الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 193871
تحميل: 7846


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193871 / تحميل: 7846
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عيشٌ تحسَّر(١) ظلّه عنّا فما

أبقى لنا شيئاً سوى الحسراتِ

ولقد سقاني الدَّهر ماء حياته

والآن يسقيني دم الحيّاتِ

لهفي لأحرارٍ مُنيت ببُعدهم

كانوا على غَير الزَّمان ثقاتي

قد زالت البركات عنّي كلها

بزيال سيِّدنا أبي البركاتِ

ركن العلا والمجد والكرم الذي

قد فات في الحلبات أيّ فواتِ

فارقتُ طلعته المنيرة مكرهاً

فبقيت كالمحصور في الظلماتِ

اُضحي واُمسي صاعداً زفراتي

لفراقه متحدِّراً عبراتي

وله قوله في المديح:

جبينك الشمس في الاضواء والقمرُ

يمينك البحر في الأرواء والمطرُ

وظلّك الحرم المحفوظ ساكنه

وبابك الركن للقصّاد والحجَرُ

وسيبك الرِّزق مضمونٌ لكلِّ فمٍ

وسيفك الأجل الجاري به القدَرُ

أنت الهمام بل البدر التَّمام بل السـ

ـيف الحسام بل الصّارم الذَّكرُ

وأنت غيث الأنام المستغاث به

إذا أغارت على إبنائها الغِيرُ

وله في الغزل:

أريّا شمال ؟! أم نسيم من الصَّبا

أتانا طُروقاً ؟! أم خيال لزينبا ؟!

أم الطالع المسعود الطالع اُرضنا

فاطلع فيها للسعادة كوكبا ؟!

قال أبو علي [ المترجَم ]:رأيت إبن هودار في المنام بعد موته فقلت له:

لقد تحوَّلتَ من دارٍ إلى دارِ

فهل رأيت قراراً يا بن هودارِ ؟!

قال:فأجابني:

لا بل وجدت عذاباً لا انقطاع له

مدى الليالي وربّاً غير غفّارِ

ومنزلاً مظلماً في قعر هاوية

قرنتُ فيها بكفّار وفُجّارِ

فقل لأهليَ:موتوا مسلمين فما

للكافرين لدى الباري سوى النارِ

وولده أبو حفص عمر كان فقيهاً فاضلاً أديباً توفّي في شعبان سنة اثنتين و ثلاثين وخمسمائة(٢)

____________________

١ - الحسر:الكشف:تحسر:تكشف.

٢ - معجم الادباء ج ٩ ص ١٩١ - ١٩٨ من الطبعة الاخيرة.

٣٠١

ألقرن الخامس

٤١

ابو العلا المعر ى

ألمولود ٣٦٣، ألمتوفّى ٤٤٩

أدنياي اذهبي وسواي أمِّي

فقد ألممت ليتكِ لم تلمّي

وكان الدَّهر ظرفاً لا لحمدٍ

تُؤهِّله العقول ولا لذَمِّ

وأحسب سانح الأزميم نادى

ببين الحيِّ في صحراء ذِمِّ(١)

إذا بكرٌ جنى فتوقّ عمراً

فإنّ كليهما لأبٍ واُمِّ

وخف حيوان هذي الأرض واحذر

مجيء النطح من رَوق وجُمِّ(٢)

وفي كلِّ الطباع طباع نكز

وليس جميعهنَّ ذوات سُمِّ

وما ذنب الضراغم حين صيغت

وصيَّر قوتها ممّا تدمّي

فقد جبلت على فرس وضرس

كما جبل الوفود على التنمّي

ضياءٌ لم يبن لعيون كمه

وقول ضاع في آذان صُمِّ

لعمرك ما أسرّ بيوم فطر

ولا أضحى ولا بغدير خمَّ

وكم أبدى تشيّعه غويٌّ

لأجل تنسّبٍ ببلاد قمِّ

ما يتبع الشعر والشاعر

هذه الأبيات من قصيدة لأبي العلاء توجد في لزوم ما لا يلزم ج ٢ ص ٣١٨ قال شارحه المصري:( غدير خم ) بين المدينة ومكّة على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق ويشير أبو العلاء بقوله:ولا أضحى.

إلى التشيّع لعليّ ففيه قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليٍّ رضي الله عنه منصرفه من حجَّة الوداع:مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه،أللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، والشيعة يقصدون هذا المكان ولذلك قال شاعرهم:

____________________

١ - أزميم:ليلة من ليالى المحاق. والهلال إذا دق في آخر الشهر واستقوس. دم:الهلاك.

٢ - الروق. ألقرن من كل ذي قرن. جم جمع الاجم:الكبش لا قرن له.

٣٠٢

ويوماً بالغدير غدير خمّ(١)

أبان له الولاية لو اُطيعا

كان حقّاً علينا أن ننوِّه بذكر هذه الأبيات في الجزء الأوَّل عند ذكر عيد الغدير كما كان لنا أن نذكر كلام من علّق عليها في طبقات رواة حديث الغدير فإذ فاتنا العثور عليها هنالك استدركناه هيهنا.

وقد كثر المترجمون لأبي العلاء المعري حتّى عاد أمره ورفعة مقامه في الأدب من أجلى الواضحات، وإنَّ ديوانه بمفرده أجلُّ شاهد على نبوغه، وأوسع تراجمه وأحسنها ما ألَّفه الصاحب كمال الدين عمر بن أحمد بن العديم الحلّي المتوفّى ٦٦٠ و سمّاه [ كتاب الإنصاف والتحرّي في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعرّي ] وقد طبع ملخّصه في الجزء الرّابع من تاريخ حلب ج ٤ ص ٧٧ - ١٨٠.وإليك فهرسته.

ذكر نسبه وترجمة رجال اُسرته ص ٨٠ - ١٠١

مولده ومنشأه وعماه ص ١٠١ - ١٠٤

إشتغاله بالعلم ومشايخه ص ١٠٤ - ١٠٦

ألرواة عنه والقّراء عليه وكتّابه ص ١٠٦ - ١١٣

تآليفه ورسائله وهي تربو على ٦٥ رسالة ص ١١٣ - ١٢٥

رحلته إلى بغداد وعوده إلى معرة ص ١٢٥ - ١٣٢

ذكاءه وفطنته ص ١٣٢ - ١٤٤

حرمته عند الملوك والخلفاء والاُمراء ص ١٤٤ - ١٥١

كرمه وجوده على قلة ماله ص ١٥١ - ١٥٣

إباء نفسه وعفَّتها ص ١٥٣ - ١٥٤

فصلٌ من كتابه [ الفصول والغايات ] ص ١٥٤ - ١٥٨

أبو العلاء عند الملوك ص ١٥٨ - ١٦٣

ذكر من قال بفساد عقيدته ودلائله عليه ص ١٦٣ - ١٦٦

ذكر من قال بصحَّة عقيدته ص ١٦٦ ذكر وفاته ومراثيه ص ١٦٦ - ١٦٩

القول الفصل في حسن اعتقاده والشواهد عليه ص ١٦٩ - ١٨٠

____________________

١ - هذا البيت من هاشميات الكميت وفيه تصحيف والصحيح كما مر في الجزء الثاني ص ١٨٠:

ويوم الدوح دوح غدير خم

أبان له الولاية لو اطيعا

٣٠٣

ألقرن الخامس

٤٢

ألمؤيد في الدين

ألمتوفّى ٤٧٠

قال والرَّحل لِلسّرى محمولُ:

حُقَّ منك النّوى وجدَّ الرَّحيلُ

وعدا الهزلُ في القطيعة جدَّاً

ما كذا كان منك لي المأمولُ

قلتُ والقلب حسرةً يتقلّى

وعلى الخدِّ دمع عيني يسيلُ

:بأبي أنت ما اقتضى البين إلّا

قدرٌ ثمَّ عهدُك المستحيلُ

كم وكم قلت:خلّني يا خليلي

من جفاء منه الجبال تزولُ ؟!

إنمَّا أمره لديك خفيفٌ

وهو ثقلٌ على فؤادي ثقيلُ

إنّك السالم الصحيح وإنّي

من غرامٍ بك الوقيذ(١) العليلُ

قال:قد مرَّ ذا فهل من مُقام

عندنا ؟ قلتُ:ما إليه سبيلُ

قال:إنّي لدى مُرادك باقٍ

قلت:ما إن تفي بما قد تقولُ

قال:أضرمتَ في الحشى نار شوق

حرُّ أنفاسها عليها دليلُ

قلتُ:حسبي الذي لقيت هوانا

فلقاء الهوان عندي يهولُ

فقبيحٌ بيَّ التَّصابي وهذا

عسكر الشَّيب فوق رأسي نزولُ

* * *

إنَّ أمر المعاد أكبر همَّي

فاهتمامي بما عداهُ فضولُ

كثر الخائضون بحر ظلامٍ

فيه والمؤنسو الضياء قليلُ

قال قومٌ:قُصرى الجميع التلاشي

فئةٌ منتهاهمُ التَّعطيلُ

وأدّعى الآخرون نسخاً وفسخاً

ولهم غير ذاك حشوٌ طويلُ

وأبوا بعد هذه الدّار داراً

نحوها كلُّ مَن يؤولُ يَؤولُ

____________________

١ - ألوقيذ:ألشديد المرض، ألمشرف على الموت.

_١٩_

٣٠٤

لم يروا بعدها مَقامَ ثوابٍ

وعقابٍ لهم إليه وُصولُ

فالمثابون عندهم مُترفوهم

ولذي الفاقة العذابُ الوبيلُ

قال قومٌ وهم ذوو العدد الجـ

ـمَّ:لنا الزَّنجبيل والسَّلسبيلُ

ولنا بعد هذه الدّار دارٌ

طاب فيها المشروب والمأكولُ

ولكلٍّ من المقالاتٍ سوقٌ

وإمامٌ ورايةٌ ورَعيلُ

ما لهم في قَبيل عقلٍ كلام

لا ولا في حِمَي الرَّشاد قَبولُ

اُمّةٌ ضيَّع الأمانةَ فيها

شيخها الخامل الظَّلوم الجهولُ

بئس ذاك الإنسان في زُمر الأنس

وشيطانه الخَدوعُ الخذولُ

فهم التائهون في الإرض هلكا

عقدُ دين الهُدى بهم محلولُ

نكسوا ويلهم ببابلَ جهراً

جُملٌ ذا وراءَها تفصيلُ

مُنعوا صفو شربةٍ من زُلالٍ

ليس إلّا بذاك يشفى الغليلُ

ملَّكوا الدِّين كلَّ اُنثى وخُنثى

وضعيفٍ بغير بأسٍ يصولُ

إلى أن قال:

لو أرادوا حقيقة الدِّين كانوا

تبعاً للذي أقام الرَّسولُ

وأتت فيه آيةُ النصِّ بلِّغ

يوم ( خُمٍّ ) لمّا أتى جبريلُ

ذا كمُ المرتضى عليٌّ بحقٍّ

فبعلياه ينطق التَّنزيلُ

ذاك برهان ربِّه في البرايا

ذاك في الأرض سيفه المسلولُ

فأطيعوا جحداً أولي الأمر منهم

فلهم في الخلائق التَّفضيلُ

أهل بيتٍ عليهمُ نزل الذِّكـ

ـرُ وفيه التَّحريمُ والتَّحليلُ

هم أمانٌ من العمى وصراطٌ

مستقيمٌ لنا وظِلٌّ ظليلُ

ألقصيدة ٦٧ بيتاً(١)

٢

وله من قصيدة ذات ٥١ بيتاً توجد في ديوانه ص ٢٤٥، أوّلها:

نسيم الصَّبا ألمِمْ بفارسَ غاديا

وأبلغ سلامي أهل وُدّي الأزاكيا

يقول فيها:

____________________

١ - ديوان المؤيد ص ٢١٥ - ٢١٨.

٣٠٥

فلهفي على أهلي الضِّعاف فقد غدوا

لِحدِّ شفار النائباك أضاحيا

فيا ليت شِعري مَن يُغيث صريخهم

إذا ما شكوا للحادثات العواديا ؟!

ويا ليت شعري كيف قد أدرك العدى

بتفريق ذات البين فينا المباغيا ؟!

أ إخواننا صبراً جميلاً فإنَّني

غدوت بهذا في رضى الله راضيا

وفي آل طه إن نُفيتُ فإنّني

لأعدائهم ما زلتُ والله نافيا

فما كنتُ بدعاً في الأولى فيهم نُفوا

ألا فخَر أن أغدو ( لجندب ) ثانيا ؟!

لئن مسَّني بالنّفي قُرحٌ فإنّنيٍ

بلغتُ به في بعض همّي الأمانيا

فقد زُرتُ في ( كوفان ) للمجد قبَّةً

هي الدين والدنيا بحقّ كما هيا

هي القُبَّة البيضاء قُبَّة ( حيدر )

وصيّ الذي قد أرسل الله هاديا

وصيّ النبيّ المصطفى وابن عمِّه

ومن قام مولى في ( الغدير ) وواليا

ومَن قال قومٌ فيه قولاً مُناسباً

لقول النّصارى في المسيح مُضاهيا

فيا حبّذا التطواف حول ضريحه

اُصلّي عليه في خشوع تواليا

و واحبّذا تعفير خدَّيّ فوقه

ويا طيب إكبابي عليه مناجيا

اُناجي وأشكو ظالمي بتحرُّقٍ

يثير دموعاً فوق خدّي جواريا

وقد زرت مثوى الطهر في أرض كربلا

فدَت نفسيَ المقتول عطشان صاديا

( ألقصيدة )

٣

وله من قصيدة ذات ٦٠ بيتاً توجد في ديوانه ص ٢٥٦ مستهلّها:

ألا ما لهذي السَّما لا تمورُ

وما للجبال تُرى لا تسيرُ ؟!

وللشمس ما كوَّرت والنجوم

تضيئ وتحت الثرى لا تغورُ ؟!

وللأرض ليست بها رجفة

وما بالها لا تفور البحورُ ؟!

وما للدما لا تُحاكي الدموع

فتجري لتبتلّ منها النحورُ ؟!

أتبقى القلوب لنا لا تُشقّ

جوى ولو أن القلوب الصخورُ ؟!

ليومٍ ببغداد ما مثله

عبوسٌ يراه امرؤٌ قمطريرُ

وقد قام دجّالها أعورٌ

يحفُّ به من بني الزّورعورُ

فلا حَدبٌ منه لا ينسلون

ولا بقعةٌ ليس فيها نفيرُ

٣٠٦

يرومون آل نبيِّ الهدى

لِيردى الصغير ويفنى الكبيرُ

لتنهب أنفس أحيائهم

وتُنبش للميّتين القبورُ

ومن نجل ( صادق آل العبا )

ينال الذي لم ينله الكفورُ

( فموسى ) يُشقّ له قبره

ولمّا أتى حشره والنشورُ

ويُسعر بالنار منه حريمٌ

حرامٌ على زائريه السَّعيرُ

وتُقتل شيعة آل الرَّسول

عتوّاً وتُهتك منهم ستورُ

فواحسرتا لنفوس تسيل

ويا غمَّتا لرؤوس تطيرُ

وما نقموا منهمُ غير أنَّ

وصيّ النبيّ عليهم أميرُ

كما العذر في غدرهم بغضهم

لمن فرض الحب فيه ( الغديرُ )

فيا اُمّةً عاث فيها الشقاء

فوجه نهارِ هُداها قتيرُ

وشافعها خصمها في المعاد

لها الويل من ربّها والثبورُ

قتلتم حسينا لملك العراق

وقلتم أتاكم له يستثيرُ

فما ذنب موسى الذي قد محت

معالمه في ثراه الدهورُ ؟!

وما وجه فعلكمُ ذابه ؟!

لقد غرَّكم بالإ~له الغرورُ

أيا شيعة الحقِّ! طاب الممات

فيا قوم ! قوموا سراعاً نثورُ

فإمّا حياةٌ لنا في القصاص

وإمّا إلى حيث صاروا نصيرُ

أ آل المسيِّب ما زلتمُ

عشيرَ الولاء فنعم العشيرُ

ويا آل عوفٍ غيوث المُحول

ليوثاً إذا كاع ليثٌ هصورُ

أآل النّهى والندى والطعان

وحزب ألطلى حين حرّ الهجيرُ

أصبراً على الخسف ؟ لا همكم

دنيٌّ ولا الباع منكم قصيرُ

أتُهتك حرمة آل النبيِّ

وفي الأرض منكم صبيٌّ صغيرُ؟!

وقبر ابن صادق آل الرَّسول

يُمسُّ بسوءٍ وأنتم حضورُ؟!

ولمّا تخوضوا بحار الرَّدى

وفي شَعبه تنجدوا أو تغوروا

لقد كان يوم الحسين المُنى

فتُفدى نفوسٌ وتُشفى صُدورُ

فهذا لكم عاد يوم الحسين

فماذا القصور؟! وماذا الفتورُ؟!

٣٠٧

فمدّوا الذراع وحدّوا القراع

فيوم النواصب منكم عسيرُ

وولّوا ( ابن دمنة ) أعماله

تبور كما المكر منه يبورُ

فقتلاً بقتلٍ وثكلاً بثكل

ذروه تجزُّ عليه الشعورُ

ألقصيدة

( ما يتبع الشعر )

هذه القصيدة نظمها شاعرنا المؤيَّد في فتنة بغداد الهائلة الواقعة سنة ٤٤٣ يلفظ نفثات لوعته من تلكم الفظايع التي أحدثتها يد العداء المحتدم على اهل بيت الوحي وشيعتهم يوم شنّت الغارة على مشهد الإمام الطاهر موسى بن جعفر ومشاهد أوليائه المدفونين في جوار أمنه وحرم قدسه.

قال ابن الأثير في الكامل ٩:٢١٥:وكان سبب هذه الفتنة أنَّ أهل الكرخ شرعوا في عمل باب المساكين وأهل القلائين في عمل ما بقي من باب مسعود ففزع أهل الكرخ وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب:محمّد وعليّ خير البشر. وأنكر السنَّة ذلك وادَّعوا:انّ المكتوب محمّد وعليّ خير البشر، فمَن رضي فقد شكر، ومَن أبى فقد كفر. وأنكر أهل الكرخ الزيادة وقالوا:ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العبّاسيّين، ونقيب العلويّين وهو عدنان(١) ابن الرضي لكشف الحال وإنهائه فكتبا بتصديق قول الكرخيِّين فأمر حينئذ الخليفة ونوّابُ الرحيم بكفّ القتال فلم يقلبوا، وانتدب إبن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبد الصَّمد بحمل العامّة على الاغراق في الفتنة، فأمسك نوّابُ الملك الرحيم عن كفَهم غيظاً من رئيس الرؤساء(٢) لميله إلى الحنابلة، و

____________________

١ - الشريف عدنان هو ابن الشريف الرضي المترجم في هذا الجزء صفحة ١٨١ ولي النقابة بعد وفاة عمه الشريف المرتضى المترجم في هذا الجزء ٢٦٤. واستمر إلى أن توفي ببغداد سنة ٤٤٩.

٢ - ابو القاسم ابن المسلمة على بن الحسن بن أحمد وزير القائم بامر الله مكث في الوزارة اثنتي عشرة سنة وشهرا، قتله البساسيري سنة ٤٥٠. قال ابن كثير في تاريخه ١٢:٦٨:كان كثير الاذية للرافضة، الزم الروافض بترك الأذان بحي على خير العمل، وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح بعد حي على الفلاح:الصلاة خير من النوم. مرتين. وأزيل ما كان على أبواب المساجد ومساجدهم من كتابة:محمد وعلي خير البشر. وأمر رئيس الرؤساء بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض لما كان تظاهر به من الرفض والغلو فيه فقتل على باب دكانه، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره.

٣٠٨

منع هذه السنة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ، وكان نهر عيسى قد انفتح بثقه(١) فعظم الأمر عليهم، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف وصبّوا عليه ماء الورد ونادوا:ألماء للسبيل. فأغروا بهم السنّة وتشدَّد رئيس الرؤساء على الشيعة فمحوا:خير البشر. وكتبوا:عليهما السَّلام.فقالت السنّة:لا نرضى إلّا أن يقلع الآجر الذي عليه محمَّد وعليّ، وأن لا يؤذَّن حيّ على خير العمل. وامتنع الشيعة من ذلك ودام القتال إلى ثالث ربيع الأوَّل وقتل فيه رجلٌ هاشميٌّ من السنّة فحمله أهله على نعش وطافوا به في الحربّية وباب البصرة وسائر محالّ السنّة واستنفروا الناس للأخذ بثاره ثمَّ دفنوه عند أحمد بن حنبل، وقد اجتمع معهم خلقٌ كثيرٌ أضعاف ما تقدَّم، فلمّا رجعوا من دفنه قصدوا باب مشهد التبن(٢) فاُغلق بابه فنقبوا في سورها وتهدَّدوا البوّاب فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضَّة وستور وغير ذلك، ونهبوا ما في الترب والدور، و أدركهم الليل فعادوا، فلمّا كان الغد كثر الجمع فقصدوا المشهد وأحرقوا جميع الترب والآزاج واحترق ضريح موسى(٣) وضريح إبن إبنه محمَّد بن عليّ والجوار والقبَّتان السّاج اللّتان عليهما، واحترق ما يُقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بويه معزّ الدولة وجلال الدولة ومن قبور الوزراء والرؤساء وقبر جعفر بن ابي جعفر المنصور، وقبر الأمين محمَّد بن الرَّشيد، وقبر امِّه زبيدة، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله، فلمّا كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمَّد بن علي لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر، فجاء الحفر إلى جانبه، وسمع أبو تمام نقيب العبّاسيّين وغيره من الهاشميّين والسنّة الخبر فجاؤا ومنعوا عن ذلك، وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيّين فنهبوه وقتلوا

____________________

١ - انفتح بثقه:اى كسر سده. بثق السيل:أي خرق وشق.

٢ - باب التبن:اسم محلة كبيرة ببغداد على الخندق وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل ويلصق هذا الموضع في مقابر قريش التي فيها قبر موسى الكاظم، ويعرف قبره بمشهد باب التبن. معجم.

٣ - الامام الطاهر موسى بن جعفر الكاظم، وحفيده الامام الجواد محمد بن علي بن موسى سلام الله عليهم.

٣٠٩

مدرِّس الحنفيّة أبا سعد السَّرخسي، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء، وتعدّت الفتنة إلى الجانب الشرقي فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والأساكفة وغيرهم، ولمّا انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد عظم عليه واشتدّ وبلغ منه كلّ مبلغ لأنّه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلك الولاية كلّهم شيعة فقطعت في أعماله خطبة الإمام القائم بأمر الله فروسل في ذلك وعوتب فاعتذر بأنَّ أهل ولايته شيعة واتَّفقوا على ذلك فلم يمكنه أن يشقّ عليهم كما أنَّ الخليفة لم يمكنه كفّ السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلى حالها.

وزاد إبن الجوزي في المنتظم ٨:١٥٠:ظهر عيار الطقطقي من أهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب وجرى منه في معاملة أهل الكرخ وتتبّعهم في المحال و قتلهم على الإتِّصال ما عظمت فيه البلوى، وأجتمع أهل الكرخ وقت الظهيرة فهدمت حائط باب القلائين ورموا العذرة على حائطه وقطع الطقطقي رجلين وصلبهما على هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رؤسهم ورمى بها إلى أهل الكرخ وقال:تغدوا برؤس.ومضى إلى درب الزعفراني فطالب أهل بمائة ألف دينار وتوعّدهم إن لم يفعلوا بالإحراق فلاطفوه فانصرف، ووافاهم من الغد فقاتلوه فقُتل منهم رجلٌ هاشميٌّ فحمل إلى مقابر قريش.

واستنفر البلد ونقب مشهد باب التين ونهب ما فيه واُخرج جماعة من القبور فأحرقوا مثل العوني(١) والناشي(٢) والجذوعي، ونقل من المكان جماعة موتى فدفنوا في مقابر شتّى وطرح النار في الترب القديمة والحديثة، واحترق الضَّريحان والقبَّتان السّاج، وحفروا أحد الضريحين ليخرجوا مَن فيه ويدفنونه بقبر أحمد، فبادر النقيب والناس فمَنعوهم. إلخ.

وذكر القصَّة على الإختصار إبن العماد في شذرات الذهب ٣:٢٧٠، وإبن كثير في تاريخه ١٢:٦٢.

____________________

١ - في المنتظم:العوفي:والصحيح:العوني كما في الشذرات. وقد مرت ترجمة العوني في هذا الجزء ص ١٢٤ - ١٤١.

٢ - هو علي بن الوصيف احد شعراء الغدير مر ذكره في هذا الجزء ص ٢٤ - ٣٣.

٣١٠

( ألشاعر )

هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي المؤيَّد في الدين داعي الدُّعاة، أوحديٌّ من حملة العلم، وفذٌ من أفذاذ الاُمّة، وعبقريٌّ من جِلّة أعلام العلوم العربيَّة، نابغةٌ من نوابغ الأدب العربيّ، وله نصيبه الوافر من القريض بلغة الضّاد وإنُ ولد في قاعة الفرس ونشأ في مهدها، كان من الدُّعاة إلى الفاطميَّة منذ بلغ أشدّه في كلِّ حاضرة حلّ بها، وله في تلك الدَّعوة خطوات واسعة، وهو كما وصف نفسه للمستنصر بالله بقوله في سيرته ص ٩٩:وأنا شيخ هذه الدعوة ويدها ولسانها ومَن لا يُماثلني أحدٌ فيها.وقد كابد دون تلك الدعوة كوارث، وقاسى نوازل ملمّة، وعانى شدائد فادحة، غير أنّه كان يستخفُّ وراثها كلّ هامّة ولامّة، ولم يك يكترث لأيّ نازلة.

ولد بشيراز حوالي سنة ٣٩٠ كما يظهر من شعره، وبها شبَّ ونما إلى أن غادرها سنة ٤٢٩ ويمَّم الأهواز وفارق مسقط رأسه خائفا يترقَّب فَرقاً من السلطان أبي كاليجار بعد ما جرى بينه وبين الملك ما يورث البغضاء، وما تأتّى له إقتناء مرضاته بارجوزته ( المسمطة ) في ١٥٣ بيتاً ذكرها في سيرته ص ٤٨ - ٥٤ فنزل الأهواز غير أنَّ هواجسه ما حدَّثته بالطمأنينة إلى الأمن من غيلة الملك فهبط حلة منصور بن الحسين الأسدي الذي ملك الجزيرة الدبيسيَّة بجوار خوزستان، ومكث هنالك نحو سبعة أشهر، ثمَّ اتَّجه إلى قرواش أبي المنيع إبن المقلد أمير بني عقيل صاحب الموصل والكوفة و الأنبار، فلمّا لم يجده آخذاً بناصره في دعوته سار إلى مصر بعد سنة ٤٣٦ وقبل سنة ٤٣٩ ومكث فيها ردحا من الزمن إلى أن غدا وله بعض النفوذ في البلاد، فسيِّر إلى الشام باقتراح الوزير عبد الله بن يحيى بن المدبر، ثمَّ عاد إلى مصر بعد مدَّة، فقطن فيها بقيّة حياته إلى أن توفّي بها سنة ٤٧٠.

وللمؤيَّد آثار علميّة تنمّ عن طول باعه في الحجاج والمناظرة، وعن سعة اطلاعه على معالم الدين ومباحثه الراقيّة، وتضلّعه في علمي الكتاب والسنَّة ووقوفه على ما فيهما من دقائق ورقائق، له رسائل ناظر بها أبا العلاء المعرّي في موضوع أكل اللحم، نشرت في مجلة ( الجمعيّة الملكيّة الآسيويّة ) سنة ١٩٠٢ م. ومناظرته القيِّمة مع علماء شيراز

٣١١

في حضرة السلطان أبي كاليجار تعرب عن مبلغه من العلم، ذكرها على تفصيلها في سيرته ص ١٦ - ٣٠.

ومناظرته مع الخراساني المذكورة في سيرته ص ٣٠ - ٤٣ شاهد صدق على تضلّعه في العلوم وذُكر للمؤيّد من التأليف.

١ - المجالس المؤيّدية.

٢ - المجالس المستنصريّة.

٣ - ديوان المؤيّد.

٤ - سيرة المؤيّد.

٥ - شرح العماد.

٦ - ألايضاح والتبصير في فضل يوم الغدير.

٧ - ألابتداء والإنتهاء.

٨ - جامع الحقائق في تحريم اللحوم والألبان.

٩ - ألقصيدة الإسكندريَّة وتسمّي أيضاً بذات الدوحة.

١٠ - تأويل الأرواح.

١١ - نهج العبارة.

١٢ - المسائلة والجواب.

١٣ - أساس التأويل. وفي نسبة غير واحد من هذه الكتب إلى مترجمنا المؤيّد نظر وللبحث فيه مجالٌ واسع.

توجد ترجمة شاعرنا المترجم له بقلمه في كتاب أفرده في سيرته بين سنة ٤٢٩ وسنة ٤٥٠، وهو المصدر الوحيد للباحثين عن ترجمته طبع بمصر في ١٨٤ صحيفة، وللأستاذ محمّد كامل حسين المصري بكليّة الآداب دراسة ضافية حول حياة المترجَم بحث عنها من شتّى النواحي في ١٨٦ صحيفة(١) وجعلها تقدمة لديوانه المطبوع بمصر، ففي الكتابين مقنع وكفاية عن التبسّط في ترجمة المؤيّد(٢)

____________________

١ - فيها مواقع للنظر عند ما نهى سيره الى الاراء المذهبية.

٢ - المؤيد شعره وترجمته من أولها الى آخرها من ملحقات الطبعة الثانية.

٣١٢

ألقرن الخامس

٤٣

الجبرى المصر ى

يا دار غادرني جديد بلاكِ

رثّ الجديد فهل رثيت لذاكِ؟!

أم أنت عمّا أشتكيه من الهوى

عجماء مذ عجم البلى مغناكِ ؟!

ضفناك نستقري الرسوم فلم نجد

إلّا تباريح الهموم قِراكِ

ورسيس شوقٍ تمتري زفراته

عبراتنا حتّى تبلّ ثراكِ

ما بال ربعكِ لا يبلُّ ؟ كأنَّما

يشكو الذي أنا من نحولي شاكِ

طلّت طلولك دمع عيني مثلما

سفكت دمي يوم الرَّحيل دماكِ

وأرى قتيلك لا يَديهِ قاتلٌ

وفتور ألحاظ الظباء ظباكِ

هيّجت لي إذ عجت ساكن لوعة

بالساكنيك تشبّها ذكراكِ

لمّا وقنت مسلّماً وكأنَّما

ريّا الأحبَّة سقت من ريّاكِ

وكفت عليك سماء عيني صيِّباً

لو كفّ صوب المزن عنك كفاكِ

سقياً لعهدي والهوى مقضيَّةٌ

أوطاره قبل احتكام نواكِ

والعيش غضُّ والشباب مطيَّةٌ

للّهو غير بطيئة الادراكِ

أيّام لاواشٍ يُطاع ولا هوًى

يُعصى فنقصى عنك إذ زرناكِ

وشفيعنا شرخ الشبيبة كلّما

رمنا القصاص من اقتناص مهاكِ

ولئن أصارتك الخطوب إلى بلى

ولحاك ريب صروفها فمحاكِ

فلطالما قضَّيتُ فيك مآربي

وأبحت ريعان الشَّباب حماكِ

ما بين حور كالنجوم تزيَّنت

منها القلائد للبدور حواكي

هيف الحصور من القصور بدت لنا

منها الأهلّة لا من الأفلاكِ

يجمعن من مرح الشبيبة خفَّة الـ

ـمتغزِّلين وعفَّة النّساكِ

ويصدن صادية القلوب بأعينٍ

نجلٍ كصيد الطير بالاشراكِ

٣١٣

من كلِّ مخطفة الحشا تحكي الرشا

جيداً وغصن البان لين حراكِ

هيفاء ناطقة النطاق تشكّياً

من ظلم صامتة البُرين ضناكِ(١)

وكأنَّما من ثغرها من نحرها

درٌّ تباكره بعود أراكِ

عذب الرُّضاب كأنَّ حشو لثاتها

مسكاً يعلُّ به ذرى المسواكِ

تلك التي ملكت عليَّ بدلَّها

قلبي فكانت أعنف الملّاكِ

إنَّ الصّبى يا نفس عزَّ طلابه

ونهتك عنه واعظات نهاكِ

والشيب ضيفٌ لا محالة مؤذنٌ

برداك فاتَّبعي سبيل هداكِ

وتزوَّدي من حبِّ آل محمَّد

زاداً متى أخلصته نجّاكِ

فلنعم زادٌ للمعاد وعدّةٌ

للحشر إن علقت يداك بذاكِ(٢)

وإلى الوصيِّ مهمُّ أمرك فوِّضي

تصلي بذاك إلى قصيِّ مناكِ

وبه ادرئي في نحر كلِّ ملمَّة

وإليه فيها فاجعلي شكواكِ

وبحبِّه فتمسَّكي أن تسلكي

بالزيغ عنه مسالك الهلّاكِ

لا تجهلي وهواه دأبك فاجعلي

أبداً وهجر عداه هجر قلاكِ

فسواءٌ انحرف امرؤٌ عن حبِّه

أو بات منطوياً على الاشراكِ

وخذي البرائة من لظى ببراءة

من شانئيه وامحضيه هواكِ

وتجنبيَّ إن شئت أن لا تعطبي

رأي ابن سلمى فيه وابن صهاكِ

وإذا تشابهت الاُمور فعوِّلي

في كشف مشكلّها على مولاكِ

خير الرجال وخير بعل نساءها

والأصل والفرع التقيّ الزاكي

وتعوَّذي بالزَّهر من أولاده

من شرِّ كلِّ مُضلّل أفّاكِ

لا تعدلي عنهم ولا تستبدلي

بهمُ فتحظى بالخسار هناك

فهمُ مصابيح الدُّجى لذوي الحجى

والعروة الوثقى لذي استمساكِ

وهم الأدلَّة كالأهّلة نورها

يجلو عمى المتحيِّر الشكّاكِ

وهم الصِّراط المستقيم فأرغمي

بهواهمُ أنف الذي يلحاكِ

____________________

١ - ألبرين بالضم جمع بره:الخلخال.

٢ - للحشران ظفرت بذاك يداك. كذا في نسخة.

٣١٤

وهم الأئمَّة لا إمام سواهمُ

فدعي لِتيم وغيرها دعواكِ

يا اُمَّة ضلّت سبيل رشادها

إنَّ الذي استرشدته أغواكِ

لئن ائتمنت على البريَّة خائناً

للنفس ضيَّعها غداة رعاكِ

أعطاك إذ وّطاك عشوة رأيه

خدعاً بحبل غرورها دّلاكِ

فتبعته وسخيف دينك بعته

مغترَّةً بالنزر من دنياكِ

لقد اشتريت به الضَّلالة بالهدى

لَمَّا دعاكِ بمكره فدهاكِ

وأطعته وعصيت قول محمَّد

فيما بأمر وصيِّه وصّاكِ

خلّفت واستخلفت من لم يرضه

للدين تابعة هوًى هوّاكِ

خلت اجتهادك للصَّواب مؤدِّياً

هيهات من أدّاك بل أرداكِ

لقد إجتريت على اجتراح عظيمةً

جعلت جهنَّم في غدٍ مثواكِ

ولقد شققت عصا النبيِّ محمَّد

وعققت من بعد النبيَّ أباكِ

وغدرت بالعهد المؤكّد عقده

يوم ( الغدير ) له فما عذراكِ

فلتعلمنّ وقد رجعت به على الأ

عقاب ناكصةً به على عقباكِ

أعن الوصيِّ عدلت عادلةً به

مَن لا يساوي منه شسع شراكِ ؟!

ولتسألنَّ عن الولاء لحيدر

وهو النعيم شقاكِ عنه ثناكِ(١)

قست المحيط بكلِّ علمٍ مشكلٍ

وعرٍ مسالكه على السُلّاكِ

بالمعتريه - كما حكي - شيطانه

وكفاه عنه بنفسه من حاكي

والضارب الهامات في يوم الوغى

ضرباً يقدُّ به إلى الأوراكِ

إذ صاح جبريلٌ به متعجِّباً

من بأسه وحسامه البتّاكِ

لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتّى

إلّا عليُّ فاتك الفتّاكِ

بالهارب الفرّار من أقرانه

والحرب يذكيها قناً ومذاكي

والقاطع الليل البهيم تهجّداً

بفؤاد ذي روع وطرفٍ باكي

بالتارك الصَّلوات كفراناً بها

لولا الرياء لطال ما راباكِ

أبعد بهذا من قياسٍ فاسدٍ

لم تأت فيه امَّةٌ مأتاكِ

____________________

١ - ثناك عنه شقاك. كذا في نسخة.

٣١٥

أوَ ما شهدت له مواقف أذهبت

عنك اعتراك الشك حين عراكِ ؟!

من معجزات لا يقوم بمثلها

إلّا نبيُّ أو وصيُّ زاكي

كالشمس إذ رُدَّت عليه ببابل

لقضاء فرض فائت الإدراكِ

والريح إذ مرَّت فقال لها:احملي

طوعاً وليّ الله فوق قواكِ

فجرت رجاء بالبساط مطيعة

امر الإ~له حثيثة الايشاكِ(١)

حتّى إذا وافى الرقيم بصحبه

ليزيل عنه مرية الشكّاكِ

قال:السَّلام عليكُم فتبادروا

بالردِّ بعد الصّمت والإمساكِ

عن غيره فبدت ضغاين صدر ذي

حنقٍ لستر نفاقه هتّاكِ

والميت حين دعا به من صرصر

فأجابه وأبيت حين دعاكِ

لا تدّعي ما ليس فيكِ فتندمي

عند امتحان الصِّدق من دعواكِ

والخفُّ والثعبان فيه آيةٌ

فتيقّظي يأويكِ من عمياكِ

والسَّطل والمنديل حين أتى به

جبريل حسبكِ خدمة الأملاكِ

ودفاع أعظم ما عَراك بسيفه

في يوم كلِّ كريهة وعِراكِ

ومقامه - ثبت الجنان - بخيبر

والخوف إذ ولّيتِ حشو حشاكِ

والباب حين دحى به عن حصنهم

سبعين باعاً في فضا ؟ دكداكِ

والطائر المشويُّ نصُّ ظاهرٌ

لولا جحودك ما رأت عيناكِ

والصخرة الصمّا وقد شفَّ الظما

منها النفوس دحى بها فسقاكِ

والماء حين طغى الفرات فأقبلوا

ما بين باكيةٍ إليه وباكي

قالوا:أغثنا يا بن عمِّ محمَّد

فالماء يُؤذننا بوشك هلاكِ

فأتى الفرات فقال:يا أرض ابلعي

طوعاً بأمر الله طاغي ماكِ

فأغاضه حتّى بدت حصباؤه

من فوق راسخة من الأسماكِ

ثمَّ استعادوه فعاد بأمره

يجري على قدَر، ففيم مراكِ ؟!

مولاكٍ راضيةً وغضبي فاعلمي

سيّان سخطك عنده ورضاكٍ

____________________

١ - وفي نسخة:

فغدت رخاء بالبساط مطيعة

أمر الاله حثيثة الادراك

٣١٦

يا تيم تيَّمك الهوى فأطعته

وعن البصيرة يا عديُّ عداكِ

ومنعتِ إرث المصطفى وتراثه

ووليته ظلماً، فمن وَلاّكِ ؟!

وبسطت أيدي عبد شمس فاغتدتْ

بالظلم جاريةً علىِ مغناكِ

لا تحسبيكِ بريئةً ممّا جرى

والله ما قتل الحسينَ سواك ِ

يا آل أحمد كم يكابد فيكُم

كبدي خطوباً للقلوب نواكي

كبدي بكم مقروحةٌ ومدامعي

مسفوحةٌ وجوى فؤادي ذاكي

وإذا ذكرتُ مصابكم قال الأسى

لجفوني:اجتنبي لذيد كراكِ

وابكي قتيلاً بالطفوف لأجله

بكت السَّماء دماً فحقَّ بكاك

إن تبكهم في اليوم تلقاهم غداً

عيني بوجهٍ مسفرٍ ضحّاكِ

يا ربّ فاجعل حبّهم ليُ جنَّةً

من موبقات الظلم و الإشراك

واجبر بها الجبري ربّ وبرّه

من ظالمٍ لدمائهم سفّاكِ

وبهم إذا أعداء آل محمَّد

غلقت رهونهمُ - فجد بفكاكِ(١)

( ألشاعر )

إبن جبر المصري أحد شعراء مصر على عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ألمولود سنة ٤٢٠ والمتوفّى ٤٨٧، ذكر المقريزي في الخطط ج ٢ ص ٣٦٥ موسماً من مواسم فتح الخليج في أيّام المستنصر وقال:وتقدَّم شاعرٌ يقال له:إبن جبر وأنشأ قصيدةً منها:

فتح الخليج فسال منه ماءُ

وعلت عليه الراية البيضاءُ

فصفت موارده لنا فكأنَّه

كفّ الإمام فعرفها الإعطاءُ

فانتقد الناس عليه في قوله:فسال منه الماء وقالوا:أيّ شيئ يخرج من البحر غير الماء ؟ فضيع ما قاله بعد هذا المطلع.

وهنالك قصائد غديريّة لإبن طوطي الواسطي، والخطيب المنبجي، وعليّ بن أحمد المغربي، من شعراء القرن الخامس توجد مبثوثةً في مناقب إبن شهر اشوب، و

____________________

١ - أخذتها من نسخة عتيقة جدأ مكتوبة في القرون الوسطى وتوجد ناقصة منها تسعة أبيات في أعيان الشيعة في الجزء الخامس عشر ص ٢٦٣.

٣١٧

تفسير أبي الفتوح الرازي، والصِّراط المستقيم للبياضي، والدر النظيم في الأئمّة اللهاميم لإبن حاتم الدمشقي، وغيرها لم نذكرها لعدم عرفاننا بترجمة أولئك الشعراء وتاريخ حياتهم، غير أنّهم من شعراء هذه الأثارة مأثرة الغدير ومنضِّدي عقودها وناظمي حديثها من الذين استفادوا من لفظه معنى الإمامة والمرجعيّة الكبرى في الدين والأولويّة بالناس من أنفسهم.

٣١٨

شعراء الغدير

في القرن السّادس

٤٤

أبو الحسن الفنجكرد ى

ألمولود ٤٣٣

ألمتوفّى ٥١٣

لا تنكرنَّ غدير خمٍّ إنَّه

كالشمس في إشراقها بل أظهرُ

ما كان معروفاً بإسناد إلى

خير البرايا أحمد لا ينكرُ

فيه إمامة ( حيدر ) وكماله

وجلاله حتّى القيامة يُذكرُ

أولى الأنام بأن يوالي ( المرتضى )

من يأخذ الأحكام منه ويأثرُ

( ما يتبع الشعر )

هذه الأبيات نسبها إلى الفنجكردي شيخنا الفتّال في ( روضة الواعظين ) ص ٩٠ وهو أحد معاصريه، وذكرها إبن شهر اشوب في ( المناقب ) ج ١ ص ٥٤٠ طبع ايران، والقاضي الشهيد في ( مجالس المؤمنين ) ص ٢٣٤، وصاحب (رياض العلماء ) وقطب الدين الأشكوري في ( محبوب القلوب ).

وذكر له في ( مناقب ) إبن شهر آشوب ج ١ ص ٥٤٠ و ( مجالس المؤمنين ) ص ٢٣٤، و ( رياض العلماء ) قوله:

يوم الغدير سوى العيدين لي عيدُ

يوم يسرُّ به السّادات والصيدٌ

نال الإمامة فيه ( المرتضى ) وله

فيه من الله تشريفٌ وتمجيدُ

يقول ( أحمد ) خير المرسلين ضحىً

في مجمع حضرته البيض والسودُ

والحمد لِلَّه حمداً لا انقضاء له

له الصنايع والألطاف والجودُ

إنَّ الشاعر كما سيوافيك في الترجمة من أئمّة اللغة الواقفين على حقايق معاني الألفاظ وتصاريفها، ومن المطَّلعين على معاريض الكلام ولحن القول وفحوى التعابير،

٣١٩

وقد استفاد من لفظ المولى معنى الإمامة والمرجعيَّة في أحكام الدين، فنظم ذلك في شعره الدرِّي فهو من الحجج لما نتحرّاه في معنى الحديث الشريف.

( ألشاعر )

ألشيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد الفَنجكردي(١) النيسابوري، من أساتذة الأدب المحنّكين المتقدِّمين فيه بالإمامة والتضلّع، وهو مع ذلك معدودٌ من أعاظم حملة العلم، ومشيخة الحديث البارعين، ففي ( الأنساب ) للسمعاني:أبو الحسن الفنجكردي عليّ بن أحمد الأديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة، الباقيين معه على هرمه وطعنه في السنِّ، قرأ اصول اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وكان عفيفاً خفيفاً ظريف المجاورة قاضياً للحقوق محمود الأحوال، أصابته علّة أزمنته ومنعته من الخروج وطعن في السنّ فتأخَّر عن الزِّيارة بالقدم فاستناب عنها التعهد بالعلم، سمع الحديث من القاضي الناصحي(٢) وكتب لي الأجازة لجميع مسموعاته وحدَّثني عنه جماعةٌ من مشايخنا وتوفّي ليلة الجمعة الثالث عشر من شهر رمضان سنة ٥١٣ وصلّوا عليه في الجامع القديم ودفن بالحيرة(٣) في مقبرة نوح.

وفي ( معجم الاُدباء ) ج ٥ ص ١٠٣:كان أديباً فاضلاً ذكره الميداني في خطبة كتاب ( السامي ) وأثني عليه ومات سنة ٥١٢:عن ثمانين سنة وذكره البيهقي في ( الوشاح ) فقال:الإمام عليّ بن أحمد الفنجكردي الملقِّب بشيخ الأفاضل، اعجوبة زمانه، وآية أقرانه، وشيخ الصناعة، والممتطي غوارب البراعة، وذكره عبد الغفار الفارسي فقال:عليُّ بن أحمد الفنجكردي الأديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة، قرأ اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وأحكمها وتخرّج فيها، وأصابته علّة لزمته في آخر عمره ومات بنيسابور في ثالث عشر رمضان سنة ٥١٣. ا ه‍.

____________________

١ - بفتح الفاء وسكون النون وضم الجيم او سكونها وبكسر الكاف وسكون الراء وبعدها الدال المهملة نسبة إلى ( فنجكرد ) قرية من نواحي نيسابور ( الانساب ).

٢ - ابو الحسن محمد بن محمد بن جعفر المتوفى ٤٧٩.

٣ - محلة كبيرة بنيسابور فيها كانت جبانة نوح ولعلها سميت بالحيرة لنزول جمع من اهل حيرة الكوفة بها.

_٢٠_

٣٢٠