الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٧

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 417

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 417
المشاهدات: 184807
تحميل: 6026


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184807 / تحميل: 6026
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ٦٠ فقال: رواه البزّار واسناده حسن، و رواه ابن حجر في الاصابة ٢ ص ٨٥. وفيه: سهل بدل سهيل وهو أخوه. أو هو هو. والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٧٣ نقلاً عن ابن سعد والبزّار.

قال الأميني: كنّا نعتقد أنَّ المغالاة يمكن أن تقع في النفسيّات التي لا تدرك بالحواسِّ الظاهرة كالعلم والتقوى وأمثالهما، وأمّا الغلوُّ في المشهودات فلم يَدَع المنطق له مساغاً فسرعان ما يظهر فيه كذب الغالي، ويفتضح به المائن حتّى أوقفنا السير على أمثال هذه الأقاويل، فرأينا الرجل يقول بملأ فيه: إنَّ أبا بكر أسنُّ أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و هو يجد في معاجم الصحابة كثيرين هم أسنّ منه بكثير وإليك أسماء اُمَّة منهم:

١ - أماناة بن قيس بن شيبان الكندي. أسلم وقد عاش دهراً، ويقال: أنّه عاش ثلاثمائة وعشرين سنة كما في الاصابة ١: ٦٣.

٢ - أمد بن أبد الحضرمي. أدرك هاشم بن عبد مناف واُميَّة بن عبد شمس و يقال: إنَّه كان في عهد معاوية له ثلاثمائة سنة. صب ١: ٦٣.

٣ - أنس بن مدرك أبو سفيان الخثعمي. قتل مع عليّ كان سيِّد خثعم في الجاهليَّة عاش مائة وأربعاً وخمسين سنة. صب ١: ٧٣.

٤ - أوس بن حارثة الطائي والد خرام صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عاش مائتي سنة، وأكثر هذه المدَّة من أيّام الجاهليَّة. صب ١: ٨٢.

٥ - ثور - ثوب - بن تلدة. أنشد له الكلبي:

وإن امرأ قد عاش تسعين حجَّة

إلى مائتين كلَّما هو ذاهبُ

قال: ولا أدري ما عاش بعد ما أنشد هذا لمعاوية. وقد يقال. إنَّه كان له يوم بدر عشرون ومائة عاماً. صب ١: ٢٠٥.

٦ - الجعد بن قيس المرادي. أسلم، وكان قد بلغ مائة سنة. صب ١: ٢٣٥.

٧ - حسّان بن ثابت الأنصاري. عاش في الجاهليَّة ستِّين وفي الإسلام ستِّين عاماً. صب ١: ٣٢٦.

٨ - حكيم بن حرام الأسدي ابن أخي خديجة زوج النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولد قبل عام الفيل بثلاثة وعشرين سنة، وتوفّي وهو ابن عشرين ومائة سنة. صب ١: ٣٤٩.

٢٨١

٩ - حمزة بن عبد المطلب عمّ النبيِّ الأعظم ولد قبلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسنتين أو بأربع صب ١: ٣٥٣.

١٠ - حنيفة بن جبير بن بكر التميمي. أدرك أحفاده النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولهم صحبة وكانوا يوم ذاك ذا لحى كما في الاصابة ١: ٣٥٩.

١١ - حويطب بن عبد العزَّى بن أبي قيس العامري المتوفَّى سنة ٥٤ له مائة و عشرين عاماً. صب ١: ٣٦٤.

١٢ - حيدة بن معاوية العامري. مات وهو عمُّ ألف رجل وامرأة وأدرك عبد المطلب بن هاشم جدَّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان بالغاً مبلغ الرجال. صب ١: ٣٦٥.

١٣ - خنابة بن كعب العبسي. كان له على عهد معاوية بن أبي سفيان مائة و أربعون سنة وله قوله في الاصابة ١: ٤٦٣:

حويت من الغايات تسعين حِجَّة

وخمسين حتّى قيل: أنت المقزَّعُ

١٤ - خويلد بن مرة الهذلي أبو خراش، أدرك الاسلام شيخاً كبيراً. صب ١: ٤٦٥.

١٥ - ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم أبو أروى الهاشمي. كان أسنّ من عمَه العبّاس الآتي ذكره. صب ١: ٥٠٦.

١٦ - سعيد بن يربوع القرشي المخزومي المتوفّى ٥٤ وله ١٢٠ / ٢٤ عاماً. صب ٢: ٥٢.

١٧ - سلمة السلمي، أقبل إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسلم وهو شيخٌ كبيرٌ.

١٨ - سلمان أبو عبد الله الفارسي مات سنة ٣٢ / ٣ / ٦ روى أبو الشيخ عن العباس بن يزيد انَّه قال: أهل العلم يقولون: عاش سلمان ثلثمائة وخمسين سنة، فأمّا مائتان وخمسون فلا يشكّون فيها. صب ٢: ٦٢.

١٩ - ابو سفيان القرشي الأموي. كان أسنّ من أبي بكر باثني عشر عاماً وعدَّة أشهر. صب ٢: ١٧٩.

٢٠ - صرمة بن أنس أبو قيس الأوسي. أدرك الإسلام فأسلم وهو شيخٌ كبيرٌ عاش نحواً من مائة وعشرين عاماً وهو القائل كما في الاصابة ٢: ١٨٣.

بدا ليَ أنّي عشت تسعين حِجَّة

وعشراً وما بعدها لي ثمانيا

٢٨٢

فلم ألفها لمـّا مضت وعدتها

يحسبها في الدهر إلّا لياليا

٢١ - صرمة بن مالك الأنصاري، أدرك الاسلام فأسلم وهو شيخٌ كبيرٌ. صب ٢: ١٨٣.

٢٢ - طارق بن المرقع الكناني، كان في حجَّة الوداع شيخاً كبيراً. ٢: ٢٢١.

٢٣ - الطفيل بن زيد الحارثي، هو الذي أخبر عمر بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجاهليَّة، وكان يوم ذاك قد أتت عليه مائة وستون سنة. صب ٢: ٢٢٤.

٢٤ - عاصم بن عديّ العجلاني توفّي سنة خمس وأربعين وله مائة وعشرون سنة. صب ٢: ٢٤٦.

٢٥ - العبّاس بن عبد المطلب عمُّ النبيِّ الأعظم، ولد قبل رسول الله بسنتين أو ثلاث صب ٢: ٢٧١.

٢٦ - عبد الله بن الحارث بن اُميَّة، أدرك الاسلام وهو شيخٌ كبيرٌ. صب ٢: ٢٩١.

٢٧ - عدي بن حاتم الطائي، مات بعد الستِّين وبلغ مائة وثمانين كما قاله أبو حاتم السجستاني، أو مائة وعشرين كما في قول خليفة. صب ٢: ٤٦٨.

٢٨ - عدي بن وداع الدوسي، من رجال الجاهليَّة أدرك الاسلام فأسلم وغزا وتوفّي وله ثلاثمائة سنة. صب ٢: ٤٧٢.

٢٩ - عمرو بن المـُسبِّح(١) الطائي، مات وله مائة وخمسون عاماً. قال ابن قتيبة: لست أدري أقبض قبل وفاة النبيِّ أم بعده. صب ٣: ١٦.

٣٠ - فضالة بن زيد العدواني، سأله معاوية: كم أتت لك يا فضالة؟ قال: عشرون ومائة سنة. صب ٣: ٢١٤.

٣١ - قباث بن أشيم، سأله عثمان بن عفان: أنت أكبر أم رسول الله؟ فقال رسول الله أكبر منِّي وأنا أسنُّ منه. صب ٣: ٢٢١.

٣٢ - قردة بن نفاثة السلولي، أدرك الاسلام وهو شيخٌ كبيرٌ وعاش ومائة وخمسين

____________________

١ - بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الموحدة كما في الاصابة ٣: ١٦، وفي المعارف لابن قتيبة ١٣٦: المسيح.

٢٨٣

سنة وله كما في الاصابة ٣: ٢٣١ من أبيات:

بان الشباب فلم أحفل به بالا

وأقبل الشيب والإسلام إقبالا

٣٣ - لبيد بن ربيعة بن عامر الكلابي الجعفري، توفّي سنة ٤١ وهو ابن مائة و أربعين أو مائة وسبع وخمسين سنة أو مائة وستين سنة. صب ٣: ٣٢٦.

٣٤ - اللجاج الغطفاني، وفد إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ابن سبعين وعاش ومائة وعشرين سنة. صب ٣: ٣٢٨.

٣٥ - المستوعز بن ربيعة بن كعب، كان من فرسان العرب في الجاهليَّة عاش إلى أيّام معاوية وكان له ٣٢٠ / ٣٠ سنة. صب ٣: ٤٩٢.

٣٦ - معاوية بن ثور البكائي، أسلم بيد النبيِّ وهو شيخٌ كبيرٌ صب ١: ١٥٦.

وفي بعض المعاجم كان ابن مائة سنة.

٣٧ - منقذ بن عمرو الأنصاري، كان قد أتى عليه مائة وثلاثون في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما في اُسد الغابة.

٣٨ - النابغة الجعدي، عاش في الجاهليَّة مائتي سنة، ومات وهو ابن ٢٢٥ / ٣٠. عاماً وهو القائل كما في الاصابة ٣: ٥٣٨:

ألا زعمت بنو أسد بأنِّي

أبو ولد كبير السنّ فاني؟

فمن يك سائلاً عنِّي؟ فانّي

من الفتيان أيّام الختانِ

أتت مائةٌ لعام ولدت فيه

وعشر بعد ذاك وحِجتّانِ

وقد أبقت صروف الدهر منِّي

كما أبقت من السيف اليماني

وقال أبو حاتم: عاش مائتي سنة وهو القائل:

قال: أمامة كم عمرت زمانه

وذبحت من عنز على الأوثانِ؟

ولقد شهدت عكاظ قبل محلّها

فيها وكنت اُعدّ من الفتيانِ

والمنذر بن محرَّق في ملكه

وشهدت يوم هجائن النعمانِ

وعمرت حتّى جاء أحمد بالهدى

وقوارع تُتلى من القرآنِ

ولبست في الاسلام ثوباً واسعاً

من سيب لا حرم ولا منّانِ

٣٩ - نوفل بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي إبن عمّ النبيِّ الطاهر. كان أَسنَّ من

٢٨٤

أسلم من بني هاشم حتّى من عمَّيه حمزة والعبّاس المذكورين صب ٣: ٥٧٧.

٤٠ - نوفل بن معاوية بن عروة الدئلي، كان ممَّن عاش في الجاهليَّة ستِّين وفي الإسلام ستِّين سنة. صب ٣: ٥٧٨.

وقبل هؤلاء كلّهم أبو قحافة والد الخليفة فانَّه كان أبكر سنّاً من الخليفة لا محالة إن لم تُصغِّره المعاجز من إبنه كما صغَّرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعله غلاماً وشابّاً لا يُعرف بين يدي أبي بكر وهو أكر منه.

راجع في تراجم هؤلاء المذكورين المعارف لابن قتيبة، معجم الشعراء للمرزباني، الاستيعاب لأبي عمر، اُسد الغابة لابن الأثير، تاريخ ابن كثير، الاصابة لابن حجر، مرآة الجنان لليافعي، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي. ونحن إقتصرنا منها بذكر الاصابة مرموزاً بـ (صب) روماً للاختصار.

هؤلاء جملةٌ ممَّن وقفنا على أسمائهم ممَّن أربوا على أبي بكر في السنِّ من الصحابة الأوَّلين، وهب أنّا غضضنا الطرف عن كلِّ ذلك فهلاّ نسائل القوم عن وجه الفضيلة في كبر السنِّ؟ أوَ ليس في الاُمم والأجيال من طعنوا في السنِّ فبلغوا من العمر عتيّاً، وفيهم الحالي بالفضائل والعاطل عنها، وإذا مُدح أحدهم فانَّها يمدح بمآثره لا بطول عمره، ومهما طال عمر الخليفة فإنَّ أكثره إنقضى في الجاهليَّة، بُعث النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للخليفة ثمان وثلاثون سنة وقد مرَّ في الجزء الثالث ص ٢٢٠ انَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى سبع سنين ولم يصلّ معه غير عليّ أمير المؤمنين. إذن فلأبي بكر عند إسلامه خمس وأربعون عاماً و توفّي وهو ابن ثلاث وستّين، فقد اشغل في الاسلام ثمان عشرة سنة، وهذه المدَّة الأخيرة هي التي يمكن أن تزدان بشيء من المناقب فهل ازدانت أو لا؟

وفي الغابة أحسب انَّه ليس للقوم غاية يعتدُّ بها في كبر السنِّ والاهتمام بذلك غير انَّهم جعلوا الحجر الأساسي للخلافة الراشدة أشياء منها: انَّ أبا بكر قُدَّم على أمير المؤمنين لأنَّه شيخٌ محنَّك لا تِرَة لأحد عنده فيُبغض، وعلى هذا الأساس جعلوه تارة أكبر سنّاً من النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد عرفت حاله في صفحة ٢٧٠ واخرى أنَّه كان شيخاً يُعرف والنبيٌّ شابّاً لا يُعرف، وأوقفناك على حقيقة الحال في ص ٢٥٧. وآونة انَّه أسنّ الصحابة ليحسموا مادَّة النقض بشيوخ في الصحابة كلّهم أكبر من الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام

٢٨٥

وفيهم رؤساء وأعاظم، وما عرفوا انَّ المستقبل الكشّاف سيوقف الباحثين على اناس هم أكبر من الرجل سنّاً، وأوفر علماً، وأبلغ حُنكةً، وأقدم شرفاً، وأسبق إسلاماً.

- ١٤ -

أبو بكر في كفَّة الميزان

أخرج الخطيب في تاريخه ١٤ ص ٧٨ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن الهذيل عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن عليِّ بن زيد(١) عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي امامة: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلت الجنّة فسمعت فيها خشفة بين يديَّ.

فقلت: ما هذا؟ قال بلال: فمضيت فإذا أكثر أهل الجنَّة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ولم أر فيها أحداً أقلّ من الاغنياء والنساء « إلى أن قال » : ثمَّ خرجنا من أحد أبواب الجنَّة الثانية فلمّا كنت عند الباب اُتيت بكفّة فوضعت فيها ووضعت اُمَّتي في كفَّة فرجحت بها، ثمَّ اُتي بأبي بكر فوضع في كفَّة وجيء بجميع اُمَّتي فوضعوا في كفَّة فرجع أبو بكر، ثمَّ اُتي بعمر فوضع في كفَّة وجيء بجميع اُمَّتي فوضعوا فرجح عمر، ثمَّ رُفع الميزان إلى السماء. وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الاصول ص ٢٨٨.

(رجال الرواية)

١ - مطرح بن يزيد الكوفي قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث وقال أبو حاتم: ليس بالقويِّ ضعيف الحديث يروي أحاديث عن ابن زحر عليِّ بن يزد فلا أدري البلاء منه أو من عليِّ بن يزيد. وقال الآجري عن أبي داود: زعموا انَّ البليَّة من قِبَل عليِّ بن يزيد: وقال النسائي: ضعيفٌ ليس بشيء وقال ابن عدي: يجانب روايته عن ابن زحر والضعف على حديثه بيّن.

ميزان الاعتدال ٣: ١٧٤، تهذيب التهذيب ١٠ ص ١٧١.

٢ - عبيد الله بن زحر الأفريقي، مجمعٌ على ضعفه كما في الميزان. ضعَّفه أحمد: وقال ابن معين: ليس بشيء كلُّ حديثه عندي ضعيفٌ. وقال ابن المديني: منكر الحديث. وقال الحاكم: ليِّن الحديث. وقال ابن عدي: يقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه. وقال أبو مسهر: صاحب كل معضلة. وقال الدارقطني: ضعيفٌ، وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات عن

____________________

١ - كذا والصحيح: يزيد.

٢٨٦

الاثبات. فاذا روى عن عليّ بن يزيد بن أتى بالطامّات وإذا إجتمع في إسناد خبر عبد الله بن زحر وعليُّ بن يزيد والقاسم بن عبد الرحمن لم يكن مَتن ذلك الخبر إلّا ما عملته أيديهم(١) .

قال الأميني: هذه الرواية ممّا اجتمع فيه هؤلاء الثلاثة فهو ممّا عملته أيديهم.

٣ - علي بن يزيد الألهاني. قال ابن معين: عليُّ بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ضعاف كلّها. وقال يعقوب: واهي الحديث كثير المنكرات. وقال الجوزجاني: رأيت غير واحد من الأئمة ينكر أحاديثه التي يرويها عنه عبيد الله بن زحر. وقال أبو زرعة: ليس بالقويِّ وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث أحاديثه منكرة، وقال البخاري: منكر الحديث ضعيفٌ. وقال النسائي: ليس بثقة متروك الحديث. وقال الأزدي والدارقطني والبرقي: متروكٌ. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقال الساجي: إتَّفق أهل العلم على ضعفه. وقال أبو نعيم: منكر الحديث. وقال ابن حجر: متَّهمٌ.

ميزان الاعتدال ٢: ٢٤٠: تهذيب التهذيب ٧ ص ١٣، ٣٩٦.

٤ - القاسم بن عبد الرَّحمن الشامي. قال أحمد: هذه المناكير التي يرويها عنه جعفر وبشر ومطرح مناكير ممَّا يرويها الثقات انَّها من قِبَل القاسم. وقال الأثرم: حملها أحمد على القاسم. وقال: ما أرى هذا إلّا من قِبَل القاسم. وقال الحرّاني: قال أحمد: ما أرى البلاء إلّا من القاسم. وقال الغلابي منكر الحديث. وقال ابن حبّان: يروي عن الصحابة المعضلات. ميزان الاعتدال ٢: ٣٤، تهذيب التهذيب ٨ ص ٣٢٣.

وهذا الحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ٥٩ فقال: رواه أحمد و الطبراني وفيهما: مطرح بن زياد وعليُّ بن يزيد الألهاني وكلاهما مجمعٌ على ضعفه.

قال الأميني: هذا شأن الرواية سنداً ورجاله كما ترى، واستدلَّ الهيثمي على ضعفه بما في متنه راجع مجمع الزوائد ٩ ص ٥٩.

- ١٥ -

توسُّل الشمس بأبي بكر

قال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عُرض عليَّ كلُّ شيىء ليلة المعراج حتّى الشمس فانِّي سلّمت عليها وسألتها عن كسوفها فأنطقها الله تعالى وقالت: لقد جعلني الله تعالى على عجلة

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٧ - ١٣.

٢٨٧

تجري حيث يريد فأنظر إلى نفسي بعين العجب فنزل بي العجلة فأوقع في البحر فأرى شخصين أحدهما يقول: أحد أحد. والآخر يقول: صدق صدق. فأتوسَّل بهما إلى الله تعالى فينقذني من الكسوف، فأقول: يا ربِّ من هما؟ فيقول: الذي يقول: أحد أحد هو حبيبي محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والذي يقول: صدق صدق هو أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه.

« نزهة المجالس ٢ ص ١٨٤ »

أنا لا أحكِّم في هذه الرواية إلّا علماء علم الفلك سواء في ذلك القدماء منهم والمحدثون. وقد تكلَّمنا في صحيفة ٢٣٨ عن العجلة التي حملت الشمس وبحثنا عنها بحثاً ضافياً، وليت الهيئيِّين درسوا هذه الرواية فأخذوا عنها علماً غزيراً، وعرفوا أنَّ الكسوف يكون بغمس الشمس في البحر عقوبة على نظرها إلى نفسها بعين العجب وإنَّ إنجلائها يتمُّ بالتوسُّل، ولعلَّ المستقبل الكشّاف يأتي بمن يُعلّم الاُمَّة بسرِّ خسوف القمر وتتأتَّى به للمجالس نزهة بعد نزهة.

وهنا أسؤلةٌ جمَّةٌ:

١ - ليس الكسوف يخصُّ بهذه الاُمَّة فحسب، ولا بأيّام حياة أبي بكر خاصَّة، فمن ذا الذي كان يقول: صدق صدق. قبل ميلاد أبي بكر؟ ومن ذا الذي يقولها بعد وفاته؟ وبمن كانت الشمس تتوسَّل قبل ذلك؟ وبمن تتوسَّل به بعده؟.

٢ - أين كان يقول أبو بكر: صدق صدق؟ أيقولها وهو في محلّة بمرأى من الناس ومسمع فيُسمعها الشمس بالاعجاز؟ أو كان يحضر على ذلك البحرِ الذي لم يحدَّد بأيِّ ساحل فيغيب عن الناس وتطوى له المسافة بخرق العادات؟ فَلِم لم يُحدَّث عنه ذلك ولو مرَّة واحدة؟ أو انَّه يذهب هو ويدع قالبه المثالي بين الناس فيحسبونه هو هو؟ أو انَّه يثبت في مكانه فيرسل قالبه ذلك فتحسبه الشمس أنَّه هو؟

٣ - هب انَّ الشمس تحمل حياةً روحيَّةً فهل تحمل معها نفساً أمَّارة بالسوء بها تعجب بنفسها؟ أنا لا أدري. وعلى فرض ثبوت النفس الأمّارة فما بالها تدأب على المعصية وهي ترى استمرار العقوبة مع كلِّ عصيان؟ فهل هي تتوب بعد كلِّ معصية ثمَّ تعود إليها بنسيان العقاب أو غلبة الشهوة؟ ومن المعلوم انَّ الكسوف لم ينقطع ليلة المعراج فهو من الكائنات المتجدّدة إلى انقراض العالم فكأنَّ الشمس حينئذ كانت

_١٨_

٢٨٨

تخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتصميمها على الاستمرار على المعصية منذ كلِّ كسوف فمتى تتوب هذه العاصية الشاعرة؟ أنا لا أدري. وفي ذمَّة الصفوري صاحب الكتاب الخروج عن عهدة هذه الأسؤلة. فهل يخرج؟ أنا لا أدري، وهذا ايضاً من الغلوِّ في الفضائل والحبِّ المعمي والمصمِّ.

- ١٦ -

كلبةٌ من الجنِّ مأمورة

عن أنس بن مالك قال. كنّا جلوساً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل إليه رجلٌ من أصحابه وساقاه تشخبان دماً فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! ما هذا؟ قال: يا رسول الله! مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اجلس فجلس بين يدي النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا كان بعد ذلك بساعة إذ أقبل إليه رجلٌ آخر من أصحابه وساقاه تشخبان دماً مثل الأوَّل فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما هذا؟ فقال: يا رسول الله! إنّي مررت بكلبة فلان المنافق فنهشتني قال: فنهض النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وقال لأصحابه: هلمّوا بنا إلى هذه الكلبة نقتلها فقاموا كلُّهم وحمل كلُّ واحد منهم سيفه فلمّا أتوها وأرادوا أن يضربوها بالسيوف وقعت الكلبة بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت بلسان طَلِقَ ذلِق: لا تقتلني يا رسول الله! فانّي مؤمنةٌ بالله ورسوله فقال: ما بالك نهشت هذين الرَّجلين؟ فقالت: يا رسول الله! إنّي كلبةٌ من الجنِّ مأمورة أن أنهش مَن سبَّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما. فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا هذين! أما سمعتما ما تقول الكلبة؟ قالا: نعم يا رسول الله! إنّا تائبان إلى الله عزَّ وجلَّ « عمدة التحقيق للعبيدي المالكي ص ١٠٥ »

قال الأميني: ما أعظم شأن هذه الكلبة وأثبتها في ميدان البسالة حتّى استدعى أمرها أن يتجهَّز لحربها النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحمل عليها أصحابه شاهرين السيوف؟ فهل هي كلبةٌ أو أسدٌ ضارٍ؟ أو عفرنى باسل؟ أو حشدٌ لُهام؟ وأحسب أنَّ الَّذين نهشتهما كانا من هيّابة الصحابة فانَّ شجعانهم ما كانوا يبالون بالضراغم فضلاً عن الكلاب.

وأين كانت هذه الكلبة عمَّن كان ينال من أبي بكر غير الرجلين في ذلك العهد و بعد العهد النبويِّ وهلمَّ جرّا؟ فلم تُشهد لها نهشة، ولا سمع لها عواء، فليتهيَّأ صاحب عمدة التحقيق لتحليل هذه المسائل وذلك بعد الغضِّ عن إسناده الموهوم.

٢٨٩

ثمَّ ما أخرس ألسنة أُولئك الصحابة الحضور يوم أطلق الله لسان تلك الكلبة الطلقة الذلقة عن بثِّ هذه الفضيلة الرابية؟ ومثلها تتوفَّر الدواعي لنقلها، وما أذهل الحفّاظ وأئمة الحديث وأرباب السير عن روايتها؟ فلا يجدها الباحث في المسانيد والصحاح والفضائل ومعاجم السير وأعلام النبوَّة ودلائلها إلى أن بشَّر بها العبيدي آل الصدِّيق بعد لأي من عمر الدهر وقذف بهذه الاُكذوبة أنس بن مالك.

أهكذا تكون المغالاة في الفضائل؟.. لعلَّها تكون.

نعم لِلَّه كلابٌ مفترسة وأُسودٌ ضارية سلّطها الله على أعدائه بدعاء نبيِّه الأعظم أو أحد من أولاده الصّادقين صلوات الله عليه وعليهم، منها: كلبٌ سلّطه الله على لهب بن أبي لهب بدعاء النبيِّ الأقدس كما مرَّ في الجزء الاوّل ص ٢٦١ ط ٢. ومنها، كلب. أخذ برأس عتبة بدعاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما مرَّ في ج ١ ص ٢٦١ ط ٢ قال الحلبي في السيرة النبويَّة ١ ص ٣١٠: ووقع مثل ذلك لجعفر الصّادق قيل له: هذا فلان ينشد الناس هجاءكم يعني أهل البيت بالكوفة فقال لذلك القائل: هل علقت من قوله بشيء! قال: نعم. قال: فأنشد. فأنشد:

صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة

ولم أرَ مهديّاً على الجذع يصلبُ

وقستم بعثمان عليّاً سفاهة

وعثمان خيرٌ من عليّ وأطيبُ

فعند ذلك رفع جعفر يديه وقال: أللّهم إن كان كاذباً فسلِّط عليه كلباً من كلابك فخرج ذلك الرجل فافترسه الأسد. وإنَّما سمِّي الأسد كلباً لأنَّه يشبه الكلب في انّه إذا بال رفع رجله.

قال الأميني: الشاعر المفترَس هو الحكيم الأعور أحد الشعراء المنقطعين إلى بني اُميَّة بدمشق وقصَّته هذه من المتسالم عليه غير أنَّ في معجم الادباء كما مرَّ في الجزء الثاني ص ١٩٧ ط ٢ من كتابنا هذا أنَّ الداعي على الرَّجل هو عبد الله بن جعفر. وأحسبه تصحيف أبي عبد الله جعفر، فعلى كلّ قد وقع من أهله في محلّه.

- ١٧ -

هبة أبي بكر لمحبِّيه

عن عكرمة عن إبن عبّاس قال: قال عليٌّ رضي الله عنه: كنت جالساً مع رسول

٢٩٠

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس معنا ثالثٌ إلّا الله عزَّ وجلَّ فقال: يا عليُّ تريد أن اُعرِّفك بسيِّد كهول أهل الجنَّة وأعظمهم عند الله قدراً ومنزلة يوم القيامة؟ فقلت: أي وعيشك يا رسول الله! قال: هذان المقبلان. قال عليٌّ: فالتفتُّ فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. ثمَّ رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تبسَّم ثمَّ قطب وجهه حتّى ولجا المسجد فقال ابو بكر: يا رسول الله! لمـّا قربنا من دار أبي حنيفة تبسَّمت لنا ثمَّ قطبت وجهك فلِمَ ذلك يا رسول الله؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمـّا صرتما لجانب دار أبي حنيفة عارضكما إبليس ونظر في وجوهكما ثمَّ رفع يديه إلى السَّماء أسمعه وأراه وأنتما لا تسمعانه ولا تريانه وهو يدعو ويقول: أللّهم إنّي أسألك بحقِّ هذين الرجلين أن لا تعذِّبني بعذاب باغضي هذين الرجلين.

قال أبو بكر: ومَن هو الذي يبغضنا يا رسول الله! وقد آمنّا بك وآزرناك وأقررنا بما جئت به من عند ربِّ العالمين؟ قال: نعم يا أبا بكر! قومٌ يظهرون في آخر الزمان يقال لهم: الرافضة يرفضون الحقَّ، ويتأوَّلون القرآن على غير صحَّته وقد ذكرهم الله عزَّو جلَّ في كتابه العزيز وهو قوله: يحرِّفون الكلم عن مواضعه(١) فقال: يا رسول الله! فما جزاء من يبغضنا عند الله؟ قال يا أبا بكر! حسبك انَّ إبليس لعنه الله تعالى يستجير بالله تعالى أن لا يعذِّبه بعذاب باغضيكما. قال: يا رسول الله! هذا جزاء من قد أبغض فما جزاء من قد أحبِّ؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن تهديا له هديَّة من أعمالكما. فقال: أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله اُشهد الله وملائكته إنّي قد وهبت لهم ربع أجري - أي عملي - منذ آمنت بالله إلى أن نلقاه. فقال عمر رضي الله عنه: وأنا مثل ذلك يا رسول الله. قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فضعا خطَّكما بذلك. قال عليٌّ كرَّم الله وجهه: فأخذ أبو بكر زجاجة وقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اكتب. فكتب:

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم يقول عبد الله عتيق بن أبي قحافة: إنّي قد اُشهدت الله ورسوله ومن حضر من المسلمين انِّي قد وهبت ربع عملي لمحبّي في دار الدنيا منذ آمنت بالله إلى أن ألقاه، وبذلك وضعت خطِّي.

قال: وأخذ عمر وكتب مثل ذلك فلمّا فرغ القلم من الكتابة هبط الأمين جبريلعليه‌السلام وقال: يا رسول الله! الربُّ يقرئك السَّلام ويخصُّك بالتحيَّة والإكرام ويقول لك:

____________________

١ - سورة النساء آية: ٤٦. وسورة المائدة آية: ١٣.

٢٩١

هات ما كتبه صاحباك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا هو. فأخذه جبريل وعرج به إلى السَّماء ثمَّ إنَّه عاد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أين ما أخذت يا جبريل منِّي؟ قال: هو عند الله تعالى وقد شهد الله فيه، وأشهد حملة العرش وأنا وميكائيل وإسرافيل وقال الله تعالى: هو عندي حتّى يفي أبو بكر وعمر بما قالا يوم القيامة.

عمدة التحقيق للعبيدي المالكي ص ١٠٥ - ١٠٧.

قال الأميني: أنا لا أحاول إطناباً في تفنيد هذه الرِّواية الشبيهة بأساطير القصّاصين أو الرِّوايات الخياليَّة، فإنَّ كلَّ فصل منها شاهد صدق على عدم صحَّتها.

أنا لا أخدش في كهولة الشيخين بما مرَّ في الجزء الخامس ص ٣١٣ ط ٢ من القول المعزوِّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليُّ أتحبُّ هذه الشيخين؟. ولا بما مرَّ في هذا الجزء ص ٢٤١ من أنَّ أبا بكر له شيبة في الجنَّة وليس لأحد لحية هناك إلّا هو وإبراهيم الخليل ولا بما مرَّ ص ٢٤١ من أنَّ رسول الله كان يقبِّل شيبة أبي بكر. ولا بما مرَّ في صفحة ٢٥٧ من أنَّ أبا بكر كان يوم هجرة النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة شيخاً والنبيُّ شابّاً. ولا بما مرَّ في ص ٢٧٠ من أنَّ أبا بكر كان أكبر من النبيِّ. ولا بما مرَّ في ص ٢٨٠ من أنَّه كان أسنَّ أصحاب النبيِّ.

ولا أتكلّم في عذاب باغضي أبي بكر وعمر وأنَّه ما الذي أربى به على عذابَ من تكبَّر وتجبَّر تِجاه المولى سبحانه وعانده وخالف أمره وهو من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم يغوي عباد الله ويضلّهم عن سبيل الحقِّ؟.

ولا اُناقش في أنَّ إبليس كيف كان يصحُّ له أن يتعوَّذ بالله من عذاب باغضيهما؟ أكان يحبِّهما فلماذا هو؟ أو كان يبغضهما كما يبغض كلَّ مؤمن بالله؟ فالدعاء لماذا؟ وما ذا ينتج له وهو يعلم عذاب مبغضيهما وهو يبغضهما ولا يزال يغري الناس ببغضهما؟.

ولا أمدُّ يراعي إلى الزجاجة المكتوبة فيها تلك الهبة الموهومة لئلاّ تنكسر فتحرم الاُمة المرحومة من تلك البضاعة الغالية.

ولا اُسائل رواة هذه المهزأة عن تلك الشهادات من الله إلى حملة عرشه إلى أمين وحيه إلى ميكائيل وإسرافيل. لماذا هي كلّها؟ وما الذي أحوج المولى سبحانه إلى ذلك الاهتمام البالغ في استحكام ذلك الصكّ؟ وما الذي أهمَّ إدِّخاره عند الله حتى يفي أبو بكر و

٢٩٢

عمر بما قالا يوم القيامة؟

ولا أقول لِماذا تركت الأئمَّة وحفّاظ الحديث هذه الفضيلة العظيمة إلى قرن العبيدي المالكي - القرن الحادي عشر - وفيها بشارةٌ كبيرةٌ لمحبِّ الشيخين وإرشاد للاُمَّة إلى ما فيه نجاتهم نجاحهم والمثوبة الجزيلة بجزاء ربعي أعمالهما؟ ولِماذا شحَّ اولئك الحفظة على الاُمة وسمع العبيدي؟

ولكن هلمَّ معي إلى مفاد الآية الكريمة فهي في موضعين من القرآن الكريم:

١ - من الذين هادوا يحرِّفون الكلم عن مواضعه، ويقولون سمعنا وعصينا سورة النساء آية ٤٦.

٢ - ولقد أخذَ الله ميثاقَ بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إنِّي معكم لئن أقمتم الصَّلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزَّرتموه وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفِّرنَّ عنكم سيِّئاتكم ولاُدخلنَّكم جنّات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضلَّ سواء السبيل، فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرِّفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حظّاً ممّا ذكّروا به. سورة المائة ١٢، ١٣.

ألا تعجب من تحريف الكلم باسناد ما ناء به اليهود وبنو إسرائيل بنصِّ القرآن الحكيم إلى قوم لم يأتوا بعدُ وسيضمنهم الزمان في اُخرياته؟ حاشا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول ذلك، ولكنَّها ورطات القالة، وأهواءٌ وشهوات، حبَّذت الوقيعة في قوم مؤمنين إتَّبعوا النبيَّ الأمين، وهُدوا إلى الصِّراط المستقيم، وهُدوا إلى الطيِّب من القول، وهُدوا إلى صراط الحميد، ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم.

- ١٨ -

أبو بكر في قاب قوسين

بلغنا أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لَمّا كان قاب قوسين أو أدنى أخذته وحشة فسمع في حضرة الله تعالى بصوت أبي بكر رضي الله عنه فاطمأنَّ قلبه استأنس بصوت صاحبه.

ذكره العبيدي المالكي في عمدة التحقيق ص ١٥٤ فقال: هذه كرامةٌ للصدِّيق إنفرد بها رضي الله تعالى عنه.

قال الأميني: لِماذا تلك الوحشة؟ ولماذا ذلك الانس؟ وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ساحة

٢٩٣

القدس الربوبيِّ، وكان لا يأنس إلّا بالله، وكانت نفسه القدسيَّة في كلِّ آناته منعطفة إليها فهل هو يستوحش إذا حصل فيها؟ وهي أزلف مباءة إلى المولى سبحانه لا تقلُّ غيره. حتّى انَّ جبرئيل الأمين إنكفئ(١) عنها فقال: إن تجاوزت احترقت بالنار. لمـّا جذبه الله تعالى إليها وحفَّته قداسةٌ إلـ~ـهية تركته مستعدّاً لتلقِّي الفيض الأقدس، وهل هناك وحشةٌ لمثلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسكِّنها صوت أبي بكر؟ وهل كانت لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في مقام الفناء لفتةٌ إلى غيره جلّت عظمته حتى يأنس بصوته؟ لا ها الله، وما كان قلب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقلُّ غيره سبحانه فهو مستأنسٌ به ومطمأنٌّ بآلائه، فلا مدخل فيه لأيِّ أحد يطمأنّ به، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، ولقد رآه بالاُفق المبين، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى؟ ولقد رآه نزلةً اخرى عند سدرة المنتهى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربِّه الكبرى، ولم تبرح نفسه الكريمة مطمأنَّة ببارئها حتى خوطب بقوله سبحانه: يا أيتها النفس المطمأنَّة ارجعي إلى ربِّك راضيةً مرضيَّة.

هذا مبلغ الرواية من نفس الأمر لكن الغلوَّ في الفضائل آثر أن يعدّوها من فضائل الخليفة وإن كانت مقطوعةً عن الإسناد.

- ١٩ -

الدين وسمعه وبصره

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لقد هممت أن أبعث إلى الآفاق رجالاً يُعلّمون الناس السنن والفرائض كما بعث عيسى بن مريم الحواريِّين. قيل له: فأين أنت عن أبي بكر وعمر؟ قال: إنَّه لا غني بي عنهما أنَّهما من الدين كالسمع والبصر.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ٧٤ فقال: هذا حديث تفرَّد به حفص بن عمر العدني عن مسعر. وقال الذهبي في تلخيصه: هو واهٍ.

قال الأميني: قال النسائي: حفص بن عمر ليس بثقة. وقال ابن عدي: عامَّة حديثه غير محفوظة. وقال ابن حبَّان: كان ممَّن يُقلّب الأسانيد لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.

____________________

١ - الكامل ٢: ٢١، السيرة الحلبية ١: ٤٣١.

٢٩٤

وقال ابن معين: رجل سوء، ليس بثقة. وقال مالك بن عيسى: ليس بشيء، وقال العقيلي: يحدِّث بالأباطيل، وقال أحمد: كان مع حماد(١) في تلك البلايا، وقال أبو داود: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ضعيفٌ، ليس بقويّ، متروكٌ(٢) .

هذا على ما فرَّق جمعٌ بينه وبين حفص بن عمر بن دينار الايلي وأمّا إن كان هو هو فقال ابن عدي: أحاديثه كلّها منكرة المتن والسند وهو إلى الضعف أقرب. وقال أبو حاتم: كان شيخاً كذّابا. وقال العقيلي: يحدِّث عن شعبة ومسعر ومالك بن مغول والأئمة بالبواطل، وقال الساجي: كان يكذب، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث(٣) .

هذا شأن سند الرواية، وليت شعري أيّ سنَّة أو فريضة كان يعلّمها الرجلان على فرض إرسالهما؟ وبماذا كان يفتيان في الكلالة وإرث الجدِّ والجدّة والتيمم وشكوك الصَلاة إلى مسائل اُخرى عرَّفناك بعضها في الجزء السادس وجملة منها في هذا الجزء؟ وبماذا كانا يجيبان لو سألا عن آيات القرآن وهما يتقاعسان عن معرفة بعض ألفاظها اللغويَّة فكيف بالغوامض والمعضلات؟

ثمَّ بماذا كان غناء الرجلين لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ وبماذا كانا من الدين كالسمع والبصر؟ أبصولاتهما في الحروب؟ أم بأياديهما في الجدوب؟ أم ببصائرهما في الاُمور؟ أم بعلمهما الناجع في الكتاب والسنَّة؟ أم بتوقّف الدعوة عليهما في عاصمة الاسلام؟ أم باناطة تنفيذ الاحكام بهما؟ إقرأ السير ثمَّ استحف الخبر.

م - وقد مرّ في ج ٥ ص ٣٢٥ عن المقدسي: إنّ أبا بكر وعمر من الاسلام بمنزلة السمع والبصر من موضوعات الوليد بن الفضل الوضّاع، وذكر أبو عمر في الاستيعاب ١ ص ١٤٦ مرفوعاً لأبي بكر وعمر: هذان منِّي بمنزلة السمع والبصر من الرَّأس وقال: إسناده ضعيف أخبرنا أبو عبد الله يعيش بن سعيد قال: نا أبو بكر بن محمَّد بن معاوية: قال جعفر بن محمَّد الفريابي: قال عبد السلام بن محمد الحرّاني؟ قال ابن أبي فديك، عن المغيرة بن عبد الرحمن عن المطلب بن عبد إلله بن حنطب عن أبيه.

____________________

١ - أحد الكذّابين الوضّاعين.

٢ - ميزان الاعتدال ١: ٢٦٢، تهذيب التهذيب ٢ ص ٤١٠.

٣ - ميزان الاعتدال ١: ٢٦٣، لسان الميزان ٢ ص ٣٢٤.

٢٩٥

عن جدِّه انّ النبيَّ.... ليس له غير هذا الاسناد والمغيرة بن عبد الرحمن هذا هو الحزامي ضعيفٌ وليس بالمخزومي الفقيه صاحب الرأي (الخ) وقال في ج ١ ص ٣٤٨: حديث مضطرب الأسناد لا يثبت. وفي الاصابة ٢: ٢٩٩: حديث هذان السمع والبصر. في أبي بكر وعمر قال أبو عمر: حديث مضطرب لا يثبت.

أقول في الاسناد المذكور غير واحد من المجاهيل والضعاف ولا ينحصر ضعفه بمكان المغيرة فحسب، وقال فيه ابن معين: إنَّه ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقويِّ. تهذيب التهذيب ١٠: ٢٦٦.

- ٢٠ -

أبو بكر ومنزلته عند الله

عن ابن عبّاس قال. كان أبو بكر مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغار فعطش عطشاً شديداً فشكا إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذهب إلى صدر الغار فاشرب. قال أبو بكر: فانطلقت إلى صدر الغار فشربت ماءً أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأذكى رائحة من المسك ثمَّ عدت إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: شربت؟ قلت: نعم. قال: ألا اُبشِّرك يا أبا بكر؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: إنَّ الله تبارك وتعالى أمر الملك الموكّل بأنهار الجنَّة أن اخرق نهراً من جنَّة الفردوس إلى صدر الغار ليشرب أبو بكر فقلت: يا رسول الله! ولي عند الله هذه المنزلة؟ فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم وأفضل، والذي بعثني بالحقِّ نبيّاً لا يدخل الجنّة مبغضك ولو كان له عمل سبعين نبيّاً.

الرياض النضرة ١ ص ٧١، مرقاة الوصول ص ١١٤.

قال الأميني: كيف تصحّ هذه الرواية قد ضرب عنها حفّاظ الحديث وأئمّة التاريخ والسير صفحا؟ مع ما فيها من نبأ عظيم وكرامة هامّة وهي بين أيديهم وهم يهتمون بجمع دلائل النبوَّة ومعاجز الرسالة، فلم تخرّج في أصل، ولم تذكر في سيرة، وإنَّما ذكرها السيوطي في الخصايص ١ ص ١٨٧ فقال: أخرجه ابن عساكر بسند واهٍ.

ولماذا خصَّت روايتها بابن عبّاس وقد ولد في شعب أبي طالب قبل الهجرة بقليل فكان يوم الغار ابن سنة أو سنتين ولم يسندها إلى أحد ولم يكن في الغار غير النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصاحبه؟ فأين روايتهما إيّاها؟ وأين اولئك الصحابة عنها؟ أيحقّ لحكيم أو حافظ أن

٢٩٦

يرسل مثل هذه الواهية إرسال المسلّم في عدّ الفضائل؟

نعم: للقوم في محبّة أبي بكر وصاحبه روايات تشبه بالقصص الخياليَّة نسجتها يد الغلوِّ في الفضائل وإليك منها:

١ - عن عبد الله بن عمر مرفوعاً، لَمَّا وُلد أبو بكر في تلك الليلة اطّلع الله على جنَّة عدن فقال: وعزَّتي وجلالي لا أدخلك إلّا من أحبَّ هذا المولود.

من موضوعات أحمد بن عصمة النيشابوري كما مرَّ في ج ٥ ص ٣٠٠ ط ٢.

٢ - عن أبي هريرة مرفوعاً: إنَّ في السَّماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون الله لمن أحبَّ أبا بكر وعمر، وفي السَّماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.

من طامّات أبي سعيد الحسن بن علي البصري كما أسلفنا في ج ٥: ٣٠٠ ط ٢.

٣ - عن أنس إنَّ يهوديّاً أتى أبا بكر فقال: والذي بعث موسى وكلَّمة تكليما إنِّي لاُحبّك فلم يرفع أبو بكر رأسه تهاوناً باليهوديِّ فهبط جبرئيل على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: يا محمَّد إنَّ العليَّ الأعلى يقرأ عليك السَّلام ويقول لك: قل لليهوديِّ: إنَّ الله قد أحاد عنك النار. الحديث. إقرأ واحكم بعد قرائتك القرآن والتدبّر في الآي النازلة في عذاب الكفّار. من موضوعات أبي سعيد البصري راجع الجزء الخامس ص ٣٠١ ط ٢.

٤ - عن أنس مرفوعاً: إنَّ لله تعالى في كلِّ ليلة جمعة مائة ألف عتيق من النار إلّا رجلين فانَّهما يدخلان في اُمَّتي وليسا منهم، وإنَّ الله لا يعتقهما فيمن عتق منهم مع أهل الكبائر في طبقتهم، مصفَّدين مع عبدة الأوثان: مبغضي أبو بكر وعمر، وليس هم داخلين في الإسلام وإنَّما هم يهود هذه الاُمَّة الخ.

من وضع أبي شاكر مولى المتوكِّل كما مرَّ في ج ٥ ص ٣٠٣ ط ٢.

٥ - عن عبد الله بن عمر مرفوعاً: إنَّ الله أمرني بحبِّ أربعة: أبي بكر، وعمر، و عثمان، وعليّ. من بلايا السنجري كما مرَّ ج ٥: ٣١٠ ط ٢.

٦ - عن أبي هريرة مرفوعاً قال لعليّ: أتحبُّ هذين الشيخين؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: احبّهما تدخل الجنَّة. من صناعة الاشناني كما مرَّ ج ٥: ٣١٣ ط ٢.

٧ - عن جابر مرفوعاً: لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبّهما منافقٌ.

٢٩٧

من موضوعات معلّى الطحان راجع ج ٥: ٣٢٣ ط ٢.

٨ - عن أبي هريرة مرفوعاً: هذا جبريل يخبرني عن الله: ما أحبَّ أبا بكر و عمر إلّا مؤمن تقيّ، ولا أبغضهما إلّا منافقٌ شقيٌّ.

من موضوعات ابراهيم الأنصاري كما مرَّ ج ٥ ص ٣٢٦ ط ٢.

٩ - عن أبي سعيد مرفوعاً، من أبغض عمر فقد أبغضني راجع ٥: ٣٢٩ ط ٢.

١٠ - عن عليّ مرفوعاً قد أخذ الله بكم الميثاق في اُمِّ الكتاب لا يحبُّكم « يعني أبا بكر. وعمر. وعثمان. وعليّاً » إلّا مؤمن تقيٌّ، ولا يبغضكم إلّا منافقٌ شقيٌّ.

من موضوعات ابراهيم الأنصاري كما مرَّ ج ٥: ٣٢٦ ط ٢.

١١ - عن عليّ مرفوعاً في أبي بكر: من أحبَّني فليحبَّه، ومن أراد كرامتي فليكرمه مرَّ في الجزء الخامس ص ٣٥٥ ط ٢.

١٢ - عن أنس مرفوعاً: إنَّ لعرش الرَّحمن ثلاثمائة وستِّين قائمة، كلُّ قائمة كطباق الدنيا ستّين ألف مرَّة، بين كلِّ قائمتين ستّون ألف صخرة، كلُّ صخرة مثل الدنيا ستّون ألف مرَّة، في كلِّ صخرة ستّون ألف عالم، كلُّ عالم مثل الثقلين ستّون ألف مرَّة.

قد ألهمهم الله تعالى الاستغفار لمن يحبُّ أبا بكر وعمر، ويلعنون مبغضهما إلى يوم القيامة(١) .

كأنَّ لعدد ستِّين ألف خاصَّةٌ عند واضع هذه الخرافة فجعل سلسلة الأكوان الخياليَّة على ذلك العدد، ليست هذه كلّها إلّا حلقة بلاء جاءت بها رماة القول على عواهنه المغالون في الفضائل تجاه الحقائق الراهنة، غير أنّا لا نخدش العواطف ببسط القول في متونها، ونكل القضاء فيها إلى ضمير الباحث النابه الحرِّ.

- ٢١ -

النبيُّ مؤيَّدٌ بالشيخين

عن أبي أروى الدوسي قال كنت جالساً عند النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطّلع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الحمد الذي أيَّدني بكما.

قال الأميني: أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ٧٤ من طريق ابن أبي فديك

____________________

١ - عمدة التحقيق للعبيدى المالكى ص ١٨٣ نقلا عن كتاب العقائق.

٢٩٨

وهو وإن وثَّقه ابن معين غير أنَّ ابن سعد قال: ليس بحجَّة، عن:

عاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ضعَّفه أحمد وابن معين وابو حاتم، وابن عدي، وقال الفروي: وليس بقويّ، وقال الجوزجاني: يضعف حديثه وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الترمذي: متروكٌ ليس بثقة، وقال ابن حبّان: يخطيء ويخالف وقال ايضاً: منكر الحديث جِدّاً يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات، لا يجوز الاحتجاج به إلّا فيما وافق الثقات، وقال ابن الجارود: ليس حديثه بحجَّة. وتكلّم النسائي على أحمد بن صالح حيث وثَّقه. عن:

سهيل بن أبي صالح قال ابن معين: حديثه ليس بحجَّة. وقال أبو حاتم: حديثه لا يُحتجُّ به، وقال ابن حبَّان يخطئ، وقال ابن أبي خيثمة عن يحيى: لم يزل أهل الحديث يتَّقون حديثه. وذكر العقيلي عن يحيى انَّه قال: هو صويلح وفيه لين عن:

محمَّد بن ابراهيم بن الحارث المدني وثَّقه غير واحد غير أنَّ امام الحنابلة أحمد قال: في حديثه شيىءٌ يروي أحاديث مناكير أو منكرة(١) والحديث ذكره ابن حجر في الاصابة ٤ ص ٥ وضعّفه.

هذا مجمل القول في رجال سند الرواية، وأمّا متنه فكما ترى آيةٌ في الغلوِّ.

- ٢٢ -

الأشباح الخمسة من ذريّة آدم

عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أخبرني جبريل انَّ الله تعالى لمـّا خلق آدم وأدخل الروح في جسده أمرني أن آخذ تفّاحةً من الجنَّة فأعصرها في حلقه فعصرتها في فمه فخلقك الله من النقطة الأولى أنت يا محمَّد، ومن الثانية أبا بكر، ومن الثالثة عمر، ومن الرابعة عثمان، ومن الخامسة عليّ. فقال آدم: من هؤلاء الذين كرَّمتهم؟ فقال الله تعالى: هؤلاء خمسة أشباح من ذرّيتك، وقال: هؤلاء اكرم عندي من جميع خلقي. قال: فلمّا عصى آدم ربَّه. قال: ربِّ بحرمة أولئك الأشباح الخمسة الذي فضَّلتهم إلّا تبت عليَّ فتاب الله عليه.

____________________

١ - راجع ميزان الاعتدال ٢: ٤ و ج ١: ٤٣٢، تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٦، ٦١ ج ٤ ٢٦٣، ج ٥ وبهذا الطريق اخرجه البزار كما في الصواعق ص ٤٧.

٢٩٩

ذكره الحافظ محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة ١: ٣٠، وابن حجر في الصواعق ص ٥٠ نقلاً عن رياض المحبّ الطبري وقال: عهدته عليه.

قال الأميني: ما أبعد المسافة بين من يجوِّز توسّل آدم أوَّل الأنبياء إلى الله تعالى باناس عاديِّين في سياق توسّله بأفضل الرسل والسيِّد الأوصياء عليهما وآلهما السَّلام، و بين مَن ينكر التوسُّل لأيِّ أحد، بأيِّ أحد، ولا يرى لتوسّل آدم بالنبيِّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيّ قيمة وكرامة، فيعتقد الأوَّل صحَّة مثل هذه الرواية التي حكم السيوطي بانَّها كذبٌ موضوعٌ، وارتضاه ابن حجر في نقله عنه كما في كشف الخفاء، وإن عدَّه في صواعقه من الفضائل زعماً منه بأنَّ الدهر لم يأت بعده بمن يناقشه في الحساب، وصافقهما على التكذيب والوضع العجلوني فقال في كشف الخفاء ١: ٢٣٣: قال ابن حجر الهيثمي نقلاً عن السيوطي: كذبٌ موضوعٌ.

ومتن الراوية أوضح شاهد على ذلك غير انَّ المغالات في الفضائل إختلقتها لمعارضة ما ورد في قوله تعالى: فتلقّى آدم من ربِّه كلمات فتاب عليه « سورة البقرة »

أخرج الديلمي في مسند الفردوس كما في الدر المنثور ١: ٦٠ باسناده عن عليّ قال سألت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول الله: فتلقّى آدم من ربِّه كلمات فتاب عليه؟ فقال: إن الله أهبط آدم بالهند وحواء بجدَّه - إلى أن قال -: حتى بعث الله إليه جبريل، وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي: ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أُزوِّجك حوّاء أمتي: قال: بلى. قال: فما هذا البكاء؟ قال وما يمنعني من البكاء؟ وقد اُخرجت من جوار الرَّحمن. قال: فعليك بهؤلاء الكلمات فانَّ الله قابلٌ توبتك، وغافرٌ ذنبك. قل: أللهمّ إنيِّ أسألك بحقِّ محمَّد وآل محمَّد سبحانك لا إ~له إلا أنت، عملت سوءً، وظلمت نفسي فاغفر لي إنَّك أنت الغفور الرَّحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقَّى آدم.

وأخرج ابن النجار عن ابن عبّاس قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربِّه فتاب عليه؟ قال: سأل بحقِّ محمَّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليَّ. فتاب عليه « الدر المنثور ١: ٦٠ »

وأخرجه الفقيه ابن المغازلي في المناقب كما في ينابيع المودَّة ص ٢٣٩.

٣٠٠