الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢

الميزان في تفسير القرآن12%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131651 / تحميل: 8003
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الله اطلبهما فلا أجدهما - قال: فقال: وماهما؟ قلت: ادعوني أستجب لكم فندعوه فلا نرى إجابة، قال أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمه؟ قلت: لا أدري قال: لكنّي اُخبرك من أطاع الله فيما أمر به ثمّ دعاه من جهه الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدء فتحمد الله وتمجّده وتذكر نعمه عليك فتشكره ثمّ تصلّي على محمّد وآله ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها، ثمّ تستغفر منها فهذه جهة الدعاء، ثمّ قال: وما الآية الاُخرى؟ قلت: وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وأرانى اُنفق ولا أرى خلفاً، قال: أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمه؟ قلت: لا أدرى، قال: لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفق في حقّه لم ينفق درهماً إلّا أخلف الله عليه.

اقول: والوجه في هذه الأحاديث الواردة في آداب الدعاء ظاهرة فإنّها تقرّب العبد من حقيقة الدعاء والمسألة.

وفي الدرّ المنثور عن ابن عمر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله إذا أراد أن يستجيب لعبد أذن له في الدعاء.

وعن ابن عمر أيضاً عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وفي رواية من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الجنّة.

اقول: وهذه المعنى مرويّ من طرق أئمّة أهل البيت أيضاً: من اُعطي الدّعاء اُعطي الإجابة، ومعناه واضح ممّا مرّ.

وفي الدرّ المنثور أيضاً عن معاذ بن جبل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو عرفتم الله حقّ معرفته لزالت لدعائكم الجبال.

اقول: وذلك أنّ الجهل بمقام الحقّ وسلطان الربوبيّة والركون إلى الأسباب يوجب الإذعان بحقيقة التأثير للأسباب وقصر المعلولات على عللها المعهودة وأسبابها العاديّة حتّى أنّ الإنسان ربّما زال عن الإذعان بحقيقة التأثير للأسباب لكن يبقى الإذعان بتعيّن الطرق ووساطة الأسباب المتوسّطة فإنّا نرى أنّ الحركة والسير يوجب الاقتراب من المقصد ثمّ إذا زال منّا الاعتقاد بحقيقة تأثير السير في الاقتراب اعتقدنا بأنّ السير واسطة والله سبحانه وتعالى هو المؤثّر هناك لكن يبقى الاعتقاد بتعيّن الوساطة

٤١

وأنّه لو لا السير لم يكن قرب ولا اقتراب، وبالجملة أنّ المسبّبات لا تتخلّف عن أسبابها وإن لم يكن للأسباب إلّا الوساطة دون التأثير، وهذا هو الّذي لا يصدّقه العلم بمقام الله سبحانه فإنّه لا يلائم السلطنة التامّة الإلهيّة، وهذا التوهّم هو الّذي أوجب أن نعتقد استحالة تخلّف المسبّبات عن أسبابها العاديّة كالثقل والانجذاب عن الجسم، والقرب عن الحركة، والشبع عن الأكل، والرىّ عن الشرب، وهكذا، وقد مرّ في البحث عن الإعجاز أنّ ناموس العلّيّة والمعلوليّة، وبعبارة اُخرى توسّط الأسباب بين الله سبحانه وبين مسبّباتها حقّ لا مناص عنه لكنّه لا يوجب قصر الحوادث على أسبابها العاديّة بل البحث العقليّ النظريّ، والكتاب والسنّة تثبت أصل التوسّط وتبطل الانحصار، نعم المحالات العقليّة لا مطمع فيها.

إذا عرفت هذا علمت: أنّ العلم بالله يوجب الإذعان بأنّ ما ليس بمحال ذاتيّ من كلّ ما تحيله العادة فإنّ الدعاء مستجاب فيه كما أنّ العمدة من معجزات الأنبياء راجعة إلى استجابة الدعوة.

وفي تفسير العيّاشيّ عن الصادقعليه‌السلام : في قوله تعالى: فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي يعلمون أنّي أقدر أن اُعطيهم ما يسألوني.

وفي المجمع، قال: وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنّه قال: وليؤمنوا بي أي وليتحقّقوا أنّي قادر على إعطائهم ما سألوه لعلّهم يرشدون، أي لعلّهم يصيبون الحقّ، أي يهتدون إليه.

٤٢

( سورة البقرة آية ١٨٧)

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ( ١٨٧ )

( بيان)

قوله تعالى: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُم ) ، الإحلال بمعنى الإجازة، وأصله من الحلّ مقابل العقد، والرفث هوالتصريح بما يكنّى عنه ممّا يستقبح ذكره، من الألفاظ الّتي لا تخلو عنها مباشرة النساء، وقد كنّي به هيهنا عن عمل الجماع وهو من أدب القرآن الكريم وكذا سائر الألفاظ المستعملة فيه في القرآن كالمباشرة والدخول والمسّ واللّمس والإتيان والقرب كلّها ألفاظ مستعملة على طريق التكنية، وكذا لفظ الوطئ والجماع وغيرهما المستعملة في غير القرآن ألفاظ كنائيّة وإن أخرج كثرة الاستعمال بعضها من حدّ الكناية إلى التصريح، كما أنّ ألفاظ الفرج والغائط بمعناهما المعروف اليوم من هذا القبيل، وتعدية الرفث بإلى لتضمينه معنى الإفضاء على ما قيل.

قوله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) ، الظاهر من اللّباس معناه المعروف، وهو ما يستر به الإنسان بدنة، والجملتان من قبيل الاستعارة فإنّ كلّاً من الزوجين يمنع صاحبه عن اتّباع الفجور وإشاعته بين أفراد النوع فكان كلّ منهما لصاحبه لباساً

٤٣

يواري به سوأته ويستر به عورته.

وهذه استعارة لطيفة، وتزيد لطفاً بانضمامها إلى قوله: اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، فإنّ الإنسان يستر عورته عن غيره باللّباس، وأمّا نفس اللّباس فلا ستر عنه فكذا كلّ من الزوجين يتّقى به صاحبه عن الرفث إلى غيره، وأمّا الرفث إليه فلا لأنّه لباسه المتّصل بنفسه المباشر له.

قوله تعالى: ( عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُم ) ، الاختيان والخيانة بمعنى، وفيه معنى النقص على ما قيل وفي قوله: أنّكم تختانون، دلالة على معنى الاستمرار، فتدلّ الآية على أنّ هذه الخيانة كانت دائرة مستمرّة بين المسلمين منذ شرّع حكم الصيام فكانوا يعصون الله تعالى سرّاً بالخيانة لأنفسهم، ولو لم تكن هذه الخيانة منهم معصية لم ينزل التوبة والعفو، وهما وإن لم يكونا صريحين في سبق المعصية لكنّهما - وخاصّة إذا اجتمعا - ظاهران في ذلك.

وعلي هذا فالآية دالّة على أنّ حكم الصيام كان قبل نزول الآية حرمة الجماع في ليلة الصيام، والآية بنزولها شرّعت الحليّة ونسخت الحرمة كما ذكره جمع من المفسّرين، ويشعر به أو يدلّ عليه قوله: اُحلّ لكم، وقوله: كنتم تختانون، وقوله: فتاب عليكم وعفا عنكم، وقوله: فالآن باشروهنّ، إذ لو لا حرمة سابقة كان حقّ الكلام أن يقال: فلا جناح عليكم أن تباشروهنّ أو ما يؤدّي هذا المعنى، وهو ظاهر.

وربّما يقال: أنّ الآية ليست بناسخة لعدم وجود حكم تحريميّ في آيات الصوم بالنسبة إلى الجماع أو إلى الأكل والشرب، بل الظاهر كما يشعر به بعض الروايات المرويّة من طرق أهل السنّة والجماعة، أنّ المسلمين لمّا نزل حكم فرض الصوم وسمعوا قوله تعالى: كتب عليكم الصيام كما كتب على الّذين من قبلكم الآية، فهموا منه التساوي في الأحكام من جميع الجهات، وقد كانت النصارى كما قيل: إنّما ينكحون ويأكلون ويشربون في أوّل اللّيل ثمّ يمسكون بعد ذلك فأخذ بذلك المسلمون، غير أنّ ذلك صعب عليهم، فكان الشبّان منهم لا يكفّون عن النكاح سرّاً مع كونهم يرونه معصيه وخيانة لأنفسهم، والشيوخ ربّما أجهدهم الكفّ عن الأكل والشرب بعد النوم، وربّما

٤٤

أخذ بعضهم النوم فحرم عليه الأكل والشرب بزعمه فنزلت الآية فبيّنت أنّ النكاح والأكل والشرب غير محرّمة عليهم بالليل في شهر رمضان، وظهر بذلك: أنّ مراد الآية بالتشبيه في قوله تعالى: كما كتب على الّذين من قبلكم التشبيه في أصل فرض الصوم لا في خصوصيّاته، وأمّا قوله تعالى: اُحلّ لكم، فلا يدلّ على سبق حكم تحريميّ بل على مجرّد تحقّق الحلّيّة كما في قوله تعالى:( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ) المائدة - ٩٦، إذ من المعلوم أنّ صيد البحر لم يكن محرّماً على المحرمين قبل نزول الآية، وكذا قوله تعالى:( عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ ) ، إنّما يعني به أنّهم كانوا يخونون بحسب زعمهم وحسبانهم ذلك خيانة ومعصية ولذا قال: تختانون أنفسكم ولم يقل: تختانون الله كما قال:( لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ) الأنفال - ٢٧، مع احتمال أن يراد بالاختيان النقص، والمعنى علم الله أنّكم كنتم تنقصون أنفسكم حظوظها من المشتهيات من نكاح وغيره، وكذا قوله تعالى: فتاب عليكم وعفا عنكم، غير صريح في كون النكاح معصية محرّمة هذا.

وفيه ما عرفت: أنّ ذلك خلاف ظاهر الآية فإنّ قوله تعالى: اُحلّ لكم، وقوله: كنتم تختانون أنفسكم، وقوله: فتاب عليكم وعفا عنكم، وإن لم تكن صريحة في النسخ غيرأنّ لها كمال الظهور في ذلك، مضافاً إلى قوله تعالى: فالآن باشروهنّ الخ، إذ لو لم يكن هناك إلّا جواز مستمرّ قبل نزول الآية وبعدها لم يكن لهذا التعبير وجه ظاهر، وأمّا عدم اشتمال آيات الصوم السابقة على هذه الآية على حكم التحريم فلا ينافي كون الآية ناسخة فإنّها لم تبيّن سائر أحكام الصوم أيضاً مثل حرمة النكاح والأكل والشرب في نهار الصيام. ومن المعلوم أنّ رسول الله كان قد بيّنه للمسلمين قبل نزول هذه الآية فلعلّه كان قد بيّن هذا الحكم فيما بيّنه من الأحكام، والآية تنسخ ما بيّنه الرسول وإن لم تشتمل كلامه تعالى على ذلك.

فإنّ قلت: قوله تعالى: هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ، يدلّ على سبب تشريع جواز الرفث فلا بدّ أن لا يعمّ الناسخ والمنسوخ لبشاعة أن يعلّل النسخ بما يعمّ الناسخ والمنسوخ معاً وإن قلنا: إنّ هذه التعليلات الواقعة في موارد الأحكام حكم ومصالح

٤٥

لا علل، ولا يلزم في الحكمة أن تكون جامعة ومانعة كالعلل فلو كان الرفث محرّماً قبل نزول الآية ثمّ نسخ بالآية المحلّلة لم يصحّ تعليل نسخ التحريم بأنّ الرجال لباس للنساء وهنّ لباس لهم.

قلت: اولا إنّه منقوض بتقييد قوله: اُحلّ لكم بقوله: ليلة الصيام مع أنّ حكم اللّباس جار في النهار كاللّيل وهو محرّم في النهار،وثانياً: أنّ القيود المأخوذة في الآية من قوله: ليلة الصيام، وقوله: هنّ لباس لكم، وقوله: أنّكم كنتم تختانون أنفسكم، تدلّ على علل ثلاث مترتّبة يترتّب عليها الحكم المنسوخ والناسخ فكون أحد الزوجين لباساً للآخر يوجب أن يجوز الرفث بينهما مطلقاً، ثمّ حكم الصيام المشار إليه بقوله: ليلة الصيام، والصيام هو الكفّ والإمساك عن مشتهيات النفس من الأكل والشرب والنكاح يوجب تقييد جواز الرفث وصرفه إلى غير مورد الصيام، ثمّ صعوبة كفّ النفس عن النكاح شهراً كاملاً عليهم ووقوعهم في معصية مستمرّة وخيانة جارية يوجب تسهيلاً ما عليهم بالترخيص في ذلك ليلاً، وبذلك يعود إطلاق حكم اللّباس المقيّد بالصيام إلى بعض إطلاقه وهو أن يعمل به ليلاً لا نهاراً، والمعنى - والله أعلم -: أنّ إطلاق حكم اللّباس الّذي قيّدناه بالصيام ليلاً ونهاراً وحرّمناه عليكم حلّلناه لكم لما علمنا أنّكم تختانون أنفسكم فيه وأردنا التخفيف عنكم رأفة ورحمة. وأعدنا إطلاق ذلك الحكم عليه في ليلة الصيام وقصرنا حكم الصيام على النهار فأتمّوا الصيام إلى اللّيل.

والحاصل: أنّ قوله تعالى: هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ، وإن كان علّة أو حكمة لإحلال أصل الرفث إلّا أنّ الغرض في الآية ليس متوجّهاً إليه بل الغرض فيها بيان حكمة جواز الرفث ليلة الصيام وهو مجموع قوله: هنّ لباس لكم إلى قوله: وعفا عنكم، وهذه الحكمة مقصورة على الحكم الناسخ ولا يعمّ المنسوخ قطعاً.

قوله تعالى: ( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) ، أمر واقع بعد الحضر فيدلّ على الجواز، وقد سبقه قوله تعالى: في أوّل الآية: اُحلّ لكم والمعنى فمن الآن تجوز لكم مباشرتهنّ، والابتغاء هو الطلب، والمراد بابتغاء ماكتب الله هو طلب

٤٦

الولد الّذي كتب الله سبحانه ذلك على النوع الإنسانيّ من طريق المباشرة، وفطرهم على طلبه بما أودع فيهم من شهوة النكاح والمباشرة، وسخّرهم بذلك على هذا العمل فهم يطلبون بذلك ما كتب الله لهم وإن لم يقصدوا ظاهراً إلّا ركوب الشهوة ونيل اللّذة كما أنّه تعالى كتب لهم بقاء الحياة والنموّ بالأكل والشرب وهو المطلوب الفطريّ وإن لم يقصدوا بالأكل والشرب إلّا الحصول على لذّة الذوق والشبع والريّ، فإنّما هو تسخير إلهيّ.

وأمّا ما قيل: إنّ المراد بما كتب الله لهم الحلّ والرخصة فإنّ الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه، فيبعّده: أنّ الكتابة في كلامه غير معهودة في مورد الحليّة والرخصة.

قوله تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) ، الفجر فجران، فجر أوّل يسمّى بالكاذب لبطلانه بعد مكث قليل وبذنب السرحان لمشابهته ذنب الذئب إذا شاله، وعمود شعاعيّ يظهر في آخر اللّيل في ناحية الأفق الشرقيّ إذا بلغت فاصلة الشمس من دائره الأفق إلى ثمانية عشر درجة تحت الأفق، ثمّ يبطل بالاعتراض فيكون معترضاً مستطيلاً على الأفق كالخيط الأبيض الممدود عليه وهو الفجر الثاني ويسمّى الفجر الصادق لصدقه فيما يحكيه ويخبر به من قدوم النهار واتّصاله بطلوع الشمس.

ومن هنا يعلم أنّ المراد بالخيط الأبيض هو الفجر الصادق، وأنّ كلمة من، بيانيّة وأنّ قوله تعالى: حتّى يتبيّن لكم الخيط الأسود من قبيل الاستعارة بتشبيه البياض المعترض على الاُفق من الفجر، المجاور لما يمتدّ معترضاً معه من سواد اللّيل بخيط أبيض يتبيّن من الخيط الأسود.

ومن هنا يعلم أيضاً: أنّ المراد هو التحديد بأوّل حين من طلوع الفجر الصادق فإنّ ارتفاع شعاع بياض النهار يبطل الخيطين فلا خيط أبيض ولا خيط أسود.

قوله تعالى: ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ، لمّا دلّ التحديد بالفجر على وجوب الصيام إلى الليل بعد تبيّنه استغنى عن ذكره إيثاراً للإيجاز بل تعرّض لتحديده بإتمامه إلى الليل، وفي قوله: أتمّوا دلالة على أنّه واحد بسيط وعبادة واحدة تامّة من غير

٤٧

أن تكون مركّبة من اُمور عديدة كلّ واحد منها عبادة واحدة، وهذا هو الفرق بين التمام والكمال حيث أنّ الأوّل انتهاء وجود ما لا يتألّف من أجزاء ذوات آثار والثاني انتهاء وجود ما لكلّ من أجزائه أثر مستقلّ وحده. قال تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) المائدة - ٣، فإنّ الدين مجموع الصلاة والصوم والحجّ وغيرها الّتي لكلّ منها أثر يستقلّ به، بخلاف النعمة على ما سيجئ بيانه إنشاء الله في الكلام على الآية.

قوله تعالى: ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) ، العكوف والاعتكاف هو اللّزوم والاعتكاف بالمكان الإقامة فيه ملازماً له.

والاعتكاف عبادة خاصّة من أحكامها لزوم المسجد وعدم الخروج منه إلّا لعذر والصيام معه، ولذلك صحّ أن يتوهّم جواز مباشرة النساء في ليالي الاعتكاف في المسجد بتشريع جواز الرفث ليلة الصيام فدفع هذا الدخل بقوله تعالى: ولا تباشروهنّ وأنتم عاكفون في المساجد.

قوله تعالى: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ) ، أصل الحدّ هو المنع وإليه يرجع جميع استعمالاته واشتقاقاته كحدّ السيف وحدّ الفجور وحدّ الدار والحديد إلى غير ذلك، والنهي عن القرب من الحدود كناية عن عدم اقترافها والتعدّي إليها، أي لا تقترفوا هذه المعاصي الّتي هي الأكل والشرب والمباشرة أو لا تتعدّوا عن هذه الأحكام والحرمات الإلهيّة الّتي بيّنها لكم وهي أحكام الصوم بإضاعتها وترك التقوى فيها.

( بحث روائي)

في تفسير القمّيّ عن الصادقعليه‌السلام قال: كان الأكل والنكاح محرّمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم يعني كلّ من صلّى العشاء ونام ولم يفطر ثمّ انتبه حرم عليه الإفطار، وكان النكاح حراما في الليل والنهار في شهر رمضان، وكان رجل من أصحاب رسول الله يقال له خوّات بن جبير الأنصاري أخو عبدالله بن جبير الّذي كان رسول الله وكلّه بفم الشعب يوم اُحد في خمسين من الرماة ففارقه أصحابه وبقي في اثنى عشر رجلا

٤٨

فقتل على باب الشعب، وكان أخوه هذا خوّات بن جبير شيخاً كبيراً ضعيفاً، وكان صائماً مع رسول الله في الخندق، فجاء إلى أهله حين أمسى فقال عندكم طعام؟ فقالوا: لا تنم حتّى نصنع لك طعاماً فأبطأت عليه أهله بالطعام فنام قبل أن يفطر، فلمّا انتبه قال لأهله: قد حرم علىّ الأكل في هذه الليلة فلمّا أصبح حضر حفر الخندق فاُغمى عليه فرآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرقّ له وكان قوم من الشبّان ينكحون باللّيل سرّاً في شهر رمضان فأنزل الله: اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية، فأحلّ الله تبارك وتعالى النكاح بالليل من شهر رمضان، والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر لقوله: حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، قال: هو بياض النهار من سواد اللّيل.

اقول: وقوله: يعني إلى قوله: وكان رجل، من كلام الراوي، وهذا المعنى مرويّ بروايات اُخرى، رواها الكلينيّ والعيّاشيّ وغيرهما، وفي جميعها أنّ سبب نزول قوله: وكلوا واشربوا الخ إنّما هو قصّة خوّات بن جبير الأنصاري وأنّ سبب نزول قوله: اُحلّ لكم الخ، ماكان يفعله الشبّان من المسلمين.

وفي الدرّ المنثور عن عدّة من أصحاب التفسير والرواية عن البراء بن عازب قال: كان أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتّى يمسي وإنّ قيس بن صرمة الأنصاريّ كان صائماً فكان يومه ذاك يعمل في أرضه فلمّا حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا ولكن انطلق فأطلب لك فغلبته عينه فنام وجائت امرأته فلمّا رأته نائماً قالت: خيبة لك، أنمت؟ فلمّا انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت هذه الآية اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث، إلى قوله: من الفجر ففرحوا بها فرحاً شديداً.

اقول: وروي بطرق اُخر القصّة وفي بعضها أبو قبيس بن صرمة وفي بعضها صرمة بن مالك الأنصاريّ على اختلاف مّا في القصّة.

وفي الدرّ المنثور أيضاً: وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عبّاس: أنّ لمسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلّوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة،

٤٩

ثم إنّ ناساً من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطّاب فشكوا ذلك إلى رسول الله فأنزل الله اُحلّ لكم ليلة الصيام، إلى قوله: فالآن باشروهنّ يعني انكحوهنّ.

اقول: والروايات من طرقهم في هذا المعنى كثيرة وفي أكثرها اسم من عمر، وهي متّحدة في أنّ حكم النكاح باللّيل كحكم الأكل والشرب وأنّها جميعاً كانت محلّلة قبل النوم محرّمة بعده، وظاهر ما أوردناه من الرواية الاُولى أنّ النكاح كان محرّماً في شهر رمضان باللّيل والنهار جميعاً بخلاف الأكل والشرب فقد كانا محلّلين في أوّل الليل قبل النوم محرّمين بعده، وسياق الآية يساعده فإنّ النكاح لو كان مثل الأكل والشرب محللّا قبل النوم محرّماً بعده كان الواجب في اللّفظ أن يقيّد بالغاية كما صنع ذلك بقوله: كلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض الخ، وقد قال تعالى: اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث، ولم يأت بقيد يدلّ على الغاية، وكذا ما اشتمل عليه بعض الروايات: أنّ الخيانة ما كانت تختصّ بالنكاح بل كانوا يختانون في الأكل والشرب أيضاً لا يوافق ما يشعر به سياق الآية من وضع قوله: علم الله أنّكم كنتم تختانون أنفسكم (الخ)، قبل قوله: كلوا واشربوا.

وفي الدرّ المنثور أيضاً: أنّ رسول الله قال: الفجر فجران فأمّا الّذي كأنّه ذنب السرحان فإنّه لا يحلّ شيئاً ولا يحرّمه، وأمّا المستطيل الّذي يأخذ الاُفق فإنّه يحلّ الصلاة ويحرّم الطعام.

اقول: والروايات في هذا المعنى مستفيضة من طرق العامّة والخاصّة وكذا الروايات في الاعتكاف وحرمة الجماع فيه.

٥٠

( سورة البقرة آية ١٨٨)

وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ( ١٨٨)

( بيان)

قوله تعالى: ( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) ، المراد بالأكل الأخذ أو مطلق التصرّف مجازاً، والمصحّح لهذا الإطلاق المجازيّ كون الأكل أقرب الأفعال الطبيعيّة الّتي يحتاج الإنسان إلى فعلها وأقدمها فالإنسان أوّل ما ينشاء وجوده يدرك حاجته إلى التغذّي ثمّ ينتقل منه إلى غيره من الحوائج الطبيعيّة كاللّباس والمسكن والنكاح ونحو ذلك، فهو أوّل تصرّف يستشعر به من نفسه، ولذلك كان تسمية التصرّف والأخذ - وخاصّة في مورد الأموال - أكلاً لا يختصّ باللغة العربيّة بل يعمّ سائر اللغات.

والمال ما يتعلّق به الرغبات من الملك، كأنّه مأخوذ من الميل لكونه ممّا يميل إليه القلب، والبين هو الفصل الّذي يضاف إلى شيئين فأزيد، والباطل يقابل الحقّ الّذي هو الأمر الثابت بنحو من الثبوت.

وفي تقييد الحكم، أعني قوله: ولا تأكلوا أموالكم، بقوله: بينكم، دلالة على أنّ جميع الأموال لجميع الناس وإنّما قسّمه الله تعالى بينهم تقسيماً حقّاً بوضع قوانين عادلة تعدّل الملك تعديلاً حقّاً يقطع منابت الفساد لا يتعدّاه تصرّف من متصرّف إلّا كان باطلاً، فالآية كالشارحة لإطلاق قوله تعالى: خلق لكم ما في الأرض جميعاً وفي إضافته الأموال إلى الناس إمضاء منه لما استقرّ عليه بناء المجتمع الإنسانيّ من اعتبار أصل الملك واحترامه في الجملة من لدن استكن هذا النوع على بسيط الأرض على ما يذكره النقل والتاريخ، وقد ذكر هذا الأصل في القرآن بلفظ الملك والمال و

٥١

لام الملك والاستخلاف وغيرها في أزيد من مائة مورد ولا حاجة إلى إيرادها في هذا الموضع، وكذا بطريق الاستلزام في آيات تدلّ على تشريع البيع والتجارة ونحوهما في بضعة مواضع كقوله تعالى:( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقره - ٢٧٥، وقوله تعالى:( لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ ) النساء - ٢٨، وقوله تعالى:( وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ) التوبة - ٢٤، وغيرها، والسنّة المتواترة تؤيّده.

قوله تعالى: ( وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا ) ، الإدلاء هو إرسال الدلو في البئر لنزح الماء كنّي به عن مطلق تقريب المال إلى الحكّام ليحكموا كما يريده الراشي، وهو كناية لطيفة تشير إلى استبطان حكمهم المطلوب بالرشوة الممثّل لحال الماء الّذي في البئر بالنسبة إلى من يريده، والفريق هو القطعة المفروقة المعزولة من الشئ، والجملة معطوفة على قوله: تأكلوا، فالفعل مجزوم بالنهي، ويمكن أن يكون الواو بمعنى مع والفعل منصوباً بان المقدّرة، التقدير مع أن تأكلوا فتكون الآيه بجملتها كلاماً واحداً مسوقاً لغرض واحد، وهو النهي عن تصالح الراشي والمرتشي على أكل أموال الناس بوضعها بينهما وتقسيمها لأنفسهما بأخذ الحاكم ما اُدلى به منها إليه وأخذ الراشي فريقاً آخر منها بالإثم وهما يعلمان أنّ ذلك باطل غير حقّ.

( بحث روائي)

في الكافي عن الصادقعليه‌السلام في الآية: كانت تقامر الرجل بأهله وماله فنهاهم الله عن ذلك.

وفي الكافي أيضاً عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : قول الله عزّوجلّ في كتابه: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكّام، قال يا أبا بصير إنّ الله عزّوجلّ قد علم أنّ في الاُمّة حكّاماً يجورون، أمّا إنّه لم يعن حكّام أهل العدل ولكنّه عنى حكّام أهل الجور، يا أبا محمّد لو كان لك على رجل حقّ فدعوته إلى حكّام أهل العدل فأبى عليك إلّا أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له لكان ممّن يحاكم إلى الطاغوت وهو قول الله عزّوجلّ: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا

٥٢

بما اُنزل إليك وما اُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت.

وفي المجمع قال: روي عن أبي جعفرعليه‌السلام : يعني بالباطل اليمين الكاذبة يقطع بها الأموال.

اقول: وهذه مصاديق والآية مطلقة.

( بحث علمي اجتماعي)

كلّ ما بين أيدينا من الموجودات المكوّنة - ومنها النبات والحيوان والإنسان - فإنّه يتصرّف في الخارج عن دائرة وجوده ممّا يمكن أن ينتفع به في إبقاء وجوده لحفظ وجوده وبقائه، فلا خبر في الوجود عن موجود غير فعّال، ولا خبر عن فعل يفعله فاعله لا لنفع يعود إليه، فهذه أنواع النبات تفعّل ما تفعّل لتنتفع به لبقائها ونشؤها وتوليد مثلها، وكذلك أقسام الحيوان والإنسان تفعل ما تفعل لتنتفع به بوجه ولو انتفاعاً خياليّاً أو عقليّاً، فهذا ممّا لا شبهة فيه.

وهذه الفواعل التكوينيّة تدرك بالغريزة الطبيعيّة، والحيوان والإنسان بالشعور الغريزيّ أنّ التصرّف في المادّة لرفع الحاجة الطبيعيّة والانتفاع في حفظ الوجود والبقاء لا يتمّ للواحد منها إلّا مع الاختصاص بمعنى أنّ الفعل الواحد لا يقوم بفاعلين (فهذا حاصل الأمر وملاكه) ولذلك فالفاعل من الإنسان أوما ندرك ملاك أفعاله فإنّه يمنع عن المداخلة في أمره والتصرّف فيما يريد هو التصرّف فيه، وهذا أصل الاختصاص الّذي لا يتوقّف في اعتباره إنسان وهو معنى اللّام الّذي في قولنا لي هذا ولك ذلك، ولي أن أفعل كذا ولك أن تفعل كذا.

ويشهد به ما نشاهده من تنازع الحيوان فيما حازه من عشّ أو كنّ أو وكر أو ما أصطاده أو وجده، ممّا يتغذّى به أو ما ألفه من زوج ونحو ذلك، وما نشاهده من تشاجر الأطفال فيما حازوه من غذاء ونحوه حتّى الرضيع يشاجر الرضيع على الثدي، ثمّ إنّ ورود الإنسان في ساحة الاجتماع بحكم فطرته وقضاء غريزته لا يستحكم به إلّا ما أدركه بأصل الفطرة إجمالاً، ولا يوجب إلّا إصلاح ما كان وضعه أوّلاً وترتيبه

٥٣

وتعظيمه في صورة النواميس الإجتماعيّة الدائرة، وعند ذلك يتنوّع الاختصاص الإجماليّ المذكور أنواعاً متفرّقه ذوات أسام مختلفه فيسمّى الاختصاص الماليّ بالملك وغيره بالحقّ وغير ذلك.

وهم وإن أمكن أن يختلفوا في تحقّق الملك من جهة أسبابه كالوراثة والبيع والشراء والغصب بقوّة السلطان وغير ذلك، أو من جهة الموضوع الّذي هو المالك كالإنسان الّذي هو بالغ أو صغير أو عاقل أو سفيه أو فرد أو جماعة إلى غير ذلك من الجهات، فيزيدوا في بعض، وينقصوا من بعض، ويثبتوا لبعض وينفوا عن بعض، لكنّ أصل الملك في الجملة ممّا لا مناص لهم عن اعتباره، ولذلك نرى أنّ المخالفين للملك يسلبونه عن الفرد وينقلونه إلى المجتمع أو الدولة الحاكمة عليهم وهم مع ذلك غير قادرين على سلبه عن الفرد من أصله ولن يقدروا على ذلك فالحكم فطريّ، وفي بطلان الفطرة فناء الإنسان.

وسنبحث في ما يتعلّق بهذا الأصل الثابت من حيث أسبابه كالتجارة والربح والإرث والغنيمة والحيازة ومن حيث الموضوع كالبالغ والصغير وغيرهما في موارد يناسب ذلك إنشاء الله العزيز.

٥٤

( سورة البقرة آية ١٨٩)

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( ١٨٩ )

( بيان)

قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ - إلى قوله -وَالْحَجِّ ) ، الأهلّة جمع هلال ويسمّى القمر هلالاً أوّل الشهر القمريّ إذا خرج من تحت شعاع الشمس اللّيلة الاُولى والثانية كما قيل، وقال بعضهم اللّيالي الثلاث الاُول، وقال بعضهم حتّى يتحّجر، والتحجّر أن يستدير بخطّة دقيقة، وقال بعضهم: حتّى يبهر نوره ظلمة اللّيل وذلك في اللّيلة السابعة ثمّ يسمّى قمراً ويسمّى في الرابعة عشر بدراً، واسمه العامّ عند العرب الزبرقان.

والهلال مأخوذ من استهلّ الصبيّ إذا بكى عند الولادة أو صاح، ومن قولهم: أهلّ القوم بالحجّ إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية، سمّي به لأنّ الناس يهلّون بذكره إذا رأوه. والمواقيت جمع ميقات وهو الوقت المضروب للفعل، ويطلق أيضاً: على المكان المعيّن للفعل كميقات أهل الشام وميقات أهل اليمن، والمراد ههنا الأوّل.

وفي قوله تعالى: يسئلونك عن الأهلّة، وإن لم يشرح أنّ السؤال في أمرها عمّاذا؟ أعني حقيقة القمر وسبب تشكّلاتها المختلفة في صورالهلال والقمر والبدر كما قيل، أو عن حقيقة الهلال فقط، الظاهر بعد المحاق في أوّل الشهر القمريّ كما ذكره بعضهم أو عن غير ذلك.

ولكن إتيان الهلال في السؤال بصورة الجمع حيث قيل: يسئلونك عن الأهلّة

٥٥

دليل على أنّ السؤال لم يكن عن ماهيّة القمر واختلاف تشكّلاته إذ لو كان كذلك لكان الأنسب أن يقال: يسئلونك عن القمر لا عن الأهلّة وأيضاً لو كان السؤال عن حقيقة الهلال وسبب تشكّله الخاصّ كان الأنسب أن يقال: يسئلونك عن الهلال إذ لا غرض حينئذ يتعلّق بالجمع، ففي إتيان الأهلّة بصيغة الجمع دلالة على أنّ السؤال إنّما كان عن السبب أو الفائدة في ظهور القمر هلالاً بعد هلال ورسمه الشهور القمريّة وعبّر عن ذلك بالأهلّة لأنّها هي المحقّقة لذلك فاُجيب بالفائدة.

ويستفاد ذلك من خصوص الجواب: قل هي مواقيت للناس والحجّ، فإنّ المواقيت وهي الأزمان المضروبة للأفعال، والأعمال إنّما هي الشهور دون الأهلّة الّتي ليست بأزمنة وإنّما هي أشكال وصور في القمر.

وبالجملة قد تحصّل أنّ الغرض في السؤال إنّما كان متعلّقاً بشأن الشهور القمريّة من حيث السبب أو الفائدة فاُجيب ببيان الفائدة وأنّها أزمان وأوقات مضروبة للناس في اُمور معاشهم ومعادهم فإنّ الإنسان لا بدّ له من حيث الخلقة من أن يقدّر أفعاله وأعماله الّتي جميعها من سنخ الحركة بالزمان، ولازم ذلك أن يتقطّع الزمان الممتدّ الّذي ينطبق عليه اُمورهم قطعاً صغاراً وكباراً مثل الليل والنهار واليوم والشهر والفصول والسنين بالعناية الإلهيّة الّتي تدبّر اُمور خلقه وتهديهم إلى صلاح حياتهم، والتقطيع الظاهر الّذي يستفيد منه العالم والجاهل والبدويّ والحضريّ ويسهل حفظه على الجميع إنّما هو تقطيع الأيّام بالشهور القمريّة الّتي يدركه كلّ صحيح الإدراك مستقيم الحواسّ من الناس دون الشهور الشمسيّة الّتي ما تنبّه لشأنها ولم ينل دقيق حسابها الإنسان إلّا بعد قرون وأحقاب من بدء حياته في الأرض وهو مع ذلك ليس في وسع جميع الناس دائماً.

فالشهور القمريّة أوقات مضروبة معيّنة للناس في اُمور دينهم ودنياهم وللحجّ خاصّة فإنّه أشهر معلومات، وكأنّ اختصاص الحجّ بالذكر ثانياً تمهيد لما سيذكر في الآيات التالية من اختصاصه ببعض الشهور.

قوله تعالى: ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا - إلى قوله -مِنْ أَبْوَابِهَا ) ،

٥٦

ثبت بالنقل أنّ جماعة من العرب الجاهليّ كانوا إذا أحرموا للحجّ لم يدخلوا بيوتهم عند الحاجة من الباب بل اتّخذوا نقباً من ظهورها ودخلوا منه فنهى عن ذلك الإسلام وأمرهم بدخول البيوت من أبوابها، ونزول الآية يقبل الانطباق على هذا الشأن، وبذلك يصحّ الاعتماد على ما نقل من شأن نزول الآية على ما سيأتي نقله.

ولولا ذلك لأمكن أن يقال: إنّ قوله: وليس البرّ إلى آخره، كناية عن النهي عن امتثال الأوامر الإلهيّة والعمل بالأحكام المشرّعة في الدين إلّا على الوجه الّذي شرّعت عليه، فلا يجوز الحجّ في غير أشهره، ولا الصيام في غير شهر رمضان وهكذا وكانت الجملة على هذا متمّماً لأوّل الآية، وكان المعنى: أنّ هذه الشهور أوقات مضروبة لأعمال شرّعت فيها ولايجوز التعدّي بها عنها إلى غيرها كالحجّ في غير أشهره، والصوم في غير شهر رمضان وهكذا فكانت الآية مشتملة على بيان حكم واحد.

وعلى التقدير الأوّل الّذي يؤيّده النقل فنفى البرّ عن إتيان البيوت من ظهورها يدلّ على أنّ العمل المذكور لم يكن ممّا أمضاه الدين وإلّا لم يكن معنى لنفى كونه برّاً فإنّما كان ذلك عادة سيّئة جاهليّة فنفى الله تعالى كونه من البرّ، وأثبت أنّ البرّ هو التقوي، وكان الظاهر أن يقال: ولكنّ البرّ هو التقوي، وإنّما عدل إلى قوله: ولكنّ البرّ من اتّقى، إشعاراً بأنّ الكمال إنّما هو في الاتّصاف بالتقوى وهو المقصود دون المفهوم الخالي كما مرّ نظيره في قوله تعالى: ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البرّ من آمن الآية.

والأمر في قوله تعالى: وأتوا البيوت من أبوابها، ليس أمراً مولويّاً وإنّما هو إرشاد إلى حسن إتيان البيوت من أبوابها لما فيه من الجرى على العادة المألوفة المستحسنة الموافقة للغرض العقلائيّ في بناء البيوت ووضع الباب مدخلاً ومخرجاً فيها، فإنّ الكلام واقع موقع الردع عن عادة سيّئة لا وجه لها إلّا خرق العادة الجارية الموافقة للغرض العقلائيّ، فلا يدلّ على أزيد من الهداية إلى طريق الصواب من غير إيجاب، نعم الدخول من غير الباب بمقصد أنّه من الدين بدعة محرّمة.

قوله تعالى: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، قد عرفت في أوّل السورة أنّ التقوى

٥٧

من الصفات الّتي يجامع جميع مراتب الإيمان ومقامات الكمال، ومن المعلوم أنّ جميع المقامات لا يستوجب الفلاح والسعادة كما يستوجبه المقامات الأخيرة الّتي تنفي عن صاحبها الشرك والضلال وإنّما تهدي إلى الفلاح وتبشّر بالسعادة، ولذلك قال تعالى: واتّقوا الله لعلّكم تفلحون، فأتى بكلمة الترجّي، ويمكن أن يكون المراد بالتقوى امتثال هذا الأمر الخاصّ الموجود في الآية وترك ما ذمّه من إتيان البيوت من ظهورها.

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال: سأل الناس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأهلّة فنزلت هذه الآية يسئلونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس يعلمون بها أجل دينهم وعدّة نسائهم ووقت حجّهم.

أقول: وروى هذا المعنى فيه بطرق اُخر عن أبي العالية وقتادة وغيرهما، وروي أيضاً أنّ بعضهم سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن حالات القمرالمختلفة فنزلت الآية. وهذا هو الّذي ذكرنا آنفاً أنّه مخالف لظاهر الآية فلا عبرة به.

وفي الدرّ المنثور أيضاً: أخرج وكيع، والبخاريّ، وابن جرير عن البراء: كانوا إذا أحرموا في الجاهليّة دخلوا البيت من ظهره فأنزل الله: وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البرّ من اتّقى وأتوا البيوت من أبوابها.

وفي الدرّ المنثور أيضاً أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه عن جابر قال: كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام فبينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاريّ فقالوا: يا رسول الله إنّ قطبة بن عامر رجل فاجر و إنّه خرج معك من الباب فقال له: ما حملك على ما فعلت قال: رأيتك فعلته ففعلته كما فعلت قال: إنّي رجل أحمس قال: فإنّ ديني دينك فأنزل الله ليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها.

اقول: وقد روي قريباً من هذا المعنى بطرق اُخرى، والحمس جمع أحمس

٥٨

كحمر وأحمر من الحماسة وهي الشدّة سمّيت به قريش لشدّتهم في أمر دينهم أو لصلابتهم وشدّة باسهم.

وظاهر الرواية أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد أمضى قبل الواقعة الدخول من ظهور البيوت لغير قريش ولذا عاتبه بقوله: ما حملك على ما صنعت الخ، وعلى هذا فتكون الآية من الآيات الناسخة، وهي تنسخ حكماً مشرّعاً من غير آية هذا، ولكنّك قد عرفت أنّ الآية تنافيه حيث تقول: ليس البرّ بأن تأتوا، وحاشا الله سبحانه أن يشرّع هو أو رسوله بأمره حكماً من الأحكام ثمّ يذمّه أو يقبحّه وينسخه بعد ذلك وهو ظاهر.

وفي محاسن البرقيّ عن الباقرعليه‌السلام في قوله تعالى: وأتوا البيوت من أبوابها قال: يعني أن يأتي الأمر من وجهه أيّ الاُمور كان.

وفي الكافي عن الصادقعليه‌السلام : الأوصياء هم أبواب الله الّتي منها يؤتي ولولاهم ما عرف الله عزّوجلّ وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه.

أقول: الرواية من الجرى وبيان لمصداق من مصاديق الآية بالمعنى الّذي فسّرت به في الرواية الاُولى، ولا شكّ أنّ الآية بحسب المعنى عامّة وإن كانت بحسب مورد النزول خاصّة، وقولهعليه‌السلام ولولاهم ما عرف الله، يعني البيان الحقّ والدعوة التامّة الّذين معهم، وله معنى آخر أدقّ لعلّنا نشير إليه فيما سيأتي إنشاء الله والروايات في معنى الروايتين كثيرة.

٥٩

( سورة البقرة آية ١٩٠ - ١٩٥)

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( ١٩٠ ) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ( ١٩١ ) فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ١٩٢ ) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ( ١٩٣ ) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ( ١٩٤ ) وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( ١٩٥ )

( بيان)

سياق الآيات الشريفة يدلّ على أنّها نازلة دفعة واحدة، وقد سيق الكلام فيها لبيان غرض واحد وهو تشريع القتال لأوّل مرّة مع مشركي مكّة، فإنّ فيها تعرّضاً لإخراجهم من حيث أخرجوا المؤمنين، وللفتنة، وللقصاص، والنهي عن مقاتلتهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوا عنده، وكلّ ذلك اُمور مربوطة بمشركي مكّة، على أنّه تعالى قيّد القتال بالقتال في قوله: وقاتلوا في سبيل الله الّذين يقاتلونكم، وليس معناه الاشتراط أي قاتلوهم إن قاتلوكم وهو ظاهر، ولا قيداً احترازيّاً، والمعنى قاتلوا الرجال دون النساء والولدان الّذين لا يقاتلونكم كما ذكره بعضهم، إذ لا معنى لقتال من لا يقدر على القتال حتّى ينهى عن مقاتلته، ويقال: لا تقاتله بل إنّما الصحيح النهى عن قتله دون قتاله.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481