الميزان في تفسير القرآن الجزء ٥

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 444

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 444 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 91144 / تحميل: 10836
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( سورة النساء الآيات ١٢٧ - ١٣٤)

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النّسَاءِ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ وَمَا يُتْلَى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى‏ النّسَاءِ اللّاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنّ مَا كُتِبَ لَهُنّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى‏ بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً( ١٢٧) وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشّحّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتّقُوا فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً( ١٢٨) وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتّقُوا فَإِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً( ١٢٩) وَإِن يَتَفَرّقا يُغْنِ اللّهُ كُلّاً مِن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعَاً حَكِيماً( ١٣٠) وَللّهِ‏ِ مَا فِي السّماوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصّيْنَا الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيّاكُمْ أَنِ اتّقُوا اللّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنّ للّهِ‏ِ مَا فِي السّماوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً( ١٣١) وَللّهِ‏ِ مَا فِي السّماوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى‏ بِاللّهِ وَكِيلاً( ١٣٢) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيّهَا النّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى‏ ذلِكَ قَدِيراً( ١٣٣) مَن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً( ١٣٤)

( بيان)

الكلام معطوف إلى ما في أوّل السورة من الآيات النازلة في أمر النساء من آيات الازدواج و التحريم و الإرث و غير ذلك، الّذي يفيده السياق أنّ هذه الآيات إنّما نزلت بعد تلك الآيات، و أنّ الناس كلّموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمر النساء حيثما

١٠١

نزلت آيات أوّل السورة فأحيت ما أماته الناس من حقوق النساء في الأموال و المعاشرات و غير ذلك.

فأمره الله سبحانه أن يجيبهم أنّ الّذي قرّره لهنّ على الرجال من الأحكام إنّما هو فتيا إلهيّة ليس له في ذلك من الأمر شي‏ء، و لا ذاك وحده بل ما يتلى عليهم في الكتاب في يتامى النساء أيضاً حكم إلهيّ ليس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه شي‏ء من الأمر، و لا ذاك وحده بل الله يأمرهم أن يقوموا في اليتامى بالقسط.

ثمّ ذكر شيئاً من أحكام الاختلاف بين المرأة و بعلها يعمّ به البلوى.

قوله تعالى: ( وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ) قال الراغب: الفتيا و الفتوى الجواب عمّا يشكل من الأحكام، و يقال: استفتيته فأفتاني بكذا (انتهى).

و المحصّل من موارد استعماله أنّه جواب الإنسان عن الاُمور المشكلة بما يراه باجتهاد من نظره أو هو نفس ما يراه فيما يشكل بحسب النظر البدائيّ الساذج كما يفيده نسبة الفتوى إليه تعالى.

و الآية و إن احتملت معاني شتّى مختلفة بالنظر إلى ما ذكروه من مختلف الوجوه في تركيب ما يتلوها من قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ ) إلخ إلّا أنّ ضمّ الآية إلى الآيات الناظرة في أمر النساء في أوّل السورة يشهد بأنّ هذه الآية إنّما نزلت بعد تلك.

و لازم ذلك أن يكون استفتاؤهم في النساء في عامّة ما أحدثه الإسلام و أبدعه من أحكامهنّ ممّا لم يكن معهوداً معروفاً عندهم في الجاهليّة و ليس إلّا ما يتعلّق بحقوق النساء في الإرث و الازدواج دون أحكام يتاماهنّ و غير ذلك ممّا يختصّ بطائفة منهنّ دون جميعهنّ فإنّ هذا المعنى إنّما يتكفّله قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ ) إلخ فالاستفتاء إنّما كان في ما يعمّ النساء بما هنّ نساء من أحكام الإرث.

و على هذا فالمراد بما أفتاه الله فيهنّ في قوله:( قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ) ما بيّنه تعالى في آيات أوّل السورة، و يفيد الكلام حينئذ إرجاع أمر الفتوى إلى الله سبحانه و صرفه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المعنى: يسألونك أن تفتيهم في أمرهنّ قل: الفتوى إلى الله و قد أفتاكم

١٠٢

فيهنّ بما أفتى فيما أنزل من آيات أوّل السورة.

قوله تعالى: ( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ - إلى قوله -وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ ) تقدّم أن ظاهر السياق أنّ حكم يتامى النساء و المستضعفين من الولدان إنّما تعرّض له لاتّصاله بحكم النساء كما وقع في آيات صدر السورة لا لكونه داخلاً فيما استفتوا عنه و أنّهم إنّما استفتوا في النساء فحسب.

و لازمه أن يكون قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ ) ، معطوفاً على الضمير المجرور في قوله:( فِيهِنَّ ) على ما جوّزه الفرّاء و إن منع عنه جمهور النحاة، و على هذا يكون المراد من قوله:( ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ ) إلخ الأحكام و المعاني الّتي تتضمّنها الآيات النازلة في يتامى النساء و الولدان، المودعة في أوّل السورة. و التلاوة كما يطلق على اللّفظ يطلق على المعنى إذا كان تحت اللّفظ، و المعنى: قل الله يفتيكم في الأحكام الّتي تتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء.

و ربّما يظهر من بعضهم أنّه يعطف قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ ) ، على موضع قوله:( فِيهِنَّ ) بعناية أن المراد بالإفتاء هو التبيين، و المعنى: قل الله يبيّن لكم ما يتلى عليكم في الكتاب.

و ربّما ذكروا للكلام تراكيب اُخر لا تخلو عن تعسّف لا يرتكب في كلامه تعالى مثله كقول بعضهم: إنّ قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ ) معطوف على موضع اسم الجلالة في قوله:( قُلِ الله ) ، أو على ضمير المستكنّ في قوله:( يُفْتِيكُمْ ) ، و قول بعضهم: إنّه معطوف على( النِّساءِ ) في قوله:( فِي النِّساءِ ) ، و قول بعضهم: إنّ الواو في قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ ) للاستيناف، و الجملة مستأنفة،( و ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ ) مبتدأ خبره قوله:( فِي الْكِتابِ ) و الكلام مسوق للتعظيم، و قول بعضهم إنّ الواو في قوله:( وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ ) للقسم و يكون قوله:( فِي يَتامَى النِّساءِ ) بدلاً من قوله:( فِيهِنَّ ) و المعنى: قل الله يفتيكم - اُقسم بما يتلى عليكم في الكتاب - في يتامى النساء إلخ و لا يخفى ما في جميع هذه الوجوه من التعسّف الظاهر.

و أمّا قوله:( اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) فوصف

١٠٣

ليتامى النساء، و فيه إشارة إلى نوع حرمانهنّ، الّذي هو السبب لتشريع ما شرّع الله تعالى لهنّ من الأحكام فألغى السنّة الجائرة الجارية عليهنّ، و رفع الحرج بذلك عنهنّ، و ذلك أنّهم كانوا يأخذون إليهم يتامى النساء و أموالهنّ فإن كانت ذات جمال و حسن تزوّجوا بها فاستمتعوا من جمالها و مالها، و إن كانت شوهاء دميمة لم يتزوّجوا بها و عضلوها عن التزوّج بالغير طمعاً في مالها.

و من هنا يظهر (أوّلاً): أنّ المراد بقوله:( ما كُتِبَ لَهُنَّ ) هو الكتابة التكوينيّة و هو التقدير الإلهيّ فإنّ الصنع و الإيجاد هو الّذي يخدّ للإنسان سبيل الحياة فيعيّن له أن يتزوّج إذا بلغ مبلغه، و أن يتصرّف حرّاً في ماله من المال و القنية، فمنعه من الازدواج و التصرّف في مال نفسه منع له ممّا كتب الله له في خلقه هذه الخلقة.

و (ثانياً): أنّ الجار المحذوف في قوله:( أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) هو لفظة( عن ) و المراد الراغبة عن نكاحهنّ، و الإعراض عنهنّ لا الرغبة في نكاحهنّ فإنّ التعرّض لذكر الرغبة عنهنّ هو الأنسب للإشارة إلى حرمانهنّ على ما يدلّ عليه قوله قبله:( لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ ) ، و قوله بعده:( وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ ) .

و أمّا قوله:( وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ ) فمعطوف على قوله:( يَتامَى النِّساءِ ) و قد كانوا يستضعفون الولدان من اليتامى، و يحرمونهم من الإرث معتذرين بأنّهم لا يركبون الخيل، و لا يدفعون عن الحريم.

قوله تعالى: ( وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى‏ بِالْقِسْطِ ) معطوف على محلّ قوله:( فِيهِنَّ ) و المعنى: قل الله يفتيكم أن تقوموا لليتامى بالقسط، و هذا بمنزلة الإضراب عن الحكم الخاصّ إلى ما هو أعمّ منه أعني الانتقال من حكم بعض يتامى النساء و الولدان إلى حكم مطلق اليتيم في ماله و غير ماله.

قوله تعالى: ( وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله كانَ بِهِ عَلِيماً ) تذكرة لهم بأنّ ما عزم الله عليهم في النساء و في اليتامى من الأحكام فيه خيرهم، و أنّ الله عليم به لتكون ترغيباً لهم في العمل به لأنّ خيرهم فيه، و تحذيراً عن مخالفته لأنّ الله عليم بما يعملون.

قوله تعالى: ( وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ) ، حكم خارج

١٠٤

عمّا استفتوا فيه لكنّه متّصل به بالمناسبة نظير الحكم المذكور في الآية التالية( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا ) .

و إنّما اعتبر خوف النشوز و الإعراض دون نفس تحقّقهما لأنّ الصلح يتحقّق موضوعه من حين تحقّق العلائم و الآثار المعقّبة للخوف، و السياق يدلّ على أنّ المراد بالصلح هو الصلح بغضّ المرأة عن بعض حقوقها في الزوجيّة أو جميعها لجلب الاُنس و الاُلفة و الموافقة، و التحفّظ عن وقوع المفارقة، و الصلح خير.

و قوله:( وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) الشحّ هو البخل، معناه: أنّ الشحّ من الغرائز النفسانيّة الّتي جبلها الله عليها لتحفظ به منافعها، و تصونها عن الضيعة، فما لكلّ نفس من الشحّ هو حاضر عندها، فالمرأة تبخل بما لها من الحقوق في الزوجيّة كالكسوة و النفقة و الفراش و الوقاع، و الرجل يبخل بالموافقة و الميل إذا أحبّ المفارقة، و كره المعاشرة، و لا جناح عليهما حينئذ أن يصلحا ما بينهما بإغماض أحدهما أو كليهما عن بعض حقوقه.

ثمّ قال تعالى:( وَ إِنْ تُحْسِنُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ الله كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) و هو موعظة للرجال أن لا يتعدّوا طريق الإحسان و التقوى و ليتذكّروا أنّ الله خبير بما يعملونه، و لا يحيفوا في المعاشرة، و لا يكرهوهنّ على إلغاء حقوقهنّ الحقّة و إن كان لهنّ ذلك.

قوله تعالى: ( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ ) بيان الحكم العدل بين النساء الّذي شرّع لهنّ على الرجال في قوله تعالى في أوّل السورة:( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ) (النساء: ٣) و كذا يومئ إليه قوله في الآية السابقة:( وَ إِنْ تُحْسِنُوا وَ تَتَّقُوا ) إلخ فإنّه لا يخلو من شوب تهديد، و هو يوجب الحيرة في تشخيص حقيقة العدل بينهنّ، و العدل هو الوسط بين الإفراط و التفريط، و من الصعب المستصعب تشخيصه، و خاصّة من حيث تعلّق القلوب تعلّق الحبّ بهنّ فإنّ الحبّ القلبيّ ممّا لا يتطرّق إليه الاختيار دائماً.

فبيّن تعالى أنّ العدل بين النساء بحقيقة معناه، و هو اتّخاذ حاقّ الوسط حقيقة

١٠٥

ممّا لا يستطاع للإنسان و لو حرص عليه، و إنّما الّذي يجب على الرجل أن لا يميل كلّ الميل إلى أحد الطرفين و خاصّة طرف التفريط فيذر المرأة كالمعلّقة لا هي ذات زوج فتستفيد من زوجها، و لا هي أرملة فتتزوّج أو تذهب لشأنها.

فالواجب على الرجل من العدل بين النساء أن يسوّي بينهنّ عملاً بإيتائهنّ حقوقهنّ من غير تطرّف، و المندوب عليه أن يحسن إليهنّ و لا يظهر الكراهة لمعاشرتهنّ و لا يسي‏ء إليهنّ خلقاً، و كذا كانت سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و هذا الّذيل أعني قوله:( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ) هو الدليل على أن ليس المراد بقوله:( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ ) نفى مطلق العدل حتّى ينتج بانضمامه إلى قوله تعالى:( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ) (الآية) إلغاء تعدّد الأزواج في الإسلام كما قيل.

و ذلك أنّ الذيل يدلّ على أنّ المنفيّ هو العدل الحقيقيّ الواقعيّ من غير تطرّف أصلاً بلزوم حاقّ الوسط حقيقة، و أنّ المشرّع هو العدل التقريبيّ عملاً من غير تحرّج.

على أنّ السنّة النبويّة و رواج الأمر بمرأى و مسمع من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و السيرة المتّصلة بين المسلمين يدفع هذا التوهّم.

على أنّ صرف قوله تعالى في أوّل آية تعدّد الأزواج:( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ ) (النساء: ٣) إلى مجرّد الفرض العقليّ الخالي عن المصداق ليس إلّا تعمية يجلّ عنها كلامه سبحانه.

ثمّ قوله:( وَ إِنْ تُصْلِحُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ الله كانَ غَفُوراً رَحِيماً ) تأكيد و ترغيب للرجال في الإصلاح عند بروز أمارات الكراهة و الخلاف ببيان أنّه من التقوى، و التقوى يستتبع المغفرة و الرحمة، و هذا بعد قوله:( وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ ) ، و قوله:( وَ إِنْ تُحْسِنُوا وَ تَتَّقُوا ) ، تأكيد على تأكيد.

قوله تعالى: ( وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ الله كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) ، أي و إن تفرّق الرجل و المرأة بطلاق يغن الله كلّاً منهما بسعته، و الإغناء بقرينة المقام إغناء في جميع ما يتعلّق بالازدواج من الايتلاف و الاستيناس و المسّ و كسوة الزوجة و نفقتها فإنّ الله لم يخلق

١٠٦

أحد هذين الزوجين للآخر حتّى لو تفرّقا لم يوجد للواحد منهما زوج مدى حياته بل هذه السنّة سنّة فطريّة فاشية بين أفراد هذا النوع يميل إليها كلّ فرد بحسب فطرته.

و قوله( وَ كانَ الله واسِعاً حَكِيماً وَ لله ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ) تعليل للحكم المذكور في قوله:( يُغْنِ الله كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) .

قوله تعالى: ( وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا الله ) ، تأكيد في دعوتهم إلى مراعاة صفة التقوى في جميع مراحل المعاشرة الزوجيّة، و في كلّ حال، و أنّ في تركه كفراً بنعمة الله بناء على أنّ التقوى الّذي يحصل بطاعة الله ليس إلّا شكراً لأنعمه، أو أنّ ترك تقوى الله تعالى لا منشأ له إلّا الكفر إمّا كفر ظاهر كما في الكفّار و المشركين، أو كفر مستكنّ مستبطن كما في الفسّاق من المؤمنين.

و بهذا الّذي بيناه يظهر معنى قوله:( وَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لله ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ) ، أي إن لم تحفظوا ما وصّينا به إيّاكم و الّذين من قبلكم و أضعتم هذه الوصيّة و لم تتّقوا و هو كفر بالله، أو عن كفر بالله فإنّ ذلك لا يضرّ الله سبحانه إذ لا حاجة له إليكم و إلى تقواكم، و له ما في السماوات و الأرض، و كان الله غنيّاً حميداً.

فإن قلت: ما وجه تكرار قوله:( لله ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ ) ؟ فقد اُورد ثلاث مرّات.

قلت: أمّا الأوّل فإنّه تعليل لقوله:( وَ كانَ الله واسِعاً حَكِيماً ) ، و أمّا الثاني فإنّه واقع موقع جواب الشرط في قوله:( وَ إِنْ تَكْفُرُوا ) ، و التقدير: و إن تكفروا فإنّه غنيّ عنكم، و تعليل للجواب و قد ظهر في قوله:( وَ كانَ الله غَنِيًّا حَمِيداً ) .

و أمّا الثالث فإنّه استيناف و تعليل بوجه لقوله:( إِنْ يَشَأْ ) .

قوله تعالى: ( وَ لله ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى‏ بِالله وَكِيلًا ) قد مرّ بيان معنى ملكه تعالى مكرّراً، و هو تعالى وكيل يقوم باُمور عباده و شؤونهم و كفى به

١٠٧

وكيلاً لا يحتاج فيه إلى اعتضاد و إسعاد، فلو لم يرتض أعمال قوم و أسخطه جريان الأمر بأيديهم أمكنه أن يذهب بهم و يأتي بآخرين، أو يؤخّرهم و يقدّم آخرين، و بهذا المعنى الّذي يؤيّده بل يدلّ عليه السياق يرتبط بما في هذه الآية قوله في الآية التالية:( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ) .

قوله تعالى: ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ ) ، السياق و هو الدعوة إلى ملازمة التقوى الّذي أوصى الله به هذه الاُمّة و من قبلهم من أهل الكتاب يدلّ على أنّ إظهار الاستغناء و عدم الحاجة المدلول عليه بقوله:( إِنْ يَشَأْ ) ، إنّما هو في أمر التقوى.

و المعنى أنّ الله وصّاكم جميعاً بملازمة التقوى فاتّقوه، و إن كفرتم فإنّه غنيّ عنكم و هو المالك لكلّ شي‏ء المتصرّف فيه كيفما شاء و لما شاء إن يشأ أن يعبد و يتّقى و لم تقوموا بذلك حقّ القيام فهو قادر أن يؤخّركم و يقدّم آخرين يقومون لما يحبّه و يرتضيه، و كان الله على ذلك قديراً.

و على هذا فالآية ناظرة إلى تبديل الناس إن كانوا غير متّقين بآخرين من الناس يتّقون الله، و قد روي(١) أن الآية لمّا نزلت ضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده على ظهر سلمان و قال: إنّهم قوم هذا. و هو يؤيّد هذا المعنى، و عليك بالتدبّر فيه.

و أمّا ما احتمله بعض المفسّرين. أنّ المعنى: إن يشأ يفنكم و يوجد قوماً آخرين مكانكم أو خلقاً آخرين مكان الإنس، فمعنى بعيد عن السياق. نعم، لا بأس به في مثل قوله تعالى:( أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الله خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَ ما ذلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ ) (إبراهيم: ٢٠).

قوله تعالى: ( مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ الله ثَوابُ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ كانَ الله سَمِيعاً بَصِيراً ) بيان آخر يوضح خطأ من يترك تقوى الله و يضيع وصيّته بأنّه إن فعل ذلك ابتغاء ثواب الدنيا و مغنمها فقد اشتبه عليه الأمر فإنّ ثواب الدنيا و الآخرة معاً عندالله و بيده، فما له يقصر نظره بأخسّ الأمرين و لا يطلب أشرفهما أو إيّاهما جميعاً؟ كذا قيل.

____________________

(١) أوردها البيضاويّ في تفسيره.

١٠٨

و الأظهر أن يكون المراد - و الله أعلم - أنّ ثواب الدنيا و الآخرة و سعادتهما معاً إنّما هو عندالله سبحانه فليتقرّب إليه حتّى من أراد ثواب الدنيا و سعادتها فإنّ السعادة لا توجد للإنسان في غير تقوى الله الحاصل بدينه الّذي شرّعه له فليس الدين إلّا طريق السعادة الحقيقيّة، فكيف ينال نائل ثواباً من غير إيتائه تعالى و إفاضته من عنده و كان الله سميعاً بصيراً.

( بحث روائي)

في الدرّ المنثور، أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلّا الرجل الّذي قد بلغ أن يقوم في المال و يعمل فيه، لا يرث الصغير و لا المرأة شيئاً فلمّا نزلت المواريث في سورة النساء شقّ ذلك على الناس و قالوا: أ يرث الصغير الّذي لا يقوم في المال، و المرأة الّتي هي كذلك فيرثان كما يرث الرجل؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء فانتظروا فلمّا رأوا أنّه لا يأتي حدث قالوا: لئن تمّ هذا إنّه لواجب ما عنه بدّ، ثمّ قالوا: سلوا فسألوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنّزل الله( وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَ ما يُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ - في أوّل السورة -فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَ تَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) (الحديث).

و فيه: أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها، و حبسوها من التزويج حتّى تموت فيرثوها فأنزل الله هذا.

أقول: و هذه المعاني مرويّة بطرق كثيرة من طرق الشيعة و أهل السنّة، و قد مرّ بعضها في أوائل السورة.

و في المجمع، في قوله تعالى:( لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ ) (الآية). ما كتب لهنّ من الميراث: قال: و هو المرويّ عن أبي جعفرعليه‌السلام .

و في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً ) الآية:

١٠٩

نزلت في بنت محمّد بن مسلمة كانت امرأة رافع بن خديج، و كانت امرأة قد دخلت في السنّ، و تزوّج عليها امرأة شابّة و كانت أعجب إليه من بنت محمّد بن مسلمة فقالت له بنت محمّد بن مسلمة: أ لا أراك معرضاً عني مؤثّراً عليّ؟ فقال رافع: هي امرأة شابّة، و هي أعجب إليّ فإن شئت أقررت على أنّ لها يومين أو ثلاثاً منّي و لك يوم واحد فأبت بنت محمّد بن مسلمة أن ترضى فطلّقها تطليقة ثمّ طلّقها اُخرى فقالت: لا و الله لا أرضى أو تسوّي بيني و بينها يقول الله:( وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) و ابنة محمّد لم تطلب نفسها بنصيبها، و شحّت عليه، فأعرض عليها رافع إمّا أن ترضى، و إمّا أن يطلّقها الثالثة فشحّت على زوجها و رضيت فصالحته على ما ذكرت فقال الله:( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ ) فلمّا رضيت و استقرّت لم يستطع أن يعدل بينهما فنزلت:( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ) أن يأتي واحدة، و يذر الاُخرى لا أيّم و لا ذات بعل و هذه السنّة فيما كان كذلك إذا أقرّت المرأة و رضيت على ما صالحها عليه زوجها، فلا جناح على الزوج و لا على المرأة، و إن أبت هي طلّقها أو تساوى بينهما لا يسعه إلّا ذلك.

أقول: و رواها في الدرّ المنثور، عن مالك و عبدالرزّاق و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم - و صحّحه - باختصار.

و في الدرّ المنثور: أخرج الطيالسيّ و ابن أبي شيبة و ابن راهويه و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقيّ عن عليّ بن أبي طالب أنّه سئل عن هذه الآية فقال: هو الرجل عنده امرأتان فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة و عند الاُخرى ليالي و لا يفارقها، فما طابت به نفسها فلا بأس به فإن رجعت سوّى بينهما.

و في الكافي، بإسناده عن الحلبيّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( وَ إِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ) فقال: هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها: إنّي اُريد أن أطلّقك. فتقول له: لا تفعل إنّي أكره أن تشمت بي و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت، و ما كان سوى ذلك من شي‏ء فهو

١١٠

لك، و دعني على حالتي فهو قوله تبارك و تعالى:( فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ) و هذا هو الصلح.

أقول: و في هذا المعنى روايات اُخر رواها في الكافي، و في تفسير العيّاشيّ.

و في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) قال: قال: اُحضرت الشحّ فمنها ما اختارته، و منها ما لم تختره.

و في تفسير العيّاشيّ، عن هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قول الله:( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ ) قال: في المودّة.

و في الكافي، بإسناده عن نوح بن شعيب و محمّد بن الحسن قال: سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، قال له. أ ليس الله حكيماً؟ قال: بلى هو أحكم الحاكمين. قال: فأخبرني عن قوله:( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ) أ ليس هذا فرض؟ قال: بلى، قال: فأخبرني عن قوله:( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ) أيّ حكيم يتكلّم بهذا؟ فلم يكن عنده جواب.

فرحل إلى المدينة إلى أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقال: في غير وقت حجّ و لا عمرة، قال: نعم جعلت فداك لأمر أهمّني إنّ ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شي‏ء، قال: و ما هي؟ قال: فأخبره بالقصّة.

فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام أمّا قوله عزّوجلّ:( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً ) يعني في النفقة، و أمّا قوله:( وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ) يعني في المودّة.

قال. فلمّا قدم عليه هشام بهذا الجواب و أخبره قال: و الله ما هذا من عندك‏.

أقول: و روي أيضاً نظير الحديث عن القمّيّ، أنّه سأل بعض الزنادقة أبا جعفر الأحول عن المسألة بعينها فسافر إلى المدينة فسأل أباعبداللهعليه‌السلام عنها، فأجابه بمثل الجواب فرجع أبو جعفر إلى الرجل فأخبره فقال: هذا حملته من الحجاز.

١١١

و في المجمع، في قوله تعالى:( فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ) أي تذرون الّتي لا تميلون إليها كالتي هي لا ذات زوج و لا أيّم: قال: و هو المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام .

و فيه، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه كان يقسم بين نسائه و يقول: اللّهمّ هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك و لا أملك.

أقول: و رواه الجمهور بعدّة طرق و المراد بقوله:( ما تملك و لا أملك) المحبّة القلبيّة لكن الرواية لا تخلو عن شي‏ء فإنّ الله أجلّ من أن يلوم أحداً في ما لا يملكه أصلاً و قد قال تعالى:( لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا ما آتاها ) (الطلاق: ٧) و النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعرف بمقام ربّه من أن يسأله أن يوجد ما هو موجود.

و في الكافي، مسنداً عن ابن أبي ليلى قال: حدّثني عاصم بن حميد قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج قال: فاشتدّت به الحاجة فأتى أباعبداللهعليه‌السلام فسأله عن حاله فقال: اشتدّت بي الحاجة قال: فارق. ففارق قال: ثمّ أتاه فسأله عن حاله فقال: أثريت و حسن حالي فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : إنّي أمرتك بأمرين أمر الله بهما قال الله عزّوجلّ:( وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ‏ - إلى قوله -وَ الله واسِعٌ عَلِيمٌ ) و قال:( وَ إِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ الله كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) .

١١٢

( سورة النساء آية ١٣٥)

يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للّهِ‏ِ وَلَوْ عَلَى‏ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيرَاً فَاللّهُ أَوْلَى‏ بِهِمَا فَلاَ تَتّبِعُوا الْهَوَى‏ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُو أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً( ١٣٥)

( بيان)

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لله ) القسط هو العدل، و القيام بالقسط العمل به و التحفّظ له، فالمراد بالقوّامين بالقسط القائمون به أتمّ قيام و أكمله، من غير انعطاف و عدول عنه إلى خلافه لعامل من هوى و عاطفة أو خوف أو طمع أو غير ذلك.

و هذه الصفة أقرب العوامل و أتمّ الأسباب لاتّباع الحقّ و حفظه عن الضيعة، و من فروعها ملازمة الصدق في أداء الشهادة و القيام بها.

و من هنا يظهر أنّ الابتداء بهذه الصفة في هذه الآية المسوقة لبيان حكم الشهادة ثمّ ذكر صفة الشهادة من قبيل التدرّج من الوصف العامّ إلى بعض ما هو متفرّع عليه كأنّه قيل: كونوا شهداء لله، و لا يتيسّر لكم ذلك إلّا بعد أن تكونوا قوّامين بالقسط فكونوا قوّامين بالقسط حتّى تكونوا شهداء لله.

و قوله:( شُهَداءَ لله ) اللّام فيه للغاية أي كونوا شهداء تكون شهادتكم لله كما قال تعالى:( وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لله ) (الطلاق: ٢) و معنى كون الشهادة لله كونها اتّباعاً للحقّ و لأجل إظهاره و إحيائه كما يوضحه قوله:( فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى‏ أَنْ تَعْدِلُوا ) .

قوله تعالى: ( وَ لَوْ عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ ) أي و لو كانت على خلاف نفع أنفسكم أو والديكم أو أقربائكم فلا يحملنّكم حبّ منافع أنفسكم أو حبّ الوالدين و الأقربين أن تحرّفوها أو تتركوها، فالمراد بكون الشهادة على النفس أو على

١١٣

الوالدين و الأقربين أن يكون ما تحمّله من الشهادة لو أدّى مضرّاً بحاله أو بحال والديه و أقربيه سواءً كان المتضرّر هو المشهود عليه بلا واسطة كما إذا تخاصم أبوه و إنسان آخر فشهد له على أبيه، أو يكون التضرّر مع الواسطة كما إذا تخاصم اثنان و كان الشاهد متحمّلاً لأحدهما ما لو أدّاه لتضرّر به نفس الشاهد أيضاً - كالمتخاصم الآخر -.

قوله تعالى: ( إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَالله أَوْلى‏ بِهِما ) إرجاع ضمير التثنية إلى الغنيّ و الفقير مع وجود( أو ) الترديديّة لكون المراد بالغنيّ و الفقير هو المفروض المجهول الّذي يتكرّر بحسب وقوع الوقائع و تكرّرها فيكون غنيّاً في واقعة، و فقيراً في اُخرى، فالترديد بحسب فرض البيان و ما في الخارج تعدّد، كذا ذكره بعضهم، فالمعنى أنّ الله اُولى بالغنيّ في غناه، و بالفقير في فقره: و المراد - و الله أعلم -: لا يحملنّكم غنى الغنيّ أن تميلوا عن الحقّ إليه، و لا فقر الفقير أن تراعوا حاله بالعدول عن الحقّ بل أقيموا الشهادة لله سبحانه ثمّ خلّوا بينه و بين الغنيّ و الفقير فهو اُولى بهما و أرحم بحالهما، و من رحمته أن جعل الحقّ هو المتّبع واجب الاتّباع، و القسط هو المندوب إلى إقامته، و في قيام القسط و ظهور الحقّ سعادة النوع الّتي يقوم بها صلب الغنيّ، و يصلح بها حال الفقير.

و الواحد منهما و إن انتفع بشهادة محرّفة أو متروكة في شخص واقعة أو وقائع لكنّ ذلك لا يلبث دون أن يضعّف الحقّ و يميت العدل، و في ذلك قوّة الباطل و حياة الجور و الظلم، و في ذلك الداء العضال و هلاك الإنسانيّة.

قوله تعالى: ( فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى‏ أَنْ تَعْدِلُوا ) ، أي مخافة أن تعدلوا عن الحقّ و القسط باتّباع الهوى و ترك الشهادة لله فقوله:( أَنْ تَعْدِلُوا ) مفعول لأجله و يمكن أن يكون مجروراً بتقدير اللّام متعلّقاً بالاتّباع أي لأن تعدلوا.

قوله تعالى: ( وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ الله كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) اللّيّ بالشهادة كناية عن تحريفها من ليّ اللسان. و الإعراض ترك الشهادة من رأس.

و قرئ( وَ إِنْ تَلْوُوا ) بضمّ اللّام و إسكان الواو من ولي يلي ولاية، و المعنى:

١١٤

و إن وليتم أمر الشهادة و أتيتم بها أو أعرضتم فإنّ الله خبير بأعمالكم يجازيكم بها.

( بحث روائي)

في تفسير القمّيّ، قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إنّ للمؤمن على المؤمن سبع حقوق، فأوجبها أن يقول الرجل حقّاً و لو كان على نفسه أو على والديه فلا يميل لهم عن الحقّ، ثمّ قال:( فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى‏ أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا ) يعني عن الحقّ.

أقول: و فيه تعميم معنى الشهادة لقول الحقّ مطلقاً بمعرفة عموم قوله:( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) .

و في المجمع: قيل: معناه إن تلووا أي تبدّلوا الشهادة أو تعرضوا أي تكتموها. قال: و هو المرويّ عن أبي جعفرعليه‌السلام .‏

١١٥

( سورة النساء الآيات ١٣٦ - ١٤٧)

يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِي نَزّلَ عَلَى‏ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِي أَنْزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً( ١٣٦) إِنّ الّذِينَ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ آمَنُوا ثُمّ كَفَرُوا ثُمّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً( ١٣٧) بَشّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً( ١٣٨) الّذِينَ يَتّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزّةَ فَإِنّ الْعِزّةَ للّهِ‏ِ جَمِيعاً( ١٣٩) وَقَدْ نَزّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى‏ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنّمَ جَمِيعاً( ١٤٠) الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً( ١٤١) إِنّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصّلاَةِ قَامُوا كُسَالى‏ يُرَاءُونَ النّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلّا قَلِيلاً( ١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لاَ إِلَى‏ هؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى‏ هؤُلاَءِ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً( ١٤٣) يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا للّهِ‏ِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً( ١٤٤) إِنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً( ١٤٥) إِلّا الّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للّهِ‏ِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً( ١٤٦) مَا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً( ١٤٧)

١١٦

( بيان)

قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِالله وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى‏ رَسُولِهِ ) ، أمر المؤمنين بالإيمان ثانياً بقرينة التفصيل في متعلّق الإيمان الثاني أعني قوله:( بِالله وَ رَسُولِهِ وَ الْكِتابِ ) إلخ و أيضاً بقرينة الإيعاد و التهديد على ترك الإيمان بكلّ واحد من هذا التفاصيل إنّما هو أمر ببسط المؤمنين إجمال إيمانهم على تفاصيل هذه الحقائق فإنّها معارف مرتبطة بعضها ببعض، مستلزمة بعضها ببعض، فالله سبحانه لا إله إلّا هو له الأسماء الحسنى و الصفات العليا، و هي الموجبة لأن يخلق خلقاً و يهديهم إلى ما يرشدهم و يسعدهم ثمّ يبعثهم ليوم الجزاء، و لا يتمّ ذلك إلّا بإرسال رسل مبشّرين و منذرين، و إنزال كتب تحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، و تبيّن لهم معارف المبدأ و المعاد، و اُصول الشرائع و الأحكام.

فالإيمان بواحد من حقائق هذه المعارف لا يتمّ إلّا مع الإيمان بجميعها من غير استثناء، و الردّ لبعضها مع الأخذ ببعض آخر كفر لو اُظهر، و نفاق لو كتم و اُخفى، و من النفاق أن يتّخذ المؤمن مسيراً ينتهي به إلى ردّ بعض ذلك، كأن يفارق مجتمع المؤمنين و يتقرّب إلى مجتمع الكفّار و يواليهم، و يصدّقهم في بعض ما يرمون به الإيمان و أهله، أو يعترضوا أو يستهزؤن به الحقّ و خاصّته، و لذلك عقّب تعالى هذه الآية بالتعرّض لحال المنافقين و وعيدهم بالعذاب الأليم.

و ما ذكرناه من المعنى هو الّذي يقضي به ظاهر الآية و هو أوجه ممّا ذكره بعض المفسّرين أنّ المراد بقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ) ، يا أيّها الّذين آمنوا في الظاهر بالإقرار بالله و رسوله آمنوا في الباطن ليوافق ظاهركم باطنكم. و كذا ما ذكره بعضهم أنّ معنى( آمَنُوا ) اثبتوا على إيمانكم، و كذا ما ذكره آخرون أنّ الخطاب لمؤمني أهل الكتاب أي يا أيّها الّذين آمنوا من أهل الكتاب آمنوا بالله و رسوله و الكتاب الّذي نزّل على رسوله و هو القرآن.

١١٧

و هذه المعاني و إن كانت في نفسها صحيحة لكنّ القرائن الكلاميّة ناهضة على خلافها، و أردأ الوجوه آخرها.

قوله تعالى: ( وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالله وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً ) لمّا كان الشطر الأوّل من الآية أعني قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا - إلى قوله -مِنْ قَبْلُ ) دعوة إلى الجمع بين جميع ما ذكر فيه بدعوى أنّ أجزاء هذا المجموع مرتبطة غير مفارق بعضها بعضاً كان هذا التفصيل ثانياً في معنى الترديد و المعنى: و من يكفر بالله أو ملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر أي من يكفر بشي‏ء من أجزاء الإيمان فقد ضلّ ضلالاً بعيداً.

و ليس المراد بالعطف بالواو الجمع في الحكم ليتمّ الجميع موضوعاً واحداً له حكم واحد بمعنى أنّ الكفر بالمجموع من حيث إنّه مجموع ضلال بعيد دون الكفر بالبعض دون البعض. على أنّ الآيات القرآنيّة ناطقة بكفر من كفر بكلّ واحد ممّا ذكر في الآية على وجه التفصيل.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ) الآية لو اُخذت وحدها منقطعة عمّا قبلها و ما بعدها كانت دالّة على ما يجازي به الله تعالى أهل الردّة إذا تكرّرت منهم الردّة بأن آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفراً فالله سبحانه يوعّدهم - و حالهم هذا الحال - بأنّه لا يغفر لهم، و لا يهديهم سبيلاً، و ليس من المرجوّ منه المتوقّع من رحمته ذلك لعدم استقرارهم على إيمان، و جعلهم أمر الله ملعبة يلعبون بها، و من كان هذا حاله لم يثبت بالطبع على إيمان جدّيّ يقبل منه، و إن كانوا لو آمنوا إيماناً جدّيّاً شملتهم المغفرة و الهداية فإنّ التوبة بالإيمان بالله حقيقة ممّا لا يردّه الله في حال على ما وعد الله تعالى عباده، و قد تقدّم الكلام فيه في قوله تعالى:( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله ) الآية (النساء: ١٧) في الجزء الرابع من هذا الكتاب.

فالآية تحكم بحرمانهم على ما يجري عليه الطبع و العادة، و لا تأبى الاستثناء لو اتّفق إيمان و استقامة عليه من هذه الطائفة نادراً كما يستفاد من نظير الآية، قال تعالى:

١١٨

( كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَ شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - إلى أن قال -إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ) (آل عمران: ٩٠).

و الآيات - كما ترى - تستثني ممّن كفر بعد إيمانه، و قوبل بنفي المغفرة و الهداية، و هي مع ذلك تنفي قبول توبة من ازداد كفراً بعد الإيمان، صدر الآيات فيمن كفر بعد الإيمان و الشهادة بحقّيّة الرسول و ظهور الآيات البيّنات، فهو ردّة عناداً و لجاجاً، و الازدياد فيه لا يكون إلّا مع استقرار العناد و العتوّ في قلوبهم، و تمكّن الطغيان و الاستكبار في نفوسهم، و لا يتحقّق الرجوع و التوبة ممّن هذا حاله عادة.

هذا ما يقتضيه سياق الآية لو اُخذت وحدها كما تقدّم، لكنّ الآيات جميعاً لا تخلو عن ظهور مّا أو دلالة على كونها ذات سياق واحد متّصلاً بعضها ببعض، و على هذا التقدير يكون قوله:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) ، في مقام التعليل لقوله:( وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالله - إلى قوله -فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً ) و يكون الآيتان ذواتي مصداق واحد أي إنّ من يكفر بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر هو الّذي آمن ثمّ كفر ثمّ آمن ثمّ كفر ثمّ ازداد كفراً، و يكون أيضاً هو من المنافقين الّذين تعرّض تعالى لهم في قوله بعد:( بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) إلى آخر الآيات.

و على هذا يختلف المعنى المراد بقوله:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) (إلى آخر الآيات) بحسب ما فسّر به قوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِالله وَ رَسُولِهِ ) على ما تقدّم من تفاسيره المختلفة:

فإن فسّر بأن آمنوا بالله و رسوله في الباطن كما آمنتم به في الظاهر كان معنى الإيمان ثمّ الكفر ثمّ الإيمان ثمّ الكفر ما يبتلى به المنافقون من اختلاف الحال دائماً إذا لقوا المؤمنين و إذا لقوا الكفّار.

و إن فسّر بأن اثبتوا على الإيمان الّذي تلبّستم به كان المراد من الإيمان ثمّ الكفر و هكذا هو الردّة بعد الردّة المعروفة.

١١٩

و إن فسّر بأنّ المراد دعوة أهل الكتاب إلى الإيمان بالله و رسوله كان المراد بالإيمان ثمّ الكفر و هكذا الإيمان بموسى ثمّ الكفر به بعبادة العجل ثمّ الإيمان بعزير أو بعيسى ثمّ الكفر به ثمّ الازدياد فيه بالكفر بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و ما جاء به من عند ربّه، كما قيل.

و إن فسّر بأن ابسطوا إجمال إيمانكم على تفاصيل الحقائق كما استظهرناه كان قوله:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) ، تعليلاً منطبقاً على حال المنافقين المذكورين فيما بعد، المفسّرين بقوله:( الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) فإنّ من اتّصل بالكفّار منفصلاً عن مجتمع المؤمنين لا يخلو عن الحضور في محاضرهم و الاستيناس بهم، و الشركة في محاوراتهم، و التصديق لبعض ما يتذاكرونه من الكلام الّذي لا يرتضيه الله سبحانه، و ينسبونه إلى الدين و أوليائه من المطاعن و المساوئ و يستهزؤن و يسخرون به.

فهو كلّما لقي المؤمنين و اشترك معهم في شي‏ء من شعائر الدين آمن به، و كلّما لقي الكفّار و أمضى بعض ما يتقوّلونه كفر، فلا يزال يؤمن زماناً و يكفر زماناً حتّى إذا استحكم فيه هذه السجيّة كان ذلك منه ازدياداً في الكفر و الله أعلم.

و إذ كان مبتلى باختلاف الحال و عدم استقراره فلا توبة له لأنّه غير ثابت على حال الندامة لو ندم على ما فعله، إلّا أن يتوب و يستقرّ على توبته استقراراً لا يزلزله اختلاف الأحوال، و لا تحرّكه عواصف الأهواء، و لذا قيّد الله سبحانه التوبة المقبولة من مثل هذا المنافق بقيود لا تبقي مجالاً للتغيّر و التحوّل فقال في الاستثناء الآتي:( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِالله وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لله ) (الآية).

قوله تعالى: ( بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ) إلخ تهديد للمنافقين، و قد وصفهم بموالاة الكافرين دون المؤمنين، و هذا وصف أعمّ مصداقاً من المنافقين الّذين لم يؤمن قلوبهم، و إنّما يتظاهرون بالإيمان فإنّ طائفة من المؤمنين لا يزالون مبتلين بموالاة الكفّار، و الانقطاع عن جماعة المؤمنين، و الاتّصال بهم باطناً و اتّخاذ الوليجة منهم حتّى في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و هذا يؤيّد بعض التأييد أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين طائفة من المؤمنين

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444