العقائد الإسلامية الجزء ١

العقائد الإسلامية0%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 371

العقائد الإسلامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 371
المشاهدات: 126211
تحميل: 6377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 371 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 126211 / تحميل: 6377
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

كما توجد في مصادرنا أحاديث أخرى عديدة، يمكن أن تصل إلى مجموعات أخرى:

- كالذي رواه في الكافي ج ١ ص ٣٩٧

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن فضل الأعور، عن أبي عبيدة الحذاء قال: كنا زمان أبي جعفرعليه‌السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة فقال لي: يا أبا عبيدة من إمامك؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال: هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية؟ فقلت: بلى لعمري، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فرزق الله المعرفة فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن سالماً قال لي كذا وكذا، قال فقال: يا أبا عبيدة أنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه، يا أبا عبيدة إنه لم يمنع ما أعطى داود أن أعطى سليمان، ثم قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمدعليه‌السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة. انتهى. وروى مثله في بصائر الدرجات ص ٢٥٩، ونحوه في ص ٥٠٩ وص ٥١٠

- والذي رواه في أعلام الدين ص ٤٥٩

وسأله أبوبصير عن قول الله تعالى: ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً، ما عنى بذلك؟ فقال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم، فمن مات وهو عارف بالإمامة لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر، فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه. قال: ثم مكث هنيئة ثم قال: لا بل كمن قاتل معه، ثم قال: لا بل والله كمن استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . انتهى. ورواه في بحار الأنوار ج ٢٧ ص ١٢٦ - عن أعلام الدين.

تفسير الحديث في مذهب أهل البيتعليهم‌السلام

في هذا الحديث الشريف عناصر ومفاهيم عديدة، نذكر أهمها:

٣٢١

المفهوم الأول: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ الأمة نظام الإمامة من بعده، وأنه الطريق الوحيد لضمان عدم الوقوع في الجاهلية. وأن الله تعالى جعل الإمام ركناً عملياً من أركان الإسلام مثل الصلاة والزكاة والحج، وجعل طاعته فريضة على كل مسلم.

- روى في الإمامة والتبصرة ص ٦٣

سعد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن جعفر: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فسأله عن الأئمةعليهم‌السلام فسماهم حتى انتهى إلى ابنه، ثم قال: والأمر هكذا يكون، والأرض لا تصلح إلا بإمام، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات لا يعرف إمامه، مات ميتة جاهلية. ثلاث مرات.

المفهوم الثاني: أن الأئمة الذين قصدهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الأئمة من ذريتهعليهم‌السلام فقد أخبره الله تعالى أنهم سيكونون في الأمة في كل عصر مع القرآن لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض، كما ورد في حديث الثقلين الذي صح عند الجميع.

بل روت مصادرنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد نص في هذا الحديث على أن الأئمة من ذريته ففي مستدرك الوسائل ج ١٨ ص ١٧٦ قال:

أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد، عن محمد بن أحمد بن شاذان القمّي عن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن عياش، عن محمد بن عمر، عن الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات وليس له إمام من ولدي، مات ميتة جاهلية، يؤخذ بما عمل في الجاهلية والإسلام. انتهى. ورواه في تفسير نور الثقلين ج ١ ص ٥٠٣ وص ٥٤٠ وج ٢ ص ٢٨٢ وج ٣ ص ١٩٤ وج ٤ ص ٢٤٠ وتفسير كنز الدقائق ج ٢ ص ٥٩٥، وغيرها.

وقد روى جميع المسلمين شهادات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حق علي والحسن والحسينعليهم‌السلام وروى الشيعة شهاداته وشهادات علي والحسنين في حق بقية الأئمةعليهم‌السلام ومن ذلك:

٣٢٢

- ما رواه البرقي في المحاسن ص ١٥٥ : عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بشير العطار، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يوم ندعو كل أناس بإمامهم، ثم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنى إمامكم، وكم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه، نحن ذرية محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمنا فاطمةعليها‌السلام وما آتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلا وقد آتاه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كما آتى المرسلين من قبله، ثم تلا: ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية.

وروى الطبرسي في أعلام الدين ص ٤٥٩: عن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قول الله تعالى:ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ، ما عنى بذلك؟ فقال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم.

المفهوم الثالث: أن هذا الحديث الثابت المتواتر، يؤيد نفي أهل البيت وشيعتهم للروايات القائلة بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص بشيء في أمر الخلافة، لأنه يدل على أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أرسى نظام الإمامة وعين أشخاصه من ذريته، كما أمره الله تعالى، وهو في هذا الحديث يوجه الأمة إلى ضرورة معرفة الإمام في كل عصر، فإن تعبير (لا يعرف إمام زمانه) يدل على أن مشكلة وجود الإمام في كل زمان محلولة في الإسلام بتكفل الله تعالى ببقاء ذرية نبيه إلى يوم القيامة واختياره إماماً منهم في كل عصر، وإنما هي مشكلة المسلمين في أن يعرفوا إمام زمانهم ويبايعوه!

والمتأمل في الحديث الشريف يرى أن اختيار الله تعالى محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوة واختيار آله من بعده للإمامة، منسجم مع سنة الله تعالى في الأنبياء السابقين وذرياتهم، وبالتالي فالحديث بعيد كل البعد عن عالم اختيار الناس لأنفسهم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعيدٌ عن منطق تقسيم الأمر بين بني هاشم الذين كانت لهم النبوة، وبين قبائل قريش الذين ينبغي أن تكون لهم الخلافة مناوبةً أو مغالبةً كما قالوا.... إلى آخر المنطق القرشي القبلي الذي ظهر في مرض النبي ويوم وفاته، وانتصر في

٣٢٣

السقيفة في فترة انشغال أهل البيت بجنازة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ! وسيطر على الحكم في تاريخنا الإسلامي إلى أن انتهى على يد العثمانيين بأسوأ نهاية!

المفهوم الرابع: أن المسلم في كل عصر لا يتم إسلامه حتى يبايع الإمام من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يعتقد به ويعترف بما له من حق الطاعة بأمر الله تعالى وأمر رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فالذي لا يعرف الإمام يكون فيه نوع من الجهل والجاهلية، وإن مات على ذلك مات على نوع من الجاهلية.

المفهوم الخامس: أن أهل بيت النبي صلّى الله عليه وعليهم هم امتحان الأمة بعد نبيها، فهم ميزان الإسلام والجاهلية، وهم ميزان الإيمان والنفاق، وهم ميزان الوفاء للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإطاعته بعد رحيله أو عصيانه. وقد وردت أحاديث كثيرة في مصادر الطرفين تنص على هذه المفاهيم الإسلامية وتؤكدها وتؤيدها.

من ذلك ما روته مصادر الطرفين وصححه علماء الحديث، من أن بغض عليعليه‌السلام علامة على النفاق وعدم الإيمان بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

- فقد روى أحمد في مسنده ج ١ ص ٩٥ وص ١٢٨ وص ٢٩٢ عن زر بن حبيش عن عليرضي‌الله‌عنه قال عهد إليَّ النبي صلّى الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. ورواه الترمذي في سننه ج ٥ ص ٣٠٦، وقال الترمذي في سننه ج ٥ ص ٢٩٨:

حدثنا قتيبة أخبرنا جعفر بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روى هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن سعيد.

- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣٢

وعن جابر بن عبد الله قال: والله ما كنا نعرف منافقينا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا ببغضهم علياً. رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه، إلا أنه قال ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار، بأسانيد كلها ضعيفة (....).

٣٢٤

وعن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى علي فقال: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني، وحبيبي حبيب الله وبغيضي بغيض الله، ويل لمن أبغضك بعدي. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلا أن في ترجمة أبي الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري أن معمراً كان له ابن أخ رافضي فأدخل هذا الحديث في كتبه، وكان معمر مهيباً لا يراجع وسمعه عبدالرزاق. وعن عمران بن الحصين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن كثير الكوفي حرق أحمد حديثه وضعفه الجمهور ووثقه ابن معين، وعثمان بن هشام لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات (....).

- وروى في كنز العمال ج ١٣ ص ١٠٦

عن أبي ذر قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلا بثلاث: بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلاة وببغضهم علي بن أبي طالب. خط، في المتفق.

- وروى الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٢٨

... عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي فقال: يا علي أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي. صحيح على شرط الشيخين، وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح.

- وروى الحاكم في ج ٣ ص ١٣٥

... سمعت عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه يقول سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي: يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

٣٢٥

- وروى الحاكم في ج ٣ ص ١٤٢ ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر علياً بأن الأمة ستغدر به من بعده! فقال: عن حيان الأسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الأمة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي. من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني، وإن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه. صحيح. انتهى.

بل روى الشيعة والسنة إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن مبغض عليعليه‌السلام (يموت ميتة جاهلية) فقد روى الصدوق في علل الشرائع ج ١ ص ١٥٧:

حدثني الحسين بن يحيى بن ضريس، عن معاوية بن صالح بن ضريس البجلي قال: حدثنا أبوعوانة قال: حدثنا محمد بن يزيد وهشام الزراعي قال: حدثني عبد الله بن ميمون الطهوي قال: حدثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال بينا أنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في نخيل المدينة وهو يطلب علياًعليه‌السلام إذا انتهى إلى حايط فاطلع فيه فنظر إلى علي وهو يعمل في الأرض وقد اغْبَارَّ، فقال: ما ألوم الناس أن يكنوك أبا تراب، فلقد رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أرضيك يا علي؟ قال: نعم يا رسول الله، فأخذ بيده فقال: أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي تقضي ديني وتبريء ذمتي، من أحبك في حياة مني فقد قضى له بالجنة، ومن أحبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن والإيمان، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر، ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية يحاسبه الله عز وجل بما عمل في الإسلام.وروى نحوه في ص١٤٤، وروى نحوه المغربي في شرح الأخبار ج ١ ص ١١٣، وقال في ص ١٥٧: وبآخر عن علي صلوات الله عليه، أنه قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله أمرني أن أدنيك فلا أقصيك، وأن أعلمك فلا أجفوك، وحق عليَّ أطيع ربي عز وجل، وحق عليك أن تعي. يا علي من مات وهو يحبك كتب الله له بالأمن والأمان ما طلعت شمس وما غربت، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله في الإسلام.

٣٢٦

انتهى. وروى في ج ٢ ص ٤٧٧: يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية، وحوسب بعمله في الإسلام. يا علي أنت معي في الجنة. انتهى. وروى نحوه في مستدرك الوسائل ج ١٨ ص ١٨١ وص ١٨٧ وص ١٨٢ وفيه (من مات لا يعرف إمام دهره..)

- وروى محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين ج ١ ص ٣٢٠، وروى نحوه في ج ٢ ص٤٨٦ فقال:

محمد بن منصور عن أبي هشام الرفاعي محمد بن يزيد، عن عبد الله بن ميمون الطهوي، عن ليث عن مجاهد: عن ابن عمر قال: بينا أنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نخل بالمدينة وهو يطلب علياً إذ انتهى إلى حائط فاطلع فيه فنظر إلى علي وهو يعمل في الأرض وقد أغبار فقال له: ما ألوم الناس أن يكنوك بأبي تراب. قال ابن عمر: فلقد رأيت علياً تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أرضيك يا علي؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، تقضي ديني وتبريء ذمتي. من أحبك في حياة مني فقد قضى نحبه، ومن أحبك في حياة منك بعدي فقد ختم الله له بالأمن والإيمان، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر. ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية يهودياً أو نصرانياً، ويحاسبه الله بما عمل في الإسلام. ثم قال ابن عمر: لقد سماه الله في أكثر من ثلاثين آية سماه فيها كلها مؤمناً.

وقال في هامشه: هذا الحديث - أو قريب منه سند ومتناً - رواه الحافظ الطبراني في الحديث: ١٠٠ أو ما حوله من مسند عبد الله بن عمر من كتاب المعجم الكبير: ج٣ من المخطوطة الورق ٢٠ | ب.

- ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢١، وتوقف في صحته، قال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه. وقال عن رواية أخرى له: رواه أبو يعلى وفيه زكريا الإصبهاني وهو ضعيف. وقال عن رواية ثالثة له في ج ٩ ص ١١١: رواه الطبراني في

٣٢٧

الكبير والأوسط وفيه حامد بن آدم المروزي وهو كذاب. وقال عن رواية رابعة له: رواه الطبراني في الأوسط وفيه أشعث ابن عم الحسن بن صالح وهو ضعيف ولم أعرفه. انتهى. وقد رأيت تضعيفه للأحاديث المتقدمة التي صححها الحاكم على شرط الشيخين وعلى شرطه!

- ولكن الهندي رواه ووثقه، قال في كنز العمال ج ١١ ص ٦١٠ و ج ١٣ ص ١٥٩:

عن علي قال: طلبني رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوجدني في جدول نائماً فقال: قم ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب، قال فرآني كأني وجدت في نفسي من ذلك: قم والله لأرضينك! أنت أخي وأبو ولدي، تقاتل عن سنتي وتبريء ذمتي، من مات في عهدي فهو كنز الله، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات بحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام. ع، قال البوصيري: رواته ثقات. انتهى.

المفهوم السادس: أن معنى (مات ميتة جاهلية) يتفاوت حسب حالة الشخص فقد روى في الكافي ج ١ ص ٣٧٧.... عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال. ونحوه في المحاسن ص ١٥٥ ونحوه في الإمامة والتبصرة ٨٢ عن الإمام الباقرعليه‌السلام وفي رواية منها (مات ميتة جاهلية كفر وشرك وضلال).

-وروى الصدوق في كمال الدين ج ٢ ص ٤١٣ : عن سليم بن قيس الهلالي.... عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية.... وإن سلمان قال: يا رسول الله إنك قلت من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية، من هذا الإمام؟ قال: من أوصيائي يا سلمان، فمن مات من أمتي وليس له إمام منهم يعرفه فهي ميتة جاهلية، فإن جهله وعاداه فهو مشرك، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدواً فهو

٣٢٨

جاهل وليس بمشرك. انتهى. ونحوه في ص ٦٦٨.

وهذا الحكم النبوي غير عجيب، وإن بدا شديداً، لأن الجميع رووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أبغض أهل البيتعليهم‌السلام أو نصب لهم العداوة فهو كافر. ولا يتسع المجال لاستعراض حكم الناصبي والنواصب في مصادر فقه الطرفين. ولذلك فإن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مات ميتة جاهلية، وقوله في هذا الحديث: فإن جهله وعاداه فهو مشرك، منسجم مع آية المودة في القربى، وما رواه الجميع في تفسيرها. أما إذا كان موقف المسلم الجهل بأهل البيتعليهم‌السلام بدون موقف عدائي منهم.. فلا يكون ناصبياً. وفي الحديث الذي وثقه البوصيري دلالة مهمة على أن محب عليعليه‌السلام يموت على الإسلام ولا يحاسب بما عمل في الإسلام، وأن مبغضه يموت على جاهلية ويحاسب بما عمل في الجاهلية وفي الإسلام!! فيكون عليعليه‌السلام ميزاناً لجميع الأمة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

تفسير الشيعة الزيدية للحديث

- مسند زيد بن علي ص ٣٦١

حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي (ع م) قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليه إذا كان الإمام عدلاً براً تقياً.

- الأحكام في الحلال والحرام ج ٢ ص ٤٦٦

تقريب القول فيما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.

قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: إذا كان في عصر هذا الإنسان إمام قائم زكي، تقي، علم، نقي، فلم يعرفه ولم ينصره وتركه وخذله ومات على ذلك مات ميتة جاهلية، فإذا لم يكن إمام ظاهر معروف باسمه مفهوم بقيامه، فالإمام الرسول والقرآن وأمير المؤمنين، وممن كان على سيرته وفي صفته من ولده.

٣٢٩

فتجب معرفة ما ذكرنا على جميع الأنام إذا لم يعلم في الأرض في ذلك العصر إمام، ويجب عليهم أن يعلموا أن هذا الأمر في ولد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم خاصاً دون غيرهم، وأنه لا يعدم في كل عصر حجة لله يظهر منهم إمام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإذا علم كلما ذكرنا وكان الأمر عنده على ما شرحنا ثم مات فقد نجا من الميتة الجاهلية ومات على الميتة الملية، ومن جهل ذلك ولم يقل به ولم يعتقده فقد خرج من الميتة الملية ومات على الميتة الجاهلية. هذا تفسير الحديث ومعناه.

الفرق بين صيغ الحديث في مصادرنا ومصادر إخواننا

روت مصادر إخواننا السنة هذا الحديث بشكل واسع وصيغ متعددة، وفي بعضها لفظة: إمام كما في مصادرنا، وفي أكثر صيغه حلت محلها لفظة: أمير. وقد خلت صيغه عندهم تقريباً من مادة معرفة الإمام وحلت محلها بيعة الإمام أو الأمير.

ونلاحظ وجود عناصر جديدة في رواياتهم، منها أن يكون ذلك الإمام إمام جماعة، والمقصود به الذي يستطيع أن يسيطر على أكثرية الناس في منطقته، مهما كان أسلوبه في السيطرة، فهو في مصطلح إخواننا إمام جماعة، ومن يعارضه إمام فرقة.

ومنها، حرمة نكث بيعته والخروج عليه.

ومنها، أنه لا يشترط فيه أي شروط إلا أن يكون من قبائل قريش، ويسيطر على أكثرية الناس في بلده، أو أكثرية الأمة..

ومنها، أنه لا يجوز لغير قريش أن تتصدى لحكم المسلمين أو تطمع فيه، كما أن الصراع القبلي بين قبائل قريش على الخلافة حرام.... إلى آخر الإضافات التي تعكس الخلاف الدموي على الخلافة ومحاولة فرقائه بإسناد مواقفهم بتطوير هذا الحديث وغيره! كما روت مصادر إخواننا تطبيقات الصحابة والتابعين لهذا

٣٣٠

الحديث، خاصة عبد الله بن عمر، وأبي سعيد الخدري.

والسبب في سعة روايته عندهم أن أصل الحديث كان مشهوراً، وكانت السلطة تحتاج إليه - بشرط تحريفه ومصادرته - ليكون شعاراً لإثبات شرعيتها ثم لتحريم الخروج عليها، ولذلك كثر توظيفه لمصلحة الحاكم حتى لو كان في أول أمره خارجاً على الشرعية وتسلط على المسلمين بالقهر والغلبة، فقد استشهد بهذا الحديث معاوية بن أبي سفيان، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢١٨: عن معاوية قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. وفي رواية من مات وليس من عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. انتهى.

ولكن مهما كانت الفروقات في صيغ الحديث، ففيه عنصران ثابتان عند الطرفين، وهما أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تحدث عن نظام الحكم من بعده. وأنه تحدث عن الإمام ونظام الإمامة ولم يتحدث عن نظام الخلافة.

وهذه الحقيقة رأس خيط في الإعتقاد بأن الله تعالى قد اختار نوع نظام الحكم للأمة بعد نبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ووضع له آلية، وأن هذا الحديث إحدى مفردات هذه الآلية التي وصلت إلينا باتفاق جميع الأطراف!

ومن السهل أن نتعقل معنى الحديث أو صيغة الحكم الإسلامي على مذهب أهل البيتعليهم‌السلام وأن الله تعالى اختار ذرية نبيه للإمامة من بعده، وضَمِن بقدرته استمرار وجود إمام منهم في كل عصر، وكلف الأمة بمعرفته وبيعته، وجعل خاتمهم الإمام المهدي الموعودعليه‌السلام الذي يظهر سبحانه على يده دينه على الدين كله، ويملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، على حد تعبير جده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأما على مذهب إخواننا السنة فمن المشكل أن يتعقل الإنسان أن مشروع الله تعالى لخاتم الأديان هو نظام الخلافة الذي بدأ يوم وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في السقيفة، وامتد في تاريخ الأمة صراعات متصلة على الخلافة وأمواجاً من الإنقسامات والدماء، حتى انتهى بسقوط الخلافة العثمانية، واستسلام الأمة استسلاماً ذليلاً لأعدائها الغربيين!!

٣٣١

روايات إخواننا التي وردت فيها لفظة إمام

- روى أحمد في مسنده ج ٤ ص ٩٦

عن عاصم عن أبي صالح، عن معاوية، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية.

- وروى الطيالسي في مسنده ص ١٢٥٩

حدثنا أبوداود قال: حدثنا خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له.

- وروى ابن حبان في صحيحه ج ٧ ص ٤٩

عن معاوية، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية. وقال ابن حبان: قوله صلّى الله عليه وسلم: مات ميتة الجاهلية معناه: من مات ولم يعتقد أن له إماماً يدعو الناس إلى طاعة الله حتى يكون قوام الإسلام به عند الحوادث والنوازل، مقتنعاً في الإنقياد على من ليس نعته ما وصفنا، مات ميتة جاهلية.

- وروى الطبراني في معجمه الكبير ج ١٠ ص ٣٥٠

حدثنا الحسن بن جرير الصوري، ثنا أبو الجماهر، ثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات ليس عليه إمام فميتته جاهلية، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتلته جاهلية.

- وروى الحاكم في المستدرك ج ١ ص ١١٧

.. من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه. وقال: من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية.

٣٣٢

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢١٨ - ٢١٩

عن معاوية قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. وفي رواية من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني وإسنادهما ضعيف. انتهى. ولكنه مال الى تصحيحه في ج ٥ ص ٢٢٥

وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ألا إن الجنة لا تحل لعاص، ومن لقي الله ناكثاً بيعته لقيه وهو أجذم، ومن خرج من الجماعة قيد شبر متعمداً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات ليس لإمام جماعة عليه طاعة مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني وفيه عمرو بن واقد وهو متروك.

وعن أبي الدرداء قال قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: ألا إن الجنة لا تحل لعاص، من لقي الله وهو ناكث بيعته يوم القيامة لقيه وهو أجذم، ومن خرج من الطاعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن أصبح ليس لأمير جماعة عليه طاعة بعثه الله يوم القيامة من ميتة جاهلية، ولو أعذر عبد أسنه الناس يوم القيامة. رواه الطبراني وعمر بن رويبة وهو متروك.

- وروى النووي في المجموع ج ١٩ ص ١٩٠

حديث مسلم الآتي وقال: وأخرجه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر بمعنى حديث نافع، وأخرجه الحاكم عن ابن عمر بلفظ: من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية. انتهى. ورواه البيهقي في سننه ج ٨ ص ١٥٦

- وروى في كنز العمال ج ١ ص ١٠٣ : من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. حم، طب، عن معاوية.

- وروى في كنز العمال ج ١ ص ٢٠٧ - ٢٠٨

من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقه الإسلام من عنقه حتى يراجعه.

٣٣٣

ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية. ك، عن ابن عمر.

من فارق المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، ومن مات ليس عليه إمام فميتته ميتة الجاهلية، ومن مات تحت راية عمية يدعو إلى عصيبة أو ينصر عصيبة فقتلته جاهلية. طب.

من فارق جماعة المسلمين شبراً أخرج من عنقه ربقة الإسلام، والمخالفين بألويتهم يتناولونها يوم القيامة من وراء ظهورهم، ومن مات من غير إمام جماعة مات ميتة جاهلية. ك، عن ابن عمر.

- وفي كنز العمال أيضاً ج ٦ ص ٦٥

من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية، ومن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له. ط، حل، عن ابن عمر.

رواياتهم التي فيها لفظ طاعة

- روى ابن أبي شيبة في مصنفه ج ١٥ ص ٣٨

حدثنا علي بن حفص، عن شريك، عن عاصم، عن عبد الله بن عامر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات ولا طاعة عليه مات ميتة جاهلية، ومن خلعها بعد عقده إياها فلا حجة له.

- وروى أحمد في مسنده ج ٣ ص ٤٤٦

عن عبد الله بن عامر، يعني ابن ربيعة عن أبيه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية، فإن خلعها من بعد عقدها في عنقه لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة. وقال قال الحسن: بعد عقده إياها في عنقه.

- وروى البخاري في تاريخه ج ٦ ص ٤٤٥ ، أوله، كما في ابن أبي شيبة.

- ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢٢٣ وقال : رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار، والطبراني. وروى نحوه في ج ٢ ص ٢٥٢.. وغيرهم.... وغيرهم.

٣٣٤

رواياتهم التي توجب طاعة الحاكم الجائر

وهي كثيرة جداً في مصادر إخواننا، وقد وصل فيها التحذير إلى حد اعتبار الثائر على الحاكم الجائر خارجاً عن الإسلام، باغياً، واجب القتل، مهدور الدم، يموت موتة جاهلية وأنه كافر مخلد في النار، لكنه إذا انتصر صار حاكماً شرعياً واجب الطاعة، وصار الخارج عليه ملعوناً كما كان هو ملعوناً قبل ساعة.. وهكذا تصنع السياسة ومخالفة الرسول!!

- روى مسلم في صحيحه ج ٦ ص ٢١

عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية.

- وروى مسلم في ج ٦ ص ٢٢

عن الحسن بن الربيع، عن حماد قال: من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية.... انتهى. وروى نحوه ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٠٢

- وروى الحاكم في المستدرك ج ١ ص ١١٨

عن أبي هريرة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من فارق الجماعة فمات، مات موتة جاهلية. انتهى. وروى نحوه أحمد في مسنده ج ٢ ص ٩٣ وص ١٢٣ وص ١٥٤ وص ٢٩٦ وص ٣٠٦ وص ٤٨٨ وج ٣ ص ٤٤٥ و٤٤٦

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢١٨

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم. انتهى. والنسائي ج ٧ ص ١٢٣ والدارمي ج ٢ ص ٢٤١ والبيهقي في سننه ج ٨ ص ١٥٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١ ص٣٢٤ وج ٦ ص ٢٨٦ وكنز العمال ج ٣ ص ٥٠٩ وج ٦ ص ٥٢ وابن حزم في المحلى ج ٩ ص ٣٥٩.. وغيرهم.. وغيرهم..

٣٣٥

مدرسة البخاري في تفسير هذا الحديث

لعل أكثر هذا الروايات صراحة في التأكيد على حرمة الخروج على الحاكم، تلك التي تحذر المسلمين من موتة الجاهلية إذا هم لم يطيعوه ويتحملوا منه مهما كانت أعماله مكروهة، وقد اقتصر البخاري في صحيحه على هذه الروايات فلم يرو شيئاً في التحذير من ميتة الجاهلية غيرها! ولأن إطاعة الحاكم عنده ولو كان جائراً هي الضمان الوحيد لعدم رجوع المسلم إلى الجاهلية،قال في صحيحه ج ٨ ص ٨٧:

.... عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية. ورواه أيضاً في نفس الصفحة بعدة روايات. ورواه أيضاً في ج ٨ ص ١٠٥ ورواه مسلم في صحيحه ج ٦ ص ٢١ والبيهقي في سننه ج ٨ ص ١٥٦- ١٥٧ وج ١٠ ص ٢٣٤ وأحمد في مسنده ج١ ص ٢٩٧ وص ٣١٠ ونحوه في ج ٢ ص ٧٠ وص ٩٣ وص ١٢٣ وص ٤٤٥ وفي ج ٣ ص ٤٤٦

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ٢١٩ اعلاناً من الله ورسوله ببراءة ذمة المسلمين عند الله تعالى في طاعتهم لحكام الجور، قال:

عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: أطيعوا أمراءكم مهما كان، فإن أمروكم بشيء مما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم، وأن أمروكم بشيء مما لم آتكم به فإنه عليهم وأنتم منه براء، ذلكم بأنكم إذا لقيتم الله قلتم ربنا لا ظلم فيقول لا ظلم، فتقولون ربنا أرسلت إلينا رسلاً فأطعناهم بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك، فيقول صدقهم هو عليهم وأنتم منه براء. رواه الطبراني وفيه إسحق بن إبراهيم بن زبريق وثقه أبو حاتم وضعفه النسائي، وبقية رجاله ثقات. انتهى.

والفرية الكبرى في هذا الحديث أن الحاكم الجائر قد استخلفه الله تعالى على عباده وأمرهم بطاعته مهما عصى الله تعالى (واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك) بل ادعى واضع الحديث أن ذلك يشمل عمال الحاكم وموظفيه أيضاً

٣٣٦

(وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك)!

ومن العجيب أن مخالفي أهل البيتعليهم‌السلام يستكثرون أن يكون الله عزوجل اختار لهذه الأمة اثني عشر إماماً بعد نبيها من ذريته، وقد صحت رواياته عند الطرفين، ولا يستكثرون مافي مصادرهم وعقائدهم من الإفتراء على الله تعالى بأنه اختار كل الحكام والطغاة والمفسدين في الأرض بل والكفار المستعمرين أئمة وحكاماً وأمر المسلمين بطاعتهم!!

عبد الله بن عمر يطبّق تفسير إخواننا للحديث

من أبرز من روي عنه حديث الميتة الجاهلية عبد الله بن عمر، وقد اقترنت روايته بقصة عبد الله مع الحديث وتطبيقاته له في حياته التي امتدت إلى زمن الحجاج الثقفي وخلافة عبد الملك بن مروان، وقد ذكرت مصادر الحديث والتاريخ والفقه أن عبد الله بن عمر كان يعارض كل تحرك ضد الحاكم مهما فسق وطغى بحجة هذا الحديث، لأن المهم برأيه أن يكون في عنق المسلم بيعة لأحد، أي أحد، وأن لا ينام على فراشه ليلة إلا والبيعة في عنقه، حتى لا يموت موتة جاهلية!!

- روى مسلم صحيحه ج ٦ ص ٢٢

عن زيد بن محمد عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: إطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقوله، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

- وروى ابن سعد في الطبقات ج ٥ ص ١٤٤

عن أمية بن محمد بن عبد الله بن مطيع، أن عبد الله بن مطيع أراد أن يفر من المدينة ليالي فتنة يزيد بن معاوية، فسمع بذلك عبد الله بن عمر فخرج إليه حتى

٣٣٧

جاءه قال: أين تريد يابن عم؟ فقال: لا أعطيهم طاعة أبداً، فقال: يابن عم، لا تفعل فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من مات ولا بيعة عليه مات ميتة جاهلية. انتهى. وروى نحوه أحمد في مسنده ج ٣ ص ١٤٧٨ - ١٤٧٩: عن عبد الله بن عمر. وروى نحوه الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٧٧ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وقد حدث به الحجاج بن محمد أيضاً عن الليث ولم يخرجاه. ورواه الطبراني الأوسط ج ١ ص ١٧٥ - كما في ابن سعد.. ورواه غيرهم..

وعبد الله بن مطيع الذي ذهب إليه عبد الله بن عمر لينصحه بالتسليم هو الذي اختاره أهل المدينة أميراً عليهم عندما ثاروا على ظلم بني أمية وطردوهم من المدينة، فأرسل يزيد جيشاً من الشام لغزو مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وجرت بين أهلها بقيادة ابن مطيع وبين جيش يزيد معركة الحرة المشهورة التي استشهد فيها مئات ممن بقي من الأنصار والمهاجرين، واستباح على أثرها جيش يزيد المدينة، وعاث فيها فساداً وتعدياً على الحرمات والأعراض، وأخذوا البيعة من أهلها وختموهم في أعناقهم على أنهم عبيد أقنان ليزيد!

قال الذهبي في تاريخ الإسلام ج٦ ص٣١٤: وعن إسحاق بن يزيد قال: رأيت أنساًرضي‌الله‌عنه مختوماً في عنقه، ختمه الحجاج، أراد أن يذله بذلك.... وقال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم.... وقال عاصم بن أبي النجود ما بقيت لله حرمة إلا وقد انتهكها الحجاج! انتهى.

ولا بد أن يكون هذا الختم في زمن الحجاج ختماً آخر ختمه بنو أمية في أعناق أهل المدينة!!

- وقال الذهبي في ج ٥ ص ٢٧٤

جمع ابن عمر بنيه وأهله، وقال: أما بعد فإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامه يقال هذه غدرة فلان.... فلا يخلعن منكم أحد يزيد.

٣٣٨

- وقال الشاطبي في الاعتصام ٢ ص ١٢٨ - ١٢٩

عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع بن عمر حشده وولده وقال: إني سمعت رسول الله يقول: لينصب لكل غادر لواء يوم القيامة. وإنا قد بايعنا هذا الرجل وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا تابع في هذا الأمر، إلا كانت الفيصل بيني وبينه.

قال ابن العربي: وقد قال ابن الخياط إن بيعة عبد الله ليزيد كانت كرهاً، وأين يزيد من ابن عمر؟ ولكن رأى بدينه وعلمه التسليم لأمر الله والفرار عن التعرض لفتنة فيها من ذهاب الأموال والأنفس ما لا يخفى.

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٦ ص ٢٢

... ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.... في هذا دليل على مذهب عبد الله بن عمر كمذهب الأكثرين في منع القيام على الإمام وخلعه إذا حدث فسقه.

- وقال الشاطبي في الاعتصام ج ٢ ص ١٢٨

قيل ليحيى بن يحيى: البيعة مكروهة؟ قال لا، قيل له: فإن كانوا أئمة جور؟ فقال: قد بايع ابن عمر لعبد الملك بن مروان، وبالسيف أخذ الملك!

- وقال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ٤٥ - ٤٦

مسألة.... ومن بات ليلة وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.... عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

- وقال ابن باز في فتاويه ج ٤ ص ٣٠٣

في صحيح البخاري: أن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وكذا أنس بن مالك وكان الحجاج فاسقاً ظالماً. انتهى.

٣٣٩

- ولكن النووي ادعى أن بيعة ابن عمر لعبد الملك كانت أيضاً خوفاً وتقية من بني أمية، قال في شرح مسلم ٨ جزء ١٦ ص ٩٨:

... قوله رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا حبيب. فيه استحباب السلام على الميت في قبره وغيره وتكرير السلام ثلاثاً. وفيه منقبة لابن عمر لقوله الحق في الملأ وعدم اكتراثه بالحجاج، لأنه يعلم أنه يبلغه مقامه عليه وقوله وثناؤه عليه، فلم يمنعه ذلك أن يقول الحق ويشهد لابن الزبير بما يعلمه فيه من الخير وبطلان ما أشاع عنه الحجاج من قوله إنه عدو الله وظالم.. ومذهب أهل الحق أن ابن الزبير كان مظلوماً وأن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه.

وامتنع عبد الله بن عمر عن بيعة عليٍّ، ثم ندم

- قال المسعودي في مروج الذهب ج ٢ ص ٣٦١

وقعد عن بيعة علي جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الأمر، منهم سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وبايع (عبد الله بن عمر) يزيد بعد ذلك، والحجاج لعبد الملك بن مروان.

- وقال ابن الأثير في أسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٨ - ٢٢٩

ولم يقاتل في شيء من الفتن ولم يشهد مع علي شيئاً من حروبه حين أشكلت عليه، ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه. أخبرنا القاضي أبوغانم محمد بن هبة الله ابن محمد بن أبي جرادة.... حدثنا عبد الله بن حبيب أخبرني أبي قال قال ابن عمر حين حضره الموت: ما أجد في نفسي من الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية، أخرجه أبو عمر، وزاد فيه مع علي.

- وقال ابن عبد البر في الإستيعاب ج ١ ص - ٧٧

وصح عن عبد الله بن عمر من وجوه أنه قال: ما آسى على شيء كما آسى أني لم

٣٤٠