فيه [يعني في الحديث] أنَّ عمر رضي الله عنه لم يكن يرى للجنب التيمّم لقول عمّار له: فأمّا أنت فلم تصلِّ، وقال: إنَّه جعل آية التيمّم مختصَّة بالحدث الأصغر و أدّى إجتهاده إلى أنَّ الجنب لا يتيمّم.
وقال إبن حجر: هذا مذهبٌ مشهورٌ عن عمر.
يُعرب الحديث عن أنَّ هذا الإجتهاد من الخليفة كان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو أعجب شئ طرق أُذن الدهر، كيف أكمل الله دينه ومثل مسئلة التيمّم العامَّة البلوى كانت غير معلومة في حياة النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبقي فيها مجالاً لمثل الخليفة أن يجهل بها أو يجتهد فيها؟ وكيف فتح باب الإجتهاد بمصراعيه على الأُمَّة مع وجوده صلى الله عليه وآله وسلم بين ظهرانيها؟.
فهلّا سأل الرَّجل رسول الله بعد ما خالفه عمّار، ورآه يتمعَّك بالتراب فيصلّي؟.
وهلّا أخبره عمّار يوم أجنبا بما علَّمه رسول الله من هديه وسنّته في التيمّم؟
وهلّا علم رسول الله ترك عمر الصَّلاة - وهي أهم الفرايض وأكملها - مهما أجنب ولم يجد الماء وأخبره بما جاء به الإسلام وقرّر في شرعه المقدَّس؟
وهلّا سأل عمر بعده صلّى الله عليه وآله وسلّم رجالاً خالفوه في رأيه هذا مثل عليّ أمير المؤمنين وإبن عبّاس وأبي موسى الأشعري والصَّحابة كلّهم غير عبد الله بن مسعود؟
وهل كان عمل أُولئك القائلين بالتيمّم على الجنب الفاقد للماء اتِّباعاً للسنَّة الثابتة المسموعة من رسول الله؟ أو كان مجرَّد رأي وإجتهاد أيضاً لدة إجتهاد الخليفة؟
وهلّا كان الخليفة يثق بعمّار يوم أخبره عن سنَّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلم يعدل عن رأيه؟ ولم ير إبن مسعود أنَّ عمر قنع بقول عمّار
.
وهل خفي على الخليفة ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين؟ قال: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً معتزلاً لم يصلِّ في القوم فقال: يا فلان ما منعك أن تصلّي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابةٌ ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد فإنَّه يكفيك
____________________