الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 92836
تحميل: 6320


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 92836 / تحميل: 6320
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٥ - كتاب تهذيب الطبع.

٦ - كتاب العروض. قال الحموي: لم يسبق إلى مثله.

٧ - كتاب فرائد الدرّ. كتب إلى صديق له كان قد استعاره يسترجعه منه:

يا درّ ردّ فرائد الدرِّ

وارفق بعبد في الهوى حرِّ

٨ - كتاب المدخل في معرفة المعمّى من الشعر.

٩ - كتاب في تقريض الدفاتر.

١٠ - كتاب ديوان شعره.

١١ - كتاب إختياره ديوان شعره.

ذكره الحموي في «معجم الأُدباء» وقال: إنَّه كان مذكوراً بالذُّكاء والفطنة وصفاء القريحة وصحَّة الذهن وجودة المقاصد، ذكر أبو عبد الله حمزة بن الحسن الإصبهاني قال: سمعت جماعة من رواة الأشعار ببغداد يتحدَّثون عن عبد الله بن المعتزّ: إنَّه كان لهجاً بذكر أبي الحسن مقدِّماً له على ساير أهله ويقول: ما أشبهه في أوصافه إلّا محمّد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك، إلّا أنَّ أبا الحسن أكثر شعراً من المسلمي، وليس في ولد الحسن من يشبهه بل يُقاربه عليُّ بن محمَّد الأفوه(١) .

قال: وحدَّثني أبو عبد الله بن عامر قال: كان أبو الحسن طول أيّامه مشتاقاً إلى عبد الله بن المعتزّ متمنِّياً أن يلقاه أو يرى شعره، فأمّا لقاؤه فلم يتَّفق له لأنَّه لم يُفارق إصبهان قطُّ، وأمّا ظفره بشعره فإنَّه اتَّفق له في آخر أيّامه؛ وله في ذلك قصَّةٌ عجيبةٌ، وذلك أنَّه دخل إلى دار معمر وقد حملت إليه من بغداد نسخة من شعر عبد الله بن المعتزّ فاستعارها فسوَّف بها فتمكّن عندهم من النظر فيها وخرج وعدل إليَّ كالّاً معيياً كأنَّه ناهضٌ بحمل ثقيل؛ فطلب محبرةً وكاغذاً فأخذ على ظهر قلبه مقطَّعات ورقات من الشعر فسألته لمن هي؟ فلم يُجبني حتّى فرغ من نسخها وملأ منها خمس ورقات من نصف المأموني، وأحصيت الأبيات فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتاً تحفَّظها من شعر إبن المعتزّ في ذلك المجلس واختارها من بين سائرها.

يوجد في معجم الحموي شطرٌ مهمٌّ من شعره منه قصيدة في ٣٩ بيتاً ليس فيها راء

_____________________

١ - هو الحماني أحد شعراء الغدير مرّت ترجمته في هذا الجزء ص ٥٧ - ٦٩.

٣٤١

ولا كاف يمدح بها أبا الحسين محمَّد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل أوَّلها:

يا سيِّداً دانت له السّاداتُ

وتتابعت في فعله الحسناتُ

وتواصلت نعماؤه عندي فلي

منه هباتٌ خلفهنَّ هباتُ

نعمٌ ثنت عنّي الزَّمان وخطبه

من بعد ما هيبت له غدواتُ

ويصف قصيدته بقوله:

ميزانها عند الخليل معدَّل

متفاعلٌ متفاعلٌ فعلاتُ

وروى الثعالبي في «ثمار القلوب» ص ٥١٨ له قوله:

أقول وقد أوقظت من سنة الهوى

بعذلٍ يُحاكي لذعه لذعة الهجرِ

دعوني وحلم اللهو في ليلة المنى

ولا توقظوني بالملام وبالزجرِ

فقالوا لي: استيقظ فشيبك لايحٌ

فقلت لهم: طيب الكرى ساعة الفجر

وذكر في ص ٤٣٥ له يصف ليلة ممتعة:

وليلةٌ أطربني صبحها

فخلتني في عرس الزنجِ(١)

كأنَّما الجوزاء جنح الدجى

طبّالة تضرب بالصنجِ

قائمةٌ قد حرّرت وصفها

مائلة الرأس من الغنجِ

وقال في ص ٢٢٩: دخل يوماً أبو الحسن إبن طباطبا دار أبي علي ابن رستم فرأى على بابه عثمانيَّين أسودين قد لبسا عمامتين حمراوين، فامتحنهما فوجدهما من الأدب خاليين، فلمّا تمكّن في مجلس إبن رستم دعا بالدَّواة والقرطاس وكتب:

أرى بباب الدار أسودينِ

ذوي عمامتين حمراوينِ

كجمرتين فوق فحمتينِ

قد غادرا الرَّفض قرير العينِ

جدّكما عثمان ذو النورينِ

فما له أنسل ظلمتينِ؟!

يا قبح شين صادر عن زينِ

حدائد تطبع من لجينِ

ما أنتما إلّا غرابيّينِ

طيرا فقد وقعتما للحينِ

المظهرين الحبِّ للشخصينِ

ذرا ذوي السنَّة في المصرينِ

_____________________

١ - يضرب به المثل لاختصاص الزنج من بين الأمم بشدة الطرب وحب الملاحي والأغاني، والمثل سائر بأطرابهم.

٣٤٢

وخلّيا الشيعة لِلسبطينِ

لِلحسن الطيِّب والحسينِ

ستُعطيان في مدى عامينِ

صكّاً بخفّين إلى حنينِ(١)

فاستظرفها إبن رستم وتحفَّظها الناس. وله قوله يهجو به أبا عليّ ابن رستم يرميه بالدَّعوة والبرص:

أنت أُعطيت من دلايل رسل ا

لله آياً بها علوتَ الرؤوسا

جئت فرداً بلا أب وبيمنا

ك بياضٌ فأنت عيسى وموسى

وله في أبي عليِّ إبن رستم لَمّا هدم سور إصبهان ليزيد به في داره وأشار فيه إلى كون إصبهان من بناء ذي القرنين:

وقد كان ذو القرنين يبني مدينة

فأصبح ذو القرنين يهدم سورها

على أنّه لو كان في صحن داره

بقرن له سيناء زعزع طورها

وله في إبن رستم يذكر بناءه سور إصبهان:

يا رستميُّ استعمل الجدّا

وكدنا في حظِّنا كدّا

فإنّك المأمول والمرتجى

تهوِّن الخطب إذا اشتدّا

أحكمت من ذا السور ما لم تجد

والله من إحكامه بُدّا

فخلفه نسلٌ كثيرٌ لمن

أصفت لأرزبونها الودّا(٢)

وهم كيأجوج ومأجوج إن

عدَّدتهم لم تحصهم عدّا

وأنت ذو القرنين في عصره

جعلته ما بينهم سدّا

وقال يهجو أبا علي الرستمي:

كفرا بعلمك يا بن رستم طه

وبما حفظت سوى الكتاب المنزلِ

لو كنت يونس في دوائر نحوه

أو كنت قطرب في الغريب المشكلِ

وحويتَ فقه أبي حنيفة كلّه

ثمَّ انتهيتَ لرستم لم تنبلِ

وله قوله:

لا تنكرن إهداءنا لك منطقاً

منك استفدنا حسنه ونظامه

_____________________

١ - توجد في معجم الأدباء ١٧ ص ١٥٤ بتغيير يسير.

٢ - كنى بالأرزبون عن غلامه.

٣٤٣

فالله عزَّ وجلَّ يشكر فعل مَن

يتلو عليه وحيه وكلامه

ويُعاتب أبا عمرو بن جعفر بن شريك على منعه إيّاه شعر ديك الجنِّ بقوله:

يا جواداً يمسي ويصبح فينا

واحداً في النّدى بغير شريكِ

أنت من أسمح الأنام لشعر الـ

ـناس ماذا اللجاج في شعر ديكِ؟!

يا حليف السَّماح لو أنَّ ديك الـ

ـجن من نسل ديك عرش المليكِ(١)

لم يكن فيه طائلٌ بعد أن يد

خله الذكر في عداد الديوكِ

وله قوله:

بأبي الّذي نفسي عليه حبيسُ

مالي سواه من الأنام أنيسُ

لا تنكروا أبداً مقاربتي له

قلبي حديدٌ وهو مغناطيسُ

وله:

يا طيب ليل خلوت فيه بمن

أقصر عن وصف كنه وجدي به

ليلٌ كبرد الشباب حالكه

نعمت في ظلّه وفي طيبه

وله:

أتاني قريضٌ كنظم جمانٍ

وروض الجنان وأمن الفؤاد

وعهد الصبا ونسيم الصبا

وبرد الفؤاد وطيب الرُّقاد

وذكر المرزباني في «معجم الشعراء» ص ٤٦٣ له يصف به القلم:

وله حسامٌ باترٌ في كفِّه

يمضي لنقض الأمر أو توكيدهِ

ومترجمٌ عمّا يجنُّ ضميره

يجري بحكمته لدى تسويدهِ

قلمٌ يدور بكفِّه فكأنّه

فلكٌ يدور بنحسه وسعودهِ

وروي له في «المعجم» أيضاً.

لا وأُنسي وفرحتي بكتاب

أتى منه في عيد أضحى وفطرِ

ما دجا ليل وحشتي قطُّ إلّا

كنت لي فيه طالعاً مثل بدرِ

_____________________

١ - حديث ديك العرش رواه الجاحظ عن رسول الله (ص) قال: إن ممّا خلق الله لديكا عرفه تحت العرش، وبراثنه تحت الأرض السفلى، وجناحه في الهواء، فإذا مضى ثلثا الليل وبقي ثلثه ضرب بجناحه قائلا: سبحان الملك القدوس، سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، فعند ذلك تضرب الديكة وتصيح.

٣٤٤

بحديث يُقيم للاُنس شوقاً

وابتسام يكفّ لوعة صدري

وذكر له النويري في «نهاية الإرب» ج ٣ ص ٩٧:

إنَّ في نيل المنى وشك الرَّدى

وقياس القصد عند السرفِ

كسراجٍ دهنه قوتٌ له

فإذا غرَّقته فيه طفي

وقوله:

لقد قال أبو بكر

صواباً بعد ما أنصت

فرحنا لم نصد شيئاً

وما كان لنا أفلت

وذكر إبن خلكان نقلاً عن ديوانه قوله:

بانوا وأبقوا في حشاي لبينهم

وجداً إذا ظعن الخليط أقاما

لله أيّام السرور كأنّما

كانت لسرعة مرِّها أحلاما

لو دام عيشٌ رحمةً لأخي هوى

لأقام لي ذاك السرور وداما

يا عيشنا المفقود خذ من عمرنا

عاماً وردّ من الصبا أيّاما

وله قوله:

يا من حكى المآء فرط رقَّته

وقبله في قساوة الحجرِ

يا ليت حظّي كحظِّ ثوبك من

جسمك يا واحد البشرِ

لا تعجبوا من بلا غلالته

قد زرَّ أزراره على القمرِ

وُلد المترجم كما في «المجدي» باصبهان، وتوفّي بها سنة ٣٢٢ كما في «معاهد التنصيص» فما في «نسمة السحر» من أنّه ولد سنة ٣٢٢ نقلاً عن «المعاهد» إشتباهٌ نشأ عن فهم ما في «المعاهد» من كلامه قال: مولده باصبهان وبها مات سنة ٣٢٢. فحسب التأريخ ظرف ولادته كما زعمه بعض المعاصرين وهو لا يُقارف الصواب لأنّ أبا علي الرستميّ الذي للمترجم فيه شعرٌ كثيرٌ من رجال عهد المقتدر بالله المقتول سنة ٣٢٠ وفي أيّامه أحدث الرستميّ ما أحدث في إصبهان في سورها وجامعها وهجاه المترجم. ولأنَّ المترجم كما مرَّ عن «معجم الأدباء» كان يتمنّى لقاء عبد الله بن المعتز ويشتاق إليه وإبن المعتز توفّي سنة ٢٩٦.

توجد ترجمته والثناء عليه في غاية الاختصار. نسمة السحر فيمن تشيَّع وشعر

٣٤٥

ج ٢. معاهد التنصيص ج ١ ص ١٧٩.

نقل ابن خلكان في تأريخه ج ١ ص ٤٢ في ذيل ترجمة أبي القاسم ابن طباطبا المتوفّى سنة ٣٤٥ عن ديوان المترجم الأبيات المذكورة فقال: ولا أدري مَن هذا أبو الحسن ولا وجه النسب بينه وبين أبي القاسم المذكور والله أعلم. ا هـ.

واشتبه على سيِّدنا الأمين العاملي فهم كلام إبن خلكان هذا وذيله وأوقعه في خلط عظيم فعقد ترجمةً تحت عنوان (أبو الحسن الحسني المصريّ) في أعيان الشيعة في الجزء السادس ص ٣١٢ وجعله مصريّاً بلا مستند، وأخذ تأريخ وفاة أبي القاسم إبن طباطبا وذكره لأبي الحسن، وختم ترجمته بقوله: ولا دليل لنا على تشيّعه غير إصالة التشيّع في العلويّين. والعجب أنَّه ذكر في الجزء التاسع ص ٣٠٥ أبا الحسن باسمه ونسبه وقال: هذا الذي قال إبن خلكان: لا أدري من هذا أبو الحسن. لا عصمة إلّا لله

وللمترجم عقبٌ كثير باصبهان فيهم علماء أدباء أشراف نقباء، قال النسّابة العمري في «المجدي»: له ذيلٌ طويلٌ فيهم موجَّهون منهم: أبو الحسن أحمد الشاعر الإصبهاني وأخوه أبو عبد الله الحسين ولي النقابة بها إبنا عليِّ بن محمّد الشاعر الشهير. ومنهم: الشريف أبو الحسن محمّد ببغداد يُقال له: إبن بنت خصبة.

٣٤٦

القرن الرابع

١٦

ابن علوية الاصبهاني

المولود ٢١٢

المتوفّى ٣٢٠ ونيف

ما بالُ عينك ثرَّة الأجفان

عبرى اللحاظ سقيمة الإنسانِ!؟

* * *

صلّى الإله على ابن عمِّ محمَّد

منه صلاة تغمّد بحنانِ

وله إذا ذُكر «الغدير» فضيلةٌ

لم ننسها ما دامت الملوانِ

قام النبيُّ له بشرح ولايةٍ

نزل الكتاب بها من الديّانِ

إذ قال: بلّغ ما أُمرتَ به وثق

منهم بعصمة كالئٍ حنّانِ

فدعا الصَّلاة جماعة وأقامه

علماً بفضل مقالة غرّان

نادى: ألستُ وليّكم؟ قالوا: بلى

حقّاً فقال: فذا الوليُّ الثاني

ودعا له ولمن أجاب بنصره

ودعا الإله على ذوي الخذلانِ

نادى ولم يك كاذباً: بخّ أبا

حسن ربيع الشيب والشبّانِ

أصبحت مولى المؤمنين جماعةٌ

مولى أناثهمُ مع الذُّكرانِ

لمن الخلافة والوزارة هل هما

إلّا له وعليه يتَّفقانِ؟!

أوَ ماهما فيما تلاه إلّا هنا

في محكم الآيات مكتوبانِ؟!

أدلوا بحجّتكم وقولوا قولكم

ودعوا حديث فلانة وفلانِ

هيهات ضلَّ ضلالكم أن تهتدوا

أو تفهموا لمقطع السلطان

٣٤٧

*( ما يتبع الشعر ) *

هذه الأبيات من القصيدة (المحبّرة) لابن علويَّة قال الحموي في «معجم الأُدباء» ج ٤ ص ٧٦: لأحمد بن علويَّة قصيدةٌ على ألف قافية شيعيّة، عُرضت على أبي حاتم(١) السجستاني فقال: يا أهل البصرة غلبكم أهل إصفهان وأوَّل القصيدة:

ما بال عينك ثرَّة الأجفان

عبرى اللحاظ سقيمة الإنسان!؟

وفي «معالم العلماء» لإبن شهر آشوب و «إيضاح الإشتباه» للعلّامة الحلي: له النونيَّة المسمّاة بالألفيَّة والمحبَّرة وهي ثمانمأة ونيف وثلثون بيتاً. إلى آخر ما ذكره الحموي. يوجد منها شطرٌ مهمٌّ في مناقب إبن شهر آشوب مبثوثاً في أبوابه جمعه العلّامة السماوي في ديوان يحتوي على ٢١٣ بيتاً، وذكر منها سيِّدنا الحجَّة الأمين في «أعيان الشيعة» في الجزء التاسع ص ١١ - ٨٢ نقلاً عن المناقب ٢٢٤ بيتاً.

والقصيدة تتضمَّن غرر فضايل أمير المؤمنين المأثورة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهي لسان الكتاب والسنَّة لا الصور الخياليَّة الشعريَّة المطَّردة، وفيها الحِجاج والبرهنة الصادقة على إمامة وصيِّ النبيِّ الأمين، وإنَّ ما فهمه من لفظ المولى وهو ذلك الفذُّ من علماء العربيَّة، والناقد البصير من أئمَّة اللغة، والأوحد المفرد من رجال الأدب وصاغة الشعر، لهو الحجَّة القويَّة على ما ترتئيه الشيعة في دلالة هذا اللفظ، وإفادة الحديث بذلك الولاية المطلقة لمولى المؤمنين صلوات الله عليه.

*(الشاعر) *

أبو جعفر أحمد بن علويّة(٢) الاصبهاني الكرماني الشهير بأبي الأسود، هو أحد مؤلِّفي الإماميّة المطّرد ذكرهم في المعاجم، وذكر النجاشي في فهرسته وإبن شهر آشوب في «معالم العلماء» له كتاباً أسماء الأوَّل كتاب [الإعتقاد في الأدعية] والثاني

_____________________

١ - سهل بن محمد الإمام في علوم القرآن واللغة والشعر قرأ على الأخفش، وروى عن أبي عبيدة وأبي زيد والأصمعي وجمع آخرين، وعنه إبن دريد وغيره توفّي سنة ٢٥٥ وقيل غيرها.

٢ - بفتحتين وتشديد الياء كما في إيضاح الإشتباه للساروي، واشتبه عليه كلام النجاشي و عرف المترجم بالرحال وضبطه وهو لقب محمّد بن أحمد الراوي عن المترجم لا لقبه.

٣٤٨

[دعاء الإعتقاد] وفي «المعالم» أنّ له كتباً منها ذلك، وقال الحموي في «معجم الأُدباء» له رسائل مختارة دوَّنها أبو الحسن [أبو الحسين] أحمد بن سعد في كتابه المصنَّف في الرَّسائل، وله ثمانية كتب في الدعاء من إنشائه، ورسالةٌ في الشيب والخضاب، وذكر إبن النديم في فهرسته ص ٢٣٧ له ديواناً في خمسين ورقة.

المترجم من أئمَّة الحديث، ومن صدور حملته، أخذ عنه مشايخ علماء الإماميّة واعتمدوا عليه. *(منهم)*: شيخ القميِّين أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد القمي المتوفّى ٣٤٣، المعلوم حاله في الثقة، والتحرُّز عن الرِّواية عن غير الثّقة، وطعنه وإخراجه مَن روى عن الضعفآء من قم، فقد روى عنه كتب إبراهيم بن محمّد الثقفي المعتمد عليه عند الأصحاب كما في مشيخة الفقيه، وفهرست شيخ الطائفة الطوسي. وممّا رواه أبو جعفر القمي عن المترجَم له عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ما أخرجه شيخنا الصدوق في أماميه ٣٥٤، وما رواه أبو جعفر الطبري في (بشارة المصطفى) في أواخر الجزء الرابع بإسناد المترجَم له عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ألا أدلّكم على ما إن استدللتم به لم تهلكوا ولم تضلّوا؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إنَّ إمامكم ووليّكم عليُّ بن أبي طالب فوازروه وناصحوه وصدِّقوه فإنَّ جبرئيل أمرني بذلك.

*(ومنهم)*: فقيه الطائفة وشيخها ووجهها سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري المتوفّى ٢٩٩/٣٠٠/١ كما في المجلس العشرين من مجالس شيخنا الأكبر محمَّد بن محمَّد بن نعمان المفيد.

*(ومنهم)*: الحسين بن محمَّد بن عمران الأشعري القمي الثقة الذي أكثر النقل عنه ثقة الإسلام الكليني «في الكافي» وابن قولويه في «الكامل»، كما جاء في «كامل الزيارة» ورجال الشيخ الطوسي. ومن أحاديث الأشعري عن المترجَم ما رواه إبن قولويه بإسناده ص ١٨٦ رفعه إلى الصّادق عليه السلام إنَّه كان يقول عند غسل الزيارة إذا فرغ: أللهمَّ أجعله لي نوراً وطهوراً. إلخ.

*(ومنهم)*: عبد الله بن الحسين المؤدّب، أحد مشايخ الشيخ الصَّدوق ووالده المقدَّس كما في مشيخة الفقيه، وممّا رواه المودّب عن المترجَم ما رواه شيخنا الصَّدوق

٣٤٩

في أماليه ص ٥٥ بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: إنَّ في عليٍّ خصالاً لو كانت واحدةٌ منهما في جميع النّاس لاكتفوا بها فضلاً. الحديث. وص ٧٦ بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنَّه قال: يا عليُّ؟ أنت أخي ووصيّي ووارثي وخليفتي على أُمّتي في حياتي وبعد وفاتي، محبّك محبّي، ومبغضك مبغضي، وعدوُّك عدوّي، ووليّك وليّي. وفي ص ٢١٧ بإسناده من طريق المترجم عن رسول الله إنَّه قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا عليُّ؟ على نجيب من نور على رأسك تاجٌ قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف. الحديث. وفي ص ٣٥١ بإسناد المترجَم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله إنَّه قال: إنَّ حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفايح الذهب فإذا دقّت الحلقة على الصفحة طنَّت وقالت: يا عليّ.

وتوجد أحاديث أُخرى من طريق المؤدّب عن المترجم في «الأمالي» ص ٩، ١٥٢، ٢٨٣، ٢٨٦، ٣٢٦، ٣٧٥، ٣٩٠.

ويروي عنه كتابه «الاعتقاد» في الأدعية محمَّد بن أحمد الرّحال كما في فهرست النجاشي ص ٦٤. وأحمد بن يعقوب الإصبهاني كما في «تهذيب» الشيخ الطوسي ج ١ ص ١٤١ في باب الدعاء بين الرَّكعات. وذكر النجاشي إسناده إليه ص ٦٤ هكذا: عن إبن نوح عن محمَّد بن عليِّ القمي عن محمَّد بن أحمد الرَّحال عنه.

وحَسب المترجَم جلالةً أن تكون أخباره مبثوثةً في مثل الفقيه، والتهذيب، والكامل، وأمالي الصدوق، ومجالس المفيد، وأمثالها من عُمد كتب أصحابنا رضوان الله عليهم، وحَسبنا آيةً لثقته اعتماد القميِّين عليه مع تسرّعهم في الوقيعة بأدنى غميزة في الرَّجل.

كان المترجم من علماء العربيَّة البارعين فيها بعد ما كان شيخاً في الحديث، ولذلك ترجمه السيوطي في «بغية الوعاة» وعدَّه الثعالبي من كتّاب إصبهان وشعرائها في «يتيمة الدهر» ٣ ص ٢٦٧، وقال الحموي في «معجم الأُدباء» ٢ ص ٣ (الطبعة الأولى): كان صاحب لغة يتعاطى التأديب ويقول الشعر الجيِّد. وعرَّفه شيخ الطايفة ومن يليه من أصحاب المعاجم حتّى اليوم بالكتابة.

وأمّا شاعريَّته فهي في الذروة والسنام من مراقي قرض الشعر، فقد فاق نظمه

٣٥٠

بجزالة المعنى، وفخامة اللفظ، وحسن الصياغة، وقوَّة التركيب، وبرع هو بفلج الحجَّة، وجودة الإفاضة، والحصول على البراهين الدامغة، والوصول إلى مغازي التعبيرات، فجاء شعره في أئمَّة الدين عليهم السَّلام كسيفٍ صارم لشُبه أهل النصب، أو المعول الهدّام لبيوت عناكب التمويهات ضدَّ إمامة العترة الطاهرة، وقصيدته «المحبَّرة» التي اقتطفنا منها موضع الشاهد لكتابنا هذا لهي الشهيدة بكلِّ ما أنبأناك عنه، كما أنَّها الحجَّة القاطعة على عبقريَّته الشعريَّة كما شهد به أبو حاتم السجستاني فيما عرفت عنه.

وُلد المترجم سنة ٢١٢ وتوفّي في نيف وعشرين وثلثمائة، وأنشد سنة ٣١٠ و له ٩٨ عاماً من عمره قوله:

دنياً مغبَّة من أثرى بها عدمُ

ولذَّةٌ تنقضي من بعدها ندمُ

وفي المنون لأهل اللبِّ معتبرٌ

وفي تزوُّدهم منها التّقى غنمُ

والمرء يسعى لفضل الرِّزق مجتهداً

وما له غير ما قد خطّه القلمُ

كم خاشع في عيون الناس منظره

والله يعلم منه غير ما علموا

وقال بعد أن أتت عليه مائة سنة:

حنى الدَّهر من بعد استقامته ظهري

وأفضى إلى ضحضاح غايته عمري

ودبَّ البلى في كلِّ عضو ومفصلٍ

ومَن ذا الذي يبقى سليماً على الدَّهر

ومن شعره ما ذكره النويري في «نهاية الإرب في فنون الأدب» في الجزء العاشر ص ١٢٢ من قوله في وصف البقر:

يا حبَّذا مخضها ورائبها

وحبَّذا في الرِّجال صاحبها

عجولةٌ(١) سمحةٌ مباركةٌ

ميمونةٌ طُفَّحٌ محالبها

تقبل للحلب كلّما دُعيت

ورامها للحلاب حالبها

فتيَّةٌ سنّها مهذَّبةٌ

معنَّف في النديِّ عائبها

كأنَّها لعبةٌ مزيَّنةٌ

يطير عُجباً بها ملاعبها

كأنَّ ألبانها جنى عسل

يلذّها في الإناء شاربها

_____________________

١ - أنثى العجول وهو: ولد البقرة.

٣٥١

عروس باقورة(١) إذا برزت

من بين أحبالها ترائبها

كأنَّها هضبةٌ إذا انتسبت

أو بكرةٌ قد أناف غاربها

تزهي بروقين كاللُجَين إذا

مسّهما بالبنان طالبها

لو أنّها مُهرةٌ لما عدمت

من أن يضمَّ السرور راكبها

توجد ترجمة شاعرنا في فهرست النجاشي ٦٤. رجال شيخ الطائفة. معالم العلماء ص ١٩. معجم الأدباء ٢ ص ٣. إيضاح الإشتباه للعلّامة. بغية الوعاة ١٤٦. جامع الأقوال إيضاح الإشتباه للساروي. جامع الرُّواة. جامع المقال للطريحي. هداية المحدِّثين المعروف بتمييز المشتركات. منتهى المقال. رجال الشيخ عبد اللطيف إبن أبي جامع. الشيعة وفنون الإسلام ٩١ وفيه تاريخ وفاته المذكور. تنقيح المقال ١ ص ٦٨. أعيان الشيعة الجزء التاسع ص ٦٧. التعاليق على نهاية الإرب ١٠ ص ١٢٢.

_____________________

١ - الباقورة والباقور: جماعة البقر.

٣٥٢

القرن الرابع

١٧

المفجَّع

المتوفّى ٣٢٧

أيّها اللّائمي لحبّي عليّاً

قم ذميماً إلى الجحيم خزيَّا

أبخير الأنام عرَّضت؟ لا زلـ

ـت مذوداً عن الهدى مزوّيا

أشبه الأنبيآء كهلاً وزولاً(١)

وفطيماً وراضعاً وغذيَّا

كان في علمه كآدم إذ عُلّـ

ـم شرح الأسماء والمكنيّا

وكنوح نجا من الهلك مَن سـ

ـير في الفلك إذ علا الجودّيا

* * *

وعليٌّ لَمّا دعاه أخوه

سبق الحاضرين والبدويّا

وله من أبيه ذي الأيدي إسما

عيل شبهٌ ما كان عنّي خفيّا

إنّه عاون الخليل على الكعـ

بة إذ شاد ركنها المبنيّا

ولقد عاون الوصيَّ حبيب الّـ

له إذ يغسلان منها الصفيّا

رام حمل النبيِّ كي يقلع الأصـ

نام عن سطحها المثول الجثيّا

فحناه ثقل النبوَّة حتّى

كاد ينآد تحته مثنيّا

فارتقى منكب النبيِّ عليٌّ

صنوه ما أجلّ ذاك رُقيّا

فأماط الأوثان عن ظاهر الكعـ

بة ينفي الأرجاس عنها نفيّا

ولو أنَّ الوصيَّ حاول مسَّ النـ

جم بالكفِّ لم يجده قصيّا

أفهل تعرفون غير عليٍّ

وابنه استرحل النبيّ مطيّا؟!

* * *

لم يكن أمره بدوحات «خمّ»

مشكلاً عن سبيله ملويّا

_____________________

١ - الزول: الغلام الظريف.

٣٥٣

إنَّ عهد النبيِّ في ثقليه

حجَّةٌ كنت عن سواها غنيّا

نصب المرتضى لهم في مقامٍ

لم يكن خاملاً هناك دنيّا

عَلماً قائماً كما صدع البد

ر تماماً دُجنَّة أو دُجيّا

قال: هذا مولىً لمن كنت مولا

ه جهاراً يقولها جهوريّا

وال يا ربِّ من يُواليه وانصر

ه وعاد الذي يعادي الوصيّا

إنَّ هذا الدُّعا لمن يتعدّى

راعياً في الأنام أم مرعيّا

لا يُبالي أمات موت يهود

مَن قلاهُ أو مات نصرانيّا

مَن رأى وجهه كمن عبد الله

مديم القنوت رهبانيّا

كان سؤل النبيِّ لَمّا تمنّى

حين أهدوه طائراً مشوّيا

إذ دعا الله أن يسوق أحبّ

الخلق طرَّاً إليه سوقاً وحيّا

فإذا بالوصيِّ قد قرع البا

ب يريد السَّلام ربّانيّا

فثناه عن الدخول مراراً

أنسٌ حين لم يكن خزرجيّا

وذخيراً لقومه وأبى الرَّ

حمان إلّا إمامنا الطالبيّا

ورمى بالبياص من صدَّ عنه

وحبا الفضل سيِّداً أريحيّا

[القصيدة ١٦٠ بيتاً]

*( ما يتبع الشعر ) *

هذه القصيدة من غرر الشعر ونفيسه توجد مقطَّعةً في الكتب، نحن عثرنا عليها مشروحةً بذكر الأحاديث المتضمِّنة لمفاد كلِّ فضيلةٍ لأمير المؤمنين عليه السلام نظمها في بيت أو بيتين أو أكثر يبلغ عدد أبياتها ١٦٠ بيتاً؛ غير أنَّ فيها أبيات من الدخيل تنافي مذهب المفجَّع ومعتقده ألصقها بالقصيدة بعض أضداده، وأدخل شرحها الملائم لمعنى الأبيات في الشرح؛ كما يذكرها في سيِّد البطحا أبي طالب عليه السلام والد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وفي أبي إبراهيم الخليل ممّا لا يقول به أحدٌ من الأصحاب، فكيف بالمفجَّع الذي هو من رجالات الشيعة وغلمائها وشعرائها المتبصِّرين؟! وأظنُّ أنَّ هذا الشرح أيضاً له، وأحسب أنَّ كلمة شيخ الطايفة الطوسي في «الفهرست» والمرزباني

٣٥٤

في «المؤتلف والمختلف» والحموي في «معجم الأُدباء» عند تعداد كتبه: (وكتاب قصيدته في أهل البيت) توعز إلى ذلك الشرح.

وهذه القصيدة تُسمّى به [الأشباه] قال الحموي في «معجم الأُدباء» ج ١٧ ص ١٩١ في أوَّل ترجمة المترجم: إنَّ له قصيدةٌ يُسمّيها بالأشباه يمدح فيها عليّاً ثمَّ قال في ص ٢٠٠: له قصيدته ذات الأشباه، وسُمِّيت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه عبد الرَّزاق عن معمَّر عن الزهري عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في محفل من أصحابه: إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في همِّه، وإبراهيم في خُلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سنَّته(١) ، ومحمَّد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس فإذا هو عليُّ بن أبي طالب عليه السلام. فأورد المفجّع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة أوّلها. ثمَّ ذكر منها ١٨ بيتاً.

حديث الاشباه

هذا الحديث الذي رواه الحموي في معجمه نقلاً عن تاريخ إبن بشران قد أصفق على روايته الفريقان غير أنَّ له ألفاظاً مختلفة وإليك نصوصها:

١ - أخرج إمام الحنابلة أحمد عن عبد الرّزاق بإسناده المذكور بلفظ: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سنَّته، وإلى محمّد في تمامه وكماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل. فتطاول الناس فإذا هم بعليِّ بن أبي طالب كأنّما ينقلع من صبب، و ينحطُّ من جبل.

٢ - أخرج أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفّى ٤٥٨ في «فضايل الصحابة» بلفظ: مَن أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته: فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

٣ - أخرج الحافظ أحمد بن محمّد العاصمي في كتابه [زين الفتى في شرح سورة

_____________________

١ - في الأصل، في سنه.

٣٥٥

هل أتى] بإسناده من طريق الحافظ عبيد الله بن موسى العبسي عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب. وبإسناد آخر من طريق الحافظ العبسي أيضاً وزاد: وإلى يحيى بن زكريّا في زهده. وأخرج بإسناد ثالث بلفظ أقصر من المذكور. ثمَّ قال:

أمّا آدم عليه السلام فإنّه وقعت المشابهة بين المرتضى وبينه بعشرة أشياء: أوَّلها: بالخلق والطينة. والثاني: بالمكث والمدَّة. والثالث: بالصحابة والزوجة. والرابع: بالتزويج والخلعة. والخامس: بالعلم والحكمة. والسادس: بالذهن والفطنة. والسابع: بالأمر والخلافة. والثامن: بالأعداء والمخالفة. والتاسع: بالوفاء والوصيّة. والعاشر: بالأولاد والعترة. ثمَّ بسط القول في وجه هذه كلّها فقال:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين نوح بثمانية أشياء: أوَّلها: بالفهم: والثاني: بالدَّعوة. والثالث: بالإجابة. والرابع: بالسفينة. والخامس: بالبركة. والسادس: بالسَّلام. والسابع: بالشكر. والثامن: بالإهلاك. ثمَّ بيَّن وجه الشبه في هذه كلّها إلى أن قال:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين إبراهيم الخليل بثمانية أشياء: أوَّلها: بالوفاء. والثاني: بالوقاية. والثالث: بمناظرته أباه وقومه. والرابع: بإهلاك الأصنام بيمينه. والخامس: ببشارة الله إيّاه بالولدين اللذين هما من أُصول أنساب الأنبياء عليهم السَّلام. والسادس: باختلاف أحوال ذريَّته من بين مُحسن وظالم. والسابع: بابتلاء الله تعالى إيّاه بالنفس والولد والمال. والثامن: بتسمية الله إيّاه خليلاً حتّى لم يؤثر شيئاً عليه. ثمَّ فصَّل وجه الشبه فيها إلى أن قال:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يوسف الصّديق بثمانية أشياء: أوَّلها: بالعلم والحكمة في صغره. والثاني: بحسد الأُخوة له. والثالث: بنكثهم العهود فيه. والرابع بالجمع له بين العلم والملك في كبره. والخامس: بالوقوف على تأويل الأحاديث. والسادس: بالكرم والتجاوز عن إخوته. والسابع: بالعفو عنهم وقت القدرة عليهم. والثامن: بتحويل الديار. ثمَّ قال بعد بيان وجه الشبه فيها:

٣٥٦

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين موسى الكليم عليه السلام بثمانية أشياء: أوَّلها: الصلابة والشدَّة. والثاني: بالمحاجَّة والدَّعوة. والثالث: بالعصا والقوَّة. والرابع: بشرح الصدر والفسحة. والخامس: بالأُخوَّة والقربة. والسادس: بالودّ والمحبَّة. والسابع: بالأذى والمحنة. والثامن: بميراث الملك والإمرة. وبيّن وجه التشبيه فيها ثمَّ قال:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين داود بثمانية أشياء: أوَّلها: بالعلم والحكمة. والثاني: بالتقوى على إخوانه في صغر سنِّه. والثالث: بالمبارزة لقتل جالوت. والرابع: بالقدر معه من طالوت إلى أن أورثه الله ملكه. والخامس: بإلانة الحديد له. والسادس: بتسبيح الجوامد معه. والسابع: بالولد الصالح. والثامن: بفصل الخطاب. وقال بعد بيان المشابهة فيها:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين سليمان بثمانية أشياء: أوَّلها: بالفتنة والإبتلاء في نفسه. والثاني: بتسليط الجسد على كرسيِّه. والثالث: بتلقين الله إيّاه في صغره بما استحقَّ به الخلافة. والرابع: بردِّ الشمس لأجله بعد المغيب. والخامس: بتسخير الهوى والريح له. والسادس: بتسخير الجنِّ له. والسابع: بعلمه منطق الطير والجوامد وكلامه إيّاه. والثامن: بالمغفرة ورفع الحساب عنه. ثمَّ بيّن وجه التشبيه فقال:

ووقعت المشابهة بين المرتضى عليه السلام وبين أيّوب بثمانية أشياء: أحدها: بالبلايا في بدنه. والثاني: بالبلايا في ولده. والثالث: بالبلايا في ماله. والرابع: بالصبر على الشدايد. والخامس: بخروج الجميع عليه. والسادس: بشماتة الأعداء. والسابع: بالدُّعاء لله تعالى فيما بين ذلك وترك التواني فيها. والثامن: بالوفاء لِلنذر والإجتناب عن الحنث. وقال بعد بيان وجه المشابهة فيها:

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين يحيى بن زكريّا بثمانية أشياء: أوَّلها: بالحفظ والعصمة. والثاني: بالكتاب والحكمة. والثالث: بالتسليم والتحيَّة. و الرابع: ببرّ الوالدين. والخامس: بالقتل والشهادة لأجل مرأةٍ مُفسدة. والسادس: بشدَّة الغضب والنقمة من الله تعالى على قتله. والسابع: بالخوف والمراقبة. والثامن بفقد السميِّ والنظر له في التسمية. ثمَّ قال بعد بسط الكلام حول التشبيه فيها:

٣٥٧

ووقعت المشابهة بين المرتضى وبين عيسى بثمانية أشياء: أوَّلها: بالإذعان لله الكبير المتعال. والثاني: بعلمه بالكتاب طفلاً ولم يبلغ مبلغ الرِّجال. والثالث: بعلمه بالكتابة والخطابة. والرابع: بهلاك الفريقين فيه من أهل الضَّلال. والخامس: بالزهد في الدنيا. والسادس: بالكرم والإفضال. والسابع: بالإخبار عن الكواين في الإستقبال. والثامن: بالكفائة. ثمَّ بيّن وجه الشبه فيها:

وهذا الكتاب من أنفس كتُب العامَّة فيه آيات العلم وبيِّنات العبقريَّة، وقد شُغل القوم عن نشر مثل هذه النفايس بالتافهات المزخرفة.

٤ - أخرج أخطب الخطباء الخوارزمي المالكي المتوفّى ٥٦٨ بإسناده في «المناقب» ص ٤٩ من طريق البيهقي عن أبي الحمراء بلفظ: مَن أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

وأخرج في ص ٣٩ بإسناده من طريق إبن مردويه عن الحارث الأعور صاحب راية عليِّ بن أبي طالب قال: بلغنا إنّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله كان في جمع من أصحابه فقال: أُريكم آدم في علمه، ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حكمته. فلم يكن بأسرع من أن طلع عليٌّ عليه السلام فقال أبو بكر: يا رسول الله؟ أقستَ رجلاً بثلثة من الرُّسل؟! بخٍ بخٍ لهذا الرَّجل، مَن هو يا رسول الله؟ قال النبيُّ: أوَ لا تعرفه يا أبا بكر؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: هو أبو الحسن عليُّ بن أبي طالب. فقال أبو بكر: بخٍ بخٍ لك يا أبا الحسن؟ وأين مثلك يا أبا الحسن؟.

وروى في ص ٢٤٥ بإسناده بلفظ: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه. وإلى موسى في شدَّته. وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى هذا المقبل، فأقبل عليٌّ. وذكره:

٥ - أبو سالم كمال الدين محمَّد بن طلحة الشافعي المتوفّى ٦٥٢ رواه في «مطالب السئول» نقلاً عن كتاب «فضايل الصحابة» للبيهقي بلفظ؟ من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب عليه السلام. ثمَّ قال:

فقد أثبت النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لعليّ بهذا الحديث علماً يشبه علم آدم، وتقوىً تشبه

٣٥٨

تقوى نوح، وحلماً يشبه حلم إبراهيم، وهيبةً تشبه هيبة موسى، وعبادةً تشبه عبادة عيسى، وفي هذا تصريحٌ لعليّ بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وتعلو هذه الصِّفات إلى أوج العلا حيث شبَّهها بهؤلآء الأنبياء المرسلين من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.

٦ - عزُّ الدين إبن أبي الحديد المتوفّى ٦٥٥ قال في «شرح نهج البلاغة» ج ٢ ص ٢٣٦: روى المحدِّثون عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنَّه قال: من أراد أن ينظر إلى نوح في عزَّته، وموسى في علمه، وعيسى في ورعه فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

ورواه في ج ٢ ص ٤٤٩ من طريق أحمد والبيهقي نقلاً عن مسند الأوَّل و صحيح الثاني بلفظ: من أراد أن ينظر في عزمه، وإلى آدم في علمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في فطنته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

٧ - الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعي المتوفّى ٦٥٨، أخرجه في «كفاية الطالب» ص ٤٥ بإسناده عن إبن عبّاس قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله جالسٌ في جماعة من أصحابه إذ أقبل عليٌّ عليه السلام فلمّا بصر به رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب. ثمَّ قال:

قلت: تشبيهه لعليٍّ بآدم في علمه لأنّ الله علّم آدم صفة كلِّ شيء كما قال عزَّ وجلَّ: وعلّم آدم الأسماء كلّها. فما من شيءٍ ولا حادثةٍ إلّا وعند عليٍّ فيها علمٌ و له في استنباط معناها فهمٌ.

وشبَّهه بنوح في حكمته. وفي رواية: في حكمه. وكأنَّه أصحُّ لأنَّ عليّاً كان شديداً على الكافرين رؤفاً بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله:( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) . وأخبر الله عزَّ وجلَّ عن شدَّة نوح على الكافرين بقوله:( رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) .

وشبَّهه في الحلم بإبراهيم خليل الرَّحمن كما وصفه عزَّ وجلَّ بقوله:( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) . فكان متخلّقاً بأخلاق الأنبياء متَّصفاً بصفات الأصفيآء.

٨ - الحافظ أبو العبّاس محبُّ الدين الطبري المتوفّى ٦٩٤ رواه في «الرّياض

٣٥٩

النضرة» ٢ ص ٢١٨ بلفظ: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، و إلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب. قال: أخرجه القزويني الحاكمي.

وأخرج عن إبن عبّاس بلفظ: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه، وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب. فقال: أخرجه الملّا في سيرته.

٩ - شيخ الإسلام الحمّوئي المتوفّى ٧٢٢، أخرجه في «فرايد السمطين» بعدَّة أسانيد من طرق الحاكم النيسابوري وأبي بكر البيهقي بلفظ محبِّ الدين الطبري المذكور وما يقرب منه.

١٠ - القاضي عضد الأيجي الشافعي المتوفّى ٧٥٦، رواه في «المواقف» ج ٣ ص ٢٧٦ بلفظ: مَن أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

١١ - التفتازاني الشافعيّ المتوفّى ٧٩٢ في «شرح المقاصد» ٢ ص ٢٩٩ بلفظ القاضي الأيجي المذكور.

١٢ - إبن الصبّاغ المالكي المتوفّى ٨٥٥ روى في «الفصول المهمَّة» ص ٢١ نقلاً عن [فضايل الصّحابة] للبيهقي باللفظ المذكور،

١٣ السيِّد محمود الآلوسي المتوفّى ١٢٧٠ رواه في شرح عينيَّة عبد الباقي العمري ص ٢٧ بلفظ البيهقي.

١٤ - الصفوري قال في «نزهة المجالس» ٢ ص ٢٤٠: قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم مَن أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في زهده، وإلى محمَّد في بهاءه، فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه. ذكره إبن الجوزي. وفي حديث آخر ذكره الرازي في تفسيره: مَن أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خلقه، وموسى في قربه، وعيسى في صفوته فلينظر إلى عليِّ بن أبي طالب.

١٥ - السيِّد أحمد القادين خاني في «هداية المرتاب» ص ١٤٦ بلفظ البيهقي.

٣٦٠