الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٣

الميزان في تفسير القرآن17%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 443

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111448 / تحميل: 6256
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ثقلاً أن يسمعوه فهم لا يسمعون القرآن سمع قبول و لا يفقهونه فقه إيمان و تصديق كلّ ذلك مجازاة لهم بما كفروا و فسقوا.

و قوله:( وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ ) أي على نعت التوحيد و نفي الشريك ولّوا على أدبارهم نافرين و أعرضوا عنه مستدبرين.

قوله تعالى: ( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) إلى آخر الآية، النجوى مصدر و لذا يوصف به الواحد و المثنّى و المجموع و المذكّر و المؤنّث و هو لا يتغيّر في لفظه.

و الآية بمنزلة الحجّة على ما ذكر في الآية السابقة أنّه جعل على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه و في آذانهم وقرا فقوله:( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ ) إلخ ناظر إلى جعل الوقر و قوله:( وَ إِذْ هُمْ نَجْوى) إلخ ناظر إلى جعل الأكنّة.

يقول تعالى: نحن أعلم بآذانهم الّتي يستمعون بها إليك و بقلوبهم الّتي ينظرون بها في أمرك - و كيف لا؟ و هو تعالى خالقها و مدبّر أمرها فإخباره أنّه جعل على قلوبهم أكنّة و في آذانهم وقرا أصدق و أحقّ بالقبول - فنحن أعلم بما يستمعون به و هو آذانهم في وقت يستمعون إليك، و نحن أعلم أي بقلوبهم إذ هم نجوى إذ يناجي بعضهم بعضاً متحرّزين عن الإجهار و رفع الصوت و هم يرون الرأي إذ يقول الظالمون أي يقول القائلون منهم و هم ظالمون في قولهم - إن تتبّعون إلّا رجلاً مسحوراً و هذا تصديق أنّهم لم يفقهوا الحقّ.

و في الآية إشعار بل دلالة على أنّهم كانوا لا يأتونهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاستماع القرآن علناً حذراً من اللائمة و إنّما يأتونه متستّرين مستخفين حتّى إذا رأى بعضهم بعضاً على هذا الحال تلاوموا بالنجوى خوفاً أن يحسّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المؤمنون بموقفهم فقال بعضهم لبعض: إن تتّبعون إلّا رجلاً مسحوراً، و بهذا يتأيّد ما ورد في أسباب النزول بهذا المعنى، و سنورده إن شاء الله في البحث الروائيّ الآتي.

قوله تعالى: ( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ) المثل بمعنى الوصف، و ضرب الأمثال التوصيف بالصفات و معنى الآية ظاهر، و هي

١٢١

تفيد أنّهم لا مطمع في إيمانهم كما قال تعالى:( وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) يس: ١٠.

قوله تعالى: ( وَ قالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ) قال في المجمع، الرفات ما تكسّر و بلي من كلّ شي‏ء، و يكثر بناء فعال في كلّ ما يحطم و يرضض يقال: حطام و دقاق و تراب و قال المبرّد: كلّ شي‏ء مدقوق مبالغ في دقّه حتّى انسحق فهو رفات. انتهى.

في الآية مضيّ في بيان عدم فقههم بمعارف القرآن حيث استبعدوا البعث و هو من أهمّ ما يثبته القرآن و أوضح ما قامت عليه الحجج من طريق الوحي و العقل حتّى وصفه الله في مواضع من كلامه بأنّه( لا رَيْبَ فِيهِ ) و ليس لهم حجّة على نفيه غير أنّهم استبعدوه استبعاداً.

و من أعظم ما يزين في قلوبهم هذا الاستبعاد زعمهم أنّ الموت فناء للإنسان و من المستبعد أن يتكوّن الشي‏ء عن عدم بحت كما قالوا: أ إذا كنّا عظاماً و رفاتاً بفساد أبداننا عن الموت حتّى إذا لم يبق منها إلّا العظام ثمّ رمت العظام و صارت رفاتاً أ إنّا لفي خلق جديد نعود أناسي كما كنّا؟ ذلك رجع بعيد و لذلك ردّه سبحانه إليهم بتذكيرهم القدرة المطلقة و الخلق الأوّل كما سيأتي.

قوله تعالى: ( قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ) جواب عن استبعادهم، و قد عبّروا في كلامهم بقولهم:( أَ إِذا كُنَّا ) فأمر سبحانه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأمرهم أمر تسخير أن يكونوا حجارة أو حديداً إلخ ممّا تبديله إلى الإنسان أبعد و أصعب عندهم من تبديل العظام الرفات إليه.

فيكون إشارة إلى أنّ القدرة المطلقة الإلهيّة لا يشقّها شي‏ء تريد تجديد خلقه سواء أ كان عظاماً و رفاتاً أو حجارة أو حديداً أو غير ذلك.

و المعنى: قل لهم ليكونوا شيئاً أشدّ من العظام و الرفات حجارة أو حديداً أو مخلوقاً آخر من الأشياء الّتي تكبر في صدورهم و يبالغون في استبعاد أن يخلق منه الإنسان - فليكونوا ما شاءوا فإنّ الله سيعيد إليهم خلقهم الأوّل و يبعثهم.

١٢٢

قوله تعالى: ( فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أي فإذا أجبت عن استبعادهم بأنّهم مبعوثون أيّاماً كانوا و إلى أيّ حال و صفة تحوّلوا سيسألونك و يقولون من يعيدنا إلى ما كنّا عليه من الخلقة الإنسانيّة؟ فاذكر لهم الله سبحانه و ذكّرهم من وصفه بما لا يبقى معه لاستبعادهم محلّ و هو فطره إيّاهم أوّل مرّة و لم يكونوا شيئاً و قل: يعيدكم الّذي خلقكم أوّل مرّة.

ففي تبديل لفظ الجلالة من قوله:( الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) إثبات الإمكان و رفع الاستبعاد بإراءة المثل.

قوله تعالى: ( فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَ يَقُولُونَ مَتى‏ هُوَ قُلْ عَسى‏ أَنْ يَكُونَ قَرِيباً ) قال الراغب: الإنغاض تحريك الرأس نحو الغير كالمتعجّب منه. انتهى.

و المعنى: فإذا قرعتهم بالحجّة و ذكّرتهم بقدرة الله على كلّ شي‏ء و فطرة إيّاهم أوّل مرّة وجدتهم يحرّكون إليك رؤسهم تحريك المستهزئ المستخفّ بك المستهين له و يقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً فإنّه لا سبيل إلى العلم به و هو من الغيب الّذي لا يعلمه إلّا الله لكن وصف اليوم معلوم بإعلامه تعالى و لذا وصفه لهم واضعاً الصفة مكان الوقت فقال: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، الآية.

قوله تعالى: ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) ( يَوْمَ ) منصوب بفعل مضمر أي تبعثون يوم كذا و كذا و الدعوة هي أمره تعالى لهم أن يقوموا ليوم الجزاء و استجابتهم هي قبولهم الدعوة الإلهيّة، و قوله:( بِحَمْدِهِ ) حال من فاعل تستجيبون و التقدير تستجيبون متلبّسين بحمده أي حامدين له تعدّون البعث و الإعادة منه فعلاً جميلاً يحمد فاعله و يثنى عليه لأنّ الحقائق تنكشف لكم اليوم فيتبيّن لكم أنّ من الواجب في الحكمة الإلهيّة أن يبعث الناس للجزاء و أن تكون بعد الاُولى اُخرى.

و قوله:( وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) أي تزعمون يوم البعث أنّكم لم تلبثوا في القبور بعد الموت إلّا زماناً قليلاً و ترون أنّ اليوم كان قريباً منكم جدّاً.

و قد صدّقهم الله في هذه المزعمة و إن خطّأهم فيما ضربوا له من المدّة قال

١٢٣

تعالى:( قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) المؤمنون، ١١٤، و قال:( وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ ) الروم: ٥٦ إلى غير ذلك من الآيات.

و في التعرّض لقوله:( وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ) تعريض لهم في استبطائهم اليوم و استهزائهم به، و تأييد لما مرّ من رجاء قربه في قوله:( قُلْ عَسى‏ أَنْ يَكُونَ قَرِيباً ) أي و إنّكم ستعدّونه قريباً، و كذا في قوله:( فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ) تعريض لهم في استهزائهم به و تعجّبهم منه أي و إنّكم ستحمدونه يوم البعث و أنتم اليوم تستبعدونه و تستهزؤن بأمره.

قوله تعالى: ( قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ) إلخ يلوح من السياق أنّ المراد بعبادي هم المؤمنون فالإضافة للتشريف، و قوله:( قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا ) إلخ أي مُرهم أن يقولوا فهو أمر و جواب أمر مجزوم، و قوله:( الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أي الكلمة الّتي هي أحسن، و هو اشتمالها على الأدب الجميل و تعرّيها عن الخشونة و الشتم و سوء الأمر.

الآية و ما بعدها من الآيتين ذات سياق واحد، و خلاصة مضمونها الأمر بإحسان القول و لزوم الأدب الجميل في الكلام تحرّزاً عن نزغ الشيطان، و ليعلموا أنّ الأمر إلى مشيّة الله لا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى يرفع القلم عن كلّ من آمن به و انتسب إليه و يتأهّل للسعادة، فله ما يقول، و له أن يحرم غيره كلّ خير و يسي‏ء القول فيه فما للإنسان إلّا حسن سريرته و كمال أدبه، و قد فضّل الله بذلك بعض الأنبياء على بعض و خصّ داود بإيتاء الزبور الّذي فيه أحسن القول و جميل الثناء على الله سبحانه.

و من هنا يظهر أنّ المؤمنين قبل الهجرة ربّما كانوا يحاورون المشركين فيغلظون لهم في القول و يخاشنونهم بالكلام و ربّما جبّهوهم بأنّهم أهل النار، و أنّهم معشر المؤمنين أهل الجنّة ببركة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان ذلك يهيّج المشركين

١٢٤

عليهم و يزيد في عداوتهم و يبعثهم إلى المبالغة في فتنتهم و تعذيبهم و إيذاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و العناد مع الحقّ.

فأمر الله سبحانه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأمرهم بقول الّتي هي أحسن و المقام مناسب لذلك فقد تقدّم آنفاً حكاية إساءة الأدب من المشركين إلى النبيّ و تسميتهم إيّاه رجلاً مسحوراً و استهزائهم بالقرآن و بما فيه من معارف المبدء و المعاد، و هذا هو وجه اتّصال الآيات الثلاث بما قبلها و اتّصال بعض الثلاث ببعض فافهم ذلك.

فقوله:( وَ قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أمر بالأمر و المأمور به قول الكلمة الّتي هي أحسن فهو نظير قوله:( وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل: ١٢٥ و قوله:( إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ) تعليل للأمر، و قوله:( إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ) تعليل لنزغ الشيطان بينهم.

و ربّما قيل: إنّ المراد بقول الّتي هي أحسن الكفّ عن قتال المشركين و معاملتهم بالسلم و الخطاب للمؤمنين بمكّة قبل الهجرة فالآية نظيرة قوله:( وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) البقرة: ٨٣ على ما ورد في أسباب النزول، و أنت خبير بأنّ سياق التعليل في الآية لا يلائمه.

قوله تعالى: ( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ) قد تقدّم أنّ الآية و ما بعدها تتمّة السياق السابق، و على ذلك فصدر الآية من تمام كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي اُمر بإلقائه على المؤمنين بقوله:( قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا ) إلخ و ذيل الآية خطاب للنبيّ خاصّة فلا التفات في الكلام.

و يمكن أن يكون الخطاب في صدر الآية للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و المؤمنين جميعاً بتغليب جانب خطابه على غيبتهم، و هذا أنسب بسياق الآية السابقة و تلاحق الكلام، و الكلام لله جميعاً.

و كيف كان فقوله:( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ) في مقام تعليل الأمر السابق ثانياً، و يفيد أنّه يجب على المؤمنين أن يتحرّزوا من إغلاظ القول على غيرهم و القضاء بما الله أعلم به من سعادة أو شقاء كأن يقولوا:

١٢٥

فلان سعيد بمتابعة النبيّ و فلان شقيّ و فلان من أهل الجنّة و فلان من أهل النار و عليهم أن يرجعوا الأمر و يفوّضوه إلى ربّهم فربّكم - و الخطاب للنبيّ و غيره - أعلم بكم و هو يقضي فيكم على ما علم من استحقاق الرحمة أو العذاب إن يشأ يرحمكم و لا يشاء ذلك إلّا مع الإيمان و العمل الصالح على ما بيّنه في كلامه أو إن يشأ يعذّبكم و لا يشاء ذلك إلّا مع الكفر و الفسوق، و ما جعلناك أيّها النبيّ عليهم وكيلاً مفوّضاً إليه أمرهم حتّى تختار لمن تشاء ما تشاء فتعطي هذا و تحرم ذاك.

و من ذلك يظهر أنّ الترديد في قوله:( إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ) باعتبار المشيّة المختلفة باختلاف الموارد بالإيمان و الكفر و العمل الصالح و الطالح و أنّ قوله:( وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ) لردع المؤمنين عن أن يعتمدوا في نجاتهم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و الانتساب إلى قبول دينه نظير قوله:( لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) النساء: ١٢٣ و قوله:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى‏ وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) البقرة: ٦٢ و آيات اُخرى في هذا المعنى.

و في الآية أقوال اُخر تركنا التعرّض لها لعدم الجدوى.

قوله تعالى: ( وَ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ) صدر الآية توسعة في معنى التعليل السابق كأنّه قيل: و كيف لا يكون أعلم بكم و هو أعلم بكم و هو أعلم بمن في السماوات و الأرض و أنتم منهم.

و قوله:( وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ ) كأنّه تمهيد لقوله:( وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ) و الجملة تذكر فضل داودعليه‌السلام بكتابه الّذي هو زبور و فيه أحسن الكلمات في تسبيحه و حمده تعالى، و فيه تحريض للمؤمنين أن يرغبوا في أحسن القول و يتأدّبوا بالأدب الجميل في المحاورة و الكلام.

و لهم في تفسير الآية أقوال اُخرى تركنا التعرّض لها و من أرادها فليراجع المطوّلات.

١٢٦

( بحث روائي)

في تفسير القمّيّ، في قوله تعالى:( لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى‏ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ) قال: قال: لو كانت الأصنام آلهة كما تزعمون لصعدوا إلى العرش‏

أقول: أي لاستولوا على ملكه تعالى و أخذوا بأزمّة الاُمور و أمّا العرش بمعنى الفلك المحدّد للجهات أو جسم نورانيّ عظيم فوق العالم الجسمانيّ كما ذكره بعضهم فلا دليل عليه من الكتاب، و على تقدير ثبوته لا ملازمة بين الربوبيّة و الصعود على هذا الجسم.

و في الدرّ المنثور، أخرج أحمد و ابن مردويه عن ابن عمر أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ نوحاً لمّا حضرته الوفاة قال لابنيه: آمركما بسبحان الله و بحمده فإنّها صلاة كلّ شي‏ء، و بها يرزق كلّ شي‏ء.

أقول: قد ظهر ممّا قدّمناه في معنى تسبيح الأشياء الارتباط المشار إليه في الرواية بين تسبيح كلّ شي‏ء و بين رزقه فإنّ الرزق يقدّر بالحاجة و السؤال و كلّ شي‏ء إنّما يسبّح الله تعالى بالإشارة بإظهار حاجته و نقصه إلى تنزّهه تعالى من ذلك.

و في تفسير العيّاشيّ، عن أبي الصباح عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: قول الله:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) قال: كلّ شي‏ء يسبّح بحمده، و إنّا لنرى أنّ تنقّض الجدر هو تسبيحها.

أقول: و رواه أيضاً عن الحسين بن سعيد عنهعليه‌السلام .

و فيه، عن النوفليّ عن السكونيّ عن جعفر بن محمّد عن أبيهعليهما‌السلام قال: نهى رسول اللهعليه‌السلام أن يوسم البهائم و أن يضرب وجهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها.

أقول: و روى النهي عن ضربها على وجوهها الكلينيّ في الكافي، بإسناده

١٢٧

عن محمّد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: و في حديث آخر: لا تسمها في وجوهها.

و فيه، عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما من طير يصاد في برّ أو بحر و لا شي‏ء يصاد من الوحش إلّا بتضييعه التسبيح.

أقول: و هذا المعنى رواه أهل السنّة بطرق كثيرة عن ابن مسعود و أبي الدرداء و أبي هريرة و غيرهم عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و فيه، عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيهعليهما‌السلام : أنّه دخل عليه رجل فقال: فداك أبي و اُمّي إنّي أجد الله يقول في كتابه:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) فقال له: هو كما قال الله تبارك و تعالى.

قال: أ تسبّح الشجرة اليابسة؟ فقال: نعم أ ما سمعت خشب البيت كيف ينقصف؟ و ذلك تسبيحه فسبحان الله على كلّ حال.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ النمل يسبّحن.

و فيه، أخرج النسائيّ و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عمر قال: نهى رسول الله عن قتل الضفدع و قال: نعيقها تسبيح.

و فيه، أخرج الخطيب عن أبي حمزة قال: كنّا مع عليّ بن الحسين فمرّ بنا عصافير يصحن فقال: أ تدرون ما تقول هذه العصافير؟ فقلنا: لا فقال: أمّا إنّي ما أقول: إنّا نعلم الغيب و لكنيّ سمعت أبي يقول: سمعت عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين يقول: إنّ الطير إذا أصبحت سبّحت ربّها و سألته قوت يومها و إنّ هذه تسبّح ربّها و تسأل قوت يومها.

أقول: و روي أيضاً مثله عن أبي الشيخ و أبي نعيم في الحلية عن أبي حمزة الثماليّ عن محمّد بن عليّ بن الحسينعليه‌السلام و لفظه قال محمّد بن عليّ بن الحسين و سمع عصافير يصحن قال: تدري ما يقلن؟ قلت: لا قال: يسبّحن ربّهنّ عزّوجلّ و يسألن قوت يومهنّ.

١٢٨

و فيه، أخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت: دخل علىّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي: يا عائشة اغسلي هذين البردين فقلت: يا رسول الله بالأمس غسلتهما فقال لي: أ ما علمت أنّ الثوب يسبّح فإذا اتّسخ انقطع تسبيحه.

و فيه، أخرج العقيليّ في الضعفاء و أبوالشيخ و الديلميّ عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : آجال البهائم كلّها و خشاش الأرض و النمل و البراغيث و الجراد و الخيل و البغال و الدوابّ كلّها و غير ذلك آجالها في التسبيح فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، و ليس إلى ملك الموت منها شي‏ء.

أقول: و لعلّ المراد من قوله: و ليس إلى ملك الموت منها شي‏ء، أنّه لا يتصدّى بنفسه قبض أرواحها و إنّما يباشرها بعض الملائكة و الأعوان، و الملائكة أسباب متوسّطة على أيّ حال.

و فيه، أخرج أحمد عن معاذ بن أنس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه مرّ على قوم و هم وقوف على دوابّ لهم و رواحل فقال لهم: اركبوها سالمة و دعوها سالمة، و لا تتّخذوها كراسيّ لأحاديثكم في الطرق و الأسواق فربّ مركوبة خير من راكبها و أكثر ذكراً لله منه.

و في الكافي، بإسناده عن السكونيّ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: للدابّة على صاحبها ستّة حقوق: لا يحمّلها فوق طاقتها، و لا يتّخذ ظهرها مجلساً يتحدّث عليها، و يبدء بعلفها إذا نزل، و لا يسمها في وجهها، و لا يضربها فإنّها تسبّح، و يعرض عليها الماء إذا مرّ بها.

و في مناقب ابن شهرآشوب،: علقمة و ابن مسعود: كنّا نجلس مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و نسمع الطعام يسبّح و رسول الله يأكل، و أتاه مكرز العامري و سأله آية فدعا بتسع حصيات فسبّحن في يده‏، و في حديث أبي ذرّ: فوضعهنّ على الأرض فلم يسبّحن و سكتن ثمّ عاد و أخذهنّ فسبّحن. ابن عبّاس قال: قدم ملوك حضرموت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا كيف نعلم أنّك رسول الله؟ فأخذ كفّا من حصى فقال: هذا يشهد أنّي رسول الله فسبّح الحصا في يده و شهد أنّه رسول الله.

١٢٩

و فيه، أبو هريرة و جابر الأنصاريّ و ابن عبّاس و اُبيّ بن كعب و زين العابدين: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخطب بالمدينة إلى بعض الأجذاع فلمّا كثر الناس و اتّخذوا له منبراً و تحوّل إليه حنّ كما يحنّ الناقة، فلمّا جاء إليه و أكرمه كان يئنّ أنين الصبيّ الّذي يسكت.

أقول: و الروايات في تسبيح الأشياء على اختلاف أنواعها كثيرة جدّاً، و ربّما اشتبه أمرها على بعضهم فزعم أنّ هذا التسبيح العامّ من قبيل الأصوات، و أنّ لعامّة الأشياء لغة أو لغات ذات كلمات موضوعة لمعان نظير ما للإنسان مستعملة للكشف عمّا في الضمير غير أنّ حواسّنا مصروفة عنها و هو كما ترى.

و الّذي تحصّل من البحث المتقدّم في ذيل الآية الكريمة أنّ لها تسبيحاً هو كلام بحقيقة معنى الكلام و هو إظهارها تنزّه ربّها بإظهارها نقص ذاتها و صفاتها و أفعالها عن علم منها بذلك، و هو الكلام فما روي من سماعهم تسبيح الحصى في كفّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو سماع تسبيح الجبال و الطير إذا سبّح داودعليه‌السلام أو ما يشبه ذلك إنّما كان بإدراكهم تسبيحها الواقعيّ بحقيقة معناه من طريق الباطن ثمّ محاكاة الحسّ ذلك بما يناظره و يناسبه من الألفاظ و الكلمات الموضوعة لما يفيد ما أدركوه من المعنى.

نظير ذلك ما تقدّم من ظهور المعاني المجرّدة عن الصورة في الرؤيا فيما يناسبه من الصور المألوفة كظهور حقيقة يعقوب و أهله و بنيه ليوسفعليهما‌السلام في رؤياه في صورة الشمس و القمر و الكواكب و نظير سائر الرؤى الّتي حكاها الله سبحانه في سورة يوسف و قد تقدّم البحث عنها.

فالذي يناله من ينكشف له تسبيح الأشياء أو حمدها أو شهادتها أو ما يشابه ذلك حقيقة المعنى أوّلاً ثمّ يحاكيه الحسّ الباطن في صورة ألفاظ مسموعة تؤدّي ما ناله من المعنى. و الله أعلم.

و في الدرّ المنثور،: أخرج أبو يعلى و ابن أبي حاتم و صحّحه و ابن مردويه و أبو نعيم و البيهقيّ معا في الدلائل، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لمّا نزلت( تبّت

١٣٠

يَدا أَبِي لَهَبٍ ) أقبلت العوراء اُمّ جميل و لها ولولة و في يدها فهر و هي تقول:

مذممّا أبينا

و دينه قلينا

و أمره عصينا

و رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس و أبوبكر إلى جنبه فقال أبوبكر: لقد أقبلت هذه و أنا أخاف أن تراك فقال: إنّها لن تراني و قرء قرآناً اعتصم به كما قال تعالى:( وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ) فجاءت حتّى قامت على أبي بكر فلم تر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت: يا أبابكر بلغني أنّ صاحبك هجاني فقال أبوبكر: لا و ربّ هذا البيت ما هجاك فانصرفت و هي تقول: قد علمت قريش أنّي بنت سيّدها.

أقول: و روي أيضاً بطريق آخر عن أسماء و عن أبي بكر و ابن عبّاس مختصراً و رواه أيضاً في البحار، عن قرب الإسناد عن الحسن بن ظريف عن معمر عن الرضا عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام في حديث يذكر فيه جوامع معجزات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و في تفسير العيّاشيّ، عن زرارة عن أحدهماعليهما‌السلام قال: في( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) قال: هو أحقّ ما جهر به، و هي الآية الّتي قال الله:( وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ - بسم الله الرحمن الرحيم -وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) كان المشركون يستمعون إلى قراءة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا قرأ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) نفروا و ذهبوا فإذا فرغ منه عادوا و تسمّعوا.

أقول: و روي هذا المعنى أيضاً عن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام و رواه القمّيّ في تفسيره، مضمراً.

و في الدرّ المنثور، أخرج البخاريّ في تاريخه، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ أنّه قال: لم كتمتم( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فنعم الاسم و الله كتموا فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر ببسم الله الرحمن الرحيم و يرفع صوته بها فتولّى قريش فراراً فأنزل الله:( وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) .

و فيه، أخرج ابن إسحاق و البيهقيّ في الدلائل، عن الزهريّ قال: حدّثت

١٣١

أنّ أباجهل و أباسفيان و الأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو يصلّي بالليل في بيته فأخذ كلّ رجل منهم مجلساً يستمع فيه و كلّ لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا فجمعتهم الطريق فتلاوموا فقال بعضهم لبعض: لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً.

ثمّ انصرفوا حتّى إذا كانت الليلة الثانية عاد كلّ رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتّى طلع الفجر تفرّقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أوّل مرّة ثمّ انصرفوا حتّى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كلّ رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتّى إذا طلع الفجر تفرّقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتّى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثمّ تفرّقوا.

فلمّا أصبح الأخنس أتى أباسفيان في بيته فقال: أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمّد قال: و الله سمعت أشياء أعرفها و أعرف ما يراد بها و سمعت أشياء ما عرفت معناها و لا ما يراد بها. قال الأخنس: و أنا و الّذي حلفت به.

ثمّ خرج من عنده حتّى أتى أباجهل فقال: ما رأيك فيما سمعت من محمّد؟ قال: ما ذا سمعت؟ تنازعنا نحن و بنو عبد مناف في الشرف أطعموا فأطعمنا و حملوا فحملنا و أعطوا فأعطينا حتّى إذا تجانبنا على الركب و كنّا كفرسي الرهان قالوا: منّا نبيّ يأتيه الوحي من السماء فمتى تدرك هذه؟ لا و الله لا نؤمن به أبداً و لا نصدّقه فقام عنه الأخنس و تركه.

و في المجمع، كان المشركون يؤذون أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكّة فيقولون: يا رسول الله ائذن لنا في قتالهم فيقول لهم: إنّي لم أؤمر فيهم بشي‏ء فأنزل الله سبحانه:( قُلْ لِعِبادِي ) الآية: عن الكلبيّ.

أقول: قد أشرنا في تفسير الآية أنّه لا يلائم سياقها. و الله أعلم.

١٣٢

( سورة الإسراء الآيات ٥٦ - ٦٥)

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ( ٥٦ ) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ  إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ( ٥٧ ) وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا  كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ( ٥٨ ) وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ  وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا  وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ( ٥٩ ) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ  وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ  وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ( ٦٠ ) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ( ٦١ ) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ( ٦٢ ) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا ( ٦٣ ) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ  وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ( ٦٤ ) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ  وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا ( ٦٥ )

١٣٣

( بيان‏)

احتجاج من وجه آخر على التوحيد و نفي ربوبيّة الآلهة الّذين يدعون من دون الله و أنّهم لا يستطيعون كشف الضرّ و لا تحويله عن عبّادهم بل هم أمثالهم في الحاجة إلى الله سبحانه يبتغون إليه الوسيلة يرجون رحمته و يخافون عذابه.

و أنّ الضرّ و الهلاك و العذاب بيد الله، و قد كتب في الكتاب على كلّ قرية أن يهلكها قبل يوم القيامة أو يعذّبها عذاباً شديداً و قد كانت الأوّلون يرسل إليهم الآيات الإلهيّة لكن لمّا كفروا و كذّبوا بها و تعقّب ذلك عذاب الاستئصال لم يرسلها الله إلى الآخرين فإنّه شاء أن لا يعاجلهم بالهلاك غير أنّ أصل الفساد سينمو بينهم و الشيطان سيضلّهم فيحقّ عليهم القول فيأخذهم الله و كان أمراً مفعولاً.

قوله تعالى: ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلًا ) الزعم بتثليث الزاي مطلق الاعتقاد ثمّ غلب استعماله في الاعتقاد الباطل، و لذا نقل عن ابن عبّاس أنّ ما كان في القرآن من الزعم فهو كذب.

و الدعاء و النداء واحد غير أنّ النداء إنّما هو فيما إذا كان معه صوت و الدعاء ربّما يطلق على ما كان بإشارة أو غيرها، و ذكر بعضهم في الفرق بينهما أنّ النداء قد يقال إذا قيل: يا أو أيا أو نحوهما من غير أن يضمّ إليه الاسم، و الدعاء لا يكاد يقال إلّا إذا كان معه الاسم نحو يا فلان. انتهى.

و الآية تحتجّ على نفي اُلوهيّة آلهتهم من دون الله بأنّ الربّ المستحقّ للعباد يجب أن يكون قادراً على إيصال النفع و دفع الضرّ إذ هو لازم ربوبيّة الربّ على أنّ المشركين مسلّمون لذلك و إنّما اتّخذوا الآلهة و عبدوهم طمعاً في نفعهم و خوفاً من ضررهم لكنّ الّذين يدعونهم من دون الله لا يستطيعون ذلك فليسوا بآلهة، و الشّاهد على ذلك أن يدعوهم هؤلاء الّذين يعبدونهم لكشف ضرّ مسّهم أو تحويله عنهم إلى غيرهم فإنّهم لا يملكون كشفاً و لا تحويلاً.

و كيف يملكون من عند أنفسهم كشف ضرّ أو تحويله و يستقلّون بقضاء حاجة

١٣٤

و رفع فاقة و هم في أنفسهم مخلوقون لله يبتغون إليه الوسيلة يرجون رحمته و يخافون عذابه باعتراف من المشركين.

فقد بان أوّلاً أنّ المراد بقوله:( الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ) هم الّذين كانوا يعبدونهم من الملائكة و الجنّ و الإنس فإنّهم إنّما يقصدون بعبادة الأصنام التقرّب إليهم و كذا بعبادة الشمس و القمر و الكواكب التقرّب إلى روحانيّتهم من الملائكة.

على أنّ الأصنام بما هي أصنام ليست بأشياء حقيقيّة كما قال تعالى:( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ) .

و أمّا ما صنعت منه من خشب أو فلزّ فليس إلّا جماداً حاله حال الجماد في التقرّب إليه و السجود له و تسبيحه، و ليست من تلك الجهة بأصنام.

و ثانياً: أنّ المراد بنفي قدرتهم نفي استقلالهم بالقدرة من دون استعانة بالله و استمداد من إذنه و الدليل عليه قوله سبحانه في الآية التالية:( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى‏ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) إلخ.

و قال بعض المفسّرين: و كأنّ المراد من نفي ملكهم ذلك نفي قدرتهم التامّة الكاملة عليه، و كون قدرة الآلهة الباطلة مفاضة منه تعالى مسلّم عند الكفرة لأنّهم لا ينكرون أنّها مخلوقة لله تعالى بجميع صفاتها و أنّ الله سبحانه أقوى و أكمل صفة منها.

و بهذا يتمّ الدليل و يحصل الإفحام و إلّا فنفي قدرة نحو الجنّ و الملائكة الّذين عبدوا من دون الله تعالى مطلقاً على كشف الضرّ ممّا لا يظهر دليله فإنّه إن قيل هو أنّ الكفرة يتضرّعون إليهم و لا يحصل لهم الإجابة عورض بأنّا نرى أيضاً المسلمين يتضرّعون إلى الله تعالى و لا يحصل لهم الإجابة.

و قد يقال: المراد نفي قدرتهم على ذلك أصلاً و يحتجّ له بدليل الأشعريّ على استناد جميع الممكنات إليه عزّوجلّ ابتداء انتهى.

قلت: هو سبحانه يثبت في كلامه أنواعاً من القدرة للملائكة و الجنّ و الإنس في آيات كثيرة لا تقبل التأويل البتة غير أنّه يخصّ حقيقة القدرة بنفسه في مثل

١٣٥

قوله:( أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ) البقرة: ١٦٥ و يظهر به أنّ غيره إنّما يقدر على ما يقدر بإقداره و يملك ما يملك بتمليكه تعالى إيّاه فلا أحد مستقلّاً بالقدرة و الملك إلّا هو، و ما عند غيره تعالى من القدرة و الملك مستعار منوط في تأثيره بالإذن و المشيّة.

و على هذا فلا سبيل إلى تنزيل الحجّة في الآية على نفي قدرة آلهتهم من الملائكة و الجنّ و الإنس من أصلها بل الحجّة مبتنية على أنّ اُولئك المدعوّين غير مستقلّين بالملك و القدرة، و أنّهم فيما عندهم من ذلك كالداعين محتاجون إلى الله مبتغون إليه الوسيلة و الدعاء إنّما يتعلّق بالقدرة المستقلّة بالتأثير و الدعاء و المسألة ممّن هو قادر بقدرة غيره مالك بتمليكه مع قيام القدرة و الملك بصاحبهما الأصليّ فهو في الحقيقة دعاء و مسألة ممّن قام بهما حقيقة و استقلالاً دون من هو مملك بتمليكه.

و أمّا ما ذكره أنّ نفي قدرتهم مطلقاً غير ظاهر الدليل فإنّه إن قيل: إنّ الكفرة يتضرّعون إليهم و لا يحصل لهم الإجابة، عورض بأنّا نرى أيضاً المسلمين يتضرّعون إلى الله تعالى و لا يحصل لهم الإجابة، فقد أجاب الله سبحانه في كلامه عن مثل هذه المعارضة.

توضيح ذلك: أنّه تعالى قال و قوله الحقّ:( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) البقرة: ١٨٦ و قال:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) المؤمن: ٦٠ فأطلق الكلام و أفاد أنّ العبد إذا جدّ بالدعاء و لم يلعب به و لم يتعلّق قلبه في دعائه الجدّيّ إلّا به تعالى بأن انقطع عن غيره و التجأ إليه فإنّه يستجاب له البتّة ثمّ ذكر هذا الانقطاع في الدعاء و السؤال في ذيل هذه الآيات الّذي كالمتمّم لما في هذه الحجّة بقوله:( وَ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ) الآية ٦٧ من السورة فأفاد أنّكم عند مسّ الضرّ في البحر تنقطعون عن كلّ شي‏ء إليه فتدعونه بهداية من فطرتكم فيستجيب لكم و ينجيكم إلى البرّ.

و يتحصّل من الجميع أنّ الله سبحانه إذا انقطع العبد عن كلّ شي‏ء و دعاه

١٣٦

عن قلب فارغ سليم فإنّه يستجيب له و أنّ غيره إذا انقطع داعيه عن الله و سأله مخلصاً فإنّه لا يملك الاستجابة.

و على هذا فلا محلّ للمعارضة من قبل المشركين فإنّهم لا يستجاب لهم إذا دعوا آلهتهم و هم أنفسهم يرون أنّهم إذا مسّهم الضرّ في البحر و انقطعوا إلى الله و سألوه النجاة نجّاهم إلى البرّ و هم معترفون بذلك، و لئن دعاه المسلمون على هذا النمط عن جدّ في الدعاء و انقطاع إليه كان حالهم في البرّ حال غيرهم و هم في البحر و لم يخيبوا و لا ردّوا.

و لم يقابل سبحانه في كلامه بين دعائهم آلهتهم و دعاء المسلمين لإلههم حتّى يعارض باشتراك الدعاءين في الردّ و عدم الاستجابة و إنّما قابل بين دعاء المشركين لآلهتهم و بين دعائهم أنفسهم له سبحانه في البحر عند انقطاع الأسباب و ضلال كلّ مدعوّ من دون الله.

و من لطيف النكتة في الكلام إلقاؤه سبحانه الحجّة إليهم بواسطة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال:( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ) و لو ناقشه المشركون بمثل هذه المعارضة لدعا ربّه عن انقطاع و إخلاص فاستجيب له.

قوله تعالى: ( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى‏ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) إلى آخر الآية( أُولئِكَ ) مبتدأ و( الَّذِينَ ) صفة له و( يَدْعُونَ ) صلته و ضميره عائد إلى المشركين، و( يَبْتَغُونَ ) خبر( أُولئِكَ ) و ضميره و سائر ضمائر الجمع إلى آخر الآية راجعة إلى( أُولئِكَ ) و قوله:( أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) بيان لابتغاء الوسيلة لكون الابتغاء فحصا و سؤالاً في المعنى هذا ما يعطيه السياق.

و الوسيلة على ما فسّروه هي التوصّل و التقرّب، و ربّما استعملت بمعنى ما به التوصّل و التقرّب و لعلّه هو الأنسب بالسياق بالنظر إلى تعقيبه بقوله:( أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) .

و المعنى - و الله أعلم - اُولئك الّذين يدعوهم المشركون من الملائكة و الجنّ و الإنس يطلبون ما يتقرّبون به إلى ربّهم يستعلمون أيّهم أقرب؟ حتّى يسلكوا

١٣٧

سبيله و يقتدوا بأعماله ليتقرّبوا إليه تعالى كتقرّبه و يرجون رحمته من كلّ ما يستمدّون به في وجودهم و يخافون عذابه فيطيعونه و لا يعصونه إنّ عذاب ربّك كان محذوراً يجب التحرّز منه.

و التوسّل إلى الله ببعض المقرّبين إليه - على ما في الآية الكريمة قريب منه قوله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) المائدة: ٣٥ - غير ما يرومه المشركون من الوثنيّين فإنّهم يتوسّلون إلى الله و يتقرّبون بالملائكة الكرام و الجنّ و الأولياء من الإنس فيتركون عبادته تعالى و لا يرجونه و لا يخافونه و إنّما يعبدون الوسيلة و يرجون رحمته و يخافون سخطه ثمّ يتوسّلون إلى هؤلاء الأرباب و الآلهة بالأصنام و التماثيل فيتركونهم و يعبدون الأصنام و يتقرّبون إليهم بالقرابين و الذبائح.

و بالجملة يدّعون التقرّب إلى الله ببعض عباده أو أصنام خلقه ثمّ لا يعبدون إلّا الوسيلة مستقلّة بذلك و يرجونها و يخافونها مستقلّة بذلك من دون الله فيشركون بإعطاء الاستقلال لها في الربوبيّة و العبادة.

و المراد باُولئك الّذين يدعون إن كان هو الملائكة الكرام و الصلحاء المقرّبون من الجنّ و الأنبياء و الأولياء من الإنس كان المراد من ابتغائهم الوسيلة و رجاء الرحمة و خوف العذاب ظاهره المتبادر، و إن كان المراد بهم أعمّ من ذلك حتّى يشمل من كانوا يعبدونه من مردة الشياطين و فسقة الإنسان كفرعون و نمرود و غيرهما كان المراد بابتغائهم الوسيلة إليه تعالى ما ذكر من خضوعهم و سجودهم و تسبيحهم التكوينيّ و كذا المراد من رجائهم و خوفهم ما لذواتهم.

و ذكر بعضهم: أنّ ضمائر الجمع في الآية جميعا راجعة إلى اُولئك و المعنى اُولئك الأنبياء الّذين يعبدونهم من دون الله يدعون الناس إلى الحقّ أو يدعون الله و يتضرّعون إليه يبتغون إلى ربّهم التقرّب، و هو كما ترى.

و قال في الكشّاف، في معنى الآية: يعني أنّ آلهتهم اُولئك يبتغون الوسيلة و هي القربة إلى الله تعالى، و( أَيُّهُمْ ) بدل من واو( يَبْتَغُونَ ) و أيّ موصولة أي يبتغي من

١٣٨

هو أقرب منهم و أزلف الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب؟

أو ضمّن( يَبْتَغُونَ إِلى‏ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) معنى يحرصون فكأنّه قيل: يحرصون أيّهم يكون أقرب إلى الله و ذلك بالطاعة و ازدياد الخير و الصلاح و يرجون و يخافون كما غيرهم من عباد الله فكيف يزعمون أنّهم آلهة. انتهى.

و المعنيان لا بأس بهما لو لا أنّ السياق لا يلائمهما كلّ الملاءمة و ثانيهما أقرب إليه من أوّلهما.

و قيل: إنّ معنى الآية اُولئك الّذين يدعونهم و يعبدونهم و يعتقدون أنّهم آلهة يبتغون الوسيلة و القربة إلى الله تعالى بعبادتهم و يجتهد كلّ منهم ليكون أقرب من رحمته. انتهى. و هو معنى لا ينطبق على لفظ الآية البتّة.

قوله تعالى: ( وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً ) ذكروا أنّ المراد بالعذاب الشديد عذاب الاستئصال فيبقى للإهلاك المقابل له الإماتة بحتف الأنف فالمعنى ما من قرية إلّا نحن نميت أهلها قبل يوم القيامة أو نعذّبهم عذاب الاستئصال قبل يوم القيامة إذ لا قرية بعد طيّ بساط الدنيا بقيام الساعة و قد قال تعالى:( وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً :) الكهف: ٨ و لذا قال بعضهم: إنّ الإهلاك للقرى الصالحة و التعذيب للقرى الطالحة.

و قد ذكروا في وجه اتّصال الآية أنّها موعظة، و قال بعضهم: كأنّه تعالى بعد ما ذكر من شأن البعث و التوحيد ما ذكر، ذكر بعض ما يكون قبل يوم البعث ممّا يدلّ على عظمته سبحانه و فيه تأييد لما ذكر قبله.

و الظاهر أنّ في الآية عطفا على ما تقدّم من قوله قبل آيات:( وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً ) فإنّ آيات السورة لا تزال ينعطف بعضها على بعض، و الغرض العامّ بيان سنّة الله تعالى الجارية بدعوتهم إلى الحقّ ثمّ إسعاد من سعد منهم بالسمع و الطاعة و عقوبة من خالف منهم و طغى بالاستكبار.

١٣٩

و على هذا فالمراد بالإهلاك التدمير بعذاب الاستئصال كما نقل عن أبي مسلم المفسّر و المراد بالعذاب الشديد ما دون ذلك من العذاب كقحط أو غلاء ينجرّ إلى جلاء أهلها و خراب عمارتها أو غير ذلك من البلايا و المحن.

فتكون في الآية إشارة إلى أنّ هذه القرى سيخرب كلّ منها بفساد أهلها و فسق مترفيها، و أنّ ذلك بقضاء من الله سبحانه كما يشير إليه ذيل الآية، و بذلك يتّضح اتّصال الآية التالية( وَ ما مَنَعَنا ) إلخ بهذه الآية فإنّ المعنى أنّهم مستعدّون للفساد مهيّؤن لتكذيب الآيات الإلهيّة و هي تتعقّب بالهلاك و الفناء على من يردّها و يكذّب بها و قد أرسلناها إلى الأوّلين فكذّبوا بها و استؤصلوا فلو أنّا أرسلنا إلى هؤلاء شيئاً من جنس تلك الآيات المخوّفة لحق بهم الإهلاك و التدمير و انطوى بساط الدنيا فأمهلناهم حتّى حين و سيلحق بهم و لا يتخطّاهم - كما اُشير إليه في قوله:( وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ) الآيات: يونس: ٤٧.

و ذكر بعضهم: أنّ المراد بالقرى في الآية القرى الكافرة و أنّ تعميم القرى لا يساعد عليه السياق انتهى. و هو دعوى لا دليل عليها.

و قوله:( كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً ) أي إهلاك القرى أو تعذيبها عذاباً شديداً كان في الكتاب مسطوراً و قضاء محتوماً، و بذلك يظهر أنّ المراد بالكتاب اللوح المحفوظ الّذي يذكر القرآن أنّ الله كتب فيه كلّ شي‏ء كقوله:( وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ :) يس: ١٢، و قوله:( وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) يونس: ٦١.

و من غريب الكلام ما ذكره بعضهم: و ذكر غير واحد أنّه ما من شي‏ء إلّا بيّن فيه أي في اللوح المحفوظ و الكتاب المسطور بكيفيّاته و أسبابه الموجبة له و وقته المضروب له، و استشكل العموم بأنّه يقتضي عدم تناهي الأبعاد، و قد قامت البراهين النقليّة و العقليّة على خلاف ذلك فلا بدّ أن يقال بالتخصيص بأن يحمل الشي‏ء على ما يتعلّق بهذه النشأة أو نحو ذلك.

١٤٠

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443