الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٥

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 461

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 461
المشاهدات: 125892
تحميل: 5998


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 461 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125892 / تحميل: 5998
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 5

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٨ - ألسيّد أبو تراب المرتضى بن الداعي الرازي الحسني صاحب ( تبصرة العوام ).

٩ - ألسيِّد أبو الحرب المجتبى بن الداعي الرازي أخو السيّد أبي تراب المذكور.

١٠ - ألسيِّد أبو البركات محمّد بن إسماعيل الحسيني المشهدي.

١١ - ألشَّيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسن الحلبي.

١٢ - أبو نصر الغاري. قال صاحب « الرِّياض » : لعلّه نسبة إلى الغار من قرى الاحساء وهي معمورةٌ إلى الآن.

١٣ - ألشيخ أبو القاسم بن كميح.

١٤ - ألشيخ أبو جعفر محمّد بن المرزبان.

١٥ - ألشيخ أبو عبد الله الحسين المؤدِّب القمّي.

١٦ - ألشيخ أبو سعد الحسن بن عليّ الأرابادي.

١٧ - ألشيخ أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي.

١٨ - ألشيخ أبو الحسين أحمد بن محمّد بن عليّ بن محمّد المرشكي.

١٩ - ألشيخ هبة الله بن دعويدار.

٢٠ - ألسيّد علي بن أبي طالب السّليقي.

٢١ - ألشيخ أبو جعفر بن كمپح أخو الشيخ أبي القاسم المذكور.

٢٢ - ألشيخ عبد الرَّحيم البغدادي المعروف بابن الاخوَّة.

٢٣ - ألشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسن النيسابوري المقري.

٢٤ - ألشيخ محمّد بن الحسن والد شيخنا الخواجة نصير الدين الطوسي.

ذكره صاحب « الرَّوضات » ويستبعده الإعتبار إذ الشيخ والد الخواجة في طبقة تلامذة المترجم، ويحتمل قويّاً أن يكون هو الشيخ محمّد بن الحسن بن محمّد الطوسي المكنّى بأبي نصر المتوفّى - كما في شذرات الذهب - ٥٤٠. والله العالم.

ويروي عن شيخنا القطب جمعٌ من أعلام الطائفة منهم:

١ - ألشيخ أحمد بن عليّ بن عبد الجبّار الطبرسي القاضي.

٢ - ألشيخ نصير الدين راشد بن إبراهيم البحراني.

٣ - ألشيخ بابويه سعد بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن بابويه.

٣٨١

٤ - ولد المترجم أبو الفرج عماد الدين عليُّ بن قطب الدين الراوندي.

٥ - ألقاضي جمال الدين علي.

٦ - ألشريف عزُّ الدين أبو الحرث محمّد بن الحسن العلوي البغدادي.

٧ - ألشيخ إبن شهر اشوب محمّد بن علي السَّروي المازندراني.

تآليفه القيمة

سلوة الحزين(١) .

ألمغني في شرح النهاية عشر مجلّدات.

تفسير القرآن

نهية النهاية.

منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة(٢) .

غريب النهاية

قصص الأنبياء.

ألمعارج في شرح خطبة من نهج البلاغة.

إحكام الأحكام

بيان الانفرادات.

ألشافية رسالةٌ في الغلسة الثانية.

ألتغريب في التعريب

آيات الأحكام.

شرح الكلمات المائة لأمير المؤمنين.

ألاغراب في الاعراب

زهرة المباحثة.

ضياء الشهاب في شرح الشهاب(٣) .

تهافت الفلاسفة

كتاب البحر.

شجار العصابة في غسل الجناية.

جواهر الكلام

ألنيات في العبادات.

فرض من حضره الأداء وعليه القضاء.

ألخرائج والجرائح

رسالة الفقهاء.

رسالةٌ في الناسخ والمنسوخ من القرآن.

شرح العوامل

رسالةٌ في الخمس.

لباب الأخبار في فضل آية الكرسي.

مسئلةٌ في الخمس

كتاب المزار.

جنا الجنَّتين في ذكر ولد العسكريّين.

تحفة العليل

أسباب النزول.

أحوال أحاديثنا وإثبات صحّتها.

أمّ القرآن

صلاة الآيات.

حلُّ المعقود من الجمل والعقود.

فقه القرآن(٤)

ألقاب المعصومين.

ألتلخيص من فصول الشعراني.

ألآيات المشكلة

رسالةٌ في العقيقة.

شرح الذريعة للشريف المرتضى ٣ مجلداً.

نفثة المصدور(٥)

____________________

١ - للعلامة النورى حول الكتاب كلمة ضافية مفيدة في مستدرك الوسائل ٣ ص ٣٢٦.

٢ - عده صاحب الرياض اول شروح نهج البلاغة وقد عرفت خلافه في الجزء الرابع ص ١٨٦. كتابنا هذا.

٣ - كتاب الشهاب للقاضى القضاعى شرحه المترجم سنة ٥٥٣.

٤ - ألفه سنة ٥٦٢.

٥ - هي منظوماته.

٣٨٢

خلاصة التفاسير عشر مجلّدات. ألرايع في الشَّرايع مجلّدان. ألإنجاز في شرح الإيجاز شرح ما يجوز وما لا يجوز من النهاية.

الإختلاف الواقع بين شيخنا المفيد وسيِّدنا المرتضى في مسائل كلاميّة تُعدّ ٩٥ مسئلة.

هذا ما وقفنا عليه من تآليف المترجم وأحسب اتّحاد بعض منها مع بعض آخر كالتلخيص من لباب الأخبار، واُمِّ القرآن مع بعض تفاسيره.

خلفه الصالح

وخلفه أولادٌ فقهاء أعلام المذهب وهم: ألشيخ أبو الفرج عماد الدِّين عليُّ بن قطب الدين. فقيهٌ ثقةٌ كما في فهرست الشيخ منتجب الدين، يروي عن والده القطب السَّعيد وعن جماعة من أعاظم الطائفة منهم:

ألسيِّد ضياء الدِّين فضل الله بن عليّ الراوندي الكاشاني.

جمال الدين حسين بن عليّ أبو الفتوح الرازي المفسِّر الكبير.

سديد الدين محمود بن عليّ بن الحسن الحمصي الرازي.

أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب « مجمع البيان »

ألشيخ عبد الرَّحيم بن أحمد البغدادي الشهير بابن الاُخوَّة.

نصَّ على ذلك كلّه صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، ويروي عنه الفقيه الكبير ألشيخ أبو طالب نصير الدين عبد الله بن حمزة بن الحسن بن عليّ بن نصير الطوسي. وألشيخ محمّد بن جعفر بن أبي البقاء الحلّي المعروف بابن نما - المطلق -.

ترجمه شيخنا الحرّ العاملي في أمل الآمل مرَّة تحت عنوان: عليّ بن قطب الدين أبي الحسين الراوندي.

واُخرى بعنوان: عليِّ بن الامام قطب الدين سعيد الراوندي وقال في الموضع الأوَّل: يروي عنه الشهيد.

وهذا اشتباهٌ بيِّن إذ الشيخ عليّ هذا من أعلام القرن السّادس وشيخنا الشهيد وُلد سنة ٧٣٤.

وللشيخ علي هذا ولدٌ عالمٌ ذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرست وأطراه بالفضل والعلم ألا وهو: ألشيخ أبو الفضايل برهان الدين محمّد بن علي بن قطب الدين.

٣٨٣

وولد المترجم الثاني: الشيخ نصير الدين أبو عبد الله الحسين بن قطب الدين. أحد شهداء أعلام الدين وحملة العلم والفضيلة ترجمناه في كتابنا « شهداء الفضيلة » ص ٤٠

وولده الثالث: ألفقيه ظهير الدين أبو الفضل محمّد بن قطب الدين، أصفقت المعاجم على الثناء عليه بالإمامة والثقة والعدل.

توفّي المترجَم القطب السَّعيد ضحوة يوم الأربعاء ألرابع عشر من شوّال سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة كما في إجازات البحار ص ١٥ نقلاً عن خطِّ شيخا الشهيد الأوّل قدّس سرّه وفي لسان الميزان نقلاً عن تاريخ الري لابن بابويه: انَّه توفِّي في ثالث عشر شوّال. وقبره في الصّحن الجديد من الحضرة الفاطميَّة بقم المشرَّفة.

٣٨٤

ألقرن السّادس

٥٥

سبط ابن التعاويذي

ألمولود: ٥١٩

ألمتوفى: ٥٨٤

يا سميِّ النبيِّ ياَ بن عليّ!

قامع الشّرك، والبتول الطَّهورِ

أنت تسمو على البريَّة طرّاً

بمحلٍّ عالٍ وبيتٍ كبيرِ

عنكمُ يُؤخذ الوفاء ومنكم

يحتذي(١) الناس كلِّ خَير وِخيرِ

كيف أخلفتني؟ وما الخلف لِلـ

ـميعاد من عادة الموالي الصّدورِ

أنت يا بن المختار! أكرم من أن تنـ

ـظر في أمر مستفاد حقيرِ

أنت أوليتنيه منك ابتداءً

غير ما مُكره ولا مجبورِ

وأخو الفضل من يُساعد في الـ

ـشدَّة لا في الرَّخاء والميسورِ

أيّ عذرٍ ينوب عنك؟ وما نا

بك وجه الصَّواب بالمعذورِ(٢)

ومتى ما استمرَّ خلفك للوعد

ولم تعتذر عن التأخيرِ

صرت من جملة النَّواصب لا

آكل غير الجرّي والجرجيرِ

وتغسَّلت واكتحلت ثلاثاً

وطبخت الحبوب في عاشورِ

وطويت الأحزان فيه ولم

اُبدٍ سروراً في يوم عيد الغديرِ

وتبدَّلت من مبيتي في مشهـ

ـد موسى(٣) بجامع المنصورِ

وتطهَّرت من أناء يهو

ديّ وفضَّلته على الخنزيرِ

ورآني أهل التشيّعُ في الـ

ـكرخ بتاموسة وذيلٍ قصيرِ

____________________

١ - في مطبوع ديوانه: يجتدى.

٢ - في ديوانه المطبوع: وما تارك وجه الصواب بالمعذور.

٣ - يعنى مشهد الامام موسى بن جعفر صلوات الله عليهما بالكاظمية

٣٨٥

زايراً قبر مصعب بعد ما كنـ

ـت اُوالي دفين قبر النذورِ(١)

وتخيرَّت أن يكون الزبيدي(٢)

رفيقي في العرض يوم النشورِ

وتَراني في الحشر فاطمة الطّهر

وكفِّي في كفِّه المبتورِ

وتكون المسئول أنت عن مؤمن ألـ

ـقيته غداً في سواء السّعيرِ

هذه الأبيات أخذناها من ديوان المترجم المخطوط(٣) كتبها إلى نقيب الكوفة وشريفها المعظّم السيِّد محمَّد بن مختار العلوي يعاتبه على عدم الوفاء بوعد كان وعده به، وهي على وتيرة تتريَّة إبن منير ولهما أشباه ونظائر مرَّ الإيعاز إليها في ج ٤ ص ٣٢٩ - ٣٣١.

(الشاعر)

أبو الفتح محمَّد بن عبيد الله(٤) البغدادي يُعرف بابن التعاويذى وبسبط ابن التعاويذي وكلاهما نسبة إلى جدّه لاُمَّه أبي محمَّد المبارك بن المبارك الجوهري. المعروف بابن التعاويذي ألمولود بالكرخ سنة ٤٩٦، والمتوفّى في جمادى الأولى سنة ٥٥٣ ودفن بمقبرة الشونيزيَّة.

كان المترجم في الصَّدر من شعراء الشيعة، وفي الطليعة من كتّابها الأفذاد، يزدهي العراق بشعره المبهج وأدبه المبتلج، كما أنَّ الكتب ضاءت بألقٍ من كلمه، وضاعت بعبقٍ من نشر فمه، وقد أصفقت المعاجم على الثناء عليه وذكر فضله الظاهر ومآثره الجمَّة، ففي معجم الاُدباء ج ٧ ص ٣١: كان شاعر العراق في وقته وكان كاتباً بديوان الأقطاع ببغداد، واجتمع به العماد الكاتب الإصبهاني لما كان بالعراق وصحبه مدَّة، فلمّا انتقل العماد إلى الشام واتَّصل بالسّلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب كان إبن التعاويذي يراسله، فكان بينهما مراسلات ذكر بعضها العماد في الخريدة، وعمي أبو الفتح في آخر عمره سنة ٥٧٩ وله في ذلك أشعارٌ كثيرةٌ يندب بها بصره وزمان شبابه، ومدح السلطان

____________________

١ - كان قبر مصعب يزار في القرون الاولى كما مر ص ١٩٤ من هذا الجزء. وقبر النذور مر تفصيله في ص - ١٩.

٢ - هو لعين الامة عبد الرحمن بن ملجم المرادى قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام

٣ - توجد فى مطبوع ديوانه صفحة ٢١٤.

٤ - فى غير واحد من المصادر: عبد الله.

٣٨٦

صلاح الدين بثلاث(١) قصائد أنفذها إليه من بغداد إحداها عارض بها قصيدة أبي منصور عليِّ بن الحسن المعروف بصرّدر(٢) التي أوّلها:

أكذا يُجازى ود ُّكلِّ قرين؟...

فقال ابن التعاويذي وأحسن ما شاء:

إن كان دينك في الصّبابة ديني

فقف المطيّ برملتي يَبرينِ(٣)

وألثم ثرىً لو شارفت بي هضبه

أيدي المطيِّ لثمتها بجفوني

وانشد فؤادي في الظباء معرِّضاً

فبغير غزلان الصَّريم جنوني

ونشيدتي بين الخيام وإنّما

غالطتُ عنها بالظُباء العينِ

لولا العِدى لم أكنِ عن ألحاظها

وقد ودها بجآذر وغصونِ

لِلَّه ما اشتملت عليه قبابهم

يوم النَّوى من لؤلؤٍ مكنونِ

من كلِّ تائهةٍ على أترابها

في الحسن غانيةٍ عن التحسينِ

خود تُري قمر السَّماء إذا بدت

ما بين سالفةٍ لها وجبينِ

غادين ما لمعت بروق ثغورهم

إلّا استهلّت بالدموع شؤوني(٤)

إن تُنكروا نفس الصَّبا فلأنَّها

مرَّت بزفرة قلبيَ المحزونِ

وإذا الرَّكائب في المسير تلفَّتت

فحنينها لتلفّتي وحنيني

يا سلم إن ضاعت عهودي عندكم؟

فأنا الذي استودعتُ غير أمينِ

أوعدتُ معبوناً فما أنا في الهوى

لكمُ بأوَّل عاشقٍ معبونِ

رِفقاً فقد عسف الفراق بمطلق الـ

ـعبرات في أسر الغرام رهينِ

وذكر من القصيدة ٣٢ بيتاً(٥) ونقتطف ممّا ذكره من قصيدته الثانية أبياتاً

____________________

١ - توجد فى ديوان المترجم في مدح صلاح الدين يوسف ست قصايد لا ثلث ولعله انفذ منها اليه ثلاثاً

٢ - أبو منصور علي بن الحسن الكاتب الشاعر المتوفى سنة ٤٦٥ مترجم في عير واحد من المعاجم.

٣ - يبرين بالفتح ثم السكون: رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة. وقيل: انه من أصقاع البحرين به منبران وهناك الرمل الموصوف بالكثرة.

٤ - في مطبوع ديوانه: جفونى.

٥ - القصيدة ٧١ بيتا نظمها سنة ٥٧٥ ببغداد وأرسلها إلى دمشق. توجد في ديوانه المطبوع ص ٤٢٠.

٣٨٧

من أوَّلها(١) :

حتّام أرضى في هواك وتغضبُ

وإلى متى تجني عليَّ وتعتبُ

ما كان لي لولا ملالك زلّة

لَمّا مللتَ زعمت انِّي مذنبُ

خذ في أفانين الصّدود فإنَّ لي

قلباً على العلّات لا يتقلّبُ

أتظنّني أضمرت يوماً سلوةً؟

هيهات عطفك من سلوّي أقربُ

لي فيك نار جوانح ما تنطفي

شوقاً وماءُ مدامع لا ينضبُ

ثمَّ ذكر أبياتاً من قصيدته الثالثة اللّاميَّة، وذكر من شعره قوله من قصيدة يندب بصره:

حالان مسَّتني الحوا

دث منهما بفجيعتينِ

إظلام عين في ضيا

ءٍ من مشيب سرمدينِ(٢)

صبحٌ وإمساءٌ معاً

لا خلفةً فاعجب لذينِ

قد رحتُ في الدنيا من الـ

ـسّراء صِفر الرّاحتينِ

أسوان لا حيُّ ولا

ميتٌ كهمزة بين بينِ

قال الأميني: هذه القصيدة تحتوي ٥٩ بيتاً مطلعها الموجود:

أترى تعود لنا كما

سلفت ليالي الأبرقينِ؟

ويقول فيها:

فأناخ في آل الرَّسول

مجاهراً برزيئتينِ

بدءاً برزءٍ في أبي

حسن وعوداً في الحسينِ

ألطيِّبين الطاهرين

الخيِّرين الفاضلينِ

ألمدليين إلى النبيِّ

محمّدٍ بقرابتينِ(٣)

وذكر الحموي من شعره قوله:

____________________

١ - القصيدة ٨١ بيتاً نظمها سنة ٥٨٠ وانفذها على يد رسوله إلى دمشق. توجد في ديوانه المطبوع ص ٢٢.

٢ - في مطبوع ديوانه:

اظلام عين في ضيا

ء مشيب رأس سرمدين

٣ - ذكرت فى ديوانه المطبوع ص ٤٣٥.

٣٨٨

سقاكِ سار من الوسميِّ هتّانُ

ولا رقت للغوادي فيكِ أجفانُ

يا دار لهوي وإطرابي ومعهد أتـ

ـ ابي وللَّهو أوطارٌ وأوطانُ(١)

أعائدُ ليَ ماضٍ من جديد هوى

أبليته وشبابٌ فيكِ فينانُ(٢)

إذ الرَّقيب لنا عينٌ مساعدةٌ

والكاشحون لنا في الحبِّ أعوانُ

وإذ جُميلة توليني الجميل وعند

الغانيات وراء الحسن إحسانُ

ولي إلى البانِ من رمل الحمى طرفٌ

فاليوم لا الرَّمل يصبيني ولا البانُ

وما عسى يُدرك المشتاق من وطر

إذا بكى الرَّبع والأحباب قد بانوا

إنَّ المغاني معانِ والمنازل أمـ

ـ وات إذا لم يكن فيهنَّ سكّانُ

لِلَّه كم قمرت لبُيِّ بجوك أقـ

ـ مارٌ؟ وكم غازلتني فيك غزلانُ؟

وليلة بات يجلو الرّاح من يده

فيها أغنُّ خفيف الرّوح جَذلانُ

يُذْكي الجوى باردٌ من ريقه شبمٌ

ويوقد الظرف طرفٌ منه وسنانُ(٣)

خال من الهمِّ في خلخاله حَرجٌ

فقلبه فارغٌ والقلب ملآنُ

إن يُمس ريَّان من ماء الشباب فلي

قلبٌ إلى ريقه المعسول ظمآنُ

بين السّيوف وعينيه مشاركةٌ

من أجلها قيل للأغماد أجفانُ

فكيف أصحو غراماً أو اُفيق جوىً

وقدُّه ثملٌ بالتَّيه نشوانُ؟

أفديه من غادر بالعهد غادرني

سُدوده ودموعي فيه غُدرانُ

في خدِّه وثناياه ومقلته

وفي عِذاريه للعشّاق بُستانُ

شقائقٌ وأقاحٍ نبته خضلٌ(٤)

ونرجسٌ أنا منه الدَّهر سكرانُ(٥)

____________________

١ - في ديوانه: وللهو والأطراب أوطاني.

٢ - أي غض ناعم.

٣ - في ديوانه: ويوقظ الوجد طرف منه وسنان. شبم: شديد البرودة.

٤ - شقائق ويقال له: شقائق النعمان: نبت بستاني أحمر. والأقاحي جمع الأقحوان: هو زهر البابونج.

٥ - فيه تصحيف وصحيحه: ونرجس عبق غض وريحان. وبعده قوله:

ما زال يمزح كأسي من مراشفه

بقهوة أنا منها الدهر سكران

والقصيدة تناهز ٧٧ بيتا نظمها سنة ٥٨١ يمدح بها الناصر لدين الله في عيد الفطر توجد في ديوانه ص ٤١٢.

٣٨٩

وكان له راتبٌ في الديوان فلمّا عمي طلب أن يجعل باسم أولاده ثمَّ كتب هذه القصيدة ورفعها إلى الخليفة الناصر إلتمس بها تجديد راتب مدَّة حياته:

خليفة الله أنت بالدين والدنيا

وأمر الإسلام مطَّلعُ إلخ

ثمَّ قال: وكلُّ شعر أبي الفتح غررٌ وديوانه كبيرٌ يدخل في مجلّدين جمعه بنفسه قبل أن يضرّ، وافتتحه بخطبة لطيفة ورتَّبه على أربعة أبواب، وما حدث من شعره بعد العمى سمّاه الزيّادات، وهي ملحقةٌ ببعض نسخ ديوانه المتداولة وبعض النسخ خلوٌ منها، وله كتابٌ سمّاه « ألحجبة والحجّاب » في مجلّد كبير ونسخه قليلة. ولد أبو الفتح ابن التعاويذي في اليوم العاشر من رجب سنة ٥١٩ وتوفّي في ثاني شوّال سنة ٥٨٣ ببغداد و دفن في مقبرة باب أبرز. إنتهى ملخصاً.

وفي تاريخ ابن خلكان ج ٢ ص ١٢٣: أبو الفتح ابن التعاويذي نسب إلى جدَّه لاُمِّه أبي محمَّد المبارك لأنّه كفله صغيراً ونشأ في حجره، وكان أبو الفتح هذا شاعر وقته لم يكن مثله، جمع شعره بين جزالة الألفاظ وعذوبتها، ورقّة المعاني ودقّتها، وهو في غاية الحسن والحلاوة، وفيما أعتقده لم يكن قبله بمائتي سنة من يُضاهيه ولا يُواخذني مَن يقف على هذا الفصل فإنَّ ذلك يختلف بميل الطباع ولِلَّه درّ القائل:

ولِلناس فيما يعشقون مذاهبُ

وكان كاتباً بديوان المقاطعات وعمي في آخر عمره سنة ٥٩٧ ثمَّ ذكر ما يقرب من كلام نقلناه عن معجم الاُدباء، وروى من شعره ما يربو على سبعين بيتاً وقال: أوردت هذه المقاطيع من شعره لكونها مستجملة، وأمّا قصائده المشتملة على النسيب والمدح فإنَّها في غاية الحسن وصنّف كتاباً سمّاه - ألحجبة والحجّاب - وترجمه العماد الاصبهاني في كتاب [ الخريدة ] وأثنى عليه بقوله: هو شابٌ فيه فضلٌ وآدابٌ ورياسةٌ وكياسةٌ ومروّةٌ و ابوّةٌ وفتوَّةٌ، وجمعني وإيّاه صدق العقيدة في عقد الصّداقة، وقد كملت به أسباب الظرف واللطف واللباقة، وكانت ولادته في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة ٥١٩ وتوفّي في ثاني شوّال سنة أربع وقيل: ثلاث. وثمانين وخمسمائة ببغداد، ودُفن في باب أبرز. وقال ابن النجّار: مولده يوم الجمعة ومات يوم السبت ١٨ شوّال. إنتهى تلخيص ما في تاريخ ابن خلكان.

وذكره أبو الفداء في تاريخه ٣: ٨٠، وابن شحنة في « روض المناظر » ، وابن

٣٩٠

كثير في تاريخه ١٢: ٣٢٩، وصاحب « شذرات الذهب » ٤: ٢٨١، ومؤلِّف « نسمة السحر » ج ٢. ولم أجد خلافاً في تاريخ ولادته غير أن عبد الحيّ أرَّخه في شذراته بسنة ٥١٠ ولم نقف على مصدره.

وترجمه اليافعي في موضعين من « مرآة الجنان » : ج ٢ ص ٣٠٤ و ٤٢٩، وقال في الموضع الأول: ذكر بعض المؤرِّخين موته في سنة ٥٥٣، وذكر بعضهم في سنة أربع وثمانين. قد عرفت انَّ سنة ٥٥٣ هي تاريخ وفاة وجدِّ المترجم له المعروف بابن التعاويذي ورثاه سبطه في وقته واشتبه الأمر على بعض المؤرِّخين بموت المترجم له ولعلّه لشهرتهما بابن التعاويذي.

وتوجد ترجمته في تاريخ آداب اللغة العربيّة وفيه: انّه توفيّ سنة ٥٣٨. و أحسبه تصحيف ٥٨٣. وقال فريد وجدي في « دائرة المعارف » ٦ ص ٧٧٧: إنَّه ولد سنة ٥١٦ وتوفيّ سنة ٥٨٣ أو ٥٨٦. وفي كلا التاريخين تصحيفٌ -.

والواقف على ديوان المترجم جدُّ عليم بتاريخ وفاته إذ قصائده مؤرَّخة بسني نظمها وأكثرها من سنة سبعين إلى أربع وثمانين، وفيه قصيدته في رثاء جدِّه [ المبارك ] المتوفّى سنة ٥٥٣ وهي مؤرَّخةٌ بها. وله قصيدتان مؤرَّختان بسنة ٥٨٣ إحداهما في مدح الناصر لدين الله أبي العباس أحمد. والاُخرى في مدح الوزير جلال الدين أبي المظفَّر عبيد الله بن يونس وتهنئته بالوزارة، نظمها في عيد الأضحى من سنة ٥٨٣، فبعد كون وفاته في شوّال من المتسالم عليه لم يبق إشكالٌ في أنَّه توفيّ سنة ٥٨٤، والله العالم.

ومن شعره قوله في رثاء الإمام السبط الشهيد صلوات الله عليه.

أرقتُ للمع برقٍ حاجريِّ(١)

تألّق كاليماني المشرفيِّ

أضاء لنا الأجارع مستطيراً

سناه وعاد كالنبض الخفيِّ(٢)

كأنَّ وميضه لمع الثَّنايا

إذا ابتسمت وإشراق الحليِّ

____________________

١ - حاجرى: نسبة الى حاجر كانت بليدة بالحجاز فاندرست، وقد استعملها الشعراء كثيراً في شعرهم، وقد أكثر أبو يحيى عيسى بن سنجر الاربلي المتوفى ٦٣٢ استعمالها في شعره، فلقب بالحاجري وعرف به ولم يكن منها.

٢ - وفي المطبوع من ديوانه:

أضاء لنا الاجارع مسبطراً

وعاد سناه كالبيض الخفى

٣٩١

فأذكرني وجوهَ الغيد بيضاً

سوالفها ولم أكُ بالنسيِّ

وعصر خلاعةٍ أحمدت فيه الـ

ـشَّباب وصحبة العيش الرخيِّ

وليلي بعد ما مطلت ديوني

ولا حالت عن العهد الوفيِّ

منعَّمةٌ شقيت بها ولو لا الهـ

ـ وى ما كنت ذا بالٍ شقيِّ

تزيد القلب بلبالاً ووجداً

إذا نظرت بطرفٍ بابليِّ

أتيهُ صبابةً وتتيهُ حسناً

فويلٌ للشجيِّ من الخليِّ

إذا استشفيتها وجدي رمتني

بداءٍ من لواحظها دويِّ

ولولا حبّها لم يُصبِ قلبي

سنا برقٍ تألّق في دجيِّ(١)

أجاب وقد دعاني الشوق دمعي

وقِدماً كنت ذا دمعٍ عصيِّ

وقفت على الدِّيار فما أصاخت

معالمها لمحتزنٍ بكيِّ

اُروِّي تُربها الصّادي كأنّي

نزحت الدمع فيها من ركيِّ

ولو أكرمت دمعك يا شؤوني

بكيتِ على الإمام الفاطميِّ

على المقتول ظمآناً فجودي

على الظمآن بالجفن الرَّويِّ

على نجم الهدى السّاري وبحر الـ

ـ علوم وذروة الشَّرف العليِّ

على الحامي بأطراف العوالي

حمى الإسلام والبطل الكميِّ

على الباع الرَّحيب إذا ألمت

به الأزمات والكف السَّخيِّ

على أندى الأنام يداً ووجهاً

وأرجحهم وقاراً في النديِّ

وخير العالمين أباً واُمّاً

وأطهرهم ثرى عِرق زكيِّ

لإن دفعوه ظلما عن حقوق الـ

ـخلافة بالوشيج السَّمهريِّ

فما دفعوه عن حسب كريم

ولا ذادوه عن خُلقٍ رضيِّ

لقد فصموا عرى الإسلام عَوداً

وبِدءاً في الحسين وفي عليِّ

ويومُ الطفِّ قام ليوم بدرٍ

بأخذ الثار في آل النبيِّ

فثنّوا بالإمام أما كفاهم

ضلالاً ما جنوه على الوصيِّ؟

____________________

١ - كذا في ديوانه المخطوط وفي المطبوع: في حبيّ. ألحبيّ: السحاب الكثيف الذي يدنو من الارض.

٣٩٢

رموهُ عن قلوبٍ قاسياتٍ

بأطراف الأسنَّة والقسيِّ

وأسرى مُقدماً عمر بن سعد

إليه بكلِّ شيطانٍ غويِّ

سفوكٍ للدِّماء على انتهاك المـ

ـ حارم جدّ مِقدام جريِّ

أتاه بمحنقين تجيش غيظاً

صدورهمُ وجيشٍ كألأتيِّ

أطافوا محدقين به وعاجوا

عليه بكلِّ طرفٍ أعوجيِّ

وكلّ مثقَّفٍ لَدن وعضبٍ

سريجيّ ودرعٍ سابُريِّ(١)

فأنحوا بالصَّوارم مسرعاتٍ

على البرِّ النقيِّ ابن النقيِّ

وجوه النار مظلمةٌ أكبَّت

على الوجه الهلاليِّ الوضيِّ

فيا لك من إمام ضرَّجوه الـ

ـ دم القاني بخرصان القنيِّ(٢)

بكته الأرض إجلالاً وحزناً

لمصرعه وأملاك السُميّ

وغودرت الخيامُ بغير حام

يُناضل دونهنَّ ولا وليِّ

فما عطف البغاة على الفتاة الـ

ـحصان ولا على الطفل الصبيِّ

ولا بذلوا لخائفة أماناً

ولا سمحوا لظمآن بريِّ

ولا سفروا لِئاماً عن حياءٍ

ولا كرٍم ولا أنف حميِّ

وساقوا ذود أهل الحقِّ ظلماً

وعدواناً إلى الوِرد الوبيِّ

تذودهمُ الرِّماح كما يُذاد الـ

ـرِّكاب عن الموارد بالعصيِّ

وساروا بالكرائم من قريش

سبايا فوق أكوار المطيِّ

فيا لِلّه يوم نعوه ماذا و

عى سمعُ الرَّسول من النعيِّ؟

ولو رام الحياة نجا إليها

بعزمته نجاءَ المضرحيِّ(٣)

ولكنَّ المنيَّة تحت ظلِّ الـ

ـ رِّقاق البيض أجدر بالأبيِّ

فيا عصب الضّلالة كيف جزتم

عناداً عن صراطكم السّويِّ؟

____________________

١ - المثقف: الرمح. ويقال: ثقف الرمح أي قومه وسواه. اللدن: اللين. العضب: السيف القاطع. السريجي: نسبة الى رجل اسمه سريج كان ماهراً بصنعة السيوف. السابري: درع دقيقة النسج محكمة.

٢ - الخرصان ج الخرص: الرمح القصير. السنان. القنى جمع القناة: الرمح أو عوده.

٣ - نجا ينجو نجاء: أسرع وسبق. المضرح والمضرحى: الصقر. النسر الطويل الجناح.

٣٩٣

وكيف عدلتمُ مولودِ حجر الـ

ـنبوّة بالغويِّ ابن الغويِّ؟(١)

فألقيتم وعهدكمُ قريبٌ

وراء ظهوركم عهد النبيِّ

وأخفيتم نفاقكمٌ إلى أن

وثبتم وثبة الذئب الضريِّ

وأبديتم حقودكمُ وُعدتم

إلى الدين القديم الجاهليِّ

ولولا الضغن ما ملتم على ذي الـ

ـ قرابة لِلبعيد الأجنبيِّ

كفى خزياً ضمانكم لقتل الـ

ـ حسين جوايز الرّفد السنيَّ

وبيعكمُ لاُخراكم سفاهاً

بمبرود من الدنيا البريِّ(٢)

وحسبكمُ غداً بأبيه خصماً

إذا عرف السَّقيم من البريِّ

صليتم حزبه بغياً فأنتم

لنار الله أولى بالصليِّ

وحرَّمتم عليه الماء لُؤماً

وأسقينا إلى الخلق الدنيِّ(٣)

وأوردتم جيادكمُ وأظميـ

ـتموهُ شربتمُ غير الهنيِّ

وفي صفِّين عاندتم أباهُ

وأعرضتم عن الحقِّ الجليِّ

وخادعتم إمامكمُ خداعاً

أتيتم فيه بالأمر الفريِّ

إماماً كان يُنصف بالقضايا

ويأخذ للضّعيف من القويِّ

وأنكرتم حديث الشمس رُدّت

لهُ وطويتمُ خبر الطويِّ(٤)

فجوزيتم لبغضكمُ عليّاً

عذاب الخلد في الدرك القصيِّ

ساُهدي للأئمَّة من سلامي

وغُرِّ مدائحي أزكى هَديِّ

سلاماً اُتبع الوسميَّ منه

على تلك المشاهد بالوليِّ(٥)

____________________

١ - هذا البيت حرفته يد الطبع عن ديوانه.

٢ - في نسخة اخرى صحيحة:

وبيعتكم لأخزاكم سفاها

بمنزور من الدنيا بكيّ

المنزور من النزر: أي القليل. بكيّ: القليل. يقال: أيد بكاء: اى قليلة العطاء.

٣ - في نسخة: واسفافاً الى الخلق الدني. وفى ديوانه المطبوع: واشفاقاً.

٤ - الطوي والطوية: البئر المطوية. أشار بهذا البيت الى حديث رد الشمس لامير المؤمنين عليه‌ السلام وقد أسلفناه وكلمات الاعلام حوله في الجزء الثالث ص ١٢٦ - ١٤١. و الى حديث انحداره عليه‌ السلام بئراً بعيدة القمر ليلة البدر وقد مر في الجزء الثالث ص ٣٩٥ وقد ذكره الامام احمد فى المناقب.

٥ - الوسمى: اول مطر الربيع. والولى: المطر بعد المطر.

٣٩٤

وأكسو عاتق الأيَّام منها

حباير كالرِّداء العبقريِّ

حساناً لا اُريد بهنَّ إلّا

مَسائة كلِّ باغٍ خارجيِّ

يضوع لها إذا نُشرت أريجٌ

كنشر لطائم المسك الزكيِّ(١)

كأنفاس النَّسيم سرى بليل

يهزُّ ذوائب الوَرد الجنيِّ

لِطيبة والبقيع وكربلاءٍ

وسامراء تغدو والغريِّ

وزوراء العراق وأرض طوسٍ

سقاها الغيث من بلدٍ قصيِّ

فحيَّ الله مَن وارته تلك الـ

ـ قباب البيض من حبرٍ تقيِّ

وأسبل ثوب رحمه دراكاً

عليها بالغدوِّ وبالعشيِّ

فذخري للمعاد ولاءُ قومٍ

بهم عرف السَّعيد من الشقيِّ

كفاني علمهم أنِّي مُعاد

عدوَّهمُ موالٍ للوليِّ(٢)

____________________

١ - لطائم جمع اللطيمة: نافجة المسك.

٢ - هذه القصيدة ذكر منها صاحب نسمة السحر ٤٥ بيتاً، ونحن أخذناها من ديوانه المخطوط.

٣٩٥

شعراء الغدير

في القرن السّابع

٥٦

أبو الحسن المنصور بالله

وُلد: ٥٦١

توفِّي: ٦١٤

بني عمّنا! إنّ يوم « الغدير »

يشهدُ للفارس المعلمِ

أبونا عليٌّ وصيُّ الرَّسول

ومن خصَّه باللوا الأعظمِ

لكم حرمةٌ بانتساب إليه

وها نحن من لحمهِ والدَّمِ

لإن كان يجمعنا هاشمٌ

فأين السَّنام من المنسمِ؟

وإن كنتمُ كنجوم السّماء

فنحن الأهلّة للأنجمِ

ونحن بنو بنته دونكم

ونحن بنو عمِّه المسلمِ

حماه أبونا أبو طالب

وأسلم والنّاس لم تسلمِ

وقد كان يكتم إيمانه

فأمّا الولاء فلا يكتمِ

وأيّ الفضايل لم نحوها

ببذل النّوال وضرب الكمي؟

قفونا محمَّد في فعله

وأنتم قفوتم أبا مجرمِ(١)

هدى لكم الملك هدي العروس

فكافيتموهُ بسفك الدَّمِ

ورثنا الكتاب وأحكامه

على مفصح النّاس والأعجمِ

فإن تفزعوا نحو أوتاركم

فزعنا إلى آية المحكمِ

أشرب الخمور وفعل الفجور

من شيم النفر الأكرمِ؟

قتلتم هداة الورى الطاهرين

كفعل يزيد الشقيِّ العمي

فخرتم بملك لكم زايلٍ

يقصِّر عن ملكنا الأدومِ

____________________

١ - يعنى أبا مسلم الخراسانى عبد الرحمن القائم بالدعوة العباسية سنة ١٢٩.

٣٩٦

ولا بدَّ للملك من رجعةٍ

إلى مسلك المنهج الأقومِ

إلى النفر الشمّ أهل الكسا

ومن طلب الحقَّ لم يظلمِ

هذه الأبيات نظمها المترجم له في جمادى الأولى سنة ٦٠٢ يعارض بها قصيدة إبن المعتزّ الميميَّة التي أوّلها:

بني عمّنا! ارجعوا ودَّنا

وسيروا على السنن الأقومِ

لنا مفخرٌ ولكم مفخرُ

ومن يُؤثر الحقّ لم يندمِ

فأنتم بنو بنته دوننا

ونحن بنو عمّه المسلمِ

وله من قصيدة تشتمل على ٥٥ بيتاً:

عجبت فهل عجبت لفيض دمع

لموحشة على طلل ورسمِ؟

وما يغنيك من طلل محيلٍ

لهندٍ أو لجمل أو لنعمِ

فعدن عن المنازل والتَّصابي

وهات لنا حديث غدير خمٍّ

فيالك موقفاً ما كان أسنى

ولكن مرَّ في آذان صمِّ

لقد مال الأنام معاً علينا

كأنَّ خروجنا من خلف ردمِ

هدينا النّاس كلّهمُ جميعاً

وكم بين المبيِّن والمعمِّي؟

فكان جزاؤنا منهم قراعاً

ببيض الهند في الرهج الأجمِّ

همُ قتلوا أبا حسن عليّاً

وغالوا سبطه حسناً بسمِّ

و هم خضروا الفرات على حسين

وما صابوه من نصل وسهمِ(١)

(ألشاعر)

ألإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن عليّ بن حمزة بن هاشم ابن الحسن بن عبد الرَّحمن بن يحيى بن أبي محمّد عبد الله بن الحسين بن ترجمان الدين ألقاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا بن الحسن بن الحسن بن الإمام عليّ ابن أبي طالب.

أحد أئمَّة الزيديَّة في ديار اليمن، قرن بين شرف النسب والمجد المكتسب،

____________________

١ - توجد القصيدتان في الحدائق الوردية وجملة من الاولى، مذكورة في نسمة السحر.

٣٩٧

وضمّ إلى شرفه الوضّاح علماً جمّاً، وإلى نسبه العلويِّ الشَّريف فضائل كثيرة، جمع بين السَّيف والقلم فرفَّ عليه العِلم والعَلم، وشفّع علمه الرائق بأدبه الفائق. فأصبح إمام اليمن في المذهب، وفي الجبهة والسنام من فقهائها، كما أنَّه عُدَّ من أفذاذ مؤلّفيها وأشعر الدعاة من أئمَّتها، بل أشعر أئمَّة الزيديَّة على الإطلاق كما قاله صاحبا الحدائق والنسمة.

كان آية في الحفظ، حكى جمال الدين عمران بن الحسن عن بعض المعروفين بقوّة الحافظة: إنّي أحفظ مائة ألف بيت شعر وفلان - ذكر رجلاً من أهل الأدب - يحفظ ايضاً مثلي ونحن لا نعدُّ حفظنا إلى جنب حفظ الإمام المنصور بالله شيئاً.

وقال عماد الدين ذو الشَّرفين، رأيت مع الإمام مجلّداً في الشِّعر فقال: قرأته و حفظته فخذه وسلني عن أيِّ قصيدة منه شئت فجعلت أسأله من أوَّله ووسطه وآخره و أنا أذكر له بيتاً من القصيدة فيأتي بتمامها.

قرأ في الاُصولين على حسام الدين أبي محمَّد الحسن بن محمّد الرصاص، وألَّف كتباً ممتعة في شتّى المواضيع من الفقه واصوله والكلام والحديث والمذهب والأدب منها:

صفوة الإختيار في اصول الفقه.

حديقة الحكم النبويَّة شرح الأربعين السلفيَّة

ألشافي في اُصول الدين أربعة أجزاء.

ألرِّسالة الهادية بالأدلّة البادية في السبي

ألأجوبة الكافية بالأدلّة الوافية.

ألدرَّة اليمنيَّة في أحكام السبي والغنيمة

ألإختيار المنصوريَّة في المسائل الفقهيَّة.

ألايضاح لعجمة الإفصاح أكثره يتعلّق بالسير

كتاب الفتاوى مرتَّبٌ على كتب الفقه.

ألرِّسالة القاهرة بالأدلّة الباهرة في الفقه

ألرِّسالة الحاكمة بالأدلّة العالمة.

ألناصحة المشيرة بترك الإعتراض على السيرة

ألعقيدة النبويَّة في الاُصول الدينيَّة.

ألرِّسالة الفارقة بين الزيديّة والمارقة

ألرِّسالة النافعة بالأدلّة القاطعة.

ألرِّسالة الكافية إلى أهل العقول الوافية

ألرِّسالة الناصحة بالأدلّة الواضحة(١)

ألجوهرة الشفَّافة في جواب الرِّسالة الطوّافة(٢)

ألأجوبة الرافعة للاشكال.

ألزبدة في أصول الدين.

ألعقد الثمين في الإمامة

       

____________________

١ - في جزئين الاول فى اصول الدين. والثاني في فضائل العترة الطاهرة.

٢ - رسالة أنشأها رجل متفلسف أشعرى مصرى تحتوى نيفا وأربعين مسئلة فى اصول الدين.

٣٩٨

ألقاطعة للأوراد في الجهاد.

كتاب تحفة الإخوان.

ألرِّسالة التهاميَّة. ديوانه

كان المترجم يجاهد ويجادل دون دعايته في الإمامة، وله في ذلك مواقف و مجاهدات، وكانت بدء دعوته سنة ٥٩٣ في شهر ذيقعدة، وبايعه الناس في ربيع الأوَّل سنة ٥٩٤، وأرسل دعاته إلى خوارزم شاه المتوفّى ٦٢٢ وتلقّاهم السّلطان بالقبول والإكرام، واشغل ردحاً من الزَّمن منصَّة الزَّعامة في الدِّيار اليمنيَّة إلى أن توفّي سنة ٦١٤ وكانت ولادته سنة ٥٦١، ومن مختار ما رُثي به قصيدة ولده الناصر لدين الله أبي القاسم محمّد بن عبد الله وهي واحد وأربعون بيتاً مطلعها:

بفي الشامتين الترب إن يك نالني

مصاب أبي أوهدَّ من عظمه أزري

على حين أعيى المقربات فراقه

وشنَّت له أنياب ذي لبد حسرِ

فإن يك نسوانٌ بكين؟ فقد بكت

عليه الثريّا في كواكبها الزّهرِ

وإن تشمت الأعداء يوماً؟ فإنَّني

على حدثان الدهر كالكوكب الدري

توجد في - الحدائق الورديَّة - للمترجم ترجمة ضافية في ستَّين صحيفة تحتوي جملة من كتاباته وخطاباته في دعاياته وجهاداته، وشيئاً كثيراً من مناقبه وكراماته و مقاماته، وشطراً وافراً من شعره في مواضيع متنوِّعة، ومنه قوله كتبه إلى زوجته المسمّاة - متعة - يُعزِّيها عن أخيها:

ألحمد لِلَّه الذي لم يزل

أحكامه في خلقه ماضيه

وكلُّ مَن كان بها راضياً

فإنَّه في عيشةٍ راضيه

وكلُّ مَن كان لها ساخطاً

فاُمّه في سقرٍ هاويه

كم قائل قد قال: يا ليتها

عند الرزايا كانت القاضية

يا بنت فضل أين فضل وهل

باقٍ على الأيّام أو باقيه؟

كم من ملوك طال ما عمَّروا

فهل لهم في الأرض من باقيه؟

أين النبيّ المصطفى أحمد

وصنوه حيدر والزاكيه؟

فسلّمي الأمر لمن أمره

ينطح غلب العصب العاليه

ومَن إذا عاصاه ذو نخوة

صبَّ عليه الأخذة الرابيه

لا يغلب الله على أمره النّا

فذ من راقٍ ولا راقيه إلخ

٣٩٩

ومن قصيدة كبيرة له في الحماسة يذكر أجداده بأسمائهم ويفتخر بهم:

كم بين قولي عن أبي عن جدَّه

وأبو أبي فهو النبيُّ الهادي

وفتى يقول: احكي لنا أشياخنا

ما ذلك الإسناد من إسنادي

ما أحسن النظر البليغ لمنصف

في مقتضي الإصدار والايرادِ

خذ ما دنى ودع البعيد لشأنه

يغنيك دانيه عن الأبعادِ

ذكر صاحب الحدائق له من الأولاد الذكور:

محمّد الناصر لدين الله. أحمد المتوكّل على الله. عليّ. حمزة درج صغيراً. إبراهيم.

سليمان. الحسن. موسى. يحيى. إدريس درج صغيراً ألقاسم. فضل درج. جعفر لا عقب له. عيسى لا عقب له. داود. حسين درج. ومن البنات:

زينب. سيِّدة. فاطمة. حمانة. رملة. نفيسة. مريم. مهديَّة. آمنة.عاتكة.وللمترجم ترجمة في [ نسمة السحر فيمن تشيَّع وشعر ] ج ٢.

٤٠٠