الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٠

الميزان في تفسير القرآن14%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 406

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 406 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114265 / تحميل: 6647
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

قلبه إنّما هو شرّ ير كلّ يوم. فحزن الربّ أنّه عمل الإنسان في الأرض. وتأسّف في قلبه. فقال الربّ: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الّذى خلقته. الإنسان مع بهائم ودبّابات وطيور السماء. لأنّى حزنت أنّى عملتهم. وأمّا نوح فوجد نعمة في عين الربّ.

هذه مواليد نوح. كان نوح رجلاً بارّاً كاملاً في أجياله - وسار نوح مع الله. وولد نوح ثلاثة بنين ساما وحاما ويافث. وفسدت الأرض أمام الله وامتلأت الأرض ظلما. ورأى الله الأرض فإذا هي قد فسدت. إذ كان كلّ بشر قد أفسد طريقه على الأرض.

فقال الله لنوح نهاية كلّ بشر قد أتت أمامى. لأنّ الأرض امتلأت ظلما منهم. فها أنا مهلكهم مع الأرض. اصنع لنفسك فلكا من خشب جفر، تجعل الفلك مساكن. وتطليه من داخل ومن خارج بالقار. وهكذا تصنعه. ثلاث مائة ذراع يكون طول الفلك وخمسين ذراعاً عرضه وثلاثين ذراعاً ارتفاعه. وتصنع كوّاً للفلك وتكمّله إلى حدّ ذراع من فوق. وتضع باب الفلك في جانبه. مساكن سفليّة ومتوسّطة وعلويّة تجعله. فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لاُهلك كلّ جسد فيه روح حياة من تحت السماء. كلّ ما في الأرض يموت. ولكن اُقيم عهدي معك. فتدخل الفلك أنت وبنوك امرأتك ونساء بنيك معك. ومن كلّ حىّ من كلّ ذى جسد اثنين من كلّ تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكرا واُنثى. من الطيور كأجناسها. ومن البهائم كأجناسها ومن كلّ دبّابات الأرض كأجناسها. اثنين من كلّ تدخل إليك لاستبقائها. وأنت فخذ لنفسك من كلّ طعام يؤكل واجمعه عندك. فيكون لك ولها طعاماً. ففعل نوح حسب كلّ ما أمره به الله. هكذا فعل.

وقال(١) الربّ لنوح: ادخل أنت وجميع بنيك إلى الفلك. لأنّى إيّاك

____________________

(١) الاصحاح السابع من سفر التكوين.

٢٦١

رأيت بارّا لدىّ في هذا الجيل. من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا واُنثى. ومن البهائم الّتى ليست بطاهرة اثنين ذكر واُنثى. ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكرا واُنثى. لاستبقاء نسل على وجه كلّ الأرض. لأنّى بعد سبعة أيّام أيضاً أمطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة. وأمحو عن وجه الأرض كلّ قائم عملته. ففعل نوح حسب كلّ ما أمره به الربّ.

ولمّا كان نوح ابن ستّمائة سنة صار طوفان الماء على الأرض. فدخل نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه إلى الفلك من وجه مياه الطوفان. ومن البهائم الطاهرة والبهائم الّتى ليست بطاهرة ومن الطيور وكلّ ما يدبّ على الأرض. دخل اثنان اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكر واُنثى. كما أمر الله نوحاً.

وحدث بعد السبعة الأيّام أنّ مياه الطوفان صارت على الأرض. في سنة ستّمائة من حياة نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر من الشهر في ذلك اليوم انفجرت كلّ ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء. وكان المطر على الأرض أربعين يوماً وأبعين ليلة. في ذلك اليوم عينه دخل نوح وسام وحام ويافث بنو نوح وامرأة نوح وثلاث نساء بنيه معهم إلى الفلك. هم وكلّ الوحوش كأجناسها وكلّ الدبّابات الّتى تدبّ على الأرض كأجناسها وكلّ الطيور كأجناسها كلّ عصفور ذى جناح. ودخل إلى نوح إلى الفلك اثنين اثنين من كلّ جسد فيه روح حياة. والداخلات دخلت ذكرا واُنثى من كلّ ذى جسد كما أمره الله. وأغلق الربّ عليه.

وكان الطوفان أربعين يوماً على الأرض. وتكاثرت المياه ورفعت الفلك فارتفع عن الأرض. وتعاظمت المياه كثيراً جدّاً على الأرض فكان الفلك يسير على وجه المياه. وتعاظمت المياه كثيراً جدّاً على الأرض فتغطّت جميع الجبال الشامخة الّتى تحت كلّ السماء. خمسة عشرة ذراعاً في الارتفاع تعاظمت المياه فتغطّت الجبال. فمات كلّ ذى جسد كان يدبّ على الأرض من الطيور والبهائم والوحوش وكلّ الزحّافات الّتى كانت تزحف على الأرض وجميع الناس. كلّ ما في أنفه نسمة روح حياة من كلّ ما في اليابسة مات. فمحا الله كلّ قائم كان على وجه الأرض. الناس

٢٦٢

والبهائم والدبّابات وطيور السماء فانمحت من الأرض. وتبقّى نوح والّذين معه في الفلك فقطّ. وتعاظمت المياه على الأرض مائة وخمسين يوماً.

ثم(١) ذكر الله نوحاً وكلّ الوحوش وكلّ البهائم الّتى معه في الفلك وأجاز الله ريحاً على الأرض فهدأت المياه. وانسدّت ينابيع الغمر وطاقات السماء فامتنع المطر من السماء. ورجعت المياه عن الأرض رجوعاً متوالياً وبعد مائة وخمسين يوماً نقصت المياه. واستقرّ الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط. وكانت المياه تنقص نقصا متوالياً إلى الشهر العاشر وفي العاشر في أوّل الشهر ظهرت رؤس الجبال.

وحدث من بعد أربعين يوماً أنّ نوحاً فتح طاقة الفلك الّتى كان قد عملها. وأرسل الغراب فخرج متردّدا حتّى نشفت المياه عن الأرض. ثمّ أرسل الحمامة من عنده ليرى هل قلّت المياه عن وجه الأرض. فلم يجد الحمامة مقرّا لرجلها فرجعت إليه إلى الفلك لأنّ مياها كانت على وجه كلّ الأرض فمدّ يده وأخذها وأدخلها عنده إلى الفلك. فلبث أيضاً سبعة أيّام اُخر وعاد فأرسل الحمامة من الفلك. فأتت إليه الحمامة عند المساء وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها فعلم نوح أنّ المياه قد قلّت عن الأرض. فلبث أيضاً سبعة أيّام اُخر فأرسل الحمامة فلم يعد يرجع إليه أيضاً.

وكان في السنة الواحدة والستّمائة في الشهر الأوّل في أوّل الشهر أنّ المياه نشفت عن الأرض فكشف نوح الغطاء عن الفلك ونظر فإذا وجه الأرض قد نشف. وفي الشهر الثاني في اليوم السابع والعشرين من الشهر جفّت الأرض.

وكلّم الله نوحاً قائلا. اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك. وكلّ الحيوانات الّتى معك من كلّ ذى جسد الطيور والبهائم وكلّ الدبّابات الّتى تدبّ على الأرض أخرجها معك ولتتوالد في الأرض وتثمر وتكثر على الأرض. فخرج نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه، وكلّ الحيوانات وكلّ

____________________

(١) الاصحاح الثامن من سفر التكوين.

٢٦٣

الدبّابات وكلّ الطيور كلّ ما يدبّ على الأرض كأنواعها خرجت من الفلك.

وبنى نوح مذبحا للربّ. وأخذ من كلّ البهائم الطاهرة ومن كلّ الطيور الطاهرة وأصعد محرّقات على المذبح. فتنسّم الربّ رائحة الرضا وقال الربّ في قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأنّ تصوّر قلب الإنسان شرّير منذ حداثته ولا أعود أيضاً اُميت كلّ حىّ كما فعلت. مدّة كلّ أيّام الأرض زرع وحصاد وبرد وحرّ وصيف وشتاء ونهار وليل لا يزال.

وبارك الله(١) نوحاً وبنيه وقال لهم أثمروا واكثروا واملأوا الأرض ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كلّ حيوانات الأرض وكلّ طيور السماء مع كلّ ما يدبّ على الأرض وكلّ أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم. كلّ دابّة حيّة تكون لكم طعاماً كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع. غير أنّ لحما بجنابة دمه لا تأكلوه. وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقطّ من يد كلّ حيوان أطلبه ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان من يد الإنسان أخيه. سافك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه لأنّ الله على صورته عمل الإنسان. فأثمروا أنتم واكثروا وتوالدوا في الأرض وتكاثروا فيها.

وكلّم الله نوحاً وبنيه معه قائلا. وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم. ومع كلّ ذوات الأنفس الحيّة الّتى معكم الطيور والبهائم وكلّ وحوش الأرض الّتى معكم من جميع الخارجين من الفلك حتّى كلّ حيوان الأرض. اُقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كلّ ذى جسد أيضاً بمياه الطوفان ولا يكون أيضاً طوفان ليخرّب الأرض. وقال الله هذه علامة الميثاق الّذى أنا واضعه بينى وبينكم وبين كلّ ذوات الأنفس الحيّة الّتى معكم إلى أجيال الدهر. وضعت قوسى في السحاب فتكون علامة ميثاق بينى وبين الأرض.فيكون متى أنشر سحابا على الأرض وتظهر القوس في السحاب. أنّى أذكر ميثاقي الّذى بينى وبينكم وبين كلّ نفس حيّة في كلّ جسد فلا يكون أيضاً المياه طوفانا لتهلك كلّ ذى جسد. فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لاذكر ميثاقاً أبديّاً بين الله وبين كلّ نفس حيّة في كلّ جسد على

____________________

(١) الاصحاح التاسع من سفر التكوين.

٢٦٤

الأرض. وقال الله لنوح: هذه علامة الميثاق الّذى أنا أقمته بينى وبين كلّ ذى جسد على الأرض.

وكان بنو نوح الّذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث وحام هو ابوكنعان هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعّبت كلّ الأرض.

وابتدأ نوح يكون فلّاحا وغرس كرما. وشرب من الخمر فسكر وتعرّى داخل خبائه. فأبصر حام أبوكنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجا. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما.

فلمّا استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال: ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته. وقال: مبارك الربّ إله سام وليكن كنعان عبداً لهم. ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبداً لهم.

وعاش نوح بعد الطوفان ثلاثماوة وخمسين سنة. فكانت كلّ أيّام نوح تسع ماءة وخمسين سنة ومات. انتهى ما قصدنا إيراده.

وهو - كما ترى - يخالف ما جاء في القرآن الكريم من وجوه:

منها: أنّه لم يذكر فيه حديث استثناء امرأة نوح بل صرّح بدخولها الفلك ونجاتها مع بعلها، وقد اعتذر عنه بعض: أنّ من الجائز أن يكون لنوح زوجان اُغرقت إحداهما ونجت الاُخرى.

ومنها: أنّه لم يذكر فيه ابن نوح الغريق وقد قصّه القرآن.

ومنها: أنّه لم يذكر فيه المؤمنون غير نوح وأهله بل اقتصر عليه وعلى بنيه وامرأته ونساء بنيه.

ومنها: أنّه ذكر فيه جملة عمر نوح تسعمائة وخمسين سنة، وظاهر الكتاب العزيز أنّها المدّة الّتى لبث فيها بين قومه يدعوهم إلى الله قبل الطوفان. قال تعالى:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) العنكبوت: ١٤.

٢٦٥

ومنها: ما ذكر فيه من حديث قوس قزح وقصّة إرسال الغراب والحمامة للاستخبار وخصوصيّات السفينة من عرضها وطولها وارتفاعها وطبقاتها الثلاث ومدّة الطوفان وارتفاع الماء وغير ذلك فهى خصوصيّات لم تذكر في القرآن الكريم وبعضها بعيد مستبعد كالميثاق بالقوس، وقد كثر الاقتصاص بمثل هذه المعاني في قصّة نوحعليه‌السلام في لسان الصحابة والتابعين، وأكثرها بالاسرائيليّات أشبه.

٥ - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الاُمم وأساطيرهم:

قال صاحب المنار في تفسيره: قد ورد في تواريخ الاُمم القديمة ذكر للطوفان منها الموافق لخبر سفر التكوين إلّا قليلا ومنها المخالف له إلّا قليلا.

وأقرب الروايات إليه رواية الكلدانيّين، وهم الّذين وقع الطوفان في بلادهم فقد نقل عنهم (برهوشع) و (يوسيفوس) أنّ (زيزستروس) رأى في الحلم بعد موت والده (اُوتيرت) أنّ المياه ستطغى وتغرق جميع البشر، وأمره ببناء سفينة يعتصم فيها هو وأهل بيته وخاصّة أصدقائه ففعل. وهو يوافق سفر التكوين في أنّه كان في الأرض جيل من الجبّارين طغوا فيها وأكثروا الفساد فعاقبهم الله بالطوفان.

وقد عثر بعض الإنجليز على ألواح من الآجر نقشت فيها هذه الرواية بالحروف المسماريّة في عصر آشور بانيبال من نحو ستّمائة وستّين سنة قبل ميلاد المسيح، وأنّها منقولة من كتابة قديمة من القرن السابع عشر قبل المسيح أو قبله فهى أقدم من سفر التكوين.

وروى اليونان خبرا عن الطوفان أورده أفلاطون وهو أنّ كهنة المصريّين قالوا لسولون - الحكيم اليونانىّ - أنّ السماء أرسلت طوفانا غيّر وجه الأرض فهلك البشر مراراً بطرق مختلفة فلم يبق للجيل الجديد شئ من آثار من قبله ومعارفهم.

وأورد (مانيتون) خبر طوفان حدث بعد هرمس الأوّل الّذى كان بعد ميناس الأوّل، وهذا أقدم من تاريخ التوراة أيضاً، وروى عن قدماء اليونان خبر طوفان عمّ الأرض كلّها إلّا (دوكاليون) وامرأته (بيرا) فقد نجوا منه.

وروى عن قدماء الفرس طوفان أغرق الله به الأرض بما انتشر فيها من الفساد و

٢٦٦

الشرور بفعل أهريمان إله الشرّ، وقالوا: إنّ هذا الطوفان فار أوّلا من تنّور العجوز (زول كوفه) إذ كانت تخبز خبزها فيه، ولكنّ المجوس أنكروا عموم الطوفان وقالوا: إنّه كان خاصّاً بإقليم العراق وانتهى إلى حدود كردستان.

وكذا قدماء الهنود يثبتون وقوع الطوفان سبع مرّات في شكل خرافيّ آخرها أنّ ملكهم نجا هو وامرأته في سفينة عظيمة أمره بصنعها إلهه فشنو وسدّها بالدسر حتّى استوت على جبل جيمافات - هملايا - ولكنّ البراهمة كالمجوس ينكرون وقوع طوفان عامّ أغرق الهند كلّها، وروى تعدّد الطوفان عن اليابان والصين وعن البرازيل والمكسيك وغيرهما، وكلّ هذه الروايات تتّفق في أنّ سبب ذلك عقاب الله للبشر بظلمهم وشرورهم. انتهى.

وقد(١) وقع في (أوستا) وهو كتاب المجوس المقدّس أنّ (أهورامزدا) أوحى إلى (إيما) (وتعتقد المجوس أنّه جمشيد الملك) أنّه سيقع طوفان يغرق الأرض، وأمره أن يبنى حائطا مرتفعا غايته يحفظ من في داخله من الغرق، وأن يجمع في داخله جماعة من الرجال والنساء صالحة للنسل، ويدخل فيه من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين، ويبنى في داخل السور بيوتا وقبابا في طبقات مختلفة يسكنها الناس المجتمعون هناك ويأوى إليها الدوابّ والطيور، وأن يغرس في داخله ما ينفع في حياة الناس من الأشجار المثمرة، ويحرث ما يرتزق به الناس من الحبوب الكريمة فيحتفظ بذلك ما به حياة الدنيا وعمارتها.

وفي تاريخ الأدب الهندي(٢) في قصّة الطوفان: أنّه بينما كان (مانو) (هو ابن الإله عند الوثنيّين) يغسل يديه إذ جاءت في يده سمكة، وممّا اندهش به أنّ السمكة كلّمته وطلبت إنقاذها من الهلاك ووعدته جزاء عليه أنّها ستنقذ (مانو) في المستقبل من خطر عظيم، والخطر العظيم المحدق الّذى أنبأت به السمكة كان طوفاناً سيجرف جميع المخلوقات، وعلى ذلك حفظ (مانو) السمكة في المرتبان.

____________________

(١) ترجمة كتاب أوستا بالفرنسية المطبوعة بباريس.

(٢) على ما في قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار.

٢٦٧

فلمّا كبرت أخبرت (مانو) عن السنة الّتى سيأتي فيها الطوفان ثمّ أشارت على مانو أن يصنع سفينة كبيرة ويدخل فيها عند طوفان الماء قائلة: أنا اُنقذك من الطوفان، فمانو صنع السفينة والسمكة كبرت أكثر من سعة المرتبان لذلك ألقاها في البحر.

ثم جاء الطوفان كما أنبأت السمكة، وحين دخل (مانو) السفينة عامت السمكة إليه فربط السفينة بقرن على رأسها فجرّتها إلى الجبال الشماليّة، وهنا ربط مانو السفينة بشجرة، وعند ما تراجع الماء وجفّ بقى مانو وحده. انتهى.

٦ - هل كانت نبوّتهعليه‌السلام عامّة للبشر؟

مسألة اختلفت فيها آراء العلماء. فالمعروف عند الشيعة عموم رسالته، وقد ورد من طرق أهل البيتعليهم‌السلام ما يدلّ عليه، وعلى أنّ اُولى العزم من الأنبياء وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وعليهم) كانوا مبعوثين إلى الناس كافّة.

وأمّا أهل السنّة فمنهم من قال بعموم رسالته مستندا إلى ظاهر الآيات الناطقة بشمول الطوفان لأهل الأرض كلّهم كقوله:( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) نوح: ٢٦ وقوله:( لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ) هود: ٤٣، وقوله:( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) الصافّات: ٧٧، وما ورد في الصحيح من حديث الشفاعة أنّ نوحاً أوّل رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ولازمه كونه مبعوثاً إليهم كافّة.

ومنهم من أنكر ذلك مستنداً إلى ما ورد في الصحيح عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وكان كلّ نبىّ يبعث إلى قومه خاصّة وبعثت إلى الناس كافّة) وأجابوا عن الآيات أنّها قابلة للتأويل فمن الجائز أن يكون المراد بالأرض هي الّتى كانوا يسكنونها وهى وطنهم كقول فرعون لموسى وهارون:( وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ) يونس: ٧٨.

فمعنى الآية الاُولى: لا تذر على هذه الأرض من كافرى قومي ديارا، وكذا المراد بالثانية: لا عاصم اليوم لقومي من أمر الله، والمراد بالثالثة: وجعلنا ذرّيّته هم الباقين من قومه.

والحقّ أنّ البحث لم يستوف حقّه في كلامهم، والّذى ينبغى أن يقال: أنّ النبوّة إنّما ظهرت في المجتمع الإنسانيّ عن حاجة واقعيّة إليها ورابطة حقيقيّة بين

٢٦٨

الناس وبين ربّهم وهى تعتمد على حقيقة تكوينيّة لا اعتباريّة جزافيّة فإنّ من القوانين الحقيقيّة الحاكمة في نظام الكون ناموس تكميل الأنواع وهدايتها إلى غاياتها الوجوديّة، وقد قال تعالى:( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) الأعلى: ٣، وقال:( الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) طه: ٥١.

فكلّ نوع من أنواع الكون متوجّه منذ أوّل تكوّنه إلى كمال وجوده وغاية خلقه الّذى فيه خيره وسعادته، والنوع الإنسانيّ أحد هذه الأنواع غير مستثنى من بينها فله كمال وسعادة يسير إليها ويتوجّه نحوها أفراده فرادى ومجتمعين.

ومن الضرورىّ عندنا أنّ هذا الكمال لا يتمّ للإنسان وحده لوفور حوائجه الحيويّة وكثرة الأعمال الّتى يجب أن يقوم بها لأجل رفعها فالعقل العمليّ الّذى يبعثه إلى الاستفادة من كلّ ما يمكنه الاستفادة منه واستخدام الجماد وأصناف النبات والحيوان في سبيل منافعه يبعثه إلى الانتفاع بأعمال غيره من بنى نوعه.

غير أنّ الأفراد أمثال وفي كلّ واحد منهم من العقل العمليّ والشعور الخاصّ الإنسانيّ ما في الآخر ويبعثه من الانتفاع إلى مثل ما يبعث إليه الآخر ما عنده من العقل العمليّ، واضطرّهم ذلك إلى الاجتماع التعاونيّ بأن يعمل الكلّ للكلّ وينتفع من عمل الغير بمثل ما ينتفع الغير من عمله فيتسخّر كلّ لغيره بمقدار ما يسخّره كما قال تعالى:( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ) الزخرف: ٣٢.

وهذا الّذى ذكرناه من بناء الإنسان على الاجتماع التعاونيّ اضطرارىّ له ألزمه عليه حاجة الحياة وقوّة الرقباء فهو في الحقيقة مدنىّ تعاونيّ بالطبع الثانيّ وإلّا فطبعه الأوّلىّ أن ينتفع بكلّ ما يتيسّر له الانتفاع حتّى أعمال أبناء نوعه، ولذلك مهما قوى الإنسان واستغنى واستضعف غيره عدا عليه واُخذ يسترقّ الناس ويستثمرهم من غير عوض قال تعالى:( إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم: ٣٤ وقال:( إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ) العلق: ٨.

ومن الضرورىّ أنّ الاجتماع التعاونيّ بين الأفراد لا يتمّ إلّا بقوانين يحكم

٢٦٩

فيها وحفّاظ تقوم بها، وهذا ممّا استمرّت سيرة النوع عليه فما من مجتمع من المجتمعات الإنسانيّة كاملاً كان أو ناقصاً، راقياً كان أو منحطّاً إلّا ويجرى فيه رسوم وسنن جرياناً كليّاً أو أكثريّاً ، التاريخ والتجربة والمشاهدة أعدل شاهد في تصديقه وهذه الرسوم والسنن وإن شئت فسمّها القوانين هي موادّ وقضايا فكريّة تطبّق عليها أعمال الناس تطبيقاً كلّيّاً أو أكثريّاً في المجتمع فينتج سعادتهم حقيقة أو ظنّاً فهى اُمور متخلّلة بين كمال الإنسان ونقصه، وأشياء متوسّطة بين الإنسان وهو في أوّل نشأته وبينه وهو مستكمل في حياته عائش في مجتمعه تهدى الإنسان إلى غاية وجوده فافهم ذلك.

وقد علم أنّ من الواجب في عناية الله أن يهدى الإنسان إلى سعادة حياته وكمال وجوده على حدّ ما يهدى سائر الأنواع إليه فكما هداه بواجب عنايته من طريق الخلقة والفطرة إلى ما فيه خيره وسعادته وهو الّذى يبعثها إليه نظام الكون والجهازات الّتى جهّز بها إلى أن يشعر بما فيه نفعه ويميّز خيره من شرّه وسعادته من شقائه كما قال تعالى:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) الشمس: ١٠.

يهديه بواجب عنايته إلى اُصول وقوانين اعتقاديّة وعمليّة يتمّ له بتطبيق شؤون حياته عليها كماله وسعاته فإنّ العناية الإلهيّة بتكميل الأنواع بما يناسب نوع وجودها توجب هذا النوع من الهداية كما توجب الهداية التكوينيّة المحضة.

ولا يكفى في ذلك ما جهّز به الإنسان من العقل - وهو ههنا العمليّ منه - فإنّ العقل كما سمعت يبعث نحو الاستخدام ويدعو إلى الاختلاف، ومن المحال أن يفعل شئ من القوى الفعّالة فعلين متقابلين ويفيد أثرين متناقضين، على أنّ المتخلّفين من هذه القوانين والمجرمين بأنواع الجرائم المفسدة للمجتمع كلّهم عقلاء ممتّعون بمتاع العقل مجهّزون به.

فظهر أنّ هناك طريقا آخر لتعليم الإنسان شريعة الحقّ ومنهج الكمال والسعادة غير طريق التفكّر والتعقّل وهو طريق الوحى، وهو نوع تكليم إلهىّ يعلّم

٢٧٠

الإنسان مايفوز بالعمل به والاعتقاد له في حياته الدنيويّة والاُخرويّة.

فإن قلت: الأمر سواء فإنّ شرع النبوّة لم يأت بأزيد ممّا لو كان العقل لأتى به فإنّ العالم الإنسانيّ لم يخضع لشرائع الأنبياء كما لم يصغ إلى نداء العقل، ولم يقدر الوحى أن يدير المجتمع الإنسانيّ ويركّبه صراط الحقّ فما هي الحاجة إليه؟

قلت: لهذا البحث جهتان: جهة أنّ العناية الإلهيّة من واجبها أن تهدى المجتمع الإنسانيّ إلى تعاليم تسعده وتكمّله لو عمل بها وهى الهداية بالوحى ولا يكفى فيها العقل، وجهة أنّ الواقع في الخارج والمتحقّق بالفعل ما هو؟ وإنّما نبحث في المقام من الجهة الاُولى دون الثانية، ولا يضرّ بها أنّ هذه الطريقة لم تجر بين الناس إلى هذه الغاية إلّا قليلا. وذلك كما أنّ العناية الإلهيّة تهدى انواع النبات والحيوان إلى كمال خلقها وغاية وجودها ومع ذلك يسقط أكثر أفراد كلّ نوع دون الوصول إلى غايته النوعيّة ويفسد ويموت قبل البلوغ إلى عمره الطبيعيّ.

وبالجملة فطريق النبوّة ممّا لا مناص منه في تربية النوع بالنظر إلى العناية الإلهيّة وإلّا لم تتمّ الحجّة بمجرّد العقل لأنّ له شغلاً غير الشغل وهو دعوة الإنسان إلى ما فيه صلاح نفسه، ولو دعاه إلى شئ من صلاح النوع فإنّما يدعوه إليه بما فيه صلاح نفسه فأفهم ذلك وأحسن التدبّر في قوله تعالى:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء: ١٦٥.

فمن الواجب في العناية أن ينزّل الله على المجتمع الإنسانيّ دينا يدينون به وشريعة يأخذون بها في حياتهم الاجتماعيّة دون أن يخصّ بها قوماً ويترك الآخرين سدى لا عناية بهم، ولازمه الضرورىّ أن يكون أوّل شريعة نزلت عليهم شريعة عامّة.

وقد أخبر الله سبحانه عن هذه الشريعة بقوله عزّ من قائل:( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً

٢٧١

وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) البقرة: ٢١٣، فبيّن أنّ الناس كانوا أوّل ما نشأوا وتكاثروا على فطرة ساذجة لا يظهر فيهم أثر الاختلافات والمنازعات الحيويّة ثمّ ظهر فيهم الاختلافات فبعث الله الأنبياء بشريعة وكتاب يحكم بينهم بالحقّ فيما اختلفوا فيه، ويحسم مادّة الخصومة والنزاع.

ثمّ قال تعالى فيما امتنّ به على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ) الشورى: ١٣. ومقام الامتنان يقضى بأنّ الشرائع الإلهيّة المنزلة على البشر هي هذه الّتى ذكرت لا غير، وأوّل ما ذكر من الشريعة هي شريعة نوح، ولو لم يكن عامّة للبشر كلّهم وخاصّة في زمنهعليه‌السلام لكان هناك إمّا نبىّ آخر ذو شريعة اُخرى لغير قوم نوح ولم يذكر في الآية ولا في موضع آخر من كلامه تعالى، وإمّا إهمال سائر الناس غير قومهعليه‌السلام في زمنه وبعده إلى حين.

فقد بان أنّ نبوّة نوحعليه‌السلام كانت عامّة، وأنّ له كتاباً وهو المشتمل على شريعته الرافعة للاختلاف، وأنّ كتابه أوّل الكتب السماويّة المشتملة على الشريعة، وأنّ قوله تعالى في الآية السابقة( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) هو كتابه أو كتابه وكتاب غيره من اُولى العزم: إبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وعليهم).

وظهر أيضاً أنّ ما يدلّ من الروايات على عدم عموم دعوتهعليه‌السلام مخالف للكتاب وفي حديث الرضاعليه‌السلام أنّ اُولى العزم من الأنبياء خمسة لكلّ منهم شريعة وكتاب ونبوّتهم عامّة لجميع من سواهم نبيّا أو غير نبىّ، وقد تقدّم الحديث في ذيل قوله تعالى:( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) البقرة ٢١٣، في الجزء الثاني من الكتاب.

٧ - هل الطوفان كانت عامّة لجميع الأرض؟ تبيّن الجواب عن هذا السؤال في الفصل السابق فإنّ عموم دعوتهعليه‌السلام يقضى بعموم العذاب ، وهو نعم القرينة على أنّ المراد بسائر الآيات الدالّة بظاهرها على العموم ذلك كقوله تعالى حكاية عن نوح

٢٧٢

عليه‌السلام :( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) نوح: ٢٦، وقوله حكاية عنه:( لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ) هود: ٤٣، وقوله: و( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) الصافّات: ٧٧.

ومن الشواهد من كلامه تعالى على عموم الطوفان ما ذكر في موضعين من كلامه تعالى أنّه أمر نوحاً أن يحمل من كلّ زوجين اثنين فمن الواضح أنّه لو كان الطوفان خاصّاً بصقع من أصقاع الأرض وناحية من نواحيها كالعراق - كما قيل - لم يكن أيّ حاجة إلى أن يحمل في السفينة من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين. وهو ظاهر.

واختار بعضهم كون الطوفان خاصّاً بأرض قوم نوحعليه‌السلام قال صاحب المنار في تفسيره: أمّا قوله في نوحعليه‌السلام بعد ذكر تنجيته وأهله:( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) فالحصر فيهم يجوز أن يكون إضافيّاً أي الباقين دون غيرهم من قومه، وأمّا قوله:( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) فليس نصّاً في أنّ المراد بالأرض هذه الكرة كلّها فإنّ المعروف من كلام الأنبياء والأقوام وفي أخبارهم أن تذكر الأرض ويراد بها أرضهم ووطنهم كقوله تعالى حكاية عن خطاب فرعون لموسى وهارون:( وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ ) يعنى أرض مصر، وقوله:( وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ) فالمراد بها مكّة، وقوله:( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) والمراد بها الأرض الّتى كانت وطنهم، والشواهد عليه كثيرة.

ولكن ظواهر الآيات تدلّ بمعونة القرائن والتقاليد الموروثة عن أهل الكتاب على أنّه لم يكن في الأرض كلّها في زمن نوح إلّا قومه وأنّهم هلكوا كلّهم بالطوفان ولم يبق بعده فيها غير ذرّيّته، وهذا يقتضى أن يكون الطوفان في البقعة الّتى كانوا فيها من الأرض سهلها وجبلها لا في الأرض كلّها إلّا إذا كانت اليابسة منها في ذلك الزمن صغيرة لقرب العهد بالتكوين وبوجود البشر عليها فإنّ علماء التكوين وطبقات الأرض - الجيولوجيّة - يقولون إنّ الأرض كانت عند انفصالها من الشمس

٢٧٣

كرة ناريّة ملتهبة ثمّ صارت كرة مائيّة ثمّ ظهرت فيها اليابسة بالتدريج.

ثمّ أشار إلى ما استدلّ به بعض أهل النظر على عموم الطوفان لجميع الأرض من أنّا نجد بعض الأصداف والأسماك المتحجّرة في أعالي الجبال وهذه الأشياء ممّا لا تتكوّن إلّا في البحر فظهورها في رؤس الجبال دليل على أنّ الماء قد صعد إليها مرّة من المرّات، ولن يكون ذلك حتّى يكون قد عمّ الأرض هذا.

وردّ عليه بأنّ وجود الأصداف والحيوانات البحريّة في قلل الجبال لا يدلّ على أنّه من أثر ذلك الطوفان بل الأقرب أنّه من أثر تكون الجبال وغيرها من اليابسة في الماء كما قلنا آنفاً فإنّ صعود الماء إلى الجبال أيّاماً معدودة لا يكفى لحدوث ما ذكر فيها.

ثمّ قال ما ملخّصه: أنّ هذه المسائل التاريخيّة ليست من مقاصد القرآن ولذلك لم يبيّنها بنصّ قطعيّ فنحن نقول بما تقدّم إنّه ظاهر النصوص ولا نتّخذه عقيده دينيّة قطعيّة فإن أثبت علم الجيولوجيّة خلافه لا يضرّنا لأنّه لا ينقض نصّاً قطعيّاً عندنا. انتهى.

أقول: أمّا ما ذكره من تأويل الآيات فهو من تقييد الكلام من غير دليل، وأمّا قوله في ردّ قولهم بوجود الأصداف والأسماك في قلل الجبال: إنّ صعود الماء إليها في أيّام معدودة لا يكفى في حدوثها ! ففيه أنّ من الجائز أن تحملها أمواج الطوفان العظيمة إليها ثمّ تبقى عليها بعد النشف فإنّ ذلك من طوفان يغمر الجبال الشامخة في أيّام معدودة غير عزيز.

وبعد ذلك كلّه قد فاته ما ينصّ عليه الآيات أنّهعليه‌السلام اُمر أن يحمل من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين اثنين فإنّ ذلك كالنصّ في أنّ الطوفان عمّ البقاع اليابسة من الأرض جميعاً أو معظمها الّذى هو بمنزلة الجميع.

فالحقّ أنّ ظاهر القرآن الكريم - ظهوراً لا ينكر - أنّ الطوفان كان عامّا للأرض، وأنّ من كان عليها من البشر اُغرقوا جميعاً، ولم يقم لهذا الحين حجّة قطعيّة تصرّفها عن هذا الظهور.

٢٧٤

وقد كنت سألت صديقى الفاضل الدكتور سحابيّ المحترم اُستاذ الجيولوجيا بكلّيّة طهران أن يفيدني بما يرشد إليه الأبحاث الجيولوجيّة في أمر هذا الطوفان العامّ إن كان فيها ما يؤيّد ذلك على وجه كلّىّ فأجابني بإيفاد مقال محصّله ما يأتي مفصّلا في فصول:

١ - الأراضي الرسوبيّة: تطلق الأراضي الرسوبيّة في الجيولوجيا على الطبقات الأرضيّة الّتى كوّنتها رسوبات المياه الجارية على سطح الأرض كالبطائح والمسيلات الّتى غطّتها الرمال ودقاق الحصى.

نعرف الأراضي الرسوبيّة بما تراكم فيها من الرمال ودقاق الحصى الكرويّة المدوّرة فإنّها كانت في الأصل قطعات من الحجارة حادّة الأطراف والزوايا حوّلتها إلى هذه الحالة الاصطكاكات الواقعة بينها في المياه الجارية والسيول العظيمة ثمّ إنّ الماء حملها وبسطها على الأرض في غايات قريبة أو بعيدة بالرسوب.

وليست تنحصر الأراضي الرسوبيّة في البطائح فغالب الأراضي الترابيّة من هذا القبيل تخالطها أو تكوّنها رمال بالغة في الدقّة، وقد حملها لدقّتها وخفّتها إليها جريان المياه والسيول.

نجد الأراضي الرسوبيّة وقد غطّتها طبقات مختلفة من الرمل والتراب بعضها فوق بعض من غير ترتيب ونظم، وذلك - أوّلا - أمارة أنّ تلك الطبقات لم تتكوّن في زمان واحد بعينه - وثانياً - أنّ مسير المياه والسيول أو شدّة جريانها قد تغيّر بحسب اختلاف الأزمنة.

ويتّضح بذلك أنّ الأراضي الرسوبيّة كانت مجارى ومسايل في الأزمنة السابقة لمياه وسيول هامّة وإن كانت اليوم في معزل من ذلك.

وهذه الأراضي الّتى تحكى عن جريان مياه كثيرة جدّاً وسيلان سيول هائلة عظيمة توجد في أغلب مناطق الأرض منها أغلب نقاط إيران كأراضي طهران وقزوين وسمنان وسبزوار ويزد وتبريز وكرمان وشيراز وغيرها، ومنها مركز بين النهرين وجنوبه، وما وراء النهر، وصحراء الشام، والهند، وجنوب فرنسا، وشرقيّ

٢٧٥

الصين، ومصر، وأكثر قطعات إمريكا، وتبلغ صخامة الطبقة الرسوبيّة في بعض الأماكن إلى مآت الأمتار كما أنّها في أرض طهران تجاوز أربعمائة مترا.

وينتج ممّا مرّ أوّلا: أنّ سطح الأرض في عهد ليس بذاك البعيد (على ما سيأتي توضيحه) كان مجرى سيول هائلة عظيمة ربّما غطّت معظم بقاعها.

وثانياً: أنّ الطغيان والطوفان - بالنظر إلى ضخامة القشر الرسوبيّ في بعض الأماكن - لم يحدث مرّة واحدة ولا في سنة أو سنين معدودة بل دام أو تكرّر في مآت من السنين كلّما حدث مرّة كون طبقة رسوبيّة ثمّ إذا انقطع غطّتها طبقة ترابيّة ثمّ إذا عاد كوّن اُخرى وهكذا وكذلك اختلاف الطبقات الرسوبيّة في دقّة رمالها وعدمها يدلّ على اختلاف السيلان بالشدّة والضعف.

٢ - الطبقات الرسوبيّة أحدث القشور والطبقات الجيولوجيّة: ترسب الطبقات الرسوبيّة عادة رسوباً اُفقيّاً ولكن ربّما وقعت أجزاؤها المتراكمة تحت ضغطات جانبيّة قويّة شديدة على ما بها من الدفع من فوق ومن تحت فتخرج بذلك تدريجاً عن الاُفقيّة إلى التدوير والالتواء، وهذا غير ظاهر الأثر في الأزمنة القصيرة المحدودة لكن إذا تمادى الزمان بطوله كمرور الملايين من السنين ظهر الأثر وتكوّنت بذلك الجبال بسلاسلها الملتوية بعض تلالها في بعض وترتفع بقللها من سطوح البحار.

ويستنتج من ذلك أنّ الطبقات الرسوبيّة والقشور الاُفقيّة الباقية على حالها من أحدث الطبقات المتكوّنة على البسيط، والدلائل الفنّيّة الموجودة تدلّ على أنّ عمرها لا يجاوز عشرة آلاف إلى خمس عشرة ألف سنة من زماننا هذا(١) .

٣ - انبساط البحار واتساعها بانحدار المياه إليها . كان تكوّن القشور الرسوبيّة الجديدة عاملاً في انبساط أكثر بحار الكرة واتّساعها بأطرافها فارتفعت

____________________

(١) ويستثنى من ذلك بعض ما في أطراف بالّتيك وسائر المناطق الشماليّة من طبقات رسوبيّة اُفقيّة باقية على حالها من أقدم العهود الجيولوجيّة لجهات مذكورة في محلّها.

٢٧٦

مياهها وغطّت أكثر سواحلها، وعملت جزائر في السواحل أحاطت بها من معظم جوانبها.

فمن ذلك جزيرة بريطانيّة انقطعت في هذا الحين من فرنسا وانفصلت من اُوربه بالكلّيّة، وكانت اُوربه من ناحية جنوبها وإفريقا من ناحية شمالها مرتبطتين برابط برّىّ إلى هذا الحين فانفصلتا باتّساع البحر المتوسّط (مديترانه) وتكوّن بذلك شبه جزيرة إيطاليا وشبه جزيرة تونس من شمالها الشرقيّ وجزائر صقلية وسردينيا وغيرها وكانت جزائر أندنيسيا من ناحية جاوا وسوماترا إلى جنوبىّ جزيرة اليابان متّصلة بآسيا من جهة الجنوب الشرقيّ إلى هذا الحين فانفصلت وتحوّلت إلى صورتها الفعليّة، وكذا انقطاع إمريكا الشماليّة من جهة شمالها عن شمال اُوربه أحد الآثار الباقية من هذا العهد عهد الطوفان.

وللحركات والتحوّلات الأرضيّة الداخليّة آثار قويّة في سير هذه المياه واستقرارها في البقاع الخافضة المنحدرة ولذلك كان ينكشف الماء عن بعض البقاع الساحليّة المغمورة بماء البحار في حين كان الطوفان مستوليا على أكثر البسيط يكوّن بحيرات ويوسّع بحارا، ومن هذا الباب سواحل خوزستان الجنوبيّة انكشف عنها ماء الخليج(١) .

٤ - العوامل المؤثّرة في إزدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان . الشواهد الجيولوجيّة الّتى أشرنا إلى بعضها تؤيّد أنّ النزولات الجوّيّة كانت غير عاديّة في أوائل الدور الحاضر من أدوار الحياة الإنسانيّة وهو عهد الطوفان، وقد كان ذلك عن تغيّرات جوّيّة هامّة خارقة للعادة قطعاً.

فكان الهواء حارّاً في هذه الدورة نسبة لكن كان ذلك مسبوقا ببرد شديد وقد غطّى معظم النصف الشماليّ من الكرة الثلج والجمد والجليد فمن المحتمل قويّاً أنّ المتراكم من جمد الدورة السابقة عليه كان باقيا لم يذب بعد في النجود في أكثر بقاع المنطقة المعتدلة الشماليّة.

____________________

(١) وقد كانت مدينة شوش وقصر الكرخة في زمن الملوك الهخامنشيّة بإيران على ساحل البحر وكانت السفن الشرعيّة الجارية في خليج فارس تلقى مراسيها امام القصر.

٢٧٧

فعمل الحرارة في سطح الأرض في دورتين متواليتين على ما به من متراكم الجمد والجليد يوجب تغيّراً شديداً في الجوّ وانقلاباً عظيماً مؤثّراً في ارتفاع بخار الماء إليه وتراكمه فيه تراكماً هائلاً غير عادىّ وتعقّبه نزولات شديدة وأمطار غزيرة غير معهودة.

نزول هذه الأمطار الغزيرة الهاطلة ثمّ استدامتها النزول على الارتفاعات والنجود وخاصّة على سلاسل الجبال الجديدة الحدوث في جنوب آسيا ومغربها وجنوب اُوربه وشمال إفريقا كجبال(١) ألبرز وهيماليا وآلب وفي مغرب إمريكا عقّب جريان سيول عظيمة هائلة عليها تنحت الصخور وتحفر الأرض وتقلع أحجاراً وتحملها إلى الأراضي والبقاع المنحدرة وتحدث أودية جديدة وتعمّق اُخرى قديمة وتوسّعها ثمّ تبسط ما تحمله من الحجارة والحصى والرمل تجاهها قشورا رسوبيّة جديدة.

وممّا كان يمدّ الطوفان السماويّ في شدّة عمله يزيد حجم السيول الجارية أنّ حفر الأودية الجديدة كان يكشف عن ذخائر مائيّة في بطن الأرض هي منابع الآبار والعيون الجارية فيزيل القشور الحافظة لها المانعة من سيلانها فيفجّر العيون ويجريها مع السيول المطريّة، ويزيد في قوّة تخريبها ويعينها في إغراق ما على الأرض من سهل وجبل وغمره.

غير أنّ الذخائر الأرضيّة متناهية محدودة تنفد بالسيلان وبنفادها وإمساك السماء عن الإمطار ينقضى الطوفان وتنحدر المياه إلى البحار والأرضي المنخفضة وإلى بعض الخلاء والسرب الموجود في داخل الأرض الّذى أفرغته السيول بالتفجير والمصّ.

٥ - نتيجة البحث . وعلى ما قدّمناه من البحث الكلّىّ يمكن أن ينطبق ما قصّه الله تعالى من خصوصيّات الطوفان الواقع في زمن نوحعليه‌السلام كقوله تعالى:

____________________

(١) فهى أقل عمرا من سائر جبال الأرض لم تعمر أكثر من مليونى سنة ولذلك كانت أشهق جبال الأرض وأعلى قللا من غيرها لقلة ما ورد عليها من أسباب النحت كالا مطار والرياح.

٢٧٨

( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجّرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر) القمر: ١٢، وقوله:( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ) هود: ٤٠، وقوله:( وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضى الأمر) هود: ٤٤. انتهى.

وممّا يناسب هذا المقام ما نشره بعض جرائد(١) طهران في هذه الأيّام وملخّصه: أنّ جماعة من رجال العلم من إمريكا بهداية من بعض رجال الجند التركيّ عثروا في بعض قلل جبل آراراط في شرقيّ تركيا في مرتفع ١٤٠٠ قدم على قطعات أخشاب يعطى القياس أنّها قطعات متلاشية من سفينة قديمة وقعت هناك تبلغ بعض هذه القطعات من القدمة ٢٥٠٠ قبل الميلاد.

والقياس يعطى أنّها قطعات من سفينة يعادل حجمه ثلثى حجم مركب (كوئين مارى) الإنجليزيّة الّتى طولها ١٠١٩ قدما وعرضها ١١٨ قدما، وقد حملت الأخشاب إلى سانفرانسيسكو لتحقيق أمرها وأنّها هل تقبل الانطباق على ما تعتقده أرباب النحل من سفينة نوح؟عليه‌السلام .

٦ - عمره عليه‌السلام الطويل : القرآن الكريم يدلّ على أنّهعليه‌السلام عمّر طويلا، وأنّه دعا قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما يدعوهم إلى الله سبحانه، وقد استبعده بعض الباحثين لما أنّ الأعمار الإنسانيّة لا تتجاوز في الأغلب المائة أو المائة والعشرين سنة حتّى ذكر بعضهم أنّ القدماء كانوا يعدّون كلّ شهر من الشهور سنة فالألف سنة إلّا خمسين عاما يعدل ثمانين سنة إلّا عشرة شهور. وهو بعيد غايته.

وذكر بعضهم أنّ طول عمرهعليه‌السلام كان كرامة له خارقة للعادة، قال الثعلبيّ في قصص الأنبياء في خصائصهعليه‌السلام : وكان أطول الأنبياء عمرا وقيل له أكبر الأنبياء وشيخ المرسلين، وجعل معجزته في نفسه لأنّه عمّر ألف سنة ولم ينقص له سنّ ولم تنقص له قوّة. انتهى.

____________________

(١) جريدة كيهان المنتشرة أوّل سبتامبر ١٩٦٢ المطابق لغرة ربيع الاول ١٣٨٢ الهجرية القمرية عن لندن. آسوشتيدبرس.

٢٧٩

والحقّ أنّه لم يقم حتّى الآن دليل على امتناع أن يعمّر الإنسان مثل هذه الأعمار بل الأقرب في الاعتبار أن يعمّر البشر الأوّلىّ بأزيد من الأعمار الطبيعيّة اليوم بكثير لما كان لهم من بساطة العيش وقلّة الهموم وقلّة الأمراض المسلّطة علينا اليوم وغير ذلك من الأسباب الهادمة للحياة، ونحن كلّما وجدنا معمّرا عمّر مائة وعشرين إلى مائة وستّين وجدناه بسيط العيش قليل الهمّ ساذج الفهم فليس من البعيد أن يرتقى بعض الأعمار في السابقين إلى مآت من السنين.

على أنّ الاعتراض على كتاب الله في مثل عمر نوحعليه‌السلام وهو يذكر من معجزات الأنبياء الخارقة للعادة شيئاً كثيراً لعجيب. وقد تقدّم كلام في المعجزة في الجزء الأوّل من الكتاب.

٧ - أين هو جبل الجودى : ذكروا أنّه بديار بكر من موصل في جبال تتّصل بجبال أرمينيّة، وقد سمّاه في التوراة أراراط. قال قى القاموس: و الجودىّ جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوحعليه‌السلام ، ويسمّى في التوراة (أراراط) انتهى، وقال في مراصد الاطّلاع: الجودىّ مشدّدة جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في شرقيّ دجلة من أعمال الموصل استوت عليه سفينة نوح لمّا نضب الماء.

٨ - ربّما قيل : هب إنّه أغرق قوم نوح بذنبهم فما هو ذنب سائر الحيوان الّذى على الأرض حيث هلكت بطاغية المياه؟ وهذا من أسقط الاعتراض فما كلّ هلاك ولو كان عامّا عقوبة وانتقاماً، والحوادث العامّة الّتى تهلك الاُلوف ثمّ الاُلوف مثل الزلازل والطوفانات والوباء والطاعون كثير الوقوع في الدهر، ولله فيما يقضى حكم.

( كلام في عبادة الأصنام في فصول)

١ - الإنسان واطمئنانه إلى الحسّ : الإنسان يجرى في حياته الاجتماعيّة على اعتبار قانون العلّيّة والمعلوليّة الكلّىّ وسائر القوانين الكلّيّة الّتى أخذها من هذا النظام العامّ المشهود، وهو على خلاف ما نشاهده من أعمال سائر الحيوان و

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406