الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٧

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 417

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 417
المشاهدات: 184796
تحميل: 6026


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184796 / تحميل: 6026
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فأراد أن يجعل السدس للّتي من قِبَل الامِّ فقال له رجلٌ من الأنصار: أما انَّك تترك التي لو ماتتا وهو حيّ كان إيّاها يرث، فجعل أبو بكر السدس بينهما.

(لفظ آخر):

إنَّ جدَّتين أتتا أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه امّ الامّ وامّ الأب فأعطى الميراث امّ الامّ دون امّ الأب فقال له عبد الرحمن بن سهيل - سهل - أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله! لقد أعطيت التي لو انّها ماتت لم يرثها. فجعله أبو بكر بينهما يعني السدس.

راجع موطأ مالك ١ ص ٣٣٥، سنن البيهقي ١ ص ٢٣٥، بداية المجتهد ٢ ص ٣٤٤، الاستيعاب ٢ ص ٤٠٠، الإصابة ٢ ص ٤٠٢ وقال: رجاله ثقاتٌ، كنز العمال ٦ ص ٦ نقلاً عن مالك، وسعيد بن منصور، وعبد الرزاق، والدارقطني، والبيهقي.

قال الأمينيّ: أوَ لا تعجب عن جهل الرّجل بحكم إرث الجدَّتين، وسرعة انقلابه عمّا ارتآه أوّ لاً بنقد رجل من الأنصار أو أخي بني حارثة؟ وكان ذلك النقد يستدعي حرمان الجدَّة من قبل الاُمّ لكنَّه شركهما في الميراث واتَّخذته الفقهاء مصدراً لحكمهم، وأصل الحكم مأخوذٌ من رواية المغيرة المخصوصة بالجدَّة الواحدة فانظر واعتبر.

وأمّا رأي الرجل الأنصاري في الجدَّة الذي زحزح الخليفة عن حكمه فلم يكن أخذاً بالكتاب والسنَّة بل كان مخالفاً لهما وفقاً لقول الشاعر:

بنونا بنوا أبناءنا وبناتُنا

بنوهنَّ أبناء الرِّجال الأباعدِ

فخصَّ القوم به قول الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظِّ الانثيين(١) لعقب الأبناء دون من عقبته البنات، وذهبوا إلى عدم شمول أحكام الأولاد في الفروض وغيرها على وليد بنت الرجل محتجِّين بقول الشاعر.

قال ابن كثير في تفسيره ٢ ص ١٥٥: قالوا: إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم فانَّه يختصُّ بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه واحتجّوا بقول الشاعر:

بنونا بنوا أبناءنا وبناتُنا

بنوهنَّ أبناء الرِّجال الأباعدِ ا ه‍

وقال البغدادي في خزانة الأدب ١ ص ٣٠٠: هذا البيت لا يُعرف قائله مع

____________________

١ - سورة النساء آية: ١١.

١٢١

شهرته في كتب النحاة وغيرهم. قال العيني: هذا البيت استشهد به النحاة على جواز تقديم الخبر، والفرضيّون على دخول أبناء الأبناء في الميراث، وإنَّ الانتساب إلى الآباء، والفقهاء كذلك في الوصيَّة، وأهل المعاني والبيان في التشبيه، ولم أر أحداً منهم عزاه إلى قائله.

وقال: رأيت في شرح الكرماني في شواهد شرح الكافية للخبيصي(١) انَّه قال: هذا البيت قائله أبو فراس همام الفرزدق ابن غالب(٢) ثمَّ ترجمه والله أعلم بحقيقة الحال. اهـ.

سبحانك اللّهمَّ ما أجرأهم على هذا الرأي - السياسيِّ - في دين الله لإخراج آل الله عن نبوَّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ ما قيمة قول الشاعر تجاه قول الله تعالى: قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم؟(٣) فهو نصٌّ صريحٌ على أنَّ الحسنين السبطين ابني النبيِّ الأقدس.

وقد سمّى الله سبحانه أسباط نوح ذريَّة له وليست الذريَّة إلّا ولد الرجل كما في القاموس ٢ ص ٣٤ فقال سبحانه: ومن ذريَّته داود وسليمان - إلى قوله -: و يحيى‏ وعيسى(٤) فعدَّ عيسى من ذريَّه نوح وهو ابن بنته مريم.

قال الرازي في تفسيره ٢ ص ٤٨٨: هذه الآية « يعني آية قل تعالوا » دالَّةٌ على أنَّ الحسن والحسين عليهما السَّلام كانا ابني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعد أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين فوجب أن يكونا إبنيه، وممّا يؤكّد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام: ومن ذريّته داود وسليمان - إلى قوله -: وزكريّا ويحيى وعيسى، ومعلومٌ انَّ عيسى انّما انتسب إلى إبراهيمعليه‌السلام بالامّ لا الأب فثبت انَّ ابن البنت قد يُسمّى إبناً والله أعلم.

وقال القرطبي في تفسيره ٤ ص ١٠٤: فيها « يعني آية تعالوا » دليلٌ على أنَّ

____________________

١ - شمس الدين أبو بكر الخبيصى اسمى شرحه بالمرشح.

٢ - نسبه صاحب جامع الشاهد الى عمر فى صفحة ٩١ فقال: هو من ابيات لعمر ابن الخطاب. وهذا أقرب الى ما يشاهد فيه من الالمام بالسياسة.

٣ - سورة آل عمران آية ٦١.

٤ - سورة الانعام آية ٨٤، ٨٥.

١٢٢

أبناء البنات يسمُّون أبناءاً. وقال في ج ٧ ص ٣١. عُدّ عيسى من ذريَّة ابراهيم و إنّما هو ابن البنت، فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذريّة النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا تمسَّك من رأى: أنَّ ولد البنات يدخلون في اسم الولد. قال أبو حنيفة والشافعي: من وقف وقفاً على ولده وولد ولده انَّه يدخل فيه ولد ولده وولد بناته ما تناسلوا. وكذلك إذا أوصى لقرابته يدخل فيه ولد البنت، والقرابة عند أبي حنيفة كلّ ذي رحم محرم.

إلى أن قال:

وقال مالك: لا يدخل في ذلك ولد البنات، وقد تقدَّم نحو هذا عن الشافعي ج ٤ ص ١٠٤ - والحجَّة لهما قوله سبحانه: يوصيكم الله في أولادكم. فلم يعقل المسلمون(١) من ظاهر الآية إلّا ولد الصلب وولد الإبن خاصّة. إلى أن قال: وقال ابن القصّار. وحجَّة من أدخل البنات في الأقارب قولهعليه‌السلام للحسن بن علي: إنّ ابني هذا سيِّد. ولا نعلم أحداً يمتنع أن يقول في ولد البنات لأنّهم ولد لأبي اُمّهم. و المعنى يقتضي ذلك لأنَّ الولد مشتقُّ من التولّد وهم متولّدون عن أبي امّهم لا محالة، والتولّد من جهة الاُمّ كالتولّد من جهة الأب، وقد دلَّ القرآن على ذلك، قال الله تعالى: ومن ذريَّته داود وسليمان. إلى قوله: من الصالحين فجعل عيسى من ذريَّته وهو ابن بنته. اهـ.

وأخرج ابن أبي حاتم باسناده عن أبي حرب بن الأسود قال: أرسل الحجّاج، إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني انَّك تزعم أنَّ الحسن والحسين من ذريّة النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تجده في كتاب؟ وقد قرأته من أوّله إلى آخره فلم أجده. قال: أليس تقرأ سورة الأنعام: ومن ذريّته داود وسليمان. حتّى بلغ: ويحيى وعيسى؟ قال بلى. قال: أليس عيسى من ذريّة إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت. فلهذا إذا أوصى الرجل لذريَّته أو وقف على ذريَّته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم. الخ. تفسير ابن كثير ٢ ص ١٥٥.

فبعد كون ذريَّة الرجل ولده على الإطلاق ودخل فيهم أولاد البنا ت لا ينبغي

____________________

١ - هذه فرية على المسلمين وحاشاهم أن يعقلوا من الاية خلاف ظاهرها من دون أي دليل صارف.

١٢٣

التفكيك في الأحكام عندئذ بين الذريّة والأولاد، ولا يسع لأيِّ أحد أن يرى أبناء البنات أبناء الرِّجال الأباعد خارجين عن ولد الرجل على الحقيقة، ويصحُّ له مع ذلك عدُّهم عن ذريَّته وليست إلّا ولد الرجل.

ويشهد على لغة القرآن المجيد وانَّ ولد البنت ابن أبيها على الحقيقة قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أخبرني جبريل: انَّ ابني هذا - يعني الحسين - يُقتل. وفي لفظ: إنَّ اُمَّتي ستقتل ابني هذا.

١ - طبقات ابن سعد، مستدرك الحاكم ٣: ١٧٧، اعلام النبوة للماوردي: ٨٣، ذخاير العقبى: ١٤٨،الصواعق: ١١٥.

٢ - وقوله: إبني هذا يُقتل بأرض من العراق.

دلائل النبوة لابي نعيم ٣، ٢٠٢، ذخاير العقبى ص ١٤٦.

٣ - وقوله للحسن السبط: ابني هذا سيّد.

المستدرك ٣: ١٧٥، اعلام الماوردى ص ٨٣، تفسير ابن كثير ٣: ١٥٥.

٤ - وقوله لعلي: أنت أخي وأبو ولدي.

ذخاير العقبى ص ٦٦.

٥ - وقوله: إنَّ جبريل أخبرني انَّ الله عزَّ وجلَّ قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفاً وهو قاتل بدم ولدك الحسين سبعين ألفاً.

ذخاير العقبى ص ١٥٠

٦ - وقوله: المهدي من ولدي وجهه كالكوكب الدريِّ.

ذخاير العقبى ص ١٣٦.

٧ - هذان إبنايَ من أحبَّهما فقد أحبَّني: « الحسن والحسين »

المستدرك ٣: ١٦٦، تاريخ ابن عساكر ٤: ٢٠٤ كنز العمال ٦: ٢٢١.

٨ - وقوله لفاطمة الصدِّيقة: ادعي لي إبنيَّ.

تاريخ ابن عساكر ٤: ٣١٦.

٩ - وقوله لأنس: ادع لي إبني.

تاريخ ابن كثير ٨: ٢٠٥.

١٠ - وقوله ادعوا إبني. فأتى الحسن بن علي.

ذخاير العقبى ص ١٢٢.

١١ - وقوله: أللّهم إنَّ هذا إبني - الحسن - وأنا اُحبُّه فاحبّه وأحبَّ من يحبُّه. تاريخ ابن عساكر ٤: ٢٠٣.

١٢٤

١٢ - وقوله لعليّ: أيّ شيء سمَّيت إبني؟ قال: ما كنت لأسبقك بذلك، فقال: وما أنا السابق ربِّي فهبط جبريل فقال: يا محمَّد إنَّ ربَّك يقرئك السَّلام ويقول لك: عليُّ منك بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبيَّ بعدك، فسمِّ ابنك هذا باسم ولد هارون.

ذخاير العقبى ص ١٢٠.

١٣ - وقوله: أروني إبني ما سمَّيتموه. قاله لمـّا ولد الحسن، وفي ولادة الحسين، وكذلك في ولادة محسن بن عليّ.

المستدرك ٣: ١٨٠، كنز العمال ٧: ١٠٧، ١٠٨ عن الدار قطني، وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن حبان، والدولابي، والبيهقي، والحاكم، والخطيب.

١٤ - وقوله: اطلبوا ابنيَّ. لمـّا ضلَّ الحسن والحسين.

كنز العمال ٧: ١٠٨.

١٥ - وقوله: إبنيَّ هذين ريحانتيَّ من الدنيا. يعني الحسنين.

الصواعق، ١١٤، كنز العمال ٦: ٢٢٠، ج ٧: ١٠٩.

١٦ - وقوله: إبني إرتحلني.

أخرجه أحمد. والبغوي. والطبراني. والحاكم. والبيهقي. وسعيد بن منصور. وابن عساكر في تاريخه ٤: ٣١٧، وابن كثير في تاريخه ٨: ٣٦، وراجع كنز العمال ٦: ٢٢٢، و ج ٧: ١٠٩.

١٧ - وقوله: هاتوا إبنيَّ أعوِّذهما بما عوَّذ به ابراهيم إبنيه.

تاريخ ابن عساكر ٤: ٢٠٩.

١٨ - وقوله لأنس: ويحك يا أنس دع إبني وثمرة فؤادي - يعني الحسن - كنز العمال ٦: ٢٢٢.

١٩ - وقوله: إبناي هذان: الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة.

الصواعق لابن حجر ص ١١٤.

٢٠ - وقوله في عليّ: هذا أخي وابن عمي وصهري وأبو ولدي.

كنز العمال ٦: ١٥٤.

٢١ - وقوله: سمَّيت إبنيَّ هذين باسم ابني هارون شبّر وشبير.

الصواعق ص ١١٥ كنز العمال ٦: ٢٢٢.

٢٢ - وقوله: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث

١٢٥

رجلاً من ولدي إسمه كاسمي. فقال سلمان: من أيِّ ولدك يا رسول الله! قال: من وَلدي هذا. وضرب بيده على الحسين.

ذخاير العقبى ص ١٣٦.

٢٣ - وقول الحسن السبط سلام الله عليه في خطبة له: أنا الحسن بن علي، و أنا ابن النبيِّ، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير.

المستدرك ٣: ١٧٢، ذخاير العقبى ص ١٣٨ ١٤٠، شرح ابن ابي الحديد ٤: ١١، مجمع الزوائد ٩: ١٤٦، اتحاف الشبراوي ص ٥.

٢٤ - وقوله لأبي بكر وهو في منبر جدِّه الأقدس: إنزل عن مجلس أبي فقال أبو بكر: صدقت إنَّه مجلس أبيك.

وفي لفظ: إنزل عن منبر أبي. فقال أبو بكر: منبر أبيك لا منبر أبي.

الرياض النضرة ١، ١٣٩ شرح ابن ابى الحديد ٢: ١٧، الصواعق ص ١٠٨، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٥٤، كنز العمال ٣: ١٣٢.

٢٥ - وقوله في وصيَّته: ادفنوني عند أبي - يعني المصطفى -.

إتحاف الشبراوى ص ١١.

٢٦ - وقول الحسين السبطعليه‌السلام لعمر: إنزل عن منبر أبي. فقال عمر: منبر أبيك لا منبر أبي، مَن أمرك بهذا؟

تاريخ ابن عساكر ٤: ٣٢١.

٢٧ - وقول إبن عبّاس: هذان - الحسن والحسين - إبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . تاريخ ابن عساكر ٤: ٢١٢، ٣٢٢.

٢٨ - وقول زهير بن قين مخاطباً الحسينعليه‌السلام : قد سمعنا يا بن رسول الله مقالتك.

جمهرة خطب العرب ٢: ٤٠.

٢٩ - وقول الإمام السبط الحسن الزكيِّ كما في الاتحاف للشبراوي ٤٩:

خيرة الله مِن الخلق أبي

بعد جدِّي وأنا ابن الخيرتين

فضِّةٌ قد صُيغِت من ذهب

فأنا الفضَّة ابن الذهبين

٣٠ - وقوله كما في الإتحاف ص ٥٧:

أنا ابن الذي قد تعلمون مكانه

وليس على الحقِّ المبين طحاءُ

١٢٦

أليس رسول الله جدّي ووالدي

أنا البدر إن حلَّ النجوم خفاءُ

٣١ - وقول الفرزدق في مدح الإمام السجّاد عليِّ بن الحسين عليهما السَّلام:

هذا ابن خير عباد الله كلّهم

هذا التقيُّ النقيُّ الطاهر العلم

٣٢ - وقول ابن بشر في زيد بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب عليهم السَّلام يمدحه:

إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة

نفى جدبها واخضرَّ بالنبت عودها

وزيدٌ ربيع الناس في كلّ شتوةٍ

إذا أخلفت أبراقها ورعودها

٣٣ - وقول أبي عاصم ابن حمزة الأسلمي يمدح الحسن بن زيد بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب عليهم السَّلام كما في زهر الآداب للحصري القيرواني ١ ص ٨٠:

ستأتي مدحتي الحسن بن زيد

وتشهد لي بصفّين القبورُ

قبورٌ لم تزلُ مذ غاب عنها

أبو حسنٍ تعاديها الدهورُ

قبورٌ لو بِأحمدَ أو عليٍّ

يلوذُ مجيرها حمي المجيرُ

هما أبواك من وضعا فضعه

وأنت برفع مَن رفعا جديرُ

٣٤ - وقول ابراهيم بن علي بن هرمه لَمّا نصحه الحسن بن زيد المذكور كما في زهر الآداب ١ ص ٨١.

نهاني ابن الرسول عن المدامِ

وأدَّبني بآداب الكرامِ

٣٥ - وقول أبي تمام الطائي(١) :

فعلتم بأبناء النبيِّ ورهطه

أفاعيلَ أدناها الخيانة والغدرُ

٣٦ - وقول دعبل الخزاعي:

فكيف ومِن أنىّ بطالب زلفة

إلى الله بعد الصَّوم والصَّلواتِ؟

سواحبِّ أبناءِ النبيّ ورَهطه

وبغض بني الزرقاء والعبلاتَ

٣٧ - وقوله:

ألم يحزنك انَّ بني زياد

أصابوا بالتراث بني النبيِّ

٣٨ - وقول الِحِمّاني:

____________________

١ - راجع فيما يلى من الابيات تراجم شعرائها فى أجزاء كتابنا هذا.

١٢٧

قومٌ لماء المعالي في وجوههمُ

عند التكُّرم تصويبٌ وتصعيدُ

يدعون أحمد إن عُدَّ الفخار أباً

والعود ينسب في أفناءه العودُ

٣٩ - وقول التنوخي:

من ابن رسول الله وابن وصيِّه

إلى مدخل في عقبة الدين ناصبِ

٤٠ - وقول الزاهي:

بنوا المصطفى تُفنون بالسيف عنوةً

ويسلمني طيف الهجوعِ فأهجعُ

٤١ - وقول الناشي:

بني أحمد قلبي بكم يتقطَّعُ

بمثل مصابي فيكمُ ليس يُسمعُ

٤٢ - وقول الصاحب بن عباد:

ما لعليِّ العليِّ أشباهُ

ولا والَّذي لا إ~له إلّا هو

مبناه مبني النبيّ تعرفه

وابْناهُ عند التفاخر إبناهُ

٤٣ - وقوله:

أيُجزُّ رأس ابن النبيِّ وفي الورى

حيُّ أمام ركابه لم يقتلِ؟

٤٤ - وقوله:

بمحمَّد ووصيّه وابنيهما

وبعابدٍ وبباقرين وكاظمِ

٤٥ - وقوله:

بمحمَّد ووصيِّه وابنيهما

الطاهرين وسيِّد العبَّادِ

٤٦ - وقول الصوري:

فلهذا أبناء أحمد أبناء

عليٍّ طرايدُ الآفاقِ

٤٧ - وقول مهيار الديلمى:

بأيّ حكمٍ بنوهُ يتبعونكمُ

وفخركم أنَّكم صحبٌ له تَبع؟

٤٨ - وقوله:

فيوم السَّقيفة يا بن النبيِّ

طرَّق يومك في كربلا

٤٩ - وقول ابن جابر:

جعلوا لأبناء الرَّسول علامةً

إنَّ العلامة شأنُ مَن لم يشهرِ

_٨_

١٢٨

٥٠ - وقال الشبراوي:

يا بن الرَّسول بامّك الزهر البتولِ

وجدِّك المأمول عند الناسِ

وغدوت في الأشراف يا بن المصطفى

كالعقل أو كالرّوح أو كالرّأسِ

فما المبرِّر عندئذ للخليفة في صفحه عمّا في كتاب الله وسنَّة نبيِّه وتلقّيه بالقبول قول الانصاريِّ الشاذّ عن الكتاب والسنَّة؟ وما عذر فقيه أو حافظ إتَّخذ رأي الأنصاري ديناً محتجّاً بقول شاعرٍ لم يُعرف بعدُ، وبين يديه القرآن والحديث والأدب؟

- ٣ -

رأي الخليفة في قطع السارق

عن صفيَّة بنت أبي عبيد: أنَّ رجلاً سرق على عهد أبي بكر رضي الله عنه مقطوعة يده ورجله فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يقطع رجله ويدع يده يستطيب بها ويتطهّر بها، وينتفع بها، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده لتقطعنَّ يده الاُخرى. فأمر به أبو بكر رضي الله عنه فقطعت يده.

وعن القاسم بن محمّد: أنَّ أبا بكر رضي الله عنه أراد أن يقطع رِجلاً بعد اليد والرِّجل فقال عمر رضي الله عنه: السنَّة اليد(١) .

إنَّ من موارد الحيرة انَّ الخليفة لا يعلم حدَّ السارق الذي هو من أهمِّ ما تجب عليه معرفته لحفظ الأمن العامِّ، وتهدأة الحالة، وقطع جرثومة الفساد، ومن المحيِّر ايضاً تسرّعه إلى الحكم قبل ما عزي إليه فيما مرَّ ص ١١٩ من الرجوع إلى الكتاب والسنَّة ثمَّ الإستعلام من الصحابة ثمَّ المشورة.

ثمَّ إنَّ الذي سدَّده في هذا القضيَّة لِمَ نسي الحكم أبّان خلافته فأراد عين ما أراده صاحبه. راجع الجزء السادس ص ١٣٦ ط ٢.

- ٤ -

رأي الخليفة في الجدِّ

عن ابن عبّاس وعثمان وأبي سعيد وابن الزبير قالوا: إنَّ أبا بكر جعل الجدَّ

____________________

١ - سنن البيهقى ٨ ص ٢٧٣، ٢٧٤.

١٢٩

أباً(١) يعنون انّه كان يعجب الاُخوة بالجدِّ ولم يشرك بينهما كما أنَّ الأب يحجب الاُخوة والأخوات.

قال الأميني: لم يكن رأي الخليفة هذا متّخذاً من الكتاب والسنَّة، ولم يكن يعمل به أحدٌ من الصحابة طيلة حياته، وما اتَّفق لجدّ يرث في أيَّامه حتى يؤيّد رأيه ويقال: إنَّ أحداً من الصحابة لم يخالف أبا بكر في حياته في رأيه هذا كما قاله البخاري والقرطبي(٢) وأوَّل جدّ كان في الإسلام فأراد أن يأخذ المال كلّه مال ابن ابنه دون اخوته هو عمر بن الخطاب فأتاه عليٌّ وزيد فقالا: ليس لك ذلك إنَّما كنت كأحد الأخوين، وقد فصَّلنا القول فيه في الجزء السادس ص ٢١٥ - ٢١٨ ط ٢ فأوَّل رجل خالف الخليفة في الجدِّ هو خليفته بعده، وقد اتَّفق عليٌّ وعمر وعثمان وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وابن مسعود على خلاف الخليفة على توريث الاُخوة مع الجدِّ(٣) وهو قول مالك والأوزاعي وأبي يوسف ومحمّد والشافعي وابن أبي ليلي(٤) .

وافتعل القوم للخليفة عذراً بأنّه كان يرى الجدّ أباً لمكان قوله تعالى: ملّة أبيكم إبراهيم. وقوله: يا بني آدم بتقرير إطلاق الأب على الجدِّ على الحقيقة. و لا يخفي على أيِّ أحد أنَّ صحَّة هذا الإطلاق لا توجب اتِّحاد الأب والجدِّ في جميع الأحكام، ألا ترى إنَّ صحَّة إطلاق الاُمّ على الجدَّة على الحقيقة وقولهم في تعريف الجدَّة: إنَّها الاُمّ العليا(٥) لا تستدعي الإشتراك في النصيب فيرون مع هذه للجدَّة السدس بالاتِّفاق. وفريضة الاُمِّ هي الثلث بالكتاب والسنَّة.

على أنَّ الصحابة الأوَّلين لم يكن عندهم أيّ ايعاز إلى هذا العذر المنحوت، ولو كانت لرأي الخليفة قيمةٌ وكرامةٌ لأباحه أحدٌ منهم، وفاهَ به عندما خالف عليٌّ وزيد عمر بن الخطاب ونهياه عن إعمال هذا الرأي.

____________________

١ - صحيح البخارى باب ميراث الجدّ، سنن الدارمى ٢ ص ٣٥٢، احكام القرآن للجصاص ١ ص ٩٤، سنن البيهقى ٦ ص ٢٤٦ تأريخ الخلفاء للسيوطى ص ٦٥.

٢ - راجع صحيح البخارى باب ميراث الجدّ. وتفسير القرطبى ٥ ص ٦٨.

٣ - صحيح البخارى باب ميراث الجدّ. سنن الدارمى ٢ ص ٣٥٤، بداية المجتهد ٢ ص ٣٤٠.

٤ - أحكام القرآن للجصاص ١ ص ٩٤، تفسير القرطبى ٥ ص ٦٨.

٥ - تفسير القرطبى ٥ ص ٦٨.

١٣٠

بل فيما رواه الدارمي عن الحسن من أنَّ الجدَّ قد مضت سنَّته، وانَّ أبا بكر جعل الجدَّ أباً، ولكن الناس تخيّروا(١) ايعازٌ إلى أنَّ السنَّة في الجدِّ ماضيةٌ ثابتةٌ وقد خالفها الخليفة، وتخيَّر الناس فخالفوه وعملوا بالسنَّة الشريفة.

- ٥ -

رأي الخليفة في تولية المفضول

قال الحلبي في السيرة النبويَّة ٣ ص ٣٨٦: إنَّ أبا بكر رضي الله عنه كان يرى جواز تولية المفضول على من هو أفضل منه وهو الحقُّ عند أهل السنَّة لأنَّه قد يكون أقدر من الأفضل على القيام بمصالح الدين، وأعرف بتدبير الأمر، وما فيه انتظام حال الرعيّة.

أجاب الحلبي بهذا عن تقديم أبي بكر عمر بن الخطاب وأبا عبيدة الجرّاح على نفسه في الخلافة وقوله: بايعوا أيّ الرجلين إن شئتم.

وقال الباقلاني في التمهيد ص ١٩٥ عند الجواب عن قول أبي بكر: وليتكم و لست بخيركم: يمكن أن يكون قد اعتقد أنَّ في الاُمَّة أفضل منه إلّا انَّ الكلمة عليه أجمع والاُمَّة بنظره أصلح، لكي يدلّهم على جواز إمامة المفضول عن عارض يمنع من نصب الفاضل، ولهذا قال للأنصار وغيرهم: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أحدهما: عمر بن الخطاب وأبا عبيدة الجراح، وهو يعلم أنَّ أبا عبيدة دونه و دون عثمان وعليّ في الفضل، غير أنَّه قد رأى أنَّ الكلمة تجتمع عليه، وتنحسم الفتنة بنظره. وهذا أيضاً ممّا لا جواب لهم عنه.

قال الأميني: الذي نرتأيه في الخلافة انّها إمرةٌ إلـ~ـهيَّةٌ كالنبوَّة، وإن كان الرسول خُصَّ بالتشريع والوحي الإ~لهي، وشأن الخليفة التبليغ والبيان، وتفصيل المجمل. وتفسير المعضل، وتطبيق الكلمات بمصاديقها، والقتال دون التأويل(٢) كما

____________________

١ - سنن الدارمى ٢ ص ٣٥٣.

٢ - وبهذا عرّف النبى صلى‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ مولانا امير المؤمنين بقوله: انّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟! قال: لا قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟! قال: لا ولكن خاصف النعل، وكان أعطى عليا نعله يخصفها. اخرجه جمع من الحفّاظ وصححه الحاكم والذهبى والهيثمى كما يأتى تفصيله.

١٣١

يُقاتل النبيُّ دون التنزيل، واظهار ما لم يتسنَّ للنبيِّ الاشادة به إمّا لتأخّر ظرفه، أو لعدم تهيّأ النفوس له، أو لغير ذلك من العلل، فكلُّ منهما داخلٌ في اللطف الآلهيِّ الواجب عليه بمعنى تقريب العباد إلى الطاعة وتبعيدهم عن المعصية، ولذلك خلقهم و استعبدهم وعلّمهم ما لم يعلموا، فلم يدع البشر كالبهائم ليأكلوا ويتمتّعوا ويُلههم الأمل.

ولكن خلقهم ليعرفوه، وليمكّنهم من الحصول على مرضاته، وسهَّل لهم الطريق إلى ذلك ببعث الرسل، وإنزال الكتب، وتواصل الوحي في الفينة بعد الفينة، وبما أنَّ أيّ نبيّ لم يُنط عمره بمنصرم الدنيا، ولا قُدِّر له البقاء مع الأبد، وللشرايع ظروفٌ مديدةٌ، كما أنَّ للشريعة الخاتمة أمدٌ لا منتهى له، فاذا مات الرسول ولشريعته إحدى المدَّتين وفي كلِّ منهما نفوسٌ لم تكمل بعدُ، وأحكامٌ لم تُبلّغ وإن كانت مشرَّعة، واُخرى لم تأت ظروفها، ومواليد قدِّر تأخير تكوينها، ليس من المعقول بعدُ أن تترك الاُمَّة سُدى والحالة هذه، والناس كلّهم في شمول ذلك اللطف والواجب عليه سبحانه شرع سواء، فيجب عليه جلّت عظمته أن يقيِّض لهم مَن يكمل الشريعة ببيانه، ويزيح شبه الملحدين ببرهانه، ويجلو ظلم الجهل بعرفانه، ويدرع عن الدين عادية أعدائه بسيفه وسنانه، ويقيم الأمت والعوج بيده ولسانه.

ومهما كان للمولى جلّت مننه عناية بعبيده، وقد ألزم نفسه باسداء البرِّ إليهم، وأن لا يوليِّهم إلّا الخير والسعادة، فعليه أن يختار لهم مَن ينوء بذلك العبأ الثقيل ويمثِّل مخلّفه الرسول في الوظايف كلّها، فينصّ عليه بلسان ذلك النبيِّ المبعوث ولا يجوز أن يخلي سربهم، ويتركهم سُدى، ألا ترى اًنَّ عبد الله بن عمر قال لأبيه: إنَّ الناس يتحدَّثون انِّك غير مستخلف، ولو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمَّ جاء وترك رعيته رأيت أن قد فرط - لرأيت أن قد ضيَّع - ورعية الناس أشدُّ من رعية الابل والغنم، ماذا تقول لله عزَّ وجلَّ إذ لقيته ولم تستخلف على عباده؟(١)

وقالت عائشة لابن عمر: يا بنيّ ابلغ سلامي وقل له: لا تدع اُمَّه محمَّد بلا

____________________

١ - سنن البيهقى ٨ ص ١٤٩ عن صحيح مسلم، سيرة عمر لابن الجوزى ص ١٩٠، الرياض النضرة ٢ ص ٧٤، حلية الاولياء ١ ص ٤٤، فتح البارى ١٣: ١٧٥ عن مسلم.

١٣٢

راعٍ، إستخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فإنِّي أخشى عليهم الفتنة(١) فتركُ الناس مهملين فيه خشيةُ الفتنة عليهم.

وقال عبد الله بن عمر لأبيه: لو استخلفت؟ قال: من؟ قال: تجتهد فإنَّك لست لهم بربّ، تجتهد، أرأيت لو أنَّك بعثت إلى قيِّم أرضك ألم تكن تحبٌّ أن يستخلف مكانه حتى يرجع إلى الارض؟ قال: بلى. قال: أرأيت لو بعثت إلى راعي غنمك ألم تكن تحبُّ أن يستخلف رجلاً حتى يرجع؟(٢) .

م وهذا معاوية بن أبي سفيان يتمسَّك بهذا الحكم العقليِّ المسلّم في استخلاف يزيد ويقول: إنِّي أرهب أن أدع امَّة محمَّد بعدي كالضان لا راعي لها](٣) .

ليت شعري هذا الدليل العقليُّ المتسالم عليه لِمَ أهملته الاُمَّة في استخلاف النبيِّ الأعظم واتَّهمته بالصفح عنه؟ أنا لا أدري.

ولا يجوز ايضاً توكل الأمر إلى أفراد الاُمَّة، أو إلى أهل الحلّ والعقد منهم لأنَّ ممّا أوجبه العقل السليم أن يكون الإمام مكتنفاً بشرايط بعضها من النفسيَّات - الخفيَّة الملكات التي لا يعلمها إلّا العالم بالسرائر(٤) كالعصمة والقداسة والروحيَّة، والنزاهة النفسيَّة لتبعده عن الأهواء والشهوات، والعلم الذي لا يضلُّ معه في شيء من الأحكام إلى كثير من الأوصاف التي تقوم بها النفس، ولا يظهر في الخارج منها إلّا جزئيّات من المستصعب الحكم باستقرائها على ثبوت كلِّياتها، وربُّك يعلم ما تكنُّ صدورهم وما يعلنون. (سورة القصص ٦٩) والله يعلم حيث يجعل رسالته.

فالاُمَّة المنكفئ علمها عن الغيوب لا يمكنها تشخيص من تحلّى بتلك الصفات فالغالب على خيرتها الخطأ، فإذا كان نبيُّ كموسى على نبيِّنا وآله وعليه‌السلام تكون وليدة اختياره من الآلاف المؤلِّفة سبعين رجلاً، وانّهم لَمّا بلغوا الميقات قالوا: أرنا الله جهرة؟ فما ظنُّك بأفراد عاديِّين واختيارهم، واُناس ماديِّين وانتخابهم، وما عساهم أن ينتخبوا غير أمثالهم ممَّن هو وإيّاهم سواسية كأسنان المشط في الحاجة إلى المسدّد،

____________________

١ - الامامة والسياسة ١ ص ٢٢.

٢ - طبقات ابن سعد ٣ ص ٢٤٩.

٣ - تاريخ الطبرى ٦: ١٧٠، الامامة والسياسة ١: ١٥١.

٤ - وقد اشبعنا القول فى البرهنة على لزوم هذه الملكات الفاضلة فى الامامة فى غير هذا المورد.

١٣٣

وليس من المأمون أن يقع انتخابهم على عائث، أو يكون إلتيائهم بمشاغب، أو يكون إنثيالهم وراء من يسرُّ على الاُمَّة حسواً في ارتغاء(١) أو يقع اختيارهم على جاهل يرتبك في الأحكام فيرتكب العظام، ويأتي بالجرائم، ويقترف المآثم وهو لا يعلم، أو يعلم ولا يكترث لأن يقول زوراً، ويحكم غروراً، فيفسدوا من حيث أرادوا أن يصلحوا، و يقعوا في الهلكة وهم لا يشعرون، كما وقعت أمثال ذلك في البيعة لمعاوية ويزيد وخلفاء الأمويِّين.

فعلى البارئ الرؤف الذي يكره كلَّ ذلك في خلقه أن لا يجعل لأحد من خلقه الخيرة فيها وقد خلقه ظلوماً جهولاً(٢) ألا يعلمً من خلق وهو اللّطيف الخبير(٣) ، وربُّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة في الأمر(٤) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينا.

(الأحزاب ٣٦).

وقد أخبر به النبيُّ الأعظم من أوَّل يومه يوم عرض نفسه على القبائل فبلغ بني عامر بن صعصعة ودعاهم إلى الله فقال. له قائلهم: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثمَّ أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: إنَّ الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء(٥) .

أنّي تسوغ أن تكون للخلق خيرة في الأمر مع شيوع الغايات والأغراض والدعاوي والميول والشهوات في الناس حول الإنتخاب، مع اختلاف الأنظار وتضارب الآراء والمعتقدات في تحليل نفسيّات الرجال والشخصيّات البارزة، مع كثرة الأحزاب والفرق والأقوام والطوائف المتشاكسة، مع شقاق القوميَّة والطائفيّة والشعوبيَّة الذايع الشايع في المسكين ابن آدم من أوَّل يومه.

____________________

١ - مثل يضرب لم يظهر امرا ويريد غيره - تاج العروس. ١ ص ١٥٣.

٢ - راجع الاحزاب: ٧٢.

٣ - سورة الملك آية ١٤.

٤ - سورة القصص آية ٦٧.

٥ - سيرة ابن هشام ٢ ص ٣٢، الروض الانف ١ ص ٢٦٤، بهجة المحافل لعماد الدين العامرى ١: ١٢٨، السيرة الحلبية ٢ ص ٣، سيرة زينى دحلان ١ ص ٣٠٢ هامش الحلبية، حياة محمد لهيكل ص ١٥٢.

١٣٤

وقد اقترن الإنتخاب من بدءِ بدءه بالتحارش والتلاكم والتكالم والتشازر و التصاخب والتخاصم حتى قُدَّت برودٌ يمانيَّة(١) ووقع البرَح براحاً(٢) وكم بالإنتخاب هُتكت حرمات؟ وأُهينت مقدَّسات، وأُضيعت حقايق، ودُحض الحقُّ الثابت، و دُحس الصالح العالم، واختلَّ الوئام، وأُقلق السَّلام، وسُفحت دماءٌ زكيَّة، و تشلشلت اشلاء الإسلام الصحيح، فجاء يطمع في الأمرَ من لا خلاق له مِن سوقيٍّ بٌرديّ، أو مبرطش ألهاه الصفق بالأسواق، أو بزّاز يحمل بني أبيه على رقاب الناس، أو حفّار قبور لا يعرف عرضه من طوله، أو طليق غاشم، أو خمّار سكِّير، أو مستهتر مشاغب، من الَّذين اتّخذوا عباد الله خولاً، ومال الله نحلاً، وكتاب الله دغلاً. ودين الله حولاً.

ومقتضى هذا البيان الضافي أن يكون الخليفة أفضل الخليفة أجمع في اُمّته لأنَّه لو كان في وقته من يماثله في الفضيلة أو من ينيف عليه إستلزم تعيينه الترجيح بلا مرجِّح أو التطفيف في كفَّة الرجحان.

على انَّ الامام لو قصر في شيء من تلك الصفات لأمكن حصول حاجته إلى المورد الذي نبأ عنه علمه، أو تضائلت عنه بصيرته، أو ضعفت عنه مُنَّته، فعندئذ الطامَّة الكبرى من الفتيا المجرَّدة، والرأي لا عن دليل، أو الأخذ عمَّن يسدِّده، وفي الأوَّل العيث والفشل، وفي الثاني سقوط المكانة، وقد أُخذ في الإمام مثل النبيِّ أن يكون بحيث يُطاع، وما أرسلنا من رسول إلّا ليطاع بإذن الله(٣) وقرنت طاعة الإمام بطاعة الله ورسوله في قوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم(٤) وذلك ليمكنه إقامة الحدود الآلهيَّة، ودحض الأباطيل وربما تسرَّبت الشبهة عن جهله إلى نفس الدعوة وحقيقة الدين إن كان عميده الداعي اليه يقصر عن الدفاع عنه وإزاحة الشكوك المتوجّهة إليه.

فكلُّ هذا يستدعي كماله في الصفات الكماليَّة كلّها فيفضل على الاُمَّة جمعاء،

____________________

١ - مثل يضرب فى شدة الخصومة، اى تخاصموا حتى تشاقوا الثياب الغالية.

٢ - البرح: الشدة والاذى والشر، والبراح: الصر / ح البين.

٣ - سورة النساء آية: ٦٤.

٤ - سورة النساء آية ٥٩.

١٣٥

قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون(١) قل هل يستوي الأعمى‏ والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور(٢) أفمن يهدي إلى الحقِّ أحقُّ أن يُتَّبع أمّن لا يهدّي إلّا أن يُهدى‏ فما لكم كيف تحكمون(٣) .

الخلافة عند القوم

نعم الخلافة التي تقول بها الجماعة لا تستدعي كلَّ ما ذكرنا فانَّهم يحسبون الخليفة أيَّ مستحوذٍ على الاُمّة يقطع السارق، ويقتصُّ القاتل، ويكلأ الثغور، ويحفظ الأمن العام إلى ما يشبه هذه ولا يخلع بفسق، ولا ينتقد بفاحشة مبيَّنة، ولا يُعاب بجهل، ولا يُؤاخذ بعثرة، ولا يُشترط فيه أيُّ من الملكات الكريمة، وله العتبى في كلِّ ذلك، وليس عليه من عتب.

كلمة الباقلانى

قال الباقلاني في التمهيد ص ١٨١: باب الكلام في صفة الإمام الذي يلزم العقد له.

فإن قال قائل: فخبِّرونا ما صفة الامام المعقود له عندكم؟ قيل لهم: يجب أن يكون على أوصاف: منها أن يكون قرشيّاً من الصميم، ومنها: أن يكون من العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضياً من قضاة المسلمين، ومنها: أن يكون ذا بصيرة بأمر الحرب، وتدبير الجيوش والسرايا، وسدِّ الثغور، وحماية البيضة وحفظ الاُمَّة، والانتقام من ظالمها، والأخذ لمظلومها، وما يتعلّق به من مصالحها.

ومنها: أن يكون ممَّن لا تلحقه رقَّة ولا هوادة في إقامة الحدود ولا جزع لضرب الرقاب والأبشار.

ومنها: أن يكون من أمثلهم في العلم وسائر هذه الأبواب التي يمكن التفاضل فيها، إلّا أن يمنع عارضٌ من إقامة الأفضل فيسوغ نصب المفضول، وليس من صفاته أن يكون معصوماً، ولا عالماً بالغيب، ولا أفرس الاُمّة وأشجعهم، ولا أن يكون من بني هاشم فقط دون غيرهم من قبائل قريش.

وقال في صفحة ١٨٥: فإن قالوا: فهل تحتاج الاُمّة إلى علم الإمام وبيان شيء

____________________

١ - سورة الزمر آية ٩.

٢ - سورة الرعد آية ١٦.

٣ - سورة يونس آية ١٣٥.

١٣٦

خُصَّ به دونهم، وكشف ما ذهب علمه عنهم؟ قيل لهم: لا؟ لأنَّه هو وهُم في علم الشريعة وحكمها سيّان. فإن قالوا: فلماذا يُقام الإمام؟ قيل لهم: لأجل ما ذكرناه من قبل من تدبير الجيوش، وسدِّ الثغور، وردع الظالم، والأخذ للمظلوم، وإقامة الحدود، وقسم الفيء بين المسلمين والدفع بهم في حجِّهم وغزوهم، فهذا الذي يليه و يُقام لأجله، فإن غلط في شيء منه، أو عدل به عن موضعه كانت الاُمَّة من ورائه لتقويمه والأخذ له بواجبه.

وقال في ص ١٨٦: قال الجمهور من أهل الاثبات وأصحاب الحديث: لا ينخلع الامام « بفسقه وظلمه بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرَّمة، و تضييع الحقوق، وتعطيل الحدود » ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه و ترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله، واحتجّوا في ذلك بأخبار كثيرة متظافرة عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الصَّحابة في وجوب طاعة الأئمَّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال، وانَّه قالعليه‌السلام : إسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع، ولو لعبد حبشيّ، وصلّوا وراء كلِّ برّ وفاجر. وروي انَّه قال: أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك، وأطيعوهم ما أقاموا الصَّلاة. في أخبار كثيرة وردت في هذا الباب وقد ذكرنا ما في هذا الباب في كتاب « إكفار المتأوِّلين » وذكرنا ما روي في معارضتها وقلنا في تأويلها بما يغني الناظر فيه إن شاء الله.

وقال في ١٨٦: وليس ممّا يوجب خلع الامام حدوث فضل في غيره ويصير به أفضل منه، وإن كان لو حصل مفضولاً عند ابتداء العقد لوجب العدول عنه إلى الفاضل، لأنَّ تزايد الفضل في غيره ليس بحدث منه في الدين، ولا في نفسه يوجب خلعه، و مثل هذا ما حكيناه عن أصحابنا أنَّ حدوث الفسق في الإمام بعد العقد له لا يوجب خلعه، وإن كان ما لو حدث فيه عند ابتداء العقد لبطل العقد له ووجب العدول.

قال الأميني: وممّا او عز إليه الباقلاني من الأخبار الكثيرة الدالَّة على وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال ولا ينعزل الإمام بالفسق ما يلي.

١ - عن حذيفة بن اليمان قال: قلت يا رسول الله! إنّا كنّا بشرٍّ فجاء الله بخير فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شرٌّ؟ قال: نعم. قلت: وهل وراء هذا الشرِّ

١٣٧

خيرٌ؟ قال نعم: قلت: فهل وراء ذلك الخير شرٌّ؟ قال: نعم. قلت: كيف يكون؟ قال: يكون بعدي أئمَّة لا يهتدون بهداي ولا يستنُّون بسنَّتي، وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس. قلت: كيف أصنع يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع.

صحيح مسلم ٢ ص ١١٩، سنن البيهقي ٨: ١٥٧.

٢ - عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم وتصلّون عليهم يصلّون عليكم، وشرار أئمَّتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا: يا رسول الله! أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصَّلاة، ألا ومن ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا تنزعنَّ يداً من طاعة.

صحيح مسلم ٢ ص ١٢٢، سنن البيهقي ٨: ١٥٩.

٣ - سأل سلمة بن يزيد الجعفي النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله! إن قامت علينا اُمراء يسألوننا حقَّهم ويمنعوننا حقَّنا فما تأمرنا؟ قال: فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمَّ سأله فقال: إسمعوا وأطعيوا فانَّما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم.

صحيح مسلم ٢ ص ١١٩ سنن البيهقي ٨: ١٥٨.

٤ - عن المقدام: انَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أطيعوا اُمراءكم ما كان، فإن أمروكم بما حدَّثتكم به؟ فانَّهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتكم، وإن أمروكم بشيء ممّا لم آمركم به فهو عليهم وأنتم منه برءاء، ذلك بأنَّكم إذا لقيتم الله قلتم: رَبَّنا لا ظلم. فيقول: لا ظلم. فيقولون: رَّبنا أرسلتَ إلينا رسلاً فأطعناهم باذنكَ. واستخلفتَ علينا خلفاء(١) فأطعناهم باذنكَ. وَأمَّرتَ علينا اُمراء فأطعناهم. قال: فيقول: صدقتم هو عليهم وأنتم منه برءاء. سنن البيهقي ٨ ص ١٥٩.

٥ - عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أبا اُميَّة لعلّك أن تخلف بعدي، فأطع الامام وان كان عبداً حبشيّاً، إن ضربك فاصبر، وإن

____________________

١ - هذا افتراء على الله، ان الله قطّ لم يستخلف ولم يأمر على الامّة اولئك الخلفاء والامراء وانما هم خيرة امّتهم، والشكر والعتب عليها مهما صلحوا أو جاروا.

١٣٨

أمرك بأمر فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن ظلمك فاصبر، وإن أمرك بأمر ينقص دينك فقل: سمع وطاعة، دمي دون ديني(١) .

وأخذاً بهذه الأحاديث قال الجمهور بعدم عزل الإمام بالفسق قال النووي في شرح مسلم هامش إرشاد الساري ٨: ٣٦ في ذيل هذه الأحاديث المذكورة عن صحيح مسلم: ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الاُمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلّا أن تروا منهم منكراً مُحقّقاً تعلمونه من قواعد اسلام فإذا رأيتم ذلك فانكروه عليهم، وقولوا بالحقِّ حيثما كنتم، وأمَّا الخروج عليهم وقتالهم فحرامٌ باجماع المسلمين وإن كانوا فسقةً ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنَّة أنّه لا ينعزل السلطان بالفسق - إلى أن قال: فلو طرأ على الخليفة فسقٌ قال بعضهم: يجب خلعه إلّا أن تترتَّب عليه فتنةٌ وحربٌ، وقال جماهير أهل السنَّة من الفقهاء والمحدِّثين والمتكلِّمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق، ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه.

قال الأميني: فما عذر عائشة وطلحة والزبير ومن تبعهم من الناكثين والمارقين في الخروج على مولانا أمير المؤمنين؟ هبه صلوات الله عليه آوى قتلة عثمان، وعطّل الحدود « معاذ الله » فأين العمل بهذه الأحاديث التي أخذتها الاُمَّة المسكينة سنَّة ثابتة مشروعة: أنا لا أدري.

كلمة التفتازانى

وقال التفتازاني في شرح المقاصد ٢: ٧١: ولا يشترط أن يكون « الامام » هاشميّاً ولا معصوماً ولا أفضل مَن يُولّى عليهم.

وقال في ص ٢٧٢: إذا مات الإمام وتصدّى للامامة مَن يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهر الناس بشوكة انعقدت له الخلافة له، وكذا إذا كان فاسقاً أو جاهلاً على الأظهر إلّا أنَّه يُعصى فيما فعل ويجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلاً أو جائراً.

____________________

١ - سنن البيهقى ٨: ١٥٩.

١٣٩

كلمة القاضي الايجي(١)

قال في المواقف: الجمهور على أنّ أهل الإمامة مجتهدٌ في الاصول والفروع ليقوم بامور الدين، ذو رأي ليقوم بامور الملك، شجاع ليقوى على الذبِّ عن الحوزة وقيل: لا يشترط هذه الصفات لأنَّها لا توجد فيكون اشتراطها عبثاً أو تكليفاً بما لا يطاق ومستلزماً للمفاسد التي يمكن دفعها بنصب فاقدها.

نعم: يجب أن يكون عدلاً لئلا يجور. عاقلاً ليصلح للتصرفات. بالغاً لقصور عقل الصبيِّ. ذكراً إذ النساء ناقصات عقل ودين. حرّاً لئلاً يشغله خدمة السيِّد، ولئلّا يُحتقر فيعصى، فهذه الصفات مشروطٌ بالإجماع.

وها هنا صفاتُ في اشتراطها خلافٌ، الأولى أن يكون قرشيّاً. الثانية: أن يكون هاشميّاً، شرطه الشيعة. الثالثة: أن يكون عالماً بجميع مسائل الدين، وقد شرطه الإماميّة الرابعة: ظهور المعجزة على يده إذ به يعلم صدقه في دعوى الامامة، والعصمة وبه قال الغلاة. ويبطل الثلاثة: انّا ندلّ على خلافة أبي بكر ولا يجب له شيىءٌ ممّا ذكر(٢) الخامسة: أن يكون معصوماً اشترطه الإماميَّة والاسماعيليَّة، و يبطله: انَّ أبا بكر لا يجب عصمته اتِّفاقاً(٣) .

كلمة أبي الثناء(٤)

قال في مطالع الأنظار ص ٤٧٠: صفات الأئمَّة هي تسع. الأولى: أن يكون الإمام مجتهداً في اُصول الدين وفروعه. الثانية أن يكون ذا رأي وتدبير، يدير الوقايع، أمر الحرب والسلم وساير الامور السياسيَّة. الثالثة: أن يكون شجاعاً قويَّ القلب لا يجبن عن القيام بالحرب، ولا يضعف قلبه عن إقامة الحدِّ ولا يتهوَّر بالقاء النفوس في التهلكة.

وجمعٌ تساهلوا في الصفات الثلث وقالوا: إذا لم يكن الإمام متَّصفاً بالصفات الثلاث ينيب من كان موصوفاً بها.

____________________

١ - امام الشافعية القاضي عبد الرحمن الايجى المتوفى ٧٥٦.

٢ - دليل يضحك الثكلى لانه لا يعدوه أن يكون مصادرة بالمطلوب، وأخذ المدّعى دليلا.

٣ - اقرأ واضحك أو اعطفه على ما قبله.

٤ - شمس الدين بن محمود الاصبهانى المتوفى ٧٤٩.

١٤٠