• البداية
  • السابق
  • 57 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17127 / تحميل: 6423
الحجم الحجم الحجم
تذييل سلافة العصر

تذييل سلافة العصر

مؤلف:
العربية

ويُبْخَـسُ في سوق الفَخارِ نصيبُه

من المجد أن يسمو إلى عُشْر مِعشار

ومنها:

وأظـهر أنّي مثلُهـم يستفزّني

تقلّبُ أحوالِ الزَّمان بأطوار

فيُحزنني طوراً وطوراً يُسرُّني

صـروفُ اللَّيالـي باحتلاءٍ وإمرار

ويُصمي فـؤادي ناهد الثّدي كاعِبٌ

برشـق نبالٍ لا تُناط بأوتار

ويلهو بقلبـي المستهام مُلاعبٌ

بأسمر خطّارٍ وأحورَ سحّار

ويُضجرني الأمـرُ المـهولُ لقاؤُه

ويجرح صدري عنـه صولةُ كرَّار

ويُنعشني الحادي إذا العيس أدْلجتْ

ويطربُني الشَّادي بعُودٍ ومزْمار

ومنها:

أأضرع للبلوى واُغضي على القذى

واُسلم نفساً للهضيمـة والعار

ويخفُـقُ قلبي إنْ دهتنـي مُلمَّةٌ

فأرضى بما يرضى به كلّ خوّار

٤١

إذاً لا ورى زنـدي ولا عَزّ جانبي

ولا وفد المستمنـحون إلـى داري

ولا أشرقت شمسي على اُفق العُلى

ولا بزغت في قمَّة المجـد أقماري

ولا بُلّ كفّي بالسَّماح ولا سرت

ركابُ الكرام المُقترين إلـى ناري

ولا عبقت كالعود في كلِّ مَربَعٍ

بطيب أحاديثي الرِّكابُ وأخبـاري

ولا انتشرت في الخـافقين فضائلي

انتشارَ ضواع المسك أوقات تكرار

ولا أمَّني وفدٌ برائق شعرهـم،

ولا كان في المهديّ رائقُ أشعاري

وهو كثير الشعر جيّده بالعربية والفارسية والتركية، وقد نظم كثيراً من الفنون باُرجوزات حسنة منها: التحفة القواميّة - نظم اللمعة الدمشقية - ومنظومة صحيفة الاطرلاب للشيخ البهائي، ومنظومة الكافية، ومنظومة خلاصة الحساب، واُرجوزة في التجويد، والشجرة الحسينيّة، ومن شعره مرثية الشيخ جعفر القاضي لمّا توفّي بالعراق عند قدومه من الحج سنة خمسة عشر بعد المائة والألف وهي:

الدهرُ ينعى إلينا المجدَ والكرما

العلمَ والحلمَ والأخلاقَ والشِّيَما

٤٢

ينعى العفافَ وينعى الفضلَ ينـدبُه

ينعى الحياءَ وينعى العهدَ والذّممـا

فليت بالدَّهر ممّا قد حكى بَكَماً

أوْ ليت عن ذاك في أسماعنا صَمما

ولا تطيق الجبـالُ الصمُّ داهيةً

دهياءَ دُكَّ لها الإسـلامُ وانثلما

وُزْلزِلَت أرضُ علمٍ بعدما انفطرتْ

سماءُ علمٍ وماجَ البحـر والتطما

يا صبرُ هـذا فراقٌ بيننا ومتى

تطاق والدَّهـرُ أوهى الركنَ فانهدما

بشيخنـا جعفرٍ بحرٌ بساحتـه

سفائنُ العلم مبذولاً ومُقْتَسَما

يا عينُ جُودي فعـينُ الجود غائرةٌ

تبكي عليها العيـونُ الساهراتُ دما

مَنْ للحزين يُنـادي وهو مُنْقطعٌ

فيستغيثُ ويبكي المفـردُ العَلَما

أين الذي بسط الإحسانَ مُنْبسطاً

قد عمّ فيـضُ نَداه العُربَ والعجَما

أيـن الذي فسـّر الآيـاتِ محكمةً

أين الذي هذّب الأحكـام َ والحِكَما

٤٣

وباطلٍ كان بـالتحقيق يدمغُه

كأنه بقَدومٍ يكسرُ الصَّنما

تُعَدُّ أيامُنـا اللاّتي مَضيْنَ لنا

إذ نحن من نوره نستكشفُ البُهَما

كانت هي العمرُ مرَّت وهي مُسرعةٌ

وهل سمعتَ بحيٍّ عمرُه انصرَما

وإخوة بصفاء الـودّ رافقهُم

فجَمْعُهم بعـدَه عِقْدٌ قـد انفصما

ومسند زاده عـزّاً تمـَكُّنُهُ

كخاتَمٍ فصُّه جورَ الزَّمان رمـى

ظـلَّ الإشاراتُ بعـد الشيخ مُبْهمةٌ

كما الشِّفاءُ عليلٌ يشتـكي السَّقما

بات الصحاحُ سقيماً منـذ فارقهُ

عينُ الخليلِ اُصيبتْ بعـدَهُ بعمى

تبكي عليه عيـونُ العلمِ تُسعدها

شروحُها وحـواشيها وما رقما

تمضـي الليالي ولا تَفنى مآثره

يبقى على صفحة الأيَّام ما رسما

نظمي مدامعُ تجري في مصيبته

فالقلبُ مـا نثر العينان قد نظما

٤٤

طوبى له من وفيّ في مُهاجَرِه

من بيته وهو يرجو اللهَ مُعْتصما

والنفس فـي عرفات الشوق والهةٌ

والقلـب منـه بنار اللَّوعة اضطرما

وإذ أنافَ على وادي السلام رأى

من جانب القُدس نوراً يكـشفُ الظُّلَما

واستقبلتهُ بـه الأرواحُ طيِّبةً

والربُّ ناداه قـف بالواد مُحْتشما

فقال لبَّيك يـا ربيّ ومُعتمدي

لبيك يا محيـي الأموات والرِّمما

لبّيك يا سيدي لبيك يا صمدي

حجيّ إليك علمـتَ السرّ والهِمما

فحلّ في مجمـع الأرواح يصحبهم

بالجسم والـرُّوح لا يلقـى بهم سأما

مُقرِّباً فـي منى التسبيح مُهجته

أبدى من الحُبّ ما في صدره انكتما

فالناظرون إلـى إشراق جبهته

يرون ثغر الرِّضا في وجهه ابتسما

والعاكفون على أطراف مضجعه

يستنشقون نسيمَ الخلـد قـد هجما

٤٥

قف بالسلام على أرض الغريّ وقلْ

بعد السلام على مَن شرَّف الحَرما

منّي السلام على قبـرٍ بحضرته

أهمى عليه سحابُ الرَّحمـة الدِّيما

واقرأ عليه بترتيلٍ ومرْحمةٍ

طـه ويـس والفرقان مُختتما

وابسط هناك وقل: يا ربّ صلِّ على

محمّد خير مَنْ لبَّى ومَنْ عزما

وآله الطـيبين الطاهرين بما

أسْدَوا إلينـا صنوف الخير والنِّعما

وحُفَّ بالرّوح والـرّيحان تربتهُ

واقبَلْ شفاعتهُـمْ في حقّه كرما

تاريخ ما قد دهانا،(غاب نجمُ هدىً)(١)

فالله يهدي بباقـي نوره الاُمما

يغلـي الفؤادُ ولا تمتدُّ زفرته

ضعفُ القوامِ أكلَّ النُّطقَ والقلما

وكان بينه وبين المصنّف(٢) بعد ارتحاله من البلاد الهندية إلى ديار العجم مؤانسة ومداخلة عظيمة، واختصاص ومودّة قويمة لما

____________

(١) غاب نجمُ هدى = ١١١٥هـ، وهو تاريخ وفاة المرثي حسب حروف الأبجد.

(٢) يقصد بالمصنّف صاحب سلافة العصر السيد ابن معصوم.

٤٦

جمعهما من لحمة النسب، ونظمهما من نسبة الأدب وأهدى إليه نسخة من التحفة القوامية، فوقّع المصنّف على ظهرها بخطّه ما هذا لفظه:

بسم الله الرحمن الرحيم، لراقمه مخاطباً، مُهدي هذه التحفة السنيّة ومبدي هذه الطرفة الحسنيّة، لا برح للدين قواماً، ولا فتىء مُلقّىً تحيّةً وسلاما:

يا أيُّهـا المولى الذي

هو فـي معارفه علَمْ

لله تحفتـك التي

مَنْ ليس يقبلها ظلـم

هيهـات يُنكرُ فضلها

وهو السّراج على علم

أبياتُهـا بمـدادهـا

تحكي الكواكبَ فـي الظُّلم

لم يحو طرسٌ مثلها

كـلاّ ولا رَقـَمَ القلـم

منّي السلام عليك ما

غنَّى الحمامُ بـذي سَلَمْ

قالها بفمه ورقَمَها بقلمه، راجي فضل ربّه السَّني علي بن أحمد الحسيني الحسني، كان الله لهما وبلّغهما من فضله أملهما، وذلك رأد الضحى من يوم الإثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع

٤٧

الثاني سنة ١١١٧هـ بدار الإيمان اصبهان حُفَّت بالعزّ والنصر والأمان.

فذيّله السيّد قوام الدّين بما هذا لفظه:

لناظم «هذه التحفة» مجيباً، لمُرسِل هذه التحية البهية، ومثنياً على مجزل هذه العطية العَليَّة، وهو يدُ السَّماحة، ولسانُ الفصاحة، وترجمانُ البلاغة وعنوانُ البراعة، لا زال صدراً للسيادة والعُلى ولا انفكّ بدراً للسعادة والسنا.

يا أيُّها البدرُ الـذي

ببهائه كشف الظلَمْ

اتحفتنـي بكرامـةٍ

دأْبَ الكريـم المحتشَم

طوّقتنـي بنوالهـا

والعبدُ رقٌّ وابنُ عـم

آبـاؤك الغرُّ الكرامُ

صـدورُ أرباب الهِمم

وَلَدُوا السِّيـادة والعُلـى

وبكَ الكمـالُ قد انتظم

ونشأتَ في حجـر التُّقى

ورضعتَ من أيـدي الكرم

ونبعت مـن عينِ الهُدى

ونبغـتَ في أرض الحَرم

٤٨

ثوبُ البلاغة عن طـرا

زك قـد تطرّز بالعلم

و( سلافةُ العصر ) التي

أنشأتَها تُحيي الـرِّمم

وبديعُ نظمـك فيه

( أنوارُ الرَّبيـع ) إذا ابتسـم

توصيفُ قدرك سيـدي

أعيـا لسانيَ والقلـم

منّي عليـك تحيـّةٌ

تُثني عليـك بهـا الاُمم

نقلت ذلك كلّه من خطّ السيد قوام الدين في كراسٍ أهداه إلى الوالد باصبهان سنة ١١٢٣هـ وذلك بعد وفاة المصنّف بثلاث سنين(١) .

* * *

____________

(١) يقصد بالمصنّف صاحب سلافة العصر ومن هنا يعلم انّ وفاته كانت ١١٢٠هـ ، أمّا السيد قوام الدين صاحب الترجمة فقد كانت وفاته حدود سنة ١١٥٠هـ، كما نقله الطهراني في الطبقات والذريعة.

٤٩

٦ - السيد نور الدين بن نعمة الله الجزائري(١) :

نورُ الحقّ المتشعشع كنارٍ على عَلم، المهتدي بسناه الحائرون في غياهب الظُلَم، ونوره الذي يزهر على شقائقه في حدائقه، ويعطّر الأرواح بنشر حقائقه، ومحتد العلم المؤسّس على التقوى بنيانه، المشيّدة بالمجد جدرانه، المتوقّدة للوفود نيرانه الممتنعة في حماه جيرانه، المرصوصة بالعزّ حيطانه السامكة إلى السماك مقاصيره وإيوانه، ومربع الفضل الزاهرة نجوم سمائه، الماطرة مواقيت أنوائه، ومرتع البذل المتدفقة بالفيض عيونه المتدلية بالثمرات غصونه، وعصام الشرع وموْئلُه وسناده الذي عليه معوّله، إلى محاسن تخضع لها الرّقاب، ومكارم تحقّق إليها الأعقاب، ومحامد هتفت بها العواتق في الخدور، وهوت إليها أفئدة العظماء والصُّدور، من نسب شائقة إلى الملكوت راياته، متلوة في الملأ الأعلى آياته، وشرف ذرّ عليه في غلالته وورثه عن عصبته وكلالته، وحسب قرن بين التالد والطريف، وانبسط في ظِلّ عريشه الوريف، ولهج معترفاً به كل وضيع وشريف، وتواضع زانهُ الوَقارُ رزانةً ورجح قسطاس العدول وزانةً، وتؤدة وسكينة وإخبات، وحلم وتروّ وثبات، وعذوبة ورقّة وغزل، وفكاهة حلوة في غير هزل، وبشر في مهابة، وبشاشة في غير دُعابة، وطلاقة وجهٍ وسيم،

____________

(١) والد صاحب تذييل السُّلافة، وُلِد سنة ١٠٨٨هـ وتوفّي سنة ١١٥٨هـ بتستر ودُفِن عند المسجد الجامع في البلد بوصيّة منه وعليه قبّة معروفة له ذكر في أكثر كتب التراجم والتذكرات في المنطقة.

٥٠

وتلطّف أروح من النّسيم، ولفظ أروق من الراح، وأرقّ من الماء القراح، ونفس قويّة، وفطرة عالية عَلَويّة، وها هو مدّ الله في سعادته، وأبّد أيام إفادته، قد ذرَف على السبعين، وهو يُعين ولا يستعين ويقوم بالأعباء من حفظ النِّظام، وفصل الخصام، وتنفيذ الأحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الجماعات، وإمامة الجمعات، وقضاء الحقوق والتدريس والخطابة والنقابة، والنظر في مصالح كثيرة للخلق لا تنتظم بغيره، ومراقبة الوفود، وإصدارهم بالصّلات والرُّفود، وأمّا الأدب فهو نادرة عصره، ورُواقُ قصره ونطاق خصره، وأمير مصره، بل سناد ظهره، ووحيد دهره، تنثال المعاني على ذهنه وتنهار، وتتوارد الأسجاع إلى لفظه توارد الفراش إلى النّار، إن خطب انقطع خطيب خوارزم، وبان الفشل على وجه أبي حزم، أو كتب مادَ الميداني والبديع الهمداني، وطرب صاحب الأغاني، ومسلم صريع الغواني، أو أملى التقط الجوهريُّ جواهر كلماته، وحصر الحريريُّ في مقاماته، ونضب ماء ابن ميّاح وأصبح ابن نباتة هشيماً تذروه الرياح.

وإنّي وإن أطريت في وصفه، وقاه الله ريبَ المَنون، لربّما تسارَعتْ إليّ الظنون فلأكفّ عن سرد مناقبه الجليلة، وقصيرة بطويلة.

وُلِد دام عزّه في عشر التسعين بعد الألف بدار المؤمنين تُستَر بعد انتقال والديه إليها من الجزائر بسبب الفتنة التي نشأت هناك في السنة الثامنة والسبعين، وذلك حين توجّه العسكر من القسطنطينية

٥١

العظمى إلى البصرة لاستخلاصها من يد واليها حسين باشا بن علي باشا بن افراسياب الدَيري، واشتعال نائرة القتال إلى أن آل الأمر إلى ما آل، من اختلال رأي الوالي وفساده، وسكون ريحه وإصلاد زناده، فخرج منها مذموماً مدحوراً وأتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، حتى ألقى عصاه في البلاد الهندية وحيل بينه وبين الاُمنيَّة، إلى أن حلّت به المنيّة على ما هو مذكور في كتاب (زاد المسافر)(١) وغيره من الموضوعات في هذا الشأن.

***

____________

(١) زاد المسافر ولهنة المقيم والحاضر، تأليف العلاّمة الشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي.

٥٢

وفي تذييل علي سلافة العصر لبعض الاُدباء جاء ما يلي:

٧ - العلاّمة العارف الأديب السيد علي باليل الموسوي الدورقي(١) :

من أجلّة العلماء الأعيان، وأفاضل أبناء الزمان، ذو علم وعمل، ونسب بدوحة النبيّ قد اتصل، وبداهة في التقرير والكلام، ومنطق على الصواب قد استقام، إن نظم صاغ عقود الدّر والجواهر،

____________

(١) من أشياخ العلم والأدب في القرن الحادي عشر الهجري، ومن أبناء اُمراء المشعشعيين له مؤلّفات في الحكمة والأدب، ذكره الاستاذ عمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين فقال: أديب نحوي لغوي عالم بالشعر والبلاغة... الخ.

جاء نسبه في حاشية كتاب «مناهل الضرب في أنساب العرب» صفحة رقم ٤٧٦ الطبعة الاولى في مكتبة آية الله المرعشي النجفي قدس سره في مدينة قم» كما يلي:

هو العلاّمة الأديب السيد علي (المتوفى حدود سنة ١١٠٢ هـ)، ابن الأمير السيد باليل (المتوفى في عشرة الستين بعد الألف) ابن السيد علي ابن السيد اسماعيل ابن السيد ابراهيم (المتوفى في العقد الأوّل من القرن العاشر) ابن السلطان السيد محمد المهدي الملقّب بالمشعشع (المتوفى سنة ٨٦٦ هـ) ابن السيد فلاح ابن السيد هبة الله ابن السيد حسن ابن السيد علَم الدين علي المرتضى النسّابة (المتوفى سنة ٧١٩ هـ) ابن النقيب السيد عبد الحميد (المتوفى سنة ٦٨٤ هـ) ابن العلاّمة الشهير السيد فخار (المتوفى سنة ٦٣٠ هـ) صاحب كتاب «الحجّة على الذاهب الى تكفير أبي طالب» ابن الشريف أبي جعفر مَعَدّ ابن السيد فخار ابن السيد احمد ابن السيد محمد ابن السيد أبي الغنائم محمد ابن السيد أبي عبد الله الحسين الشيتي ابن السيد محمد الحائري ابن السيد ابراهيم المجاب ابن السيد محمد العابد دفين شيراز ابن الإمام الهمام موسى الكاظمعليه‌السلام .

٥٣

أو نثر فاق الثريّا والزواهر، تميّز نظمه بالحكمة والعرفان، مشفوعاً بإبداع وحسن بيان، ترفّع عن مدح الوُلاة والملوك شعره، فارتفع في سماء الحقيقة والسلوك قدرُه، قصر مدائحه على ممدوح خالق الأكوان، واتمّها بمدح آله المطهّرين في القرآن، وصدّق الشِّعرَ منه المذهب، ليس كالأعذب فيه الأكذب، ومن غُرَرِ قصائدِهِ قصيدتُهُ الحِكميّةُ الموسومَةُ بالقلادة، المشروحة بالإجادة ومطلعها:

رُدّي علَيّ رقادي أيّها الرُّوُدُ

عَلّي أراك به والبينُ مفْقودُ

توفّي عام الطاعون الذي ضرب البصرة والجزائر والدورق والحويزة، فأهلك جمعاً كثيراً من علماء الحويزة والدورق وذلك سنة ١١٠٢هـ، وبهذه المناسبة الّف المحدّث الجليل السيد نعمة الله الجزائري كتابه الموسوم بـ(مُسكّن الشُّجون في جواز الفرار من الطَّاعون)(١) .

____________

(١) وصف السيد نعمة الله الجزائري عليه الرحمة كارثة الطاعون هذه التي حلّت بالمنطقة سنة ١١٠٢هـ، في كتابه (مسكّن الشجون في جواز الفرار من الطاعون) فقال:

(وكان من أعظم المصائب لما فُقِد به من العلماء الصالحين خاصّةً في الحويزة والدورق وأنّه أهلك عدداً كبيراً من العلماء والاُدباء والصالحين والاتقياء...الخ). وقال أيضاً في كتابه (مقامات النجاة):

(إنّه بعدما انتقل الطاعون إلى بلدة الدورق أتى على أهلها وأفاضلها ومحدثيها وعلمائها فكانت مصيبة اُصيب بها الدين وفُقِد بها حاملوا أحاديث سيد =

٥٤

٨ - العالم الأديب السيد ابراهيم ابن السيد علي باليل الدورقي(١) :

ماجد تفرّع من ماجد، وفاضل حاز كُلَّ طارف وتالد، ذو قدر في العلم رفيع، وصدر في الحلم وسيع، وخُلُق حكى زهر الربيع.

صحبته في سفرٍ إلى اصفهان، فكان نخبة الصَّحب وتحفةَ الزَّمان، أمّا شعره فالسِّحر الحلال، وأمّا نثره فالدرّ الغوال، فما أجلّه من رفيق في السفر، حتى أنساني الأهل والوطر، وكيف لا وهو ابن ذاك العلم

____________

= المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . «كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا...البيت». فوالهفاه على تلك المساجد التي أمست خالية المحراب، أبواب السماء تبكي على فقد أعمالهم، والأرض تنوح على حُسِن أقوالهم وأفعالهم...الخ).

(١) ذكره السيد عبد الله الجزائري في إجازته الكبيرة فقال: كان عالماً أديباً، شاعراً، مجيداً، حسن الصحبة توافقت معه في طريق اصفهان فرأيته فوق الوصف قرأ على والده وعلى الشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي وغيرهما توفّي عشر الخمسين بعد المائة والالف رحمة الله عليه.

أقول: وكان سفر السيد عبد الله الجزائري برفقة السيد ابراهيم الدورقي إلى اصفهان (بعد سنة ١١٣٠هـ) بقليل. وفي زمان السيد ابراهيم الدورقي اشتهرت المدرسة الإبراهيميّة في الدورق ولا تزال مخطوطاتها متفرّقة في المكتبات العامّة في إيران والعراق، منها مخطوطة «مختصر نهج البيان في الكشف عن معاني القرآن» للشيباني من علماء القرن العاشر، كُتبت هذه النسخة يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الثاني من السنة الخامسة عشرة والمائة والألف في المدرسة الإبراهيميّة في الدورق، وكانت من ممتلكات آل الطريحي القاطنين هناك ثم انتقلت إلى المكتبة المركزية في جامعة طهران تحت رقم ٨١٦ وقد تمّ بحمد الله طبعها سنة ١٤١٨هـ في مدينة قم المقدّسة.

٥٥

العيلم، الذي شاع فضله وعمّ، فطرق الأسماع وطبّق الآفاق:

سادَةُ الناس بالتُّقى وسواهُمْ

سوَّدته الصفراءُ والبيضاءُ

لم أتأكّد من تاريخ وفاته بالدقّة والتعيين، سوى أنّه التحقَ بربّه في عشر الخمسين، بعد المائة والألف من هجرة سيّد المرسلين تغمّده الله برحمته ورضوانه وأسكنه مع أئمته في فسيح جنانه.

٥٦

الفهرس

المقدمة ٥

ترجمة المؤلف: ٧

إطراء العلماء بالمدح والثناء عليه: ٩

نسبه القصير: ١١

١ - السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي: ١٩

٢ - السيد شهاب الدين بن أحمد بن زيد بن عبد المحسن بن علي بن محمّد بن فلاح الموسوي الحويزي: ٢٢

٣ - السيد معتوق ابن شهاب الدين الموسوي الحويزي: ٣٣

٤ - الشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي: ٣٦

٥ - السيد قوام الدين الحسني السيفي القزويني: ٣٨

٦ - السيد نور الدين بن نعمة الله الجزائري: ٥٠

وفي تذييل علي سلافة العصر لبعض الاُدباء جاء ما يلي: ٥٣

٧ - العلاّمة العارف الأديب السيد علي باليل الموسوي الدورقي: ٥٣

٨ - العالم الأديب السيد ابراهيم ابن السيد علي باليل الدورقي: ٥٥

٥٧