الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٦

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 403

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 134968
تحميل: 7296


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 134968 / تحميل: 7296
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 6

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٦١ - المتّقي عليّ بن حسام الدِّين القرشي الهندي - نزيل مكّة – المتوفّى ٩٧٥

٦٢ - الحافظ زين الدِّين عبد الرؤف المناوي الشافعي المتوفّى المتوفى ١٠٣١

٦٣ - الفقيه شيخ بن عبد الله العيدروس الحسيني - اليمني - المتوفّى ١٠٤١

٦٤ - الشيخ أحمد ابن باكثير المكّي الشافعي صاحب الوسيلة المتوفّى ١٠٤٧

٦٥ - أبو عبد الله محمّد الزرقاني المصري المالكي المتوفّى ١١٢٢

٦٦ - ميرزا محمّد البدخشي صاحب مفتاح النجا المتوفّى ٠ ٠ ٠

٦٧ - السيِّد محمّد بن إسماعيل الصنعاني الحسيني المتوفّى ١١٨٢

٦٨ ل أبو العرفان الشيخ محمّد الصبّان الشافعي صاحب الإسعاف المتوفّى ١٢٠٦

٦٩ - القاضي محمّد بن علي الشوكاني الصنعاني المتوفّى ١٢٥٠

٧٠ - أبو الثناء شهاب الدِّين السيِّد محمود الآلوسي الشافعي المتوفّى ١٢٧٠

٧١ - الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحسيني - الحنفي - المتوفّى ١٢٩٣

٧٢ - السيِّد أحمد زيني دحلان المكّي الشافعي المتوفّى ١٣٠٤

٧٣ - السيِّد مؤمن الشبلنجي مؤلِّف (نور الأبصار) المتوفّى

أسلفنا ترجمة كثير من هؤلاء الأعلام في الجزء الأوّل ص ٧٣ - ٥١ تنتهي أسانيدهم في مأثرة أذان البراءة وتبليغها إلى جمع من الصّحابة الأوّلين منهم:

١ - عليٌّ أمير المؤمنين من طريق زيد بن يثيع قال رضي الله عنه: لما نزلت عشر آيات من براءة على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكّة ثمَّ دعاني فقال لي: أدْرِكْ أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم. فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! نزل فيَّ شئٌ؟ قال: لا. ولكنَّ جبريل جاءني فقال: لا. فقال: لن يؤدِّي عنك إلّا أنت أو رجلٌ منك.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والحافظ أبو الشيخ، وابن مردويه، وحكاه عنهم السيوطي في الدرِّ المنثور ٣ ص ٢٠٩، وكنز العمّال ١ ص ٢٤٧، والشوكاني في تفسيره ٢ ص ٣١٩، ويوجد في الرِّياض النضرة ٢ ص ١٤٧، وذخاير العقبى ٦٩، وتاريخ إبن كثير ٥ ص ٣٨، وفي ج ٧ ص ٣٥٧، وفي تفسيره ٢ ص ٣٣٣، ومناقب الخوارزمي ص

٣٤١

٩٩، وفرائد السمطين للحمّويي، ومجمع الزوائد ٧ ص ٢٩، وشرح صحيح البخاري للعيني ٨ ص ٦٣٧، ووسيلة المآل لابن باكثير، وشرح المواهب اللدنيّة للزرقاني ٣ ص ٩١، وتفسير المنار ١٠ ص ١٥٧.

صورةٌ أُخرى عن زيد:

قال: نزلت براءةٌ فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر ثمَّ أرسل عليّاً فأخذها منه فلمّا رجع أبو بكر قال: هل نزل فيَّ شئٌ؟ قال: لا. ولكنِّي أُمرت أن أُبلّغها أنا أو رجلٌ من أهل بيتي. فانطلق عليٌّ إلى مكّة فقام فيهم بأربع. تفسير الطبري ١٠ ص ٤٦، تفسير إبن كثير ٢ ص ٣٣٣.

صورةٌ ثالثةٌ عن زيد:

إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر ثمَّ اتبعه بعليّ فقال له: خُذ الكتاب فامض إلى أهل مكّة قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف أبو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنزلَ فيَّ شئٌ؟ قال: لا. إلّا إنِّي أُمرت أن أُبلّغه أنا أو رجلٌ من أهل بيتي. خصائص النسائي ص ٢، الأموال لأبي عبيد ص ١٦٥.

صورةٌ رابعةٌ:

عن عليّ أمير المؤمنين من طريق حنش باللفظ الأوّل المذكور من ألفاظ زيد ابن يُثيع حرفيّاً. أخرجه أحمد في مسنده ١ ص ١٥١، والكنجي في الكفاية ص ١٢٦ نقلاً عن أحمد وابن عساكر، والهيثمي في مجمع الزوائد ٧ ص ٢٩.

صورةٌ خامسةٌ عن حنش عن أمير المؤمنين:

قال: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم حين بعثه ببراءة فقال: يا نبيّ الله إنِّي لست باللسن ولا بالخطيب، قال: ما بدّ أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت قال: فإن كان ولا بدّ فسأذهب أنا، قال: فانطلق فإنَّ الله يثبت لسانك ويهدي قلبك. قال: ثمَّ وضع يده على فمه.

مسند أحمد ١ ص ١٥٠، الرّياض النضرة ٢ ص ١٧٤، تفسير إبن كثير ٢ ص ٣٣٣ الدرُّ المنثور ٣ ص ٢١٠ نقلاً عن أبي الشيخ، كنز العمّال ١ ص ٢٤٧.

صورةٌ سادسةٌ عن أبي صالح عن أمير المؤمنين:

قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر ببراءة إلى أهل مكّة وبعثه على الموسم ثمَّ

٣٤٢

بعثني في أثره فأدركته فأخذتها منه فقال أبو بكر: مالي؟ قال: خيرٌ أنت صاحبي في الغار، وصاحبي على الحوض، غير أنَّه لا يبلّغ عنّي غيري أو رجلٌ منِّي.

أخرجه الطبري كما في فتح الباري لابن حجر العسقلاني ٨ ص ٢٥٦.

٢ - أبو بكر بن أبي قحافة قال: إنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بعثه ببراءة إلى أهل مكة لا يحجُّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ولا يدخل الجنّة إلّا نفسٌ مسلمةٌ، من كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فأجله إلى مدّته والله برئٌ من المشركين ورسوله، فسار ثلاثاً ثمَّ قال لعليّ: ألحقه فردَّ عليّ أبا بكر وبلّغها أنت. قال: ففعل فلمّا قدم على النبيِّ أبو بكر بكى فقال: يا رسول الله حدث فيَّ شيئٌ؟ قال: ما حدث فيك إلّا خير ولكن أُمرت أن لا يبلّغه إلّا أنا أو رجلٌ منّي.

أخرجه أحمد في مسنده ١ ص ٣، وابن خزيمة، وأبو عوانة، والدار قطني في الأفراد كما في كنز العمال ١ ص ٢٤٦، والكنجي في الكفاية ص ١٢٥ نقلاً عن أحمد و أبي نعيم وابن عساكر، وإبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٥٧.

٣ - إبن عبّاس قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر وأمره أن ينادي بهذه الكلمات ثمَّ أتبعه عليّاً فبينا أبو بكر ببعض الطريق إذ سمع رغا ناقة رسول الله القصواء فخرج أبو بكر فزعاً فظنَّ أنَّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هو عليٌّ رضي الله عنه فدفع إليه كتاب رسول الله وأمر عليّاً أن ينادي بهؤلاء الكلمات [فإنَّه لا ينبغي أن يبلّغ عنّي إلّا رجلٌ من أهلي ثمَّ اتَّفقا](١) فانطلقا فقام عليٌّ أيام التشريق ينادي: ذمّة الله ورسوله بريةٌ عن كلِّ مشرك. الحديث.

أخرجه الترمذي في جامعه ٢ ص ١٣٥، والبيهقي في سننه ٩: ٢٢٤، والخوارزمي في المناقب ص ٩٩، وابن طلحة في مطالب السئول ص ١٧، والشوكاني في تفسيره ٢ ص ٣١٩ نقلاً عن الترمذي وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي بلفظ أخصر، وأشار إليه ابن حجر في فتح الباري ٨ ص ٢٥٦.

صورةٌ أُخرى من لفظ ابن عبّاس:

قال: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر ببراءة ثمَّ أتبعه عليّاً فأخذها منه فقال

____________________

١ - لا يوجد ما بين القوسين في بعض المصادر.

٣٤٣

أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله حدث فيَّ شيئ؟ قال: لا. أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض، ولا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليٌّ. الحديث.

أخرجه الطبري في تفسيره ج ١٠ ص ٤٦.

حديث آخر عن ابن عبّاس:

قال في حديث طويل عدِّ فيه جملةً من فضايل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ممّا تسالمت الأُمَّة عليه: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلاناً بسورة التوبة فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلّا رجلٌ هو منّي وأنا منه.

وحديث ابن عباس هذا أخرجه كثيرون من أئمَّة الحديث وحفّاظه في المسانيد بإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات مصرِّحين بصحَّته وثقة رجاله، أسلفناه في الجزء الأوّل ص ٤٩ - ٥١ ومرّ الكلام حوله في الجزء الثالث ص ١٩٥ - ٢١٧.

حديث آخر عن ابن عبّاس:

أخرج إبن عساكر بإسناده من طريق الحافظ عبد الرزّاق عن ابن عبّاس قال: مشيت وعمر بن الخطاب في بعض أزقَّة المدينة فقال: يا بن عباس أظنَّ القوم استصغروا صاحبكم إذ لم يولّوه أُموركم. فقلت: والله ما استصغره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ اختاره لسورة براءة يقرأها على أهل مكّة. فقال لي: الصواب تقول والله لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لعليِّ بن أبي طالب: من أحبَّك أحبَّني، ومن أحبَّني أحبَّ الله، ومن أحبَّ الله أدخله الجنَّة مدلاً. كنز العمال ٦ ص ٣٩١، شرح ابن أبي الحديد ٣ ص ١٠٥ ذكره إلى قوله «فقال لي».

٤ - جابر بن عبد الله الأنصاري: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحجِّ فأقبلنا معه حتّى إذا كنّا بالعرج ثوب بالصبح فلمّا استوى للتكبير سمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبير فقال: هذه رغوة ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجدعاء لقد بدا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحجِّ فلعلّه أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنصلّي معه فإذا عليٌّ رضي الله عنه عليها فقال له أبو بكر: أميرٌ أم رسولٌ؟ قال: لا بل رسول أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ببراءة أقرؤها على النّاس في مواقف الحج. فقدمنا مكّة فلمّا كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس فحدَّثهم عن مناسكهم حتّى إذا فرغ قام عليٌّ فقرأ على الناس حتّى ختمها ثمَّ خرجنا معه حتّى إذا كان يوم عرفة قام أبو بكر فخطب النّاس فحدَّثهم

٣٤٤

عن مناسكهم حتّى إذا فرغ قام عليٌّ رضي الله عنه فقرأ على النّاس براءة حتّى ختمها فلمّا كان النفر الأوَّل قام أبو بكر فخطب النّاس فحدَّثهم كيف ينفرون أو كيف يرمون فعلّمهم مناسكهم فلمّا فرغ قام عليٌّ رضي الله عنه فقرأ على النّاس براءة حتّى ختمها.

أخرجه الدارمي في سننه ٢ ص ٦٧، والنسائي في الخصايص ص ٢٠، وابن خزيمة وصحّحه، وابن حبّان من طريق ابن جريج، والطبري، ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة ٢ ص ١٧٣ من طريق أبي حاتم والنسائي. ويوجد في تيسير الوصول ١ ص ١٣٣، تفسير القرطبي ٨ ص ٦٧، المواهب اللدنية للقسطلاني، شرح المواهب للزرقاني ٣ ص ٩١، تاريخ الخميس ٢ ص ١٤١، سيرة زيني دحلان ٢ ص ٣٦٥، تفسير الآلوسي روح المعاني ٣ ص ٢٦٨، تفسير المنار ١٠ ص ١٥٦ نقلاً عن الحفّاظ الخمسة المذكورين من الدارمي إلى محبّ الدِّين الطبري.

٥ - أنس بن مالك قال: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة ثمَّ دعاه فقال: لا ينبغي أن يبلّغ هذا إلّا رجلٌ من أهلي، فدعى عليّاً فأعطاه إيَّاها.

وفي لفظ آخر لأحمد:

إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث ببراءة مع أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه فلمّا بلغ ذا الحليفة قال: لا يبلّغها إلّا أنا أو رجلٌ من أهل بيتي فبعث بها مع عليّ.

طرق الحديث صحيحةٌ رجاله كلّهم ثقات أخرجه في مسنده ٣: ٢١٢، ٢٨٣، والترمذي في جامعه ٢: ١٣٥ ط الهند، والنسائي في خصائصه ص ٢٠، وابن كثير في تاريخه ٥: ٣٨ عن الترمذي وأحمد، وفي تفسيره ٢: ٣٣٣، والخوارزمي في المناقب ص ٩٩، والقسطلاني في شرح صحيح البخاري ٧: ١٣٦، وابن حجر في شرح الصحيح ٨ ص ٢٥٦، والعيني في شرح الصحيح ٨: ٦٣٧. وابن طلحة في مطالب السؤول ص ١٧ والسيوطي في الدرّ المنثور ٣ ص ٢٠٩ نقلاً عن ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وأبي الشيخ وابن مردويه، وفي كنز العمّال ١ ص ٢٤٩ عن ابن أبي شيبة، والزرقاني في شرح المواهب ٣: ٩١، والشوكاني في تفسيره ٢: ٣١٩ نقلاً عمّن نقل عنه السيوطي في الدرّ المنثور، والآلوسي في تفسيره ٣: ٢٦٨ نقلاً عن أحمد والترمذي وأبي الشيخ، وصاحب المنار في تفسيره ١٠، ١٥٧.

٣٤٥

٦ - أبو سعيد الخدري قال: بعث رسول الله أبا بكر رضي الله عنه يؤدّي عنه براءة فلمّا أرسله بعث إلى عليّ رضي الله عنه فقال: يا عليّ إنّه لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو أنت فحمله على ناقته العضباء فسار حتّى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة فأتى أبو بكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أُنزل فيه شئ فلمّا أتاه قال: مالي يا رسول الله؟ قال: خيرٌ أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض غير أنَّه لا يبلّغ عنّي غيري أو رجلٌ منّي.

أخرجه إبن حبّان وابن مردويه كما في الدرّ المنثور للسيوطي ٣: ٢٠٩، وروح المعاني للآلوسي ٣: ٢٦٨ وفي طبع المنيريّة ١٠ ص ٤٠، وأوعز إليه إبن حجر في فتح الباري ٨: ٢٥٦ من طريق عمرو بن عطيّة عن أبيه عن أبي سعيد.

أبو رافع قال رضي الله عنه: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى الموسم فأتى جبريل عليه السلام فقال: إنّه لن يؤدِّيها عنك إلّا أنت أو رجلٌ منك فبعث عليّاً رضي الله عنه على أثره حتّى لحقه بين مكّة والمدينة فأخذها فقرأها على الناس في الموسم.

أخرجه إبن مردويه والطبراني بإسنادهما كما في الدرّ المنثور للسيوطي ٣: ٢١٠، وفتح الباري لابن حجر ٨ ص ٢٥٦.

٨ - سعد بن أبي وقّاص قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر ببراءة حتّى إذا كان ببعض الطريق أرسل عليّاً رضي الله عنه فأخذها منه ثمَّ سار بها فوجد أبو بكر في نفسه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا يؤدِّي عنّي إلّا أنا أو رجلٌ منِّي.

خصايص النسائي ص ٢٠، الدرّ المنثور ٣: ٢٠٩ نقلاً عن إبن مردويه، تفسير الشوكاني ٢: ٣١٩، وأوعز إليه إبن حجر في فتح الباري ٨: ٢٥٥.

حديث آخر عن سعد:

أخرج إبن عساكر بإسناده عن الحرث بن مالك قال: أتيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت: هل سمعت لعليّ منقبة؟ قال: لقد شهدت له أربعاً لئن تكون لي واحدة منهنَّ أحبّ إليَّ من الدنيا أعمر فيها مثل عمر نوح: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوماً وليلة ثمَّ قال لعليّ: اتبع أبا بكر فخذها وبلّغها فردّ عليٌّ أبا بكر فرجع يبكي فقال: يا رسول الله أنزلَ فيَّ شيئٌ؟ قال: لا. إلّا خيراً إنّه ليس

٣٤٦

يُبلّغ عنِّي إلّا أنا أو رجُلٌ مِنّي، أو قال: مِن أهل بيتي. الحديث. راجع الجزء الأوّل ص ٤٠.

٩ - أبو هريرة قال: كنت مع عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنادى بأربع حتّى صهل صوته. الحديث.

أخرجه الدارمي في سننه ٢: ٢٣٧، والنسائي في سننه ٥: ٢٣٤ مع اختصار غير مخلّ كما قاله السيوطي في شرحه، وحديث أبي هريرة أخرجه كثيرٌ من الحفّاظ غير أنّه لعبت به أيدي الهوى، ومهّدت لرماة القول على عواهنه مجال الترة والدجل حول هذه الأثارة الكريمة.

وأخرج الحافظ محبُّ الدِّين الطبري في الرِّياض النضرة ٢ ص ١٧٣، وذخاير العقبى ص ٦٩ من طريق أبي حاتم عن أبي سعيد أو أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر فلمّا بلغ ضجنان سمع بغام ناقة عليّ فعرفه فأتاه فقال: ما شأني؟ قال: خيرٌ إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثني براءة. فلمَّا رجعنا انطلق أبو بكر إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله مالي؟ قال: خيرُ أنت صاحبي في الغار غير أنَّه لا يبلّغ غيري أو رجلٌ منّي يعني عليّاً.

١٠ - عبد الله بن عمر، ذكر إبن حجر العسقلاني في فتح الباري ٨: ٢٥٦ ما مرَّ عن أمير المؤمنين عليه السلام من طريق أبي صالح ثمَّ قال: ومن طريق العمري عن نافع عن إبن عمر كذلك.

١١ - حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عليٌّ منّي وأنا منه لا يؤدِّي عنِّي إلّا أنا أو عليّ.

حديثٌ صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات أخرجه بطرق أربعة أحمد بن حنبل في مسنده ٤ ص ١٦٤، ١٦٥، والترمذي في صحيحه ٢ ص ٢١٣ وصحّحه وحسّنه، والنسائي في الخصائص ص ٢٠، وابن ماجة في السنن ١ ص ٥٧، والبغوي في المصابيح ٢ ص ٢٧٥، والخطيب العمري في المشكاة ص ٥٥٦، والفقيه إبن المغازلي في المناقب، والكنجي في الكفاية ص ٥٥٧، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات، والمحبّ الطبري في الرِّياض ٢ ص ٧٤، عن الحافظ السلفي، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ص ٢٣، والذهبي في تذكرة الحفّاظ في ترجمة سويد بن سعيد، وابن كثير في تاريخه

٣٤٧

٧ ص ٣٥٦، والسخاوي في المقاصد الحسنة، والمناوي في كنوز الدقايق ص ٩٢ والحمويني في الباب السابع من فرائد السمطين، وجلال الدِّين السيوطي في الجامع الصغير، وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٣، وذكره إبن حجر في الصواعق ص ٧٣، والمتَّقي الهندي في كنز العمّال عن أحد عشر حافظاً، والبدخشاني في نزل الأبرار ص ٩ نقلاً عن ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجة، والترمذي، والبغوي، وابن أبي عاصم، والنسائي، وابن قانع، والطبراني، والضياء المقدسي، والجارودي، والفقيه شيخ بن العيدروس في العقد النبوي، والأمير محمّد الصنعاني في الروضة النديّة، والقندوزي في ينابيع المودَّة، والشبلنجي في نور الأبصار ص ٧٨، والصبّان في الإسعاف هامش نور الأبصار ص ١٥٥.

قال الأميني: هذه الجملة المرويَّة من حبشي بن جنادة. وعمران. وأبي ذر الغفاري مأخوذةٌ من حديث التبليغ وهي شطره كما نصَّ عليه صاحب اللمعات والمرقاة والسندي الحنفي في شرح سنن ابن ماجة ١ ص ٥٧ وقالوا: قال صلّى الله عليه وسلّم هذا تكريماً لعليّ واعتذاراً إلى أبي بكر رضي الله عنهما.

١٢ - عمران بن حصين في حديث مرفوعاً: عليٌّ منِّي وأنا منه، ولا يؤدِّي عنّي إلّا علي، أخرجه الترمذي وقال حديثٌ حسنٌ غريبٌ كذا في التذكرة السبط ص ٢٢.

١٣ - أبو ذر الغفاري مرفوعاً: عليٌّ منِّي وأنا من عليّ، ولا يؤدّي إلّا أنا أو عليّ. مطالب السؤول ص ١٨.

المراسيل

١ - عن أُبي جعفر محمّد بن عليّ [الإمام الباقر عليه السلام] قال: لما نزلت براءة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد كان بعث أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه ليقيم للناس الحجَّ قيل له: يا رسول الله! لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدِّي عنِّي إلّا رجلٌ من أهل بيتي، ثمَّ دعا عليَّ بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له: أخرج بهذه القصّة من صدر براءة وأذِّن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى: أنه لا يدخل الجنّة كافرٌ، ولا يحجّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ومن كان له عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهدٌ فهو له إلى مدَّته، فخرج عليُّ بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العضباء

٣٤٨

حتّى أدرك أبا بكر بالطريق، فلمّا رآه أبو بكر بالطريق قال: أميرٌ أو مأمورٌ؟ فقال: بل مأمورٌ. ثمَّ مضيا فأقام أبو بكر للناس الحجَّ والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحجِّ التي كانوا عليها في الجاهليّة حتّى إذا كان يوم النحر قام عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه فأذَّن في الناس بالذي أمره به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. الحديث.

سيرة ابن هشام ٤: ٢٠٣، تفسير الطبري ١٠: ٤٧، تفسير الكشاف ٢ ص ٢٣، تفسير ابن كثير ٢ ص ٣٣٤، تاريخ ابن كثير ٥: ٣٧، عمدة القاري ٤ ص ٦٣٣.

٢ - رُوي أنَّ أبا بكر لما كان ببعض الطريق هبط جبريل عليه السلام وقال: يا محمّد لا تبلّغن رسالتك إلّا رجلٌ منك فأرسل عليّاً، فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أشيئٌ نزل من السّماء؟ قال: نعم فسر وأنت على الموسم وعليٌّ ينادي بالآي. الحديث. ذكره نظام الدين النيسابوري في تفسيره المطبوع في هامش تفسير الطبري ج ١٠: ٣٦.

٣ - عن السدي قال: لَمّا نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية بعث بهنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع أبي بكر وأمره على الحجِّ فلمّا سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة أتبعه بعليّ فأخذها منه فرجع أبو بكر إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمِّي أنزل في شأني شيئ؟ قال: لا. ولكن لا يبلّغ عنِّي غيري أو رجلٌ منِّي، أما ترضى يا أبا بكر إنَّك كنت معي في الغار وأنك صاحبي على الحوض؟ قال: بلى يا رسول الله. فسار أبو بكر على الحاجِّ وعليٌّ يؤذّن ببراءة. الحديث.

تفسير الطبري ١٠: ٤٧، تاريخ الطبري ٣: ١٥٤.

٤ - قال البغوي المفسِّر في تفسيره - هامش تفسير الخازن - ٣. ٤٩: لما كان سنة تسع وأراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يحجّ ثمَّ قال: إنّه يحضر المشركون فيطوفون عراة فبعث أبا بكر تلك السنة أميراً على الموسم ليقيم للناس الحجَّ وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأ ها على أهل الموسم ثمَّ بعث بعده عليّاً كرَّم الله وجهه على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة وأمره أن يؤذِّن بمكّة ومنى وعرفة: أن قد برئت ذمّة الله وذمّة رسوله من كلِّ مشرك ولا يطوف بالبيت عريانٌ. فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأُمِّي أنزل في شأني شيئٌ؟ قال: لا. ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلِّغ هذا إلّا رجلٌ من أهلي أما

٣٤٩

ترضى يا أبا بكر! إنّك كنت معي في الغار، وإنَّك صاحبي على الحوض؟ قال: بلى يا رسول الله. فسار أبو بكر رضي الله عنه أميراً على الحاجِّ وعليٌّ رضي الله عنه ليؤذِّن ببراءة. الحديث.

وتجده مرسلاً إرسال المسلّم بلفظ موجز أو مفصّل في طبقات ابن سعد ص ٦٨٥، تفسير أبي حيّان ٥: ٦، تفسير الكشّاف ٣: ٢٣، تفسير الخازن ٢: ٢١٣، تفسير البيضاوي ١: ٤٨٨، تفسير النسفي هامش الخازن ٢: ٢١٢، تفسير النيسابوري هامش الطبري ١٠: ٣٦، تذكرة السبط ص ٢٢، إمتاع المقريزي ص ٤٩٩، الروض الأنف ٢: ٣٢٨، كامل ابن الأثير ٢: ١٢١، تفسير الرازي ٤: ٤٠٨، شرح النهج لابن أبي الحديد ٢: ٢٦٠، شرح المواهب للزرقاني ٣: ٩١، الإصابة لابن حجر ٢: ٥٠٩، تاريخ الخميس ٢: ٤١، الصواعق ص ١٩. السيرة النبويّة لزيني دحلان ٢: ٣٦٤.

وينبأ عن إطباق الصّحابة الأوّلين على هذه المأثرة لأمير المؤمنين استنشاده عليه السلام بها أصحاب الشورى يوم ذاك بقوله: أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّه لا يؤدِّي عنِّي إلّا أنا أو رجلٌ منِّي، غيري؟ قالوا: لا.

وقد أسلفنا حديث المناشدة يوم الشورى في الجزء الأول ص ١٥٩ - ١٦٣ وأنَّ هذه الجملة المذكورة عدّها إبن أبي الحديد من الصحيح وممّا استفاض في الرِّوايات من المناشدة يوم الشورى.

المتخلّص من سرد هذه الأحاديث هو تواتر معنوي أو إجمالي لوقوع أصل القصّة من استرداد الآي من أبي بكر وتشريف أمير المؤمنين عليه السلام بتبليغها ونزول الوحي المبين بأنّه لا يبلغ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم إلّا هو أو رجلٌ منه، ولا يجب علينا البخوع لبعض الخصوصيّات التي تفرَّد به بعض الطرق والمتون فإنَّها لا تعدو أن تكون آحاداً، وفي القصَّة إيعاز إلى أنَّ من لا يستصلحه الوحي المبين لتبليغ عدَّة آيات من الكتاب كيف يأتمنه على التعليم بالدّين كلّه، وتبليغ الأحكام والمصالح كلّها؟.

(الشاعر )

أبو عبد الله شمس الدين محمّد بن أحمد بن علي الهواري المالكي الأندلسي النحوي المعروف بابن جابر الأعمى، من أهل المريَّة(١) أحد رجالات الشعر والأدب متضلّع

____________________

١ - المرية بالفتح ثمَّ الكسر وتشديد الياء، مدينة كبيرة من كورة البيرة من أعمال الأندلس.

٣٥٠

من النحو والتاريخ والسير والحديث، ولد سنة ٦٩٨ وقرأ القرآن والنحو على محمّد بن يعيش، والفقه على محمّد بن سعيد الرندي، والحديث على أبي عبد الله الزواوي، ثمَّ رحل إلى الشرق وصحب أبا جعفر أحمد بن يوسف الألبيري(١) الطليطلي(٢) الشيهر بالبصير المتوفّى سنة ٧٧٩، وشمَّرا لطلب العلم والأدب ذراعاً، ومدّا إلى التاريخ باعاً، فكان المترجم يؤلّف وينظّم ويملي، وصاحبه يقرأ عليه ويكتب، حتّى نبغا في الأدب غير أنَّ المترجم أكثر نظماً، ولم يزالا على ذلك طيلة عمرهما، وسمعا بمصر من أبي حيّان، ثمَّ حجّا ورجعا إلى الشام وسمعا الحديث من المزّي أبي الحجّاج الدمشقي المتوفّى ٧٤٢ والجندي وابن كاميار ثمَّ قطنا حلب وحدَّثا بها ثمَّ غادراها إلى البيرة فاستمرّا بها نحواً من خمسين سنة إلى أن تزوَّج إبن جابر في الآخر فتهاجرا. يروي عن المترجم جماعة منهم: محمّد بن أحمد بن الحريري قاضي حلب وأجاز لمن أدرك حياته ومات في جمادى الآخرة سنة ٧٨٠.

تآليفه:

١ - شرح الألفية لابن مالك، قال السيوطي في «البغية»: كتابٌ مفيدٌ يعتني بالإعراب للأبيات وهو جليلٌ جدّاً نافعٌ للمبتدئين.

٢ - نظم الفصيح لثعلب أبي العبّاس الشيباني المتوفّى ٢٩١.

٣ - نظم كفاية المتحفّظ.

٤ - شرح ألفيّة إبن المعطي في ثمان مجلّدات، قاله السيوطي في «بغية الوعاة» وفي «شذرات الذهب»: ثلاث مجلّدات.

٥ - ديوان شعره الكثير المتنوِّع.

٦ - مقصورة في مدح النبيِّ الأعظم في ٢٩٦ بيتاً أوَّلها:

بادر قلبي للهوى وما ارتأى

لما رأى من حسنها ما قد رأي

٧ - بديعيّته المشهورة ببديعيَّة العميان المسمّاة ب‍ [الحلّة السيرا في مدح خير الورى] مرَّ مستهلّه والإيعاز إلى شرحه في ترجمة صفيّ الدين الحلّي، سمعها منه شرف الدين أبو بكر محمّد بن عمر العجلوني المتوفّى ٨٠١، وسمعها منه إبن حجر كما

____________________

١ - البيرة بألف قطع: كورة كبيرة من الأندلس.

٢ - طليطلة بضم الطاءين وفتح اللام أو ضم الأولى وفتح الثانية: مدينة كبيرة بالأندلس.

٣٥١

في «شذرات الذهب» ٧ ص ١٠.

توجد ترجمته في الدرر الكامنة ٣: ٣٣٩، بغية الوعاة في طبقات النحاة ص ١٤، شذرات الذهب ٦: ٢٦٨، نفح الطيب ٤: ٣٧٣ - ٤٠٨ ذكر جملة ضافية من شعره، وذكر له قصيدةً يمدح بها النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم وفيها التورية بسور القرآن وهي:

في كل فاتحة للقول معتبره

حق الثناء على المبعوث بالبقره

في آل عمران قدما شاع مبعثه

رجالهم والنساء استوضحوا خبره

من مد للناس من نعماء مائدة

عمت فليست على الانعام مقتصره

أعراف نعماه ما حل الرجاء بها

إلّا وأنفال ذاك الجود مبتدره

به توسل إذ نادى بتوبته

في البحر يونس والظلماء معتكره

هود ويوسف كم خوف به أمنا

ولن يزوع صوت الرعد من ذكره

مضمون دعوة إبراهيم كان وفي

بيت الإله وفي الحجر التمس أثره

ذو أمة كدوي النحل ذكرهم

في كل قطر فسبحان الذي فطره

بكهف رحماه قد لاذ الورى وبه

بشرى ابن مريم في الانجيل مشتهره

سماه طه وحض الأنبياء على

حج المكان الذي من أجله عمره

قد أفلح الناس بالنور الذي عمروا

من نور فرقانه لما جلا غرره

أكابر الشعراء اللسن قد عجزوا

كالنمل إذ سمعت آذانهم سوره

وحسبه قصص للعنكبوت أتى

إذ حاك نسجا بباب الغار قد ستره

في الروم قد شاع قدما أمره وبه

لقمان وفق للدر الذي نثره

كم سجدة في طلى الأحزاب قد سجدت

سيوفه فأراهم ربه عبره

سباهم فاطر السبع العلا كرما

لمن بياسين بين الرسل قد شهره

في الحرب قد صفت الأملاك تنصره

فصار جمع الأعادي هازما زمره

لغافر الذنب في تفضيله سور

قد فصلت لمعان غير منحصره

شوراه أن تهجر الدنيا فزخرفها

مثل الدخان فيعشي عين من نظره

عزت شريعته البيضاء حين أتى

أحقاف بدر وجند الله قد نصره

فجاء بعد القتال الفتح متصلا

وأصبحت حجرات الدين منتصره

٣٥٢

بقاف والذاريات الله أقسم في

أنَّ الذي قاله حقٌّ كما ذكره

في الطور أبصر موسى نجم سؤدده

والأُفق قد شقّ إجلالاً له قمره

أسرى فنال من الرَّحمن واقعة

في القرب ثبّت فيه ربّه بصره

أراه أشياء لا يقوى الحديد لها

وفي مجادلة الكفّار قد أزره

في الحشر يوم امتحان الخلق يقبل في

صفّ من الرّسل كلٌّ تابعٌ أثره

كفٌّ يسبّح لله الحصاة بها

فاقبل إذا جاءك الحقّ الذي قدره

قد أبصرت عنه الدنيا تغابنها

نالت طلاقاً ولم يصرف لها نظره

تحريمه الحبّ للدنيا ورغبته

عن زهرة الملك حقّاً عندما نظره

في نون قد حقّت الأمداح فيه بما

أثنى به الله إذ أبدى لنا سيره

بجاهه سال نوحٌ في سفينته

سفن النجاة وموج لبحر قد غمره

وقالت الجنُّ: جاء الحقُّ فاتّبعوا

مزمّلاً تابعاً للحقّ لن يذره

مدَّثراً شافعاً يوم القيامة هل

أتى نبيُّ له هذا العلا زخره؟

في المرسلات من الكتب انجلى نبأ

عن بعثه سائر الأخبار قد سطره

ألطافه النازعات الضيم في زمن

يوم به عبس العاصي لما ذعره

إذ كوّرت شمس ذات اليوم وانفطرت

سماؤه ودعت ويلٌ به الفجره

وللسّماء انشقاقٌ والبروج خلت

من طارق الشهب والأفلاك مستتره

فسبّح اسم الذي في الخلق شفّعه

وهل أتاك حديث الحوض إذ نهره

كالفجر في البلد المحروس غرَّته

والشمس من نوره الوضّاح مستنره

والليل مثل الضحى إذ لاح فيه ألم

نشرح لك القول في أخباره العطره

ولو دعا التين والزيتون لا ابتدرا

إليه في الحين واقرأ تستبن خبره

في ليلة القدر كم قد حاز من شرف

في الفجر لم يكن الإنسان قد قدره

كم زلزلت بالجياد العاديات له

أرضٌ بقارعة التخويف منتشره

له تكاثر آيات قد اشتهرت

في كلِّ عصر فويلٌ للذي كفره

ألم تر الشَّمس تصديقاً له حبست

على قريش وجاء الرّوح إذ أمره

أرأيت أنَّ إله العرش كرَّمه

بكوثر مرسل في حوضه نهره

٣٥٣

والكافرون إذا جاء الورى طُردوا

عن حوضه فلقد تبّت يدا الكفره

إخلاص أمداحه شغلي فكم فلقٌ

للصبح أسمعت فيه الناس مفتخره

أزكى صلاتي على الهادي وعترته

وصحبه وخصوصاً منهمُ عشره

ثمَّ سمّى العشرة المبشَّرة وبعدها خصّ بالذكر حمزة والعبّاس وجعفراً وعقيلاً و خديجة وبنتها الزَّهراء سلام الله عليهم، وقد جاراه في قصيدته هذه أئمَّة الأدب في مدح النبيِّ صلى الله عليه وآله منهم الشيخ القلقشندي بقصيدة ذات ٥١ بيتاً أوَّلها:

عوّذت حبِّي بربِّ الناس والفلقِ

المصطفى المجتبى الممدوح بالخلقِ

والشيخ أبو عمران موسى الفاسي بقصيدة ذات ١٥٤ بيتاً أوّلها:

بدأت باسم الله في أوّل السطرٍ

فأسماؤه حصنٌ منيعٌ من الضرِّ

ولغيرهما قصيدة ذات ٤٠ بيتاً مستهلّها:

بحمد إله العرش استفتح القولا

وفي آية الكرسي أستمنح الطولا

ولآخر قصيدة ذات ٣٧ بيتاً مطلعها:

بسم الإله افتتاح الحمد والبقرة

مصلّياً بصلاةٍ لم تزل عطره

وللمترجم في نفح الطيب قوله:

جعلوا لأبناء الرّسول علامة

إنَّ العلامة شأن من لم يشهرِ

نور النبوَّة في كريم وجوههم

يغني الشريف عن الطراز الأخضر

قال الحافظ القسطلاني في المواهب اللدنيَّة كما في شرحه ج ٧ ص ٢١: فهذه الذريَّة الطاهرة قد خصَّوا بمزايا التشريف، وعمّوا بواسطة السيِّدة فاطمة بفضل ضيف، وألبسوا رداء الشرف، ومنحوا بمزيد الإكرام والتحف، وقد وقع الإصطلاح على اختصاصهم من بين الشرف كالعبّاسين والجعافرة [ذرية جعفر بن أبي طالب] بالشطفة(١) الخضراء لمزيد شرفهم، والسبب في ذلك كما قيل: أنَّ المأمون الخليفة العبّاسي أراد أن يجعل الخلافة في بني فاطمة فأتّخذ لهم شعاراً أخضر، وألبسهم ثياباً خضراً، لكون السّواد شعار العبّاسيين، والبياض شعار سائر المسلمين في جمعهم ونحوها، والأحمر مختلف في كراهته، والأصفر شعار اليهود بآخره، ثمَّ انثنى عزمه عن ذلك، وردّ

____________________

١ - الشطفة بضم المعجمة: القطعة.

٣٥٤

الخلافة لبني العبّاس فبقي ذلك شعار الأشراف العلويِّين من الزّهراء، لكنّهم اختصروا الثياب إلى قطعة من ثوب أخضر توضع على عمائمهم هي المسمّاة [بالشطفة] شعاراً لهم ثمَّ انقطع ذلك إلى أواخر القرن الثامن؛ قال في حوادث سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من إنباء الغمر بأبناء العمر: وفيها أمر السّلطان الأشرف أن يمتازوا عن الناس بعصائب «جمع عصابة» خضر على العمائم ففعل ذلك بمصر والشام وغيرهما وفي ذلك يقول الأديب أبو عبد الله إبن جابر الأُندلسي [وذكر البيتين المذكورين] والأديب شمس الدين الدمشقي:

أطراف تيجان أتت من سندس

خضر بأعلامٍ على الأشرافِ

والأشرف السلطان خصّهم لها

شرفاً ليفرقهم من الأطراف

والأشرف هو شعبان بن حسن بن الناصر، خنق سنة ٧٧٨.

٣٥٥

القرن الثامن

٧١

علاء الدين الحلي

أجاذرٌ منعت عيونك ترقدُ

بعراص بابل أم حسانٌ خرّدُ؟

ومعاطف عطفت فؤادك أم غصـ

ـون نقىً على هضباتها تتأوّدُ؟

وبروق غادية شجاك وميضها

أم تلك درٌّ في الثغور تنضّدُ؟

وعيون غزلان الصَّريم بسحرها

فتنتك أم بيضٌ عليك تجرَّدُ؟

يا ساهر الليل الطويل يمدُّهُ

عوناً على طول السهاد الفرقدُ

ومُهاجراً طيب الرقاد وقلبه

أسفاً على جمر الغضا يتوقَّدُ

ألا كففت الطرف إذ سفرت بدور

السعد بالسعدي عليك وتسعدُ

أسلمت نفسك للهوى متعرِّضاً

وكذا الهوى فيه الهوان السَّرمدُ

وبعثتَ طرفك رائداً ولرُبّما

صَرع الفتي دون الورود الموردُ

فغدوت في شرك الظباء مقيّداً

وكذا الضباء يصدن من يتصيّدُ

فلعبن أحياناً بلبّك لاهياً

بجمالهنَّ فكاد منك الحسّدُ

حتّى إذا علقت بهنَّ بعدت من

كثب فهل لك بعد نجد منجدُ؟

رحلوا فما أبقوا لجسمك بعدهم

رمقاً ولا جَلداً به تتجلَّدُ

واهاً لنفسك حيث جسمك بالحمى

يبلى وقلبك بالرَّكائب منجدُ

ألفت عيادتك الصَّبابة والأسى

وجفاك من طول السقام العوَّدُ

وتظنّ أنَّ البعد يعقب سلوةً

وكذا السلوُّ مع التباعد يبعدُ

يا نائماً عن ليل صبّ(١) جفنه

أرقٌ إذا غفت العيون الهجّدُ

ليس المنام لراقدٍ جهل الهوى

عجباً بلى عجبٌ لمن لا يرقدُ

نام الخليُّ من الغرام وطرف من

ألف الصّبابة والهيام مسهَّدُ

____________________

١ - الصب: العاشق يقال: رجل صب ج صبون

٣٥٦

أترى تقرُّ عيون صبً قلبه

في أسر مائسة القوام مقيَّدُ؟

شمسٌ على غصن يكاد مهابةً

لجمالها تعنوا البدور وتسجدُ

تفترّ عن شنب كأنَّ جمانه

بردٌ به عذب الزلال مبرَّدُ

ويصدُّني عن لثمه نارٌ غدت

زفرات أنفاسي بها تتصعَّدُ

من لي بقرب غزالة في وجهها

صبحٌ تجلّى عنه ليلٌ أسودُ؟

أعنو لها ذلّاً فتعرض في الهوى

دَلّاً وأمنحها الدنوّ وتبعدُ

تحمي بناظرها مخافة ناظر

خدّاً لها حسن الصّقال مورَّدُ

يا خال وجنتها المخلّد في لظي

ما خلت قبلك في الجحيم يخلّدُ

إلّا الذي جحد الوصيَّ وما حكى

في فضله يوم «الغدير» محمّدُ

إذ قام يصدع خاطباً ويمينه

بيمينه فوق الحدائج تعقدُ

ويقول والأملاك محدقةٌ به

والله مطّلعٌ بذلك يشهدُ

: من كنت مولاه فهذا حيدرٌ

مولاه من دون الأنام وسيِّدُ

يا ربّ وال وليّه واكبت مُعا

ديه وعاند من لحيدر يعندُ

والله ما يهواه إلّا مؤمنٌ

برٌّ ولا يقلوه إلّا ملحدُ

كونوا له عوناً ولا تتخاذلوا

عن نصره واسترشدوه تُرشدوا

قالوا: سمعنا ما تقول وما أتى

الرّوح الأمين به عليك يؤكّدُ

هذا «عليُّ» إمامنا ووليّنا

وبه إلى نهج الهدى نسترشد

حتّى إذا قبض النبيُّ ولم يكن

من بعده في وسط لحد يلحدُ(١)

خانوا مواثيق النبيِّ وخالفوا

ما قاله خير البريّة أحمدُ

واستبدلوا بالرُّشد غيّاً بعد ما

عرفوا الصواب وفي الضلال تردّدوا

وغدا سليل أبي قحافة سيِّداً

لهمُ ولم يك قبل ذلك سيّدُ

يا للرِّجال لأُمّةٍ مفتونةٍ

سادت على السّادات فيها الأعبدُ

أضحى بها الأقصى البعيد مقرّباً

والأقرب الأدنى يذاد ويُبعدُ

هلّا تقدّمه غداة براءة

إذ ردَّ وهو بفرط غيظ مكمدُ؟

____________________

١ - وفي نسخة: في لحده من بعد غسل يلحد.

٣٥٧

ويقول معتذراً: أقيلوني وفي

إدراكها قد كان قِدماً يجهدُ

أيكون منها المستقيل وقد غدا

في آخر يوصي بها ويؤكّدُ؟

ثمَّ اقتفى

فقضى بها خشناء يغلظ كلمها

ذلَّ الوليُّ بها وعزَّ المفسدُ

وأشار بالشّورى فقرَّب نعثلاً

منها فبئس الخائن

فغدا لمال الله في قربائه

عمداً يفرِّق جمعه ويبدِّدُ

ونفى أبا ذرّ وقرَّب فاسقاً(١)

كان النبيُّ له يصدُّ ويطردُ

لعبوا بها حيناً وكلٌّ منهمُ

متحيّرٌ في حكمها متردِّدُ

ولو اقتدوا بإمامهم ووليّهم

سعدوا به وهو الوليُّ الأوكدُ

لكنْ شقوا بخلافه أبداً وما

سعدوا به وهو الوصيُّ الأسعدُ

صنو النبيِّ ونفسه وأمينه

ووليّه المتعطّف المتودّدُ

كُتبا على العرش المجيد ولم يكن

في سالف الأيّام آدمُ يوجدُ

نوران قدسيّان ضمَّ علاهما

من شيبة الحمد ابن هاشم محتدُ

من لم يُقم وجهاً إلى صنم ولا

للّات والعزّى قديماً يسجدُ

والدين والإشراك لولا سيفه

ما قام ذا شرفاً وهذا يقعدُ

سَلْ عنه بدراً حين وافى شيبةً

شلواً عليه النائحات تعدَّدُ

وثوى الوليد بسيفه متعفّراً

وعليه ثوبٌ بالدماء مجسّدُ

وبيوم أُحد والرِّماح شوارعٌ

والبيض تصدر في النحور وتوردُ

مَن كان قاتل طلحة لما أتى

كالليث يرعد للقتال ويزبدُ

وأباد أصحاب اللواء وأصبحوا

مثلاً بهم يروى الحديث ويُسندُ؟

هذا يُجرُّ وذاك يرفع رأسه

في رأس منتصب وذاك مقيّدُ

وبيوم خيبر إذ براية «أحمد»

ولّى عتيق والبريّة تشهدُ

ومضى بها الثاني فآب يجرُّها

ذلّاً يوبّخ نفسه ويفنّدُ

____________________

١ - هو الحكم بن أبي العاص بن أمية عم عثمان بن عفان أخرجه رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة وطرده عنها، راجع الإستيعاب وغير واحد من المعاجم.

٣٥٨

حتّى إذا رجعا تميّز «أحمد»

حرداً وحقّ له بذلك يحردُ

وغدا يحدِّث مُسمعاً مَن حوله

والقول منه موفَّقٌ ومؤيَّدُ

: إنّي لأُعطي رايتي رجلاً وفي

بطلٌ بمختلس النفوس معوّدُ

رجلٌ يحبُّ الله ثمَّ رسوله

ويحبّه الله العليُّ وأحمدُ

حتّى إذا جنح الظلام مضى على

عجل وأسفر عن صبيحته غدُ

قال: إئت يا سلمان لي بأخي فقا

ل الطهر سلمانٌ: عليٌ أرمدُ

ومضى وعاد به يُقاد ألا لقد

شرف المقود عُلاً وعزَّ القيّدُ

فجلا قذاهُ بتفلة وكساه سا

بغةً بها الزرد الحديد منضَّدُ(١)

فيدٌ تناوله اللواء وكفّه

الأُخرى تُزرِّد درعه وتُبنِّدُ

ومضى بها قدماً وآب مظفَّراً

مستبشراً بالنَّصر وهو مؤيَّدُ

وهوى بحدِّ السيف هامة مرحب

فبراه وهو الكافر المتمرِّدُ

ودنا من الحصن الحصين وبابه

مستغلق حذر المنيَّة موصدُ

فدحاه مقتلعاً له فغدا له

حسّان ثابت في المحافل ينشدُ(٢)

إنَّ امرءاً حمل الرّتاج(٣) بخيبر

يوم اليهود لقدره لمؤبّدُ

حمل الرّتاج وماج باب قموصها

والمسلمون وأهل خيبر تشهدُ

واسأل حنيناً حين بادر جرولٌ(٤)

شاكي السِّلاح لفرصة يترصَّدُ

حتّى إذا ما أمكنته غشاهم

في فيلق يحكيه بحرٌ مزبدُ

وثوى قتيلاً أيمن(٥) وتبادرت

عصب الضَّلال لحتف أحمد تقصدُ

____________________

١ - درع سابغة: واسعة ج سوابغ. الزرد: الدرع المزرودة يتداخل بعضها في بعض ج زرود.

٢ - مرّ شعر حسان بن ثابت في هذه المأثرة الكريمة وشرحه في الجزء الثاني ص ٤٠.

٣ - الرتاج: الباب العظيم. الباب المغلق وفيه باب صغير.

٤ - هو أبو جرول صاحب راية هوازن يوم حنين، كان يوم ذاك على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه، إذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه، وكان يرتجز بقوله:

أنا أبو جرول لا براح

حتى يبيح القوم أو يباح

فهوى له على أمير المؤمنين من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ثمَّ ضربه فقطره ثمَّ قال:

قد علم القوم لدى الصباح

إني لدى الهيجاء ذو نضاح

٥ - أيمن بن أم أيمن بن عبيد. من المستشهدين في غزوة حنين.

٣٥٩

وتفرَّقت أنصاره من حوله

جزعاً كأنّهم النعام الشرَّدُ

ها ذاك منحدرٌ إلى وَهدٍ وذا

حذر المنيَّة فوق تلع يصعدُ

هلّا سألت غداة ولَّى جمعهم

خوف الردى إن كنت من يسترشد؟

من كان قاتل جرول ومذلَّ جيش

هوازن إلّا الوليّ المرشدُ؟

كلٌّ له فقد النبيُّ سوى أبي

حسن عليّ حاضرٌ لا يفقدُ

ومبيته فوق الفراش مجاهداً

بمهاد خير المرسلين يُمهّدُ

وسواه محزونٌ خلال الغار من

حذر المنيَّة نفسه تتصعَّدُ

وتعدُّ منقبة لديه وإنّها

إحدى الكبائر عند من يتفقّدُ

ومسيره فوق البساط مخاطباً

أهل الرقيم فضيلةٌ لا تُجحدُ

وعليه قد ردَّت(١) ذكاء وأحمد

من فوق ركبته اليمين موسَّد

وعليه ثانية بساحة بابل

رجعت كذا ورد الحديث المسندُ

ووليُّ عهد محمّد أفهل ترى

أحداً إليه سواه أحمد يعهدُ؟

إذ قال: إنّك وارثي وخليفتي

ومغسِّلٌ لي دونهم وملحّدُ

أم هل ترى(٢) في العالمين بأسرهم

بشراً سواه ببيت مكّة يولدُ؟

في ليلة جبريل جاء بها مع

الملأ المقدَّس حوله يتعبَّدُ

فلقد سما مجداً «عليّ» كما علا

شرفاً به دون البقاع المسجد

أم هل سواه فتىً تصدَّق(٣) راكعاً

لما أتاه السائل المسترفدُ؟

المؤثر المتصدِّق المتفضّل

المتمسِّك المتنسِّك المتزهِّدُ

الشّاكر المتطوِّع المتضرِّع

المتخضّع المتخشّع المتهجّدُ

الصّابر المتوكّل المتوسِّل

المتذلِّل المتململ المتعبِّدُ

رجلٌ يتيه به الفخار مفاخراُ

ويسود إذ يُعزى إليه السّوددُ

إن يحسدوه على عُلاه فإنّما

أعلا البريَّة رتبةً من يُحسدُ

____________________

١ - أسلفنا تفصيل القول في فضيلة ردّ الشمس للإمام عليه السلام في الجزء الثالث ص ١٢٦ - ١٤١.

٢ - قد مر حديث ولادته عليه السلام ببطن الكعبة المشرفة في هذا الجزء ص ٢١ - ٣٨.

٣ - هذه الفضيلة فصلنا القول فيها تفصيلا في ج ٢ ص ٤٧ و ج ٣ ص ١٥٦ - ١٦٦.

٣٦٠