الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب9%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96660 / تحميل: 7568
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بفضلهم من أُمَّتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي؟!(١)

ونحن نقول: (آمين) ورحم الله من قال: آمينا.

وماذا على الشيعة في قولهم؟! بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: في كلّ خلوفٍ من أُمَّتي عدولٌ من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا إنَّ أئمَّتكم وفدكم إلى الله عزَّ وجلَّ، فانظروا بمن توفدون(٢)

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح مَن ركبها نجا ومَن تخلّف عنها غرق(٣)

فأهل بيت مَثلهم في الأُمَّة كمثل النبيِّ الطاهر كيف لا تقول الشيعة بالخلافة فيهم؟! وكيف يُرى موقفهم في حبِّهم موقف اليهود؟! وإلى من تُوجَّه هذه القارصة؟!

وهل إبن عبد ربِّه عزب عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: النجوم أمانٌ لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمانٌ لأُمَّتي من الإختلاف، فإذا خالفها قبيلةٌ اختلفوا فصاروا حزب إبليس؟!(٤)

أللّهمّ لا، بل طُبع على قلبه وهو ألدّ الخصام.

فأهل بيت هم للأُمَّة نجوم الهداية، ونجوم الأمن من الضلال والخلاف كيف لا يُقتدي بهم؟! وما عذر من عدل عنهم؟! وإلى مَ مصير من لا يهتدي بهم؟! وما قيمة تلك الحياة؟! وتلك الروح؟! وتلك النزعة؟! وتلك النشأة؟!

وإنَّ خيرة الله لم تقع على هذه الأُسرة الكريمة إلّا بعد كلّ جدارة للولاية المطلقة، وحذق في تدبير الشئون في كلِّ وقت لو انتهت إليهم قيادة البشر، وثنيت لهم الوسادة، غير أنَّ مناوئيهم زحزحوها عن ساحتهم حسداً أو نزولاً على حكم النهمة والشرَه، إنَّما هي الخلافة الإلهيَّة لا الملك كما حسبه المغفَّل، وقد نصَّ بها الشعبي كما ذكره

_____________________

١ - أخرجه أبو نعيم في الحلية ١ ص ٦٨، والطبراني والرافعي كما في ترتيب جمع الجوامع ٦ ص ٢١٧.

٢ - أخرجه الملأ كما في ذخاير العقبى ١٧، والصواعق ١٤١.

٣ - أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ١٢ ص ٩١، والحاكم في المستدرك ٣ ص ١٥١ وصححه.

م ٤ - أخرجه الحاكم في المستدرك ٣: ١٤٩ وصححه).

٨١

إبن تيميَّة في منهاجه ١ ص ٧ وقال: محنة الرافضة محنة اليهود قالت اليهود: لا يصلح الملك إلّا في آل داود. وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلّا في ولد عليٍّ.

٣ - قال: اليهود يؤخِّرون صلاة المغرب حتّى تشتبك النجوم وكذلك الرافضة.

ج - يجب أوّلاً أن يحفى السؤال عن خبر هذه المسألة اليهود هل هم يعرفون شيئاً منها ومن بقيَّة المسائل المعزوَّة إليهم؟!

وليت شعري هل كتب الرجل هذه الكلمة بعد مراجعته لفقه الشيعة وأحاديث أئمَّتهم وفيها قول الصادق عليه السلام: من ترك صلاة المغرب عامداً إلى اشتباك النجوم فأنا منه برئٌ.

وقيل له عليه السلام: إنَّ أهل العراق يؤخِّرون المغرب حتّى تشتبك النجوم فقال: هذا من عمل عدوِّ الله أبى الخطّاب.

وقال عليه السلام: من أخَّر المغرب حتّى تشتبك النجوم من غير علّة فأنا إلى الله منه برئٌ.

وقال عليه السلام: وقت المغرب حين تجبُّ الشمس إلى أن تشتبك النجوم.

وقال عليه السلام: وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم.

وقال عليه السلام وقد سُئل عن وقت المغرب: فإذا تغيِّرت الحمرة في الأُفق وذهبت الصّفرة وقبل أن تشتبك النجوم.

وقال له عليه السلام ذريحٌ: إنَّ أناساً من أصحاب أبي الخطّاب يمسون بالمغرب حتّى تشتبك النجوم.

قال: أبرء إلى الله ممَّن فعل ذلك متعمِّداً.

وقال عليه السلام: ملعونٌ ملعونٌ من أخَّر المغرب طلباً لفضلها(١)

فلِما ذا يكذب الرجل في نقله؟! أو إنَّه كتب قبل أن يراجع رجماً بالغيب؟! فحيّا الله الأمانة والتنقيب.

ولعلّه قرع سمعه عن بعض الفرق الضالَّة وهم: الخطّابيَّة - أصحاب أبي الخطّاب إلزاماً بذلك لكن أين هم من الشيعة؟! والشيعة على بكرة أبيها تكفِّر هؤلاء وتظلّهم وأحاديث أئمَّتهم كسحت معرَّة عيث هؤلاء، فمن الإفك الشائن عزو هاتيك الشيه إلى الشيعة، وهم وأئمَّتهم عنها برءآء.

_____________________

١ - راجع من لا يحضره الفقيه. وتهذيب شيخ الطايفة واستبصاره ومجالسه

٨٢

٤ - قال: اليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئاً وكذا الرافضة.

ج - الشيعة لا ترى ملتحداً عن البخوع للقرآن الكريم وفي أعلى هتافه:

الطَّلاق مرَّتان فإمساكٌ بمعروف أو تَسريحٌ بإحسانٍ - إلى قوله تعالى -:( فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) إلخ.

ومن جليَّة الحقايق أنَّ تحقّق المرَّتين أو الثلاث يستدعي تكرُّر وقوع الطَّلاق كما يستدعي تخلّل الرجعة بينهما أو النكاح، فلا يقال للمطلّقة مرَّتين بكلمة واحدة أو في مجلس واحد: إنَّها طُلِّقت مراراً كما إذا كان زيد أعطا درهمين لعمرو بعطاء واحد لا يقال: إنَّه أعطا درهمين مرَّتين، وهذا معنى يعرفه كلُّ عربيٍّ صميم

ثمَّ إنَّ سياق الآية وإن كان خبريّاً غير أنَّه متضمِّنٌ معنى الإنشاء الأمريّ كقوله تعالى:( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) . وقوله تعالى:( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) . وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: الصَّلاة مثنى مثنى، والتشهد في كلِّ ركعتين وتسكّن وخشوع. ولو كان إخباراً لما تخلّف عنه خارجه، ونحن نرى أنَّ في الناس من يطلِّق طلقة واحدةً، والقرآن لا يتسرَّب إليه شيءٌ من الكذب.

فعدم الإعداد بالطلاق الثلاث على نحو الجمع عند الشيعة مأخوذٌ من القرآن الكريم، ولهذه الجملة مزيد توضيح في أحكام القرآن لأبي بكر الجصّاص الحنفي ١ ص ٤٤٧ وهذه الفتوى هي المنقولة عن كثير من أئمّة أهل السنَّة والجماعة، بل المخالف الوحيد في المسألة هو الشافعيُّ، وقد بسط القول في الردّ عليه أبو بكر الجصّاص في «أحكام القرآن» ٤ ص ٤٤٩.

وقال الإمام العراقيُّ في «طرح التثريب» ٧ ص ٩٣: وممَّن ذهب إلى أنَّ جمع الطلقات الثلاث بدعةٌ مالك. والأوزاعي. وأبو حنيفة. والليث، وبه قال داود و أكثر أهل الظاهر.

وقال أبو بكر الجصّاص في «أحكام القرآن» ٤ ص ٤٥٩: كان الحجّاج بن أرطاة يقول: الطَّلاق الثلاث ليس بشيء. ومحمد بن إسحاق كان يقول: الطَّلاق الثلاث تُردُّ إلى الواحدة.

هذا ما نعرفه من الشيعة فإن كان هذا شبهاً بينهم وبين اليهود فهم وأولئك الأئمَّة

٨٣

في ذلك شرعٌ سواء، لكن الأُندلسي يحترم جانب أصحابه فشبَّه الشيعة باليهود فهو إمّا جاهلٌ بفقه قومه فضلاً عن فقه الشيعة ولم يعرف شيئاً ممّا عندهم في المسألة، أو يعلم ويتعمَّد الكذب، أو يريد معنىً غير ما ذكر ونحن لا نعرفه ولا نعرف قائلاً به من الشيعة.

وما تقرأ أو تسمع في المسئلة غير ما يقوله الشيعة فهو من البدع الحادثة بعد النبيِّ الأعظم لم يأت به الكتاب والسنَّة بل أحدثته أهواءٌ مضلّةٌ، وحبَّذته أُناسٌ، وجاءوا به من عند أنفسهم؛ وأمضاه عليهم عمر بن الخطاب وهذا صريح ما أخرجه مسلم في صحيحه ١ ص ٥٧٤، وأبو داود في سننه ١ ص ٣٤٤، وأحمد في مسنده ١ ص ٣١٤ عن إبن عبّاس قال: كان الطّلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب: إنَّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌ فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم.

وأخرج مسلم وأبو داود بإسناده عن إبن طاوس عن أبيه: أنَّ أبا الصهباء قال لابن. عبّاس: أتعلم أنّما كانت الثلاث تجعل واحدةً على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر؟! فقال إبن عبّاس: نعم.

وأخرج مسلم بإسناد آخر: أنَّ أبا الصهباء قال لإبن عبّاس: هات من هناتك، ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر واحدة؟! فقال: قد كان ذلك فلمّا كان عهد عمر تتابع النّاس في الطّلاق فأجازه عليهم.

وللشرّاح في المقام كلماتٌ متضاربةٌ؛ وآراءٌ واهيةٌ، وتوجيهاتٌ باردةٌ بعيدةٌ عن العلم والعربيَّة، وعدَّه القسطلاني من الأحاديث المشكلة ولعمري مشكلة - جدّاً - لا يسعنا بسط الكلام في ذلك كلّه.

٥ - قال: اليهود لا ترى على النساء عدَّة وكذلك الرافضة.

جالشيعة ترى على النساء من العدَّة ما حكم به الكتاب والسنَّة. فالمطلّقاتُ يتربَّصنَ بأنفسهنَّ ثلثة قروء إن كنَّ ذوات الأقراء، وتعتدُّ ذوات الشهور ثلاثة أشهر.

وأولات الأحمالِ أجلهنَّ أن يضعن حملهنَّ.

واللّاتي توفّي عنها زوجها يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهر وعشرا إذا كانت حائلاً، والحامل تعتدُّ بأبعد الأجلين من العدَّة والوضع جمعاً بين عموم الآيتين.

٨٤

والإماء تعتدُّ قرئين من طلاق إن كنَّ ذوات الأقراء وإلّا فشهراً ونصفاً.

وتعتدُّ من الوفاة شهرين وخمسة أيّام إن كانت حائلاً والحامل عدَّتها أبعد الأجلين.

وأُمّ الولد لمولاها عدَّتها أربعة أشهر وعشرا.

والمتمتَّع بها إذا انقضى أجلها بعد الدخول أو أعرض عنه الزَّوج فعدَّتها حيضتان في ذوات الأقراء، وخمسة وأربعون يوماً في غيرهنَّ.

وتعتدُّ من الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيّام إن كانت حائلاً أو لم يدخل بها، وبأبعد الأجلين إن كانت حاملاً. ولو كانت أمة فعدَّتها حائلاً شهران وخمسة أيّام.

هذا ما عند الشيعة من العدَّة، وهذه كتب القوم الفقهيّة والتفسيريَّة قديمة وحديثة طافحةٌ بما ذكرناه، فهل وجد عزوه المختلق في شيءٍ منها؟! اللّهم لا. بل إنَّه لا يكترث بالمباهتة وهي شأنه في كثير من الموارد.

٦ - قال: اليهود تستحلُّ دم كلِّ مسلم وكذلك الرافضة.

ج - هل يعرف الرجل مصدر هذه النسبة من كتب الشيعة وعلمائهم وأعلامهم، بل من ساقتهم وذوي المراتب الواطئة منهم؟! والشيعة هم الَّذين يتلون الكتاب العزيز في آناء الليل وأطراف النهار مخبتين بأنَّ ما بين دفَّتيه وحيٌ منزلٌ من الله إلى سيِّد رسله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه آيات التحذير عن قتل المؤمن والإيعاز بالخلود في جهنَّم من جرّائه و فيه آية القصاص. والسنَّة النبويَّة وأحاديث أئمَّتهم مشحونةٌ بالنهي عنه والعقوبات عليه والأحكام المرتَّبة عليه من قصاص وديات، ومن المطَّرد في فقههم عقد كتابين فيهما.

فبذلك كلّه تعلم أنَّ هذه النسبة لا مصدر لها إلّا الخيال المتوهَّم الصادر عن العداء المحتدم، والعصبيَّة الحمقاء.

٧ - قال: اليهود حرَّفوا التوراة وكذلك الرافضة حرَّفت القرآن.

ج - إنَّ مصدر الشيعة في التفسير والتأويل، وفي كلِّ حكم أو تعليم ليس إلّا أحاديثٌ معتبرةٌ صادرة عن رجالات بيت الوحي بعد مشرِّفهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل البيت أدرى بما فيه، وليس ما يُروى عنهم من الشئون مستعصياً على العقل والمنطق ولا الأُصول المسلّمة في الدين، وليس بمأخوذ من مثل قتادة والضحّاك والسدّي و

٨٥

أمثالهم المفسِّرين بالرأي، البعيدين عن مستقى العلم النبويِّ.

فإذا أردت تحريف الكلم عن مواضعه والنظر إليه فإليك بكتب القوم وتفاسيرهم تجد هناك التعليلات الباردة، والتحكّمات الفارغة، والعلل التافهة، والآراء السخيفة؛ وإنكار المسلّمات، وحسبك ما يأتي من نماذجها نقلاً عن كتاب «منهاج السنَّة» لابن تيميَّة وغيره. إذن فألق الشبه بين اليهود وأيّ فرقة شئت.

٨ - قال: اليهود تبغض جبرئيل وتقول: هو عدوُّنا من الملائكة، وكذلك الرافضة تقول: غلط جبرئيل في الوحي إلى محمد بترك عليِّ بن أبي طالب.

ج - لعلّ الرجل يحسب في أحلامه الطائشة أنّه يحدِّث عن أُمّة بائدة قد أكل عليها الدهر وشرب، فلم يبق لها مَن يدافع عن شرفها، وما كان يحسب أنَّ المستقبل الكشّاف سوف يُقيِّض مَن يُسائله قائلاً: كيف يعادي جبرئيل من يتلو في كتابه المقدَّس قوله تعالى:( مَنْ كَانَ عَدُوّا للّهِ‏ِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنّ اللّهَ عَدُوّ لِلْكَافِرِينَ ) ؟!

ومتى خالج شيعيّاً الشكُّ في نبوَّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟! أو هجس في خلد أيٍّ منهم نبوَّة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام؟! حتّى يحكم بغلط جبريل وهو يقرأ آناء الليل وأطراف النهار قوله تعالى:( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ )

وقوله تعالى:( مَا كَانَ مُحَمّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رّجَالِكُمْ وَلكِن رّسُولَ اللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ )

وقوله تعالى:( وَآمَنُوا بِمَا نُزّلَ عَلَى‏ مُحَمّدٍ وَهُوَ الْحَقّ مِن رَبّهِمْ )

وقوله تعالى:( مُحَمّدٌ رّسُولُ اللّهِ )

وقوله تعالى:( وَمُبَشّرَاً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )

وكيف يرى شيعيُّ أنَّ جبريل قد غلط في الوحي؟! وهو يتشهَّد بالرّسالة في كلِّ فريضة ونافلة، وفي الأذان والإقامة، وفي دعوات كثيرة مأثورة عن أئمَّتهم صلوات الله عليهم، وتشهد بذلك كلّه مؤلّفاتهم في الفقه والحديث والكلام والعقايد والملل والنحل.

وهل من الممكن أن تزعم الشيعة (على هذه الفرية) إنّ الله سبحانه أمضى ذلك

٨٦

الغلط لمجرَّد إشتباه جبريل وهو يريد أن يبعث أمير المؤمنين؟! وهل يقول بهذا معتوهٌ دهش؟! أو بربريُّ عزب عنه العلوم والمعارف كلّها فضلاً عن الشيعة وهم: هم؟! فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً؟!

والعجب كلّ العجب أنَّه يكتب كاتب مصر اليوم وعالمها ردّاً على الشيعة ويسلقهم بهذا التافه الخرافيّ، فلا يصدَّنَّك عنها مَن لا يؤمن بها واتَّبع هواه فتردى.

٩ - قال: اليهود لا تأكل لحم الجزور وكذلك الرافضة.

ج - إقرأ واضحك أو اقرأ وابك.

وإذا تحرَّيت الوقاحة والصلف فإلى صاحب هذه الكلمة، فإن كنت لا تعلم كيف يكذب المائن، ويبهت الخائن، فالأُندلسيُّ يوقفك عليه في كتابه.

ليت شعري ما ذنب الجزور المخرج حكمه ممّا يؤكل لحمه من الحيوانات؟! أو ما كرامته على الشيعة حتى أربوا به عن الذبح؟!

أنا لا أعلم شيئاً من ذلك، ولعلَّ عند مفتعل الرواية فلسفة راقية تأول إلى تلك الفرية الشائنة.

والحَكم الفاصل في هذه المعضلة مجاذر القصّابين وسواطيرهم وحوانيتهم في بلاد الشيعة من أقطار العالم.

أضحوكة

١٠ - قال: قال أبو عثمان بحر الجاحظ: أخبرني رجلٌ من رؤساء التُجّار قال: كان معنا في السفينة شيخٌ شرس الأخلاق طويل الإطراق وكان إذا ذُكر له الشيعة غضب واربدَّ وجهه، وزوى من حاجبيه فقلت له يوماً: يرحمك الله ما الذي تكرهه من الشيعة؟! فإنّي رأيتك إذا ذُكروا غضبتَ وقبضتَ. قال: ما أكره منهم إلّا هذه الشين في أوّل إسمهم فإنّي لم أجدها قطُّ إلّا في كلّ شرٍ وشومٍ وشيطانٍ وشغب وشقاءٍ وشفارٍ وشررٍ وشينٍ وشوكٍ وشكوى وشهرةٍ وشتمٍ وشُحٍّ. قال أبو عثمان: فما ثبت لشيعيٍّ بعدها قائمة.

عجباً من سفاهة الشيخ (شرس الأخلاق) وضئولة رأيه حيث لم يجد في الشيعة

٨٧

ما يزري بهم، لكن عدائه المحتدم حداه إلى أن يتّخذ لهم عيباً منحوتاً من السفاسف، فطفقُ يؤاخذهم بالإسم لمحض إطّراد حرف من حروفه في أشياء من أسماء الشرّ، ولو إطّرد هذا لتسرَّب إلى كثير من الأسماء المقدَّسة، م - وإلى كتاب الله العزيز وفيه قوله تعالى:( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) . وآيٌ أخرى جاءت فيها لفظة الشيعة].

وأسخف من الشيخ أبو عثمان الَّذي يحسب أنَّه لم تثبت للشيعة بعد تلك الكلمة التافهة قائمة، فكأنَّ صاعقة أصابتهم، أو إنَّها خسفت الأرض من تحت أرجلهم، أو دكدكت عليهم الجبال فأهلكتهم، أو أنَّ برهاناً قاطعاً دحض حجَّتهم ففضحهم، ولم يعقل أنَّ الشيخ كشف بقوله عن سوئته، وأقام حجَّةً على شراسة أخلاقه، فاقتدى به أبو عثمان بعقليته الضئيلة.

ولم يبعد عنهما إبن عبد ربِّه حيث أورده في كتابه مرتضياً له، ولِم لَم يرق الشيخ الشرس أن يحبَّ من الشيعة هذه الشين الموجودة في الشريعة. والشمس. والشروق. والشعاء. والشهد. والشفاعة. والشرف. والشباب. والشكر. والشهامة. والشأن. والشجاعة. والشفق؟! م - وقد جاءت غير واحدة من تلكم الألفاظ كلفظة الشيعة في القرآن].

وكيف تجد الشيخ في أُكذوبته بأنَّه لم يجد الشين إلّا في تلك الألفاظ دون هذه؟! ولعلّه كان أعور فلا يبصر ما يحاذي عينه العوراء.

أوَ ليس في وسع الشيعة أن يقول على وتيرة الشيخ: إنِّي ما أكره من السُنِّيِّ إلّا هذه السين في أوّل إسمه التي أجدها في السام. والسئم. والسعر. والسقر. والسبي. والسقم. والسم. والسموم. والسوئة. والسهم. والسهو. والسرطان. والسرقة والسفه. والسفل. والسخب. والسخط. والسخف. والسقط. والسلّ. والسليطة. والسماجة؟!

لكنَّ الشيعة عقلاء حكمآء لا يعتمدون على التافهات، ولا يخدشون العواطف بالسفاسف، ولا يشوِّهون سمعة أيِّ مبدء بمثل هذه الخرافات.

هذه نبذةٌ من مخاريق إبن عبد ربّه، وكم لها من نظير، ولو ذهبنا إلى استيعاب ما هناك لجاء كتاباً حافلاً، وهناك له سقطات تاريخيّة كقوله في زيد الشهيد: إنَّه خرج

٨٨

بخراسان فقتل وصُلب(١) نخرج بنقدها عن موضوع البحث ولا يهمّنا الايعاز إليها.

وذكر إبن تيميَّة في «منهاج السنَّة» هذه النسب والإضافات المفتعلة، وراقه أن يُرى للمجتمع أنّه أقدر في تنسيق الأكاذيب من سلفه، وأنَّه أبعد منه عن أدب الصدق والأمانة فزاد عليها:

اليهود لا يخلصون السَّلام على المؤمنين إنَّما يقولون: السام عليكم (السام: الموت) وكذلك الرافضة.

اليهود لا يرون المسح على الخفَّين وكذلك الرافضة.

اليهود يستحلّون أموال الناس كلّهم وكذلك الرافضة.

اليهود تسجد على قرونها في الصَّلاة وكذلك الرافضة.

اليهود لا تسجد حتّى تخفق برؤوسها مراراً تشبيهاً بالرُّكوع وكذلك الرافضة.

اليهود يرون غشَّ الناس وكذلك الرافضة.

وأمثال هذه من الخرافات والسفاسف، وحسبك في تكذيب هذه التقوّلات المعزوَّة إلى الشيعة شعورك الحرُّ، وحيطتك بفقههم وكتبهم وعقايدهم وأعمالهم، وما عُرف منهم قديماً وحديثاً. فإلى الله المشتكى.

( وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الّذِى جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ

مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ )

سورة البقرة ١٢٠

_____________________

١ - العقد الفريد ٢ ص ١٤٦، ٣٥٥ ج ٣ ص ٤١.

٨٩

٢

الانتصار(١)

إنك غير مائن لو سميته بمصدر الأكاذيب، ولو عزى إليه على عدد صفحاته - ١٧٣ - أكذوبة لما كذب القائل، ولو جست خلال صحايفه لأوقفك الفحص على العجب العجاب من كذب شائن، وتحكّم بارد، وتهكّم ممض، ونسب مفتعلة، وإنا نرجى إيقافك عليها إلى ظفرك بالكتاب نفسه فإنه مطبوع بمصر منشور، ولا نسوّد جبهات صحائف كتابنا بنقل هاتيك الأساطير كلها، وإنما نذكر لك نماذج منها لتعرف مقدار توغله في القذائف، وتهالكه دون الطامات، وتغلغل الحقد في ضميره الدافع له إلى تشويه سمعة أمّة كبيرة كريمة نزيهة عن كل ما تقوّله عليها. قال:

١ - الرافضة تعتقد أنَّ ربَّها ذو هيئة وصورة يتحرَّك ويسكن ويزول وينتقل وإنَّه كان غير عالم فعلم (إلى أن قال): هذا توحيد الرافضة بأسرها إلّا نفراً منهم يسيراً صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد فنفتهم الرافضة عنهم وتبرَّئت منهم، فأمّا جملتهم و مشايخهم مثل هشام بن سالم، وشيطان الطاق، وعليّ بن ميثم، وهشام بن الحكم بن منصور، والسكّاك فقولهم ما حكيت عنهم. ص ٥.

٢ - الرافضة تقول وهي معتقدةٌ: إنَّ ربّها جسمٌ ذو هيئةٍ وصورةٍ يتحرَّك ويسكن ويزول وينتقل وإنَّه كان غير عالم ثمَّ علم ص ٧.

٣ - فهل على وجه الأرض رافضيٌّ إلّا وهو يقول: إنّ الله صورةٌ، ويروي في ذلك الروايات، ويحتجّ فيه بالأحاديث عن أئمَّتهم؟! إلّا من صحب المعتزلة منهم قديماً فقال بالتوحيد فنفته الرافضة عنها ولم تقرِّ به. ص ١٤٤.

٤ - يرون الرافضة أن يطأ المرأة الواحدة في اليوم الواحد مائة رجل من غير استبراء، ولا قضاء عدَّة، وهذا خلاف ما عليه أُمَّة محمد. ص ٨٩.

ستتضح جليَّة الحال في هذه كلّها وإنَّ الشيعة بريئةٌ منها من أوَّل يومها( وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنّكَ إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ ) (٢)

_____________________

١ - تأليف أبي الحسين عبد الرحيم الخياط المعتزلي.

٢ - سورة البقرة ١٤٥.

٩٠

٣

الفرق بين الفِرَق

تأليف أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغداديّ

المتوفّى ٤٢٩ في ٣٥٥ صفحة

لم يترك هذا المؤلِّف في قوس إفكه منزعاً لم يرمِ به الشيعة، إنَّما قحمه في هذه المهلكة حسبانه في ص ٣٠٩ أنَّه لم يكن في الروافض قطُّ إمامٌ في الفقه، ولا إمامٌ في رواية الحديث، ولا إمامٌ في اللغة والنحو، ولا موثوقٌ به في نقل المغازي والسير والتواريخ، ولا إمامٌ في التأويل والتفسير، وإنَّما كان أئمَّة هذه العلوم على الخصوص والعموم أهل السنَّة والجماعة.

وحمد الله على ذلك. وكأنَّ هذه المزعمة عنه كانت عامَّة حتّى للأجيال القادمة نظراً إلى الغيب من وراء ستر رقيق، وبذلك أمن أن يكون من بعده من يكشف عورته ويطعن في أمانته في العزو، أو إنَّ كتب الشيعة وعلمائها المضادَّة لهاتيك النسب تكذِّبه بأنفسها.

وإن تعجب فعجبٌ أنَّه كان نصب عيني الرجل في بيئته (بغداد) رجالات من الشيعة لا يطعن في إمامتهم في كلّ ما ذكره من العناوين وكانت بيدهم أزمّة الزعامة كشيخ الأُمَّة ومعلّمها محمد بن محمد بن النعمان المفيد. وعلم الهدى سيّدنا المرتضى. والشريف الرضي. وأبي الحسين النجاشي. والشيخ أبي الفتح الكراجكي. والشريف أبي يعلى. وسلّار الديلمي. ونظرائهم فهو إمّا أنَّه لم يحسَّ بهم لخلل في حسِّه المشترك، أو إنَّه مندفعٌ إلى الإنكار بدافع الحنق، وأيّاماً كان فنحن لا نبالي بما هو فيه، وكلُّ قصدنا تنبيه القارئ إلى خطَّة الرجل حتّى لا يغترّ بماله من صخب وتركاض.

ولعلّك تعرف شيئاً ممّا حوته صفحات هذا الكتاب المزوَّر من الكذب والزور والبهت والتدجيل والتمويه عندما تقف على كلماتنا حول ما يضاهيه من الكتب المزوَّرة.

( وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ

مَالَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ وَاقٍ )

سورة الرعد ٣٧

٩١

٤

الفصل في الملل والنحل(*)

يجب على من يكتب في الملل والنحل قبل كل شيء الإلتزام بالصدق والأمانة أكثر ممن يؤلف في التاريخ والأدب حتى يأمن بوائق هذا الفن من قذف الأمم من غير استناد إلى ركن وثيق، وتشويه سمعة الأبرياء بمجرّد الوهم أو الخيال، فلا يخطّ إلّا وهو متثبت في النقل، معتمد على أوثق المصادر، حتى يكون ذلك معذراً له عند المولى سبحانه، فلا يؤاخذ بالبهت على الناس والوقيعة فيهم.

غير أن ابن حزم لم يلتزم بهذا الواجب بل إلتزم بضده في كل ما يكتب، فطفق ينسق الأقاويل، ويروقه تكثير المذاهب،وقذف من يخالفه في المبدء. فإليك نماذج من تحكّماته قال:

١ - إنَّ الروافض ليسوا من المسلمين إنَّما هي فرقٌ أوَّلها بعد موت النبيِّ بخمس وعشرين سنة، وكان مبدئها إجابةً ممَّن خذله الله لدعوة من كاد الإسلام، وهي طائفةٌ تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر.

ج - لعمر الحقِّ إنَّ هذه جملٌ قارصة تندى منها جبهة الإنسانيَّة ولو كان الظاهريُّ يحملها لوجب أن ينتصب عرقاً ولكن...

وليت شعري كيف يمكن سلب الإسلام عن قوم يستقبلون القبلة في فرايضهم، ويلهجون بالشَّهادتين فيها، ويحملون القرآن ويعملون به ويتَّبعون سنَّة النبيِّ الأقدس؟! وملأ الدنيا كتبهم في العقائد والأحكام فهي شهيدةٌ لهم على ما قلناه بعد أعمالهم الخارجيَّة.

وكيف يسع الرجل هذا الحكم الباتّ؟! وآلافٌ من الشيعة هم مشايخ أعلام السنَّة ورواة الحديث في صحاحهم الستّ وغيرها من المسانيد وهي مراجع قومه في معتقداتهم وأحكامهم وآرائهم نظرآء:

أبان بن تغلب الكوفي، إبراهيم بن يزيد الكوفي، أبو عبد الله الجدلي.

_____________________

(*) تأليف ابن حزم الظاهري الأندلسي المتوفّى ٤٥٦، راجع ج ١ ص ٢٩٠.

٩٢

أحمد بن المفضل الحفري

إسماعيل بن زكريّا الكوفي

تليد بن سليمان الكوفي

جابر بن يزيد الجعفي

جعفر بن سليمان البصري

الحارث بن عبد الله الهمداني

حكم بن عُتيبة الكوفي

أبو الحجّاف إبن أبي عوف

سالم بن أبي الجعد الكوفي

سعيد بن خثيم الهلالي

سليمان بن صرد الكوفي

سليمان بن مهران الكوفي

طاوس بن كيسان الهمداني

عبّاد بن يعقوب الكوفي

عبد الله بن عمر الكوفي

عبد الرحمن بن صالح الأزدي

عبيد الله بن موسى الكوفي

عطيَّة بن سعد الكوفي

عليّ بن بديمة

عليّ بن صالح

عليّ بن المنذر الطرائفي

عمّار بن زُريق الكوفي

فضل بن دكين الكوفي

مالك بن إسماعيل الكوفي

محمد بن فضيل الكوفي

إسماعيل بن أبان الكوفي

إسماعيل بن عبد الرَّحمن

ثابت أبو حمزة الثِّمالي

جرير بن عبد الحميد الكوفي

جُميع بن عُميرة الكوفي

حبيب بن أبي ثابت الكوفي

حمّاد بن عيسى الجهني

زُبيد بن الحارث الكوفي

سالم بن أبي حفصة الكوفي

سلمة بن الفضل الأبرش

سليمان بن طاخان البصري

شعبة بن الحجّاج البصري

ظالم بن عمرو الدؤلي

عبد الله بن داود الكوفي

عبد الله بن لهيعة الحضرمي

عبد الرزاق بن همام الحميري

عثمان بن عُمير الكوفي

العلاء بن صالح الكوفي

عليّ بن الجعد الجوهري

عليّ بن غراب الكوفي

عليّ بن هاشم الكوفي

عمرو بن عبد الله السبيعي

فضيل بن مرزوق الكوفي

محمد بن حازم الكوفي

محمد بن مسلم الطائفي

إسماعيل بن خليفة الكوفي

إسماعيل بن موسى الكوفي

ثُوير بن أبي فاختة الكوفي

جعفر بن زياد الكوفي

الحارث بن حُصيرة الكوفي

الحسن بن حيِّ الهمداني

خالد بن مخلّد القطواني

زيد بن الحباب الكوفي

سعد بن طريف الكوفي

سلمة بن كهيل الحضرمي

سليمان بن قرم الكوفي

صعصعة بن صوحان العبيدي

أبو الطفيل عامر المكّي

عبد الله بن شدّاد الكوفي

عبد الله بن ميمون القداح

عبد الملك بن أعين

عديّ بن ثابت الكوفي

علقمة بن قيس النخعي

عليّ بن زيد البصري

عليّ بن قادم الكوفي

عمّار بن معاوية الكوفي

عوف بن أبي جميلة البصري

فطر بن خليفة الكوفي

محمد بن عُبيد الله المدني

محمد بن موسى المدني

٩٣

محمد بن عمّار الكوفي

المنهال بن عمرو الكوفي

نوح بن قيس الحدّاني

هُبيرة بن بُريم الحميري

وكيع بن الجراح الكوفي

معروف بن خربوذ الكرخي

موسى بن قيس الحضرمي

هارون بن سعد الكوفي

هشام بن زياد البصري

يحيى بن الجزّار الكوفي

منصور بن المعتمر الكوفي

نفيع بن الحارث الكوفي

هاشم بن البريد الكوفي

هشام بن عمّار الدمشقي

يزيد بن أبي زياد الكوفي(١) .

هؤلآء جمعٌ ممَّن إحتجّ بهم الأئمَّة الستَّة في صحاحهم، أضف إليهم رجال الشيعة من الصحابة الأكرمين، والتابعين الأوَّلين، وأعلام البيت العلويِّ الطاهر من الَّذين يُحتجُّ بهم وبحديثهم وأنهى أئمَّة أهل السنَّة إليهم الإسناد في الصحاح والسنن والمسانيد و هم مصرِّحون بثقتهم وعدالتهم.

فلو كانت الشيعة (كما زعمه إبن حزم) خارجين عن الإسلام فما قيمة تلك الصحاح؟! وتلك المسانيد؟! وتلك السنن؟! وما قيمة مؤلِّفيها أولئك المشايخ وأولئك الأئمَّة و أولئك الحفّاظ؟! وما قيمة تلكم المعتقدات والآراء المأخوذة ممَّن ليسوا من المسلمين؟! أللهمَّ غفرانك وإليك المصير وأنت القاضي بالحقِّ.

نعم: ذنبهم الوحيد الَّذي لا يُغفر عند إبن حزم أنَّهم يُوالون عليّاً أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده الأئمَّة الأُمناء صلوات الله عليهم إقتداءً بالكتاب والسنَّة، ومن جرّاء ذلك يستبيح صاحب الفصل من أعراضهم ما لا يُستباح من مسلم، والله هو الحكَم الفاصل.

وأمّا ما حسبه من أنَّ مبدء التشيّع كان إجابةً ممَّن خذله الله لدعوة من كاد الإسلام وهو يريد عبد الله بن سبا الذي قتله أمير المؤمنين عليه السلام إحراقاً بالنار على مقالته الإلحاديَّة وتبعته شيعته على لعنه والبرائة منه.

فمتى كان هذا الرجس من الحزب العلويِّ حتى تأخذ الشيعة منه مبدء ها القويم؟! وهل تجد شيعيّاً في غضون أجيالها وأدوارها ينتمي إلى هذا المخذول ويمتُّ به؟! لكن الرجل أبى إلّا أن يقذفهم بكلِّ مائنةٍ شائنةٍ، ولو استشفَّ الحقيقة لعلم بحقِّ اليقين أنَّ ملقي هذه البذرة - التشيّع - هو مشرِّع الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم يوم كان يُسمِّيّ

_____________________

١ - راجع في ترجمة هؤلاء وتفصيل حديثهم المراجعات لسيدنا المجاهد حجة الإسلام شرف الدين ص ٤١ - ١٠٥.

٩٤

من يوالي عليّاً عليه السلام بشيعته ويُضيفهم إليه ويُطريهم ويدعو أُمَّته إلى موالاته وإتِّباعه راجع ص ٧٨.

ولتفاهة هذه الكلمة لا نسهب الإفاضة في ردِّه ونقتصر على كلمة ذهبيَّة للأستاذ محمد كرد علي في خطط الشام ٦ ص ٢٥١ قال: أمّا ما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنَّ مذهب التشيّع من بدعة عبد الله بن سباء المعروف بابن السوداء فهو وهمٌ وقلّة علم بتحقيق مذهبهم، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبرائتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب. ا هـ.

٢ - قال: كذب مَن قال: بأنَّ عليّاً كان أكثر الصحابة علماً (٤ ص ١٣٦) ثمَّ بسط القول في تقرير أعلميَّة أبي بكر وتقدُّمه على عليٍّ في العلم ببيانات تافهة إلى أن قال: علم كلُّ ذي حظٍّ من العلم أنَّ الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ منه.

وقال في تقدُّم عمر على عليٍّ في العلم: علم كلُّ ذي حسٍّ علماً ضروريّاً أنَّ الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ من العلم. إلى أن قال: فبطل قول هذه الوقّاح الجهال، فإن عاندنا معاندٌ في هذا الباب جاهلٌ أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله فإنّا غير مهتمّين على حطِّ أحد من الصحابة عن مرتبته.

ج - أنا لست أدري أأضحك من هذا الرجل جاهلاً؟! أم أبكي عليه مغفَّلاً؟! أم أسخر منه معتوهاً؟! فإنّ ممّا لا يدور في أيِّ خلد الشكُّ في أنَّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام كان يربو بعلمه على جميع الصحابة، وكانوا يرجعون إليه في القضايا والمشكلات ولا يرجع إلى أحد منهم في شيء، وإنَّ أوَّل مَن إعترف له بالأعلميَّة نبيُّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم بقوله لفاطمة: أما ترضين أنّي زوَّجتكِ أوَّل المسلمين إسلاماً وأعلمهم علماً(١) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: زوَّجتكِ خير أُمَّتي أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوَّلهم سلماً(٢) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: إنَّه لأوَّل أصحابي إسلاماً، أو: أقدم أُمَّتي سلماً، وأكثرهم

_____________________

١ - مستدرك الحاكم ٣، كنز العمال ٦ ص ١٣.

٢ - أخرجه الخطيب في المتفق، السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ ص ٣٩٨.

٩٥

علماً، وأعظمهم حلماً(١) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أعلم أُمَّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب(٢) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ وعاء علمي ووصيّي وبابي الذي أوتى منه(٣) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ باب علمي ومبيِّن لأُمّتي ما أُرسلت به من بعدي(٤) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ خازن علمي(٥) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليُّ عيبة علمي(٦) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أقضى أُمَّتي عليّ(٧) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أقضاكم عليّ(٨) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليُّ أخصمك بالنبوَّة ولا نبوَّة بعدي وتخصم بسبع (إلى أن عدَّ منها) وأعلمهم بالقضيَّة. وفي لفظ: وأبصرهم بالقضيَّة(٩) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاُعطي عليٌّ تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً(١٠) .

_____________________

١ - مسند أحمد ٥ ص ٢٦، الاستيعاب ٣ ص ٣٦، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٤. مجمع الزوايد ٩ ص ١٠١ و ١١٤ بطريقين صحح أحدهما ووثق رجال الآخر، والمرقاة في شرح المشكاة ٥ ص ٥٦٩، كنز العمال ٦ ص ١٥٣، السيرة الحلبية ١ ص ٢٨٥، سيرة زيني دحلان ١ ص ١٨٨ هامش الحلبية.

٢ - أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب ٤٩، ومقتل الحسين ١ ص ٤٣ والمتقي في كنز العمال ٦ ص ١٥٣.

٣ - شمس الأخبار ص ٣٩، كفاية الكنجي ٧٠، ٩٣.

٤ - أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال ٦ ص ١٥٦، كشف الخفاء ج ١ ص ٢٠٤.

٥ - شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ ص ٤٤٨.

٦ - شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ ص ٤٤٨، الجامع الصغير للسيوطي وجمع الجوامع له كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٣ م شرح العزيزي ٢ ص ٤١٧، حاشية شرح العزيزي للحفني ٢ ص ٤١٧، مصباح الظلام ٢ ص ٥٦).

٧ - مصابيح البغوي ٢ ص ٢٧٧، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٨، مناقب الخوارزمي ٥٠، م فتح الباري ٨، ١٣٦، بغية الوعاة ص ٤٤٧

٨ - الاستيعاب ٣ ص ٣٨ هامش الإصابة، مواقف القاضي الإيجي ٣ ص ٢٧٦، شرح ابن أبي الحديد ٢ ص ٢٣٥، مطالب السئول ٢٣، تمييز الطيب من الخبيث ٢٥، كفاية الشنقيطي ٤٦.

٩ - حلية الأولياء ١ ص ٦٦، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٨ عن الحاكمي، مطالب السئول ٣٤، تاريخ إبن عساكر، كفاية الكنجي ١٣٩، كنز العمال ٦ ص ١٥٣.

١٠ - حلية الأولياء ١ ص ٦٥، أسنى المطالب للحافظ الجزري ١٤.

٩٦

وكيف كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول لَمّا يقضي عليٌّ في حياته: الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت(١) وإذا كان عليٌّ باب مدينة علم رسول الله وحكمته بالنصوص المتواترة عنه(٢) صلى الله عليه وآله وسلم فأيُّ أحد يُوازيه؟! أو يُضاهيه؟! أو يقرب منه في شيء من العلم؟! و هذا الحديث ممّا لا شكَّ في صدوره عن مصدر النبوَّة، وقد أفرده بتدوين طرقه غير واحد في مؤلَّفات مستقلّة.

وبعده صلى الله عليه وآله وسلم عايشة فإنَّها قالت: عليٌّ أعلم الناس بالسنَّة(٣) .

وعمر بقوله: عليٌّ أقضانا.(٤)

وقوله: أقضانا عليٌّ.(٥)

ولعمر كلماتٌ مشهورةٌ تعرب عن غاية إحتياجه في العلم إلى أمير المؤمنين منها قوله غير مرَّة: لولا عليٌّ لهلك عمر(٦) .

وقوله: أللهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها إبن أبي طالب(٧) .

وقوله: لا أبقاني الله بأرض لست فيها أبا لحسن.(٨)

وقوله: لا أبقاني الله بعدك يا عليُّ؟(٩)

_____________________

١ - أخرجه أحمد في المناقب، محب الدين الطبري في الرياض ٢ ص ١٩٤.

٢ - أخرجه كثير من الحافظ بعدة طرق وصححه الطبري وابن معين والحاكم والخطيب والسيوطي وغيرهم.

٣ - الاستيعاب ٣ ص ٤٠ هامش الإصابة، الرياض النضرة ٢ ص ٩٣؟، مناقب الخوارزمي ٥٤، الصواعق ٧٦، تاريخ الخلفاء ١١٥.

٤ - حلية الأولياء ١ ص ٦٥، طبقات ابن سعد ص ٤٥٩، ٤٦٠، ٤٦١، الاستيعاب ٤ ص ٣٨، ٣٩ هامش الإصابة، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٨، ٢٤٤، تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٥٩ و قال: ثبت عن عمر. أسنى المطالب للجزري ١٤، تاريخ الخلفاء للسيوطي ١١٥.

٥ - طبقات ابن سعد ٨٦٠، الاستيعاب ٣ ص ٤١، تاريخ إبن عساكر ٢ ص ٣٢٥، مطالب السئول ٣٠.

٦ - أخرجه أحمد والعقيلي وابن السمان، ويوجد في الاستيعاب ٣ ص ٣٩، الرياض ٢ ص ١٩٤، تفسير النيسابوري في سورة الأحقاف، مناقب الخوارزمي ٤٨، شرح الجامع الصغير للشيخ محمد الحنفي ٤١٧ هامش السراج المنير. تذكرة السبط ٨٧، مطالب السئول ١٣، فيض القدير ٤ ص ٣٥٧.

٧ - تذكرة السبط ٨٧، مناقب الخوارزمي ٥٨، مقتل الخوارزمي ١ ص ٤٥.

٨ - إرشاد الساري ٣ ص ١٩٥.

٩ - الرياض النضرة ٢ ص ١٩٧، مناقب الخوارزمي ٦٠، تذكرة السبط ٨٨، فيض القدير ٤ ص ٣٥٧.

٩٧

وقوله: أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها(١) .

وقوله: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لستَ فيهم يا أبا الحسن(٢) .

وقوله: أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن(٣) .

وقوله: أللهمّ لا تنزل بي شديدة إلّا وأبو الحسن إلى جنبي(٤) .

وقوله: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. ترجمة عليّ بن أبي طالب ص ٧٩.

م - وقوله: لا أبقاني الله إلى أن أدرك قوماً ليس فيهم أبو الحسن. حاشية شرح العزيزي ٢ ص ٤١٧، مصباح الظلام ٢ ص ٥٦ ]

وقال سعيد بن المسيِّب: كان عمر يتعوَّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن(٥) .

وقال معاوية: كان عمر إذا أشكل عليه شيءٌ أخذه منه(٦) .

م - ولَمّا بلغ معاوية قتل الإمام قال: لقد ذهب الفقه والعلم بموت إبن أبي طالب. أخرجه أبو الحجّاج البلوي في كتابه «ألف باء» ج ١ ص ٢٢٢ ].

ثمّ الإمام السبط الحسن الزكيّ فإنَّه قال في خطبة له: لقد فارقكم رجلٌ بالأمر لم يسبقه الأوَّلون ولا يدركه الآخرون بعلم(٧) .

وقال إبن عبّاس حبر الأُمَّة: والله لقد اُعطي عليُّ بن أبي طالب تسعةُ أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العُشر العاشر(٨) .

_____________________

١ - تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٥٩، الفتوحات الإسلامية ٢ ص ٣٠٦.

٢ - الرياض النضرة ١٩٧، منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ٢ ص ٣٥٢.

٣ - فيض القدير ٤ ص ٣٥٧، م - قال: أخرج الدار قطني عن أبي سعيد أن عمر كان يسأل علياً عن شيئ فأجابه فقال عمر: أعوذ بالله الخ).

٤ - أخرجه ابن البختري كما في الرياض ٢ ص ١٩٤.

٥ - أخرجه أحمد في المناقب، ويوجد في الاستيعاب هامش الإصابة ٣ ص ٣٩، م - صفة الصفوة ١ ص ١٢١) الرياض النضرة ٢ ص ١٩٤، تذكرة السبط ٨٥، طبقات الشافعية للشيرازي ١٠، الإصابة ٢ ص ٥٠٩، الصواعق ٧٦، فيض القدير ٤ ص ٣٥٧، م - إلف باء ١ ص ٢٢٢).

٦ - مناقب أحمد، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٥.

٧ - أخرجه م - أحمد كما في تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٣٢، و) أبو نعيم في الحلية ١ ص ٦٥، وابن أبي شيبة كما في ترتيب جمع الجوامع ٦ ص ٤١٢، م - وأبو الفرج إبن الجوزي في صفة الصفوة ١ ص ١٢١).

٨ - الاستيعاب ٣ ص ٤٠، الرياض ٢ ص ١٩٤، مطالب السئول ٣٠.

٩٨

وقال: ما علمي وعلم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم في علم عليٍّ رضي الله عنه إلّا كقطرة في سبعة أبحر(١) .

وقال: العلم ستَّة أسداس، لِعليٍّ من ذلك خمسة أسداس وللنّاس سُدسٌ، ولقد شاركنا في السّدس حتّى لهو أعلم به منّا(٢) .

وقال إبن مسعود: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاُعطي عليُّ تسعة أجزاء والناس جزءاً، وعليٌّ أعلمهم بالواحد منها(٣) .

وقال: أعلم أهل المدينة بالفرائض عليُّ بن أبي طالب(٤) .

وقال: كنّا نتحدَّث أنَّ أقضى أهل المدينة عليٌّ(٥) .

وقال: أفرض أهل المدينة وأقضاها عليٌّ(٦) .

موقال: إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف ما منها حرفٌ إلّا وله ظهرٌ وبطنٌ وإنَّ عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن. مفتاح السعادة ج ١ ص ٤٠٠ ].

وقال: هشام بن عتيبة في عليّ عليه السلام: هو أوَّل من صلّى مع رسول الله، وأفقهه في دين الله، وأولاه برسول الله(٧)

وسُئل عطاء أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من عليٍّ؟! قال: لا والله ما أعلمه.(٨)

وقال عديّ بن حاتم في خطبة له: والله لئن كان إلى العلم بالكتاب والسنَّة إنَّه - يعني عليّاً - لأعلم النّاس بهما، ولئن كان إلى الإسلام إنَّه لأخو نبيِّ الله والرأس في الإسلام، ولئن كان إلى الزهد والعبادة إنَّه لأظهر الناس زهداً، وأنهكهم عبادةً،

_____________________

١ - راجع الجزء الثاني من كتابنا ص ٤٤، ٤٥ ط ثاني

٢ - مناقب الخوارزمي ٥٥، فرايد السمطين في الباب الـ ٦٨ بطريقين.

٣ - كنز العمال ٥ ص ١٥٦، ٤٠١ نقلاً عن غير واحد من الحفاظ.

٤ - الاستيعاب ٣ ص ٤١، الرياض ٢ ص ١٩٤.

٥ - مستدرك الحاكم ج ٣ وصححه، الاستيعاب ٣ ص ٤١، أسنى المطالب للجزري ١٤، تمييز الطيب من الخبيث لابن البديع ١٥، الصواعق ٧٦.

٦ - مستدرك الحاكم، الرياض ٢ ص ١٩٨، الصواعق ٧٦، تاريخ الخلفاء للسيوطي ١١٥.

٧ - كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٤٠٣.

٨ - الاستيعاب ٣ ص ٤٠، الرياض النضرة ٢ ص ١٩٤، م - ألف باء ا ص ٢٢٢) الفتوحات الإسلامية ٢ ص ٣٣٧.

٩٩

ولئن كان إلى العقول والنَّحائز(١) إنَّه لأشدُّ الناس عقلاً، وأكرمهم نحيزةً(٢)

وقال عبد الله بن حجل في خطبة له: أنت أعلمنا بربِّنا، وأقربنا بنبيِّنا، وخيرنا في ديننا(٣) .

م - وقال أبو سعيد الخدري: أقضاهم عليّ. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة مثله. فتح الباري ٨: ١٣٦ ].

وقد امتدح جمعٌ من الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام في شعرهم بالأعلميَّة كحسَّان بن ثابت، وفضل بن عبّاس، وتبعهم في ذلك أُمَّة كبيرةٌ من شعراء القرون الأولى لا نطيل بذكرهم المقام.

والأُمَّة بعد أولئك كلّهم مجمعةٌ على تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على؟ غيره بالعلم إذ هو الّذي ورث علم النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وقد ثبت عنه بعدّة طرق قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّه وصيّه ووارثه. وفيه: قال عليٌّ: وما أرث منك يا نبيَّ الله؟! قال: ما ورث الأنبياء من قبلي قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟! قال: كتاب الله وسنَّة نبيِّهم.

قال الحاكم في المستدرك ٣ ص ٢٢٦ في ذيل حديث وراثته النبيَّ دون عمِّه العبّاس ما نصّه: لا خلاف بين أهل العلم أنَّ ابن العمّ لا يرث مع العمِّ، فقد ظهر بهذا الإجماع أنَّ عليّاً ورث العلم من النبيِّ دونهم.

وبهذه الوراثة الثابتة صحَّ عن عليّ عليه السلام قوله: والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمِّه ووارث علمه، فمن أحقُّ به منّي؟!(٤)

وهذه الوراثة هي المتسالم عليها بين الصحابة وقد وردت في كلام كثير منهم وكتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية فيما كتب: يا لك الويل، تعدل نفسك بعليٍّ؟! وهو وارث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيّه(٥)

_____________________

١ - النحائز جمع النحيزة: الطبيعة.

٢ - جمهرة خطب العرب ١ ص ٢٠٢.

٣ - جمهرة الخطب ١ ص ٢٠٣.

٤ - خصائص النسائي ص ١٨، مستدرك الحاكم ٣ ص ١٢٦ صححه هو والذهبي.

٥ - كتاب صفين لنصر بن مزاحم ١٣٣، مروج الذهب ٢ ص ٥٩.

١٠٠

فلينظر الرجل الآن إلى من يوجِّه قوارصه وقذائفه؟! وما حكم من يقول ذلك ومن المفضِّلين النبيُّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم؟! وأمّا حكم من يقع في الصحابة وفيمن يقع فيه الإمام السبط الحسن وعائشة وعمر بن الخطاب وحبر الأُمَّة إبن عبّاس ونظراءهم، فالمرجع فيه زملاء الرجل وعلماء مذهبه.

٣ - قال: من قول الإماميَّة كلّها قديماً وحديثاً: إنَّ القرآن مبدَّلٌ زيد فيه ما ليس منه ونقص منه كثيرٌ، وبُدِّل منه كثيرٌ، حاشا عليّ بن الحسن(١) بن موسى بن محمد وكان إماميّاً يُظاهر بالاعتزال مع ذلك فإنَّه كان يُنكر هذا القول ويُكفِّر مَن قاله.

ج - ليت هذا المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به، أو حكايةٍ عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً، أو طالبٍ من روّاد علومهم ولو لم يعرفه أكثرهم، بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهّالهم، أو قرويّ من بسطائهم، أو ثرثار كمثل هذا الرجل يرمي القول على عواهنه.

لكن القارئ إذا فحص ونقَّب لا يجد في طليعة الإماميَّة إلّا نُفاة هذه الفرية كالشيخ الصدوق في عقايده، والشيخ المفيد، وعلم الهدى الشريف المرتضى الّذي اعترف له الرجل بنفسه بذلك، وليس بمتفرِّد عن قومه في رأيه كما حسبه المغفَّل، وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان، وأمين الإسلام الطبرسي في مجمع البيان وغيرهم.

فهؤلاء أعلام الإماميَّة وحملة علومهم الكالئين لنواميسهم وعقايدهم قديماً و وحديثاً يوقفونك على مين الرجل فيما يقول، وهذه فرق الشيعة وفي مقدَّمهم الإماميَّة مجمعةٌ على أنَّ ما بين الدفّتين هو ذلك الكتاب الّذي لا ريب فيه وهو المحكوم بأحكامه ليس إلّا.

وإن دارت بين شدقي أحد من الشيعة كلمة التحريف فهو يريد التأويل بالباطل بتحريف الكلم عن مواضعه لا الزيادة والنقيصة، ولا تبديل حرف بحرف، كما يقول التحريف بهذا المعنى هو وقومه ويرمون به الشيعة كما مرَّ ص ٨٠.

٤ - قال: من الإماميَّة من يُجيز نكاح تسع نسوة، ومنهم من حرَّم الكرنب لأنَّه

_____________________

١ - (كذا في الفصل والمحكى عنه في كتب العامة، والصحيح، علي بن الحسين، وهو الشريف علم الهدى المرتضى.

١٠١

نبت على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك. ٤ ص ١٨٢.

ج - كنت أودّ أن لا يكتب هذا الرجل عزوه المختلق في النكاح قبل مراجعة فقه الإماميّة حتّى يعلم أنَّهم جمعاء من غير إستثناء أحد لا يُبيحون نكاح أكثر من أربع فإنّ النكاح بالتسع من مختصّات النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وليس فيه أيُّ خلاف بينهم وبين العامَّة.

ولولا أنَّ هذه نسبةٌ مائنةٌ إلى بعض الإماميَّة لدلَّ القارئ عليه ونوَّه باسمه أو بكتابه لكنَّه لم يعرفه ولا قرأ كتابه ولا سمعت أذناه ذكره، غير أنَّ حقده المحتدم أبي إلّا أن يفتري على بعضهم حيث لم تسعه الفرية على الجميع.

كما كنت أودّ أن لا يُملي عن الكرنب حديثاً يفترى به قبل استطراقه بلاد الشيعة حتّى يجدهم كيف يزرعون الكرنب ويستمرأون أكله مزيجاً بمطبوخ الأرز ومقلى القمح [البلغور] يفعل ذلك علمائهم والعامَّة منهم وأعاليهم وساقتهم، وما سمعت أُذنا أحد منهم كلمة حظر عن أحد منهم، ولا نُقل عن محدِّثٍ أو مؤرِّخٍ أو لغويٍّ أو قصّاص أو خضرويٍّ بأنَّه نبت على دم الحسين عليه السلام ولم يكن قبل ذلك.

لكن الرجل ليس بمنتئى عن الكذب وإن طرق البلاد وشاهد ذلك كلّه بعينه لأنَّه أراد في خصوص المقام تشويه سمعة القوم بكذب لا يُشاركه فيه أحدٌ من قومه.

٥ - قال: وجدنا عليّاً رضي الله عنه تأخَّر عن البيعة ستَّة أشهر فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتّى بايع طائعاً مراجعاً غير مكره ص ٩٦ وقال ص ٩٧:

وأظرف من هذا كلّه بقاء عليٍّ ممسكاً عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه ستَّة أشهر فما سئلها ولا أُجبر عليها ولا كلّفها وهو متصرِّفٌ بينهم في أُموره، فلولا أنَّه رأى الحقَّ فيها واستدرك أمره فبايع طالباً حظَّ نفسه في دينه راجعاً إلى الحقِّ لما بايع.

دعا الأنصار إلى بيعة سعد بن عبادة، ودعا المهاجرون إلى بيعة أبي بكر؛ وقعد عليٌّ رضي الله في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ليس معه أحد غير الزبير بن العوام، ثمَّ استبان الحقّ للزبير رضي الله عنه فبايع سريعاً وبقي عليٌّ وحده لا يرقب عليه.

ج - أنا لا أحوم حول هذا الموضوع، ولا أُولّي وجهي شطر هذه الأكاذيب الصريحة، ولا أُقابل هذا التدجيل والتمويه على الحقيقة والجناية على الإسلام و تاريخه، لكنّي أقول: إقرأ هذا ثم أنظر إلى ما ذكره الأُستاذ الفذّ عبد الفتّاح عبد

١٠٢

المقصود في كتابه - الإمام علي بن أبي طالب ص ٢٢٥ - فإنَّه زبدة المخض قال:

واجتمعت جموعهم - آونةً في الخفاء وأُخرى على ملأ - يدعون إلى ابن أبي طالب لأنَّهم رأوه أولى الناس بأن يلي أُمور الناس، ثمَّ تألَّبوا حول داره يهتفون باسمه ويدعونه أن يخرج إليهم ليردّوا عليه تراثه المسلوب.. فإذا المسلمون أمام هذا الحدث مخالفٌ أو نصيرٌ. وإذا بالمدينة حزبان، وإذا بالوحدة المرجوَّة شقّان أو شكا على انفصال، ثمَّ لا يعرف غير الله ما سوف تؤول إليه بعد هذا الحال فهلّا كان عليٌّ - كابن عبادة - حريّاً في نظر إبن الخطّاب بالقتل حتّى لا تكون فتنة ولا يكون انقسام؟!

كان هذا أولى بعنف عمر إلى جانب غيرته على وحدة الإسلام، وبه تحدَّث الناس ولهجت الألسن كاشفةً عن خلجات خواطر جرت فيها الظنون مجرى اليقين، فما كان لرجل أن يجزم أو يعلم سريرة إبن الخطّاب، ولكنَّهم جميعاً ساروا وراء الخيال، ولهم سندٌ ممّا عرف عن الرجل دائماً من عنف ومن دفعات، ولعلَّ فيهم من سبق بذهنه الحوادث على متن الإستقراء فرأى بعين الخيال، قبل رأي العيون، ثبات عليٍّ أمام وعيد عمر لو تقدَّم هذا منه يطلب رضاءه وإقراره لأبي بكر بحقِّه في الخلافة ولعلّه تمادى قليلاً في تصوُّر نتائج هذا الموقف وتخيّل عقباه، فعاد بنتيجة لازمة لا معدى عنها، هي خروج عمر عن الجادَّة، وأخذه هذا «المخالف» العنيد بالعنف والشدَّة!

وكذلك سبقت الشائعات خطوات إبن الخطّاب ذلك النهار، وهو يسير في جمع من صحبه ومعاونيه إلى دار فاطمة، وفي باله أن يحمل ابن عمِّ رسول الله - إن طوعاً وإن كرهاً - علي إقرار ما أباه حتّى الآن، وتحدَّث أُناسٌ بأنَّ السيف سيكون وحده متن الطاعة؟.. وتحدَّث آخرون بأنَّ السيف سوف يلقى السيف؟... ثمَّ تحدَّث غير هؤلاء وهؤلاء بأنّ «النار» هي الوسيلة المثلى إلى حفظ الوحدة وإلى «الرضا» والإقرار!.. وهل على ألسنة الناس عقالٌ يمنعها أن تروي قصَّة حطب أمر به إبن الخطّاب فأحاط بدار فاطمة، وفيها عليٌّ وصحبه، ليكون عدة الإقناع أو عدة الايقاع؟...

١٠٣

على أنَّ هذه الأحاديث جميعها ومعها الخطط المدبَّرة أو المرتجلة كانت كمثل الزبد، أسرع إلى ذهاب ومعها دفعة إبن الخطّاب!.. أقبل الرجل، محنقاً مندلع الثورة، على دار عليٍّ وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أو أوشكوا على اقتحام، فإذاً وجهٌ كوجه رسول الله يبدو بالباب حائلاً من حزن، على قسماته خطوط آلام، وفي عينيه لمعات دمع، وفوق جبينه عبسة غضب فائر وحنق ثائر

وتوقّف عمر من خشية وراحت دفعته شعاعاً. وتوقَّف خلفه - أمام الباب - صحبه الذين جاء بهم، إذ رأوا حيالهم صورة الرسول تطالعهم من خلال وجه حبيبته الزهراء، وغضّوا الأبصار من خزي أو من استحياء، ثمَّ ولَّت عنهم عزمات القلوب وهم يشهدون فاطمة تتحرَّك كالخيال، وئيداً وئيداً بخطوات المحزونة الثكلى، فتقترب من ناحية قبر أبيها وشخصت منهم الأنظار وأرهفت الأسماع إليها، وهي ترفع صوتها الرقيق الحزين، النبرات تهتف بمحمَّد الثاوي بقربها، تناديه باكيةً مريرة البكاء:

«يا أبت رسول الله!... يا أبت رسول الله!...»

فكأنَّما زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النداء

وراحت الزهراء، وهي تستقبل المثوى الطاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر:

«يا أبت رسول الله! ماذا لقينا بعدك من إبن الخطّاب، وإبن أبي قحافة!؟!».

فما تركت كلماتها إلّا قلوباً صدعها الحزن، وعيوناً جرت دمعاً، ورجالاً ودّوا لو استطاعوا أن يشقّوا مواطئ أقدامهم ليذهبوا في طوايا الثرى مغيَّبين... ا هـ.

(قال الأميني) راجع الإمامة والسياسة ١ ص ١٣. تاريخ الطبري ٣ ص ١٩٨. العقد الفريد ٢ ص ٢٥٧. تاريخ أبي الفداء ١ ص ١٦٥. تاريخ إبن شحنة في حوادث سنة ١١. شرح إبن أبي الحديد ٢ ص ١٩.

٦ - قال: الرافضة تجيز إمامة المرأة والحمل في بطن أُمِّه ص ١١٠.

ج - هل ترى هذا الرجل عند كتابته هذه الكلمة وكذلك عند بقيَّة فتاواه المجرَّدة عن أيِّ مصدر وقف على شيئ من كتب الشيعة في الكلام والعقايد وخصوص مبحث الإمامة ووجد هذا الإختلاق مثبتاً في شيئ منها؟!؟! بل يمكننا أن نتنازل معه إلى سواد على بياض خطَّته يمين أيِّ شيعيّ جاهلٍ فضلاً عن علمائهم جاء فيه هذا البهتان العظيم.

١٠٤

لقد عرف الشيعة بأنَّ الإماميَّة منهم يحصرون الإمامة في اثني عشر رجلاً ليست فيهم إمرأة، ويُفنِّدون كلّ خارج عن هذا العدد، وأمّا الفرق الأُخرى منها من الزيديَّة والإسماعيليَّة وحتى المنقرضة من فرقها كالكيسانيَّة وأشباههم فينهون الإمامة إلى أُناس معيَّنين كلّهم من الرجال غير ما اختلقه الشهرستاني في الملل والنحل من الإختلاف الواقع في أمر فاطمة بنت الإمام الهادي وستقف على تفنيده وإنَّه عليه السلام لم يخلف بنتاً إسمها فاطمة، ولو كانت الشيعة تُجوِّز الإمامة لإمرأة لما عدت بها عن الصدّيقة الطاهرة فاطمة وهي: هي، ولكنَّها لا تقول لها فيها.

لم يلتفت الرجل إلى شيئ من هذه لكنَّه حسب عند تأليف هذا الكتاب أنّ الأجيال الآتية لا تولد منقِّبين يناقشونه الحساب، يميِّزون بين الحقايق والأوهام، ويوقظون الأُمَّة للفصل بين الصحيح والسقيم، فطفق يأفك ويمين غير مكترث بما سوف يلاقيه من سوء الحساب.

وليت شعري بماذا يُجيب الرَّجل إذا سُئل عن أنَّ الشيعة متى ما جوَّزَت إمامة الحمل في بطن أُمِّه؟ وأيّ أحد من أيّ فرقة منهم ذهب إلى إمامة حمل لم يولد بعدُ؟ وأيّ حمل قالوا بإمامته؟ ومتى كان ذلك؟ ومن ذا الذي نقله عنه؟ وممَّن سمعه؟ نعم: إنَّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم.

٧ - قال: إنَّ محبَّة النبيِّ عليه السلام لمن أحبّ ليس فضلاً، لأنَّه قد أحبَّ عمَّه وهو كافرٌ ص ١٢٣. وقال في ص ١٢٤:

وإن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبَّ أبا طالب فقد حرَّم الله تعالى عليه بعد ذلك و نهاه عن محبَّته، وافترض عليه عداوته.

ج - النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وإن أكّد على صلة الأرحام لكنَّه كان يرى الكفر حاجزاً عنها وإن تأكّدت معه وشائج الرحم، ولذلك قلا أبا لهب وهتف بالبرائة منه بسورة مستقلّة، ولم يرفع قيد الأسار عن عمِّه العبّاس وابن عمِّه عقيل إلّا بعد تظاهر هما بالإسلام، و أجرى عليهما حكم الفدية مع ذلك، وفرَّق بين إبنته زينب وزوجها أبي العاص طيلة مقامه على الكفر حتّى أسلم وسلم.

فلم يكن محبَّة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لمن يحبّه إلّا لثباته في الإيمان ورسوخ كلمة الحقِّ

١٠٥

وتمكّنه من فؤاده، فهو إذا أحبَّ أحداً كان ذلك آية تضلّعه في الدين وتحلّيه باليقين، وهذه قضيَّة قياسها معها، وهي مرتكزةٌ في القلوب جمعآء حتّى أنَّ إبن حزم نفسه إحتجَّ بأفضليَّة عايشة على جميع الأُمَّة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحديث باطل رواه من أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: أنتِ أحبّ الناس إليَّ.

وأمّا أبو طالب فقد اعترف الرَّجل بمحبَّة النبيِّ له أوَّلاً ونحن نصدِّقه على ذلك ونراه فضلاً له وأيَّ فضل.

وأمّا دعواه تحريم المحبَّة بعد ذلك، ونهي الله عنها، وأمره بعداوته، فغير مقرونة بشاهد، وهل يسعه دعوى الفرق بين يومي النبيِّ معه قبل التحريم وبعده؟! وهل يمكنه تعيين اليوم الذي قلاه فيه؟! أو السنة التي هجره فيها وافترضت عليه عداوته؟!؟!

التاريخ خلوٌ من ذلك كلّه بل يُعلمنا الحديث والسيرة أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُفارقه حتّى قضى أبو طالب نحبه فطفق يُؤبِّنه وقال لعليٍّ: إذهب فاغسله وكفِّنه وواره غفر الله له ورحمه(١) ورثاه عليٌّ بقوله:

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلمْ

لقد هدَّ فقدك أهل الحفاظ

فصلّى عليك وليُّ النعمْ

ولقّاك ربّك رضوانه

فقد كنت للطّهر من خير عمْ(٢)

فمن أراد الوقوف على الحقيقة في ترجمة شيخ الأبطح أبي طالب فعليه بكتاب العلّامة البرزنجيِّ الشافعيِّ وتلخيصه الموسوم بأسنى المطالب لمفتي الشافعيَّة السيِّد أحمد زيني دحلان(٣)

٨ - قال: لسنا من كذب الرافضة في تأويلهم( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) . وإنَّ المراد بذلك عليٌّ رضي الله عنه، بل هذا لا يصحُّ، بل الآية على عمومها وظاهرها لكلِّ من فعل ذلك. ٤ ص ١٤٦.

_____________________

١ - طبقات ابن سعد ١ ص ١٠٥.

٢ - تذكرة السبط ٦.

٣ - سيوافيك البحث عن إيمان أبي طالب عليه السلام مفصلاً في الجزء السابع والثامن من كتابنا هذا.

١٠٦

ج - إنَّ الواقف على هذه الأضحوكة يعرف موقع الرجل من التدجيل لحسبانه إنَّ في مجرَّد عزو هذا التأويل إلى الرافضة فحسب، وقذفهم بالكذب، واتِّباع ذلك بعدم الصحَّة حطّاً في كرامة الحديث الوارد في الآية الشريفة، وهو يعلم أنَّ أمَّة كبيرةً من أئمَّة التفسير والحديث يروون ذلك ويثبتونه مسنداً في مدوَّناتهم. وإن كان لا يدري فتلك مصيبةٌ.

وهذا الحافظ أبو محمد العاصمي أفرد ذلك كتاباً في مجلّدين أسماه (زين الفتى في تفسير سورة هل أتى) وهو كتابٌ ضخمٌ فخمٌ ممتَّعٌ ينمُّ عن فضل مؤلِّفه وسعة حيطته بالحديث، وتعالى مقدرته في الكلام والتنقيب، مع أنَّ في غضونه سقطاتٌ تلائم مذهبه وخطَّة قومه.

أوَ يزعم المغفَّل أنَّ أولئك أيضاً من الرافضة؟! أو يحسبهم جهلاء بشرايط صحَّة الحديث؟! أم إنَّه لا يعتدُّ بكلِّ ما وافق الرافضة وإن كان مخرجاً بأصحِّ الأسانيد؟! وكيف ما كان فقد رواه.

١ - أبو جعفر الإسكافي المتوفّى ٢٤٠، قال في رسالته التي ردَّ بها علي جاحظ: لسنا كالإماميَّة الذين يحملهم الهوى على جحد الأُمور المعلومة، ولكنَّنا ننكر تفضيل أحد من الصحابة على عليِّ بن أبي طالب، ولسنا ننكر غير ذلك - إلى أن قال -: وأمّا إنفاقه فقد كان على حسب حاله وفقره وهو الّذي أطعم الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، وأُنزلت فيه وفي زوجته وابنيه سورةٌ كاملةٌ من القرآن.

٢ - الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي كان حيّاً في سنة ٢٨٥، ذكره في «نوادر الأُصول» ص ٦٤).

٣ - الحافظ محمد بن جرير الطبري أبو جعفر المتوفّى ٣١٠، ذكره في سبب نزول هل أتى كما في «الكفاية».

٤ - شهاب الدين إبن عبد ربِّه المالكيّ المتوفّى ٣٢٨، ذكر في «العقد الفريد» ٣ ص ٤٢-٤٧ حديث إحتجاج المأمون الخليفة العبّاسي على أربعين فقيهاً وفيه: قال: يا إسحاق؟ هل تقرأ القرآن؟! قلت: نعم. قال: إقرأ عليَّ:( هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ) ، فقرأت منها حتّى بلغت:( يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ

١٠٧

كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ) . إلى قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) . قال: على رسلك، فيمن أُنزلت هذه الآيات؟! قلت في عليٍّ. قال: فهل بلغك أنّ عليّاً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: إنَّما نطعمكم لوجه الله؟! وهل سمعت الله وصف في كتابه أحداً بمثل ما وصف به عليّاً؟! قلت: لا. قال: صدقت لأنّ الله جلَّ ثناؤه عرف سيرته. يا إسحاق؟! ألست تشهد أنَّ العشرة في الجنَّة؟! قلت: بلى يا أمير المؤمنين؟! قال: أرايت لو أنَّ رجلاً قال: والله ما أدري هذا الحديث صحيحٌ أم لا ولا أدري إن كان رسول الله قاله أم لم يقله. أكان عندك كافراً؟! قلت: أعوذ بالله. قال: أرأيت لو أنَّه قال: ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا كان كافراً؟! قلت: نعم. قال: يا إسحاق أرى بينهما فرقاً.

٥ - الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفّى ٤٠٥، ذكره في مناقب فاطمة سلام الله عليها كما في «الكفاية».

٦ - الحافظ إبن مردويه أبو بكر الإصبهاني المتوفّى ٤١٦، أخرجه في تفسيره حكاه عنه جمعٌ وقال الآلوسي في «روح المعاني» بعد نقله عنه والخبر مشهورٌ.

٧ - أبو إسحاق الثعلبي المتوفّى ٤٢٧ / ٣٧، في تفسيره «الكشف والبيان».

٨ - أبو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفّى ٤٦٨، في تفسيره البسيط، وأسباب النزول ص ٣٣١.

٩ - الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح الأزدي الأندلسي الشهير بالحميدي المتوفّى ٤٨٨، ذكره في فوائده.

١٠ - أبو القاسم الزمخشري المتوفّى ٥٣٨، في «الكشّاف» ٢ ص ٥٣١.

١١ - أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفّى ٥٦٨، في «المناقب» ١٨٠.

١٢ - الحافظ أبو موسى المديني المتوفّى ٥٨١ في «الذيل» كما في «الإصابة».

١٣ - أبو عبد الله فخر الدين الرازي المتوفّى ٦٠٦، في تفسيره ٨ ص ٢٧٦.

١٤ - أبو عمر وعثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصَّلاح الشهرزودي الشرخاني المتوفّى ٦٤٣، كما يأتي عنه في «الكفاية».

١٥ - أبو سالم محمد بن طلحة الشافعيّ المتوفّى ٦٥٢، ذكره في «مطالب السئول» ص ٣١

١٠٨

وقال: رواه الإمام أبو الحسن عليُّ بن أحمد الواحدي وغيره من أئمَّة التفسير. ثمَّ قال: فكفى بهذه عبادةً، وبإطعام هذا الطعام مع شدَّة حاجتهم إليه منقبةً، ولولا ذلك لما عظمت هذه القصَّة شاناً، وعلت مكاناً، ولما أنزل الله تعالى فيها على رسول الله قرآنا وله في ص ٨ قوله:

هم العروة الوثقى لمعتصم بها

مناقبهم جائت بوحيٍ وإنزالِ

مناقب في الشورى وسورة هل أتى

وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

وهم أهل البيت المصطفى فودادهم

على الناس مفروضٌ بحكم وإسجالِ

١٦ - أبو المظفَّر سبط إبن الجوزي الحنفيّ المتوفّى ٦٥٤، رواه في تذكرته من طريق البغوي والثعلبي، وردَّ على جدِّه إبن الجوزي في إخراجه في الموضوعات وقال بعد تنزيه سنده عن الضعف: والعجب من قول جدّي وإنكاره وقد قال في كتاب «المنتخب»: يا علمآء الشرع أعلمتم لِمَ آثر (عليٌّ وفاطمة) وتركا الطفلين (الحسنين) عليهما أثر الجوع؟! أتراهما خفي عنهما سرُّ ذلك؟! ما ذاك إلّا لأنَّهما علما قوَّة صبر الطفلين، وأنَّهما غصنان من شجرة الظلّ عند ربّي، وبعض من جملة فاطمة بضعةٌ منّي، وفرخ البطّ السابح(١) .

١٧ - عزُّ الدين عبد الحميد الشهير بابن أبي الحديد المعتزليّ المتوفّى ٦٥٥، في شرح نهج البلاغة ٣ ص ٢٥٧.

١٨ - الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعيّ المتوفّى ٦٥٨، في «الكفاية» ٢٠١ وقال بعد ذكر الحديث: هكذا رواه الحافظ أبو عبد الله الحميدي في فوائده، ورواه إبن جرير الطبري أطول من هذا في سبب نزول هل أتى.

وقد سمعت الحافظ العلّامة أبا عمرو عثمان بن عبد الرَّحمن المعروف بابن الصَّلاح في درس التفسير في سورة هل أتى وذكر الحديث وقال فيه: إنَّ السؤال كانوا ملائكة من عند ربِّ العالمين، وكان ذلك إمتحاناً من الله عزَّ وجلَّ لأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وسمعت بمكّة حرسها الله تعالى من شيخ الحرم بشير التبريزي في درس التفسير:

_____________________

١ - في النسخة تصحيف.

١٠٩

إنَّ السائل الأوَّل كان جبرئيل، والثاني ميكائيل، والثالث كان إسرافيل عليهم السَّلام.

١٩ - القاضي ناصر الدين البيضاوي المتوفّى ٦٨٥، في تفسيره ٢ ص ٥٧١.

٢٠ - الحافظ محبُّ الدين الطبري المتوفّى ٦٩٤، في «الرياض النضرة» ٢ ص ٢٠٧، ٢٢٧ وقال: وهذا قول الحسن وقتادة.

٢١ - الحافظ أبو محمد بن أبي حمزة الأزدي الأُندلسي المتوفّى ٦٩٩، في «بهجة النفوس» ٤: ٢٢٥.

٢٢ - حافظ الدين النسفي المتوفّى ٧٠١ / ٧١٠، في تفسيره هامش تفسير الخازن ٤ ص ٤٥٨، رواه في سبب نزول الآية ولم يرو غيره.

٢٣ - شيخ الإسلام أبو إسحاق الحمويي المتوفّى ٧٢٢، في «فرايد السمطين».

٢٤ - نظام الدين القمّي النيسابوري في تفسيره هامش الطبري ٢٩ ص ١١٢ وقال: ذكر الواحدي في «البسيط» والزمخشري في «الكشّاف» وكذا الإماميّة أطبقوا على أنَّ السورة نزلت في أهل بيت النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ولا سيَّما في هذه الآي - ثمَّ ذكر حديث الإطعام فقال: ويُروى أنَّ السائل في الليالي: جبرئيل، أراد بذلك إبتلاءهم بإذن الله سبحانه.

٢٥ - علاء الدين عليُّ بن محمد الخازن البغداديّ المتوفّى ٧٤١، في تفسيره ٤ ص ٣٥٨، ذكر أوّلاً نزولها في عليّ عليه السلام وأخرج حديثه ثمَّ قال: وقيل: الآية عامَّة في كلِّ من أطعم موعزاً إلى ضعف. بقيل، مع أنَّ القول بالعموم لا يُنافي نزولها في أمير المؤمنين عليه السلام كما لا يخفى لانحصار المصداق به.

٢٦ - القاضي عضد الأيجي المتوفّى ٧٥٦، في «المواقف» ٣ ص ٢٧٨.

٢٧ - الحافظ إبن حجر المتوفّى ٨٥٢ في «الإصابة» ٤ ص ٣٨٧ من طريق أبي موسى في «الذيل»، والثعلبي في تفسير سورة هل أتى عن مجاهد عن إبن عبّاس.

٢٨ - الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى ٩١١، في «الدر المنثور» ٦ ص ٢٩٩ من طريق إبن مردويه.

٢٩ - أبو السعود العمادي محمد بن محمد الحنفي المتوفّى ٩٨٢، في تفسيره هامش تفسير الرازي ٨ ص ٣١٨.

١١٠

٣٠ - الشيخ إسماعيل البروسي المتوفّى ١١٣٧ في تفسير «روح البيان» ١٠ ص ٢٦٨ - ٢٦٩.

٣١ - الشوكاني المتوفّى ١١٧٣، في تفسيره «فتح القدير» ٥ ص ٣٣٨.

٣٢ - الأستاذ محمد سليمان محفوظ في «أعجب ما رأيت» ١ ص ١٠ وقال: رواه أهل التفسير.

٣٣ - السيِّد الشبلنجي في «نور الأبصار» ص ١٢ - ١٤.

٣٤ - السيِّد محمود القراغولي البغداديّ الحنفيّ في «جوهرة الكلام» ص ٥٦.

لفظ الحديث

قال إبن عبّاس رضي الله عنه: إنَّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناس معه فقالوا: يا أبا الحسن؟ لو نذرت على ولدك. فنذر عليٌّ وفاطمة وفضَّة جارية لهما إن برئا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام. فشفيا وما معهم شيئٌ، فاستقرض عليٌّ من شمعون الخيبريِّ اليهوديِّ ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائلٌ فقال: السَّلام عليكم أهل بيت محمد؟ مسكينٌ من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنَّة. فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيمٌ فآثروه، ووقف عليهم أسيرٌ في الثالثة ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ عليٌّ رضي الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدَّة الجوع قال: ما أشدَّ ما يسوء ني ما أرى بكم؟! وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساء ذلك فنزل جبريل وقال: خذها يا محمد؟ هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة.

هذا لفظ جمع من الأعلام المذكورين وهناك لفظٌ آخر ضربنا عنه صفحاً.

٩ - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لو كنت متَّخذاً خليلاً لاتَّخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخي وصاحبي. وهذا الَّذي لا يصحُّ غيره، وأمّا أُخوَّة عليٍّ. فلا تصحُّ إلّا مع سهل بن حنيف.

١١١

ج - أنا لا أروم الكلام حول حديث رآه صحيحاً، ولا أُناقش في صدوره ولا أُزيِّفه بما زيِّف عمر بن الخطّاب حديث الكتف والدواة، إذ هذا لدة ذاك صدرا في مرض وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين، ولا أقول بما قال إبن أبي الحديد في شرحه ٣ ص ١٧ من: أنَّه موضوعٌ وضعته البكريَّة في مقابلة حديث الإخاء.

وأنا لا أبسط القول في مفاده بما يُستفاد من كلام إبن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص ٥١ من أنَّ الأخوَّة هناك منزلة بالأخوَّة الإسلاميَّة العامَّة الثابتة بقوله تعالى:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) نظير ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله لعمر: يا أخي(١) ولزيد: أنت أخونا(٢) ولأُسامة: يا أخي(٣) . وإنَّما يُفسِّر تلك الأُخوة لفظ البخاري ومسلم والترمذي: لو كنت متَّخذاً خليلاً لاتّخذتُ أبا بكر خليلاً، ولكن إخوة الإسلام ومودّته. كما أنَّ الخلّة المنتفية فيه هي الخلّة بالمعنى الخاصّ لا الخلّة العامَّة الثابتة بقوله تعالى:( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) .

فلم تكن هي تلك الأُخوَّة بالمعنى الخاصّ التي تمَّت يومي المواخاة(٤) بوحي من الله العزيز، وكانت على أساس المشاكلة والمماثلة بين كلِّ اثنين في الدرجات النفسيَّة كما ستسمعه عن غير واحد من الأعلام، ووقعت المؤاخاة فيهما بين أبي بكر وعمر. وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف. وبين طلحة والزبير. وبين أبي عبيدة الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة. وبين أُبّي بن كعب وإبن مسعود. وبين معاذ وثوبان. وبين أبي طلحة وبلال. وبين عمّار وحُذيفة. وبين أبي الدَّرداء وسلمان. وبين سعد بن أبي وقّاص وصُهيب. وبين أبي ذرّ والمقداد بن عمرو. وبين أبي أيّوب الأنصاري وعبد الله بن سلام. وبين أُسامة وهند حجّام النبيِّ. وبين معاوية والحباب المجاشعي. وبين فاطمة بنت النبيِّ وأُمِّ سلمة. وبين عائشة وامرأة أبي أيّوب(٥) .

_____________________

١ - الرياض النضرة ٢ ص ٦.

٢ - خصائص النسائي ص ١٩.

٣ - تاريخ إبن عساكر ٦ ص ٩.

٤ - وقعت المواخاة مرتين إحديهما قبل الهجرة وأخرى بعدها بخمسة أشهر كما يأتي.

٥ - سيرة ابن هشام، تاريخ إبن عساكر ٦ ص ٩٠، ٢٠٠، أسد الغابة ٢ ص ٢٢١، مطالب السئول ١٨، إرشاد الساري للقسطلاني ٦ ص ٢٢٧، شرح المواهب ١ ص ٣٧٣.

١١٢

وأخَّر صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً لنفسه قائلاً له: والّذي بعثني بالحقِّ ما أخَّرتك إلّا لنفسي أنت أخي ووارثي، أنت أخي ورفيقي، أنت أخي في الدنيا والآخرة!.

بل أقول عجباً للصلافة التي تحدو الإنسان لأن يقول: لا يصحُّ غير حديث حسبه صحيحاً ويجهل مفاده أو يعلم ويحبُّ أن يُغري الأُمَّة بالجهل، ثمَّ يعطف على حديث اعترفت به الأُمَّة جمعاء وجاء مثبتاً في الصحاح والمسانيد ويراه باطلاً.

أهكذا حبُّ الشيء يُعمي ويصمّ؟!

أهكذا خُلق الإنسان ظلوماً جهولاً؟!

هذه الأُخوَّة بالمعنى الخاصّ الثابتة لأمير المؤمنين ممّا يخصّ به عليه السلام ولا يدَّعيها بعده إلّا كذّاب على ما ورد في الصحيح كما يأتي، وكانت مطَّردة بين الصحابة كلقب يُعرَّف به، تداولته الأندية، وحوته المحاورات، ووقع الحجاج به، وتضمَّنه الشعر السائر، ولو ذهبنا إلى جمع شوارد هذا الباب لجاء منه كتابٌ ضخمٌ غير أنّا نختار منها نبذاً.

١ - آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه فآخى بين أبي بكر وعمر وفلان وفلان فجاءه عليٌّ رضي الله عنه فقال: آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنت أخي في الدّنيا والآخرة.

(ينتهي سند هذا الحديث إلى):

أمير المؤمنين عليّ. عمر بن الخطّاب. أنس بن مالك. زيد بن أبي أوفى. عبد الله بن أبي أوفى. إبن عبّاس. مخدوج بن زيد. جابر بن عبد الله. أبي ذرّ الغفاري. عامر بن ربيعة. عبد الله بن عمر. أبي أمامة. زيد بن أرقم. سعيد بن المسيِّب(١) .

راجع جامع الترمذي ٢ ص ٢١٣، مصابيح البغوي ٢ ص ١٩٩، مستدرك الحاكم ٣ ص ١٤، الإستيعاب ٢ ص ٤٦٠ وعدَّ حديث المواخاة من الآثار الثابتة، تيسير الوصول ٣ ص ٢٧١، مشكاة المصابيح هامش المرقاة ٥ ص ٥٦٩، الرِّياض النضرة ٢ ص ١٦٧، وقال في ص ٢١٢:

ومن أدلِّ دليل على عظم منزلة عليٍّ من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صنيعه في المواخاة فإنَّه صلّى الله عليه وسلّم جعل يضمُّ الشكل إلى الشكل يؤلّف بينهما. إلى أن آخى بين أبي بكر

_____________________

١ - هذا الحديث بوحدته متواتر على رأي ابن حزم في التواتر.

١١٣

وعمر وادَّخر عليّاً لنفسه وخصَّه بذلك، فيالها مفخرةً وفضيلة.

فرائد السمطين في الباب العشرين، الفصول المهمَّة ص ٢٢ و٢٩، تذكرة السبط ١٣، ١٥ وحكى عن الترمذي أنَّه صحَّحه، كفاية الكنجي ص ٨٢ وقال: هذا حديثٌ حسنٌ عال صحيحٌ، فإذا أردت أن تعلم قرب منزلة عليٍّ من رسول الله. إلى آخر ما مرّ عن الرِّياض النضرة.

السيرة النبويَّة لإبن سيِّد الناس ١ ص ٢٠٠ - ٢٠٣ وصَّرح بأنَّ هذه هي المواخاة قبل الهجرة ثمَّ قال:

وقال إبن إسحق: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال: تواخوا في الله أخوين. ثمَّ أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: هذا أخي. فكان رسول الله وعليٌّ أخوين.

تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٣٥، أسنى المطالب للجزري ص ٩، مطالب السئول ص ١٨ وقال: فعقد الأُخوَّة بين اثنين منهم حثّاً على التناصر والتعاضد، وجعل كلَّ واحد مؤاخياً لمن تقرب منه درجته في المماثلة والمساواة.

الصواعق ٧٣، ٧٥، تاريخ الخلفاء ١١٤، الإصابة ٢ ص ٥٠٧، المواقف ٣ ص ٢٧٦، شرح المواهب ١ ص ٣٧٣، طبقات الشعراني ٢ ص ٥٥، تاريخ القرماني هامش الكامل ١ ص ٢١٦، السيرة الحلبيَّة ١ ص ٢٣، ١٠١، وفي هامشها السيرة النبويَّة لزيني دحلان ١ ص ٣٢٥، كفاية الشنقيطي ص ٣٤، الإمام عليّ بن أبي طالب للأُستاذ محمد رضا ص ٢١، الإمام عليّ بن أبي طالب للأُستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود وقال في ص ٧٣:

ولئن كان أبو بكر من نبيِّ الله وزيره الصادق فإنَّ عليّاً كان منه الظلّ اللاصق لم ينأ عنه ولم يبعد إلّا كما أرسله محمد ليكون له على أعدائه عيناً أو لرجاله طليعة حتّى في بدء ذلك الوقت الذي أخذ رسول الله يُكوِّن فيه ملكه الصغير، ويربط بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، لم يفته أن يُؤثر بإخائه عليّاً دون الباقين. آخى بين صحبه الخارجين من ديارهم معه وبين أصحاب البلدة الّذين آووا، فتخيَّر أن يكون عليٌّ أخاه في دين، لم يُواخ أبا بكر، ولم يُواخ عمر، ولم يُواخ حمزة أسده وأسد الله

١١٤

ولكنه اصطفى لهذه الأُخوَّة المعنويَّة بعد اُخوَّة الدم فتاه الربيب، فآثره على كلِّ حبيب بعيدٍ وقريب.

وقد أصفقت هذه المصادر كلّها أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين أبي بكر وعمر وليس فيها من مزعمة إبن حزم عينٌ ولا أثر.

٢ - زيد بن أبي أوفي قال: لَمّا آخى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه وآخى بين عمر وأبي بكر (إلى أن قال): فقال عليٌّ: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليَّ؟ فلك العتبي والكرامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والّذي بعثني بالحقِّ ما أخَّرتك إلّا لنفسي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، غير أنَّه لا نبيَّ بعدي، وأنت أخي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟! قال: ما ورث الأنبياء من قبلي. قال: ما ورث الأنبياء من قبلك؟! قال: كتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم، وأنت معي في قصري في الجنَّة مع فاطمة إبنتي، وأنت أخي ورفيقي. ثمَّ تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إخواناً على سُررٍ مُتقابلين.

مناقب أحمد بن حنبل، الرِّياض النضرة ٢ ص ٢٠٩، تاريخ إبن عساكر ٦ ص ٢٠١، تذكرة السبط ١٤ وصحَّحه وقال: رجاله ثقات، كنز العمّال ٦ ص ٣٩٠، كفاية الشنقيطي ٣٥، ٤٤.

٣ - جابر بن عبد الله وسعيد بن المسيَّب قالا: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بين أصحابه فبقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر وعليٌّ، فأخي بين أبي بكر وعمر وقال لعليّ: أنت أخي وأنا أخوك، فإن ناكرك أحدٌ فقل: أنا عبد الله وأخو رسول الله لا يدَّعيها بعدك إلّا كذّاب.

مناقب أحمد، تاريخ إبن عساكر، كفاية الكنجي ٨٢، ٨٣، تذكرة السبط ١٤ وصحّحه وردَّ على جدِّه في تضعيفه سنده، المرقاة في شرح المشكاة ٥ ص ٥٦٩.

وفي لفظ أمير المؤمنين ويعلى بن مرَّة: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنَّما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك فإن حاجّك أحدٌ فقل: أنا عبد اللهِ وأخو رسول الله. لا يدَّعيها بعدك إلّا كذّاب.

كنز العمّال ٦ ص ١٥٤، ٣٩٩ عن الحافظ أبي يعلى في مسنده.

١١٥

٤ - قال محمد بن إسحاق: وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل: تآخوا في الله أخوين أخوين. ثمَّ أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب فقال: هذا أخي. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيِّد المرسلين وإمام المتّقين، ورسول ربِّ العالمين الذي ليس له خطيرٌ ولا نظيرٌ من العباد - وعليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين.

تاريخ إبن هشام ٢ ص ١٢٣، تاريخ إبن كثير ٣ ص ٢٢٦، السيرة الحلبيّة ٢ ص ١٠١، الفتاوى الحديثيّة ص ٤٢.

٥ - أمير المؤمنين قال: قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنّة. تاريخ الخطيب ١٢ ص ٢٦٨، كنز العمّال ٦ ص ٤٠٢.

٦ - أمير المؤمنين قال: آخى رسول الله بين عمر وأبي بكر. وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن الحارثة (إلى أن قال): وبيني وبين نفسه.

أخرجه الخليعي في الخليعات، وسعيد بن منصور في سننه كما في كنز العمّال ٦ ص ٣٩٤.

٧ - إبن عبّاس في حديث وقال صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ رضي الله عنه: أنت أخي وصاحبي.

مسند أحمد ١ ص ٢٣٠، الإستيعاب ٢ ص ٤٦٠، الإمتاع للمقريزي ص ٣٤٠، كنز العمّال ٦ ص ٣٩١.

٨ - أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: اللّهم إنّي أقول كما قال أخي موسى، أللّهمّ اجعل لي وزيراً من أهلي أخي عليّاً أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبِّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنَّك كنت بنا بصيرا.

مناقب أحمد بن حنبل. الرِّياض النضرة ٢ ص ١٦٣.

٩ - إبن عبّاس في حديث إحتجاجه على الرَّجل الشاميِّ وهو حديثٌ طويلٌ كثير الفائدة ومنه: وقال (رسول الله): يا أُمّ سلمة؟ هل تعرفين هذا؟! قالت: نعم هذا عليُّ بن أبي طالب. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: نعم هذا عليٌّ سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدي، يا أمّ سلمة؟ هذا عليٌّ سيِّدٌ مبجَّل، ومأمل المسلمين، وأمير المؤمنين، وموضع سرّي وعلمي، و

١١٦

بابي الذي يؤوى إليه، وهو الوصيُّ على أهل بيتي، وعلى الأخيار من أُمَّتي، وهو أخي في الدُّنيا والآخرة.

المحاسن والمساوي ١ ص ٣١، مرَّ حديث أُمّ سلمة هذا بلفظ آخر ومصادره في ج ١ ص ٣٣٧، ٣٣٨.

١٠ - مرَّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام في حديث بدء الدعوة: أنت أخي ووصيّي وخليفتي من بعدي. راجع ج ٢ ص ٢٧٩ - ٢٨٥.

١١ - مرَّج ١ ص ٢١٥ من طريق الطبري قوله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ: إنَّ عليَّ بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي. وقوله: معاشر الناس؟ هذا أخي ووصيّي وواعي علمي وخليفتي على من آمن بي.

ويظهر من كلام النويري الذي أسلفناه في ج ١ ص ٢٨٨: أنَّ مواخاة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام يوم غدير خمّ كانت مشهورةً في العصور المتقادمة.

١٢ - جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مكتوبٌ على باب الجنَّة: لا إله إلّا الله، محمَّدٌ رسول الله، عليٌّ أخو رسول الله قبل أن تُخلق السَّماوات و الأرض بألفي عام.

مناقب أحمد، تاريخ الخطيب ٧ ص ٣٨٧، الرِّياض النضرة ٢ ص ١٦٨، تذكرة السبط ١٤، مجمع الزوايد ٩ ص ١١١، مناقب الخوارزمي ٨٧، شمس الأخبار ص ٣٥ عن مناقب الفقيه إبن المغازلي، كنز العمّال ٦ ص ٣٩٩ عن إبن عساكر، فيض القدير ٤ ص ٣٥٥، كفاية الشنقيطي ٣٤، مصباح الظلام ٢ ص ٥٦ نقلاً عن الطبراني.

١٣ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: طلبني النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فوجدني في حائط نايماً فضربني برجله وقال: قم فوالله لأُرضينَّك، أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل على سنَّتي.

مناقب أحمد، الرِّياض النضرة ٢ ص ١٦٧، الصواعق ٧٥، كنز العمّال ٦ ص ٤٠٤، كفاية الشنقيطي ٢٤.

١٤ - مخدوج بن زيد الذهلي قال: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعليٍّ: أما علمت يا عليُّ؟ إنَّه أوَّل مَن يُدعى به يوم القيامة بي؟! (إلى أن قال): ثمَّ ينادي منادي من تحت العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ.

١١٧

مناقب أحمد، مناقب الفقيه إبن المغازلي، الرِّياض النضرة ٢ ص ٢٠١، مناقب الخوارزمي ٨٣، ٢٣٤ ٢٣٨، شمس الأخبار ٣٢، تذكرة السبط ص ١٣ وردَّ على مَن ضعَّفه لمكان ميسرة والحكَم في طريق الحافظ الدارقطني فقال: الحديث الذي رواه أحمد في الفضايل ليس فيه ميسرة ولا الحكَم، وأحمد مقلّدٌ في الباب متى روى حديثاً وجب المصير إلى روايته لأنَّه إمام زمانه، وعالم أوانه، والمبرَّز في علم النقل على أقرانه، والفارس الَّذي لا يجارى في ميدانه.

١٥ - أبو برزة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الله تعالى عهد إليَّ عهداً في عليّ فقلت: يا ربّ؟ بيِّنه لي فقال: إسمع. فقلت: سمعت. فقال: إنَّ عليّاً راية الهدى، و إمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتَّقين، مَن أحبَّه أحبَّني، ومَن أبغضه أبغضني، فبشِّره بذلك. فجاء عليٌّ فبشَّرته فقال: يا رسول الله؟ أنا عبد الله وفي قبضته، فإن يُعذِّبني فبذنبي، وإن يتمُّ لي الذي بشَّرتني به فالله أولى بي. قال: قلت: أللهمَّ أجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان. فقال الله: قد فعلت به ذلك. ثمَّ إنّه رفع إليَّ أنَّه سيخصّه من البلاء بشيء لم يخصّ به أحدٌ من أصحابي. فقلت: يا ربّ؟ أخي وصاحبي. فقال: إنّ هذا شيئٌ قد سبق إنَّه مُبتلى ومُبتلى به.

حلية الأولياء ١ ص ٦٧، الرياض النضرة ٢ ص ٤٤٩، شرح ابن أبي الحديد ٢ ص ٤٤٩، فرايد السمطين في الباب الـ ٣٠ و ٥٠ بطريقين، مناقب الخوارزمي ٢٤٥، كفاية الكنجي ٩٥، نزهة المجالس ٢ ص ٢٤١.

١٦ - في خطبة للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّها النّاس؟ أوصيكم بحبِّ ذي قرباها أخي و ابن عمّي عليّ بن أبي طالب، لا يحبّه إلّا مؤمنٌ ولا يبغضه إلّا منافقٌ، مَن أحبَّه فقد أحبَّني؛ ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني عذَّبه الله.

مناقب أحمد، تذكرة السبط ١٧، شرح ابن أبي الحديد ٢ ص ٤٥١، الرِّياض النضرة ٢ ص ٢١٢، ذخاير العقبى ٩١.

١٧ - في حديث مفاخرة عليٍّ وجعفر وزيد وتحاكمهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمَّ قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: أنت أخي وخالصتي.

شرح إبن أبي الحديد ٣ ص ٣٩. وقال: إتَّفق عليه المحدِّثون.

١١٨

١٨ - أبو ذرِّ الغفاري قال في حديث: فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعليٍّ: وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي.

مرَّ تمام الحديث ومصادره ج ٢ ص ٣١٣ راجع.

١٩ - سلمان الفارسيّ قال: إنَّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنَّ أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي عليُّ بن أبي طالب. مناقب الخوارزمي ٦٧.

٢٠ - بلال بن حمامة في حديث زواج عليٍّ فاطمة سلام الله عليهما وآلهما قال صلى الله عليه وآله وسلم: بشارةٌ أتتني من ربّي في أخي وإبن عمّي (وفيه): فصار أخي وبنتي فكّاك رقاب رجال ونساء من أُمّتي من النّار. راجع ج ٢ ص ٣١٦.

٢١ - عبد الله بن عمر قال في حديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنَّه قال: أللّهمّ اشهد لهم، أللّهمّ؟ قد بلّغت هذا أخي وابن عمّي وصهري وأبو ولدي، أللّهمّ؟ كبّ من عاداه في النّار.

كنز العمّال ٦ ص ١٥٤ نقلاً عن إبن النَّجار والشيرازي في الألقاب.

٢٢ - عبد الله بن عمر قال في حديث قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أرضيك يا علي؟ قال: بلى يا رسول الله؟ قال: أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي.

مجمع الزوائد ٩ ص ١٢١ عن الطبراني، وص ١٢٢ عن أبي يعلى، كنز العمال ٦ ص ١٥٥.

٢٣ - في حديث الإسراء عنه صلى الله عليه وآله وسلم فأمّا أن رجعت نادى مناد من وراء الحجاب: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليٌّ فاستوص به خيراً.

فرايد السمطين في الباب العشرين. كنز العمّال ٦ ص ١٦١.

٢٤ - قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال صلى الله عليه وآله وسلم: ليس في القيامة راكبٌ غيرنا ونحن الأربعة (إلى أن قال): وأخي عليّ على ناقة من نوق الجنَّة بيده لواء الحمد.

تاريخ بغداد ١١ ص ١١٢، كفاية الحافظ الكنجي ٧٧، كنز العمّال ٦ ص ٤٠٢.

٢٥ - إبن عبّاس في حديث زواج عليٍّ وفاطمة سلام الله عليهما قال: فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدقَّ الباب فخرجت إليه أمّ أيمن فقال. اعلمي أخي. قالت: وكيف يكون أخاك وقد زوَّجته إبنتك؟! قال: إنَّه أخي.

خصائص النسائي ٣٢، الرِّياض ٢ ص ١٨١، الصواعق ٨٤.

١١٩

٢٦ - مرَّ في حديث ليلة المبيت: فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل: أفلا كنتما مثل عليِّ بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد. راجع ج ٢ ص ٤٨.

٢٧ - في حديث الإسراء عن النسفي وغيره عن جبرئيل أنَّه قال: إنَّ الله تعالى إطَّلع إلى الأرض فاختارك من خلقه وبعثك برسالته، ثمَّ اطَّلع إليها ثانية فاختار لك أخاً ووزيراً وصاحباً فزوَّجه ابنتك فاطمة فقلت: يا جبريل من هذا الرجل؟! قال: أخوك في الدارين وابن عمّك في النسب عليُّ بن أبي طالب.

نزهة المجالس ٢ ص ٢٢٣.

٢٨ - أخرج الطبراني بإسناده عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال لعليّ عليه السلام: أما ترضى أنّك أخي وأنا أخوك؟! مجمع الزوائد ٩ ص ١٣١.

٢٩ - عبد الله بن عمر قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه: اُدعوا لي أخي. فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه، ثمَّ قال: اُدعوا لي أخي. فدعوا له عمر فأعرض عنه، ثمَّ قال: اُدعوا لي أخي. فدعوا له عثمان فأعرض عنه، ثمَّ قال: اُدعوا لي أخي. فدُعي له عليُّ بن أبي طالب فستره بثوب وأكبَّ عليه فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟! قال: علّمني ألف باب يفتح كلّ باب إلى ألف باب.

أخرجه الحافظ إبن عدي عن أبي يعلى عن كامل بن طلحة عن أبي لُهيعة إلى آخر السند، وذكره إبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٥٩، وحكى تضعيفه عن إبن عدي لمكان إبن لهيعة في سنده ذاهلاً عمّا قال أحمد بن حنبل في حقّه راجع ج ١ ص ٧٧.

٣٠ - عبد الله بن عمر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عليٌّ أخي في الدنيا والآخرة.

أخرجه الطبراني، والسيوطي في الجامع الصغير ٢ ص ١٤٠ وحسَّنه. وقال المناوي في فيض القدير ٤ ص ٣٥٥ بعد ذكره: كيف؟ وقد بُعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الإثنين فأسلم (عليٌّ) وصلّى يوم الثلاثاء فمكث يُصلّي مستخفياً سبع سنين كما رواه الطبراني عن أبي رافع، يريد بذلك بيان المشاكلة والماثلة في الأخوة بينهما صلّى الله عليهما وآلهما.

٣١ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: اشتقَّ الله تعالى لنا من أسمائه أسماءً فالله عزَّ وجلَّ محمودٌ، وأنا محمد. والله الأعلى، وأخي عليٌّ.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418