الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٤

الميزان في تفسير القرآن  13%

الميزان في تفسير القرآن  مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 459

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 459 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96740 / تحميل: 5838
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

و لا يورثون لما صحّ عندهم من الأخبار، و قد جاء أيضاً ذلك من طريق الشيعة فقد روى الكلينيّ في الكافي، عن أبي البختري عن أبي عبدالله جعفر الصادق رضي الله عنه أنّه قال: إنّ العلماء ورثة الأنبياء، و ذلك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً و لا ديناراً و إنّما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشي‏ء منها فقد أخذ بحظّ وافر، و كلمة إنّما مفيدة للحصر قطعاً باعتراف الشيعة.

و الوراثة في الآية محمولة على ما سمعت، و لا نسلّم كونها حقيقة لغوية في وراثة المال بل هي حقيقة فيما يعمّ وراثة العلم و المنصب و المال، و إنّما صارت لغلبة الاستعمال في عرف الفقهاء مختصّة بالمال كالمنقولات العرفيّة.

و لو سلّمنا أنّها مجاز في ذلك فهو مجاز متعارف مشهور خصوصاً في استعمال القرآن المجيد بحيث يساوي الحقيقة، و من ذلك قوله تعالى:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ) ، و قوله تعالى:( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ ) و قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، و قوله تعالى:( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ) ،( وَ لِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ) .

قولهم: لا داعي إلى الصرف عن الحقيقة. قلنا: الداعي متحقّق و هي صيانة قول المعصوم عن الكذب و دون تأويله خرط القتاد، و الآثار الدالّة على أنّهم يورّثون المال لا يعوّل عليها عند النقّاد.

و زعم البعض أنّه لا يجوز حمل الوراثة هنا على وراثة النبوّة لئلّا يلغو قوله:( وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) قد قدّمنا ما يعلم منه ما فيه، و زعم أنّ كسبيّة الشي‏ء تمنع من كونه موروثاً ليس بشي‏ء فقد تعلّقت الوراثة بما ليس بكسبي في كلام الصادق.

و من ذلك أيضاً ما رواه الكلينيّ في الكافي، عن أبي عبدالله رضي الله عنه قال: إنّ سليمان ورث داود، و إنّ محمّداً (صلّي الله عليه وآله وسلّم) ورث سليمان (عليه السلام) فإنّ وراثة النبيّ سليمان لا يتصوّر أن تكون وراثة غير العلم و النبوّة و نحوهما انتهى.

و للبحث جهة كلاميّة ترجع إلى أمر فدك و هي من قرى خيبر و قد كانت في يد فاطمة بنت رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) فانتزعها من يدها الخليفة الأوّل استناداً إلى حديث‏

٢١

رواها عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم): أنّ الأنبياء لا يورّثون مالاً و ما تركوه صدقة، و قد طالت المشاجرة فيه بين متكلّمي الشيعة و أهل السنّة و هو نوع بحث خارج عن غرض هذا الكتاب فلا نتعرّض له، و جهة تفسيريّة يهمّنا التعرّض لها لتعلّقها بمدلول قوله تعالى:( وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) .

أمّا قوله: و قد جاء ذلك أيضاً من طريق الشيعة إلخ، فالرواية في ذلك غير منحصرة فيما نقله عن الصادق (عليه السلام) بل روي ما في مضمونها عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم) أيضاً من طريقهم، و معناه - على ما يسبق إلى ذهن كلّ سامع - أنّ الأنبياء ليس من شأنهم أن يهتمّوا بجمع المال و تركه لمن خلفهم من الورثة و إنّما الّذي من شأنهم أن يتركوا لمن خلفهم الحكمة، و هذا معنى سائغ و استعمال شائع لا سبيل إلى دفعه.

و أمّا قوله: و لا نسلّم كونها حقيقة لغويّة في وراثة المال إلى آخر ما ذكره فليس الكلام في كونه حقيقة لغويّة في شي‏ء أو مجازاً مشهوراً أو غير مشهور و لا إصرار على شي‏ء من ذلك، و إنّما الكلام في أنّ الوراثة سواء كانت حقيقة في وراثة المال مجازاً في مثل العلم و الحكمة أو حقيقة مشتركة بين ما يتعلّق بالمال و ما يتعلّق بمثل العلم و الحكمة تحتاج في إرادة وراثة العلم و الحكمة إلى قرينة صارفة أو معيّنة و سياق الآية و سائر آيات القصّة في سورتي آل عمران و الأنبياء و القرائن الحافّة بها تأبى إرادة وراثة العلم و نحوه من لفظة يرثني فضلاً أن يصرف عنها أو يعيّنها على ما قدّمنا توضيحه في بيان الآية.

نعم لا يصحّ تعلّق الوراثة بالنبوّة على ما يتحصّل من تعليم القرآن أنّها موهبة إلهيّة لا تقبل الانتقال و التحوّل، و لا ريب أنّ الترك و الانتقال مأخوذ في مفهوم الوراثة كوراثة المال و الملك و المنصب و العلم و نحو ذلك و لذا لم يرد استعمال الوراثة في النبوّة و الرسالة في كتاب و لا سنّة.

و أمّا قوله:( قلنا: الداعي متحقّق و هي صيانة قول المعصوم عن الكذب) ففيه

٢٢

اعتراف بأن لا قرينة على إرادة غير المال من لفظة يرثني من جهة سياق الآيات بل الأمر بالعكس و إنّما اضطرّهم إلى الحمل المذكور حفظ ظاهر الحديث لصحّته عندهم و فيه أنّه لا معنى لتوقّف كلامه تعالى في الدلالة الاستعماليّة على قرينة منفصلة و خاصّة من غير كلامه تعالى و خاصّة مع احتفاف الكلام بقرائن مخالفة، و هذا غير تخصيص روايات الأحكام و تقييدها لعمومات آيات الأحكام و مطلقاتها، فإنّ ذلك تصرّف في محصّل المراد من الخطاب لا في دلالة اللفظ بحسب الاستعمال.

على أنّه لا معنى لحجّيّة أخبار الآحاد في غير الأحكام الشرعيّة الّتي ينحصر فيها الجعل التشريعيّ لا سيّما مع مخالفة الكتاب و هذه كلّها اُمور مبيّنة في علم الاُصول.

و أمّا قوله:( قد قدّمنا ما يعلم منه ما فيه) يشير إلى أخذ قوله:( وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) تأكيداً لقوله:( وَلِيًّا يَرِثُنِي ) أي في النبوّة أو أخذ قوله:( رَضِيًّا ) ، بمعنى المرضيّ عند الناس دفعاً للغو الكلام و قد قدّمنا في بيان الآية ما يعلم منه ما فيه.

و في تفسير العيّاشيّ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ زكريّا لمّا دعا ربّه أن يهب له ذكراً فنادته الملائكة بما نادته به أحبّ أن يعلم أنّ ذلك الصوت من الله اُوحى إليه أنّ آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيّام. قال: لمّا أمسك لسانه و لم يتكلّم علم أنّه لا يقدر على ذلك إلّا الله. الحديث.

و في تفسير النعمانيّ، بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) حين سألوه عن معنى الوحي فقال: منه وحي النبوّة و منه وحي الإلهام و منه وحي الإشارة - و ساقه إلى أن قال: و أمّا وحي الإشارة فقوله عزّوجلّ:( فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى‏ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا ) أي أشار إليهم كقوله تعالى:( أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ) .

و في المجمع: عن معمر قال: إنّ الصبيان قالوا ليحيي: اذهب بنا نلعب قال: ما للعب خلقنا، فأنزل الله تعالى:( وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) و روي ذلك عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام).

٢٣

أقول: و روي في الدرّ المنثور، هذا المعنى عن ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعاً، و روي أيضاً ما في معناه عن ابن عبّاس عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم).

و في الكافي، بإسناده عن عليّ بن أسباط قال: رأيت أباجعفر (عليه السلام) و قد خرج إليّ فأجدت النظر إليه و جعلت أنظر إلى رأسه و رجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتّى قعد فقال: يا عليّ إنّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ به في النبوّة فقال:( وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) ( حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة و هو صبيّ، و يجوز أن يؤتى الحكمة و هو ابن أربعين سنة.

أقول: و في الرواية تفسير الحكم بالحكمة فتؤيّد ما قدّمناه.

و في الدرّ المنثور، أخرج عبدالرزّاق و أحمد في الزهد و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن قتادة: في قوله:( وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا ) قال: كان سعيد بن المسيّب يقول: قال النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم): ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلّا ذا ذنب إلّا يحيى بن زكريّا. قال قتادة: و قال الحسن: قال النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم): ما أذنب يحيى بن زكريّا قطّ و لا همّ بامرأة.

و فيه: أخرج أحمد و الحكيم الترمذيّ في نوادر الاُصول و الحاكم و ابن مردويه عن ابن عبّاس أنّ النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم) قال: ما من أحد من ولد آدم إلّا و قد أخطأ أو همّ بخطيئة إلّا يحيى بن زكريّا لم يهمّ بخطيئة و لم يعملها.

أقول: و هذا المعنى مرويّ من طرق أهل السنّة بألفاظ مختلفة و ينبغي تخصيص الجميع بأهل العصمة من الأنبياء و الأئمّة و إن كانت آبية عنه ظاهراً لكنّ الظاهر أنّ ذلك ناش من سوء تعبير الرواة لابتلائهم بالنقل بالمعنى و توغّلهم فيه. و بالجملة الأخبار في زهد يحيى (عليه السلام) كثيرة فوق الإحصاء، و كان (عليه السلام) - على ما فيها - يأكل العشب و يلبس الليف و بكى من خشية الله حتّى اتّخذت الدموع مجرى في وجهه.

و فيه: أخرج ابن عساكر عن قرّة قال: ما بكت السماء على أحد إلّا على يحيى

٢٤

بن زكريّا و الحسين بن عليّ، و حمرتها بكاؤها.

أقول: و روى هذا المعنى في المجمع، عن الصادق (عليه السلام)، و في آخره: و كان قاتل يحيى ولد زنا و قاتل الحسين ولد زنا.

و فيه، أخرج الحاكم و ابن عساكر عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد (صلّي الله عليه وآله وسلّم): إنّي قتلت بيحيى بن زكريّا سبعين ألفاً و إنّي قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً و سبعين ألفاً.

و في الكافي، بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت: فما عنى بقوله في يحيى:( وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً ) ؟ قال تحنّن الله. قلت: فما بلغ من تحنّن الله عليه؟ قال: كان إذا قال: يا ربّ قال الله عزّوجلّ: لبّيك يا يحيى. الحديث.

و في عيون الأخبار، بإسناده إلى ياسر الخادم قال: سمعت أباالحسن الرضا (عليه السلام) يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن: يوم يولد و يخرج من بطن اُمّه فيرى الدنيا، و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها، و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا.

و قد سلّم الله عزّوجلّ على يحيى في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال:( وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) ، و قد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) .

( قصّة زكريّا في القرآن)

وصفه (عليه السلام) : وصفه الله سبحانه في كلامه بالنبوّة و الوحي، و وصفه في أوّل سورة مريم بالعبوديّة، و ذكره في سورة الأنعام في عداد الأنبياء و عدّة من الصالحين ثمّ من المجتبين - و هم المخلصون - و المهديّين.

تاريخ حياته: لم يذكر من أخباره في القرآن إلّا دعاؤه لطلب الولد و

٢٥

استجابته و إعطاؤه يحيى (عليهما السلام)، و ذلك بعد ما رأى من أمر مريم في عبادتها و كرامتها عند الله ما رأى.

فذكر سبحانه أنّ زكريّا تكفّل مريم لفقدها أباها عمران ثمّ لمّا نشأت اعتزلت عن الناس و اشتغلت بالعبادة في محراب لها في المسجد، و كان يدخل عليها زكريّا يتفقّدها( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

هنالك دعا زكريّا ربّه و سأله أن يهب له من امرأته ذرّيّة طيّبة و كان هو شيخاً فانياً و امرأته عاقراً فاستجيب له و نادته الملائكة و هو قائم يصلّي في المحراب أنّ الله يبشّرك بغلام اسمه يحيى فسأل ربّه آية لتطمئنّ نفسه أنّ النداء من جانبه سبحانه فقيل له: إنّ آيتك أن يعتقل لسانك فلا تكلّم الناس ثلاثة أيّام إلّا رمزاً و كان كذلك و خرج على قومه من المحراب و أشار إليهم أن سبّحوا بكرة و عشيّا و أصلح الله له زوجه فولدت له يحيى (عليهما السلام) (آل عمران: ٣٧ - ٤١ مريم: ٢ - ١١ الأنبياء: ٨٩ - ٩٠).

و لم يذكر في القرآن مآل أمره (عليه السلام) و كيفيّة ارتحاله لكن وردت أخبار متكاثرة من طرق العامّة و الخاصّة، أنّ قومه قتلوه و ذلك أنّ أعداءه قصدوه بالقتل فهرب منهم و التجأ إلى شجرة فانفرجت له فدخل جوفها ثمّ التأمت فدلّهم الشيطان عليه و أمرهم أن ينشروا الشجرة بالمنشار ففعلوا و قطعوه نصفين فقتل (عليه السلام) عند ذلك.

و قد ورد في بعض الأخبار أنّ السبب في قتله أنّهم اتّهموه في أمر مريم و حبلها بالمسيح و قالوا: هو وحده كان المتردّد إليها الداخل عليها، و قيل غير ذلك.

( قصّة يحيى (عليه السلام) في القرآن)

١- الثناء عليه: ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه و أثنى عليه ثناء جميلاً فوصفه بأنّه كان مصدّقاً بكلمة من الله و هو تصديقه بنبوّة المسيح، و أنّه كان سيّداً

٢٦

يسود قومه، و أنّه كان حصوراً لا يأتي النساء، و كان نبيّاً و من الصالحين (سورة آل عمران: ٣٩) و من المجتبين و هم المخلصون - و من المهديّين (الأنعام: ٨٥ ٨٧)، و أنّ الله هو سمّاه بيحيى و لم يجعل له من قبل سميّا، و أمره بأخذ الكتاب بقوّة و آتاه الحكم صبيّاً، و سلّم عليه يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيّا (مريم: ٢ ١٥) و مدح بيت زكريّا بقوله:( إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ ) الأنبياء: ٩٠ و هم يحيى و أبوه و اُمّه.

٢- تاريخ حياته: ولد (عليه السلام) لأبويه على خرق العادة فقد كان أبوه شيخاً فانياً و اُمّه عاقراً فرزقهما الله يحيى و هما آيسان من الولد، و أخذ بالرشد و العبادة و الزهد في صغره و آتاه الله الحكم صبيّا، و قد تجرّد للتنسّك و الزهد و الانقطاع فلم يتزوّج قطّ و لا ألهاه شي‏ء من ملاذّ الدنيا.

و كان معاصراً لعيسى بن مريم (عليه السلام) و صدّق نبوّته، و كان سيّداً في قومه تحنّ إليه القلوب و تميل إليه النفوس و يجتمع إليه الناس فيعظهم و يدعوهم إلى التوبة و يأمرهم بالتقوى حتى استشهد (عليه السلام).

و لم يرد في القرآن مقتله (عليه السلام)، و الذي ورد في الأخبار أنّه كان السبب في قتله أنّ امرأة بغيّاً افتتن بها ملك بني إسرائيل و كان يأتيها فنهاه يحيى و وبّخه على ذلك - و كان مكرماً عند الملك يطيع أمره و يسمع قوله - فأضمرت المرأة عداوته و طلبت من الملك رأس يحيى و ألحّت عليه فأمر به فذبح و اُهدي إليها رأسه.

و في بعض الأخبار أنّ الّتي طلبت منه رأس يحيى كانت ابنة أخي الملك و كان يريد أن يتزوّج بها فنهاه يحيى عن ذلك فزيّنتها اُمها بما يأخذ بمجامع قلب الملك و أرسلتها إليه و لقّنتها إذا منح الملك عليها بسؤال حاجة أن تسأله رأس يحيى ففعلت فذبح (عليه السلام) و وضع رأسه في طست من ذهب و اُهدي إليها.

و في الروايات نوادر كثيرة من زهده و تنسّكه و بكائه من خشية الله و مواعظه و حكمه.

٢٧

٣- قصّة زكريّا و يحيى في الإنجيل: قال(١) : كان في أيّام هيرودُس ملك اليهوديّة كاهن اسمه زكريّا من فرقة أبيّا و امرأته من بنات هارون و اسمها إليصابات و كان كلاهما بارّين أمام الله سالكين في جميع وصايا الربّ و أحكامه بلا لوم. و لم يكن لهما ولد إذ كانت إليصابات عاقراً و كانا كلاهما متقدّمين في أيّامهما.

فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله. حسب عادة الكهنوت، أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الربّ و يبخّر. و كان كلّ جمهور الشعب يصلّون خارجاً وقت البخور. فظهر له ملاك الربّ واقفا عن يمين مذبح البخور. فلمّا رآه زكريّا اضطرب و وقع عليه خوف. فقال له الملاك لا تخف يا زكريّا لأنّ طلبتك قد سمعت و امرأتك إليصابات ستلد ابنا و تسمّيه يوحنّا. و يكون لك فرج و ابتهاج و كثيرون سيفرحون بولادته. لأنّه يكون عظيماً أمام الربّ و خمراً و مسكراً لا يشرب و من بطن اُمّه يمتلئ من الروح القدس. و يردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الربّ إلههم. و يتقدّم أمامه بروح‏ إيليا و قوّته ليردّ قلوب الآباء إلى الأبناء و العصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيّئ للربّ شعباً مستعداً.

فقال زكريّا للملاك كيف أعلم هذا لأنّي أنا شيخ و امرأتي متقدّمة في أيّامها فأجاب الملاك و قال أنا جبريل الواقف قدّام الله و اُرسلت لاُكلّمك و اُبشّرك بهذا و ها أنت تكون صامتاً و لا تقدر أن تتكلّم إلى اليوم الّذي يكون فيه هذا لأنّك لم تصدّق كلامي الّذي سيتمّ في وقته.

و كان الشعب منتظرين زكريّا و متعجّبين من إبطائه في الهيكل. فلمّا خرج لم يستطع أن يكلّمهم ففهموا أنّه قد رأى رؤيا في الهيكل فكان يومئ إليهم و بقي صامتاً و لمّا كملت أيّام خدمته مضى إلى بيته. و بعد تلك الأيّام حبلت إليصابات امرأته و أخفت نفسها خمسة أشهر قائلة: هكذا قد فعل بي الربّ في الأيّام الّتي فيها

____________________

(١) إنجيل لوقا. الإصحاح الأوّل ٥.

٢٨

نظر إليّ لينزع عاري بين الناس.

إلى أن قال: و أمّا إليصابات فتمّ زمانها لتلد فولدت ابنا و سمع جيرانها و أقرباؤها أنّ الربّ عظّم رحمته لها ففرحوا معها. و في اليوم جاؤا ليختنوا الصبيّ و سمّوه باسم أبيه زكريّا فأجابت اُمّه و قالت لا بل يسمّى يوحنّا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك تسمّى بهذا الاسم. ثمّ أومأوا إلى أبيه ما ذا يريد أن يسمّى. فطلب لوحا و كتب قائلا اسمه يوحنّا فتعجّب الجميع. و في الحال انفتح فمه و لسانه و تكلّم و بارك الله. فوقع خوف على كلّ جيرانهم و تحدّث بهذه الاُمور جميعها في كلّ جبال اليهوديّة. فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين أ ترى ما ذا يكون هذا الصبيّ و كانت يد الربّ معه. و امتلأ زكريّا أبوه من الروح القدس و تنبّأ إلخ.

و فيه(١) : و في السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر إذ كان بيلاطس النبطيّ واليا على اليهوديّة، و هيرودس رئيس رُبع على الجليل، و فيلبّس أخوه رئيس ربع على إيطوريّة و كورة تراخوتينس، و ليسانيوس رئيس ربع على الأبليّة في أيّام رئيس الكهنة حنّان و قيافاً كانت كلمة الله على يوحنّا بن زكريّا في البرّيّة.

فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالاُردن يكرز بمعموديّة التوبة لمغفرة الخطايا. كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبيّ القائل( صوت خارج في البرّيّة أعدّوا طريق الربّ اصنعوا سبله مستقيمة، كلّ واد يمتلئ و كلّ جبل و أكمة ينخفض و تصير المعوّجات مستقيمة و الشعاب طرقاً سهلة و يبصر كلّ بشر خلاص الله.

و كان يقول للجموع الّذين خرجوا ليعمّدوا منه يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدؤا تقولون في أنفسكم لنا إبراهيم أباً لأنّي أقول لكم إنّ الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً

____________________

(١) إنجيل الإصحاح الثالث ١.

٢٩

لإبراهيم و الآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر فكلّ شجرة لا تصنع ثمراً جيّداً تقطع و تلقى في النار.

و سأله الجموع قائلين فما ذا نفعل. فأجاب و قال لهم من له ثوبان فليعط من ليس له و من له طعام فليفعل هكذا. و جاء عشّارون أيضاً ليعمّدوا فقالوا له يا معلّم ما ذا نفعل فقال لهم لا تستوفوا أكثر ممّا فرض لكم. و سأله جنديون أيضاً قائلين و ما ذا نفعل نحن، فقال لهم لا تظلموا أحداً و لا تشوا بأحد و اكتفوا بعلائقكم.

و إذ كان الشعب ينتظر و الجميع يفكّرون في قلوبهم عن يوحنّا لعلّه المسيح أجاب يوحنّا الجميع قائلاً أنا اُعمّدكم بماء و لكن يأتي من هو أقوى منّي الّذي لست أهلاً أن أحلّ سيور حذائه هو سيعمّدكم بروح القدس و نار الّذي رفشه في يده و سينقّي بيدره و يجمع القمح إلى مخزنة و أمّا التبن فيحرقه بنار لا تطفأ و بأشياء اُخر كثيرة كان يعظ الشعب و يبشّرهم.

أمّا هيرودس رئيس الربع فإذا توبّخ منه لسبب هيروديّا امرأة فيلبّس أخيه و لسبب جميع الشرور الّتي كان هيرودس يفعلها زاد هذا أيضاً على الجميع أنّه حبس يوحنّا في السجن. و لمّا اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً.

و فيه: أنّ(١) هيرودس نفسه كان قد أرسل و أمسك يوحنّا و أوثقه في السجن من أجل هيروديّا امرأة فيلبّس أخيه إذ كان قد تزوّج بها. لأنّ يوحنّا كان يقول لهيرودس لا يحلّ أن تكون لك امرأة أخيك. فحنقت هيروديّا عليه و أرادت أن‏ تقتله و لم تقدر. لأنّ هيرودس كان يهاب يوحنّا عالماً أنّه رجل بار و قدّيس و كان يحفظه. و إذ سمعه فعل كثيراً و سمعه بسرور.

و إذ كان يوم موافق لمّا صنع هيرودس في مولده عشاء لعظمائه و قوّاد الاُلوف و وجوه الجليل. دخلت ابنة هيروديّا و رقّصت، فسرّت هيرودس و المتّكئين معه. فقال الملك للصبيّة مهما أردت اطلبي منّي فاُعطيك. و أقسم لها أنّ مهما طلبت منّي

____________________

(١) إنجيل مرقس الإصحاح السادس ١٧ - ٢٩

٣٠

لاُعطينّك حتّى نصف مملكتي. فخرجت و قالت لاُمّها ما ذا أطلب. فقالت رأس يوحنّا المعمدان. فدخلت للوقت بسرعة إلى الملك و طلبت قائلة اُريد أن تعطيني حالا رأس يوحنّا المعمدان على طبق. فحزن الملك جدّاً و لأجل الإقسام و المتّكئين لم يرد أن يردّها.

فللوقت أرسل الملك سيّافا و أمر أن يؤتى برأسه فمضى و قطع رأسه في السجن و أتى برأسه على طبق و أعطاه للصبيّة و الصبيّة أعطته لاُمّها. و لمّا سمع تلاميذه جاؤا و رفعوا جثّته و وضعوها في قبر انتهى.

و ليحيي (عليه السلام) أخبار اُخر متفرّقة في الأناجيل لا تتعدّى حدود ما أوردناه و للمتدبّر الناقد أن يطبّق ما نقلناه من الأناجيل على ما تقدّم حتّى يحصل على موارد الاختلاف.

٣١

( سورة مريم الآيات ١٦ - ٤٠)

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ( ١٦ ) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ( ١٧ ) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ( ١٨ ) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ( ١٩ ) قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ( ٢٠ ) قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ( ٢١ ) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ( ٢٢ ) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ( ٢٣ ) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ( ٢٤ ) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ( ٢٥ ) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ( ٢٦ ) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ( ٢٧ ) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( ٢٨ ) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ( ٢٩ ) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ( ٣٠ ) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ( ٣١ )

٣٢

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ( ٣٢ ) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ( ٣٣ ) ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ( ٣٤ ) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ( ٣٥ ) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ( ٣٦ ) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( ٣٧ ) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَٰكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ ) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ( ٣٩ ) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( ٤٠ )

( بيان)

انتقال من قصّة يحيى إلى قصّة عيسى (عليهما السلام) و بين القصّتين شبها تامّاً فولادتهما على خرق العادة، و قد اُوتي عيسى الرشد و النبوّة و هو صبيّ كيحيى، و قد أخبر أنّه برّ بوالدته و ليس بجبّار شقيّ و أنّ السلام عليه يوم ولد و يوم يموت و يوم يبعث حيّاً كما أخبر الله عن يحيى (عليه السلام) بذلك إلى غير ذلك من وجوه الشبه و قد صدّق يحيى بعيسى و آمن به.

قوله تعالى: ( وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا ) المراد بالكتاب القرآن أو السورة فهي جزء من الكتاب و جزء الكتاب كتاب و الاحتمالان من حيث المال واحد فلا كثير جدوى في إصرار بعضهم على تقديم الاحتمال الثاني و تعيينه.

و النبذ - على ما ذكره الراغب - طرح الشي‏ء الحقير الذي لا يعبأ به يقال

٣٣

نبذه إذا طرحه مستحقرا له غير معتن به، و الانتباذ الاعتزال من الناس و الانفراد.

و مريم هي ابنة عمران اُمّ المسيح (عليهما السلام)، و المراد بمريم نبأ مريم و قوله:( إِذِ ) ظرف له، و قوله:( انْتَبَذَتْ ) إلى آخر القصّة تفصيل المظروف الّذي هو نبأ مريم، و المعنى و اذكر يا محمّد في هذا الكتاب نبأ مريم حين اعتزلت من أهلها في مكان شرقيّ، و كأنّه شرقيّ المسجد.

قوله تعالى: ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا ) الحجاب ما يحجب الشي‏ء و يستره عن غيره، و كأنّها اتّخذت الحجاب من دون أهلها لتنقطع عنهم و تعتكف للعبادة كما يشير إليه قوله:( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً ) آل عمران: ٣٧ و قد مرّ الكلام في تفسير الآية.

و قيل: إنّها كانت تقيم المسجد حتّى إذا حاضت خرجت منها و أقامت في بيت زكريّا حتّى إذا طهرت عادت إلى المسجد فبينما هي في مشرفة لها في ناحية الدار و قد ضربت بينها و بين أهلها حجابا لتغتسل إذ دخل عليها جبرائيل في صورة شابّ أمرد سويّ الخلق فاستعاذت بالله منه.

و فيه أنّه لا دليل على هذا التفصيل من جهة اللفظ، و قد عرفت أنّ آية آل عمران لا تخلو من تأييد للمعنى السابق.

و قوله:( فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا ) ظاهر السياق أنّ فاعل( فَتَمَثَّلَ ) ضمير عائد إلى الروح فالروح المرسل إليها هو المتمثّل لها بشراً سويا و معنى تمثّله لها بشراً ترائيه لها، و ظهوره في حاسّتها في صورة البشر و هو في نفسه روح و ليس ببشر.

و إذ لم يكن بشراً و ليس من الجنّ فقد كان ملكاً بمعنى الخلق الثالث الّذي وصفه الله سبحانه في كتابه و سمّاه ملكاً، و قد ذكر سبحانه ملك الوحي في كلامه و سمّاه جبريل بقوله:( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى‏ قَلْبِكَ ) البقرة: ٩٧ و سمّاه روحاً في قوله:( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ) النحل: ١٠٢ و قوله:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ ) الشعراء: ١٩٤ و سمّاه رسولاً في قوله:( إِنَّهُ

٣٤

لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) الحاقة: ٤٠، فبهذا كلّه يتأيّد أنّ الروح الّذي أرسله الله إليها إنّما هو جبريل.

و أمّا قوله:( إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - إلى أن قال -قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) آل عمران: ٤٧.

فتطبيقه على الآيات التي نحن فيها لا يدع ريباً في أنّ قول الملائكة لمريم و محاورتهم معها المذكور هناك هو قول الروح لها المذكور ههنا، و نسبة قول جبريل إلى الملائكة من قبيل نسبة قول الواحد من القوم إلى جماعتهم لاشتراكهم معه في خلق أو سنّة أو عادة، و في القرآن منه شي‏ء كثير كقوله تعالى:( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ) المنافقون: ٨، و القائل واحد. و قوله:( وَ إِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) الأنفال: ٣٢، و القائل واحد.

و إضافة الروح إليه تعالى للتشريف مع إشعار بالتعظيم، و قد تقدّم كلام في معنى الروح في تفسير قوله تعالى:( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) الآية الإسراء: ٨٥.

و من التفسير الرديّ قول بعضهم إنّ المراد بالروح في الآية عيسى (عليه السلام) و ضمير تمثل عائد على جبريل. و هو كما ترى.

و من القراءة الردية قراءة بعضهم( روحنّا) بتشديد النون على أنّ روحنّا اسم الملك الّذي اُرسل إلى مريم، و هو غير جبريل الروح الأمين. و هو أيضاً كما ترى.

( كلام في معنى التمثّل)

كثيراً ما ورد ذكر التمثّل في الروايات، و أمّا في الكتاب فلم يرد ذكره إلّا في قصّة مريم في سورتها قال تعالى:( فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا ) الآية: ١٧ من السورة، و الآيات التالية الّتي يعرّف فيها جبريل نفسه لمريم خير شاهد أنّه

٣٥

كان حال تمثّله لها في صورة بشر باقياً على ملكيّته و لم يصر بذلك بشراً، و إنّما ظهر في صورة بشر و ليس ببشر بل ملك و إنّما كانت مريم تراها في صورة بشر.

فمعنى تمثّله لها كذلك ظهوره لها في صورة بشر و ليس عليها في نفسه بمعنى أنّه كان في ظرف إدراكها على صورة بشر و هو في الخارج عن إدراكها على خلاف ذلك.

و هذا هو الّذي ينطبق على معنى التمثّل اللغويّ فإنّ معنى تمثّل شي‏ء لشي‏ء في صورة كذا هو تصوّره عنده بصورته و هو هو لا صيرورة الشي‏ء شيئاً آخر فتمثّل الملك بشراً هو ظهوره لمن يشاهده في صورة الإنسان لا صيرورة الملك إنساناً، و لو كان التمثّل واقعاً في نفسه و في الخارج عن ظرف الإدراك كان من قبيل صيرورة الشي‏ء شيئاً آخر و انقلابه إليه لا بمعنى ظهوره له كذلك.

و استشكل أمر هذا التمثّل باُمور مذكورة في التفسير الكبير و غيره:

أحدها: أنّ جبريل شخص عظيم الجثّة حسبما نطقت به الأخبار فمتى صار في مقدار جثّة الإنسان فإن تساقطت أجزاؤه الزائدة على مقدار جثّة الإنسان لزم أن لا يبقى جبريل، و إن لم تتساقط لزم تداخلها و هو محال.

الثاني: أنّه لو جاز التمثّل ارتفع الوثوق و امتنع القطع بأنّ هذا الشخص الّذي يرى الآن هو زيد الّذي رئي بالأمس لاحتمال التمثّل.

الثالث: أنّه لو جاز التمثّل بصورة الإنسان جاز التمثّل بصورة غيره كالبعوض و الحشرات و غيرها و معلوم أنّ كلّ مذهب يجرّ إلى ذلك فهو باطل.

الرابع: أنّه لو جاز ذلك ارتفع الوثوق بالخبر المتواتر كخبر مقاتلة النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر لجواز أن يكون المقاتل هو المتمثّل به.

و أجيب عن الأوّل: بأنّه لا يمتنع أن يكون لجبريل أجزاء أصليّة قليلة و أجزاء فاضلة و يتمكّن بالأجزاء من أن يتمثّل بشراً هذا على القول بأنّه جسم و أمّا على القول بكونه روحانيّاً فلا استبعاد في أن يتدرّع تارة بالهيكل العظيم و اُخرى بالهيكل الصغير.

و أنت ترى أنّ أوّل الشقيّن في الجواب كأصل الإشكال مبنيّ على كون

٣٦

التمثّل تغيّراً من المتمثّل في نفسه و بطلان صورته الاُولى و انتقاله إلى صورة اُخرى، و قد تقدّم أنّ التمثّل ظهوره في صورة مّا و هو في نفسه بخلافها.

و الآية بسياقها ظاهرة في أنّ جبريل لم يخرج بالتمثّل عن كونه ملكاً و لا صار بشراً في نفسه و إنّما ظهر لها في صورة البشر فهو كذلك في ظرف إدراكها لا في نفسه و في الخارج عن ظرف إدراكها، و نظير ذلك نزول الملائكة الكرام في قصّة البشارة بإسحاق و تمثّلهم لإبراهيم و لوط (عليهما السلام) في صورة البشر - و نظيره ظهور إبليس في صورة سراقة بن مالك يوم بدر، و قد أشار تعالى إليه في سورة الأنفال الآية ٤٨ و قد كان سراقة يومئذ بمكّة.

و في الروايات من ذلك شي‏ء كثير كتمثّل إبليس يوم الندوة للمشركين في صورة شيخ كبير، و تمثّله يوم العقبة في صورة منبّه بن الحجّاج، و تمثّله ليحيي (عليه السلام) في صورة عجيبة، و نظير تمثّل الدنيا لعليّ (عليه السلام) في صورة مرأة حسناء فتّانة، كما في الرواية، و ما ورد من تمثّل المال و الولد و العمل للإنسان عند الموت، و ما ورد من تمثّل الأعمال للإنسان في القبر و يوم القيامة. و من هذا القبيل التمثّلات المناميّة كتمثّل العدوّ في صورة الكلب أو الحيّة أو العقرب و تمثّل الزوج في صورة النعل و تمثّل العلاء في صورة الفرس و الفخر في صورة التاج إلى غير ذلك.

فالمتمثّل في أغلب هذه الموارد - كما ترى - من المعاني الّتي لا صورة لها في نفسها و لا شكل، و لا يتحقّق فيها تغيّر من صورة إلى صورة و لا من شكل إلى شكل كما عليه بناء الإشكال و الجواب.

و اُجيب عن الثاني: بأنّه مشترك الورود فإنّ من اعترف بالصانع القادر يلزمه ذلك لجواز أن يخلق تعالى مثل زيد مثلاً و بذلك يرتفع الوثوق و يمتنع القطع على حذو ما ذكر في الإشكال، و كذا من لم يعترف بالصانع و أسند الحوادث إلى الأسباب الطبيعيّة أو الأوضاع السماويّة يجوز عنده أن يتحقّق من الأسباب ما يستتبع حدوث مثل زيد مثلاً فيعود الإشكال.

و لعلّه لمّا كان مثل هذه الحوادث نادراً لم يلزم منه قدح في العلوم العاديّة

٣٧

المستندة إلى الإحساس فلا يلزم الشكّ في كون زيد الّذي نشاهده الآن هو زيد الّذي شاهدناه أمس.

و أنت خبير بأنّ هذا الجواب لا يحسم مادّة الإشكال إذ تسليم المغايرة بين الحسّ و المحسوس كرؤية غير زيد في صورة زيد و إن كانت نادرة يبطل العلم الحسّيّ و لا يبقى إلّا أن يدّعى أنّه إنّما يسمّى علماً لأنّ ندرة التخلّف و الخطأ تستوجب غفلة الإنسان عن الالتفات إلى الشكّ فيه و احتمال المغايرة بين الحسّ و المحسوس.

على أنّه إذا جازت المغايرة و هي محتملة التحقّق في كلّ مورد مورد لم يكن لنا سبيل إلى العلم بكونها نادرة فمن أين يعلم أنّ مثل ذلك نادر الوجود؟.

و الحقّ أنّ الإشكال و الجواب فاسدان من أصلهما:

أمّا الإشكال فهو مبنيّ على أنّ الّذي يناله الحسّ هو عين المحسوس الخارجيّ بخارجيّته دون الصورة المأخوذة منه و يتفرّع على ذلك الغفلة عن معنى كون الأحكام الحسّيّة بديهيّة و الغفلة عن أنّ تحميل حكم الحسّ على المحسوس الخارجيّ إنّما هو بالفكر و النظر لا بنفس الحسّ.

فالّذي يناله الحسّ من العين الخارجيّ شي‏ء من كيفيّاته و هيآته يشابهه في الجملة لا نفس الشي‏ء الخارجيّ ثم التجربة و النظر يعرّفان حاله في نفسه و الدليل على ذلك أقسام المغايرة بين الحسّ و المحسوس الخارجي و هي المسمّاة بأغلاط الحسّ كمشاهدة الكبير صغيراً و العالي سافلاً و المستقيم مائلاً و المتحرّك ساكناً و عكس ذلك باختلاف المناظر و كذلك حكم سائر الحواسّ كما نرى الفرد من الإنسان مثلاً مع بعد المسافة أصغر ما يمكن و نحكم بتكرّر الحسّ و بالتجربة أنّه إنسان يماثلنا في عظم الجثّة، و نشاهد الشمس قدر صحفة و هي تدور حول الأرض ثمّ البراهين الرياضيّة تسوقنا إلى أنّها أكبر من الأرض كذا و كذا مرّة و أنّ الأرض هي الّتي تدور حول الشمس.

فتبيّن أنّ المحسوس لنا بالحقيقة هي الصورة الّتي في ظرف حسّنا دون الأمر الخارجيّ بخارجيّته، ثمّ إنّا لا نرتاب في أنّ الّذي أحسسناه و هو في حسّنا قد

٣٨

أحسسناه و هذا معنى بداهة الحسّ، و أما المحسوس و هو الذي في الخارج عنّا و عن حسّنا فالحكم الّذي نحكم به عليه إنّما هو ناشئ عن فكرنا و نظرنا و هذا ما قلناه إنّ الّذي نعتقده من حال الشي‏ء الخارجيّ حكم ناشئ عن الفكر و النظر دون الحسّ هذا. و قد بيّن في العلوم الباحثة عن الحسّ و المحسوس أنّ لجهازات الحواسّ أنواعاً من التصرّف في المحسوس.

ثمّ إنّ من الضروريّ عندنا أنّ في الخارج من إدراكنا سبباً تتأثّر عنه نفوسنا فتدرك ما تدرك، و هذا السبب ربّما كان خارجيّاً كالأجسام الّتي ترتبط بكيفيّاتها و أشكالها بنفوسنا من طريق الحواسّ فندرك بالحسّ صوراً منها ثمّ نحصّل بتجربة أو فكر شيئاً من أمرها في نفسها، و ربّما كان داخليّاً كالخوف الشديد الطارئ على الإنسان فجأة يصوّر له صوراً هائلة مهيبة على حسب ما عنده من الأوهام و الخواطر المؤلمة.

و في جميع هذه الأحوال ربّما أصاب الإنسان في تشخيصه حال المحسوس الخارجيّ و هو الأغلب و ربّما أخطأ كمن يرى سراباً فيقدّر أنّه ماء أو أشباحاً فيحسب أنّها أشخاص.

فقد تبيّن من جميع ما تقدّم أنّ المغايرة بين الحسّ و المحسوس الخارجيّ في نفسه - على كونها ممّا لا بدّ منه في الجملة - لا تستدعي ارتفاع الوثوق و بطلان الاعتماد على الحسّ فإنّ الأمر في ذلك يدور مدار ما حصّله الإنسان من تجربة أو نظر أو غير ذلك و أصدقها ما صدّقته التجربة.

و أمّا وجه فساد الجواب فبناؤه على تسليم ما تسلّمه في الإشكال من نيل الحسّ نفس المحسوس الخارجيّ بعينه، و أنّ العلم بالمحسوس في نفسه مستند إلى الحسّ نفسه مع التخلّف نادراً.

و اُجيب عن الإشكال الثالث بأنّ أصل تجويز تصوّر الملك بصور سائر الحيوان غير الإنسان قائم في الأصل، و إنّما عرف فساده بدلائل السمع.

و فيه أنّه لا دليل من جهة السمع يعتدّ به نعم يرد على أصل الإشكال أنّ المراد

٣٩

بالإمكان إن كان هو الإمكان المقابل للضرورة و الامتناع فمن البيّن أنّ تمثّل الملك بصورة الإنسان لا يستلزم إمكان تمثّله بصورة غيره من الحيوان، و إن كان هو الإمكان بمعنى الاحتمال العقلي فلا محذور في الاحتمال حتّى يقوم الدليل على نفيه أو إثباته.

و اُجيب عن الإشكال الرابع بمثل ما اُجيب به عن الثالث فإنّ احتمال التخلّف قائم في المتواتر لكن دلائل السمع تدفعه. و فيه أنّ نظير الاحتمال قائم في نفس دليل السمع، فإنّ الطريق إليه حاسّة السمع و الجواب الصحيح عن هذا الإشكال هو الّذي أوردناه جواباً عن الإشكال الثاني. و الله أعلم.

فظهر ممّا قدّمناه أنّ التمثّل هو ظهور الشي‏ء للإنسان بصورة يألفها الإنسان و تناسب الغرض الّذي لأجله الظهور كظهور جبريل لمريم في صورة بشر سويّ لما أنّ المعهود عند الإنسان من الرسالة أن يتحمّل إنسان الرسالة ثمّ يأتي المرسل إليه و يلقي إليه ما تحمّله من الرسالة من طريق التكلّم و التخاطب، و كظهور الدنيا لعليّ (عليه السلام) في صورة امرأة حسناء لتغرّها لما أنّ الفتاة الفائقة في جمالها هي في باب الأهواء و اللذائذ النفسانية أقوى سبب يتوسّل به للأخذ بمجامع القلب و الغلبة على العقل إلى غير ذلك من الأمثلة الواردة.

فإن قلت: لازم ذلك القول بالسفسطة فإنّ الإدراك الّذي ليست وراءه حقيقة تطابقه من جميع الجهات ليس إلّا وهماً سرابيّاً و خيالاً باطلاً و رجوعه إلى السفسطة.

قلت: فرق بين أن يكون هناك حقيقة يظهر للمدرك بما يألفه من الصور و تحتمله أدوات إدراكه و بين أن لا يكون هناك إلّا صورة إدراكيّة ليس وراءها شي‏ء، و السفسطة هي الثاني دون الأوّل و توخّي أزيد من ذلك في باب العلم الحصوليّ طمع فيما لا مطمع فيه و تمام الكلام في ذلك موكول إلى محلّه. و الله الهادي.

قوله تعالى: ( قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ) ابتدرت إلى تكليمه لما أدهشها حضوره عندها و هي تحسب أنّه بشر هجم عليها لأمر يسوؤها و استعاذت بالرحمن استدرارا للرحمة العامّة الإلهيّة الّتي هي غاية آمال المنقطعين إليه من

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .

[١٥٣٧] عبدُ الله بن إبراهيم الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٣٨] عبدُ الله بن أبي بكر بن (٤) محمّد:

ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٣٩] عبدُ الله بن أَبي الحسين العَلَوي:

روى عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٦) .

__________________

(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)

(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.

(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليه‌السلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)

(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.

١٤١

[١٥٤٠] عبدُ الله بن أَبي خَلَف:

عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .

[١٥٤١] عبدُ الله بن أَبي طَلْحَة:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .

وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».

والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.

(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.

(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.

(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.

١٤٢

وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.

فأَتى أبو طلحة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .

[١٥٤٢] عبدُ الله بن أَبي محمّد البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.

(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.

(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.

١٤٣

[١٥٤٣] عبدُ الله بن أبي مَيْمُونَة البَصْرِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٤٤] عبدُ الله بن أَحمد بن عَامِر الطَّائِي:

الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليه‌السلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.

[١٥٤٥] عبدُ الله [بن (٣) ] الأَزْهَر العَامِري:

مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٤٦] عبدُ الله بن إِسْحَاق الجَعْفَرِيّ:

الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٤٧] عبدُ الله بن إِسْحَاق العَلَوِيّ:

يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.

(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)

(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.

وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.

(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.

١٤٤

[١٥٤٨] عبدُ الله بن أَسَد(١) الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.

[١٥٤٩] عبدُ الله بن الأَسْوَد الثَّقَفِيّ:

مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) .

[١٥٥٠] عبدُ الله بن أُسَيْد القُرَشِيُّ:

الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥١] عبدُ الله بن أعْيَن:

في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليه‌السلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليه‌السلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم

__________________

(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.

(٥) الوجيزة: ٢٩.

(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.

(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.

١٤٥

احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.

ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام (٣) . الخبر.

[١٥٥٢] عبدُ الله بن أُمَيَّة السَّكُونِيّ (٤) :

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٥٣] عبدُ الله بن أَيُّوب الأَسَدِي:

مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٥٤] عبدُ الله بن بَحْر:

روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .

__________________

(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.

(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.

(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.

(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.

(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.

(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.

(٩) نقد الرجال: ١٩٤.

١٤٦

وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .

[١٥٥٥] عبدُ الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي:

رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.

وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.

(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.

(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.

(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.

(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.

(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.

(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.

(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.

(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)

١٤٧

الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليه‌السلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليه‌السلام فأخبره، فقال:رحمه‌الله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .

وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليه‌السلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.

__________________

(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)

(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.

(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)

(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.

(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.

١٤٨

[١٥٥٦] عبدُ الله بن بَشِير الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٥٧] عبدُ الله بن بَكَّار الهَمْدَانِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٥٨] عبدُ الله بن بكر (٣) المـُرادِيّ:

الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٥٩] عبدُ الله بن بُكَيْر الهَجَرِيّ:

يروي عنه علي بن الحكم(٥) .

[١٥٦٠] عبدُ الله بن جعفر بن أبي طالب:

في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .

وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليه‌السلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليه‌السلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.

(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.

(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.

(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.

(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.

١٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .

[١٥٦١] عبدُ الله بن جعفر الجَعْفريّ:

المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٦٢] عبدُ الله بن جَعْفر المـَخْزُومِي (٣) :

المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٣] عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح:

المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٦٤] عبدُ الله بن الحارث بن بَكْر بن وَائِل:

عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام من ربيعة(٦) .

[١٥٦٥] عبدُ الله بن حَجَل.

كسابقه(٧) .

[١٥٦٦] عبدُ الله بن حَرْب الجَوْزِي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.

(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.

(٦) رجال البرقي: ٥.

(٧) رجال البرقي: ٥.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.

١٥٠

[١٥٦٧] عبدُ الله بن حَسّان بن حُمَيْد(١) :

الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .

[١٥٦٨] عبدُ الله بن الحَسَن بن جَعْفر:

ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٦٩] عبدُ الله بن الحسن بن الحسن:

ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليه‌السلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.

__________________

(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.

(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.

(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليه‌السلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.

(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.

١٥١

[١٥٧٠] عبدُ الله بن الحسن الشَّيباني:

أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٧١] عبدُ الله بن الحَسَن الصَّيرَفيّ:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٢] عبدُ الله بن الحسن العَلَوي:

المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.

وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.

ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.

(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.

(٤) في الحجرية: (متكررا)

(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.

(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.

(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)

(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٥٢

العلوي(١)

[١٥٧٣] عبدُ الله [بن (٢) ] الحسن المـُؤدّب:

من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .

[١٥٧٤] عبدُ الله بن الحسين بن أبي يَزِيد:

الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٤) .

[١٥٧٥] عبدُ الله بن حَمْدَوَيْه بَيْهَقِيّ:

ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليه‌السلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .

[١٥٧٦] عبدُ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ:

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدس‌سره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.

(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.

(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].

(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.

(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.

(٦) في الحجرية: (عبيدة)

(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.

(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)

١٥٣

الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليه‌السلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليه‌السلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .

[١٥٧٧] عبدُ الله بن خليفة:

يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليه‌السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره

__________________

(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.

(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.

(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.

(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.

١٥٤

ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليه‌السلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .

وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.

[١٥٧٨] عبدُ الله بن دُكَيْن الكُوفِيّ:

أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) .

[١٥٧٩] عبدُ الله بن رَاشِد الكُوفِيّ:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .

[١٥٨٠] عبدُ الله بن رجَاء المـَكّي:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٨) .

__________________

(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.

(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.

(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.

(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.

(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.

(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.

(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.

١٥٥

[١٥٨١] عبدُ الله بن رَزِين:

في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أبو جعفرعليه‌السلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليه‌السلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .

وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.

[١٥٨٢] عبدُ الله بن رواحة بن ثَعْلبة:

ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الغزوة.

وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمّا عبد الله

__________________

(١) في الحجرية: (إليه)

(٢) له) لم ترد في الحجرية.

(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.

١٥٦

ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .

وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليه‌السلام قال: أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!

__________________

(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٦٤٠ ٦٤٢.

(٢) في المصدر: الغريق.

١٥٧

فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.

والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟

[١٥٨٣] عبدُ الله بن زياد الحَنَفِي:

مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٥) .

[١٥٨٤] عبدُ الله بن زياد بن سَمْعان:

مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) .

[١٥٨٥] عبدُ الله بن زياد النَّخَعِي:

الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٧) .

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.

(٢) في الحجرية: (بموت)

(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.

(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.

(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.

(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.

١٥٨

[١٥٨٦] عبدُ الله بن سابِري الوَاسِطِي:

الزَّيات، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (١) .

[١٥٨٧] عبدُ الله بن سَالِم:

من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .

وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليه‌السلام .

[١٥٨٨] عبدُ الله بن سَعِيد الوَابِشيّ:

أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليه‌السلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .

[١٥٨٩] عبدُ الله بن سَلام:

عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.

__________________

(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.

(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.

(٣) نقد الرجال: ١٩٩.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.

(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.

(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.

(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.

(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.

(٩) الاختصاص: ٤٢.

١٥٩

وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.

وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر عليّاًعليه‌السلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.

وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن سلام(١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459