الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢

الميزان في تفسير القرآن12%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131663 / تحميل: 8004
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور عن السديّ في قوله تعالى: ومن الناس من يعجبك الآية، أنّها نزلت في الأخنس بن شريق الثّقفيّ حليف لبني زهرة، أقبل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة وقال: جئت أريد الإسلام ويعلم الله أنّي لصادق فأعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك منه فذلك قوله تعالى: ويشهد الله على ما في قلبه، ثمّ خرج من عند النبيّ فمرّ بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله: وإذا تولّى سعى في الأرض الآية.

وفي المجمع عن ابن عبّاس: نزلت الآيات الثلاثة في المرائي لأنّه يظهر خلاف ما يبطن، قال: وهو المرويّ عن الصادقعليه‌السلام .

اقول: ولكنّه غير منطبق على ظاهر الآيات. وفي بعض الروايات عن أئمّه أهل البيت أنّها من الآيات النازلة في أعدائهم.

وفي المجمع عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى: ويهلك الحرث والنسل: أنّ المراد بالحرث ههنا الدين، والنسل الإنسان.

اقول: وقد مرّ بيانه، وقد روي: أنّ المراد بالحرث الذرّيّة والزرع، والأمر في التطبيق سهل.

وفي أمالي الشيخ عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام : في قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه الآية، قال: نزلت في عليّعليه‌السلام حين بات على فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

اقول: وقد تكاثرت الروايات من طرق الفريقين أنّها نزلت في شأن ليلة الفراش، ورواه في تفسير البرهان بخمس طرق عن الثعلبيّ وغيره.

وفي الدرّ المنثور أخرج ابن مردويه عن صهيب، قال: لمّا اردت الهجرة من مكّة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت لي قريش يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك وتخرج أنت ومالك، والله لا يكون ذلك أبداً، فقلت لهم: أرأيتم إن دفعت لكم مالي تخلون عنّي؟ قالوا: نعم فدفعت إليهم مالي فخلّوا عنّي فخرجت حتّى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ربح البيع صهيب مرّتين.

١٠١

اقول: ورواه بطرق اُخرى في بعضها ونزلت: ومن الناس من يشري نفسه الآية، وفي بعضها نزلت في صهيب وأبي ذرّ بشرائهما أنفسهما بأموالهما وقد مرّ أنّ الآية لا تلائم كون المراد بالشراء الاشتراء.

وفي المجمع عن عليّعليه‌السلام : أنّ المراد بالآية الرجل يقتل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

اقول: وهو بيان لعموم الآية ولا ينافي كون النزول لشأن خاصّ.

١٠٢

( سورة البقرة آية ٢٠٨ - ٢١٠)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( ٢٠٨ ) فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( ٢٠٩ ) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ( ٢١٠ )

( بيان)

هذه الآيات وهي قوله: يا أيّها الّذين آمنوا - إلى قوله - ألا إنّ نصر الله قريب الآيه سبع آيات كاملة تبيّن طريق التحفّظ على الوحدة الدينيّة في الجامعة الإنسانيّة وهو الدخول في السلم والقصر على ما ذكره الله من القول وما أراه من طريق العمل، وأنّه لم ينفصم وحدة الدين، ولا ارتحلت سعادة الدارين، ولا حلّت الهلكة دار قوم إلّا بالخروج عن السلم، والتصرّف في آيات الله تعالى بتغييرها ووضعها في غير موضعها، شوهد ذلك في بني إسرائيل وغيرهم من الاُمم الغابرة وسيجري نظيرها في هذه الاُمّة لكنّ الله يعدهم بالنصر: إلّا إنّ نصر الله قريب.

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) ، السلم والإسلام والتسليم واحدة وكافّة كلمة تأكيد بمعنى جميعاً، ولمّا كان الخطاب للمؤمنين - وقد اُمروا بالدخول في السلم كافّة - فهو أمر متعلّق بالمجموع وبكلّ واحد من أجزائه، فيجب ذلك على كلّ مؤمن، ويجب على الجميع أيضاً أن لا يختلفوا في ذلك ويسلّموا الأمر لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأيضاً الخطاب للمؤمنين خاصّة فالسلم المدعوّ إليه هو التسليم لله سبحانه بعد الإيمان به فيجب على المؤمنين أن يسلّموا الأمر إليه، ولا يذعنوا لأنفسهم صلاحاً باستبداد من الرأي ولا يضعوا لأنفسهم من عند أنفسهم طريقاً يسلكونه من دون أن يبيّنه الله ورسوله، فما هلك قوم إلّا باتّباع الهوى والقول بغير العلم، ولم يسلب حقّ الحياة وسعادة الجدّ عن قوم إلّا عن اختلاف.

١٠٣

ومن هنا ظهر: أنّ المراد من اتّباع خطوات الشيطان ليس اتّباعه في جميع ما يدعو إليه من الباطل بل اتّباعه فيما يدعو إليه من أمر الدين بأن يزيّن شيئاً من طرق الباطل بزينة الحقّ ويسمّي ما ليس من الدين باسم الدين فيأخذ به الإنسان من غير علم، وعلامة ذلك عدم ذكر الله ورسوله إيّاه في ضمن التعاليم الدينيّة.

وخصوصيّات سياق الكلام وقيوده تدلّ على ذلك أيضاً: فإنّ الخطوات إنّما تكون في طريق مسلوك، وإذا كان سالكه هو المؤمن - وطريقه إنّما هو طريق الإيمان - فهو طريق شيطانيّ في الإيمان، وإذا كان الواجب على المؤمن هو الدخول في السلم فالطريق الّذي يسلكه من غير سلم من خطوات الشيطان، واتّباعه اتّباع خطوات الشيطان.

فالآية نظيرة قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة - ١٦٩، وقد مرّ الكلام في الآية، وقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) النور - ٢١، وقوله تعالى:( كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) الانعام - ١٤٢، والفرق بين هذه الآية وبين تلك أنّ الدعوة في هذه موجّهة إلى الجماعة لمكان قوله تعالى: كافّة بخلاف تلك الآيات فهي عامّة، فهذه الآية في معنى قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) آل عمران - ١٠٣، وقوله تعالى:( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) الأنعام - ١٥٣، ويستفاد من الآية أنّ الإسلام متكفّل لجميع ما يحتاج إليه الناس من الأحكام والمعارف الّتي فيه صلاح الناس.

قوله تعالى: ( فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ ) ، الزلّة هي العثرة، والمعنى فإن لم تدخلوا في السلم كافّة وزللتم - والزلّة هي اتّباع خطوات الشيطان - فاعلموا أنّ الله عزيز غير مغلوب في أمره، حكيم لا يتعدّى عمّا تقتضيه حكمته من القضاء في شأنكم

١٠٤

فيقضي فيكم ما تقتضيه حكمته، ويجريه فيكم من غير أن يمنع عنه مانع.

قوله تعالى: ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ) الخ، الظلل جمع ظلّة وهي ما يستظلّ به، وظاهر الآية أنّ الملائكه عطف على لفظ الجلالة، وفي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة وتبديل خطابهم بخطاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإعراض عن مخاطبتهم بأنّ هؤلاء حالهم حال من ينتظر ما أوعدناهم به من القضاء على طبق ما يختارونه من اتّباع خطوات الشيطان والاختلاف والتمزّق، وذلك بأن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، ويقضي الأمر من حيث لا يشعرون، أو بحيث لا يعبئ بهم وبما يقعون فيه من الهلاك، وإلى الله ترجع الاُمور، فلا مفرّ من حكمه وقضائه، فالسياق يقتضي أن يكون قوله: هل ينظرون، هو الوعيد الّذي أوعدهم به في قوله تعالى في الآية السابقة: فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم.

ثمّ إنّ من الضروريّ الثابت بالضرورة من الكتاب والسنّة أنّ الله سبحانه وتعالى لا يوصف بصفة الأجسام ولا ينعت بنعوت الممكنات ممّا يقضي بالحدوث، ويلازم الفقر والحاجة والنقص، فقد قال تعالى:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) الشورى - ١١، وقال تعالى:( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) الفاطر - ١٥، وقال تعالى:( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر - ٦٢، إلى غير ذلك من الآيات، وهي آيات محكمات ترجع إليها متشابهات القرآن، فما ورد من الآيات وظاهرها إسناد شئ من الصفات أو الأفعال الحادثة إليه تعالى ينبغي أن يرجع إليها، ويفهم منها معنى من المعاني لا ينافى صفاته العليا وأسمائه الحسنى تبارك وتعالى، فالآيات المشتملة على نسبة المجئ أو الإتيان إليه تعالى كقوله تعالى:( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) الفجر - ٢٢، وقوله تعالى:( فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) الحشر - ٢، وقوله تعالى:( فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ ) النحل - ٢٦، كلّ ذلك يراد فيها معنى يلائم ساحة قدسه تقدّست أسماؤه كالإحاطة ونحوها ولو مجازاً، وعلى هذا فالمراد بالإتيان في قوله تعالى: أن يأتيهم الله الإحاطة بهم للقضاء في حقّهم.

على أنّا نجده سبحانه وتعالى في موارد من كلامه إذا سلب نسبة من النسب وفعلاً من الأفعال عن استقلال الأسباب ووساطة الأوساط فربّما نسبها إلى نفسه وربّما

١٠٥

نسبها إلى أمره كقوله تعالى:( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ ) الزمر - ٤٢، وقوله تعالى:( يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ ) السجدة - ١١، وقوله تعالى:( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ) الانعام - ٦١، فنسب التوفّي تارة إلى نفسه، وتارة إلى الملائكة ثمّ قال تعالى: في أمر الملائكة:( بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنبياء - ٢٧، وكذلك قوله تعالى:( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ) يونس - ٩٣، وقوله تعالى:( فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ ) المؤمن - ٧٨، وكما في هذه الآية: أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام الآية وقوله تعالى:( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ) النحل - ٣٣.

وهذا يوجب صحّة تقدير الأمر في موارد تشتمل على نسبة أمور إليه لا تلائم كبرياء ذاته تعالى نظير: جاء ربّك، ويأتيهم الله، فالتقدير جاء أمر ربّك ويأتيهم أمر الله.

فهذا هو الّذي يوجبه البحث الساذج في معنى هذه النسب على ما يراه جمهور المفسّرين لكنّ التدبّر في كلامه تعالى يعطي لهذه النسب معنى أرقّ وألطف من ذلك، وذلك أنّ أمثال قوله تعالى:( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) الفاطر - ١٥، وقوله تعالى:( الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) ص - ٩، وقوله تعالى:( أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) طه - ٥٠، تفيد أنّه تعالى واجد لما يعطيه من الخلقة وشؤونها وأطوارها، مليئ بما يهبه ويجود به وإن كانت أفهامنا من جهة اعتيادها بالمادّة وأحكامها الجسمانيّة يصعب عليها تصوّر كيفيّة اتّصافه تعالى ببعض ما يفيض على خلقه من الصفات ونسبته إليه تعالى، لكنّ هذه المعاني إذا جرّدت عن قيود المادّة وأوصاف الحدثان لم يكن في نسبته إليه تعالى محذور فالنقص والحاجة هو الملاك في سلب معنى من المعاني عنه تعالى، فإذا لم يصاحب المعنى نقصاً وحاجة لتجريده عنه صحّ إسناده إليه تعالى بل وجب ذلك لأنّ كلّ ما يقع عليه إسم شئ فهو منه تعالى بوجه على ما يليق بكبريائه وعظمته.

فالمجئ والإتيان الّذي هو عندنا قطع الجسم مسافة بينه وبين جسم آخر بالحركة واقترابه منه إذا جرّد عن خصوصيّة المادّة كان هو حصول القرب، وارتفاع المانع والحاجز بين شيئين من جهة من الجهات، وحينئذ صحّ إسناده إليه تعالى حقيقة من غير مجاز: فإتيانه تعالى إليهم ارتفاع الموانع بينهم وبين قضائه فيهم، و

١٠٦

هذه من الحقائق القرآنيّة الّتي لم يوفّق الأبحاث البرهانيّة لنيله إلّا بعد إمعان في السير، وركوبها كلّ سهل ووعر، وإثبات التشكيك في الحقيقة الوجوديّة الأصيلة.

وكيف كان فهذه الآية تتضمّن الوعيد الّذي ينبئ عنه قوله سبحانه في الآية السابقة: إنّ الله عزيز حكيم، ومن الممكن أن يكون وعيداً بما سيستقبل القوم في الآخرة يوم القيامة كما هو ظاهر قوله تعالى في نظير الآية:( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ) النحل - ٣٣، ومن الممكن أن يكون وعيداً بأمر متوقّع الحصول في الدنيا كما يظهر بالرجوع إلى ما في سورة يونس بعد قوله تعالى:( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ) يونس - ٤٧، وما في سورة الروم بعد قوله تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) الروم - ٣٠، وما في سورة الأنبياء وغيرها على أنّ الآخرة آجلة هذه العاجلة وظهور تامّ لما في هذه الدنيا، ومن الممكن أيضاً أن يكون وعيداً بما سيقع في الدنيا والآخرة معاً، وكيف كان فقوله في ظلل من الغمام يشتمل من المعنى على ما يناسب مورده.

قوله تعالى: ( وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) السكوت عن ذكر فاعل القضاء، وهو الله سبحانه كما يدلّ عليه قوله: وإلى الله ترجع الاُمور، لإظهار الكبرياء على ما يفعله الأعاظم في الإخبار عن وقوع أحكامهم وصدور أوامرهم وهو كثير في القرآن.

( بحث روائي)

قد تقدّم في قوله تعالى: يا أيّها الناس كلوا ممّا في الأرض حلالاً طيّباً الآية عدّة روايات تؤيّد ما ذكرناه من معنى اتّباع خطوات الشيطان فارجع، وفي بعض الروايات أنّ السلم هو الولاية وهو من الجرى على ما مرّ مراراً في نظائره.

وفي التوحيد والمعاني عن الرضاعليه‌السلام في قوله تعالى:( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ) قال: يقول: هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام وهكذا نزلت، وعن قول الله عزّوجلّ:( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) قال: إنّ الله عزّوجلّ لا يوصف بالمجئ والذهاب، تعالى عن الانتقال وإنّما يعني به وجاء أمر ربّك والملك صفّاً صفّاً.

١٠٧

اقول: قولهعليه‌السلام يقول هل ينظرون، معناه يريد هل ينظرون فهو تفسير للآية وليس من قبيل القرائه.

والمعنى الّذي ذكره هو بعينه ما قرّبناه من كون المراد بإتيانه تعالى إتيان أمره فإنّ الملائكة إنّما تعمل ما تعمل وتنزل حين تنزل بالأمر، قال تعالى:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنبياء - ٢٧، وقال تعالى:( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ) النحل - ٢.

وههنا معنى آخر احتمله بعضهم وهو أن يكون الاستفهام الإنكاريّ في قوله: هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله الخ لإنكار مجموع الجملة لا لإنكار المدخول فقط، والمعنى أنّ هؤلاء لا ينتظرون إلّا أمراً محالاً وهو: أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام كما يأتي الجسم إلى الجسم، ويأتي معه الملائكة فيأمرهم وينهاهم وهو محال، فهو كناية عن استحالة تقويمهم بهذه المواعظ والتنبيهات. وفيه: أنّه لا يلائم ما مرّ: أنّ الآيات ذات سياق واحد ولازمه أن يكون الكلام متوجّهاً إلى حال المؤمنين، والمؤمنون لا يلائم حالهم مثل هذا البيان، على أنّ الكلام لو كان مسوقاً لإفادة ذلك لم يخل من الردّ عليهم كما هو دأب القرآن في أمثال ذلك كقوله تعالى:( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ) الفرقان - ٢١، وقوله تعالى:( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ) الأنبياء - ٢٦.

على أنّه لم يكن حينئذ وجه لقوله تعالى: في ظلل من الغمام، ولا نكتة ظاهرة لبقيّة الكلام وهو ظاهر.

( بحث روائي آخر)

إعلم أنّه ورد عن أئمّه أهل البيت تفسير الآية بيوم القيامة كما في تفسير العيّاشيّ عن الباقرعليه‌السلام وتفسيرها بالرجعة كما رواه الصدوق عن الصادقعليه‌السلام ، تفسيرها بظهور المهديّعليه‌السلام كما رواه العيّاشيّ في تفسيره عن الباقرعليه‌السلام بطريقين.

ونظائره كثيرة فإذا تصفّحت وجدت شيئاً كثيراً من الآيات ورد تفسيرها عن

١٠٨

أئمّه أهل البيت تارة بالقيامة واُخرى بالرجعة وثالثة بالظهور، وليس ذلك إلّا لوحدة وسنخيّة بين هذه المعاني، والناس لمّا لم يبحثوا عن حقيقة يوم القيامة ولم يستفرغوا الوسع في الكشف عمّا يعطيه القرآن من هويّة هذا اليوم العظيم تفرّقوا في أمر هذه الروايات، فمنهم من طرح هذه الروايات، وهي مآت وربّما زادت على خمسمأة رواية في أبواب متفرّقة، ومنهم من أوّلها على ظهورها وصراحتها، ومنهم - وهم أمثل طريقة - من ينقلها ويقف عليها من غير بحث.

وغير الشيعة وهم عامّة المسلمين وإن أذعنوا بظهور المهديّ ورووه بطرق متواترة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكنّهم أنكروا الرجعة وعدّوا القول بها من مختصّات الشيعة، وربّما لحق بهم في هذه الأعصار بعض المنتسبين إلى الشيعة، وعدّ ذلك من الدس الّذي عمله اليهود وبعض المتظاهرين بالإسلام كعبدالله بن سبأ وأصحابه، وبعضهم رام إبطال الرجعة بما زعمه من الدليل العقليّ فقال: ما حاصله: إنّ الموت بحسب العناية الإلهيّة لا يطرء على حي حتّى يستكمل كمال الحياة ويخرج من القوّة إلى الفعل في كلّ ما له من الكمال فرجوعه إلى الدنيا بعد موته رجوع إلى القوّة وهو بالفعل، هذا محال إلّا أن يخبر به مخبر صادق وهو الله سبحانه أو خليفة من خلفائه كما أخبر به في قصص موسى وعيسى وإبراهيمعليهم‌السلام وغيرهم. ولم يرد منه تعالى ولا منهم في أمر الرجعة شئ وما يتمسّك به المثبتون غير تامّ، ثمّ أخذ في تضعيف الروايات فلم يدع منها صحيحة ولا سقيمة، هذا.

ولم يدر هذا المسكين أنّ دليله هذا لو تمّ دليلاً عقليّاً أبطل صدره ذيله فما كان محالاً ذاتيّاً لم يقبل استثنائاً ولم ينقلب بإخبار المخبر الصادق ممكناً، وأنّ المخبر بوقوع المحال لا يكون صادقاً ولو فرض صدقه في إخباره أوجب ذلك اضطراراً تأويل كلامه إلى ما يكون ممكناً كما لو أخبر بأنّ الواحد ليس نصف الإثنين، وأنّ كلّ صادق فهو بعينه كاذب.

وما ذكره من امتناع عود ما خرج من القوّة إلى الفعل إلى القوّة ثانياً حقّ لكن الصغرى ممنوعة فإنّه إنّما يلزم المحال المذكور في إحياء الموتى ورجوعهم إلى الدنيا

١٠٩

بعد الخروج عنها إذا كان ذلك بعد الموت الطبيعيّ الّذي افترضوه، وهو أن تفارق النفس البدن بعد خروجها من القوّة إلى الفعل خروجاً تامّاً ثمّ مفارقتها البدن بطباعها. وأمّا الموت الاختراميّ الّذي يكون بقسر قاسر كقتل أو مرض فلا يستلزم الرجوع إلى الدنيا بعده محذوراً، فإنّ من الجائز أن يستعدّ الإنسان لكمال موجود في زمان بعد زمان حياته الدنيويّة الاُولى فيموت ثمّ يحيى لحيازة الكمال المعدّ له في الزمان الثاني، أو يستعدّ لكمال مشروط بتخلّل حياة ما في البرزخ فيعود إلى الدنيا بعد استيفاء الشرط، فيجوز على أحد الفرضين الرجعة إلى الدنيا من غير محذور المحال وتمام الكلام موكول إلى غير هذا المقام.

وأمّا ما ناقشه في كلّ واحد من الروايات ففيه: أنّ الروايات متواترة معنى عن أئمّه أهل البيت، حتّى عدّ القول بالرجعة عند المخالفين من مختصّات الشيعة وأئمّتهم من لدن الصدر الأوّل، والتواتر لا يبطل بقبول آحاد الروايات للخدشة والمناقشة، على أنّ عدّة من الآيات النازلة فيها، والروايات الواردة فيها تامّة الدلالة قابلة الاعتماد، وسيجئ التعرّض لها في الموارد المناسبة لها كقوله تعالى:( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) النمل: ٨٣ وغيره من الآيات.

على أنّ الآيات بنحو الإجمال دالّة عليها كقوله تعالى:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ) البقرة - ٢١٤، ومن الحوادث الواقعة قبلنا ما وقع من إحياء الأموات كما قصّه القرآن من قصص إبراهيم وموسى وعيسى وعزير وأرميا وغيرهم، وقد قال رسول الله فيما رواه الفريقان:( والّذي نفسي بيده لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة حتّي لا تخطؤن طريقهم ولا يخطئكم سنن بني اسرائيل) .

على أنّ هذه القضايا الّتي أخبرنا بها أئمّة أهل البيت من الملاحم المتعلّقة بآخر الزمان، وقد أثبتها النقلة والرواة في كتب محفوظة النسخ عندنا سابقة تأليفاً وكتابة على الوقوع بقرون وأزمنة طويلة نشاهد كلّ يوم صدق شطر منها من غير زيادة ونقيصة فلنحقّق صحّة جميعها وصدق جميع مضامينها.

١١٠

ولنرجع إلى بدء الكلام الّذي كنّا فيه وهو ورود تفسير آية واحدة بيوم القيامة تارة، وبالرّجعة أو الظهور تارة اُخرى، فنقول: الّذي يتحصّل من كلامه تعالى فيما ذكره تعالى من أوصاف يوم القيامة ونعوته أنّه يوم لا يحجب فيه سبب من الأسباب ولاشاغل من الشواغل عنه سبحانه فيفنى فيه جميع الأوهام ويظهر فيه آياته كمال الظهور وهذا يوم لا يبطل وجوده وتحقّقه تحقّق هذا النشأة الجسمانيّة ووجودها فلا شئ يدلّ على ذلك من كتاب وسنّة بل الأمر على خلاف ذلك غير أنّ الظاهر من الكتاب والسنّة أنّ البشر أعني هذا النسل الّذي أنهاه الله سبحانه إلى آدم وزوجته سينقرض عن الدنيا قبل طلوع هذا اليوم لهم.

ولا مزاحمة بين النشأتين أعني نشأة الدنيا ونشأة البعث، حتّى يدفع بعضها بعضاً كما أنّ النشأة البرزخيّة وهي ثابتة الآن للأموات منّا لا تدفع الدنيا، ولا الدنيا تدفعها، قال تعالى:( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النحل - ٦٣.

فهذه حقيقة يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ، ولذلك ربّما سمّي يوم الموت بالقيامة لارتفاع حجب الأسباب عن توهّم الميّت، فعن عليّعليه‌السلام (من مات قامت قيامته)، وسيجئ بيان الجميع إنشاء الله.

والروايات المثبتة للرجعة وإن كانت مختلفة الآحاد إلّا أنّها على كثرتها متّحدة في معنى واحد وهو أنّ سير النظام الدنيويّ متوجّه إلى يوم تظهر فيه آيات الله كلّ الظهور، فلا يعصي فيه سبحانه وتعالى بل يعبد عباده خالصة، لا يشوبها هوى نفس، ولا يعتريه اغواء الشيطان، ويعود فيه بعض الأموات من أولياء الله تعالى وأعدائه إلى الدنيا، ويفصل الحقّ من الباطل.

وهذا يفيد: أنّ يوم الرجعة من مراتب يوم القيامة، وإن كان دونه في الظهور لإمكان الشرّ والفساد فيه في الجملة دون يوم القيامة، ولذلك ربّما اُلحق به يوم ظهور المهديّعليه‌السلام أيضاً تمام لظهور الحقّ فيه أيضاً تمام الظهور وإن كان هو أيضاً دون الرجعة وقد

١١١

ورد عن أئمّة أهل البيت: (أيّام الله ثلاثة: يوم الظهور ويوم الكرّة ويوم القيامة) وفي بعضها: (أيّام الله ثلاثة: يوم الموت ويوم الكرّة ويوم القيامة)، وهذا المعنى أعني الاتّحاد بحسب الحقيقة، والاختلاف بحسب المراتب هو الموجب لما ورد من تفسيرهمعليهم‌السلام بعض الآيات بالقيامة تارة وبالرجعة اُخرى وبالظهور ثالثة، وقد عرفت ممّا تقدّم من الكلام أنّ هذا اليوم ممكن في نفسه بل واقع، ولا دليل مع المنكر يدلّ على نفيه.

١١٢

( سورة البقرة آية ٢١١ - ٢١٢)

سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( ٢١١ ) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( ٢١٢ )

( بيان)

قوله تعالى: ( سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ ) الخ، تثبيت وتأكيد لما اشتمل عليه قوله تعالى: فإن زللتم مبعد ماجائتكم البيّنات فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم، الآية من الوعيد بأخذ المخالفين أخذ عزيز مقتدر.

يقول: هذه بنو إسرائيل في مرآكم ومنظركم وهي الاُمّة الّتي آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوّة والملك، ورزقهم من الطيّبات، وفضّلهم على العالمين، سلهم كم آتيناهم من آية بيّنة؟ وانظر في أمرهم من أين بدئوا وإلى أين كان مصيرهم؟ حرّفوا الكلم عن مواضعه، ووضعوا في قبال الله وكتابه وآياته اُموراً من عند أنفسهم بغياً بعد العلم، فعاقبهم الله أشدّ العقاب بما حلّ فيهم من اتّخاذ الأنداد، والاختلاف وتشتّت الآراء، وأكل بعضهم بعضاً، وذهاب السودد، وفناء السعادة، وعذاب الذلّة، والمسكنة في الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون.

وهذه هي السنّة الجارية من الله سبحانه: من يبدّل نعمة وأخرجها إلى غير مجراها فإنّ الله يعاقبه، والله شديد العقاب، وعلي هذا فقوله: ومن يبدّل نعمة الله إلى قوله العقاب من قبيل وضع الكلّيّ موضع الجزئيّ للدلالة على الحكم، سنّة جارية.

قوله تعالى: ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) ، في موضع التعليل لما مرّ، وإنّ الملاك في ذلك تزيّن الحياة الدنيا لهم فإنّها إذا زيّنت لإنسان دعته إلى هوى النفس وشهواتها، وأنست كلّ حقّ وحقيقة، فلا يريد الإنسان إلّا نيلها: من جاه ومقام

١١٣

ومال وزينة، فلا يلبث دون أن يستخدم كلّ شئ لأجلها وفي سبيلها، ومن ذلك الدين فيأخذ الدين وسيلة يتوسّل بها إلى التميّزات والتعيّنات، فينقلب الدين إلى تميّز الزعماء والرؤساء ومايلائم سوددهم ورئاستهم، وتقرّب التبعة والمقلّدة المرئوسين وما يجلب به تمائل رؤسائهم وساداتهم كما نشاهده في اُمّتنا اليوم، وكنّا شاهدناه في بني أسرائيل من قبل، وظاهر الكفر في القرآن هو الستر أعمّ من أن يكون كفراً اصطلاحيّاً أو كفراً مطلقاً في مقابل الإيمان المطلق فتزيّن الحياة الدنيا لا يختصّ بالكفّار اصطلاحاً بل كلّ من ستر حقيقة من الحقائق الدينيّة، وغير نعمة دينيّة فهو كافر زيّنت له الحياة الدنيا فليتهيّأ لشديد العقاب.

قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) الخ، تبديل الإيمان بالتقوى في هذه الجملة لكون الإيمان لا ينفع وحده لولا العمل.

١١٤

( سورة البقرة آية ٢١٣)

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( ٢١٣ )

( بيان)

الآية تبيّن السبب في تشريع أصل الدين وتكليف النوع الإنسانيّ به، وسبب وقوع الاختلاف فيه ببيان: أنّ الإنسان - وهو نوع مفطور على الاجتماع والتعاون - كان في أوّل اجتماعه اُمّة واحدة ثمّ ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في اقتناء المزايا الحيويّة، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة، والمشاجرات في لوازم الحياة فاُلبست القوانين الموضوعة لباس الدين، وشفّعت بالتبشير والإنذار: بالثواب والعقاب، واُصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيّين، وإرسال المرسلين، ثمّ اختلفوا في معارف الدين أو اُمور المبدء والمعاد، فاختلّ بذلك أمر الوحدة الدينيّة، وظهرت الشّعوب والأحزاب، وتبع ذلك الاختلاف في غيره، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إلّا بغياً من الّذين أوتوا الكتاب، وظلماً وعتوّاً منهم بعد ما تبيّن لهم اُصوله ومعارفه، وتمّت عليهم الحجّة. فالاختلاف اختلفان: اختلاف في أمر الدين مستند إلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم، واختلاف في أمر الدنيا وهو فطريّ وسبب لتشريع الدين، ثمّ هدى الله سبحانه المؤمنين إلى الحقّ المختلف فيه بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

فالدين الإلهيّ هو السبب الوحيد لسعادة هذا النوع الإنسانيّ، والمصلح لأمر حياته، يصلح الفطرة بالفطرة ويعدّل قواها المختلفة عند طغيانها، وينظّم للإنسان سلك حياته الدنيويّة والاُخرويّة، والمادّيّة والمعنويّة، فهذا إجمال تاريخ حياة هذا

١١٥

النوع (الحياة الإجتماعيّة والدينيّة) على ما تعطيه هذه الآية الشريفة.

وقد اكتفت في تفصيل ذلك بما تفيده متفرّقات الآيات القرآنيّة النازلة في شئون مختلفة.

( بدء تكوين الإنسان)

ومحصّل تبيّنه تلك الآيات على تفرّقها أنّ النوع الإنسانيّ ولاكلّ نوع إنسانيّ بل هذا النسل الموجود من الإنسان ليس نوعاً مشتقّاً من نوع آخر حيوانيّ أو غيره: حوّلته إليه الطبيعة المتحوّلة المتكاملة، بل هو نوع أبدعه الله تعالى من الأرض، فقد كانت الأرض وما عليها والسماء ولا إنسان ثمّ خلق زوجان اثنان من هذا النوع وإليهما ينتهي هذا النسل الموجود، قال تعالى:( إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ) الحجرات - ١٣، وقال تعالى:( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) الأعراف - ١٨٩، وقال تعالى:( كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ) آل عمران - ٥٩، وأمّا ما افترضه علماء الطبيعة من تحوّل الأنواع وأنّ الإنسان مشتقّ من القرد، وعليه مدار البحث الطبيعيّ اليوم أو متحوّل من السمك على ما احتمله بعض فإنّما هي فرضيّة، والفرضيّة غير مستند إلى العلم اليقينيّ وإنّما توضع لتصحيح التعليلات والبيانات العلميّة، ولا ينافي اعتبارها اعتبار الحقائق اليقينيّة، بل حتّى الامكانات الذهنيّة، إذ لااعتبار لها أزيد من تعليل الآثار والأحكام المربوطة بموضوع البحث، وسنستوعب هذا البحث إنشاء الله في سورة آل عمران في قوله تعالى:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ) آل عمران - ٥٩.

( تركبه من روح وبدن)

وقد أنشأ الله هذا النوع - حين ما أنشاء - مركّباً من جزئين ومؤلّفاً من جوهرين، مادّة بدنيّة، وجوهر مجرّد هي النفس والروح، وهما متلازمان ومتصاحبان ما دامت الحياة الدنيويّة، ثمّ يموت البدن ويفارقه الروح الحيّة، ثمّ يرجع الإنسان إلى الله سبحانه، قال تعالى:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ

١١٦

ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) المؤمنون - ١٦، (انظر إلى موضع قوله ثمّ أنشأناه خلقاً آخر)، وفي هذا المعنى قوله تعالى:( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ص - ٧٢، وأوضح من الجميع قوله سبحانه:( وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة - ١١، فإنّه تعالى أجاب عن إشكالهم بتفرّق الأعضاء والأجزاء واستهلاكها في الأرض بعد الموت فلا تصلح للبعث بأنّ ملك الموت يتوفآهم ويضبطهم فلا يدعهم، فهم غير أبدانهم! فأبدانهم تضلّ في الأرض لكنّهم أي نفوسهم غير ضالّة ولافائتة ولامستهلكة وسيجئ إنشاء الله استيفاء البحث عمّا يعطيه القرآن في حقيقة الروح الإنسانيّ في المحلّ المناسب له.

( شعوره الحقيقي وارتباطه بالأشياء)

وقد خلق الله سبحانه هذا النوع، وأودع فيه الشعور، وركّب فيه السمع والبصر والفؤاد، ففيه قوّة الإدراك والفكر، بها يستحضر ما هو ظاهر عنده من الحوادث وما هو موجود في الحال وما كان وما سيكون ويؤل إليه أمر الحدوث والوقوع، فله إحاطة مّابجميع الحوادث، قال تعالى:( عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) العلق - ٥، وقال تعالى:( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ) النحل - ٧٨، وقال تعالى:( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) البقرة - ٣١، وقد اختار تعالى لهذا النوع سنخ وجود يقبل الارتباط بكلّ شئ، ويستطيع الانتفاع من كلّ أمر، أعمّ من الاتّصال أو التوسّل به إلى غيره بجعله آلة وأداة للاستفادة من غيره، كما نشاهده من عجيب احتيالاته الصناعيّة، وسلوكه في مسالكه الفكريّة، قال تعالى:( خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ) البقرة - ٢٩، وقال تعالى:( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ) الجاثية - ١٣، إلى غير ذلك من الآيات الناطقة بكون الأشياء مسخّرة للإنسان.

١١٧

( علومه العمليّة)

وأنتجت هاتان العنايتان: أعني قوّة الفكر والإدراك ورابطة التسخير عناية ثالثة عجيبة وهي أن يهيّئ لنفسه علوماً وإدراكات يعتبرها اعتباراً للورود في مرحلة التصرّف في الأشياء وفعليّة التأثير والفعل في الموجودات الخارجة عنه للانتفاع بذلك في حفظ وجوده وبقائه.

توضيح ذلك: أنّك إذا خلّيت ذهنك وأقبلت به على الإنسان - هذا الموجود الأرضيّ الفعّال بالفكر والإرادة - واعتبرت نفسك كأنّك أوّل ما تشاهده وتقبل عليه وجدت الفرد الواحد منه أنّه في أفعاله الحيويّة يوسّط إدراكات وأفكاراً جمّةً غير محصورة يكاد يدهش من كثرتها واتّساع أطرافها وتشتّت جهاتها العقل، وهي علوم كانت العوامل في حصولها واجتماعها وتجزّيها وتركّبها الحواسّ الظاهرة والباطنة من الإنسان، أو تصرّف القوّة الفكريّة فيها تصرّفاً ابتدائيّاً أو تصرّفاً بعد تصرّف، وهذا أمر واضح يجده كلّ إنسان من نفسه ومن غيره لا يحتاج في ذلك إلى أزيد من تنبيه وإيقاظ.

ثمّ إذا كرّرت النظر في هذه العلوم والإدراكات وجدت شطراً منها لا يصلح لأن يتوسّط بين الإنسان وبين أفعاله الإراديّة كمفاهيم الأرض والسماء والماء والهواء والإنسان والفرس ونحو ذلك من التصوّرات، وكمعاني قولنا: الأربعة زوج، والماء جسم سيّال، والتفّاح أحد الثمرات، وغير ذلك من التصديقات، وهي علوم وإدراكات تحقّقت عندنا من الفعل والانفعال الحاصل بين المادّة الخارجيّة وبين حواسّنا وأدواتنا الإدراكيّة، ونظيرها علمنا الحاصل لنا من مشاهدة نفوسنا وحضورها لدينا (ما نحكي عنه بلفظ أنا)، والكلّيّات الآخر المعقولة، فهذه العلوم والإدراكات لا يوجب حصولها لنا تحقّق إرادة ولاصدور فعل، بل إنّما تحكي عن الخارج حكاية.

وهناك شطر آخر بالعكس من الشطر السابق كقولنا: إنّ هناك حسناً وقبحاً وما ينبغي أن يفعل وما يجب أن يترك، والخير يجب رعايته، والعدل حسن، والظلم قبيح ومثل مفاهيم الرئاسة والمرؤسيّة، والعبديّة والمولويّة فهذه سلسلة من الأفكار والإدراكات

١١٨

لاهمّ لنا إلّا أن نشتغل بها ونستعملها ولا يتمّ فعل من الأفعال الإراديّة إلّا بتوسيطها والتوسّل بها لاقتناء الكمال وحيازة مزايا الحياة.

وهي مع ذلك لا تحكي عن اُمور خارجيّة ثابتة في الخارج مستقلّة عنّا وعن أفهامنا كما كان الأمر كذلك في القسم الأوّل فهي علوم وإدراكات غير خارجة عن محوّطة العمل ولاحاصلة فينا عن تأثير العوامل الخارجيّة، بل هي ممّا هيّأناه نحن واُلهمناه من قبل إحساسات باطنيّة حصلت فينا من جهة اقتضاء قوانا الفعّالة، وجهازاتنا العاملة للفعل والعمل، فقوانا الغاذية أو المولّدة للمثل بنزوعها نحو العمل، ونفورها عمّا لايلائمها يوجب حدوث صور من الإحساسات: كالحبّ والبغض، والشوق والميل والرغبة، ثمّ هذه الصور الإحساسيّة تبعثنا إلى اعتبار هذه العلوم والإدراكات من معنى الحسن والقبح، وينبغي ولا ينبغي، ويجب ويجوز، إلى غير ذلك، ثمّ بتوسّطها بيننا وبين المادّة الخارجيّة وفعلنا المتعلّق بها يتمّ لنا الأمر، فقد تبيّن أنّ لنا علوماً وإدراكات لا قيمة لها إلّا العمل، (وهي المسمّاة بالعلوم العمليّة) ولاستيفاء البحث عنها محلّ آخر.

والله سبحانه ألهمها الإنسان ليجهّزه للورود في مرحلة العمل، والأخذ بالتصرّف في الكون، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، قال تعالى:( الّذي أعطى كلّ شئ خلقه ثمّ هدى ) طه - ٥٠، وقال تعالى:( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) الأعلى - ٣، وهذه هداية عامّة لكلّ موجود مخلوق إلى ما هو كمال وجوده، وسوق له إلى الفعل والعمل لحفظ وجوده وبقائه، سواء كان ذا شعور أو فاقدا للشعور.

وقال تعالى في الإنسان خاصّة:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) الشمس - ٨، فأفاد أنّ الفجور والتقوى معلومان للإنسان بإلهام فطريّ منه تعالى، وهما ما ينبغي أن يفعله أو يراعيه وما لا ينبغي، وهي العلوم العمليّة الّتي لا اعتبار لها خارجة عن النفس الإنسانيّة، ولعلّه إليه الإشارة بإضافة الفجور والتقوى إلى النفس.

وقال تعالى:( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت - ٦٤، فإنّ اللعب لا حقيقة له إلّا الخيال فقط، كذا الحياة الدنيا:

١١٩

من جاه ومال وتقدّم وتأخّر ورئاسة ومرؤوسيّة وغير ذلك إنّما هي اُمور خياليّة لا واقع لها في الخارج عن ذهن الذاهن، بمعنى أنّ الّذي في الخارج إنّما هو حركات طبيعيّة يتصرّف بها الإنسان في المادّة من غير فرق في ذلك بين أفراد الإنسان وأحواله.

فالموجود بحسب الواقع من( الإنسان الرئيس ) إنسانيّته، وأمّا رئاسته فإنّما هي في الوهم، ومن( الثوب المملوك ) الثوب مثلاً، وأمّا أنّه مملوك فأمر خياليّ لا يتجاوز حدّ الذهن، وعلى هذا القياس.

( جريه على استخدام غيره انتفاعا)

فهذه السلسلة من العلوم والإدراكات هي الّتي تربط الإنسان بالعمل في المادّة، ومن جملة هذه الأفكار والتصديقات تصديق الإنسان بأنّه يجب أن يستخدم كلّ ما يمكنه استخدامه في طريق كماله، وبعبارة اُخرى إذعانه بأنّه ينبغي أن ينتفع لنفسه، ويستبقي حياته بأيّ سبب أمكن، وبذلك يأخذ في التصرّف في المادّة، ويعمل آلات من المادّة، يتصرّف بها في المادّة كاستخدام السكّين للقطع، واستخدام الإبرة للخياطة، واستخدام الإناء لحبس المايعات، واستخدام السلّم للصعود، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى كثرة، ولا يحدّ من حيث التركيب والتفصيل، وأنواع الصناعات والفنون المتّخذة لبلوغ المقاصد والأغراض المنظور فيها.

وبذلك يأخذ الإنسان أيضاً في التصرّف في النبات بأنواع التصرّف، فيستخدم أنواع النبات بالتصرّف فيها في طريق الغذاء واللباس والسكنى وغير ذلك، وبذلك يستخدم أيضاً أنواع الحيوان في سبيل منافع حياته، فينتفع من لحمها ودمها وجلدها وشعرها ووبرها وقرنها وروثها ولبنها ونتاجها وجميع أفعالها، ولا يقتصر على سائر الحيوان دون أن يستخدم سائر أفراد نوعه من الآدميّين، فيستخدمها كلّ استخدام ممكن، ويتصرّف في وجودها وأفعالها بما يتيسّر له من التصرّف، كلّ ذلك ممّا لا ريب فيه.

( كونه مدنيا بالطبع)

غير أنّ الإنسإن لمّا وجد ساير الأفراد من نوعه، وهم أمثاله، يريدون منه ما يريده منهم، صالحهم ورضى منهم أن ينتفعوا منه وزان ما ينتفع منهم، وهذا

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

طهرت تغسل رأسها بالخطمي؟ فقال: يجزيها الماء "(١) .

٢٧٥٩ - وروى جميل عنه عليه السلام أنه قال " في الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية إنها تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة "(٢) .

٢٧٦٠ - وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات، فقال: تصير حجة مفردة وعليها دم اضحيتها "(٣) .

٢٧٦١ - وروى صفوان، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلي فلم تطهر إلا يوم التروية وطهرت وطافت بالبيت ولم تسع بن الصفا والمروة(٤) حتى شخصت إلى عرفات هل تعتد بذلك الطواف أو تعيد قبل الصفا والمروة؟ قال: تعتد بذلك الطواف الاول وتبني عليه"(٥) .

٢٧٦٢ - وروى أبان، عن زرارة قال: " سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت

___________________________________

(١) يدل على استحباب اجتناب المحرمة من الخطمى. (م ت)

(٢) يدل على أنها إذا قدمت مكة وهى حائض تجعل عمرتها حجة وتحج وتعتمر بعده.

(٣) رواه الشيخ ره في الاستبصار ج ٢ ص ٣١٠: وفيه " عليها دم تهريقه وهى اضحيتها " وقال الشيخ محمولة على الاستحباب دون الوجوب لانه إذا فاتتها المتعة صارت حجتها مفردة وليس على المفرد هدى انتهى، وقيل: لعل في العدول عن الهدى إلى الاضحية اشعارا بان ذلك على الاستحباب.

(٤) اما لضيق الوقت أو لنسيان، وقيل: ظاهر العبارة مشعر بأنه لم يفت منها من أفعال العمرة الا السعى فتكون قد قصرت وأحرمت بالحج.

(٥) الظاهر أنها قصرت وأحلت وأهلت بالحج ولم تسع فحينئذ تقضى السعى ولو طافت وذهبت إلى عرفات فيمكن أن تصير حجها مفردا ويكون عدم الاحتياج إلى الطواف لذلك، أو يكون مغتفرا بالنظر إلى المعذور الجاهل أو أحدهما وهو الاظهر من الخبر. (م ت)

٣٨١

قبل أن تصلي الركعتين فقال: ليس عليها إذا طهرت إلا الركعتين وقد قضت الطواف "(١) .

٢٧٦٣ - وروى أبان، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاء‌ت "(٣) .

٢٧٦٤ - وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت فاستحيت أن تعلم أهلها وزوجها حتى قضت المناسك وهي على تلك الحالة وواقعها زوجها ورجعت إلى الكوفة، فقالت لاهلها: قد كان من الامر كذا وكذا، فقال: عليها سوق بدنة والحج من قابل(٣) وليس على زوجها شئ ".

٢٧٦٥ - وروى فضالة بن أيوب، عن الكاهلي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن النساء في إحرامهن، فقال: يصلحن ما أردن أن يصلحن(٤) فإذا وردن الشجرة أهللن بالحج ولبين عند الميل أول البيداء، ثم يؤتى بهن مكة يبادر بهن الطواف السعي(٥) فإذا قضين طوافهن وسعيهن قصرن وجازت(٦) متعة، ثم أهللن يوم التروية بالحج

___________________________________

(١) يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل الصلاة صحت متعتها.

(٢) قال العلامة المجلسى رحمه الله: لعل الاوفق باصول الاصحاب حمله على الاستنابة في بقية الطواف وان كان ظاهر الخبر الاجتزاء بذلك كظاهر كلام الشيخ في التهذيب (ج ١ ص ٥٦٠ والعلامة في التحرير والاحوط الاستنابة.

(٣) سوق بدنة حمل على ما إذا كانت عالمة بالحكم واستحيت عن اظهار ذلك (المرآة) والحج بسبب أنها كانت محرمة لم تحل لان الطوافين اللذين وقع منها كانا باطلين لعدم الطهارة لكن الجماع وقع بعد الموقفين الا أن يقال عمرة التمتع بمنزلة جزء الحج فكانها كانت في العمرة لعدم التحلل فيكون قبل المشعر كما في الرواية وقبل الموقفين كما قاله الاصحاب أو لان حجها كانت باطلة فليزم عليها حجة الاسلام لا حج العقوبة وهو الاظهر. (م ت)

(٤) يعنى من حلق العانة أو نتفها والنورة وغير ذلك ولما قبح ذكر بعض هذه الاشياء عبر عنه بهذه العبارة. (م ت)

(٥) لئلا يحصل الحيض بالتأخير. (م ت)

(٦) في بعض النسخ " صارت ".

٣٨٢

وكانت عمرة وحجة، وإن اعتللن كن على حجهن(١) ولم يفردن حجهن ".

٢٧٦٦ - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أطوف أو أقل من ذلك ثم رأت دما، فقال: تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى "(٢) .

وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام مثله.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: وبهذا الحديث افتي دون الحديث الذي رواه:

٢٧٦٧ - ابن مسكان، عن إبراهيم بن إسحاق، عمن سأل أبا عبدالله عليه السلام " عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت، قال: تتم طوافها وليس عليها غيره، ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف بعد الحج فان أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعر انه أو إلى التنعيم فلتعتمر "(٣) .

لان هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الاول رخصة ورحمة، وإسناده متصل وإنما لا تسعى الحائض التي حاضت قبل الاحرام بين الصفا والمروة وتقضي المناسك

___________________________________

(١) أى حج التمتع بقرينة " ولم يفردن حجهن " ويحتمل أن يكون المراد حج الافراد وقوله " ولم يفردن " أى في أول الامر بل ان حصل العذر أفردن.(م ت)

(٢) قال المولى المجلسى رحمه الله: يدل على الاكتفاء بالثلاث وان لم يتجاوز النصف.

وحمله الشيخ على طواف النافلة وقال: ان طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استينافه من أوله ولا يجوز البناء عليه ان كان أقل من النصف ويجوز في النافلة البناء.

(٣) ذكر المصنف للمعارضة خبرا واحدا مع أنه وردت أخبار كمرسل الكلينى عن أحمد بن عمر الحلال عن أبى الحسن عليه السلام وما رواه في الضعيف عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج ٤ ص ٤٤٨ و ٤٤٩، وما رواه الشيخ في الضعيف عن سعيد الاعرج عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج ١ ص ٥٥٩.

٣٨٣

كلها لانها لا تقدر أن تقف بعرفة إلا عشية عرفة ولا بالمشعر(١) إلا يوم النحر ولا ترمي الجمار إلا بمنى(٢) وهذا إذا طهرت قضته.

باب الوقت الذى إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع  (٣)

٢٧٦٨ - روى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومرازم، وشعيب عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم(٤) فيأتي منى فقال: لا بأس ".

٢٧٦٩ - وروى الحسين بن سعيد(٥) عن حماد، عن محمد بن ميمون قال: " قدم أبوالحسن عليه السلام متمتعا ليلة عرفة فطاف وأحل وأتى بعض جواريه، ثم أهل

___________________________________

(١) لعل مراده أنه إذا حاضت قبل السعى أو قبل احرام الحج انما تؤخر السعى وتقضيه بعد، بخلاف مناسك الحج فانها تفعلها حائضا لان لافعال الحج أوقاته معينة لا يمكن تجاوزها فليس لها أن تؤخرها إلى أن تطهر فهى مقدورة فيها بخلاف السعى (سلطان) أقول: روى الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٣١٤ مسندا عن عمر بن يزيد قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الطامث، قال تقضى المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا والمروة، قال: قلت: فان بعض ما تقضى من المناسك أعظم من الصفا والمروة والموقف فما بالها تقضى المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال: لان الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاء‌ت، وان هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتها ".

(٢) كل ذلك في الايام المخصوصة.

(٣) وسيأتى الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٤٤٣ ثم يحل ثم يحرم ".

(٥) في أكثر النسخ " روى الحلبى عن أحدهما عن حماد، عن محمد بن ميمون " وهو تصحيف والصواب ما في بعض النسخ كما في الكافى والتهذيب ولذا اخترناه في المتن.

٣٨٤

بالحج وخرج "(١) .

٢٧٧٠ - وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة، فقال عليه السلام: إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف وتحل من إحرامها وتلحق الناس بمنى فلتفعل ".

٢٧٧١ - وروى النضر، عن شعيب العقرقوفي قال: " خرجت أنا وحديد فانتهينا إلى البستان(٢) يوم التروية فتقدمت على حمار فقدمت مكة وطفت وسعيت وأحللت من تمتعي، ثم أحرمت بالحج، وقدم حديد من الليل فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام استفتيته في أمره، فكتب إلي: مره يطوف ويسعى ويحل من متعته ويحرم بالحج ويلحق الناس بمنى ولا يبيتن بمكة "(٣) .

٢٧٧٢ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن رجل خرج متمتعا بعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويلحق رأسه ويذبح شاته، ثم ينصرف إلى أهله، ثم قال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه، فإن لم يشترط فإن عليه الحج والعمرة من قابل "(٤) .

___________________________________

(١) أى خرج إلى منى والخبر يدل على ادراك التمتع بادراك ليلة عرفة.

(٢) هو وادى فاطمة أو قرية النارنج أو غيرهما، ويوم التروية هو الثامن من ذى الحجة. (م ت)

(٣) النهى للكراهة لاستحباب البيتوتة بمنى مهما أمكن ولو ببعض الليل.

(٤) ذكر هذا الخبر في باب الاشتراط في الاحرام أو في الباب الذى بعده أنسب، و قال في المدارك: استشكل العلامة في المنتهى بان الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط، وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط، قال: والوجه في هذه الرواية حمل الزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب وهو حسن وقوله: " ويحلق رأسه " أى يأتى بعمرة مفردة، وقوله " ويذبح شاته " الظاهر أن المراد بهادم الاضحية.

٣٨٥

باب الوقت الذى متى أدركه الانسان كان مدركا للحج

٢٧٧٣ - روى ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك المشعر الحرام على خمسة من الناس فقد أدرك الحج "(١) .

٢٧٧٤ - وروى ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج "(٢) .

٢٧٧٥ - وروى عبدالله بن المغيرة، عن إسحق بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك المشعر الحرام(٣) قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ".

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام(٤) .

٢٧٧٦ - وروى معاوية بن عمار قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: " إذا ادرك الزوال(٥) فقد أدرك الموقف ".

___________________________________

(١) الظاهر أنه كناية عن ادراك آخر وقت الوقوف بالمشعر حيث هب الناس، ويدل على ادراك الحج باضطرارى المشعر.

وفى بعض النسخ " وعليه خمسة من الناس ".

(٢) يعنى أنه لا يفوت حجة من حيث فوت الوقوف بالمشعر حيث أدرك وقوفه الاضطرارى وهو بعد طلوع الشمس إلى الزوال، لا أنه يكفى عن جميع المناسك.

قال العلامة رحمه الله في القواعد: لو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا أو بالعكس أو أحدهما اختيارا صح حجه، ولو أدرك الاضطراريين فالاقرب الصحة، ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل ويتخلل من فاته الحج بعمرة مفردة ثم يقضيه واجبا مع وجوبه كما فاته والاندبا ويسقط باقى الافعال عنه لكن يستحب له الاقامة بمنى أيام التشريق ثم يعتمر للتخلل.

(٣) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٧٦ بزيادة ههنا وهى " وعليه خمسة من الناس ".

(٤) لعله رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٣٠ في الصحيح عن محمد بن أبى عمير عن عبدالله بن المغيرة قال: " جاء‌نا رجل بمنى فقال: انى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا فقال عبدالله بن المغيرة: فلا حج لك وسأل اسحاق بن عمار فلم يجبه، فدخل اسحاق على أبى الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ".

(٥) أى كان قبل الزوال في المشعر.

٣٨٦

باب تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعى وقبل الخروج إلى منى (١)

٢٧٧٧ - روى إسحاق بن عمار، عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: " سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجة "(٢) .

٢٧٧٨ - وروى بان أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي الحسن عليه السلام " في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال: هما سواء أخر ذلك أو قدمه(٣) " يعنى المتمتع(٤) .

٢٧٧٩ - وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وروى جميل عن أبي عبدالله عليه السلام أنهما سألاهما " عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج، فقالا: هما سيان قدمت أو أخرت".

٢٧٨٠ - وروى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم

___________________________________

(١) دأب المصنف غير دأب الاصحاب في ذكر المناسك أولا ثم بيان أحكامها بل ذكر أولا أحكامها ثم ساق المناسك لاشتمالها على الادعية والاداب الكثيرة. (م ت)

(٢) حمل على الناسى وفى الجاهل خلاف ويمكن الاستدلال بهذا الخبر على عدم وجوب الاعادة عليه أيضا (المرآة) وقال المولى المجلسى رحمه الله: يدل على عدم الاعتداد بطواف النساء إذا وقع قبل السعى، ويؤيده ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥١٢ عن أحمد بن محمد عمن ذكره قال: قلت لابى الحسن عليه السلام: " جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف النساء ثم سعى؟ فقال: لا يكون السعى الا قبل طواف النساء، فقلت: عليه شئ؟ فقال: لا يكون السعى الا قبل طواف النساء ".

(٣) قد حمل على ذوى الاعذار

(٤) الظاهر أنه من كلام حفص ويحتمل كونه من المصنف، والاول أظهر.

٣٨٧

عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل الطواف للحج قبل أن يأتي منى؟ قال: نعم من هو هكذا يعجل.

قال: وسألته عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شئ؟ فقال: لا "(١) .

باب تأخير الزيارة  (٢)

٢٧٨١ - روي عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث(٣) ؟ فقال: تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخرته(٤) ".

٢٧٨٢ - وفي رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر "(٥) .

٢٧٨٣ - وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته

___________________________________

(١) المشهور أنه يجوز للمفرد والقارن تقديم الطواف على الوقوف بعرفة اختيارا ويجوز للمتمتع اضطرارا كخوف الحيض والنفاس للاخبار: اذ الروايات المذكورة مطلقة الا رواية اسحاق بن عمار فانها تشعر بجواز ذلك للمضطر، ويمكن حمل ما في الروايات عليها أيضا (سلطان) أقول: روى الكلينى ج ٤ ص ٤٥٧ خبر اسحاق وفيه زيادة " قلت: المفرد بالحج إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة يعجل طواف النساء؟ فقال: لا انما طواف النساء بعد ما يأتى منى " والخبر يدل على جواز التقديم بل على وجوبه مع العذر وظاهر التتمة الاطلاق.

(٢) يسمى طواف الزيادة زيادة لان الحاج يأتى من منى فييزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى.

والاولى أن يطوف بالبيت يوم النحر بعد الاتيان بمناسك منى ولو لم يتيسر فالحادى عشر، ولا ينبغى تأخيره عنه وقيل بالحرمة كما في روضة المتيقن.

(٣) أى ثالث النحر وهو الثانى عشر.

(٤) يدل على جواز التأخير واستحباب التعجيل. (م ت)

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥١٨ بزيادة وهى " انما يستحب تعجيل ذلك مخافة

٣٨٨

عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح، فقال: لا بأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب "(١) .

٢٧٨٤ - وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عمن نسي زيارة البيت حتى يرجع إلى أهله، فقال: لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه "(٢) .

٢٧٨٥ - وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب ".

باب حكم من نسى طواف النساء

٦ ٢٧٨ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال: يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإنه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت "(٣) .

___________________________________

(١) قال الشيخ بعد نقله في الاستبصار ج ٢ ص ٢٩١: فالوجه في هذه الاخبار أن نحملها على غير المتمتع فانه موسع له تأخير ذلك عن النحر وغده، يدل على ذلك ما رواه الحسين ابن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال: يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر، والمفرد والقارن ليسا سواء موسع عليهما " على أنه يكره للمتمتع تأخير ذلك أكثر من يومين وان لم يكن ذلك مفسدا للحج يدل على ذلك ما رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام " في زيارة البيت يوم النحر قال: زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا توخر أن تزور من يومك فانه يكره للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره ".

(٢) يدل على اغتفار النسيان في ترك الطواف.

ولعل المراد أنه لا يفسد حجه فيعود اليه وجوبا مع المكنة ومع التعذر يستنيب كما في شرح اللمعة، وقد حمل على طواف الوداع

(٣) مروى في الكافى ج ٤ ص ٥١٣ بتقديم وتأخير وزيادة فيه هكذا " قال لا تحل له النساء حتى يزور البيت وقال: يأمر أن يقضى عنه ان لم يحج فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره ".

٣٨٩

٢٧٨٧ - وروى ابن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بمكة فدخل عليه رجل فقال: أصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبي الجمال أن يقيم عليها، قال: فاطرق وهو يقول: لا تستطيع ان تتخلف عن اصحابها ولا يقيم عليها جمالها، ثم رفع رأسه إليه فقال: تمضى.

فقد تم حجها "(١) .

٢٧٨٨ - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط بالبيت ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله فنفض(٢) ثم غشي جاريته؟ قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود "(٣) .

__________________________________

(١) لعله محمول على الاستنابة للعذر كما هو المقطوع به في كلام الاصحاب (المرآة) و قال سلطان العلماء: لعله محمول على عدم استطاعتها الاستنابة وعدم قدرتها على العود، ويمكن أن يكون المراد عدم فساد حجها وان لزم عليها قضاء الطواف.

(٢) في بعض النسخ " فشخص " أى خرج من مكة، وفى بعضها " فنقض " أى وضوء‌ه، وفى بعضها " فشقص " وفى الكافى مثل ما في المتن وقال الفيض رحمه الله " فنفض " بالفاء والضاد المعجمة كناية عن قضاء الحاجة انتهى.

ولعل النفض كناية عن التغوط كانه ينفض عن نفسه النجاسة أو عن الاستنجاء.

في النهاية " ابغنى أحجارا أستنفض بها " أى أستنجى بها وهو من نفض الثوب لان المستنجى ينفض عن نفسه الاذى بالحجر أى يزيله ويدفعه.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٣٧٩ " وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا " وقال في المدارك بعد ايراد تلك الرواية: هى صريحة في انتفاء الكفارة بالوقاع بعد الخمسة بل مقتضى مفهوم الشرط في قوله " وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط " الانتفاء إذا وقع ذلك بعد تجاوز الثلاثة، وما ذكره في المنتهى من أن هذا المفهوم معارض بمفهوم الخمسة غير جيد اذ ليس هناك مفهوم وانما وقع السؤال عن تلك المادة والاقتصار في الجواب على بيان حكم المسئول عنه لا يقتضى نفى الحكم عما عداه، والقول بالاكتفاء في ذلك بمجاوزه النصف للشيخ في النهاية ونقل عن ابن ادريس انه اعتبر مجاوزة النصف في صحة الطواف والبناء عليه لاسقوط الكفارة، وما ذكره ابن ادريس من ثبوت الكفارة قبل اكمال السبع لا يخلو من قوة وان كان اعتبار الخمسة لا يخلو من رجحان.

٣٩٠

٢٧٨٩ - وروى ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل نسي طواف النساء، قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف"(١) .

وروي فيمن ترك طواف النساء انه إن كان طاف الوداع فهو طواف النساء(٢) .

باب انقضاء مشى الماشي

٢٧٩٠ - روي الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام المكي، عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال: قال أبوعبدالله عليه السلام " في الذي عليه المشي إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا"(٣) .

__________________________________

(١) أى لا يفسد حجه بالمواقعة لما تقدم.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥١٣ في الموثق كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب عن اسحاق ابن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام.

قال: " لو لا ما من الله عزوجل على الناس من طواف النساء لرجع الرجل إلى أهله وليس له أهله " ومعناه ظاهر والاظهر طواف الوداع بدل طواف النساء كما في التهذيب ويظهر من كلام المصنف هنا.

وحمل على من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع، وقال الفيض رحمه الله: يعنى أن العامة وان لم يوجبوا طواف النساء ولا يأتون به الا أن طوافهم للوداع ينوب مناب طواف النساء وبه تحل لهم النساء، وهذا مما من الله تعالى به عليهم، أو المراد من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع فهو قائم له مقامه بفضل الله ومنه في حل النساء وان لزمه التدارك انتهى، وقال الاستاذ: الالتزام به بالنسبة إلى العارفى المعتقد وجوب هذا الطواف مشكل، وقال في كشف اللثام " يمكن اختصاصه بالعامة الذين لا يعرفون وجوب طواف النساء والمنة على المؤمنين بالنسبة إلى نسائهم الغير العارف منهن " أقول: وهكذا بالنسبة إلى طهارة مولد من يستبصر منهم وقد كان متولدا من أب لم يطف طواف النساء.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٤٥٧ " وليس عليه شئ ". وقوله " زار البيت راكبا " هذا يحتمل أمرين أحدهما أراد زيارة البيت لطواف الحج لانه المعروف بطواف الزيارة وهذا يخالف القولين معا (أن آخر منتهى أفعاله الواجبة وهى رمى الجمار، والآخر هو المشهور أن آخره طواف النساء) فليزم اطراحها، والثانى أن يحمل رمى الجمار على الجميع، ويحتمل زيارة البيت على معناه اللغوى أو على طواف الوداع ونحوها وهذا هو الاظهر.

كذا ذكره سلطان العلماء رحمه الله في حواشى شرح اللمعة.

وقال المولى المجلسى رحمه الله ظاهره جمرة العقبة كما رواه على بن أبى حمزة (في الكافى ج ٤ ص ٤٥٦) عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته متى ينقطع مشى الماشى؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا " ويمكن أن يكون الوجه خروجه من الاحرام وكان الركوب مرجوحا فتحلل منه أيضا.

٣٩١

٢٧٩١ - وروي " أن من نذر أن يمشي إلى بيت الله حافيا مشى، فإذا تعب ركب "(١) .

٢٧٩٢ - وروي " أنه يمشي من خلف المقام "(٢) .

باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها

٢٧٩٣ - روى يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رأيت في ثوبي شيئا من دم وأنا أطوف، قال: فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله، ثم عد فابن

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٤٥٨ عن أبى عبدالله عليه السلام، وظاهره عدم انعقاد النذر في الحفاء لعدم رجحانه، بل يجب عليه المشى على أى وجه كان لرجحانه، ويحتمل على بعد أن يكون المراد فليمش حافيا والاول موافق لما فهمه الاصحاب وقال في الدروس: لا ينعقد نذر الحفاء في المشى (المرآة) وقال المولى المجلسى: يدل على مرجوحية الحفاء وعلى تعلق النذر بالمطلق إذا كان القيد مرجوحا.

(٢) قال الفيض رحمه الله لعل المراد بالمشى من خلف المقام مشيه من خلف مقام ابراهيم نحو البيت والاجتزاء به فانه أقل ما يفى به نذره ولهذا اقتصر عليه.

وقال المولى المجلسى رحمه الله: يمكن أن يكون المراد به أنه إذا تعلق النذر بالحج فلا يجب عليه المشى في العمرة بل يمشى بعدما أحرم بالحج من مقام ابراهيم عليه السلام إلى أن يرمى الجمرة وأن يكون المراد به أنه مالم يأت إلى المسجد الحرام للطواف فهو في الاحرام وهو مقدمة الحج فاذا وصل إلى الطواف فيطوف ماشيا ويصلى ثم يشرع في المشى إلى انقضائه، هذا إذا لم يكن مراده في النذر مشى الطريق كما هو المتعارف أن من ينذر الحج ماشيا يقصد به الطريق بل لا يخطر بباله أصل العمرة والحج.

٣٩٢

على طوافك "(١) .

٢٧٩٤ - وروى ابن المغيرة، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء(٢) فاقيمت الصلاة، قال: يصلي معهم الفريضة(٣) فإذا فرغ بنى من حيث بلغ "(٤) .

٢٧٩٥ - وفي نوادر ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه

___________________________________

(١) يدل على وجوب طهارة الثوب أو استحبابها في الطواف وعدم الاعادة في صورة الجهل أو النسيان وفى هامش الوافى: " يمكن أن يستأنس به لاشتراط الطهارة من الخبث واختلفوا فيه وذهب ابن الجنيد وابن حمزة إلى كراهيه الطواف في الثوب النجس سواء كانت النجاسة معفوا عنها أم لا قاله الفاضل التونى في حاشية الروضة " وفى التهذيب باسناده عن يونس بن يعقوب قال " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف، قال: ينظر الموضع الذى رأى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله، ثم يعود فيتم طوافه " و عن البزنطى، عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلى في ثوب طاهر " وقوله " فابن على طوافك " سواء تجاوز عن النصف أو لا، ويمكن تخصيصه بالاول.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٤١٥، في طواف الفريضة " لكن مروى في التهذيب عن محمد بن يعقوب كما في المتن.

(٣) يعنى مع العامة تقية ولا يدل على الجواز أو الرجحان بدونها وظاهره الوجوب (م ت) وصرح المحقق في النافع بجواز القطع لصلاة الفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف وربما ظهر من كلام العلامة في المنتهى دعوى الاجماع على ذلك فما ذكره الشهيد من نسبة هذا القول إلى الندرة عجيب.(المدارك).

(٤) كذا في جميع النسخ التى عندنا " والصواب " من حيث قطع " كما في الكافى والتهذيب ج ١ ص ٤٨١ وهامش نسخة مما عندى من نسخ الفقيه.

٣٩٣

قال: " في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة، قال: لا بأس بأن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإذا أراد أن يستريح في طوافه(١) ويقعد فلا بأس به فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف "(٢) .

٢٧٩٦ - وروي عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه(٣) فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر فيرجع فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الاسفار؟ فقال: ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ثم ائت الطواف "(٤) .

٢٧٩٧ - وروى ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام " فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها، قال: يستقبل طوافه "(٥) .

___________________________________

(١) قوله " في طوافه " كذا، وليس في التهذيبين ولا في روضة المتقين.

(٢) قوله " فاذا رجع بنى على طوافه " مبنى على كون طوافه طواف نافلة لورود أخبار بأن من قطع طواف الفريضة ان كان تجاوز النصف فليبن وان لم يتجاوز فليستأنف، منها حسنة أبان بن تغلب عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة، فقال: ان كان طواف نافلة بنى عليه وان كان طواف فريضة لم يبن عليه " واطلاق بعض الاخبار يقتضى جواز القطع في طواف الفريضة والبناء مطلقا ان كان لحاجة ولعل الاستيناف في طواف الفريضة أحوط وأحوط منه الاتمام ثم الاستيناف ان لم يتجاوز النصف.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٤١٥ ههنا " فيطلع الفجر " ولعل المراد به الفجر الاول.

(٤) في الكافى والتهذيب " ثم أتم الطواف " ولعل السهو من النساخ، فيدل على جواز القطع للوتر إذا خاف فوت الوقت بالاسفار والتنوير، وعلى البناء على الطواف وان لم يتجاوز النصف. (م ت)

(٥) يدل على اعادة الطواف لو قطعه لدخول البيت سواء كان قبل مجاوزة النصف أو بعده ويؤيده ما في الكافى ج ٤ ص ٤١٤ في الموثق كالصحيح عن عمران الحلبى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع؟ فقال: يقضى طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه " والسؤال وان كان قبل مجاوزة النصف لكن الاعتبار بعموم الجواب، والتقييد بمخالفة السنة أى لم يقطعه رسول الله صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام لدخول البيت، ويمكن أن يكون المراد بمخالفة السنة القطع قبل مجاوزة النصف وهكذا فهمه أكثر الاصحاب وحملوا الاطلاق عليه، لكن الاول أظهر وان كان الاحوط البناء بعد المجاوزة والاعادة خروجا من الخلاف وعملا بالاخبار مهما أمكن (م ت)

٣٩٤

٢٧٩٨ - وروى حماد بن عثمان، عن حبيب بن مظاهر(١) قال: " ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته، ثم جثت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لابي عبدالله عليه السلام فقال: بئسما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: إما أنه ليس عليك شئ "(٢) .

٢٧٩٩ - وروي عن صفوان الجمال قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف، فقال: يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على على طوافه "(٣) .

باب السهو في الطواف

٢٨٠٠ - روى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه بالبيت، قال: يرجع إلى البيت ويتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي "(٤) .

___________________________________

(١) مجهول لكن لا يضر لاجماع العصابة على صحة ما صح عن حماد.

وتوهم أن المراد بأبى عبدالله، الحسين بن على عليهما السلام وبحبيب حبيب بن مظاهر المشهور في غاية البعد.

(٢) يدل على البناء لازالة النجاسة ولو كان قبل المجاوزة وعلى معذورية الجاهل فانه لو لم يكن معذورا لكان الواجب عليه الاعادة لزيادة الشوط عمدا كما سيجيئ. (م ت)

(٣) حمل على النافلة لما في الكافى ج ٤ ص ٤١٣ في الحسن كالصحيح عن أبان بن تغلب وقد تقدم ص ٣٩٤.

(٤) يدل على البناء في الطواف والسعى وان لم يتجاوز النصف وهو أحد القولين في المسألة ذهب اليه الشيخ في التهذيب والمحقق في النافع والعلامة في جملة من كتبه.

والقول الاخر وهو الاشهر بين المتأخرين أنه ان تجاوز النصف في الطواف والسعى يبنى عليهما والا يستأنفهما، ثم ان ظاهر الخبر أنه لا يعيد ركعتى الطواف مع البناء وكلام الاكثر في ذلك مجمل.(المرآة)

٣٩٥

٢٨٠١ - وروي عن أبي أيوب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة قال: فليضم إليها ستا ثم يصلى أربع ركعات "(١) .

وفي خبر آخر(٢) إن الفريضة هي الطواف الثاني والركعتان الاوليان لطواف الفريضة، والركعتان الاخريان والطواف الاول تطوع(٣) .

٢٨٠٢ - وفي رواية القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سئل وأنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط، فقال: نافلة أو فريضة؟ فقال: فريضة، قال: يضيف إليها ستة فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ثم يخرج إلى الصفا والمروة ويطوف بهما، فإذا فرغ صلى ركعتين اخراوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة ".

٢٨٠٣ - وروي عن الحسن بن عطية(٤) قال: " سأله سليمان بن خالد وأنا

___________________________________

(١) " فليضم اليها ستا " ليصير طوافين ويكون الاول فريضة والثانى نافلة، " ثم يصلى أربع ركعات " أى بعد الطواف أو ركعتين للفريضة بعده وركعتين للنافلة بعد السعى، وحمل على الزيادة ناسيا. (م ت)

(٢) يعنى يستفاد من خبر آخر.

(٣) قال صاحب المدارك: لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها إلى رواية زرارة.

وهى ما رواه الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢١٩ في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام أو أبى عبدالله عليه السلام (كما في التهذيب) قال: " ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف اليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا والمروة فلما فرغ من السعى بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الاول ".

ثم قال السيد (ره): مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الامام عليه السلام وقد قطع ابن بابوية بامكانه.

وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعى وصلاة النافلة بعده.

(٤) الحسن بن عطية الحناط كوفى مولى ثقة روى عن أبى عبدالله عليه السلام.

ولم يذكر المصنف طريقه اليه لكن رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٧ في الصحيح والكلينى في الكافى ج ٤ ص ٤١٨ في الحسن كالصحيح.

٣٩٦

معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال أبوعبدالله عليه السلام: وكيف يطوف ستة أشواط؟ فقال: استقبل الحجر، فقال: الله أكبر وعقد واحدا(١) فقال: يطوف شوطا، قال سليمان: فإن فاته ذلك حتى أتى أهله؟ قال: يأمر من يطوف عنه "(٢) .

٢٨٠٤ - وروى عنه رفاعة أنه قال " في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة، قال: يبني على يقينه"(٣) .

٢٨٠٥ - وسئل(٤) " عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة، قال: طواف نافلة أو فريضة؟ قال: أجبني فيهما جميعا قال: إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف ".

فان طفت بالبيت طواف الفريضة ولم تدر ستة طفت أو سبعة فأعد طوافك، فإن خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ(٥)

___________________________________

(١) أى كان منشأ غلطه أنه حين ابتدأ الشوط عقد واحدا، فلما كملت الستة عقد السبعة فظن أنه قد أكمل السبعة.

(٢) يدل على أنه إذا ترك الشوط الواحد ناسيا ورجع إلى أهله لا يلزمه الرجوع ويأمر من يطوف عنه، وعدى المحقق وجماعة هذا الحكم إلى كل من جاز النصف وقال في المدارك: هذا هو المشهور ولم أقف على رواية تدل عليه، والمعتمد البناء ان كان المنقوص شوطا واحدا وكان النقص على وجه الجهل والنسيان والاستيناف مطلقا في غيره انتهى، ويظهر من كلام العلامة في التحرير أنه أيضا اقتصر على مورد الرواية ولم يتعد (المرآة) وقال المولى المجلسى: قوله " حتى أتى أهله " أى رجع إلى بلده ولا يمكنه أو يتعسر عليه الذهاب إلى مكة فيستنيب من يطوف عنه هذا الشوط المنسى، والاحوط أن يبلى النائب به محرما.

(٣) أى على الاقل ويحمل على النافلة أو على البطلان والاعادة حتى يحصل له اليقين. (م ت)

(٤) يمكن أن يكون تتمة خبر رفاعة فيكون صحيحا وأن يكون خبرا آخر. (م ت)

(٥) يؤيده في الكافى ج ٤ ص ٤١٦ في الصحيح عن منصور بن حازم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة أم سبعة، قال: فليعد طوافه، قلت: ففاته؟ قال: ما أرى عليه شيئا والاعادة أحب إلى وأفضل ".

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: لا خلاف بين الاصحاب في أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ من الطواف مطلقا، والمشهور أنه لو شك في النقصان في أثناء الطواف يعيد طوافه ان كان فرضا وذهب المفيد وعلى بن بابويه وأبوالصلاح وابن الجنيد وبعض المتأخرين إلى أنه يبنى على الاقل وهو قوى، ولا يبعد حمل أخبار الاستيناف على الاستحباب بقرينة قوله عليه السلام " ما أرى عليه شيئا " بأن يحمل على أنه قد أتى بما شك فيه أو على أن حكم الشك غير حكم ترك الطواف رأسا، وربما يحمل على أنه لا يجب عليه العود بنفسه بل يبعث نائبا وعوده بنفسه أفضل، ولا يخفى بعده.

وقال المحقق الاردبيلى قدس سره: لو كانت الاعادة واجبة لكان عليه شئ ولم يسقط بمجرد الخروج وفوته فالحمل على الاستحباب حمل جيد.

٣٩٧

باب ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر (١)

٢٨٠٦ - روى ابن مسكان، عن الحلبي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع؟ قال، يعيد الطواف الواحد "(٢) .

٢٨٠٧ - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: " من اختصر في الحجر

___________________________________

(١) المراد به أنه يجب أن يكون الطواف حول البيت والحجر، لا بمعنى أن الحجر داخل في البيت لما تقدم في الاخبار الصحيحة أنه ليس من البيت ولا قلامة ظفر منه بل لانه كما يجب على الطائف الطواف بالبيت كذلك يجب أن يطوف على حجر اسماعيل تعبدا أو تأسيا بالنبى صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام، فلو دخل في الحجر وخرج منه وطاف على الكعبة فقط كان ذلك الشوط باطلا ويجب الاتيان بشوط آخر من الركن الذى فيه الحجر الاسود كما ابتدء أولا ويختم به. (م ت)

(٢) مروى في التهذيب ج ١ ص ٤٧٧ وفيه " يعيد ذلك الشوط "، قال في المدارك: هل يجب على من اختصر شوطا في الحجر اعادة ذلك الشوط وحده أو اعادة الطواف من رأس، الاصح الاول لصحيحة الحلبى حيث قال: " يعيد ذلك الشوط " ونحوه روى الحسن بن عطية (في المصدر) ولا يكفى اتمام الشوط من موضع سلوك الحجر بل يجب البداء‌ة من الحجر الاسود لانه الظاهر من الشوط، ولقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار " فليعد طوافه من الحجر الاسود "، ولا ينافى ما ذكرنا من الاكتفاء باعادة الشوط خاصة رواية ابراهيم بن سفيان الاتية لانه غير صريح في توجه الامر إلى اعادة الطواف من أصله فيحتمل تعلقه باعادة ذلك الشوط.

٣٩٨

الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود "(١) .

٢٨٠٨ - وروى الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن سفيان قال: " كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى؟ فكتب عليه السلام: تعيد "(٢) .

باب ما جاء في الطواف خلف المقام  (٣)

٢٨٠٩ - روى أبان، عن محمد بن علي الحلبي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الطواف خلف المقام، قال: ما أحب ذلك وما أرى به بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا "(٤) .

باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئا من المناسك على غير وضوء

٢٨١٠ - روي عن معاوية بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " لا بأس بأن

___________________________________

(١) ظاهره الاكتفاء باعادة الشوط، ويدل على أنه لا يكفى اتمام الشوط من حيث سلوك الحجر بل لا بد من الرجوع إلى الحجر واستيناف الشوط كما ذكره الاصحاب. (المرآة)

(٢) يحتمل تعلقه باعادة الطواف من أصله أو باعادة ذلك الشوط كما مر.

(٣) المشهور بين الاصحاب أنه لا بد أن يكون الطواف بين البيت والمقام ويكون من المسافة من الجوانب الثلاثة الاخر أيضا بمقدار تلك المسافة، والمسافة جانب الحجر من الحجر لا من الكعبة فلو بعد عن تلك المسافة ولو بخطوة كان باطلا. (م ت)

(٤) " ما أرى به بأسا " أى في الضرورة أو مطلقا " الا أن لا تجد منه بدا " ظاهره كراهة الخروج عن الحد وحمل على الحرمة، أو في النافلة والاحتياط ظاهر. (م ت)

٣٩٩

تقضي المناسك كلها على غير وضؤ إلا الطواف بالبيت، والوضوء أفضل "(١) .

٢٨١١ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل طاف الفريضة وهو على غير طهر، قال: يتوضأ ويعيد طوافه: فان كان تطوعا توضأ(٢) وصلى ركعتين".

٢٨١٢ - وفي رواية عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه قال: لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي، وإن طاف متعمدأ على غير وضوء فليتوضأ وليصل "(٣) ومن طاف تطوعا وصلى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف.

٢٨١٣ - وروى صفوان، عن يحيى الازرق قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " رجل سعى بين الصفا والمروة فسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء، فقال: لا بأس ولو أتم مناسكه بوضوء كان أحب إلي"(٤) .

___________________________________

(١) أجمع الاصحاب على اشتراط الطهارة في الطواف الواجب، واختلفوا في المندوب والمشهور عدمه والاستحباب كما في سائر المناسك، وقوله: " والوضوء أفضل " أى في غير الطواف بقرينة استثناء الطواف (م ت) ونقل عن أبى الصلاح الاشتراط لاطلاق بعض الروايات.

(٢) يدل كالسابق على اشتراط الطهارة في الواجب دون المندوب وعلى اشتراطها للصلاة المندوبة. (م ت)

(٣) لعل هذا لرفع توهم أن الكلام السابق مخصوص بالسهو (سلطان) والخبر في التهذيب ج ١ ص ٤٨٠ إلى هنا.

والباقى يمكن أن يكون من تتمة الخبر أو من كلام المصنف أخذه من صحيحة حريز عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء، فقال: يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف " راجع التهذيب ج ١ ص ٤٨٠.

(٤) نقل عن ابن أبى عقيل القول بوجوب الطهارة للسعى والمشهور الاستحباب.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481