّفه أعلام الشيعة قديماً وحديثاً في أُصول عقائدهم، وكأنَّ في بصره غشاوة لم ير شيئاً من تلك التآليف التي ملأت مكتبات الدنيا. نعم: إنَّ( الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) .فأتعس الله حظَّ مؤلِّف هذا شأنه، وجَدع أنفه ويُريه وبال أمره في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

والخطب الفظيع إنَّ هذا الكيذبان [وليد عالم التمدُّن] مهما ينقل عن تأليف شيعيٍّ تجده تارةً يمين في نقله كقوله في ترجمة الكليني ص ٢٨٤: يقال إنَّ قبره فتح فوُجد في ثيابه وعلى هيئته لم يتغيَّر وإلى جانبه طفلٌ كان قد دفن معه فبني على قبره مُصلّى. ويذكر في التعليق أنَّه كذلك ص ٢٠٧ فهرست الطوسي رقم ٧٠٩. ولم يوجد في فهرست الطوسي من هذه القيلة أثرٌ.

وتارةً تراه يحرِّف الكلم عن مواضعها ويشوِّه صورتها كما فعل فيما ذكره من زيارة مولانا أميرالمؤمنين ص ٨٠ ناقلاً عن الكافي للكليني ج ٢(١) ص ٣٢١ فإنَّه أدخل فيها من عند نفسه ألفاظاً لم توجد قطُّ فيها لا فيه ولا في غيره من كتب الشيعة.

أضف إلى هذه فظيعة جهله برجال الشيعة وتاريخهم قال في ترجمة الصحابيِّ الشيعيِّ العظيم سلمان الفارسيّ: يزور كثيرٌ من الشيعة قبره عند عودتهم من كربلاء وهو في قرية اسبندور من المدائن ويقول بعضهم(٢) : إنّه دُفن في جوار إصفهان. وقال ص ٢٦٨: والمقداد الذي تُوفّي في مصر ودفن بالمدينة. وحذيفة بن اليمان الذي قُتل مع أبيه وأخيه في غزوة أُحد ودُفن في المدينة. وقال ص ٢٦٨: إنَّ الكليني مات في بغداد ودفن بالكوفة(٣) وأكثر النقل عن تبصرة العوام للسيِّد المرتضى الرازي أحد أعلام القرن السابع ونسبه في ذلك كلِّه إلى السيِّد الشريف علم الهدى المرتضى مؤرِّخا وفاته ٤٣٦.

_____________________

١ - والصحيح: ج ١.

٢ - ليته دلتا على ذلك البعض.

٣ - خفى عليه أنه (باب الكوفة) وهو من محلات بغداد.

٣٢٢

ولعلَّنا نبسط القول حول ما في طيِّه من أباطيل ومخاريق بتأليف مفرد ونبرهن فساد ما هنالك في ص ٢٠، ٢١، ٢٤، ٣٤، ٣٦، ٤٣، ٤٧، ٥٩، ٦٠، ٦٣، ٧٢، ٧٧، ٨٠، ٨٣، ٩١، ٩٢، ١٠٠، ١٠١، ١١٠، ١١١، ١١٤، ١١٥، ١٢٢، ١٢٦، ١٢٨، ١٥١، ١٥٨، ١٦١، ١٧٠، ١٧٤، ١٨٥، ١٩٢، ٢٠٨، ٢١١، ٢٣٥، ٢٥٣، ٢٦٨، ٢٨٠، ٢٨٢، ٢٨٤، ٢٩٥، ٢٩٦، ٣٠٤، ٣٢٠، ٣٢٩، وغيرها.

ولا يفوت المترجم عرفاننا بأنَّ يده الأمينة على ودايع العلم لعبت بهذا الكتاب وإنَّه زاد شوهاً في شوهه، وبذل كلّه في تحريفه، وأخنى عليه ورمَّجه، وقلَّب له ظهر المجن، وأدخل فيه ما حبَّذته نفسيَّته الضئيلة، فتعساً لمترجم راقه ما في الكتاب من التحامل على الشيعة والوقيعة فيهم، فجاء يحمل أثقال أوزار الغرب وينشرها في الملأ ولم يُهمّه التحفّظ على ناموس الإسلام، وعصمة الشرق، وكيان العرب ودينه.

( وَلَيَحْمِلُنّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )

سورة العنكبوت: ١٣

٣٢٣

١٦

الوشيعة

في نقد عقائد الشيعة

تأليف موسى جار الله

كنت أودُّ أن لا أحدث لهذا الكتاب ذكرا، وأن لا يسمع أحد منه ركزا، فإنَّه في الفضائح أكثر منه في عداد المؤلَّفات، لكن طبع الكتاب وانتشاره حداني إلى أن أوقف المجتمع على مقدار الرَّجل، وعلى أُنموذج ممّا سوَّد به صحائفه، وكلُّ صحيفةٍ منه عارٌ على الأُمّة وعلى قومه أشدُّ شنارا.

لست أدري ما أكتب عن كتاب رجل نبذ كتاب الله وسنَّة نبيِّه وراءه ظهريّا، فجاء يحكم وينقد، ويتحكّم ويُفنِّد، وينبر وينبز، ويبعث بكتاب الله ويفسِّره برأيه الضئيل؛ وعقليَّته السقيمة كيف شاء وأراد، فكأنّ القرآن قد نزل اليوم ولم يسبقه إلى معرفته أحدٌ، ولم يأت في آية قولٌ، ولم يُدوَّن في تفسيره كتابٌ، ولم يرد في بيانه حديثٌ، وكأنَّ الرجل قد أتى بشرعٍ جديد، ورأي حديث، ودين مخترعٍ، ومذهبٍ مبتدعٍ، لا يُساعده أيُّ مبدء من مبادئ الإسلام، ولا شيءٌ من الكتاب أو السنَّة.

ما قيمة مغفَّل وكتابه وهو يرى الأُمَّة شريكةً لنبيِّها في كلِّ ما كان له، وفي كلِّ فضيلة وكمال تستوجبها الرِّسالة، وشريكة لنبيِّها في أخصّ خصايص النبوَّة، ويرى رسالة الأُمَّة متَّصلةً بسورة رسالة النبيِّ من غير فصل، ويستدلُّ على رسالة الأُمَّة بقوله تعالى( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) (١) . وبقوله:( مُحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (٢)

_____________________

١ - سورة التوبة آية ١٢٨.

٢ - سورة الفتح آية ٢٩.

٣٢٤

والكلام معه في هذه الأساطير كلّها يستدعي فراغاً أوسع من هذا، ولعلّه يُتاح لنا في المستقبل الكشّاف إنشاء الله تعالى، وقد أغرق نزعاً في تفنيد أباطيله العلّامة المبرور الشيخ مهدي الحجّار النجفي نزيل المعقل(١) .

ولو لم يكن للرَّجل في طيِّ كتابه إلّا أساطيره الراجعة إلى الأُمَّة لكفاه جهلاً وسوءة وإليك نماذج منها قال:

١ - الأُمَّة معصومةٌ عصمة نبيِّها. معصومةٌ في تحمّلها وحفظها. وفي تبليغها وأدائها. حفظت كلَّ ما بلّغه النبيُّ مئل حفظ النبيِّ. وبلّغت كلَّ ما بلّغه النبيُّ مثل تبليغ النبيِّ. حفظت كلّيات الدين وجزئيّات الدين أصلاً وفرعاً. وبلّغت كلّيات الدين وجزئيّات الدين أصلاً وفرعاً.

لم يضع من أُصول الدين ومن فروع الدين شييءٌ. ١ - حفظه الله ٢ - حفظه نبيّه محمَّد ، ٣-حفظته الأُمَّة: كافَّة عن كافَّة، عصراً بعد عصر، ولا يمكن أن يوجد شيئٌ من الدين غفل عنه أو نسيه الأُمّة.

فالأُمّة بالقرآن والسنّة أعلم من جميع الأئمّة، وأقرب من إهتداء الأئمّة، وعلم الأُمَّة بالقرآن وسنن النبيِّ اليوم أكثر وأكمل من علم عليٍّ ومن علوم كلِّ أولاد عليٍّ.

ومن عظيم فضل الله على نبيِّه، ثمَّ من عموم وعميم فضل الله على الأُمّة أن جعل في الأُمّة من أبناء الأُمّة كثيراً هم أعلم بكثير من الأئمّة ومن صحابة النبيِّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم. لز.

وكلُّ حادثة إذا وقعت فالأُمَّة لا تخلو من حكم حقٍّ وصواب وجواب يُريه الله الواحدَ من الأُمَّة الّتي ورثت نبيَّها وصارت رشيدةً ببركة الرِّسالة وختمها أرشد إلى الهداية وإلى الحق من كلِّ إمام، والأُمَّة مثل نبيِّها معصومةٌ ببركة الرِّسالة و كتابها، ومعصومةٌ بعقلها العاصم.

الأُمَّة بلغت وصارت رشيدةً لا تحتاج إلى الإمام، رشدها وعقلها يُغنيها عن كلِّ إمام. لح.

أنا لا أنكر على الشيعة عقيدتها أنَّ الأئمَّة معصومةٌ، وإنَّما أنكر عليها عقيدتها

_____________________

١ - أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر يأتي هناك شعره وترجمته.

٣٢٥

أنّ أُمَّة محمَّد لم تزل قاصرةً ولن تزال قاصرةً، تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة، والأُمَّة أقرب إلى العصمة والإهتداء من كلِّ إمام معصوم، وأهدى إلى الصواب والحقِّ من كلّ إمام معصوم، لأنَّ عصمة الإمام دعوى، أمّا عصمة الأُمَّة فبداهة وضرورة بشهادة القرآن. لط.

ليس يُمكن في العالم نازلة حادثة ليس لها جوابٌ عند الأُمَّة: وعقلنا لا يتصوَّر إحتياج الأُمَّة إلى إمام معصومٍ، وقد بلغت رشدها، ولها عقلها العاصم، وعندها كتابها المعصوم، وقد حازت بالعصوبة كلَّ مواريث نبيِّها، وفازت بكلِّ ما كان للنبيِّ بالنبوَّة.

الأُمَّة بعقلها وكمالها ورشدها بعد ختم النبوَّة أكرم وأعزّ وأرفع من أن تكون تحت وصاية وصيٍّ تبقى قاصرةً إلى الأبد. ما

ج - هذه سلسلة أوهام، وحلقة خرافات تبعد عن ساحة أيِّ متعلّمٍ متفقِّه فضلاً عمَّن يرى نفسه فقيهاً، فكأنَّ الرجل يتكلّم في الطيف في عالم الأضغاث والأحلام.

ألا مَن يُسائله عن أنَّ الأُمَّة إذا كانت معصومةً حافظةً لكلّيات الدين وجزئيّاته أصلاً وفرعاً، ومبلّغةً جميع ذلك كافَّة عن كافَّة وعصراً بعد عصر، ولم يوجد هناك شيئٌ منسيٌّ أو مغفولٌ عنه، فما معنى أعلميَّتها من جميع الأئمَّة؟ وأقربيّة إهتدائها من إهتدائهم؟ أيراهم خارجين عن الأُمَّة غير حافظين ولا مهتدين، في جانب عن الدين الذي حفظته الأُمَّة، لا تشملهم عصمتها ولا حفظها ولا اهتدائها ولا تبليغها؟.

وعلى ما يهم الرَّجل يجب أن لا يوجد في الأُمَّة جاهلٌ، ولا يقع بينها خلافٌ في أمر دينيّ أو حكم شرعيّ، وهؤلاء جهلاء الأُمَّة الذين سدّوا كلَّ فراغ بين المشرق والمغرب، وتشهد عليهم أعمالهم وأقوالهم بأنَّهم جاهلون - وفي مقدَّمهم هو نفسه - وما شجر بين الأُمَّة من الخلاف منذ عهد الصحابة وإلى يومنا الحاضر ممّا لا يكاد يخفى على عاقل، وهل يُتصوَّر الخلاف إلّا بجهل أحد الفريقين بالحقيقة الناصعة؟ لأنَّها وحدانيَّةٌ لا تقبل التجزية، أيرى من الدين الذي حفظته الأُمَّة وبلّغته جهل عليٍّ وأولاده من بينهم بالقرآن والسنن؟ أم يراهم أنَّهم ليسوا من الأُمَّة؟ فيقول: إنَّ علم الأُمَّة بالقرآن وسنن النبيِّ اليوم أكثر وأكمل من علم عليّ ومن علوم كلِّ أولاد عليّ. ومتى أحاط هو بعلم عليّ وأولاده عليهم السَّلام وبعلم الأُمَّة جمعاء؟ حتى يسعه

٣٢٦

هذا التحكّم الباتّ والفتوى المجرَّدة.

والعجب أنَّه يرى أنَّ الأُمَّة إذا وقعت حادثةٌ يُري الله لواحد منها الحكم وصواب الجواب، وأنها ورثت نبيَّها، ورشدت ببركة الرِّسالة وبها وبكتابها ما تلت نبيَّها في العصمة، وإنَّها معصومةٌ بعقلها العاصم، فما بال الأئمَّة [عليٍّ وأولاد عليّ] لا يكون من أولئك الآحاد الذين يُريهم الله الحق والصواب؟! وما بالهم قصروا عن الوراثة المزعومة؟! وليس لهم شركة في علم الأُمَّة؟ ولم تشملهم بركة الرِّسالة وكتابها؟ ولا يُماثلون النبيَّ في العصمة؟ ولا يوجد عندهم عقلٌ عاصم؟ وأعجب من هذه كلّها هتافُ الله بعصمتهم في كتابه العزيز، ألا يعلم مَنْ خلق وهو اللطيف الخبير؟ أم على قلوب أقفالها؟.

ولعلّي يسعني أن أقول بأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله كان أبصر وأعرف بأُمَّته من صاحب هذه الفتاوى المجرَّدة، وأعلم بمقادير علومهم وبصائرهم، فهو بعد ذلك كلّه خلّف لهداية أمَّته من بعده الثقلين: كتاب الله وعترته [ويريد الأئمَّة منهم] وقال: ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي وإنَّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض، فحصر الهداية بالتمسّك بهما واقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يُفيدنا أنَّ عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمَّة، وإنَّه ليس في حيّز الإمكان أن تبلغ الأُمَّة وهي غير معصومة من الخطأ ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغاً يستغنى به عمَّن يرشدها في مواقف الحيرة.

فأئمَّة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النصِّ الأغرّ، وهم مفسِّروه والواقفون على مغازيه ورموزه، ولو كانت الأُمَّة أو أنَّ فيها مَن يُضاهيهم في العلم والبصيرة فضلاً عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النصُّ الصريح مجازفة في القول

لا سيّما وأنَّ الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد «يوم الغدير» وقد ألقاه صاحب الرِّسالة على مائة ألف أو يزيدون، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبويِّ، هنالك نعى نفسه وهو يرى أُمَّته [وحقّاً ما يرى] قاصرةً (ولن تزل قاصرةً) عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.

وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لا يعترض صدوره أيّ ريب، وللعلّامة السمهودي كلامٌ حول هذا الحديث أسلفناه ص ٨٠. وكان يرى صلّى الله عليه وآله مسيس حاجة

٣٢٧

أُمَّته إلى الخليفة من يوم بدء دعوته يوم أمر بإنذار عشيرته كما مرَّ حديثه ج ٢ ص ٢٧٨(١) وممّا يُماثل هذا النصّ حديث سفينة نوح حيث شبّه فيه نفسه وأهل بيته (ويريد الأئمَّة منهم) بسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، فحصر النجاة باتِّباعهم المستعار له ركوب السفينة، ولولا أنَّ لهم علوماً وافيةً بإرشاد الأُمَّة وأنَّها لا تهتدي إليها إلّا بالأخذ منهم لما استقام هذا التشبيه ولا اتَّسق ذلك الكلام.

ومثله حديث تشبيهه صلّى الله عليه وآله أهل بيته بالنجوم، فأهل بيته أعلامٌ وصوى للهداية يُهتدى بهم في ظلمات الغيِّ والخلاف، كما أنَّ النجوم يُهتدى بها في غياهب الليل البهم، ولولا أنَّهم أركان العلم والهداية لما يتمّ التمثيل.

ولو كان علم الأُمَّة اليوم بالقرآن والسنن أكثر وأكمل من علم عليٍّ ومن علوم كلِّ أولاد عليٍّ (كما زعمه المسكين) فكيف خفي ذلك على رسوله الله فقال و كأنَّه لم يعرف أُمَّته: أعلم أُمَّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب؟

وكيف اتَّخذه وعاء علمه وبابه الَّذي يُؤتى منه؟

وكيف رآه باب علمه ومبيِّن أُمَّته بما أُرسل به من بعده؟

وكيف أخبر أُمَّته بأنَّه خازن علمه وعيبته؟

وكيف خصَّه بين أُمَّته بالوصيَّة والوارثة لعلمه؟

وكيف صحَّ عن أمير المؤمنين قوله: والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمِّه و وارث علمه، فمن أحقُّ به منّي؟

وكيف حكم الحافظ النيسابوري بإجماع الأُمَّة على أنَّ عليّاً ورث العلم من النبيِّ دون الناس؟

وعلى هذه كلّها فلازم كون الأُمَّة أعلم من عليٍّ كونها أعلم من رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنَّه ورث علمه كلّه.

ثمَّ كيف كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يرى أنَّ الله جعل الحكمة في أهل بيته وفي الأُمَّة مَن هو أعلم منهم؟ وقد صحّ عنه صلّى الله عليه وآله قوله: أنا دار الحكمة وعليٌّ بابها.

وكيف يأمر أُمَّته بالإقتداء بأهل بيته من بعده ويعرِّفهم بأنَّهم خُلقوا من طينتي

_____________________

١ - في الطبعة الثانية. وص ٢٥١ من الأولى.

٣٢٨

ورُزقوا فهمي وعلمي؟

وكيف يراهم أئمَّة أُمَّته ويقول: في كلِّ خلوف من أُمَّتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطين، وتأويل الجاهلين، ألا إنَّ أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا بمن توفدون(١) .

م - والأُمَّة إن كانت غير قاصرة لا تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة كما زعمه المغفَّل ولا يتصوّر عقله إحتياجها إلى إمام معصوم فلماذا أخَّرت الأُمَّة تجهيز نبيِّها صلّى الله عليه وآله ودفنه ثلاثة أيّام؟ وهذه كتب القوم تنصُّ على أنّ ذلك إنّما كان لاشتغالهم بالواجب الأهمّ ألا وهو. أمر الخلافة وتعيين الخليفة.

قال ابن حجر في الصواعق ص ٥: إعلم أنّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا علي أنَّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوَّة واجبٌ، بل جعلوه أهمَّ الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واختلافهم في التعيين لا يقدح في الإجماع المذكور.

والباحث يجد نظير هذه الكلمة في غضون الكتب كثيراً، فكيف يتصوّر عندئذ عقل الرَّجل مسيس حاجة الأُمَّة يوم ذلك إلى إمام غير معصوم وهي لا تحتاج إلى إمام معصوم قطُّ إلى يوم القيامة؟؟].

٢ - بسط القول في المتعة ومُلخَّصه: إنَّها من بقايا الأنكحة الجاهليَّة، ولم تكن حكماً شرعيّاً، ولم تكن مباحةً في شرع الإسلام، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعيٍّ وإنَّما كان نسخ أمر جاهليٍّ، ووقع الإجماع على تحريمها، ولم ينزل فيها قرآن، ولا يوجد في غير كتب الشيعة قولٌ لأحد أنَّ فما استَمتعتم به مِنهنَّ فآتوهُنَّ أُجورَهُنَّ نزل فيها، ولا يقول به لا جاهلٌ يدّعي ولا يعي، وكتب الشيعة ترفع القول به إلى الباقر والصّادق وأحسن الإحتمالين أنّ السند موضوعٌ وإلّا فالباقر والصّادق جاهلٌ ٣٢ - ١٦٦.

ج - هذه سلسلة جنايات على الإسلام وكتابه وحكمه، وتكذيبٌ على ما جاء به نبيّه وأقرَّ به السلف من الصحابة والتابعين والعلماء من فرق المسلمين بأسرهم. وقد فصَّلنا القول فيها في رسالة تحت نواحي خمس نأخذ منها فهرستها ألا وهو:

_____________________

١ - راجع في هذه الأحاديث المذكورة ص ٨٠، ٨١، ٩٥، ١٠١، ١٢٣ من هذا الجزء

٣٢٩

( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنّ فَآتُوهُنّ أُجُورَهُنّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيَما تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ) [سورة النساء ٢٤] ذُكر نزولها في المتعة في أوثق مصادر التفسير منها:

١ - صحيح البخاري ٢ - صحيح مسلم ٣ - مسند أحمد ٤ ص ٤٣٦، بإسنادهم عن عمران بن حصين. وتجده في تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠، ٢٠٢. وتفسير أبي حيان ٣ ص ٢١٨.

٤ - تفسير الطبري ٥ ص ٩ عن إبن عبّاس وأُبيِّ بن كعب والحَكَم وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وشعبة وأبي ثابت.

٥ - أحكام القرآن للجصّاص ٢ ص ١٧٨ حكاه عن عدَّة.

٦ - سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٥ رواه عن إبن عبّاس.

٧ - تفسير البغوي ١ ص ٤٢٣ عن جمع، وحكى عن عامَّة أهل العلم أنّها منسوخةٌ.

٨ - تفسير الزمخشري ١ ص ٣٦٠.

٩ - أحكام القرآن للقاضي ١ ص ١٦٢ رواه عن جمع.

١٠ - تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٠ قال: قال الجمهور: إنّها في المتعة.

١١ - تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠ ذكر عن الصحيحين حديث عمران أنّها في المتعة.

١٢ - شرح صحيح مسلم للنووي ٩ ص ١٨١ عن ابن مسعود.

١٣ - تفسير الخازن ١ ص ٣٥٧ عن قوم وقال: ذهب الجمهور أنّها منسوخةٌ.

١٤ - تفسير البيضاوي ١ ص ٢٦٩. يروم إثبات نسخها بالسنّة.

١٥ - تفسير أبي حيّان ٣ ص ٢١٨ عن جمعٍ من الصحابة والتابعين.

١٦ - تفسير إبن كثير ١ ص ٤٧٤ عن جمع من الصحابة والتابعين.

١٧ - تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠ رواه عن جمعٍ من الصحابة والتابعين بطريق الطبراني. وعبد الرزاق. والبيهقي. وابن جرير. وعبد بن حميد. وأبي داود. و إبن الأنباري.

١٨ - تفسير أبي السعود ٣ ص ٢٥١.

قال الأميني: أليست [أيّها الباحث] هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل

٣٣٠

السنّة؟ أم ليسوا هؤلاء أعلامهم وأئمّتهم في التفسير؟ فأين مقيل قول الرَّجل: لم ينزل فيها قرآنٌ ولا يوجد في غير كتب الشيعة؟ وهل يسع الرَّجل أن يقل في هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمّة بما قاله في الباقر والصّادق عليهما السّلام ويسلقهم بذلك اللسان البذيّ؟.

٢ - حدود المتعة في الإسلام.

أسلفنا في ص ٣٠٦ للمتعة حدوداً جاء بها الإسلام، ولم يكن قطُّ نكاحٌ في الجاهليّة معروفاً بتلك الحدود، ولم ير أحدٌ من السلف والخلف حتى اليوم أنَّ المتعة من أنكحة الجاهليّة، ولا يمكن القول بذلك مع تلك الحدود، ولا قيمة لفتوى الرَّجل عندئذ، وهي مفصّلةٌ في كتب كثيرة منها:

١ - سنن الدارمي ٢ ص ١٤٠.

٢ - صحيح مسلم ج ١ في باب المتعة.

٣ - تفسير الطبري ٥ ص ٩ ذكر من حدودها: النكاح. الأجل. الفراق بعد انقضاء الأجل. الإستبراء. عدم الميراث.

٤ - أحكام القرآن للجصّاص ٢ ص ١٧٨ ذكر من حدودها: العقد. الأُجرة. الأجل. العدَّة. عدم الميراث.

٥ - سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٠ أخرج أحاديث فيها بعض الحدود.

٦ - تفسير البغوي ١ ص ٤١٣ ذكر عدَّة من الحدود.

٧ - تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٢ ذكر عدَّة من الحدود.

٨ - تفسير الرازي ٣ ص ٢٠٠ ذكر عدَّة من الحدود.

٩ - شرح صحيح مسلم للنووي ٩ ص ١٨١، إدَّعى إتِّفاق العلماء على الحدود.

١٠ - تفسير الخازن ١ ص ٢٥٧ ذكر الحدود الستّ.

١١ - تفسير إبن كثير ١ ص ٤٧٤ ذكر الحدود الستّ.

١٢ - تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠ ذكر من حدودها خمسةً.

١٣ - الجامع الكبير للسيوطي ٨ ص ٢٩٥ ذكر من حدودها خمسةً

وفي غير واحد من كتب المذاهب الأربعة في الفقه.

٣٣١

٣ - (أوَّل من نهى عن المتعة):

وقفنا على خمسة وعشرين حديثاً في الصّحاح والمسانيد يدرسنا بأنَّ المتعة كانت مباحةً في شرع الإسلام، وكان الناس تعمل بها في عصر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبي بكر وردحاً من خلافة عمر، فنهى عنها عمر في آخر أيّامه وعرف بأنَّه أوَّل مَن نهى عنها فعلى الباحث أن يُراجع:

صحيح البخاري باب التمتّع. صحيح مسلم ١ ص ٣٩٥، ٣٩٦. مسند أحمد ٤ ص ٤٣٦، ج ٣ ص ٣٥٦. الموطّأ لمالك ٢ ص ٣٠. سنن البيهقي ٧ ص ٢٠٦. تفسير الطبري ٥ ص ٩. أحكام القرآن للجصّاص ٢ ص ١٧٨. النهاية لإبن الأثير ٢ ص ٢٤٩. الغريبين للهروي. الفائق للزمخشري ١ ص ٣٣١. تفسير القرطبي ٥ ص ١٣٠. تاريخ ابن خلكان ١ ص ٣٥٩. المحاضرات للراغب ٢ ص ٩٤. تفسير الرازي ٣ ص ٢٠١، ٢٠٢. فتح الباري لابن حجر ٩ ص ١٤١. تفسير السيوطي ٢ ص ١٤٠. الجامع الكبير للسيوطي ٨ ص ٢٩٣. تاريخ الخلفاء له ص ٩٣. شرح التجريد للقوشجي في مبحث الإمامة.

٤ - (الصحابة والتابعون):

ذهب جمعٌ من الصحابة والتابعين إلى إباحة المتعة وعدم نسخها مع وقوفهم على نهي عمر عنها، ولهم ولرأيهم شأنٌ في الأُمَّة، وفيهم مَن يجب عليها إتباعه.

١ - أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ٢ - إبن عبّاس حبر الأُمَّة

٣ - عمران بن الحصين الخزاعي ٤ - جابر بن عبد الله الأنصاري

٥ - عبد الله بن مسعود الهذلي ٦ - عبد الله بن عمر العدوي

٧ - معاوية بن أبي سفيان ٨ - أبو سعيد الخدري الأنصاري

٩ - سلمة بن أُميَّة الجمحي ١٠ - معبد بن أُميَّة الجمحي

١١ - الزبير بن العوام القرشي ١٢ الحكم

١٣ - خالد بن المهاجر المخزومي ١٤ - عمرو بن حُريث القرشي

١٥ - أُبيّ بن كعب الأنصاري ١٦ - ربيعة بن أُميَّة الثقفي

١٧ - سعيد بن جبير ١٨ - طاووس اليماني

١٩ - عطاء أبو محمّد اليمانيّ ٢٠ - السديّ

٣٣٢

قال إبن حزم بعد عدَّ جمع من الصحابة القائلين بالمتعة: ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وساير فقهاء مكّة.

قال أبو عمر: أصحاب إبن عبّاس من أهل مكّة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً. قال القرطبي في تفسيره ٥ ص ١٣٢: أهل مكّة كانوا يستمتعونها كثيراً.

قال الرازي في تفسيره ٣ ص ٢٠٠ في آية المتعة: إختلفوا في أنَّها هل نسخت أُم لا؟ فذهب السواد الأعظم من الأُمَّة إلى أنَّها صارت منسوخة، وقال السواد منهم: إنَّها بقيت مُباحةً كما كانت. قال أبو حيّان بعد نقل حديث إباحة المتعة: وعلى هذا جماعةٌ من أهل البيت والتابعين.

قال الأميني: فأين دعوى إجماع الأُمَّة علي حرمة المتعة ونسخ آيتها؟ وأين عزو القول بإباحتها إلى الباقر والصّادق عليها السَّلام فحسب؟ وهناك ناحيةٌ خامسةٌ فيها بيان أقوال أهل السنَّة في المتعة ونسخها وهي ٢٢ قولاً يُعرب هذا التضارب في الآراء عن فوائد جمَّة نُحيل الوقوف عليها إلى دراية الباحث(١) .

ونحن لا يسعنا بسط المقال في طامّات هذا الكتاب إذ كلُّ صحيفة منه أهلك من ترّهات البسابس، تُعرب عن أنَّ مؤلِّفه بعيدٌ عن أدب الإسلام، بعيدٌ عن فقه القرآن والحديث، قصيرُ الباع عن كلِّ علم، قصيرُ الخُطا عن كلِّ ملكة فاضلة، بذيُّ اللسان لسّابة، وهو يعدُّ نفسه مع ذلك في كتابه من فقهاء الإسلام، فإن كان الإسلام هذا فقهه وهذا فقيهه؟ وهذا علمه وهذا عالمه؟ وهذا كتابه وهذا كاتبه؟ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

[هذه غاية البحث عن الكتب المزوَّرة].

_____________________

م ١ - ولنا القول الفصل في البحث عن المتعة في الجزء السادس من كتابنا هذا).

٣٣٣

الآن حصحص الحق

الآن حقَّ علينا أن نُميط الستر عن خبيئة أسرارنا، ونُعرب عن غايتنا المتوخّاة من هذا البحث الضافي حول الكتب، الآن آن لنا أن ننوِّه بأنَّ ضالَّتنا المنشودة هي إيقاظ شعور الأُمّة الإسلاميَّة إلى جانب مهمّ فيه الصالح العام والوئام والسَّلام والوحدة الإجتماعيَّة، وحفظ ثغور الإسلام عن تهجّم سيل الفساد الجارف.

يا قوم؟ إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكَّلتُ. أُنشدكم بالله أيّها المسلمون هل دعايةٌ أقوى من هذه الكتب إلى تفريق صفوف المسلمين؟ وتمزيق شملهم؟ وفساد نظام المجتمع؟ وذهاب ريح الوحدة العربيَّة؟ وفصم عرى الأُخوة الإسلاميَّة؟ وإثارة الأحقاد الخامدة؟ وحشِّ نيران الضغاين في نفوس الشعب الإسلاميِّ؟ ونفخ جمرة البغضاء والعداء المحتدم بين فرق المسلمين؟.

يا قوم؟ اتَّبعوني أهدكم سبيل الرَّشاد. هذه الكتب يُضادُّ صراخها نداء القرآن البليغ. هذه النعرات المشمرجة(١) تُشيع الفحشاء والمنكر في الملأ الدينيِّ. هذه الكلم الطائشة معاول هدّامة لأُسِّ مكارم الأخلاق التي بُعث لتتميمها نبيُّ الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلّم هذه الألسنة السَّلاقة اللسّابة البذّاءة مدرِّسات الأمّة بفاحش القول، وسوء الأدب، وقبح العشرة، وضدِّ المداراة، وبالشراسة والقحَّة والشياص. هذه التعاليم الفاسدة فيها دَحْسٌ لنظام المجتمع، ودحلٌ بين الفرق الإسلاميَّة، وهتكٌ لناموس الشرع المقدَّس وعبثٌ بسياسة البلاد، وصدعٌ لتوحيد العباد، هذه الأقلام المسمومة تمنع الأُمَّة عن سعادتها ورُقيِّها، وتولد العراقيل في مسيرها ومسربها، وتمحو ما خطَّته يدُ الإصلاح في صحائف القلوب، وتُحيي في النفوس ما عقمته داعية الدين.

يا أيّها النّاس قدْ جاءتكم موعظةٌ مِنْ ربِّكم وشفاءٌ لِما فِي الصّدور. إنَّ الآراء الدينيَّة الإسلاميَّة إجتماعيَّةٌ يشترك فيها كلُّ معتنق بالإسلام، إذ لا تمثَّل في

_____________________

١ - الشمراج: المخلط من الكلام بالكذب. والشمرج: الباطل.

٣٣٤

الملأ إلّا باسم الدين الإجتماعيِّ، فيهمُّ كلَّ إسلاميّ يحمل بين جنبيه عاطفةً دينيَّةً أن يدافع عن شرف نحلته، وكيان ملّته، مهما وجد هناك زلَّةً في رأي، أو خطأً في فكرةٍ، ولا يسعه أن يُفرِّق بين باءةٍ وأُخرى، أو يخصَّ نفسه بحكومة دون غيرها [إن هي إلّا أسماءٌ سمَّيتموها أنتم وآبائكم] بل الأرض كلّها بيئة المسلم الصّادق والإسلام حكومته، وهو يعيش تحت راية الحق، وتوحيد الكلمة ضالَّته، وصدق الإخاء شعاره أينما كان وحيثما كان.

هذا شأن الأفراد وكيف بالحكومات العزيزة الإسلاميَّة؟ التي هي شعبُ تلك الحكومة العالميَّة الكبرى، ومفرداتُ ذلك الجمع الصحيح، ومقطَّعات حروف تلك الكلمة الواحدة، كلمة الصدق والعدل، كلمة الإخلاص والتوحيد، كلمة العزِّ والشرف، كلمة الرُقيِّ والتقدُّم.

فأنّى يسوغ لحكومة مصر العزيزة أن تُرخِّص لنشر هذه الكتب في بلادها؟ وتُشوِّه سمعتها في أرجاء الدنيا؟ وهي ثغر الإسلام المستحكم من أوَّل يومه، وهي مدرسة الشرق المؤسَّسة تحت راية الحقِّ بيد رجال العلم والدين.

أليس عاراً على مصر بعد ما مضت عليها قرونٌ متطاولةٌ بحسن السمعة أن تُعرَّف في العالم بأُناسٍ دجّالين، وكتّابٍ مستأجرين، وأقلامٍ مسمومةٍ، وأن يُقال: إنَّ فقيهها موسى جار الله، وعالمها القصيميُّ، ومصلحها أحمد أمين، وعضو مؤتمرها محمّد رشيد رضا، ودكتورها طه حسين، ومؤرِّخها الخضري، وأُستاذ علوم إجتماعها محمّد ثابت، وشاعرها عبد الظاهر أبو السَّمح.

أليس عاراً على مصر أن يتملّج ويتلمَّظ بشرفها الدُّخلاء من إبن نجدٍ ودمشق فيؤلِّف أحدهم كتاباً في الرَّدِّ على الإماميَّة ويسمِّيه [الصراع بين الإسلام والوثنيَّة] ويأتي آخر يُقرِّظه بشعره لا بشعوره ويُعرِّف الشيعة الإماميَّة بقوله:

ويحمل قلبهم بغضاً شنيعاً

لخير الخلق ليس له دفاعُ

يقولون: الأمين حبا بوحي

وخان. وما لهم عن ذا ارتداعُ

فهل في الأرض كفرٌ بعد هذا؟

ولمن يهوى متاعُ

فما للقوم دينٌ أو حياءٌ

بحسبهم من الخزي [الصراعُ]

٣٣٥

ألم يأنِ للَّذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله؟ أيحسب امرئٌ مصريٌّ أنَّ إشاعة هذه الكتب، وبثَّ هذه المخاريق والنسب المفتعلة، ونشر هذه التآليف التافهة حياةٌ للأُمَّة المصريَّة، وإيقاظٌ لشعور شعبها المثقَّف، وإبقاءٌ لكيان تلك الحكومة العربيَّة العزيزة، وتقدُّمٌ ورقيٌّ في حركاتها العلميَّة. الأدبيَّة. الأخلاقيَّة. الدينيَّة. الإجتماعيَّة؟.

أسفاً على أقلام مصر النزيهة، وأعلامها المحنّكين، ومؤلِّفيها المصلحين، وكُتّابها الصادقين، وعباقرتها البارعين، وأساتذتها المثقّفين، ورجالها الأمناء على ودايع العلم والدين.

أسفاً على مصر وعلمها المتدفِّق، وأدبها الجمِّ، وروحها الصحيحة، ورأيها الناضج، وعقلها السليم، وحياتها الدينيّة، وإسلامها القديم، وولائها الخالص، وتعاليمها القيّمة، ودروسها العالية، وخلايقها الكريمة، وملكاتها الفاضلة.

أسفاً على مصر وعلى تلكم الفضائل وهي راحت ضحيَّة تلك الكتب المزخرفة، ضحيَّة تلك الأقلام المستأجرة، ضحيَّة تلك النزعات الفاسدة، ضحيَّة تلك الصحائف السوداء، ضحيَّة تلك النعرات الحمقاء، ضحيَّة تلك المطابع المأسوف عليها، ضحيَّة أفكار أولئك المحدَثين المتسرِّعين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، وإذا قيل لهم لا تُفسدوا في الأرض قالوا إنَّما نحن مُصلحون، ألا إنَّهم هم المفسدون ولكن لا يَشعرون.

أليست هذه الكتب بين يدي أعلام مصر ومشايخها المثقَّفين؟ أم لم يوجد هناك مَن يحمل عاطفةً دينيَّة، وشعوراً حيّاً، وفكرةً صالحة يُدافع عن ناموس مصره المحبوبة قبل ناموس الشرق كلّها؟

والعجب كلُّ العجب أنَّ علّامة مصر(١) يُرى للمجتمع أنَّه الناقد البصير فيقرِّظ كتاباً(٢) قيّما لعربيٍّ صميم عراقيٍّ يُعدُّ من أعلام العصر ومن عظماء العالم ويُناقش دون ما في طيِّه من الأغلاط المطبعيّة ممّا لا يترتَّب به على الأُمَّة ولا على

_____________________

١ - الأستاذ أحمد زكي.

٢ - أصل الشيعة وأصولها. لشيخنا العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء.

٣٣٦

فردٍ منها أيّ ضرر وخسارة بمثل قوله: كلّما. صوابه: كلّ ما. شرع. صوابه: شرح. شيخنا. صوابه: شيخا.

مرحباً بهذا الحرص والإستكناه في الإصلاح والتغاضي عن تلكم الكوارث، مرحباً بكلاءة ناموس لغة العرب والصفح عن دينه وصالح ملّته، مرحباً بهذه العاطفة المصلحة لتأليف مشايخ الشيعة، والتحامل عليهم بذلك السباب المقذع، مرحباً مرحباً مرحباً.

لِمَ لم يرق أمثال هذا النابه النيقد أن يأخذ بميزان القسط، وقانون العدل، وناموس النصفة، وشرعة الحقّ، وواجب الخدمة للمجتمع، ويُلفت مؤلِّف مصره العزيزة إلى تلكم الهفوات المخزية في تلكم التآليف التي هي سلسلة بلاء، وحلقات شقاء تنتهي إلى هلاك الأُمَّة ودمارها، وتجرُّ عليها كلّ سوءة، وتُسفّها إلى حضيض التَّعاسة؟.

وإن تعجب فعجبٌ نشر هذه الكتب في العراق وهي تمسُّ بكرامة ناموسها بعد ناموس الإسلام المقدَّس ورجالها بعدُ أحياء، وشعبها بعدُ نابغ، وشعورها بعدُ حيٌّ، ودينها بعدُ مستقرّ، وغيرة العرب بعدُ هي هي، وشهامة الشبيبة بعدُ لم تهرم، وجلادة الشيوخ بعدُ لم تضعف، وأزمَّة حكومتها بعدُ بيد آل هاشم.

يعزُّ على أُمِّ العراق أن تسمع أُذنها واعية أنَّ في فنادق النجف وسيطٌ يعرض جمعاً من فتياتها إلى الوافد لينتقي منهنَّ وفتاتها تتزوّج مرّات في الليلة الواحدة(١)

كيف تسمع أُذن العراق نداء أنَّ النجفيِّين هم الدَّجالون والضّالّون المضلّون قد تزيّوا بزيِّ المسلمين وشاركوهم في كثير من الشعاير؟ - إلى آخر ما لا يصلح ذكره - وقبل هذه كلّها تلك الصرخة التي تمسُّ بكرامة رجالات البيت الهاشمي(٢)

أيحسب عراقيٌّ حاسّ أنَّ في طيِّ هذه الكتب صلاحاً لمجتمع العراق؟ أو حياةً لروح أبناءها؟ أو درس أخلاق لأُمَّتها؟ أو رقيّاً وتقدُّماً لشعبها؟ أو ثقافةً رجالها؟ أو علماً لطلّابها؟ أو أدباً لكتّابها؟ أو ديناً لمسلميها؟ أو مادَّة لمثريها؟ أو لها دخلٌ في سياسة حكومتها الإسلاميَّة المحبوبة؟.

_____________________

١ - راجع الجولة في ربوع الشرق الأدنى ص ١١٢.

٢ - راجع السنة والشيعة ص ٤٨.

٣٣٧

فواجب المسلم الصّادق في دعواه الحافظ على شرفه وعزِّ نحلته، رفض أمثال هذه الكتب المبهرجة، ولفظها بلسان الحقيقة، والكفُّ عن اقتنائها وقرائتها، والتجنّب عن الإعتقاد والتصديق بما فيها، والبعد عن الأخذ والبخوع بما بين دفوفه، والإخبات إلى ما فيها قبل أن يعرضها إلى نظّارة التنقيب، وصيارفة النقد والإصلاح، أو النظر إليها بعين التنقيب وإردافها بالردِّ والمناقشة فيها إن كان من أهلها. وإن فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً وأشدُّ تثبيتاً.

وواجب رجال الدعاية والنشر في الحكومات الإسلاميَّة عرض كلِّ تأليفٍ مذهبيٍّ حول أيِّ فرقة من فرق الإسلام إلى أصولها ومبادئها الصحيحة المؤلّفة بيد رجالها ومشايخها، والمنع عمّا يُضادُّها ويُخالفها، إذ هم عيون الأُمَّة على ودايع العلم والدين، وحفظة ناموس الإسلام، وحرسة عُرى العروبة، إن عقلوا صالحهم، وعليهم قطع جذوم الفساد قبل أن يُؤجِّج المفسد نار الشحناء في الملأ ثمَّ يعتذر بعدم الإطِّلاع وقلّة المصادر عنده كما فعل أحمد أمين [بعد نشر كتابه فجر الإسلام] في ملأ من قومه، والإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره، ولا عذر لأيِّ أحد في القعود عن واجبه الدينيِّ الإجتماعيِّ.( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

ونحن نُرحِّب بكتاب كلِّ مذهب وتأليف كلِّ ملّة أُلِّف بيد الصِّدق والأمانة، بيد الثقة والرزانة، بيد التحقيق والتنقيب، بيد العدل والإنصاف، بيد الحبِّ والإخاء بيد أدب العلم والدين،( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) .

( ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكَى‏ لَكُمْ وَأَطْهَرُ )

سورة البقرة: ٢٣٢

٣٣٨

فهرست شعراء الغدير

في القرن الرابع

١ - أبو الحسن ابن طباطبا الاصبهانى ألمتوفى ٣٢٢

٢ - أبو جعفر أحمد بن علوية الاصبهاني ألمتوفى ٣٢٠

٣ - أبو عبدالله محمَّد المفجع البصرى ألمتوفى نيف و٣٢٧

٤ - أبو القاسم أحمد بن محمّد الصنوبرى ألمتوفى ٣٣٤

٥ - أبو القاسم على بن محمّد التنوخى ألمتوفى ٣٤٢

٦ - أبو القاسم على بن اسحاق الزاهى ألمتوفى ٣٥٢

٧ - أبو فراس أمير الشعراء الحمدانى ألمتوفى ٣٥٧

٨ - أبو الفتح محمود بن محمّد كشاجم ألمتوفى ٣٦٠

٩ - أبو عبدالله الحسين البشنوى ألمتوفى بعد ٣٨٠

١٠ - أبو القاسم الوزير الصاحب بن عباد ألمتوفى ٣٨٥

١١ - أبو عبدالله ابن الحجاج البغدادى ألمتوفى ٣٩١

١٢ - أبو العبّاس الوزير أحمد الضبى ألمتوفى ٣٩٨

١٣ - أبو حامد أحمد بن محمّد الانطاكى ألمتوفى ٣٩٩

١٤ - أبو النجيب شداد الظاهر الجزرى ألمتوفى ٤٠١

١٥ - أبو محمّد طلحة الغسَّانى العونى

١٦ - أبو العلاء محمَّد بن ابراهيم السرورى

١٧ - أبو الحسن على الجوهرى الجرجانى

١٨ - أبو الحسن على بن حماد العبدى

١٩ - أبو الفرج ابن هندو الرازى

٣٣٩

شعراء الغدير

في القرن الرّابع

١٥

ابن طباطبا الاصبهاني

المتوفّى ٣٢٢

يا مَن يُسرُّ ليَ العداوة أبدها

واعمد لمكروهي بجهدك أو ذرِ

لله عندي عادةٌ مشكورةٌ

فيمن يعاديني فلا تتحيَّرِ

أنا واثقٌ بدعاء جدّي المصطفى

لأبي غداة «غدير خمّ» فاحذرِ

والله أسعدنا بإرث دعائه

فيمن يُعادي أو يُوالي فاصبرِ(١)

(الشاعر)

أبو الحسن محمَّد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الإمام السبط الحسن بن الإمام عليِّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم، الشهير بإبن طباطبا.

عالمٌ ضليعٌ، وشاعرٌ مفلقٌ، وشيخٌ من شيوخ الأدب، ذكر المرزباني في «معجم الشعراء» ص ٤٦٣: إنَّ له كتباً ألَّفها في الأشعار والآداب، وذكر منها أصحاب المعاجم(٢) .

١ - كتاب سنام المعالي.

٢ - كتاب عيار الشعر. وفي فهرست إبن النديم ص ٢٢١: معاير الشعر. وقال الحموي في «معجم الأدباء» ٣ ص ٥٨: ألَّف الآمدي الحسن بن بشز كتاباً في إصلاح ما فيه.

٣ - كتاب الشعر والشعراء.

٤ - كتاب نقد الشعر.

_____________________

١ - خاطب بها أبا علي الرستمي كما في «ثمار القلوب» للثعالبي ٥١١.

٢ - راجع ثمار القلوب ٥٠٧، فهرست ابن النديم ١٩٦، معجم الأدباء ١٧ ص ١٤٣. عمدة الطالب ١٦٢

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418