الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٧

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 417

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 417
المشاهدات: 184814
تحميل: 6026


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184814 / تحميل: 6026
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

طريق الحسين بن أحمد المالكي وزاد فيه: وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله تعالى بالجنَّة.

(كلمة الإمام الرِّضا)

كتب أبان بن محمود إلى عليِّ بن موسى الرضاعليه‌السلام : جعلت فداك إنِّي قد شككت في إسلام أبي طالب. فكتب إليه: ومن يشاقق الرَّسول من بعد ما تبيَّن له الهدى و يتَّبع غير سبيل المؤمنين. الآية: وبعدها إنَّك إن لم تقرَّ بايمان أبي طالب كان مصيرك إلى النّار.

قصارى القول

فى سيد الابطح عند القوم

إنَّ كلاًّ من هذه العقود الذهبيَّة بمفرده كافٍ في إثبات الغرض فكيف بمجموعها ومن المقطوع به انَّ الأئمَّة من ولد أبي طالبعليه‌السلام أبصر الناس بحال أبيهم، وانَّهم لم ينوِّهوا إلّا بمحض الحقيقة، فإنَّ العصمة فيهم رادعةٌ عن غير ذلك، ولقد أجاد مفتي الشافعيَّة بمكّة المكرَّمة في (أسنى المطالب) حيث قال في ص ٣٣:

هذا المسلك الذي سلكه العلَّامة السيِّد محمَّد بن رسول البرزنجي في نجاة أبي طالب لم يسبقه اليه أحدٌ فجزاه الله أفضل الجزاء، وسلكه هذا الذي سلكه يرتضيه كلُّ من كان متَّصفاً بالانصاف من أهل الايمان، لأنَّه ليس فيه إبطال شيء من النصوص ولا تضعيفٌ لها، وغاية ما فيه أنَّه حملها على معان مستحسنة يزول بها الإشكال ويرتفع الجدال، ويحصل بذلك قرَّة عين النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والسَّلامة من الوقوع في تنقيص أبي طالب أو بغضه، فإنَّ ذلك يؤذي النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد قال الله تعالى: إنَّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدَّ لهم عذاباً مهينا. وقال تعالى: والَّذين يؤذون رسول الله لهم عذابٌ أليم.

وقد ذكر الإمام أحمد بن الحسين الموصلي الحنفي المشهور بابن وحشي في شرحه على الكتاب المسمّى بشهاب الأخبار للعلّامة محمَّد بن سلامة القضاعي المتوفّى ٤٥٤: إنَّ بغض أبي طالب كفرٌ. ونصَّ على ذلك ايضاً من أئمَّة المالكيَّة العلّامة عليّ الأجهوري في فتاويه، والتلمساني في حاشيته على الشفاء فقال عند ذكر أبي طالب: لا

٣٨١

ينبغي أن يذكر إلّا بحماية النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنَّه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذيَّةٌ للنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومؤذي النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كافر، والكافر يقتل، وقال أبو طاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافرٌ.

وممّا يؤيِّد هذا التحقيق الذي حقَّقه العلّامة البرزنجي في نجاة أبي طالب إنَّ كثيراً من العلماء المحقِّقين وكثيراً من الأولياء العارفين أرباب الكشف قالوا بنجاة ابي طالب منهم: القرطبي والسبكي والشعراني وخلائق كثيرون وقالوا: هذا الذي نعتقده وندين الله به، وإن كان ثبوت ذلك عندهم بطريق غير الطريق الذي سلكه البرزنجي، فقد إتَّفق معهم على القول بنجاته، فقول هؤلاء الأئمَّة بنجاته أسلم للعبد عند الله تعالى لا سيما مع قيام هذه الدلائل والبراهين التي أثبتها العلّامة البرزنجي.ا ه.

وذكر السيِّد زيني دحلان في أسنى المطالب ص ٤٣ قال: وللهِ درّ القائل:

قفا بمطلع سعد عزّ ناديه

وأمليا شرح شوقي في مغانيه

واستقبلا مطلع الأنوار في اُفق

الحجون واحترسا أن تبهرا فيه

مغنى به وابل الرضوان منهمرٌ

ونائرات الهدى دلَّت مناديه

قفا فذا بلبل الأفراح من طربٍ

يروي بديع المعاني في أماليه

واستمليا لأحاديث العجائب عن

بحرٍ هناك بديع في معانيه

حامي الذمار مجير الجار من كرمت

منه السجايا فلم يفخر مباريه

عمّ النبيِّ الذي لم يثنه حسدٌ

عن نصره فتغالى في مراضيه

هو الذي لم يزل حصناً لحضرته

موفَّقاً لرسول الله يحميه

وكلُّ خير ترجَّاه النبيُّ له

وهو الذي قطُّ ما خابت أمانيه

فيا مَن أمَّ العلا في الخالدات غدا

أغث لِلَهفافه واسعف مناديه

قد خصَّك الله بالمختار تكلؤه

وتستعزُّ به فخراً وتطريه

عنيت بالحبِّ في طه ففزت به

ومن ينل حبّ طه فهو يكفيه

كم شمت آيات صدق يستضاء بها

وتملأ القلب إيماناً وترويه؟

مَن الذي فاز في الماضين أجمعهم

بمثل ما فزت من طه وباريه؟

كفلت خير الوري في يتمه شغفاً

وبتَّ بالروح والأبناء تفديه

٣٨٢

عضدته حين عادته عشيرته

وكنت حائطه من بغي شانيه

نصرت مَن لم يشمّ الكون رائحة

الوجود لو لم يقدَّر كونه فيه

إنَّ الذي قمت في تأييد شوكته

هو الذي لم يكن شيءٌ يساويه

إنَّ الذي أنت قد أحببت طلعته

حبيب مَن كلُّ شيء في أياديه

لِلَّه درُّك من قنّاص فرصته

مذ شمت برق الأماني من نواحيه

يهنيك فوزك أن قدَّمت منكم يداً

إلى مليٍّ وفيٍّ في جوازيه

من يسد أحسن معروف لأحسنَ من

جازى ينل فوق ما نالت أمانيه

ومَن سعى لسعيد في مطالبه

فهو الحرىُّ بأن تحظى أماليه

فيا سعيد المساعي في متاجره

قد جئت ربعك أستهمي غواديه

مستمطراً منك مزن الخير معترفاً

بأنَّ غرس المنى يعنى بصافيه الخ

ثمَّ قال: في ص ٤٤ وقيل ايضاً:

إنَّ القلوب لتبكي حين تسمع ما

أبدى أبو طالب في حقِّ مَن عظما

فإن يكن أجمع الأعلام إنَّ له

ناراً فللّه كلّ الكون يفعل ما(١)

أمَّا إذا اختلفوا فالرأي أن تردا

موارداً يرتضيها عقل من سلما

تتابع المثبتي الإيمان مِن زمر

في معظم الدين تابعناهمُ فكما(٢)

وهم عدولٌ خيارٌ في مقاصدهم

فلا نقل: إنَّهم لن يبلغوا عظما

لا تزدريهم أتدري من همو فهمو

همو عرى الدين قد أضحوا به زعما

هم السيوطيُّ والسبكيُّ مع نفر(٣)

كعدَّة النقبا حفّاظ أهل حما

وأهل كشف وشعرانيُّهم وكذا

القرطبي والسحيمي الجميع كما(٤)

____________________

١ - اى يفعل ما يشاء.

٢ - أى كما تابعناهم في معظم الدين نتابعهم فى هذا.

٣ - للسيوطى كتاب (بغية الطالب لايمان أبى طالب وحسن خاتمته) توجد نسخته فى مكتبة « قوله » بمصر ضمن مجموعة رقم ١٦، وهى بخط السيد محمود فرغ من الكتابة سنة ١١٠٥. راجع الذريعة لشيخنا الطهرانى ٢: ٥١١.

٤ - أى كما ترى فى الوثاقة.

٣٨٣

- ٤ -

ما أسنده اليه من لاث به وبخع له

هؤلاء شيعة أهل البيت عليهم السَّلام لا يشكُّ أحدٌ منهم في ايمان أبي طالبعليه‌السلام ويرونه في أسمى مراقيه وعلى صهوته العليا آخذين ذلك يداً عن يد حتّى ينتهي الدور إلى الصحابة منهم والتابعين لهم باحسان، ومذعنين في ذلك بنصوص أئمَّتهم عليهم السَّلام بعد ما ثبت عن جدِّهم الأقدس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال المعلّم الأكبر شيخنا المفيد في (أوائل المقالات) ص ٤٥: إتَّفقت الإماميَّة على أنَّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من لدن آدم إلى عبد الله مؤمنون بالله عزَّ وجلّ موحِّدون (إلى أن قال): واجمعوا على انَّ أبا طالب مات مؤمناً، وأنَّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد. الخ.

وقال شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في التبيان ٢: ٣٩٨: عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السَّلام انَّ أبا طالب كان مسلماً، وعليه إجماع الإماميَّة لا يختلفون فيه، ولها على ذلك أدلَّة قاطعة موجبة للعلم.

وقال شيخنا الطبرسي في مجمع البيان ٢: ٢٨٧: قد ثبت إجماع أهل البيت على إيمان أبي طالب وإجماعهم حجَّة لأنَّهم أحد الثقلين الدين النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتمسك بهما بقوله: إن تمسَّكتم بهما لن تضلُّوا.

وقال سيِّدنا ابن معد الفخار: لقد يكفينا من الإستدلال على ايمان أبي طالبعليه‌السلام إجماع أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليهم أجمعين وعلماء شيعتهم على إسلامه و إتِّفاقهم على ايمانه، ولو لم يرد عنه من إلأفعال التي لا يفعلها إلّا المؤمنون، والأقوال التي لا يقولها إلَّا المسلمون، ما يشهد له بصحَّة الاسلام وتحقيق الايمان، إذ كان إجماعهم حجَّة يعتمد عليها ودلالة يصمد إليها. كتاب الحجَّة ص ١٣.

وقال شيخنا الفتّال في روضة الواعظين ص ١٢٠: إعلم أنَّ الطائفة المحقَّة قد أجمعت على انَّ أبا طالب، و عبد الله بن المطلب، وآمنة بنت وهب، كانوا مؤمنين و إجماعهم حجَّة.

وقال سيِّدنا الحجّة ابن طاوس في الطرائف ص ٨٤: إنَّني وجدت علماء العترة

_٢٤_

٣٨٤

مجمعين على إيمان أبي طالب. وقال في ص ٨٧: لا ريب انَّ العترة أعرف بباطن ابيطالب من الأجانب، وشيعة أهل البيت مجمعون على ذلك، ولهم فيه مصنَّفات وما رأينا وما سمعنا انَّ مسلماً أحوجه ما أحوجهم في إيمان أبيطالب، والذي نعرفه منهم انَّهم يثبتون ايمان الكافر بأدنى خبر واحد وبالتلويح، وقد بلغت عداوتهم لبني هاشم الى إنكار ايمان أبي طالب مع ثبوت ذلك بالحجج الثواقب إنَّ هذا من جملة العجائب.

وقال ابن ابي الحديد في شرحه ٣: ٣١١: إختلف الناس في أبي طالب فقالت الإماميَّة واكثر الزيدَّية: ما مات إلّا مسلماً، وقال بعض شيوخنا المعتزلة بذلك منهم الشيخ أبو القاسم البلخي وأبو جعفر الاسكافي وغيرهما.

وقال العَّلامة المجلسي في البحار ٩: ٢٩: قد أجمعت الشيعة على إسلامه وانَّه قد آمن بالنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوَّل الأمر ولم يعبد صنماً قطُّ بل كان من أوصياء ابراهيمعليه‌السلام واشتهر اسلامه من مذهب الشيعة حتى أنَّ المخالفين كلّهم نسبوا ذلك إليهم و تواترت الأخبار من طرق الخاصَّة والعامّة في ذلك، وصنَّف كثيرٌ من علمائنا ومحدِّثينا كتاباً مفرداً(١) في ذلك كما لا يخفى على من تتبَّع كتب الرجال.

ومستند هذا الإجماعات إنَّما هو ما جاء به رجالات بيت الوحي في سيِّد الأبطح واليك أربعون حديثاً:

١- أخرج شيخنا أبو علي الفتّال وغيره عن أبي عبد الله الصّادقعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمَّد! إنَّ ربَّك يقرئك السَّلام ويقول: إنِّي قد حرَّمت النار على صُلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك. فالصُلب صلب أبيه عبد الله بن عبد المطلب. والبطن الذي حملك آمنة بنت وهب. وأمّا حجر كفلك فحجر أبي طالب. وزاد في رواية: وفاطمة بنت أسد(٢) . روضة الواعظين ص ١٢١.

راجع الكافي لثقة الاسلام الكليني ص ٢٤٢ معاني الأخبار للصدوق، كتاب الحجَّة السيد فخار بن معد ص ٨، ورواه شيخنا المفسِّر الكبير أبو الفتوح الرازي في تفسيره ٤: ٢١٠ ولفظه: انَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم على النار صُلباً حملك، وبطناً حملك،

____________________

١ - ستوافيك عدّة ممن أفرد التأليف فى ايمان ابى طالب عليه ‌السلام.

٢ - راجع ما اسلفناه ص ٣٧٩.

٣٨٥

وثدياً أرضعك، وحِجراً كفلك.

٢ - عن أمير المؤمنين قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هبط عليَّ جبرئيل فقال: لي يا محمَّد إنَّ الله عزَّ وجلَّ مشفِّعك في ستَّة: بطن حملتك آمنة بنت وهب. وصُلب أنزلك عبد الله بن عبد المطلب. وحجر كفلك أبو طالب. وبيت آواك عبد المطلب وأخ كان لك في الجاهليَّة. وثدي أرضعك حليمة بنت أبي ذويب.

رواه السيِّد فخار بن معد في كتاب الحجَّة ص ٨.

٣ - روى شيخنا المعلّم الأكبر الشيخ المفيد باسناد يرفعه قال: لمـّا مات أبو طالب أتى أمير المؤمنين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فآذنه بموته فتوجَّع توجُّعاً عظيماً وحزن حزناً شديداً ثمَّ قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إمض يا عليُّ فتولَّ أمره، وتولَّ غسله و تحنيطه وتكفينه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني ففعل ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرقَّ وتحزَّن وقال: وصلتك رحم وجزيت خيراً يا عمّ! فلقد ربّيت وكفلت صغيراً، ونصرت وآزرت كبيراً، ثمَّ أقبل على الناس وقال: أمَ والله لأشفعنَّ لعمِّي شفاعة يعجب بها أهل الثقلين.

وفي لفظ شيخنا الصدوق: يا عمّ كفلت يتيماً، ورّبيت صغيراً، ونصرت كبيراً فجزاك الله عنِّي خيراً(١) .

راجع تفسير علي بن ابراهيم ص ٣٥٥، أمالي إبن بابويه الصدوق، الفصول المختارة لسيِّدنا الشريف المرتضى ٨٠، الحجَّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص ٦٧، بحار الأنوار ٩ ص ١٥، الدرجات الرفيعة لسيِّدنا الشيرازي، ضياء العالمين.

٤ - عن العبّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه انَّه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: كلَّ الخير أرجو من ربِّي عزَّ وجلَّ.

كتاب الحجَّة ص ١٥، الدرجات الرفيعة رجع ما أسلفناه ص ٣٧٣.

٥ - عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنَّه قال لعقيل بن أبي طالب: أنا احبُّك يا عقيل! حبَّين: حبّاً لك وحبّاً لأبي طالب لأنَّه كان يحبُّك(٢) .

____________________

١ - راجع ما مرّ فى صفحة ٣٧٤.

٢ - راجع ما اسلفناه ص ٣٧٧.

٣٨٦

علل الشرايع لشيخنا الصدوق. الحجّة ص ٣٤، بحار الأنوار ٩: ١٦.

٦ - عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لو قمت المقام المحمود لشفعت في أبي وأمِّي و عمّي وأخ لي مواخياً في الجاهليَّة. تفسير علي بن إبراهيم ص ٣٥٥، ٤٩٠، تفسير البرهان ٣: ٧٩٤. راجع ما أسلفناه في صفحة ٣٧٨.

٧ - عن الامام السبط الحسين بن عليّ عن والده أمير المؤمنين إنَّه كان جالساً في الرحبة والناس حوله فقام اليه رجلٌ فقال له: يا أمير المؤمنين! إنَّك بالمكان الذي أنزلك الله وأبوك معذّبٌ في النار فقال له: مَه فضَّ الله فاك، والذي بعث محمّداً بالحقِّ نبيّاً لو شفع أبي في كلِّ مذنب على وجه الأرض لشفَّعه الله، أأبي معذَّبٌ في النار وابنه قسيم الجنَّة والنار؟ والذي بعث محمَّداً بالحقِّ إنَّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلّا خمسة أنوار: نور محمَّد ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ونور ولده من الأئمَّة، ألا إنَّ نوره من نورنا خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام.

المناقب المائة للشيخ أبي الحسن ابن شاذان(١) كنز الفوائد للكراجكي ص ٨٠، أمالي ابن الشيخ ص ١٩٢، إحتجاج الطبرسي كما في البحار، تفسير أبي الفتوح ٤: ٢١١، الحجَّة ص ١٥، الدرجات الرفيعة، بحار الأنوار ٩: ١٥، ضياء العالمين، تفسير البرهان ٣: ٧٩٤.

٨ - عن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام إنَّه قال: والله ما عَبَدَ أبي ولا جدِّي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطُّ. قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يُصلّون إلى البيت على دين إبراهيمعليه‌السلام متمسِّكين به.

رواه شيخنا الصدوق باسناده في كمال الدين ص ١٠٤، والشيخ أبو الفتوح في تفسيره ٤: ٢١٠، والسيِّد في البرهان ٣: ٧٩٥.

٩ - عن ابي الطفيل عامر بن واثلة قال: قال عليٌّعليه‌السلام إنَّ أبي حين حضره الموت شهده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرني عنه بشىء خير لي من الدنيا وما فيها.

رواه بإسناده السيِّد فخار بن معد في كتاب الحجَّة ص ٢٣، وذكره

____________________

١ - محمد بن احمد القمى الفامى احد مشايخ شيخ الطائفة الطوسى والكراجكى والكتاب مخطوط موجود عندنا.

٣٨٧

الفتوني في ضياء بالعالمين.

١٠ - عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ما مات أبو طالب حتّى أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نفسه الرضا. تفسير علي بن ابراهيم ص ٣٥٥، كتاب الحجَّة ص ٢٣، الدرجات الرفيعة، ضياء العالمين.

١١ - عن الشعبي يرفعه عن أمير المؤمنين انَّه قال: كان والله أبو طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب مؤمناً مسلماً يكتم إيمانه مخافةً على بني هاشم أن تنابذها قريش

قال أبو علي الموضح: ولأمير المؤمنين في أبيه يرثيه:

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلمْ

لقد هدَّ فقدك أهل الحفاظ

فصلّى عليك وليُّ النعمْ

ولقَّاك ربُّك رضوانه

فقد كنت للمصطفى خير عمْ(١)

كتاب الحجَّة ص ٢٤.

١٢ - عن الأصبغ بن نباتة قال، سمعت أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام يقول: مرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفر من قريش وقد نحروا جزوراً وكانوا يسمّونها الفهيرة ويذبحونها على النصب فلم يسلّم عليهم فلمّا انتهى إلى دار الندوة قالوا: يمرُّ بنا يتيم أبي طالب فلا يسلّم علينا فأيّكم يأتيه فيفسد عليه مصلاَه؟ فقال عبد الله بن الزبعرى السهمي: أنا أفعل، فأخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ساجدٌ فملأ به ثيابه ومظاهره فانصرف النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أتى عمَّه أبا طالب فقال: يا عمّ من أنا؟ فقال: ولِم يا ابن أخي؟ فقصَّ عليه القصَّة فقال: وأين تركتهم؟ فقال: بالأبطح فنادى في قومه: يا آل عبد المطلب! يا آل هاشم! يا آل عبد مناف! فاقبلوا إليه من كلِّ مكان ملبِّين فقال: كم أنتم؟ قالوا: نحن أربعون قال: خذوا سلاحكم. فأخذوا سلاحهم وانطلق بهم حتّى إنتهى إلى اولئك النفر فلمّا رأوه أرادوا أن يتفرَّقوا فقال لهم: وربِّ هذه البنيَّة لا يقومنَّ منكم أحدٌ إلاّ جللته بالسيف. ثمَّ أتى إلى صفاة كانت بالأبطح فضربها ثلاث ضربات حتّى قطعها ثلثة أفهار(٢) ثمَّ قال: يا محمَّد! سألتني من أنت؟ ثمَّ أنشأ يقول

____________________

١ - راجع ما أسلفناه ص ٣٧٨.

٢ - ثلثة أفهار: ثلاث قطع كل منها تملأ الكف.

٣٨٨

ويومي بيده إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أنت النبيُّ محمَّدُ

قرمٌ أعزّ مسوَّدُ

إلى آخر ما مرَّ في ص ٣٣٦ ثمَّ قال: يا محمَّد! أيُّهم الفاعل بك؟ فأشار النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عبد الله بن الزبعرى السهمي الشاعر فدعاه أبو طالب فوجأ أنفه حتّى أدماها ثمَّ أمر بالفرث والدم فأمرّ على رؤس الملأ كلّهم ثمَّ قال: يا ابن أخ أرضيت؟ ثمَّ قال: سألتني من أنت؟ أنت محمَّد بن عبد الله ثمَّ نسَّبه إلى آدمعليه‌السلام ثمّ قال: أنت والله أشرفهم حسباً، وأرفعهم منصباً، يا معشر قريش! من شاء منكم يتحرَّك فليفعل أنا الذي تعرفوني(١) .

رواه السيِّد ابن معد في الحجَّة ص ١٠٦ وذكرِ لدة هذه القضيَّة الصفوري في نزهة المجالس ٢: ١٢٢ وفي طبع ص ٩١، وابن حجَّة الحموي في ثمرات الأوراق بهامش المستطرف ٢: ٣ نقلاً عن كتاب الأعلام للقرطبي.

١٣ - ذكر ابن فيّاض في كتابه شرح الأخبار: إنَّ عليّاًعليه‌السلام قال في حديث له: إنَّ أبا طالب هجم عليَّ وعلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن ساجدان فقال: أفعلتماها؟ ثمَّ أخذ بيدي فقال: انظر كيف تنصره، وجعل يرغِّبني في ذلك ويحضّني عليه. الحديث.

راجع ضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف الفتوني:

١٤ - روي انَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قيل له: من كان آخر الأوصياء قبل النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فقال: أبي.

« ضياء العالمين للفتوني »

١٥ - عن الإمام السّجاد زين العابدين عليّ بن الحسين بن علي عليهم السَّلام انَّه سُئل عن أبي طالب أكان مؤمناً؟ فقالعليه‌السلام : نعم. فقيل له: إنَّ هاهنا قوماً يزعمون انَّه كافرٌ. فقالعليه‌السلام : واعجباً كلَّ العجب أيطعنون على أبي طالب أو على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ و قد نهاه الله تعالى أن يقرَّ مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ولا يشكّ أحدٌ انَّ فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها من المؤمنات السابقات، فإنَّها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب رضي الله عنه.

راجع ما مرّ ص ٣٨٠، وكتاب الحجَّة ص ٢٤، والدرجات الرفيعة، ضياء العالمين فقال: قيل إنَّها متواترةٌ عندنا.

____________________

١ - راجع ما اسلفناه ص ٣٥٩ وياتى فى الجزء الثامن فى الايات ما يأيّد هذه القصة.

٣٨٩

١٦ - عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : سيِّدي إنَّ الناس يقولون: إنَّ أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فقالعليه‌السلام : كذبوا والله إنَّ ايمان أبي طالب لو وُضع في كفَّة الميزان وايمان هذا الخلق في كفَّة ميزان لرجح ايمان أبي طالب على ايمانهم. إلى آخر ما مرَّ ص ٣٨٠، رواه السيِّد في كتاب الحجَّة ص ١٨ من طريق شيخ الطائفة عن الصَّدوق، والسيِّد الشيرازي في الدرجات الرفيعة، والفتوني في ضياء العالمين.

وروى السيِّد ابن معد في كتاب الحجَّة ص ٢٧ من طريق آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام انَّه قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً. الخ.

١٧ - عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمَّد عليهما السلام قال: إنَّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الشِّرك فآتاهم الله أجرهم مرَّتين.

راجع الكافي لثقة الإسلام الكليني ص ٢٤٤، أمالي الصدوق ص ٣٦٦، روضة الواعظين ص ١٢١، كتاب الحجَّة ص ١١٥، وفي ص ١٧ ولفظه من طريق الحسين بن أحمد المالكي:

قال عبد الرَّحمن بن كثير: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنَّ الناس يزعمون أنَّ أبا طالب في ضحضاح من نار فقال: كذبوا، ما بهذا نزل جبريل على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت: وبما نزل؟ قال: أتى جبرائيل في بعض ما كان عليه فقال: يا محمَّد إنَّ ربَّك يقرئك السَّلام ويقول لك إنَّ أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الشِّرك فآتاهم الله أجرهم مرَّتين، وإنَّ أبا طالب أسرّ الايمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرَّتين، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله تعالى بالجنَّة، ثمَّ قال: كيف يصفونه بهذا؟ وقد نزل جبرائيل ليلة مات أبو طالب فقال: يا محمَّد اخرج من مكة فمالك بها ناصرٌ بعد أبي طالب.

وذكره العلاّمة المجلسي في البحار ٩: ٢٤، والسيِّد في الدرجات الرفيعة، والفتوني في ضياء العالمين، وروى شيخنا أبو الفتوح الرازي هذا الحديث في تفسيره ٤ ص ٢١٢.

١٨ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في الكافي ص ٢٤٤ بالإسناد عن إسحاق ابن جعفر عن أبيهعليه‌السلام قال: قيل له: انَّهم يزعمون أنَّ أبا طالب كان كافراً، فقال:

٣٩٠

كذبوا، كيف وهو يقول؟:

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمَّداً

نبيّاً كموسى خُطَّ في أوَّل الكتبِ؟

وذكره غير واحد من أئمَّة الحديث في تآليفهم رضوان الله عليهم أجمعين.

١٩ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في اُصول الكافي ٢٤٤ عن الإمام الصادق قال: كيف يكون أبو طالب كافراً وهو يقول؟:

لقد علموا أنَّ ابننا لا مكذَّبٌ

لدينا ولا يعبأ بقيل الأباطلِ

وأبيضُ يستسقي الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأراملِ

وذكره السيِّد في البرهان ٣: ٧٩٥، وكذلك غير واحد من أعلام الطائفة أخذاً عن الكليني.

٢٠ - روى شيخنا أبو علي الفتال في روضة الواعظين ص ١٢١ عن الامام الصّادقعليه‌السلام قال: لمـّا حضر أبا طالب رضي الله عنه الوفات جمع وجوه قريش فأوصاهم فقال: يا معشر قريش! أنتم صفوة الله من خلقه، وقلب العرب، وأنتم خزنة الله في أرضه وأهل حرمه، فيكم السيِّد المطاع، الطويل الذراع، وفيكم المقدام الشجاع، الواسع الباع، إعلموا أنَّكم لم تتركوا للعرب في المفاخر نصيباً إلاّ حزتموه، ولا شرفاً إلّا أدركتموه، فلكم على الناس بذلك الفضيلة، ولهم به اليكم الوسيلة، والناس لكم حرب إلى آخر ما مرَّ في ص ٣٦٦ من مواقف سيِّدنا أبي طالب المشكورة المرويَّة من طرق أهل السنَّة، وذكر هذه الوصيَّة شيخنا العلاّمة المجلسي في البحار ٩: ٢٣.

٢١ - حدَّث شيخنا أبو جعفر الصدوق في إكمال الدين ص ١٠٣ بالاسناد عن محمّد بن مروان عن الإمام الصادقعليه‌السلام : إنَّ أبا طالب أظهر الكفر وأسرَّ الايمان فلمّا حضرته الوفاة أوحى الله عزَّ وجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أخرج منها فليس لك بها ناصر. فهاجر إلى المدينة.

وذكره سيِّدنا الشريف المرتضى في الفصول المختارة ص ٨٠ فقال: هذا يبرهن عن ايمانه لتحقيقه بنصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقوية أمره.

وذيل الحديث رواه السيِّد الحجة ابن معد في كتابه « الحجة » ص ٣٠ وقال في ص ١٠٣: لمـّا قبض أبو طالب اتَّفق المسلمون على انَّ جبرئيلعليه‌السلام : نزل على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال

٣٩١

له: ربُّك يقرءك السَّلام ويقول لك: انَّ قومك قد عولوا على أن يُبيِّتوك وقد مات ناصرك فأخرج عنهم وأمره بالمهاجرة. فتأمّل إضافة الله تعالى أبا طالب رحمه الله إلى النبيّعليه‌السلام و شهادته له انَّه ناصره، فإنَّ في ذلك لأبي طالب أوفى فخر وأعظم منزلة وقريش رضيت من أبي طالب بكونه مخالطاً لهم مع ما سمعوا مِن شعره وتوحيده وتصديقه للنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يمكنهم قتله والمنابذة له لأنَّ قومه من بني هاشم وإخوانهم من بني المطلب بن عبد مناف وأحلافهم ومواليهم وأتباعهم، كافرهم مؤمنهم كانوا معه، ولو كان نابذ قومه لكانوا عليه كافَّة، ولذلك قال أبو لهب لمـّا سمع قريشاً يتحدَّثون في شأنه و يفيضون في أمره: دعوا عنكم هذا الشيخ فأنَّه مغرمٌ بابن أخيه، والله لا يُقتل محمَّد حتّى يُقتل أبو طالب، ولا يقتل أبو طالب حتّى تُقتل بنو هاشم كافّة، ولا تُقتل بنو هاشم حتّى تُقتل بنو عبد مناف، ولا تقتل بنو عبد مناف حتّى تُقتل أهل البطحاء، فامسكوا عنه وإلّا ملنا معه فخاف القوم أن يفعل فكفُّوا، فلمّا بلغت أبا طالب مقالته طمع في نصرته فقال: يستعطفه ويرقِّقه.

عجبت لحلم يا بن شيبة حادث

وأحلام أقوام لديك ضعافٌ

إلى آخر أبيات ذكرها ابن أبي الحديد في شرحه ٣: ٣٠٧ مع زيادة خمسة أبيات لم يذكرها السيِّد في الحجّة. وذكرها ابن شجري في حماسته ص ١٦.

فقال السيِّد: فلمّا أبطأ عنه ما أراد منه قال يستعطفه أيضاً:

وإنَّ امرءاً من قومه أبو معتب(١)

لفي منعة من أن يسام المظالما

أقول له وأين منه نصيحتي

: أبا معتب ثبِّت سوادك قائما

إلى أبيات خمسة. وقد ذكرها ابن هشام في سيرته: ١: ٣٩٤ مع زيادة أربعة أبيات غير أنَّ البيت الأوَّل فيه:

إنَّ امرءاً أبو عُتيبة عمُّه

لفي روضة ما إن يُسام المظالما

وذكرها ابن أبي الحديد في الشرح ٣: ٣٠٧، وابن كثير في تاريخه ٣: ٩٣.

٢٢ - عن يونس بن نباتة عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال: يا يونس! ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون: هو في ضحضاح من نار يغلي منها

____________________

١ - يعنى به ابا لهب.

٣٩٢

اُمّ رأسه فقال: كذب أعداء الله، إنَّ أبا طالب من رفقاء النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.

كنز الفوائد لشيخنا الكراجكي ص ٨٠، كتاب الحجَّة ص ١٧، ضياء العالمين.

٢٣ - روى الشريف الحجَّة ابن معد في كتاب الحجَّة ص ٢٢ من طريق شيخنا أبي جعفر الصّدوق عن داود الرقي قال دخلت علي أبي عبد اللهعليه‌السلام ولي على رجل دين وقد خفت نواه فشكوت ذلك إليه فقالعليه‌السلام : اذا مررت بمكّة فطف عن عبد المطلب طوافاً وصلِّ عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافاً وصلِّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله طوافاً وصلِّ عنه ركعتين. وطف عن آمنة طوافاً وصلِّ عنها ركعتين، وعن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلِّ عنها ركعتين. ثمَّ ادع الله عزَّ وجلَّ أن يردَّ عليك مالك. قال: ففعلت ذلك ثمَّ خرجت من باب الصفا فإذا غريمي واقف يقول: يا داود! جئني هناك فاقض حقّك.

وذكره العلّامة المجلسي في البحار ٩: ٢٤.

٢٤ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في الكافي ص ٢٤٤ بالإسناد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: بينا النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد الحرام وعليه ثيابٌ له جدد فألقى المشركون عليه سلا(١) ناقة فملؤا ثيابه بها فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب فقال له: يا عمّ! كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: وما ذاك يا بن أخي؟ فأخبره الخبر فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة: خذ السلا ثمَّ تَوجَّه إلى القوم والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه فأتى قريشاً وهم حول الكعبة، فلمّا رأوه عرفوا الشرَّ في وجهه ثمَّ قال لحمزة: أمرّ السلا على أسبلتهم(٢) ففعل ذلك حتّى أتى على آخرهم ثمَّ التفت أبو طالب إلى النبيِّ فقال: يا بن أخي هذا حسبك فينا.

وذكره جمع من الأعلام وأئمة الحديث في تآليفهم.

٢٥ - أخرج أبو الفرج الأصبهاني باسناده عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يعجبه أن يروي شعر أبي طالبعليه‌السلام وأن يدوّن وقال: تعلّموه وعلّموه

____________________

١ - السلا: الجلدة التى يكون فيها الولد.

٢ - وفى بعض النسخ: سبالهم ج السبلة: مقدمة اللحية. وما على الشارب من الشعر.

٣٩٣

أولادكم فإنَّه كان على دين الله وفيه علمٌ كثير.

كتاب الحجَّة ص ٢٥، بحار الأنوار ٩ ص ٢٤، ضياء العالمين للفتوني.

٢٦ - روى شيخنا الصَّدوق في أماليه ص ٣٠٤ بالإسناد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: أوَّل جماعة كانت إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلّي وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب معه إذ مرَّ أبو طالب به وجعفر معه قال: يا بنيَّ صِلْ جناح إبن عمِّك فلمّا أحسّه رسول الله تقدَّمهما وانصرف أبو طالب مسروراً وهو يقول:

إنَّ عليّاً وجعفراً ثقتي

عند ملمِّ الزمان والكربِ

إلى آخر أبيات مرَّت صحيفة ٣٥٦ وتأتي في ص ٣٩٧، والحديث رواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره ٤: ٢١١.

٢٧ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في الكافي ص ٢٤٢ باسناده عن درست بن أبي منصور انَّه سأل أبا الحسن الأوَّل - الإمام الكاظم -عليه‌السلام : أكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محجوجاً بأبي طالب؟ فقال: لا. ولكنَّه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه فقال: قلت: فدفع اليه الوصايا على انَّه محجوجٌ به؟ فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع اليه الوصيَّة قال: قلت: فما كان حال أبي طالب: قال: أقرَّ بالنبيِّ وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه.

قال الأميني: هذه مرتبة فوق مرتبة الايمان فإنَّها مشفوعةً بما سبق عن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام تثبت لأبي طالب مرتبة الوصاية والحجيَّة في وقته فضلاً عن بسيط الايمان، وقد بلغ ذلك من الثبوت إلى حدِّ ظنِّ السائل أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان محجوجاً به قبل بعثته، فنفي الإمامعليه‌السلام ذلك، وأثبت ما ثبت له من الوصاية وانَّه كان خاضعاً بالابراهيميَّة الحنيفيَّة، ثمَّ رضخ للمحمديَّة البيضاء، فسلّم الوصايا للصادع بها، وقد سبق ايمانه بالولاية العلويَّة الناهض بها ولده البارُّ صلوات الله وسلامه عليه.

٢٨ - أخرج شيخنا أبو الفتح الكراجكي ص ٨٠ باسناده عن أبان بن محمَّد قال كتبت إلى الإمام الرضا عليِّ بن موسى الرضا عليهما السّلام: جعلت فداك. إلى آخر ما مرَّ في ص ٣٨١،

وذكره السيِّد في كتاب الحجَّة ص ١٦، والسيِّد الشيرازي في الدرجات الرفيعة،

٣٩٤

والعلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ص ٣٣، وشيخنا الفتوني في ضياء العالمين.

٢٩ - روى شيخنا المفسِّر الكبير أبو الفتوح في تفسيره ٤: ٢١١، عن الإمام الرّضا سلام الله عليه وقال روى عن آبائه بعدَّة طرق: انَّ نقش خاتم أبي طالبعليه‌السلام كان: رضيت بالله ربّا، وبابن أخي محمَّد نبيّاً، وبابني عليّ له وصيّا.

ورواه السيِّد الشيرازي في الدرجات الرفيعة، والإشكوري في محبوب القلوب.

٣٠ - أخرج الشيخ أبو جعفر الصدوق باسناد له: انَّ عبد العظيم بن عبد الله العلوي الحسيني المدفون بالري كان مريضاً فكتب إلى أبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام : عرِّفني يا بن رسول الله عن الخبر المرويِّ: انَّ أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فكتب اليه الرِّضاعليه‌السلام .

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، أمّا بعد: فإنَّك إن شككت في ايمان أبي طالب كان مصيرك إلى النّار.

كتاب الحجَّة ص ١٦، ضياء العالمين لأبي الحسن الشريف.

٣١ - أخرج شيخنا الفقيه أبو جعفر الصَّدوق بالاسناد عن الإمام الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم السَّلام في حديث طويل: إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنِّي قد أيَّدتك بشيعتين: شيعةٌ تنصرك سرّاً، وشيعةٌ تنصرك علانية، فأمَّا التي تنصرك سرّاً فسيِّدهم وأفضلهم عمُّك أبو طالب، وأمَّا التي تنصرك علانية فسيِّدهم وأفضلهم ابنه عليُّ بن أبي طالب. ثمَّ قال: وإنَّ أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم ايمانه.

كتاب الحجَّة ص ١١٥، ضياء العالمين لأبي الحسن الشريف.

٣٢ - أخرج شيخنا الصَّدوق في أماليه ص ٣٦٥ من طريق الأعمش عن عبد الله بن عبّاس عن أبيه قال: قال أبو طالب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بن أخي! الله أرسلك؟ قال: نعم. قال: فأرني آية. قال: ادع لي تلك الشجرة. فدعاها فأقبلت حتّى سجدت بين يديه ثمَّ انصرفت، فقال أبو طالب: أشهد انّك صادق، يا علي صِل جناح ابن عمِّك.

ورواه أبو علي الفتال في روضة الواعظين ص ١٢١، ورواه السيِّد ابن معد في الحجَّة ص ٢٥ ولفظه: قال أبو طالب للنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحضر من قريش ليريهم فضله: يا بن أخي ألله

٣٩٥

أرسلك؟ قال: نعم. قال: إنَّ للانبياء معجزاً وخرق عادة فأرنا آية. قال: ادع تلك الشجرة وقل لها: يقول لك محمّد بن عبد الله: اقبلي باذن الله. فدعاها فأقبلت حتّى سجدت بين يديه ثمَّ أمرها بالإنصراف فانصرفت، فقال أبو طالب: أشهد انّك صادقٌ. ثمَّ قال لابنه عليّعليه‌السلام : يا بنيَّ إلزم ابن عمِّك.

وذكره غير واحد من أعلام الطائفة.

٣٣ - أخرج أبو جعفر الصَّدوق قدس الله سرّه في الأمالي ص ٣٦٦ باسناده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عبّاس انّه سأله رجل فقال له: يا بن عمِّ رسول الله! أخبرني عن أبي طالب هل كان مسلماً؟ قال: و كيف لم يكن مسلماً وهو القائل؟.

وقد علموا أنَّ ابننا لا مكذَّب

لدينا ولا يعبأ بقيل الأباطلِ

إنَّ أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب الكهف حين أسرَّوا الايمان وأظهروا الشِّرك فآتاهم الله أجرهم مرَّتين.

ورواه السيِّد ابن معد في (الحجّة) ص ٩٤، ١١٥، وذكره غير واحد من أئمة الحديث.

٣٤ - أخرج شيخنا أبو علي الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ص ١٢٣ عن ابن عبّاس قال: مرَّ أبو طالب ومعه جعفر ابنه برسول اللهعليه‌السلام وهو في المسجد الحرام يصلّي صلاة الظهر وعليٌّعليه‌السلام عن يمينه فقال أبو طالب لجعفر: صِلْ جناح ابن عمِّك فتقدَّم جعفر وتأخّر عليٌّ واصطفا خلف رسول اللهعليه‌السلام حتّى قضى الصَّلاة وفي ذلك يقول أبو طالب:

إنَّ عليّاً وجعفراً ثقتي

عند ملمِّ الزمان والنوبِ(١)

أجعلهما عرضة العداء إذا

اترك ميتاً

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكا

أخي لاُمِّي من بينهم وأبي

والله لا أخذل النبيَّ ولا

يخذله من بَنيَّ ذو حسب(٢)

وأخرج سيِّدنا ابن معد في كتاب الحجّة ص ٥٩ باسناده عن عمران بن الحصين

____________________

١ - وفى نسخة: عند أحتدام الهموم والكرب.

٢ - راجع فيما اسلفناه ص ٣٩٤.

٣٩٦

الخزاعي قال: كان والله إسلام جعفر بأمر أبيه، وذلك: مرَّ أبو طالب ومعه إبنه جعفر برسول الله وهو يُصلّي وعليُّعليه‌السلام عن يمينه فقال أبو طالب لجعفر: صِلْ جناح ابن عمِّك فجاء جعفر فصلّى مع النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا قضى صلاته قال له النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا جعفر! وصلت جناح ابن عمّك، إنَّ الله يعوِّضك من ذلك جناحين تطير بهما في الجنّة. فأنشأ أبو طالب رضوان الله عليه يقول:

إنَّ عليّاً وجعفراً ثقتي

عند ملمِّ الزمان والنوبِ

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكا

أخي لامّي من بينهم وأبي

إنَّ أبا معتب قد أسلمنا

ليس أبو معتب بذي حدبِ(١)

والله لا أخذل النبيَّ ولا

يخذله من بَنيَّ ذو حسبِ

حتى ترون الرئوس طايحةً

منّا ومنكم هناك بالقضبِ

نحن وهذا النبيُّ اُسرته

نضرب عنه الأعداء كالشهبِ

إن نلتموه بكلِّ جمعكم

فنحن في الناس ألأم العربِ

ورواه شيخنا أبو الفتح الكراجكي بطريق آخر عن أبي ضوء بن صلصال قال: كنت أنصر النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أبي طالب قبل إسلامي، فانّي يوماً لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدَّة القيظ إذ خرج أبو طالب إليَّ شبيهاً بالملهوف فقال لي: يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين؟ يعني النبيَّ وعليّاً عليهما السَّلام فقلت: ما رأيتهما مُذ جلست فقال: قم بنا في الطلب لهما فلست آمن قريشاً أن تكون اغتالهما قال: فمضينا حتّى خرجنا من أبيات مكّة ثمَّ صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقيناه إلى قلّته فإذا النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليٌّ عن يمينه وهما قائمان بازاء عين الشمس يركعان ويسجدان فقال أبو طالب لجعفر ابنه وكان معنا: صِلْ جناح ابن عمِّك. فقام إلى جنب عليّ فأحسَّ بهما النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقدَّمهما وأقبلوا على أمرهم حتّى فرغوا ممّا كانوا فيه ثمَّ أقبلوا نحونا فرأيت السرور يتردَّد في وجه أبي طالب ثمَّ انبعث يقول الأبيات.

٣٥ - عن عكرمة عن ابن عبّاس قال قال: أخبرني أبي انَّ أبا طالب رضي الله عنه شهد عند الموت أن لا إلـ~ـه إلاّ الله وأنَّ محمَّداً رسول الله. (ضياء العالمين).

____________________

١ - ابو معتب كنية ابى لهب كما مرّ. ذى جدب: ذى تعطف.

٣٩٧

٣٦ - في تفسير الوكيع من طريق أبي ذر الغفاري انَّه قال: والله الذي لا إله إلّا هو ما مات أبو طالب رضي الله عنه حتّى أسلم بلسان الحبشة قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتفقه الحبشة؟ قال: يا عمّ! إنَّ الله علّمني جميع الكلام. قال: يا محمَّداً! اسدن لمصاقا قاطا لاها، يعني أشهد مخلصاً لا إله إلّا الله، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: إنَّ الله أقرَّ عيني بأبي طالب. ضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف.

أحبَّ سيِّد الأبطح الشهادة بلغة الحبشة في موقفه هذا بعد ما أكثرها بلغة الضّاد وبغيرها كما فصَّل القول فيها شيخنا الحجَّة ابو الحسن الشريف الفتوني المتوفّى ١١٣٨ في كتابه القيِّم الضخم « ضياء العالمين » وهو أثمن كتاب الِّف في الإمامة.

٣٧ - روى شيخنا أبو الحسن قطب الدين الراوندي في كتابه - الخرائج والجرائح - عن فاطمة بنت أسد انَّها قالت: لمـّا توفّي عبد المطلب أخذ أبو طالب النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنده لوصيَّة أبيه به وكنت أخدمه وكان في بستان دارنا نخلات وكان أوَّل إدراك الرطب و كنت كلّ يوم ألتقط له حفنة من الرطب فما فوقها وكذلك جاريتي فاتَّفق يوماً أن نسيت أن التقط له شيئاً ونسيت جاريتي ايضاً، وكان محمَّد نائماً ودخل الصبيان وأخذوا كلَّما سقط من الرطب وانصرفوا فنمت ووضعت الكمّ على وجهي حياءً من محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا انتبه فانتبه محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخل البستان فلم ير رطبةً على وجه الأرض فأشار إلى نخلة وقال: أيَّتها الشجرة أنا جائع. فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتَّى أكل منها ما أراد ثمَّ ارتفعت إلى موضعها، فتعجَّبت من ذلك وكان أبو طالب رضي الله عنه غائباً فلمّا أتى وقرع الباب عدوت إليه حافية وفتحت الباب وحكيت له ما رأيت فقال: هو إنَّما يكون نبيّاً وأنتِ تلدين له وزيراً بعد يأس. فولدت عليّاًعليه‌السلام كما قال.

٣٨ - روى شيخنا الفقيه الأكبر إبن بابويه الصَّدوق في أماليه ص ١٥٨ بالاسناد عن أبي طالب سلام الله عليه قال قال عبد المطلب: بينا أنا نائمٌ في الحجر إذ رأيت رؤياً هالتني فأتيت كاهنة قريش وعليَّ مطرف خزّ وجمّتي تضرب منكبي، فلمَّا نظرت إليَّ عرفت في وجهي التغيّر، فاستوت وأنا يومئذ سيِّد قومي فقالت: ما شأن سيِّد العرب متغيّر اللون؟ هل رابه من حِدثان الدهر ريب؟ فقلت لها: بلى إنِّي رأيت الليلة أنا نائمٌ في الحجر كأنَّ شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السَّماء وضربت بأغصانها الشرق

٣٩٨

والغرب، ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً، ورأيت العرب والعجم ساجدة لها، وهي كلّ يوم تزداد عظماً ونوراً، ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شابٌّ من أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثياباً فيأخذهم ويكسِّر ظهورهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لأ تناول غصناً من أغصانها فصاح بي الشابُّ وقال: مهلاً ليس لك منها نصيبُ، فقلت: لمن النصيب والشجرة منِّي؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين قد تعلَّقوا بها وسيعود إليها، فانتبهت مذعوراً فزعاً متغيِّر اللون، فرأيت لون الكاهنة قد تغيِّر ثمَّ قالت: لئن صدقت ليخرجنَّ من صُلبك ولدٌ يملك الشرق والغرب وينبِّأ في الناس. فتسرّى عنِّي غمِّي، فانظر أبا طالب لعلَّك تكون أنت، وكان أبو طالب يحدِّث بهذا الحديث والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين.

٣٩ - قال السيِّد الحجَّة في كتابه (الحجَّة) ص ٦٨: ذكر الشريف النسَّابة العلوي العمري المعروف بالموضح باسناده: انَّ أبا طالب لَمّا مات لم تكن نزلت الصَّلاة على الموتى فما صلّى النبيُّ عليه ولا على خديجة، وإنَّما اجتازت جنازة أبي طالب والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وجعفر وحمزة جلوسٌ فقاموا وشيِّعوا جنازته واستغفروا له فقام قومُ: نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين ايضاً ظنّاً منهم أنَّ أبا طالب مات مشركاً لأنَّه كان يكتم إيمانه فنفى الله عن أبي الشرك ونزَّه نبيَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والثلاثة المذكورين عليهم السَّلام عن الخطأ في قوله: ما كان للنبيِّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى، فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على النبيِّ بالخطأ والله تعالى قد نزَّهه عنه في أقواله وأفعاله.. الخ.

وأخرج أبو الفرج الاصبهاني بالاسناد عن محمَّد بن حميد قال: حدَّثني أبي قال: سئل أبو الجهم بن حذيفة: أصلّي النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي أبي طالب؟ فقال: وأين الصَّلاة يومئذ؟ إنَّما فرضت الصِّلاة بعد موته، ولقد حزن عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمر عليّاً بالقيام بأمره وحضر جنازته وشهد له العبَّاس وأبو بكر بالايمان وأشهد على صدقهما لأنَّه كان يكتم ايمانه ولو عاش إلى ظهور الإسلام لأظهر ايمانه.

٤٠ - عن مقاتل: لمـّا رأت قريش يعلو أمر النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالوا: لا نرى محمَّداً

٣٩٩

يزداد إلّا كبراً وإن هو إلّا ساحرٌ أو مجنونٌ، فتعاقدوا لئن مات أبو طالب رضي الله عنه ليجمعنَّ القبائل كلّها على قتله، فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم واحلافهم من قريش فوصَّاهم بالنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: ابن أخي كلّما يقول أخبرنا بذلك آبائنا وعلمائنا، وأنَّ محمَّداً نبيٌّ صادقٌّ، وأمينٌ ناطقٌ، وإنَّ شأنه أعظم شأن، ومكانه من ربِّه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته، وراموا عدوّه من وراء حوضته، فانَّه الشرف الباقي لكم طول الدهر ثمَّ أنشأ يقول:

اُوصي بنصر النبيِّ الخير مشهده

عليّاً ابني وعمّ الخير عبّاسا

وحمزة الاسد المخشيّ صولته

وجعفراً أن يذودا دونه الناسا

وهاشماً كلّها اُوصي بنصرته

أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا

كونوا فداءً لكم اُمّي وما ولدت

من دون أحمد عند الروع أتراسا

بكلِّ أبيض مصقول عوارضه

تخاله في سواد الليل مقباسا(١)

وقال الأميني: هذه جملةٌ ممّا أوقفنا السير عليه من أحاديث رواة الحقِّ والحقيقة وصفحنا عمّا يربو على الأربعين روماً للأختصار، فأنت إذا أضفت إليها ما أسلفناه ممّا يروي عن آل أبي طالب وذويه، واشفعتها بما مرَّ من أحاديث مواقف سيِّد الأباطح، وجمعتها مع ما جاء من الشهادات الصريحة في شعره تربوا الأدلّة على ايمانه الخالص و اسلامه القويم على مائة دليل، فهل من مساغ لذي مسكة أن يصفح عن هذه كلّها؟ و كلُّ واحد منها يحقُّ أن يستند إليه في إسلام أيِّ أحد، نعم: إنَّ في أبي طالب سرًّا لا يثبت ايمانه بألف دليل، وايمان غيره يثبت بقيل مجهول ودعوى مجرَّدة، إقرأ واحكم

وقد فصَّل القول في هذه الأدلّة جمعٌ من أعلام الطائفة كشيخنا العلّامة الحجَّة المجلسي في بحار الأنوار ٩: ١٤ - ٣٣، وشيخنا العلم القدوة أبي الحسن الشريف الفتوني في الجزء الثاني من كتابه القيِّم الضخم ضياء العالمين (والكتاب موجودٌ عندنا) وهو أحسن ما كتب في الموضوع كما انَّ ما ألَّفه السيِّد البرزنجي ولخَّصه السيِّد أحمد زيني دحلان أحسن ما اُلِّف في الموضوع بقلم أعلام أهل السنّة، وأفرد ذلك إلى ألف آخرون منهم:

____________________

١ - ضياء العالمين لشيخنا الفتونى.

_٢٥_

٤٠٠