الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 193861
تحميل: 7846


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 193861 / تحميل: 7846
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولمّا جزعنا الرَّمل رمل عنيزة

وناحت بأعلى الدوحتين حَمامُ

صبوت اشتياقاً ثمَّ قلت لصاحبي

ألا إنّما نوح الحَمام حمامُ

تجهَّيز لبين أو تسلَّ عن الهوى

فمالك من ليلي الغداة لمامُ

وكيف يُرجّى النول عند بخيلةٍ

تروم الثريّا وهي ليس تُرامُ ؟!

مهفهفة الأعطاف أما جبينها

فصبحٌ وأمّا فرعها فظلامُ

فيا ليت لي منها بلوغاً إلى المنى

حلالاً فإن لم يُقض لي فحرامُ

وهذه المعاني التي أودعها إبن العودي قصيدة مألوفة متعالمة بين الشعراء إلّا أن نسج شعره عربيُّ بحتُ يضفي على تلك المعاني ما لا يستطيعه النسج السابري، وقد نقل الصفدي أبياتاً من هذه القصيدة ومن غيرها من شعر إبن العودي وذكر:أن شعره متوسّطٌ. ولا نرى في هذا الحكم حنقاً فإنَّه متوسطٌ حقّاً من حيث المعاني، ولكنَّه في حبكه وتأليفه من الطبقة الأولى فإنَّ العرب تنظر إلى المباني قبل المعاني، بحكم ما في لغتها من موسيقي وجرس ورنين، وهذا لا يعني انَّها تقر من النظم ما لا معنى له لأنَّ شرط صحة المباني احتوائها على صحَّة المعاني كائنةً ما كانت.

وقد نظم إبن العودي في الشعر المذهبيِّ الذي أكثر منه السيِّد الحميري وإبن حمّاد والعوني والناشي الأصغر وإبن علويَّة الأصفهاني(١) والورّاق القمي، ولما دخل إبن شهر آشوب العراق في أواسط القرن السادس ألفى شعر إبن العودي في المذهب تستهديه الآذان أفواه الشداة المنشدين فضمن كتابه مناقب آل أبي طالب شيئاً منه و كثيراً من شعر الناظمين في المذهب، وبعد ترك إبن شهر آشوب العراق إلى الشام حدثت ببغداد فتنٌ مذهبيَّة ووثب الحنابلة كعادتهم بأعدائهم في المذهب فأحرقوا كتبهم و فيها دواوين شعرائهم واضطهدوهم اضطهاداً فضيعاً فضاع كلُّ ذلك الأدب غثه وسمينه وصار طعمة للنار، والظاهر انَّ ذلك الضرب من النظم في شعر إبن العودي هو الذي حمل محبّ الدين محمَّداً المعروف بابن النجّار البغدادي على أن يقول في ترجمة إبن العودي:[ كان رافضياً خبيثاً يهجو الصَّحابة ]. ومن شعر إبن العودي في إقامته مدّة بواسط:

____________________

١ - مرت تراجم هؤلاء الشعراء الخمسة في الجزء الثاني والثالث والرابع من كتابنا هذا وكلهم من شعراء الغدير.

٣٨١

يؤرّقني في واسط كلّ ليلة

وساوس همٍّ من نوىَ وفراقِ

فيا للهوى هل راحمٌ لمتيِّم

يعلُّ بكأس للفراق دهاقِ ؟!

خليليَّ هل ما فات يُرجى ؟ و هل لنا

على النأي من بعد الفراق تلاقي ؟!

فإن كنت اُبدي سلوةً عن هواكُم

فإنَّ صباباتي بكم لبواقي

ألا يا حمامات على نهر سالمٍ

سلمتِ ووقّاكِ التفرُّقَ واقي

تعالين نُبد النّوح كلّ بشجوه

فإنَّ اكتتام الوجد غير مطاقِ

على أنّ وجدي غير وجدك في الهوى

فدمعيَ مهراقٌ ودمعك راقي

وما كنت أدري بعد ما كان بيننا

من الوصل انِّي للفراق مُلاقي

فها أنتِ قد هيجتِ لي حرق الجوى

وأبديت مكنون الهوى لوفاقي

وأسهرتني بالنّوح حتّى كأنَّما

سقاك بكاسات التفرُّق ساقي

فلا تحسبي إنّي نزعت عن الهوى

وكيف نزوعي عنه بعد وفاقي ؟!

ولكنَّني أخفيت ما بي من الجوى

لكي لا يرى الواشون ما أنا لاقِ

قال الشريف قطب الدين أبو يعلى محمَّد بن علي بن حمزة:أنشدني الربيب أبو المعالي سالم إبن العودي في منزلي مستهلّ صفر سنة خمسين وخمسمائة:

ما حبستُ الكتاب عنك لهجر

لا ولا كان ذاكمُ عن تجافي

غير أنَّ الزَّمان يحدث للمر

ء اموراً تنسيه كلّ مصافي

شيمٌ مرَّت الليالي عليها

والليالي قليلة الإنصافِ

وهذه أبياتٌ حكميَّةٌ كريمةٌ منتزعةٌ معانيها من صميم الحقيقة الحيويَّة، وقال الحسن بن هبة الله التغلبي المعروف بابن مصري الدمشقي:أنشدني أبو المعالي سالم بن على العودي لنفسه:

دع الدنيا لمن أمسى بخيلاً

وقاطع من تراه لها وصولا

ولا تركن إلى الأيّام واعلم

بأنَّ الدهر لا يُبقي جليلا

فكم قد غرَّت الدنيا اُناساً

وكم قد أفنت الدنيا قبيلا

وما هذي الحياة وإن تراخت

بممتعة بها إلّا قليلا

فويلٌ لابن آدم من مقام

يكون به العزيز غداً ذليلا

٣٨٢

قال:وأنشدني أبو المعالي لنفسه:

أ اُخَّىَّ إنَّك ميِّتُ

فدع التعلّل بالتَّمادي

لا تركننَّ إلى الحيا

ة فإنَّ عزّك في نفادِ

أزف الرَّحيل فلا تكن

ممِّن يسير بغير زادِ

يا غافلاً والموت يقـ

ـدح في سنيه بلا زنادِ

لا بدَّ يوماً للنبا

ت إذا تكامل من حصادِ

وأنشدني لنفسه:

لا أقتضيك على السِّماح فإنَّه

لك عادةٌ لكنّني أنا مذكرُ

إن السحاب إذا تمسَّك بالندى

رغبوا إليه بالدعاء فيمطرُ

وأنشدني نفسه:

سيَّدي عُدْ إلى الوصا

ل فقد شفَّني الضنا

وترفَّق بعاشقٍ

ما له عنك من غنى

إن تكن تطلب الصَّوا

ب بوصلٍ فها أنا

أو ترد بالنَّوى دنوَّ

حِمامي فقد دنا

وأنشد:

يا عاتبين على عانٍ يحبّكمُ

لا تجموا بين عتب في الهوى وعنا

إن كان صدَّكمُ عنَّي حدوث غنى

فما لنا عنكمُ حتّى الممات غنى

ومن شعره قوله:

يقولون:لو داويت قبلك لارعوى

بسلوانه عن حبِّ ليلى وعن جملْ

وهيهات يبرأ بالنمائم والرُّقى

سليم الثنايا الغرّ والحدق النجلْ

ولم أقف على سنة وفاة إبن العودي، إلا أنَّ سنة ولادته [ أعني سنة ٤٧٨ ] ورواية عماد الدين الإصفهاني له سنة ٥٥٤ بالهماميّة قرب واسط لا تتركان للظنِّ أن يغالي في بقائه طويلاً بعد سنة ٤٥٤ المذكورة بل لا أراه قد جاوز سنة ٥٥٨ فإنَّها تجعل عمره ثمانين سنة وذلك من نوادر الاعمار في هذه الدِّيار. ا ه‍.

٣٨٣

ألقرن السّادس

٤٩

ألقاضي الجليس

ألمتوفّى ٥٦١

١

دعاه لو شك البين داعٍ فأسمعا

وأودع جسمي سقمه حين ودَّعا

ولم يُبق في قلبي لصبري موضعاً

وقد سار طوع النأي والبعد موضعا

أجنّ إذا ما الليل جنَّ كآبة

واُبدي إذا ما الصبح أزمع أدمعا

وما انقدتُ طوعاً للهوى قبل هذه

وقد كنت الوى عنه ليناً وأخدعا

إلى أن يقول:

تصاممتُ عن داعي الصبابة والصبي

ولبَّيتُ داعي آل أحمد إذ دعا

عشوتُ بأفكاري إلى ضوء علمهم

فصادفتُ منه منهج الحقِّ مهيعا

علقت بهم فليلح في ذاك من لحى

تولَّيتهم فلينع ذلك من نعا

تسرَّعت في مدحي لهم متبرِّعاً

وأقلعت عن تركي له متورّعا

هم الصّائمون القائمون لربِّهم

هم الخايفوه خشيةً وتخشّعا

هم القاطعوا الليل البهيم تهجّداً

هم العامروه سُجّداً فيه ركّعاً

هم الطيبوا الأخيار والخير في الورى

يروقون مرئى أو يشوقون مسمعا

بهم تُقبل الأعمال من كلِّ عاملٍ

بهم تُرفع الطاعات ممَّن تطوّعا

بأسمائهم يُسقى الأنام ويهطل الغـ

ـمام وكم كربٍ بهم قد تقشّعا

هم القائلون الفاعلون تبرُّعاً

هم العالمون العاملون تورُّعا

أبوهم وصيُّ المصطفى حاز علمه

وأودعه من قبل ما كان أودعا

أقام عمود الشرع بعد اعوجاجه

وساند ركن الدين أن يتصدّعا

_٢٤_

٣٨٤

وواساه بالنفس النفيسة دونهم

ولم يخش أن يلقى عداه فيجزعا

وسمَّاه مولاهم وقد قام معلناً

ليتلوَه في كلِّ فضل ويشفعا

فمَن كشف الغمّاء عن وجه أحمد

وقد كربت أقرانه أن يقطّعا ؟!

ومَن هزَّ باب الحصن في يوم خيبر

فزلزل أرض المشركين وزعزعا ؟!

وفي يوم بدرٍ من أحنَّ قليبها

جسوماً بها تدمي وهاماً مقطَّعا ؟!

وكم حاسدٍ أغراه بالحقد فضله

وذلك فضلٌ مثله ليس يُدَّعا

لوى غدره يوم ( الغدير ) بحقِّه

وأعقبه يوم ( البعير ) واتبعا

وحاربه القرآن عنه فما ارعوى

وعاتبه الإسلامُ فيه فما وعى

إذا رام أن يخفى مناقبه جلت

وإن رامَ أن يُطفى سناه تشعشعا

متى همّ أن يطوي شذى المسك كاتم

أبى عرفه المعروف إلّا تضوّعا

ومنها:

أيا اُمَّةً لم ترع للدين حرمةً

ولم تبق في قوس الضَّلالة منزعا

بأيّ كتاب أم بأيَّة حجَّة

نقضتم بها ما سنَّه الله أجمعا ؟!

غصبتم وليّ الحق مهجة نفسه

وكان لكم غصب الامامة مقنعا

وألجمتمُ آل النبيّ سيوفكم

تفرى من السادات سوقاً وأذرعا

وحلّلتمُ في كربّلاء دماءَهم

فأضحت بها هيم الأسنَّة شرّعا

وحرَّمتمُ ماء الفرات عليهمُ

فأصبح محظوراً لديهم ممنَّعا

ألقصيدة ٥٦ بيتاً

٢

وله في رثاء الإمام السبط الشهيدعليه‌السلام قوله:

إن خانها الدمع الغزيرُ

فمَن الدّماء لها نصيرُ

دعها تسحُّ ولا تشحَّ

فرزءها رزءٌ كبيرُ

ما غصبُ فاطمة تراث

( محمَّد ) خطبٌ يسيرُ

كلّا ولا ظلم الوصيِّ و

حقّه الحقّ الشهيرُ

نطق النّبيُّ بفضله وهو

المبشِّر والنذيرُ

٣٨٥

جحدوه عقد ولايةٍ قد غرَّ جاحده الغرورُ

غدروا به حسداً له وبنصِّه شهد ( الغديرُ )

حظروا عليه ما حباه بفخره وهمُ حضورُ

يا اُمّةً رعت السّها وإمامها القمر المنيرُ

إن ضلَّ بالعجل اليهود فقد أضلّكم البعيرُ

لهفي لقتلى الطفِّ إذ خذل المصاحب والعشيرُ

وافاهمُ في كربلا يومٌ عبوسٌ قمطريرُ

دلفتْ لهمْ عصب الضّلال كأنَّما دُعي النفيرُ

عجباً لهم لم يلقهم من دونهم قدرٌ مبيرُ

أيُمار فوق الأرض فيض دم الحسين ولا تمورُ؟!

أترى الجبال درت ولم تقذفهمُ منها صخورُ ؟!

أم كيف إذ منعوه وِرد الماء لم تَغرِ البحورُ ؟!

حرم الزّلال عليه لمّا حُلّلت لهم الخمورُ

ألقصيدة ٣٦ بيتاً

٣

وله من قصيدة تناهز ٢٩ بيتاً مطلعها:

كم قد عصيت مقال الناصح الناهي

ولذت منكم بحبلٍ واهنٍ واهِ

ويقول فيها:

حبِّي لآل رسول الله يعصمني

من كلِّ إثمٍ وهم ذخري وهم جاهي

يا شيعة الحقّ قولي بالوفاء لهم

وفاخري بهمُ من شئت أو باهي

إذا علقت بحبلٍ من أبي حسنٍ

فقد علقت بحبلٍ في يد الله

حمى الإ~له به الإسلام فهو به

يزهي على كلِّ دين قبله زاهٍ

بعل البتول وما كنَّا لتهدينا

أئمَّةٌ من نبيِّ الله لولا هي

نصَّ النبيّ عليه في ( الغدير ) فما

زواه إلّا ظنينٌ دينه واهِ

٣٨٦

( ألشاعر )

أبو المعالي عبد العزيز بن الحسين بن الحباب(١) الأغلبي السعدي الصقلي المعروف بالقاضي الجليس. من مقدّمي شعراء مصر وكتَّابهم، ومن ندماء الملك الصالح طلايع بن رزّيك [ الذي مرَّت ترجمته ص ٣٤٤ ] وأحسب أنَّ تلقيبه بالجليس كان لمجالسته إيّاه متواصلاً، وهو ممَّن اغرق نزعاً في موالاة العترة الطاهرة كما ينم عنه شعره، ولمعاصره الفقيه عمارة اليمني [ الآتي ذكره ] شعر يمدحه، منه قصيدة في كتابه ( النكت العصرية ) ص ١٥٨ قالها سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، أوّلها:

هي سلوةٌ حلّت عقود وفائها

مذ شفَّ ثوب الصبر عن برحائها

ومنها:

لم أسأل الرُّكبان عن أسمائها

كفلاً بها لولا هوى أسمائها

وسألت أيّامي صديقاً صادقاً

فوجدت ما أرجوه جلَّ رجائها

ومنها:

ولقد هجرت إلى ( الجليس ) مهاجراً

عصباً يضيم الدهر جار فنائها

مستنجداً لأبي المعالي همَّة

تغدو المعالي وهي بعض عطائها

لمّا مدحتَ علاه أيقنت العدى

أنَّ الزمان أجار من عدوائها

واغدَّ سعديّ الأوامر أبلج

يلقى سقيمات المنى بشفائها

ومنها:

نذرت مصافحة الغمام أناملي

فوفت غمائم كفِّه بوفائها

وقال كما في نكته العصريَّة ص ٢٥٢ وقد حدث للقاضي الجليس مرضٌ أخَّره عن حضور مجلس الملك الصّالح طلايع بن رُزّيك:

وحقّ المعالي يا أباها وصنوها

يمين امرئ عاداته القسم البرُّ

لقد قصرت عمّا بلغت من العلى

وأحرزته إبناء دهرك والدهرُ

متى كنتً يا صدر الزمان بموضع

فرتبتك العليا وموضعك الصدرُ

ولمّا حضرنا مجلس الاُنس لم يكن

على وجهه إذ غبت إنسٌ ولا بشرُ

____________________

١ - في معجم الادباء ج ٣ ص ١٥٧:الخباب.

٣٨٧

فقدناك فقدان النفوس حياتها

ولم يك فقد الأرض أعوزها القطرُ

وأظلم جوَّ الفضل إذ غاب بدره

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ

ترجمه العماد في ( الخريدة ) وأثنى عليه بالفضل المشهور، وإبن كثير في تاريخه ١٢ ص ٢٥١، وإبن شاكر في ( فوات الوفيات ) ج ١ ص ٢٧٨ فقال:تولّى ديوان الإنشاء للفائز مع الموفق بن الخلال ومن شعره:

ومن عجبي إنَّ الصوارم والقنا

تحيض بأيدي القوم وهي ذكورُ

وأعجب من ذا أنَّها في أكفّهم

تأجَّج ناراً والأكفُّ بحورُ

وله في طبيب:

وأصل بليَّتي مَن قد غزاني

من السقم الملحِّ بعسكرينِ

طبيبٌ طبّه كغراب بينٍ

يفرِّق بين عافيتي وبيني

أتى الحمّى وقد شاخت وباخت

فعاد لها الشباب بنسختينِ

ودبَّرها بتدبيرٍ لطيفٍ

حكاه عن سنين أو حنينِ

وكانت نوبة في كلِّ يوم

فصيَّرها بحذقٍ نوبتينِ

وله في طبيب ايضاً:

يا وارثاً عن أب وجدِّ

فضيلة الطبِّ والسدادِ

وحاملاً ردَّ كلِّ نفس

همت عن الجسم بالبعادِ

اُقسم لو قد طببتَ دهراً

لعاد كوناً بلا فسادِ

وله:

حيّا بتفاحةٍ مخضَّبة

مَن شفَّني حبّه وتيَّمني

فقلت:ما إن رأيت مشبهها

فأحمرَّ من خجلةٍ فكذَّبني

وله:

رُبَّ بيض سللن باللحظ بيضا

مرهفات جفونهنّ جفونُ

وخدود للدمع فيها خدودُ

وعيونٍ قد فاض فيها عيونٌ

وقال أيضاً:

ألمَّتْ بنا والليل يزهي بلمَّةٍ

دجوجيَّةٍ لم يكتهل بعد فوداها

٣٨٨

فأشرق ضوء الصبح وهو جبينها

وفاحت أزاهير الرّبا وهي ريّاها

إذا ما اجتنت من وجهها العين روضة

أسالت خلال الروض بالدَّمعِ أمواها

وإنّي لأستسقي السحاب لربعها

وإن لم تكن إلّا ضلوعي مَأواها

إذا استعرت نار الأسى بين أضلعي

نضحت على حرِّ الحشا برد ذكراها

وما بيَ أن يصلى الفؤاد بحرِّها

ويضرم لولا أنَّ في القلب سكناها

كان القاضي الجليس كبير الأنف وكان الخطيب أبو القاسم هبة الله بن البدر المعروف بابن الصيّاد مولعاً بأنفه وهجائه وذكر انفه في اكثر من ألف مقطوع فانتصر له ابو الفتح ابن قادوس [ المترجم في هذا الجزء ص ٣٣٨ ] فقال:

يا مَن يعيب اُنوفنا الشـ

ـمّ التي ليست تُعابُ

ألأنف خلقة ربِّنا

وقرونك الشمّ اكتسابُ

وله شعرٌ في رثاء والده وقد غرق في البحر بريح عاصفٍ. ا ه‍.

والمترجم هو الذي قرظ أبا محمَّد بن الزبير الحسن بن علي المصري المتوفّى سنة ٥٦١ عند الملك الصّالح حتّى قدمه، فلمّا مات شمت به إبن الزبير ولبس في جنازته ثياباً مذهَّبة، فنقص عند الناس بهذا السبب واستقبحوا فعله، ولم يعش بعد الجليس إلّا شهراً واحداً(١) .

كان الملك الصّالح طلايع لا يزال يحضر في ليالي الجمع جلساؤه وبعض اُمراءه لسماع قرائة صحيح مسلم والبخاري وأمثالهما من كتب الحديث وكان الذي يقرأ رجلاً أبخر فلعهدي وقد حضر المجلس مع الأمير عليّ بن الزبير والقاضي الجليس أبي محمَّد وقد أمال وجهه إلى القاضي إبن الزبير وقال له:

وأبخر قلت:لا تجلس بجنبي

فقال إبن الزبير:

إذا قابلت بالليل البخاري

فقال القاضي الجليس:

فقلت وقد سألت بلا احتشام

لأنَّك دائماً مِن فيك خاري

أنشد بعض جلساء الملك الصالح بمجلسه بيتاً من الأوزان التي يسمّيها المصريّون

____________________

١ - معجم الادباء ٣ ص ١٥٧.

٣٨٩

[ الزكالش ] ويسمِّيها العراقيّون [ كان وكان ].

ألنّار بين ضلوعي

ونا غريقٌ في دموعي

كني فتيلة قنديل

أموت غريق وحريق

وكان عنده القاضي الجليس والقاضي ابن الزبير فنظما معناه بديهاً فقال الجليس:

هل عاذرٌ إن رمت خلع عذاري

في شمِّ سالفةٍ ولثم عذارِ ؟!

تتألّف الأضداد فيه ولم تزل

في سالف الأيّام ذات نفارِ

وله من الزَّفرات لفح صواعق

وله من العبرات لجُّ بحارِ

كذبالة القنديل قدّر هلكها

ما بين ماءٍ في الزجاج ونارِ

وقال إبن الزبير:

كأنّي وقد سالت سيول مدامعي

فأذكت حريقاً في الحشا والترائبِ

ذبالة قنديل تقوم بمائها

وتشعل فيها النار من كلِّ جانبِ(١)

كتب أبو المعالي إلى القاضي الرشيد المصري(٢) قوله:

ثروة المكرمات بعدك فقرُ

ومحلّ العلى ببعدك قفرُ

بك تجلى إذا حللت الدياجي

وتمرّ الأيّام حيث تمرُّ

أذنب الدهر في مسيرك ذنباً

ليس منه سوى إيابك عذرُ(٣)

حُكي انَّه استأذن هو والقاضي الرشيد ذات يوم على أحد الوزراء فلم يأذن لهما واعتذر عن المواجهة ووجدا عنده غلظة من الحجّاب، ثمَّ عاوداه مرَّة اُخرى واستأذنا عليه فقيل لهما:إنَّه نائمٌ. فخرجا من عنده فقال القاضي الرشيد:

توقَّع لأيّام اللئام زوالها

فعمّا قليل سوف تنكر حالها

فلو كنت تدعو الله في كلِّ حالةً

لتبقى عليهم ما أمنت انتقالها

وقال القاضي الجليس:

لئن أنكرتمُ منّا ازدحاما

ليجتنبنَّكم هذا الزحامُ

وإن نمتم عن الحاجات عمداً

فعين الدهر عنكم لا تنامُ

____________________

١ - بدايع ج ١ ص ١٧٦ و ٢٣٧.

٢ - أبو الحسين أحمد بن علي الغساني المقتول ٥٦٣.

٣ - تاريخه ابن خلكان ج ١ ص ٥٤.

٣٩٠

فلم يكن بعد أيّام حتى نكب الوزير نكبة عظيمة [ مرآة الجنان ٣ ص ٣٠٢ ] قال الصفدي في ( نكت الهميان )، كان الموفق بن الخلّال خال القاضي الجليس فحصل لابن الخلّال نكبة وحصل القاضي بسبب خاله إبن الخلّال صداعٌ فكتب القاضي إلى القاضي الرشيد.

تسمَّع مقاليَ يا بن الزبير

فأنت خليقٌ بأن تسمعه

نكبنا بذي نسبٍ شابكٍ

قليل الجدى في زمان الدعه

إذا ناله الخير لم نُرجه

وإن صفعوه صُفعنا معه

توفي القاضي الجليس سنة ٥٦١ وقد أناف على السبعين كما في ( فوات الوفيات ).

م - ذكر سيِّدنا العلّامة السيِّد أحمد العطّار البغدادي في الجزء الأوَّل من كتابه ( الرائق ) جملة من شعر شاعرنا الجليس منها قصيدةٌ يرثي بها أهل البيت الطاهرين ويمدح الملك الصالح بن رزّيك ويذكر مواقفه المشكورة في خدمة آل الله أوّلها:

لولا مجانبة الملوك الشاني

ما تمَّ شاني في الغرام بشأني [ ٥٠ بيتاً ]

وقصيدة في رثاء العترة الطاهرة تناهز ٦٦ بيتاً مطلعها:

أرأيت جرأة طيف هذا الزاير

ما هاب عاديه الغيور الزايرِ

وافى وشملته الظلام ولم يكن

ليزور إلّا في ظلامٍ ساترِ

فكأنَّه إنسان عين لم يلحْ

مذ قطّ إلّا في سواد الناظرِ

ما حكم أجفاني كحكم جفونها

شتَّان بين سواهرٍ وسواحرِ

وقصيدة يمدح بها الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ويذكر الملك الصالح ويثني عليه تبلغ ٧٢ بيتاً مستهلّها:

على كلِّ خير من وصالك مانعُ

وفي كلِّ لحظٍ من جمالك شافعُ

وقصيدةٌ ٦٢ بيتاً يدعم بها إمرة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويرثي الإمام السبطعليه‌السلام ويذكر الملك الصالح إبن رزِّيك ويطريه أوّلها:

ألا هل لدمعي في الغمام رسيلُ ؟!

وهل لي إلى برد الغليل سبيلُ ؟!

وذكر له قصيدةً لاميَّة تبلغ ٥١ بيتاً في المديح والرثاء لأهل البيت الطاهر صلّى الله عليهم وسلّم ].

٣٩١

ألقرن السّادس

٥٠

ابن مكى النيلى

ألمتوفَّى ٥٦٥

ألم تعلموا أنَّ النبيَّ ( محمَّداً )

بحيدرة أوصى ولم يسكن الرمسا ؟!

وقال لهم والقوم في ( خمِّ ) حُضَّر

ويتلو الذي فيه وقد همسوا همسا

: عليُّ كزرّي من قميصي وإنَّه

نصيري ومنّي مثل هارون من موسى

ألم تبصروا الثعبان مستشفعاً به

إلى الله والمعصوم يلحسه لحسا ؟!

فعاد كطاووس يطير كأنَّه

تغشرم في الأملاك فاستوجب الحبسا

أما ردَّ كفَّ العبد بعد انقطاعها ؟!

أما ردَّ عيناً بعدما طمست طمسا ؟!(١)

( ألشاعر )

سعيد(٢) بن أحمد بن مكّي النيلي المؤدِّب، من أعلام الشيعة وشعرائها المجيدين المتفانين في حبِّ العترة الطاهرة وولائها، المتصلِّبين في اعتناق مذهبهم الحقِّ، ولقد أكثر فيهم وأجاد وجاهر بمديحهم ونشر مئاثرهم حتّى نسبه القاصرون إلى الغلوِّ، لكن الرجل موالٍ مقتصد قد أغرق نزعاً في اقتفاء أثر القوم والإستضائة بنورهم الأبلج، وقد عدَّه إبن شهر اشوب في معالمه من المتَّقين من شعراء أهل البيت عليهم السَّلام.

قال الحموي في ( معجم الاُدباء ) ج ٤ ص ٢٣٠:المؤدِّب الشيعيّ كان نحويّاً فاضلا عالماً بالأدب مغالياً في التشيّع له شعرٌ جيّدٌ أكثره في مديح أهل البيت وله غزلٌ رقيق مات سنة ٥٦٥ وقد ناهز المائة ومن شعره:

قمرٌ أقام قيامتي بقوامه

لِمَ لا يجود لمهجتي بذمامهِ ؟!

ملّكتُه كبدي فأتلفَ مهجتي

بجمال بهجته وحسن كلامهِ

____________________

١ - مناقب ابن شهر اشوب ج ١ ص ٥٢٤ ط ايران.

٢ - في معجم الادباء وفوات الوفيات ( سعد ) وهو تصحيف.

٣٩٢

وبمبسمٍ عذبٍ كأنَّ رُضا به

شهدٌ مذابٌ في عبير مُدامهِ

وبناظرٍ غنجٍ وطرفٍ أحورٍ

يصمي القلوب إذا رنا بسهامهِ

وكأنَّ خطّ عذاره في حسنه

شمس تجلّت وهي تحت لثامهِ

فالصبح يسفر من ضياء جبينه

والليل يُقبل من أثيث ظلامهِ

والظبي ليس لحاظه كلحاظه

والغصن ليس قوامه كقوامهِ

قمرٌ كأنَّ الحسن يعشق بعضه

بعضاً فساعده على قَسّامهِ

فالحسن من تلقائه وورائه

ويمينه وشماله وأمامهِ

ويكاد من تَرَفٍ لدقة خَصره

ينقدُّ بالأرداف عند قيامهِ

وقال العماد الكاتب:كان غالياً في التشيّع، حالياً بالتورُّع، عالماً بالأدب، معلّماً في الكتب، مقدّماً في التعصّب، ثمَّ أسنَّ حتّى جاوز حدّ الهرم، وذهب بصره وعاد وجوده شبيه العدم، وأناف على التسعين، وآخر عهدي به في درب صالح ببغداد في سنة إثنتين وستّين وخمسمائة.

قال الأميني:ألصحيح في تاريخ آخر عهد العماد بالمترجم سنة ٥٦٢ وهي سنة خروجه من بغداد ولم يغد إليهما بعدها حتّى مات سنة ٥٩٧ كما أرَّخه إبن خلكان في وفيات الأعيان ٢ ص ١٨٩. فما في ( فوات الوفيات ) ١ ص ١٦٩ و (دائرة المعارف ) لفريد وجدي ١٠ ص ٤٤٠ نقلاً عن العماد من سنة ٥٩٢ تصحيفٌ واضحٌ. والعجب انَّ هذا التاريخ أعني ٥٩٢ جُعل في [ شذرات الذهب ٤ ص ٣٠٩ ] و [ أعيان الشيعة ١ ص ٥٩٥ ] تاريخ وفاة إبن مكّي المترجَم له وأنت ترى انَّه تاريخ آخر عهد العماد بالمترجم لا تاريخ وفاته، على أنَّ الصحيح ٥٦٢ لا ٥٩٢ فالصحيح في وفاته كما مرَّ عن الحموي ٥٦٥. وكون المترجَم مذكوراً في معجم العماد الكاتب يومي إلى عدم وفاته سنة ٥٩٢، إذا الكتاب موضوعٌ لترجمة الشعراء الذين كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة ٥٧٢ كما في تاريخ إبن خلكان ٢ ص ١٩٠.

وقال عماد الدين ايضاً:أنشدني له إبن أخته عمر الواسطي الصفّار ببغداد قال:أنشدني خالي سعيد بن مكّي من كلمة له:

ما بال مغاني اللوى بشخصك إطلالْ

قد طال وقوفي بها وبثّي قد طالْ

٣٩٣

ألربع دثور متناه قفار

والرِّبع محيلٌ بعد الأوانس بطّالْ

عفته دبورٌ وشمالٌ وجنوب

مع مرَ ملث مرخي العزالي محلالْ

يا صاح قفاً باللوى فسائل رسماً

قد خال لعلَّ الرسوم تنبيَّ عن حالْ

ما شفّ فؤادي إلّا لغيب غراب

بالبين ينُادي قد طار يضرب بالغالْ

مذ طار شجا بالفراق قلباً حزيناً

بالبين وأقصى بالبعد صاحبة الخالْ

تمشي تتهادى وقد ثناها دلُّ

من فرط حياها تخفي رنين الخلخالْ

وترجمه الصفدي في ( نكت الهميان ) و ابن شاكر في ( فوات الوفيات ) ١ ص ١٦٩ وقالا:له شعرٌ وأكثره مديحٌ في أهل البيت، ثمّ ذكرا عبارة العماد الاولى، و توجد ترجمته في ( لسان الميزان ) ٣ ص ٢٣ و ( مجالس المؤمنين ) ص ٤٦٩ ومن شعره المذهبيّ قوله يمدح به أمير المؤمنينعليه‌السلام :

فان يكن آدم من قبل الورى

نُبيَّ وفي جنّة عدن دارهُ ؟!

فإنَّ مولاي عليّاً ذا العُلى

من قبله ساطعةٌ أنوارهُ

تاب علي آدم من ذنوبه

بخمسةٍ وهو بهم أجارهُ

وإن يكن نوحٌ بني سفينةً

تُنجيه من سيل طمى تيّارهُ ؟!

فإنَّ مولاي عليّاً ذا العُلى

سفينةٌ تنجو بها أنصارهُ

وإن يكن ذو النّون ناجى حوته

في اليمِّ لمّا كضَّه حصارهُ ؟!

ففي جلندي(١) لِلإمام عبرةٌ

يعرفها مَن دلّه اختيارهُ

رُدَّت له الشمس بأرض بابلٍ

والليل قد تجلّلت أستارهُ

وإن يكن موسى دعى مجتهداً

عشراً إلى أن شقَّه انتظارهُ ؟!

وسار بعد ضرِّه بأهله

حتّى علت بالواديين نارهُ

فإنَّ مولاي عليّاً ذا العُلى

زوَّجه واختار مَن يختارهُ

وإن يكن عيسى له فضيلة

تدهش من أدهشه انبهارهُ ؟!

مَن حملته اُمّه ما سجدت

للّات بل شغَّلها استغفارهُ ؟!

ألبيت الأخير فيه إشارة إلى ما رواه الحلبي في السيرة الحلبيَّة ١ ص ٢٨٥،

____________________

١ - قصة الجلندى مذكورة في مناقب ابن شهر اشوب ج ١ ص ٤٥٥ ط ايران

٣٩٤

وزيني دحلان في سيرته، والصفوري في نزهة المجالس ٢ ص ٢١٠ والشبلنجي في نور الأبصار من أنَّ أمير المؤمنين كان يمنع اُمَّه من السجود للصنم وهو حملٌ(١)

وله:

و ( محمَّد ) يوم القيامة شافعٌ

للمؤمنين وكلِّ عبد مُعنتِ

وعليّ والحسنان إبنا فاطمٍ

للمؤمنين الفائزين الشيعةِ

وعليّ زين العابدين وباقر العـ

ـلم التقيّ وجعفر هو منيتي

والكاظم الميمون موسى والرِّضا

علم الهدى عند النوائب عُدَّتى

ومحمَّد الهادي إلى سبل الهدى

وعليّ المهدي جعلت ذخيرتي

والعسكريَّين اللذين بحبِّهم

أرجو إذا أبصرت وجه الحجَّة

وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام ودحوه باب خيبر:

فهزَّها فاهتزَّ من حولهم

حصناً بنوه حجراً جلمدا

ثمَّ دحا الباب على نبذة

تمسح خمسين ذراعاً عددا

وعبَّر الجيش على راحته

حيدرة الطاهر لمّا وردا

وله من قصيدة مخاطباً أمير المؤمنينعليه‌السلام :

رددت الكفَّ جهراً بعد قطع(٢)

كردِّ العين من بعد الذهابِ

وجمجمة الجلندي وهو عظمٌ(٣)

رميمٌ جاوبتك عن الخطابِ

وله من قصيدة مرَّت عشرة إبيات منها نقلاً عن الحموي:

دع يا سعيد هواك واستمسك بمن

تسعد بهم وتزاح من آثامه

بمحمَّد وبحيدرٍ وبفاطمٍ

وبولدهم عقد الولا بتمامه

قومٌ يسرُّ وليّهم في بعثه

ويعضُّ ظالمهم على إبهامه

ونرى وليَّ وليِّهم وكتابه

بيمينه والنور من قدّامه

____________________

١ - مرت كلمتنا حول هذه الرواية في الجزء الثالث ص ٢٣٩.

٢ - اشارة الى قصة يد هشام بن عدي الهمداني وهي مذكورة في مناقب ابن شهر اشوب ١ ص ٤٧٣ ط ايران.

٣ - اشارة الى قصة جمجمة الجلندى توجد في مناقب ابن شهر اشوب ١ ص ٤٧٤.

٣٩٥

يسقيه من حوض النبيِّ محمَّدٍ

كأساً بها يشفي غليل اُوامه

بيدي أمير المؤمنين وحسب من

يسقى به كأساً بكفّ إمامه

ذاك الذي لولاه ما اتَّضحت لنا

سُبل الهدى في غوره وشآمه

عبد الإ~له وغيره من جهله

ما زال معتكفاً على أصنامه

ما آصف يوماً وشمعون الصَّفا

مع يوشع في العلم مثل غلامه

وله في ردِّ بيتي يوسف الواسطي في الغمز على أمير المؤمنينعليه‌السلام وتخلّفه عن البيعة قوله:

ألا قل لمن قال في كفره

وربِّي على قوله شاهدُ

:[ اذا اجتمع الناس في واحد

وخالفهم في الرِّضا واحدُ ]

[ فقد دلَّ إجماعهم كلّهم

على أنَّه عقله فاسدُ ]

:كذبت وقولك غير الصحيح

وزعمك ينقده الناقدُ

فقد أجمعت قوم موسى جميعاً

على العجل يا رجس يا ماردُ

وداموا عكوفاً على عجلهم

وهارون منفردٌ فاردُ

فكان الكثير هم المخطئون

وكان المصيب هو الواحدُ

وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام :

خصَّه الله بالعلوم فأضحى

وهو يُنبئ بسرِّ كلِّ ضميرِ

حافظ العلم عن أخيه عن الله

خبيراً عن اللطيف الخبيرِ

( لفت نظر ) ذكر سيِّدنا الأمين في ( أعيان الشيعة ) ج ٦ ص ٤٠٧ ترجمة تحت عنوان [ أبي سعيد النيلي ] وأخذ ما في ( مجالس المؤمنين ) من ترجمة المترجم له وجعله ترجمةً لما عنونه، وأردفها بتحقيق في إسمه يقضى منه العجب، إستخرجه من شعر المترجم له المذكور ( دع يا سعيد هواك واستمسك بمن ) فقال:قوله:دع باسعيد ( با ) بالباء الموحَّدة مخفَّف أبا وحذف منه حرف الندا أي يا أبا. وقال ج ١٤ ص ٢٠٧:إبن مكّي اسمه سعد أو سعيد. وأرَّخ وفاته في ج ١ ص ٥٩٥ من الطبعة الأولى بسنة ٥٩٢، وفي الطبعة الثانية في القسم الثاني من الجزء الأول ١ ص ١٧٧ بسنة ٥٩٥، و نقل ترجمته عن إبن خلكان وإبن خلكان لم يذكره.

٣٩٦

ألقرن السّادس

٥١

ألخطيب الخوارزمي

ألمولود ٤٨٤

ألمتوفّى ٥٦٨

ألا هل من فتى كأبي ترابِ

إمام طاهر فوق الترابِ ؟!

إذا ما مقلتي رمدت فكحلي

ترابٌ مسَّ نعل أبي ترابِ

محمَّد النبيُّ كمصر علم

أمير المؤمنين له كبابِ

هو البكّاء في المحراب لكن

هو الضحاك في يوم الحرابِ

وعن حمراء بيت المال أمسى

وعن صفرائه صفر الوطابِ

شياطين الوغى دُحروا دحوراً

به إذ سلَّ سيفاً كالشهابِ

علىُّ بالهداية قد تحلّى

ولمّا يدَّرع برد الشبابِ

عليُّ كاسر الأصنام لمّا

علا كتف النبيِّ بلا احتجابِ

عليُّ في النساء(١) له وصيُّ

أمينٌ لم يمانع بالحجابِ

عليُّ قاتلٌ عمرو بن ودّ

بضرب عامر البلد الخرابِ

حديث براءة وغدير خمّ

وراية خيبر فصل الخطابِ

هما مثلاً كهارون وموسى

بتمثيل النبيِّ بلا ارتيابِ

بني في المسجد المخصوص باباً

له إذ سدَّ أبواب الصّحابِ

كأنَّ الناس كلّهمُ قشورٌ

ومولانا عليُّ كاللبابِ

ولايته بلا ريبٍ كطوقٍ

على رغم المعاطس في الرِّقابِ

إذا عمر تخبَّط في جواب

ونبَّهه عليُّ بالصَّوابِ

يقول بعدله:لولا علىُّ

هلكتُ هلكتُ في ذاك الجوابِ

____________________

١ - اقرأ واضحك.

٣٩٧

ففاطمةٌ ومولانا عليُّ

ونجلاه سروري في الكتابِ

ومن يك دأبه تشييد بيتٍ

فها أنا مدح أهل البيت دابي

وإن يك حبّهم هيهات عاباً

فها أنا مذ عقلت قرين عابِ

لقد قتلوا عليّاً مذ تجلّى

لأهل الحقِّ فحلاً في الضرابِ

وقد قتلوا الرِّضا الحسن المرجَّى

جواد العرب بالسمِّ المذابِ

وقد منعوا الحسين الماء ظلماً

وجُدِّل بالطعان وبالضّرابِ

ولولا زينب قتلوا عليّاً(١)

صغيراً قتل بقٍّ أو ذُبابِ

وقد صلبوا إمام الحقِّ زيداً

فيا لله من ظلم عجابِ

بنات محمَّد في الشمس عطشى

وآل يزيد في ظلِّ القبابِ

لآل يزيد من ادم خيامٌ

وأصحاب الكساء بلا ثيابِ(٢)

( ألشاعر )

الحافظ أبو المؤيّد وأبو محمَّد موفّق(٣) بن أحمد بن(٤) أبي سعيد إسحاق إبن المؤيّد المكّي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم.

كان فقيهاً غزير العلم، حافظا طايل الشهرة، محدِّثا كثير الطرق، خطيباً طاير الصيت، متمكّناً في العربيَّة، خبيراً على السيرة والتاريخ، أديباً شاعراً، له خطبٌ و شعرٌ مدوَّن.

ذكره الحموي في ( معجم الاُدباء ) في ترجمة أبي العلاء الهمداني(٥) بالحفظ، وأثنى عليه الصفدي في ( الوافي بالوفيات)، والتقيّ الفارسي في ( العقد الثمين ) في تاريخ البلد الأمين:والقفطي في ( أخبار النحاة ) والسيوطي في ( بغية الوعاة ) ص ٤٠١،

____________________

١ - يعني الامام السجاد على بن الحسين.

٢ - القصيدة تبلغ ٤٦ بيتا طبعت في آخر كتابه ( المناقب ) وتوجد جملة منها في مقتله وأخذ منها ابن شهر آشوب في مناقبه.

٣ - في الفوائد البهية:موفق الدين أحمد بن محمد وهو تصحيف. وقد ذكر اسمه في شعره موفقا كما يأتي وهكذا يوجد في المصادر القديمة.

٤ - في العقد الثمين موفق بن أحمد بن محمد.

٥ - الحافظ الحسن العطار المقري المتوفى ٥٦٩.

٣٩٨

ومحمَّد عبد الحيّ في ( الفوائد البهيَّة ) ص ٣٩، والسيِّد الخونساري في ( روضات الجنات ) ص ٢١، وجرجي زيدان في [ تاريخ آداب اللغة العربيَّة ] ٣ ص ٦٠، و صاحب ( معجم المطبوعات ) ص ١٨١٧ نقلاً عن الجواهر المضيَّة في طبقات الحنفيَّة للشيخ عبد القادر المصري، وتوجد ترجمته نقلاً عن الجواهر المضيَّة في أوَّل كتابه مناقب أبي حنيفة، والمعاجم بأسرها فارغةٌ عن بسط القول في مشايخه وتلامذته والرُّواة عنه وتآليفه القيّمة، فنحن نأخذ دروس تلكم النواحي من تآليفه وإجازات مشيخة العلم والحديث.

مشايخه في الأخذ والرواية

١ - ألحافظ نجم الدين عمر بن محمَّد بن أحمد النسفي المتوفّى ٥٣٧، أخذ منه العلم ويروي عنه.

٢ - أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري المتوفّى ٥٣٨، قرأ عليه في العربيّة والأدب ويروي عنه.

٣ - أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي(١) الهروي المتوفّى ٥٤٨، أخذ عنه الحديث في منصرفه من الحجِّ ببغداد كما في الجزء الأوّل من مقتله.

٤ - أبو الحسن عليّ بن الحسين الغزنوي الملقب بالبرهان المتوفّى ٥٥١، أخذ منه الحديث في مدينة السَّلام في داره سلخ ربيع الأوّل سنة ٥٤٤.

٥ - شيخ الدين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن محمويه الجويني البرذي المتوفّى ٥٥١.

٦ - أبو بكر محمَّد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني المتوفّى ٥٥٢، أخذ منه الحديث في مدينة السَّلام.

٧ - مجد الدين أبو الفتوح محمَّد بن أبي جعفر محمَّد الطائي المتوفّى ٥٥٥، يروي عنه مكاتبة.

٨ - زين الدين أبو منصور شهر دار بن شيرويه الديلمي المتوفّى ٥٥٨، يروي عنه بالإجازة وبينهما مكاتبات.

____________________

١ - بالفتح نسبة الى كروخ بلدة بنواحى هرات.

٣٩٩

٩ - أبو العلا ألحسن بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمَّد العطار الهمداني المتوفّى ٥٦٩ يروي عنه بالإجازة.

١٠ - أبو المظفَّر عبد الملك بن عليّ بن محمَّد الهمداني نزيل بغداد، له منه إجازة.

١١ - أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المروزي، يروي عنه بالمكاتبة.

١٢ - أبو الفرج شمس الأئمَّة محمَّد بن أحمد المكي أخوه كما نصَّ به في مقتله ويعبّر عنه هناك بالإمام الأجلّ الكبير أخي سراج الدين ركن الإسلام شمس الاُمَّة إمام الحرمين. ثمّ يترحّم عليه، يروي عنه إملاءً.

١٣ - أبو طاهر محمّد بن محمّد الشيحي الخطيب بمرو وله منه إجازة.

١٤ - أبو بكر محمّد بن الحسن بن أبي جعفر بن أبي سهل الزورقي، يروي عنه بالمكاتبة.

١٥ - أبو الفتح عبد الواحد بن الحسن الباقرحي(١)

١٦ - أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي.

١٧ - نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي، له منه إجازة كما ذكره الحموي في ( فرائد السمطين ).

١٨ - أبو داود محمّد بن سليمان بن محمّد الخيام الهمداني، يروي عنه بالمكاتبة.

١٩ - ألحسن بن النجّار يروي عنه كما في ( فرايد السمطين ) للحمويي.

٢٠ - أبو محمّد عبّاس بن محمّد بن أبي منصور الفضاري الطوسي.

٢١ - كمال الدين أبو ذر أحمد بن محمّد بن بندار.

٢٢ - أفضل الحفّاظ تاج الدين محمّد بن سمّان بن يوسف الهمداني، يروي عنه بالمكاتبة.

٢٣ - فخر الأئمَّة أبو الفضل بن عبد الرَّحمن الحفربّندي يروي عنه بالإجازة.

٢٤ - ألشيخ سعيد بن محمّد بن أبي بكر الفقيهي يروي عنه بالإجازة كما في مقتله.

٢٥ - أبو علي الحدّاد.

٢٦ - سيف الدين أبو جعفر محمّد بن عمران بن أبي علي الجمحي يروي عنه بالمكاتبة

____________________

١ - الباقرحى بفتح القاف نسبة الى باقرحا من قرى بغداد.

_٢٥_

٤٠٠