الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

الميزان في تفسير القرآن13%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124145 / تحميل: 6113
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها ، وأجرة حمل الميت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت ، فان كل ذلك يخرج من أصل التركة وان كان الميت مديوناً أو كانت له وصية ، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشيء من ذلك وإلاّ لم يخرج من التركة ، وأما ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فانه لا يجوز ان يخرج من الأصل الا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال ، وفي البعض الآخر يحتاج اليه قدم الأوّل ، نعم يجوز اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم دون القاصرين ، الا مع اذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.

( مسألة 109 ) : كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها أو كونها منقطعة او ناشزة ، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن والا سقط عنه ، وكذلك إذا اوصت به من مالها وعمل بالوصية ، أو تقارن موتها مع موته ، أو كان البذل حرجياً على الزوج ، فلو توقف على الاستقراض ، أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.

( مسألة 110 ) : يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير ، ولكن يلزم ان يكون ذلك بنحو لا يتنجس موضع الكتابة بالدم ، أو غيره من النجاسات كان يكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت ، ويجوز ان يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.

٦١

( شروط الكفن )

يعتبر في الكفن أمور :

(1) الاباحة.

(2) الطهارة بان لا يكون نجساً ولا متنجساً.

(3) ان لا يكون من الحرير الخالص ، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط ان يكون حريره أقل من خليطه ـ والأحوط وجوباً ـ ان لا يكون الكفن مُذهَّباً ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا من جلد الميتة وان كان طاهراً ، ولا بأس ان يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل لا بأس ان يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً ، وكل هذه الشروط ـ غير الاباحة ـ يختص بحال الإختيار ويسقط في حال الضرورة ، فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عارياً ، ولو انحصر في غيره من الانواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفن به ، فاذا انحصر في واحد منها تعين ، واذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأوّل ، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس ، وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهَّب والتكفين بأجزاء مالا يؤكل لحمه تخيّر بينهما ، وان كان الاحتياط بالجمع حسناً.

( مسألة 111 ) : الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه الا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

( مسألة 112 ) : يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت ، وينبغي ان تكونا من النخل ، فان لم يتيسر فمن السدر ، أو الرمان وان

٦٢

لم يتيسرا فمن الخلاف ( الصفصاف ) ، والأولى في كيفيته جعل احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والازار.

( الحنوط )

يجب تحنيط الميت المسلم وهو ( إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته ) ويكفي فيه وضع المسمى ، ويشترط فيه اباحته فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح ، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على ـ الأحوط وجوباً ـ والأفضل ان يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.

( مسألة 113 ) : ـ الأحوط الأولى ـ ان يكون الامساس بالكف وان يبتدأ من الجبهة ، ولا ترتيب في سائر الأعضاء ، ويجوز ان يباشر التحنيط الصبي المميز بل وغيره أيضاً.

( مسألة 114 ) : يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو الحج فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب ، نعم اذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.

( مسألة 115 ) : وجوب التحنيط كوجوب التغسيل ، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).

٦٣

( الصلاة على الميت )

تجب الصلاة على كل مسلم ميت وان كان فاسقاً ، ووجوبها كوجوب التغسيل ، وقد مر في المسألة (91).

( مسألة 116 ) : لا تجب الصلاة على اطفال المسلمين الا من عقل منهم الصلاة ، ومع الشك في ذلك فالعبرة ببلوغه ست سنين ، وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة اشكال ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاتيان بها الا رجاءً.

( مسألة 117 ) : تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز ، ويجزي عن البالغين.

( مسألة 118 ) : يجب تقديم الصلاة على الدفن ، الا انه إذا دفن قبل ان يصلى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز ان ينبش قبره للصلاة عليه ، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر ـ فالأحوط وجوباً ـ الاتيان بها رجاءً.

( كيفية صلاة الميت )

يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الأربع الأوّل ، وأما الثلاثة الباقية فيتخير فيها بين الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهادتين ، والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكبّر أولاً ويقول ( أشْهَدُ اَنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَأنَّ مُحمّداً رَسولُ الله ) ثم يكبر ثانياً ، ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثاً ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعاً ، ويدعو للميت ، ثم يكبّر خامساً

٦٤

وينصرف.

والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى : ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ).

وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد ، وارحم محمداً وآل محمّد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، انك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ).

وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع اللّهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شيء قدير ).

وبعد الرابعة : ( اللّهم ان هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلاّ خيراً وانت اعلم به منا ، اللّهم ان كان محسناً فزد في احسانه ، وان كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبّر ، وبها تتم الصلاة.

ولابُدّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميت ، وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمناً بالغاً ، وفي الصلاة على اطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة : اللّهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

( مسألة 119 ) : يعتبر في صلاة الميت أمور :

٦٥

(1) ان تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين ، والا بطلت ولابُدّ من اعادتها ، واذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلاً عنه ، وكذلك التكفين والتحنيط لم تسقط الصلاة عليه.

(2) النية بان يقصد بها القربة ، مع تعيين الميت على نحو يرفع الابهام.

(3) القيام مع القدرة عليه.

(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.

(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.

(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.

(7) أن يكون الميت أمام المصلي.

(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه ، ولا يضر الستر بمثل النعش أو ميت آخر.

(9) الموالاة بين التكبيرات والأذكار ، بان لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط الا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.

(11) أن لا يكون احدهما اعلى من الآخر علواً مفرطاً.

(12) أن يكون الميت مستور العورة ـ اذا تعذر الكفن ـ ولو بحجر أو لبنة.

٦٦

( دفن الميت )

يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر في المسألة (91) ، وكيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض ، فلا يجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يؤمّن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان تكون الحفيرة بنفسها على كيفية تمنع من انتشار رائحة الميت ووصول السباع إلى جسده ، ويجب ان يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجهاً وجهه الى القبلة.

( مسألة 120 ) : يجب دفن الجزء المبان من الميت ، وإن كان شعراً أو سناً أو ظفراً على ـ الأحوط وجوباً ـ نعم لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.

( مسألة 121 ) : من مات في السفينة ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك يغسّل ويكفن ويحنط ويُصلى عليه ثم يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام ، أو يشد برجله ما يثقله من حجر ، أو حديد ثم يلقى في البحر ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار الوجه الأوّل مع الإمكان ، وكذلك الحال في ميت خيف عليه من ان يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.

( مسألة 122 ) : لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة ، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار ، ولا يجوز

٦٧

دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

( مسألة 123 ) : يعتبر في موضع الدفن الاباحة ، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب ، أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما وان لم يكن مضراً بالوقف أو مزاحماً لجهته على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 124 ) : إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه ، إلاّ في بعض الموارد المذكورة في ( العروة الوثقى ) وتعليقتنا عليها.

( مسألة 125 ) : إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن ، أو حنوط مع التمكن منها وجب اخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط ان لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته ، والا ففيه اشكال.

( مسألة 126 ) : لا يجوز نبش قبر المسلم إلاّ في موارد خاصة تقدم بعضها ، ومنها ما لو اوصى الميت بنقله الى المشاهد المشرفة فدفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها ، فانه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر ، وأما لو اوصى بنبش قبره ونقله بعد مدة الى الأماكن المشرفة ففي صحة وصيته اشكال.

( مسألة 127 ) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً انه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلاً أو بعضاً ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم ، أو معظمها بشرط ان تكون من ضمنها عظام صدره ، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ ان وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالازار والقميص بل وبالمئزر أيضاً ان وجد بعض ما يجب ستره به.

واذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه انه بدنه بل بعض بدنه ،

٦٨

فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه ، وكذا التغسيل والتكفين بالازار والقميص وبالمئزر ان كان محله موجوداً ـ ولو بعضاً ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت اطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه ، بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه ، وان وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر انه لا يجب فيه أيضاً شيء مما تقدم عدا الدفن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

( صلاة ليلة الدفن )

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصّل احدكم ركعتين له ، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، فيقول بعد السلام : اللّهم صل على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ، ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية اخرى أيضاً.

( غسل مسِّ الميت )

يجب الغسل على من مسّ الميت بعد برده وقبل اتمام غسله ، ولا فرق بين ان يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها ، كما لا فرق في الممسوس والماس بين ان يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن

٦٩

والظفر ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر ، سواء كان ماساً أم ممسوساً ، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلماً ، فيجب في مسّ الميت الكافر أيضاً ، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد ، أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على ـ الأحوط وجوباً ـ فيهما.

( مسألة 128 ) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل ـ والأحوط استحباباً ـ ضم الوضوء اليه إذا كان محدثاً بالأصغر.

( مسألة 129 ) : لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميت أو الحي وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً وان كان الغسل ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة 130 ) : إذا يمّم الميت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

٧٠

( الأغسال المستحبة )

قد ذكر الفقهاء ( قدس الله اسرارهم ) كثيراً من الأغسال المستحبة ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها ، والثابت منها ما يلي :

(1) غسل الجمعة : وهو من المستحبات المؤكدة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب ، والأفضل الاتيان به قبل الزوال ـ والأحوط الأولى ـ ان يؤتى به فيما بين الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء ، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة ، وتستحب اعادته إذا وجد الماء فيه.

(2 ـ 7) غسل الليلة الأولى ، والليلة السابعة عشرة ، والتاسعة عشرة والحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ، والرابعة والعشرين ، من شهر رمضان المبارك.

(8 ـ 9) غسل يوم العيدين الفطر والأضحى ، ووقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر ، والأفضل ان يؤتى به قبل صلاة العيد.

(10 ـ 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام ، والأفضل في اليوم التاسع ان يؤتى به عند الزوال.

(12) غسل الاحرام.

(13) غسل دخول الحرم المكي.

(14) غسل دخول مكة.

(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.

(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.

(17) غسل النحر والذبح.

٧١

(18) غسل الحلق.

(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.

(20) غسل دخول المدينة المنورة.

(21) غسل دخول مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(22) الغسل لوداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(23) غسل المباهلة مع الخصم.

(24) غسل الاستخارة.

(25) غسل الاستسقاء.

(26) غسل من مسّ الميت بعد تغسيله.

والأظهر ان هذه الاغسال تجزي عن الوضوء ، وأما غيرها فيؤتى بها رجاءً ، ولابُدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها :

(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة الأخيرة.

(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريباً من الفجر.

(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.

(4) غسل يوم النيروز ( اول أيام الربيع ).

(5) غسل يوم النصف من شعبان.

(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.

(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومينعليهم‌السلام من قريب أو بعيد.

(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.

٧٢

( الجبائر )

الجبيرة هي : ( ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا حدث فيه كسر ، أو جرح ، أو قرح ) وفي ذلك صورتان :

(1) ان يكون شيء من ذلك في مواضع الغَسل كالوجه واليدين.

(2) ان يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين ، وعلى التقديرين فان لم يكن في غَسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله ومسح ما يجب مسحه ، واما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، ولم تكن في الموضع جبيرة بان كان مكشوفاً ، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح والقرح ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وان يمسح على نفس الموضع أيضاً إذا تمكن من ذلك ، وأما الكسر المكشوف من غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.

( الثانية ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ـ والأحوط وجوباً ـ ان يمسح على الجبيرة ولا يجزي غسل الجبيرة عن مسحها.

( الثالثة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح وكانت

٧٣

عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.

( الرابعة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح ولم تكن عليه جبيرة ، وفي هذه الصورة يتعين التيمم.

( مسألة 131 ) : يعتبر في الجبيرة أمران :

(1) طهارة ظاهرها ، فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح ان يمسح عليها فان امكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءاً منها وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل اطرافها ، وان لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها ، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف ، وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها الجبيرة الطاهرة ، أو طهّرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك لايجابه ضرراً على الجرح مسح على الجبيرة ، وإن كان لأمر آخر كالاضرار بالمقدار الصحيح وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ الجمع بين الوضوء والتيمم.

(2) إباحتها ، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 132 ) : يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور :

( الأوّل ) : ان يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح ، فإذا لم يتمكن من غسله أو مسحه لأمر آخر ، كنجاسته مع تعذر ازالتها ، أو لزوم الضرر من استعمال الماء أو لصوق شيء ـ كالقير ـ بالعضو ولم يتمكن من ازالته بغير حرج ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم ، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواءً يجري عليه حكم الجبيرة ، ولو كان اللاصق غيره وكان

٧٤

في مواضع التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.

( الثاني ) : ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف ، والا وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وان لم يتمكن من رفعه ، أو كان فيه حرج ، أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم ، أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب لم يسقط الوضوء فيمسح على الجبيرة.

( الثالث ) : ان يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم ، وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من اعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقاً ، كما إذا كان الجرح في اصبعه واتفق انه يتضرر بغسل الذراع ، فانه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضاً.

( مسألة 133 ) : إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ، كما إذا كان تمام الوجه أو احدى اليدين أو الرجلين مجبَّراً جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء ، أو معظمها ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

( مسألة 134 ) : إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح المتوضئ عليها بدلاً عن غسل العضو ، فاللازم ان يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة لا برطوبة خارجية ـ والأحوط الأولى ـ فيما إذا لم تكن مستوعبة لها ان يمسح بغير موضع الجبيرة.

٧٥

( مسألة 135 ) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت اجزأه وضوؤه سواء برئ في اثناء الوضوء ام بعده ، قبل الصلاة أو في اثنائها أو بعدها ، ولاتجب عليه اعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية في الموارد التي كان تكليفه فيها الوضوء جبيرة واما في الموارد التي جمع فيها بين الجبيرة والتيمم فلابُدّ من اعادة الوضوء للاعمال الآتية ، وهكذا الحكم فيما لو برئ في سعة الوقت بعد اتمام الوضوء ، وأما إذا برئ في اثنائه فلابُدّ من استيناف الوضوء ، أو العود إلى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها ان لم تفت الموالاة.

( مسألة 136 ) : إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه ، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين انه كان مضراً وكانت وظيفته الجبيرة ـ فالأحوط وجوباً ـ الإعادة ، وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم الضرر وان وظيفته غسل البشرة ، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاده ان فيه قرحاً أو جرحاً أو كسراً فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر بطلان وضوئه.

( مسألة 137 ) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال ـ غير غسل الميت ـ كما كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة ، فان المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، واذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفاً فله الاجتزاء بغسل اطرافه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يضع خرقة على موضع القرح ، أو الجرح ويمسح عليها ، وأما إذا كان المانع كسراً فان كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان مكشوفاً ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

٧٦

( التيمم )

يصح التيمم بدلاً عن الغسل ، أو الوضوء في سبعة مواضع :

( الأوّل ) : ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه ، ويجب الفحص عنه على الحاضر إلى حين حصول اليأس منه ، وكذلك السعي اليه ما لم يكن بعيداً عنه بحيث يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ولا يسوغ للمسافر ان يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لابُدّ له من احراز عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى ان يحصل له الاطمينان بالعدم ، فلو احتمل وجود الماء في رحله ، أو في القافلة ، أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه ، ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق ، ـ والأحوط وجوباً ـ الفحص في المساحة التي حوله على نحو الدائرة غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، ولا يجب الفحص أكثر من ذلك الا اذا اطمأن بوجوده خارج الحد المذكور بحيث لا يبعد عنه بمقدار يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ويسقط وجوب الفحص عند تضيق الوقت بمقدار ما يتضيق منه وكذا إذا خاف على نفسه ، أو ماله المعتد به من لصّ ونحوه ، أو كان في الفحص حرج لا يتحمل عادة.

( مسألة 138 ) : إذا تيمم من غير فحص ـ فيما يلزم فيه الفحص ـ ثم

٧٧

صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية لم يصح تيممه وصلاته وان تبين عدم الماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 139 ) : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما إذا كان مغصوباً لم يجب الوضوء ووجب التيمم ، والماء الموجود حينئذٍ بحكم المعدوم.

( الثاني ) : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكويناً لكبر ونحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه ، أو عرضه ، أو ماله المعتد به من سبع ، أو عدو أو لص ، أو ضياع أو غير ذلك ، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة ـ حيث يحرم استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث على الأحوط كما تقدم في المسألة (30) ـ فان امكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالاً في العرف وجب الوضوء ، وإلاّ ففي سقوط الوضوء ووجوب التيمم اشكال.

( الثالث ) : كون استعمال الماء مضراً به ، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته ، وانما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة والا وجبت ، وقد مر تفصيل ذلك.

( الرابع ) : خوف العطش على نفسه ، أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انساناً كان أو حيواناً ، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً ، أو يقع في الحرج بهلاكه عطشاً اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.

( الخامس ) : استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سواء كان في تحصيل الماء ، كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذلّه

٧٨

وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بحاله ـ والا وجب الشراء وان كان باضعاف قيمته ـ أم في نفس استعماله لشدة برودته ، أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أم فيما يلازم استعماله كما لو كان قليلاً لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع فرض حاجته اليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.

( السادس ) : ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.

( السابع ) : ان يكون مكلفاً بواجب أهم أو مساوٍ يستدعي صرف الماء الموجود فيه كازالة الخبث عن المسجد فانه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معاً فانه يتعين صرفه في ازالة الخبث وان كان الأولى فيه ان يصرف الماء في ازالة الخبث أولاً ، ثم يتيمم بعد ذلك.

( ما يصح به التيمم )

يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الارض من تراب أو رمل ، أو حجر أو مدر ، ومن ذلك ارض الجص والنورة وهكذا الجص المطبوخ ، والآجر والخزف ، ـ والأحوط الأولى ـ تقديم التراب على غيره مع الإمكان ، ويجوز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بان كان له جرم بنظر العرف وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم غيره عليه ، واذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ازالة شيء منه الا ما يتوقف على ازالته صدق المسح باليد ، واذا تعذر التيمم بالوحل أيضاً تعين التيمم بالشيء المغبر ـ أي ما يكون الغبار كامناً فيه ـ أو لا يكون له جرم بحيث يصدق

٧٩

عليه التراب الدقيق ـ كما تقدم ـ واذا عجز عنه أيضاً كان فاقداً للطهور وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويلزمه القضاء خارجه.

( مسألة 140 ) : إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه النوبة ، إلى التيمم بالطين أو الشيء المغبر ، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وان كان الأولى ان يتيمم باليابسة مع التمكن.

( مسألة 141 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ اعتبار علوق شيء مما يُتيمم به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الاملس الذي لا غبار عليه.

( مسألة 142 ) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وان كان اصله منها كالنباتات ، وبعض المعادن كالذهب والفضة ، ورماد غير الأرض ونحوها ، واذا اشتبه ما يصح به التيمم بشيء من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه الامتثال.

( كيفية التيمم وشرائطه )

( مسألة 143 ) : يجب في التيمم أمور :

(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ، ويكفي وضعهما عليها أيضاً ، ـ والأحوط وجوباً ـ ان يفعل ذلك دفعة واحدة.

(2) مسح الجبهة ، وكذا الجبينين ـ على الأحوط وجوباً ـ باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والى الحاجبين ـ والأحوط الأولى ـ مسحهما أيضاً.

(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى اطراف الاصابع ، والمسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى ـ والأحوط وجوباً ـ رعاية الترتيب بين مسح اليمنى واليسرى.

ويجتزئ في التيمم سواء كان بدلاً عن الوضوء ، أم الغسل بضرب

 

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

التنزّل أي أكثر المتنزّلين منهم كاذبون أي أكثر أخبارهم كاذبة.

و محصّل حجة الآيات الثلاث أنّ الشياطين لابتناء جبلّتهم على الشرّ لا يتنزّلون إلّا على كلّ كذّاب فاجر و أكثرهم كاذبون في أخبارهم، و النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بأفّاك أثيم و لا ما يوحى إليه من الكلام كذباً مختلقاً فليس ممّن تتنزّل عليه الشياطين و لا الّذي يتنزّل عليه شيطاناً، و لا القرآن النازل عليه من إلقاء الشياطين.

قوله تعالى: ( وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ - إلى قوله -لا يَفْعَلُونَ ) جواب عن رمي المشركين للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه شاعر، نبّه عليه بعد الجواب عن قولهم إنّ له شيطاناً يوحي إليه القرآن.

و هذان أعني قولهم إنّ من الجنّ من يأتيه، و قولهم إنّه شاعر، ممّا كانوا يكرّرونه في ألسنتهم بمكّة قبل الهجرة يدفعون به الدعوة الحقّة، و هذا ممّا يؤيّد نزول هذه الآيات بمكّة خلافاً لما قيل إنّها نزلت بالمدينة.

على أنّ الآيات مشتملة على ختام السورة أعني قوله:( وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) و لا معنى لبقاء سورة هي من أقدم السور المكّيّة سنين على نعت النقص ثمّ تمامها بالمدينة، و لا دلالة في الاستثناء على أنّ المستثنين هم شعراء المؤمنين بعد الهجرة.

و كيف كان فالغيّ خلاف الرشد الّذي هو إصابة الواقع فالرشيد هو الّذي لا يهتمّ إلّا بما هو حقّ واقع و الغويّ هو السالك سبيل الباطل و المخطئ طريق الحقّ، و الغواية ممّا يختصّ به صناعة الشعر المبنيّة على التخييل و تصوير غير الواقع في صورة الواقع و لذلك لا يهتمّ به إلّا الغويّ المشعوف بالتزيينات الخياليّة و التصويرات الوهميّة الملهية عن الحقّ الصارفة عن الرشد، و لا يتّبع الشعراء الّذين يبتني صناعتهم على الغيّ و الغواية إلّا الغاوون و ذلك قوله تعالى:( وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) .

و قوله:( أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ) يقال: هام يهيم هيمانا إذا ذهب على وجهه و المراد بهيمانهم في كلّ واد استرسالهم في القول

٣٦١

من غير أن يقفوا على حدّ فربّما مدحوا الباطل المذموم كما يمدح الحقّ المحمود و ربّما هجوا الجميل كما يهجى القبيح الدميم و ربّما دعوا إلى الباطل و صرفوا عن الحقّ و في ذلك انحراف عن سبيل الفطرة الإنسانيّة المبنيّة على الرشد الداعية إلى الحقّ، و كذا قولهم ما لا يفعلون من العدول عن صراط الفطرة.

و ملخّص حجّة الآيات الثلاث أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بشاعر لأنّ الشعراء يتّبعهم الغاوون لابتناء صناعتهم على الغواية و خلاف الرشد لكنّ الّذين يتّبعونه إنّما يتّبعونه ابتغاء للرشد و إصابة الواقع و طلباً للحقّ لابتناء ما عنده من الكلام المشتمل على الدعوة على الحقّ و الرشد دون الباطل و الغيّ.

قوله تعالى: ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً ) إلخ، استثناء من الشعراء المذمومين، و المستثنون هم شعراء المؤمنين فإنّ الإيمان و صالحات الأعمال تردع الإنسان بالطبع عن ترك الحقّ و اتّباع الباطل ثمّ الذكر الكثير لله سبحانه يجعل الإنسان على ذكر منه تعالى مقبلاً إلى الحقّ الّذي يرتضيه مدبّراً عن الباطل الّذي لا يحبّ الاشتغال به فلا يعرض لهؤلاء ما كان يعرض لاُولئك.

و بهذا البيان يظهر وجه تقييد المستثنى بالإيمان و عمل الصالحات ثمّ عطف قوله:( وَ ذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً ) على ذلك.

و قوله:( وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ) الانتصار الانتقام، قيل: المراد به ردّ الشعراء من المؤمنين على المشركين أشعارهم الّتي هجوا بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو طعنوا فيها في الدين و قدحوا في الإسلام و المسلمين، و هو حسن يؤيّده المقام.

و قوله:( وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) المنقلب اسم مكان أو مصدر ميميّ، و المعنى:( وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) - و هم المشركون على ما يعطيه السياق - إلى أيّ مرجع و منصرف يرجعون و ينصرفون و هو النار أو ينقلبون أيّ انقلاب.

و فيه تهديد للمشركين و رجوع مختتم السورة إلى مفتتحها و قد وقع في أوّلها قوله:( فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) .

٣٦٢

( بحث روائي)

في الكافي، بإسناده عن الحجّال عمّن ذكره عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) قال: يبيّن الألسن و لا تبينه الألسن.

و في تفسير القمّيّ في قوله تعالى:( وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى‏ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ) إلخ، قال الصادقعليه‌السلام : لو نزّلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب و قد نزّل على العرب فآمنت به العجم فهذه فضيلة العجم.

و في الكافي، بإسناده عن عليّ بن عيسى القمّاط عن عمّه عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اُرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه بني اُميّة يصعدون على منبره من بعده و يضلّون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيباً حزيناً.

قال: فهبط جبرائيل فقال: يا رسول الله ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: يا جبرئيل إنّي رأيت بني اُميّة في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلّون الناس عن الصراط القهقرى، فقال: و الّذي بعثك بالحقّ نبيّاً إنّي ما اطّلعت عليه فعرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها. قال:( أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ ) و أنزل عليه:( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) جعل الله ليلة القدر لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيراً من ألف شهر ملك بني اُميّة.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال: رؤي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأنّه متحيّر فسألوه عن ذلك فقال: و لم و رأيت عدوّي يلون أمر اُمّتي من بعدي فنزلت:( أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ ) فطابت نفسه.

أقول: و قوله: و لم و رأيت إلخ، فيه حذف و التقدير و لم لا أكون كذلك و قد رأيت إلخ.

٣٦٣

و فيه، أخرج أحمد و عبد بن حميد و البخاريّ و مسلم و الترمذيّ و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقيّ في شعب الإيمان و في الدلائل عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية:( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قريشاً و عمّ و خصّ فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّاً و لا نفعاً. يا معشر بني كعب بن لؤيّ أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّاً و لا نفعاً. يا معشر بني قصيّ أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّاً و لا نفعاً. يا معشر بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّاً و لا نفعاً. يا بني عبدالمطّلب أنقذوا أنفسكم من النار فإنّي لا أملك لكم ضرّاً و لا نفعاً. يا فاطمة بنت محمّد أنقذي نفسك من النار فإنّي لا أملك لك ضرّاً و لا نفعاً. ألا إنّ لكم رحماً و سأبلّها ببلالها.

و فيه، أخرج عبد بن حميد و ابن مردويه عن ابن عبّاس قال: لما نزلت( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) جعل يدعوهم قبائل قبائل.

و فيه، أخرج سعيد بن منصور و البخاريّ و ابن مردويه و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس قال: لما نزلت( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) و رهطك منهم المخلصين خرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى صعد على الصفا فنادى يا صباحاه فقالوا: من هذا الّذي يهتف؟ قالوا: محمّد، فاجتمعوا إليه فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو؟

فجاء أبولهب و قريش فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أ رأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أ كنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلّا صدقاً. قال: فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبولهب: تبّا لك سائر اليوم أ لهذا جمعتنا؟ فنزلت:( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ ) .

و فيه، أخرج الطبرانيّ و ابن مردويه عن أبي أمامة قال: لما نزلت( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) جمع رسول الله بني هاشم فأجلسهم على الباب و جمع نساءه و أهله فأجلسهم في البيت ثمّ اطّلع عليهم فقال: يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار

٣٦٤

و اسعوا في فكاك رقابكم و افتكوها بأنفسكم من الله فإنّي لا أملك لكم من الله شيئاً.

ثمّ أقبل على أهل بيته فقال: يا عائشة بنت أبي بكر و يا حفصة بنت عمر و يا اُمّ سلمة و يا فاطمة بنت محمّد و يا اُمّ الزبير عمّة رسول الله اشتروا(١) أنفسكم من الله و اسعوا في فكاك رقابكم فإنّي لا أملك لكم من الله شيئاً و لا اُغني‏، الحديث.

أقول: و في معنى هذه الروايات بعض روايات اُخر و في بعضها أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصّ بني عبد مناف بالإنذار فيشمل بني اُميّة و بني هاشم جميعاً.

و الروايات الثلاث الاُول لا تنطبق عليها الآية فإنّها تعمّم الإنذار قريشاً عامّة و الآية تصرّح بالعشيرة الأقربين و هم إمّا بنو عبدالمطّلب أو بنوهاشم و أبعد ما يكون من الآية الرواية الثانية حيث تقول: جعل يدعوهم قبائل قبائل.

على أنّ ما تقدّم من معنى الآية و هو نفي أن تكون قرابة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تغنيهم من تقوى الله و في الروايات إشارة إلى ذلك - حيث تقول: لا اُغني عنكم من الله‏ شيئاً - لا يناسب عمومه لغير الخاصّة من قرابتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و أمّا الرواية الرابعة فقوله تعالى:( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) آية مكّيّة في سورة مكّيّة و لم يقل أحد بنزول الآية بالمدينة و أين كانت يوم نزولها عائشة و حفصة و اُمّ سلمة و لم يتزوّج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهنّ إلّا في المدينة؟ فالمعتمد من الروايات ما يدلّ على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خصّ بالإنذار يوم نزول الآية بني هاشم أو بني عبدالمطّلب، و من عجيب الكلام قول الآلوسيّ بعد نقل الروايات: و إذا صحّ الكلّ فطريق الجمع أن يقال بتعدّد الإنذار.

و في المجمع، عن تفسير الثعلبيّ بإسناده عن براء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني عبدالمطّلب و هم يومئذ أربعون رجلاً الرجل منهم يأكل المسنة و يشرب العسّ فأمر عليّاً برجل شاة فأدمها ثمّ قال: ادنوا بسم الله فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتّى صدروا. ثمّ دعا بعقب من لبن فجرع منه

____________________

(١) كذا.

٣٦٥

جرعاً ثمّ قال لهم: اشربوا بسم الله فشربوا حتّى رووا فبدرهم أبولهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل فسكتصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ و لم يتكلّم.

ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام و الشراب ثمّ أنذرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بني عبدالمطّلب إنّي أنا النذير إليكم من الله عزّوجلّ فأسلموا و أطيعوني تهتدوا.

ثمّ قال: من يواخيني و يوازرني و يكون وليّي و وصيّي بعدي و خليفتي في أهلي و يقضي ديني؟ فسكت القوم فأعادها ثلاثاً كلّ ذلك يسكت القوم و يقول عليّ أنا فقال في المرّة الثالثة: أنت فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد اُمّر عليك.

قال الطبرسيّ: و روي عن أبي رافع هذه القصّة و أنّه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتّى تضلّعوا و سقاهم عسّا فشربوا كلّهم حتّى رووا. ثمّ قال: إنّ الله أمرني أن اُنذر عشيرتي و رهطي، و إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلّا جعل له من أهله أخاً و وزيراً و وارثاً و وصيّاً و خليفة في أهله فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي و وارثي و وزيري و وصيّي و يكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ فقال عليّ: أنا فقال: ادن منّي ففتح فاه و مجّ في فيه من ريقه و تفل بين كتفيه و ثدييه فقال أبولهب: بئس ما حبوت به ابن عمّك أن أجابك فملأت فاه و وجهه بزاقاً فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملأته حكمة و علماً.

أقول: و روى السيوطيّ في الدرّ المنثور، ما في معنى حديث البراء عن ابن إسحاق و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبي نعيم و البيهقيّ في الدلائل من طرق عن عليّ رضي الله عنه و فيه: ثمّ تكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بني عبدالمطّلب إنّي و الله ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به إنّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة و قد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيّكم يوازرني على أمري هذا؟ فقلت و أنا أحدثهم سنّا: إنّه أنا، فقام القوم يضحكون.

و في علل الشرائع، بإسناده عن عبدالله بن الحارث بن نوفل عن عليّ بن

٣٦٦

أبي طالبعليه‌السلام قال: لما نزلت( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أي رهطك المخلصين دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني عبدالمطّلب و هم إذ ذاك أربعون رجلاً يزيدون رجلاً و ينقصون رجلاً فقال: أيّكم يكون أخي و وارثي و وزيري و وصيّي و خليفتي فيكم بعدي، فعرض عليهم ذلك رجلاً رجلاً كلّهم يأبى ذلك حتّى أتى عليّ فقلت: أنا يا رسول الله.

فقال: يا بني عبدالمطّلب هذا وارثي و وزيري و خليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع و تطيع لهذا الغلام.

أقول: و من الممكن أن يستفاد من قولهعليه‌السلام : أي رهطك المخلصين أنّ ما نسب إلى قراءة أهل البيت( وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ رهطك منهم المخلصين) و نسب أيضاً إلى قرآن اُبيّ بن كعب كان من قبيل التفسير.

و في المجمع: في قوله تعالى:( وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) قيل: معناه و تقلّبك في الساجدين الموحّدين من نبيّ إلى نبيّ حتّى أخرجك نبيّاً: عن ابن عبّاس في رواية عطاء و عكرمة و هو المرويّ عن أبي جعفر و أبي عبداللهعليهما‌السلام قالا: أصلاب النبيّين نبيّ بعد نبيّ حتّى أخرجه من صلب أبيه عن نكاح غير سفاح من لدن آدم.

أقول: و رواه غيره من رواة الشيعة، و رواه في الدرّ المنثور، عن ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبي نعيم و غيرهم عن ابن عبّاس و غيرهم.

و في المجمع، روى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ترفعوا قبلي و لا تضعوا قبلي فإنّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ثمّ تلا هذه الآية.

أقول: يريدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضع الجبهة على الأرض و رفعها في السجدة و رواه في الدرّ المنثور، عن ابن عبّاس و غيره.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و أحمد عن أبي سعيد قال: بينما نحن نسير مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لأن يمتلئ جوف أحدكم

٣٦٧

قيحا خير له من أن يمتلئ شعراً.

أقول: و هو مرويّ من طرق الشيعة أيضاً عن الصادقعليه‌السلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و في تفسير القمّيّ، قال: يعظون الناس و لا يتعظّون و ينهون عن المنكر و لا ينتهون و يأمرون بالمعروف و لا يعملون و هم الّذين قال الله فيهم:( أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ) أي في كلّ مذهب يذهبون( وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ) و هم الّذين غصبوا آل محمّد حقّهم.

و في اعتقادات الصدوق: سئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ:( وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) قال: هم القصّاص.

أقول: هم من المصاديق و المعنى الجامع ما تقدّم في ذيل الآية.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ من الشعر حكماً و إنّ من البيان سحراً.

أقول: و روى الجملة الاُولى أيضاً عنه عن بريدة و ابن عبّاس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أيضاً عن ابن مردويه عن أبي هريرة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و لفظه: إنّ من الشعر حكمة، و الممدوح من الشعر ما فيه نصرة الحقّ و لا تشمله الآية.

و في المجمع، عن الزهريّ قال: حدّثني عبدالرحمن بن كعب بن مالك: أنّ كعب بن مالك قال: يا رسول الله ما ذا تقول في الشعراء؟ قال: إنّ المؤمن مجاهد بسيفه و لسانه و الّذي نفسي بيده لكأنّما تنضخونهم بالنبل.

قال الطبرسيّ: و قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحسّان بن ثابت: اهجهم أو هاجهم و روح القدس معك: رواه البخاريّ و مسلم في الصحيحين.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و عبد بن حميد و أبوداود في ناسخه و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن أبي الحسن سالم البرّاد قال: لما نزلت( وَ الشُّعَراءُ ) الآية جاء عبدالله بن رواحة و كعب بن مالك و حسّان بن ثابت و هم يبكون فقالوا: يا رسول الله لقد أنزل الله هذه الآية و هو يعلم أنّا شعراء

٣٦٨

أهلكنا؟ فأنزل الله( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) فدعاهم رسول الله فتلاها عليهم.

أقول: هذه الرواية و ما في معناها هي الّتي دعا بعضهم إلى القول بكون الآيات الخمس من آخر السورة مدنيّات و قد عرفت الكلام في ذلك عند تفسير الآيات.

و في الكافي، بإسناده عن أبي عبيدة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: من أشدّ ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيراً. ثمّ قال: لا أعني سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلّا الله و الله أكبر، و إن كان منه و لكن ذكر الله عند ما أحلّ و حرّم فإن كان طاعة عمل بها و إن كان معصية تركها.

أقول: فيه تأييد لما تقدّم في تفسير الآية.

٣٦٩

( سورة النمل مكّيّة و هي ثلاث و تسعون آية)

( سورة النمل الآيات ١ - ٦)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طس  تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ( ١ ) هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ( ٢ ) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ( ٣ ) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ( ٤ ) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ( ٥ ) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ( ٦ )

( بيان)

غرض السورة - على ما تدلّ عليه آيات صدرها و الآيات الخمس الخاتمة لها - التبشير و الإنذار و قد استشهد لذلك بطرف من قصص موسى و داود و سليمان و صالح و لوطعليهم‌السلام ثمّ عقّبها ببيان نبذة من اُصول المعارف كوحدانيّته تعالى في الربوبيّة و المعاد و غير ذلك.

قوله تعالى: ( تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ ) الإشارة بتلك - كما مرّ في أوّل سورة الشعراء - إلى آيات السورة ممّا ستنزّل بعد و ما نزلت قبل، و التعبير باللفظ الخاصّ بالبعيد للدلالة على رفعة قدرها و بعد منالها.

و القرآن اسم للكتاب باعتبار كونه مقروّا، و المبين من الإبانة بمعنى الإظهار، و تنكير( الْقُرْآنِ ) للتفخيم أي تلك الآيات الرفيعة القدر الّتي ننزّلها آيات الكتاب و آيات كتاب مقروّ عظيم الشأن مبين لمقاصده من غير إبهام و لا تعقيد.

٣٧٠

قال في مجمع البيان: وصفه بالصفتين يعني الكتاب و القرآن ليفيد أنّه ممّا يظهر بالقراءة و يظهر بالكتابة و هو بمنزلة الناطق بما فيه من الأمرين جميعاً، و وصفه بأنّه مبين تشبيه له بالناطق بكذا. انتهى.

قوله تعالى: ( هُدىً وَ بُشْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ ) المصدران أعني( هُدىً وَ بُشْرى) بمعنى اسم الفاعل أو المراد بهما المعنى المصدريّ للمبالغة.

قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) إلخ، المراد إتيان الأعمال الصالحة و إنّما اقتصر على الصلاة و الزكاة لكون كلّ منها ركناً في بابه فالصلاة فيما يرجع إلى الله تعالى و الزكاة فيما يرجع إلى الناس و بنظر آخر الصلاة في الأعمال البدنيّة و الزكاة في الأعمال الماليّة.

و قوله:( وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) وصف آخر للمؤمنين معطوف على ما قبله جي‏ء به للإشارة إلى أنّ هذه الأعمال الصالحة إنّما تقع موقعها و تصيب غرضها مع الإيقان بالآخرة فإنّ العمل يحبط مع تكذيب الآخرة، قال تعالى:( وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ) الأعراف: ١٤٧.

و تكرار الضمير في قوله:( وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ ) إلخ للدلالة على أنّ هذا الإيقان من شأنهم و هم أهله المترقّب منهم ذلك.

قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ) العمه التحيّر في الأمر و معنى تزيين العمل جعله بحيث ينجذب إليه الإنسان و الّذين لا يؤمنون بالآخرة لما أنكروها و هي غاية مسيرهم بقوا في الدنيا و هي سبيل لا غاية فتعلّقوا بأعمالهم فيها و كانوا متحيّرين في الطريق لا غاية لهم يقصدونها.

قوله تعالى: ( أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ ) إلخ إيعاد بمطلق العذاب من دنيويّ و اُخرويّ بدليل ما في قوله:( وَ هُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ) و لعلّ وجه كونهم أخسر الناس أنّ سائر العصاة لهم صحائف أعمال مثبتة فيها سيّئاتهم و حسناتهم يجازون بها و أمّا هؤلاء فسيّئاتهم محفوظة عليهم يجازون بها و حسناتهم حابطة.

٣٧١

قوله تعالى: ( وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ) التلقية قريبة المعنى من التلقين، و تنكير( حَكِيمٍ عَلِيمٍ ) للتعظيم، و التصريح بكون هذا القرآن من عنده تعالى ليكون ذلك حجّة على الرسالة و تأييداً لما تقدّم من المعارف و لصحّة ما سيذكره من قصص الأنبياءعليهم‌السلام .

و تخصيص الاسمين الكريمين للدلالة على نزوله من ينبوع الحكمة فلا ينقضه ناقض و لا يوهنه موهن، و منبع العلم فلا يكذب في خبره و لا يخطئ في قضائه.

٣٧٢

( سورة النمل الآيات ٧ - ١٤)

إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ( ٧ ) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( ٨ ) يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( ٩ ) وَأَلْقِ عَصَاكَ  فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ  يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ( ١٠ ) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ١١ ) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ  فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ  إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ( ١٢ ) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ( ١٣ ) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ( ١٤ )

( بيان)

أوّل القصص الخمس الّتي اُشير إليها في السورة استشهاداً لما في صدرها من التبشير و الإنذار و الوعد و الوعيد و تغلب في الثلاث الاُول منها و هي قصص موسى و داود و سليمان جهة الوعد على الوعيد و في الأخيرتين بالعكس.

قوله تعالى: ( إِذْ قالَ مُوسى‏ لِأَهْلِهِ ) إلخ المراد بأهله امرأته و هي بنت شعيب على ما ذكره الله تعالى في سورة القصص قال في المجمع: إنّ خطابها بقوله:( آتِيكُمْ ) بصيغة الجمع لإقامتها مقام الجماعة في الاُنس بها في الأمكنة الموحشة. انتهى و من المحتمل أنّه كان معها غيرها من خادم أو مكار أو غيرهما.

٣٧٣

و في المجمع: الإيناس الإبصار، و قيل: آنست أي أحسست بالشي‏ء من جهة يؤنس بها و ما آنست به فقد أحسست به مع سكون نفسك إليه. انتهى و الشهاب على ما في المجمع:، نور كالعمود من النّار و كلّ نور يمتدّ كالعمود يسمّى شهاباً و المراد الشعلة من النار، و في المفردات:، الشهاب الشعلة الساطعة من النار الموقدة و من العارض في الجوّ و في المفردات، أيضاً: القبس المتناول من الشعلة، و الاصطلاء بالنار الاستدفاء بها.

و سياق الآية يشهد و يؤيّده ما وقع من القصّة في سور اُخرى أنّه كان حين ذاك يسير بأهله و قد ضلّ الطريق و أصابه و أهله البرد في ليلة داجية فأبصر ناراً من بعيد فأراد أن يذهب إليها فإن وجد عندها إنساناً استخبره أو يأخذ قبساً يأتي به إلى أهله فيوقدوا ناراً يصطلون بها. فقال لأهله امكثوا إنّي أحسست و أبصرت ناراً فالزموا مكانكم سآتيكم منها أي من عندها بخبر نهتدي به أو آتيكم بشعلة متناولة من النار لعلكم توقدون بها ناراً تصطلون و تستدفؤن بها.

و يظهر من السياق أيضاً أنّ النار إنّما ظهرت لهعليه‌السلام و لم يشاهدها غيره و إلّا عبّر عنها بالإشارة دون التنكير.

و لعلّ اختلاف الإتيان بالخبر و الإتيان بالنار نوعاً هو الموجب لتكرار لفظ الإتيان حيث قال:( سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ ) .

قوله تعالى: ( فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) أي فلمّا أتى النار و حضر عندها نودي أن بورك إلخ.

و المراد بالمباركة إعطاء الخير الكثير يقال: باركه و بارك عليه و بارك فيه أي ألبسه الخير الكثير و حباه به، و قد وقع في سورة طه في هذا الموضع من القصّة قوله:( فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً وَ أَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) طه: ١٣. و يستأنس منه أنّ المراد بمن حول النار موسى أو هو ممّن حول النار، و مباركته اختياره بعد تقديسه.

٣٧٤

و أمّا المراد بمن في النار فقد قيل: إنّ معناه من ظهر سلطانه و قدرته في النار فإنّ التكليم كان من الشجرة - على ما في سورة القصص - و قد أحاطت بها النار، و على هذا فالمعنى: تبارك من تجلّى لك بكلامه من النار و بارك فيك، و يكون قوله:( وَ سُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) تنزيها له سبحانه من أن يكون جسماً أو جسمانيّاً يحيط به المكان أو يجاوره الحدثان لا لتعجيب موسى كما قيل.

و قيل: المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أنّ المراد بمن حولها موسىعليه‌السلام .

و قيل: المراد به موسىعليه‌السلام و بمن حولها الملائكة.

و قيل: في الكلام تقدير و الأصل بورك من في المكان الّذي فيه النار - و هو البقعة المباركة الّتي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص - و من فيها هو موسى و حولها هي الأرض المقدّسة الّتي هي الشامات، و من حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم و بني إسرائيل.

و قيل: المراد بمن في النار نور الله تعالى و بمن حولها موسى.

و قيل: المراد بمن في النار الشجرة فإنّها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبّحون.

و أكثر هذه الوجوه لا يخلو من تحكّم ظاهر.

قوله تعالى: ( يا مُوسى‏ إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) تعرف منه تعالى لموسىعليه‌السلام ليعلم أنّ الّذي يشافهه بالكلام ربّه تعالى فهذه الآية في هذه السورة تحاذي قوله من سورة طه( نُودِيَ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ ) إلخ، فارجع إلى سورة طه و تدبّر في الآيات.

قوله تعالى: ( وَ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ ) إلخ، الاهتزاز التحرّك الشديد، و الجانّ الحيّة الصغيرة السريعة الحركة، و الإدبار خلاف الإقبال، و التعقيب الكرّ بعد الفرّ من عقّب المقاتل إذا كرّ بعد فراره.

٣٧٥

و في الآية حذف و إيجاز تفصح عنه الفاء الفصيحة في قوله:( فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ ) و التقدير و ألق عصاك فلمّا ألقاها إذا هي ثعبان مبين يهتزّ كأنّه جانّ و لما رآها تهتزّ إلخ.

و لا منافاة بين صيرورة العصا ثعباناً مبيناً كما وقع في قصّتهعليه‌السلام من سورتي الأعراف و الشعراء - و الثعبان الحيّة العظيمة الجثّة و بين تشبيهها في هذه السورة بالجانّ فإنّ التشبيه إنّما وقع في الاهتزاز و سرعة الحركة و الاضطراب حيث شاهد العصا و قد تبدّلت ثعباناً عظيم الجثّة هائل المنظر يهتزّ و يتحرّك بسرعة اهتزاز الجانّ و تحرّكه بسرعة و ليس تشبيها لنفس العصا أو الثعبان بنفس الجانّ.

و قيل: إنّ آية العصا كانت مختلفة الظهور فقد ظهرت العصا لأوّل مرّة في صورة الجانّ كما وقع في سورة طه:( فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى‏ ) آية: ٢٠ من السورة ثمّ ظهرت لما ألقاها عند فرعون في صورة ثعبان مبين كما في سورتي الأعراف و الشعراء.

و فيه أنّ هذا الوجه و إن كان لا يخلو بالنظر إلى سياق الآيات عن وجاهة لكنّه لا يندفع به إشكال تشبيه الشي‏ء بنفسه أو عدم تبدّلها حيّة فالمعوّل في دفع الإشكال على ما تقدّم.

قوله تعالى: ( يا مُوسى‏ لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) حكاية نفس الخطاب الصادر هناك و هو في معنى قال الله يا موسى لا تخف إلخ.

و قوله:( لا تَخَفْ ) نهي مطلق يؤمنه عن كلّ ما يسوء ممّا يخاف منه ما دام في حضرة القرب و المشافهة سواء كان المخوف منه عصا أو غيرها و لذا علّل النهي بقوله:( إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) فإنّ تقييد النفي بقوله:( لَدَيَّ ) يفيد أنّ مقام القرب و الحضور يلازم الأمن و لا يجامع مكروهاً يخاف منه، و يؤيّده تبديل هذه الجملة في القصّة من سورة القصص من قوله:( إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) فيتحصّل المعنى: لا تخف من شي‏ء إنّك مرسل و المرسلون - و هم لديّ في مقام القرب - في مقام الأمن و لا خوف مع الأمن.

٣٧٦

و أمّا فرار موسىعليه‌السلام من العصا و قد تصوّرت بتلك الصورة الهائلة و هي تهتزّ كأنّها جانّ فقد كان جرياً منه على ما جبل الله الطبيعة الإنسانيّة عليه إذا فاجأه من المخاطر ما لا سبيل له إلى دفعه عن نفسه إلّا الفرار و قد كان أعزل لا سلاح معه إلّا عصاه و هي الّتي يخافها على نفسه و لم يرد عليه من جانبه تعالى أمر سابق أن يلزم مكانه أو نهي عن الفرار ممّا يخافه على نفسه إلّا قوله تعالى:( وَ أَلْقِ عَصاكَ ) و قد امتثله، و ليس الفرار من المخاطر العظيمة الّتي لا دافع لها إلّا الفرار، من الجبن المذموم حتّى يذمّ عليه.

و أمّا أنّ الأنبياء و المرسلين لا يخافون شيئاً و هم عند ربّهم - على ما يدلّ عليه قوله:( إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) - فهم لا يملكون هذه الكرامة من عند أنفسهم بل إنّما ذلك بتعليم من الله و تأديب و إذ كان موقف ليلة الطور أوّل موقف من موسى قرّبه الله إليه فيه و خصّه بالتكليم و حباه بالرسالة و الكرامة فقوله:( لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) و قوله:( لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) تعليم و تأديب إلهيّ لهعليه‌السلام .

فتبيّن بذلك أنّ قوله:( لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) تأديب و تربية إلهيّة لموسىعليه‌السلام و ليس من التوبيخ و التأنيب في شي‏ء.

قوله تعالى: ( إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الّذي ينبغي أن يقال - و الله أعلم - أنّ الآية السابقة لما أخبرت عن أنّ المرسلين آمنون لا يخافون فهم منه أنّ غيرهم من أهل الظلم غير آمنين لهم أن يخافوا استدرك في هذه الآية حال أهل التوبة من جملة أهل الظلم فبيّن أنّهم لتوبتهم و تبديلهم ظلمهم - و هو السوء - حسناً بعد سوء مغفور لهم مرحومون فلا يخافون أيضاً.

فالاستثناء من المرسلين و هو استثناء منقطع و المراد بالظلم مطلق المعصية و بالحسن بعد السوء التوبة بعد المعصية أو العمل الصالح بعد السيّئ، و المعنى: لكن من ظلم باقتراف المعصية ثمّ بدّل ذلك حسناً بعد سوء و توبة بعد معصية أو عملاً صالحاً بعد سيّئ فإنّي غفور رحيم أغفر ظلمه و أرحمه فلا يخافنّ بعد ذلك شيئاً.

٣٧٧

قوله تعالى: ( وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) إلخ، فسّر السوء بالبرص و قد تقدّم، و قوله:( فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ ) يمكن أن يستظهر من السياق أوّلاً أنّ( فِي تِسْعِ ) حال من الآيتين جميعاً، و المعنى: آتيتك هاتين الآيتين - العصا و اليد - حال كونهما في تسع آيات.

و ثانياً: أنّ الآيتين من جملة الآيات التسع، و قد تقدّم في تفسير قوله تعالى:( وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى‏ تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ) إسراء: ١٠١، كلام في تفصيل الآيات التسع، و الباقي ظاهر.

قوله تعالى: ( فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ ) المبصرة بمعنى الواضحة الجليّة، و في قولهم:( هذا سِحْرٌ مُبِينٌ ) إزراء و إهانة بالآيات حيث أهملوا الدلالة على خصوصيّات الآيات حتّى العدد فلم يعبؤا بها إلّا بمقدار أنّها أمر مّا.

قوله تعالى: ( وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا ) إلخ، قال الراغب: الجحد نفي ما في القلب إثباته و إثبات ما في القلب نفيه. انتهى. و الاستيقان و الإيقان بمعنى.

٣٧٨

( سورة النمل الآيات ١٥ - ٤٤)

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا  وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ( ١٥ ) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ  وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ  إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ( ١٦ ) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ( ١٧ ) حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( ١٨ ) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ( ١٩ ) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ( ٢٠ ) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٢١ ) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ( ٢٢ ) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ( ٢٣ ) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ( ٢٤ ) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ( ٢٥ ) اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ

٣٧٩

الْعَظِيمِ  ( ٢٦ ) قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ( ٢٧ ) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ( ٢٨ ) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ( ٢٩ ) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( ٣٠ ) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ( ٣١ ) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ( ٣٢ ) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ( ٣٣ ) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً  وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ( ٣٤ ) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ( ٣٥ ) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ( ٣٦ ) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ( ٣٧ ) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ( ٣٨ ) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ  وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ( ٣٩ ) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ  فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ  وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ  وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ( ٤٠ ) قَالَ نَكِّرُوا

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453