الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124146 / تحميل: 6113
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها ، وأجرة حمل الميت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت ، فان كل ذلك يخرج من أصل التركة وان كان الميت مديوناً أو كانت له وصية ، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشيء من ذلك وإلاّ لم يخرج من التركة ، وأما ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فانه لا يجوز ان يخرج من الأصل الا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال ، وفي البعض الآخر يحتاج اليه قدم الأوّل ، نعم يجوز اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم دون القاصرين ، الا مع اذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.

( مسألة 109 ) : كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها أو كونها منقطعة او ناشزة ، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن والا سقط عنه ، وكذلك إذا اوصت به من مالها وعمل بالوصية ، أو تقارن موتها مع موته ، أو كان البذل حرجياً على الزوج ، فلو توقف على الاستقراض ، أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.

( مسألة 110 ) : يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير ، ولكن يلزم ان يكون ذلك بنحو لا يتنجس موضع الكتابة بالدم ، أو غيره من النجاسات كان يكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت ، ويجوز ان يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.

٦١

( شروط الكفن )

يعتبر في الكفن أمور :

(1) الاباحة.

(2) الطهارة بان لا يكون نجساً ولا متنجساً.

(3) ان لا يكون من الحرير الخالص ، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط ان يكون حريره أقل من خليطه ـ والأحوط وجوباً ـ ان لا يكون الكفن مُذهَّباً ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا من جلد الميتة وان كان طاهراً ، ولا بأس ان يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل لا بأس ان يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً ، وكل هذه الشروط ـ غير الاباحة ـ يختص بحال الإختيار ويسقط في حال الضرورة ، فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عارياً ، ولو انحصر في غيره من الانواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفن به ، فاذا انحصر في واحد منها تعين ، واذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأوّل ، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس ، وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهَّب والتكفين بأجزاء مالا يؤكل لحمه تخيّر بينهما ، وان كان الاحتياط بالجمع حسناً.

( مسألة 111 ) : الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه الا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

( مسألة 112 ) : يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت ، وينبغي ان تكونا من النخل ، فان لم يتيسر فمن السدر ، أو الرمان وان

٦٢

لم يتيسرا فمن الخلاف ( الصفصاف ) ، والأولى في كيفيته جعل احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والازار.

( الحنوط )

يجب تحنيط الميت المسلم وهو ( إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته ) ويكفي فيه وضع المسمى ، ويشترط فيه اباحته فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح ، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على ـ الأحوط وجوباً ـ والأفضل ان يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.

( مسألة 113 ) : ـ الأحوط الأولى ـ ان يكون الامساس بالكف وان يبتدأ من الجبهة ، ولا ترتيب في سائر الأعضاء ، ويجوز ان يباشر التحنيط الصبي المميز بل وغيره أيضاً.

( مسألة 114 ) : يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو الحج فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب ، نعم اذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.

( مسألة 115 ) : وجوب التحنيط كوجوب التغسيل ، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).

٦٣

( الصلاة على الميت )

تجب الصلاة على كل مسلم ميت وان كان فاسقاً ، ووجوبها كوجوب التغسيل ، وقد مر في المسألة (91).

( مسألة 116 ) : لا تجب الصلاة على اطفال المسلمين الا من عقل منهم الصلاة ، ومع الشك في ذلك فالعبرة ببلوغه ست سنين ، وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة اشكال ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاتيان بها الا رجاءً.

( مسألة 117 ) : تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز ، ويجزي عن البالغين.

( مسألة 118 ) : يجب تقديم الصلاة على الدفن ، الا انه إذا دفن قبل ان يصلى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز ان ينبش قبره للصلاة عليه ، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر ـ فالأحوط وجوباً ـ الاتيان بها رجاءً.

( كيفية صلاة الميت )

يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الأربع الأوّل ، وأما الثلاثة الباقية فيتخير فيها بين الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهادتين ، والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكبّر أولاً ويقول ( أشْهَدُ اَنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَأنَّ مُحمّداً رَسولُ الله ) ثم يكبر ثانياً ، ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثاً ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعاً ، ويدعو للميت ، ثم يكبّر خامساً

٦٤

وينصرف.

والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى : ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ).

وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد ، وارحم محمداً وآل محمّد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، انك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ).

وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع اللّهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شيء قدير ).

وبعد الرابعة : ( اللّهم ان هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلاّ خيراً وانت اعلم به منا ، اللّهم ان كان محسناً فزد في احسانه ، وان كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبّر ، وبها تتم الصلاة.

ولابُدّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميت ، وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمناً بالغاً ، وفي الصلاة على اطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة : اللّهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

( مسألة 119 ) : يعتبر في صلاة الميت أمور :

٦٥

(1) ان تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين ، والا بطلت ولابُدّ من اعادتها ، واذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلاً عنه ، وكذلك التكفين والتحنيط لم تسقط الصلاة عليه.

(2) النية بان يقصد بها القربة ، مع تعيين الميت على نحو يرفع الابهام.

(3) القيام مع القدرة عليه.

(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.

(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.

(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.

(7) أن يكون الميت أمام المصلي.

(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه ، ولا يضر الستر بمثل النعش أو ميت آخر.

(9) الموالاة بين التكبيرات والأذكار ، بان لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط الا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.

(11) أن لا يكون احدهما اعلى من الآخر علواً مفرطاً.

(12) أن يكون الميت مستور العورة ـ اذا تعذر الكفن ـ ولو بحجر أو لبنة.

٦٦

( دفن الميت )

يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر في المسألة (91) ، وكيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض ، فلا يجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يؤمّن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان تكون الحفيرة بنفسها على كيفية تمنع من انتشار رائحة الميت ووصول السباع إلى جسده ، ويجب ان يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجهاً وجهه الى القبلة.

( مسألة 120 ) : يجب دفن الجزء المبان من الميت ، وإن كان شعراً أو سناً أو ظفراً على ـ الأحوط وجوباً ـ نعم لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.

( مسألة 121 ) : من مات في السفينة ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك يغسّل ويكفن ويحنط ويُصلى عليه ثم يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام ، أو يشد برجله ما يثقله من حجر ، أو حديد ثم يلقى في البحر ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار الوجه الأوّل مع الإمكان ، وكذلك الحال في ميت خيف عليه من ان يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.

( مسألة 122 ) : لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة ، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار ، ولا يجوز

٦٧

دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

( مسألة 123 ) : يعتبر في موضع الدفن الاباحة ، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب ، أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما وان لم يكن مضراً بالوقف أو مزاحماً لجهته على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 124 ) : إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه ، إلاّ في بعض الموارد المذكورة في ( العروة الوثقى ) وتعليقتنا عليها.

( مسألة 125 ) : إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن ، أو حنوط مع التمكن منها وجب اخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط ان لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته ، والا ففيه اشكال.

( مسألة 126 ) : لا يجوز نبش قبر المسلم إلاّ في موارد خاصة تقدم بعضها ، ومنها ما لو اوصى الميت بنقله الى المشاهد المشرفة فدفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها ، فانه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر ، وأما لو اوصى بنبش قبره ونقله بعد مدة الى الأماكن المشرفة ففي صحة وصيته اشكال.

( مسألة 127 ) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً انه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلاً أو بعضاً ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم ، أو معظمها بشرط ان تكون من ضمنها عظام صدره ، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ ان وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالازار والقميص بل وبالمئزر أيضاً ان وجد بعض ما يجب ستره به.

واذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه انه بدنه بل بعض بدنه ،

٦٨

فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه ، وكذا التغسيل والتكفين بالازار والقميص وبالمئزر ان كان محله موجوداً ـ ولو بعضاً ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت اطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه ، بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه ، وان وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر انه لا يجب فيه أيضاً شيء مما تقدم عدا الدفن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

( صلاة ليلة الدفن )

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصّل احدكم ركعتين له ، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، فيقول بعد السلام : اللّهم صل على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ، ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية اخرى أيضاً.

( غسل مسِّ الميت )

يجب الغسل على من مسّ الميت بعد برده وقبل اتمام غسله ، ولا فرق بين ان يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها ، كما لا فرق في الممسوس والماس بين ان يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن

٦٩

والظفر ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر ، سواء كان ماساً أم ممسوساً ، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلماً ، فيجب في مسّ الميت الكافر أيضاً ، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد ، أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على ـ الأحوط وجوباً ـ فيهما.

( مسألة 128 ) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل ـ والأحوط استحباباً ـ ضم الوضوء اليه إذا كان محدثاً بالأصغر.

( مسألة 129 ) : لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميت أو الحي وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً وان كان الغسل ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة 130 ) : إذا يمّم الميت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

٧٠

( الأغسال المستحبة )

قد ذكر الفقهاء ( قدس الله اسرارهم ) كثيراً من الأغسال المستحبة ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها ، والثابت منها ما يلي :

(1) غسل الجمعة : وهو من المستحبات المؤكدة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب ، والأفضل الاتيان به قبل الزوال ـ والأحوط الأولى ـ ان يؤتى به فيما بين الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء ، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة ، وتستحب اعادته إذا وجد الماء فيه.

(2 ـ 7) غسل الليلة الأولى ، والليلة السابعة عشرة ، والتاسعة عشرة والحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ، والرابعة والعشرين ، من شهر رمضان المبارك.

(8 ـ 9) غسل يوم العيدين الفطر والأضحى ، ووقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر ، والأفضل ان يؤتى به قبل صلاة العيد.

(10 ـ 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام ، والأفضل في اليوم التاسع ان يؤتى به عند الزوال.

(12) غسل الاحرام.

(13) غسل دخول الحرم المكي.

(14) غسل دخول مكة.

(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.

(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.

(17) غسل النحر والذبح.

٧١

(18) غسل الحلق.

(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.

(20) غسل دخول المدينة المنورة.

(21) غسل دخول مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(22) الغسل لوداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(23) غسل المباهلة مع الخصم.

(24) غسل الاستخارة.

(25) غسل الاستسقاء.

(26) غسل من مسّ الميت بعد تغسيله.

والأظهر ان هذه الاغسال تجزي عن الوضوء ، وأما غيرها فيؤتى بها رجاءً ، ولابُدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها :

(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة الأخيرة.

(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريباً من الفجر.

(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.

(4) غسل يوم النيروز ( اول أيام الربيع ).

(5) غسل يوم النصف من شعبان.

(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.

(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومينعليهم‌السلام من قريب أو بعيد.

(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.

٧٢

( الجبائر )

الجبيرة هي : ( ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا حدث فيه كسر ، أو جرح ، أو قرح ) وفي ذلك صورتان :

(1) ان يكون شيء من ذلك في مواضع الغَسل كالوجه واليدين.

(2) ان يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين ، وعلى التقديرين فان لم يكن في غَسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله ومسح ما يجب مسحه ، واما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، ولم تكن في الموضع جبيرة بان كان مكشوفاً ، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح والقرح ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وان يمسح على نفس الموضع أيضاً إذا تمكن من ذلك ، وأما الكسر المكشوف من غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.

( الثانية ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ـ والأحوط وجوباً ـ ان يمسح على الجبيرة ولا يجزي غسل الجبيرة عن مسحها.

( الثالثة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح وكانت

٧٣

عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.

( الرابعة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح ولم تكن عليه جبيرة ، وفي هذه الصورة يتعين التيمم.

( مسألة 131 ) : يعتبر في الجبيرة أمران :

(1) طهارة ظاهرها ، فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح ان يمسح عليها فان امكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءاً منها وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل اطرافها ، وان لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها ، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف ، وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها الجبيرة الطاهرة ، أو طهّرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك لايجابه ضرراً على الجرح مسح على الجبيرة ، وإن كان لأمر آخر كالاضرار بالمقدار الصحيح وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ الجمع بين الوضوء والتيمم.

(2) إباحتها ، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 132 ) : يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور :

( الأوّل ) : ان يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح ، فإذا لم يتمكن من غسله أو مسحه لأمر آخر ، كنجاسته مع تعذر ازالتها ، أو لزوم الضرر من استعمال الماء أو لصوق شيء ـ كالقير ـ بالعضو ولم يتمكن من ازالته بغير حرج ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم ، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواءً يجري عليه حكم الجبيرة ، ولو كان اللاصق غيره وكان

٧٤

في مواضع التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.

( الثاني ) : ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف ، والا وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وان لم يتمكن من رفعه ، أو كان فيه حرج ، أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم ، أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب لم يسقط الوضوء فيمسح على الجبيرة.

( الثالث ) : ان يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم ، وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من اعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقاً ، كما إذا كان الجرح في اصبعه واتفق انه يتضرر بغسل الذراع ، فانه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضاً.

( مسألة 133 ) : إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ، كما إذا كان تمام الوجه أو احدى اليدين أو الرجلين مجبَّراً جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء ، أو معظمها ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

( مسألة 134 ) : إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح المتوضئ عليها بدلاً عن غسل العضو ، فاللازم ان يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة لا برطوبة خارجية ـ والأحوط الأولى ـ فيما إذا لم تكن مستوعبة لها ان يمسح بغير موضع الجبيرة.

٧٥

( مسألة 135 ) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت اجزأه وضوؤه سواء برئ في اثناء الوضوء ام بعده ، قبل الصلاة أو في اثنائها أو بعدها ، ولاتجب عليه اعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية في الموارد التي كان تكليفه فيها الوضوء جبيرة واما في الموارد التي جمع فيها بين الجبيرة والتيمم فلابُدّ من اعادة الوضوء للاعمال الآتية ، وهكذا الحكم فيما لو برئ في سعة الوقت بعد اتمام الوضوء ، وأما إذا برئ في اثنائه فلابُدّ من استيناف الوضوء ، أو العود إلى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها ان لم تفت الموالاة.

( مسألة 136 ) : إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه ، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين انه كان مضراً وكانت وظيفته الجبيرة ـ فالأحوط وجوباً ـ الإعادة ، وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم الضرر وان وظيفته غسل البشرة ، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاده ان فيه قرحاً أو جرحاً أو كسراً فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر بطلان وضوئه.

( مسألة 137 ) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال ـ غير غسل الميت ـ كما كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة ، فان المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، واذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفاً فله الاجتزاء بغسل اطرافه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يضع خرقة على موضع القرح ، أو الجرح ويمسح عليها ، وأما إذا كان المانع كسراً فان كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان مكشوفاً ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

٧٦

( التيمم )

يصح التيمم بدلاً عن الغسل ، أو الوضوء في سبعة مواضع :

( الأوّل ) : ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه ، ويجب الفحص عنه على الحاضر إلى حين حصول اليأس منه ، وكذلك السعي اليه ما لم يكن بعيداً عنه بحيث يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ولا يسوغ للمسافر ان يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لابُدّ له من احراز عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى ان يحصل له الاطمينان بالعدم ، فلو احتمل وجود الماء في رحله ، أو في القافلة ، أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه ، ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق ، ـ والأحوط وجوباً ـ الفحص في المساحة التي حوله على نحو الدائرة غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، ولا يجب الفحص أكثر من ذلك الا اذا اطمأن بوجوده خارج الحد المذكور بحيث لا يبعد عنه بمقدار يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ويسقط وجوب الفحص عند تضيق الوقت بمقدار ما يتضيق منه وكذا إذا خاف على نفسه ، أو ماله المعتد به من لصّ ونحوه ، أو كان في الفحص حرج لا يتحمل عادة.

( مسألة 138 ) : إذا تيمم من غير فحص ـ فيما يلزم فيه الفحص ـ ثم

٧٧

صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية لم يصح تيممه وصلاته وان تبين عدم الماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 139 ) : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما إذا كان مغصوباً لم يجب الوضوء ووجب التيمم ، والماء الموجود حينئذٍ بحكم المعدوم.

( الثاني ) : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكويناً لكبر ونحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه ، أو عرضه ، أو ماله المعتد به من سبع ، أو عدو أو لص ، أو ضياع أو غير ذلك ، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة ـ حيث يحرم استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث على الأحوط كما تقدم في المسألة (30) ـ فان امكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالاً في العرف وجب الوضوء ، وإلاّ ففي سقوط الوضوء ووجوب التيمم اشكال.

( الثالث ) : كون استعمال الماء مضراً به ، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته ، وانما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة والا وجبت ، وقد مر تفصيل ذلك.

( الرابع ) : خوف العطش على نفسه ، أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انساناً كان أو حيواناً ، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً ، أو يقع في الحرج بهلاكه عطشاً اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.

( الخامس ) : استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سواء كان في تحصيل الماء ، كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذلّه

٧٨

وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بحاله ـ والا وجب الشراء وان كان باضعاف قيمته ـ أم في نفس استعماله لشدة برودته ، أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أم فيما يلازم استعماله كما لو كان قليلاً لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع فرض حاجته اليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.

( السادس ) : ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.

( السابع ) : ان يكون مكلفاً بواجب أهم أو مساوٍ يستدعي صرف الماء الموجود فيه كازالة الخبث عن المسجد فانه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معاً فانه يتعين صرفه في ازالة الخبث وان كان الأولى فيه ان يصرف الماء في ازالة الخبث أولاً ، ثم يتيمم بعد ذلك.

( ما يصح به التيمم )

يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الارض من تراب أو رمل ، أو حجر أو مدر ، ومن ذلك ارض الجص والنورة وهكذا الجص المطبوخ ، والآجر والخزف ، ـ والأحوط الأولى ـ تقديم التراب على غيره مع الإمكان ، ويجوز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بان كان له جرم بنظر العرف وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم غيره عليه ، واذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ازالة شيء منه الا ما يتوقف على ازالته صدق المسح باليد ، واذا تعذر التيمم بالوحل أيضاً تعين التيمم بالشيء المغبر ـ أي ما يكون الغبار كامناً فيه ـ أو لا يكون له جرم بحيث يصدق

٧٩

عليه التراب الدقيق ـ كما تقدم ـ واذا عجز عنه أيضاً كان فاقداً للطهور وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويلزمه القضاء خارجه.

( مسألة 140 ) : إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه النوبة ، إلى التيمم بالطين أو الشيء المغبر ، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وان كان الأولى ان يتيمم باليابسة مع التمكن.

( مسألة 141 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ اعتبار علوق شيء مما يُتيمم به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الاملس الذي لا غبار عليه.

( مسألة 142 ) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وان كان اصله منها كالنباتات ، وبعض المعادن كالذهب والفضة ، ورماد غير الأرض ونحوها ، واذا اشتبه ما يصح به التيمم بشيء من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه الامتثال.

( كيفية التيمم وشرائطه )

( مسألة 143 ) : يجب في التيمم أمور :

(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ، ويكفي وضعهما عليها أيضاً ، ـ والأحوط وجوباً ـ ان يفعل ذلك دفعة واحدة.

(2) مسح الجبهة ، وكذا الجبينين ـ على الأحوط وجوباً ـ باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والى الحاجبين ـ والأحوط الأولى ـ مسحهما أيضاً.

(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى اطراف الاصابع ، والمسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى ـ والأحوط وجوباً ـ رعاية الترتيب بين مسح اليمنى واليسرى.

ويجتزئ في التيمم سواء كان بدلاً عن الوضوء ، أم الغسل بضرب

 

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الآية، قال الشاعر: أ قوم آل حصن أم نساء، و في عامّة القرآن اُريدوا به و النساء جميعاً. انتهى.

و لفظ القوم قيل: مذكّر و تأنيث الفعل المسند إليه بتأويل الجماعة و قيل: مؤنّث و قال في المصباح: يذكّر و يؤنّث.

و عدّ القوم مكذّبين للمرسلين مع أنّهم لم يكذّبوا إلّا واحداً منهم و هو نوحعليه‌السلام إنّما هو من جهة أنّ دعوتهم واحدة و كلمتهم متّفقة على التوحيد فيكون المكذّب للواحد منهم مكذّباً للجميع و لذا عدّ الله سبحانه الإيمان ببعض رسله دون بعض كفراً بالجميع قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَ رُسُلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَ رُسُلِهِ وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا ) النساء: ١٥١.

و قيل: هو من قبيل قولهم: فلان يركب الدوابّ و يلبس البرود و ليس له إلّا دابّة واحدة و بردة واحدة فيكون الجمع كناية عن الجنس، و الأوّل أوجه و نظير الوجهين جار في قوله الآتي:( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ ) ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ) و غيرهما.

قوله تعالى: ( إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَ لا تَتَّقُونَ ) المراد بالأخ النسيب كقولهم: أخو تميم و أخو كليب و الاستفهام للتوبيخ.

قوله تعالى: ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) أي رسول من الله سبحانه أمين على ما حمّلته من الرسالة لا اُبلّغكم إلّا ما أمرني ربّي و أراده منكم، و لذا فرّع عليه قوله:( فَاتَّقُوا اللهَ وَ أَطِيعُونِ ) فأمرهم بطاعته لأنّ طاعته طاعة الله.

قوله تعالى: ( وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ ) مسوق لنفي الطمع الدنيويّ بنفي سؤال الأجر فيثبت بذلك أنّه ناصح لهم فيما يدعوهم إليه لا يخونهم و لا يغشّهم فعليهم أن يطيعوه فيما يأمرهم، و لذا فرّع عليه ثانياً قوله:( فَاتَّقُوا اللهَ وَ أَطِيعُونِ ) .

و العدول في قوله:( إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ ) عن اسم الجلالة إلى( رَبِّ الْعالَمِينَ ) للدّلالة على صريح التوحيد فإنّهم كانوا يرون أنّه تعالى إله عالم

٣٢١

الآلهة و كانوا يرون لكلّ عالم إلهاً آخر يعبدونه من دون الله فإثباته تعالى ربّاً للعالمين جميعاً تصريح بتوحيد العبادة و نفي الآلهة من دون الله مطلقاً.

قوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللهَ وَ أَطِيعُونِ ) قد تقدّم وجه تكرار الآية فهو يفيد أنّ كلّا من الأمانة و عدم سؤال الأجر سبب مستقلّ في إيجاب طاعته عليهم.

قوله تعالى: ( قالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) الأرذلون جمع أرذل على الصحّة و هو اسم تفضيل من الرذالة و الرذالة الخسّة و الدناءة، و مرادهم بكون متّبعيه أراذل أنّهم ذوو أعمال رذيلة و مشاغل خسيسة و لذا أجابعليه‌السلام عنه بمثل قوله:( وَ ما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

و الظاهر أنّهم كانوا يرون الشرف و الكرامة في الأموال و الجموع من البنين و الأتباع كما يستفاد من دعاء نوحعليه‌السلام إذ يقول:( رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) نوح: ٢١. فمرادهم بالأرذلين من يعدّهم الأشراف و المترفون سفلة يتجنّبون معاشرتهم من العبيد و الفقراء و أرباب الحرف الدنيّة.

قوله تعالى: ( قالَ وَ ما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) الضمير لنوحعليه‌السلام ، و( ما ) استفهاميّة و قيل: نافية و عليه فالخبر محذوف لدلالة السياق عليه، و المراد على أيّ حال نفي علمه بأعمالهم قبل إيمانهم به لمكان قوله:( كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

قوله تعالى: ( إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى‏ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ) المراد بقوله:( رَبِّي ) ربّ العالمين فإنّه الّذي كان يختصّ نوح بالدعوة إليه من بينهم، و قوله:( لَوْ تَشْعُرُونَ ) مقطوع عن العمل أي لو كان لكم شعور، و قيل: المعنى لو تشعرون بشي‏ء لعلمتم ذلك و هو كما ترى.

و المعنى: بالنظر إلى الحصر الّذي في صدر الآية أنّه لا علم لي بسابق أعمالهم و ليس عليّ حسابهم حتّى أتجسّس و أبحث عن أعمالهم و إنّما حسابهم على ربّي( لَوْ تَشْعُرُونَ ) فيجازيهم حسب أعمالهم.

قوله تعالى: ( وَ ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) الآية الثانية

٣٢٢

بمنزلة التعليل للاُولى و المجموع متمّم للبيان السابق و المعنى: لا شأن لي إلّا الإنذار و الدعوة فلست أطرد من أقبل عليّ و آمن بي و لست أتفحّص عن سابق أعمالهم لاُحاسبهم عليها فحسابهم على ربّي و هو ربّ العالمين لا عليّ.

قوله تعالى: ( قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) المراد بالانتهاء ترك الدعوة، و الرجم هو الرمي بالحجارة، و قيل: المراد به الشتم و هو بعيد، و هذا ممّا قالوه في آخر العهد من دعوتهم يهدّدونهعليه‌السلام بقول جازم كما يشهد به ما في الكلام من وجوه التأكيد.

قوله تعالى: ( قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً ) إلخ، هذا استفتاح منهعليه‌السلام و قد قدّم له قوله:( رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ) على سبيل التوطئة أي تحقّق منهم التكذيب المطلق الّذي لا مطمع في تصديقهم بعده كما يستفاد من دعائه عليهم إذ يقول:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) نوح: ٢٧.

و قوله:( فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً ) كناية عن القضاء بينه و بين قومه كما قال تعالى:( وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ ) يونس: ٤٧.

و أصله من الاستعارة بالكناية كأنّه و أتباعه و الكفّار من قومه اختلطوا و اجتمعوا من غير تميّز فسأل ربّه أن يفتح بينهم بإيجاد فسحة بينه و بين قومه يبتعد بذلك أحد القبيلين من الآخر و ذلك كناية عن نزول العذاب و ليس يُهلك إلّا القوم الفاسقين و الدليل عليه قوله بعد:( وَ نَجِّنِي وَ مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) .

و قيل: الفتح بمعنى الحكم و القضاء من الفتاحة بمعنى الحكومة.

قوله تعالى: ( فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) أي المملوء منهم و من كلّ زوجين اثنين كما ذكره في سورة هود.

قوله تعالى: ( ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ ) أي أغرقنا بعد إنجائهم الباقين من قومه.

٣٢٣

قوله تعالى: ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً - إلى قوله -الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) تقدّم الكلام في معنى الآيتين.

( بحث روائي)

في كتاب كمال الدين، و روضة الكافي، مسنداً عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث: فمكث نوح ألف سنة إلّا خمسين عامّاً لم يشاركه في نبوّته أحد و لكنّه قدّم على قوم مكذّبين للأنبياء الّذين كانوا بينه و بين آدم و ذلك قوله عزّوجلّ:( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ) يعني من كان بينه و بين آدم إلى أن انتهى إلى قوله:( وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )

و قال فيه، أيضاً: فكان بينه و بين آدم عشرة آباء كلّهم أنبياء، و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) قال: الفقراء.

و فيه، و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام : في قوله تعالى:( الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) المجهّز الّذي قد فرغ منه و لم يبق إلّا دفعه.

٣٢٤

( سورة الشعراء الآيات ١٢٣ - ١٤٠)

كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ( ١٢٣ ) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( ١٢٤ ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٢٥ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٢٦ ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ١٢٧ ) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ( ١٢٨ ) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ( ١٢٩ ) وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ( ١٣٠ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٣١ ) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ ( ١٣٢ ) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ( ١٣٣ ) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٣٤ ) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( ١٣٥ ) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ ( ١٣٦ ) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ( ١٣٧ ) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ( ١٣٨ ) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً  وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ( ١٣٩ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ١٤٠ )

( بيان)

تشير الآيات إلى قصّة هودعليه‌السلام و قومه و هو قوم عاد.

قوله تعالى: ( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ ) قوم عاد من العرب العاربة الاُولى كانوا يسكنون الأحقاف من جزيرة العرب لهم مدنيّة راقية و أراض خصبة و ديار معمورة فكذّبوا الرسل و كفروا بأنعم الله و أطغوا فأهلكهم الله بالريح العقيم و خرّب ديارهم و عفا آثارهم.

٣٢٥

و عاد فيما يقال اسم أبيهم فتسميتهم بعاد من قبيل تسمية القوم باسم أبيهم كما يقال تميم و بكر و تغلب و يراد بنو تميم و بنو بكر و بنو تغلب.

و قد تقدّم في نظير الآية من قصّة نوح وجه عدّ القوم مكذّبين للمرسلين و لم يكذّبوا ظاهراً إلّا واحداً منهم.

قوله تعالى: ( إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ - إلى قوله -رَبِّ الْعالَمِينَ ) تقدّم الكلام فيها في نظائرها من قصّة نوحعليه‌السلام .

و ذكر بعض المفسّرين أنّ تصدير هذه القصص الخمس بذكر أمانة الرسل و عدم سؤالهم أجراً على رسالتهم و أمرهم الناس بالتقوى و الطاعة للتنبيه على أنّ مبني البعثة هو الدعاء إلى معرفة الحقّ و الطاعة فيما يقرّب المدعوّ من الثواب و يبعّده من العقاب و أنّ الأنبياءعليهم‌السلام مجتمعون على ذلك و إن اختلفوا في بعض فروع الشرائع المختلفة باختلاف الأزمنة و الأعصار، و أنّهم منزّهون عن المطامع الدنيويّة بالكلّيّة انتهى.

و نظيره الكلام في ختم جميع القصص السبع الموردة في السورة بقوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ففيه دلالة على أنّ أكثر الاُمم و الأقوام معرضون عن آيات الله، و أنّ الله سبحانه عزيز يجازيهم على تكذيبهم رحيم ينجي المؤمنين برحمته، و قد تقدّمت الإشارة إلى ذلك في الكلام على غرض السورة.

قوله تعالى: ( أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ) الريع هو المرتفع من الأرض و الآية العلامة و العبث الفعل الّذي لا غاية له، و كأنّهم كانوا يبنون على قلل الجبال و كلّ مرتفع من الأرض أبنية كالأعلام يتنزّهون فيها و يفاخرون بها من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك بل لهواً و اتّباعاً للهوى فوبّخهم عليه.

و قد ذكر للآية معان اُخر لا دليل عليها من جهة اللفظ و لا ملاءمة للسياق أضربنا عنها.

قوله تعالى: ( وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ) ، المصانع على ما قيل:

٣٢٦

الحصون المنيعة و القصور المشيدة و الأبنية العالية واحدها مصنع.

و قوله:( لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ) في مقام التعليل لما قبله أي تتّخذون هذه المصانع بسبب أنّكم ترجون الخلود و لو لا رجاء الخلود ما عملتم مثل هذه الأعمال الّتي من طبعها أن تدوم دهراً طويلاً لا يفي به أطول الأعمار الإنسانيّة، و قيل في معنى الآية و مفرداتها وجوه اُخرى أغمضنا عنها.

قوله تعالى: ( وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) قال في المجمع: البطش العسف قتلاً بالسيف و ضرباً بالسوط، و الجبّار العالي على غيره بعظيم سلطانه. و هو في صفة الله سبحانه مدح و في صفة غيره ذمّ لأنّ معناه في العبد أنّه يتكلّف الجبريّة. انتهى.

فالمعنى: و إذا أظهرتم شدّة في العمل و بأساً بالغتم في ذلك كما يبالغ الجبابرة في الشدّة.

و محصّل الآيات الثلاث أنّكم مسرفون في جانبي الشهوة و الغضب متعدّون حدّ الاعتدال خارجون عن طور العبوديّة.

قوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللهَ وَ أَطِيعُونِ ) تفريع على إسرافهم في جانبي الشهوة و الغضب و خروجهم عن طور العبوديّة فليتّقوا الله و ليطيعوه فيما يأمرهم به من ترك الإتراف و الاستكبار.

قوله تعالى: ( وَ اتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ - إلى قوله -وَ عُيُونٍ ) قال الراغب: أصل المدّ الجرّ، قال: و أمددت الجيش بمدود و الإنسان بطعام قال: و أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب و المدّ في المكروه، قال تعالى:( وَ أَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ ) ( وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا ) انتهى ملخّصاً.

و قوله:( وَ اتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ ) إلخ، في معنى تعليق الحكم بالوصف المشعر بالعلّيّة أي اتّقوا الله الّذي يمدّكم بنعمه لأنّه يمدّكم بها فيجب عليكم أن تشكروه بوضع نعمه في موضعها من غير إتراف و استكبار فإنّ كفران النعمة يستعقب السخط و العذاب قال تعالى:( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم: ٧.

٣٢٧

و قد ذكر النعم إجمالاً بقوله أوّلاً:( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ) ثمّ فصّلها بقوله ثانياً:( أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَ بَنِينَ وَ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ ) .

و في قوله:( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ) نكتة اُخرى هي أنّكم تعلمون أنّ هذه النعم من إمداده تعالى و صنعه لا يشاركه في إيجادها و الإمداد بها غيره فهو الّذي يجب لكم أن تتّقوه بالشكر و العبادة دون الأوثان و الأصنام فالكلام متضمّن للحجّة.

قوله تعالى: ( إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) تعليل للأمر بالتقوى أي إنّي آمركم بالتقوى شكراً لأنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم إن تكفروا و لم تشكروا، و الظاهر أنّ المراد باليوم العظيم يوم القيامة و إن جوّز بعضهم أن يكون المراد به يوم عذاب الاستئصال.

قوله تعالى: ( قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ ) نفي لأثر كلامه و إياس له من إيمانهم بالكلّيّة.

قيل: الكلام لا يخلو من مبالغة فقد كان مقتضى الترديد أن يقال: أ وعظت أم لم تعظ ففي العدول عنه إلى قوله:( أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ ) النافي لأصل كونه واعظاً ما لا يخفى من المبالغة.

قوله تعالى: ( إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) الخلق بضمّ الخاء و اللّام أو سكونها قال الراغب: الخلق و الخلق - أي بفتح الخاء و ضمّها - في الأصل واحد كالشَّرب و الشُرب و الصَّرم و الصُرم لكن خصّ الخلق - بفتح الخاء - بالهيئات و الأشكال و الصور المدركة بالبصر، و خصّ الخلق - بضمّ الخاء - بالقوى و السجايا المدركة بالبصيرة، قال تعالى:( إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) و قرئ( إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) انتهى.

و الإشارة بهذا إلى ما جاء به هود و قد سمّوه وعظاً و المعنى: ليس ما تلبّست به من الدعوة إلى التوحيد و الموعظة إلّا عادة البشر الأوّلين الماضين من أهل الأساطير و الخرافات، و هذا كقولهم:( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) .

و يمكن أن تكون الإشارة بهذا إلى ما هم فيه من الشرك و عبادة الآلهة من

٣٢٨

دون الله اقتداء بآبائهم الأوّلين كقولهم:( وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ ) .

و احتمل بعضهم أن يكون المراد ما خلقنا هذا إلّا خلق الأوّلين نحيا كما حيّوا و نموت كما ماتوا و لا بعث و لا حساب و لا عذاب. و هو بعيد من السياق.

قوله تعالى: ( وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) إنكار للمعاد بناء على كون المراد باليوم العظيم في كلام هودعليه‌السلام يوم القيامة.

قوله تعالى: ( فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً - إلى قوله -الرَّحِيمُ ) معناه ظاهر ممّا تقدّم.

( بحث روائي)

في كتاب كمال الدين، و روضة الكافي، مسندا عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليه‌السلام في حديث: و قال نوح إنّ الله تبارك و تعالى باعث نبيّاً يقال له هود و إنّه يدعو قومه إلى الله عزّوجلّ فيكذّبونه و إنّ الله عزّوجلّ يهلكهم بالريح فمن أدركه منكم فليؤمن به و ليتّبعه فإنّ الله تبارك و تعالى ينجيه من عذاب الريح.

و أمر نوح ابنه سام أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة و يكون يوم عيد لهم فيتعاهدون فيه بعث هود و زمانه الّذي يخرج فيه.

فلمّا بعث الله تبارك و تعالى هوداً نظروا فيما عندهم من العلم و الإيمان و ميراث العلم و الاسم الأكبر و آثار علم النبوّة فوجدوا هوداً نبيّاً و قد بشّرهم أبوهم نوح به فآمنوا به و صدّقوه و اتّبعوه فنجوا من عذاب الريح، و هو قول الله عزّوجلّ:( وَ إِلى‏ عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ) و قوله:( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ )

و في المجمع في قوله تعالى:( آيَةً تَعْبَثُونَ ) أي ما لا تحتاجون إليه لسكناكم و إنّما تريدون العبث بذلك و اللعب و اللهو كأنّه جعل بناءهم ما يستغنون عنه عبثاً منهم عن ابن عبّاس في رواية عطاء، و يؤيّده‏ الخبر المأثور عن أنس بن مالك أنّ

٣٢٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج فرأى قبّة فقال: ما هذه؟ فقالوا له أصحابه: هذا لرجل من الأنصار فمكث حتّى إذا جاء صاحبها فسلّم في الناس أعرض عنه صنع ذلك مراراً حتّى عرف الرجل الغضب به و الإعراض عنه.

فشكا ذلك إلى أصحابه و قال: و الله إنّي لاُنكر نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أدري ما حدث فيّ و ما صنعت؟ قالوا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرأى قبّتك فقال: لمن هذه؟ فأخبرناه فرجع إلى قبّته فسوّاها بالأرض فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم فلم ير القبّة فقال: ما فعلت القبّة الّتي كانت ههنا؟ قالوا: شكي إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها.

فقال: إنّ كلّ ما يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلّا ما لا بدّ منه.

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) قال: تقتلون بالغضب من غير استحقاق.

٣٣٠

( سورة الشعراء الآيات ١٤١ - ١٥٩)

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ( ١٤١ ) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( ١٤٢ ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٤٣ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٤٤ ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ١٤٥ ) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ ( ١٤٦ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٤٧ ) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ( ١٤٨ ) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ( ١٤٩ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٥٠ ) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ( ١٥١ ) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ( ١٥٢ ) قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ( ١٥٣ ) مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( ١٥٤ ) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ( ١٥٥ ) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( ١٥٦ ) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ( ١٥٧ ) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً  وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ( ١٥٨ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ١٥٩ )

( بيان)

تشير الآيات إلى إجمال قصّة صالحعليه‌السلام و قومه و هو من أنبياء العرب و يذكر في القرآن بعد هودعليه‌السلام .

قوله تعالى: ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ - إلى قوله -عَلى‏ رَبِّ الْعالَمِينَ ) قد اتّضح معناها ممّا تقدّم.

٣٣١

قوله تعالى: ( أَ تُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ ) الظاهر أنّ الاستفهام للإنكار و( ما ) موصولة و المراد بها النعم الّتي يفصّلها بعد قوله:( فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ ) إلخ، و( هاهُنا ) إشارة إلى المكان الحاضر القريب و هو أرض ثمود و( آمِنِينَ ) حال من نائب فاعل( تُتْرَكُونَ ) .

و المعنى: لا تتركون في هذه النعم الّتي أحاطت بكم في أرضكم هذه و أنتم مطلقو العنان لا تسألون عمّا تفعلون آمنون من أيّ مؤاخذة إلهيّة.

قوله تعالى: ( فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ ) بيان تفصيليّ لقوله:( فِي ما هاهُنا ) ، و قد خصّ النخل بالذكر مع دخوله في الجنّات لاهتمامهم به، و الطلع في النخل كالنور في سائر الأشجار و الهضيم - على ما قيل - المتداخل المنضمّ بعضه إلى بعض.

قوله تعالى: ( وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ ) قال الراغب: الفره - بالفتح فالكسر صفة مشبهة - الأشر، و قوله تعالى:( وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ ) أي حاذقين و قيل: معناه أشرين. انتهى ملخصا، و على ما اختاره تكون الآية من بيان النعمة، و على المعنى الآخر تكون مسوقة لإنكار أشرهم و بطرهم. و الآية على أيّ حال في حيّز الاستفهام.

قوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللهَ وَ أَطِيعُونِ ) تفريع على ما تقدّم من الإنكار الّذي في معنى المنفي.

قوله تعالى: ( وَ لا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ ) الظاهر أنّ المراد بالأمر ما يقابل النهي بقرينة النهي عن طاعته و إن جوّز بعضهم كون الأمر بمعنى الشأن و عليه يكون المراد بطاعة أمرهم تقليد العامّة و اتّباعهم لهم في أعمالهم و سلوكهم السبل الّتي يستحبّون لهم سلوكها.

و المراد بالمسرفين على أيّ حال أشراف القوم و عظماؤهم المتبوعون و الخطاب للعامّة التابعين لهم و أما السادة الأشراف فقد كانوا مأيوساً من إيمانهم و اتّباعهم للحقّ.

٣٣٢

و يمكن أن يكون الخطاب للجميع من جهة أنّ الأشراف منهم أيضاً كانوا يقلّدون آباءهم و يطيعون أمرهم كما قالوا لصالحعليه‌السلام :( أَ تَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا ) هود: ٦٢، فقد كانوا جميعاً يطيعون أمر المسرفين فنهوا عنه.

و قد فسّر المسرفين و هم المتعدّون عن الحقّ الخارجون عن حدّ الاعتدال بتوصيفهم بقوله:( الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ ) إشارة إلى علّة الحكم الحقيقيّة فالمعنى اتّقوا الله و لا تطيعوا أمر المسرفين لأنّهم مفسدون في الأرض غير مصلحين و الإفساد لا يؤمن معه العذاب الإلهيّ و هو عزيز ذو انتقام.

و ذلك أنّ الكون على ما بين أجزائه من التضادّ و التزاحم مؤلّف تأليفاً خاصّاً يتلاءم معه أجزاؤه بعضها مع بعض في النتائج و الآثار كالأمر في كفّتي الميزان فإنّهما على اضطرابها و اختلافها الشديد بالارتفاع و الانخفاض متوافقتان في تعيين وزن المتاع الموزون و هو الغاية و العالم الإنسانيّ الّذي هو جزء من الكون كذلك ثمّ الفرد من الإنسان بما له من القوى و الأدوات المختلفة المتضادّة مفطور على تعديل أفعاله و أعماله بحيث تنال كلّ قوّة من قواه حظّها المقدّر لها و قد جهّز بعقل يميّز بين الخير و الشرّ و يعطي كلّ ذي حقّ حقّه.

فالكون يسير بالنظام الجاري فيه إلى غايات صالحة مقصودة و هو بما بين أجزائه من الارتباط التامّ يخطّ لكلّ من أجزائه سبيلاً خاصّاً يسير فيها بأعمال خاصّة من غير أن يميل عن حاقّ وسطها إلى يمين أو يسار أو ينحرف بإفراط أو تفريط فإنّ في الميل و الانحراف إفساداً للنظام المرسوم، و يتبعه إفساد غايته و غاية الكلّ، و من الضروريّ أنّ خروج بعض الأجزاء عن خطّه المخطوط له و إفساد النظم المفروض له و لغيره يستعقب منازعة بقية الأجزاء له فإن استطاعت أن تقيمه و تردّه إلى وسط الاعتدال فهو و إلّا أفنته و عفت آثاره حفظاً لصلاح الكون و استبقاء لقوامه.

و الإنسان الّذي هو أحد أجزاء الكون غير مستثنى من هذه الكلّيّة فإن جرى على ما يهديه إليه الفطرة فاز بالسعادة المقدّرة له و إن تعدّى حدود فطرته

٣٣٣

و أفسد في الأرض أخذه الله سبحانه بالسنين و المثلات و أنواع النكال و النقمة لعلّه يرجع إلى الصلاح و السداد قال تعالى:( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الروم: ٤١.

و إن أقاموا مع ذلك على الفساد لرسوخه في نفوسهم أخذهم الله بعذاب الاستئصال و طهر الأرض من قذارة فسادهم قال تعالى:( وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) الأعراف: ٩٦. و قال:( وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى‏ بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ ) هود: ١١٧، و قال:( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) الأنبياء: ١٠٥، و ذلك أنّهم إذا صلحوا صلحت أعمالهم و إذا صلحت أعمالهم وافقت النظام العامّ و صلحت بها الأرض لحياتهم الأرضيّة.

فقد تبيّن بما مرّ أوّلاً أنّ حقيقة دعوة النبوّة هي إصلاح الحياة الإنسانيّة الأرضيّة قال تعالى: حكاية عن شعيب:( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) هود: ٨٨.

و ثانياً: أنّ قوله:( وَ لا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ ) إلخ، على سذاجة بيانه معتمد على حجّة برهانيّة.

و لعلّ في قوله:( وَ لا يُصْلِحُونَ ) بعد قوله:( الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ) إشارة إلى أنّه كان المتوقّع منهم بما أنّهم بشر ذوو فطرة إنسانيّة أن يصلحوا في الأرض لكنّهم انحرفوا عن الفطرة و بدّلوا الإصلاح إفساداً.

قوله تعالى: ( قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ) أي ممّن سحر مرّة بعد مرّة حتّى غلب على عقله، و قيل: إنّ السحر أعلى البطن و المسحّر من له جوف فيكون كناية عن أنّك بشر مثلنا تأكل و تشرب فيكون قوله بعده:( ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ) تأكيداً له، و قيل: المسحّر من له سحر أي رئة كأنّ مرادهم أنّك متنفّس بشر مثلنا.

قوله تعالى: ( ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا - إلى قوله -عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) الشرب

٣٣٤

بكسر الشين النصيب من الماء، و الباقي ظاهر و قد تقدّمت تفصيل القصّة في سورة هود.

قوله تعالى: ( فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ ) نسبة العقر إلى الجمع - و لم يعقرها إلّا واحد منهم - لرضاهم بفعله، و في نهج البلاغة،: أيّها الناس إنّما يجمع الناس الرضي و السخط و إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضا فقال سبحانه:( فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ ) .

و قوله:( فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ ) لعلّ ندمهم إنّما كان عند مشاهدتهم ظهور آثار العذاب و إن قالوا له بعد العقر تعجيزاً و استهزاء:( يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) الأعراف: ٧٧.

قوله تعالى: ( فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ - إلى قوله -الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) اللام للعهد أي أخذهم العذاب الموعود فإنّ صالحاً وعدهم نزول العذاب بعد ثلاثة أيّام كما في سورة هود، و الباقي ظاهر.

٣٣٥

( سورة الشعراء الآيات ١٦٠ - ١٧٥)

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ ( ١٦٠ ) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( ١٦١ ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٦٢ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٦٣ ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ١٦٤ ) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ( ١٦٥ ) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم  بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ( ١٦٦ ) قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ( ١٦٧ ) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ ( ١٦٨ ) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ( ١٦٩ ) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ( ١٧٠ ) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ( ١٧١ ) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ( ١٧٢ ) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا  فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ( ١٧٣ ) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً  وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ( ١٧٤ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ١٧٥ )

( بيان)

تشير الآيات إلى قصّة لوط النبيّعليه‌السلام و هو بعد صالحعليه‌السلام .

قوله تعالى: ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ - إلى قوله -رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، تقدّم تفسيره.

قوله تعالى: ( أَ تَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ ) الاستفهام للإنكار و التوبيخ و الذكران جمع ذكر مقابل الاُنثى و إتيانهم كناية عن اللواط و قد كان شاع فيما بينهم، و العالمين جمع عالم و هو الجماعة من الناس.

٣٣٦

و قوله:( مِنَ الْعالَمِينَ ) يمكن أن يكون متّصلاً بضمير الفاعل في( تَأْتُونَ ) و المراد أ تأتون أنتم من بين العالمين هذا العمل الشنيع؟ فيكون في معنى قوله في موضع آخر:( ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ ) الأعراف: ٨٠، العنكبوت: ٢٨.

و يمكن أن يكون متّصلاً بقوله:( الذُّكْرانَ ) و المعنى على هذا أ تنكحون من بين العالمين على كثرتهم و اشتمالهم على النساء الرجال فقط؟.

قوله تعالى: ( وَ تَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ ) إلخ( تَذَرُونَ ) بمعنى تتركون و لا ماضي له من مادّته.

و المتأمّل في خلق الإنسان و انقسام أفراده إلى صنفي الذكر و الاُنثى و ما جهّز به كلّ من الصنفين من الأعضاء و الأدوات و ما يختصّ به من الخلقة لا يرتاب في أنّ غرض الصنع و الإيجاد من هذا التصوير المختلف و إلقاء غريزة الشهوة في القبيلين و تفريق أمرهما بالفعل و الانفعال أن يجمع بينهما بالنكاح ليتوسّل بذلك إلى التناسل الحافظ لبقاء النوع حتّى حين.

فالرجل من الإنسان بما هو رجل مخلوق للمرأة منه لا لرجل مثله و المرأة من الإنسان بما هي امرأة مخلوقة للرجل منه لا لامرأة مثلها و ما يختصّ به الرجل في خلقته للمرأة و ما بختصّ به المرأة في خلقتها للرجل و هذه هي الزوجيّة الطبيعيّة الّتي عقدها الصنع و الإيجاد بين الرجل و المرأة من الإنسان فجعلهما زوجين.

ثمّ الأغراض و الغايات الاجتماعيّة أو الدينيّة سنّت بين الناس سنّة النكاح الاجتماعيّ الاعتباريّ الّذي فيه نوع من الاختصاص بين الزوجين و قسم من التحديد للزوجيّة الطبيعيّة المذكورة فالفطرة الإنسانيّة و الخلقة الخاصّة تهديه إلى ازدواج الرجال بالنساء دون الرجال و ازدواج النساء بالرجال دون النساء، و أنّ الازدواج مبنيّ على أصل التوالد و التناسل دون الاشتراك في مطلق الحياة.

و من هنا يظهر أنّ الأقرب أن يكون المراد بقوله:( ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ )

٣٣٧

العضو المباح للرجال من النساء بالازدواج و اللّام للملك الطبيعيّ، و أنّ( مِنْ ) في قوله:( مِنْ أَزْواجِكُمْ ) للتبعيض و الزوجيّة هي الزوجيّة الطبيعيّة و إن أمكن أن يراد بها الزوجيّة الاجتماعيّة الاعتباريّة بوجه.

و أمّا تجويز بعضهم أن يراد بلفظة( ما ) النساء و يكون قوله:( مِنْ أَزْواجِكُمْ ) بياناً له فبعيد.

و قوله:( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ ) أي متجاوزون خارجون عن الحدّ الّذي خطّته لكم الفطرة و الخلقة فهو في معنى قوله:( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ ) العنكبوت: ٢٩.

و قد ظهر من جميع ما مرّ أنّ كلامهعليه‌السلام مبنيّ على حجّة برهانيّة اُشير إليها.

قوله تعالى: ( قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ) أي المبعّدين المنفيّين من قريتنا كما نقل عنهم في موضع آخر:( أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ) .

قوله تعالى: ( قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ ) المراد بعملهم - على ما يعطيه السياق - إتيان الذكران و ترك الإناث. و القالي المبغض، و مقابلة تهديدهم بالنفي بمثل هذا الكلام من غير تعرّض للجواب عن تهديدهم يفيد من المعنى أنّي لا أخاف الخروج من قريتكم و لا أكترث به بل مبغض لعملكم راغب في النجاة من وباله النازل بكم لا محالة، و لذا أتبعه بقوله:( رَبِّ نَجِّنِي وَ أَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ) .

قوله تعالى: ( رَبِّ نَجِّنِي وَ أَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ) أي من أصل عملهم الّذي يأتون به بمرأى و مسمع منه فهو منزجر منه أو من وبال عملهم و العذاب الّذي سيتبعه لا محالة.

و إنّما لم يذكر إلّا نفسه و أهله إذ لم يكن آمن به من أهل القرية أحد، قال

٣٣٨

تعالى في ذلك:( فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) الذاريات: ٣٦.

قوله تعالى: ( فَنَجَّيْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إلى قوله الْآخَرِينَ ) الغابر كما قيل الباقي بعد ذهاب من كان معه، و التدمير الإهلاك، و الباقي ظاهر.

قوله تعالى: ( وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً ) إلخ، و هو السجّيل كما قال تعالى:( وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) الحجر: ٧٤.

قوله تعالى: ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً إلى قوله الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) تقدّم تفسيره.

٣٣٩

( سورة الشعراء الآيات ١٧٦ - ١٩١)

كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ( ١٧٦ ) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( ١٧٧ ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٧٨ ) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ( ١٧٩ ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ  إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ١٨٠ ) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ( ١٨١ ) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ( ١٨٢ ) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( ١٨٣ ) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ( ١٨٤ ) قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ( ١٨٥ ) وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ( ١٨٦ ) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( ١٨٧ ) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ( ١٨٨ ) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ  إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( ١٨٩ ) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً  وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ( ١٩٠ ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ١٩١ )

( بيان)

إجمال قصّة شعيبعليه‌السلام و هو من أنبياء العرب، و هي آخر القصص السبع الموردة في السورة.

قوله تعالى: ( كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ - إلى قوله -رَبِّ الْعالَمِينَ ) الأيكة الغيضة الملتفّ شجرها. قيل: إنّها كانت غيضة بقرب مدين يسكنها طائفة

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453