الميزان في تفسير القرآن الجزء ١١

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 431

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 431 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81257 / تحميل: 6259
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

تحديد التربة الحسينية :

س / قال الفاضل المقداد السيوري ( قده ) : « ورد متواتراً ، أنّ الشفاء في تربته ، وكثرة الثواب بالتسبيح بها ، والسجود عليها ، ووجوب تعظيمها ، وكونها دافعة للعذاب عن الميت ، وأماناً من المخاوف ، وأنّ الإستنجاء بها حرام ، فهل هي مختصة بمحل أم لا ؟ » (٢٢٣)

جـ / يمكن تلخيص رأي الأعلام فيما ذكره الفقيه السبزواري : « القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف وما يقرب منه على وجه يلحق به عرفاً ، ولعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه ، لكن في بعض الأخبار ، يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعاً ، وفي بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء وإنْ أخذ على رأس ميل ، بل وفي بعضها أنه يستشفى فيما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال ، بل وفي بعضها على عشرة أميال ، وفي بعضها فرسخ في فرسخ ، بل وروي إلى أربعة فراسخ ، ولعلّ الإختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل فكل ما قرب إلى القبر الشريف ؛ كان أفضل ، والأحوط الإقتصار عل ی ما حول القبر إل ی سبعين ذراعاً ، وفيما زاد على ذلك أنْ يستعمل ممزوجاً بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين ويستشفى به رجاء »(٢٢٤)

ومن أراد التوسع ، فعليه بمراجعة ( جواهر الكلام ج ٣٦ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧ ) وغيره من الكتب الفقهية

______________________

(٢٢٣) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥١

(٢٢٤) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٥

١٤١

س / في حالة الشك في أن هذه تربة الحسينعليه‌السلام أم لا ، ماذا يصنع ؟

جـ / يقول الفقيه السبزواري ( قده ) : « إنْ أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنّ هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا إشكال ، وكذا إذا قامت على ذلك البينة ، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد بل شخص ثقة ، وهل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله على أنه منها ؟ لا يعد ذلك وإنْ كان الأحوط في غير صورة العلم ، وقيام البينة تناولها بالإمتزاج بماء أو شربة »(٢٢٥)

وقال الشيخ المامقاني ( قده ) : « ويثبت كون الطين طين قبره الشريف بالبينة الشرعية ، وهل يثبت بقول ذي اليد الشيعي ؟ وجهان ، أظهرهما ذلك »(٢٢٦)

طريقة الإستشفاء :

س / هل توجد طريقة للإستشفاء بالتربة الحسينية ؟

جـ / نعم ، وقد ذكر الفقهاء ذلك وهذه كلماتهم كالتالي :

قال المحقق الأردبيلي ( قده ) : « الأخبار في جواز أكلها الإستشفاء كثيرة ، والأصحاب مطبقين عليه ، وهل يشترط أخذه بالدعاء وقراءة( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ؟ ظاهر بعض الروايات في كتب المزار ذلك ، بل مع شرائط أخرى ، حتى ورد أنه قال شخص : إني أكلت وما شفيت ، فقالعليه‌السلام له : إفعل كذا وكذا وورد أيضاً أنّ له غسلاً وصلاة خاصة والأخذ على وجه خاص وربطه وختمه بخاتم يكون نقشه كذا ، ويكون أخذه مقداراً خاصاً ، ويحتمل أنْ يكون ذلك لزيادة

______________________

(٢٢٥) ـ المصدر السابق / ١٨٨ ـ ١٨٩

(٢٢٦) ـ المامقاني ، الشيخ عبد الله : مرآة الكمال ، ج ٣ / ٢٤٠

١٤٢

الشفاء وسرعته وتبقيته لا مطلقاً ، فيكون مطلقاً جائزاً كما هو مشهور ، وفي كتب الفقه مسطور »(٢٢٧)

وقال الفقيه السبزواري ( قده ) : « لأخذ التربة المقدسة وتناولها عند الحاجة آداب وأدعية مذكورة في محالها خصوصاً في كتب المزار ، ولاسيما مزار بحار الأنوار ، لكن الظاهر أنها كلها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا أنها شرط لجواز تناولها »(٢٢٨)

وقال الشيخ الأعسم في إرجوزته :

وللحسين تربة فيها الشفا

تشفي الذي على الحِمام أشرفا(٢٢٩)

المقدار المحدد للإستشفاء :

س / هل يوجد قدر محدد للإستشفاء بتربة الحسين عليه‌السلام ؟

ج / المعروف من كلمات الأعلام أنّ القدر المحدد للإستشفاء هو بقدر الحمصة ، بل نسب الفقيه السبزواري ذلك إلى الإجماع والنصوص(٢٣٠)

وقال الشيخ الأعسم :

حَدّ له الشارع حداً خَصّصَهْ

تحريم ما قد زاد فوق الحِمَّصة(٢٣١)

وقال الفاضل المقداد ( قده ) : « قيد الشيخ في( النهاية ) المتناول باليسير ، وهو حسن وإختاره ابن إدريس والعلامة : لحصول الغرض والشفاء في ذلك ، فما زاد يكون حراماً ولما كان اليسير أمراً إضافياً ؛ لأنه رب يسير كثير بالإضافة

______________________

(٢٢٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦٠

(٢٢٨) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ، ج ٢٣ / ١٨٤

(٢٢٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية ، في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٢ ـ ١٣٣

(٢٣٠) ـ السبزواري ، السيد عبدالأعلى : مهذب الأحكام ج ٢٣ / ١٨٣

(٢٣١) ـ الأعسم ـ الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الأرجوزة الأعسمية / ١٣٣

١٤٣

إلى ما هو أقل منه ، ورب كثير يسير بالإضافة إلى ما هو أكثر منه ؛ قيّده المصنف بقدر الحمصة لينضبط ، وهل يجوز الإكثار منه ؟ الأصح لا ، لما ورد عنهمعليهم‌السلام : من أكل زائداً عن ذلك فكأنما أكل من لحومنا »(٢٣٢)

وقال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد مر التصريح بهذا المقدار في الأخبار ، وكان الأحوط(٢٣٣) عدم التجاوز عن مقدار عدسة لما رواه الكليني عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الناس يروون أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :إنّ العدس بارك عليه سبعون نبياً فقال : هو الذي تسمونه عندكم الحمص ونحن نسميه العدس » (٢٣٤)

إيضاح واستنتاج :

«الحِمّصة : واحدة الحمص بكسر الحاء وفتح الميم المشددة ؛ هي القيراط الصيرفي والحمصة في كلام علماء العراق هي : الحبة المتعارفة عند العراقيين ، وهي القيراط الصيرفي الذي وزنه أربع حبات قمح »(٢٣٥)

القيراط الصيرفي : « هو أربع حبات أو أربع قمحات كما نص عليه السيد الأمين في ( الدرة البهية / ٨ ) وكما نص عليه في ( حلية الطلاب / ٥٣ ) ، وفي ( كشف الحجاب / ٥٨ ) ، حيث قالا : أربع قمحات قيراط »(٢٣٦)

والقيراط : « هو عشرون جزءاً من الغرام كما في ( حلية الطلاب / ١١٣ ) وقد إختبرناه ؛ فوجدناه صحيحاً فهو : ( ١ / ٥ غرام ) ، فالخمسة قراريط ـ

______________________

(٢٣٢) ـ السيوري ، الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله : التنقيح الرائع ، ج ٤ / ٥٠

(٢٣٣) ـ ظاهر العبارة ( وان كان الأحوط ) ـ المؤلف

(٢٣٤) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج ٥٧ / ١٦١

(٢٣٥) ـ العاملي ، الشيخ إبراهيم سليمان : الأوزان والمقادير / ٢١

(٢٣٦) ـ نفس المصدر / ٢٤

١٤٤

أعني العشرين قمحة ـ هي غرام كما هو واضح »(٢٣٧) فالنتيجة أن الحمصة تساوي ( ١ / ٥ غرام ) ، وهي تعادل العدسة المذكورة في الرواية تقريباً

الدعاء عند الإستشفاء بتربة الحسين (عليه‌السلام ) :

وردت عدة أدعية عند إستعمال التربة الحسينية مذكورة في كتب المزار(٢٣٨) نذكر منها التالي :

عند تناول التربة وأخذها :

قال الشيخ الأعسم في ارجوزته :

لها دعاءانِ فيدعو الداعي

في وقتَّي الأخذ و الإبتلاعِ(٢٣٩)

١ ـ عن أبي أسامة قال : ( كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادقعليه‌السلام ؛ فأقبل علينا أبو عبد اللهعليه‌السلام فقال : إنّ الله جعل تربة جدي الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، فإذا تناولها أحدكم ؛ فليقبلها ويضعها على عينيه ، وليمرّها على ساير جسده وليقل :اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من حَلّ بها وثوى فيها ، وبحق أبيه وأمه وأخيه والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها شفاءً من كل داء ، وبرءاً من كل مرض ، ونجاة من كل آفة ، وحرزاً مما أخاف وأحذر ، ثم ليستعملها ) (٢٤٠)

٢ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : ( إذا تناول أحدكم من طين قبر الحسينعليه‌السلام فليقل :اللّهُمَّ إنّي أسألُك بِحقِّ المَلَكِ الّذي تَنَاوَله ، والرّسُولِ الّذي بَوّأهُ ،

______________________

(٢٣٧) ـ المصدر السابق / ٩٢

(٢٣٨) ـ راجع : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٨ ـ ١٤٠ وكامل الزيارات ( باب ٩٣ ، ٩٤ )

(٢٣٩) ـ الأعسم ، الشيخ عبدالرزاق : النفحات الذكية في شرح الارجوزة الاعسمية / ١٣٣

(٢٤٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٩

١٤٥

والوَصِيَّ الّذي ضُمِّنَ فيه ، أنْ تَجعَلَه شِفَاءً مِنْ كُلِّ داءٍ كذا وكذا ، وتُسمِّي ذلك الداء ) (٢٤١)

٣ ـ عن أبي جعفر الموصلي ، أن أبا جعفرعليه‌السلام قال : إذا أخذت طين قبر الحسينعليه‌السلام فقل :( اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبحَقِّ المَلَكِ المُوَكَّل بِهَا ، وبحَقِّ المَلَكِ الذّي كرّبهَا ، وبِحَقِّ الوّصيِّ الّذي هُوَ فيها ، صَلِّ على مُحَمّد وآلِ محمدٍ ، واجْعَلْ هذا الطّينَ شِفَاءً لي منْ كُلِّ داءٍ ، وأَمَاناً منْ كُلِّ خَوْفٍ ) (٢٤٢)

٤ ـ وروي : إذا أخذته فقل :( بِسْم الله ، اللّهُمّ بِحَقِّ هذه التُّرْبَة الطّاهرَة ، وبِحَقِّ البُقْعَةِ الطَّيَّبةِ ، وبِحقَّ الوَصِيِّ الّذِي تُوارِيه ، وبِحَقِّ جَدِه وأبيه وأمه وأخيه والمَلائِكةِ الّذين يَحُفُّونَ به ، والمَلَائِكةِ العُكُوف على قَبْر وَليِّك ، ينتظرون نَصْرَه صَلّى اللهُ عَلَيْهِم أجمعين ، إجْعَل لي فيه شِفَاءً من كُلّ دَاء ، وأماناً من كُلّ خَوْفٍ ، وغِنىً من كُلّ فَقْرٍ ، وعِزّاً من كُلّ ذُلّ ، وأوسِعْ به عَلَيّ في رِزْقي ، وأصِحّ به جِسْمِي ) (٢٤٣)

٥ ـ وروي أن رجلاً سأل الصادقعليه‌السلام فقال : ( إني سمعتك تقول : إن تربة الحسينعليه‌السلام من الأدوية المفردة ، وإنها لا تمر بداء إلا هضمته ، فقال : قد كان ذلك ( أو قد قلت ذلك ) فما بالك ؟ فقال : إني تناولتها فما إنتفعت بها ، قال : أما إن لها دعاء فمن تناولها ولم يدعُ به واستعملها لم يكن ينتفع بها ، قال : فقال له : ما يقول إذا تناولها ؟ قال : تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر من حِمّصَه ، فإن من تناول منها ______________________

(٢٤١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٦٩ ـ ٤٧٢

(٢٤٢) ـ نفس المصدر

(٢٤٣) ـ نفس المصدر

١٤٦

أكثر فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا ، فإذا تناولت ؛ فقل :اللّهم إني أسْأَلُك بِحَقِّ المَلَكِ الذي قبضها ، وبِحَقِّ المَلَكِ الذي خَزَنَها ، وأسْأَلُك بِحَقِّ الوَصِيِّ الذي حَلَّ فيها ، أن تُصَلِّي على محمد وآل محمد ، وأن تَجعَلَهُ شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوءٍ . فإذا قلت ذلك فاشددها في شيء وأقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فإن الدعاء الذي تقدم لأخذها ؛ هو الإستئذان عليها ، واقرأ إنا أنزلناه ختمها )(٢٤٤)

عند أكلها للإستشفاء :

١ ـ روى الشيخ في المصباح ، عن الصادقعليه‌السلام : ( طين قبر الحسينعليه‌السلام شفاء من كل داء ؛ فإذا أكلت منه ؛فقل : بسم الله و بالله ، اللهم إجعله رزقاً واسعاً ، وعلماً نافعاً ، وشفاء من كل داء ، إنك على كل شئ قدير ، اللهم رب التربة المباركة ، ورب الوصي الذي وارته ، صلِّ على محمد وآل محمد ، واجعل هذا الطين شفاءً من كل داء ، وأماناً من كل خوف ) (٢٤٥)

٢ ـ وروي حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال :( مَنْ أكَلَ مِنْ طِينِ قَبْرِ الحسين عليه‌السلام غير مستشفٍ به فكأنما أكل من لحومنا ، فإذا إحتاج أحدكم للأكل منه ليستشفي به ، فليقل : بِسْمِ الله وبالله ، اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَةِ المُبَارَكَةِ الطّاهِرَةِ ، ورَبّ النُّور الّذي أُنزل فيه ، ورَبّ الجَسَدِ الذي سَكَن فيه ، ورَبّ الملائكة المُوكِّلين به ، إجْعَلْهُ لي شِفاءً من دَاءِ كذا وكذا ، وأجرع من الماء جرعه خلفه ، وقل : اللّهُمَّ إجْعَلْه رِزْقَاً وَاسعاً ،

______________________

(٢٤٤) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح المتهجد / ٥١٠ ـ ٥١١

(٢٤٥) ـ الأمين ، السيد محسن : مفاتيح الجنات ، ج ١ / ٤٥٥

١٤٧

وعِلْماً نَافِعاً ، وشِفَاءً من كل دَاءٍ وسُقْمٍ فإن الله تعالى يدفع عنك بها كل ما تجد من السقم والغم إن شاء الله تعالى ) (٢٤٦)

٣ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال :( طين قبر الحسين عليه‌السلام شفاء من كل داء ، وإذا أكلته فقل : بسم الله وبالله ، اللّهُمّ أجْعَلْهُ رِزْقَاً واسِعاً ، وعِلْماً نافِعاً ، وشِفاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إنّكَ على كُلِّ شيء قدير ) (٢٤٧)

٤ ـ وروي عنهعليه‌السلام قال :( إذا أكلته تقول : اللّهُمّ رَبِّ هذه التُّربَة المباركة ، ورَبّ هذا الوَصِيّ الذي وَارَتْهُ ، صَلِّ على محمد وآل محمد ، واجْعَلْهُ عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاءً من كُلِّ داء ) (٢٤٨)

٥ ـ وروي عنهعليه‌السلام قال :( إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها في فيك فقل : اللّهُمّ إنّي أسْأَلُك بِحَقِّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ المَلَكِ الذي قَبَضَها ، والنّبيِّ الذي حَضَنَها ، والإمام الذي حَلّ فيها ، أن تُصلِّي على محمدٍ وآل محمدٍ ، وأن تَجْعَل لي فيها شِفَاء نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسِعَاً ، وأمَانَاً من كُلّ خَوْف ودَاءِ فإذا قال ذلك ؛ وهب الله له العافية ) (٢٤٩)

عند حملها للإحتراز :

ذكر ابن طاووس : « إنه لما ورد الصادقعليه‌السلام إلى العراق إجتمع إليه الناس فقالوا : يا مولانا تربة قبر مولانا الحسين شفاء من كل داء ، وهل هي أمان من كل خوف ؟ فقال : نعم إذا أراد أن تكون أماناً من كل خوف ؛ فليأخذ السبحة من تربته ويدعو دعاء ليلة المبيت على الفراش ثلاث مرات وهو :( أمسيت اللهم

______________________

(٢٤٦) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : مصباح النهجد / ٥١٠ ـ ٥١١

(٢٤٧) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٩

(٢٤٨) ـ نفس المصدر / ٤٧٧

(٢٤٩) ـ نفس المصدر

١٤٨

معتصماً بذمامك المنيع الذي لا يطاول إلخ ) ، ثم يقبل السبحة ويضعها على عينيه ويقول :( اللّهُمّ إنّي أسْألُك بِحَقّ هذه التُّربَة ، وبِحَقّ صَاحِبها ، وبِحَقّ جَدّه وأبيه ، وبحق أمه وأخيه ، وبِحَقِّ ولده الطاهرين ، إجْعَلْها شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ ، وأمَاناً من كُلِّ خَوْفٍ ، وحِفْظَاً من كُلِّ سُوء ، ثم يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغدوة ؛ فلا يزال في أمان حتى العشاء ؛ وإن فعل ذلك في العشاء ، فلا يزال في أمان الله حتى الغدوة » (٢٥٠)

ـ عن أبي حمزة الثمالي قال : قال الصادقعليه‌السلام :( إذا أردت حمل الطين ـ طين قبر الحسين عليه‌السلام ) ـ ، فأقرأ فاتحة الكتاب ، والمعوذتين ، و( قُلْ هُوَ
اللَّـهُ أَحَدٌ
) ، و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) ، و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ،ويس ، وآية الكرسي ، وتقول :( اللّهُمّ بِحَقِّ مُحَمدٍ عَبْدِك وحَبيبكَ ونَبِيِّك ورَسُولِكَ وأمِينكَ ، وبِحَقِّ أميرِ المُؤمِنين عَليِّ بن أبي طالب عَبْدِكَ وأخي رسُولِك ، وبِحَقِّ فَاطِمةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ وزوْجَة وَليِّكَ ، وبِحَقِّ الحَسَنِ والحُسَيْنِ ، وبِحَقِّ الأئمَّة الرّاشِدَينَ ، وبِحَقِّ هذه التُّرْبَةِ ، وبِحَقِّ المَلَكِ المُوَكِّل بها ، وبِحَقِّ الوَصيّ الّذي حَلّ فيها ، وبِحَقِّ الجَسَدِ الّذي تضمّنَتْ ، وبِحَقِّ السِّبْطِ الّذي ضمنت ، وبِحَقِّ جَميعِ مَلائِكتِكَ وانْبِيَائِك ورُسُلِكَ ، صَلّ على مُحَمّدٍ وآل محمدٍ ، واجعَلْ هذا الطِّين شِفَاءً لي وَلَمن يَسْتَشْفِي به من كُلِّ دَاءٍ وسُقْمَ ومَرَضٍ ، وأمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ اللّهُمّ بِحَقِّ محمد وأهلِ بيته إجْعَله عِلْماً نافِعَاً ، ورِزْقَاً واسعاً ، وشِفَاء من كُلِّ دَاءٍ وسُقْم ، وآفة وعَاهةٍ ، وجميع الأوجاع كلها ، إنك على كل شيء قدير )

______________________

(٢٥٠) ـ ابن طاووس ، السيد رضي الدين علي بن موسى : فلاح السائل / ٢٢٤ ـ ٢٢٥

١٤٩

وتقول :( اللّهُمّ رَبَّ هذه التُّربَة المباركَة الميمونَةِ ، والمَلَكِ الذي هَبَط بَها ، والوَصّي الذي هو فيها ، صلِّ على محمد وآل محمد وسلّم وأنفعني بها ، إنّك على كلِّ شيء قدير ) (٢٥١)

ـ وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :( اللّهُمّ إنَّي أخَذْتُه مِنْ قَبْرِ وَليِّكَ وابن وَليِّكَ ، فَاجْعَلْهُ لي أمْنَاً وحِرْزَاً لما أخَافُ ومَالَا أخَافُ ) (٢٥٢)

______________________

(٢٥١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٥ ـ ٤٧٦

(٢٥٢) ـ آل طعان ، الشيخ احمد بن الشيخ صالح : الصحيفة الصادقية / ٢٩٤

١٥٠

١٥١
١٥٢

توطئة :

س / عرفنا مما سبق المقصود بالتربة الحسينية ، وطريقة الإستشفاء بها ، وبقي شئ وهو ما هي الأدلة التي يمكن أنْ تعتمدها الشيعة الإمامية في الإستشفاء بهذه التربة الزكية ؟

ج / من أهم الأدلة التي يمكن عرضها هي التالي :

الدليل النقلي :

وهو يتكون من عنصرين هما :

الأول : حث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإستشفاء بتربة المدينة ، ويمكن ذكر ذلك في طائفتين :

الأولى ـ الإستشفاء بغبار المدينة :

١ ـ ( غبار المدينة شفاء من الجذام )(٢٥٣)

٢ ـ ( غبار المدينة يبرئ الجذام )(٢٥٤)

٣ ـ ( إنّ في غبارها شفاء من كل داء )(٢٥٥)

الثانية ـ الإستشفاء بتراب المدينة :

أ ـ ( والذي نفسي بيده إنّ تربتها لمؤمنة ، وأنها شفاء من الجذام )(٢٥٦)

ب ـ ( مالكم يا بني الحارث رَوْبَى ؟ قالوا : أصابتنا يا رسول الله هذه الحمى ، قال فأين أنتم عن صُعَيْب )(٢٥٧)

______________________

(٢٥٣ ـ ٢٥٦) ـ المتقي الهندي ، علاء الدين علي بن حسام الدين : كنز العمال ، ج ١٣ / ٢٠٥

ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي : وفاء الوفاء ، ج ١ / ( ٦٧ ـ ٦٨ )

(٢٥٧) ـ قال أبو القاسم ، طاهر بن يحيى العلوي : صعيب : وادي بطحان دون الماجشونية ، وفيه حفرة مما يأخذ الناس منه ، وهو اليوم إذا وبأ إنسان أخذ منه وقال ابن النجار عقبه : وقد رأيت أنا هذه الحفرة اليوم ، والناس يأخذون منها ، وذكروا أنهم قد جربوه ، فوجدوه صحيحاً ) وفاء الوفاء ، ١ / ٦٨

١٥٣

قالوا : يا رسول الله ما نصنع به ؟ قال : تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ، ثم يتفل عليه أحدكم ويقول : بسم الله ، تُرابُ أرضنا ، بريق بعضنا ، شفاء لمريضنا ، بإذن ربنا ففعلوا فتركتهم الحمى )(٢٥٨)

ج ـ وروى ابن زَبَالة : ( أنّ رجلاً أتى به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبرجله قرحة ، فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طرف الحصيرة ، ثم وضع إصبعه التي تلي الإبهام على التراب بعدما مسّها بريقه ، بسم الله ، ريق بعضنا ، بتربة أرضنا يشفي سقيمنا ، بإذن ربنا ، ثم وضع إصبعه على القرحة فكأنما حُلّ من عِقَال )(٢٥٩)

تعقيب وإستدراك :

« قال الزركشي : ينبغي أنْ يستثنى من منع نقل تراب الحرم تربة حمزة رضي الله عنه ، لإطباق الناس على نقلها للتداوي بها »(٢٦٠)

« وحكى البرهان بن فرحون ، عن الإمام العالم أبي محمد عبد السلام بن إبراهيم بن ومصال الحاحاني قال : نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهزميري قال : قال صالح بن عبد الحليم : سمعت أبا محمد عبد السلام بن يزيد الصنهاجي يقول : سألت أحمد ابن بكوت عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرك هل يجوز أو يمنع ؟ فقال : هو جائز ومازال الناس يتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين ، وكان الناس يحملون تراب قبر سيدنا حمزة بن عبد المطلب في القديم من الزمان قال ابن فرحون عَقِبَهُ : والناسُ اليوم يأخذون من تربة قريبة من مشهد سيدنا حمزة ، ويعملون خرزاً يشبه

______________________

(٢٥٨) ـ السمهودي ، السيد نور الدين ، علي بن حسام الدين : وفاء الوفاء ، ج ١ / ٦٨

(٢٥٩) ـ نفس المصدر / ٦٩

(٢٦٠) ـ نفس المصدر

١٥٤

السبح وإستدل ابن فرحون بذلك على جواز نقل تراب المدينة ، وقد علمت مما تقدم أن نقل تراب حمزة ـ رضی الله عنه ـ إنما للتداوي ؛ ولهذا لا يأخذونها من القبر بل من المسيل الذي عندْ المسجد ) ؟ »(٢٦١)

أقول : إنّ التبرك والإستشفاء بتراب المدينة وغبارها ، وما ذكرته الروايات من فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك سيرة المسلمين من الأصحاب والتابعين ، هي سيرة الشيعة الإمامية في التبرك و الإستشفاء بتربة الحسينعليه‌السلام ، فكيف ينكر عليها بالخصوص دون غيرها ؟!!

الثاني ـ حق أهل البيت على الإستشفاء بتربة الحسين :

وردت أحاديث كثيرة في التبرك والإستشفاء بتربة الحسينعليه‌السلام ، وهذه بعضها كالتالي :

١ ـ عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال :( عند رأس الحسين عليه‌السلام لتربة حمراء فيها شفاء من كل داء ) (٢٦٢)

٢ ـ عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليه‌السلام فينتفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع ، فقال : لا والله لا يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلا نفعه به ) (٢٦٣)

٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :( من أصابة عِلّة ؛ فبدأ بطين قبر الحسين عليه‌السلام شفاه الله من تلك العلة ؛ إلا أن تكون علّة السام ) (٢٦٤)

______________________

(٢٦١) ـ المصدر السابق / ١١٦

(٢٦٢) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤٠٩ ( باب (٧٠) من المزار وما يناسبه ، حديث ـ ٢ ، ١ )

(٢٦٣) ـ نفس المصدر

(٢٦٤) ـ نفس المصدر / ٤١٢ (باب ـ ٧٠ ـ ، حديث ١٣)

١٥٥

٤ ـ عن الكاظمعليه‌السلام في حديث( ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به ، فإنّ كل تربة لنا مُحرّمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه‌السلام ، فإن الله عَزّ وجَلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا ) (٢٦٥)

٥ ـ عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن الطين الذي يؤكل فقال :( كل طين حرام كالميتة والدم وما أُهِلّ لغير الله به ما خلا طين قبر الحسين عليه‌السلام ، فإنه شفاء من كل داء ) (٢٦٦)

٦ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :( أكل الطين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليه‌السلام ، من أكله من وجع ؛ شفاه الله ) (٢٦٧)

وبعد ذكر هذه الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة والطهارة ، فهل يشك مسلم في التبرك والإستشفاء بتربة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؟ بل هو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة ، وأحد سبطي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن تحدث عن فضله القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، ومن ثبت في حقه أنّ تربته الطاهرة الزكيه قبضها جبريل وأعطاها لجده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكل ذلك من المسَلّمات بين الصحابة والتابعين ، فلماذا النبذ والعتاب الشديد اللهجة على عمل الشيعة الإمامية من التبرك والإستشفاء بتربته الطاهرة ؟!

ألا يكفي كل ذلك على صحة عمل الشيعة الإمامية وبرائتهم من كل ما اُتهموا به من أباطيل ؟

______________________

(٢٦٥) ـ المصدر السابق / ٤١٤ ( باب ـ ٧٢ ـ ، حديث ، ٢ )

(٢٦٦) ـ نفس المصدر / ٤١٥ ـ حديث (٣)

(٢٦٧) ـ نفس المصدر ، ج ١٦ / ٣٩٧ ، ( باب ٥٩ ـ باب عدم تحريم أكل طين قبر الحسين (ع) بقصد الشفاء ، حديث ٤ )

١٥٦

الدليل العلمي :

يتضح هذا الدليل بعد ذكر السؤال التالي والإجابة عليه

س / هل الإستشفاء بتربة الحسين عليه‌السلام ونحوها من الإستشفاء بماء زمزم وماء الميزاب ، من التبرك فقط ، أو لوجود أثر طبي وكيميائي زيادة على ذلك ؟

ج / إختلف العلماء في ذلك على رأيين هما :

الأول ـ التبرك والإيحاء :

قال الشيخ المجلسي ( قده ) : « وقد يكون بعض الأدوية التي لا مناسبة لها بمرض على سبيل الإفتتان والإمتحان ، ليمتاز المؤمن المخلص القوي الإيمان من المنتحل أو ضعيف الإيمان ، فإذا إستعمله الأول إنتفع به لا لخاصيته وطبعه ، بل لتوسله بمن صدر عنه ويقينه وخلوص متابعته ، كالإنتفاع بتربة الحسين عليه السلام ، وبالمعوذات ، والأدعية »(٢٦٨) وعلى هذا بعض علماء الأمامية

وإستنتج الدكتور النسيمي الآتي :

« يتفق علماء المسلمين مع الأطباء في شأن الإيحاء وأثره في المعالجة »(٢٦٩)

وقال أيضاً : « يقصد بالمعالجة الروحية منذ القديم ، تطمين المريض ورفع معنوياته ، والإيحاء اليه بأنّ مرضه سيسير عاجلاً في طريق الشفاء وفي الغالب في وسائلها أنْ تكون غير عقارات ، وقد تكون عقارات يراد بها الإيحاء بأنها دواء لِعِلّة المريض عندما يكون علاجها الناجح مفقوداً أو غير مكتشف »(٢٧٠)

______________________

(٢٦٨) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٥٩ / ٧٦

(٢٦٩) ـ النسيمي ، الدكتور محمود ناظم : الطب النبوي والعلم الحديث ، ج ٣ / ١٨٧

(٢٧٠) ـ نفس المصدر / ١٣٥

١٥٧

وقال أيضاً : « يعتقد المسلمون في النتائج الحسنة للرقي المشروعة بأمر زائد على الإيحاء ، هو معونة الله القادر على كل شيء يُقدِّمها حتى في غير الأمراض النفسية والوظيفية ، إجابة لدعوة المضطر الصادرة من أعماق نفسه أو معونة أو إكراماً لعبده الصالح والراقي والمرقي الذي رجاه »(٢٧١)

الثاني ـ التبرك ووجود خصائص طبية وكيميائية :

قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « أفلا يجوز أنْ تكون لتلك الطينة عناصر تكون بلسماً شافياً من جملة من الأسقام ، قاتلة للميكروبات ولا نكران ولا غرابة ، فتلك وصفة روحية من طبيب رباني يرى بنور الوحي والإلهام ما في طبائع الأشياء ، وبعرف أسرار الطبيعة وكنوزها الدفينة التي لم تصل إليها عقول البشر بعد ، ولعلّ البحث والتحري والمثابرة سوف يوصل اليها ، ويكشف سِرّها ، ويَحلُّ طَلْسَمَها ، كما إكتشف سِرّ كثير من العناصر ذات الأثر العظيم مما لم تصل إليه معارف الأقدمين ، ولم يكن ليخطر على باب واحد منهم مع نقدهم وسمو أفكارهم وعظم آثارهم ، وكم من سِرّ دفين ومنفعة جليلة في موجودات حقيرة وضئيلة لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ولا تمر على خيال ، وكفي ( بالبنسلين ) وأشباهه شاهداً على ذلك ، نعم لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحِلِّ رموزها وإستخراج كنوزها ، والأمور مرهونة بأوقاتها ولكل أجل كتاب ، ولا يزال العلم في تجدد فلا تبادر إلى الإنكار إذا بلغك أن بعض المرضى عجز الأطباء عن علاجهم ، وحصل

______________________

(٢٧١) ـ المصدر السابق / ١٨٧

١٥٨

لهم الشفاء بقوة روحية ، وأصابع خفية من إستعمال التربة الحسينية ، أو من الدعاء والإلتجاء إلى القدرة الأزلية ، أو ببركة دعاء بعض الصالحين »(٢٧٢)

ويؤيد هذا الرأي الشواهد التالية :

١ ـ ما ذكره المهندس يحي حمزة كوشك في كتابه ( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ) ، الذي صدر عام ١٤٠٣ هـ : « وتؤكد التحاليل الكيميائية ومقارنتها بالمواصفات العالمية ، على أنّ ماء زمزم صالح تماماً للشرب ، وأنّ أثره الصحي جيد ، وقد وجد أنّ تركيز عنصر الصوديوم يُعدُّ مرتفعاً لكن لا يوجد ضمن المواصفات العالمية المنشورة جداً لأعلى تركيز للصوديوم ، كما وجد أنّ الأربعة عناصر السامة الموجودة : وهي الزرنيخ ، والكاذميوم ، والرصاص ، والسيلينيوم ، هي أقل من مستوى الضرر بكثير بالنسبة للإستخدام البشري ، لذلك فإنّ مياه زمزم خالية من أي أضرار صحية ، بل هي مفيدة جداً بقدرة الله تعالى »(٢٧٣)

٢ ـ « وبرهن العالم واكسمان ، والدكتور إلبرت ، أنّ التراب جراثيم نافعة يمكن إستخراجها ومعالجة الأمراض السارية بها وفعلاً اُستخرج دواء من التراب بإسم ( استربتوماسين ) الذي يعالج بها السل ، والتايفوئيد ، والجراحات المزمنة ، والإسهال القوي ، وذات الرئة وإلتهاب الحلق »(٢٧٤)

٣ ـ «والعلاج بالطين طريقة أثبتت التجارب نجاحها في إحداث الشفاء من كثير من الأمراض التي إستعصت على العقاقير المسكنة والمهدئة والمنشطة وغيرها

______________________

(٢٧٢) ـ كاشف الغطاء ، الشيخ محمد حسين : الأرض والتربة الحسينية / ٢٨ ـ ٢٩

(٢٧٣) ـ عبد القادر ، د / أحمد المهندس ( ماء زمزم الأمن المائي وصحة الحجيج ) ، القافلة ـ م / ٤٢ محرم / لعام ١٤١٤ هـ ص / ٤٤

(٢٧٤) ـ الدهان ، سعيد ناصر : القرآن والعلوم / ١٦٨

١٥٩

.. وأفادت في الوقاية من آفات أخرى أي أن لها إتجاهين : إتجاهاً وقائياً وعلاجياً

ويتم إستخدام العلاج بالطين للمرضى القادمين من أمريكا والمجر ويوغسلافيا وجميع أنحاء أوروبا ، للوقاية من السمنة ، والسكر ، وإضطرابات النمو عند الأطفال ، وإلتهابات الجهاز التنفسي ، ونوبات الربو ، والأعصاب ، كما أفادت النساء في الوقاية من الإختلافات في العظم الهورموني وحالات الدوالي كما ينصح به لمن لم تمارس أعمالاً فيزيائية متعبة ، أو لديه ميول نحو السمنة كما أظهر العلاج بالطين نتائج مذهلة في معالجة كثير من الأمراض الجلدية الإكزمائية التي إستعصت على المراهم والأدوية »(٢٧٥)

هذه بعض الشواهد المؤيدة لرأي الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) في دليله المتقدم

وبعد هذا ، فأي مانع أنْ تكون في التربة الحسينية تلك الخصوصية الطبية والكيميائية كما كانت في ماء زمزم ؟ والخلاصة التي توصلنا إليها في الدليل العلمي ، إنّ التربة الحسينية بما تحمله من خصائص البركة إنما هي كرامة إلهية للحسينعليه‌السلام كما أنّ مقتضى البركة والكرامة أنْ توجد فيها خصائص طبية وكيميائية تفوق وجودها في التراب والطين الآخر الموجود في بقاع الأرض وكذلك المياه ، وقد حصل لماء زمزم ، ومقتضى هذه الكرامة الإلهية أنْ تكون على مدى العصور ، يحظى بها من إعتقد بها ، ويحرم منها من جهلها وتهاون بها وقد أشار إلى هذا إمامنا الصادقعليه‌السلام بقوله : ( وإنما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلة اليقين لمن يعالج بها ، فأما من أيقن أنها له شفاء إذا تعالج بها ؛ كفته بإذن الله من غيرها مما يتعالج به ، ويفسدها الشياطين والجن من أهل الكفر

______________________

(٢٧٥) ـ عبد الصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ١ / ( ٣٨ ـ ٣٩ )

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

و الله سبحانه عالم بهما جميعا.

و هذا ممّا لا يسع لذي لبّ إنكاره فإنّ للاُمور و الحوادث وجوداً بحسب ما تقتضيه أسبابها الناقصة من علّة أو شرط أو مانع ربّما تخلّف عنه، و وجوداً بحسب ما تقتضيه أسبابها و عللها التامّة و هو ثابت غير موقوف و لا متخلّف، و الكتابان أعني كتاب المحو و الإثبات و اُمّ الكتاب إمّا أن يكونا أمرين تتبعهما هاتان المرحلتان من وجود الأشياء اللّتان إحداهما تقبل المحو و الإثبات و الاُخرى لا تقبل إلّا الثبات. و إمّا أن يكونا عين تينك المرحلتين، و على أيّ حال ظهور أمر أو إرادة منه تعالى بعد ما كان الظاهر خلافه واضح لا ينبغي الشكّ فيه.

و الّذي أحسب أنّ النزاع في ثبوت البداء كما يظهر من أحاديث أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) و نفيه كما يظهر من غيرهم نزاع لفظيّ و لهذا لم نعقد لهذا البحث فصلاً مستقلّاً على ما هو دأب الكتاب و من الدليل على كون النزاع لفظيّاً استدلالهم على نفي البداء عنه تعالى بأنّه يستلزم التغيّر في علمه مع أنّه لازم البداء بالمعنى الّذي يفسّر به البداء فينا لا البداء بالمعنى الّذي يفسّره به الأخبار فيه تعالى.

و في الدرّ المنثور، أخرج الحاكم عن أبي الدرداء: أنّ رسول الله (صلّي الله و عليه وآله وسلّم) قرأ( يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ ) مخفّفة.

و فيه، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلّي الله و عليه وآله وسلّم): في قوله:( نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) قال: ذهاب العلماء.

و في المجمع، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ننقصها بذهاب علمائها و فقهائها و أخيارها.

و في الكافي، بإسناده عن محمّد بن عليّ عمّن ذكره عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: إنّه ليسخّي نفسي في سرعة الموت أو القتل فينا قول الله عزّوجلّ:( أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) فقال: فقد العلماء.

أقول: كأنّ المراد أنّه يسخّي نفسي أنّ الله تعالى نسب توفّي العلماء إلى نفسه لا إلى غيره فيهنأ لي الموت أو القتل.

٤٢١

( سورة الرعد آية ٤٣)

وَيَقُولُ الّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ( ٤٣)

( بيان‏)

الآية خاتمة السورة و تعطف الكلام على ما في مفتتحها من قوله:( وَ الّذي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) و هي كرّة ثالثة على منكري حقّيّة كتاب الله يستشهد فيها بأنّ الله يشهد على الرسالة و من حصل له العلم بهذا الكتاب يشهد بها.

قوله تعالى: ( وَ يَقُولُ الّذينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ) إلخ بناء الكلام في السورة على إنكارهم حقّيّة الكتاب و عدم عدّهم إيّاه آية إلهيّة للرسالة و لذا كانوا يقترحون آية غيره كما حكاه الله تعالى في خلال الآيات مرّة بعد مرّة و أجاب عنه بما يردّ عليهم قولهم فكأنّهم لمّا يئسوا ممّا اقترحوا أنكروا أصل الرسالة لعدم إذعانهم بما أنزله الله من آية و عدم إجابتهم فيما اقترحوه من آية فكانوا يقولون:( لَسْتَ مُرْسَلًا ) .

فلقّن الله نبيّه (صلّي الله و عليه وآله وسلّم) الحجّة عليهم لرسالته بقوله:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) و هو حجّة قاطعة و ليس بكلام خطابيّ و لا إحالة إلى ما لا طريق إلى حصول العلم به.

فقوله:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ) استشهاد بالله سبحانه و هو وليّ أمر الإرسال و إنّما هي شهادة تأدية لا شهادة تحمّل فقط فإنّ أمثال قوله تعالى:( إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) من آيات القرآن و كونه آية معجزة من الله

٤٢٢

ضروريّ، و كونه قولاً و كلاماً له سبحانه ضروريّ و اشتماله على تصديق الرسالة بدلالة المطابقة المعتمدة على علم ضروريّ أيضاً ضروريّ، و لا نعني بشهادة التأدية إلّا ذلك.

و من فسّر شهادته تعالى من المفسّرين بأنّه تعالى قد أظهر على رسالتي من الأدلّة و الحجج ما فيه غنى عن شهادة شاهد آخر ثمّ قال: و تسمية ذلك شهادة مع أنّه فعل و هي قول من المجاز حيث إنّه يغني غناها بل هو أقوى منها. انتهى. فقد قصد المطلوب من غير طريقه.

و ذلك أنّ الأدلّة و الحجج الدالّة على حقّيّة رسالته (صلّي الله وعليه وآله وسلّم) إمّا القرآن و هو الآية المعجزة الخالدة، و إمّا غيره من الخوارق و المعجزات و آيات السورة - كما ترى - لا تجيب الكفّار على ما اقترحوه من هذا القسم الثاني و لا معنى حينئذ للاستشهاد بما لم يجابوا عليه، و أمّا القرآن فمن البيّن أنّ الاستناد إليه من جهة أنّه معجزة تصدّق الرسالة بدلالتها عليها أي كلام له تعالى يشهد بالرسالة، و إذا كان كذلك فما معنى العدول عن كونه كلاماً له تعالى يدلّ على حقّيّة الرسالة أي شهادة لفظيّة منه تعالى على ذلك بحقيقة معنى الشهادة إلى كونه دليلاً فعليّاً منه عليها سمّي مجازاً بالشهادة؟.

على أنّ كون فعله تعالى أقوى دلالة على ذلك من قوله ممنوع.

فقد تحصّل أنّ معنى قوله:( اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ) أنّ ما وقع في القرآن من تصديق الرسالة شهادة إلهيّة بذلك.

و أمّا جعل الشهادة شهادة تحمّل ففيه إفساد المعنى من أصله و أيّ معنى لإرجاع أمر متنازع فيه إلى علم الله و اتّخاذ ذلك حجّة على الخصم و لا سبيل له إلى ما في علم الله في أمره؟ أ هو كما يقول أو فرية يفتريها على الله؟.

و قوله:( وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) أي و كفى بمن عنده علم الكتاب شهيدا بيني و بينكم، و قد ذكر بعضهم أنّ المراد بالكتاب اللوح المحفوظ و يتعيّن على هذا أن يكون المراد بالموصول هو الله سبحانه فكأنّه قيل: كفى بالله الّذي عنده علم

٤٢٣

الكتاب شهيدا إلخ.

و فيه أوّلاً أنّه خلاف ظاهر العطف، و ثانياً أنّه من عطف الذات مع صفته إلى نفس الذات و هو قبيح غير جائز في الفصيح و لذلك ترى الزمخشريّ لمّا نقل في الكشّاف، هذا القول عن الحسن بقوله: و عن الحسن:( لا و الله ما يعني إلا الله ) قال بعده: و المعنى كفى بالّذي يستحقّ العبادة و بالّذي لا يعلم علم ما في اللوح إلّا هو شهيدا بيني و بينكم. انتهى فاحتال إلى تصحيحه بتبديل لفظة الجلالة( بِالله ) من( الّذي يستحق العبادة ) و تبديل( مَنْ ) من( الّذي ) ليعود المعطوف و المعطوف عليه وصفين فيكون في معنى عطف أحد وصفي الذات على الآخر و إناطة الحكم بالذات بما له من الوصفين كدخالتهما فيه فافهم ذلك.

لكن من المعلوم أنّ تبديل لفظ من لفظ يستقيم إفادته لمعنى لا يوجب استقامة ذلك في اللفظ الأوّل و إلّا لبطلت أحكام الألفاظ.

على أنّ التأمّل فيما تقدّم في معنى هذه الشهادة و أنّ المراد به تصديق القرآن لرسالة النبيّ (صلّي الله وعليه وآله وسلّم) يعطي أنّ وضع لفظة الجلالة في هذا الموضع لا للتلميح إلى معناه الوصفي بل لإسناده الشهادة إلى الذات المقدّسة المستجمعة لجميع صفات الكمال لأنّ شهادته أكبر الشهادات قال سبحانه:( قُلْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ) .

و ذكر آخرون: أنّ المراد بالكتاب التوراة و الإنجيل أو خصوص التوراة و المعنى و كفى بعلماء الكتاب شهداء بيني و بينكم لأنّهم يعلمون بما بشّر الله به الأنبياء فيّ و يقرؤن نعتي في الكتاب.

و فيه أنّ الّذي اُخذ في الآية هو الشهادة دون مجرّد العلم، و السورة مكّيّة و لم يؤمن أحد من علماء أهل الكتاب يومئذ كما قيل و لا شهد للرسالة بشي‏ء فلا معنى للاحتجاج بالاستناد إلى شهادة لم يقم بها أحد بعد.

و قيل: المراد القوم الّذين أسلموا من علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام و تميم الداريّ و الجارود و سلمان الفارسيّ، و قيل هو عبدالله بن سلام، و ردّ بأن

٤٢٤

السورة مكّيّة و هؤلاء إنّما أسلموا بالمدينة.

و للقائلين بأنّه عبدالله بن سلام جهد بليغ في الدفاع عنه فقال بعضهم: إنّ مكّيّة السورة لا تنافي كون بعض آياتها مدنيّة فلم لا يجوز أن تكون هذه الآية مدنيّة مع كون السورة مكّيّة.

و فيه أوّلاً: أنّ مجرّد الجواز لا يثبت ذلك ما لم يكن هناك نقل صحيح قابل للتعويل عليه. على أنّ الجمهور نصّوا على أنّها مكّيّة كما نقل عن البحر.

و ثانياً: أنّ ذلك إنّما هو في بعض الآيات الموضوعة في خلال آيات السور النازلة و أمّا في مثل هذه الآية الّتي هي ختام ناظرة إلى ما افتتحت به السورة فلا إذ لا معنى لإرجاء بعض الكلام المرتبط الأجزاء إلى أمد غير محدود.

و قال بعضهم: إن كون الآية مكّيّة لا ينافي أن يكون الكلام إخباراً عمّا سيشهد به.

و فيه أنّ ذلك يوجب رداءة الحجّة و سقوطها فأيّ معنى لأنّ يحتجّ على قوم يقولون:( لَسْتَ مُرْسَلًا ) فيقال: صدقوا به اليوم لأنّ بعض علماء أهل الكتاب سوف يشهدون به.

و قال بعضهم: إنّ هذه الشهادة شهادة تحمّل لا يستلزم إيمان الشهيد حين الشهادة فيجوز أن تكون الآية مكّيّة و المراد بها عبدالله بن سلام أو غيره من علماء اليهود و النصارى و إن لم يؤمنوا حين نزول الآية.

و فيه أنّ المعنى حينئذ يعود إلى الاحتجاج بعلم علماء أهل الكتاب و إن لم يعترفوا به و لم يؤمنوا، و لو كان كذلك لكان المتعيّن أن يستشهد بعلم الّذين كفروا أنفسهم فإنّ الحجّة كانت قد تمّت عليهم بكون القرآن كلام الله و لا يكون ذلك إلّا عن علمهم به فما الموجب للعدول عنهم إلى غيرهم و هم مشتركون في الكفر بالرسالة و نفيها على أنّه تقدّم أنّ الشهادة في الآية ليست إلّا شهادة أداء دون التحمّل.

و قال بعضهم:- و هو ابن تيمية و قد أغرب - أنّ الآية مدنيّة بالاتّفاق. و هو كما ترى.

٤٢٥

و ذكر بعضهم: أنّ المراد بالكتاب القرآن الكريم، و المعنى أنّ من تحمّل هذا الكتاب و تحقّق بعلمه و اختصّ به فإنّه يشهد على أنّه من عند الله و أنّي مرسل به فيعود مختتم السورة إلى مفتتحها من قوله:( تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَ الّذي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) و ينعطف آخرها على أوّلها و على ما في أواسطها من قوله:( أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) .

و هذا في الحقيقة انتصار و تأييد منه تعالى لكتابه قبال ما أزرى به و استهانه الّذين كفروا حيث قالوا:( لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) مرّة بعد مرّة و( لَسْتَ مُرْسَلًا ) فلم يعبؤا بأمره و لم يبالوا به و أجاب الله عن قولهم مرّة بعد مرّة و لم يتعرّض لأمر القرآن و لم يذكر أنّه أعظم آية للرسالة و كان من الواجب ذلك فقوله:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ‏ ) استيفاء لهذا الغرض الواجب الّذي لا يتمّ البيان دونه و هذا من أحسن الشواهد على ما تقدّم أنّ الآية كسائر السورة مكّيّة.

و بهذا يتأيّد ما ذكره جمع و وردت به الروايات من طرق أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) أنّ الآية نزلت في عليّ (عليه السلام) فلو انطبق قوله:( وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) على أحد ممّن آمن بالنبيّ (صلّي الله و عليه وآله وسلّم) يومئذ لكان هو فقد كان أعلم الاُمّة بكتاب الله و تكاثرت الروايات الصحيحة على ذلك و لو لم يرد فيه إلّا قوله (صلّي الله و عليه وآله وسلّم) في حديث(١) الثقلين المتواتر من طرق الفريق:( لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض) لكان فيه كفاية.

____________________

(١) و هو الحديث المعروف الّذي رواه الفريقان عن جم غفير من الصحابة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم)( إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي لن يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً) . الحديث.

٤٢٦

( بحث روائي)

في البصائر، بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: في الآية عليّ (عليه السلام).

أقول: و رواه أيضاً بأسانيد عن جابر و بريد بن معاوية و فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) و بإسناده عن عبدالله بن بكير و عبدالله بن كثير الهاشميّ عن أبي عبدالله (عليه السلام) و بإسناده عن سلمان الفارسيّ عن عليّ (عليه السلام).

و في الكافي، بإسناده عن بريد بن معاوية: في الآية قال: إيّانا عنى و عليّ أوّلنا و أفضلنا و خيرنا بعد النبي (صلّي الله و عليه وآله وسلّم).

و في المعاني، بإسناده عن خلف بن عطيّة العوفيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال: سألت‏ رسول الله (صلّي الله و عليه وآله وسلّم) عن قول الله جلّ ثناؤه:( قالَ الّذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) قال: ذاك وصيّ أخي سليمان بن داود فقلت له: يا رسول الله فقول الله:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) قال ذاك أخي عليّ بن أبي طالب.

و في تفسير العيّاشيّ، عن عبدالله بن عطاء قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) هذا ابن عبدالله بن سلام بن عمران يزعم أنّ أباه الّذي يقول الله:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) قال: كذب، هو عليّ بن أبي طالب.

و في تفسير البرهان، عن ابن شهرآشوب قال: عن محمّد بن مسلم و أبي حمزة الثماليّ و جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) و عليّ بن فضّال و فضيل بن داود عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) و أحمد بن محمّد الكلبيّ و محمّد بن الفضيل عن الرضا (عليه السلام) و قد روي عن موسى بن جعفر (عليه السلام) و عن زيد بن عليّ و عن محمّد بن الحنفيّة و عن سلمان الفارسيّ و عن أبي سعيد الخدريّ و إسماعيل السدّيّ أنّهم قالوا: في قوله تعالى:( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

و في تفسير البرهان، عن الثعلبيّ في تفسيره بإسناده عن معاوية عن الأعمش

٤٢٧

عن أبي صالح عن ابن عبّاس و روي عن عبدالله بن عطاء عن أبي جعفر: أنّه قيل له: زعموا أنّ الّذي عنده علم الكتاب عبدالله بن سلام قال: لا ذلك عليّ بن أبي طالب.

و روي: أنّه سئل سعيد بن جبير( وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) عبدالله بن سلام؟ قال: لا و كيف؟ و هذه السورة مكّيّة.

أقول: و رواه في الدرّ المنثور، عن سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و النحّاس في ناسخه عن ابن جبير.

و في تفسير البرهان، أيضاً عن الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ بإسناده عن عليّ بن عابس قال: دخلت أنا و أبومريم على عبدالله بن عطاء قال يا أبامريم حدّث عليّا بالحديث الّذي حدّثتني عن أبي جعفر. قال: كنت عند أبي جعفر جالسا إذ مرّ عليه ابن عبدالله بن سلام. قلت: جعلني الله فداك هذا ابن الّذي عنده علم الكتاب. قال: لا و لكنّه صاحبكم عليّ بن أبي طالب الّذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عزّوجلّ:( وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ‏ ) ( أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ) الآية.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن جرير و ابن مردويه من طريق عبدالملك بن عمير أنّ محمّد بن يوسف بن عبدالله بن سلام قال: قال عبدالله بن سلام: قد أنزل الله فيّ القرآن( قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) .

أقول: و روي ما في معناه عن ابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه و عن جندب، و قد عرفت حال الرواية فيما تقدّم، و قد روي عن ابن المنذر عن الشعبيّ: ما نزل في عبدالله بن سلام شي‏ء من القرآن.

تم و الحمد لله.

٤٢٨

الفهرس

( سورة هود الآية ١٠٠ - ١٠٨ ). ٢

( بيان‏ ). ٣

( بحث روائي ). ٣٦

( سورة هود الآية ١٠٩ - ١١٩ ). ٤٤

( بيان‏ ). ٤٥

( بحث روائي ). ٧٠

( سورة هود الآيات ١٢٠ - ١٢٣ ). ٧٥

( بيان‏ ). ٧٥

( سورة يوسف مكّيّة و هي مائة و إحدى عشرة آية )   ٧٨

( سورة يوسف الآيات ١ - ٣ ). ٧٨

( بيان‏ ). ٧٨

( سورة يوسف الآيات ٤ - ٦ ). ٨٢

( بيان‏ ). ٨٢

( بحث روائي ). ٩١

( سورة يوسف الآيات ٧ - ٢١ ). ٩٣

( بيان‏ ). ٩٤

( كلام في أنّ الكذب لا يفلح ). ١١٢

( بحث روائي ). ١٢٢

( سورة يوسف الآيات ٢٢ - ٣٤ ). ١٢٧

( بيان‏ ). ١٢٨

( أبحاث حول التقوى الديني و درجاته ). ١٦٩

١- القانون و الأخلاق الكريمة و التوحيد: ١٦٩

٢- يحصل التقوى الديني بأحد أمور ثلاثة: ١٧٣

٣- كيف يورث الحبّ الإخلاص؟ ١٧٥

( بحث روائي ). ١٨٠

٤٢٩

( سورة يوسف الآيات ٣٥ - ٤٢ ). ١٨٥

( بيان ). ١٨٦

( بحث روائي ). ١٩٩

( سورة يوسف الآيات ٤٣ - ٥٧ ). ٢٠٢

( بيان‏ ). ٢٠٣

( بحث روائي ). ٢٢٢

( سورة يوسف الآيات ٥٨ - ٦٢ ). ٢٢٨

( بيان‏ ). ٢٢٨

( سورة يوسف الآيات ٦٣ - ٨٢ ). ٢٣٢

( بيان‏ ). ٢٣٤

( سورة يوسف الآيات ٨٣ - ٩٢ ). ٢٥٣

( بيان‏ ). ٢٥٤

( بحث روائي ). ٢٦١

( سورة يوسف الآيات ٩٣ - ١٠٢ ). ٢٦٧

( بيان‏ ). ٢٦٨

( بحث روائي ). ٢٧٦

( كلام في قصّة يوسف في فصول ). ٢٨١

١- قصّته في القرآن: ٢٨١

٢- ما أثنى الله عليه و منزلته المعنوية: ٢٨٧

٣- قصته في التوراة الحاضرة: ٢٨٧

( كلام في الرؤيا في فصول ). ٢٩٥

١- الاعتناء بشأنها: ٢٩٥

٢- و للرؤيا حقيقة: ٢٩٦

٣- المنامات الحقة: ٢٩٨

٤- و في القرآن ما يؤيّد ذلك-: ٣٠٠

٤٣٠

( سورة يوسف الآيات ١٠٣ - ١١١ ). ٣٠١

( بيان‏ ). ٣٠٢

( بحث روائي ). ٣٠٨

( سورة الرعد مكّيّة و هي ثلاث و أربعون آية )   ٣١١

( سورة الرعد الآيات ١ - ٤ ). ٣١١

( بيان‏ ). ٣١١

( بحث روائي ). ٣٢٤

( سورة الرعد الآيات ٥ - ٦ ). ٣٢٦

( بيان‏ ). ٣٢٦

( بحث روائي ). ٣٣٢

( سورة الرعد الآيات ٧ - ١٦ ). ٣٣٣

( بيان‏ ). ٣٣٤

( بحث روائي ). ٣٥٩

( سورة الرعد الآيات ١٧ - ٢٦ ). ٣٦٦

( بيان ). ٣٦٧

( بحث روائي ). ٣٨٣

( سورة الرعد الآيات ٢٧ - ٣٥ ). ٣٨٧

( بيان‏ ). ٣٨٨

( بحث روائي ). ٤٠٤

( سورة الرعد الآيات ٣٦ - ٤٢ ). ٤٠٩

( بيان‏ ). ٤٠٩

( بحث روائي ). ٤١٨

( سورة الرعد آية ٤٣ ). ٤٢٢

( بيان‏ ). ٤٢٢

( بحث روائي ). ٤٢٧

٤٣١